إعداد: - عبد المجيد مليكي عبد الغني عماري عبد الإله عزوزي مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة: تعتبر الانتخابات مقوما أساسيا لل...
إعداد:
مقدمــــــــــــــــــــــــــــــة:
تعتبر الانتخابات مقوما أساسيا للديمقراطية ومحركها الأساسي الذي يعطيها الدينامية التي بدونها تفتقر لكل محتوى وتستعصي ممارستها وترسيخها على ارض الواقع.
هكذا يعتبر الإنتخاب أهم آلية ديمقراطية لاختيار الحكام ، ولهذا فقد ارتبطت الديمقراطية تاريخيا بالانتخاب، حيث انه الوسيلة الأساسية والوحيدة لإسناد السلطة في النظم الديمقراطية المعاصرة من ناحية، ولتحقيق حق المشاركة في الحياة السياسية من جانب أفراد الشعب من ناحية أخرى. وقد احتل الإنتخاب هذه المكانة في الوقت الحاضر بسبب استحالة تطبيق النظام الديمقراطي المباشر الذي كان سائدا في الديمقراطيات القديمة، لان الديمقراطية النيابية أصبحت ضرورة حتمية في الوقت الحاضر نظرا لضخامة عدد سكان الدولة المعاصرة .
ونشير إلى أن أية عملية انتخابية بأي أسلوب أو نمط كانت عليه لن تأتي بالنتائج المرجوة منها إلا إذا أحيطت بسياج من الضمانات القانونية و المادية، منها ما له علاقة بالمنظومة السياسية في شموليتها و منها ما يرتبط باللحظة الراهنة لكل عملية انتخابية, على اعتبار أن من خصائص النظام الانتخابي كونه ليس محايدا حيث ينطلق من أهداف وخلفيات سياسية, لكن الهدف الأسمى من تبني أي نمط من أنماط الاقتراع هو التوفيق بين اعتبارين:
الاعتبار الأول ينحصر في تمثيل كل التيارات و التوجهات الأغلبية والأقلية بمعنى احترام المبدأ الديمقراطي من منظوره الكمي.
أما الاعتبار الثاني فيتمثل في تحقيق العدالة والفعالية و الكفاءة للنظام السياسي، الاقتصادي و الاجتماعي, بمعنى الإجابة على الحاجيات المجتمعية باحترام تكافؤ الفرص و التنافسية العادلة، وهو ما يجعلنا ننظر إلى نمط الاقتراع ليس كوسيلة تقنية من حيث الممارسة لكنه بالنظر إلى نتائجه هو سياسي في تأثيره على موازين القوى المؤسساتية السياسية ,الاجتماعية و الاقتصادية.
على هذا الأساس فالإشكال المطروح إلى أي حد يساعد نمط ما من الاقتراع في الإجابة على الإشكاليات المطروحة على النظام السياسي و المتمثل في رد الاعتبار وإعادة الثقة للمؤسسات السياسية و الدستورية و تحقيق التناغم الضروري فيما بينها و تفعيل الدور الدستوري للمواطن
بالرفع من أدائه السياسي و المؤسساتي أو بعبارة أخرى مدى قدرة نمط ما على توفير الظروف الملائمة كي تكون الانتخابات المعبر الحقيقي عن إرادة المواطنين بمختلف اتجاهاتهم بكل حرية ونزاهة وشفافية .
وقد مرت عملية الإنتخابات بمجموعة من المراحل التاريخية التي تميزت أساسا بالتقييد الليبرالي للإقتراع العام وبتبرير هذا التقييد بنظرية السيادة الوطنية ، ولهذا فرضت مجموعة من الشروط المقيدة لمبدأ الإقتراع العام والتي يمكن إجمالها فيما يلي :
- الاقتراع المقيد بدفع الضريبة
- الاقتراع المقيد بالكفاءة العلمية
- منح حق الانتخاب للرجال دون النساء
- الإقتراع المقيد برفع السن الإنتخابي
- التقييد العنصري للاقتراع العام
- التصويت غير المتكافئ
- الفوارق الفعلية في التمثيل والمتعلقة
- التصويت غير المباشر أو على درجتين.
ولكن بعد التطورات والأحداث التي عرفتها المجتمعات الغربية ، تم التخلي تدريجيا عن هذه القيود، لترتبط بذلك الديمقراطية السياسية الليبرالية بتعميم حق الإنتخاب ، وليصبح لكل مواطن صوت شريطة توفره على الشروط القانونية المؤهلة للمشاركة في العملية الإنتخابية.
وقد كان تعميم حق الإنتخاب بمثابة انتصار كبير لنظرية السيادة الشعبية على نظرية السيادة الوطنية ، حيث أن النظرية الأولى اعتبرت الإنتخاب حقا لكل مواطن دون قيد أو شرط ما عدا الشروط القانونية كشرط السن والجنسية ...الخ، وقد تم الإيمان أن الإنتخاب لا يكون معبرا عن روح الديمقراطية إلا بقدر ما يكون وسيلة لمشاركة أكبر عدد من المواطنين في عملية إسناد السلطة. وذلك لأنه لا يكفي أن يكون إسناد السلطة إلى الحكام قد تم عن طريق الإنتخاب ليصبح النظام ديمقراطيا بمعنى الكلمة ، بل يجب أن يكون حق الإقتراع عاما دون أن يكون مقيدا بنصاب مالي معين أو بشرط الكفاءة.
ويفترض مبدأ تعميم حق الإنتخاب إيجاد مجموعة من الأساليب لممارسته ، والتي من خلالها يتمكن الناخبون من اختيار ممثليهم الذين يمارسون الحكم بإسمهم.
