المتابعون

Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

المتابعون

اخبار عاجلة

latest

{ads}

ماهية الإدارة العامة وتنظيمها

لقد تعددت وتباينت الاتجاهات بصدد تعريف الإدارة العامة، حيث اهتم كثير من الفقه بالجانب الموضوعي فقط للإدارة العامة والمتصل بالعملية الإدارية...



لقد تعددت وتباينت الاتجاهات بصدد تعريف الإدارة العامة، حيث اهتم كثير من الفقه بالجانب الموضوعي فقط للإدارة العامة والمتصل بالعملية الإدارية، والبعض الآخر يضيف إلى ذلك الجانب العضوي فيها، والذي يتعلق بتنظيم الجهاز الإداري والوظيفة العامة والموظفين العموميين، وهناك من يرى في الإدارة العامة مجموعة من الأنشطة والإجراءات المتتابعة أو المتكاملة والتي تبدأ عادة بتحديد هدف معين ثم رسم الطريق إلى تحقيقه، على حين يتجه آخرون إلى إبراز دور المهارات والقدرات الشخصية على تحليل المشكلات والتوصل إلى حلول مواجهتها، وبينما يركز البعض على العوامل السلوكية والجوانب الإنسانية في الإدارة يؤكد البعض الآخر على ضرورة الاهتمام بالأدوات والوسائل المادية اللازمة لتحقيق أهداف الإدارة[1].



لكن إذا أردنا تحديد مفهوم الإدارة العامة بشكل دقيق فلا بد أن نلحظ أن عناصر هذا المفهوم تتضمن أولاً وجود منظمات إدارية حكومية كما تتضمن ثانياً الأنشطة والعمليات الإدارية التي تتولاها هذه المنظمات، وأخيراً ما ترمي هذه المنظمات إلى تحقيقه من جراء تلك الأنشطة والعمليات كأهداف عامة يراد بلوغها[2].

لذلك فإن بعض الفقه يرى أن تعريف الإدارة العامة يمكن أن يتم من خلال الجمع بين العناصر المشار إليها، وبالتالي فأنه يمكن تعريف الإدارة العامة بأنها " مباشرة الجهاز الإداري للدولة مجموعة من العمليات الإدارية التي تستهدف تحقيق الأهداف المنوطة به"[3].

ثانياً- الإدارة العامة علم وفن :

اتجه بعض الفقهاء إلى أن الإدارة تعتمد فقط على المرجعية والخبرة الشخصية للمدير دون حاجة إلى دراستها، إذ يولد هذا الفن لدى بعض الأشخاص دون غيرهم، وبالتالي فإن المهارات الإدارية لا يتم اكتسابها، وبناء على ذلك فإن رجال الإدارة هم فئة متميزة في صفاتها وقدراتها وذلك مستمدة من عوامل وراثية وتجارب عملية[4].

وبعيداً عن هذا الاتجاه فإن جانباً آخر من الفقه يرى أن الإدارة العامة تقوم على أسس عملية وفق منهج علمي بعيداً عن المصادفات أو النوايا الفردية أو المواهب الشخصية والاستعدادات الذاتية، ومن ثم فإنه يجب توفر الصفة العلمية عند القائمين على شؤون الإدارة العامة حتى يتسنى لهم مواجهة المشاكل بأسلوب علمي يؤدي إلى التوصل إلى حلول علمية لها[5].

إن الاتجاهين السابقين يبدوان لأول وهلة متباعدان وعلى طرفي نقيض، ولكن في الحقيقة إن الاتجاه الصحيح هو ما طرحه بعض الفقه من جمع بين الاتجاهين السابقين من أن الإدارة العامة إنما هي فن وعلم في آن معاً، فالعلم يحدد لرجل الإدارة ما يجب أن يكتسبه ويستوعبه، وما يجب أن يلتزم به من قواعد، والفن يمكنه من تطبيق تلك القواعد بأكبر قدر من الفاعلية، ومن ثم فإن دراسة الإدارة والتعرف على أصولها وقواعدها لا يجعل من رجل الإدارة قائداً ناجحاً صالحاً لممارسة الإدارة إلا إذا امتزج ما لديه من علم ودراسة بخبرات ومهارات تمكنه من سلامة التطبيق والوصول إلى أفضل النتائج[6].

