Header Ads

مسطرة التقاضي أمام المحاكم المالية

مقدمـــــــــــــــــة : لا شك ان المال العام هو الوسيلة الأساسية التي تديرها الدولة من اجل سد الحاجيات اليومية لمختلف مؤسسات الدولة ومن خلالها حاجيات مختلف الفئات الاجتماعية لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية. وقد تجسد الاهتمام الدولي بالمال العام في شخص عدة هيئات دولية واقليمية كما هو الحال بالنسبة لانتوساي والافروساي والاربوساي والتي تبنت مبادئ عامة للاهتداء إليها في مختلف الدول الأعضاء لأجل إقرار أنظمة وهيئات فاعلة لحماية المال العام . من تم كانت الحاجة ملحة في المغرب ، شأنه في ذلك شأن مختلف الدول، لإيجاد آليات الرقابة العليا على المال العام التي بواسطتها يتم ضبط مراقبة التوجهات المرسومة من طرف ممثلي الشعب بمقتضى قوانين المالية ومالية الجماعات المحلية والرامية الى تحصيل الموارد وصرف النفقات في الأوجه المحددة بمقتضى القانون من اجل سد حاجيات المواطنين عبر المرافق العامة سواء على المستوى الوطني او المحلي .
هكذا فبعدما يمر قانون المالية من المراحل اللازمة لإصدار الأمر بتنفيذه ويصبح ساري المفعول فانه يوكل مهام تنفيذه الى فئة معينة من الموظفين العمومين هم الآمرون بالصرف والمحاسبون العموميون . وتخضع هذه الفئة لعدة انواع من الرقابة تتمثل في الرقابة الادارية التي يمارسها الجهاز الاداري المنتمون اليه ورقابة وزارة المالية في شخص المفتشية العامة للمالية، ثم الرقابة التي تمارسها المحاكم المالية . وتتجسد الرقابة على المال العام في الرقابة على اعمال هؤلاء الاشخاص الساهرين على ادارة هذا المال من خلال الرقابة على اعمال تحصيل المداخيل وادارتها وصرف النفقات طبقا لقانون المحاسبة العمومية الصادر بتاريخ 14 ابريل 1967 وقانون 99-61 المتعلق بتحديد مسؤولية الامرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين. وقد اختار المغرب نهج الأنظمة اللاتينية بإيجاد مؤسسات قضائية معنية بذلك تتمثل في المجلس الأعلى للحسابات المحدث بمقتضى قانون 79-12 والذي تم الارتقاء به الى مؤسسة دستورية تعنى بممارسة الرقابة العليا على تنفيذ قوانين المالية بمقتضى دستور 1992 طبقا لمقتضيات الفصلين 96 و 97 من الدستور، ثم المجالس الجهوية للحسابات المحدثة بمقتضى قانون 99-62. الا اننا سنقتصر في دراستنا على الرقابة القضائية بشقيها المتمثلين في البت في الحسابات ورقابة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية دون الرقابة غير قضائية المتمثلة في رقابة التسيير ومراقبة استعمال الاموال العمومية، والتي لا تنطوي دراستها على أهمية بالغة اعتبارا لبساطة مساطر هذه الرقابة والتي تبقى محدودة الاثر ما دام انها تنتهي بتقارير غير ملزمة وعلى اعتبار ان تلك التقارير ستكون موضوع عروض لاحقة. وتتجلى اهمية دراسة الموضوع المتعلق بالمسطرة امام المحاكم المالية باعتبار ان ضبط المساطر هي مناط حماية الحق وباعتبار المال العام هو من اهم ما ترتبط به مختلف حقوق المواطن والتزاماته اتجاه الدولة باعتباره ملزما اتجاه الدولة بالواجبات المالية المفروضة عليه بموجب القانون وباعتباره مستفيدا من المال العام من خلال التزام الدولة بسد حاجياته الأساسية. كما تتمثل الاهمية العملية لدراسة الموضوع في محدودية الدراسات التي تعنى بالموضوع من الجانب العملي على اعتبار ان المسطرة امام المحاكم المالية تختلف عن نظيرتها امام باقي المحاكم بالتنظيم القضائي واعتبارا الى حداثة نظام المحاكم المالية بصيغته الحالية والتي لا تتجاوز الثمان سنوات. ويتمظهر الاشكال الرئيسى للموضوع حول مدى فعالية المساطر القانونية أمام المحاكم المالية في حماية المال العام وزجر كل المخالفات الماسة به وعقلنة ترشيد العمل من اجل ضمان استعمال معقلن للمال العام ؟ ومدى استجابة العمل القضائي لروح المقتضيات القانونية التي تعنى بالرقابة العليا على المال العام؟ لهذا ارتأينا تقسيم الموضوع وفق خطة البحث التالية : المبحث الأول : نطاق ومسطرة البت في الحسابات. المطلب الأول : نطاق الاختصاص القضائي للبت في الحسابات. اولا : الاشخاص المعنيون بمسطرة البت في الحسابات. ثانيا : طبيعة المخالفات موضوع البت في الحسابات. المطلب الثاني : الإجراءات المسطرية للبت في الحسابات . أولا : مسطرة إحالة القضية. ثانيا : مسطرة التدقيق والتحقيق والبت في حسابات. ثالثا : آثار قيام المسؤولية المالية للمحاسب العمومي. المبحث الثاني : نطاق ومسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. المطلب الأول : نطاق الاختصاص القضائي المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. اولا : الأشخاص المعنيون بمسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. ثانيا : طبيعة المخالفات موضوع مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. المطلب الثاني : الاجراءات المسطرية للتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. أولا : تحريك المتابعة. ثانيا : إجراءات البت في القضية. ثالثا : آثار قيام المسؤولية التأديبية. المبحث الاول : نطاق واجراءات البت في الحسابات. يعتبر البت في الحسابات من اهم اختصاصات المحاكم المالية وترمي الى رصد وضعية الحسابات الممسوكة لدى المحاسبين العموميين او المحاسبين بحكم الواقع فما هي حدود هذا الاختصاص وماهي اجراءاته المسطرية. المطلب الاول : نطاق اختصاص المحاكم المالية للبت في الحسابات. فنطاق اختصاص المحاكم المالية في الرقابة على الحسابات يستلزم تحديد الأشخاص المعنيين بالبت في الحسابات من جهة (أولا) ثم تحديد الاختصاص الموضوعي لهاته المحاكم. اولا : الأشخاص المعنيون بمسطرة البت في الحسابات. استنادا الى نصوص قانون المحاكم المالية فان الرقابة القضائية لهاته المحاكم تشمل المحاسبين العمومين دون الآمرين بالصرف فقد نصت المادة الثالثة بانه " يدقق المجلس في الحسابات التي يقدمها المحاسبون العموميون مع مراعاة الاختصاصات المخولة بمقتضى هذا القانون للمجالس الجهوية للحسابات" . وللتعريف بهاته الفئة من الموظفين العموميين المكلفين بمساطر صرف المال العام لا بد من الرجوع الى الظهير الصادر بتاريخ 03-04-2002 بتنفيذ القانون رقم 99-61 المتعلق بتحديد مسؤولية الآمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين فاستنادا للمادة الاولى و المادة الثانية منه فان المحاسب العمومي هو كل موظف او عون مؤهل لأن ينفذ باسم الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات والمقاولات العمومية الخاضعة للمرقابة المالية للدولة عمليات المداخيل او النفقات او التصرف في السندات اما بواسطة اموال وقيم يتولى حراستها واما بتحويلات داخلية للحسابات واما بواسطة محاسبين عموميين آخرين او حسابات خارجية للأموال المتوفرة التي يراقب حركتها او يأمر بها. وهو ما أكدته المادة 25 من الظهير الصادر بتاريخ ......... بتنفيذ القانون رقم 99-62 المتعلق بالمحاكم المالية التي تنص على أن المجلس يدقق في حسابات مرافق الدولة وكذا حسابات المؤسسات العمومية والمقاولات التي تملك الدولة أو المؤسسات العمومية رأسمالها كليا أو بصفة مشتركة بين الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية إذا كانت هذه الأجهزة تتوفر على محاسب عمومي،...). الا ان هناك فئة اخرى من المحاسبين نصت عليها المادة 16 من قانون المحاسبة العمومية الصادر بتاريخ 27-04-1967 وهم أشخاص يخضعون لنفس الرقابة كلما تصرفوا في الأموال العمومية كمحاسبين عموميين وان لم يكونوا كذلك بصفة نظامية وهم المحاسبون العموميون بحكم الواقع. وبذلك فالمجلس الأعلى للحسابات يقوم مركزيا بالتدقيق في البيانات الحسابية لمرافق الدولة والمؤسسات العمومية والمقاولات التي تعود ملكية رأسمالها كليا للدولة أو المؤسسات العمومية أو بوجه مشترك مع الجماعات المحلية، وتقوم المحاكم المالية جهويا بتدقيق حسابات الجماعات المحلية وهيئاتها وحسابات المؤسسات العمومية والمقاولات التي ترجع ملكية رأسمالها كليا للجماعات المحلية أو هيئاتها أو المؤسسات العمومية الخاضعة لوصايتها والتي تتوفر على محاسب عمومي مؤهل للقيام بعمليات المداخيل أو النفقات أو مسك السندات بواسطة أموال وقيم معهود إليه بها بموجب تحويل داخلي لحسابات أو بواسطة محاسبين عموميين آخرين أو حسابات خارجة للموجودات التي أمر بتحويلها أو مراقبتها. ثانيا : طبيعة المخالفات موضوع مسطرة البت في الحسابات. ان الاختصاص الموضوعي للمحاكم المالية في مجال البت في الحسابات لا يروم الى الرقابة على كل الاختصاصات الموكولة للمحاسب العمومي والمنصوص عليها في الفصل 6 من قانون 99-62 والتي تؤطر النطاق العام لمسؤولية المحاسب العمومي سواء امام وزير المالية في اطار الرقابة الادارية طبقا للفصل 8 من قانون 99-61 او امام المحاكم المالية من خلال اثبات العجز والتأديب المالي، وانما تم تضييق الرقابة في مجال البت في الحسابات لفائدة الاختصاص التأديبي في المجال المالي اذ اصبحت المسؤولية تشمل خمس حالات مقابل تسع حالات سابقا على اساس انها لا تتعلق في الجوهر بصحة الدين فقد اخرج من نطاق الرقابة القضائية بمناسبة البت في الحسابات الحالات المتعلقة بعدم التحقق من : - صفة الامر بالصرف. - توفر الاعتمادات. - صحة تقييد النفقات في الابواب المتعلقة بها. - تقديم الوثائق المثبتة. هكذا بالبرجوع للمادة 37 من قانون المحاكم المالية فان نطاق اختصاص المحاكم المالية في مجال البت في الحسابات يتمثل في : - عدم تبرير انجاز عمل، ذلك انه من المعلوم انه لا اداء الا بعد تنفيذ الخدمة، وتنحصر مسؤولية المحاسب في التأكد فقط من وجود اشهاد الشخص المؤهل قانونا على تنفيذ العمل وهو غالبا الامر بالصرف. - عدم صحة حساب التصفية، اذ يراقب تحت مسؤوليته هذا الحساب بالتأكد من البيانات الحسابية والفاتورات والوثائق المرفقة لاثباتها. - غياب التأشرة المسبقة للالتزام، وهي تأشيرة المراقب على وثائق الالتزام وانه لا يمكن تجاوز ذلك بامر بالتسخير من طرف الامر بالصرف، ويمكن للمراقب العام وضع تأشيرته والا تم عرض النزاع على الوزير الاول من قبل الوزير المعني ليتخذ مقرره في الموضوع . - عدم احترام قواعد التقادم وسقوط الحق، بالقيام بالالتزامات الملقاة عليه في اطار مدونة التحصيل بالقيام بتحصيل الديون العمومية قبل تقادمها بمرور اجل اربع سنوات، او سقوط الحق كمثال عدم التصريح بالدين لدى السنديك في الاجل القانوني عند فتح مسطرة صعوبات المقاولة المدينة . - عدم مراعاة قوة إبراء التسديد، بعدم الحصول من المدين على سند لابراء ذمة المنظمة العمومية بعد تسديد الدين له بعد التأكد من صفته في ذلك. - عدم اتخاذ الإجراءات التي يتوجب على المحاسب العمومي القيام بها في مجال تحصيل الموارد. وتنتهي عملية التدقيق في الحسابات من طرف القاضي المالي إلى إحدى الفرضيات التالية : 1- برئ الذمة : مما يعني توفر المحاسب على حسابات مدققة. 2- حساب فائض : بكون الحساب الذي يديره المحاسب يعرف فائض في الحساب. 3- حساب العجز : بوجود فارق في علاقة الموارد بالنفقات بظهور نقص في الحساب. المطلب الثاني : الإجراءات المسطرية للبت في الحسابات. تعرف مسطرة البث في الحسابات التي يكون الحساب الممسوك او المدار من طرق المحاسب العمومي إجراءات مختلفة من تدقيقه وتحديد مسؤولية المحاسب العمومية بشأنه. أولا : تحريك مسطرة البت في الحسابات. فمن المعلوم ان الرقابة القضائية على حسابات المحاسبين العموميين تتم بشكل تلقائي لكون المحاسبون العموميون ملزمين بمقتضى مرسوم المحاسبة العمومية بعرض كل العمليات المالية التي قاموا بها على المجلس الأعلى للحسابات او المجالس الجهوية للحسابات حسب الاختصاص المحدد بمقتضى قانون المحاكم المالية، وذلك بشكل سنوي ووفقا للأشكال المنصوص عليها في النصوص القانونية والتي تحدد هذا التاريخ في 31 يوليوز من السنة المالية للسنة المالية بعدما يكون المحاسب قد قدم الحساب لرؤسائه قبل 30 مارس لاجراء التدقيقات اللازمة . وتتسع دائرة الجهات التي لها حق اثارة تحريك المسطرة بالنسبة للمحاسب بحكم الواقع اذ يختص بذلك كل من رئيس النيابة العامة، والوزير المكلف بالمالية او الوزير المعني او الخازن العام لمملكة او المحاسبون العمومين، وذلك عن طريق ممثل النيابة العامة بالمحاكم المالية. أما الوثائق والمستندات المثبتة للمداخل والنفقات فيتعين على المحاسبين العموميين بمرافق الدولة توجيهها إلى المجلس الأعلى للحسابات على رأس كل ثلاثة أشهر، وبخصوص المحاسبين العموميين للأجهزة الأخرى فيتعين عليهم أن يقدموا سنويا للمجلس الأعلى بيانا محاسبيا عن عمليات المداخيل والنفقات وكذا عن عمليات الصندوق التي تم تنفيذها من طرفهم، أما المستندات المثبتة لمختلف عمليات المداخيل والنفقات فيمكن تدقيقها بعين المكان. ومن اجل ضمان تنفيذ المحاسبين العموميين لالتزاماتهم هاته فقد انيط بالكتابة العامة التابعة للرئيس الأول أو لرئيس المجلس الجهوي حسب الاختصاص، مهمة السهر على تقديم الحسابات من طرق المعنيين بالأمر في الآجال المحددة وتشعر النيابة العامة بكل تأخير في هذا الصدد وفي حالة عدم تقديم الحسابات داخل الأجل المحدد يتعرض المماطل بغرامة قد تصل إلى 1000 درهم بعدما يكون قد وجه له إنذارا بقي بدون جدوى من طرف الرئيس الأول او رئيس المجلس الجهوي بعد تقديم ملتمس النيابة العامة بهذا الشأن، كما يجوز أن يحكم عليه بغرامة تهديدية أقصاها 500 درهم عن كل شهر تأخير. وبمجرد توصل المجلس بالحسابات تعمل كتابة الضبط بتسجيلها ثم توزيعها على الغرف حسب البرنامج السنوي المعد من قبل لجنة التقارير والبرامج المصادق عليه من قبل الرئيس الأول بتنسيق مع الوكيل العام للملك او بعد توزيع الأشغال من قبل الرئيس بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات وفق البرنامج السنوي. وبناءا على البرنامج السنوي لأشغال المجلس يقوم رئيس الغرفة او رئيس المجلس الجهوي حسب الحالات، بتوزيع الحسابات والبيانات المحاسبية بين المستشارين المقررين من أجل التدقيق والتحقيق بشأنها وفقا للمسطرة المقررة في قانون المحاكم المالية. ثانيا : مسطرة التدقيق والتحقيق والبت في حسابات. تعتبر مسطرة التدقيق والتحقيق مسطرة الزامية ذلك ان المحاكم المالية تقوم تلقائيا بفحص الحسابات المحالة عليها لاجل تدقيقها والتحقيق بشانها بشكل تلقائي وسنوي، كما انها مسطرة كتابية ذلك انه لا محل للدفوعات او التصريحات الشفوية كما انه مسطرة سرية تجري في غياب المحاسب نفسه لكونها تهم الحساب في الاصل ولا يملك المحاسب حق حضور اجراءاتها، وان كان له الحق في حضور المحاكمة، وانما له الحق في الادلاء بمذكرته الجوابية بعدما يقوم القاضي المقرر بطلب ذلك منه دون ان يملك حق تنصيب محام للدفاع عنه بخلاف قانون المحاماة الذي يقر حق المحام للدفاع والترافع امام المحاكم والمؤسسات العمومية . ويقوم المستشار المقرر بتدقيق حسابات المحاسب العمومي بنفسه او بواسطة مدقق تحت مسؤوليته بمقتضى الفصل 30 من قانون المحاكم المالية، الذي خوله سلطة التحري ويمكنه في هذا الإطار أن يطلب من الآمر بالصرف والمراقب والمحاسب العمومي أو أي مسؤول آخر تقديم جميع التوضيحات أو التبريرات التي يراها ضرورية وذلك في حدود الصلاحيات حسب اختصاص كل منهم والوثائق التي هم ملزمون بحفظها وإلا تعرض للغرامة التهديدية لاجباره على تنفيذ الالتزام المذكور، كما يجوز له الانتقال إلى عين المكان للقيام بجميع التحريات التي يعتبرها ضرورية من أجل إنجاز مهمته سيما فيما يتعلق بحالة تدقيق الإثباتات الممسوكة لدى المؤسسات التي تخضع للرقابة المالية غير مرافق الدولة. ويقوم المستشار المقرر بفحص الحسابات من حيث الشكل بالتأكد من جاهزية الحسابات للتدقيق والثانية ثم من حيث الموضوع، وذلك بعد التأكد من فحص الحساب من حيث الشكل، وذلك عن طريق فحص الوثائق العامة للتأكد من قيام المحاسب بالالتزامات المفروضة عليه كما اشرنا سابقا. وبعد نهاية مرحلة التدقيق يقوم المستشار المقرر بالتحقيق في المخالفات التي يعاينها وذلك بفحص الوثائق والمستندات المثبتة للحساب وعندما يباشر المستشار المقرر سلطاته في مواجهة الطرف المعني بالتحقيق وذلك بأمره بتقديم جميع التوضيحات أو التبريرات التي يراها ضرورية بما في ذلك إمكانية التحري بعين المكان، ويمنح للمعني بالامر أجل شهرين للجواب عليها كتابة باعتبار الطابع الكتابي للمسطرة بعد توصله بها بشكل قانوني حفاظا على حق الدفاع سيما وانه يكون محروما من توكيل محام للدغاع عنه طبقا للفصل 30 من قانون المحاكم المالية. الا انه يمكن امهال المعني بالأمر للجواب بعد إذن من رئيس الغرفة أو رئيس المجلس الجهوي حسب الحالة. وتنتهي مسطرة التدقيق والتحقيق باعداد المستشار المقرر لتقريرين : يتضمن التقرير الاول نتائج التحقيق المتعلقة بالحساب أو البيان المحاسبي المصحوب بالوثائق المبررة ويسجل عن الاقتضاء الملاحظات المتعلقة بالوقائع التي من شأنها أن تثبت مسؤولية المعني بالأمر . في حين يتضمن التقرير الثاني الملاحظات المتعلقة بالتسيير وهو موضوع المبحث الثاني. هكذا يبدو ان المستشار المقرر يكاد يجمع بين سلطات قاضي التحقيق في القضايا الزجرية وسلطات القاضي المقرر في القضايا المدنية ، لكنه يكون ملزما في جميع الاحوال بعرض تقريره على رئيس الغرفة الذي يواصل الاجراءات بشأنه اذ يقوم باحالة التقرير الأول المتعلق بالحساب العمومي على المستشار المراجع ليدلي برأيه حوله داخل أجل شهر واحد ثم يوجه الملف كاملا إلى الوكيل العام للملك أو وكيل الملك حسب الحالة لتقديم ملتمساته الكتابية و الذي يرجعه إلى رئيس الغرفة المعنية لإدراجه في جدول الجلسات في اجل شهر. ويرجع الحسم في وضعية الحساب الى هيئة المحكمة التي تبت في جلسة سرية استنادا على وعلى الحجج التي ترفق بالتقرير وعلى ما انتهى إليه كل من المستشار المقرر والمستشار المراجع الذين يكون حضورهما استشاريا في مداولات الهيئة، مع اعتبار مستنتجات النيابة العامة التي يتلوها ممثل النيابة العامة وفي حالة غيابه يقوم رئيس الجلسة بذلك، هذا بخلاف قواعد المسطرة المدنية التي تلزم حضور النيابة العامة اذا كانت طرفا اصليا في الدعوى طبقا للفصل 9 من ق م م . وتتخذ هيئة الحكم قرارها باغلبية اعضائها الخمسة دون حضور ممثل النيابة العامة وكاتب الضبط اللذان ينصرفان عند المداولة. ثالثا : آثار قيام المسؤولية المالية للمحاسب العمومي. لا يطرح أي اشكال عندما تنتهي هيئة الحكم الى صحة حساب المحاسب العمومي ذلك اذ يؤذن حينئذ بارجاع مبلغ الضمانة المالية له . فاذا ما ثبت عجز ميزانية المحاسب العمومي دون ان يقوم باثبات ذلك العجز بشكل قانوني خلال مسطرة التحقيق او لم يقم بالاجابة على ملاحظات المستشار المقرر فانه يكون مسؤولا ماليا. غير انه يمكن للمحاسب العمومي دفع المسؤولية عنه في مجال تحصيل الموارد اذا اثبت انه قام بما كان عليه القيام به باعتبار ان مسؤوليته هي مسؤولية ببذل عناية لا بتحقيق نتيجة . هكذا فاذا ما ثبتت مسؤولية المحاسب العمومي الشخصية عن العجز فانه يكون ملزما بإرجاع النقص الحاصل في حسابه بمقتضى امر تمهيدي يقترحه المستشار المقرر على هيئة الحكم في اطار التسوية الودية للنزاعن او بارجاع المبالغ المالية التي تصرح بها المحكمة كمستحقات للجهاز العمومي داخل اجل ثلاثة أشهر. وعند عدم استجابة المحاسب العمومي للامر المذكور فانه للمحكمة اتخاذ اجراءات اكثر صرامة لتنفيذ ذلك كا صدار غرامة تهديدية قدرها 500,00 درهم عن كل شهر تأخير داخل اجل اثنى عشرة من صدور الحكم التمهيدي . مع