و ما تجدر الإشارة إليه أن دراسة أنماط الاقتراع في مختلف صورها تقتضي الوقوف عند الأساس القانوني و المظهر التقني الذي يتمثل في مختلف الآليات و الوسائل المعتمدة في تحديد و توزيع المقاعد على المتنافسين وهو ما سنتناول في المبحث الأول إضافة إلى المظهر السياسي لنمط الاقتراع و وتأثيره على التوازنات السياسية داخل النظام السياسي، و هو جوهر التساؤل المطروح في مبحث ثاني مع الأخذ بعين الاعتبار للتجربة المغربية في سياق تناولنا لمحوري الموضوع، هكذا سنحاول مقاربة هذه النقط من خلال خطة البحث الآتية :
المبحث الأول : صور أنماط الإقتراع وموقع النظام الانتخابي المغربي.
المطلب الأول: المظهر التقني لأنماط الاقتراع بشكل عام.
أولا : الإقتراع بالأغلبية.
1- الاقتراع بالأغلبية المطلقة أو بالأغلبية النسبية.
2- الاقتراع الفردي والاقتراع باللائحة.
ثانيا : الاقتراع بالتمثيل النسبي.
1 - أسلوب التمثيل النسبي المقرون بأكبر البقايا
2 - أسلوب التمثيل النسبي المقرون بأقوى المعدلات
المطلب الثاني: نمط الاقتراع من خلال منظومة القوانين الانتخابية المغربية.
المبحث الثاني: التأثير السياسي لنمط الاقتراع.
المطب الأول: تأثير نمط الاقتراع على التمثيل والمشاركة السياسية.
المطلب الثاني: تأثير نمط الاقتراع على الحياة السياسية بالمغرب.
خاتمة:
المبحث الأول: صور أنماط الاقتراع وموقع النظام الانتخابي المغربي.
تجدر الإشارة إلى كون هذه الأساليب تختلف من دولة إلى أخرى، وداخل نفس الدولة باختلاف المعطيات والمبررات الواقعية والسياسية. لكن على العموم يمكن حصر أهم أنواع الإنتخاب في نوعين أو طريقتين أساسيتين وهما، الإقتراع بالأغلبية والإقتراع بالتمثيل النسبي
المطلب الأول: المظهر التقني لأنماط الاقتراع بشكل عام.
يعتبر الاقتراع بالأغلبية من أسهل الطرق الانتخابية و أقدمها، وقد جرى به العمل طويلا في الدول الأوروبية، إلا أنه وقع التخلي عنه لصالح التمثيل النسبي في مجموعة كبيرة من هذه الدول .
أولا : الاقتراع بالأغلبية :
قد يكون الإقتراع بالأغلبية ، اقتراعا بالأغلبية المطلقة أو بالأغلبية النسبية (الفرع1 ) ، كما قد يكون فرديا (أحاديا أسمي) أو باللائحة ( الفرع 2 ).
1- الاقتراع بالأغلبية المطلقة أو بالأغلبية النسبية
إذا كان المقصود بالاقتراع بالأغلبية هو فوز المرشح الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات ، فإن ما يلاحظ هو أن القوانين الإنتخابية تحدد نوعية اغلبية الأصوات ، هل هي أغلبية مطلقة ، أم أغلبية نسبية . ومن هنا نتحدث عن الإقتراع بالأغلبية المطلقة و الإقتراع بالأغلبية النسبية . فالأول يتطلب ضرورة الحصول على نسبة 50% من الأصوات زائد صوت واحد (+1) . أما الثاني فيكفي في إطاره من أجل الفوز، الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات ولو لم يصل إلى نسبة 50% من الأصوات +1
وقد يكون الإقتراع بالأغلبية المطلقة في دورة واحدة أو في دورتين ، ففي الدورة الأولى يجب أن لا تقل نسبة الأصوات عن الأغلبية المطلقة وفي حالة عدم تحقق ذلك يجب الإلتجاء إلى دورة انتخابية جديدة يتم الإكتفاء في إطارها بالأغلبية النسبية
ولتوضيح ما سبق نسوق المثال التالي:
لنفرض أننا أمام دائرة انتخابية (x )، عدد الناخبين في هذه الدائرة هو 300 ناخب، وعدد المقاعد المخصصة لها مقعد واحد يتنافس عليه ثلاثة مرشحين.
ولنفرض أيضا أن المرشحين الثلاثة حصلوا على الأصوات الآتية :
المرشح الأول: 140 صوت
المرشح الثاني: 100 صوت
المرشح الثالث: 60
إذا كان نمط الإنتخاب المعمول به هو الاقتراع بالأغلبية النسبية ، أو الأغلبية في دورة واحدة ، فإن المرشح الأول في هذا المثال هو الفائز بالمقعد الانتخابي وذلك راجع إلى لحصوله على أكبر عدد من الأصوات بالمقارنة مع المرشحين الآخرين.
أما إذا كان نمط الإنتخاب المعمول به هو الإقتراع بالأغلبية المطلقة ، فإن أيا من المرشحين الثلاثة لم يحصل على نسبة 50% من الأصوات + واحد أي ما مجموعه 151 صوت ، لهذا لا يعلن عن المرشح الفائز ، و إنما يتم إجراء دورة انتخابية ثانية ، ويتم في إطارها الإكتفاء بالأغلبية النسبية ، بمعنى أن المرشح الذي حصل في الدورة الإنتخابية الثانية على أكبر عدد من الأصوات ولو لم يصل إلى نسبة 50 % من الأصوات + 1 يتم إعلانه فائز بالمقعد المتبارى حوله في نفس المثال.
2- الاقتراع الفردي والاقتراع باللائحة
إذا كان الإقتراع بالأغلبية يمكن أن يكون إما بالأغلبية المطلقة أو بالأغلبية النسبية ، فإنه يمكن أن يكون أيضا إما فرديا وإما باللائحة.
- فالإقتراع الفردي أو الأحادي الإسمي ، تتم المنافسة في إطاره بين أشخاص معروفين لدى الهيئة الناخبة، وفي إطار هذا النوع من الاقتراع غالبا ما يتم تقسيم ترتب الدولة ( التقطيع الإنتخابي ) إلى دوائر انتخابية صغيرة ، وغالبا ما تتحكم في عملية التصويت وفي عملية اختيار المنتخبين العلاقات الشخصية والعائلية، والوعود الانتخابية ... ويعتبر دور الأحزاب في هذا النوع من الإقتراع دورا ضعيفا جدا ، لأن المنافسة في إطاره تكون بين الأشخاص لا بين البرامج الحزبية والسياسية.
- أما بالنسبة للإقتراع باللائحة فالمنافسة في إطاره لا تتم بين الأشخاص ، وإنما بين اللوائح والقوائم الإنتخابية التي تضم عددا من المرشحين بعدد المقاعد المخصصة لدائرة انتخابية معينة . فالناخب لا يصوت على مرشح واحد ، بل على لائحة تضم عدة مرشحين في إطار دائرة انتخابية واسعة ، حيث غالبا ما يتم تقسيم تراب الدولة في هذا النوع من الإقتراع إلى دوائر انتخابية كبيرة، وتكون المنافسة في إطاره بين البرامج والأحزاب السياسية لا بين الأشخاص.
ويتحقق الانتخاب حسب اللائحة بطريقتين: الأولى انتخاب كافة المرشحين الذين تضمهم اللائحة الواحدة في الدائرة الانتخابية دون التصرف في اللوائح، وتعرف هذه الطريقة باسم اللائحة المقفلة أو المغلقة Liste bloquée. أما الطريقة الثانية وهي التي تجيز للناخبين اختيار العدد المطلوب من المرشحين من بين الأسماء التي تضمهم مختلف اللوائح الإنتخابية ، وتسمى هذه الطريقة باسم اللائحة المفتوحة Liste ouverte.
ثانيا : الاقتراع بالتمثيل النسبي .
على خلاف الاقتراع بالأغلبية الذي قد يكون فرديا أو باللائحة، فإن الاقتراع بالتمثيل النسبي لا يمكن أن يكون إلا عن طريق اللائحة. والقصد من هذا الأسلوب الانتخابي هو تأمين تمثيل نسبي لجميع الأحزاب التي تخوض المعركة الإنتخابية ، وذلك بمنح كل لائحة حزبية عددا من المقاعد النيابية التي تتناسب وعدد الأصوات التي حصلت عليها . فهذا الأسلوب يقوم على فكرة عادلة حيث يسمح للأقلية بحماية حقوقها، ومشاركتها في تمثيل إرادة الأمة .
وفي إطار هذا الأسلوب تقسم الدولة الى دوائر انتخابية كبيرة ، حيث يقدم كل حزب لائحة تضم عددا من المرشحين بنسبة عدد المقاعد المتبارى عليها . وتوزع المقاعد بنسبة الأصوات التي تحصل عليها القائمة أو اللائحة في الدائرة . ففي إطار الإقتراع اللائحي بالتمثيل النسبي لا تفوز اللائحة الحاصلة على أغلبية الأصوات سواء كانت هذه الأغلبية نسبية أو مطلقة بجميع المقاعد الإنتخابية المتنافس عليها ، بل يتم توزيع تلك المقاعد الإنتخابية انطلاقا من تقنيتين أساسيتين وهما :
التقنية الأولى تتمثل في الحاصل الانتخابي Le quotient électoral وقد يكون محليا وقد يكون وطنيا، ويستخرج الحاصل الإنتخابي المحلي بتقسيم الأصوات المعبر عنها على عدد المقاعد الإنتخابية المتنافس عليها داخل دائرة انتخابية معينة ، أما الحاصل الانتخابي الوطني فيستخرج بقسمة الأصوات المعبر عنها وطنيا على عدد المجموع الإجمالي للمقاعد الإنتخابية.
التقنية الثانية تتجلى في العدد المتساوي حيث يحدد القانون مسبقا عدد الأصوات التي ينبغي الحصول عليها للفوز بمقعد انتخابي.
ومن خلال ما سبق يتضح بأن أسس و أهداف و مبادئ الإقتراع بالتمثيل النسبي، ترمي إلى تمثيل كل الهيئات السياسية داخل المؤسسات ، وخلق نوع من المساواة السياسية بين الأحزاب المتنافسة في العملية الإنتخابية، و قد يكون نمط الاقتراع هذا مرفوقا ومقرونا بأسلوب أكبر البقايا أو بأسلوب أقوى المعدلات.
ولشرح وتفصيل طريقة الإقتراع بالتمثيل النسبي نقدم النموذج التالي :
- لنفرض أننا أمام دائرة انتخابية (X)
- عدد الأصوات المعبر عنها داخل هذه الدائرة هو: 128000
- عدد المقاعد المخصصة لها هو 4
- عدد اللوائح المتنافسة 4
- ولنفرض أيضا أن اللوائح الأربعة المتنافسة حصلت على نسبة الأصوات الآتية:
اللائحة الأولى: 46000
اللائحة الثانية 38000
اللائحة الثالثة 24000
اللائحة الرابعة 20000
أول شيء نقوم به هو احتساب الخارج الإنتخابي الذي يساوي عدد الأصوات المعبر عنها مقسوم على عدد المقاعد، وهو في مثالنا : 128000/4 = 32000 .
