الشروط المفترضة لجريمة اختلاس المال العام هما : 1- الفاعل موظف عام 2- المال مال عام 3- المال العام في حيازة الموظف بسبب وظيفته ...
الشروط المفترضة لجريمة اختلاس المال العام هما:
1- الفاعل موظف عام
2- المال مال عام
3- المال العام في حيازة الموظف بسبب وظيفته
الشرط الأول
صفة الفاعل: موظف عام
يجب أن يكون الفاعل موظفا عاما، ولكن ما المقصود بالموظف العام؟ هل هو المعني المعرف به في القانون الإداري؟ هل هو المعنى المعرف به في جريمة الرشوة أن "مدلول الموظف العام يشمل كل شخص يعتبر موظفا عاما في تطبيق أحكام نظام الرشوة ، أي أن مفهوم الموظف العام في جرائم المال العام يشمل الموظف العام في القانون الإداري ويشمل الفئات التي تعتبر في حكم الموظفين العموميين في جريمة الرشوة.
الشرط الثاني
المال : مال عام
يشترط أن يكون المال محل جريمة الاختلاس مالا عاما. ولكن ما المقصود بالمال العام ؟
يقصد بالمال العام في مفهوم جريمة اختلاس المال العام الأموال التي في حيازة الموظفين العموميين في مفهوم جريمة الرشوة؛ فكل موظف عام بالمعنى الواسع تعتبر أموال الجهة التي يعمل بها مالا عاما. فمن يعمل في شركة خاصة مساهمة واستولي لنفسه علي مال من تلك الشركة يسأل عن جريمة اختلاس أموال عامة. وبناء عليه فإن المال العام يشمل الطوائف الآتية وفقا للنظام السعودي:
1- أموال الحكومة بما فيها من الوزارات المختلفة والأشخاص المعنوية العامة (كالمناطق والبلديات والهيئات والمؤسسات العامة كالجامعات).
2- الأموال الخاصة المسلمة إلى الموظف العام:
يعتبر المال الخاص أحيانا مالا عاما إذا سلم إلى الموظف بسبب وظيفته، فالملف الخاص بالطالب والذي يتضمن شهاداته الدراسية ولكنه سلم إلى الموظف وأصبح في حوزته بسبب وظيفته. فإذا اختلسه الموظف فإنه يرتكب جريمة اختلاس مال عام.
الشرط الثالث
المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته
يشترط لوقوع جريمة اختلاس المال العام أن يكون المال في حيازة الموظف العام وذلك بسبب وظيفته. فإذا استلم الموظف المال بوصفه عهدة يلتزم بالمحافظة عليها فإن المال بلا شك في حيازته. فالموظف الذي لديه جهاز كمبيوتر خاص بالعمل والذي استلمه بناء علي استمارة وقع عليها فإن هذا الجهاز يعتبر عهده يلتزم بالمحافظة عليها فهو أمين عليها، ومن هنا كانت تشديد العقاب عليه لأنه موظف عام أولا والمال مال عام ثانيا وهو أمين علي هذا المال ثالثا.
غير أن الموظف قد يحوز المال العام علي الرغم من أنه لم يستمله كعهده ولم يوقع علي أوراق بذلك ولكن جهاز الكمبيوتر موجود في مكتبه وهو يستعمله فهو إذن في حيازته، وهو إذن أمين عليه ، وهو إذن يسري عليه تجريم اختلاس المال العام إذا اغتال هذا المال أي استوي عليه أو علي جزء منه.