الاشارة الى ان قيام مسؤوليته في نطاق البت في الحساب لا يمكن ان يكون موضوعا للمسؤولية في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية على اساس القاعدة الفقهية بانه لا يعاقب على الجرم مرتين. ويتم تبليغ الحكم النهائي المقرر لمسؤولية المحاسب العمومي طبقا لقواعد المسطرة المدنية في التبيلغ، فيما يتعلق بقرارات المجلس الاعلى للحسابات الى كل من المحاسب العمومي والوزير المكلف بالمالية والوزير المعني بالامر والخازن العام للمملكة والممثلون القانونيون للاجهزة العمومية المعنية . لكنه في منظورنا يتعين ان يتم تبليغ المسطرة الى المسؤولين المباشرين للمعني بالامر قبل الحكم التمهيدي او النهائي حتى يمكنهم دفع المسؤولية عنه اذا كان لذلك سند قانوني ضمانا لحقه في الدفاع. وقد تؤطر مسؤولية المحاسب العمومي في اطار مسؤولية المحاسب بحكم الواقع اذا مارس مهاما تخرج عن نطاق اختصاصه. ويجب التنبيه الى انه اذا تعلق الامر بمسؤولية المحاسب العمومي بحكم الواقع فانه بخلاف القانون الفرنسي فان القانون المغربي حدد نفس المسطرة المتعلقة بمسؤولية المحاسب العمومي، ذلك انه يكون ملزما برد المال الناقص الى صندوق المنظمة العمومية، الا انه كما انه يمكن ان يكون محل تحريك الدعوى العمومية في حقه وفقا للفصل 380 من القانون الجنائي بتهمة انتهال صفة، بعد اخبار ممثل النيابة العامة او رئيس المجلس الاعلى للحسابات لوزير العدل بوضعية المحاسب بحكم الواقع او بتهمة اختلاس الاموال العمومية، كما يمكن متابعته وفقا للفصل الاول من قانون المالية الذي يحرم استخلاص الضرائب والجبايات بدون سند قانوني . الا ان ما تجب الاشارة اليه هو ان المتابعة الجنائية للمحاسب العمومي تغل يد القاضي المالي عن النطق بالغرامة في حقه ، الا انها تفتح المجال امامه لكي يصرح بحالة المحاسب بحكم الواقع اذا كان القضاء الجنائي هو السباق للمتابعة، وانه يمكن للمنظمة العمومية ان تتدخل كطرف مدني في الدعوى العمومية لاسترجاع المبالغ التي استولى عليها المحاسب بحكم الواقع. الا ان تقرير المسؤولية المالية للمحاسب العمومي لا يعفيه من المسؤولية المدنية و المسؤولية التأديبية الادارية طبقا للفصل 111 من قانون المحاكم المالية. المبحث الثاني : نطاق ومسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. يتسع نطاق المسطرة المتعلقة بالتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية كما تتميز مسطرته عن مسطرة البت في الحسابات. المطلب الاول : نطاق مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. فاذا كانت مسطرة البت في الحسابت تتعلق بشق من اختصاصات المحاسب العمومي كما اسلفنا في المبحث الاول، فان مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية يسري على المحاسب العمومي في الشق الثاني من اختصاصاته كما تسري على الامرين بالصرف والمراقبين في حدود معينة وهو ما سنتناوله في النقط التالية. اولا - الاشخاص المعنيون بمسطرة المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. فهذا النوع من الرقابة هي اعم واشمل من الرقابة السابقة من حيث الاشخاص المخاطبين باحكامها، ذلك انها تشمل حسابات المحاسبين العموميين والموظفون والأعوان الذين يعملون تحت سلطتهم أو لحسابهم وعلى كل مراقب الالتزام بالنفقات والمراقبون الماليون والموظفون والأعوان العاملين تحت إمرتهم أو لحسابهم، كما أنها رقابة تمارس في حق الآمر بالصرف والآمر بالصرف المساعدين وكذا الأعوان الذين يشتغلون تحت سلطتهم أو لحسابهم في نطاق اختصاصاتهم المالية. هكذا تختص المحاكم المالية اللبث والتدقيق والتحقيق في طرق تدبير العمليات المالية العمومية من مداخيل ونفقات الميزانية العامة لتحديد المسؤولية عن اية اختلالات تشوبها ومعاقبة التجاوزات والخروقات الثايتة في حق المعنيين بالامر. فطبقا لمقتضيات المادة 52 من نص القانون رقم 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية، تسري العقوبات المنصوص عليها في الفصل 54 من نفس القانون على كل آمر بالصرف أو آمر مساعد بالصرف أو مسؤول وكذا كل موظف أو عون يعمل تحت إمرتهم أو لحسابهم، إذا ما اقترفوا أثناء ممارسة مهامهم إحدى المخالفات المالية المنصوص عليها في الفصل المذكور. الا انه يثتثنى من الرقابة المذكورة اهم فئة من الامرين بالصرف الذين هم الوزراء والذين يديرون المالية العامة في منبعها وهو ما يؤثر على نجاعة المحاكم المالية في الرقابة اذ لا مبرر موضوعي لاقصائهم من هذا النوع من الرقابة سيما مع محدودية الرقابة السيايسة على تنفيذ قانون المالية من خلال المصادقة على قانون التصفية وصعوبة إثارة المسؤولية الجنائية للوزراء امام المحكمة العليا او غرف محاكم الاستئناف المكلفة بزجر الجرائم المالية ارتباطا بتعقد مسطرة المتابعة الجنائية اصلا. بخلاف الدول الانجوساكسونية التي تقر بمراقبة الوزراء عبر مؤسسة مكتب المحاسب العام الذي يعيين من طرف البرلمان كموظف سام تمتد رقابته الى الوزراء كما هو الحال في بريطانيا والولايات المتحدة. ثانيا : طبيعة المخالفات موضوع مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. ينص الفصل 54 من قانون المحاكم المالية على المخالفات المالية التي ترتب مسؤولية الاشخاص المحددين اعلاه وهي : مخالفة قواعد الالتزام بتصفية النفقات العمومية والأمر بصرفها. عدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية. مخالفة القواعد المرتبطة بإثبات الديون العمومية وتصفيتها والأمر بصرفها. حصول الشخص لنفسه أو لغيره على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية. إخفاء المستندات أو الإدلاء إلى المحاكم المالية بأوراق مزورة أو غير صحيحة. مخالفة قواعد التدبير لممتلكات الأجهزة الخاضعة لرقابة المجلس. إلحاق ضرر بجهاز عمومي، حيث يتحملون داخله مسؤوليات، وذلك نتيجة الإخلال الخطير في المراقبة التي هم مجبرون القيام بها، أو من خلال الإغفال أو التقصير المتكرر في القيام بوظائفهم الإشرافية... الخ . كما نصت المادة 55 من نفس القانون على خضوع كل مراقب للإلتزام بالنفقات وكل مراقب مالي وكذا كل موظف أو عون يعمل تحت سلطتهما أو لحسابهما (مراقب الالتزام بالنفقات أو المراقب المالي) للجزاءات والمساءلة، إذا لم يقوموا بمهامهم والرقابة طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها، على الوثائق والمستندات المتعلقة بالالتزام بالنفقات وعلى الوثائق المرتبطة بالمداخيل وذلك قصد التأكد من : توفر الإعتمادات. توفر المنصب المالي. مطابقة مشروع الصفقة للنصوص المنظمة لإبرام الصفقات العمومية لاسيما الإدلاء بالشهادة الإدارية أو بالتقرير المتعلق بتقديم الصفقة المبرر لاختيار طريقة إبرام الصفقة. مطابقة صفقة الأشغال أو التوريدات أو الخدمات لقواعد طلب المنافسة على من يعنيهم الأمر. مشروعية القرارات المتعلقة باقتناء العقار والاتفاقيات الموقعة مع الغير وبمنح الإعانات المالية. كون مبلغ الالتزام المقترح يشمل مجموع النفقة التي تلتزم الإدارة بها... الخ. الا أن مراقبي الالتزام بالنفقات والمراقبين الماليين لا يخضعون لمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 66 والتي تنص على أنه : " ... إذا ثبت للمجلس أن المخالفات المرتكبة تسببت في خسارة لأحد الأجهزة الخاضعة لرقابته، قضي على المعني بالأمر بإرجاع المبالغ المطابقة لفائدة هذا الجهاز من رأسمال وفوائد، وتحسب الفوائد على اساس السعر القانوني ابتداءا من تاريخ ارتكاب المخالفة... ". إلا انه لا يوجد مبرر لهذا الاستثناء على سيما اذا كان هؤلاء الموظفون متواطئون مع الامر بالصرف و المحاسب بقصد إعفاء الملزم من التزامات مالية عبر تغاضيهم عن المراقبة اللازمة لاستيفاء ديون المنظمة العمومية ؟ . وطبقا للمادة 56 فأنه يخضع للعقوبات المنصوص عليها في الفصل كل محاسب عمومي وكذا كل موظف أو عون يعمل لحسابه وتحت سلطته، إذا لم يمارسوا أثناء ممارسة وظائفهم المراقبات التي هم ملزمون بالقيام بها طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية المطبقة عليهم والمتعلقة ب : صفة الآمر بالصرف. توفر الاعتمادات. صحة تقييد النفقات في أبواب الميزانية المتعلقة بها. تقديم الوثائق المثبتة التي يتعين عليهم طلبها قبل أداء النفقات طبقا للنصوص التنظيمية المعمول بها. كما أنهم من ناحية أخرى، يتعرضون للمساءلة والجزاءات المقررة وذلك في حالة ثبوت اقترافهم للأعمال التالية : إذا لم يقوموا بمراقبة مشروعية تحصيل وتنزيل المداخيل المرصدة في صناديقهم. إذا أخفوا المستندات أو أدلوا إلى المجلس بوثائق مزورة أو غير صحيحة. إذا حصلوا لأنفسهم أو غيرهم على منفعة أو مصلحة غير مبررة نقدية كانت أو عينية. وقد استثنت المادة أعلاه المحاسب العمومي الذي حكم عليه بالعجز طبقا لمقتضيات المواد من 37 إلى 40 من المتابعته لنفس الأسباب في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، وتبعا لذلك فهو يثتثنى من مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 66 على اعتبار انه يتم تطبيق المادة المذكورة عليه في اطار البت في الحسابات. المطلب الثاني : الاجراءات المسطرية التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. بخلاف مسطرة البت في الحسابات فان مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية تتميز بمسطرة خاصة في طريقة تحريك المتابعة وفي سير المسطرة ومن حيث الآثار. أولا : تحريك المتابعة. طبقا للفصل 57 من قانون المحاكم المالية فان تحريك المتابعة مسند للوكيل العام او وكيل الملك بالمجلس الاعلى للحسابات تلقائيا او بطلب من الرئيس الاول او احدى هيئات المجلس، كما يمكن ان يتوصل الوكيل العام بتقارير الرقابة او التفتيش مشفوعة بالوثائق المثبتة تستوجب المتابعة