Header Ads

المركزية في التنظيم الإداري المغربي

 المركزية في التنظيم الإداري المغربي

الفصل الأول: المبادئ العامة للتنظيم المركزي

الفصل الثاني: المركزية في التنظيم الإداري المغربي

الفصل الأول: المبادئ العامة للتنظيم المركزي
يمكن أن نعرف المركزية الإدارية بأنها مجموع المهام والوظائف الإدارية في الدولة المعهود بها إلى السلطة المركزية في العاصمة ،التي قد تفوض القيام ببعضها إلى ممثليها في الأقاليم .ولقد كان نظام المركزية الإدارية هو السائد قبل انتشار المبدأ الديمقراطي بالنسبة لنظام الحكم ، وذلك قبل التوجه إلى نظام اللامركزية الإدارية بدافع عصرنة أساليب وطرق تسيير وتدبير دواليب الإدارة بما من شأنه تحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي والحضاري للأمة .
وبمقتضى هذا، يتكلف الوزراء بالوظائف الإدارية للدولة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، وهكذا يمكن القول أن المركزية الإدارية تنطوي على احتكار الإدارة المركزية في العاصمة لممارسة كل أنواع النشاط الإداري للدولة .
وتتشكل المركزية الإدارية من ثلاث عناصر، كما توجد في صورتين اثنتين كما أن هذا النظام أيضا يحتوي على بعض المزايا وأيضا على بعض المساوئ وهذا ما سيتم تفصيله على النحو التالي:
المبحث الأول: مفهوم المركزية الإدارية
يقصد بالمركزية الإدارية حصر مختلف مظاهر الوظيفة الإدارية في الدولة في أيدي أعضاء الحكومة وتابعيهم في العاصمة أو في الأقاليم مع خضوعهم جميعا للرقابة الرئاسية التي يمارسها عليهم الوزير .
والمركزية نسق إداري مؤسس على الإنفراد المطلق في صياغة القرارات السياسية والإدارية وتدبير الشؤون العامة للبلاد انطلاقا من مركز العاصمة ،وتعني أيضا التوحيد وعدم التجزئة،فالمركزية هي توحيد مظاهر النشاط الإداري في الدولة وتجميعها في يد السلطة التنفيذية .
ويستنتج من التعريف السابق للمركزية الإدارية أنها تتكون من ثلاثة عناصر هي :الحصرية ـ التبعية الإدارية ـ السلطة الرئاسية
المطلب الأول: الحصرية أو (تركيز السلطة بين أيدي الإدارة المركزية)
هي أسلوب إداري يتجلى في تركيز جميع السلطات في أيدي الحكومة المركزية التي يعود إليها أمر البث النهائي في جميع القضايا الإدارية، دون أن تتوفر لممثليها أو مندوبيها على صعيد الوحدات الترابية المحلية سلطة الانفراد بالقرارات الإدارية أو البث في بعض الأمور الإدارية بصورة مستقلة .
وهي أيضا حصر الوظيفة والمهمة الإدارية في الدولة وفي أجهزتها حيث تحتكر الإشراف على جميع المرافق والهيئات الإدارية .ويترتب على الأخذ بالأسلوب الإداري المركزي أن سلطة اتخاذ القرارات من الناحية القانونية تتركز في أعلى قمة الهرم الإداري سواء أكان ذلك في يد رئيس الدولة أو الحكومة ،وليس معنى ذلك أن القرارات لا بد وأن تصدر من الأجهزة الإدارية العليا فقط، ولكن المقصود هو أن الجهاز الإداري الأعلى يبقى دائما هو صاحب حق التوجيه وذلك بما يصدره الرئيس إلى مرؤوسيه من تعليمات وأوامر وما يتوفر عليه من سلطات حول مراقبة أعمال المرؤوسين، إذ أن للرئيس حق إجازتها أو إبطالها أو تعديلها أو الحلول محلهم في أدائها.إذن فالتنظيم الإداري المتركز على الأسلوب المركزي يتمثل في شكل هرم إداري ينبثق من القمة حيث تتركز جميع السلطات الإدارية وينتهي بالقاعدة مرورا بأجهزة ومؤسسات وأفراد ينفذون الأوامر والتعليمات الصادرة عن الحكومة المركزية،وذلك في ظل التبعية الإدارية للسلطة المركزية إذ أن النظام الإداري التسلسلي يبقى المعيار الرئيسي الذي يتميز به النظام الإداري المركزي .
بمعنى أن لهذه الأخيرة(الحكومة) وحدها السلطة في إصدار القرارات الإدارية النهائية وتتضمن هذه السلطة ولاية تعديل هذه القرارات أو تعديل آثارها أو سحبها أو إلغائها حسبما تقتضيه ملاءمات حسن سير المرافق العمومية .
ومن مظاهر المركزية كذلك تركيز الاختصاصات الفنية في يد مجموعة من الأخصائيين في العاصمة يدرسون المسائل ويعدون القرارات ليرفعوها إلى الوزير المختص لاتخاذ القرار والتوقيع عليه وقد تكون هناك مشاركة من جانب بعض الهيئات الموجودة في الأقاليم،إلا أن هذه المشاركة لا تعدو أن تكون مجرد دراسات تمهيدية لاستخلاص الآراء التي قد تنير الطريق أمام السلطة المركزية في تسيير شؤونها العامة ن ويرتبط بالتركيز الإداري احتكار الوزراء لسلطة التعيين في الوظائف العمومية،فلا يترك اختيار الموظفين المحليين في الأقاليم والمدن على هيئات محلية كما أن المركزية تبعد أي نظام من شأنه إخراج الموظفين من هيمنة الإدارة المركزية .
المطلب الثاني:خضوع موظفي السلطة المركزية لنظام السلم الإداري (التبعية الإدارية)
كما قلنا سابقا فإن من مميزات النظام المركزي هي تلك التبعية الإدارية للسلطة المركزية، بحيث إن التسلسل الإداري يبقى هو المعيار الرئيسي الذي يتميز به هذا النظام.بمعنى أن الموظفين الإداريين يخضعون لأوامر وتعليمات الموظفين الأعلى درجة منهم " ...وينتج عن هذا أن ممثلي الحكومة المركزية يخضعون في ممارسة عملهم للسلطة الرئاسية وفقا لقاعدة هرمية صارمة، وهذه السلطة تتضمن حق التوجيه والمراقبة والتأديب بما في ذلك إعطاء الأوامر والتعليمات وإلغاء القرارات الإدارية المتخذة من قبلهم لأسباب تتعلق بعدم شرعية هذه القرارات فحسب وإنما لأسباب تتعلق بعدم شرعيتها أو ملاءمتها أيضا " .
والتبعية الإدارية تعني أن موظفي الدولة يتوزعون حسب وظائفهم وضمن رتب تدرجهم في السلم الإداري،فالعلاقات التسلسلية تولد عنصر التبعية الإدارية بين الرؤساء والمرؤوسين داخل الإدارة العامة بهدف تحقيق المهام المحددة لها فالمقصود من التبعية الإدارية هو التبعية المتدرجة التي تحكم موظفي وأعمال هذه الإدارات في علاقاتهم بالسلطة الرئاسية،وتعتبر هذه التبعية من لوازم النظام المركزي وبمقتضاها يخضع الموظفون والمستخدمون لما يصدره رئيسهم من توجيهات وأوامر ملزمة وتندرج هذه التبعية في سلم إداري إلى أن تصل إلى أدنى درجات الإدارة ، وهي ينتج عنها بالضرورة وجود سلطة رئاسية تمارسها السلطات الإدارية العليا على ما دونها من وحدات إدارية
ونظام السلم الإداري يقتضي خضوع الموظف الأقل درجة للموظف الأعلى درجة حتى تنتهي إلى الوزير الذي يخضع له الجميع في وزارته .
ويحتل قمة السلم الإداري في النظم البرلمانية ملكية كانت أو جمهورية الوزير المختص، أما في النظم الرئاسية فيشغل قمة الهرم رئيس الجمهورية . ومختلف وحدات الجهاز الإداري المتماسك لا تتمتع بشخصية معنوية قائمة بذاتها،ولكنها كلها تنتمي إلى شخص الدولة .وهي التي تتحمل بالتعويض تبعة أخطائها كما أن الدولة هي التي تتحمل مسؤولية الأعمال التي تقوم بها تلك الوحدات .
المطلب الثالث:السلطة الرئاسية
هي العنصر الأساسي في تحديد الصفة المركزية لأي جهاز إداري ،وهي لها أهمية كبرى في نظام المركزية الإدارية على مختلف مستوياته نأو هي جوهر النظام الإداري المركزي .
وتتميز السلطة الرئاسية بأنها تطال جميع المرؤوسين حيث أن جميع الموظفين يخضعون لرؤسائهم في الإدارة ،بمعنى ان السلطة الرئاسية هي خضوع الموظف الأقل درجة من حيث وضعيته القانونية للموظف الأعلى درجة،وكل موظف يوجد في مركز إداري أعلى يمارس سلطاته على الموظفين الموجودين في الرتبة الدنيا حتى الوصول إلى القاعدة التي تضم الموظفين الصغار ،ويؤكد الفقه على أن السلطة الرئاسية ليست حقا شخصيا ولا مطلقا لصاحبه،و لكنها مجرد اختصاص يمارسه الرئيس على مرؤوسيه وفقا للقوانين والنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.فهي تخول للرئيس الحق في تعيين مرؤوسيه وتخصيصهم لعمل معين ونقلهم وترقيتهم وتوقيع الجزاء التأديبي عليهم متى وقع منهم إخلال بواجباتهم في إنجاز المهام المنوطة بهم .
ومن المسلم به أن السلطة الرئاسية تتميز بأنها:سلطة شاملة، وسلطة مفترضة.فهي سلطة شاملة :لأن الرئيس الإداري يملك مباشرة رقابة عامة في مواجهة مرؤوسيه وذلك عن طريق ما يصدره إليهم من أوامر ملزمة،وما يباشره من سلطات تنظيم وتأديب عليهم،وهكذا ترجع شمولية السلطة الرئاسية إلى انصرافها بحسب الأصل إلى سائر أعمال المرؤوسين. وهي سلطة مفترضة :لأن الرئيس الإداري يمارس هذه السلطة بقوة القانون ولو لم يوجد نص يسمح للرئيس الإداري بإجراء تلك الممارسة،فالسلطة الرئاسية ليست حقا شخصيا أو امتيازا مقررا للرئيس الإداري،ولكنها مجرد اختصاص يباشره الرئيس طبقا للقوانين والأنظمة .
وهكذا يتبين من خلال ما سبق أن للرئيس بعض السلطات يتمتع بها على حساب أعمال مرؤوسيه يأخذ بعضها صورة التوجيه من طرف الرئيس، لإعانة المرؤوس على تفهم القوانين .بينما يأخذ البعض الآخر صورة التعقيب لإرجاع تصرفات المرؤوس إلى حكم القانون والأنظمة المعمول بها.
1ـ سلطة التوجيه:
وبخصوص سلطة التوجيه فإن الرئيس يمارس على مرؤوسيه السلطة بإصدار أوامر وتعليمات ومنشورات ودوريات يوضح لهم فيها ويبسط المقتضيات القانونية والنصوص التنظيمية الواجب عليهم تطبيقها،وقد تكون هذه المنشورات والدوريات محددة وموجهة إلى مرؤوس بعينه، وقد تكون عامة ومجردة موجهة إلى سائر المرؤوسين أو لصنف محدد منهم ،و هذه التعليمات والمنشورات الهادفة توجيه وضمان حسن سير المرافق العامة الإدارية لا تعتبر من قبيل القرارات الإدارية النهائية وإنما هي إجراءات مصلحية داخلية موجهة إلى موظفي الجهاز الإداري،وعلى هذا الأساس لايجوز للموظف المرؤوس أن يخرج عن الطاعة الواجبة لهذه الأوامر.وحينما تتعدى هذا النظام وتكون لها الانعكاسات السلبية على الوضعية القانونية للمواطنين كان ممكنا الطعن فيها بدعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة،وفي اغلب الأحيان فإن هذه التعليمات والدوريات والمنشورات ليس لها قيمة خارج إطار الجهاز الإداري .
2 ـ سلطة التعقيب والرقابة على أعمال المرؤوس
وتتمثل سلطة التعقيب فيما يخوله القانون للرئيس من حق في إجازة أعمال مرؤوسيه وتعديلها وإلغائها والتصديق عليها، وإقرار العمل الإداري من طرف الرئيس إما أن يكون صريحا أو ضمنيا.
فقد يكون صريحا إذا اشترط المشرع ذلك،بحيث إذا سكت الرئيس الإداري عن إقراره لا يصبح نهائيا مهما طال الزمن، وقد كون الإقرار ضمنيا يستفاد من نص القانون على اعتبار أن تصرف المرؤوس يصبح نهائيا بعد فوات مدة معينة .
وتشمل سلطة التعقيب أيضا ما يخوله القانون للرئيس من حق سحب أو إلغاء أو تعديل القرارات وأعمال المرؤوس،والرئيس يتولى سلطة التعقيب والرقابة ليس فقط من زاوية المشروعية "أي من حيث مدى مطابقتها للقانون بوجه عام" .وإنما أيضا من حيث ملاءمتها أو عدم ملاءمتها لحسن سير المرافق العمومية،بمعنى " من حيث مدى سلامة هذه الأعمال ومناسبتها للظروف التي اتخذت فيها" .لذا يستطيع أن يعدل قرارات أو أعمال المرؤوس أو أن يسحبها أو أن يلغيها حتى ولو كانت مشروعة ومتطابقة مع القانون،وتمارس سلطة التعقيب إما تلقائيا من الرئيس أو بناء على تظلم إداري يتقدم به المعنيون بالأمر الذين تضرروا من تصرفات المرؤوسين شرط أن يحترم الرئيس عند استعماله لسلطة التعقيب الحقوق المكتسبة المتولدة لفائدة الغير .
وتجدر الإشارة في الأخير،أنه يقابل السلطة الرئاسية التي يتمتع بها الرئيس مسؤوليته أمام الوزير الذي يعتبر أعلى قمة في السلم الإداري،وهو بدوره يسأل أمام البرلمان في النظام البرلماني وأمام رئيس الدولة في النظام الرئاسي،وفي المغرب فإن الوزير يسأل سياسيا أمام الملك والبرلمان.

وهكذا يمكن القول بأن المركزية الإدارية هي تركيز جميع الوظائف والمهام الإدارية في يد السلطة المركزية بالعاصمة أو بمعنى آخر هي احتكار الإدارة المركزية في العاصمة لكل أنواع النشاط الإداري للدولة مما يتحتم على الموظفين في كل ربوع الدولة التوجه إلى العاصمة لقضاء جميع شؤونهم الخاصة سواء تعلق الأمر بالشؤون الإدارية كالعقود الإدارية مثل عقد الازدياد وشواهد السكنى...وهذا في نظرنا يعرقل المسار الديمقراطي لكل بلد ويزكي البيروقراطية فيها ويدعمها فتتحول الدولة إلى دولة تطغى فيها البيروقراطية ،وهو ما يؤثر سلبا على القطاع الاستثمارات على الخصوص نظرا لكثرة العراقيل والتعقيدات التي تواجه المستثمر في هذا النظام .
ونظام المركزية الإدارية في اعتقادي هو نظام غير ديمقراطي بل هو نظام ديكتاتوري. وتتشكل المركزية الإدارية من ثلاث عناصر أساسية هي:
الحصرية ـ التبعية الإدارية ـ السلطة الرئاسية.

أولا : الحصرية أو تركيز السلطة بيد الإدارة المركزية

فهذا الأسلوب يتجلى في تركيز جميع السلطات في أيدي الحكومة المركزية،التي يعود غليها أمر البث في جميع القضايا الإدارية.وهذا لا يعني ان القرارات لا بد ان تصدر من الأجهزة الإدارية العليا فقط،ولكن المقصود أن الجهاز الإداري الأعلى يبقى دائما هو الموجه وهو الذي يصدر الأوامر والتعليمات بوصفه أنه له الحق في مراقبة أعمال المرؤوسين ،وأهم ما يتميز به النظام المركزي،هو النظام التسلسلي.
ثانيا: التبعية الإدارية

كما قلنا أعلاه أن هذه التبعية الإدارية هي أهم ما يميز النظام المركزي فالموظفون الإداريون يخضعون لأوامر وتعليمات الأعلى درجة منهم.
وبالتالي فنظام المركزية الإدارية يكرس أو يأخذ بنظام السلم الإداري الذي يقتضي خضوع الموظف الأقل درجة للموظف الأعلى درجة في السلم الإداري حتى تنتهي إلى الوزير الذي يخضع له الجميع في وزارته، وهذه التبعية ينتج عنها بالضرورة وجود سلطة رئاسية.

ثالثا : السلطة الرئاسية

وهي أيضا عنصر أساسي في نظام المركزية الإدارية ،بل عنصر جوهري في هذا النظام .وتتميز السلطة الرئاسية بأن جميع الموظفين المرؤوسين يخضعون لرؤسائهم في الإدارة.
بمعنى أن السلطة الرئاسية هي خضوع الموظف الأقل درجة للموظف الأعلى درجة.
والسلطة الرئاسية هي مجرد اختصاص يمارسه الرئيس على مرؤوسيه وفقا للقوانين والنصوص التنظيمية الجاري بها العمل وللرئيس أيضا بعض السلطات يمارسها على مرؤوسيه ونقلهم أو ترقيتهم أو توقيع الجزاء التأديبي عليهم ،وللرئيس أيضا بعض السلطات يمارسها على مرؤوسيه يأخذ بعضها صورة التوجيه والآخر صورة التعقيب.
1 ـ التوجيه: فبخضوع سلطة التوجيه فإن الرئيس له الحق في إصدار الأوامر والتعليمات والدوريات التي يفسر فيها النصوص التنظيمية ،الواجب على المرؤوسين إتباعها وتطبيقها ،فلا يجوز للموظف المرؤوس الخروج عن الطاعة الواجبة لهذه الأوامر.
2 ـ سلطة التعقيب والرقابة:هذه السلطة تخول للرئيس الحق في إجازة أعمال المرؤوس وتعديلها أو إلغاؤها أو التصديق عليها .والإقرار يكون إما صريحا أو ضمنيا ،لذا فإن الرئيس يستطيع أن يفعل كل هذا حتى ولو كانت مشروعة ومتطابقة مع القانون.


