لا شك أن خيار نهج الجهوية المقدمة يرتبط بعدد من الأبعاد الاستراتيجية منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو اجتماعي ومنها ما هو جغرافي يرتبط ب...
لا شك أن خيار نهج الجهوية المقدمة يرتبط بعدد من الأبعاد الاستراتيجية منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو اجتماعي ومنها ما هو جغرافي يرتبط بطبيعة التدارس والسكان، ويبقى البعد الاقتصادي واحد من هذه الأبعاد التي تحظى بأهمية بالغة في مشروع الجهوية المتقدمة، لما لهذا البعد من أهمية في السياسات الاقتصادية المعاصرة التي أصبحت تعتمد على التنظيم الجهوي باعتباره الإطار الأصلح لوضع كل إستراتيجية تنموية و كذلك كل تخطيط اقتصادي طموح لان كل نظام اقتصادي أصبح يضم ضمن تصوراته البعد الجهوي كأسلوب اقتصادي يساعد على عقلنة الخطط الاقتصادية و التنموية سواء على صعيد الدول المتقدمة أو الدول السائرة في طريق النمو. و المغرب لا يخرج عن دائرة هذه الدول حيث أن المشرع المغربي تبنى منذ السبعينات السياسة الجهوية . لكن بقيت هذه الأخيرة عديمة الجدوى بسبب غياب الإطار التشريعي و القانوني للتنظيم الجهوي.
إن
ظاهرة الاختلالات و التباينات الجهوية تبقى السمة السلبية التي تعرفها كافة الدول
بصرف النظر عن أنظمتها و درجة تقدمها. لكن حدتها تزداد داخل دول العالم الثالث و
السبب في ذلك [1]يرجع
الى الاستعمار الذي اعتمد على سياسة " فرق تسد" التي كان من نتائجها هذه
المظاهر السلبية المتجلية في الفوارق
الجغرافية و الاقتصادية بين جهات و مناطق الدولة، و المغرب بدوره لم ينج من هذه
السياسة الاستعمارية التي أحدثت فوارق جهوية ضخمة حيث عمد المستعمر الى توجيه
الاقتصاد الوطني بالشكل الذي يخدم مصالحه الاقتصادية و قسم المغرب الى المغرب
النافع و المغرب الغير النافع.[2]
إذ أن محورا لدار البيضاء- القنيطرة يستحوذ على كل الخيرات و الأنشطة الاقتصادية و
التجارية. لهذا اخذ المغرب بتنظيم جهوي جديد يعتبر كإطار ملائم لتحقيق نمو اقتصادي
متوازن لكافة مناطق و جهات المملكة ، و بالتالي لمحاربة الاختلالات و التباينات
الاقتصادية و الاجتماعية.
إذن
فالمنظور الحديث لفكرة الجهوية أصبح ينظر إليها من الزاوية الاقتصادية حيث ان هذه الأخيرة
بإمكانها ان تخفف العبء الاقتصادي على الدولة2 خاصة و أن الطريقة المركزية في
تسيير الشؤون المتعلقة بالتنمية الاقتصادية قد أبانت عن فشلها و عدم نجاحها. كما
ان المستويات السفلى من الإدارة اللامركزية أصبحت هي الأخرى غير قادرة على القيام
بمهامها بفعالية نظرا لقلة مواردها المالية و البشرية.لهذا أصبحت هناك ضرورة لوجود
مستوى ترابي و إداري وسيط بين السلطة المركزية و الجماعات المحلية بغية الإشراف
على التخطيط و التفكير للتنمية الجهوية و المحلية.[3]
فالجهة
تعد بمثابة الإطار الملائم لاستقبال المشاريع التنموية التي من الصعب بمكان على
الجماعات الترابية الأخرى القيام بها و لا بوسع الحكومة المركزية ممارستها
بفعالية.كما انها تعتبر كوسيلة للتنسيق بين المخططات التنموية المحلية و المخطط
الوطني الأمر الذي من شانه تحقيق نمو اقتصادي و اجتماعي متوازن و ذلك قصد تفادي كل
تضارب او تدخل في السياسات الاقتصادية المحلية و الوطنية و كذلك ضياع الأموال
العامة و الوقت و المجهود البشري المستخدم في تلك العمليات. و بالتالي يمكنها
القيام بدور الحكم المحايد و المسؤول على تحقيق المساواة و التوازن و توفير كل
الحظوظ للجميع على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي الذي تنمحى في إطاره كل
الاختلالات و الفوارق و اللاتوزنات. و هذا ما أدى بالأستاذ ميشيل روسي الى القول
بان الجهة تعد:" إطارا مناسبا تماما لمتطلبات وضع التصورات المتعلقة بتطبيق التنمية
الاقتصادية و إحلال التوازن على صعيد المجا ل".[4]
ليست هناك تعليقات