من الهيئات التالية : - الوزير الاول. - رئيس مجلس النواب. - رئيس مجلس المستشارين. - الوزير المكلف بالمالية. - الوزراء فيما يخص الأفعال المنسوبة الى الموظفين والأعوان العاملين تحت سلطتهم، أو العاملين في المؤسسات الخاضعة لوصايتهم. وبالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات فان القضية ترفع بواسطة وكيل الملك الى المجلس من طرف وزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية بعد الادلاء بتقارير الرقابة او التفتيش مشفوعة بالوثائق المثبتة طبقا للفصل 138 من قانون المحاكم المالية. وإذا اقتنع الوكيل العام او كيل الملك حسب الحالة ، بثبوت الأفعال في حق المعنيين بالأمر فانه يقوم بالمتابعة ويتقدم الى رئيس المجلس بملتمس تعيين مستشار مقرر مكلف بالتحقيق ويبلغ المعنيين بالامر بالمتابعة وفقا لقواعد المسطرة المدنية في التبليغ، كما يخبر الوزير المعني ووزير المالية والوزير الوصي على الادارة التي يعمل بها المتابع. الا انه اذا لم يقتنع بثبوت الافعال المنسوب للمعني بالامر فانه يحفظ القضية بقرار معلل ويبلغ ذلك للجهة التي عرضت عليه القضية، ان ان قرار الحفظ هذا ليس قرار نهائيا وان كان لا يقبل الطعن وانما يمكن التراجع عنه كلما ظهرت وسائل جديدة للإثبات المخالفات المنصوص عليهل بالفصول من 54 الى 56 من قانون المحاكم المالية . ثانيا : إجراءات التحقيق و البت في القضية. يقوم المستشار المقرر المكلف بالتحقيق المعين بجميع التحريات لدى جميع الاجهزة العمومية والخاصة والاطلاع على جميع الوثائق والاستماع لجميع الأشخاص الذين يرى بقيام مسؤوليتهم، كما يقوم بالاستماع الى الشهود وفقا لقواعد المسطرة الجنائية بحضور كاتب للضبط الذي يحرر محاضر الاستماع . لكنه اذا لم يمتثل المعني بالامر لطلب تقديم الوثائق والمستندات او يرفضون الاستجابة للاستدعاءات الموجهة اليهم او يرفضون اداء اليمين او اداء الشهادة فانه يرفع الامر للرئيس الاول للبت في الامر طبقا للفصل 66 والذي يحكم عليهم بمقتضى أمر بغرامة من 500,00 الى 2000,00 درهم. الا ان هذا الجزاء يبقى عقيما وغير ذي جدوى اذ لا فعالية له لجمع وثائل الاثبات ذلك ان أي شخص يستدعى من طرف المجلس فانه يفضل عدم الحضور حتى وان تعرض للجزاء المذكور ما دام ان مصاريف تنقله احيانا تكون اكثر بكثير من الغرامة المذكورة، اذ كان بالاولى اعتماد التدابير الزجرية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية والتي تجنح رفض اداء اليمن او الشهادة امام المحكمة طبقا للفصل ... من ق م ج وكذا وسيلة إحضار الشهود بواسطة القوة العمومية اذا كانت شهادة الشاهد حاسمة في الملف والا ما العبرة بوجود جهاز النيابة العامة بالمجلس؟ . وبعد انتهاء التحقيق يقوم المستشار المقرر يوجه الملف للوكيل العام الذي يتقدم بملتمساته في اجل 15 يوما من تاريخ التوصل. وبعد وضع ملتمس النيابة العامة يبلغ المعني بالامر من اجل الاطلاع بكتابة المجلس على الملف ام شخصيا او بواسطة محام كما يمكنه الحصول على نسخ من وثائقه، ويبقى له اجل 30 يوما لأجل الإدلاء بمذكرته الجوابية إما شخصيا أو بواسطة محام ، كما يمكنه التقدم بطلب استدعاء شهود . ويبقى لرئيس المجلس سلطة تقرير إحالة القضية على الغرفة المختصة بقضايا التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية التي يستدعى لها المعني بالامر قبل 15 يوما على الاقل. تشكل سلطة الرئيس الاول في تعيين المستشار المقرر المكلف بالتحقيق و بالتقرير في شأن احالة الملف على الغرفة المختصة سلطة غير مبررة ومن شأنها تقليص وتبخيس سلطة القاضي المقرر المكلف بالتحقيق، بخلاف قواعد المسطرة الجنائية التي تعطى حق احالة الملف للتحقيق للنيابة العامة وحق احالة ملف التحقيق على الجلسة لقاضي التحقيق وفي ذلك نوع من ضمان استقلالية الأجهزة القضائية . ويتم تسيير الجلسة من طرف رئيس الهيئة ويتلو المستشار المقرر تقريره ويدعو المعني بالامر للادلاء بتوضيحاته ودفوعاته شخصيا او بواسطة دفاعه . ويتم الاستماع الى الشهود شفاهيا او السماح لهم بالإدلاء بشهادتهم مكتوبة بعد اذن الرئيس والتي يتلوها كاتب الضبط ، ثم يقدم ممثل النيابة العامة ملتمساته. وتكون الكلمة الأخيرة للمعني بالأمر أو محاميه . وتتم المداولة بحضور المستشار المقرر بصوت تقريري، ويتخذ القرار بأغلبية أعضاء الهيئة ويرجح الجانب الذي ينتمي اليه الرئيس في حالة تعادل الاصوات. ويصر القار في جلسة علنية في اجل شهرين من تاريخ ادراج الملف في المداولة ويبلغ للمعني بالامر والوزير المعني والوزير الكلف بالمالية والى الوكيل العام للملك والى الجهة التي رفعت القضية اليه والى الممثلين القانوننين للاجهزة المعنية. ثالثا : اثار قيام المسؤولية التأديبية. فبثبوت الأفعال المنسوبة للمعني بالأمر بشأن المخالفات المالية المنصوص عليها في المواد من 54 إلى 56 المنصوص عليها