الأصول النظرية لمفهوم الحكم الذاتي: يثير مفهوم الحكم الذاتي عدد من التساؤلات بخصوص طبيعته القانونية والسياسية، فهو غامض ومتشعب ويتضمن قدرا...
الأصول النظرية لمفهوم الحكم الذاتي:
يثير مفهوم الحكم الذاتي عدد من التساؤلات بخصوص طبيعته القانونية والسياسية، فهو غامض ومتشعب ويتضمن قدرا كبيرا من المرونة، تقترب أحيانا من الإدارة والقانون، أي يمكن أن يكون حكما ذاتيا إداريا باعتباره أحد أشكال اللامركزية الإدارية، ويقترب أحيانا أخرى من السياسة، وفي بعض التطبيقات قد يجمع بين الطابع الإداري والقانوني والطابع السياسي في آن واحد
1
- مفهوم الحكم الذاتي في القانون الدولي العام: يعرف الحكم الذاتي في إطار القانون الدولي العام بأنه "صيغة قانونية لمفهوم سياسي يتضمن منح نوع من الاستقلال الذاتي للأقاليم المستعمرة لأنها أصبحت من الوجهتين السياسية والاقتصادية جديرة بأن تقف وحدها مع ممارسة الدولة المستعمرة السيادة عليها"، ويعرف أيضا بأنه "ينشأ بواسطة وثيقة دولية، سواء كانت معاهدة دولية تعقد بين دولتين بشأن إقليم خاضع لسيطرتها، أو عن طريق اتفاقيات تبرمها منظمة الأمم المتحدة ومن قبلها عصبة الأمم مع الدول الأعضاء القامة بإدارة الأقاليم الخاضعة لها، فإن هناك علاقات توصف من الوجهة القانونية بأنها دولية، وتخضع لقواعد القانون الدولي العام، فهو نموذج للعلاقات الدولية. 2- الحكم الذاتي في المواثيق الدولية: انتقل الحكم الذاتي من نطاقه الضيق باعتباره مسألة داخلية تنظم عن طريق قانون صادر من الهيئة التشريعية للدولة الاستعمارية، إلى نطاق القانون الدولي العام، فأصبح مسؤولية من مسؤوليات المجتمع الدولي، ممثلا في الدول الاستعمارية القائمة على إدارة هذه الأقاليم، وفي المنظمات الدولية التي تتلقى التقارير السنوية عن أوضاع هذه الأقاليم وتراقب مدى تطورها وتقدمها نحو الإستقلال، وبهذا التطور خرج الحكم الذاتي في ظل السياسة الدولية من كونه علاقة تنشأ بين الدول المستعمرة والأقاليم المستعمرة إلى نطاق الشرعية الدولية، وترتب على ذلك اعتبار كل انتهاك للمبادىء والقواعد التي تقررت بشأن هذا المفهوم، انتهاكا للميثاق نفسه، وأي مخالفات للالتزامات المحددة التي يفرضها الميثاق على الدول الاستعمارية التي تدير الأقاليم المستعمرة مخالفة لأحكامه تستتبع تطبيق ما يرتبه من جزاءات وفق قواعد القانون الدولي العام. وقد ارتبط الحكم الذاتي في القانون الدولي العام بعدد من المفاهيم والمبادئ منها حق تقرير المصير والاستقلال الوطني، غير أنه استخدم في الواقع كفكرة سياسية وصيغة للحكم لا لصالح الشعوب المستضعفة التي تقرر من أجلها الحكم الذاتي، بل استخدم كوسيلة لتحديد العلاقة بينها وبين مستعمراتها.
وباستقراء عدد من المواثيق الدولية، نجد أن مفهوم الحكم الذاتي قد ضمن في عدد منها كما هو الشأن بالنسبة ل : - ميثاق منظمة حلف شمال الأطلسي في 14 غشت 1941 تحت مسمى self gouvernement ، أي الحكومة الذاتية. - الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة والمادتين 73 و76 .
غير أن الدول الكبرى، آنذاك أصرت على ضرورة أن يكون الحكم الذاتي، وليس الإستقلال هدف هذه الشعوب والأقاليم التابعة والمستعمرة، سواء أكان في مناقشات مؤتمر سان فرانسيسكو، أو في مناقشات اللجان الفرعية فيما بعد، على الرغم من اعتراض بعض ممثلي الدول على عبارة "الحكم الذاتي" إذ كانوا يرون فيها ذريعة لتهرب الدول المستعمرة من منح الاستقلال السياسي الكامل للبلدان المستعمرة، وفي مقابل ذلك رأوا ضرورة النص على الاستقلال السياسي الكامل، كهدف للدول التي لم تكن تمتع بالاستقلال آنذاك. وهكذا قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتشكيل لجنة في عام 1946 عرفت فيما بعد بلجنة الإعلام عن الأقاليم غير المحكومة ذاتيا، وشغل تعريف هذه الأقاليم حيزا كبيرا من المناقشات، وذلك في ضوء المادتين 73 و76 من الميثاق وشارك في هذه المناقشات دول عديدة، في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا ومصر، والهند والفلبين وغيرها. وأفضت هذه المناقشات إلى تبني عدد من المعايير العامة التي لا بد من توافرها في الإقليم، حتى يمكن انطباق صفة الحكم الذاتي عليه وهي:
1 – ضرورة وفر سلطة تشريعية في الإقليم تولى سن القوانين، ويتم انتخاب الأعضاء بحرية، في إطار عملية ديموقراطية أو أن تشكل بطريقة تتوافق مع القانون، وتجعلها موضع اتفاق السكان.
2-سلطة تنفيذية يتم اختيار الأعضاء في جهاز له هذه الصلاحية ويحظى بموافقة الشعب.
3-سلطة قضائية يناط بها تطبيق القانون واختيار القضاة والمحاكم،كما تضمنت هذه المعايير ضرورة التحقق من مشاركة السكان في اختيار حكومة الإقليم من دون أية ضغوط خارجية مباشرة،أو غير مباشرة، من طريق أقليات محلية مرتبطة بقوى خارج الإقليم، تريد فرض إرادتها على الأغلبية، وبالمثل توفر درجة من الاستقلال الذاتي على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، والتحرر من الضغوط الخارجية، وتحقيق المساواة بين مواطني الإقليم في التشريعات الاجتماعية وغيرها.
3- مفهوم الحكم الذاتي في القانون العام الداخلي : اقتنعت أكثر الحركات القومية والتنظيمات السياسية في الدول متعددة القوميات بأن الحكم الذاتي يمثل أحد أشكال التعبير السياسي القومي التي يمكن بواسطتها تنمية التراث الحضاري والثقافي، وقيام الجماعات القومية بإدارة شؤونها الداخلية في إقليمها القومي، وانطلاقا من هذا التصور للحكم الذاتي، اتجهت هذه المجموعات إلى تبني هذا النظام دون رفع شعار المطالبة بالانفصال والاستقلال التام، حفاظا على وحدة الوطن وصيانة الوحدة الوطنية. ويقصد بالحكم الذاتي الداخلي نظام قانوني وسياسي يرتكز على قواعد القانون الدستوري، وبتعبير آخر هو نظام لا مركزي مبني على أساس الاعتراف لإقليم مميز قوميا أو عرقيا داخل الدولة بالاستقلال في إدارة شؤونه تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية، ولهذا فهو في نطاق القانون الداخلي أسلوب للحكم والإدارة في إطار الوحدة القانونية والسياسية للدولة. وهو بهذا المفهوم نظام خاص تلجأ إليه السلطة السياسية في الدول التي لها مشاكل التعدد القومي والعرقي، فهو نظام لا يرتقي إلى درجة الفدرالية ولا يهبط إلى مستوى اللامركزية الإقليمية، فهو صيغة للحكم والإدارة. بعد هذه التوطئة المختصرة للإطار القانوني والنظري لمفهوم الحكم الذاتي في القانون العام الدولي والداخلي يجذر بنا الإشارة أولا إلى أن هذا المشروع حظي بإعجاب عدد من المتتبعين لملف الصحراء المغربية، ذلك أنه يشكل بحق مساهمة فعلية وعملية تثبت حسن النية في تسوية قضية الصحراء، ويتطابق في الآن ذاته مع مبادئ الديمقراطية المعترف بهاعالميا، خاصة أنه يولي اهتماما خاصا لمعاناة السكان المحتجزين ويتبنى قضيتهم، ويسعى في أهدافه ومراميه إلى لم شمل العائلات وعودة الأطفال إلى آبائهم وإطلاق سراح المحتجزين حتى يتمكنوا من العودة إلى المغرب. لقد أصبح في حكم المؤكد أن المقترح المغربي لمنح أبناء الصحراء حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية "فرصة ذهبية" لطي مرحلة وقفت لوقت طويل أمام تنمية المنطقة وبناء اتحاد المغرب العربي وإزاحة العراقيل أمام تواصل أبنائه. كما أثار مخطط الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة،اهتمام جل دول العالم، من ذلك يمكن أن نذكر : - حظي هذا المخطط باهتمام مسؤولين ودبلوماسيين وأعضاء بالكونغرس الأميركي، الذين وصفوا هذا المقترح بـ "المقاربة المبتكرة التي يتعين دعمها" و بـ "المساهمة الكبيرة" لتسوية قضية الصحراء. وقد أعرب المسؤولون الأميركيون، من بينهم كاتبة الدولة في الشؤون الخارجية،كونداليزا رايس، وستيف هادلي، مستشار الرئيس جورج بوش في الأمن القومي، عن