المبحث الثاني: صور المركزية الإدارية

لا يقوم الوزير بتسيير المرفق العام التابع لوزارته بنفسه ،بل يستعين بعدد كبير من المستخدمين والفنيين ،ولا تتوقف قدرة الوزارة وكفاءتها على عدد موظفيها بقدر ما تتوقف على مستواهم الفني وحسن توزيعهم.
وتتخذ الصلاحيات والاختصاصات التي يمارسها الوزير، أحد الشكلين: فقد يتولى ممارستها منفردا وهو ما يسمى بالمركزية مع التركيز الإداري وقد يعاونه في أدائها بعض موظفي وزارته،وهذه صورة يطلق عليها المركزية مع عدم التركيز الإداري .

المطلب الأول: التركيز الإداري

إن التركيز الإداري يعد أسلوبا إداريا يتجلى في تركيز جميع السلطات الإدارية في أيدي الحكومة المركزية للعاصمة التي يعود إليها أمر البث في جميع الأمور الإدارية دون أن يتوفر على صعيد الوحدات الإقليمية سلطات الإنفراد بالقرار الإداري أو البث في بعض الأمور والقضايا بصورة مستقلة عنها . وهذا الأسلوب في التنظيم والتسيير لا ينطبق مع الظروف الحالية للسير الإداري وذلك نظرا لكثرة الالتزامات و الأعباء التي توجد على عاتق الدولة، والتي لا يمكن تلبيتها والاستجابة إليها، إذا ما تم التسيير من طرف العاصمة أي المركز.فالتركيز يعد صورة من المركزية المشددة .
بمعنى آخر أن هذه الصورة من صور المركزية الإدارية يقصد بها حصر جميع مظاهر الوظيفة الإدارية في يد السلطات الإدارية العليا في العاصمة ،بحيث لا يترك للوحدات الإدارية الدنيا ـ سواء في العاصمة أو في الأقاليم ـ سلطة البث النهائي في أمر من الأمور بعيدا عن الهيئة المركزية، ويترتب على ذلك أن تقتصر مهمة فروع الهيئات المركزية على التحضير والإعداد وتنفيذ ما أصدره الرؤساء في قمة الجهاز الإداري من قرارات .
وهذا الأسلوب من التركيز الإداري في نظرنا أسلوب غير ديمقراطي وديكتاتوري بل هو أسلوب بيروقراطي يدعم التبعية للمركز ولا يتيح الفرصة للجهات والأقاليم أو فروع الوزارات والمندوبيات في الإبداع واتخاذ القرارات دون الرجوع إلى الحكومة المركزية فالتركيز الإداري يضيق الخناق على الموظفين في فروع الوزارات ولا يجعلهم يعملون في راحة وطمأنينة.وهذه الصورة المتشددة من المركزية الإدارية هي التي أطلق عليها البعض اصطلاح "المركزية الوزارية" .في حين أطلق على صورة المركزية المعتدلة اصطلاح "اللاوزارية"،تمييزا لها عن المركزية الوزارية ،وذلك على أساس حصر أعمال الإدارة العامة في أيدي الوزراء وحدهم.
في حين أطلق البعض من الفقهاء اصطلاح "الحصرية الإدارية" على التركيز الإداري ،واصطلاح "اللاحصرية الإدارية" على عدم التركيز الإداري على أساس أن المركزية المطلقة تعني حصر السلطة الإدارية في هيئة واحدة ، وأيا كانت التسمية التي أطلقها الفقهاء على هذه الصورة المتشددة من صور المركزية الإدارية ،فإن هذه الصورة لا تمنع من أن يمنح القانون أو تخول السلطة المركزية لفروعها وممثليها بعض الاختصاصات الفنية والاستشارية طالما أن ذلك لا يمتد إلى التقرير والبث في أمر من الأمور بصورة مستقلة .
وفي الوقت الراهن فإن هذه الصورة من تطبيقات المركزية ،لا تكاد توجد من الناحية العملية في أية دولة من الدول المعاصرة ،ذلك لأنها صعبة التطبيق حتى في الدول المحدودة من حيث المساحة والسكان .الأمر الذي يتعذر معه على أي وزير أن يبث بنفسه في جميع الأمور التفصيلية في وزارته على حساب ممارسة الأعمال الرئيسية.وكذلك أدى إلى ضرورة توزيع الاختصاصات داخل الجهاز المركزي فظهرت الصورة المعتدلة له أو ما يسمى" بعدم التركيز الإداري" .

المطلب الثاني عدم التركيز الإداري ( اللاتمركز)
لقد دأب فقهاء القانون على اعتبار أسلوب اللاتركيز أداة من أدوات تخفيف وطأة النمو المركزي في التدبير ،فاللاتمركز الإداري يعد أسلوبا من أساليب التنظيم الإداري ،يقضي بتوزيع السلطات الإدارية بين الحكومة المركزية وممثليها على الصعيد المحلي بحيث تمنح لهؤلاء بعض الصلاحيات والاختصاصات والسلطات الإدارية مع بقائهم تابعين للحكومة المركزية ومعينين من قبلها دون أن يترتب على ذلك استقلالهم عنها،بحيث يبقون خاضعين لرقابة وإشراف السلطات المركزية .
ومؤدى ذلك، أنه يكون ببعض الموظفين التابعين للوزير سلطة اتخاذ بعض الأعمال والقرارات، والبث فيها نهائيا دون حاجة إلى طلب المصادقة عليها من طرف الوزير قبل الشروع في تنفيذها .ومن الجانب المالي لا تتوفر الاتركيز الإداري على ميزانية خاصة بها بل ترتبط بميزانية الدولة،وقد تتلقى مصالح اللاتركيز الإداري مسؤولية الأمر بالصرف في بعض الأمور الثانوية فتأخذ صفة آمر بالصرف مساعدا .ويتم تحويل الصلاحيات والاختصاصات من السلطات اللامركزية إلى سلطات اللاتركيز الإداري عن طريق التفويض الذي يأخذ شكلين :تفويض الاختصاص ،وتفويض التوقيع،مما يترتب عنه أن تصبح هيئات اللاتركيز الإداري تتمتع باستقلال نسبي .
وقبل التطرق على هذين الشكلين من التفويض لا بد من أن نتعرض لشروط التفويض ثم أنواعه فآثاره.
أ ـ شروط التفويض
*الشروط الموضوعية للتفويض : وتتجلى في شرطين أساسين هما:
- وجوب وجود نص قانوني يجيز التفويض، وذلك بمقتضى المبادئ الدستورية أو القوانين العادية أو المراسيم التنظيمية.
+ المبادئ الدستورية، مثل ما جاء في الفصل 64 من الدستور المغربي المراجع سنة 1996 الذي يقضي بأن [ للوزير الأول الحق في تفويض بعض سلطه للوزراء].
+ القوانين العادية، مثل ما جاء به الظهير الشريف رقم 15.71.1 بتاريخ 8 أبريل 1971 الخاص بالتفويض في السلطة، والذي يسند إلى الوزير الأول:
>التفويض في القيام باختصاصات معينة منصوص عليها في الفصل الأول من الظهير
> التفويض في التأشير على القرارات المحددة في الفصل الثاني من نفس الظهير
ومثل ماجاء به الظهير الشريف رقم 1.71.141 بتاريخ 24 غشت 1971 الخاص بالتفويض في سلطة التعيين، والذي يخول بمقتضى فصله الأول إلى الوزير الأول وإلى الوزراء ورؤساء الإدارات التفويض في التعيين في المناصب التابعة لسلطاتهم بموجب المقتضيات المعمول بها.
-أن يصدر قرار إداري يقضي بالتفويض:لأنه بمقتضى ذلك القرار يتمكن صاحب السلطة الأصلية من التعبير عن إرادته في التفويض على غيره حتى يلتزم هذا الغير بعمل أو بالامتناع عن عمل، فيحقق ذلك القرار أثرا قانونيا تجاه الطرفين. .
* ـ الشروط الشكلية للتفويض : وهي أيضا تتكون من عنصرين
و تعد ضرورية لأنها تكمل الشروط الموضوعية، وهي على التوالي:شكل قرار التفويض في ذاته، ثم العلم بقرار التفويض عن طريق نشره .فشكل قرار التفويض ،يقصد به الصورة الخارجية التي تحتم القوانين والمراسيم أن يفرغ فيها قرار التفويض،أما نشره فهي عملية مادية تقتضي وضع القرار في دائرة التنفيذ ،وليكون من يهمه الأمر على علم به ، والمسلم به أنه إذا نص القانون على طريقة معينة في النشر وجب على الإدارة إتباع هذه الطريقة.
ب ـ أنواع التفويض:
1 ـتفويض الاختصاص: يقصد بهذا التفويض أن يعهد صاحب الاختصاص بممارسة جانب من اختصاصه سواء في مسألة معينة أو في نوع معين من المسائل إلى فرد آخر أو سلطة أخرى طبقا لما تقتضيه الأوضاع القانونية.
2 ـ تفويض التوقيع: يقتصر دوره على مجرد توقيع المفوض إليه أو إمضاؤه على بعض القرارات الداخلة في اختصاص السلطات الأصلية ولحسابها وتحت مراقبتها،فهو مجرد عمل مادي ،حيث يوقع المفوض إليه على وثيقة سبق أن أعدتها السلطة الأصلية المختصة. .
ج ـ آثار التفويض:
بالنسبة للمفوض: أن يتعلق التفويض بالسلطات والاختصاصات التي يملكها وفي الحدود المسموح بها قانونا.
- إذا حدد النص الذي يجيز التفويض من يفوض إليهم بأسمائهم أو صفاتهم تعين على السلطة الأصلية أن يكون قرارها بالتفويض لهؤلاء الأشخاص دون غيرهم.
- إذا حدد النص الذي يجيز التفويض ترتيبا معينا للأشخاص الذين يجوز التفويض إليهم وجب على المفوض احترام هذا الترتيب، وإلا اتسم قراره بعدم المشروعية.
إذا حدد النص الذي يجيز التفويض التزاما على جانب السلطة الأصلية باستخدام إمكانية التفويض في حالة معينة كأن يتعلق استخدامه بناء على طلب سلطة معينة،فإنه يتعين على السلطة الأصلية استخدام إمكانية التفويض متى طلبت منه الجهة المعينة ذلك.
ويمكن للسلطة الأصلية العدول في أي وقت من الأوقات عن التفويض لا لشيء سوى لأنها صاحبة الاختصاص الأصلي،ولأن اختصاصات المفوض إليه في هذا المجال هي اختصاصات مؤقتة يجوز إلغاؤها .
بالنسبة للمفوض له: فيجب عليه احترام التفويض والعمل بمقتضاه،وإذا امتنع عن ممارسة التفويض الممنوح له صراحة أو ضمنا ،فإن هذا الامتناع يعتبر مخالفة تأديبية وتجوز مساءلته وتوقيع الجزاء عليه ،وفي حالة قيامه بالاختصاصات المفوضة إليه ،فإنه يتحمل كافة الآثار المترتبة على قراراته.وإذا حدد قرار التفويض النطاق الزمني أو المكاني لممارسة الاختصاصات المفوضة إليه أو وضعت له قيودا أو توجيهات معينة فإنه وجب عليه احترامها وعدم تجاوزها.
وقبل التطرق لمزايا وعيوب المركزية الإدارية لا بد من ذكر بعض مزايا وعيوب اللاتركيز الإداري،وذلك في ملحق خاص بهما.
أ ـ مزايا اللاتركيز الإداري: يمتاز بما يلي:
- إنه يسمح للسلطة المحلية أن تتخذ القرارات المستعجلة التي تتطلبها الضرورات المحلية دون الرجوع إلى السلطة المركزية.
- إنه يجعل الممثلين في حالة ممارسة الاختصاصات المحلية خاضعين للسلطة الرئاسية للنظام المركزي وهذا الخضوع يتجلى في احتفاظ السلطة المركزية بسلطة إصدار التعليمات وحقها في تعديل وإلغاء قرارات السلطة المحلية وحقها في أن تحل محلها.
ب ـ عيوب اللاتركيز الإداري: وتتجلى في ما يلي:
- ممثل السلطة المركزية قد يجهل المشاكل المحلية، مما يسبب له صعوبة بالغة في تسيير عمل الإدارة المحلية.
- تعيين ممثل السلطة المحلية قد لا يكون ديمقراطيا في كثير من الحالات .

المطلب الثالث: تقدير المركزية الإدارية

1 مزايا المركزية الإدارية
- تقوية السلطة العمومية، وتسهيل نشر نفوذ الحكومة وهيبتها، ومن ثم كانت المركزية الإدارية ضرورية للدول الحديثة من حيث نشأتها.
- إشراف الحكومة على المرافق العمومية في جميع الأقاليم ،يؤدي إلى العدالة والمساواة أمام الخدمات التي تقوم بها السلطة المركزية بإمكانياتها الكبيرة من الناحية المالية والفنية تستطيع أن تكفل أداء المرافق العمومية لخدماتها على أتم وجه عن طريق تنظيمها تنظيما موحدا ،وإخضاعها لإشراف دقيق نتيجة للسلطة الرئاسية.
- وبالنظر إلى وحدة المصدر الذي تنبثق منه السلطة المركزية، فإن هذا النظام يحقق تجانس النظم الإدارية في الدولة كلها.ولهذا أهمية لا تنكر ، إذ يسهل على الموظفين الإحاطة بتلك النظم،وبالتالي يحسنون تنفيذها ،كما أن المواطنين يفهمونها بسهولة.
- قيل أن المركزية الإدارية تؤدي إلى الإقلال من النفقات العامة إلى أقصى حد ممكن نظرا لوحدة مصدر النفقات والرقابة الدقيقة الموحدة المسلطة عليها.
- وبالنظر لما تتوفر عليه السلطة المركزية من إمكانيات كبيرة ماديا وفنيا،فهي تقوم بإنجازات ضخمة ومختلفة تعجز عنها ، الهيئات اللامركزية ذات القدرات المحدودة .
ثم هناك ايضا بعض المزايا مثل:
- الحاجة إلى التوجيه الأمثل للموارد الوطنية.
- الاحتياجات الكبيرة للمشروعات الحكومية.
- رغبات معظم المواطنين المتعلمين بالعمل في العاصمة.
- تخلف المناطق الريفية والبعيدة في بعض الدول بالمقارنة مع العاصمة.

- صعوبة وسائل الاتصال في كثير من الدول .
- إن المركزية تعمل على توحيد وتشابه النظم الإدارية في جميع أقاليم ومرافق الدولة الشيء الذي يقوي من وحدة الدولة .
2 ـ عيوب المركزية الإدارية
- إن المبالغة في المركزية عادة ما تؤدي إلى تعطيل الأعمال والإصرار على هذه المبالغة قد تؤدي بالعمل الإداري ذاته إلى الروتين ، إذ أن المرحلة التي يقطعها القرار من أسفل إلى أعلى التنظيم بحثا عن "التصديق " يكون على حساب الكفاءة والكلفة.
- إن المبالغة في المركزية عادة ما تؤدي إلى ضعف التخطيط والتنسيق ذلك أن ارتفاع القرارات التفصيلية في السلم الإداري يعطل وقت الإداريين بقضايا تفصيلية ويؤدي إلى إغراقهم في الأعمال التنفيذية على حساب الإدارة الشاملة والتخطيط والتنسيق الكلي .
- إن المركزية المتشددة تؤدي إلى ضياع الفروع المختلفة للوزارات في السعي للحصول على الموافقات والموارد المالية اللازمة.
- إن المركزية المشددة تؤدي إلى تجاهل الحاجيات المحلية وعدم أخذها بعين الاعتبار مما يضعف قرارات الجهاز الإداري وخططه التنفيذية .
- إن تقوية السلطة المركزية يؤدي إلى تقوية الحكم المطلق وطغيان الاستبداد داخل الدولة .
- ونظرا لبعد الأقاليم عن العاصمة فإن اتخاذ السلطة المركزية لبعض القرارات قد يجعل هذه الأخيرة غير ملائمة لمواجهة الاحتياجات المحلية .
- إن استئثار العاصمة والمدن الكبرى بمعظم المرافق والمقاولات العمومية يجعل المناطق النائية تعاني من عدم تجانس النمو الاجتماعي والاقتصادي في الدولة الواحدة .
وهكذا وبالرغم من كل هذه العيوب فلا يمكن تصور دولة حديثة من دون مركزية إدارية،إلا أن جعل النظام الإداري كله مركزيا لا سميا بالنسبة للمرافق الإقليمية هو الذي يعيب المركزية الإدارية لذلك قامت اللامركزية كسبب فعال للتخفيف من أعباء الحكومة المركزية .

التقييم

في هذا المبحث تكلمنا عن صور المركزية الإدارية وقلنا أن هذه الأخيرة تنقسم إلى قسمين: التركيز الإداري، وعدم التركيز الإداري.

فالتركيز الإداري يقصد به حصر جميع السلطات الإدارية في أيدي الحكومة المركزية بالعاصمة، فلا يترك للوحدات الإدارية الأخرى في باقي الأقاليم سلطة البث النهائي في بعض الأمور بعيدا عن السلطة المركزية ويقتصر دور فروع الهيئات اللامركزية على التحضير والإعداد والتنفيذ فقط .

بينما نقصد بعدم التركيز الإداري بأنه أسلوب يقتضي توزيع السلطات الإدارية بين الحكومة المركزية وممثليها على الصعيد المحلي ،بحيث تمنح لهؤلاء بعض الصلاحيات والاختصاصات مع بقائهم تابعين للحكومة المركزية ، فهي تعتبر أداة من أدوات التخفيف على نظام التركيز الإداري . يعني أن هذا النظام يسمح لبعض الموظفين التابعين للوزارة باتخاذ بعض القرارات والبث فيها نهائيا،دون حاجة للرجوع للوزير المعني ويتم تطبيق هذا النظام عن طريق التفويض الذي يأخذ شكلين :تفويض الاختصاص وتفويض التوقيع،وأن هذا التفويض يقوم أيضا على شروط فهناك شروط موضوعية وشروط شكلية ثم ذكرنا بعد ذلك مزايا اللاتركيز الإداري وعيوبه .

وفي الأخير تحدثنا عن تقدير المركزية الإدارية وقلنا أن لها مزايا عديدة،من بينها أنها تقوي السلطة العمومية والحكومة ، أنها تشع العدالة والمساواة بين الأفراد أمام الخدمات التي تقدمها لهم السلطة المركزية ، وأنها تقلل من النفقات العامة ولها أيضا بالإضافة إلى هذه المزايا عيوب عدة من بينها أن المركزية، عادة ما تؤدي إلى تعطيل الأعمال والروتين ،ان المركزية الإدارية تؤدي إلى تجاهل الحاجيات المحلية وعدم أخذها بعين الاعتبار، وأنها أيضا تؤدي إلى الطغيان والاستبداد...

ونحن في اعتقادنا المتواضع أن الضغط الذي خلقته المركزية مع التركيز الإداري أو المركزية (المتشددة) قد خففه نوعا ما اللاتركيز الإداري أو (عدم التركيز).بحيث أنه خول لبعض المصالح أو المندوبيات المحلية اتخاذ بعض القرارات والتدابير دون اللجوء للسلطة المركزية بالعاصمة (الحكومة)

الفصل الثاني:المركزية في التنظيم الإداري المغربي

تعتبر الإدارة المركزية كممثلة لإدارة الدولة المحرك الرئيسي لتدبير الشأن العام، ويتولى هذه الوظيفة الأساسية في الدولة السلطات الأساسية فيها وهي المؤسسة الملكية، والحكومة، وممثلي المصالح الخارجية للوزارات، .
ولقد تبين من خلال تتبع مسار تاريخ النظام الملكي على اعتبار الملك السلطة الإدارية الأولى بالمغرب ، وذلك سواء قبل عهد الاستقلال أو بعده حيث أنه منذ صدور أول دستور سنة 1962 إلى آخر دستور سنة 1996 ،نجد أن تنظيم السلطة المركزية قد ارتكزت على المؤسسة الملكية باعتبارها الركيزة الإدارية الأولى لهذا فالملك قد احتل مكانة مرموقة داخل جهاز الدولة لاسيما إزاء السلطة التنفيذية التي تتكون من الوزير الأول وباقي الوزراء .
المبحث الأول: المؤسسة الملكية
إن الدساتير المغربية قد أضفت على المؤسسة الملكية طابعا خاصا جعل الملك يحتل مركزا إداريا وسياسيا مرموقا داخل النظام الإداري المغربي .
ويمارس اختصاصات واسعة اتجاه الأجهزة الإدارية والقضائية ،وهو تقليد دستوري غير مألوف في البلدان الديمقراطية النيابية .ويتبين هذا من خلال الفصل التاسع عشر من دستور 13 شتنبر 1996 حيث جاء فيه ما يلي : "الملك أمير المؤمنين و الممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها وهو حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور،وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات والضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة"
المطلب الأول:اختصاصات جلالة الملك في المجال الإداري
استنادا إلى مقتضيات الدستور المغربي المراجع في 13 شتنبر1996 خاصة (الفصل19 إلى الفصل 35 ) أن جلالة الملك سلطة عليا تسمو على السلط التقليدية الثلاث ،التنفيذية والتشريعية والقضائية. .
ولصاحب الجلالة اختصاصات هامة في المجال الإداري وفق أحكام الدستور باعتباره رئيسا للدولة، حيث يصدر مراسيم تنظيمية وقرارات إداريا في شكل ظهائر شريفة وعليه فجلالة الملك يمارس هذه الاختصاصات :
- تعيين الوزير الأول وباقي أعضاء الحكومة وإعفائهم باقتراح من الوزير الأول (الفصل 24 من الدستور) .
- إعفاء الحكومة بمبادرة منه أو بناء على استقالتها .(الفقرة2 من الفصل 24 ).
- رئاسة المجلس الوزاري (الفصل 25 من الدستور).والمشاركة والإشراف على دراسة الشؤون التالية قبل البث فيها (الفصل 66 من الدستور) :
+ القضايا التي تهم السياسة العامة للدولة .
- الإعلان عن حالة الحصار
- إشهار الحرب .
- طلب الثقة من مجلس النواب قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها
- مشاريع القوانين قبل إيداعها بمكتب مجلسي البرلمان
+ المراسيم التنظيمية :
- المراسيم الخاصة بافتتاح الدورة الأولى للبرلمان، أو اختتام الدورة الاستثنائية أو دعوة البرلمان لعقدها أو المراسيم التفويضية أو المراسيم التشريعية المتخذة في بين دورات انعقاد البرلمان بتعاون مع اللجان البرلمانية المعنية
- مشروع المخطط
- مشروع مراجعة الدستور
- التعيين في الوظائف المدنية والعسكرية،وتفويض لغيره ممارسة هذا الحق (ف.30 من الدستور) .
- تعيين القضاة باقتراح من المجلس الأعلى للقضاء ( ف.84 ).
- القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية (ف.30 ).
- اعتماد السفراء لدى الدول الأجنبية، والمنظمات الدولية،ولديه يعتمد السفراء وممثلو المنظمات الدولية(ف.31).
- الإعلان عن حالة الحصار لمدة 30 يوما (ف 49 ).
- إشهار الحرب بعد إحاطة مجلس النواب بذلك (ف.74 ) .
- " يمكن للملك أن يعلن عن حالة الاستثناء بظهير شريف بعد استشارة ( رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الدستوري ) وتوجيه خطاب إلى الأمة،ويخول بذلك على الرغم من جميع النصوص المخالفة صلاحية اتخاذ جميع الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن حوزة الوطن ويقتضيها رجوع المؤسسات الدستورية لسيرها العادي أو يتطلبها تسيير شؤون الدولة..." .(ف 35) .
ثم أن الإشراف على ممارسة السلطة التنظيمية حيث أن إذا كان دستور 1996 يسند ممارسة هذه السلطة للوزير الأول فهذا لا يعني انعدام إشراف جلالة الملك على ممارسة هذه السلطة إذ أن رئاسة جلالة الملك للمجلس الوزاري الذي تعرض عليه إلزاميا المراسيم التنظيمية تؤدي إلى خضوع ممارسة هذه السلطة لإشراف جلالته. .
ويظهر من خلال هذه الاختصاصات ما يلي:
أولا : أن دور الملك يكتسي أهمية قصوى في المجال التنفيذي وذلك باعتباره هو الذي يعين أعضاء الحكومة(الوزير الأول والوزراء ) الذين يعدون مسؤولون أمامه ،كما أنه يرأس المجلس الوزاري حيث أنه من خلال هذا الاختصاص يمكن له المراقبة والتوجيه والإشراف على كل القضايا والأمور التي تدخل ضمن مجال السلطة التنفيذية.كما يكون على علم بنشاط الحكومة في مختلف المجالات وتوجيه أعمالها وإعطاء الأوامر اللازمة لأعضائها.
ثانيا:يتولى الملك التعيين في الوظائف المدنية والعسكرية السامية،كما، أن له الصلاحية في تفويض لغيره ممارسة هذا الحق،وقد خص ظهير 17 يوليوز1972 بالتعيين الملكي للموظفين الذين يزاولون مناصب سامية،وهذه المناصب إما أن تنص عليها نصوص خاصة أو يحددها الظهير السالف الذكر الذي يتضمن لائحة بأسماء الوظائف العليا كالكتاب العمين للوزارة والمفتش العام للمالية وولاة وعمال الأقاليم ومديرو المؤسسات العمومية .
ويظهر من خلال هذا الاختصاص مدى معرفة جلالته لكل الموظفين السامين العاملين بجميع المصالح الإدارية التابعة لمختلف الوزارات.
ثالثا.:إن الاختصاص الملكي في المجال الإداري يعد قابلا للإمتداد ،وذلك انطلاقا من الفصل 19 من دستور 13 شتمبر 1996 الذي يعتبر الملك بصفة خاصة حاميا للحقوق والحريات حيث يجوز له إحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان،والمجلس الوطني للشباب والمستقبل وذلك بمقتضى ظهيرين شريفين صادرين في ماي 1990 وماي 1991 كما أن نفس القاعدة تطبق على تنظيم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، حيث تنظم بظهير استنادا إلى الفصل 19 من نفس الدستور الذي يعتبر الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الدين
المطلب الثاني: اختصاصات جلالة الملك في المجال القضائي

إن اختصاصات جلالة الملك في مجال القضاء يتجلى فيما يلي:
- هو الذي يرأس المجلس الأعلى للقضاء ( ف 86 من الدستور).
- يعين القضاة بظهير شريف باقتراح من المجلس الأعلى ( ف 33 د).
- الأحكام تصدر وتنفذ باسمه ( ف 83 .د).
-يمارس حق العفو (ف .34 .د).
-يعين رئيس المحكمة العليا بظهير (ف 91 .د).
- يعين ستة أعضاء بالمجلس الدستوري لمدة تسع سنوات،ورئيس المجلس الدستوري لنفس المدة ( ف.79 من الدستور).
ويستنتج مما سبق،أن سلطات جلالة الملك في المجال القضائي مهمة وتجسد تقليدا نهجه المغرب منذ تأسيس الدولة،والمستمد من المبادئ العامة للفكر السياسي الإسلامي المتبني لوحدة السلطة أي المزج بين السلطات ،وعدم الفصل الدقيق بينها ،حيث الخليفة على رأس الأمة الإسلامية يحظى بمكانة استثنائية ومتميزة .
ولقد تطرق منظرو الفكر الإسلامي لخاصية تركيز السلطة ،من أبرزهم "أبو الحسن الماوردي" الذي أشار في مؤلفه الشهير { الأحكام السلطانية } إلى أن الإمام عليه "...أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفح الأحوال لينهض بسياسة الأمة،وحراسة الملة ولا يعول على التفويض شاغلا بلذة أو بعبادة،فقد يخون الأمين ويغش الناصح".وقد وردت هذه الفكرة بوضوح عند عبد الرحمان بن خلدون ،إذ يقول: " فاعلم أن الخطط الدينية الشرعية من الصلاة والفتاوى والقضاء والجهاد والحسبة ،كلها مندرجة تحت الإمامة الكبرى التي هي الخلافة فكأنها الإمام الكبير والأصل الجامع وهذه كلها متفرعة عنها وداخلة فيها لعموم نظر الخلافة وتصرفها في سائر أحوال الملة الدينية والدنيوية وتنفيذ أحكام الشرع فيها على العموم..." .هذا الطرح ينطبق كذلك على السلطة القضائية، إذ بناء عليه يبقى الملك باعتباره القاضي الأول الذي ترجع إليه الأمور،على أساس أن القضاة يمارسون مهامهم باسمه انطلاقا من مبدأ التفويض الذي ميز أسلوب ممارسة القضاء في المغرب منذ عصور سابقة، والتي عرفت بروز دور السلطان في هذا المجال،حيث إنه سجل بأن الوثائق التاريخية تؤكد أنه خلال المرحلة السابقة لعهد الحماية كان يتدخل السلطان بنفسه في حل بعض المنازعات،سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة،وذلك كأن ترفع إليه القضايا لأن يفصل فيها أو يطلب منه إملاء الحل الذي يجب تطبيقه فيها حيث يرجع إلى هذا الأسلوب الأخير عندما يتعذر على القاضي أو من قوم مقامه فض النزاع المطروح.
وهكذا نلاحظ أن صياغة الفصل 83 من الدستور ،ترمي إلى الحفاظ على أحد المبادئ الأساسية التي عرفها الفكر السياسي الإسلامي ،أي اسلوب التفويض ،وذلك في محاولة تكييفه مع المبادئ الحديثة التي ظهرت مع الفكر السياسي المعاصر .

المطلب الثالث: إشكالية الطبيعة القانونية للقرارات الملكية
يلاحظ مما سبق ذكره أعلاه أن الدستور المغربي يخول لجلالة الملك سلطات اتخاذ القرارات في مجالات اختصاص السلطة التنفيذية ، وأن هذه القرارات تصدر في شكل ظهائر تشريعية يتسم مضمونها بالطابع الإداري المحض .وإذا كانت اختصاصات جلالة الملك في المجال الإداري تنطوي على إصدار ظهائر تتعلق بقرارات ذات طابع فردي ،فإن الإشكال الذي يطرح حول تحديد الطبيعة القانونية لهذه القرارات ،أي البحث عن ما إذا كانت الظهائر الملكية في المجال الإداري تشبه القرارات الإدارية أم أنها تختلف عنها ؟
قبل الإجابة عن هذه الأسئلة تجدر الإشارة في هذا المجال أنه في عهد الحماية الفرنسية،حاول القضاء الفرنسي بالمغرب تبني قاعدة تعتد بالتمييز بين الظهائر بمثابة قانون،والظهائر بمثابة مراسيم،الأولى تشمل قواعد عامة ومجردة وتنفرد بخصوصية القانون أو القاعدة التشريعية ،في حين تحتوي الثانية ،تدابير وإجراءات فردية تسري على حالات خاصة وتعتبر إدارية.وجسد واقعيا هذا التفسير حكم محكمة الاستئناف بالرباط في قضية جماعة تامسكلفت ضد ماريوس كازيسحيث أكدت محكمة النقض الفرنسية على ضرورة الالتزام بهذا التمييز،مؤكدة أن ظهير المصادقة على عقد أبرم بين الدولة وأحد الخواص لا يمكن إدخاله ضمن القواعد التشريعية.
أما مجلس الدولة الفرنسي فقد قضى بعدم قبول الدعاوي المرفوعة ضد الظهائر التي تهم النظام الخاص بالموظفين الفرنسيين بالمغرب،واعتمد حلا لا يميز بين الظهائر الملكية مؤكدا أن لها صفة تشريعية على الرغم من كون القرارات موضوع الدعاوى كانت ذات طبيعة إدارية ،وهو نفس التوجه الذي سار وفقه مجلس الدولة في قضية سيردا في24 يونيو 1936
وللإجابة عن الأسئلة السابقة فقد حسمت في هذا الموضوع الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى من خلال إصدارها للعديد من القرارات حول مجموعة من الطعون التي عرضت عليها،وندرج في هذا الصدد الحكم الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء في 12 محرم 1390 الموافق لـ 20 مارس 1970 في قضية الملك الفلاحي لمزرعة عبد العزيز ، حيث قضى المجلس بأن جلالة الملك يمارس اختصاصاته الدستورية بوصفه أمير للمؤمنين طبقا للفصل 19 من الدستور ولا يمكن اعتباره سلطة إدارية .
وعليه فالغرفة الإدارية للمجلس الأعلى رفضت تشبيه القرارات الملكية ذات الطابع الإداري بالقرارات الإدارية العادية ،وتبنت مبدأ عدم إخضاعها لرقابة القضاء.
فلمر يتعلق بطلب الشركة الفلاحية عبد العزيز إلغاء المرسوم الملكي الصادر في 11 يونيو 1968 بسبب الشطط في استعمال السلطة ، والموقع من طرف الوزير الأول إذ ذاك ،الذي يصادق على عملية ضم الأراضي الزراعية إلى بعضها .
ومنذ صدور هذا الحكم، أثير نقاش بين فقهاء القانون الإداري وبين القضاة حول مدى المراقبة القضائية للقرارات الملكية المتخذة في المجال الإداري حيث استقر العمل القضائي على ما يلي:
أولا: إن الملك الذي يمارس اختصاصاته الدستورية بوصفه امير للمؤمنين وضامن دوام الدولة واستمرارها لا يمكن اعتباره سلطة إدارية بالنسبة للفصل الأول من الظهير المنظم للمجلس الأعلى للقضاء الصادر في 27 شتنبر 1957 والفصل 353 من قانون المسطرة المدنية ،والباب الثلث من القانون رقم 41ـ90 المنظم للمحاكم الإدارية ،المنظم لمسطرة طلب إلغاء الشطط في استعمال السلطة ضد القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية .
ثانيا: إن الأحكام تصدر باسم جلالة الملك، وبذلك فإن أمير المؤمنين هو الذي يتولى السلطة القضائية بصفة خفية وإن كان القضاة هم الذين يمارسونها فإن ذلك يتم بتفويض منه وبالتالي لا يمكن لهم مراقبة أعمال القاضي الأسمى ،ولقد استقر الاجتهاد القضائي منذ تلك الفترة على هذه القواعد (حكم عبد العزيز الزموري) 6 ، 5، 1977 وحكم أفقير المصطفى 10 ،1979 أما بالنسبة للفقه الإداري ،وذلك بالرغم من المعارضة الشديدة للأستاذ روسيه لموقف المجلس الأعلى للقضاء ،فإن الفقهاء قد استقروا خلال مناقشاتهم للإشكالية القانونية للقرارات الملكية المتخذة في المجال الإداري على ما يلي:
1 ـ أن اختصاصات جلالة الملك الأساسية تفرض الحصانة على القرارات الإدارية حيث يصعب عدم اعتبارها سلطة إدارية عندما يتخذ مثل هذه القرارات ويمكن اعتبار جلالة الملك أكثر من سلطة إدارية "الممثل الأسمى للأمة" حيث يعتبر في هذه الوضعية القاضي الأعلى ،وهو الذي يسهر على سير السلطات ،وخاصة السلطة القضائية التي تستمد اختصاصاتها عن طريق التفويض .
2 ـ كما أن هناك من اعتبر أن المحكمة عملت على تقييم حكمها على أساس نظرية أعمال السيادة و هي تلك الأعمال التي تفلت من مراقبة القضايا
3 وهناك من يعتبر القرارات الملكية في المجال الإداري لا تخضع لرقابة القضايا إذ تنبثق من روح الفصل 19 من الدستور الذي وضع الإطار العام لاختصاصات جلالة الملك انطلاقا من السلطة التقديرية التي يتمتع بها جلالة الملك في المجال الإداري و بالتالي فرقابة القضايا لاتمتد إلى السلطة التقديرية لأنها تخرج عن حدود مراقبة الشرعية
إلا انه يمكن إعادة النظر في هده القرارات عن طريق التماس إعادة النظر بمعنى إمكانية المضرور من هده القرارات أن يطلب من الملك مباشرة و على سبيل الاستعطاف إعادة النظر في قراراته
تقييم
من خلال الفصل 19 من دستور 13 شتمبر 1996 الذي جاء فيه "الملك أمير المؤمنين و الممثل للأمة ورمز وحدتها و ضامن دوام الدولة واستمرارها و هو حامي حمى الدين و الساهر على احترام الدستور وله صيانة حقوق وحريات المواطنين و الجماعات والهيئات و الضامن لاستقلال البلاد و حوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة " يتبين لنا أن الدستور المغربي أضفى طابعا خاصا على الملكية في المغرب و جعلها في أعلى الرتب الإدارية والسياسية و حتى القضائية باعتباره أمير المؤمنين فهو القاضي الأعلى.
ففي المطلب الأول تحدثنا عن اختصاصات جلالة الملك في المجال الإداري و أن هذه الاختصاصات تستند إلى مقتضيات الدستور المغربي لسنة 1996 الفصل 19 إلى 95 فهو سلطة عليا تسمو على كل السلطات التقليدية الثلاث و ذكرنا مجموعة من الاختصاصات التي يتميز بها جلالة الملك في المغرب سواء في القضايا التي تهم السياسة العامة للدولة مثل الإعلان عن حالة الحصار و إشهار الحرب أو فيما يتعلق بالمراسيم التنظيمية مثل المراسيم الخاصة بافتتاح الدورة الأولى للبرلمان أو اختتام الدورة الاستثنائية أو دعوة البرلمان لعقدها و مشروع مراجعة الدستور
وفي المطلب الثاني ذكرنا اختصاصات جلالة الملك في المجال القضائي و قلنا بأن هذه الاختصاصات هي أيضا من مقتضيات الدستور المغربي الفصل 19 بوصفه أمير للمؤمنين و حامي حمى الدين مثل رئاسة المجلس الأعلى للقضاء تعيين القضاة بظهير شريف صدور الأحكام و تنفيذها باسمه و قلنا بان هذه الاختصاصات هي أيضا مستمدة من مبادئ الفكر السياسي الإسلامي المتبني لوحدة السلطة فلهذا يعتبر الملك القاضي الأول و أن سائر القضاة يمارسون مهامهم باسمه انطلاقا من مبدأ التفويض الذي يميز أسلوب ممارسة القضاء المغرب .
بينما في المطلب الثالث تطرقنا لإشكالية الطبيعة القانونية للقرارات الملكية فمعلوم أن جلالة الملك يمارس صلاحياته أو اختصاصاته عن طريق الظهائر الشريفة و الإشكال الذي يطرح هو: هل هذه الظواهر الملكية تشبه القرارات الإدارية العادية ؟ أم أنها تختلف عنها ؟ و هل هذه الظواهر تخضع للرقابة القضائية ؟ .وقد تجلت هذه الإشكالية من خلال العديد من القضايا منها ما هو في عهد الحماية مثل قضية جماعة تامسكلفت ضد ماريوس كازيس حيث أكدت محكمة النقض الفرنسية على ضرورة التزام هذا التمييز .ومجلس الدولة الفرنسي قضى بعدم قبول الدعاوي المرفوعة ضد الظهائر التي تهم النظام الخاص بالموظفين الفرنسيين بالمغرب ،وأيضا في قضية سيردا في 24 يونيو 1936 ،وبعد الحماية ،فإن ابرز قضية تجلت فيها هذه الإشكالية هي قضية عبد العزيز الزموري ،حيث قضى المجلس الأعلى للقضاء (الغرفة الإدرية) برفض تشبيه القرارات الملكية ذات الطابع الإداري بالقرارات الإدارية العادية وتبنت مبدأ عدم إخضاعها لرقابة القضاء ،وهذا بالرغم من المعارضة الشديدة كالفقيه الأستاذ ميشال روسي لقرار المجلس الأعلى للقضاء.
وهكذا يتبين لنا أن جلالة الملك يمارس اختصاصاته بوصفه أمير المؤمنين ولا يمكن اعتباره سلطة إدارية بالنسبة للفصل الأول من الظهير المنظم للمجلس الأعلى للقضاء، ثم أن الأحكام تصدر باسمه وبالتالي لا يمكن مراقبة أعمال القاضي الأعلى.
وفي اعتقادي المتواضع ،فإن الطلب الاستعطافي لإعادة النظر في القرارات الملكية غير كافي،فقد لا يأخذ بعين الاعتبار ،ذلك أن الطلب الاستعطافي ،وقد يتمادى القرار في تعسفه وقد لا يصل أصلا إلى جلالة الملك نظرا للعراقيل الروتينية التي يمر منها الطلب وقد يطاله النسيان فلا يصل إلى جلالته .لهذا أرى أن القرارات الملكية يجب أن تخضع للرقابة القضائية لكونها قرارات تحتمل الخطأ أو الصواب وباعتبارها صادرة عن إنسان من شيمته الخطأ أو النسيان.

المبحث الثاني:أعضاء الحكومة
تتألف الحكومة من الوزير الأول والوزراء(ف.59 .د) وتعين من قبل جلالة الملك وهي مسؤولة أمام جلالته وأمام البرلمان بمجلسيه،مجلس النواب والمستشارين ( ف.60 .د )،ولجلالة الملك كذلك الحق دستوريا في إعفائهم فرادى من مهامهم أو إعفاء الحكومة برمتها بمبادرة منه أو بناء على استقالتها،وبعد تعيين أعضاء الحكومة فإنه يتعين على الوزير الأول التقدم أمام كل من مجلسي البرلمان ليعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه ،وينبغي أن يتضمن البرنامج الخطوط العريضة أو الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجالات النشاط الوطني ،وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخارجية.
وتتم مناقشة البرنامج الحكومي في كل من مجلسي البرلمان وكذا التصويت عليه تبعا لنظامهما الداخلي.وتعمل الحكومة بالأساس على تنفيذ القوانين تحت مسؤولية الوزير الأول (ف.61 د)لذلك فإن الدستور قد جعل الإدارة رهن تصرفها ،في إصدار كثير من القرارات التنظيمية والفردية اللازمة لإدارة مرافق الدولة وتحقيق الخير العام وفقا للقواعد العامة.
ويخضع أعضاء الحكومة للمسؤولية الجنائية عما يرتكبوه من جنايات وجنح أثناء ممارستهم لمهامهم ،ويقوم كل من مجلسي البرلمان في حدود اختصاصاته بدور هام اتجاه أعضاء الحكومة إذ يوجه التهمة إليهم ليحالوا وفق الإجراءات القانونية على محكمة خاصة تسمى المحكمة العليا ونظرا للدور البالغ الأهمية الملقى على عاتق الحكومة فإنها تعمل على تنظيم شؤونها عن طريق المجلس الوزاري الذي يتولى جلالة الملك رئاسته باعتباره رئيس السلطة التنفيذية ،ويحضر جميع الوزراء وكذا كتاب الدولة ونوابهم وخاصة عندما تكون المسائل المتناولة في المجلس تدخل في اختصاصاتهم (ف66 ).
كما أن الحكومة تعمل على التنسيق والتعاون بين أعضائها عن طريق مجلسها الذي يسمى مجلس الحكومة والذي يضم أعضاء الحكومة برئاسة الوزير الأول والذي يعقد اجتماعاته مرة في الأسبوع غير أن اتساع نطاق مشاغل الحكومة وتشعبها استوجب إحداث تشكيلات حكومية مصغرة ومتخصصة في دراسة مسائل تهم بعض الوزارات فقط ،ويتعلق الأمر بمجالس مشتركة بين الوزارات تكون تارة مؤقتة وغير رسمية وتارة أخرى دائمة وقانونية .
وقبل التحدث عن الوزير الأول وباقي الوزراء فغننا سوف نشير في لمحة بسيطة إلى الأمانة العامة للحكومة ،نظرا لدورها الهام في مجال تنظيم أعمال الحكومة والتحضير للاجتماعات الحكومية ومراقبة وتتبع الأنشطة الإدارية للوزارات وأيضا اختصاصات الوزراء.
* الأمانة العامة للحكومة :
تم إنشاؤها بمقتضى ظهير 10 دجنبر 1955 ويتولى الإشراف عليها ورئاستها كاتب عام أو أمين عام يعين بظهير شريف تابع لرئيس الحكومة ،وله الحق في حضور اجتماعات ومداولات المجالس الوزارية والحكومية .ويخضع الأمين العام للحكومة للمرسوم الملكي رقم 66 856 بتاريخ 24 أكتوبر 1966 المتعلق بتخويل الأمين العام للحكومة رتبة وامتيازات الوزير .والأمانة العامة للحكومة أهم وظيفة تمارسها هي الإشراف على تنظيم وتحضير محاضر جلسات المجالس الوزارية والحكومية ،وتعمل على إرسال مقرراتها للإدارات ومختلف الوزارات والعمل على تحضير اجتماعاتها ،وتقوم كذلك بدور السكرتارية والكتابة العامة للوزارة الأولى ،وتتكلف بفحص ودراسة القضايا التي تعرض على رئيس الحكومة بصدد البث فيها. .ويتوفر الأمين العام للحكومة على ديوان يطلق عليه بديوان الأمين العام للحكومة يتم تشكيله وفق تشكيلة ديوان الوزير طالما أن للأمين العام درجة الوزير .ويساعد الأمين العام للحكومة ،أمين مساعد ،وينوب عنه في ممارسة جميع الصلاحيات إذا تغيب أو حال دون قيامه بمهامه وللأمين العام المساعد صفة نائب كاتب الدولة العضو في الحكومة.
والأمانة العامة للحكومة كانت تابعة لوزارة الشؤون الإدارية وتم إحداثها مباشرة بعد الإعلان عن حالة الاستثناء في 7 يونيو 1965 وانفصلت عنها ابتداء من 10 أكتوبر 1977 وهو تاريخ تشكيل أول حكومة منبثقة عن انتخابات تشريعية جرت في 3 يونيو 1977 وانطلاقا من 30 شتنبر 1983 ، أصبحت الأمانة العامة للحكومة مستقلة ،ويعتبر الأمين العام عضوا في الحكومة إلى جانب كاتب الدولة في الشؤون الإدارية وتتكون الأمانة العامة للحكومة من مجموعة من المصالح وفق مرسوم 29 يناير 1985 المنظم للأمانة العامة وهي كالآتي:
- مديرية الدراسات التشريعية.
- المفتشية العامة للمصالح الإدارية
- مديرية الشؤون العامة
- مديرية الجمعيات والمهن المنظمة
- مديرية الشؤون المالية والإدارية
-قسم الترجمة
- مديرية المطبعة الرسمية. .
* اختصاصات الوزراء
1 ـ الاختصاصات ذات الطابعين التنظيمي والرئاسي: إن اختصاصات الوزير في المجال التنظيمي ليس اختصاصا أصليا بل هو إما اختصاص مفوض من قبل الوزير الأول ،حيث أن الوزير الأول بمقتضى دستور 1996 هو صاحب السلطة التنظيمية ،أو اختصاص مشترك بين الوزير الأول عن طريق التوقيع عن المراسيم الحكومية المتعلقة بوزارته كما تميزه بواسطة نصوص قانونية خاصة اتخاذ التدابير العامة الضرورية لتدبير مصالح وزارته التي يشرف عليها .أما اختصاص الوزير في المجال الإداري ،فيرتبط بكون هذا الأخير يعتبر سلطة إدارية عليا داخل وزارته ،وهو بذلك يمثل السلطة التسلسلية والرئاسية لجميع العاملين بوزارته وبهذه الصفة فله سلطة التعيين والتسمية والترقية والتأديب ،كما للوزير أن يفوض بعض اختصاصاته إلى موظفي الوزارة التي يشرف عليها في حدود ما هو منصوص عليه في القانون .
2 ـ الاختصاصات ذات الطابع التدبيري والوصائي: إن صلاحيات الوزير في ميدان تسيير وتدبير أمور الوزارة التي يرأسها وبنفس الصفة فهو يعد الآمر بالصرف في حدود اختصاص وزارته ،فهذه الصفة تعطي له الحق في الإلتزام بالنفقات والحصول على الإيرادات ، وبإمكانه تفويض هذا الاختصاص إلى آمرين بالصرف ثانويين ويمكنه التوقيع والتصديق على الصفقات الحكومية وتسيير الأملاك التابعة للوزارة سواء كانت أملاكا خاصة للوزارة أو أملاكا عاما ،كما يعتبر الوزير المسؤول المباشر عن تمثيل الوزارة ،سواء أمام الغير أو أمام القضاء في حالة نزاع ،كما يطلعا الوزير باختصاص وصائي أي الوصاية على جميع المؤسسات والمرافق التابعة له وهذه الوصاية تمنح للوزير صلاحية المراقبة والتدقيق والتوجيه بالنسبة لهاته المرافق بما يتلاءم مع توجهات الوزارة والقطاع الحكومي بصفة عامة ،وفي هذا المجال يشرف على رئاسة مجالس المؤسسات العمومية أو ينوب عن الوزير في القيام بهذه المهمة .
المطلب الأول : الوزير الأول
يرأس الوزير الأول مجلس الحكومة ،ولا يشغل وزارة متخصصة إلا في حالات الضرورة القصوى ذلك أن مهمته الأساسية هي التنسيق بين الوزارات والأجهزة الإدارية وقيادة السياسة الفعلية للحكومة ، فهو يملك حق التقدم باقتراح مشاريع القوانين ، ويمارس السلطة التنظيمية كما يوقع بالعطف مع جلالة الملك على الظهائر الشريفة ما عدا بالنسبة لبعض الظهائر المستثناة بنصوص خاصة كالفصول : 21 . (الفقرة 2) ف 24 (الفقرة 1و3و4 ) ف 35 و69 و 71،79،84، 91 و105 .ويمثل الدولة أمام القضاء ،وله أن يكلف الوزير المختص عند الحاجة .
وبالإضافة إلى ذلك هناك كثير من الاختصاصات مسندة إليه بنصوص قانونية ،وبعضها سند إليه بتفويض من الملك ومن أهم الاختصاصات التي يمارسها بذاك التفويض مهام وزارة الدفاع الوطني انطلاقا من 21 غشت 1972 أو عن طريق الوصاية الإدارية على بعض المؤسسات العمومية الكبرى كالمكتب الشريف للفسفاط .كما أنه يرأس المجالس الإدارية لتلك المؤسسات ما عدا مجالس الجامعات ،ومجالس المؤسسات العمومية المحلية أو الجماعية.
والوزير الأول باعتباره رئيس الجهاز الحكومي له اختصاصات إدارية وتنظيمية واسعة ،إذ يقوم بتنسيق الأنشطة الوزارية وهو المسؤول عن تنفيذ واحترام السياسة العامة للحكومة ،وانطلاقا من سنة 1972 أصبح الممارس للسلطة التنظيمية بكيفية شبه مطلقة (ف 62) من دستور 1972 و(ف63)من دستور 1996 الذي ينص :" يمارس الوزير الأول السلطة التنظيمية ،تحمل المقررات الصادرة عن الوزير الأول التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفين بتنفيذها ".وهي مقتضيات مغايرة لمحتوى دستوري 1962 و 1970 ، فالفصل 29 من دستور 1962 أكد على :" يمارس الملك السلطة التنظيمية في الميادين المقصورة عليه بصريح نص الدستور".فيما أبقى دستور 1970 على نفس المبدأ وأضاف إليه مقتضيات جديدة ، فالملك هو الذي يمارس السلطة التنظيمية ،إلا أن للملك بظهائر تحديد المجالات التي يفوض فيها السلطة التنظيمية للوزير الأول. .وبما أن الاختصاصات المسندة إليه كثيرة ومتعددة يصعب عليه القيام بها بمفرده ،فإن الدستور قد خوله تفويض بعض سلطته إلى الوزراء ، كما أن تشكيل الحكومة بذاته بما يحتوي عليه من وزراء وكتاب الدولة المنتدبين لدى وزارته ويساعده في الإشراف على بعض المرافق الموكول إليه القيام بمهامها .
كما أنه يتوفر على ديوان، وهو جهاز مؤقت، وعلى رئاسة حكومية باعتبارها جهازا مستمرا، ويتألف ديوانه من مساعدين يختارهم بصفة شخصية، ويكون وجودهم مرتبطا أساسا برئيس الحكومة .
المطلب الثاني: باقي الوزراء
تتكون الحكومة إضافة إلى الوزير الأول من الوزراء الذين يوجدون على رأس الوزارات ،فالوزير يعتبر بمثابة سلطة إدارية ،وهذا يعني أنه يستمد من النصوص القانونية كل الاختصاصات الضرورية واللازمة لسير المصالح الإدارية التي تتكون منها وزارته ،والوزراء يأخذون عدة تسميات وتعود بالأساس إما إلى شخصهم أو إلى طبيعة المرفق الذي يشرفون عليه ،إذ هو يسمى إما وزير الدولة أو وزير تقني أو عادي أو كاتب الدولة وهذا ما سوف أتطرق إليه بالتفصيل في ما يلي:
1 ـ وزير الدولة يحتل وزير الدولة مرتبة أسمى من الوزير العادي من حيث الأسبقية في البروتوكول ومن الناحية السياسية والأدبية ،وغالبا ما يتمتع بهذا اللقب بعض الشخصيات ذوو المكانة أو الوضعية الخاصة في البلاد أو لدى صاحب الجلالة شخصيا مثل مستشاري جلالته ورؤساء الأحزاب السابقين ...إلخ.لذلك فإن هذه التسمية مرتبطة بشخص الوزير ليس بالمنصب الذي يمثله ،وهي تنتقل معه إذا ما انتقل على وزارة أخرى ، ويمكن أن تسند إلى وزير الدولة وزارة معينة ،فيتوفر على نفس المصالح والمساعدين الذين يتوفر عليهم الوزير ،ويمكن أيضا أن يستعين بكاتب الدولة ،وقد لا تسند إليه أية وزارة فيكون وزير دولة بدون وزارة .وهو ما يطلق عليه في فرنسا le ministre sans portefeuille l ،وإن كان من الجائز أن يكلف بمهمة محددة ويعامل
كأعضاء الحكومة ،ويسري عليه ما يسري على باقي الوزراء ،فله الحق في حضور اجتماعات مجلس الوزراء والتحدث باسم الحكومة ويتحمل المسؤولية السياسية والجنائية على أعماله.
وغالبا ما تفرض هذا النوع من الوزراء ظروف الحرب والأزمات، وقد تفرضه ظروف سياسية، وذلك بتعيينه كشخص ذي مكانة سامية أو كفاءة عالية في هذا المنصب للاستفادة من نفوذه أو كفاءته في الحكومة .
2 ـ الوزراء العاديون: يعهد إليهم بتدبير وتسيير لإحدى الوزارات والمرافق الخارجية التابعة لها مثلا المؤسسات العمومية ،ويتم اختيارهم تبعا لحنكتهم وكفاءتهم ،وإن كان عددهم وطريقة اختيارهم تخضع لاعتبارات سياسية ،ويحضرون بقوة القانون اجتماعات مجلس الوزراء ومجلس الحكومة .والمقتضيات الدستورية إذا كانت لا تحدد اختصاصات الوزراء فإنه وفق المبادئ العامة الجاري بها العمل يعتبرون الرؤساء الإداريون للمصالح التي يسيرونها ،وكل وزير يعمل على تدبير وتسيير الشؤون الخاصة بالمصالح الوزارية ،والوزير مختص بصفة عامة :
- بتمثيل الدولة باعتبارها شخصا معنويا ،أي أنه بإمكانه إبرام العقود والتقاضي باسم الوزارة التي يشرف على مصالحها ،والقيام بجميع التصرفات القانونية في حدود ما تنص عليه المقتضيات التشريعية والتنظيمية .
- إصدار القرارات واللوائح الخاصة بتنظيم المرافق والمصالح الوزارية .
- ممارسة جميع المهام والوظائف التي يترتب عنها في هذا المجال حق تعيين الموظفين ونقلهم وتأديبهم وترقيتهم وعزلهم وتحديد اختصاصات كل منهم وتوزيعهم على فروع ومصالح وإدارات الوزارات في العمالات والأقاليم.
- إعداد مشروع الميزانية ومشاريع القوانين .
3 ـ الوزير المنتدب : يعتبر هذا الوزير عضوا في الحكومة ، ومكلفا بمهمة محددة في مجال معين ،لأن طبيعة النشاط الموكول إليه إدارته لا تجعل منه وزارة قائمة بذاتها لذلك يبقى منتدبا لدى الوزير الأول أو لدى احد الوزراء ،وقد جعل منه وزيرا لأن منصبه يقترب كثيرا من منصب الوزير العادي ،بل يكاد يختلط به في كثير من الوجوه ،إلا أن مهمته لها طابع التخصيص بتكليفه بمهمة معينة كإدارة الدفاع الوطني ،الشؤون العامة للحكومة ،الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري.
وسال الوزير المنتدب عن أعمال وزارته ومرؤوسيه،وسياسيا، وجنائي،أم بالنسبة لقرارات الوزير المنتدب والمتسمة بعيب الشطط في استعمال السلطة ، فهي تخضع للرقابة القضائية بدعوى الإلغاء أو بدعوى التعويض أو هنا معا .ويمكن للوزير المنتدب تلقي تفويضات في الاختصاص أو الإمضاء أو التوقيع بالعطف على النصوص التي يصدرها الوزير الأول ويتم ذلك التفويض بقرارات وزارية يؤشر عليها الوزير الأول ،ويعتبر الوزراء المنتدبون في حكم الوزراء في ما يصرف لهم من أجور وتعويضات ومنافع عينية .
4 ـ كتاب الدولة : يحضون بالعضوية الكاملة في الحكومة ، ويحضرون المجالس الوزارية والحكومية كلما تضمن جدول الأعمال بهذه المجالس موضوعات تهم النشاطات الداخلة في اختصاصاتهم الحكومية، وهي في مرتبة أقل من الوزراء حيث يعتبرون في أغلب الفرضيات تابعين لهم ويمارسون اختصاصاتهم بتفويض منهم وتحت مراقبتهم وإشرافهم وقد حدد ظهير 13 دجنبر 1980 وظائف كتاب الدولة في فصله الأول " يؤازر كتاب الدولة الوزراء وينظرون بهذه الصفة تحت سلطة ومسؤولية الوزير الذين هم تابعون له في جميع المسائل التي يعهد إليهم بها سواء كانت داخلة في الميدان أو في الميادين الخاصة المسندة فيها مهمة الوزارة المذكورة إلى كتاب الدولة بمقتضى الظهير الشريف الصادر بتعيينهم أو تعلقت بميدان آخر من مجالات اختصاص الوزير".وفي جميع الحالات ،فالوزير المنتدب تابع بكيفية مباشرة للوزير الأول وقد يتولى تسيير بعض المرافق التي لم ترقى بعد إلى درجة الوزارة.
5 ـ وزير الدولة بلا وزارة : نفس لمكانة والمرتبة التي يتمتع بها وزير الدولة ،شأنه شأن الوزير لكنه لا تسند له حقيبة وزارية معينة بل يعد عضوا في الحكومة كباقي الوزراء حيث يشارك في اجتماعات المجلسين الوزاري والحكومي والسبب في تخويله هذا المنصب يعود إما إلى الرغبة في توسيع اتجاهات الحكومة أو الاستفادة من خبرة الشخص وكفاءته .
6 ـ الوزراء التقنيون : فكما تدل على ذلك تسميتهم ،فإن هذا النوع من الوزراء يتوفر على مهمة تقنية بحيث إنهم يوجدون على رأس مختلف الإدارات التي تشكل هيكل الدولة ،والتي هي مجموع المصالح المركزية والخارجية التي يوكل إليها بتنفيذ سياسة الحكومة ،كما أن عددهم يخضع لاعتبارات متعددة حيث يلتقي فيها السياسي بالإداري ومن ثم فإن النصوص التي تهم تشكيل مختلف الحكومات تختلف في الجوهر كلما غلبت هذا الجانب أو ذاك من الاعتبارات المذكورة.
المطلب الثالث: أجهزة الوزارة
أ ـ الديوان: يتكون الديوان من المساعدين المباشرين للوزير ويستفاد من التوجيهات الملكية الصادرة بتاريخ 20 أبريل 1965 أنه يجب أن يتوفر أعضاء الدواوين الوزارية شرطان: الكفاءة والمروءة ويمكن أيضا إضافة شرط آخر وهو الشرف.وتثبت الكفاءة بتكوين مدرسي وجامعي عال مكلل بإنجازات وشهادات من جهة من جهة ودراية بالشؤون العامة ينبغي احترامها عند إسناد هذه المناصب من جهة أخرى، وأخيرا بامتياز المرشح بخصال شخصية مردها إلى طبعه وخلقه وسلوكه الاجتماعي .أما الشرط الثاني وهو المروءة فيجب كذلك أن يكون ثابتا ثبوتا لا مراء فيه، ويمكن الاستناد في هذا المجال إلى المستندات و الوثائق المطلوبة عادة لنيل المناصب العمومية ،أما اختصاصات أعضاء الدواوين الوزارية فهي ليست اختصاصات إدارية بل ينحصر دورهم لدراسة وتسوية المسائل التي تصطبغ بصبغة سياسية لا تستوجب تدخل المصالح الإدارية ،وبعبارة أخرى لا تدخل في اختصاصات الديوان المسائل السياسية التي ليست لها لأي علاقة بالاختصاصات الإدارية للوزارة.
وأعضاء الديوان يجب ألا يفوق عددهم ثمانية وللوزير الحرية في تعيينهم ضمن الشروط المذكورة، أعلاه كما أنهم لا يكتسبون صفة موظف بهذه الصفة ،بمعنى أن الشخص المعين كعضو في الديوان عند انتهاء مأموريته إن كان موظفا من قبل فيرجع إلى سلكه وإدارته وإن لم يكن كذلك قبل التحاقه بالديوان فلا تبقى له أية علاقة بالوزارة.
وتبعا لذلك فإن عدد أعضاء الديوان وفق ما يقتضي به الظهير الشريف رقم 162.95.1 بتاريخ 10 أكتوبر 1995 يختلف باختلاف نوع الديوان موضوع التشكيل وذلك كما يلي:
ابحث في: القانون الاداري  موضوع: نظام المركزية الإدارية   ردود: 0  شوهد: 1805

المر كزية واللامركزية - الأربعاء ديسمبر 22, 2010 1:05 pm

المر كزية واللامركزية


هذا الموضوع جزء من رسالة مقدمة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في العلوم الإدارية
بعنوان
علاقة المركزية واللامركزية بالأداء الوظيفي
للطالب
عبد الله بن حسين عساف العساف

المبحث الأول
المركزية الإدارية
تمهيد :
يعود ظهور مصطلح المركزية الإدارية Centralization إلى عام ١٧٩٤ م حينما استعمله ساسة ورجال الثورة الفرنسية، وكان الشائع قبل ذلك لفظ تمركز أو تركز Centralize (ويعني تجمع الخدمات والوحدات الإدارية في العاصمة أو في مركز واحد وعدم توزيعها في مراكز أخرى متفرقة)، ولم يدخل اصطلاح "المركزية" في عالم اللغة إلا في سنة ١٧٧٨ م حينما أشارت إليه بعض القواميس اللغوية، وبعد ذلك بدأ في الانتشار مع كثرة استعماله في المناقشات والخلافات التي ظهرت بين فقهاء الثورة الفرنسية حول الفيدرالية والمركزية، وبعد ذلك أصبحت كلمة المركزية تستعمل في الأوساط المختلفة للدلالة على تركيز السلطة التي تفرض على الجميع من مقر واحد أو من مركز واحد دون أن يشاركها أي مركز آخر (فتح الباب، ١٩٩٣ م: ص ٤١ ).
وفي سنة ١٨٠٢ م أشار فافوه ( Faveau ) في قاموسه إلى أن كلمة المركزية تعتبر جديدة، وأنها استعملت بمعنى تركيز السلطات أي تجميعها في يد عدد صغير من الأشخاص الذين يملكون كل شيء في المجال الذي يرأسونه، (فتح الباب، ١٩٩٣ م، ص ٤١ - ٤٢ ).
أولا : عناصر المركزية الإدارية :
تقوم المركزية الإدارية على مجموعة من الأركان أو العناصر والتي يمكن إجمالها فيما يلي:
١- تركيز السلطة :
ويتمثل ذلك في استئثار الحكومة المركزية في العاصمة بكل الاختصاصات التي تخولها الوظيفة الإدارية لها، ويكون ذلك بصورة عامة على جميع أقاليم الدولة. وتركيز جميع الوظائف الإدارية في يد السلطة المركزية يعني أن يكون لها وحدها حق إصدار القرارات اللازمة، كسلطة التعيين في الوظائف العامة، كما تشرف السلطة المركزية على جميع المرافق العامة في الدولة، سواء أكانت مرافق قومية تهم الدولة بأسرها أو مرافق محلية تهم إقليمًا محليًا معينًا. )الطهراوي، ٢٠٠١ م، ص ١٣٢ (
ومن ثم فإنه في ظل نظام المركزية لا يوجد إطلاقًا أشخاص معنوية عامة محلية أو مرفقية بجوار الدولة ومستقلة عنها، فلا مجال هنا لمجالس محلية منتخبة أو لهيئات عامة يمكن أن تدير مرافق عامة باستقلال عن الحكومة المركز. ولا تمنع المركزية الإدارية من وجود إدارات وهيئات معاونة للوزراء، فكل وزارة تتكون في الواقع من إدارات في العاصمة وفروع في الأقاليم، وغالبًا ما يعهد الوزير المختص بممارسة بعض الاختصاصات، ولكن القرارات الصادرة منها تصدر باسم الوزير الذي خولها الاختصاص. (عبد الوهاب، ومحمد، ٢٠٠١ ، ص ١٤٧ ).
والتركيز الإداري لا يخرج عن أحد أمرين، فإما أن يكون تركيزًا إداريًا مطلقًا ويقصد به تركيز الأعمال الإدارية في أيدي أعضاء الإدارة المركزية وحرمان ممثلي الإدارة في الجهات الإدارية من أدنى السلطات أو البت في أي أمر من الأمور ذات الأهمية البسيطة. أو تركيزًا إداريًا نسبيًا، ويقصد به إعطاء ممثلي الإدارة في الجهات الإدارية المختلفة إمكانية البت في بعض الأمور وذلك في الحدود التي يحددها النظام بدون الرجوع إلى الرئاسة العليا في ذلك. (الخريصي، ١٤٠٢ ه، ص ١٣ ).
٢- التدرج الهرمي :
يتأسس نظام المركزية الإدارية على وجود تدرج هرمي أو سلم إداري يجمع موظفي كل وزارة من وزارات الحكومة المركزية، فالموظفون يتدرجون في هذا الهرم من أسفل إلى أعلى، ففي قاعدة الهرم يوجد صغار الموظفين، ثم يتدرج الهرم إلى أعلى حيث يوجد الموظفون الأعلى درجة، حتى تصل إلى قمة الهرم التي يحتلها الوزير الذي يخضع لرئاسته العليا جميع الموظفين في وزارته. (عبد الوهاب، ومحمد، ٢٠٠١ م، ص ١٤٨ ).
ومقتضى هذه التبعية بوجه عام هو خضوع المرؤوس لرئيسه، مع وجود مسؤولية كل رئيس عن أعمال مرؤوسيه أمام الرئيس الإداري الأعلى، وهو الأمر الذي يعني تعدد الرئاسات الإدارية المتدرجة مع خضوعها جميعًا في النهاية لمستلزمات تبعيتها للرئيس الأعلى الذي ينتهي إليه التسلسل الإداري. )الخريصي، ١٤٠٢ ه، ص ١٤ (.
والتدرج الإداري له فوائد عديدة أهمها: )المديميغ، ١٤٠٦ ه، ص ٦(.
أ- يسهل القيام بوظائف التنظيم الإداري.
ب- يحول دون تراكم الاختصاصات.
ج- يمنع تركيز السلطة.
د- سهولة الاتصال بين مختلف مستويات الإدارة.
ه- ضمان هيمنة القيادة الإدارية على أقسام وفروع الجهاز الإداري.
وعليه فإن تواجد عنصر التبعية المتدرجة له أهميته القصوى والضرورية لتواجد نظام المركزية الإدارية، فوجودها وقيامها في الحقيقة مرتبط بتوافر هذا العنصر الفعال، والذي يعمل على ربط الوحدات المتدرجة بعضها ببعض مع خضوعها لسلطة الرئيس الأعلى الإداري. فإذا لم يتوافر هذا التدرج للتنظيم الإداري لا تكون حينئذ أمام مركزية إدارية، وإنما أمام نوع آخر من التنظيم وهو اللامركزية الإدارية. )العلوان، ١٤٠٨ ه، ص ١٤ (.
٣ – ممارسة السلطة الرئاسية :
ويرتبط هذا العنصر بالعنصر السابق لأن خضوع الموظف لرئيسه طبقًا لنظام السلم الإداري، يعني خضوعه لما يسمى بالسلطة الرئاسية أو الرقابة الرئاسية لرئيسه، وتتضمن هذه الرقابة الرئاسية عنصرين الأول : عنصر التوجيه، ويهدف إلى إرشاد الموظف وتوجيهه قبل قيامه بالعمل المنوط به.
والعنصر الثاني الرقابة والمتابعة، ويهدف إلى التأكد من مطابقة أعمال الموظفين بعد القيام بها للأنظمة واللوائح.(خليل، ١٤١٠ ه، ص ٥٥ - ٥٦ (.
وتختلف السلطة الرئاسية من حيث تكوينها بسبب نظام الحكم في الدولة فإذا كان ملكيًا فإنها تتكون من "جلالة الملك ورئيس مجلس الوزراء وكذلك الوزراء". أما إذا كان النظام جمهوريًا فإنها تتكون من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، وكذلك الوزراء. والرئيس الإداري الأعلى يباشر سلطته الرئاسية على كافة المرافق العامة التابعة له إلا المرافق العامة اللامركزية وذلك لتمتعها بالاستقلال في كثير من الشؤون، ولكن ذلك لا يمنع أن تخضع للسلطة الوصائية التي للرئيس الإداري الأعلى، وإلا كانت تمثل دو ً لا داخل دول. (الخريصي، ١٤٠٢ ه، ص ١٦ ).
وتتميز السلطة الرئاسية بعدة خصائص من أهمها : (العلوان، ١٤٠٨ ه، ص ١٥ - ١٧ ).
أ- أنها سلطة إدارية.
ب- أنها سلطة تقوم بمجرد ثبوت العلاقة بين الرئيس والمرؤوس دون أن يكون هناك نص صريح يفرضها، ولا تنتفي هذه السلطة تبعًا لذلك إلا بوجود النص الصريح القاطع لممارسة هذه السلطة بين الطرفين الرئيس من جهة والمرؤوس من جهة أخرى.
ج- أنها سلطة داخلية، باعتبار أن الجهة المنظمة والمشمولة لهذه الرئاسة إنما هي جهة واحدة فقط.
د- أنها سلطة شاملة وعامة، نظرًا لخضوع كل موظف وعامل في الدولة للإدارة المركزية.

ثانيًا : صور المركزية الإدارية :
هناك صورتان للمركزية الإدارية هما:
١- التركيز الإداري المطلق:
وتمثل الصورة المتطرفة للمركزية الإدارية، وفيها نجد أن السلطة الإدارية عليها تتركز في يد أعضاء الحكومة المركزية في العاصمة سواء كان رئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو الوزراء، وأما الموظفون التابعون للسلطة المركزية سواء كانوا في العاصمة أم في الأقاليم فإنهم لا يملكون سلطة التقرير، والبت في تصريف الأمور، بل تقتصر مهمتهم على مجرد التنفيذ المادي لما أصدرته الحكومة المركزية من أوامر وتعليمات. ولكن هذه الصورة المتطرفة للمركزية الإدارية لم تعد تلائم الظروف الحالية الحديثة، فاتساع وتشعب النشاط الإداري للدولة، وضرورة إقامة العديد من المشروعات والمرافق في أقاليم الدولة المختلفة
أدى إلى عجز نظام المركزية المطلقة على الوفاء بالحاجات المتنوعة لهذه الأقاليم، يضاف إلى ذلك أن ضغط العمل على الرئيس الإداري الأعلى يدفعه إلى الموافقة والتوقيع دون فحص أو دراسة على قرارات كثيرة يعدها موظفون عنده ولكنهم غير مسؤولين قانونًا عن هذه القرارات. وسبب قصور نظام المركزية الإدارية المطلقة، وما أدت إليه من إطالة الإجراءات وإضاعة الوقت ظهرت درجة مخففة أو معتدلة من المركزية الإدارية تسمى بعدم التركيز الإداري. (خليل، ١٤١٠ ه، ص ص ٦١ - ٦٢ ).
٢- التركيز الإداري النسبي:
ومعناه منح سلطة البت النهائي في بعض الأمور إلى ممثلي السلطة المركزية سواء كانوا في العاصمة أو في الأقاليم، دون الرجوع إلى الرئيس، وعدم التركيز الإداري قد يكون خارجيًا ومعنى ذلك أن من يبت في بعض الشؤون الإدارية يكون خارج العاصمة. وقد يكون عدم التركيز داخليًا ومعنى ذلك أن سلطة البت النهائي تكون في يد أحد المرؤوسين المقيمين مع الرئيس الإداري الأعلى في مقر السلطة الإدارية المركزية كوكلاء الوزارات أو المديرين العامين الذين يزاولون سلطتهم بالعاصمة (الطهراوي، ٢٠٠١ م، ص ص ١٣٤ – ١٣٥ ).
ويلاحظ أن تخويل بعض الاختصاصات إلى ممثلي السلطة المركزية لا يعني استقلال هؤلاء الممثلين عن الوزير، إذ أنهم يمارسون سلطة البت النهائي داخل نطاق السلطة الرئاسية التي تملي خضوعهم لمن يعلوهم في السلم الإداري حتى نصل إلى الرئيس الإداري الأعلى، ويتم نقل الاختصاص إلى المرؤوسين بإحدى طريقتين أو بهما معًا : نقل الاختصاص، وتفويض الاختصاص، والمقصود بنقل الاختصاص توزيع بعض الاختصاصات الإدارية بمقتضى نصوص قانونية صريحة على أعضاء السلطة الإدارية (المديميغ، ١٤٠٦ ه، ص ٢١ ).
أما تفويض الاختصاص فالقصد به أن يعهد الرئيس الإداري ببعض اختصاصاته المستمدة من القانون إلى أحد مرؤوسيه في نفس الاختصاص (عبد الوهاب، محمد ٢٠٠١ م، ص ١٥٣ )

ثالثًا : مزايا المركزية الإدارية :
إن للمركزية الإدارية إذا أحسن تطبيقها مزايا عديدة يمكن ذكرها كما يلي:
١- الوضوح في العلاقة والبساطة في الشكل بين الإدارة المركزية وفروعها في الأقاليم على نحو من التدرج والترتيب، وهذا الوضوح يؤدي إلى تمديد وتعيين المسؤولية بما يكفل تجانس العمل في جميع الوحدات الإدارية
٢- تسعى المركزية إلى تحقيق المساواة بين أفراد المجتمع الواحد أمام أجهزتها الإدارية مهما اختلفت مواطنهم وإمكاناتهم.
٣- تقوى السلطة العامة وتساعد على نشر نفوذ الإدارة المركزية وهيبتها ومن ثم كانت المركزية الإدارية ضرورة للدولة الحديثة في مبدأ نشأتها.
٤- أن المركزية خير وسيلة تكفل سير المرافق العامة بانتظام واضطراد، وهذا هو أهم هدف تسعى إليه الإدارة المركزية.
٥- تحقق المركزية اقتصادًا كبيرًا في النفقات العامة، حيث يميل موظفو السلطة المركزية إلى الاقتصاد في النفقات بالمقارنة مع موظفي الإدارات اللامركزية.
٦- أن الأسلوب المركزي دائمًا ما يعطي الإدارة نوعًا من العدالة والبعد عن المحسوبية والتحيز لإحدى الجهات على حساب جهة أخرى (المديميغ، ١٤٠٥ ه، ص ص ١١ - ١٢ ).
٧- تبنى الإدارة المركزية على علاقة بين شخصين طبيعيين أحدهما أعلى من الآخر مرتبة في السلم الإداري، ويترتب على ذلك ألا يكون للموظف المرؤوس أن يعترض على أوامر رئيسه المشروعة، ولا أن يوقف تنفيذها، وهذا يؤدي إلى مرونة في العلاقة وسرعة إنجاز الأعمال.
٨- أن المركزية تؤدي إلى تجانس النظم الإدارية في الدولة بأجمعها، الأمر الذي يؤدي إلى سهولة تفهمها والإحاطة بها سواء من الموظفين أو من الأفراد مما يساعد على سهولة تنفيذها والعمل بمقتضاها(الطهراوي، ٢٠٠١ م، ص ١٤١ ).
٩- سهولة الرقابة وإجراءاتها، ذلك أن استخدام أسلوب المركزية الإدارية لا يتطلب وضع أنظمة رقابية مفصلة على جميع الأعمال، بل تخضع جميعها إلى نظام موحد للرقابة والتوجيه مما يقلل من الانحرافات في العمل. (الزهراني، ١٤١٩ ه، ص ٨).
١٠ - يعد الأسلوب الإداري الذي يلائم المرافق العامة ذات الطابع القومي كالدفاع والشرطة والقضاء، فهذه المرافق يستفيد من خدماتها كافة أبناء الدولة، ولا يقتصر نفعها على إقليم دون آخر، وإذا تولت مسئولياتها وأعباءها الإدارية المالية الهيئات المحلية، فإن ذلك سيؤدي حتمًا إلى عدم المساواة بين مناطق الدولة في الاستفادة بخدماتها الحيوية، لضخامة وتكاليف إدارتها من ناحية، ومحدودية الإمكانات الفنية والإدارية والمالية للهيئات اللامركزية –
والمحلية من ناحية أخرى. (خليل، ١٤١٠ ه).
١١ - أن المركزية الإدارية تؤدي إلى صحة القرارات المتخذة نتيجة استغلال الخدمات الاستشارية المتخصصة من قبل الخبراء الموجودين بالإدارة المركزية، وكذلك عدم حدوث أي ازدواجية في اتخاذ القرارات (عبد الوهاب، ١٤٠٢ ه).
١٢ - المركزية الإدارية تؤدي إلى تخفيض حالات ازدواجية الوظائف إلى أدنى حد ممكن. (العبيدي، ١٩٩٧ م).
رابعًا : عيوب المركزية الإدارية :
على الرغم من المزايا العديدة التي ذكرت آنفًا للمركزية الإدارية، فقد انتقد هذا الأسلوب حديثًا كأسلوب لإدارة المرافق العامة، لذا فقد بعدت أكثر الدول عن اتباع هذا الأسلوب في إدارتها وتصريف شؤونها حيث اعتبر هذا الأسلوب لا يلائم المشروعات الإدارية الحديثة ومتطلباتها خاصة بعد الثورة العلمية الحديثة والتي شملت معظم العلوم وخاصة الإدارة. ومن أهم المآخذ والعيوب التي أخذت على المركزية الإدارية من وجهة نظر عبد الوهاب ( ١٤٠٢ ه) ما يلي:
١- خطورة القرار الفاشل وتمتد لتشمل جميع الوحدات والقطاعات.
٢- عدم تكوين صف ثاني أو تنمية طبقة بديلة من متخذي القرارات ليكونوا مسؤولين في المستقبل .
٣- انخفاض الروح المعنوية للرؤساء على المستويات الإدارية الدنيا. وأضاف )الخريصي ١٤٠٣ ه( ما يلي:
١- عدم قدرة المركزية الإدارية على مواجهة بعض الأزمات والأخطار، فعند حدوث مثل هذه الأزمات توجه الإدارة المركزية جل قدرتها بمواجهة هذه الأزمات مهملة في ذلك كافة الأجهزة الإدارية الأخرى، مما يؤدي إلى اختلال النظام الإداري.
٢- أن أسلوب المركزية الإدارية لا يفسح المجال للسلطة المركزية أو الإدارة المركزية لتجربة بعض النظم وذلك من أجل تطوير أنظمتها الإدارية واتباع أفضلها، حيث أن في ذلك تأخير للأعمال وقد يسبب أضرار كثيرة في حالة فشل هذا النظام التجريبي إلى الإختلال في النظام الإداري. وأضاف المديميغ ( ١٤٠٦ ه) أن من عيوب المركزية ما يلي:
١- أن المركزية الإدارية تؤدي إلى انشغال الرؤساء والمديرين بكافة الأعمال الهامة وغير الهامة على المستوى القومي والمحلي وذلك على حساب مهامهم الأساسية التي يجب أن يتفرغون لها مثل التخطيط ورسم السياسات والإشراف والرقابة.. الخ.
٢- أن الأسلوب المركزية لا يصلح في بعض الأحيان خاصة في حالة تعدد الخدمات والمهام التي تقوم بها الدولة، إلى جانب المساحة لبعض الدول الكبيرة مما يصعب من قيامها بهذه الخدمات والأعمال في هذه المناطق الواسعة كما يجب. وأشار خليل ( ١٤١٠ ه) إلى أن من عيوب المركزية الإدارية ما يلي:
١- أسلوب المركزية الإدارية يؤدي إلى تبديد الوقت والجهد والمال بسبب تركيز سلطة إصدار القرارات في يد الرئيس الإداري الأعلى. ٢- يؤدي إلى إضعاف الشعور بالمسؤولية لدى ممثلي الحكومة المركزية بالأقاليم حيث يترك كل شيء للبت فيه من جانب الحكومة المركزية مما يؤدي إلى التراخي والكسل في جانب العمل. وقد أضاف عبد الوهاب، ومحمد ( ٢٠٠١ م) بعض العيوب الأخرى وهي:
١- أن المركزية لا تتلاءم مع إدارة بعض المرافق العامة ذات الطبيعة الفنية التي تحتاج إلى تخصص، وإدارة مستقلة عن الأسلوب الحكومي.
٢- المركزية تؤدي إلى زيادة الروتين والبطء في اتخاذ القرارات نظرًا لتركز أعباء الوظيفة الإدارية في السلطة المركزية وكبار الرؤساء في العاصمة مما يؤدي بدوره إلى اتخاذ قرارات غير رشيدة لأنها غير متلاءمة مع واقع المشكلات التي تنشأ بعيدًا عن العاصمة.
وقد أضاف الطهراوي ( ٢٠٠١ م) إلى هذه العيوب ما يلي:
١- عدم استجابة أسلوب المركزية الإدارية لميول سكان الوحدات المحلية المتعددة والمتنوعة في نفس الوقت.
٢- عدم مرونة النظام المركزي إذ يؤدي إلى حرمان سكان الوحدات المحلية من المشاركة في الحياة العامة ومن المشاركة في إدارة شؤونهم المحلية. ويرى الباحث أن أهم عيوب المركزي هو البطء في إنجاز الأعمال وأيضًا البطء في اتخاذ القرارات وهذا بدوره يؤدي إلى عدم مواجهة المشكلات الطارئة بالشكل المطلوب.














المبحث الثاني
اللامركزية الإدارية
تمهيد :
يستحوذ موضوع تركيز السلطة وتشتتها في المنظمات على حيز كبير من اهتمام وتفكير الإداريين وتعد اللامركزية الشغل الشاغل للعديد من المديرين، حيث أنها توضح الطريقة التي يسيرون عليها في تعاملهم مع المرؤوسين ومدى درجة الثقة التي يمنحونها لهم للمشاركة في العمل وتحمل المسؤولية في اتخاذ القرارات، ومن خلال هذا المبحث سنتناول هذا المركزية من عدة جوانب، وذلك على النحو التالي.
أو ً لا : صور اللامركزية :
اللامركزية إما أن تكون لا مركزية سياسية أو لا مركزية إدارية، وسيتم عرض اللامركزية السياسية بشكل موجز ويكون التركيز على اللامركزية الإدارية باعتبار الموضوع الرئيسي.
١– اللامركزية السياسية :
وهي وضع دستوري يقوم على توزيع الوظائف الحكومية المختلفة (والتشريعية والتنفيذية والقضائية) بين الحكومة الموجودة في العاصمة وحكومات الولايات أو الأقاليم أو ما إلى ذلك من المسميات ويعرف هذا الأسلوب من أساليب التنظيم من الناحية الدستورية بنظام الاتحاد الفيدرالي أو الاتحاد المركزي. (شريف، ١٩٨٧ م، ص ٢٨٠ ).
والعلاقة بين هذين المفهومين يتركز في أن اللامركزية الإدارية تتعلق بالتنظيم الإداري للدولة، بينما تتعلق الفيدرالية بشكل الدولة، وأن اللامركزية الإدارية تبحث في نطاق القانون الإداري، في حين أن الفدرالية مكانها في إطار القانون الدستوري. (قباني، ١٩٨١ م، ص ٥١ ).
٢ – اللامركزية الإدارية :
يقصد باللامركزية الإدارية تقسيم الوظيفة الإدارية وتوزيعها بين الحكومة المركزية، وبين عدد من الهيئات الإدارية المحلية أو المرفقية المستقلة، بحيث تنفرد هذه الهيئات بمباشرة اختصاصاتها في الحدود المرسومة لها قانونًا، مع خضوعها في الوقت نفسه لرقابة وإشراف الحكومة المركزية (خليل، ١٤١٠ ه، ص ٦٧ ).
وتقوم اللامركزية الإدارية على توزيع الوظيفة الإدارية فقط بين الجهاز الإداري المركزي وهيئات مستقلة على أساس إقليمي أو موضوعي، وهي بذلك تختلف عن اللامركزية السياسية في كونها تقتصر على الوظيفة الإدارية فقط، ويمكن قيامها في الدول المركبة والدول البسيطة على السواء. (شريف، ١٩٨٧ م، ص ٢٨٢ ).
صور اللامركزية الإدارية:
أ – اللامركزية الإدارية الإقليمية:
وهي تعني توزيع الصلاحيات والسلطات بين المناطق المختلفة في الدولة الواحدة أو الإقليم الواحد بغية توصيل وتحسين الخدمات التي تقدمها الدولة للناس في المناطق والأقاليم المختلفة للدولة، ولضمان تنفيذ البرامج والخطط والمشروعات التنموية التي ترمي الدولة إلى توزيعها في أقاليمها المختلفة، فاللامركزية بهذا المفهوم تهدف إلى خدمة وتطوير كافة الأقاليم والمناطق في بلد ما، والسهر على تنفيذ السياسة العامة للدولة فيها، ويتم ذلك عن طريق قيام
تنظيمات لا مركزية أي (إدارة محلية في كل إقليم أو منطقة) ويكون لها استقلال مناسب في التصرف وفي اتخاذ القرارات التي تهم الإقليم أو المنطقة في الحدود التي ترسم لها. (أحمد، ١٤٠٥ ه، ص ١٧٠ ).
لذلك فاللامركزية الإدارية الإقليمية يستلزمها تقسيم الدولة إلى مناطق وإيجاد مؤسسات إدارية وسياسية في تلك المناطق لتأخذ على عاتقها تسيير الأمور المحلية فيها، وقد حدث ذلك نتيجة توسع مصالح الدولة وتكاثر أعبائها، وضغط الحاجات المطلوبة منها، فاتجهت إلى الأخذ بهذا النموذج، تخفيفًا عن أعبائها وتنظيمًا لجهاز الدولة الإداري، بحيث يأتي أكثر فاعلية وإنتاجًا، إلا أن هذه الكيانات المستقلة إداريًا بقيت على المستوى الإقليمي واقتصر اهتمامها على
الشؤون المحلية فقط. (الهنائي، ١٩٩٣ م، ص ٩٣ ).
وبذلك فأساس اللامركزية الإدارية الإقليمية هو توزيع الوظيفة الإدارية على أساس إقليمي، حيث يتم توزيع السلطات والاختصاصات بين الأجهزة الإدارية المركزية وهيئات مستقلة تعمل في وحدات إقليمية، وتقوم على إدارة كل وحدة منها هيئة مستقلة عن الحكومة المركزية في نطاق رقعتها الإقليمية، وفي حدود ما يخول لها من سلطات واختصاصات على أن ترتبط هذه الهيئات بالحكومة المركزية بقدر من العلاقات التي تكفل وحدة الدولة السياسية والإدارية. (شريف، ١٩٨٧ م، ص ٢٨٢ ).
ب– اللامركزية الإدارية المرفقية "أو الفنية" :
وتنشأ هذه اللامركزية عندما توزع الوظيفة الإدارية على أساس موضوعي وليس إقليمي، وهي تعني قيام هيئات مستقلة تحدد اختصاصاتها على أساس وظيفي، وتمارس هذه الاختصاصات على مستوى أقاليم الدولة أو بالنسبة لإقليم أو عدة أقاليم معنية، وهو ما يعرف بالمؤسسات العامة وينطبق عليها اصطلاح اللامركزية الإدارية على أساس استقلالها عن الحكومة المركزية واضطلاعها باختصاصات محددة على أساس وظيفي. واللامركزية المرفقية أسلوب حديث في التنظيم الإداري يستهدف إدارة المؤسسات العامة على أسس تجارية، الأمر الذي يقتضي إبعادها عن المؤثرات السياسية، وتحرير أسلوب إدارتها من بعض الإجراءات المتبعة في الجهاز الإداري المركزي. (شريف، ١٩٨٧ م، ص ٢٨٢ ).
ومن أمثلة اللامركزية الإدارية المرفقية، تخصيص إدارة معنية بممارسة صلاحيات واسعة واستقلال مناسب في التصرف، وفي اتخاذ القرار في النطاق الذي يرسم لها للنهوض بمرفق معين (كهرباء – مياه – تعليم عالي – مؤسسات تجارية واقتصادية…) والانطلاق في سبيل تحقيق الأهداف العامة متحررة من قيود الروتين. (النعيم، ١٩٨٣ م، ص ١٧١ ).
وقد ساعد على نمو وظهور هذه اللامركزية الإدارية المرفقية، أن ثمة مشروعات لم يعد يلائمها بسبب طبيعتها الخاصة أن تديرها المصالح الإدارية التقليدية الداخلة في إطار الجهاز الإداري المركزي أو الإقليمي، وإنما تحتاج إلى أجهزة إدارية فنية ومتخصصة تستقل في إدارة أعمالها وتتحرر من القيود والمعاملات الإدارية الشكلية ومن الروتين الإداري المعمول به في الإدارات الرسمية، من هنا وجدت هذه المصالح أو الهيئات أو المؤسسات وأعطيت الشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي تسهي ً لا لعملهما وحرصًا على إدارة وتنفيذ المشروعات الحيوية والمرافق العامة في البلاد بالسرعة المطلوبة وبالطريقة المثلى. (قباني، ١٩٨١ م، ص ٥٧ ).
أسس وعناصر وجود اللامركزية المرفقية :
يشترط لوجود نظام اللامركزية المرفقية في صورة المؤسسة العامة توافر عدة عناصر وهي :
العنصر الأول : وجود مرفق عام :
والمرفق العام كمصطلح يعني مشروعًا عامًا تتولى الدولة إدارته ويستهدف تحقيق مصلحة عامة كالجامعات، والمستشفيات، ومراكز البحث، والبنوك، والصناعات البترولية والمعدنية، ويخضع هذا المشروع سواء في إنشائه أو إدارته أو إلغائه لنظام قانوني خاص هو النظام القانوني للمرافق العامة (خليل، ١٤١٠ ه، ص ٨٥ ).
العنصر الثاني : اكتساب المرفق العام الشخصية الاعتبارية العامة :
ويترتب على اكتساب المرفق العام للشخصية الاعتبارية المستقلة عدة نتائج مهمة منها ما يلي (خليل، ١٤١٠ ه، ص ٨٦ ).
١- أهلية اكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات في حدود الغرض من إنشائه.
٢- التمتع بذمة مالية مستقلة عن ذمة الدولة. وبالتالي يكون مسؤو ً لا عن تصرفاته في حدود ميزانيته بإيراداتها ومصروفاتها من ميزانية الدولة.
٣- حق التعاقد باسمه ولحسابه مع غيره من الأشخاص الاعتباريين العامة أو الخاصة أو مع الأشخاص الطبيعية.
٤- تكون له هيئة تمثله وتدير نشاطه باسمه هو كشخص اعتباري وليس باسم الدولة وتتولى هذه الهيئة إصدار القرارات اللازمة للإدارة استقلا ً لا عن السلطة المركزية.
العنصر الثالث : خضوع الشخص المرفقي للرقابة الوصائية من جانب السلطة المركزية :
إن الشخص الإداري المرفقي كالمؤسسة العامة يخضع للرقابة الوصائية من جانب السلطة المركزية، وتتناول هذه الرقابة عمال الشخص المرفقي وأعماله.
أ – الرقابة الوصائية على أعمال الشخص الإداري والمرفقي:
وتتمثل هذه الرقابة في عدة أمور أهمها الآتي (خليل، ١٤١٠ ه، ص ٨٧ ):
- للسلطة المركزية الحق في تعيين وإيقاف وعزل القائمين بالإدارة في الشخص المرفقي.
- اشتراك ممثلي السلطة المركزية في جلسات ومداولات مجلس إدارة الشخص المرفقي.
- يكون للسلطة المركزية - الحق في بعض الحالات - في حل مجلس إدارة الشخص المرفقي.
- يكون للسلطة المركزية الحق في دعوة مجلس إدارة الشخص المرفقي لاجتماع غير عادي للنظر في المسائل العاجلة
ب – الرقابة الوصائية على أعمال وقرارات الشخص المرفقي.
وتشمل الرقابة الوصائية في هذا الصدد الأعمال الإيجابية والأعمال السلبية للشخص المرفقي على النحو التالي :
- بالنسبة للأعمال الإيجابية – يقصد بها الأعمال التي يقوم بها الشخص المرفقي طبقًا لقانون إنشائه، فإن السلطة المركزية تباشر رقابتها على هذه الأعمال بعدة طرق مختلفة.
- بالنسبة للأعمال السلبية – وهي الأعمال التي يحقق الشخص المرفقي في القيام بها على الرغم من وجوبها طبقًا لقانون إنشائه، فإن السلطة المركزية تباشر رقابتها عن طريق الحلول محل الشخص المرفقي في القيام بالعمل المطلوب وتنفيذه بد ً لا منه. (خليل، ١٤١٠ ه، ص ص ٨٧ - ٨٨ ).
صور اللامركزية المرفقية :
أ- النموذج الخدمي :
ويطلق عليه الهيئة العامة وهي الصورة الأصل للامركزية المرفقية من حيث كونها التطور الطبيعي لدور ومهام الوزارة أو المصلحة والهيئة المستقلة. وسمي أيضًا بالمؤسسات العامة الإدارية، ومن أمثلتها الجامعات وهيئات ومراكز البحوث وأجهزة الخدمة الاجتماعية، فهي بحكم طبيعة نشاطها تمثل امتداد طبيعي لنشاط المرفق التقليدي. والمعيار في تصنيفها على ذلك النحو هو استهداف المرفق خدمة عامة دون الربح بصفة أصلية (الحواتي، ١٩٨٧ م، ص ١٦٩ ).
ب- النموذج الاقتصادي:
ويعرف عند بعض الفقهاء بأنه "مؤسسة عامة تتميز بأنها منظمة عامة ذات شخصية قانونية تنشئها الدولة وتمتلكها بدون وجود مساهمين آخرين ومسؤولة أمام السلطة التشريعية عن طريق الوزير المختص أو عن طريق مجلس إدارة تعينه السلطة التنفيذية، ولها حسابات مستقلة تسير وفقًا لأساليب المشروعات الخاصة غير أنها تخضع للمحاسبة العامة، أو هي مشروع اقتصادي تملكه الدولة وتمنحه استقلا ً لا في الإدارة ليقوم بتنفيذ برامج الخطة، ويعمل على أساس مبدأ الحساب التجاري وحسابات التكاليف بغرض الحصول على فائض.


ثانيًا : الصيغ التي تتخذها اللامركزية الإدارية :
تتأثر طبيعة النظام اللامركزي بالعديد من المؤثرات والتي من أهمها النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي تتبعه الدولة، ونتيجة لذلك فإن اللامركزية تتخذ صيغًا مختلفة هي:
١- عدم التركيز :
وهذا الشكل أبسط أشكال اللامركزية، وقد يعتبرها البعض إحدى صور المركزية، وهي ببساطة تسليم بعض السلطات والمسؤوليات الإدارية إلى مستويات دنيا أو وحدات فرعية ضمن الحكومة المركزية (الهنائي، ١٩٩٣ م، ص ٩٤ ).
٢- التفويض :
التفويض يأخذ خطوة أكبر من عدم التركيز إذ يعني نق ً لا لمسؤوليات إدارية إلى أجهزة خارج الهيكل البيروقراطي المعتاد وليس لها علاقة مباشرة بالحكومة المركزية (الهنائي، ١٩٩٣ ، ص ٩٥ ).
٣- التخويل :
يتميز هذا النوع من اللامركزية بتأسيس وحدات على مستوى القاعدة، أو بإعطاء مسؤوليات أكبر لما هو موجود من هذه الوحدات، وتتميز هذه الوحدات بالاستقلال عن الحكومة المركزية (الهنائي، ١٩٩٣ م، ص ٩٦ ).
٤- الخصخصة:
"وهي صيغة جديدة من اللامركزية ظهرت في السنوات الأخيرة، ويهدف هذا الأسلوب في الأساس إلى حفز الأداء والإنتاجية في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وبموجب هذه الطريقة تتخلص الحكومة من بعض مسؤولياتها، وتحول هذه المسؤوليات إما إلى مؤسسات وجمعيات تطوعية في حالة المشروعات التي لا تهدف إلى الربح، أو إلى القطاع الخاص في حالة المشاريع الهادفة إلى الربح" (الهنائي، ١٩٩٣ م، ص ٩٦ ).
ثالثًا : مزايا اللامركزية الإدارية :
يمكن تصنيف المزايا التي تتحقق من تطبيق الأسلوب اللامركزي في التنظيمات الحكومية إلى أربعة مجموعات:
١- المزايا الإدارية:
أ- إعفاء الحكومة المركزية من الضغط الزائد عليها، وهو المتمثل في طلبات الجماهير ورغباتها، وبالتالي فإن إحالة مصالح الجماهير ومشكلاتها إلى المناطق التابعة لها يخفف من الأعباء الملقاة على الحكومة المركزية.
ب-السرعة والمرونة في البت في الأعمال وحل المشكلات وتلاقي الأخطاء وتداركها.
ج- توفر المعلومات لدى الرؤساء بالمستويات اللامركزية، مما يجعل القرارات على المستوى اللامركزي مبنية على المعلومات المتكاملة الصحيحة.
د- سهولة عملية الاتصال وفاعليتها، حيث تم الاتصالات مباشرة دون تعقيدات روتينية.
ه- إمكانية التنسيق بين مختلف الخدمات الميدانية في إطار اللامركزية على مستوى المدينة أو المحافظة أو الإقليم.
و- إعفاء القيادات المركزية من القلق المستمر على طرق وأساليب العمل وجعل اهتمامها منصب على النتائج، وبالتالي يتم التقييم على أساس الإنجازات التي يحققونها وليس الأسلوب الذي يتبعونه في العمل.
تنمية القدرات والمهارات القيادية، وذلك بإتاحة الفرصة للتدريب على تحمل المسؤولية والإعداد لتولي المناصب القيادية (شريف، ١٩٨٧ م، ص ٢٩٩ – ٣٠٠ ).
٢- المزايا السياسية:
للمركزية مزايا سياسية تتمثل في ما يلي:
أ- أن المشروعات التي تنفذ في ظل الأسلوب اللامركزي تزيل فكرة قيد الحكومة المركزية وانفرادها بالسلطة.
ب- تمكن اللامركزية من توسيع نطاق الممارسة الديمقراطية، حيث يشترك الأهالي في دراسة مشكلاتهم وإيجاد الحلول لها أي أنهم يشتركون في حكم أنفسهم بأنفسهم.
ج- صدور القرارات محليًا وفقًا لمصالح الإقليم (شريف، ١٩٨٧ م، ص ٣٠٠ ).
٣- المزايا الاجتماعية :
اللامركزية تساعد على تنمية الشعور بالمسؤولية الاجتماعية وذلك عن طريق.
أ- إدراك المواطن لمسؤولياته المتصلة بحل المشكلات المحلية وتحمل بعض الأعباء في هذا الصدد.
ب-إسهام المواطن في تنفيذ المشروعات المحلية أو ما يصاحب ذلك من تنمية رغبته في المحافظة عليها وصيانتها إحساسًا منه بأنها من صنعه ولمصلحته (شريف، ١٩٨٧ م، ص ص ٣٠٠ – ٣٠١ ).
٤- المزايا الإنسانية :
أ- شعور العاملين بالأهمية والنابع من تحمل مسؤولية البت وممارسة حرية التصرف.
ب- الشعور بالرضا المستمد من السلطة المخولة للرؤساء اللامركزيين. (شريف، ١٩٨٧ م، ص ٣٠١ ).
رابعًا : عيوب نظام اللامركزية الإدارية :
تعرض نظام اللامركزية الإدارية كأسلوب لتنظيم السلطة الإدارية في الدولة لبعض الانتقادات، وفي الواقع لا تعد هذه الانتقادات عيوبًا خطيرة، وإنما مجرد مساوئ ترجع لسوء تطبيق النظام، أو اختيار وقت غير ملائم لتطبيقه، كما أن هذه الانتقادات لا تخل بجدوى وصلاحية النظام لما يحققه من مزايا لا يمكن التغاضي عنها، وأهم هذه الانتقادات هي ما يلي:
١- أخذ بعضهم على نظام اللامركزية الإدارية أنها تؤدي إلى إضعاف تماسك الجهاز الإداري في الدولة، وبالتالي تعرض وحدتها السياسية للخطر، فاللامركزية تقوم على تفتيت الوظيفة الإدارية بين الحكومة المركزية والهيئات اللامركزية في الأقاليم، وهذا يؤدي إلى التنافر والصراع بينهم، حيث لوحظ أن الهيئات اللامركزية تفضل مصالحها المحلية على حساب الصالح القومي العام للدولة. وهذا الرأي مردود عليه بأن نظام اللامركزية الإدارية لا يقوم إلا في ظل وجود سلطة مركزية تباشر الرقابة الوصائية على الهيئات اللامركزية، وهذا في حد ذاته يحول دون إضعاف الوحدة السياسية للدولة.
٢- يرى البعض أن العاملين في الهيئات اللامركزية عادة ما يفتقدون الخبرة والكفاءة اللازمة لمباشرة وظائفهم، بالإضافة إلى اتجاه هذه الهيئات إلى الإسراف في إنفاق الأموال العامة. ويمكن التغلب على هذه العيوب بقيام التعاون المثمر بين الحكومة المركزية والسلطة المحلية عن طريق تزويدها بأعضاء ذوي كفاءة وعلم وخبرة لمعاونة الأعضاء المنتخبين في
مباشرة أعمالهم.
وأما الإسراف في إنفاق الأموال فيمكن الحد منه عن طريق الرقابة المالية من جانب السلطة المركزية على الهيئات اللامركزية. (خليل، ١٤١٠ ه، ص ٨٩ - ٩٠ ).
خامسًا : التفويض كشكل من أشكال اللامركزية
١- أهمية التفويض وأهميته :
لعل التطور الذي صاحب الدولة الحديثة قد وضع عليها كثيرًا من الالتزامات والمتطلبات بحيث أصبح الرئيس الإداري يقوم بأعمال كثيرة داخل إدارته وأصبح مسؤو ً لا عن جميع مجريات الأمور التي تتم داخل الإدارة، وظهور هذه الأعباء ألقى حم ً لا ثقي ً لا على الرؤساء بحيث شغلتهم عن أعمال مهمة كالتخطيط طويل المدى والتطوير التنظيمي والنشاطات المهمة الأخرى، كما أنها أدت إلى تأخير في انجاز الأعمال، الأمر الذي يحدث ضررًا للتنظيم والمتعاملين معه، وإزاء ذلك ظهرت فكرة تفويض السلطة وهي تعني قيام الرئيس بتفويض جزء من سلطاته إلى شخص آخر في المستوى الأدنى في الهرم الإداري ويصبح هذا الشخص مسؤو ً لا أمام من فوَّض إليه السلطات من نتائج الأعمال التي يقوم
بها، من الصعوبة بمكان أن يمارس شخص واحد كافة السلطات واتخاذ كافة القرارات اللازمة لتنفيذ الأعمال المنظمة، وخاصة عندما يكون حجمها كبير، إلا إذا قام بتخويل جزء من صلاحياته إلى الآخرين لتسهيل عملية التنفيذ والوصول إلى الأهداف التنظيمية، فالهدف الأساسي لتفويض السلطة هو إيجاد تنظيم كفء وفعال يحقق أهداف الجماعة بتكاليف أقل من حيث الجهود البشرية والمواد والمستلزمات والوقت. (العبيدي، ١٩٩٧ م، ص ٢٠٨ ).
ويخفف التفويض عبء العمل الإداري عن الرئيس صاحب الاختصاص الأصيل، فيقوم هذا الرئيس بنقل جزء من اختصاصه في مسألة معينة أو بعض المسائل الإدارية إلى أحد مرؤوسيه التابعين له بشرط أن يسمح القانون بإجراء ذلك التفويض، ومن ثم يكون للمفوض إليه سلطة القيام بالعمل المفوض فيه وسلطة التقرير بشأنه، ولكن تحت الرقابة الرئاسية للرئيس الإداري المفوض، وعادة يكون التفويض في خصوص القرارات متوسطة الأهمية أو الأقل أهمية بحيث يحتفظ الرئيس باتخاذ القرارات الهامة. (عبد الوهاب، ومحمد، ٢٠٠١ م، ص ١٥٣ ).
وبذلك تتضمن عملية التفويض للسلطة ثلاث خطوات رئيسة :
أ- تكليف المرؤوس بواجبات معينة.
ب- إعطاء المرؤوس السلطة الكافية لأداء هذه الواجبات.
ج- جعل المرؤوس مسئو ً لا أمام رئيسه عن هذا الأداء. (الزهراني، ١٤١٩ ه، ص ١٧ ).

