عرض حول المقاولة العامة
لقد اقتصرت وظائف الدولة قديما حتى أوائل القرن العشرين على ضمان أمنها الخارجي والداخلي، وعلى أداء بعض الخدمات ذات المنفعة الجماعية التي لا تحقق مردودا مباشرا كشق الطرق وبناء السدود,وإحداث المدارس والمستشفيات، وهذا ما يسمى بالمفهوم الضيق لتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي. ومع نهاية الحرب العالمية الثانية ازداد اهتمام المفكرين الاقتصاديين ورجال البحث العلمي بالتنمية الاقتصادية،حيث ظهرت عدة دراسات في هذا المجال وأصبحت التنمية الاقتصادية هي الشغل الشاغل والقضية الأساسية سواء على مستوى الحكومات أو على مستوى المنظمات الدولية, ويرجع سبب هذا الاهتمام إلى طبيعة التغيرات السياسية التي حدثت بعد الحرب من جهة والى تطور الفكر الاقتصادي من جهة أخرى. لعبت هده العوامل دورا حاسما في تغيير الدولة من سياستها في تدبير المرافق العامة خصوصا منها ذات الطابع الاقتصادي،وهدا ما جعلها تنهج طريقة المقاولة العمومية كخيار من أجل تدبير المجال الاقتصادي والتحكم فيه،واستجابة إلى فلسفة الإصلاح والتنمية الاقتصادية التي فرضت نفسها بقوة،وتأكيدا لدور الدولة من باب المسؤولية على لعب دورها الاقتصادي. وهدا بالإضافة إلى غياب تقنين قانوني للموارد البشرية للمقاولة العمومية،ونجد أن الفقه الفرنسي عرف المقاولة العمومية،على أنها الجهاز أو المؤسسة التي أعطتها الدولة رأسمال مباشر لنشاطها التجاري أو الصناعي لتحقيق المصلحة العامة كهيئة عامة تتمتع بالشخصية المعنوية تمكنها من الاستقلال عن الإدارة العامة،حيث أن الإشكالية الرئيسية في موضوع المقاولة العامة ناتجة بالأساس حول الخلط بين المقاولة العامة والمؤسسة العامة،وأن كل مؤسسة عمومية هي مقاولة عامة وليس بالضرورة كل مقاولة عامة هي مؤسسة عامة،وكذلك غياب تعريف قانوني واضح من قبل المشرع المغربي لمفهوم المقاولة العامة،على الرغم من أن القانون هو الضامن للمقاولة العمومية في مواجهتها للأخطاء والمخاطر القانونية1. 1-الأستاذ جمال الدين زهير ومحمد الأعرج"النظام القانوني للمقاولة العمومية بالمغرب" ط2،1997 ادا كانت المقاولة في نظر فقهاء علم الاجتماع هي تنظيم،وفي نظر الاقتصاديين هي وحدة مستقلة للإنتاج أو التوزيع فإنها في عيون شخص القانون عبارة عن رقعة تطبعها عدة علاقات قانونية،على الرغم من أن التشريع المغربي لا يوجد فيه لحد ألان تعريف دقيق وشامل للمقاولة العامة،بل إن كثرة النصوص المتناثرة والمتنافرة جعل الفقه والقضاء المغربي كثيرا ما يقع في تردد،حين تطرقه لمفهوم المقاولة العمومية من خلال المنازعات وتبيان حقوق المتقاضيين. ومن هنا نتسأل إلى أي حد يمكن اعتبار المقاولة العامة على أنها تساهم في تحقيق المصلحة العامة؟ والى أي حد يمكن اعتبار الموارد البشرية والمادية على أنها تساهم في الرفع من مستوى أداء المقاولة العامة؟ للإجابة على هده الأسئلة وتوضيح بعض النقاط ألآخري سوف نحاول تناول الموضوع من خلال المنهجية التالية: المبحث ألأول:التطور التاريخي للمقاولة العمومية وأشكالها المطلب ألأول:التطور التاريخي للمقاولة العامة المطلب الثاني: أشكال المقاولة العمومية المبحث الثاني:موارد المقاولة العمومية المطلب ألأول:الموارد البشرية للمقاولة العمومية المطلب الثاني:الموارد المالية ح المبحث ألأول:التطور التاريخي للمقاولة العمومية وأشكالها المطلب ألأول:التطور التاريخي للمقاولة العامة نهجت الدولة أو السلطات العامة أسلوب المقاولة العامة كأحد الأساليب المعتمدة في تدخلاتها الاقتصادية، وقد مر هدا التدخل