هذاالاهتمام، خلال مختلف اللقاءات التي عقدوها مع المسؤولين المغاربة الذين قاموابزيارة للعاصمة الأميركية. - أثار مشروع الحكم الذاتي الذي يعتزم المغرب تقديمه إلى الأمم المتحدة لوضع حد لنزاع الصحراء "اهتماما كبيرا" داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أعربت عدد من الدول أنه يشكل خيارا واقعيا لتسوية سياسية نهائية لقضية الصحراء. - أكدت ممثلة المملكة المتحدة بأن هذه الأخيرة تنتظر باهتمام، مبادرات جديدةمن شأنها أن تساعد في إحراز تقدم وتجاوز المأزق الحالي، ومنها تقديم المغرب لآخرمقترحاته" بخصوص حكم ذاتي موسع بالصحراء. - وفي السياق نفسه، أبرز المندوب الإيطالي أن بلاده"تتابع باهتمام عزم المغرب تقديم مقترح بمخطط للحكم الذاتي". - أكد ممثل ألمانيا بأن بلاده "تسجل باهتمام أن المغرب بصدد وضع مقترحاتجديدة لحكم ذاتي موسع بالصحراء، مشيرا إلى أن بلاده "ستستقبل بإيجاب تقديم هذا المخطط". - وقد سار في نفس الاتجاه مندوبي عدد كبير من الدول التي أعربت كلها أن حق تقرير المصير لا يمكناختزاله فقط في الحق في الاستقلال، بل إن هناك أشكالا مختلفة للحكم الذاتي والتسيير الذاتي يمكن تطبيقها حسب الحالات. كما حظي مشروع الحكم الذاتي أيضا بنفس الإجماع في الأوساط السياسية والفكرية، حيث أكد رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق "فليبي غونزاليث"، أن مبدأ الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب للخروج من الوضع المتأزم الذي تتردى فيه المنطقة، يعد "أفضل الحلول لجميعالأطراف المعنية بهذا النزاع". وفي هذا الصدد قال جلالة الملك في الخطاب الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى السابعة لاعتلاء جلالته العرش "إنه لمن دواعي اعتزازنا، أن نسجل التفهم والتجاوب الذي لقيته المبادرة المغربية، لدى البلدان والهيئات الفاعلة في المنتظم الدولي، التي باتت مقتنعة بمصداقية مطلبنا، وتوازن موقفنا، في نهج حل سياسي تفاوضي ونهائي لهذه القضية"، مؤكدا جلالته "أننا سنظل معبئين لبلورة هذه المبادرة، في إطار تشاركي وموسع وذي مصداقية. كما لن نتوانى لحظة، في مد اليد إلى ذوي النيات الحسنة، وفي الدعوة الصادقة إلى تحرير المستقبل المشترك مع جيراننا". مشكلات الحكم الذاتي في التطبيق: 1- مشكلة الشخصية الدولية: إن الدولة كوحدة للقانون الدولي تتمتع بالشخصية الدولية، مع مراعاة ما يرافق ذلك من حقوق والتزامات، فهي تتمتع بالسيادة على إقليمها، وتشارك في الأنشطة التي تهم الجماعة الدولية ككل، ولها الحق في تقرير سياستها الخارجية. غير أن مختلف تطبيقات الحكم الذاتي سواء كان داخليا أم خارجيا، لم تتمتع الأقاليم الخاضعة له بالشخصية الدولية، فمثلا تونس في الإطار الاستعماري و بورتوريكو وغرينلاند ، لم تحظ، طبقا للحكم الذاتي، الممنوح لها، بحق تقرير الشؤون الخارجية والدفاع.فبورتوريكو ترتبط بالولايات المتحدة الأمريكية باتحاد حر، وتقوم هذه الأخيرة بتقرير شؤون الدفاع والخارجية. وفي غرينلاند تقوم حكومة الدانمرك بتقرير سياستها الخارجية، مع استشارة غرينلاند عندما يتعلق الأمر بقضايا تخصها كالعلاقة مع دول الإتحاد الأوربي، أما تونس، فكانت فرنسا هي التي تتولى إدارة شؤونها الخارجية وتمثيلها على المستوى الدولي، أما اسبانيا، فلا يختلف الأمر،إذ تتمتع المناطق المحكومة ذاتيا بصلاحيات تشريعية وتنفيذية محدودة بنطاق الإقليم، بينما احتفظت السلطة المركزية في مدريد بتقرير السياسة الخارجية،، وشؤون الدفاع والأمن والخارجية، وتقرير السياسات المالية العامة والأنظمة المصرفية المعمول بها في البلاد، وكذلك عقد المعاهدات، سواء كانت اقتصادية أو عسكرية أو سياسية. والنتيجة المترتبة على ذلك، أن وحدات الحكم الذاتي، سواء كانت في الإطار الداخلي أو الدولي، وسواء تعلق الأمر بالأقاليم أو الجماعات القومية، لا تحظى بالشخصية الدولية، ومن ثم فليست موضوعا للقانون الدولي وإنما موضوعا للقانون الداخلي وشخصا له. 2- مشكلة توزيع الصلاحيات: تتوسط هذه المشكلة كافة نظم الحكم الذاتي، وتتلخص في كيفية توزيع الصلاحيات التنفيذية، والتشريعية، بين الأقاليم المحكومة ذاتيا، وبين السلطة المركزية، وهناك ثلاثة طرق لتوزيع هذه الصلاحيات، هي: أولا، تعيين الصلاحيات التشريعية والتنفيذية بين الوحدات الذاتية والسلطة المركزية، وتتمثل عيوب هذا الحل في وجود فجوات في الممارسة، نظرا إلى تداخل العديد من الصلاحيات والمجالات في التطبيق، فضلا عن أنه نظري أكثر منه عملي، ثانيا،الاقتصار على توزيع وتعيين صلاحيات الوحدات الذاتية في مجالات محددة، كما في إسبانيا وإيطاليا وكندا،ثالثا، الاكتفاء بتعيين الصلاحيات والمجالات التي تقتصر على الدولة والسلطة المركزية ذات السيادة. 3- المسائل الأمنية: تقتصر المسائل الأمنية في تطبيقات الحكم الذاتي على الأمن الداخلي المحدود بنطاق الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي، ذلك أن قضايا الأمن القومي تدخل في عداد صلاحيات الأجهزة المركزية للدولة، وطبقا لذلك فأن معظم الوحدات المتمتعة بالحكم الذاتي لها صلاحية تشكيل قوة شرطة محلية. وحتى في المجالات التي لا ينص فيها على ذلك فإن الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي بإمكانه تشكيل قوة شرطة محلية تضمن تنفيذ التشريعات في مجال الضرائب والتجارة، وحماية البيئة، كما هو الحال في جزيرة غرينلاند وفي إقليم الباسك. 4- السياسة الاقتصادية والمالية العامة: تمثل وحدات الحكم الذاتي ، بدرجات متفاوتة، جزءا من اقتصاد قومي موحد وسياسة مالية موحدة على الصعيد القومي، إذ تحتفظ الحكومة المركزية بحقوق وصلاحيات لا تقبل المنازعة في تقرير السياسة المالية، وسك النقود، وتحديد معدلات الصرف، والإشراف على نظام قومي للجمارك والضرائب،كذلك في وضع خطط التنمية الاقتصادية، وعقد الاتفاقيات المالية، والقروض مع الدول الأجنبية ومع ذلك، فقد تسمح الدولة في بعض الحالات للحكومات الذاتية، بفرض وتجميع بعض الضرائب المحلية، أو تفويضها في ذلك. وخلاصة القول، أن الحكم الذاتي -سواء كان دوليا أو داخليا- له طبيعة خاصة من المرونة وعدم الاستقرار، فهو لا يأخذ شكلا صالحا للتطبيق في أي من الدول على اختلاف ظروفها وأوضاعها. كما يكون للقواعد القانونية التي تنظم الحكم الذاتي دور هام في تحديد مساره، ومما يؤكد ذلك، أن مفهوم الحكم الذاتي في نطاق العلاقات الدولية والسياسة انقلب من علاقة داخلية بحثة بين الدول الاستعمارية ومستعمراتها إلى علاقة دولية، فهو تحول من وسيلة استعمارية غير مرغوب فيها إلى فكرة قانونية مشروعة وجد النص عليها في العديد من الوثائق والاتفاقيات الدولية. وفي نطاق القانون العام الداخلي، لم يأخذ وضعا ثابتا رغم تطبيقات عديدة له. الحكم الذاتي كحل سياسي توافقي ونهائي لنزاع الصحراء: إن هذا الحل السياسي التوافقي يتجاوز مفهوم الغالب والمغلوب، وصيغة هذا الحل هو بقاء الصحراء تحت السيادة المغربية لكن في نطاق نوع من الاستقلال الذاتي وقائم على الوحدة الوطنية والمشروعية الدولية واحترام خصوصيات المنطقة وفي إطار جهوية موسعة. لكن في حالة تذليل كافة الصعاب ودخول هذا الاتفاق إلى حيز التطبيق هل يعني ذلك أن مقتضياته المتعلقة بالاستقلال الذاتي ستبقى مقتصرة على هذه الجهة التي ستشكل نظاما خاصا بالمقارنة مع باقي الجهات، أم أن الأمر يستدعي تعميق الجهوية وتعميمها بنفس الكيفية، الأمر الذي يتطلب مراجعة دستورية خاصة فيما يتعلق باختصاصات الجهات؟ إن الديبلوماسية المغربية أمام خيارين: 1- تمتيع منطقة النزاع بنظام خاص: إن الحل السياسي لقضية الصحراء لا يمكن أن يكون إلا نهائيا ولهذا السبب لا تستطيع المملكة المغربية أن توافق على فترة انتقالية يطبعها عدم اليقين بشأن الوضع النهائي للإقليم. إن هذا الحكم الذاتي النهائي يتمثل في إقامة جهوية خاصة بالمنطقة المتنازع حولها، كاستثناء على المجال الترابي الوطني، كما هو الحال بالنسبة إلى إسبانيا، حيث نجد هناك ما يسمى بـ" المجموعات المستقلة" التي تتمتع باختصاصات تشريعية وتنفيذية في الميادين المحددة دستوريا. ومن هذا المنطلق يستدعي تطبيق هذا الخيار إجراء تعديل دستوري يمنح الجهة موضوع الخلاف حكما ذاتيا خاصا بها، بمعنى أن المناطق الصحراوية ستتمتع باستقلال ذاتي، يفوق نظام اللامركزية المعمول بها حاليا والتي تتوفر فيها الجهة على مواردها التي تمكنها من ممارسة اختصاصاتها المحددة من قبل السلطة المركزية. وتبعا لذلك فإن تطبيق الحكم الذاتي على جهة الصحراء يقتضي منح سكان الأقاليم الصحراوية صلاحيات واختصاصات واسعة في الميادين التشريعية والتنفيذية والقضائية لتدبير شؤونهم المحلية آخذا بعين الاعتبار خصوصيات المنطقة طبعا في إطار السيادة والوحدة الترابية للمملكة واحترام مبادئ الديموقراطية واللامركزية. إن هذا الحل لا يمكن أن يكون إلا في إطار بناء الديموقراطية بالمغرب وبناء الجهة وفتح المجال لأبناء الأقاليم الصحراوية للمبادرة الحرة والمشاركة في استغلال خيرات جهتهم اقتصاديا واجتماعيا و خدماتيا، وكذلك على مستوى المؤسسات المنتخبة، وكذا تضامن المجمع المدني بهدف إدماج المنطقة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا وبوثيرة موازنة. إن الاستقلال الذاتي يجب أن يشكل وضعا نهائيا وليس حلقة تؤدي إلى انفصال هذا الإقليم، داخل هذا الإطار يبقى المغرب منفتحا على كافة المقترحات التي تستلهم التجارب المتنوعة الممارسة في العالم، وتأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الجيوسياسية للمنطقة. نخلص إلى القول بأن تمتيع منطقة الصحراء بنظام خاص، إذا كان سيؤدي إلى إنهاء النزاع لكنه قد سيشكل قاعدة دستورية بمكن أن توظف لتأسيس خطاب احتجاجي على الدولة والمطالبة بوضع قانوني من ذات القبيل خصوصا في المناطق الأمازيغية التي تشكو تاريخيا من اللاتنمية الاقتصادية والاجتماعية ووجود سوابق تاريخية تصعب من التقارب بين المركز والمحيط، كما أن هذا السيناريو يفترض نظاما أساسيا ووضعا مستقلا داخل الوثيقة الدستورية وفلسفة جديدة للصك الدستوري المغربي، فلا يمكن والحالة هذه أن يتعايش داخل النص الدستوري منطقين متباينين يتأسسان على التعددية والاجتماعية، فالنص الدستوري المغربي قد اشتغل وفق ثابت الاجماعية، وانغلاق النسق الدستوري بالرغم من الترميمات المتتالية وظيفتي الضبط والتنظيم مما يجعل من الفكرة السياسية لدستور 1996، تظهر كعائق أمام انفتاح الدولة على البنيات تحت دولية. 2- الانتقال إلى دولة الجهات (الدولة الجهوية): على إثر التطورات التي عرفتها كل من قضية الصحراء والمسألة الديموقراطية، هل يمكن تأسيس رابط بين هذين المعطيين؟ وهل يمكن القول بأن الديموقراطية المحلية في معناها الواسع أي في إطار الحكم الذاتي سيهب ريحها من الجنوب؟ إن مسألة الاستقلال الذاتي والجهوية هي فكرة سبق لأحد برلمانيي الحزب الشعبي الإسباني السيد Javier Ruperz أن دافع عنها، لنقول إن أمكن أن قضية الصحراء مثلث أو حلت محل المشروع المجتمعي الذي كان الدولة المغربية في حاجة ماسة إليه لتعبئة الشعب المغربي من أجل تجديد الشرعية والحماسة الوطنية وربطها بنوع من الانفراج السياسي لضمان حد أدنى من السلم والاستقرار السياسي والاجتماعي لا سيما إذا تم مزج تطور المسألة الديموقراطية الراهنة بتطور قضية الصحراء، وتلاقحهما، وانفتاح النظام السياسي عن طريق تحديث بنياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ومن م المرور إلى الدولة الجهوية، ومن المؤكد أن السمو بالديموقراطية المحلية وباللامركزية نحو الرقي، سيساعد المغرب على مواجهة الطوفان العولمة والمحافظة على هويتنا وعلى وحدتنا الترابية. وإذا كان الأمل هو أن تطبع جهات المغرب كلها بطابع خصوصيتها دون أن يمس ذلك بالالتحام والوحدة، والبداية بالأقاليم الصحراوية، وجعل منها جهة وإعطائها الأولوية على أخواتها بالمغرب وستتلوها جهات أخرى، فأن ذلك يدل على أن ربط الصحراء بالجهوية مسألة أخذ حيزا هاما في الفكر الحسني، وذلك لترابطها بمسألة السيادة، والوحدة الوطنية، وأضحى لذلك أحد أبعاد النظام الجهوي هو حل القضية الوطنية في إطار توسيع اللامركزية، بتمكين السكان المحليين من بناء جهتهم والمشاركة في القرارات السياسية على الصعيد المحلي والوطني. إن الحكم الذاتي تحت السيادة الكاملة والوحدة الترابية للمغرب وفي إطار جهوي موسع جعل مسألة الجهوية مطلبا وطنيا استعجاليا، بهدف إعطاء الجهات هامشا أوسع في التسيير الذاتي والتخلص من المركزية الضيقة. إن الانتقال إلى دولة الجهات يعني إقامة مجموعة من الجهات تتمتع باستقلالية عن المركز في بعض المجالات المحددة، أو تلك المفوضة لها من قبل السلطة المركزية، وفي هذه الحالة يستدعي الأمر إجراء تعديل دستوري للارتقاء بنظام الجهة في مستوى متقدم من اللامركزية في إطار الدولة الموحدة، بمعنى الانتقال من الجهوية الإدارية المعمول بها في المغرب إلى الجهوية السياسية المحددة دستوريا. إن تطبيق الدولة الجهوية يستدعي إعادة النظر في وظيفة المؤسسات المحلية وأساس تشكيل المؤسسات الوطنية التي ستصبح ذات أساس ترابي جهوي إضافة إلى ضرورة رسم حدود للاختصاص بين المستويين وطبيعة نازلات المركز والجانب الموكول له مهام الدفاع والخارجية، إنه منطق ينظر إلى الصحراء باعتبارها وحدة رابية منزوع عنها طابع الخصوصية قياسا إلى الوحدات الجهوية الأخرى. إن خيار الجهوية ليس خيارا تقنيا ولا تعديلا بإمكانه أن يمس مستوى محدودا داخل البنية الدستورية، بل يمتد ليشمل رأس التنظيم السياسي، سؤال فصل السلط، أساس التمثيل السياسي وشكل الدولة، وهي أبعاد لا يمكن لتعديل دستوري محدود أن يجيب عنها. إن القدرة الاحتوائية لسياسة التعديل الدستوري لسنوات 92-95-96 لا يمكن أن يعاد إنتاجها، فالأمر هنا لا يتعلق بالبحث عن التوافق مع أحزاب المعارضة، ولا إلى امتصاص الحركات الاحتجاجية الحقوقية. وإذا كان هناك تخوف من إقرار جهوية سياسية يمكن أن تتسبب في ظهور نزعات انفصالية داخل البلاد، فإن هذا التخوف لا مبررله، مادامت الجهات مرتبطة بملك البلاد، وكما قال الملك الراحل الحسن الثاني:"يمكن أن نسير في اللامركزية إلى أبعد الحدود ما دمنا ممسكين برابطة البيعة." وكان رحمه الله يمنى أن يترك لخلفه مغربا مبنيا على شاكلة المقاطعات الألمانية المسماة " اللاندر". مقترحات بشأن الحكم الذاتي في الصحراء المغربية يندرج هذا المشروع في إطار المسلسل الذي أطلقته المملكة، لبناء مجتمع ديمقراطي وحداثي، مرتبط بقوة بهويته الوطنية، غني بتقارب روافده المتعددة، والتي تشكل الثقافة الصحراوية إحدى أهم مكوناتها. ويمكن أن يتصور أن يرتكز المشروع المغربي على العناصر التالية : - سيخضع مشروع هذا القانون لاستشارة حرة من خلال استفتاء للسكان المعنيين، وذلك بعد مراجعة الدستور المغربي في هذا الاتجاه. وسيتم ضمه إلى الدستور المغربي، الضامن لاستقراره ولطبيعته الخاصة في سياق الترتيب القانوني الداخلي. 