تقديم أصبح دور اللاّمركزية في عصرنا الحاضر يتزايد يوما بعد آخر في البناء الديمقراطي العام للدولة. فتشعب مهام الدولة وتكاثر مسؤ...
تقديم
أصبح دور اللاّمركزية في عصرنا الحاضر يتزايد يوما بعد آخر في البناء الديمقراطي العام للدولة. فتشعب مهام الدولة وتكاثر مسؤولياتها أدى بها إلى ترك جزء من الوظيفة الإدارية والاجتماعية والاقتصادية إلى وحدات إدارية وترابية تعتمد التمثيلية عبر آلة الانتخاب، بحيث يصبح لممثلي السكان اختصاصات موسعة في مختلف المجالات . إن تعدد وازدياد أدوار الجماعات المحلية في كل التجارب التي تأخذ باللاّمركزية أدّى إلى اعتماد آليات مالية مهمة تمكن هذه الجماعات من موارد تستطيع من خلالها القيام بهذه الأدوار ،فاللامركزية الإدارية ليست فقط متسع الحريات اللازمة للهيأت المحلية لاتخاذ القرارات التي تهم تدبير الشؤون المحلية إنما هي بالإضافة إلى دلك تتطلب إعطاء الهيأت المحلية السلطات و الإمكانيات المالية اللازمة للقيام بالمهام المنوطة بها على الوجه المطلوب خاصة ما يتعلق بالسلطة الجبائية المحلية , والمغرب كغيره من البلدان التي أخذت بنظام اللاّمركزية راكم تجربة على هذا المستوى وخصوصا على المستوى الإداري والذي يصاحبه تطور وفعالية على المستوى المالي وهده التجربة في الممارسة المالية المحلية في شقها الجبائي تعود إلى مراحل ماقبل الحماية حيث كانت ضرائب دينية وزمنية كانت مجالا للصراع السياسي والاقتصادي بين المخزن وما يسمى" ببلاد السيبة". غير أن النظام الجبائي بمعناه الحديث لم يعرفه المغرب إلا ّمع مؤتمر الجزيرة الخضراء لسنة 1906 تمثل في مجموعة من الضرائب خصوصا الضريبة الحضرية التي أصبحت البلديات تستفيد من جزء منها. أما في عهد الحماية وتطبيقا لبنود معاهدة فاس لسنة 1912 حيث صدر ظهير 27 مارس 1917 الذي أحدث رسوم وضرائب محلية. لكنها لم تف بالغرض ليصدر ظهير 29 دجنبر 1948 ليدخل اصطلاحات عميقة على الجبايات المحلية غير أن الهدف من هذه الإصلاحات كان هو المردودية المالية باعتبار أن هدف المستعمر أساسا الاستغلال بالدرجة الأولى. ومع حصول المغرب على الاستقلال صدر ظهير 23 مارس 1962 الذي أكد في فصله الأول على أن تأسيس كل أداء بلدي يجب أن يتم بموجب ظهير شريف وليسرد بعد ذلك لائحة من الأداءات والضرائب الواجب عرضها كرسم النظافة وأخرى اختيارية كالأداء عن الإغلاق المتأخر.
وفي سنة 1978 حاول المشرع فرض ضريبة عقارية لفائدة الجماعات المحلية لكنها اصطدمت بمقاومة لوبي العقار بالمغرب، وصدر قانون 89.30 محكوما بظرفية داخلية وخارجية حدت من دوره في الدفع باللاّمركزية بالمغرب. إلا أن أنه وبالنظر إلى الصعوبات والإكراهات التي عرفها قانون رقم 30.89( ) ولاسيما من حيث التطبيق ونتيجة إلى ما عرفه المغرب من إصلاحات في المجال الضريبي خلال الثمانينات من القرن الماضي، وكذا الاختصاصات الواسعة التي أصبحت تضطلع بها الجماعات المحلية بعد التعديل الدستوري سنة 1996 في مجال التنمية الشاملة، أصبح معه القانون رقم 30.89 متجاوزا وعجلت بصدور قانون الجبايات المحلية رقم 47.06 والذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2008( ).
وما تجدر الإشارة إليه أن موضوع الجبايات المحلية من المواضيع التي استرعت اهتمام كل المسؤولين سواء على مستوى وزارة الداخلية باعتبارها الوزارة الوصية على الجماعات المحلية أو على مستوى المسؤولين بالمجالس الجماعية ( ).وسنحاول في هدا العرض تجاوز المنطق الوصفي أو السردي للقانون المتعلق بالجبايات المحلية06/47 إلى البحث في مدى قدرة هدا القانون على تجاوز حدود ظهير 1989 من خلال الإجابة على الإشكال المركزي :
هل الإصلاحات الجبائية المحلية تعكس رؤية إستراتيجية للدفع بدور اللاّمركزية في التنمية؟ أم أن الأمر مرتبط بتدبير أزمات عبر إصلاحات سرعان مايتم اعلان افلاسها؟ من خلال خطة البحث التالية:
وفي سنة 1978 حاول المشرع فرض ضريبة عقارية لفائدة الجماعات المحلية لكنها اصطدمت بمقاومة لوبي العقار بالمغرب، وصدر قانون 89.30 محكوما بظرفية داخلية وخارجية حدت من دوره في الدفع باللاّمركزية بالمغرب. إلا أن أنه وبالنظر إلى الصعوبات والإكراهات التي عرفها قانون رقم 30.89( ) ولاسيما من حيث التطبيق ونتيجة إلى ما عرفه المغرب من إصلاحات في المجال الضريبي خلال الثمانينات من القرن الماضي، وكذا الاختصاصات الواسعة التي أصبحت تضطلع بها الجماعات المحلية بعد التعديل الدستوري سنة 1996 في مجال التنمية الشاملة، أصبح معه القانون رقم 30.89 متجاوزا وعجلت بصدور قانون الجبايات المحلية رقم 47.06 والذي دخل حيز التنفيذ في يناير 2008( ).
