دور الجماعات الترابية في التمية إذا كان لكل بلد ومجتمع ظروفه الخاصة، وخصائصه المحلية التي يفسر على ضوئها عادة الاتجاه نحو النهج اللامرك...
دور الجماعات الترابية في التمية
إذا كان لكل بلد ومجتمع ظروفه الخاصة، وخصائصه المحلية التي يفسر على ضوئها عادة الاتجاه نحو النهج اللامركزي، فإن هذا لا يمنع من وجود بعض الحقائق المشتركة، والتي تشكل أرضية عامة لتفسير العرض والطلب المتزايدين على نظام الإدارة المحلية من قبل الحكومات والشعوب على حد سواء. وهذه العوامل المشتركة تتلخص في العناصر التالية:
قصور الإدارة
المركزية في الاضطلاع بمهام التسيير في جميع المجالات، و على جميع الأصعدة.
تطور وتغيير طبيعة
العلاقة القائمة بين الدولة الحديثة والمجتمعات المدنية المعاصرة،
تطلع أبناء المجتمع
إلى تقلد المسؤولية المباشرة لتدبير شؤونهم المحلية.
الإيمان الشديد بأن
متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية تقتضي قيام نظام إداري ينبني على أسس لا
مركزية.
كل هذه العناصر
جعلت من المغرب كدولة سائرة في طريق النمو، يأخذ باللامركزية الإدارية كنظام يسمح
بالاعتراف القانوني للجماعات الترابية بالشخصية القانونية، فتؤهل لتسيير مصالحها
الخاصة بواسطة أجهزة منبثقة عنها، ويتم هذا النظام من الوجهة النظرية عندما تكون
جميع الشؤون المحلية راجعة لاختصاص السلطات المحلية، وعندما تكون هذه السلطات
منبثقة عن الجماعة المعنية وحدها، مع العلم أن تعيين الأجهزة المذكورة يتم عن طريق
الانتخاب المباشر الحر والنزيه.
وبما أن المجالس
المحلية تمارس اختصاصها في نطاق السياسة العامة للدولة، فهي ملزمة باحترام الخطط
العامة التي تضعها السلطات المركزية.
وفي هذا السياق
يعتبر إصلاح الجبايات المحلية عنصرا أساسيا في سلسلة برامج اللامركزية المالية
وتدعيم الديمقراطية المحلية، فبعد إصلاح نظام اللامركزية بمقتضى القانوانين
التنظيمية للجماعات الرتابية(111.14 المتعلق بالجهات، 112.14 المتعلق بالاقاليم
والعمالات، 113.14 المتعلق بالجماعات) وقبلها القانون 00-78 المتعلق بالميثاق
الجماعي بموجب القانون 17/08 الذي تم عدله، والقانون رقم 00-79 المتعلق بتنظيم
العمالات والأقاليم، وقبلهما القانون رقم 47-96 المتعلق بتنظيم الجهات، ومع إصلاح
التنظيم المالي للجماعات المحلية وهيئاتها ونظام محاسبتها وغيرها من مجالات تدبير
اللامركزية الإدارية، فان قانون إصلاح الجبايات المحلية كحلقة من حلقات هذا
الإصلاح بات بدوره في حاجة الى اصلاح لمواكبة الاصلاحات القانونية المتعلقة
بالجماعات الترابية.
كما أكد الملك محمد
السادس نصره الله بمناسبة افتتاح أشغال ملتقى الجماعات المحلية بأكادير في دجنبر
2006 تحت شعار " تنمية المدن مواطنة ومسؤولية " ان تفعيل صلاحيات
الجماعات المحلية في مجال التنمية، يستوجب إصلاح النظام الجبائي و المالي
والمحاسبي للجماعات المحلية في اتجاه تبسيطه وتحسين تدبيره والرفع من مردوديته".
هكذا فبعد ثمانية
عشر سنة من التجربة الجبائية الثانية التي اقرها قانون 89-30، تم إصدار القانون
رقم 06- 47 الذي دخل حيز التنفيذ منذ فاتح يناير 2008.
كما صدر ايضا
القانون رقم 07-39 لتنظيم الرسوم والحقوق والمساهمات والاْتاوي ذات الطابع الغير
الجبائي، والذي دخل حيز التنفيذ منذ فاتح يناير2008 أيضا.
إن القراءة الأولية
لهذا القانون، تتيح لنا الفرصة للوقوف على السياسة الجبائية المحلية التي ترغب
الدولة في اعتمادها من خلال تطوير موارد الجماعات المحلية وتدعيم استقلالها المالي
لتقوم بدورها في تحقيق التنمية المحلية خاصة بعد أن تخطت مرحلة حصول عجز في
ميزانيتها بفضل الحصة المحولة من منتوج الضريبة على القيمة المضافة. إن أهمية هذا
القانون تكمن في الرغبة في إشراك جميع المتدخلين في المجال من خلال فتح باب
الاقتراح للجماعات المحلية المعنية بهذا القانون الذي ركز كما طرحته وزارة
الداخلية على ثلاث محاور أساسية:
تشكل الجبابات
الترابية بمستوياتها الثلاث، حجر الزاوية ودافعة أساسية من دوافع التنمية المحلية،
الإقليمية والجهوية وهو ما ينعكس على مجموع التراب الوطني، لذلك فان المشرع
المغربي أسند عدة مهام للجماعات الترابية حتى تضطلع بدورها في تحقيق التنمية، كما
حث المشرع على ضرورة اتخاذ مجموعة من التدابير والاجراءات الكفيلة بتسريع وثيرة
التنمية المحلية وخصوصا تبسيط المساطر والاجراءات المتعلقة بتحصيل الجبايات.
ان تبسيط الجبايات المحلية وتحسين مردوديتها عن
طريق التخفيض من عدد الضرائب والرسوم وتبسيط المساطر، ثم هيكلة النصوص القانونية
باعتماد نص قانوني واحد يتميز بالوضوح والبساطة، وكذا تأهيل الإدارة الجبائية
المحلية وهيكلتها ماديا وبشريا.
مطابقة الجبايات المحلية لإطار اللامركزية،
يتجلى ذلك في الرغبة في تدعيم اختصاصات الجماعات في مجال تعديل نسب وأسعار الرسوم
والضرائب، وأيضا في القواعد الإجرائية من إعفاء وتخفيض وإبراء الذمة، ومن تم
المراقبة والتفتيش وتطبيق الجزاءات.
ملاءمة الجبابات المحلية، بحيث يتم حذف
الازدواج الضريبي، وإيلاء أهمية للتعاون بين الدولة والجماعات المحلية في مجال
تدبير الضرائب والرسوم المحلية، ثم توحيد الوسائل والمساطر والوثائق وإحداث دلائل
جبائية تبسط الجبايات المحلية وتضعها في إطارها المحلي.
ليست هناك تعليقات