6- وفي انتظار تنظيم استشارة استفتائية ووضع الهيئات التي ستتمخض عنها، سيتم اتخاذ عدة إجراءات انتقالية، بما فيها عفو عام، وذلك على الخصوص من أجل تسهيل عودة وإعادة اندماج الأشخاص الذين يعيشون خارج الأراضي. - سيخلق هذا الإطار الظروف الضرورية للعودة الحرة الموافق عليها، ولإعادة الاندماج الاجتماعي والاقتصادي لكل المنحدرين من الصحراء، وأينما كانوا، لوضع حد لمعاناتهم ولإتاحة جمع وتوحيد الأسر داخل مغرب ديمقراطي موحد ومتضامن. - إن الهدف من مشروع قانون الحكم الذاتي بمنطقة الصحراء هو إتاحة الفرصة لسكان هذه المنطقة لممارسة، عن طريق مجلس تشريعي جهوي، وجهاز تنفيذي وقضائي محلي، صلاحيات مهمة، واسعة، ومتنوعة في المجالات التالية: الإدارة المحلية، الميزانية، الضريبة المحلية، التعليم، الصحة، الرعاية الاجتماعية، الشغل، الثقافة، تنمية الإرث الثقافي الحساني، رعاية الرياضة، التكوين المهني، تنمية النشاط التجاري والصناعي، تشجيع الاستثمارات، السياحة، الصناعة التقليدية، الفلاحة والرعي، أشغال التجهيز ذات المصلحة الجهوية، السكن وإعداد التراب الحضري، النقل، الطرق الموجودة داخل أراضي منطقة الحكم الذاتي بالصحراء، الماء، التجهيزات الهيدرولية، قنوات وأنظمة الري التي تخدم منطقة الحكم الذاتي بالصحراء، المعارض والأسواق، المحاجر، البيئة. - المجلس التشريعي سيتم انتخابه من خلال الاقتراع العام المباشر، حسب نظام يضمن تمثيلا متوازنا داخل أرض منطقة الحكم الذاتي للصحراء ولسكانها، بما في ذلك تمثيل نسوي مناسب. وسيكون الجسم الانتخابي الذي سينتخب أول مجلس تشريعي محلي مكونا مما يلي: أ - الأشخاص الذين أعلن عن قبولهم للتصويت من قبل لجنة تحديد الهوية التابعة للمينورسو، وذلك حسب اللائحة المؤقتة ليوم 30 ديسمبر 1999. ب- الأشخاص البالغين 18 سنة على الأقل، والذين توجد أسماؤهم على لائحة العائدين التي ستتولى المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة وضعها حسب الأصول، وطبقا لصلاحياتها، وأيضا الأشخاص الذين يعيشون داخل الأراضي البالغين 18 سنة منذ سنة 1993 المنحدرين من الأشخاص المشار إليهم في الفقرة (أ). وسيكون الجسم الانتخابي الذي سينتخب المجلس التشريعي المحلي، خلال الاستشارات الانتخابية المقبلة، مكونا من كل القاطنين البالغين من العمر 18 سنة على الأقل عند تاريخ الاقتراع. - رئيس تنفيذي ينتخب داخل المجلس التشريعي المحلي، ويعين بعد ذلك من قبل الملك. وستكون له مهمة تطبيق القوانين والأنظمة التي تنص عليها الأجهزة التشريعية والتنفيذية للمنطقة، والمندرجة في إطار الصلاحيات المخولة لهذه الأجهزة من قبل مشروع القانون. كما سيتكلف، بالخصوص، بتنفيذ ميزانية منطقة الحكم الذاتي بالصحراء، والتي ستكون مصادرها مكونة بالأساس من الضرائب، والرسوم والمساهمات الترابية المنصوص عليها من قبل الأجهزة المختصة في المنطقة. وستتولى محكمة الحسابات والمحكمة المحلية للحسابات مراقبة تنفيذ ميزانية المنطقة. - ستكون للسلطات القضائية المحلية صلاحية البت في النزاعات الناتجة عن تطبيق القوانين الصادرة عن الأجهزة المحلية. والقضاة الذين يشكلون هذه السلطات سيتم تعيينهم طبقا للتشريع الوطني أو سينتخبون حسب اختصاصاتهم وصلاحياتهم الترابية، وستنطق أحكامهم باسم الملك، الذي يمارس حق العفو. - ستمارس الدولة الصلاحيات التي لن تنتقل إلى منطقة الحكم الذاتي بالصحراء، والمتعلقة ب: الصفات الرمزية للسيادة، الشؤون الدينية، العلم والنشيد الوطنيين، العملة، الدفاع الوطني، السياسة الخارجية، إدارة العلاقات الخارجية، الجنسية، قانون الأسرة والأحوال الشخصية، الأمن، النظام العام وحماية السكان المدنيين، تحديد المخالفات والعقوبات، خلق قضاء غير ذلك الذي يمكن أن يخلق من قبل منطقة الحكم الذاتي بالصحراء، القوانين الجنائية، وخاصة المساطر المتعلقة بالشرطة القضائية وصلاحياتها، تحديد الحدود البحرية، والأرضية والجوية للبلد وحمايتها بكل الوسائل المتاحة، الإنتاج، التجارة، امتلاك واستعمال السلاح والمتفجرات، الحفاظ على الوحدة الترابية للمملكة ضد محاولة انفصالية من داخل أو من خارج البلد، إدارة العدل، النظام الجمركي والتعريفي، التجارة الخارجية، نظام التنقيب واستغلال المصادر الطبيعية الاستراتيجية، البريد والمواصلات ونظام الصحافة والإذاعة والتلفزيون. - هذه الصلاحيات ستتم ممارستها من قبل ممثل سام للدولة داخل منطقة الحكم الذاتي بالصحراء، وسيتم تعيينه من قبل الملك. وسيقوم بالتنسيق من وجهة بين سلطات وأجهزة الدولة والجماعات الترابية، ومن جهة أخرى بين سلطات وأجهزة منطقة الحكم الذاتي للصحراء. وفي حالة تنازع الاختصاصات بين الدولة ومنطقة الحكم الذاتي للصحراء، يتم تقديم الشكاوى أمام المجلس الدستوري، سواء من قبل رئيس المجلس التشريعي المحلي أو من قبل الرئيس التنفيذي أو من قبل الممثل الأسمى للدولة. - في انتظار إحداث الأجهزة التشريعية والتنفيذية لمنطقة الحكم الذاتي للصحراء، وخلال المرحلة الانتقالية، سيتم اتخاذ الإجراءات التالية: * المصادقة على عفو عام. * إعادة الأشخاص القاطنين خارج الأراضي، وذلك بواسطة المفوضية العليا للاجئين. * إنشاء من قبل السلطات الدستورية المختصة لمجلس انتقالي يتكون، وبتواز، من ممثلين عن السكان القاطنين بالأراضي، خاصة المنتخبين وأعيان قبائل الصحراء وممثلي السكان العائدين. وسيساعد هذا المجلس على أداء مهامه موظفون من الدولة ويمكن أن يستفيد من مساهمة ممثلي المفوضية العليا للاجئين وللأمم المتحدة، في إطار الصلاحيات المخولة لهم. وستكون للمجلس الانتقالي صلاحية لاقتراح وإبداء رأيه حول الإجراءات ذات الطبيعة المسهلة لعمليات عودة وإعادة إدماج الأشخاص العائدين. من جهة أخرى، سيتم خلال الفترة الانتقالية التسجيل على اللوائح الانتخابية لكل الأشخاص الذين عليهم أن يصوتوا على قانون منطقة الحكم الذاتي للصحراء، ويتعلق الأمر ب: أ - الأشخاص الذين أعلن عن قبولهم للتصويت من قبل لجنة تحديد الهوية التابعة للمينورسو حسب اللائحة المؤقتة ليوم 30 ديسمبر 1999. ب- الأشخاص البالغين 18 سنة على الأقل والمسجلة أسماؤهم على لائحة العائدين التي سيتم وضعها حسب الأصول من قبل المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، بالإضافة الى الأشخاص الذين يعيشون داخل الأراضي، والذين بلغوا 18 سنة منذ عام ،1993 والمنحدرين من الأشخاص المشار إليهم في الفقرة (أ). ج الأشخاص الذين تربطهم علاقات شرعية أو الذين ارتبطوا بالأراضي بوثائق ثابتة مثل الإقامة أو الولادة أو الانحدار. أخيرا، فإن نتيجة الاستفتاء حول قانون الحكم الذاتي لمنطقة الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء سيعلن من قبل المجلس الدستوري. - لا يمكن فصل هذا القانون عن نظرة جيوستراتيجية لتنمية منطقة الحكم الذاتي للصحراء. وسيكون منسجما ومنفتحا لكل فرص الشراكة مع الدول الجارة ولكل شركاء المملكة. وهكذا يمكن تجسيد القدر التاريخي لهذه المنطقة التي تعتبر بمثابة نقطة التقاء المبادلات الإنسانية والاقتصادية، داخل محيط مستقر، يضمن الأمن وتنمية المشاريع ذات المصالح المشتركة. إن التنمية الاجتماعية والاقتصادية لمنطقة الحكم الذاتي للصحراء تندرج في إطار تصور للاندماج المغاربي وللانفتاح الاستراتيجي على الشراكات الدولية، تسمح بتسريع إعادة تأهيل المؤهلات الاقتصادية للمنطقة وتطوير تلبية حاجياتها الخاصة ورفاهية سكانها. إن هذا الإجراء يمكن تدعيمه بوضع أجهزة أو آليات للتنمية وللاستثمارات الخاصة، ذات البعد البين إقليمي وأيضا وضع نظام خاص للتسهيلات، في خدمة الجميع، وموجهة لتشجيع ضم مصالح الأشخاص المعنويين في القانون العام والخاص، الوطنيين والأجانب، للمشاريع المجددة والجامعة. إن قضاء التنمية هذا والاستقرار في الحرية، والتطور والشراكة، سيفتح الباب للبناء المؤمل لاتحاد المغرب العربي على أسس صحيحة، قوية ومبشرة، ومن ثم المساهمة الفعالة لاتحاد المغرب العربي لإقامة شراكة أورومتوسطية وتطوير علاقات التعاون مع باقي المنظمات الإقليمية، خاصة الإفريقية. - بتسليم هذا المقترح للأمين العام للأمم المتحدة ولمبعوثه الخاص ولباقي الأطراف، الذي يترجم إرادتها الصادقة لجعل من الصحراء منطقة حكم ذاتي فعلية، تراهن المملكة المغربية على المستقبل وتتمنى أن تجد لدى الأطراف الأخرى نفس الإرادة السياسية للوصول الى تسوية عادلة واقعية ونهائية لهذا النزاع.