ثالثاً ـ مداخل دراسة علم الإدارة العامة:

اتبع الباحثون في دراستهم للإدارة العامة مدارس مختلفة وأساليب متعددة وكان لكل منهم حججه في تحليل أفكار المدرسة التي اختارها وأشهر هذه المدارس سبع تمثل سبعة اتجاهات:

1ـ المدخل القانوني: وهذا أقدم الاتجاهات في دراسة الإدارة العامة، وقد اعتمد هذا الاتجاه على دراسة القواعد والمبادئ القانونية التي تطبق على نشاط الأجهزة الإدارية الحكومية، مع ملاحظة بعض الاعتبارات الفنية التي دفعت إلى إقرار هذه المبادئ والقواعد، لذلك كانت دراسة أصحاب هذا الاتجاه للإدارة العامة ذات صبغة قانونية وذات صلة وثيقة بالقانون الدستوري الإداري بشكل خاص[7].

2ـ المدخل الهيكلي: ويعني هذا المدخل بالتركيز على دراسة الأسس والمبادئ التي تحكم كيفية بناء التنظيم الرسمي للجهاز الإداري، وخصوصاً فيما يتعلق بعدد مستوياته والوظائف اللازمة لكل مستوى فيه، والعلاقة التي تربط هذه المستويات بعضها بالبعض الآخر فيهتم المدخل بدراسة كيفية بناء الهيكل التنظيمي للحكومات[8].

3ـ المدخل الوظيفي: وفقاً لهذا المدخل تكون الإدارة العامة شأنها شأن الإدارة الخاصة، حيث تكون من عدد من الوظائف لا تختلف باختلاف المنظمات ولا باختلاف المستويات التي تمارس فيها، ولا باختلاف الظروف المحيطة التي تطبق فيها[9].

4ـ المدخل الاجتماعي النفسي أو المدخل السلوكي: ويركز هذا المدخل على السلوك الإنساني للعنصر البشري داخل التنظيم العام، والاهتمام بالتفاعلات الإنسانية وأثر معاني عملية صنع القرارات، وهذا الاهتمام بدراسة الأبعاد والنفسية والاجتماعية تؤثر وتتأثر بالجو الاجتماعي الذي يعيشه أفراد هذا التنظيم[10].

5ـ المدخل المقارن: ويرى أنصار هذا المدخل على إبراز العلاقة بين الإدارة والبيئة التي تعيش فيها، إذ يقوم هذا المدخل على أساس أن الأنماط الإدارية الوظيفية في كل دولة تتأثر بالعوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تسود فيها، وبالتالي فإن اختلاف هذه الظروف بدولة من الدول يحتم اختلاف النظام الإداري المطبق فيها[11].

6- المدخل المقارن: ويرى أنصار هذا المدخل انه على الرغم من اختلاف الظروف البيئية التي تعمل الإدارة العامة في محيطها من دولة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر، فإن ذلك لا يمنع من وجود قواعد ثابتة وأصول محددة قابلة للتطبيق، وهو ما يمكن اكتشافه من خلال الدراسة المقارنة للنظم الإدارية المختلفة في سبيل التوصل إلى الأصول الموحدة والقواعد الثابتة للإدارة العامة[12].

7- مدخل الجمع بين المداخل السابقة: ويرى أنصار هذا الاتجاه بأن الدراسة الصحيحة للإدارة العامة هي تلك التي تشمل مختلف المداخل القانونية والهيكلية والوظيفية والاجتماعية و النفسية و البيئية، وذلك على أساس التفاعل بين هذه العوامل جميعها للوقوف على مستوى أفضل للأداء الإداري[13].

المبحث الثاني

علاقة علم الإدارة العامة ببعض العلوم الأخرى

يرتبط علم الإدارة العامة ارتباطاً وثيقاً بالعلوم الإنسانية والاجتماعية المختلفة وفي طليعتها العلوم السياسية والعلوم الاقتصادية والعلوم القانونية (وخصوصاً القانون الإداري ) كما يرتبط بعلم التاريخ وعلم النفس الاجتماعي وعلم إدارة الأعمال وعلم التكنولوجيا ....الخ.

وسنبين علاقة علم الإدارة العامة ببعض من العلوم الأخرى وذلك كما يلي:

أولاً ـ العلاقة بين علم الإدارة العامة وعلم القانون:

القانون هو مجموعة من القواعد وضعت لتنظيم السلوك في المجتمع الإنساني ويكون أفراد المجتمع ملزمين بها لأنها تحتوي على جزاءات توقع عليهم في حال مخالفتها، ويقسم القانون عادة إلى فرعين أساسيين: القانون الخاص والقانون العام والقانون الخاص هو جملة القواعد القانونية التي تهتم بدراسة العلاقات القانونية بين الأفراد أساساً، أما القانون العام فهو يحكم العلاقات القانونية للدولة وأجهزتها الأخرى داخلياً وخارجياً[14].