وبعد احتساب الخارج الإنتخابي تتم عملية توزيع المقاعد ، وكل لائحة حصلت على عدد من الأصوات مساو للخارج الإنتخابي نمنحها مقعدا وهكذا دواليك إلى حين مليء جميع المقاعد ، ففي مثالنا يكون الأمر على الشكل التالي:
اللائحة الأولى ( 46000 صوت ) = 1 مقعد + 14000 صوت بدون تمثيل
اللائحة الثانية ( 38000 صوت ) = 1 مقعد + 6000 صوت بدون تمثيل
اللائحة الثالثة (24000 صوت ) 0 مقعد + 24000 صوت بدون تمثيل
اللائحة الرابعة ( 20000 صوت ) 0 مقعد + 20000 صوت بدون تمثيل
ففي مثالنا حصلت اللائحة الأولى واللائحة الثانية على مقعد واحد لكل منهما، في حين لم تحصل اللائحتان الثالثة والرابعة على أي مقعد ، كما أن عددا كبير من الأصوات بقي بدون تمثيل، ولتوزيع المقاعد المتبقية نلجأ إلى اعتماد إحدى الطريقتين الآتيتين :
أسلوب التمثيل النسبي المقرون بأكبر البقايا.
أو :
أسلوب التمثيل النسبي المقرون بأقوى المعدلات
1- أسلوب التمثيل النسبي المقرون بأكبر البقايا :
اعتمادا على هذا الأسلوب نقوم بتوزيع المقاعد المتبقية بناءا على عدد الأصوات المتبقية لكل لائحة، ونبدأ بأكبر بقية ثم التي تليها إلى حين توزيع ومليء كل المقاعد. ففي مثالنا السابق يكون الأمر على الشكل التالي :
اللائحة الأولى بقي لها 14000 صوت
اللائحة الثانية بقي لها 6000 صوت
اللائحة الثالثة بقي لها 24000 صوت ( أول أكبر بقية)
اللائحة الرابعة بقي لها 20000 صوت ( ثاني أكبر بقية )
إذن فالمقعد الثالث يكون من نصيب اللائحة الثالثة صاحبة أول أكبر بقية في حين يكون المقعد الرابع من نصيب اللائحة الرابعة صاحب ثاني أكبر بقية. وهكذا تكون النتائج النهائية في مثالنا اعتمادا على طريقة التمثيل النسبي المقرون بأكبر بقية على الشكل التالي:
اللائحة الأولى مقعد واحد
اللائحة الثانية مقعد واحد
اللائحة الثالثة مقعد واحد
اللائحة الرابعة مقعد واحد
2- أسلوب التمثيل النسبي المقرون بأقوى المعدلات.
لتوزيع بقية المقاعد اعتمادا على هذا الأسلوب، نقوم إضافة مقعد وهمي لكل لائحة ، ثم نقوم بقسمة عدد الأصوات التي حصلت عليها كل لائحة على عدد المقاعد الحقيقية زائد ( + ) المقعد الوهمي ، وبعد ذلك نزيل المقاعد الوهمية ونمنح مقعدا إضافيا حقيقيا للائحة التي حصلت على أقوى معدل، ثم نقوم بتكرار العملية مع الأخذ بعين الاعتبار المقعد المضاف سابقا للائحة التي حصلت على أقوى معدل ، وهكذا دواليك إلى حين توزيع كافة المقاعد المخصصة للدائرة الإنتخابية وبالاعتماد على نفس المثال السابق يكون الأمر على الشكل التالي:
أ : إضافة مقعد وهمي
اللائحة الأولى 1 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
اللائحة الثانية 1 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
اللائحة الثالثة 0 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
اللائحة الرابعة 0 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
ب: قسمة عدد الأصوات التي حصلت عليها كل لائحة على عدد المقاعد الحقيقية + زائد المقعد الوهمي
اللائحة الأولى 46000/2= 23000
اللائحة الثانية 38000/2 = 19000
اللائحة الثالثة 24000/1 = 24000 ( أول أقوى معدل )
اللائحة الرابعة 20000/1 = 20000
ج: نقوم بإزالة المقعد الوهمي وإضافة مقعد حقيقي للائحة التي حصلت على أقو معدل
حيث سيصبح الأمر على الشكل التالي:
اللائحة الأولى مقعد واحد
اللائحة الثانية مقعد واحد
اللائحة الثالثة مقعد واحد
اللائحة الرابعة صفر مقعد
د : بعد إضافة مقعد حقيقي للائحة الثالثة باعتبارها صاحبة أقوى معدل نكون قد وزعنا ثلاثة مقاعد وبقي مقعد واحد فارغ و لهذا نقوم بنفس العملية السابقة من أجل توزيع كافة المقاعد اعتمادا على تقنية المقعد الوهمي من أجل الحصول على أقوى معدل وذلك على الشكل الآتي
أ : إضافة مقعد وهمي
اللائحة الأولى 1 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
اللائحة الثانية 1 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
اللائحة الثالثة 1 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
اللائحة الرابعة 0 مقعد حقيقي + 1 مقعد وهمي
إعادة القسمة من جديد
اللائحة الأولى 46000/2= 23000 ( أول أقوى معدل )
اللائحة الثانية 38000/2 = 19000
اللائحة الثالثة 24000/2 = 12000
اللائحة الرابعة 20000/1 = 20000
بعد ذلك نقوم بإزالة المقعد الوهمي، مع إضافة مقعد حقيقي للائحة التي حصلت على أقوى معدل حيث ستصبح النتيجة على الشكل التالي:
اللائحة الأولى مقعدان
اللائحة الثانية مقعد واحد
اللائحة الثالثة مقعد واحد
اللائحة الرابعة صفر مقعد
وهكذا نكون قد وزعنا كل المقاعد وتكون اللائحة الأولى قد حازت على مقعدين في حين حصلت اللائحة الثانية والثالثة على مقعد لكل منهما، فيما بقيت اللائحة الرابعة بدون مقعد
وتوضح هذه النتيجة بجلاء الفرق بين أسلوب أقوى المعدلات وأسلوب أكبر البقايا ، فهذا الأخير غالبا ما يكون في صالح الأحزاب السياسية الكبرى ، وغالبا ما يدفع بالهيئات السياسية إلى التكتل في إطار أحلاف سياسية من أجل الحصول على اكبر عدد من المقاعد ، وتجدر الإشارة إلى أن لكل أسلوب من الأساليب السابقة الذكر تأثير كبير على طريقة تشكيل الحكومة واستقرارها .
المطلب الثاني: نمط الاقتراع في منظومة القوانين الانتخابية المغربية.
يرتبط الإطار القانوني لنمط الاقتراع بدوافع سياسية وموضوعية تحتمها ظرفية سياسية معينة، فقد اعتمد المغرب نظام الاقتراع الأحادي الاسمي السري المباشر بالأغلبية النسبية خلال دورة واحدة في التجارب الانتخابية السابقة لانتخابات سنة 1997 المتعلقة بأعضاء مجالس الجماعات الحضرية والقروية والنيابية بالنسبة للانتخاب المباشر لثلثي أعضاء مجلس النواب والانتخاب السري غير المباشر بالأغلبية النسبية للثلث غير المباشر لأعضاء مجلس النواب.
وهو ما تم تكريسه مع تجربة التناوب بمقتضى مدونة الانتخابات الجديدة سنة بموجب ظهير 02-ابريل 1997 ، لكنه تم اعتماد الاقتراع اللائحي غير المباشر بالتمثيل النسبي حسب قاعدة اكبر بقية ودون استعمال مزج الأصوات والتصويت التفاضلي بالنسبة لانتخاب أعضاء المجالس
الإقليمية الجهوية مجلس المستشارين بتاريخ 04-12-1997، ليتم بعد ذلك وبعد مطالبة المعارضة بتعميم أسلوب الاقتراع اللائحي ليشمل حتى الاقتراع المباشر لكن التحكيم الملكي.
قضى بالحفاظ على الاقتراع الأحادي الفردي .
لكنه خلال انتخابات سنة 2002 تم تبني الاقتراع اللائحي حتى بالنسبة للانتخابات المباشرة لأعضاء مجلس النواب بمقتضى المادة الأولى من القانون التنظيمي لمجلس النواب وكذا بالنسبة لانتخاب أعضاء المجالس الجماعية التي يتجاوز عدد سكانها 35.000 نسمة بمقتضى الفصل 200 من مدونة الانتخابات الجديدة بعدما كان الأمر يقتصر على الجماعات التي يتجاوز عدد سكانها 25.000 نسمة بمقتضى مدونة الانتخابات لسنة 2002.
وقد حاولت التعديلات الأخيرة لمجموعة القواعد القانونية المنظمة للانتخابات بمحاولة تدارك الهفوات التي أبانت عنها تجربتي سنة 1997 و2002 وما أسفر عنه العمل القضائي من اجتهادات لتقويم العملية الانتخابية، ذلك انه تم توحيد نمط اقتراع جميع المجالس المنتخبة بمقتضى مجموعة من الظهائر والمراسيم، بتبني نمط الاقتراع اللائحي بالتمثيل النسبي حسب قاعدة اكبر بقية ودون استعمال مزج الأصوات والتصويت التفاضلي سواء في الانتخابات المباشرة وغير المباشرة ، ماعدا الاستثناء الذي نصت عليه المادة 200 من مدونة الانتخابات الصادرة بمقتضى ظهير 30 دجنبر 2008 والتي جعلت الاقتراع بالأغلبية النسبية في دورة واحدة بالنسبة لانتخاب أعضاء مجالس الجماعات التي يقل عدد سكانها عن 35.000 نسمة.
وجدير بنا توضيح خصائص الاقتراع باللائحة مع التمثيل النسبي في النظام الانتخابي المغربي استنادا إلى النصوص القانونية المنظمة له، فبالرجوع إلى المواد المتعلقة بنمط الاقتراع سواء في مدونة الانتخابات أو القانون التنظيمي لمجلس النواب أو القانون التنظيمي لمجلس المستشارين فإنها تحدده بأنه يتم باللائحة في دورة واحدة وبالتمثيل النسبي على أساس قاعدة اكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج الأصوات والتصويت التفاضلي على إن لا يشارك في توزيع المقاعد إلا اللوائح التي حصلت على 6 في المائة من الأصوات المعبر عنها .
وبذلك لتوزيع المقاعد في دائرة انتخابية معينة يجب تحديد الأصوات المعبر عنها وهي عدد المصوتين - الأصوات الملغاة، وتحديد القاسم الانتخابي بقسمة عدد الأصوات المعبر عنها على عدد المقاعد المتبارى بشأنها ليتم إقصاء اللوائح التي لم تحصل على عتبة 6 في المائة من الأصوات.
ومن المعلوم أن النص القانوني ليس غاية في حد ذاته، فهو وسيلة من وسائل الإصلاح والبناء الديمقراطي يجب أن تعضده ممارسة واعية ملتزمة من طرف الفاعلين السياسيين أخلاقيا وسياسيا وإلا افرغ من محتواه.