1
- مفهوم الحكم الذاتي في القانون الدولي العام: يعرف الحكم الذاتي في إطار القانون الدولي العام بأنه "صيغة قانونية لمفهوم سياسي يتضمن منح نوع من الاستقلال الذاتي للأقاليم المستعمرة لأنها أصبحت من الوجهتين السياسية والاقتصادية جديرة بأن تقف وحدها مع ممارسة الدولة المستعمرة السيادة عليها"، ويعرف أيضا بأنه "ينشأ بواسطة وثيقة دولية، سواء كانت معاهدة دولية تعقد بين دولتين بشأن إقليم خاضع لسيطرتها، أو عن طريق اتفاقيات تبرمها منظمة الأمم المتحدة ومن قبلها عصبة الأمم مع الدول الأعضاء القامة بإدارة الأقاليم الخاضعة لها، فإن هناك علاقات توصف من الوجهة القانونية بأنها دولية، وتخضع لقواعد القانون الدولي العام، فهو نموذج للعلاقات الدولية. 2- الحكم الذاتي في المواثيق الدولية: انتقل الحكم الذاتي من نطاقه الضيق باعتباره مسألة داخلية تنظم عن طريق قانون صادر من الهيئة التشريعية للدولة الاستعمارية، إلى نطاق القانون الدولي العام، فأصبح مسؤولية من مسؤوليات المجتمع الدولي، ممثلا في الدول الاستعمارية القائمة على إدارة هذه الأقاليم، وفي المنظمات الدولية التي تتلقى التقارير السنوية عن أوضاع هذه الأقاليم وتراقب مدى تطورها وتقدمها نحو الإستقلال، وبهذا التطور خرج الحكم الذاتي في ظل السياسة الدولية من كونه علاقة تنشأ بين الدول المستعمرة والأقاليم المستعمرة إلى نطاق الشرعية الدولية، وترتب على ذلك اعتبار كل انتهاك للمبادىء والقواعد التي تقررت بشأن هذا المفهوم، انتهاكا للميثاق نفسه، وأي مخالفات للالتزامات المحددة التي يفرضها الميثاق على الدول الاستعمارية التي تدير الأقاليم المستعمرة مخالفة لأحكامه تستتبع تطبيق ما يرتبه من جزاءات وفق قواعد القانون الدولي العام. وقد ارتبط الحكم الذاتي في القانون الدولي العام بعدد من المفاهيم والمبادئ منها حق تقرير المصير والاستقلال الوطني، غير أنه استخدم في الواقع كفكرة سياسية وصيغة للحكم لا لصالح الشعوب المستضعفة التي تقرر من أجلها الحكم الذاتي، بل استخدم كوسيلة لتحديد العلاقة بينها وبين مستعمراتها.
وباستقراء عدد من المواثيق الدولية، نجد أن مفهوم الحكم الذاتي قد ضمن في عدد منها كما هو الشأن بالنسبة ل : - ميثاق منظمة حلف شمال الأطلسي في 14 غشت 1941 تحت مسمى self gouvernement ، أي الحكومة الذاتية. - الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة والمادتين 73 و76 .
غير أن الدول الكبرى، آنذاك أصرت على ضرورة أن يكون الحكم الذاتي، وليس الإستقلال هدف هذه الشعوب والأقاليم التابعة والمستعمرة، سواء أكان في مناقشات مؤتمر سان فرانسيسكو، أو في مناقشات اللجان الفرعية فيما بعد، على الرغم من اعتراض بعض ممثلي الدول على عبارة "الحكم الذاتي" إذ كانوا يرون فيها ذريعة لتهرب الدول المستعمرة من منح الاستقلال السياسي الكامل للبلدان المستعمرة، وفي مقابل ذلك رأوا ضرورة النص على الاستقلال السياسي الكامل، كهدف للدول التي لم تكن تمتع بالاستقلال آنذاك. وهكذا قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتشكيل لجنة في عام 1946 عرفت فيما بعد بلجنة الإعلام عن الأقاليم غير المحكومة ذاتيا، وشغل تعريف هذه الأقاليم حيزا كبيرا من المناقشات، وذلك في ضوء المادتين 73 و76 من الميثاق وشارك في هذه المناقشات دول عديدة، في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا ومصر، والهند والفلبين وغيرها. وأفضت هذه المناقشات إلى تبني عدد من المعايير العامة التي لا بد من توافرها في الإقليم، حتى يمكن انطباق صفة الحكم الذاتي عليه وهي:
1 – ضرورة وفر سلطة تشريعية في الإقليم تولى سن القوانين، ويتم انتخاب الأعضاء بحرية، في إطار عملية ديموقراطية أو أن تشكل بطريقة تتوافق مع القانون، وتجعلها موضع اتفاق السكان.
2-سلطة تنفيذية يتم اختيار الأعضاء في جهاز له هذه الصلاحية ويحظى بموافقة الشعب.
3-سلطة قضائية يناط بها تطبيق القانون واختيار القضاة والمحاكم،كما تضمنت هذه المعايير ضرورة التحقق من مشاركة السكان في اختيار حكومة الإقليم من دون أية ضغوط خارجية مباشرة،أو غير مباشرة، من طريق أقليات محلية مرتبطة بقوى خارج الإقليم، تريد فرض إرادتها على الأغلبية، وبالمثل توفر درجة من الاستقلال الذاتي على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، والتحرر من الضغوط الخارجية، وتحقيق المساواة بين مواطني الإقليم في التشريعات الاجتماعية وغيرها.
3- مفهوم الحكم الذاتي في القانون العام الداخلي : اقتنعت أكثر الحركات القومية والتنظيمات السياسية في الدول متعددة القوميات بأن الحكم الذاتي يمثل أحد أشكال التعبير السياسي القومي التي يمكن بواسطتها تنمية التراث الحضاري والثقافي، وقيام الجماعات القومية بإدارة شؤونها الداخلية في إقليمها القومي، وانطلاقا من هذا التصور للحكم الذاتي، اتجهت هذه المجموعات إلى تبني هذا النظام دون رفع شعار المطالبة بالانفصال والاستقلال التام، حفاظا على وحدة الوطن وصيانة الوحدة الوطنية. ويقصد بالحكم الذاتي الداخلي نظام قانوني وسياسي يرتكز على قواعد القانون الدستوري، وبتعبير آخر هو نظام لا مركزي مبني على أساس الاعتراف لإقليم مميز قوميا أو عرقيا داخل الدولة بالاستقلال في إدارة شؤونه تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية، ولهذا فهو في نطاق القانون الداخلي أسلوب للحكم والإدارة في إطار الوحدة القانونية والسياسية للدولة. وهو بهذا المفهوم نظام خاص تلجأ إليه السلطة السياسية في الدول التي لها مشاكل التعدد القومي والعرقي، فهو نظام لا يرتقي إلى درجة الفدرالية ولا يهبط إلى مستوى اللامركزية الإقليمية، فهو صيغة للحكم والإدارة. بعد هذه التوطئة المختصرة للإطار القانوني والنظري لمفهوم الحكم الذاتي في القانون العام الدولي والداخلي يجذر بنا الإشارة أولا إلى أن هذا المشروع حظي بإعجاب عدد من المتتبعين لملف الصحراء المغربية، ذلك أنه يشكل بحق مساهمة فعلية وعملية تثبت حسن النية في تسوية قضية الصحراء، ويتطابق في الآن ذاته مع مبادئ الديمقراطية المعترف بهاعالميا، خاصة أنه يولي اهتماما خاصا لمعاناة السكان المحتجزين ويتبنى قضيتهم، ويسعى في أهدافه ومراميه إلى لم شمل العائلات وعودة الأطفال إلى آبائهم وإطلاق سراح المحتجزين حتى يتمكنوا من العودة إلى المغرب. لقد أصبح في حكم المؤكد أن المقترح المغربي لمنح أبناء الصحراء حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية "فرصة ذهبية" لطي مرحلة وقفت لوقت طويل أمام تنمية المنطقة وبناء اتحاد المغرب العربي وإزاحة العراقيل أمام تواصل أبنائه. كما أثار مخطط الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة،اهتمام جل دول العالم، من ذلك يمكن أن نذكر : - حظي هذا المخطط باهتمام مسؤولين ودبلوماسيين وأعضاء بالكونغرس الأميركي، الذين وصفوا هذا المقترح بـ "المقاربة المبتكرة التي يتعين دعمها" و بـ "المساهمة الكبيرة" لتسوية قضية الصحراء. وقد أعرب المسؤولون الأميركيون، من بينهم كاتبة الدولة في الشؤون الخارجية،كونداليزا رايس، وستيف هادلي، مستشار الرئيس جورج بوش في الأمن القومي، عن هذاالاهتمام، خلال مختلف اللقاءات التي عقدوها مع المسؤولين المغاربة الذين قاموابزيارة للعاصمة الأميركية. - أثار مشروع الحكم الذاتي الذي يعتزم المغرب تقديمه إلى الأمم المتحدة لوضع حد لنزاع الصحراء "اهتماما كبيرا" داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أعربت عدد من الدول أنه يشكل خيارا واقعيا لتسوية سياسية نهائية لقضية الصحراء. - أكدت ممثلة المملكة المتحدة بأن هذه الأخيرة تنتظر