دور التخطيط الحضري في تحقيق التنمية مقدمة : 2 الفصل الاول : الإطار التاريخي والقانوني لوثائق التعمير بالمغرب - 4 المبحث ا...
دور التخطيط الحضري في تحقيق التنمية
مقدمة:
يكتسي قطاع التعمير أهمية قصوى
في مسلسل التنمية المحلية ،بالنظر إلى الدور الذي يلعبه في تأهيل المجالات
الترابية والرفع في قدراتها على استقطاب الاستثمار وخلق الثروة وتحسين إطار عيش
المواطنين.
بواسطة التعمير للإدارة المحلية
أن تضع تخطيطا ملائما وتدبيرا ملائما لقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية
والعمرانية.[1]
فإذا كان التخطيط الحضري هو تدخل الإدارة بأدوات منهجية ووثائق مرجعية لتنظيم
استعمال المجال وتقنين أو تحديد هذا الاستعمال لكل منطقة من المناطق المدنية
وتخصيص وظيفة لكل منها قصد تحقيق تكامل أجزائها وانسجام أطرافها وبالتالي حسن
تنظيمها وتعميرها.[2]
فالتخطيط الحضري يكتسي أهمية قصوى في تطور المجتمعات البشرية كما شكل قطاعا حيويا
ذا انعكاس مباشر على مستقبل البلاد سواء
على مستوى الاجتماعي أو الاقتصادي.[3]
فان التحكم في مجال من اجل
تنظيمه وتوجيه التوسع الحضري يفترض وجود سند أو إطار قانوني تعتمد عليه السلطات
العمومية في تدخلاتها على مستوى التخطيط العمراني.
ويشمل التخطيط الحضري مجموعة من
الدراسات والخطوات والإجراءات التي تسمح للمتدخلين العموميين بالإلمام بتطور
الأوساط العمرانية وتحديد فرضيات التهيئة وكيفية استغلال السطح.[4]
هاته الوظائف التي تتم بلورتها
عبر وثائق التعمير تعتبر بمثابة مؤشرات لقياس التنمية المحلية وإطارات
مرجعية للتوقع والتنظيم المجاليين .[5]
وبما أننا سنناقش التخطيط
الحضري فإننا سنتطرق إلى قانون 90-12 المتعلق بالتعمير الصادر بتاريخ 17/7/1992
ونتجاوز القانون المتعلق بتنمية العمارات القروية الصادر بتاريخ 52/6/1960.
ويمكن تصنيف وثائق التعمير إلى
صنفين :
الأول - يعرف بالأداة التوجيهية أو التقديرية : وينحصر
في المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية الذي ينصب على المجال الحضري ولكنه يمكن أن
يشمل جزءا من المجال القروي المحيط
بالمدينة.
أما الثاني : فيطلق عليه
الوثائق التنظيمية : ويشمل ثلاث وثائق وهي تصميم التنطيق وتصميم التهيئة الخاص
بالمجال الحضري ثم تصميم التنمية الذي يهم المجال القروي[6]
فالتعمير سواء بشقه التنظيمي أو
التوجيهي فهو يوجد في علاقة وظيفية وقانونية مع التصميم الوطني لإعداد التراب.
فإذا كانت وثائق التعمير تجسد
المنطق الإرادي للدولة في تنمية المجال من خلال مجموعة من الوثائق. فالميكانيزم
الواقعي الذي يعبر عن التطور الذي يمليه الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي
يعبر عن تعارض بين هذا الميكانيزم الإداري والواقعي.[7] وذلك من
خلال الأسئلة التي يطرحها العرض.
ما هي نسبة تفعيل وثائق التعمير
على ارض الواقع ؟ والأسباب التي تحول دون التفعيل؟هل الأمر يتعلق بأسباب قانونية
أم اجتماعية أم اقتصادية ؟
ونظرا لطبيعة هذا الموضوع الذي
يمزج بين ما هو إرادي وواقعي ارتأينا تقسيم بحتنا إلى فصلين أساسين :
الفصل الأول : الإطار التاريخي والقانوني لوثائق التعمير بالمغرب
إذا كان التخطيط الحضري هو تدخل
الإدارة بأدوات منهجية ووثائق مرجعية لتنظيم استعمال المجال.[8] وذلك من
اجل التحكم وضبط النمو العمراني السريع لتحقيق التكامل بين الأجزاء لانسجام الأطراف
جعل من الضروري استعمال نصوص تشريعية وتنظيمية في المخططات التعميرية التي تشكل دعامتها
الأساسية تصاميم التعمير . والى جانب هذا لابد من الإشارة إلى الظرفية التاريخية
التي عاشها المغرب قبل وإبان الحماية والتي انعكست على المجال وعلى الفضاءات
الحضرية.[9] وبهذا
سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين بحيث سنتناول في :
المبحث الأول: الإطار التاريخي
للتخطيط الحضري
المبحث الثاني: وثائق التعمير كإطار
قانوني للتخطيط الحضري.
المبحث الأول : السياق التاريخي للتخطيط الحضري.
إن التعمير بالشكل الذي نعرفه
اليوم في بلادنا، لم يكن كذلك في الماضي. فقد اختلف البناء وطرق تنظيمه وأهميته مع
اختلاف الأوضاع التاريخية التي مر بها ، وهكذا فان التعمير قبل الحماية كان له
طابعه الخاص والمتميز . أما أثناء الحماية ونظرا للاحتكاك بالمحتل، ونظرا لتطلعات وأهداف
المستعمر فان الطراز المعماري سيتغير نتيجة العوامل السابقة .وبعد الاحتلال وإعلان
الاستقلال فان التعمير سيعرف تغيرات جديدة [10]وبهذا
نجد ان المجال المغربي شهد مراحل متميزة يمكن اختزالها في مرحلتين : مرحلة ما قبل
الاستقلال (المطلب الأول) ومرحلة ما بعد الاستقلال ( المطلب الثاني).[11]
المطلب الثاني : نظام التخطيط الحضري قبل الاستقلال
قد تعتبر المحطات التاريخية
التي شهدها التراب المغربي قبل الاستقلال تساعد على فهم و إدراك العوامل والأسباب
الجوهرية التي تحكمت في دينامية المجال المغربي بصفة عامة وحواضره بصفة خاصة ويمكن
التطرق إلى هذه المحطات من خلال مرحلتين مرحلة ما قبل الحماية ومرحلة عهد الحماية.[12]
الفقرة الأولى: المدن المغربية قبيل الحماية
لم يعرف المغرب أي تشريع يتعلق
بالتخطيط العمراني حتى بداية عهد الحماية
الفرنسية [13].
إلا أن هذا لا ينفي وجود تنظيم
للمجال الحضري في العديد من مدنه التاريخية، حيث اتسمت بالحكمة والوظيفة
المتوازنتين للبحث العميق عن الجمالية. ففي مجمل هذه المدن يلاحظ أن تصاميمها تفصح
عن وجود قواعد اجتماعية تحكم كل بناء[14] وهذا
يختلف مع مقولة القنصل الفرنسي " لويس شانتيي louis chantier سنة 1780 الذي قال أن المغرب بلد بدون مدن .[15]
فقد كانت هناك عشرة مدن يقرب عدد سكان كل واحد منها
المائة ألف نسمة ، موزعة على مختلف جهات البلاد منها : مكناس ، فاس ، مراكش ،
تطوان ، طنجة ’ وجدة ، تازة ’ أسفي ، الصويرة واكادير. هذا بالإضافة إلى المدن
الصغيرة التي كانت موزعة كذلك على مختلف جهات المغرب مما يؤكد لنا أن السكان
الحضريين أو القرويين كانوا غير متمركزين في منطقة على حساب أخرى [16].
والملاحظ في مجمل هذه المدن أن تصاميمها تفصح عن وجود
قواعد اجتماعية تحكم كل بناء بناء. وهذا التعمير ذو الأصل الإسلامي والعربي كان
يتأسس حول ثلاث أهداف رئيسية :
1) فالضروري: يهم السكنى،
أي الملجأ الذي يحميهم
2) الحاجي : يتعلق
بالتجهيزات بكل أنواعها .
3) التحسيني :
فيرتبط بكل ما هو جمالي
أما النشاط الاقتصادي فقد كان
يعرف ثلاث قطاعات تتكامل فيما بينهما وهي
:
القطاع الفلاحي وقطاع الصناعة
التقليدية إلى جانب قطاع التجارة . ونظرا لنسبة السكان الضعيفة فان هذه القطاعات كانت
توفر كل ما يحتاجه الإنسان في حياته اليومية لكن هذا التوازن وهذا التكامل ستعمل
الحماية على خلخلته تنفيذا لأهداف سياسية وإدارية قصد التحكم. في المجال واستغلاله
بشكل ممنهج طيلة فترة الحماية.[17]
الفقرة الثانية : مرحلة عهد الحماية
إن الوضعية التعمير للمغرب
ستتغير بعد الاحتلال فبمجرد توقيع معاهدة الحماية سنة 1912 باشر المارشال ليوطي
تطبيق سياسة عمرانية استهدف من ورائها توفير الشروط المثلى لاستقبال أفواج
المعمرين وكذا لاستبدال نمط التدبير العمراني الأصيل بأخر حديث يستمد أصوله من
الفكر الغريب .وبهذا سنقسم هذه الفقرة إلى شقين الشق الأول يتعلق بقرارات المارشال
ليوطي لتطبيق سياسة التعميرية والشق الثاني لظهائر والقوانين التي برزت خلال فترة
الحماية .
1.
قرار ليوطي لتطبيق سياسته
التعميرية.[18]
قد يمكن اعتبار مجموع القرارات
التي اتخذها مارشال ليوطي سواء اقتصاديا أو في ميدان التعمير قد ساهمت اضطراريا في
تغيير السياسة العمرانية.
وذلك من خلال مجموع القرارات
لتغيير المحور الاقتصادي الداخلي بنقل العاصمة السياسية من مدينة فاس إلى مدينة
الرباط وذلك لإبعاد النخبة السياسية والعلمية من مكان اتخاذ القرار . إلى جانب هذا
كله جعل ليوطي مدينة الدار البيضاء عاصمة اقتصادية ومن اكبر الموانئ الإفريقية وفي
غرب البلاد وتحديدا بالقرب من مصب نهر سبو تم بناء مدينة القنيطرة والتي ظلت تحمل
اسم ليوطي طيلة فترة الاستعمار[19] وهكذا أصبح
محور القنيطرة الدار البيضاء المحور الحيوي للاقتصاد المغربي ، كما يتركز فيه ثقل
اقتصاد الحماية . وبذلك سوف ينتهي الدور الكبير الذي يلعبه المحور الاقتصادي
الداخلي والذي كان يربط شمال المغرب بجنوبه.[20]
بالإضافة إلى ذلك اصدر مجموعة
من القرارات في ميدان التعمير ويتعلق ذلك أولا بالحفاظ على مدن العتيقة وان تصان
مزيد من التغيير والغاية من ذلك هو عدم خلق الاحتكاك بين الفرنسيين لكن تبقى
المدينة العتيقة تعيش في ماضيها ولا تنفتح على التقدم والتحضر أما القرار الثاني
فيتعلق ببناء أحياء أروبية ، وفق طراز معماري يمزج بين محاسن الهندسة المعمارية الغربية
والمغربية بالإضافة إلى عزل المدينة العتيقة للسيطرة على سكانها كلما كان هناك ما
من شأنه انه يمس بالنظام العام.[21]
2)
القوانين التي أنشأتها سلطات
الحماية :
كنتيجة
لسياسة ليوطي التعميرية تراجعت تهيئة المجال بشكل كبير ، وعرف الوضع تأزما نتيجة
الجفاف الذي عم جميع أنحاء البلاد وكذلك الأزمة الاقتصادية العالمية. كل هذا دفع
السكان إلى الهجرة نحو المدن . فانتشرت التجزئات الغير القانونية واتسع البناء
العشوائي ، فبادرت الإدارة الاستعمارية إلى وضع مخطط تهيئة تحت اسم "
كورطو" لتهيئة وتوسيع المدن . كما تم إنشاء " المكتب الشريف للسكان
الأوربيين سنة 1942 تحول سنة 1944 إلى المكتب الشريف للسكن بحيث ساهم في تشيد أحياء
لفائدة المغاربة.[22]
و كان فشل سياسة المستعمر في
خلق توازن بين مختلف المدن سببا دفع المسؤولين إلى وضع برامج منسجمة لتنظيم وتخطيط
توسع المدن وفي هذا الإطار تم إصدار نصوص قانونية كان أولها:
ظهير بمثابة قانون بتاريخ 16
ابريل 1914 : يتعلق بقرارات التصنيف وتصاميم تهيئة وتوسع المدن وارتفاقات و رسوم
الطرق.[23]
ثم جاء ظهير 30 يوليوز 1952
الذي نسخ مقتضيات ظهير 16 ابريل 1914 وادخل إصلاحات مهمة منها . توسيع مجال
التعمير ومنح الإدارة بعض السلط كإمكانية
التوقيف وتسليم رخص البناء بالإضافة إلى استحداث مفهوم التنطيق وتصميمه.[24]
المطلب الثاني: مرحلة ما بعد الاستقلال
كباقي دول العالم وجد المغرب
نفسه أمام تحديات الإرث السلبي لسياسة التعمير وتدبير المجالي التي نهجتها سلطات
الحماية ، ولقد حاولت من جهتها تجاوز هذا الإرث من خلال البرامج التنموية و
المخططات الاقتصادية وهذا فإن مخطط 1958 – 1959 جاء بأدوات لنهج سياسة السكن لأكثرية
وذلك عبر تجهيز أراضي المخصصة للبيع على شكل بقع بناء مساكن متطورة أو مؤقتة
للفئات أكثر فقرا وعلى نفس المنوال سار المخطط الخماسي 1960 1964 الذي خصص ميزانية
هامة للإسكان وخاصة بالنسبة لذوي السكان غير اللائق.
ويلاحظ من خلال هذا غياب واضح
لمجال التعمير بالمقابل تم التركيز على الإسكان إلا أن المخطط الثلاثي 1965 -1967
سوف يتجه نحو أولويات جديدة من الدولة أن تراجع سياستها العمرانية وكانت أول إجراءا
اتخذه هو إلحاق مديرية التعمير إلى وزارة الداخلية وفصلها عن قطاع الإسكان بالإضافة إلى خلق مراكز
للبحث والتكوين والبحث عن الحلول المستقبلية و أما المخطط 1973-1977 فقد جاء بإستراتجية
شاملة للتعمير أهم مكونتها 1) التخطيط على مستوى الوطني 2) العمل على التحكم في
العقار تنظيم مجال البناء. أما بالنسبة للمخطط الثلاثي 1978 -1980 والذي سمي
بالمخطط الانتقالي الذي جاء بتدخل الدولة ومحاربة أحياء الصفيح.[25] مع
انجاز سبع تصاميم مديرية و 86 تصميم التهيئة 259 تصميم نمو .
بالإضافة إلى أن المخطط الخماسي 1981-1985 ليركز
على التخطيط العمراني وذلك عبر تخصيص ميزانية 5.5 مليون درهم تهيئة التراب و7
ملايين درهم للتنمية الجهوية .كما ثم إعداد مجموعة من وثائق التعمير تم التجاوز
عنها .بالإضافة ثم إنشاء الوكالة الحضرية للدار البيضاء كمؤسسة عمومية أواخر سنة
1984 لتشرف على تدبير المجال الحضري للدار البيضاء وتكون البداية لبروز فاعل جديد
في مجال التعمير ومن اجل إتباع سياسة مجالية فاعلة عملت الإدارة المغربية على إعداد
مجموعة من النصوص القانونية المتعلقة بالتعمير والتي أصبحت هي الإطار القانوني في
مجال التخطيط الحضري فقد نص مخطط 2000-2004 في بعض النصوص التشريعية المتعلقة
بالتعمير تتماشى مع فلسفة الميثاق الوطني لإعداد التراب الوطني وتساهم في تدبير
للمجال.
المبحث الثاني:الإطار القانوني للتخطيط الحضري.
إن التخطيط الحضري يعتبر قاعدة أساسية
للتعمير [26]
وفي هذا السياق فان المشرع المغربي حدد مجموعة من الوثائق العمرانية وباعتبارها
قانون إطار لتخطيط المجال. بحيث تقوم ببرمجة التجهيزات الضرورية للتجمعات
البشرية فالتخطيط الحضري أصبح يتم اليوم
بتصاميم مختلفة التي تعتبر إطارا قانونيا وأداة سياسية لاستغلال الأراضي الحضرية
وضمان حسن استعمالها على المدى القريب والبعيد ثانيا على هذا نجد الإدارة العمومية
في وثائق التعمير مرجعية للوصول إلى التدبير المعلن فإذا كانت تعتبر بمثابة المرجع
كما سبقت الإشارة إلى ذلك بالنسبة لكل المتدخلين . وللإلمام بهذه الوثائق الذي نص
عليهما قانون 12/90.
سنحاول أن نتطرق في ( المطلب الأول) إلى المخطط
التوجيهي للتهيئة العمرانية وفي (
المطلب الثاني ) إلى التعمير التنظيمي أي تصميم التنطيق وتصميم
التهيئة.
المطلب الأول: المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية: التعمير التقديري.
(SDAU) Le Schéma Directeur D’aménagement Urbain
كان أول ظهور لهذه الوثيقة
التعميرية في فرنسا وبالتحديد عند صدور قانون التوجيه العقاري سنة 1967 وأطلق
عليها المشرع المغربي اسم التصاميم المديرية . والمخطط التوجيهي يتكون من رسوم بيانية
وتقارير مكتوبة تحدد التوجهات الكبرى للتخطيط العمراني . فالمخطط التوجيهي للتهيئة
الحضرية يجد سنده القانوني في قانون التعمير 12/90 حيث يتولى هذا المخطط التوجهات
الكبرى للتنمية الحضرية لمدة 25 سنة .فوق نطاق ترابي واسع .كما أن القانون أعطى
قوة إلزامية للمخطط اتجاه وثائق التعمير وفرض عليها احترامه وكذلك بالنسبة
للمؤسسات العامة.
الفقرة الأولى: تعريف المخطط وأهدافه.
يعتبر المخطط التوجيهي للتهيئة
العمرانية أداة للتخطيط الحضري ويتم إعداد لمدة لا تتجاوز 25 سنة ويتولى وضع
الخطوط العامة و الاختيارات الكبرى لتنمية متوازنة للمنطقة التي يغطيها و التوجهات
التي يحددها المخطط تكون في الأمد القريب والبعيد كما أن غاية هذا المخطط ليست
قرارات تنظيمية ، عادية وذلك بسبب المساحة الكبيرة التي سهر عليها .والتصميم له
غاية توقعية بحيث ينعتونه بالتعمير التوجيهي ، ومدته 25 سنة.
ويمكن إبداء الملاحظات التالية
حوله استنتاجا من التعريف على أن :
1-
المخطط التوجيهي هو أداة
للتخطيط الحضري يقوم بتحديد التوجه العام لاستعمال الأراضي : نظام النقل ، برمجة
التجهيزات الكبرى وأعمال التهيئة المراد انجازها مستقبلا .
2-
المخطط لا يعتبر وثيقة اقتصادية
إلا أن إعداد المخطط تواكبه دراسات معمقة اجتماعيا واقتصاديا.
3-
المخطط التوجيهي يتوخى برمجة
عامة للتنمية الحضرية ويعتبر صلة وصل من الأعمال التنسيقية التي يقوم بها .بين
الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية . ويجب على هؤلاء المتدخلين التقيد بأحكام
المخطط التوجيهي وبصفة خاصة عند انجاز المشاريع الكبرى المتعلقة بالتجهيزات
والاحتياطات العقارية العامة. أما بالنسبة لنطاق تطبيق المخطط التوجيهي للتهيئة
العمرانية فهي تتجلى في مجموعة من الأهداف المسطرة تطبيقها على ارض الواقع. وهي
تعتبر الأهداف الوطنية العامة والتي تم تحديدها في التوجهات العامة. ويمكن
استخلاصها من المادة 4 من قانون 12/90.
الفقرة الثانية : مسطرة إعداد المخطط التوجيهي والدور الجماعي فيها :
للشروع في إعداد المخطط باتخاذ
مبادرة الإعداد من طرف الإدارة المكلفة بالتعمير وبمساهمة المجالس الجماعية
المعنية. وبذلك يتم القيام بالدراسات الميدانية والتي على ضوئها يتم صياغة مشروع
المخطط الذي يعرض على لجان المتابعة وفي الأخير يتم إحالته على المجالس الجماعية المعنية.
وبذلك يتم القيام بالدراسات الميدانية والتي على ضوئها يتم صياغة مشروع المخطط
الذي يعرض على لجان المتابعة وفي الأخير يتم إحالته على المجالس الجماعية لإبداء
اقتراحاتها وأرائها على مشروع المخطط .وتبقى استشارة المجلس الجماعي ومساهمتها في اتخاذ
القرارات التي لها صلة بحدود نفوذها هو ما من شأنه ان يدعم الديمقراطية المحلية
ببلادنا وينجح خيار اللامركزية التي تبناها المغرب في شؤونه الوطنية .وقد ساير
قانون التعمير 12/90 في نفس الاتجاه.
بحيث نص في المادة 6 على مساهمة
المجالس في وضع مشروع المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية. ولكن مهمة المجلس لا تقف
هنا بل تمتد إلى ما بعد الانتهاء من إعداد مشروع المخطط من اجل إبداء الملاحظات
حوله.
الفقرة الثالثة: أثار المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية.
لا شك في أن المصادقة على
المخططات التوجيهية تعطيها صفة إلزامية خاصة اتجاه السلطات العمومية التي تلتزم
بالسهر على احترام اختيارات وتوجهات المخطط من جهة والعمل على ترجمة هذه الوثيقة
التعميرية على ارض الواقع بواسطة الوثائق التنظيمية الأخرى كالتصميم التنطيق
وتصميم التهيئة وفي هذا السياق ورد في المادة 9 من قانون 12/90 مايلي : " يجب
على الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية أن تتقيد بأحكام مخطط توجيه
العمران"[27].
أما في فرنسا فان درجة التقيد بإحكام
المخطط هي أصل التشريع المغربي بحيث اشترط المشرع الفرنسي وجود تمايل بين التصميم
المديري والمشاريع التي تود الأشغال العمومية انجازها.