وما تجدر الإشارة إليه أن موضوع الجبايات المحلية من المواضيع التي استرعت اهتمام كل المسؤولين سواء على مستوى وزارة الداخلية باعتبارها الوزارة الوصية على الجماعات المحلية أو على مستوى المسؤولين بالمجالس الجماعية ( ).وسنحاول في هدا العرض تجاوز المنطق الوصفي أو السردي للقانون المتعلق بالجبايات المحلية06/47 إلى البحث في مدى قدرة هدا القانون على تجاوز حدود ظهير 1989 من خلال الإجابة على الإشكال المركزي :
هل الإصلاحات الجبائية المحلية تعكس رؤية إستراتيجية للدفع بدور اللاّمركزية في التنمية؟ أم أن الأمر مرتبط بتدبير أزمات عبر إصلاحات سرعان مايتم اعلان افلاسها؟ من خلال خطة البحث التالية:
التصميم:
مقدمة :
المبحث الاول : أطراف العلاقة الجبائية المحلية
المطلب الأول: الإدارة الجبائية المحلية
الفقرة الثانية : سلطة الادارة الجبائية
المطلب الثاني: المكلف بالجبايات المحلية
الفقرة الاولى : الضمانات الادارية
الفقرة الثانية: الضمانات القضائية
المبحث الثاني :تقيم الإصلاح الجبائي المحلي
المطلب الأول:المرتكزات والمبادئ المؤطرة لقانون رقم 06. 47
فقرة أولى : تبسيط الجبايات المحلية وتحسين مردوديتها
فقرة ثانية: مطابقة الجبايات المحلية لإطار اللامركزية :
فقرة ثالثة: ملاءمة الجبايات المحلية مع حاجيات الدولة
المطلب الثاني :سلبيات الإصلاح الجبائي المحلي رقم 06. 47
فقرة أولى: محدودية توسيع الوعاء الجبائي المحلي
فقرة ثانية : تكريس الفوارق الجبائية بين الجماعات المحلية
فقرة ثالثة:القانون الجبائي المحلي ومطلب تحقيق العدالة
خاتمة: الفقرة الأولى : مكونات الادارة الجبائية
مقدمة :
المبحث الاول : أطراف العلاقة الجبائية المحلية
المطلب الأول: الإدارة الجبائية المحلية
الفقرة الثانية : سلطة الادارة الجبائية
المطلب الثاني: المكلف بالجبايات المحلية
الفقرة الاولى : الضمانات الادارية
الفقرة الثانية: الضمانات القضائية
المبحث الثاني :تقيم الإصلاح الجبائي المحلي
المطلب الأول:المرتكزات والمبادئ المؤطرة لقانون رقم 06. 47
فقرة أولى : تبسيط الجبايات المحلية وتحسين مردوديتها
فقرة ثانية: مطابقة الجبايات المحلية لإطار اللامركزية :
فقرة ثالثة: ملاءمة الجبايات المحلية مع حاجيات الدولة
المطلب الثاني :سلبيات الإصلاح الجبائي المحلي رقم 06. 47
فقرة أولى: محدودية توسيع الوعاء الجبائي المحلي
فقرة ثانية : تكريس الفوارق الجبائية بين الجماعات المحلية
فقرة ثالثة:القانون الجبائي المحلي ومطلب تحقيق العدالة
خاتمة: الفقرة الأولى : مكونات الادارة الجبائية
المبحث الأول: أطراف العلاقة الجبائية المحلية
يمكن الحديث في هذا الصدد، وتماشيا ما حدده المشرع عن الآمرين بالصرف المنتخبون والآمرون بالصرف المعينون.
يعتبر رؤساء المجالس الجماعية آمرين بالصرف للميزانية، ويتخذون القرارات لأجل تحديد سعر الرسوم وتعرفة الواجبات ومختلف الحقوق طبقا للنصوص التنظيمية المعمول بها إضافة إلى مهام أخرى مسندة إليهم في مجالات متعددة ومتنوعة
وبحكم صلاحية رؤساء المجالس الجماعية في مجال اتخاذ القرارات الجبائية المحلية من أجل تحديد سعر الرسوم، إضافة إلى القيام بعمليات الإثبات والتصفية للرسوم المحلية( )، فإن المنطق السليم المتماشي مع تدعيم اللامركزية الإدارية وتحقيق المردودية الجبائية يقتضي التوفر على كفاءات علمية وتقنية في هذا المجال، وإن كان الميثاق الجماعي قد جاء بعدة إصلاحات في هذا المجال بفرضه توفر الشهادة الإبتدائية في المرشح لرئاسة المجالس الجماعية فإنه مع ذلك لم يستطع تجاوز مجموعة من الإخلالات التي تطرحها عملية تسيير دواليب المجالس المحلية، ولا سيما منها الجانب الجبائي
-الآمرون بالصرف المعينون
يعتبر العمال سواء عمال العمالات والأقاليم أو عمال مراكز الجهات أجهزة معينة في إطار اللامركزية الإدارية من خلال ظهائر شريفة باقتراح من وزير الداخلية، واستنادا إلى ظهير 1977 المتعلق باختصاصات العمال فقد أصبح هؤلاء إضافة إلى ممثلين لوزارة الداخلية، ممثلين لجلالة الملك ومندوبين للحكومة، وقد أصبح العمال بعد التعديل الدستوري لسنة 1996، ممثلون للدولة في العمالات والأقاليم والجهات ويسهرون على تنفيذ القوانين، والمسؤولون عن تطبيق القرارات الحكومية وتسيير المصالح والإدارات التابعة للإدارات المركزية، وبوصفهم آمرين للصرف فهم منفذين لميزانيات العمالات والأقاليم والجهات ويقومون بموجب ذلك باتخاذ القرارات الجبائية الإقليمية والجهوية
وهكذا نستنتج أن تسيير حقل الجبائية المحلية ثم إسناده للآمرين بالصرف منتخبين ومعينين، وإن كان الأمر يتطلب اقتصار إسناد الجبائية المحلية لفائدة الأجهزة المنتخبة بحكم نوعية وكم الرسوم المحلية المستحقة لفائدة الجماعات الحضرية والقروية مقارنة مع تلك المستحقة للعمالات والجهات، تماشيا مع تدعيم الديمقراطية المحلية وتحميل ممثلو السكان كامل المسؤولية في هذا الباب.
ثانيا: الأجهزة التقنية المحلية
إذا كان الآمرون بالصرف (معينون أو منتخبون) يقومون بعمليات تصفية المادة الجبائية فإن المحاسبين العموميون هم الذين يقومون بعمليات التحصيل وذلك عملا بمبدأ الفصل بين العمل الإداري والسياسي، ويمكن الحديث في هذا الصدد عن القباض (المحاسبين العموميين)، ووكلاء المداخيل الجماعيين.
يعتبر القباض موظفون تابعين لوزارة المالية، يشرفون على التسيير المالي للجماعات كتنفيذ الميزانية بشقيها المداخيل والنفقات ويمارسون رقابة على الآمر بالصرف ووكلاء المداخيل، وبالتالي هم محاسبون عموميون يخضعون لقواعد المحاسبة العمومية ويتحملون مسؤوليتهم أمام القضاء المالي( )،
2 – وكلاء المداخيل
يعتبر موظفا جماعيا يعمل تحت إشراف السلطة الرئاسية للآمر بالصرف ويتم تعيينه بالكيفية التي يتم بها إنشاء وكالة المداخيل الجماعية بمقرر صادر عن وزير الداخلية باقتراح من الأمر بالصرف بعد تأشيرة وزير المالية
الفقرة الثانية :سلطة الإدارة الجبائية
يتحدد الوعاء الجبائي من خلال طرحين اساسين الأول يتعلق باهتمام الملزم بالواقعة المنشئة للرسوم المحلية بواسطة آلية الإقرار أما الطرح الثاني فيتم من طرف الإدارة عبر تقنية الإحصاء لكن في بعض الحالات تقوم الإدارة الجبائية بإرادتها المنفردة بتحديد المادة الجبائية المحلية وذلك عن طريق التقدير الجزافي في حالة امتناع الملزم عن الإدلاء بالتصريح ، إضافة إلى هذه السلطات المهمة فقد منح لها القانون الجديد المتعلق بالجبايات المحلية سلطات أخرى تتجلى أساسا في سلطة التسعير وسلطة التحصيل
سلطة التسعير :
لقد ترك المشرع أمر تحديد أسعار بعض الرسوم للجماعات المحلية إما على أساس قيمي أي قيمة المادة الضريبية محددة بالعملة ويطبق السعر بنسبة مائوية معينة من هذه القيمة وهذه لرسوم تمس بالدرجة الأولى مجالات ذات أهمية بالغة من عقارات و ترفيه وسياحة ونقل وتجارة ، ويتضح إن التقدير القيمي هو النظام الأمثل لتحديد الأسس الجبائية المحلية لكنه نظام أكثر تعقيدا وصعوبة مما حذا بالمشرع إلى مزاوجته بنظام التقدير النوعي في تسعير الرسوم المحلية عن طريق تطبيق الجباية على وحدة المدة الخاضعة للرسم مثل الوزن أو الحجم ويحتسب السعر النوعي بمبلغ مالي مباشر على هذه الوحدة بغض النظر عن قيمتها كأن يحدد السعر في 20 درهم للمتر مربع من المادة الخاضعة للرسم المحلي .
سلطة التحصيل
يقتضي التحصيل الجبائي المحلي لمختلف رسوم الجماعية نهج المساطر المنصوص عليها في مدونة تحصيل الديون العمومية ونقصد بذلك المسطرة العادية التي تلجأ إليها الإدارة الجبائية المحلية من اجل استخلاص الرسوم بطريقة ودية إذا تم الأداء داخل الأجل المحددة قانونا بناءا على جداول الرسم المحلي وتاريخ استحقاقه، لكن في حالة عدم تمكن الإدارة من تحصيل ديونها بالطريقة الودية فان اللجوء إلى مسطرة التحصيل الجبري يبقى الملاذ الأخير من اجل إكراه الملزم على أداء ما بذمته من ديون محترمة في ذلك مختلف درجات التحصيل الجبري التي حددتها المادة 39 من مدونة التحصيل مرتبة كالتالي الإنذار _ الحجز _ البيع الإكراه البدني
المطلب الثاني: الملزم بالجبايات المحلية
إن فكرة الملزم بالضريبة سواء محلية أو وطنية، يثير مفهوم السلطة العمومية والقرار الأحادي للإدارة كأداة لعمل السلطة التنفيذية الساهرة على تطبيق القانون الضريبي المحلي والوطني. فهذه النظرة التقليدية نابعة من كون الأفراد الخاضعين للضريبة أو الرسوم يتكون لديهم ذلك الشعور النفسي بالتقزز والنفور من قواعدها لأنها تقتطع من دخولهم وأرباحهم المحققة بمجهودهم الفردي لاعتبارات المصلحة العامة التي لا يرونها في بعض الأحيان مجسدة أمامهم في منافع وخدمات يستفيدون منها مباشرة لقاء مساهمتهم في تلك التحملات العمومية، فمن هذا المنطلق يتقلص الوعي الجبائي لارتباطه بحسن تدبير النفقات العمومية الذي يختلف عن تدبير الموارد العمومية، وهذا المفهوم في العلاقة الجبائية الذي يجعل الفرد يحس أنه إن كان يتعامل مع إدارة أقل شعبية فإنه بالمقابل يعترف لها بالمشروعية في مباشرة أعمالها ووجوب إسداء الإحترام لها.
وفي ذات السياق تنبني العلاقة في معظم مراحلها بين الإدارة الجبائية والملزم على محاولة تحقيق التوازن بين المردودية أي مصلحة الإدارة وبين العدالة الجبائية أي مصلحة الملزم، وهنا يطرح الإشكال حول كيفية الوصول عبر الضمانات القانونية لتحقيق منظومة جبائية محلية تضمن للخزينة والجماعة مردودية جبائية دون ضغط جبائي مرهق للملزم يدفعه إلى الإنحراف الضريبي، إلا أن هذا الأمر وارد لتباين الأهداف لكل طرف على آخر فالخزينة ترمي التحصيل التام لواجباتها والملزم يرمي إلى تكوين رأسمال دون إكراهات جبائية وضغط ضريبي مرتفع، واستنادا لمبادئ العدالة والإنصاف فإن التشريعات الجبائية تنص على بعض الحقوق للملزم ضمانا له ضد تعسف وجور وإجحاف الإدارة، إن رغبة المشرع في الإرتقاء بالرسوم المحلية عن مضمونها الكلاسيكي القائم على الأداء دون المجادلة في شرعيتها كانت وراء إقراره لمجموعة من الضمانات1
فقر ة أولى -الضمانات من خلال التظلمات الإدارية:
يمكن اعتبار طلب المراجعة المقرر أمام الآمر بالصرف والطعن أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة من بين أهم الضمانات المقررة للملزم من خلال قانون 06. 47 والتي عبر من خلالها المشرع عن نيته في إشراك الملزم كفاعل أساسي في البناء التنموي.
فقرة ثانية- الضمانات القضائية:
إن إقرار المشرع لمرحلة قضائية بشأن النزاع المرتبط بالجبايات المحلية ضمانة أساسية في اتجاه ترسيخ عدالة جبائية وحماية قانونية للملزم ويتجلى ذلك في إحداث المحاكم الإدارية وإسنادها اختصاص النظر في كل المنازعات الجبائية
المبحث الثاني :تقييم الإصلاح الجبائي المحلي
ليس بخاف ما لإصلاح المنظومة الجبائية المحلية من تأثير على الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي والمالي للجماعات المحلية و في هدا الإطار يندرج القانون رقم 47\06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ضمن الإصلاحات الهادفة إلى تعزيز نظام اللامركزية بالمغرب في الشق الجماعي من خلال الميثاق الجديد ,أو الجانب الإقليمي عبر القانون رقم 79\00 ,ولملائمة هده المنظومة مع الضرائب الوطنية ومدونة تحصيل الديون العمومية وهدا الإصلاح فرض نفسه أمام انتقادات التي وجهت للنظام الجبائي المحلي على ضوء القانون 89\30 من مختلف الفاعلين و المهتمين بالشأن المحلي بالمغرب .وقد شرع في تطبيق قوانين الإصلاح الجبائي المحلي ابتدءا من فاتح يناير 2008، ونقصد بدلك القانون رقم 06. 47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية وقانون رقم 07. 39 الخاص ببعض الرسوم والحقوق والمساهمات والأتاوى المستحقة لفائدة هذه الجماعات, وفلسفة الإصلاح تجد أساسها في المرتكزات والمبادئ المؤطرة لهدا القانون
المطلب الأول:الايجابيات المؤطرة لقانون رقم 06. 47
لقد جاء قانون إصلاح الجبايات المحلية رقم 47.06 ,لتجاوز الاختلالات المتعددة,ولتمكين الجماعات المحلية من التوفر على منظومة جبائية أكثر نجاعة تضمن مسايرة التوجهات العامة لمختلف الإصلاحات التي انخرط فيها المغرب ,ودلك من خلال تبني مواصفات الأنظمة الجبائية الحديثة من خلال تحقيق الأهداف التالية :
فقرة أولى : تبسيط الجبايات المحلية وتحسين مردوديتها
يمثل مبدأ تبسيط الجبايات المحلية المحور الرئيسي لمرامي الإصلاح الجبائي وقد تمثل بالملموس في الآتي:
أ- التقليص من عدد الرسوم: حيث تم إلغاء ثمانية رسوم ظلت تتميز بضعف مرد وديتها كما أنها كانت تشكل ازدواجا ضريبيا مع جبايات الدولة :
-الرسم على المشاهد
- الرسم المفروض على الباعة المتجولين.
- الرسم المتعلق بالإغلاق المتأخر والفتح المبكر.
- الرسم المفروض على الدراجات النارية التي يفوق محركها أو يعادل 125 سنتمتر مكعب.
- الرسم المفروض على مؤسسات التعليم الخاص.
- الرسم المفروض على عمليات تقسيم الأرض.
- الرسم المفروض على طبع الزرابي
وكذا إدماج مجموعة من الرسوم التي لها نفس الوعاء أو تسري على نفس النشاط لتفادي الإزدواجية( ). وفي نفس السياق، تم إخراج بعض الحقوق والإتاوات التي لا تكتسي طابعا جبائيا من القانون رقم 06. 47، وتم إصدارها بموجب قانون رقم 07. 39 وعددها 13 رسم وقد تقلص عدد الرسوم التي لها صبغة جبائية من 29 إلى 17 رسما فقط.
ب-تبسيط المساطر الجبائية:
في هذا الاتجاه، تم التنصيص على تطبيق مبدأ الإقرار محل الإحصاء باستثناء الرسم المفروض على الأراضي الحضرية غير المبنية ورسم الخدمات الجماعية ورسم السكن و الرسم المهني ,ويعتبر دلك مسلك للحوار بين الملزم والإدارة وبالتالي إزالة الحواجز بين الطرفين تجاوزا لهدر الوقت , وهو ما يعنيه الانتقال من الخضوع و الإذعان إلى المشاركة تثبيتا للإنصاف و الحكامة الجيدة ( ) وذلك من اجل تجاوز الوقت المخصص لعملية الإحصاء وتفادي الأخطاء والنقائص التي يعرفها النظام الإحصائي، فإعمال مبدأ الإقرار سيجعل المنظومة الجبائية ترسخ علاقات حديثة مبنية على مبدأ المساهمة الفعالة للخاضعين للرسوم.
وفي ذات السياق عمل القانون الجديد على تحديد مسؤولية المتدخلين في موضوع التحصيل رفعا لكل التباس أو غموض حيث أوكل استخلاص الرسوم الصادرة عن طريق أوامر التحصيل إلى القابض المكلف بالتحصيل في حين يتم استخلاص الرسوم الإقرارية والحقوق المؤداة فقط عن طريق الأداء التلقائي لدى صندوق وكيل المداخيل المعينة.
ج-إعادة هيكلة المنظومة الجبائية المحلية:
أمام الفسيفساء الذي كانت تعيشه الجباية المحلية بشكل عام حيث اتسمت بالتشتت والتشعب فمن قانون رقم89.30 إلى قانون رقم 89. 37 المتعلق بالضريبة الحضرية وقانون رقم 97-97 المنظم للجهة، والقانون الصادر سنة 1980 المنظم لواجب التضامن الوطني على الأراضي العارية، زيادة على ترابطها مع الجبايات الوطنية، فإن القانون الحالي، عمل على جمع شتات تلك النصوص في قانون واحد .
فقرة ثانية: مطابقة الجبايات المحلية لإطار اللامركزية :
يرتكز هذا المبدأ على تقوية الدور الجبائي للجماعات المحلية في إطار التطور العام لسياسة اللامركزية خاصة من خلال المواكبة الموضوعية للمستجدات القانونية للامركزية بمستوياتها الجهوية والإقليمية والجماعية ومن الإجراءات التي تم إقرارها على هذا المستوى نجد:
- تحديد نسب وأسعار بعض الرسوم إلى حد أدنى وحد أقصى وذلك لتمكين الجماعات المحلية من مطابقة مستوى مواردها مع حاجيات التنمية المحلية.
- ممارسة المراقبة وحق الإطلاع والتفتيش وزجر المخالفات في مجال الجباية المحلية.
- تعديل القواعد الإجرائية الخاصة بقرارات الإعفاء والتخفيض وإبراء الذمة من الديون.
فقرة ثالثة: ملاءمة الجبايات المحلية مع حاجيات الدولة
وذلك من خلال:
- توحيد مسطرة حق الإطلاع على جميع المعلومات والسجلات والوثائق المحاسبية، وذلك لتمكين الإدارة الجبائية من المعلومات الكافية لتأسيس الرسوم المحلية تفاديا لكل أشكال الغش والتملص الضريبي.
- توسيع حق المراقبة والتفتيش من طرف الإدارة الجبائية.
- تطبيق نفس نظام الجزاءات والعلاوات المطبقة من طرف الدولة بالنسبة لكافة الرسوم المحلية.
- حذف بعض أوجه الإزدواج الضريبي بين الدولة والجماعات المحلية.
- فيما يخص المنازعات الجبائية تم اعتماد أساليب التظلم الإداري( ) والتظلم اللجاني( ) توفيرا لضمانات الملزم وحماية له من تعسف الإدارة، إضافة إلى الطعن القضائي( ).
المطلب الثاني :سلبيات الإصلاح الجبائي المحلي
لا شك أن القانون رقم 06\47 المتعلقة بالجبايات المحلية , جاء كضرورة , أملتها ظروف الواقع الذي عاشه النظام الجبائي المحلي بمختلف المشاكل و التحديات التي واكبت تطبيق الفانون رقم 89.30,خاصة وان هدا الأخير قد أبان بعد ثمانية عشر سنة من اعتماده على محدوديته بسبب قصوره على مستوى العديد من القطاعات غير المضربة ,وعدم تجنيح التهرب و التعقيدات الفنية لبعض أحكامه فمن خلال قراءة للمستجدات التي حملها قانون الإصلاح الجبائي المحلي تتضح بعض السلبيات :
فقرة أولى: محدودية توسيع الوعاء الجبائي المحلي
لقد عمل القانون الجبائي المحلي رقم47.06 على الإجابة على سؤال توسيع الوعاء الجبائي المحلي من خلال إحداث 11 رسما بالنسبة للجماعات الحضرية و القروية و3 رسوم لكل من العمالات و الأقاليم و الجهات كل على حذة إضافة الى اعتماده على وثائق التعمير في تحديد بعض الرسوم لتوسيع الوعاء الجبائي المحلي .إلا إن هدا التوسيع يظل قاصرا ومحدودا على مستوى
فقرة ثانية : تكريس الفوارق الجبائية بين الجماعات المحلية
تتجسد الفوارق الجبائية المحلية من خلال تفاوت درجات الاستفادة الجبائية حسب الإصلاح الجبائي الجديد فالجماعات الحضرية والقروية تستفيد من 11 رسما محليا بينما تقتصر استفادة العمالات والأقاليم على ثلاثة رسوم أما الجهات فتستفيد من نفس العدد من الرسوم خاصة الرسم على الصيد و المناجم والخدمات المقدمة بالموانئ وبالتالي استفادة جميع الجهات من هده الموارد تكون مستحيلة لعدم توفر بعضها عن الأوعية الجبائية ,وتتجلى الفوارق الجبائية المحلية على مستوى الجماعات الحضرية والقروية حيث تتواجد اغلب الأوعية الجبائية في المجال الحضري
كما ترك الحرية للمجالس الجماعية بخصوص تحديد أسعار بعض الرسوم المحلية التي حدد لها القانون سقف أقصى وأخر ادني خلق نوعا من التفاوت و التباين بين جماعة محلية وأخرى ويتم استغلال الحرية في تحديد الأسعار لأغراض انتخابية
فقرة ثالثة:القانون الجبائي المحلي ومطلب تحقيق العدالة
يمثل النظام الجبائي المحلي انعكاس للبنيات الاجتماعية , ومدى وعي الوسط الاجتماعي بأهمية الجباية وأدوارها الاقتصادية والاجتماعية ,ويعتبر من العوامل المساعدة على تقبلها ,والاقتناع بالجانب العادل في الجباية ,فقاعدة العدالة تقتضي بان يكون توزيع المنتوج الجبائي المحلي على مختلف الملزمين حسب قدرتهم على الدفع على اعتبار إن العدالة الجبائية من بين الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها جل التشريعات الجبائية و التي تنص من الناحية النظرية على الارتباط القائم بين المردودية و العدالة الجبائية وعلى ضرورة التوفيق بينهما وفي هذا السياق، وتحقيقا للعدالة الجبائية نجد أن القانون الجديد، ومن الناحية المالية قد عمل على توسيع نطاق سريان فرض الرسم على الخدمات الإجتماعية والرسم على عمليات التجزئة للأراضي لتطال العقارات الواقعة في مراكز المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية وبالمحطات الصيفية والشتوية ومحطات الاستشفاء بالمياه المعدنية( )، كما أنه بإقراره لنظام الإعفاءات الدائمة والمؤقتة وكذا التخفيضات( )، فهو يهدف بذلك إلى المحافظة على الحد الأدنى للمعيشة(، وتحقيقا للغاية ذاتها فقد أتى القانون الجديد بالعديد من الضمانات الخاصة بالملزم كإخطاره أثناء عمليات تصحيح الإقرار( ) وإعطاءه الحق في تبرير ما سبق أن قدمه خلال عملية الإقرار والتصريح وبالتالي مراعاة عسره وإمهاله مدة معينة لأداء واجباته الضريبية، كل هذا يصب في اتجاه تليين العلاقة التواجهية بين الإدارة الضريبية المحلية من جهة وباقي الملزمين.
