الجهوية الموسعة وإشكالية الحكامة الجيدة
مقدمــــــــة
تعريف الجهوية الموسعة (أو المتقدمة)
إصلاح هيكلي عميق جوهري لجميع هياكل الدولة يتمثل في إعطاء صلاحيات أوسع للجهات ولممثلي السلطة المركزية (مجالس جهوية، عمالات، أقاليم، جماعات ترابية..)
خصوصيــــــاتها
*جهوية متدرجة عبر السنين جهوية وظيفية، اقتصادية دات طابع استشاري، لامركزية جهوية، تشاركية.
*جهوية مغربية مغربية تعتمد معايير سوسيو اقتصادية، جغرافية، اجتماعية، ثقافية..
*جهوية موسعة وتشاركية تتمثل في تمتيع الجهات باختصاصات واسعة، وإشراك المواطنين في تدبير الشأن المحلية.
تعريف الحـــــــكامة الـجــــــــــــــــــــيدة
هي طريقة ممارسة السلطة الاقتصادية، السياسية والإدارية من طرف الحكومة و تسيير موارد البلاد من أجل التطور(اعتبرت من طرف البنك العالمي كشرط أساسي ومعيار لتقييم سياسيات التطور). وهي تعتمد على المبادئ الأربعة التالية المـــسؤولية، الشفافيــــــــة، دولة الحق والــقانون، والمشــاركة أو التشــاركية.
الإشكالــــــــــــية
إلى أي حد تعتبرالجهوية الموسعة حلا لإشكالية الحكامةالجيدة ؟
العلاقة التي تربط الجهوية الموسعة والحكامة ؟
مظاهر العلاقة بين الجهوية الموسعة والحكامة
- إن الجهوية الموسعة عن طريق تخويل بعض الجهات صلاحيات أوسع في الميدان الأمني تساهم في إرساء دعائم الحكامة الأمنية ( استباقية الأحداث، الوقاية، التدخل) من أجل محاربة جدور الإرهاب وتفشي الجريمة قبل أن تقع في جهات وأقاليم المملكة ، ومن هنا المساهمة في حفظ الأمن العام في البلاد.
- تعتبر الجهوية الموسعة عن طريق إشراك المواطنين في تدبير الشأن المحلي كخلق مجلس اقتصادي واجتماعي له فروع على مستوى الجهات، يتكفل بدراسة المشاريع الاقتصادية والمتطلبات الاجتماعية للساكنة تساهم في إرساء حكامة اقتصادية تشاركية.
- الجهوية السياسية والثقافية المتمثلة في تأهيل وتأطير النخب السياسية الكفؤة المنتقاة بطريقة ديموقراطية تشاركية تساهم في تكريس مناخ سياسي مبني على أساس الثقة بين الأطراف المتعاقدة سياسيا في تمثيل السكان وإشراكهم في اتخاد القرارات السياسية عن طريق مجالس جهوية منتخبة عن طريق الاقتراع المباشر وتأهيل وإشراك النخب المثقفة والفاعلين الجمعويين تساهم بشكل فعال في تدعيم مبادئ الحكامة السياسية الجيدة. الشيء الدي يصب في دمقرطة الحياة السياسية بالمغرب ويواكب الطابع التنموي والاقتصادي الدي لا يلغي الجوانب السياسية .
الجهوية الموسعة والحكامة الإدارية في هدا الصدد يمكن أن نقول أن الجهوية الموسعة عن طريق تخويل الجهات (الجماعات الترابية) مهام وصلاحيات واسعة ، يمكن أن ندكر على سبيل المثال التدبير المفوض لتسيير المرافق المصلحية، الشراكة المندمجة بين القطاع العام والخاص تساهم كدلك في تسهيل وتبسيط بعض المساطر الإدارية المعقدة وتسيير مشاريع تنموية على صعيد الجهة من خلال تقريب الإدارة من المواطنين . إلا أن اي جهوية دات صلاحيات أوسع دون إرساء مبادئ المحاسبة كالمراقبة والمسؤولية والشفافية في تدبير الصفقات العمومية التي تحظى بها الشركات الأجنبية (رشوة، عدم احترام البرامج المسطرة ودفاتر التحملات) والتي تصطدم بعدة صعوبات كما دكرنا وتحول دون تحقيق الأهداف المرجوة من الجهوية الموسعة على مستوى الإدارات العمومية، وتعطل مسلسل التنمية المحلية والمجالية.
الآفاق المستقبلية للجهوية الموسعة كحل لإشكالية الحكامة المكتسبات و الرهانات
إن الجهوية الموسعة دات تقسيم ترابي بسرعتين (جهات فقيرة وأخرى غنية) تعرقل سيرورة وإرساء مبادئ الحكامة الجيدة (سوء توزيع الثروات).