المبحث الثاني: تأثير أنماط الاقتراع على الحياة السياسية.
إن اعتماد أسلوب معين من أساليب الاقتراع لا يتم انطلاقا من اعتبارات تقنية محضة ,بل تتحكم فيه اعتبارات سياسية واضحة .دلك أن أسلوب الاقتراع المعتمد يفرز نوعا من العلاقة الخاصة حسب الحالات بين الناخب والمنتخب ,كما يؤثر بشكل واضح على المنظومة الحزبية ,إضافة إلى تأثيره على طريقة تشكيل الحكومة واستقرارها .
المطلب الأول: تأثير نمط الاقتراع على التمثيل والمشاركة السياسية.
من خلال دراسة المظاهر التقنية للانتخابات اتضح بان نظام الاقتراع بالأغلبية يمتاز بالبساطة والوضوح من جهة ،كما انه يؤدي إلى قيام اغلبية نيابية قوية تحقق الاستقرار من خلال إفراز اغلبية قوية مما ينعكس إيجابا على الحكومة التي تشكل اغلبية منسجمة، ويقلل بالتالي من إمكانية الإطاحة بالحكومات .
فبساطة أسلوب الاقتراع بالأغلبية تتجلى في سهولة إجراءاته خاصة منها تلك المتعلقة بإعلان النتائج النهائية .وهو يجعل العلاقة بين الناخب و المنتخب علاقة مباشرة ، حيث انه في إطار الاقتراع بالأغلبية خاصة ادا كان فرديا ،فان الناخبين يتمكنون من معرفة مرشحيهم بدقة ،ومن ثم فان اعتبار العلاقات الشخصية والعائلية ، والولاءات ، ومدى نفوذ المرشح في الدائرة الانتخابية ... الخ ، كلها اعتبارات تؤخذ بالحسبان في عملية التصويت .
وإذا كان الاقتراع بالأغلبية في دورتين يشجع كل الأحزاب على قياس تمثيليتها في الدورة الأولى قبل التلاحم أو التخلي لبعضها البعض في الدورة الثانية ،فان الاقتراع بالأغلبية في دورة واحدة يكون أكثر قسوة منه إذ انه يؤدي بالتيارات إلى التكتل مند الدورة الأولى في قائمة قوية متجانسة لضمان الفوز وبالتالي فان نتيجته غالبا ما تكون اختزال الأحزاب السياسية إلى حزبين رئيسيين وبالتالي فان الاقتراع الاغلبي الأحادي الاسمي هو النظام الأمثل بالنسبة للثنائية الحزبية التجربة البريطانية على سبيل المثال إلا انه على الرغم من كل ايجابيات هدا الأسلوب ،فقد تم انتقاده لكونه، خاصة إذا كان فرديا، يلغي دور الأحزاب وتنافس البرامج ،ويفتح المجال واسعا لسيادة العلاقات الشخصية ، ولتفشي الرشوة الانتخابية ، ولضغط الإقطاعيات الانتخابية ، مما يشوه هاته العملية ، ولهذا وأمام هده الانتقادات فقد تم هجر هدا الأسلوب من طرف العديد من الدول ،وتم تبني أسلوب أخر ونقصد بذلك التمثيل النسبي الذي يناسب كل التيارات و الاتجاهات السياسية ،الأقلية والأغلبية في أن تتمتع بتمثيلية في البرلمان و هو ما قد يحقق نوعا من العدالة السياسية .
فهذا الأسلوب يسمح بتمثيل أفضل لمختلف التيارات السياسية و الاجتماعية بتوزيع المقاعد النيابية على جميع الأحزاب بنسبة الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات ،فيضمن بدلك حقوق الأقليات و الأحزاب الصغرى التي تشترك في صنع القرارات الصادرة عن المؤسسات السياسية .فهذا الأسلوب يهدف إلى إقامة نوع من العدالة و التناسب بين عدد المقاعد النيابية و عدد الأصوات الانتخابية.كما يهدف إلى الحيلولة دون قيام القوى السياسية الكبرى باحتكار السلطة و الممارسة السياسية .
وما يجب الإشارة إليه إن التمثيل النسبي يعطي على مستوى المشاركة دورا اكبر للمواطن في تحديد الخريطة السياسية ، فالمواطن سوف لن تساهم إرادته فقط في التصويت على مرشح وحيد بل بالتصويت على عدة مرشحين و بالتالي التأثير في بنية تركبة الخريطة البرلمانية على عكس التمثيل الأغلبي الذي يقود إلى تمثيلية ضيقة في مقابل ضبط وعقلنة المجال السياسي، لان بعض الأحزاب قد تحصل على نسب مهمة من الأصوات لكن هذا لا يخولها الحصول على مقاعد تتناسب مع حجم الأصوات المحصل عليها ونعطي مثال في هدا الصدد: في سنة 1951 حصل حزب العمال البريطاني على 48.08 في المائة من الأصوات، وحصل المحافظون على48 في المائة من الأصوات، فهامش الفرق بين الحزبين جد ضيق لا يتعدى 0.8 في المائة لكن عند توزيع المقاعد، حصل حزب العمال على321 مقعدا و المحافظون على 295 أي بفارق 26 مقعد مقابل 0.8 في المائة .
المطلب الثاني: تأثير نمط الاقتراع بالمغرب على الحياة السياسية.
يتضح مما سبق أن اعتماد نظام اقتراع معين دون غيره يحمل دلالات سياسية تتعلق بالمشاركة السياسية والديمقراطية.