المطلب الثاني: التعمير التنظيمي.
يقصد بالتعمير التنظيمي كمقابل
للتعمير التقديري، تلك الوثائق التي يتم استعمالها من اجل التخطيط الحضري
والعمراني والتي يجب انه تتميز بالتفصيل والوضوح اللازمين لكي تظهر من خلال الوثائق.
حقوق والتزامات الملاك العقاريين وأيضا لكي يعلم المواطنون بالتجهيزات والمرافق
العامة التي سيتم انجازها والتي سوف تقام، بينما التعمير التقديري هو عبارة عن
توجهات عامة وتصور مستقبلي لما ستصبح عليه المدينة التي يوضع لها مخطط توجيهي على الأمد
المتوسط والبعيد وهذا ما يفسر أن التعمير التنظيمي يتم بثلاثة تصاميم أساسية هي
تصميم التنطيق و تصميم التهيئة وتصميم التنمية[28]
الفقرة الأولى : تصميم التنطيق
فهو وثيقة من وثائق
التعمير منظمة بقانون إطار 12 /90 وهي
وثيقة من وثائق التعمير التنظيمي والتي يلجأ إليها المشرع من اجل التخطيط لتوجهات
التعمير المرسومة في المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية . وهو تصميم يوضع مباشرة
بعد مباشرة المصادقة على المخططات التوجيهية لملء الفراغ ولكي تتمكن السلطات الإدارية
من إعداد تصميم التهيئة الذي يتطلب فترة طويلة في إعداده . ويعتبر المشرع تصميم
التنطيق بمثابة إجراء تحفظي يمكن الإدارة والجماعات المحلية لمدة أقصاها. سنتان من
الحفاظ على توجهات المخطط التوجيهي وإعداد تصميم التهيئة من قبل خلال فترة عامين
في انتظار إعداد تصميم التهيئة ويرى الدكتور محمد أظريف " انه مع مرور الوقت
هذا التصميم سوف يندثر خاصة داخل المدن التي وضعت لها تصاميم سابقا ولن يشمل إلا
البقع التي فتحت جديدا من اجل تهيئتها.
وفي هذا الإطار يرى Jean François Tribilon أن منطق خلق تصميم تنطيق في
أماكن لم يشملها المخطط المديري ليس أمرا واضحا لأنه يعطيك إحساسا بكسر تصميم
التهيئة.
الفقرة الثانية : تصميم التهيئة
فإنه يعتبر أول وثيقة تعمير
يعرفها قانون التعمير المغربي لتهيئة وتوسيع المدن وأحيانها فقد ثم أثناء فترة
الحماية بناء الأحياء الأوروبية بواسطة
هذه الوثيقة كما ثم بناء بعض المدن الجديدة بنفس الوثيقة كما هو الحال بمدينة
القنيطرة وسيدي سليمان و سيدي قاسم والمحمدية ويمكن أن نقول أن مدننا و أحيائها
كان وراء نموها واتساعها هذا التصميم الذي يعود إليه الفضل في إنتاج إحياء متناسقة
ومنظمة وغنية بهندستها المعمارية وبعض الآثار التاريخية التي سجلت البصمات التي
تركتها أفكار المقيم العام " المارشال اليوطي" .[29]
وكما قلنا فإن أول نص قانوني
نظم هذا التصميم هو ظهير 1914 الذي الغى
بموجب ظهير 1952 والذي الغي بدوره بموجب قانون 12/90 المتعلق بالتعمير لسنة 1992
وبموجبها توخي المشرع تمكين الإدارة الجماعية في حماية المصلحة العامة بالحيلولة
دون تعريض تنفيذ تصميم التهيئة المصادق عليه فيما بعد . وهذا التصميم فهو يشمل أداة من اجل التوازن العملي والجمالي
والذي انطلقا من المعطيات الإجمالية يعالج التفاصيل الجزئية لإحياء المدينة ويحدد
حق استعمال الأراضي .
فمسطرة إعداد تصميم التهيئة لا
تختلف عن تلك المتبعة في الوثيقتين السابقتين حيث تنكب الدولة هنا دورا أساسيا أن
لم نكن وحيدا في إعداد وصياغة تصميم التهيئة.
حيث وضع مشروع التصميم حسب
المادة 23 من قانون 12/90 والمادة 19 من المرسوم التطبيقي بمبادرة من الإدارة
المتمثلة في الوزارة المكلفة بالتعليم. ويعتبر هيمنة الدولة واضحة في هذا المجال إذ
ينحصر دور المجالس الجماعية في مساهمتها فقط في إجراء الدراسات وإبداء الملاحظات
والاقتراحات حول المشروع ونجد اختلاف وحيد بين هذه الوثيقة والوثائق الأخرى يتجلى في
البحث العليا.[30]
الفصل الثاني : صعوبات تنفيذ وثائق التعمير :
إذا كانت وثائق التعمير وسيلة
من وسائل تنمية المدن عمرانيا واقتصاديا واجتماعيا. وتجسيدا لتدخل الدولة في تهيئة
المجال. فإن تفعيل هذه الوثائق على ارض الواقع تعترضه مجموعة من الصعوبات ، حيث
يتبين من خلال الممارسة ومن خلال البحوث التي ثم انجازها في هذا الشأن ، إن ترجمة
مضامين وثائق التعمير قد تصطدم بعراقيل تتعلق أساسا بالإشكاليات التي يطرحها
العقار بالمغرب ، فضلا عن مشاكل التمويل التي تعترض تنزيل بنود وثائق التعمير على
ارض الواقع.
والخطير في الآمر أن عدم تطبيق
هذه الوثائق لا يؤثر فقط على المجال الترابي الذي تغطيه ، بل تمتد تأثيراته جهويا
ووطنيا ، حيث أن عرقلة التصاميم المحلية هي عرقلة المخططات الجهوية والوطنية ، مما
يهدد تنمية البلاد بصفة عامة ويضعف من قوة الهيكل الترابي ، وهو الآمر الذي يبعث
على التنازل حول مدى أهمية الحماية القانونية التي تتمتع بها وثائق التعمير والطرق
الكفيلة بتجاوز إشكالية تنفيذها ؟
المبحث الأول : آثار الصعوبات العقارية والمالية على التخطيط العمراني :
لا يخفى على احد مدى أهمية
العقار من كافة النواحي القانونية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.فالرصيد العقاري
يمكنه أن يسهل أو يعقد كل المبادرات سواء في القطاع الفلاحي أو السياحي أو الصناعي
وكذلك السكني. حيث أن العلاقة التي تربط العقار بالتخطيط العمراني مزدوجة ومتداخلة
فيما بينها مما يستدعي تحديث مفهوم الملكية لتمكينها من القيام بوظيفتها الاجتماعية
، والتوفيق بين الملكية العقارية الخاصة والمصلحة العامة التي تستدعي توفير الأراضي
الضرورية لتوسيع المدن وبناء التجهيزات والبناءات الضرورية للسكن والحياة
الاجتماعية.[31]
" المطلب الأول".
لكن وبمجرد تجاوز مشكل العقار
الذي يعتبر أول حاجز يواجه مختلف برامج التخطيط ، يطرح مشكل أخر لا يقل أهمية عن
سابقه يتعلق بمسألة تأثير العامل التمويلي على هذه البرامج ، ودوره في نجاح أو فشل
الأهداف المسطرة " المطلب الثاني".
المطلب الأول : الاكراهات العقارية
يعتبر العقار من العناصر الأساسية
ذات الواقع القوي على برامج التهيئة العمرانية باعتباره مفتاحا للتعمير clef de l’urbanisme[32]
. حيث انه
إذا كانت غاية التعمير وضع إطار مناسب لتوزيع السكان وتنظيم أنشطتهم المتنوعة فان لهذا التنظيم ركيزة أساسية يقوم عليها هي الأرض.
فتنفيذ وثائق التعمير يتطلب توفير الأرصدة العقارية
اللازمة لانجاز التجهيزات والمرافق العمومية التي نصت عليها ، غير أن مجهودات
الدولة في هذا الإطار تصطدم بغياب التحكم
في الوضعية العقارية وذلك نتيجة لعدة صعوبات سنحاول استعرضها من خلال الفقرتين
الآتيتين :
الفرع الأول: الصعوبات المرتبطة بالرصيد العقاري والمضاربات العقارية
الفقرة الأولى :ضعف الاحتياطات العقارية
عرفت البنية السكانية المغربية تغيرا ملموسا في اتجاه ما
هو حضري ، حيث استقبلت الحواضر أفواجا هائلة من النازحين القرويين الذين ساهموا في
ارتفاع السكان الحضريين بشكل كبير [33]. وهو ارتفاع قابله من جهة أخرى
انخفاض ملموس في الاحتياط العقاري المتوفر لتغطية الحاجيات العامة من طرق
وقنوات ومساحات خضراء ومرافق اجتماعية
سواء داخل المدن أو في المناطق المؤهلة للتوسع الحضري ، كما ساهم في هذا الخصاص
العقاري . الاستهلاك العشوائي للأراضي المحيطة بالمدن في إطار خارج عما سطر بوثائق
التعمير وعن مراقبة الإدارة ، إضافة إلى عصرنة مجموعة من القطاعات الإنتاجية
وإحداث المناطق الصناعية والتجارية والتجهيزات الأساسية والمرافق الاجتماعية
المختلفة.
وإذا كانت التقديرات المتعلقة بحاجيات المجتمع المغربي
على مدى الفترة الممتدة من نهاية 1980 إلى سنة 2005 تشير إلى خصاص ناهز حوالي ثلاثة ملايين وخمسمائة وحدة
سكنية فهو يبين الثقل الكبير الذي يمثله قطاع السكن وحجم البرامج الواجب انجازها
سنويا لمواجهة الحاجيات من جهة أخرى فهي تكشف عن مدى شساعة الرصيد العقاري الواجب
توفيره وتجهيزه لاحتواء هذا البرنامج وتفعيل أي تدخل حكومي منتظر. حيث أن هذا
الخصاص في الرصيد العقاري يشكل حاجزا مانعا في وجه السياسات السكنية . وهو أمر لا
تعاني منه الوزارات المعنية فقط ، بل يطال حتى الجماعات المحلية ، ويتفاقم أكثر
بالرجوع إلى ضعف الإمكانات المالية لدى المتدخلين العموميين في القطاع ، والى عدم
استجابة الآليات القانونية المعمول بها حاليا لرغباتهم في تكوين أرصدة عقارية خاصة
بها.[34]
الفقرة الثانية: المضاربة العقارية
رغم وعي
السلطات العمومية بأهمية وجود رصيد عقاري ومحاولتها تعبئة العقارات اللازمة من اجل
تحقيق أهدافها المنشودة، فإنها تصطدم بعائق كبيرهو المضاربة العقارية التي أصبحت
وسيلة لجلب الثروات وتحقيق الأرباح دون
التفكير في واقع ومستقبل المدينة[35].
و ترتبط المضاربة
العقارية في المغرب، بعدة عوامل أهمها : مسألة الأرض، النمو الديمغرافي، الهجرة
القروية، السياسة العامة للحكومة، والسياسة السكنية لها، مواد البناء والأوضاع
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالبلاد وليبرالية السوق العقارية،
والدخل الفردي ومستوى المعيشة وقوانين التعمير وأنظمة البناء، وقوانين الاستثمار
العقاري
[36].