الاقتصادي للدولة بمجموعة من المراحل،فكانت البداية مع مرحلة الرأسمالية الحرة التي اتسمت بظهور نظام الامتياز،ثم ضرورة اللجوء إلى الاستثمار العام عن طريق إنشاء المقاولات العمومية وانتظارات المرحلة بتكليف الدولة بالنشاط الاقتصادي الذي كان حكرا على الرأسمال الخاص. لقد كان أول ظهور للمقاولة العامة في الدول الصناعية الغربية،وكان دلك بسبب فشل فكرة المرفق العام وعدم قدرته على الاستجابة لتطور دور الدولة الاقتصادي،كما ظهرت المقاولات العمومية في دول اروبا الشرقية،أما في الدول النامية فقد ارتبط ظهورها بعملية التنمية،وبالنسبة للمغرب فقد تميز ظهور المقاولات العمومية بثلاث مراحل أساسية: أ_مرحلة ما قبل الحماية:حيث عرفت هده المرحلة بتدخل المخزن في تسيير الشأن الاقتصادي للبلاد، وقد عرفت الدولة المغربية في تسييرها لأملاكها. الملكية الخاصة:حيث كان هناك ما يعرف بأملاك الدولة وأملاك الاحباس أو الحبوس وقد كانت هده الأخيرة تدار بطريقة مستقلة عن إدارة الدولة وسرعان ما التحقت إدارة الأحباس بإدارة الدولة ودلك تحت ضغط الأزمة المالية التي عرفها المغرب. ب_مرحلة الحماية:عملت الحماية الفرنسية مع بداية تواجدها بالمغرب على خلق بعض المقاولات العمومية قصد استغلال الخيرات المنجمية المغربية، إلا أنه ومند سنة 1930 حتى سنة 1945 عرفت المقاولات العمومية في المغرب نفس التطور التي كانت تعرفه المقاولات العمومية في فرنسا. وكان الهدف من إنشاء المقاولات العمومية في تلك الحقبة الزمنية هدف واحد وهو التخفيف من الأزمة الاقتصادية لسنة 1929،وعرف المغرب ظهور عدت مقاولات عمومية بمختلق الميادين متمثلة في الميدان ألفلاحي وإحداث المكتب الشريف للحبوب في 3 ابريل 1936. كما أنشأ مكتب الخمور والكحول في 16 يوليوز 1938 "والدي لم يعد له وجود حيث تمت تصفيته سنة 1967" وفي الميدان التجاري تم إحداث المكتب الشريف للمراقبة والتصدير في 22 يناير 1937 ودلك لمراقبة تطوير وتصدير المنتجات المغربية.وفي ميدان النقل والثقافة والفن احدث مركز سينما فوطوكرافي المغربي في 8 يناير 1944. ت_مرحلة السنوات الأولى للاستقلال:1956-1960 وقد تميزت الحقبة الأولى من الاستقلال أي ما بين 1956-1960 بظهور عدة مقاولات عمومية وفي مختلف المجالات خاصة تلك التي يمكن اعتبارها مقاولات وطنية،ودلك بهدف تمكين المسؤولين من إمكانية التصرف في الخيرات الاقتصادية الوطنية التي تعود بالنفع على جميع المواطنين،كما عرف المغرب خلال هده الفترة مساهمة الدول في رأسمال الشركات الخاصة فأصبحت تلك الشركات شركات اقتصاد مختلط.وهكذا فقد تم خلال تلك الفترة في ميدان الصناعة التقليدية إنشاء دار الصانع في 27 يونيو 1957 وفي ميدان الصناعة تم إحداث مكتبة الأبحاث والمساهمات الصناعية في 31 دجنبر 1957 وفي الميدان التجاري تم إنشاء "المكتب الوطني للشاي والسكر" .وفي الميدان المالي إحداث بنك المغرب في 30 يونيو 1959 الذي حل محل"بنك دولة المغرب"،وفي 24 يوليوز من نفس السنة تم إحداث البنك الوطني للإنماء الاقتصادي والبنك المغربي للتجارة الخارجية،حيث تم الأخذ بالقطاع العام في خدمة القطاع الخاص فنتج ذلك التراجع عن خلق المؤسسات العمومية التجارية والصناعية والشركات العامة ذات الرأسمال العمومي لصالح الشركات ذات الاقتصاد المختلط. ث_مرحلة ما بعد 1960 :حيث عرفت هده الفترة حركة مهمة من حيث زيادة عدد المقاولات العمومية وتوسيع أنشطتها عن طريق المساهمات والفروع وأعطيت لشركات الاقتصاد المختلط العناية اللازمة،في سنة 1961 تم إحداث الصندوق الوطني للقرض ألفلاحي، ودلك لإعادة تنظيم القرض ألفلاحي وكذا الصندوق الخاص بالقرض العقاري والسياحي سنة 1967،ودلك لتمويل العمليات الفلاحية والانجازات العقارية الفندقية. وفي سنة 1962 تم إحداث الشركة المغربية لتسويق المنتجات الفلاحية.ثم إحداث المكتب الوطني للكهرباء الذي يتولى احتكار إنتاج الطاقة الكهربائية والمكتب الوطني للسكك الحديدية اللذان كانا يداران عن طريق الامتياز في سنة 1963.كما طبقت خلال هده الفترة سياسة استرجاع الأراضي الوطنية من المستعمرين الأجانب.وما تم استرجاعه أصبح من أملاك الدولة الخاصة يدار عن طريق الشركة المجهولة ذات الرأسمال العمومي مثل شركة التنمية الفلاحية وشركة تدبير الأراضي الفلاحية،حيث أصبح صندوق الإيداع والتدبير في الشركة الشمالية الإفريقية والدولية للتأمين. ومن خلال الدراسات المتعلقة بالقطاع العمومي اتضح أن المقاولات العمومية بالمغرب كثيرة ومتنوعة اد يفوق عددها 600 مقاولة عمومية وهي تشمل المؤسسات العمومية الصناعية والتجارية وشركات الاقتصاد المختلط وكذلك شركات الدولة ذات الرأسمال العمومي،بما في دلك فروعها والتي يصعب تحديدها.وهدا ما أدى إلى كثرة العبء على الدولة في التسيير والإشراف على مختلف هده القطاعات الأمر الذي دفعها إلى تفويت بعض القطاعات العامة إلى الخواص. المطلب الثاني: أشكال المقاولة العمومية تتخذ المقاولة العمومية أشكالا مختلفة مثل شكل المؤسسة العمومية التجارية والصناعية وشكل الشركة سواء أكانت هده الشركة ذات الرأسمال العمومي أو ذات الرأسمال المشترك،وهي ما يطلق عليها بشركة الاقتصاد المختلط. الفقرة الأولى:المؤسسة العمومية التجارية والصناعية وتتولى إدارتها هيئة عامة بغرض تسيير مرفق عام تجاري وصناعي فهي تبعا لدلك تكون ملزمة باحترام المبادئ الأساسية التي تطبق على المرافق العامة عموما.كمبدأ الاستمرارية في تقديم الخدمات العامة ومبدأ المساواة أمام المواطنين للانتفاع بالخدمات التي يؤديها المرفق العام.حيث تأخذ المقاولة العمومية شكل شخصية معنوية عامة أي مؤسسة عمومية صناعية وتجارية اد هي الوحيدة التي تدخل في إطار المقاولة العامة وتتمتع بالشخصية المعنوية يتحقق لها قدر كبير من الاستقلال يساعدها على تحقيق أهدافها لتصبح لها ذمة مالية مستقلة في مالية الدولة.فتشتغل بداخلها وتتحمل مصاريفها.ولها الحق في التقاضي والتعاقد وتتحمل مسؤوليتها في التقاضي،وتستفيد من امتيازات السلطة العامة،إلا أن استقلالها ليس مطلقا وإنما مقيد بقيدين:قيد التخصص أي أن المؤسسة العمومية التجارية والصناعية تكون ملزمة بتحقيق الغرض الذي قامت من أجل تحقيقه ولا يجوز لها أن تخرج عنه،وبالتالي فان المؤسسة العمومية تسيير المقاولة العمومية بأسلوب القانون العام ومن أهم شروطها توفرها على الشخصية المعنوية،حيث أن هدا الشرط يؤدي إلى إقصاء عدد من أنشطة الدولة والجماعات العامة رغم انتمائها إلى القطاع العام الاقتصادي وباستعمال المؤسسة العامة في الميدان التجاري والصناعي،بحيث تكمن هناك نقطة الانتقاء بين المؤسسة العامة والمقاولة العامة فهناك عدة مقاولات نظمت في شكل مؤسسات عامة من طرف المشرع دون أن تكون لها علاقة بالمرفق العام،وادا كانت المقاولة العامة تسيير مرفق عمومي أو تقوم بمهام المرفق العام من شأنه أن يبرر أو يجسد عنصرا التخصص الذي يقوم به أسلوب المؤسسة الخاصة،حيث أن المؤسسة العامة تقوم على عنصر التخصص وتحترم المؤسسة التجارية والصناعية وهدا العنصر يجب أن يستوفي كيفية ممارسة النشاط المخول إليها.1-اما بتسيير نشاط اقتصادي متميز مرتبط بالمقاولة العامة.2-أو بتسيير نشاط اقتصادي متميز مرتبط بالمرفق العام. او يقوم بتسيير نشاط قانوني كيفما كان نوعه وغايته الأساسية في تنظيم المقاولة العامة في شكل مؤسسة عامة هي التي تميز النشاط الاقتصادي والتجاري عن باقي الأنشطة الاقتصادية العامة. 1-2 مرجع كتاب المغرب الإداري للدكتور محمد يحي. الفقرة الثانية:شركة الاقتصاد المختلط إن تمثيل مصالح الدولة داخل شركات الاقتصاد المختلط تتخذ أشكال متنوعة وعليه فالدولة أو إحدى الأشخاص العامة قد تقتصر على المساهمة العمومية في رأسمال شركة موجودة سلفا عن طريق شراء الأسهم الاجتماعية أو بالزيادة فيها أو رفع رأسمالها كما كان الشأن بالنسبة للخطوط الجوية الملكية،واسمنت مكناس وفي فرضيات أخرى الأمر قد يكون محصورا في توزيع الرأسمال الاجتماعي بين الدولة والخواص عند الإحداث كالشركة المغربية لتركيب السيارات سوماكا واسمنت المغرب الشرقي. ومن خلال تسميتها يتضح لنا الفرق بين هدا النوع من الشركات والشركات العمومية حيث أن رأسمال هده الشركات ليست في ملكية جهة واحدة، وتوجيه سياستها داخل الأجهزة التداولية التقريرية تنفيذا لسياسة اقتصادية ومالية معينة وبحثا عن المصلحة العامة للشركة.وفي حالات أخرى تكون مساهمة الدولة معادلة لمساهمة الخواص لتكن منسجمة مع التدبير المشترك للمقاولة ويسمح للدولة بوضع شروط التسيير المشترك للمقاولة العمومية.أما الاجتهاد القضائي الفرنسي يتجه إلى أن الدولة يجب أن تكون لها أغلبية أسهم شركة الاقتصاد المختلط لكي تكون لها أغلبية المقاعد في مجلس الإدارة ،هناك من يرى بأن شركات الاقتصاد المختلط هي مشروع عام بغض النظر عن مساهمة الدولة،وقد تم استعمال أسلوب شركات الاقتصاد المختلط في العديد من القطاعات كما ذكرنا وخصوصا النقل البحري والجوي.1 وتخضع شركات الاقتصاد المختلط للنصوص المنظمة للشركات المجهولة الاسم في جل تعاملاتها،سواء منها الداخلية أو من خلال تعاملاتها الخارجية، رغم تشابهها الكبير مع الشركات 1-عبد الرحمان البكريوي الوجيز في القانون الإداري المغربي.الكتاب الثاني الطبعة الأولى 1990./المرافق العامة الكبرى الطبعة الأولى.اكتوبر 2002/الدكتور محمد يحي كتاب المغرب الإداري. المساهمة العادية مما يؤدي إلى إخضاعها لنظام استثنائي من خلال رقابة الدولة عليها.وتعرف هده الشركات في المغرب تطورا ملموسا بالنسبة لعددها وتوسيع مهامها.وفاعلية مرددوها ومساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.1 *الفقرة الثالثة:الشركة ذات الرأسمال العمومي يعتبر هدا النوع من الشركات نوع من أنواع المقاولات العمومية باعتبارها تدير نشاط بأموال عامة.وبما أن طبيعة نشاطها لا يختلف عن الأنشطة التي يمارسها الخواص في مجالاتهم التجارية والصناعية لدلك فان جل قواعدها مستمدة من قواعد القانون الخاص كما أنها تخضع لقواعد القانون العام في حدود معينة.لآن تكوين هده الشركة يختلف-نوعا ما-عن الشركة المجهولة في القانون التجاري.خاصة فيما يتعلق برأسمالها .فهو رأسمال عمومي وأنه لا وجود للجمعية العمومية لعدم وجود مساهمين متعددين في رأسمال الشركة،اد لا يوجد إلا مساهم واحد وهو الدولة.والصفة العمومية لأموالها جعلتها تخضع لرقابة السلطات العمومية والتي لا تخضع لها على الإطلاق الشركة المجهولة الخاصة،لدلك فهي تخضع لمقتضيات تشريعية خاصة،ولقد عرف المغرب هدا النوع من الشركات الذي تطور بشكل مثمر مند حصوله على الاستقلال ودلك في مختلف القطاعات الاقتصادية ففي الميدان ألفلاحي تجد شركة تدبير الأراضي الفلاحية وشركة التنمية الفلاحية والشركة الوطنية لتربية المواشي والشركة الوطنية لتسويق البدور،وفي الميدان الصناعي نجد الشركة الوطنية للصلب،وفي الميدان التجاري المعامل الوطنية لسكر المغرب، ونجد في هدا الإطار تيارات مختلفة في تعريفها في انتماء الشركات: الاتجاه الأول:اعتبر الشركات العامة تستند إلى المعيار الإداري اد يعتبر أنه جهاز مرتبط بالدولة ويهدف إلى المصلحة العامة،في حين يذهب الاتجاه الثاني أنها من أشخاص 1- جمال الدين زهير والدكتور محمد الأعرج./مليكة الصروخ القانون الإداري المغربي الطبعة السادسة. القانون الخاص وقد دهب في هدا الاتجاه القانون التجاري اد يعتبر أن الشركات العامة عبارة عن شركات مساهمة حقيقية تسري عليها قواعد القانون التجاري،أما الاتجاه الثالث فيعتبر الشركات العامة من أشخاص القانون العام كون أن الأموال التي تتداول في الشركات هي أموال عامة تخصص من ميزانية الدولة كما أنها تخضع للقانون العام،أما الاتجاه الرابع فقد خالف الاتجاهات السابقة حيث يذهب إلى أن المقاولات العامة لا تعتبر شخصا من أشخاص القانون العام ولا القانون الخاص،إنما تتميز بنظام خاص يمزج بين هدين الآخرين ومن خلال هدا وداك فان أهم إشكالية تلازمها هي غياب نص قانوني يعبر بوضوح عن السلطة التي يعود لها حق في تأسيس وإحداث هدا النوع من الشركات في القانون المغربي. المبحث الثاني:موارد المقاولة العمومية تلعب الموارد البشرية والمالية دورا حاسما في نجاح أي مقاولة عمومية،فعن طريقها يمكن تقديم الدعم و المساندة الإدارية و المالية لجميع هياكلها من خلال تنفيذ ومتابعة استراتيجياتها وخططها وبرامجها، وتوفير المستلزمات الإدارية واللوجستية لمختلف وحداتها،والعمل على تحقيق التميز وسبل تطوير الأداء وزيادة الفعالية واستقطاب الكوادر البشرية والموارد المالية واستغلالها الاستغلال الأمثل. المطلب ألأول:الموارد البشرية للمقاولة العمومية يشكل العنصر البشري أهمية كبيرة بالنسبة للمقاولة العمومية إذ يعتبر من بين أهم العناصر داخلها،والعمود الفقري الذي تقوم عليه جميع سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، لأن باقي الموارد لا يمكن أن يكتب لها النجاح بدون تنمية حقيقية للموارد البشرية،وأن نجاح أي مقاولة عمومية هو رهين بكفاءة العنصر البشري،وقد حاول المشرع المغربي مرات عدة وضع نظام قانوني موحد لمستخدمي المقاولة العامة،وكان أول ظهير ل 20 مارس 1945 الذي نص على إلزامية المقاولة العمومية لنظام أساسي لمستخدميها،وفي 19 يوليوز 1962 تم إصدار النظام الأساسي لمستخدمي المقاولات العامة،وبعد مرور سنة اصدر مرسوم 1963 الذي يجب ألأخذ بمبادئه لصياغة النظام الأساسي للمقاولة العامة،حيث كان الهدف الأساسي من توحيد نظام المقاولات العامة وضع ترسانة قانونية من أجل ملأ الفراغ التشريعي لهدا الجانب ثم المساواة بين مستخدمي المقاولات العامة 1 ومراعاة الظرفية الاقتصادية،فرغم المحاولات إلا أنها باءت بالفشل ،حيث أنها لقيت معارضة شديدة من طرف أرباب العمل،لأن فيه تراجع لبعض الامتيازات المعترف بها للمستخدمين لهدا القطاع((كالأجور،المكافآت،الترقيات.........))،مما أدى بهده المقاولات إلى إتباع نصوص خاصة تصادق عليها السلطات الحكومية أو ممارسات لا تسند إلى نص،هناك إشكالية من ناحية الإطار القانوني للموارد البشرية ودلك راجع إلى تعدد وتباين الأنظمة القانونية المؤطرة لمستخدمي المقاولات العمومية بالمغرب الشئ الذي حد من تطبيق نظام قانوني موحد،حيث كرس عن هدا التعدد في النظام القانوني لمستخدمي المقاولات العامة فئة تخضع لنظام الوظيفة العمومية،وفئة تخضع للنظام الأساسي الخاص بالمقاولة،ثم فئة تخضع لنظام يسمى بروتوكول اتفاق وفئة تخضع لقانون الشغل،ومن خلال 1-جمال الدين زهير ومحمد الأعرج،النظام القانوني للمقاولة العمومية ص 10. هدا العرض سوف نتطرق لكل فئة على حدة كالتالي: 1-الأشخاص الخاضعون لقانون الوظيفة العمومية فهناك فئة من الموظفين داخل المقاولة العمومية تتميز بوضعية خاصة ومختلفة،مبدئيا لا يعتبر مستخدمي المقاولات العمومية موظفين عموميين باستثناء بعض المناصب العليا التي تجعلها تخضع لنظام قانون الوظيفة العمومية،ويتعلق الأمر بالمدير العام والمتصرف المفوض والمديرين الدين عينوا بواسطة ظهائر أو مراسيم 1 بعد ما ادخل من طرف سلطة الوصاية وأخذ رأي وزارة المالية والسلطة المكلفة بالوظيفة العمومية فيما يخص أجرهم ووضعيتهم الإدارية وقد نظم ظهير 16 نونبر 1963 المقتضيات الخاصة بالمناصب العليا في المقاولة العمومية،استنادا إلى الشروط المتفق عليها من طرف فقها وقضاءا لتعريف الموظف العمومي وهي: 1-العمل في خدمة مرفق تديره الدولة 2-يعين الشخص في عمل دائم 3-تعيين الشخص في الوظيفة بقرار من السلطة المختصة. حيث أن المناصب العليا في المقاولة العمومية يشغلها أعوان عموميين كونهم تتوفر فيهم شروط الموظف العمومي سالف الذكر. أما بالنسبة للموظف الملحق لدى المقاولة العمومية لنظام الوظيفة العمومية يعتبر في وضعية إلحاق ادا كان خارج سلكه الأصلي،مع إبقائه تابعا لهدا السلك متمتعا فيه بجميع حقوقه في الترقية والتقاعد ،وشرط الموظف الملحق أن يكون موظفا رسميا ،أما مدة الإلحاق فهي 5 سنوات كحد أقصى مع قابلية التجديد،وعليه واستنادا لما سبق فان الموظف العمومي الملحق بالمقاولة يحتفظ بالإطار الأصلي والمدة لهده الصفة تحسب من التقاعد2. 1-جمال الدين زهير ومحمد الأعرج،النظام القانوني للمقاولات في المغرب،الطبعة الثانية 1997 ص 196 2-الفصل 47 من ظهير 24 فبراير 1958،النظام الأساسي للوظيفة العمومية 2-المستخدمين الخاضعون للنظام الأساسي: المقاولة العمومية ملزمة بوضع نظام أساسي للعاملين فيها حتى يتسنى لها العمل بشكل طبيعي،حيث اصدر المشرع المغربي ظهير 19 يوليوز 1962 بمثابة النظام القانوني للمقاولة العامة، اد ينص في فصله الأول على أنه "يتعين على المقاولات العامة إلى جانب المؤسسات العامة وشركات الاستغلال التابعة للدولة... على وضع نظام أساسي للعاملين فيها. كما اصدر مرسوم 18 نونبر 1963،وقد سمي هدا المرسوم بالنظام النموذجي الذي يجب على المقاولة العامة أخده بعين الاعتبار في إعدادها للنظام الأساسي السالف الذكر نظرا إلى تبني العديد من المقاولات العامة لهدا النظام لكونه تلاءم مع طبيعة وأنشطة المقاولة إلا انه كانت له انعكاسات سلبية تمثلت في وجود اختلافات في تدبير الموارد البشرية. 3-المستخدمين الخاضعين لقانون الشغل لقد اخضع بعض العاملين بالمقاولات العامة إلى قانون الشغل، ونجد بالأساس المقاولات العمومية البنكية التي تخضع إلى الاتفاقيات الجماعية للشغل الخاصة بالمستخدمين ببنوك المغرب ماعدا البنك المغربي والبنك الشعبي والقرض ألفلاحي ويأتي التمسك بقانون الشغل برغبة من هده المقاولات من اجل إضفاء بعض المرونة على تدبير الموارد البشرية للاستفادة من امتيازات قانون الشغل. كما اعتمدت مقاولات أخرى كالقرض العقاري والشركة المغربية للصناعة وشركة تدبير الأراضي الفلاحية قصد الاستفادة من عنصر التوازن في علاقة الشغل بمصلحة المقاولة وإجراء توفير مناخ سليم للإنتاج وتحسين شروط العمل 1 4-العمال الخاضعون لنظام البروتوكول الإضافي: هي عبارة عن اتفاقات بين المقاولة العمومية ووزير المالية وينظم شروط التوظيف والترقية والأجرة فيها،وقد لجأت المقاولات العمومية إلى اختيار هدا الأسلوب من أجل تلافي الإجراءات والمساطر الطويلة والمعقدة التي تتطلبها المصادقة والتأشير 1-جمال الدين زهير ومحمد الأعرج ص 106 على الأنظمة الأساسية،حيث يعطي نظام بروتوكول اتفاق،امتيازات كبيرة ومهمة للعاملين بالمقاولات العمومية التي تأخذ بهدا النظام ،ومن أهم المقاولات التي أخدت بهدا النظام نجد نظام اتفاق بروتوكول اتفاقي للشركة المغربية لتدبير الاستغلالات الفلاحية والشركة الوطنية لتسويق المنتجات الفلاحية والخطوط الجوية الملكية الفلاحية 1 المطلب الثاني:الموارد المالية للمقاولات العامة ذمة مالية خاصة متميزة عن ذمة الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى وهدا يعني الاستقلال بحساباتها وميزانية مستقلة وضرورة الحصول على الموارد المالية الآنية لتغطية تكاليف الاستغلال ثم توفير الموارد المالية لتمويل الاستثمار. 1-موارد الاستغلال تتمثل موارد الاستغلال في الإرادات التي تحصل عليها المقاولة العامة الاداءات والخدمات والخدمات التي تقدمها وتختلف توعية الموارد البشرية حسب النشاط الذي تزاوله المقاولة العامة2 هناك المقاولة التي تكون مواردها ذاتية عبارة عن مقابل مباشر لمبيعات ومنها ما تقوم عن فرضه من ضرائب ورسوم مقابل الخدمة إلا أنها تحدد من طرف الجهاز التنفيذي بالمقاولة مصادقة السلطة الوصية على القطاع آو من طرف سلطة الوصاية بتفاوض مع الجهاز التنفيذي.أما الأثمان فيتم تحديدها حسب الحالات دلك طبقا لنصوص التأسيسية أو طبقا للاتفاقيات التي تبرمها مع الدولة،وطبقا لنظام الأسعار الذي يخضع له جميع المقاولين الدين يعملون في القطاعات ذات الأسعار المحددة من طرف الأجهزة الحكومية3. 1-جمال الدين زهير ومحمد الأعرج.نظام قانون المقاولة العمومية بالمغرب ص 95 2-محمد الأعرج القانون الإداري المغربي الجزء الثاني Romaland مكرر 2003 3- سعد زكاوي(مدونة الشغل النصوص القانونية دار المعرفة نشر بالرباط الأولى 2006 ص3) 2-الموارد الأخرى إلى جانب موارد الاستغلال تتوفر المقاولات العامة على مصادر أخرى تكمن في الاقتراضات وإعانات الدولة. من ناحية الاقتراضات فإنها تدخل في قسم موارد الاستغلال حيث تتجلى التسبيقات التي تدفعها الدولة إلى بعض المؤسسات العامة الصناعية والتجارية عند تأسيسها، 2 إما إعانات الدولة تدخل في قسم موارد الاستغلال فالهدف منها هو الحفاظ على التوازن المالي للمقاولة العامة.وبواسطتها تعمل الدولة عند تغطية العجز المالي للمقاولة العامة. أ-القروض المحصلة عليها في السوق الوطنية: تنقسم إلى نوعين:سندات الإلزام ثم القروض الطويلة أو متوسطة المدى التي تبرمها المقاولات العامة مع الأجهزة المالية الوطنية.هناك أيضا قواعد خاصة بالمقاولات العامة تجعلها تخضع لمراقبة كل من سلطة الوصاية ووزارة المالية التي تعمل عن طريق مديرية الخزينة العامة. بخصوص القروض المبرمة مع الأبناك والأجهزة المختصة يمكنها أن تتضمن قروض طويلة أو متوسطة المدى وعليها حصول على ترخيص وزارة المالية قيد إبرامها 1 ب-القروض المحصل عليها في السوق العالمية القروض العالمية هي المحصل عليها من السوق العالمية وتعتبر عنصرا مهما في الموارد الخارجية للمقاولات العامة وتستفيد هده الأخيرة من ضمانات الدولة التي من دونها يستحيل الحصول على قروض خارج الوطن. 1-جمال الدين زهير ومحمد الأعرج ص 99 2-إعانات والتجهيز تعتبر إعانات الدولة والتجهيز هي التسبيقات التي تدفعها الدولة مساعدة منها من اجل استثمارات المقاولة العامة التي تتحمل في نشاطها أعباء غير عادية.