وبالنسبة للتجربة المغربية يتضح انه تم اعتماد نمط الاقتراع اللائحي بالتمثيل النسبي حسب اكبر بقية وبإعمال نسبة 3 في المائة للمشاركة في توزيع المقاعد خلال انتخابات 2002 وهو ما تم تكريسه في انتخابات 2007 مع تعديل العتبة إلى 6 في المائة من الأصوات المعبر عنها وهو ما تم اعتماده في تعديلات 30 دجنبر 2008. .
كما انه تم اعتماد نظام الكوطا على الصعيد الوطني لضمان المشاركة السياسية للمرأة بتخصيص 30 مقعد انتخابي للنساء بمجلس النواب، في حين أن الحركات النسائية تطالب بنصف المقاعد لضمان المساواة، في حين أن هذا المنطق يفتقر للتأصيل الدستوري لمبدأ المساواة الذي يتأسس على تساوي الفرص لا التحكم بشكل مسبق في نتائج الانتخابات عن طريق نظام الكوطا الذي يبقى نظاما غير دستوري ويسيء إلى دور المرأة وقدرتها على المشاركة والمنافسة، ويبقى مقتضى غير دستوري في أساسه.
وعموما فان الغاية المتوخاة والمعلنة لهذا النظام هي القضاء على الفساد الانتخابي وتحقيق النزاهة وتقوية المشاركة السياسية وتقوية الأحزاب بإضعاف سلطة الشخص المرشح إما سلطة الحزب الذي ينتمي إليه بتصويت الناخب على لائحة حزب وبرنامج سياسي أكثر من الاعتبارات الشخصية للمرشح ومحاربة ظاهرة النواب الرحل لكون المرشح يلتزم وان أخلاقيا بتنفيذ البرنامج سياسي لحزبه المرشح باسمه، وكذا تعزيز التحالفات بين الأحزاب وظهور أقطاب قوية متحالفة تضمن التماسك الحكومي والاستقرار السياسي والاجتماعي وبالتالي التنمية وهو ما راهنت عليه المنظمات الدولية وفعالية المجتمع المدني باعتبار أن المشاركة في الانتخابات تعتبر الآلية الحضارية للتعبير السياسي والبديل لأشكال العنف والتطرف في التعبير.
إلا أن التجربة المغربية قد أبانت عن مفارقات بين المنشود سياسيا وقانونيا مع الممارسة الواقعية اعتبارا لمجموعة من المعطيات والخصوصيات التي ترتبط التقنيات المعتمدة في نمط الاقتراع نفسه وكذا المرتبطة بخصوصية البنية الاجتماعية و النخبة السياسية والضمانات والآليات الدستورية المتاحة لها لتنفيذ برامجها.
- فبالنسبة لتقنيات نمط الاقتراع : فان اعتماد تقطيع انتخابي بمرسوم وليس بقانون كما هو الحال في مجموعة من الدول المتقدمة والعربية كتونس يؤكد هيمنة الجهاز التنفيذي على القالب الذي يؤطر طبيعة المشاركة السياسية المرغوب فيها بتقنيات دقيقة تهندس على ارض الواقع عند تشكيل الدوائر الانتخابية، كما أن ارتفاع عدد الدوائر الانتخابية بمعدل 20 لائحة بكل دائرة انتخابية في انتخابات 2007 يفرغ الاقتراع اللائحي النسبي من محتواه ليجعله اقرب للاقتراع الأحادي الاسمي، ويجعل وكيل اللائحة في مواجهة الناخب مباشرة وهو ما يقوي سيادة الطابع الشخصي واستعمال المال لاستمالة أصوات الناخبين سيما وان وكلاء اللوائح يكونون من الأغنياء القادرين على تموين الحملة الانتخابية سيما في العالم القروي وانه يغطي بثقله على باقي المرشحين باللائحة الذين قد تنعدم فيهم شروط الكفاءة والنزاهة، كما أن ما يزيد من تعقد هذا النظام هو اعتماد اللائحة الوطنية إلى جانب اللائحة المحلية بورقة فريدة وهو ما ينتج عنه كثرة عدد الأصوات الملغاة اعتبارا لارتفاع درجة الأمية، فبمناسبة الانتخابات النيابية ل 07 شتنبر 2007 ففي الدائرة الانتخابية الاسماعلية بمكناس فان نسبة الأصوات الملغاة هو 25% من نسبة المصوتين 24% و24% في دائرة مكناس المنزه من نسبة المصوتين 29 % ، وهو ما نتج عنه صعوبات تقنية في احتساب الأوراق الملغاة إذ قد يكون التصويت ملغى بالنسبة للائحة الوطنية وصحيحا بالنسبة للائحة المحلية أو العكس.
- وفيما يتعلق بالبنية الاجتماعية والنخبة السياسية : فانتشار الأمية والفقر وطغيان العلاقات الشخصية والعائلية على الانتخابات يجعل الناخب مرتبطا أكثر بشخص المرشح لا ببرنامج حزبه مادام انه لا يمكنه فهم مضامينه لعدم التواصل بين الأحزاب والناخبين بمناسبة الحملة الانتخابية أو لفقدان الثقة في البرامج السياسية إما لعمومية البرامج الحزبية أو لتعددها ذلك أن 33 حزبا قد شارك في انتخابات 2007 أو لتشابهها وعدم الالتزام بها.