باهتمام، مبادرات جديدةمن شأنها أن تساعد في إحراز تقدم وتجاوز المأزق الحالي، ومنها تقديم المغرب لآخرمقترحاته" بخصوص حكم ذاتي موسع بالصحراء. - وفي السياق نفسه، أبرز المندوب الإيطالي أن بلاده"تتابع باهتمام عزم المغرب تقديم مقترح بمخطط للحكم الذاتي". - أكد ممثل ألمانيا بأن بلاده "تسجل باهتمام أن المغرب بصدد وضع مقترحاتجديدة لحكم ذاتي موسع بالصحراء، مشيرا إلى أن بلاده "ستستقبل بإيجاب تقديم هذا المخطط". - وقد سار في نفس الاتجاه مندوبي عدد كبير من الدول التي أعربت كلها أن حق تقرير المصير لا يمكناختزاله فقط في الحق في الاستقلال، بل إن هناك أشكالا مختلفة للحكم الذاتي والتسيير الذاتي يمكن تطبيقها حسب الحالات. كما حظي مشروع الحكم الذاتي أيضا بنفس الإجماع في الأوساط السياسية والفكرية، حيث أكد رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق "فليبي غونزاليث"، أن مبدأ الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب للخروج من الوضع المتأزم الذي تتردى فيه المنطقة، يعد "أفضل الحلول لجميعالأطراف المعنية بهذا النزاع". وفي هذا الصدد قال جلالة الملك في الخطاب الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى السابعة لاعتلاء جلالته العرش "إنه لمن دواعي اعتزازنا، أن نسجل التفهم والتجاوب الذي لقيته المبادرة المغربية، لدى البلدان والهيئات الفاعلة في المنتظم الدولي، التي باتت مقتنعة بمصداقية مطلبنا، وتوازن موقفنا، في نهج حل سياسي تفاوضي ونهائي لهذه القضية"، مؤكدا جلالته "أننا سنظل معبئين لبلورة هذه المبادرة، في إطار تشاركي وموسع وذي مصداقية. كما لن نتوانى لحظة، في مد اليد إلى ذوي النيات الحسنة، وفي الدعوة الصادقة إلى تحرير المستقبل المشترك مع جيراننا". مشكلات الحكم الذاتي في التطبيق: 1- مشكلة الشخصية الدولية: إن الدولة كوحدة للقانون الدولي تتمتع بالشخصية الدولية، مع مراعاة ما يرافق ذلك من حقوق والتزامات، فهي تتمتع بالسيادة على إقليمها، وتشارك في الأنشطة التي تهم الجماعة الدولية ككل، ولها الحق في تقرير سياستها الخارجية. غير أن مختلف تطبيقات الحكم الذاتي سواء كان داخليا أم خارجيا، لم تتمتع الأقاليم الخاضعة له بالشخصية الدولية، فمثلا تونس في الإطار الاستعماري و بورتوريكو وغرينلاند ، لم تحظ، طبقا للحكم الذاتي، الممنوح لها، بحق تقرير الشؤون الخارجية والدفاع.فبورتوريكو ترتبط بالولايات المتحدة الأمريكية باتحاد حر، وتقوم هذه الأخيرة بتقرير شؤون الدفاع والخارجية. وفي غرينلاند تقوم حكومة الدانمرك بتقرير سياستها الخارجية، مع استشارة غرينلاند عندما يتعلق الأمر بقضايا تخصها كالعلاقة مع دول الإتحاد الأوربي، أما تونس، فكانت فرنسا هي التي تتولى إدارة شؤونها الخارجية وتمثيلها على المستوى الدولي، أما اسبانيا، فلا يختلف الأمر،إذ تتمتع المناطق المحكومة ذاتيا بصلاحيات تشريعية وتنفيذية محدودة بنطاق الإقليم، بينما احتفظت السلطة المركزية في مدريد بتقرير السياسة الخارجية،، وشؤون الدفاع والأمن والخارجية، وتقرير السياسات المالية العامة والأنظمة المصرفية المعمول بها في البلاد، وكذلك عقد المعاهدات، سواء كانت اقتصادية أو عسكرية أو سياسية. والنتيجة المترتبة على ذلك، أن وحدات الحكم الذاتي، سواء كانت في الإطار الداخلي أو الدولي، وسواء تعلق الأمر بالأقاليم أو الجماعات القومية، لا تحظى بالشخصية الدولية، ومن ثم فليست موضوعا للقانون الدولي وإنما موضوعا للقانون الداخلي وشخصا له. 2- مشكلة توزيع الصلاحيات: تتوسط هذه المشكلة كافة نظم الحكم الذاتي، وتتلخص في كيفية توزيع الصلاحيات التنفيذية، والتشريعية، بين الأقاليم المحكومة ذاتيا، وبين السلطة المركزية، وهناك ثلاثة طرق لتوزيع هذه الصلاحيات، هي: أولا، تعيين الصلاحيات التشريعية والتنفيذية بين الوحدات الذاتية والسلطة المركزية، وتتمثل عيوب هذا الحل في وجود فجوات في الممارسة، نظرا إلى تداخل العديد من الصلاحيات والمجالات في التطبيق، فضلا عن أنه نظري أكثر منه عملي، ثانيا،الاقتصار على توزيع وتعيين صلاحيات الوحدات الذاتية في مجالات محددة، كما في إسبانيا وإيطاليا وكندا،ثالثا، الاكتفاء بتعيين الصلاحيات والمجالات التي تقتصر على الدولة والسلطة المركزية ذات السيادة. 3- المسائل الأمنية: تقتصر المسائل الأمنية في تطبيقات الحكم الذاتي على الأمن الداخلي المحدود بنطاق الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي، ذلك أن قضايا الأمن القومي تدخل في عداد صلاحيات الأجهزة المركزية للدولة، وطبقا لذلك فأن معظم الوحدات المتمتعة بالحكم الذاتي لها صلاحية تشكيل قوة شرطة محلية. وحتى في المجالات التي لا ينص فيها على ذلك فإن الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي بإمكانه تشكيل قوة شرطة محلية تضمن تنفيذ التشريعات في مجال الضرائب والتجارة، وحماية البيئة، كما هو الحال في جزيرة غرينلاند وفي إقليم الباسك. 4- السياسة الاقتصادية والمالية العامة: تمثل وحدات الحكم الذاتي ، بدرجات متفاوتة، جزءا من اقتصاد قومي موحد وسياسة مالية موحدة على الصعيد القومي، إذ تحتفظ الحكومة المركزية بحقوق وصلاحيات لا تقبل المنازعة في تقرير السياسة المالية، وسك النقود، وتحديد معدلات الصرف، والإشراف على نظام قومي للجمارك والضرائب،كذلك في وضع خطط التنمية الاقتصادية، وعقد الاتفاقيات المالية، والقروض مع الدول الأجنبية ومع ذلك، فقد تسمح الدولة في بعض الحالات للحكومات الذاتية، بفرض وتجميع بعض الضرائب المحلية، أو تفويضها في ذلك. وخلاصة القول، أن الحكم الذاتي -سواء كان دوليا أو داخليا- له طبيعة خاصة من المرونة وعدم الاستقرار، فهو لا يأخذ شكلا صالحا للتطبيق في أي من الدول على اختلاف ظروفها وأوضاعها. كما يكون للقواعد القانونية التي تنظم الحكم الذاتي دور هام في تحديد مساره، ومما يؤكد ذلك، أن مفهوم الحكم الذاتي في نطاق العلاقات الدولية والسياسة انقلب من علاقة داخلية بحثة بين الدول الاستعمارية ومستعمراتها إلى علاقة دولية، فهو تحول من وسيلة استعمارية غير مرغوب فيها إلى فكرة قانونية مشروعة وجد النص عليها في العديد من الوثائق والاتفاقيات الدولية. وفي نطاق القانون العام الداخلي، لم يأخذ وضعا ثابتا رغم تطبيقات عديدة له. الحكم الذاتي كحل سياسي توافقي ونهائي لنزاع الصحراء: إن هذا الحل السياسي التوافقي يتجاوز مفهوم الغالب والمغلوب، وصيغة هذا الحل هو بقاء الصحراء تحت السيادة المغربية لكن في نطاق نوع من الاستقلال الذاتي وقائم على الوحدة الوطنية والمشروعية الدولية واحترام خصوصيات المنطقة وفي إطار جهوية موسعة. لكن في حالة تذليل كافة الصعاب ودخول هذا الاتفاق إلى حيز التطبيق هل يعني ذلك أن مقتضياته المتعلقة بالاستقلال الذاتي ستبقى مقتصرة على هذه الجهة التي ستشكل نظاما خاصا بالمقارنة مع باقي الجهات، أم أن الأمر يستدعي تعميق الجهوية وتعميمها بنفس الكيفية، الأمر الذي يتطلب مراجعة دستورية خاصة فيما يتعلق باختصاصات الجهات؟ إن الديبلوماسية المغربية أمام خيارين: 1- تمتيع منطقة النزاع بنظام خاص: إن الحل السياسي لقضية الصحراء لا يمكن أن يكون إلا نهائيا ولهذا السبب لا تستطيع المملكة المغربية أن توافق على فترة انتقالية يطبعها عدم اليقين بشأن الوضع النهائي للإقليم. إن هذا الحكم الذاتي النهائي يتمثل في إقامة جهوية خاصة بالمنطقة المتنازع حولها، كاستثناء على المجال الترابي الوطني، كما هو الحال بالنسبة إلى إسبانيا، حيث نجد هناك ما يسمى بـ" المجموعات المستقلة" التي تتمتع باختصاصات تشريعية وتنفيذية في الميادين المحددة دستوريا. ومن هذا المنطلق يستدعي تطبيق هذا الخيار إجراء تعديل دستوري يمنح الجهة موضوع الخلاف حكما ذاتيا خاصا بها، بمعنى أن المناطق الصحراوية ستتمتع باستقلال ذاتي، يفوق نظام اللامركزية المعمول بها حاليا والتي تتوفر فيها الجهة على مواردها التي تمكنها من ممارسة اختصاصاتها المحددة من قبل السلطة المركزية. وتبعا لذلك فإن تطبيق الحكم الذاتي على جهة الصحراء يقتضي منح سكان الأقاليم الصحراوية صلاحيات واختصاصات واسعة في الميادين التشريعية والتنفيذية والقضائية لتدبير شؤونهم المحلية آخذا بعين الاعتبار خصوصيات المنطقة طبعا في إطار السيادة والوحدة الترابية للمملكة واحترام مبادئ الديموقراطية واللامركزية. إن هذا الحل لا يمكن أن يكون إلا في إطار بناء الديموقراطية بالمغرب وبناء الجهة وفتح المجال لأبناء الأقاليم الصحراوية للمبادرة الحرة والمشاركة في استغلال خيرات جهتهم اقتصاديا واجتماعيا و خدماتيا، وكذلك على مستوى المؤسسات المنتخبة، وكذا تضامن المجمع المدني بهدف إدماج المنطقة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا وبوثيرة موازنة. إن الاستقلال الذاتي يجب أن يشكل وضعا نهائيا وليس حلقة تؤدي إلى انفصال هذا الإقليم، داخل هذا الإطار يبقى المغرب منفتحا على كافة المقترحات التي تستلهم التجارب المتنوعة الممارسة في العالم، وتأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الجيوسياسية للمنطقة. نخلص إلى القول بأن تمتيع منطقة الصحراء بنظام خاص، إذا كان سيؤدي إلى إنهاء النزاع لكنه قد سيشكل قاعدة دستورية بمكن أن توظف لتأسيس خطاب احتجاجي على الدولة والمطالبة بوضع قانوني من ذات القبيل خصوصا في المناطق الأمازيغية التي تشكو تاريخيا من اللاتنمية الاقتصادية والاجتماعية ووجود سوابق تاريخية تصعب من التقارب بين المركز والمحيط، كما أن هذا السيناريو يفترض نظاما أساسيا ووضعا مستقلا داخل الوثيقة الدستورية وفلسفة جديدة للصك الدستوري المغربي، فلا يمكن والحالة هذه أن يتعايش داخل النص الدستوري منطقين متباينين يتأسسان على التعددية والاجتماعية، فالنص الدستوري المغربي قد اشتغل وفق ثابت الاجماعية، وانغلاق النسق الدستوري بالرغم من الترميمات المتتالية وظيفتي الضبط والتنظيم مما يجعل من الفكرة السياسية لدستور 1996، تظهر كعائق أمام انفتاح الدولة على البنيات تحت دولية. 2- الانتقال إلى دولة الجهات (الدولة الجهوية): على إثر التطورات التي عرفتها كل من قضية الصحراء والمسألة الديموقراطية، هل يمكن تأسيس رابط بين هذين المعطيين؟ وهل يمكن القول بأن الديموقراطية المحلية في معناها الواسع أي في إطار الحكم الذاتي سيهب ريحها من الجنوب؟ إن مسألة الاستقلال الذاتي والجهوية هي فكرة سبق لأحد برلمانيي الحزب الشعبي الإسباني السيد Javier Ruperz أن دافع عنها، لنقول إن أمكن أن قضية الصحراء مثلث أو حلت محل المشروع المجتمعي الذي كان الدولة المغربية في حاجة ماسة إليه لتعبئة الشعب المغربي من أجل تجديد الشرعية والحماسة الوطنية وربطها بنوع من الانفراج السياسي لضمان حد أدنى من السلم والاستقرار السياسي والاجتماعي لا سيما إذا تم مزج تطور المسألة الديموقراطية الراهنة بتطور قضية الصحراء، وتلاقحهما، وانفتاح النظام السياسي عن طريق تحديث بنياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ومن م المرور إلى الدولة الجهوية، ومن المؤكد أن السمو بالديموقراطية المحلية وباللامركزية نحو الرقي، سيساعد المغرب على مواجهة الطوفان العولمة والمحافظة على هويتنا وعلى وحدتنا الترابية. وإذا كان الأمل هو أن تطبع جهات المغرب كلها بطابع خصوصيتها دون أن يمس ذلك بالالتحام والوحدة، والبداية بالأقاليم الصحراوية، وجعل منها جهة وإعطائها الأولوية على أخواتها بالمغرب وستتلوها جهات أخرى، فأن ذلك يدل على أن ربط الصحراء بالجهوية مسألة أخذ حيزا هاما في الفكر الحسني، وذلك لترابطها بمسألة السيادة، والوحدة الوطنية، وأضحى لذلك أحد أبعاد النظام الجهوي هو حل القضية الوطنية في إطار توسيع اللامركزية، بتمكين السكان المحليين من بناء جهتهم والمشاركة في القرارات السياسية على الصعيد المحلي والوطني. إن الحكم الذاتي تحت السيادة الكاملة والوحدة الترابية للمغرب وفي إطار جهوي موسع جعل مسألة الجهوية مطلبا وطنيا استعجاليا، بهدف إعطاء الجهات هامشا أوسع في التسيير الذاتي والتخلص من المركزية الضيقة. إن الانتقال إلى دولة الجهات يعني إقامة مجموعة من الجهات تتمتع باستقلالية عن المركز في بعض المجالات المحددة، أو تلك المفوضة لها من قبل السلطة المركزية، وفي هذه الحالة يستدعي الأمر إجراء تعديل دستوري للارتقاء بنظام الجهة في مستوى متقدم من اللامركزية في إطار الدولة الموحدة، بمعنى الانتقال من الجهوية الإدارية المعمول بها في المغرب إلى الجهوية السياسية المحددة دستوريا. إن تطبيق الدولة الجهوية يستدعي إعادة النظر في وظيفة المؤسسات المحلية وأساس تشكيل المؤسسات الوطنية التي ستصبح ذات أساس ترابي جهوي إضافة إلى ضرورة رسم حدود للاختصاص بين المستويين وطبيعة نازلات المركز والجانب الموكول له مهام الدفاع والخارجية، إنه منطق ينظر إلى الصحراء باعتبارها وحدة رابية منزوع عنها طابع الخصوصية قياسا إلى الوحدات الجهوية الأخرى. إن خيار الجهوية ليس خيارا تقنيا ولا تعديلا بإمكانه أن يمس مستوى محدودا داخل البنية الدستورية، بل يمتد ليشمل رأس التنظيم السياسي، سؤال فصل السلط، أساس التمثيل السياسي وشكل الدولة، وهي أبعاد لا يمكن لتعديل دستوري محدود أن يجيب عنها. إن القدرة الاحتوائية لسياسة التعديل الدستوري لسنوات 92-95-96 لا يمكن أن يعاد إنتاجها، فالأمر هنا لا يتعلق بالبحث عن التوافق مع أحزاب المعارضة، ولا إلى امتصاص الحركات الاحتجاجية الحقوقية. وإذا كان هناك تخوف من إقرار جهوية سياسية يمكن أن تتسبب في ظهور نزعات انفصالية داخل البلاد، فإن هذا التخوف لا مبررله، مادامت الجهات مرتبطة بملك البلاد، وكما قال الملك الراحل الحسن الثاني:"يمكن أن نسير في اللامركزية إلى أبعد الحدود ما دمنا ممسكين برابطة البيعة." وكان رحمه الله يمنى أن يترك لخلفه مغربا مبنيا على شاكلة المقاطعات الألمانية المسماة " اللاندر". مقترحات بشأن الحكم الذاتي في الصحراء المغربية يندرج هذا المشروع في إطار المسلسل الذي أطلقته المملكة، لبناء مجتمع ديمقراطي وحداثي، مرتبط بقوة بهويته الوطنية، غني بتقارب روافده المتعددة، والتي تشكل الثقافة الصحراوية إحدى أهم مكوناتها. ويمكن أن يتصور أن يرتكز المشروع المغربي على العناصر التالية : - سيخضع مشروع هذا القانون لاستشارة حرة من خلال استفتاء للسكان المعنيين، وذلك بعد مراجعة الدستور المغربي في هذا الاتجاه. وسيتم ضمه إلى الدستور المغربي، الضامن لاستقراره ولطبيعته الخاصة في سياق الترتيب القانوني الداخلي. 6- وفي انتظار تنظيم استشارة استفتائية ووضع الهيئات التي ستتمخض عنها، سيتم اتخاذ عدة إجراءات انتقالية، بما فيها عفو عام، وذلك على الخصوص من أجل تسهيل عودة وإعادة اندماج الأشخاص الذين يعيشون خارج الأراضي. - سيخلق هذا الإطار الظروف الضرورية للعودة الحرة الموافق عليها، ولإعادة الاندماج الاجتماعي والاقتصادي لكل المنحدرين من الصحراء، وأينما كانوا، لوضع حد لمعاناتهم ولإتاحة جمع وتوحيد الأسر داخل مغرب ديمقراطي موحد ومتضامن. - إن الهدف من مشروع قانون الحكم الذاتي بمنطقة الصحراء هو إتاحة الفرصة لسكان هذه المنطقة لممارسة، عن طريق مجلس تشريعي جهوي، وجهاز تنفيذي وقضائي محلي، صلاحيات مهمة، واسعة، ومتنوعة في المجالات التالية: الإدارة المحلية، الميزانية، الضريبة المحلية، التعليم، الصحة، الرعاية الاجتماعية، الشغل، الثقافة، تنمية الإرث الثقافي الحساني، رعاية الرياضة، التكوين المهني، تنمية النشاط التجاري والصناعي، تشجيع الاستثمارات، السياحة، الصناعة التقليدية، الفلاحة والرعي، أشغال التجهيز ذات المصلحة الجهوية، السكن وإعداد التراب الحضري، النقل، الطرق الموجودة داخل أراضي منطقة الحكم الذاتي بالصحراء، الماء، التجهيزات الهيدرولية، قنوات وأنظمة الري التي تخدم منطقة الحكم الذاتي بالصحراء، المعارض والأسواق، المحاجر، البيئة. - المجلس التشريعي سيتم انتخابه من خلال الاقتراع العام المباشر، حسب نظام يضمن تمثيلا متوازنا داخل أرض منطقة الحكم الذاتي للصحراء ولسكانها، بما في ذلك تمثيل نسوي مناسب. وسيكون الجسم الانتخابي الذي سينتخب أول مجلس تشريعي محلي مكونا مما يلي: أ - الأشخاص الذين أعلن عن قبولهم للتصويت من قبل لجنة تحديد الهوية التابعة للمينورسو، وذلك حسب اللائحة المؤقتة ليوم 30 ديسمبر 1999. ب- الأشخاص البالغين 18 سنة على الأقل، والذين توجد أسماؤهم على لائحة العائدين التي ستتولى المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة وضعها حسب الأصول، وطبقا لصلاحياتها، وأيضا الأشخاص الذين يعيشون داخل الأراضي البالغين 18 سنة منذ سنة 1993 المنحدرين من الأشخاص المشار إليهم في الفقرة (أ). وسيكون الجسم الانتخابي الذي سينتخب المجلس التشريعي المحلي، خلال الاستشارات الانتخابية المقبلة، مكونا من كل القاطنين البالغين من العمر 18 سنة على الأقل عند تاريخ الاقتراع. - رئيس تنفيذي ينتخب داخل المجلس التشريعي المحلي، ويعين بعد ذلك من قبل الملك. وستكون له مهمة تطبيق القوانين والأنظمة التي تنص عليها الأجهزة التشريعية والتنفيذية للمنطقة، والمندرجة في إطار الصلاحيات المخولة لهذه الأجهزة من قبل مشروع القانون. كما سيتكلف، بالخصوص، بتنفيذ ميزانية منطقة الحكم الذاتي بالصحراء، والتي ستكون مصادرها مكونة بالأساس من الضرائب، والرسوم والمساهمات الترابية المنصوص عليها من قبل الأجهزة المختصة في المنطقة. وستتولى محكمة الحسابات والمحكمة المحلية للحسابات مراقبة تنفيذ ميزانية المنطقة. - ستكون للسلطات القضائية المحلية صلاحية البت في النزاعات الناتجة عن تطبيق القوانين الصادرة عن الأجهزة المحلية. والقضاة الذين يشكلون هذه السلطات سيتم تعيينهم طبقا للتشريع الوطني أو سينتخبون حسب اختصاصاتهم وصلاحياتهم الترابية، وستنطق أحكامهم باسم الملك، الذي يمارس حق العفو. - ستمارس الدولة الصلاحيات التي لن تنتقل إلى منطقة الحكم الذاتي بالصحراء، والمتعلقة ب: الصفات الرمزية للسيادة، الشؤون الدينية، العلم والنشيد الوطنيين، العملة، الدفاع الوطني، السياسة الخارجية، إدارة العلاقات الخارجية، الجنسية، قانون الأسرة والأحوال الشخصية، الأمن، النظام العام وحماية السكان المدنيين، تحديد المخالفات والعقوبات، خلق قضاء غير ذلك الذي يمكن أن يخلق من قبل منطقة الحكم الذاتي بالصحراء، القوانين الجنائية، وخاصة المساطر المتعلقة بالشرطة القضائية وصلاحياتها، تحديد الحدود البحرية، والأرضية والجوية للبلد وحمايتها بكل الوسائل المتاحة، الإنتاج، التجارة، امتلاك واستعمال السلاح والمتفجرات، الحفاظ على الوحدة الترابية للمملكة ضد محاولة انفصالية من داخل أو من خارج البلد، إدارة العدل، النظام الجمركي والتعريفي، التجارة الخارجية، نظام التنقيب واستغلال المصادر الطبيعية الاستراتيجية، البريد والمواصلات ونظام الصحافة والإذاعة والتلفزيون. - هذه الصلاحيات ستتم ممارستها من قبل ممثل سام للدولة داخل منطقة الحكم الذاتي بالصحراء، وسيتم تعيينه من قبل الملك. وسيقوم بالتنسيق من وجهة بين سلطات وأجهزة الدولة والجماعات الترابية، ومن جهة أخرى بين سلطات وأجهزة منطقة الحكم الذاتي للصحراء. وفي حالة تنازع الاختصاصات بين الدولة ومنطقة الحكم الذاتي للصحراء، يتم تقديم الشكاوى أمام المجلس الدستوري، سواء من قبل رئيس المجلس التشريعي المحلي أو من قبل الرئيس التنفيذي أو من قبل الممثل الأسمى للدولة. - في انتظار إحداث الأجهزة التشريعية والتنفيذية لمنطقة الحكم الذاتي للصحراء، وخلال المرحلة الانتقالية، سيتم اتخاذ الإجراءات التالية: * المصادقة على عفو عام. * إعادة الأشخاص القاطنين خارج الأراضي، وذلك بواسطة المفوضية العليا للاجئين. * إنشاء من قبل السلطات الدستورية المختصة لمجلس انتقالي يتكون، وبتواز، من ممثلين عن السكان القاطنين بالأراضي، خاصة المنتخبين وأعيان قبائل الصحراء وممثلي السكان العائدين. وسيساعد هذا المجلس على أداء مهامه موظفون من الدولة ويمكن أن يستفيد من مساهمة ممثلي المفوضية العليا للاجئين وللأمم المتحدة، في إطار الصلاحيات المخولة لهم. وستكون للمجلس الانتقالي صلاحية لاقتراح وإبداء رأيه حول الإجراءات ذات الطبيعة المسهلة لعمليات عودة وإعادة إدماج الأشخاص العائدين. من جهة أخرى، سيتم خلال الفترة الانتقالية التسجيل على اللوائح الانتخابية لكل الأشخاص الذين عليهم أن يصوتوا على قانون منطقة الحكم الذاتي للصحراء، ويتعلق الأمر ب: أ - الأشخاص الذين أعلن عن قبولهم للتصويت من قبل لجنة تحديد الهوية التابعة للمينورسو حسب اللائحة المؤقتة ليوم 30 ديسمبر 1999. ب- الأشخاص البالغين 18 سنة على الأقل والمسجلة أسماؤهم على لائحة العائدين التي سيتم وضعها حسب الأصول من قبل المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، بالإضافة الى الأشخاص الذين يعيشون داخل الأراضي، والذين بلغوا 18 سنة منذ عام ،1993 والمنحدرين من الأشخاص المشار إليهم في الفقرة (أ). ج الأشخاص الذين تربطهم علاقات شرعية أو الذين ارتبطوا بالأراضي بوثائق ثابتة مثل الإقامة أو الولادة أو الانحدار. أخيرا، فإن نتيجة الاستفتاء حول قانون الحكم الذاتي لمنطقة الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء سيعلن من قبل المجلس الدستوري. - لا يمكن فصل هذا القانون عن نظرة جيوستراتيجية لتنمية منطقة الحكم الذاتي للصحراء. وسيكون منسجما ومنفتحا لكل فرص الشراكة مع الدول الجارة ولكل شركاء المملكة. وهكذا يمكن تجسيد القدر التاريخي لهذه المنطقة التي تعتبر بمثابة نقطة التقاء المبادلات الإنسانية والاقتصادية، داخل محيط مستقر، يضمن الأمن وتنمية المشاريع ذات المصالح المشتركة. إن التنمية الاجتماعية والاقتصادية لمنطقة الحكم الذاتي للصحراء تندرج في إطار تصور للاندماج المغاربي وللانفتاح الاستراتيجي على الشراكات الدولية، تسمح بتسريع إعادة تأهيل المؤهلات الاقتصادية للمنطقة وتطوير تلبية حاجياتها الخاصة ورفاهية سكانها. إن هذا الإجراء يمكن تدعيمه بوضع أجهزة أو آليات للتنمية وللاستثمارات الخاصة، ذات البعد البين إقليمي وأيضا وضع نظام خاص للتسهيلات، في خدمة الجميع، وموجهة لتشجيع ضم مصالح الأشخاص المعنويين في القانون العام والخاص، الوطنيين والأجانب، للمشاريع المجددة والجامعة. إن قضاء التنمية هذا والاستقرار في الحرية، والتطور والشراكة، سيفتح الباب للبناء المؤمل لاتحاد المغرب العربي على أسس صحيحة، قوية ومبشرة، ومن ثم المساهمة الفعالة لاتحاد المغرب العربي لإقامة شراكة أورومتوسطية وتطوير علاقات التعاون مع باقي المنظمات الإقليمية، خاصة الإفريقية. - بتسليم هذا المقترح للأمين العام للأمم المتحدة ولمبعوثه الخاص ولباقي الأطراف، الذي يترجم إرادتها الصادقة لجعل من الصحراء منطقة حكم ذاتي فعلية، تراهن المملكة المغربية على المستقبل وتتمنى أن تجد لدى الأطراف الأخرى نفس الإرادة السياسية للوصول الى تسوية عادلة واقعية ونهائية لهذا النزاع.