ولا تحتاج المضاربة العقارية إلى
التدليل على اتساع وجودها وشموليتها فأزمة الكراء المصطنعة وارتفاع أثمنتها
بشكل كبير، وارتفاع أثمنه الأراضي داخل المدارات الحضرية وخارجها، وارتفاع كلفة
البناء واحتكار مساحات من الأراضي الصالحة للبناء بيد مجموعة معينة ، يعد من مظاهر
هذه المضاربة [37].
وقد أصبحت المضاربة مجالا خصبا للربح السريع وتحقيق مدا خيل كبيرة،
دون عناء أو مغامرة، وساعد على انتشار هذه الآفة عجز
السلطات المختصة، لأنها
لم تتمكن من ضبط السوق العقارية ، التي تعرف فوضى عارمة في الأثمان، فكانت جميع التفويضات و الشراءات تحصل بعيدا عن
الضوابط القانونية والتنظيمية اللازمة لمواجهتها[38]، وبالتالي
أصبحت المضاربة العقارية حجر عثرة أمام تفعيل وثائق التعمير لغياب الموارد المالية
الكافية لدى الجماعات المحلية لاقتناء
الأراضي .
وقد زادت هذه المضاربة من عناء السلطات
العمومية من خلال دورها في إنتاج وازدهار
أحياء الصفيح،
والبناء العشوائي، مما أدى إلى التشويه
الكبير للمظاهر العمرانية للمدن المغربية وارتفاع قيمة الأراضي. وتلعب أثمان
الأراضي القابلة للبناء المنتجة من طرف الدولة،
والمنعشين العقاريين الخواص دورا حيويا في تطوير المناطق الحضرية للأغراض السكنية
بالمدينة،
ولاسيما إذا كانت الأثمان تتناسب مع القدرة الشرائية لكافة الشرائح الاجتماعية، إذ
ستتولد إمكانية لدى السكان في سهولة امتلاك الأرض،
وبنائها ومن ثمة المساهمة في تنمية قطاع الإسكان والتخفيف
من عبئ السلطات
العمومية في هذا المجال.
و
للمضاربة
العقارية اثر كبير كذلك
على السوق العقارية التي تزداد أسعارها بشكل سريع لا تتماشي مع نسبة النمو
الاقتصادي، وتؤدي
إلى ارتفاع في الثمن، هذا الأخير الذي يعتبر بمثابة
العامل الرئيسي الذي يحدد إمكانية تطوير المنطقة سكنيا وليس
هذا فحسب، فان الثمن يقرر أيضا نوعية السكن الذي
يمكن إقامته ، وموقعه كذلك.
و بالنسبة
لمدينة طنجة، فقد ارتفعت قيمة العقار نتيجة اشتداد المضاربة ، حيث تضاعف ثمن المتر
المربع إلى عشر مرات ما بين 1980 و 1990 منتقلا من 700 درهم إلى 8000 درهم [39]
لذلك وجب على الدولة أن تغير سياستها اتجاه المضاربين العقارين وان تعاملهم
بالحزم والشدة، عوض اللين والمرونة وغض الطرف. بل وعليها أن تتحكم في السوق العقارية إدا أرادت ضمان نجاح مخططاتها بشأن التنمية المحلية و
الوطنية ، خاصة أن الجماعات المحلية غير قادرة على المنافسة نظرا لقلة الموارد المالية التي تتوفر عليها،و إذا كان القانون يمنحا امتيازات ، فان
الجماعات المحلية حتى و هي تستعمل هذه الامتيازات تظل في حاجة إلى موارد مالية و
نعطي المثال هنا بامتياز نزع الملكية من اجل المنفعة العامة.
الفرع الثاني : تعدد الأنظمة العقارية
إن تعدد الأنظمة العقارية تعتبر خاصية فريدة للأراضي القابلة للتعمير بالمغرب، وبالتالي فهي تزيد من متاعب التدخل العمومي لتفعيل وثائق التعمير،
بحيث يستغرق البحث عن المالك الحقيقي للأرض وقت طويلا ، كما أن مسطرة تخفيض
الأراضي تأخذ وقتا مما يعطل تنفيذ وثائق
التعمير و يجعلها غير قادرة على احترام الآجال المحددة لها . وتصنف من حيث نظامها
القانوني لأراضي محفظة وأخرى غير محفظة (الفقرة الأول) من جهة ومن جهة أخرى كذلك تصنف من حيث أصناف الملاك (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الملكية العقارية من حيث نظامها القانوني:
الملكية المحفظة التي تعتمد
على النظام العيني والملكية غير المحفظة أو العادية التي تعتمد على النظام الشخصي
ولكل نظامه وخصائصه و قواعده التي
تزيد عناء التدخل العمومي.
أ
:الأراضي غير المحفظة
ينشا حق التملك في الملكية العقارية العادية أو غير المحفظة ، عن عقد
عرفي أو رسمي، أو بناء على حيازة العقار بنية التملك حيازة مادية، تتوفر فيها شروط
: الهدوء والعلانية والاستمرار والخلو من الالتباس، وذلك لمد عشرة سنوات على
الأقل، فيما بين الغرباء، ولمدة أربعين سنة فأكثر إذا توفر عنصر القرابة العائلية[41].
ان وجود كثرة الأراضي غير المحفظة في المغرب بشكل عام يجعل الملكية
غير المحفظة معرضة لكثير من الخلافات والنزاعات ، أمام المحاكم، وتجعل نظامها القانوني ضعيف الضمانات ولا يشجع على الاستقرار العقاري
مما دفع المؤسسات البنكية وخاصة منها البنوك المكلفة بالقروض في ميدان البناء والسكنى أن تتخذ الحيطة من هذه الملكية، وتمتنع عن تقديم القروض لأصحابها إذا أرادوا تجزئتها، أو
تجهيزها، أو
بنائها ، علما أن القرض المالي يلعب اليوم دورا هاما في بناء منزل أو شراء شقة أو
تجهيز ارض وإعدادها للبناء والسكن،وبالتالي تصبح هذه الأراضي حجرة عثرة أمام التدخل العمومي في حالة وجود رغبة لاستغلالها وحل معضلة السكن ، علما أن هذا النوع يخضع في الواقع لقاعدة المعاملات
العرفية مما يصعب معه ضبط هاته المعاملات العقارية العرفية، والتحكم في مثل هذه الأراضي ، وبالتالي تصبح الأراضي غير المحفظة مرتعا للمضاربات وللتعمير العشوائي البعيد عن أية مراقبة إدارية [42].
وقد حاول المشرع المغربي فرض قاعدة التحفيظ على الأراضي الحضرية التي
يراد إحداث تجزئات بها، حيث نصت المادة الخامسة من ظهير 17 يونيو 1992 [43] على انه " لا يقبل طلب التجزئة.... إذا كانت الأرض المراد تجزئتها ليست محفظة ولا بصدد التحفيظ".
و رغم ذلك يلاحظ انه في حالة عدم الحصول على رخصة، يتم البناء بشكل عشوائي وفردي دون مراعاة للضوابط القانونية مما
يشوه النسيج العمراني.
ب : الأراضي المحفظة
بعدما تم التطرق إلى وضعية العقار غير المحفظ والتطرق لبعض العيوب
التي تجعله غير نشيط في ميدان التعمير والبناء سوف ، نحاول في هذا الفرع التطرق الى العقار المحفظ، ويمكن الجزم انه لا يشكل إلا نسبة ضئيلة جدا
من حيث العدد و المساحة مقارنة بالعقار غير المحفظ.
والتحفيظ العقاري يعطي نوعا من الاستقرار والهدوء نظرا للحماية
القانونية التي تكون حاسمة وقاطعة، وهذا هو الهدف الذي أراده المعمر بإدخال نظام التحفيظ العقاري للمغرب بعدما وجد أن القوانين الجاري بها العمل لا تضمن له ذلك ،وتبين ان شهادة العدول
لا توافق ملكية العقار[44] .
ولابد من الإشارة إلى أن الثروة العقارية المتمثلة في الرصيد العقاري
الثابت والخالي من النزاعات هو عامل فاعل لجلب الاستثمار الوطني و الأجنبي على السواء ، فنقول إن العقار المحفظ
مؤهل بصورة ميدانية ليكون رافعة اقتصادية للاستثمار [45] .
ان العقار المحفظ يتمتع باستقرار الملكية وحماية القانون له وضبط وضع الضرائب عليه، وحيوية قابلية للأنشطة العقارية، كالتفويت
والرهن والضمان العيني، وقبول المؤسسات البنكية له في طلبات القروض السكنية، وفي ذلك كله تشجيع لعمليات
البناء والتعمير لكن ما
يؤسف هو وجود نسبة قليلة من الأراضي
المحفظة،وغالبية الأراضي هي غير محفظة مما يطرح تساؤل مهما حول ضرورة توحيد ملكية العقار.
الفقرة الثانية : الوضعية العقارية من حيث أصناف الملاك
إن تعدد الأنظمة العقارية تعتبر خاصية فريدة للأراضي القابلة للتعمير
بالمغرب، فالي جانب التقسيم الشامل للأراضي في المغرب بين أراضي محفظة خاضعة لنظام
قانوني حديث، وأراضي غير محفظة لازالت تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية والقواعد
العرفية، هناك أيضا اختلاف في الأنظمة من حيث التملك، وتؤثر هذه الأنظمة بشكل كبير على وضعية الأراضي وكيفية استغلالها[46].
[47]و نلاحظ أن هناك مجموعة من الأنظمة
عقارية وهي الملك الخاص للدولة ، الملك العام للدولة، الأراضي المسترجعة ، أراضي الجموع، الملك الغابوي والملك الخاص , أراضي الجيش و أملاك الأحباس .
أ : أملاك الدولة و الملك الخاص
يمكن
تقسيم أملاك الدولة إلى ملك عام و ملك خاص :
1.الملك العام للدولة
هو كل ملك دو منفعة عامة، كالشواطئ
البحرية والموانئ
ومجاري المياه والعيون والآبار العمومية ، والبحيرات والضايات والسدود
والطرق والأزقة والسبل والجسور، والقناطر ، وبصفة عامة كل الأراضي والعقارات التي
لا يمكن للفرد ان يمتلكها وتبقي مشاعة بين أفراد المجتمع.
وإذا كان المبدأ الأساسي الذي ينص
عليه
الفصل 4 من ظهير فاتح يوليوز 1914 هو عدم إمكانية تفويت الملك العمومي وعدم خضوعه
لمبدأ التقادم، فان الفصل 5 من نفس الظهير أورد استثناء على
ذلك في الحالة التي يصبح فيها الملك عاجز عن تلبية
الحاجيات العمومية حيث يمكن تحويله إلى ملك خصوصي للدولة بمقتضي مرسوم يقترحه وزير
الأشغال العمومية، ويمكن ان يتم ذلك بالنسبة لأملاك الجماعات بعد استشارة وزيري
الأشغال العمومية والمالية وكذا المجلس الجماعي[48].
و تعتبر المصالح المشرفة على قطاع
التجهيز والأشغال العمومية، هي الساهرة على حماية واستعمال الأملاك العامة للدولة،
غير أن هناك أملاك عامة تسهر عليها جهات أخرى مثل الأملاك الجماعية،
أو الأملاك البلدية التي تدخل في اختصاص
الجماعات والبلديات و العمالات و الأقاليم[49].
2.
الملك الخاص للدولة
.
إن
الاستثناء الوارد في الفصل الخامس من ظهير فاتح يوليوز 1914 والذي يعطي إمكانية تحويل الملك العام للدولة إلى ملك
خاص، ليعتبر إقرارا واضحا بوجود نظام خاص بأملاك الدولة الخاصة تتصرف
فيه كشخص من أشخاص القانون الخاص،
وبعيدا عن قيود تحقيق المنفعة العامة ،
والملك الخاص للدولة أو الملك المخزني،
هو ملك عرفه المغرب مند القدم[50].
3.
الملكية الخاصة
إن
حق الملكية ، هو حق التمتع والتصرف في العقار بصورة مطلقة وغير متعارضة مع
القوانين التي قد تحد من استعمال هذا الحق،
ونص الفصل 15 من أول
دستور مغربي الى أخر دستور على ضمان حق
الملكية.
و
قد حاول المشرع
المغربي تقنين الملكية الخاصة منذ زمن ، بعدما
كانت تخضع لمقتضيات الأعراف وأحكام الشريعة الإسلامية بحيث ان تطور المجتمع
المغربي وتقسيم الأراضي بين العائلات ثم بين الأفراد ، كلها عوامل ساعدت على
تطور نظام الملكية .
ومن
جهة ثانية إذا كان
المبدأ العام هو أن لا أحد يجبر على التخلي عن ملكه إلا لأجل المنفعة العامة
ووفق القوانين الجاري بها العمل في نزع الملكية، فان الاستثناء هو الذي
يجعل حق الملكية الفردية ليس حقا مطلقا بل هو حق يمكن الحد منه لمواجهة بعض
المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية باسم المصلحة العامة، وبذلك يمكن للتدخل العمومي
مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة،العامة
كوسيلة لتوفير العقار الكافي لتحقيق أهدافه المعلنة والمتمثلة في
محاربة السكن غير اللائق، إلا أن العائق الأساسي الذي أصبح يقف أمام المتدخلين
العمومين ، هو ارتفاع قيمة التعويض.[51].
ب: الأنواع الأخرى
للأراضي
1 .الأراضي المسترجعة
تعتبر الأراضي المسترجعة هي تلك الأراضي
التي استرجعتها
الدولة بعد جلاء
الاستعمار، وحصول المغرب على استقلاله.
2. أراضي الجموع
هي
الأراضي التي تملكها جماعات سلالية شياعا بين أفرادها ، و تسير من قبل مجموع أرباب
العائلات المنتمية للجماعة تحت وصاية وزارة الداخلية ، و تبلغ مساحة هده الأراضي
11 مليون هكتار تمثل حوالي 1, 46 %
من مجموع الأراضي الفلاحية في المغرب. [52]الجماعية، ويخضع هذا التنظيم لوصاية الدولة، ولا يمكن تفويت
هذه الأراضي،أو تملكها بالتقادم، وذلك على غرار أملاك الدولة العامة، إلا أن هذا
المبدأ يعرف
بعض الاستثناءات
ألا وهي إمكانية السلطات العمومية،
والجماعات المحلية، بتجاوز مبدأ عدم التفويت إذا بإمكانهم اقتناء عقارات ، إما بالمراضاة أو
عن طريق نزع الملكية و دلك بموجب مرسوم 5 فبراير 1963. [53]
وفعلا تم إدخال بعض الملكيات الجماعية
تدريجيا في المدارات الحضرية لبعض المدن كسلا والقنيطرة و
مكناس وخريبكة، مما جعل بعض الباحثين يرون أن هذه
الطريقة تطرح مجموعة من المشاكل من
بينها عدم وضوح معالم الملكيات المعينة، وعدم وضوح حقوق القبائل المعنية
من جهة ، ومن جهة أخرى عدم رضي هذه القبائل بتفويت حقوقها نظرا للمكانة التي
لازالت تحتلها الملكية الجماعية في المجتمع المغربي[54].
3.الملك
الغابوي :
يعود أول نص تشريعي ينظم الأملاك
الغابوية إلى فاتح نونبر 1912 وذلك حين أدرجتها سلطات الحماية ضمن الملك الخاص
للدولة بغية تكوين رصيد عقاري لتنفيذ مشاريعها الاستعمارية، وتشييد البنيات
التحتية ،وتأمين
الممتلكات العقارية في المناطق الزراعية الخصبة بالمغرب.
وتشرف
وزارة الفلاحة (إدارة المياه والغابات) على تسيير الملك الغابوي،
وعلى الرغم من انه
يخضع لنظام الملك الخاص للدولة[55] الذي
يجوز تفويته لأية جهة، فان الملك الغابوي لا يمكن تفويته إلا إذا اقتضت المصلحة
العامة ذلك،
وفق
مسطرة خاصة منصوص عليها في
مرسوم 6 يونيو
1956،
وبناء على رأي
لجنة إدارية وبعض الهيئات الوزارية (وزارة الفلاحة على
وجه الخصوص، ووزارة الداخلية).
4
. أراضي الجيش :
هي أراضي فلاحية أو أراضي الرعي تخصصها
الدولة للقبائل التي كانت تشكل الجيوش المغربية . فيستأثرون بحق الانتفاع و الاستغلال مقابل خدماتهم العسكرية . و هي غير
قابلة للتفويت و التملك إلا بموافقة الادارة . و لا يوجد أي نص قانوني خاص ينظم
أراضي الجيش لدلك بقي استغلالها خاضع للعادات و التقاليد المحلية التي تختلف من
قبيلة لأخرى.[56]
5.
أملاك الأحباس :
تتكون هده الأملاك من أراضي و دور
يحبسها أحد المحسنين على وجه الخير , كالإنفاق
على المساجد و صيانتها .وتشرف على تسييرها وزارة
الأوقاف و الشؤون الإسلامية.و هي تنقسم إلى أحباس عامة ينظمها ظهير 13 / 7 / 1913
و أحباس خاصة أو معقبة تنظم بظهير 3 / 11 / 1918 .[57]
إن تعدد الأنظمة العقارية بالمغرب من
حيت نظامها القانوني , أو من حيث مالكيها يقف عائقا أمام تحقيق وثائق التعمير على
أرض الواقع , إذ يصعب التعرف على المالك الحقيقي للأرض , فيتطلب الأمر وقتا طويلا
وهو الشيء الذي يجعل هده الوثائق غير قادرة على الالتزام بالوقت المحدد لها . كما
أنه لا يمكن الحصول على الأرض بسهولة رغم التعرف
على مالكها فقد يتطلب الأمر اللجوء إلى نزع الملكية أو الاقتناء بالمراضاة كما هو
الأمر في الأراضي الجماعية أو اللجوء إلى
مسطرة خاصة في حالة الملك الغابوي . و يتم تجاوز المدة المحدد من أجل الحصول على
الأراضي و الشروع في تفعيل الوثائق ببناء المرافق المطلوب و الساحات و التجهيزات
العمومية . و قد لا يتم الحصول على هده الأراضي نظرا لعدم كفاية الموارد المالية
لاقتنائها أو لأداء مبلغ التعويض في حالة نزع الملكية , مما يجعل تنفيذ وثائق
التعمير أمرا صعب المنال .
و مدينة طنجة لا تحيد عن هذه القاعدة , و نعطي المثال هنا
بدراسة قامت بها الوكالة الحضرية لطنجة سنة 2005 ، من أجل تحديد الأوعية العقارية
العمومية لإنجاز المدن الجديدة التي تحدثنا عنها سابقا ، و أسفرت هذه الدراسة عن
وجود مدار مساحته 740 هكتار
يتكون من وعاء عقاري مهم يقع جنوب مدينة طنجة على بعد كيلومترين من مطار ابن بطوطة
. و في ما يلي جدولين يحددان النظام القانوني للمنطقة موضوع الدراسة و كدا نظامها
العقاري من حيث المالكين [58]
:
الجدول
رقم 1 :
النظام العقاري لمدار
قرب مطار اين بطوطة بطنجة
النظام العقاري
|
المساحة بالهكتار
|
النسبة المئوية
|
أراضي محفظة
|
151
|
20
|
أراضي غير محفظة
|
230
|
31
|
أراضي في طور التحفيظ
|
359
|
49
|
المجموع
|
740
|
100
|
الجدول
رقم 2:
النظام
العقاري لمدار قرب مطار ابن بطوطة بطنجة من حيث المالكين
النظام العقاري
|
المساحة بالهكتار
|
النسبة المئوية
|
الملك الخاص
للدولة
|
77
|
10
|
ملك جماعي /
المياه و الغبات
|
118
|
16
|
تعرض متبادل
ما بين الجماعة و المديرية الجهوية للاشغال العمومية
|
206
|
28
|
أراضي حبسية
|
10
|
1
|
أراضي الخواص
|
329
|
44
|
المجموع
|
740
|
100
|
الفرع الأول : غياب التمويل
يعتبر التعمير من القطاعات ذات
التكاليف المالية الباهظة حيث يتطلب تجنيد إمكانيات تمويلية مهمة تتناسب وحجم
المشاريع والبرامج والتجهيزات التي يتضمنها غبر إن ضعف مصادر التمويل يشكل عائقا
يعترض سبيل تأهيل العمران وسد العجز الحاصل على مستوى التجهيزات الأساسية والمرافق
العمومية على اعتبار أن التجهيزات والمرافق التي تتضمنها وثائق التعمير تأتي بعد
الاستشارة المسبقة للإدارات العمومية أثناء فترة إعداد وثيقة التعمير ، والتي من
خلالها تقترح مختلف الإدارات الحاجيات التي ترغب فيها من الأراضي قصد إقامة
المشاريع التي نريد القيام بها ، فإن انصرام الآجال القانونية لوثيقة التعمير دون
تنفيذ البرامج التي تتضمنها ، يجعل الإدارة في موقف حرج.[59]
فما لاشك فيه ان خزينة الدولة
والجماعات المحلية لم تعد قادرة على اقتناء العقارات الضرورية لانجاز التجهيزات والمرافق
العمومية المختلفة ، حيث أثبتت الدولة التي قامت بها الوكالة الحضرية لطنجة حول
مدى تنفيذ وثائق التعمير أن نسبة انجاز التجهيزات المبرمجة بوثائق التعمير لا
تتعدى ℅9,2 .
وهكذا فإن ضعف انجاز التجهيزات
والمرافق العامة له انعكاس سلبي على النسيج العمراني ككل والعقاري منه على وجه
الخصوص حيث أن هذا الأمر يؤثر سلبا على البرمجة ويرهن العقارات المعنية ، فضلا عن إلحاق
أضرار على وجه الخصوص ، حيث أن هذا الأمر يؤثر سلبا على البرمجة ويرهن العقارات
المعنية ، فضلا عن إلحاق أضرار مادية بالملاك الذين لا يستطيعون استغلال أراضيهم
المجيدة ولا التعويض عنها لعدم مباشرة الإدارات المعنية لمسطرة قرار التخلي .