ويجب أن نميز بين الحيازة واليد العارضة ؛ فاليد العارضة هي مجرد اتصال مادي بالشيء بينما الحيازة هي سيطرة علي الشيء فالموظف الذي لديه جهاز كمبيوتر يستعمله في مكتبه هو حائز له. بينما العامل الذي ينظف المكتب له يد عارضة فقط أي له اتصال مادي بالشيء أي لترتيبه أو تنظيفه أي ليس لاستعماله، فإذا استولي الموظف علي الجهاز أو جزء منه كان مسئولا عن جريمة اختلاس مال عام. أما إذا استولي العامل علي الكمبيوتر أو جزء منه فإنه لا يرتكب تلك الجريمة ولكن يرتكب جريمة أخرى تتشكل تلك الجريمة من ركن مادي وركن معنوي، على ما سيلي بيانه؛
أولا- الركن المادي:
جريمة اختلاس المال العام يتشكل ركنها المادي من نشاط ونتيجة، ولا تثير علاقة السببية مشكلات قانونية،
1- النشاط الإجرامي:
الاختلاس هو استيلاء الموظف على المال العام لنفسه، والمفروض أن المال العام في حيازة الموظف، لذا فالاختلاس يتم بتغير النية أي بتغيير الحيازة من حيازة أمين إلى حيازة مالك. ولما كان تغيير النية أمر باطني، فإنه يستدل عليه بظروف الواقعة وملابساتها. فإذا قام الموظف عن عمد بوضع قطعة من كمبيوتر الجهة العامة في حقيبته بنية الاستيلاء عليها لنفسه، فإن ذلك يقع به جريمة اختلاس المال العام. فلا يلزم لتمام الجريمة أن يخرج الموظف بالمال العام خارج مكان العمل.
وبهذا يتفق مفهوم الاختلاس في جرائم المال العام مع مفهوم الاختلاس في جريمة خيانة الأمانة حيث يوجد المال في حيازة الأمين فيقوم باختلاسه لنفسه دون أن يخرجه من حيازة شخص آخر. وبالتالي فإن اختلاس المال العام والاختلاس في خيانة الأمانة يختلفان عن الاختلاس في السرقة حيث يتواجد المال في حيازة المجني عليه في السرقة ويقوم الفاعل بإخراجه من حيازته وإدخاله في حيازته هو. يترتب عليه أنه يتصور الشروع في السرقة بينما لا يتصور الشروع في اختلاس المال العام ولا في خيانة الأمانة.
ويقع الاختلاس بكل فعل يدل على تغيير النية، كأن يقوم الموظف بتبديد المال العام وذلك بالتصرف فيه تصرفا قانونيا كبيعه أو تصرفا ماديا كاستهلاكه أو إنفاق النقود العامة التي في عهدته.
2- النتيجة الإجرامية:
تتحقق النتيجة في جريمة اختلاس المال العام بخروج المال من حيازة الجهة العامة ودخوله إلى حيازة الفاعل. ويتحقق ذلك بسيطرة الموظف على المال العام بعيدا عن سيطرة الجهة العامة على هذا المال. ولا يشترط لحدوث ذلك أن يقوم الفاعل بنقل المال خارج مباني الجهة العامة أو ملحقاتها؛ فإذا قام الموظف بإخفاء المال في مكان بعيد عن أعين المسئولين تمهيدا لإخراجه. فالجريمة تقع تامة وليس شروعا، حتى قبل أن يتم ذلك الإخراج لأن إخفاء الموظف للمال يدل على أنه غير نيته من حيازة المال كأمين إلى حيازته كمالك، وهو ما يتحقق به النتيجة في تلك الجريمة.
ثانيا- الركن المعنوي:
الاختلاس جريمة عمدية يلزم لتوافرها القصد الجنائي؛ القصد الجنائي العام والقصد الجنائي الخاص. ويتشكل القصد الجنائي العام من العلم والإرادة، فيتعين أن يكون الموظف عالما بأن المال مال عام وقصد إلى الاستيلاء عليه لنفسه. فإذا أخطأ ووضع المال في حيازته، فلا تقع الجريمة.
كما يلزم لتوافر الركن المعنوي في تلك الجريمة توافر القصد الجنائي الخاص أي نية الاستيلاء على المال لنفسه. فإذا كان الموظف منتويا استعمال جهاز مثلا (كالكمبيوتر الخاص بالعمل) وإعادته بعد ذلك ، فإن الجريمة لا تقع.
ليست هناك تعليقات