خاتمة
من خلال القراءة المتأنية في النصوص القانونية المؤطرة للجباية المحلية يتضح كما هو الحال في جميع لقطاعات وعلى جميع المستويات إن المشكل لا ينحصر في عدم كفاءة النص القانوني بل يتعداه إلى ما هو سوسيولوجي يرتبط أساسا بالوعي الجماعي وبالإرادة السياسية وتوفير الموارد البشرية والمادية لتفعيل النص القانوني على ارض الواقع
فرغم ما شاب القانون 06. 47 من عيوب فانه حاول تجاوز بعض الإشكالات التي عانت منها الجباية المحلية لكن ما يبقى ناقصا هو غياب اللقاءات العلمية والحملات الإعلامية التحسيسية من اجل بسط والتعريف بالقانون ليس فقط على مستوى الملزمين بل حتى والمكلفين بتطبيقه ..
إن أي علاقة جبائية تتمركز على طرفي نقيض بين الملزم والإدارة الجبائية هده العلاقة حتمية تفرضها القوانين والتنظيمات الضريبية والتي تتعلق بمهام الإدارة الجبائية المتمثلة في تحديد أساس فرض الضريبة وتصفيتها، وتحصيلها من الملزمين.
فالإدارة الجبائية بمناسبة تدبيرها للرسوم أو الضرائب تملك سلطات واسعة حسب القانون الجديد 06. 47 : التصفية، التحصيل، الفحص، المراقبة، توقيع الجزاءات والعقوبات.
تستخدمها إزاء ملزم مثقل بالإلتزامات، مما يؤدي إلى العديد من ردود الفعل النفسية السيئة للملزم إزاء الضريبة والإدارة الجبائية معا، لهذا ولتحقيق المردودية الجبائية يتعين تحسين العلاقة بين الطرفين وذلك بتهيئة السبل والوسائل لتلطيف تلك العلاقة وإقامة جسور الحوار والتواصل بين الجانبين.
المطلب الأول: الإدارة الجبائية المحلية
الإدارة الجبائية في معناها العام تعتمد في قيامها بمهامها على عناصر بشرية ممثلة في موظفيها وكذلك على هياكل وبنيات إدارية معينة تتجسد في الأقسام والمصالح المختصة، كما تعتمد أيضا على صلاحيات وسلطات خولها لها القانون.
الفقرة الأولى:مكونات الإدارة الجبائية فالإدارة الجبائية بمناسبة تدبيرها للرسوم أو الضرائب تملك سلطات واسعة حسب القانون الجديد 06. 47 : التصفية، التحصيل، الفحص، المراقبة، توقيع الجزاءات والعقوبات.
تستخدمها إزاء ملزم مثقل بالإلتزامات، مما يؤدي إلى العديد من ردود الفعل النفسية السيئة للملزم إزاء الضريبة والإدارة الجبائية معا، لهذا ولتحقيق المردودية الجبائية يتعين تحسين العلاقة بين الطرفين وذلك بتهيئة السبل والوسائل لتلطيف تلك العلاقة وإقامة جسور الحوار والتواصل بين الجانبين.
المطلب الأول: الإدارة الجبائية المحلية
الإدارة الجبائية في معناها العام تعتمد في قيامها بمهامها على عناصر بشرية ممثلة في موظفيها وكذلك على هياكل وبنيات إدارية معينة تتجسد في الأقسام والمصالح المختصة، كما تعتمد أيضا على صلاحيات وسلطات خولها لها القانون.
يقصد بالإدارة الجبائية مجموع الأجهزة المتدخلة في تدبير الجباية المحلية بدء من أجهزة الوعاء المحلي , مرورا بتصفيته , وانتهاء باستيفائه من ذمة الملزم ,ونجد المشرع الجبائي في مجال الجبايات المحلية ومن خلال المادة 167 من القانون رقم 06. 47 يقصد بالإدارة نوعين من المصالح الإدارية تلك المصالح التابعة لمديرية الضرائب بالنسبة للرسوم المهنية ورسم السكن، ورسم الخدمات الإجتماعية، وكذا المصالح الجبائية التابعة للجماعات المحلية بالنسبة لباقي الرسوم المذكورة في ذات القانون، ومن خلال هذا المطلب سنبين مكونات الإدارة الجبائية ثم السلطات المخولة لها لممارسة مهامها بالشكل المطلوب
لقد أوكل المشرع مهام تطبيق وتنفيذ النص القانوني المتعلق بالجباية المحلية إلى إدارة جبائية، وحدد الساهرين عليها في الأمرين بالصرف سواء عمال العمالات والأقاليم ورؤساء الجماعات الحضرية والقروية، وعمال مراكز الجهات، وهي فئة ذات طابع سياسي وكذا أجهزة تقنية محلية تتجلى في القابض ووكلاء المداخيل.
أولا: جهاز الآمر بالصرفلقد أوكل المشرع مهام تطبيق وتنفيذ النص القانوني المتعلق بالجباية المحلية إلى إدارة جبائية، وحدد الساهرين عليها في الأمرين بالصرف سواء عمال العمالات والأقاليم ورؤساء الجماعات الحضرية والقروية، وعمال مراكز الجهات، وهي فئة ذات طابع سياسي وكذا أجهزة تقنية محلية تتجلى في القابض ووكلاء المداخيل.
يمكن الحديث في هذا الصدد، وتماشيا ما حدده المشرع عن الآمرين بالصرف المنتخبون والآمرون بالصرف المعينون.