تستفيد المقاولات العامة من هده الإعانات ولا ترجعها إلى الدولة كما أنها تقدم إعانات التجهيز من طرف جماعات عامة. 3-قروض الخزينة زيادة رأس المال إن سد عجز التمويل الذاتي لايجب أن يتم فقط عن طريق الاقتراض وإنما تلجأ المقاولة العمومية إلى رفع رأسمالها للتخفيض من القروض التي تتطلب جهدا ماليا من أجل تسديدها لاحقا حسب الصيغة المتفق عليها.ويختلف إجراء الزيادة في رأسمال حسب الأسلوب القانوني للمقاولة العامة. 1-بالنسبة للمقاولة العامة المنظمة:في شكل شركات: نميز من الشركات العامة 100% حين تتم الزيادة في رأسمالها بإدماج احتياطي،ويتخذ قرار الإدماج من طرف مجلس الإدارة ويخضع لمصادقة سلطة الوصاية بخصوص شركات الاقتصاد المختلط:يتم زيادة رأسمالها حسب القواعد المعروفة في القانون في القانون التجاري أي قانون الشركات ودلك أما بحصص نقدية أو ضم الشركات أو إدماج الفروع تدخل على حاملي الرأسمال1 وعن العملية الأخيرة أن ينتج تغيير في تركيب رأسمال المقاولة. إن مدلول ومصطلح زيادة رأسمال لا يطبقا جيدا على حالة المؤسسات الصناعية والتجارية،ودلك بسبب اعتبارات جانبية ادا كان نظام محاسبة الشركات يخصص باب خاصة لرأس المال الخاص والاحتياطات فان مقابله في المؤسسات العامة الصناعية والتجارية نجد باب المخصصات والاحتياطات.فمن الوجهة المالية فنعني بالمخصصات رأسمال المؤسسة العامة2 1-جمال الدين زهير محمد الأعرج النظام القانوني بالمغرب ص 101 2-نفس المرجع 101 الفقرة الثانية:مصادر تمويل الاستثمار تعتبر كألااستثمارات أو مستثمرة جميع الأموال التي تبحث عنها المقاولة بصفة دائمة من أجل ممارسة نشاطها في أحسن الظروف ودلك بغض النظر عن طبيعتها سواء كانت مادية أو غير مادية.1حيث يرتكز تمويل الاستثمارات على الموارد الداخلية للمقاولة،فهي غالبا غير كافية فتضطر المقاولة العامة على غرار المقاولة الخاصة للبحث عن موارد خارجية. 1-موارد التمويل الداخلية هو تمويل ذاتي تطوره المقاولة بفضل نشاطها وسيولتها الخاصة دون اللجوء إلى المساعدة الخارجية.حيث تعمل المقاولة خصوصا تلك التي تنتمي لقطاع المنافسة عند توفير موارد التمويل الذاتي الكافية لتدعيم ما أمكن الرأسمال الاحتياطي ترقبا للطوارئ السوق العالمية. حيث يختلف حجم التمويل الذاتي من مقاولة عامة لأخرى حسب نوعية نشاطها وكيفية تصرفها 2-الموارد الخارجية يتم الحصول على موارد التمويل الخارجية للمقاولة العامة إما باللجوء إلى القروض أو مقدمات في شكل إعانات التجهيز أو زيادة في رأس المال. 3-القروض: القروض لا توفر إيرادات وإنما يتم اللجوء إليها من أجل ضمان تعديد توازن التي يكون مصدرها قرض هي موارد مؤقتة يجب أن تسدد وتبحث المقاولة العامة إما في القروض إما في السوق الوطنية أو في السوق العالمية. 1-جمال الدين زهير محمد الأعرج ص 96و97 خاتمة: من خلال ما تم التطرق إليه في هدا العرض نستنج أن المقاولة العمومية هي في حد ذاتها طريقة من طرق تسيير النشاط الاقتصادي التابع للقطاع العام ،كما أن تدخل الدولة عن طريق إنشاء مقاولات عمومية جاء بعدما لم يستجيب القطاع الخاص لتطلعاتها في تحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي، إما بفعل تعدد الاكراهات القانونية،والمالية أو التنظيمية إلى غير دلك من الأشياء التي تعيق السير العادي للمقاولة الخاصة، ،أو لرغبة الدولة في توجيه اقتصادها نحو أفق يضمن لها تحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي يستجيب لتطلعاتها،ولرعبة الدولة أيضا في ممارستها لدورها الرقابي.
Post a Comment