إن الجهوية الموسعة دات طابع تشاركي شفاف ومسؤول تشاهم مما لاشك فيه في ترشيد نفقات الدولة وتحسين تسيير المرافق العمومية باعتماد مبدأ التسيير المرتكز على النتائج والفعالية والنجاعة.
إن الجهوية المتقدمة دات الطابع الثقافي المتميز تساهم في الحفاظ على الموروث الثقافي للجهة والهوية الوطنية وتسمح برسم بساط للتضامن بين الجهات.
مما لا شك فيه أن أي سياسة للتطور في ظل الجهوية التنموية والتي تتقاطع مع مبادئ الحكامة الجيدة تقتضي تحسين مستوى عيش السكان مع الحفاظ على مستقبل الأجيال المتعاقبة عن طريق تنمية مستدامة مندمجة (تنمية مع الأخذ بعين الاعتبار الاكراهات البيئية)..
علاوة على دلك فإن الحكامة الجيدة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تقتضي احترام دولة الحق والقانون دون إلغاء دور الدولة أو تقريمه، مع احترام الحريات العامة (حرية الرأي والتعبير..)، مساواة المواطنين أمام القضاء واستقلالية هدا الأخير، وترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص وعدم الإقصاء على مستوى جميع الجهات في ظل وحدة التراب والثوابت.
إن اعتماد حكامة أمنية تعتمد على مقاربة استباقية، وقائية وتدخلية تساهم في تحقيق الأمن العام كحل ناجع لعدة قضايا كالإرهاب والجريمة.
لا يمكننا الحديث عن حكامة جيدة دون تنسيق جهود المنظمات غير الحكومية وهيئات المجتمع المدني التي تعتبر شريك ووسيط رسمي للدولة، لكون هده الهيئات أقرب لهموم ومتطلبات كل جهة عن طريق اقتراح حلول واقعية لعدة قضايا محلية كالصحة والسكن والأمن..
تعتبر الجهوية الموسعة كحصن حصين ضد ما تستهدفه العولمة من خوصصة ومحاولة لطمس الهوية عن طريق الانفتاح الزائد على الخارج (الانفتاح السلبي)، حيث أن البلدات يمكن لها أن تنفتح اقتصاديا وسياسيا، لكن الموروث الثقافي يعتبر هوية غير قابلة للخوصصة أو التفاوض.
Ø إإن تنسيق وتعزيز دور المؤسسات الرقابية كالمجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية يساهم بشكل فعال في تسيير الشؤون العامة للجهات والأقاليم ويخلق تصور واضح لعمل الإدارات التابعة لها.
.
الجهوية المتقدمة عن طريق إعداد التراب الوطني (عملية تقنية وفنية وإدارية) تساهم في توزيع عادل للثروات والموارد البشرية والمالية بين مختلف الجهات (12جهة حاليا) ويسمح بالنهوض بالتنمية الجهوية (سياسة تخطيط واقعية)
.
لعل النهوض بالجهة وتخويلها الاختصاصات والموارد الكافية وتقوية نظام اللاتمركز سيفضي لا محالة إلى الخروج بأعمال تنموية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بشكل كبير وفعال. كما أن التطبيق الجيد والفعال للمشروع الجهوي سيفضي إلى تحقيق الظروف المواتية للعمل على إعداد التراب جهويا ووطنيا (حكامة ترابية).
وتأكيدا للتصور العام للجهوية المتقدمة في إطار الحكامة الجيدة، فإن التنمية المحلية من خلال التدبير المحلي الواسع للوحدات الجهوية الموسعة والتي من المنتظر أن تكون أكثر استقلالا، يقتضي أن تتوفر لها الشروط والإمكانات والموارد الكافية لتنميتها، موازاة مع دلك يتحتم على المواطن الانخراط في المسلسل التنموي المحلي بفعالية، ودلك في إطار رؤية مستقبلية لبناء جماعات جهوية قائمة الذات تساهم أساسا في إرساء مبادئ الحكامة الجيدة محليا ووطنيا. لهدا فإن الحكامة المحلية المتمثلة في الديموقراطية المحلية قد توفر مناخيا سياسيا يعزز مسار الانتقال الديموقراطي من خلال توسيع قاعدة المشاركة السياسية لفئات المجتمع عبر مؤسسات جهوية ديموقراطية. حيث أن العزوف السياسي قد اضحى من ضمن ابرز الاختلالات العميقة التي بعرفها المشهد السياسي المغربي بشكل لافت في السنوات الاخيرة بحسب إحصائيات رسمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق