مفهوم غسل الأموال الطالب الباحث : بليغ بشر طالب دكتوراه كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة شعبة القانون الع...
الطالب الباحث :بليغ بشر
طالب دكتوراه كلية العلوم القانونية والاقتصادية
والاجتماعية طنجة
شعبة القانون العام
وحدة التكوين والبحث الادارة والتنمية
أن مصطلح غسل الأموال الملوثة أو تنظف الأموال القذرة أو
غسل الأموال الوسخة هو تعبير لمعني واحد يقصد به بادي لأمر , أخفاء أو التمويه
المصادر غير المشروعة لهذه الأموال المنقولة وغير المنقولة ,المتأتية عن ارتكاب
الجرائم المنظمة ,كتجارة المخدرات وتهريب الأشخاص والأسلحة ,والتهرب الضريبي
وتزوير النقود وتجارة الرقيق والبغاء واختلاس المال العام ....... ومن ثم العمل
علي إدخال هذه الأموال في نطاق الدورة الاقتصادية الشرعية ,وصولاً إلي تداولها و
استثمارها بصورة طبيعية,وعلي هذا يمكن القول أن غسل الأموال, أو تنظيفها أو غسلها
كنايه عن عدة عمليات ماليه متداخلة في ما
بينها ,أو متمادية في الزمن,تستهدف في المقام الأول محو الأصل لجرمي, لهذه الأموال
وإظهارها بصورة متحصلات ماليه ونقدية مشروعة ,تسهل بعد ذلك محاولة ادخلها في
الأنشطة ألاقتصاديه المحلية أو الدولية,و
حتى يصبح صعباً مع مرور الزمن للوقوف علي حقيقة مصادرها .وسوف نتناول الإطار المفاهيمي
والقانوني لغسل
الأموال من خلال :
التعريف العلمي للغسل الأموال (اولا) والتعريف
القانوني (ثانيا ) .
اولا: التعريف العلمي لغسل الأموال
غسل الأموال هي إعادة تدوير الأموال الناتجة عن الأعمال
غير المشروعة في مجالات وقنوات استثمار شرعية لإخفاء المصدر الحقيقي لهذه الأموال
ولتبدو كما لو كانت قد تولدت من مصدر مشروع ومن أمثلة هذه الأعمال غير المشروعة
(الأموال الناتجة عن تجارة المخدرات - الرقيق - الدعارة - الأسلحة) ([1] ).
“تحويل أو نقل الملكية The conversion or transfer of property “مع العلم بمصادرها الإجرامية الخطيرة ،
لأغراض التستر وإخفاء الأصل غير القانوني لها، أو لمساعدة أي شخص يرتكب مثل هذه الأعمال"
. وهذا يعني أن غسل الأموال (Money Laundering ( هو الحصول على أموال أو استثمارات غير شرعية
من خلال طرف خارجي لإخفاء المصدر الحقيقي لها، وبعبارة أخرى هو عملية تنظيف
الأموال من مصادرها غير الشرعية وجعلها قانونية.
وتعتبر جريمة غسل الأموال من الجرائم المنظمة، حيث تقوم
عصابات الجريمة المنظمة بارتكاب نشاطها الإجرامي في عدة دول مستفيدين من الانفتاح الاقتصادي
والاجتماعي والسياسي للدول، مسخرين التطورات التكنولوجية الحديثة لخدمة مآربهم
الإجرامية ، وتعمد عصابات الجريمة المنظمة إلى استعمال وابتكار تقنيات متطورة جداً
للقيام بعملية غسل أموالها القذرة وينتهي ذلك إلى نتائج اقتصادية واجتماعية وسياسة
خطيرة ([3] ).
وقد ساعد على ذلك بالإضافة إلى المصارف التقليدية انتشار
المؤسسات المالية غير المصرفية، ومكاتب الخدمات المصرفية والسمسرة والوكالات
العاملة في تقديم خدماتها بصورة ميسرة وسريعة للعملاء مستخدمة في ذلك أحدث ما توصلت
إليه التقنيات الحديثة من وسائل في هذا المجال فجعلها أكثر تفضيلاً لدى عصابات
الإجرام المنظم التي ترغب في غسل أموال الجريمة لما تقدمه هذه المؤسسات من خدمات
متكاملة وسريعة بعيداً عن النظام المصرفي التقليدي الذي يخضع لرقابة أجهزة الدولة
الرسمية، هذا بالإضافة إلى أن عصابات الإجرام المنظم صارت تعهد بمهمة غسل الأموال
إلى جهات مهنية متخصصة. وبما أن الأساليب المطلوبة لتفادي الأجهزة القائمة على
إنفاذ القوانين قد صارت أكثر تعقيدا ، فقد درجت تلك الجهات المهنية المتخصصة في غسل
الأموال ليس على إخفاء وتمويه مصادر
الأموال المستمدة منها تلك المتحصلات فقط، بل ودرجت أيضا على إدارة ما يتبع ذلك من
استثمارات تبدو مشروعة في مجال العقارات وغيرها من الأصول ، بحيث يتقاضون أتعاباً
لقاء تلك الخدمات المتكاملة.
من خلال استعراض هذه المؤشرات السابقة، يمكننا أن نتوصل
إلى تعريف عمليات غسل الأموال على أنها:
"عملية
تدوير للأموال غير المشروعة تساعد العصابات على إخفاء وستر وتمويه المصدر الحقيقي
غير المشروع لهذه الأموال "
.
ثانيا : التعريف القانوني لغسل الأموال
إن التقدم في بناء الاتحاد الأوروبي سياسيا واقتصاديا
واجتماعياً مشروط بإصلاح عميق في مؤسساته
قبل الموافقة على ضم دول جديدة إليه على اعتبار أوروبا الحاضنة لحرية الإنسان
وحقوق المواطن ما زالت تفتقر إلى وسائل فعالة في مكافحة الجريمة المنظمة التي تقض
مضجعها أكثر فأكثر ، نتيجة النقائص والعيوب التي شابت حتى اليوم العمل الأوروبي
المشترك والذي يقف الآن أشبه بالعاجز إلى حد بعيد، عن استئصال هذه الآفة التي تجاوزت
خطورتها كل الحدود.
ومن جهة أخرى إن ما يجري من الغسل سنويا من كميات نقدية ضخمة
، تعرف بـ (( اقتصاد الصفقات )) ، يتعاظم حجمه ويزداد مقداره جراء تهربه من عب ء الضريبة
ولجوئه إلى دول أو مناطق تعرف بـ (( الجنات الضرائبية )) حيث تنعدم نسبة الضريبة إلى
حدها الأدنى.
ويضاف إلى ذلك نظام السرية المصرفية المعمول به في
العديد من البلدان والذي يبسط بدوره حمايته على مرتكبي الجريمة المنظمة ببنائه جداراً
سميكاً تحتجب خلفه إيداعاتهم النقدية وعملياتهم البنكية المشبوهة.
لذا بات جلياً عدم كفاية التدابير الاقتصادية والمالية
التقليدية في مواجهة هذا النوع من الجريمة المعاصرة التي تركن، في عبورها حدود الدول،
إلى شبكات إجرام احترفت، منذ زمن، تحريك
الأموال الملوثة ونقلها بسرعة إلكترونية في مقابل بط ء ملحوظ في إجراءات الملاحقة
الإدارية والأمنية والقضائية ، نظراً لتعدد
واختلاف التشريعات والقوانين التي تحول دون تفعيل وسائل المكافحة أو تؤخر في بت
طلبات تبادل المجرمين أو استردادهم .
لذلك كله نلاحظ اليوم أن مال الجريمة المنظمة يسخر من
الحدود الفاصلة بين الدول طالما يملك بين يديه أوراقاً رابحة كالسرية المصرفية وبموجب
التكتم على الإيداعات النقدية إضافة إلى صعوبة اللحاق بحركته الدائمة خصوصاً بعدما
أثبت قدرته الفائقة على الانتقال بسهولة ويسر من حساب إلى حساب آخر ومن بلد إلى آخر
,الأمر الذي يحتم بالضرورة اعتماد أقصى درجات الحيطة والتحفظ في بناء خطط المكافحة
وآليات المواجهة ضد الجريمة المنظمة التي تزداد مساحة انتشارها كلما ازدادت شراسة
وضراوة .
لذا تقدمت فرنسا في 13 شباط 1999 إلى اجتماع غير رسمي لوزراء العدل في
دول الاتحاد الأوروبي بجملة اقتراحات استهدفت تطوير آليات التعاون القضائي بين دوله وتسهيل تبادل الوثائق والمعلومات في ما
بينها وكذلك إدخال التعديلات الضرورية على قوانينها وأنظمتها والاعتراف بالصيغ
التنفيذية للأحكام الصادرة عن محاكم دولة منها في الدول الأخرى الأعضاء، وذلك من
خلال هيكلية أوروبية تشريعية وقضائية تجعل نواتها جهاز الشرطة الأوروبية ((
الأوروبول )) المختص بالتحقيق في كل دول
الاتحاد ، إنما كل ذلك وفق خطة مبرمجة زمنياً وتؤول في نهاية المطاف إلى إزالة
معظم ، إن لم يكن كل، أنوع المعوقات القائمة حالياً على طريق مكافحة الجريمة
المنظمة، بما فيها غسل الأموال ، والحكم على مرتكبيها بمصادرة متحصلاتهم وحرمانهم
من ثمارها.
وتأسيساً على ذلك لابد من ضرورة التنسيق والتعاون بين
دول الاتحاد الأوروبي أقله حيال جرائم الغسل وتفرعاتها، التي قد يستحيل على محاكم
كل دولة عضو في الاتحاد أن تبت فيها مما يجعلها بالتالي من محكمة الجزاء الأوروبية
صاحبة الاختصاص في البت في هذه القضايا مع مراعاة عامل الوقت الذي لابد أن يستغرقه
إنجاز هذه المستلزمات ، نظرا لأنه ليس أمام أوروبا سوى السعي إلى إتمام ذلك
للضرورة الملحة التي يفرضها واقع الحال.
إن المادة (1) من نظام مكافحة غسل الأموال تعرف غسل
الأموال بأنه ([4])
: " ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة
أموال مكتسبة خلافاً للشرع أو للنظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر"
والأموال في مفهوم نظام مكافحة غسل الأموال هي : "
الأصول أو الممتلكات أياً كان نوعها مادية كانت أو معنوية منقولة أو ثابتة ،
والمستندات القانونية والصكوك التي تثبت تملك الأصول أو أي حق متعلق بها ([5] ).
وتسمى الأموال موضوع الغسل " بالأموال القذرة
" لأنها من مصدر غير مشروع، وهي تختلف عن " الأموال السوداء " التي
هي أموال لها مصدر مشروع إلا أنه يتم إخفاؤها سراً للتهرب من الضرائب .فالغسل
عبارة عن فعل أو الشروع فيه ([6]
) يتم عن طريق
إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات .... الخ . بقصد جعل تلك الأموال مشروعة المصدر،
أي كأنها أموال تم الحصول عليها من مصادر قانونية
حتى يسهل تحريكها في المجتمع
دون الخشية من مصادرتها وبالتالي
الحيلولة دون عقاب الجناة، وبمعنى أخر تحويل النقود القذرة إلى نقود نظيفة.
وعرف القانون الفرنسي عمليات غسل الأموال بأنها : واقعة
تسهيل التبرير الكاذب بأي وسيلة كانت لمصدر مال أو دخل لجاني في جناية أو جنحة حصل
منها على فائدة مباشرة، كما يشمل غسل المال أيضاً فعل تقديم مساعدة في عملية توظيف
أو أخفاء أو تحويل العائد المباشر أو غير المباشر للجناية أو الجنحة ([7]) .
وعرف القانون المصري عمليات غسل الأموال بأنه : "
كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو
استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها أو التلاعب في
قيمتها أذا كانت متحصله من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة( 2) من هذا
القانون ، مع العلم بذلك متى كان القصد من هذا السلوك أخفاء المال أو تمويه طبيعته
أو مصدره أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من
أرتكب الجريمة المتحصل منها المال ([8] ).
[2] - غسيل الأموال في الشريعة
الإسلامية – (Laundering
Money)
– الدكتور : محمد نجدات المحمد - مدرس فقه المعاملات في كلية الشريعة ومعهد الفتح
الإسلامي في دمشق – ص 4
[3] - غسيل الأموال في ضوء الإجرام المنظم (رسالة دكتوراه)سنه 2005في الإمارات-
الدكتور : خالد حمد محمد الحمادي -2005- ص 66.
[6] - قيل بأنه عملية أو مجموعة من العمليات المادية والمالية والاقتصادية
والمحاسبية والقانونية، وقيل بأن أنشطة هادفة تمثل امتداد النشاط الرئيسي سابق غير
مشروع أو مكملة له إلى حد انه يصعب مع الفصل بينهما.
[7] - ( القسم الأول من المادة 324/1 من قانون العقوبات )- مكافحة غسل الأموال –
المستشار القانوني: عبد الفتاح سليمان – 2006 – دار الكتاب القانوني، مصر – ص 16.
[8] - قانون مكافحة غسل الأموال المصري رقم 80 لسنة 2002 م الصادر بتاريخ 10 ربيع
الأول 1423 هـ ، الموافق 22 مايو 2002
م.
ليست هناك تعليقات