وبالتالي فإن ذلك يشكل صربا للفلسفة التي ينبني عليها تصور وثيقة التعمير. حيث أن
استعمال تلك الأراضي لغرض غير الغرض الذي خصصت له إطار وثيقة التعمير يتعارض مع
المعطيات الاقتصادية والسوسيوثقافية والبيئية
والإدارية التي استندت الوثيقة في مرحلة دراستها . وعموما يمكن القول ان
أزمة التمويل هذه لا يمكن إلحاقها بالدولة وحدها على اعتبار ان هناك جهات أخرى
تتحمل نصيبها في هذا المشكل وبالتالي يمكن حصر هذه الأسباب في العوامل التالية :
أولا : ضعف ميزانية القطاع
يمكن القول أن أزمة التعمير
المادة التي يعرفها المغرب اليوم هي انعكاس أو نتيجة حتمية لمجموعة من التراكمات
السلبية الناجمة عن تهميش قطاع الإسكان وبصفة خاصة تراكمات فترة التقويم الهيكلي ،
التي عملت الحكومة المغربية من خلالها على تخفيض الميزانيات المخصصة للقطاعات
الاجتماعية ، التي تعتبر قطاع التعمير من أهمها ، ولعل عدم تجاوز ميزانية الوزارة
المشرفة على القطاع نسبة 1.28 من الميزانية العامة في أحسن الأحوال لخير دليل على
ذلك.
أما بخصوص سياسة التمويل لدى
الجماعات المحلية فبدورها تعاني من الضعف المرتبط أساسا بتعدد الاختصاصات الواسعة
التي أوكلت إليها حيث تعرف ماليتها عجزا
واضحا يتم تسديده غالبا بواسطة إمداد الموازنة من الميزانيات العامة ، أضف إلى ذلك
غياب أي اثر ترابط في اغلب الجماعات بين المسؤوليات الملقاة على عاتقها والموارد
المتوفرة . وعليه بالرغم من المجهودات المبذولة فإن دور الجماعات المحلية لم يرق
بعد إلى مستوى التمويل الكافي ، الذي يمكن
أن يساير المعايير المبرمجة داخل مختلف وثائق التعمير .
ثانيا : غموض معاملات مؤسسات
القرض
كلما تم الحديث عن المشاكل
السكن والعقار ، إلا وتوجهت لإشكالية التمويل وبالضبط دور التمويل البنكي وما له
من دور في تطوير السياسة العمرانية. حيث يشهد هذا القطاع انحرافات هامة حادت به
كما اسند إليه من خلال تحويل التدخلات المالية لهذا القطاع إلى مجالات أخرى وكذلك تعقيد إجراءات الحصول
على القروض بالنسبة للخواص ، واستبعاد هذه الإمكانية في وجه الجماعات المحلية . ولعل أهم العوائق التي
تعترض عملية الحصول على القروض العقارية اللازمة تبقى هي الضمانات التي تفرضها
المؤسسات البنكية ، والمتمثلة أساسا في الرسوم العقارية المرتبطة بنظام التحفيظ
العقاري الذي لم يعمم بعد في ظل عدم اكتراث المواطنين وأهمية الضمانات التي يوفرها.
وبالإضافة إلى مشكل الضمانات
هناك مشكل أخر يرتبط بمدة القروض والفوائد والأقساط كذلك ولعل في الأزمة التي
عرفتها مؤسسة القرض العقاري والسياحي لدليل على سوء تدبير وهشاشة التنظيم الذي
تعرفه المؤسسات التي أخذت على عاتقها مسؤولية تمويل القطاع كما يدل على غياب
الصرامة عن آليات المراقبة .
الفرع الثاني: المشاكل القانونية
لا أحد يجادل في أن الثغرات
القانونية هي السبب الرئيسي في تعميق أزمة تنفيذ وثائق التعمير وإعاقة كل
المجهودات المبذولة في سبيل الحد من الأزمة ، وتكمن هذه الثغرات في المشاكل
الناجمة عن نصوص قانون التعمير من جهة ، وكذا نصوص قانون التجزئات العقارية
والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات فرغبة المشرع في تجاوز إختلالات قوانين
التعمير السابقة ، التي خلقت موروثا فوضويا وعشوائيا .
المختصين والمتدخلين في الميدان
من اجل إصدار القانون رقم 90.12 سنة 1992 [60] والذي
أعلن القطيعة مع العشوائية واللامبالاة ، انطلاقا من قاعدة أساسية مفادها أن تعثر
وثائق التعمير في أداء وظائفها وخلق تخطيط عصري منظم و معقلن راجع لعدم مسايرة
القاعدة القانونية وعجز هذه الأخيرة عن تأطير الظاهرة الاجتماعية ومواكبة البعد
الاجتماعي والاقتصادي.
لكن بالرغم من كل الايجابيات التي جاء بها قانون التعمير
الجديد فان الممارسة العملية كشفت عن مجموعة من الإختلالات والنواقص وتتجلى في طول
وتعقد المساطر المتعلقة بانجاز وثائق التعمير وعدم دقتها وقلة الترابط فيما بينها
إضافة الى إعدادها في غياب الدراسات والتوجهات المستقبلية في ميدان الإعداد
والتجهيز على الصعيد الوطني مما يكسب قانون التعمير المغربي صفة قانون تنظيمي أكثر
منه قانونا توقعيا ، وهو ما يؤثر على فعالية التصاميم التوجيهية التي تحدد تنمية
التجمعات الحضرية على المدى المتوسط والبعيد .
ومن جهة أخرى يعاب على القانون رقم 90.12 تقليصه
لصلاحيات الجماعات المحلية التي ظل دورها استشاريا فقط ، على الرغم من كونها
المعنية الأولى في المجال و الإداري بشؤونه في حدودها الترابية .
ونجد من جهة أخرى أن المشرع لم يفكر فيما يمكن أن يقوم
به المواطنون وجمعيات المجتمع المدني كمشاركين في قضايا التعمير وكفاعلين ايجابيين
. بحيث ان النصوص القانونية المتعاقبة المنظمة للعملية التعميرية لم تخصص ولو
لكلمة واحدة لسكان المنطقة التي يتم
تغطيتها بمشروع تصميم التهيئة وهو موقف لا ينسجم مع مبادئ الديمقراطية المحلية بصفة عامة.[61]
أما بخصوص قانون التجزئات العقارية والمجموعات السكنية
وتقسيم العقارات فتعتريه بدوره مجموعة من الانتقادات ، من بينها ما نصت عليه
المادة الخامسة من إلزامية تحفيظ العقار المراد تجزئته فرغم سلامة الموقف ومساهمته
في تظهير الملكية العقارية من كل المشاكل والعراقيل فان الأمر يطرح عدة تساؤلات من
بينها مدى اختصاص الإدارة القائمة بمنح رخص التجزيئات العقارية صلاحية السهر على
حماية حق الملكية والتأكد والتثبت من سلامة الوضعية القانونية للعقار ؟ مع العلم أن
المنازعات الخاصة بشأن الملكية يرتبط بالقضاء أولا وذلك دون إغفال استقراء الوضعية
العقارية بالمغرب ، ونسبة العقار المحفظ التي لا تتجاوز حسب بعض الإحصائيات 5
ملايين و 100 ألف هكتار وفي نسبة جد ضعيفة مقارنة مع المساحة الكلية للعقار
بالمغرب ، وكذا انقسام مسطرة التحفيظ بالتعقيد والبطء وعدم مرونة هذا فضلا عن
ارتفاع معدلات التعويض على مطلب التحفيظ .
كما يتعين في هذا الباب استحضار النداءات المتعالية التي
تؤكد على ضرورة فتح هذا النوع من العقار أمام التعمير ورفع المنع المسلط عليه قصد
الاستفادة من ثروة عقارية تخرج عن إطار التداول ، لا لسبب سوى لعدم خضوعها للتحفيظ
لكي تساهم في تنمية مجال العمران .
المبحث الثاني : متطلبات تفعيل وثائق التعمير بالمغرب
بالرغم من المراحل المتقدمة التي عرفها ميدان التعمير
بالمغرب والتقدم الملموس على مستوى هيكلة القطاع قانونيا وواقعيا ذلك من خلال
النتائج المستخلصة في مجال استيعاب السكن الهامشي وتوفير السكن الاقتصادي بنهج
مجموعة من الوسائل الخاصة بمشاريع التنمية الحضرية في كل أرجاء المملكة فإن
الخلاصة التي يمكن الوصول إليها أن وضعية التعمير الحالية بالمغرب لازالت لم تخرج
من مرحلة الأزمة والتي يتشكل ضعف تنفيذ المخططات ووثائق التعمير احد ابرز تجلياتها
. وهو الأمر الذي يفرض صياغة مجموعة من التدابير والإجراءات الرامية لتفعيل هذه
الوثائق سواء من خلال تحريك الواقع القانوني والفعلي للميدان دون نسيان دور القضاء
الإداري في دعم هذه المجهودات.
المطلب الأول . دور التدبير العمراني في تفعيل وثائق التعمير
يلعب التدبير العمراني دورا اكبر لاعتباره ميدانا لبلورة
كل اختيارات الواردة في أدوات التخطيط العمراني وترجمتها على ارض الواقع. ونعتقد أن
الوقت قد حان لتبني مقاربة تدبيرية
إستراتجية فعالة من اجل التحكم في تفعيل وثائق التعمير وذلك استنادا إلى أسس
قانونية حديثة كتفعيل قانون 04/04 وتدعيمها بخطوات عملية أخرى لتفعيل منظومة
المراقبة وتلافي بعض المشاكل المتعلقة بانجاز وثائق التعمير.
الفرع الأول : مشروع مدونة التعمير في تفعيل وثائق التعمير
يشكل مشروع
المدونة الجديدة للتعمير احد أهم المشاريع الرامية إلى تأهيل الممارسة التعميرية
بالمغرب من خلال الآليات و التدابير التي نصت عليها و التي تمس عدة مستويات نذكر منها:
ü على مستوى الآليات
العقارية : تهدف
المدونة إلى تبسيط إجراءات التحفيظ العقاري خلال منح رخص إحداث التجزيئات العقارية
بموازاة إحداث أدوات قانونية تمكن من تعبئة العقاري عبر آليات مهمة "حق الأولوية
و حق نزع الملكية " إضافة لخلق مؤسسات متخصصة في التهيئة العقارية و إحداث وكالات
عقارية جهوية .
ü على مستوى
التمويل :نصت المدونة
على خلق آلية جديدة لتجاوز الضعف المسجل على مستوى تمويل الوثائق التعميرية ودلك
عبر إحداث صندوق الوطني لتمويل التهيئة و التعمير يوظف في تمويل التجهيزات التحتية
وتكوين الاحتياطات العقارية ومنح مساهمات تحفيزية لعمليات التهيئة الحضارية .
ü
على مستوى التدبير الحضري : من اجل تحديد مسؤوليات مختلف المتدخلين و تجاوز تداخل
الاختصاصات فيما بينهم يقترح مشروع المدونة مجموعة من الاقتراحات العلاجية كمنح سلطة الترخيص لوكالة
التعمير مثلا وتفويض سلطة الترخيص من طرف الجماعة إلى وكالة التعمير وفقا لدفتر
التحملات ، وفي جميع الحالات ترخص البنيات المزمع انجازها داخل التجزئات العقارية
المسلمة على أساس تصريح المهندس المعماري .