- بالنسبة للآليات الدستورية والضمانات المتاحة للعمل البرلماني : ارتباطا مع النقطة السابقة، وعلى فرض مصداقية البرامج الانتخابية وقابليتها للتطبيق فان هامش الضمانات يبقى ضيقا ومحصورا مادام الملك يبقى هو صاحب المبادرة والسلطة الحقيقية بنص الدستور بسلطة تعيين الوزراء خارج الأغلبية البرلمانية بل وحتى الوزير الأول نفسه، مما يبقى معه نمط الاقتراع غير مؤثر في الحياة السياسية ما دام لا يشكل ضمانة توصل لسلطة الحكم لتنفيذ البرامج المصوت عليها شعبيا.
هكذا فان نظام الاقتراع المعتمد بالمغرب لم يؤدي إلى تحقيق أهدافه المنشودة فهو لم يؤدي إلى إنتاج كتل حزبية منسجمة لإدارة الحكم بل بالعكس من ذلك أدى إلى تحالفات هشة بتكتل أحزاب مختلفة بل ومتعارضة البرامج أحيانا كما هو الأمر بالنسبة للحكومة الحالية، كما انه لم يؤدي إلى محاربة استعمال المال للحصول على أصوات الناخبين وهو ما لم يحقق مبدأ تكافؤ الفرص وقد أكدت مجمل التقارير بعدم استيعاب اغلبية المرشحين والناخبين لأخلاقيات العملية النزيهة بعد انتخابات 2002 لارتباط الناخبين بشخص وكيل اللائحة ومنح التركيات من طرف الأحزاب لأشخاص لهم القدرة المادية لتمويل الحملة الانتخابية، كما انه لم يحارب ظاهرة الترحال من حزب لأخر، فقد أبانت الممارسة على تفشي الظاهرة بما لها من آثار على ثقة الناخب في المرشح وفي المؤسسات المنتخبة بشكل عام والعزوف عن المشاركة السياسية التي تراجعت بشكل ملحوظ رغم اعتماد نمط الاقتراع اللائحي بالتمثيل النسبي، فقد كانت 58 في المائة في انتخابات 1997 ثم 54 في المائة سنة 2002 لتتراجع ل 37 في المائة في انتخابات 2007 .
وعموما فان قيام انتخابات نزيهة وشفافة لا تؤطره النصوص القانونية لوحدها بل يقتضي توفر الإرادة السياسية والممارسة الأخلاقية المبنية على روح وطنية تذوب فيها المصالح والخلافات الشخصية وتسودها المصلحة الوطنية العامة في انسجام تام مع الآليات القانونية المرتكزة على تعديلات قانونية تتفادى ما أسفرت عنه التجارب الانتخابية السابقة.
خـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاتمة
- يتضح من خلال هذا العرض المقتضب، أن أنماط الاقتراع تختلف باختلاف الأنظمة السياسية والتطورات المجتمعية، إلا أنها تبقى آلية أساسية للمشاركة السياسية التي تؤسس لها معطيات واقعية وسياسية وأخلاقية يبقى القانون مجرد وسيلة تقنية لبلورتها ويبقى قاصرا في تحقيق الهدف من الانتخابات إذا لم يواكبه النضج السياسي للهيأة الناخبة والمنتخبة على حد سواء.
ومهما يكن فانه لا يتعين الانبهار بالتجارب الأجنبية لتأسيس نظام انتخابي معين وإنما يبقى لزاما الاستفادة من دروس التجارب السابقة استنادا على مبدأ التراضي بين القوى السياسية، وتكييف التجارب الأجنبية مع خصوصيات كل دولة، فإذا كان نظام الانتخاب الأحادي الاسمي في دورة واحدة مثلا قد لقي نجاحا في المملكة المتحدة فانه لم يفرز انتخابات مرضية بالمغرب طيلة الاستحقاقات الانتخابية التي اعتمد فيها كنمط للاقتراع.
هكذا فلمقاربة أي نظام انتخابي لن تتم بشكل موضوعي إلا باستحضار المنظومة القانونية التي تؤطره، ودراسة التركيبة الاجتماعية والثقافية لكل مجتمع ودور مختلف الفاعلين في الحقل الانتخابي من أحزاب سياسية ومجتمع مدني .
* المراجع:
1- المؤلفات:
- احمد حضراني ، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، مطبعة وراقة سجلماسة- مكناس.
- محمد معتصم، مختصر النظرية العامة للقانون الدستوري و المؤسسات السياسية، منشورات
ايزيس،الطبعة الأولى ،1992،الدار البيضاء .
- إسماعيل الغزال، القانون الدستوري و النظم السياسية، الطبعة الرابعة، المؤسسة الجامعية
للدراسات والنشر و التوزيع، بيروت، 1989.
- حماد صابر ، محاضرات في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، مكتبة المعارف الجامعية، فاس 1998.
- رقية مصدق ، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، الجزء الأول ، الطبعة الأولى دار توبقال للنشر، 1986.
- الانتخابات التشريعية 7 شتنبر 2007 النتائج الكاملة : قراءة وتحليل، مركز الأبحاث والدراسات والعلوم الاجتماعية، مطبعة اليت 2008.
- إدريس بلمحجوب، المسلسل الانتخابي بين الممارسة والرقابة القضائية 1997-2003 مطبعة الأمنية 2005.
2-القوانين:
- الظهير الشريف رقم 185-97-1 في 04 يناير بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 97.31 المتعلق بمجلس النواب، ج ر ع 4516 كما وقع تعديله سنة 2002.
- الظهير الشريف رقم 150-08-1 في 04 شتنبر 1997 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 97.32 المتعلق بمجلس المستشارين، جر ع 4516.
- الظهير الشريف رقم 185-97-1 في 30 دجنبر 2008 بتنفيذ القانون رقم 08.36 المتعلق بمدونة الانتخابات.
ليست هناك تعليقات