وعلم الإدارة العامة أقرب إلى فروع القانون العام منه إلى القانون الخاص باعتبار أن القانون العام يهتم بدراسة شؤون الدولة من النواحي السياسية والإدارية والمالية والدولية وسوف تركز على علاقة علم الإدارة العامة بأقرب فرعين من فروع القانون العام إليها و من القانون الإداري والقانون المالي.

1- علم الإدارة العامة والقانون الإداري: القانون الإداري هو مجموعة القواعد القانونية التي تحكم النشاط الذي تقوم به المنظمات العامة في سبيل تحقيق المصلحة العامة والنفع العام مستخدمه في سبيل ذلك أساليب السلطة العامة[15].

بناءً على ما تقدم يلاحظ إن الإدارة العامة بمدلولها الوظيفي والعضوي هي المحور الأساسي في دراسة كل من علم الإدارة العامة والقانون الإداري، ذلك أن علم الإدارة العامة يتضمن مجموعة المبادئ والأساليب العلمية التي تطبق على الإدارة بمدلولها العضوي والموضوعي، ( أي من حيث كونها منظمة ومن حيث النشاط الذي تمارسه)، وكذلك يتضمن القانون الإداري مجموعة القواعد القانونية التي تطبق نفس الإدارة سواء قصد بذلك مدلولها العضوي أو الموضوعي، ولكن على الرغم من ذلك فإن الاختلاف واضح بين علمي الإدارة العامة والقانون الإداري، لأن علم الإدارة العامة يعني بالنواحي الفنية والتنظيمية للإدارة، أما القانون الإداري فيعنى من النواحي القانونية لها وبعبارة أخرى إن علم الإدارة العامة هو الذي يتولى تحديد المبادئ والأسس اللازمة لممارسة النشاط الإداري بكفاية وإنتاجية أما القانون الإداري فيعالج البناء القانوني للأنظمة الإدارية[16].

2ـ الإدارة العامة والقانون المالي: القانون المالي هو مجموعة قواعد قانونية تنظم العلاقة المالية للدولة مع الآخرين على أساس من السلطة والسيادة ويسمح هذا النظام القانوني للدولة التأثير في الحالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وكذلك تسيير المصالح الإدارية[17].

وإذا أردنا المقارنة بين علم الإدارة العامة والقانون المالي فإننا نلاحظ مدى الارتباط الوثيق بينهما وذلك لأن نجاح الإدارة العامة في أداء رسالتها، والنهوض بالأعباء الملقاة على عاتقها، يتوقف إلى حد كبير على حجم مواردها المالية وعلى المرونة المتاحة في استخدام هذه الموارد، إضافة إلى أن الإدارة العامة يقع على عاتقها مهمة تأمين الموارد المالية الكافية وفقاً لأساليب علمية وعادلة، وهي التي تنفق هذه الموارد من أجل تحقيق الأهداف المحددة في الخطط الموضوعة[18].

ثانياً- علم الإدارة العامة وعلم السياسة:

إن الإدارة العامة كمذهب نظري ظهرت عن طريق العلوم السياسية إذ أن الرواد الأوائل الذين تناولوا الإدارة العامة كانوا جميعاً من أساتذة العلوم السياسية حتى يلاحظ أنه حتى الحرب العالمية الأولى كان دارسو علم الإدارة العامة يهتمون ببرامج كل من الإصلاح السياسي والإصلاح الإداري، باعتبارها مكملين لبعضهما بعضاً غير أنهم بدوا بعد الحرب العالمية الأولى أكثر تخصصاً في مجال الإصلاح الإداري ذاته، تاركين برامج الإصلاح السياسي لدارسي العلوم السياسية[19].

وعلى كل حال فإن هناك اتصالاً واضحاً بين علمي الإدارة العامة من جهة، والسياسة من جهة أخرى، حيث إن السياسة تحدد الأهداف التي يجب على الإدارة العامة أن تصل إليها وتوضح الغايات التي يتعين عليها تحقيقها، وبعد ذلك يقع على كاهل الإدارة العامة عبء الوصول إلى هذه الأهداف، ومسؤولية تحقيق تلك الغايات، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك اختلافاً بين هذين العلمين، ففي حين يعنى علم السياسية بدراسة المذاهب والنظم السياسية وسلطات الدولة المختلفة والتنظيمات السياسية الداخلية، نجد أن علم الإدارة العامة يهتم بدراسة النشاط الإداري بمراحله المختلفة[20].