يعتبر رؤساء المجالس الجماعية آمرين بالصرف للميزانية، ويتخذون القرارات لأجل تحديد سعر الرسوم وتعرفة الواجبات ومختلف الحقوق طبقا للنصوص التنظيمية المعمول بها إضافة إلى مهام أخرى مسندة إليهم في مجالات متعددة ومتنوعة
وبحكم صلاحية رؤساء المجالس الجماعية في مجال اتخاذ القرارات الجبائية المحلية من أجل تحديد سعر الرسوم، إضافة إلى القيام بعمليات الإثبات والتصفية للرسوم المحلية( )، فإن المنطق السليم المتماشي مع تدعيم اللامركزية الإدارية وتحقيق المردودية الجبائية يقتضي التوفر على كفاءات علمية وتقنية في هذا المجال، وإن كان الميثاق الجماعي قد جاء بعدة إصلاحات في هذا المجال بفرضه توفر الشهادة الإبتدائية في المرشح لرئاسة المجالس الجماعية فإنه مع ذلك لم يستطع تجاوز مجموعة من الإخلالات التي تطرحها عملية تسيير دواليب المجالس المحلية، ولا سيما منها الجانب الجبائي
-الآمرون بالصرف المعينون
يعتبر العمال سواء عمال العمالات والأقاليم أو عمال مراكز الجهات أجهزة معينة في إطار اللامركزية الإدارية من خلال ظهائر شريفة باقتراح من وزير الداخلية، واستنادا إلى ظهير 1977 المتعلق باختصاصات العمال فقد أصبح هؤلاء إضافة إلى ممثلين لوزارة الداخلية، ممثلين لجلالة الملك ومندوبين للحكومة، وقد أصبح العمال بعد التعديل الدستوري لسنة 1996، ممثلون للدولة في العمالات والأقاليم والجهات ويسهرون على تنفيذ القوانين، والمسؤولون عن تطبيق القرارات الحكومية وتسيير المصالح والإدارات التابعة للإدارات المركزية، وبوصفهم آمرين للصرف فهم منفذين لميزانيات العمالات والأقاليم والجهات ويقومون بموجب ذلك باتخاذ القرارات الجبائية الإقليمية والجهوية
وهكذا نستنتج أن تسيير حقل الجبائية المحلية ثم إسناده للآمرين بالصرف منتخبين ومعينين، وإن كان الأمر يتطلب اقتصار إسناد الجبائية المحلية لفائدة الأجهزة المنتخبة بحكم نوعية وكم الرسوم المحلية المستحقة لفائدة الجماعات الحضرية والقروية مقارنة مع تلك المستحقة للعمالات والجهات، تماشيا مع تدعيم الديمقراطية المحلية وتحميل ممثلو السكان كامل المسؤولية في هذا الباب.
ثانيا: الأجهزة التقنية المحلية
إذا كان الآمرون بالصرف (معينون أو منتخبون) يقومون بعمليات تصفية المادة الجبائية فإن المحاسبين العموميون هم الذين يقومون بعمليات التحصيل وذلك عملا بمبدأ الفصل بين العمل الإداري والسياسي، ويمكن الحديث في هذا الصدد عن القباض (المحاسبين العموميين)، ووكلاء المداخيل الجماعيين.
يعتبر القباض موظفون تابعين لوزارة المالية، يشرفون على التسيير المالي للجماعات كتنفيذ الميزانية بشقيها المداخيل والنفقات ويمارسون رقابة على الآمر بالصرف ووكلاء المداخيل، وبالتالي هم محاسبون عموميون يخضعون لقواعد المحاسبة العمومية ويتحملون مسؤوليتهم أمام القضاء المالي( )،
2 – وكلاء المداخيل
يعتبر موظفا جماعيا يعمل تحت إشراف السلطة الرئاسية للآمر بالصرف ويتم تعيينه بالكيفية التي يتم بها إنشاء وكالة المداخيل الجماعية بمقرر صادر عن وزير الداخلية باقتراح من الأمر بالصرف بعد تأشيرة وزير المالية
الفقرة الثانية :سلطة الإدارة الجبائية
يتحدد الوعاء الجبائي من خلال طرحين اساسين الأول يتعلق باهتمام الملزم بالواقعة المنشئة للرسوم المحلية بواسطة آلية الإقرار أما الطرح الثاني فيتم من طرف الإدارة عبر تقنية الإحصاء لكن في بعض الحالات تقوم الإدارة الجبائية بإرادتها المنفردة بتحديد المادة الجبائية المحلية وذلك عن طريق التقدير الجزافي في حالة امتناع الملزم عن الإدلاء بالتصريح ، إضافة إلى هذه السلطات المهمة فقد منح لها القانون الجديد المتعلق بالجبايات المحلية سلطات أخرى تتجلى أساسا في سلطة التسعير وسلطة التحصيل
سلطة التسعير :
لقد ترك المشرع أمر تحديد أسعار بعض الرسوم للجماعات المحلية إما على أساس قيمي أي قيمة المادة الضريبية محددة بالعملة ويطبق السعر بنسبة مائوية معينة من هذه القيمة وهذه لرسوم تمس بالدرجة الأولى مجالات ذات أهمية بالغة من عقارات و ترفيه وسياحة ونقل وتجارة ، ويتضح إن التقدير القيمي هو النظام الأمثل لتحديد الأسس الجبائية المحلية لكنه نظام أكثر تعقيدا وصعوبة مما حذا بالمشرع إلى مزاوجته بنظام التقدير النوعي في تسعير الرسوم المحلية عن طريق تطبيق الجباية على وحدة المدة الخاضعة للرسم مثل الوزن أو الحجم ويحتسب السعر النوعي بمبلغ مالي مباشر على هذه الوحدة بغض النظر عن قيمتها كأن يحدد السعر في 20 درهم للمتر مربع من المادة الخاضعة للرسم المحلي .
سلطة التحصيل
يقتضي التحصيل الجبائي المحلي لمختلف رسوم الجماعية نهج المساطر المنصوص عليها في مدونة تحصيل الديون العمومية ونقصد بذلك المسطرة العادية التي تلجأ إليها الإدارة الجبائية المحلية من اجل استخلاص الرسوم بطريقة ودية إذا تم الأداء داخل الأجل المحددة قانونا بناءا على جداول الرسم المحلي وتاريخ استحقاقه، لكن في حالة عدم تمكن الإدارة من تحصيل ديونها بالطريقة الودية فان اللجوء إلى مسطرة التحصيل الجبري يبقى الملاذ الأخير من اجل إكراه الملزم على أداء ما بذمته من ديون محترمة في ذلك مختلف درجات التحصيل الجبري التي حددتها المادة 39 من مدونة التحصيل مرتبة كالتالي الإنذار _ الحجز _ البيع الإكراه البدني
المطلب الثاني: الملزم بالجبايات المحلية
إن فكرة الملزم بالضريبة سواء محلية أو وطنية، يثير مفهوم السلطة العمومية والقرار الأحادي للإدارة كأداة لعمل السلطة التنفيذية الساهرة على تطبيق القانون الضريبي المحلي والوطني. فهذه النظرة التقليدية نابعة من كون الأفراد الخاضعين للضريبة أو الرسوم يتكون لديهم ذلك الشعور النفسي بالتقزز والنفور من قواعدها لأنها تقتطع من دخولهم وأرباحهم المحققة بمجهودهم الفردي لاعتبارات المصلحة العامة التي لا يرونها في بعض الأحيان مجسدة أمامهم في منافع وخدمات يستفيدون منها مباشرة لقاء مساهمتهم في تلك التحملات العمومية، فمن هذا المنطلق يتقلص الوعي الجبائي لارتباطه بحسن تدبير النفقات العمومية الذي يختلف عن تدبير الموارد العمومية، وهذا المفهوم في العلاقة الجبائية الذي يجعل الفرد يحس أنه إن كان يتعامل مع إدارة أقل شعبية فإنه بالمقابل يعترف لها بالمشروعية في مباشرة أعمالها ووجوب إسداء الإحترام لها.
وفي ذات السياق تنبني العلاقة في معظم مراحلها بين الإدارة الجبائية والملزم على محاولة تحقيق التوازن بين المردودية أي مصلحة الإدارة وبين العدالة الجبائية أي مصلحة الملزم، وهنا يطرح الإشكال حول كيفية الوصول عبر الضمانات القانونية لتحقيق منظومة جبائية محلية تضمن للخزينة والجماعة مردودية جبائية دون ضغط جبائي مرهق للملزم يدفعه إلى الإنحراف الضريبي، إلا أن هذا الأمر وارد لتباين الأهداف لكل طرف على آخر فالخزينة ترمي التحصيل التام لواجباتها والملزم يرمي إلى تكوين رأسمال دون إكراهات جبائية وضغط ضريبي مرتفع، واستنادا لمبادئ العدالة والإنصاف فإن التشريعات الجبائية تنص على بعض الحقوق للملزم ضمانا له ضد تعسف وجور وإجحاف الإدارة، إن رغبة المشرع في الإرتقاء بالرسوم المحلية عن مضمونها الكلاسيكي القائم على الأداء دون المجادلة في شرعيتها كانت وراء إقراره لمجموعة من الضمانات1
فقر ة أولى -الضمانات من خلال التظلمات الإدارية:
يمكن اعتبار طلب المراجعة المقرر أمام الآمر بالصرف والطعن أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة من بين أهم الضمانات المقررة للملزم من خلال قانون 06. 47 والتي عبر من خلالها المشرع عن نيته في إشراك الملزم كفاعل أساسي في البناء التنموي.
فقرة ثانية- الضمانات القضائية:
إن إقرار المشرع لمرحلة قضائية بشأن النزاع المرتبط بالجبايات المحلية ضمانة أساسية في اتجاه ترسيخ عدالة جبائية وحماية قانونية للملزم ويتجلى ذلك في إحداث المحاكم الإدارية وإسنادها اختصاص النظر في كل المنازعات الجبائية
المبحث الثاني :تقييم الإصلاح الجبائي المحلي
ليس بخاف ما لإصلاح المنظومة الجبائية المحلية من تأثير على الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي والمالي للجماعات المحلية و في هدا الإطار يندرج القانون رقم 47\06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ضمن الإصلاحات الهادفة إلى تعزيز نظام اللامركزية بالمغرب في الشق الجماعي من خلال الميثاق الجديد ,أو الجانب الإقليمي عبر القانون رقم 79\00 ,ولملائمة هده المنظومة مع الضرائب الوطنية ومدونة تحصيل الديون العمومية وهدا الإصلاح فرض نفسه أمام انتقادات التي وجهت للنظام الجبائي المحلي على ضوء القانون 89\30 من مختلف الفاعلين و المهتمين بالشأن المحلي بالمغرب .وقد شرع في تطبيق قوانين الإصلاح الجبائي المحلي ابتدءا من فاتح يناير 2008، ونقصد بدلك القانون رقم 06. 47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية وقانون رقم 07. 39 الخاص ببعض الرسوم والحقوق والمساهمات والأتاوى المستحقة لفائدة هذه الجماعات, وفلسفة الإصلاح تجد أساسها في المرتكزات والمبادئ المؤطرة لهدا القانون
المطلب الأول:الايجابيات المؤطرة لقانون رقم 06. 47
لقد جاء قانون إصلاح الجبايات المحلية رقم 47.06 ,لتجاوز الاختلالات المتعددة,ولتمكين الجماعات المحلية من التوفر على منظومة جبائية أكثر نجاعة تضمن مسايرة التوجهات العامة لمختلف الإصلاحات التي انخرط فيها المغرب ,ودلك من خلال تبني مواصفات الأنظمة الجبائية الحديثة من خلال تحقيق الأهداف التالية :
فقرة أولى : تبسيط الجبايات المحلية وتحسين مردوديتها
يمثل مبدأ تبسيط الجبايات المحلية المحور الرئيسي لمرامي الإصلاح الجبائي وقد تمثل بالملموس في الآتي:
أ- التقليص من عدد الرسوم: حيث تم إلغاء ثمانية رسوم ظلت تتميز بضعف مرد وديتها كما أنها كانت تشكل ازدواجا ضريبيا مع جبايات الدولة :
-الرسم على المشاهد
- الرسم المفروض على الباعة المتجولين.
- الرسم المتعلق بالإغلاق المتأخر والفتح المبكر.
- الرسم المفروض على الدراجات النارية التي يفوق محركها أو يعادل 125 سنتمتر مكعب.
- الرسم المفروض على مؤسسات التعليم الخاص.
- الرسم المفروض على عمليات تقسيم الأرض.
- الرسم المفروض على طبع الزرابي
وكذا إدماج مجموعة من الرسوم التي لها نفس الوعاء أو تسري على نفس النشاط لتفادي الإزدواجية( ). وفي نفس السياق، تم إخراج بعض الحقوق والإتاوات التي لا تكتسي طابعا جبائيا من القانون رقم 06. 47، وتم إصدارها بموجب قانون رقم 07. 39 وعددها 13 رسم وقد تقلص عدد الرسوم التي لها صبغة جبائية من 29 إلى 17 رسما فقط.
ب-تبسيط المساطر الجبائية:
في هذا الاتجاه، تم التنصيص على تطبيق مبدأ الإقرار محل الإحصاء باستثناء الرسم المفروض على الأراضي الحضرية غير المبنية ورسم الخدمات الجماعية ورسم السكن و الرسم المهني ,ويعتبر دلك مسلك للحوار بين الملزم والإدارة وبالتالي إزالة الحواجز بين الطرفين تجاوزا لهدر الوقت , وهو ما يعنيه الانتقال من الخضوع و الإذعان إلى المشاركة تثبيتا للإنصاف و الحكامة الجيدة ( ) وذلك من اجل تجاوز الوقت المخصص لعملية الإحصاء وتفادي الأخطاء والنقائص التي يعرفها النظام الإحصائي، فإعمال مبدأ الإقرار سيجعل المنظومة الجبائية ترسخ علاقات حديثة مبنية على مبدأ المساهمة الفعالة للخاضعين للرسوم.
وفي ذات السياق عمل القانون الجديد على تحديد مسؤولية المتدخلين في موضوع التحصيل رفعا لكل التباس أو غموض حيث أوكل استخلاص الرسوم الصادرة عن طريق أوامر التحصيل إلى القابض المكلف بالتحصيل في حين يتم استخلاص الرسوم الإقرارية والحقوق المؤداة فقط عن طريق الأداء التلقائي لدى صندوق وكيل المداخيل المعينة.
ج-إعادة هيكلة المنظومة الجبائية المحلية:
أمام الفسيفساء الذي كانت تعيشه الجباية المحلية بشكل عام حيث اتسمت بالتشتت والتشعب فمن قانون رقم89.30 إلى قانون رقم 89. 37 المتعلق بالضريبة الحضرية وقانون رقم 97-97 المنظم للجهة، والقانون الصادر سنة 1980 المنظم لواجب التضامن الوطني على الأراضي العارية، زيادة على ترابطها مع الجبايات الوطنية، فإن القانون الحالي، عمل على جمع شتات تلك النصوص في قانون واحد .