في المواد من 54 إلى 56 تصدر المحاكم المالية الغرامة المقررة في إطار الرقابة القضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، والغرامة المالية هي العقوبة الوحيدة التي يملك المجلس صلاحية الزجر بها، وهي غرامة تقرر وفقا لدرجة خطورة المخالفة المالية وطبيعة تكرارها والتي لا يجب أن تقل عن ألف (1000) درهم وألا تتجاوز مجموع مبلغ الغرامة عن كل مخالفة المرتب السنوي الصافي للمعني بالأمر عند تاريخ ارتكاب المخالفة، وبصفة عامة، فإن مبلغ الغرامة يجب ألا يتجاوز أربع مرات مبلغ المرتب للمعني بالأمر، وإذا قرر المجلس أن المخالفات المرتكبة قد ألحقت ضررا بإحدى الأجهزة العمومية الجاري عليها رقابة المجلس، حكم المعني بالأمر بإرجاع المبالغ المطابقة لفائدة هذا الجهاز من أصول وفوائد الرأسمال الذي ضاع نتيجة الفعل المعيب وتحسب الفوائد على أساس السعر القانوني ابتداء من تاريخ ارتكاب المخالفة. وإذا اكتشف المجلس أفعالا من شأنها أن تعرض المعني بالأمر لعقوبة تأديبية أو جنائية يتم تطبيق أحكام م 111 من القانون رقم 62-99 والتي تنص على ما يلي : " لا تحول المتابعات أمام المجلس الأعلى للحسابات دون ممارسة الدعوى الجنائية والدعوى التأديبية إذا اكتشف المجلس أفعالا تستوجب عقوبة تأديبية، أخبر الوكيل العام للملك بهذه الأعمال السلطة التي لها حق التأديب بالنسبة للمعني بالأمر والتي تخبر المجلس خلال أجل ستة (6) أشهر في بيان معلل بالتدابير التي اتخذتها. وإذا كان الأمر يتعلق بأفعال يظهر أنها تستوجب عقوبة جنائية رفع الوكيل العام للملك الأمر تلقاء نفسه أو بإيعاز من الرئيس الأول إلى وزير العدل قصد اتخاذ ما يراه مناسبا وأخبر بذلك السلطة التي ينتمي إليها المعني بالأمر، ويخبر وزير العدل المجلس بالتدابير التي اتخذها". أما إذا كان مرتكب المخالفات المشار إليها في المواد 54 إلى 56 يستفيد من أجرة غير عمومية، فتحسب الغرامة التي يتعرض لها على أساس أجرته السنوية الصافية طبقا للشروط المحددة في المادة 66، أما إذا كان المخالف لا يتقاضى أي أجر، جاز للمجلس أن يحكم عليه بغرامة يصل مبلغها إلى ما يعادل الأجرة السنوية الصافية لموظف بدرجة متصرف بالإدارة المركزية يستفيد من أعلى رتبة في سلم الأجور رقم 11"، وفي حالة ما إذا كانت القضية واحدة تهم عدة أشخاص جاز للمجلس التحقيق والحكم عليهم في نفس الوقت وإصدار بشأنهم حكم واحد طبقا للفصل 62 . اضافة للعقوبات المذكورة فقد نصت المادة 113 على امكانية نشر القرارات التأديبية الصادرة عنه في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بامر من الرئيس الاول، بمجرد ما تكتسي صبغة أحكام نهائية وكذا كل القرارات الأخرى والمقررات المنظمة للأحكام بالغرامات، وهي وسيلة قد تكون اكثر ردعا اذا ما تم تفعيلها وهي مدخل لفضح كل التجاوزات والاختلاسات التي تطال الأموال العمومية، ما دام ان العقوبات السالفة تبقى محدودة الاثر ولربما تكون حافزا على تزايد المخالفات المالية لغياب طابع الردع بها. خاتمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة : يتضح من خلال مسار عمل المحاكم المالية انه كشف عن قصور النصوص المؤطرة له لمحدودية الرقابة التي يمارسها قضاة هاته المحاكم لعدم توفرها على قوة الردع مما تكرس معه نهب المال العام وسوء التدبير وتبدير الاموال العمومية وهو ما انتهى اليه تقرير المجلس الاعلى للحسابات لسنة 2007 في مختلف القطاعات، كما ان توزيع الاختصاصات بين اجهزة المجلس لا يليق بمؤسسة للرقابة العليا للمال العام لهيمنة الرئيس الاول للمجلس على مختلف الاجهزة بما فيها القضاة و النيابة العامة الذي يفترض ان تكون سلطة مستقلة وفعالة. كما ان قلة العنصر البشري يكتسي كذلك عامل ضعف لسلطة المحاكم المالية باعتبار نوفر المغرب على تسع محاكم مالية لمراقبة مالية الاف المؤسسات الخاضعة للرقابة المالية، في ظل غياب لنظام للتحفيزات تستقطب اطرا عليا من باحثين جامعيين مرموقين في الاقتصاد والمالية واطر في مختلف القطاعات المعنية بالقانون والاقتصاد والمالية بخلاف النظام الفرنسي، بل على العكس من ذلك فان العديد من قضاة المحاكم المالية غادروها للالتحاق بقطاعات اخرى. كما ان تدبير عمل المحاكم المالية حتى في صيغته الحالية لم يفرز انفتاحا على المهتمين والباحثين في غياب تحيين مستمر للموقع الالكتروني للمجلس الاعلى للحسابات وعدم صدور تقارير المجلس بشكل منتظم اذ لم يصدر لحد الان تقرير سنة 2008. هكذا فان بناء جهاز للرقابة على المال العام يجب ان يحاط بترسانة من القوانين الرادعة وبتمكين المحاكم المالية من سلطات تمكنها من الوسائل البشرية والمادية لبسط رقابتها على مختلف الاجهزة المكلفة بادارة المال العام وربط جسر من التواصل بينها وباقي الاجهزة المعنية بحماية المال العام بمختلف القطاعات.

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.