ü
على مستوى مراقبة وزجر المخالفات : ويقترح مشروع المدونة تدابير
مهمة على هذا الصعيد من قبيل إحداث شرطة للتعمير توضع تحت السلطة المباشرة من طرف
العامل إلى السيد وكيل جلالة الملك ومنح العامل سلطة الأشغال المخالفات للقانون
فور إيداع الشكوى ومباشرة إذا تعلق الأمر بالملك العمومي .[62]
غير أن دخول المدونة لحيز
التطبيق وحده رهين بتفعيل هذه المقتضيات على ارض الواقع ، وفي انتظار ذلك تبقى
مسألة تفعيل تنفيذ وثائق التعمير رهينة كذلك باتخاذ بعد الإجراءات المستعجلة.
الفرع الثاني : تطوير إدارة التعمير
إن مسألة تفعيل وثائق التعمير أصبحت
مرتبطة بتطبيق مجموعة من المقترحات التي من شأنها في اعتقادنا تجاوز العقبات التي
تقف أمام التدبير والتخطيط العمراني :
أولا : على مستوى التخطيط
العمراني
-
استحضار التفكير الشمولي لمعالجة
قضايا التعمير.
-
إزاحة العوائق العقارية وتحويل الأراضي
إلى عامل منتج للثروة ومنشط للاستثمار .
-
إزاحة العوائق العقارية وتحويل الأرض إلى عامل منتج
للثروة ومنشط للاستثمار .
-
صياغة أدوات التخطيط العمراني على أسس عقارية واضحة.
-
التفكير في مصادر تمويل جديدة ومواكبة لمسلسل إعداد
وثائق التعمير بتزكية مالية لمعالجة مشكل الضعف المسجل على صعيد تنفيذ البرمجة
المتضمنة في تلك الوثائق .
-
إنشاء الوكالة الوطنية العقارية وإقرار العقود الرسمية
بدل العقود العرفية.
-
إعطاء دور فعال للجماعات المحلية في إعداد الوثائق
والمصادقة عليها.
-
إدراج الاعتبارات البيئية في رسم خطط التنمية المحلية
على نحوى يؤمن لإطار عيش المواطن الحماية والتأهيل اللازمين.الاخذ بعين الاعتبار
مسألة إعداد وثائق التعمير داخل آجال معقولة لمعالجة إشكالية البعد الزمني في إستراتجية
التخطيط العمراني.[63]
ثانيا : على مستوى التدبير العمراني
-
توضيح العلاقة بين الشياع والتجزيء والبناء في اتجاه يستحضر الدينامية
الاقتصادية ويعتبر الأرض ثروة وطنية ذات وظيفة اقتصادية واجتماعية بالأساس.
-
إعادة النظر في المساطر والقوانين المنظمة للعقار المحفظ
والغير المحفظ بتطويعه لخدمة التعمير ورفع الحواجز التي تجعله معيقا للاستثمار.
-
استحداث محاكم متخصصة في ميدان التعمير والعقار للبث
السريع في المشاكل التي تعترض الاستغلال الفعال للعقار والتمهيد لذلك بخلق وحدات
على مستوى كليات الحقوق تجمع بين التعمير والعقار.
-
تقعيد الاستثناء في ميدان التعمير وتحديد معايير دقيقة
بخصوص القرارات المتخذة في هذا الإطار تتوفر فيما ضمانات حقيقية لحماية المال
المجال.
-
إعادة النظر في منظومة المراقبة الإدارية والقضائية
لدينامية المسلسل العمراني عبر تفعيل المقتضيات القانونية وتعزيز وسائل التدخل
وتوضيح المسؤوليات .
-
إحداث شرطة للتعمير فاعلة تتوفر على الإمكانات اللازمة
مع تحفيز الأعوان المكلفين بها.
-
إعادة هيكلة نظام التجريم الحالي بما يضمن إيجاد
المؤيدات القانونية للمجالات التي تتطلب من مجال العقاب.
-
تشجيع وتحفيز الشراكة بين القطاع العام والخاص في كل
القضايا المتعلقة بالعمران وتهيئة المجال.
-
التعجيل بإخراج مدونة التعمير إلى حيز الوجود.
-
المطلب الثاني : دور الرقابة القضائية في مجال تطبيق نصوص وضوابط قانون التعمير
نظرا للأهمية التي عرفها قطاع
التعمير ببلادنا ، كأداة نحو تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، فقد خص المشرع
الجهاز القضائي باختصاصات هامة في هذا المجال ، تتجسد في مراقبة تنفيذ قانون
التعمير وقيوده ، وهي رقابة مشتركة بين المحاكم القضائية والمحاكم الإدارية ، كل
في حدود اختصاصه.
الفرع الأول : رقابة القضاء الزجري على أشغال البناء والتجزيء
كان النظام الزجري المعمول به سابقا
في إطار ظهيري 1952 و 1953 يمر عبر مسطرتين متتابعين : الأولى إدارية والثانية
قضائية ، حيث كانت تقوم الإدارة في بادئ الأمر بعد معاينة المخالفة بتبليغ المخالف
، وتأمره بتغيير أو هدم المشروع بكامله أو جزء منه فقط في أجل تحدده ، وان لم
يمتثل لهذا الأمر يتم تحرير محضر المخالفة ويرفق بطلب فتح دعوى عمومية في حق
المعني بالأمر ، يرفعه رئيس المجلس الجماعي إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية
المختصة ، وبهذا ينتهي دور الإدارة ليبدأ دور القضاء.
أما بالنسبة للقانون المطبق ،
حاليا ، وهو القانون رقم 90.12 فإنه يمكن السلطة الإدارية والسلطة القضائية من
العمل بصفة موازية قصد زجر كل مخالف لأحكامه ، وردع العمل الغير المشروع ، حيث
يقوم المأمور " العون المحلف " الذي عاين المخالفة بتحرير محضر متوفرة
فيه جميع الشكليات ، يتم إرساله في اقرب وقت إلى كل من رئيس المجلس الجماعي
والوالي أو العامل قصد الإخبار ، والى المخالف.
وفوز تسلمه المحضر ، يقوم رئيس
المجلس الجماعي المعني بالأمر بتكييف المخالفة وتحديد مدى خطورتها ، إذ هناك نوعان
من المخالفات : المخالفات البسيطة ، أو الممكن تداركها عملا بالمادة 67 من القانون
رقم 90.12 والمخالفات التي لا يمكن تداركها ، تطبيقا للمادة 68 من نفس القانون.
فبالنسبة للمخالفات التي يمكن
تداركها ، فالمسطرة تتلخص فيما يلي :
-
يقوم المراقب بضبط المخالفة
وتحرير محضر بشأنها ، ويبعث بنسخة منه إلى كل من رئيس المجلس الجماعي ، والى
الوالي او العامل ، والى المخالف .
-
يصدر رئيس المجلس الجماعي أمرا
بإيقاف الأشغال في الحال ، طبقا للفصل 65 من نفس القانون المذكور أعلاه .
-
كما يبعث برسالة إعذار إلى المخالف
الذي يتعين عليه فور توصله ، وداخله اجل يتراوح بين 15 و 30 يوما تسوية وضعية
ورشة.
وبالنسبة للمخالفات غير
المتداركة ، يودع رئيس المجلس الجماعي شكوى لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية
المختصة.
ويكون الملف مكونا من : محضر
المعاينة ، والأمر بإيقاف الأشغال و لشكاية لدى وكيل الملك فضلا عن محضر الاستماع
للمخالف ، الذي تحرره الضابطة القضائية بتكليف من وكيل الملك من أجل التأكد من
هوية المخالف والاستماع لأقواله .
ويجوز للعامل المعني ، او
الوالي عند الاقتضاء ، بعد إيداع الشكوى لدى وكيل الملك ، إصدار أمر بهدم البناء
المخالف من تلقاء نفسه أو بطلب من رئيس المجلس الجماعي ، وينفذ هذا القرار على
نفقة المخالف طبقا للمادة 69 من القانون رقم 90.12 .
أما إذا أقيم البناء فوق ملك
عمومي ، فيجوز للسلطة المحلية ، بالرغم من القواعد الإجرائية المقررة في هذا الباب
، أن تقوم تلقائيا ، ومن دون إتباع المسطرة القضائية ، بهدم البناء المخالف ، وذلك
من غير إخلال بتطبيق العقوبة المقررة على المخالفة المرتكبة .
حالة سحب الترخيص: لما كان السحب هو إعدام
للقرار الإداري المسحوب بأثر رجعي اعتبارا من تاريخ صدوره كان طبيعيا أن تأخذ سلطة
السحب بعين الاعتبار الحالات التي لا يكون فيها القرار المسحوب قد ولد حقوقا
مكتسبة للغير وهذا هو الأصل في القرارات غير المشروعة.
وتأسيسا على ذلك أصبح من
المسلمات لإمكان سحب القرارات الإدارية أن يتوفر شرطان جوهريان : أن يكون القرار
محل السحب قرارا إداريا غير مشروع وان يجري السحب خلال الميعاد المقرر قانونا
للطعن بالإلغاء .
الفرع الثاني:القرار الإداري
الخاص بهدم الأبنية المخالفة لقوانين التعمير:
نتيجة لخطورة ما يمكن أن يترتب
عن مخالفات قوانين التعمير بالنسبة لعموم الناس أو المساس بجمالية المدينة أقرت
غالبية التشريعات المقارنة عقوبات حبسية وغرامات مالية فضلا عن العقوبات الإدارية
في حق هذا المخالف وهذا النوع الأخير الذي يهمنا في هذه النقطة من حيث الصبغة الإدارية
لهذه القرارات.
وبهذا الخصوص نصادف عديدا من
الأحكام التي صدرت في شأن الطعون الموجهة ضد مصدر القرار بهدم الأبنية ومنها قضية
محمد بناني ضد والي الرباط وسلا[64]، قررت
إدارية الرباط أن تدخل السيد الوالي (أو العامل) حسب قانون التعمير رقم 90.12 لا
يكون إلا في مخالفات البناء الخطيرة وأن قيام الطالب ببناء غرفة في فناء العمارة
لا يرقى إلى المخالفات الخطيرة التي تبرر تدخل الوالي المباشر مما يجعل قرار الهدم
الصادر عن هذا الأخير مشوبا بتجاوز السلطة لمخالفته للقانون فألغت لذلك القرار
المطعون فيه.
ومن الضمانات التي منحها
القانون، تسبيب القرارات الإدارية لأنها تمكنهم من مراجعة مشروعية القرارات
الصادرة في حقهم، وبالتالي فان عدم تسبيب القرار الإداري المطعون فيع يعرضه للإلغاء.
ولا يمكن للإدارة أن تجعل من إفشاء
الأسرار ذريعة لعدم تقديم الأسباب المبررة لإصدار قرارها لأن الخاصية الحقيقية
التي تتميز بها المسطرة القضائية أمام المحاكم الإدارية تجعل توضيح الأسباب أمرا
لا مناص منه ، بمناسبة الجواب على مقال الطعن وإلا اعتبر ذلك القرار مشوبا بتجاوز
السلطة لانعدام التعليل وليس لانعدام السبب.
أما إذا أجابت الإدارة على مقال
الطعن ، فإن قرارها يكون معللا،لكن مع ذلك يبقى لقاضي الإلغاء الحق في مراقبة مدى
صحة الوقائع التي بني عليها القرار المذكور ، تحت طائلة إلغائه عند عدم الاقتناع
بالسبب أو الأسباب المبسوطة في جواب الإدارة ، وعندئذ يلغى القرار الإداري لعيب
انعدام السبب لا لانعدام تعليله ، أو انه يلغى لعيب في الشكل ، إذا كان القانون
يلزم الإدارة بتعليل قرارها عند إصداره ، وأصدرته من دون الإشارة إلى أي تعليل يذكر،
اكتفت بمجرد عموميات غير واضحة ، وفي هذه الحالة ، تبقى الإدارة حبيسة العليل
الوارد في قرارها ، إذ عليها تبريره ، بمناسبة الجواب على مقال الطعن ، دون إمكانية
تقديم تعليل جديد لم يرد في صلب القرار المطعون فيه.
الخاتمة :
أن قطاع التعمير كما رأينا
يكتسي أهمية قصوى في مسلسل التنمية المحلية بالنظر إلى الدور الذي يلعبه في تأهيل
المجالات الترابية والرفع من قدراتها على استقطاب الاستثمار وخلق الثروة وتحسين
إطار عيش المواطنين .
فبواسطة أدوات التعمير خاصة
المتعلقة منها بآلية التخطيط عبر وثائق التعمير المختلفة يمكن للإدارة المحلية
والوطنية أن تضع تصور استراتجيا ملائما يمهد لتدبير سليم لقضايا التنمية
الاقتصادية واجتماعية والعمرانية .
غير أن التحقيق هذا المبتغى
غالبا ما تعترضه الكثير من الاكراهات التي تساهم في الحد من فعالية سياسة التعمير
وتعيق نهوضها بدورها التنموي لاستجابة للحاجيات الملحة ورفع التحديات المتزايدة
كنتيجة منطقية لإشكالية عدم تنفيذ الوثائق التعميرية المختلفة وبالتالي تكريس فشل
أي مقاربة هادفة لإعداد التراب وفق تصور مضمون .
والحقيقة أن خطورة عدم تفعيل
وثائق التعمير محليا تكمن في كونها تساهم في إضعاف الهيكل الترابي وتعرقل بذلك
التنمية المجالية بصفة خاصة والتنمية بمفهومها الواسع بصفة عامة محليا ووطنيا.
لائحة المراجع
الكتب العامة:
عبد الرحمن البكريوي:" التعمير بين المركزية
واللامركزية"، الشركة المغربية للطباعة والنشر، الرباط 1993.
عبد السلام المصباحي:" محاضرات في إعداد التراب
الوطني والتعمير"، مطبعة أنفوبرانت، الطبعة الأولى، فاس 1997
الهادي مقداد:" السياسة العقارية في ميدان التعمير
والسكنى" ، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى الدار البيضاء 2000 .
الحاج الشكرة : الوجيز في قانون التعمير المغربي ،
الطبعة الثالثة 2008 دار القلم.
عبد الله حداد : " قطاع الإسكان بالمغرب: دراسة
قانونية قضائية"، منشورات عكاظ، الرباط 2003.
بونبات
(محمد بن احمد): "العقار والتنمية "،
المطبعة و
الوارقة
الوطنية ، مراكش، 2006،.
الرسائل :
عبد الإله
بلزراق . سياسة التعمير بين متطلبات التنمية و إكراهات الواقع . طنجة نموذجا. رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة . فرع القانون العام. جامعة عبد المالك السعدي 2007.
حفصة الرمحاني
: وثائق التعمير ومساهمتها في الهيكلة الترابية – مدينة طنجة نموذجا – رسالة لنيل
دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام – كلية الحقوق بطنجة – 2007-2008.
محمد الداودي
.سياسة التدخل العمومي في مجال السكن عير اللائق. دراسة حالة مدينة القنيطرة . بحث
لنيل دبلوم الدراسات المعمقة .كلية الحقوق بطنجة . 2006
سمير احيدار ،
قرار نزع الملكية في قانون العام المغربي أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام
جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة 2005 .
الوكاري محمد: "العقار والتنمية
الحضرية"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا،جامعة محمد الخامس،
كلية الحقوق، اكدال، الرباط، 1985.
المقالات :
ذ . محمد اليعقوبي . المبادئ الكبرى
للحكامة المحلية . المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية ، عدد 56 ، ماي
–يونيو 2004.
عبد السلام شيكري . قراءة في مشروع قانون تأهيل العمران.
المجلة المغربية للتدقيق و التنمية ، عدد 14 . يونيو 2002
محمد مقداد
" المدينة بين طموح المخطط فضغوط الواقع " مساهمة في فهم بعض الصعوبات
التي تعيق تنفيذ وثائق التعمير مجلة الادب ، ببني ملال ، سنة 2000 عدد 3.
د. سمير احيدار
، قرار نزع الملكية في قانون العام المغربي أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
العام جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة 2005
.
احمد المالكي
وسعيد البولماني : إدارة التعمير و اكراهات الواقع ، المجلة المغربية للإدارة المحلية
والتنمية العدد 76 -77 شتنبر- دجنبر 2007 سلسلة دراسات.
بويا
سامية:ظاهرة السكن العشوائي،"فضاءات، نشرة إعلامية تصدر عن الوكالة الحضرية
لطنجة ، العدد الأول، يناير 2002
نصوص قانونية:
الجريدة الرسمية عدد 4225 بتاريخ 4 جمادى الاولى 1914
موافق ل 20 اكتوبر 1993.
ظهير
17 يونيو المتعلق بتنفيذ القانون رقم 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات
السكنية.
وتقسيم العقارات، جريدة رسمية عدد 4159 بتاريخ 15/07/1992.
الظهير الشريف رقم 1.92.31 بتاريخ 18 يونيو 1992.
حكم عدد 194 بتاريخ 16/07/1996 ملف رقم 212/95 غ ،غير منشور.
Ouvrages :
Mohamed
Nacir , les préalables à la
réhabilitation des centres historiques dans les pays arabes une
personnalité une structure une volonté. Association bon regrag. Colloque
international tenu a sole les
Dryef .M,
1993 , urbanisation et droit du l’urbanisme au Maroc,édition la porte, rabat
Maurel Elie : pour un équilibre
des villes et des compagnes , Dunod , Paris
MERLIN P.CHOAY (F) Dictionnaire du l’urbanisme de
l’aménagement, PUF , Paris 1998
[1] د.عبد الرحمان
البكوري : التعمير بين المركزية واللامركزية ، الشركة المغربية للطباعة
والنشر،الرباط 1993 ص 33 .
[2] احمد المالكي
وسعيد البولماني : إدارة التعمير و اكراهات الواقع ، المجلة المغربية
للإدارة المحلية والتنمية العدد 76 -77 شتنبر- دجنبر 2007 سلسلة دراسات.
[4] MERLIN P.CHOAY (F) Dictionnaire du l’urbanisme de l’aménagement, PUF ,
Paris 1998 , p 592.
[5] تتمثل هذه
الوثائق حسب القانون 90-12 السالف دكره في كل من تصاميم وتصاميم التنطيق وتصاميم
تنمية التجمعات القروية بالاضافة الى قرارات تخطيط حدود الطرق العامة .
[6] ذ.حفصة الرحماني : وثائق التعمير ومساهمتها في
الهيكلة الترابية مدينة طنجة نموذج ، دبلوم الدراسات العليا المعمقة ، كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة 2007/2008 ص 5.
[8] Mohamed dryel : urbanisation et droit de l’urbanisme au maroc ,
c.n.r.c edition 1993.
[10] الهادي مقداد
" السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى " مطبعة النجاح الجديدة
الدار البيضاء سنة 2000 ص 123.
[13] د. سمير
احيدار ، قرار نزع الملكية في قانون العام المغربي أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون العام جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
وجدة 2005 ص 165 .
[20] عبد الاله بلزراق : سياسة التعمير بين متطلبات
التنمية واكراهات الواقع ، طنجة نموذجا رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة
، فرع القانون العام المعمقة، فرع القانون العام ، جامعة عبد الملك السعدي، 2007 ’ ص 37.
[22] Mohamed Nacir , les préalables à la
réhabilitation des centres historiques dans les pays arabes une
personnalité une structure une volonté. Association bon regrag. Colloque
international tenu a sole les 6.7.8.9
[23] Dryef .M, 1993 , urbanisation et droit du l’urbanisme au Maroc,édition
la porte, rabat. P7
[26] محمد مقداد
" المدينة بين طموح المخطط فضغوط الواقع " مساهمة في فهم بعض الصعوبات
التي تعيق تنفيذ وثائق التعمير مجلة الادب ، ببني ملال ، سنة 2000 عدد 3 ص 197
-198 .
[28] عبد الاله بلزرق ، مرجع
سابق ص 50.
[31] محمد محجوبي
: قراءة عملية في قوانين التعمير المغربية ، دار النشر المغربية ، الطبعة الاولى
2006 ، ص 151.
[32] Maurel Elie : pour
un équilibre des villes et des compagnes , Dunod , Paris 1974 p
[35]_ بويا (سامية):ظاهرة السكن
العشوائي،"فضاءات، نشرة إعلامية تصدر عن الوكالة الحضرية لطنجة ، العدد
الأول، يناير 2002، ص10.
[36] _السنو سي معنى (محمد): "مرجع
سابق"، ص108.
[37]- نفس المرجع . ص108.
[38]_ عبد الله حداد : " قطاع الإسكان بالمغرب: دراسة
قانونية قضائية"، منشورات عكاظ، الرباط 2003،ص:122.
[39] . عبد اله بلزراق . المرجع السابق . ص : 114.
[40] محمد السنوسي
معنى:"أضواء على قضايا التعمير والسكنى بالمغرب"، دار النشر المغربية، الدار
البيضاء 1988ص:60.
[43] ظهير
17 يونيو المتعلق بتنفيذ القانون رقم 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات
السكنية وتقسيم العقارات، جريدة رسمية عدد 4159 بتاريخ 15/07/1992.
[49]الوكاري (محمد ): "العقار
والتنمية الحضرية"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا،جامعة
محمد الخامس،
كلية الحقوق، اكدال، الرباط، 1985، ص: 62.
[50] محمد الداودي .سياسة التدخل
العمومي في مجال السكن عير اللائق. دراسة حالة مدينة القنيطرة . بحث لنيل دبلوم
الدراسات المعمقة .كلية الحقوق بطنجة . 2006 . ص:
100.
[51] محمد الداودي . المرجع
السابق . ص : 102
[51] محمد الداودي . نفس
المرجع مرجع سابق ص: 14 .
[52] محمد الداودي . المرجع
السابق . ص : 102
[53] محمد الداودي . نفس المرجع
.
[56] . عبد الله حداد مرجع سابق . ص: 121
[57] . عبد الله حداد نفس
المرجع .
[58] المجلس لإداري . للوكالة
الحضرية لطنجة . لسنة .2005 ص : 53 .
[59] احمد مالكي
وسعيد البولماني : ادارة التعمير واكراهات الواقع ، م.م .اد..م.ت. سلسلة دراسات ،
عدد 76-77 2007 ص 54
[61] محمد محجوبي ، قراءة عملية في قوانين التعمير
المغربية ، دار النشر المغربية ، الطبعة الاولى 2004 ص 163 .
[62] حفصة الرمحاني
: وثائق التعمير ومساهمتها في الهيكلة الترابية – مدينة طنجة نموذجا – رسالة لنيل
دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام – كلية الحقوق بطنجة – 2007-2008
ص 22 .
ليست هناك تعليقات