٢- مزايا التفويض:
تلجأ الإدارة العليا في المنظمة إلى ممارسة عملية تفويض السلطة للمستويات التنظيمية الأدنى، وذلك للمزايا التي يمكن أن تتحقق من هذه العملية،والتي يمكن ذكرها كالآتي:
أ- السرعة في اتخاذ القرارات : إذا كان للسرعة أهمية في نشاط المنظمة وخاصة في الحالات التي يكون فيها أصحاب السلطة الأصلية متغيبين عن مقار عملهم.
ب- تحقيق الديمقراطية في الإدارة: حيث يشترك أكثر من شخص في اتخاذ القرارات.
ج- تدريب عدد من المساعدين ليكونوا مديرين في المستقبل(تكون صف ثاني من القيادات).
د- تحقيق التقارب بين المستويات الإدارية العليا والمستويات الأخرى: الأمر الذي يؤدي إلى تحقيق التعاون والانسجام بينها.
ه التركيز على القرارات الأساسية بواسطة المديرين وترك القرارات الفرعية للمساعدين (الغرفة التجارية الصناعية، ١٤١٤ ه، ص ص٩٤ - ٩٦ ).
و- خفض التكاليف المالية للقرارات الإدارية في أداء الأعمال. (عبد الوهاب، ومحمد، ٢٠٠١ م، ص ١٥٣ ).
ز- التفويض يعمل على رفع الروح المعنوية للمرؤوسين وزيادة الشعور بالثقة والمسؤولية لديهم. (جراي، ١٤٠٨ ه، ص ٥٠٣ ).
ح- التفويض يمنع التعددية في المستويات الإدارية والتي من شأنها أن تعيق الاتصالات وتدريب وتنمية المدراء. (ضرار، ١٤٢٠ ه، ص ٢٢٥ ).
٣- أنواع التفويض :
يمكن تصنيف التفويض الإداري استنادًا إلى أساس موضوعي، يأخذ بعين الاعتبار محل التفويض ذاته، وينقسم التفويض تبعًا لذلك إلى:
أ – تفويض الاختصاص.
ب – تفويض التوقيع.
ويترتب على هذا التقسيم عدة نتائج أهمها: أن تفويض الاختصاص يؤدي إلى نقل الاختصاص إلى المفوض إليه، بما يمنع المفوض من ممارسة اختصاصه أثناء سريان التفويض (الحلو، ١٩٩٦ م، ص ١٠٨ ).
أما تفويض التوقيع فلا يتضمن نق ً لا للاختصاص، ولا يمنع الرئيس المفوض ممارسة ذات الاختصاص رغم التفويض. (الحلوة ١٩٩٦ م، ص ١٠٨ ).
ومن ناحية ثانية،فإن تفويض الاختصاص يوجه إلى الموظف بصفته لا شخصه، هذا بينما تفويض التوقيع يراعى فيه الاعتبار الشخصي في المفوض إليه، فهو ينطوي على ثقة خاصة في المفوض إليه، ومن ثم فهو ينتهي إذا تغير المفوض أو المفوض إليه. (حبيش، ١٩٩١ ، ص ١٨٥ ).
٤- الشروط العامة للتفويض : (الطهراوي، ٢٠٠١ م، ص ١٣٩ ).
أ- وجود نص قانوني (نظامي) يجيز التفويض.
ب- أن يكون التفويض جزئيًا.
ج- أن يكون التفويض مؤقتًا.
د- التفويض للسلطة وليس للمسؤولية.
ه- عدم تفويض الاختصاصات المفوضة.
و- أن يكون التفويض كتابيًا.
ز- اختصاصات المفوض إليه يجب أن تقتصر على المسائل التي تضمنها التفويض دون سواها.
ح- أن تفويض الاختصاص يوجه إلى الشخص بصفته لا بشخصه.
ط- يجوز دائمًا لصاحب الاختصاص الأصلي استعادة ما فوضه من اختصاصات لغيره.
ي- التفويض لا يكون إلا من أعلى إلى أسفل.
ك- حق الرئيس المفوض في تعديل السلطات المفوضة إذا ما رأى أن مصلحة العمل تتطلب ذلك.
٥- مبادئ التفويض:
أشار الشنواني ( ١٩٩٩ م) إلى أن مبادئ التفويض تتمثل فيما يلي:
أ- مبدأ التحديد الوظيفي:
ويقصد به أن يكون كل مركز محددًا تحديدًا واضحًا، من حيث سلطاته، وواجباته ويتطلب تحقيق هذا المبدأ درجة عالية من الخبرة والكفاءة، وتحديدًا واضحًا للأهداف والخطط.
ب- مبدأ تدرج المستويات :
أي وجود سلسلة من علاقات السلطة المباشرة من الرؤساء إلى المساعدين داخل التنظيم، بحيث تشمل جميع المستويات من أعلى إلى أدنى، ويتطلب هذا المبدأ وجود نظام اتصالات بين هذه المستويات يحقق نقل المعلومات من أعلى إلى أدنى وبالعكس في أسرع وقت ممكن.
ج- مبدأ مستوى السلطة :
ويعني أن كل مستوى تنظيمي توجد فيه السلطة التي تمكن من اتخاذ القرارات المطلوبة، أما بالنسبة للقرارات التي لا يمكن اتخاذها في بعض المستويات فإنه يجب رفعها إلى مستويات أعلى في التنظيم.
د- مبدأ التفويض حسب النتائج المتوقعة :
يجب مراعاة أن يكون تفويض السلطة إلى الحد الضروري للقيام بالعمل والوصول إلى النتائج المتوقعة، أي يجب أن يكون التفويض بالقدر اللازم لقيام المساعدين بالمسؤوليات التي ألقيت على عاتقهم من رؤسائهم. وليس بالقدر الذي يكون المرؤوس على استعداد للتنازل عنه من سلطة، أو ما يرغبون في الاحتفاظ به من سلطة وتفويض الباقي.
وأشار الزهراني ( ١٤١٩ ه) إلى أن من مبادئ التفويض ما يلي:
أ- مبدأ حدود الرقابة :
فيمكن تفويض السلطة وإعطاء الآخر مسؤوليات معينة بالقدر الذي يمكن في حدوده مراقبة الأداء والتأكد من سلامته، وهذا يتطلب وجود نظام رقابة فعال.
ب- مبدأ تكافؤ السلطة والمسؤولية :
كلما قلت السلطة كلما زادت صعوبة أداء المسؤولية، ولذلك يجب إعطاء الموظف السلطة الكافية والتي تمكنه من أداء عمله.
ج- مبدأ وحدة مصدر الأوامر :
إن ازدواج مصدر الأوامر هو من أهم ما يضعف فعالية التنظيم، فالشخص الذي يكون مسؤو ً لا أمام رئيسين لن يكون أبدًا متأكدًا مما هو مطلوب منه، لذلك من الأفضل أن يحدد لكل شخص رئيس واحد يستخدم سلطته بالتفويض ويكون مسئو ً لا أمامه.
د- مبدأ المسؤولية المطلقة :
كلما كانت المسؤولية كاملة كلما كانت الرقابة فعالة ومحكمة، إذ تقوم الرقابة على أساس جعل الأفراد مسؤولين عن تنفيذ واجبات معينة. وبالتالي فكل مدير يجب أن يكون مسؤو ً لا عن العمل الذي يؤدى في الوحدة التنظيمية التي يرأسها فإذا وقع خطأفي أي جزء منها أو في أي مستوىفيها فإنه يظل مسئو ً لا عنه.
وهناك مبادئ أخرى للتفويض منها (العبيدي، ١٩٩٧ م):
أ- قيام الإدارة مسبقًا بتقييم درجة كفاءة الفرد الذي ستفوض له السلطات:
ومدى قدرته على استخدام هذه السلطات بشكل صحيح وبما يضمن تحقيق الأهداف المرجوة من عملية التفويض.
ب- ضرورة أن يكون التفويض مكتوبًا :
والابتعاد على التفويض الشفهي للسلطات لأنه يحمل في طياتهالكثير من المشكلات.
٦- مستويات التفويض :
توجد __________ثلاثة مستويات للتفويض هي:
المستوى الأول : تفويض على أساس ما يجب عمله وكيفية أداء هذا العمل. وترك بعض الحرية للمفوض إليه فيما يتعلق بمعدل العمل والرقابة على الجودة. ويناسب هذا المستوى الموظفين ذوي النضج الوظيفي المنخفض نسبيًا، ويقتصر التفويض الحقيقي هنا على القرارات المتعلقة بمعدلات الأداء، ومستويات الجودة المقبولة.
المستوى الثاني : التفويض على أساس ما يجب عمله وترك الحرية للمرؤوس في اختيار أسلوب الأداء ومعدل الأداء ومدى الجودة التي يتم بها العمل، وهذا المستوى يوفر مزيدًا من الحرية والفرص للموظف، ويناسب ذوي النضج الوظيفي المرتفع نسبيًا.
المستوى الثالث : التفويض على أساس ما ينبغي تحقيقه من أهداف، وترك الحرية للموظفين في تحديد ما ينبغي عمله وأسلوب الأداء ومعدله، وكذلك مدى الجودة التي يتم بها العمل. وهذا النوع من التفويض يصل بالمرؤوسين إلى تحمل مسؤولياتهم كاملة بدون تدخل من المفوض، ويلائم هذا المستوى من التفويض الموظفين ذوي المستوى العالي من النضج الوظيفي، حيث يمنح الموظف جانبًا من المسؤولية والحرية لصنع القرارات (هاينز، ١٤٠٩ ه، ص ص ٣١٠ – ٣١٦ ).
٧- المهام أو الأعمال التي يقوم المدير بتفويضها :
أ – المهام التي يحتفظ بها المدير لنفسه :
هناك بعض من نواحي النشاط الإداري لا يجوز تفويض السلطة بشأنه، أو يحسن وضع حدود ضيقة لتفويضها، ومن أهم هذه النواحي:
( ١) القرارات الهامة المتعلقة بالأوضاع القانونية للمنظمة (القرارات التشريعية داخل وخارج التنظيم).
( ٢) التغيير في السياسات العامة والرئيسة المقررة ؛ لأن هذه السياسات يضعها المستوى الإداري الأعلى، وليس من حق أي مستوى يليه أن يغير فيها.
( ٣) التغييرات المهمة في طرق العمل وإجراءاته، وبرامجه، وتوزيع القوى المادية والبشرية على نواحي النشاط.
( ٤) إقرار التنظيم الأساسي للمنظمة أو تعديل التنظيم، وكذلك شغل الوظائف الأساسية أو الكبرى في المنظمة.
( ٥) المسائل المالية المهمة وأمور الميزانية في حدود معينة.
( ٦) الأمور المتعلقة بالرقابة، حيث أن سلطة الرقابة أصلية يجب على من تخول إليه أن يمارسها بنفسه وبخاصة فيما يتعلق بتصحيح الانحرافات، فإذا فوضت الرقابة قد يحدث تعارض مع التسلسل الوظيفي داخل الجماعة. (الغرفة التجارية الصناعية، ١٤١٤ ه، ص ١١٢ - ١١٤ ).
ب – المهام التي يمكن للمدير تفويضها :
يمكن القول بصفة عامة أن الأعمال الروتينية، والتي تتعلق بالتفاصيل يمكن أن يقوم بها المساعدون، فهذه الأعمال وإن كانت روتينية أو قليلة الأهمية بالنسبة للمدير، فإنها تصبح بعد تفويضها إلى الآخرين من المهام الرئيسة لهم. (الشنواني، ١٩٩٩ م، ص ٦١٢ ).
٨- المعوقات التي تواجه التفويض وأسباب فشله:
أ- المعوقات التي ترجع إلى الرؤساء:
١- سيطرة روح الأنانية وزيادة الاعتداد بالنفس عن الحدود المعقولة عند بعض الرؤساء.
٢- حب السيطرة والاستئثار بالسلطة من جانب الرؤساء.
٣- انعدام الثقة في المرؤوسين وعدم الاطمئنان إلى قيامهم بالعمل الموكل إليهم على خير وجه.
٤- الخوف من تمرس المرؤوسين على العمل وتدربهم على إصدار القرارات.
٥- عدم الإلمام الكامل بطبيعة التفويض في السلطات الإدارية، وقلة معلومات الرئيس التي يجب أن يكون محيطًا بها. (عبدالله، ١٩٩٠ م، ص ٨).
٦- عدم توفر الكفاءات بين المرؤوسين تمكنهم من استخدام السلطة.
٧- عدم وجود وسائل رقابية دقيقة لضبط السلطة المفوضة وقياسها. (المغربي، ١٩٨٨ م، ص ٣٤٩ ).
٨- عدم الرغبة في تحمل الأخطار المحسوبة لتفويض السلطة حتى مع وجود رقابة كافية وتعليمات واضحة ؛ لأن هناك باستمرار احتمال حدوث أشياء غير متوقعة، ذلك أن التفويض دائمًا ينطوي على نسبة من الخطر. (الجيوسي، وجاد الله، ١٤٢٠ ه، ص ١١٧ ).
ومن الممكن علاج هذه الصعوبات بالآتي:
( ١) وجوب العمل على تعديل اتجاهات الرؤساء وسلوكهم وتغيير نظرتهم الخاطئة في كثير من الأحيان إلى التفويض.
( ٢) العمل على تغيير نظرة الرؤساء إلى مرؤوسيهم من حيث مدى كفاءتهم وقدرتهم على مباشرة ما يعهد إليهم من مسؤوليات والتأكيد على ما تحققهعمليةالتفويض من ثقة واحترام بين الرئيس ومرؤوسيه.
( ٣) يجب أن تكون رقابة الرئيس على مرؤوسيه رقابة إيجابية وهادفة بحيث تكون غايتها تحقيق المصلحة العامة.
( ٤) يجب أن تراعي الرئاسات العليا عند اختيارها للرؤساء مدى قدرتهم على ممارسة أعمال القيادة (عبد الله، ١٩٩٠ م، ص ٨).
ب- الصعوبات التي ترجع إلى المرؤوسين:
١- فقدان الثقة في الذات.
٢- عدم وجود حوافز للمرؤوس الذي يمارس السلطة والمسؤولية بكفاءة.
٣- الخشية من جانب المرؤوس أن يتعرض للنقد من جانب رئيسه.
٤- عدم وجود المعلومات والموارد الكافية لاتخاذ القرار. (ضرار، ١٤٢٠ ه، ص ٢٢٨ ).
٥- تخوف المرؤوس من الوقوع بالخطأ عند اتخاذ القرارات، لهذا فإنه من السهل عليه أن يسأل رئيسه بد ً لا من اتخاذ القرارات بنفسه.
0- الشعور بأن العمل المطلوب منهم أكبر مما في استطاعتهم القيام به. (الشنواني، ١٩٩٩ م، ص ٦١٧ ).


ويمكن علاج هذه الصعوبات بالآتي:
( ١) تدريب المرؤوسين على كيفية إنجاز الأعمال الإدارية المفوضة إليهم بأبسط الطرق وأسرعها بما يحقق أحسن النتائج وأفضلها.
( ٢) تدريب المرؤوسين على تحمل المسؤولية في مواجهة الرؤساء المباشرين لهم وعلى كيفية مواجهة المشكلات تحملهم من المسؤولية.
( ٣) وضع نظام للحوافز المادية والأدبية للعاملين لرفع كفاءتهم وامتيازهم في إنجاز ما يوكل إليهم من أعمال ومهام عن طريق التفويض. (عبد الله، ١٩٩٠ م، ص ٩).
ج- أسباب فشل التفويض:
كثيرًا ما يفشل التفويض في تحقيق المزيد من الكفاءة الإدارية وغالبًا ما يرجع ذلك إلى العوامل الآتية:
( ١) أن يفوض الرئيس أحد معاونيه، دون أن يكون ذلك المعاون على قدر ملائم من الكفاءة الإدارية.
( ٢) أن يتوسع الرئيس المختص في عملية التفويض، بغير أن يتحرى الدقة في اختيار المهام التي يحسن التفويض بشأنها.
( ٣) نقص الدراية الكافية بالأصول الواجب اتباعها في التفويض، من تحديد الواجبات للمرؤوس بدقة ثم منحه السلطة اللازمة لمباشرة هذه الواجبات وأخيرًا جعله مسؤو ً لا أمام رئيسه عن تلك الواجبات. (المغربي، ١٩٨٨ م، ص ٣٥٢ ).
٩- مقومات التفويض الفعال:
يشترط لكي يكون تفويض السلطة فعا ً لا ويؤتي ثماره، أن تتوافر فيه العوامل الآتية:
١- أن يكون الشخص الذي تفوض إليه السلطة قادرًا على ممارستها، وتتوفر فيه الدراية الفنية بالعمل الذي يوكل إليه.
٢- أن يكون المفوض إليه موضع ثقة الرئيس؛ لأنه يتحمل المسؤولية عن القرارات التي يتخذها هذا المفوض إليه.
٣- توفر نظام فعال للاتصالات والمتابعة والرقابة، بحيث يمكن التأكد دومًا من حسن استخدام السلطة المفوضة.
٤- ينبغي أن يدرب المرؤوس على استعمال السلطة قبل أن تفوض إليه نهائيًا، وذلك بتنمية القدرات القيادية عند المرؤوسين تدريجيًا.
٥- يجب أن يكون التفويض في حدود تخصص المفوض إليه ومتمشيًا مع إمكاناته وخبراته ومعلوماته. (الغرفة التجارية الصناعية، ١٤١٤ م، ص ٩٦ - ١٠١ ).
٦- تحديد واجبات المرؤوس وتفويضه السلطة اللازمة للقيام بهذه الواجبات وجعله مسؤو ً لا أمام الرئيس عن تحقيق هذه الواجبات.
٧- يجب أن تساعد عملية التفويض على تحقيق أهداف المنظمة علىأفضل وجه. (الجيوسي، وجاد الله، ١٤٢٠ ه، ص ١١٦ ).
٨- توفير ظروف عمل خالية من الخوف ومن مصادر القلق وتثبيط الهمم، والعمل على إشاعة جو من الثقة والموضوعية في التعامل.
٩- تشجيع الاعتقاد بأهمية التفويض لضمان بلوغ الأهداف بكفاءة وفاعلية.
١٠ - قيام المدير - مفوض السلطة - بمساعدة المفوَّض إليه لضمان صحة استخدامه للسلطة وعدم اتخاذه لقرارات لا تخدم تحقيق الأهداف المكلف ببلوغها. (العبيدي، ١٩٩٧ م، ص ٢١٢ - ٢١٣ ).__

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.