فقرة ثانية: مطابقة الجبايات المحلية لإطار اللامركزية :
يرتكز هذا المبدأ على تقوية الدور الجبائي للجماعات المحلية في إطار التطور العام لسياسة اللامركزية خاصة من خلال المواكبة الموضوعية للمستجدات القانونية للامركزية بمستوياتها الجهوية والإقليمية والجماعية ومن الإجراءات التي تم إقرارها على هذا المستوى نجد:
- تحديد نسب وأسعار بعض الرسوم إلى حد أدنى وحد أقصى وذلك لتمكين الجماعات المحلية من مطابقة مستوى مواردها مع حاجيات التنمية المحلية.
- ممارسة المراقبة وحق الإطلاع والتفتيش وزجر المخالفات في مجال الجباية المحلية.
- تعديل القواعد الإجرائية الخاصة بقرارات الإعفاء والتخفيض وإبراء الذمة من الديون.
فقرة ثالثة: ملاءمة الجبايات المحلية مع حاجيات الدولة
وذلك من خلال:
- توحيد مسطرة حق الإطلاع على جميع المعلومات والسجلات والوثائق المحاسبية، وذلك لتمكين الإدارة الجبائية من المعلومات الكافية لتأسيس الرسوم المحلية تفاديا لكل أشكال الغش والتملص الضريبي.
- توسيع حق المراقبة والتفتيش من طرف الإدارة الجبائية.
- تطبيق نفس نظام الجزاءات والعلاوات المطبقة من طرف الدولة بالنسبة لكافة الرسوم المحلية.
- حذف بعض أوجه الإزدواج الضريبي بين الدولة والجماعات المحلية.
- فيما يخص المنازعات الجبائية تم اعتماد أساليب التظلم الإداري( ) والتظلم اللجاني( ) توفيرا لضمانات الملزم وحماية له من تعسف الإدارة، إضافة إلى الطعن القضائي( ).
المطلب الثاني :سلبيات الإصلاح الجبائي المحلي
لا شك أن القانون رقم 06\47 المتعلقة بالجبايات المحلية , جاء كضرورة , أملتها ظروف الواقع الذي عاشه النظام الجبائي المحلي بمختلف المشاكل و التحديات التي واكبت تطبيق الفانون رقم 89.30,خاصة وان هدا الأخير قد أبان بعد ثمانية عشر سنة من اعتماده على محدوديته بسبب قصوره على مستوى العديد من القطاعات غير المضربة ,وعدم تجنيح التهرب و التعقيدات الفنية لبعض أحكامه فمن خلال قراءة للمستجدات التي حملها قانون الإصلاح الجبائي المحلي تتضح بعض السلبيات :
فقرة أولى: محدودية توسيع الوعاء الجبائي المحلي
لقد عمل القانون الجبائي المحلي رقم47.06 على الإجابة على سؤال توسيع الوعاء الجبائي المحلي من خلال إحداث 11 رسما بالنسبة للجماعات الحضرية و القروية و3 رسوم لكل من العمالات و الأقاليم و الجهات كل على حذة إضافة الى اعتماده على وثائق التعمير في تحديد بعض الرسوم لتوسيع الوعاء الجبائي المحلي .إلا إن هدا التوسيع يظل قاصرا ومحدودا على مستوى
فقرة ثانية : تكريس الفوارق الجبائية بين الجماعات المحلية
تتجسد الفوارق الجبائية المحلية من خلال تفاوت درجات الاستفادة الجبائية حسب الإصلاح الجبائي الجديد فالجماعات الحضرية والقروية تستفيد من 11 رسما محليا بينما تقتصر استفادة العمالات والأقاليم على ثلاثة رسوم أما الجهات فتستفيد من نفس العدد من الرسوم خاصة الرسم على الصيد و المناجم والخدمات المقدمة بالموانئ وبالتالي استفادة جميع الجهات من هده الموارد تكون مستحيلة لعدم توفر بعضها عن الأوعية الجبائية ,وتتجلى الفوارق الجبائية المحلية على مستوى الجماعات الحضرية والقروية حيث تتواجد اغلب الأوعية الجبائية في المجال الحضري
كما ترك الحرية للمجالس الجماعية بخصوص تحديد أسعار بعض الرسوم المحلية التي حدد لها القانون سقف أقصى وأخر ادني خلق نوعا من التفاوت و التباين بين جماعة محلية وأخرى ويتم استغلال الحرية في تحديد الأسعار لأغراض انتخابية
فقرة ثالثة:القانون الجبائي المحلي ومطلب تحقيق العدالة
يمثل النظام الجبائي المحلي انعكاس للبنيات الاجتماعية , ومدى وعي الوسط الاجتماعي بأهمية الجباية وأدوارها الاقتصادية والاجتماعية ,ويعتبر من العوامل المساعدة على تقبلها ,والاقتناع بالجانب العادل في الجباية ,فقاعدة العدالة تقتضي بان يكون توزيع المنتوج الجبائي المحلي على مختلف الملزمين حسب قدرتهم على الدفع على اعتبار إن العدالة الجبائية من بين الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها جل التشريعات الجبائية و التي تنص من الناحية النظرية على الارتباط القائم بين المردودية و العدالة الجبائية وعلى ضرورة التوفيق بينهما وفي هذا السياق، وتحقيقا للعدالة الجبائية نجد أن القانون الجديد، ومن الناحية المالية قد عمل على توسيع نطاق سريان فرض الرسم على الخدمات الإجتماعية والرسم على عمليات التجزئة للأراضي لتطال العقارات الواقعة في مراكز المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية وبالمحطات الصيفية والشتوية ومحطات الاستشفاء بالمياه المعدنية( )، كما أنه بإقراره لنظام الإعفاءات الدائمة والمؤقتة وكذا التخفيضات( )، فهو يهدف بذلك إلى المحافظة على الحد الأدنى للمعيشة(، وتحقيقا للغاية ذاتها فقد أتى القانون الجديد بالعديد من الضمانات الخاصة بالملزم كإخطاره أثناء عمليات تصحيح الإقرار( ) وإعطاءه الحق في تبرير ما سبق أن قدمه خلال عملية الإقرار والتصريح وبالتالي مراعاة عسره وإمهاله مدة معينة لأداء واجباته الضريبية، كل هذا يصب في اتجاه تليين العلاقة التواجهية بين الإدارة الضريبية المحلية من جهة وباقي الملزمين.
خاتمة
من خلال القراءة المتأنية في النصوص القانونية المؤطرة للجباية المحلية يتضح كما هو الحال في جميع لقطاعات وعلى جميع المستويات إن المشكل لا ينحصر في عدم كفاءة النص القانوني بل يتعداه إلى ما هو سوسيولوجي يرتبط أساسا بالوعي الجماعي وبالإرادة السياسية وتوفير الموارد البشرية والمادية لتفعيل النص القانوني على ارض الواقع
فرغم ما شاب القانون 06. 47 من عيوب فانه حاول تجاوز بعض الإشكالات التي عانت منها الجباية المحلية لكن ما يبقى ناقصا هو غياب اللقاءات العلمية والحملات الإعلامية التحسيسية من اجل بسط والتعريف بالقانون ليس فقط على مستوى الملزمين بل حتى والمكلفين بتطبيقه ..
ليست هناك تعليقات