ثالثاً- علم الإدارة وعلم الاقتصاد: يعرف علم الاقتصاد بأنه دراسة للنشاط الإنساني في المجتمع من وجهة نظر الحصول على الأموال والخدمات بغية إشباع الحاجات المختلفة، كما أنه يبحث في حسن استغلال الموارد الطبيعية والبشرية المحدودة بأعلى درجة من الكفاية لإشباع الحاجات الإنسانية المتزايدة.

وعلاقة الإدارة بعلم الاقتصاد يظهر في استخدام النظريات الاقتصادية وتطبيقها وذلك لمساعدة الإداري في اتخاذ القرارات المختلفة إذ أن لكل مشكلة من المشاكل جواب اقتصادية تتطلب اتخاذ قرار إداري بها.

والعلاقة بين الإدارة والاقتصاد وتظهر في ضرورة أن يكون رجل الإدارة ذا عقلية اقتصادية حتى يمكنه عند قيامه بتوجيه جهود من يعلمون معه أن يأخذ في اعتباره الدوافع الاقتصادية التي تحرك جهودهم، كذلك المشكلات الاقتصادية المطلوب منه حلها، والمتعلقة أساساً بالإنتاج، وكذلك ما يتعلق بضرورة توفير الأموال اللازمة الاستثمارات أو للتشغيل.

وتتجسد العلاقة بين علمي الإدارة العامة والاقتصاد بشكل أكثر وضوحاً إذا علمنا أن علم الإدارة العامة إنما يبغي تحقيق أهداف الدولة، ومنها الأهداف الاقتصادية بكفاءة وبأقل تكلفة ممكنة، من حيث الجهد والوقت والمال، وهو ما لا يخرج عن الهدف الخاص لعلم الاقتصاد بصفة عامة[21].

رابعاً ـ علم الإدارة العامة وعلم إدارة الأعمال:

إن إدارة الأعمال تعني إدارة أوجه النشاط الاقتصادي الخاص الهادف إلى تحقيق الربح، وبذلك يمكن القول عنها بأنها إدارة المشروعات الخاصة، أما الإدارة العامة فهي إدارة الدولة، لذلك يذهب البعض إلى القول أن الإدارة العامة تعود جذورها الأولى إلى نشاط الدولة ذاتها، في حين أن علم إدارة الأعمال لم يظهر إلا مع بداية النهضة الصناعية وظهور المشروعات الاقتصادية[22]. وذلك مع تسليم غالبية علماء الإدارة بأن الإدارة العامة استفادت إلى أقصى الحدود من المباديء و المفاهيم المستقر عليها في علم إدارة الأعمال.

وفي الحقيقة أن الإدارة العامة تختلف عن إدارة الأعمال في النقاط التالية:

1ـ من الناحية العضوية: إذ أن الإدارة العامة تتشكل من الجهاز الإداري للدولة وما يضمه من مصالح وإدارات ومرافق عامة، أما الإدارة الخاصة فتضم من الناحية العضوية المشروعات، والفرق واضح بين الحالتين، فالأجهزة الأولى هي من صنع الدول أما الثانية فهي من صنع الأفراد[23].

ودون شك فإن هذا الاختلاف واضحٌ، مع ضرورة ملاحظة أن هناك كثيراً من المشاريع الخاصة تؤول ملكيتها إلى الدولة عن طريق التأميم مع أنها من صنع الأفراد أساساً، وأن هناك كثيراً من المرافق العامة والمشاريع العامة تؤول ملكيتها إلى الأفراد عن طريق الخصخصة مع أنها من صنع الدولة بادئ الأمر[24].

2ـ من حيث الهدف: حيث يختلف هدف الإدارة العامة عن أهداف إدارة الأعمال الخاصة، فالإدارة العامة لا تستهدف سوى تحقيق النفع العام بتوفير الخدمات الضرورية للمجتمع، وتنفيذ السياسة العامة للدولة، دون أن تسعى إلى تحقيق الربح، إنما مراعاة الجوانب القانونية والسياسية عند أداء العمل الإداري، أما إدارة الأعمال الخاصة فإنها تهدف إلى تحقيق الصالح الخاص متمثلاً بالربح المادي والعمل على تحقيقه وتعظيمه، ومن ثم يتسم نشاط الإدارة العامة بطابع أخلاقي لا يتعارض مع القيم السائدة في المجتمع أو يسبب ضرراً له، في حين لا يحكم إدارة الأعمال الخاصة سوى قاعدة تحقيق الربح بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى[25].

3ـ المنافسة: حيث أن نشاط الإدارة العامة يتمم بعضه بعضاً، فالتنسيق القائم بين مختلف الإدارات العامة تهدف إلى منع التداخل في الصلاحيات والأنشطة، بحيث يصعب وجود منافسة بينها، في حين تهيمن المنافسة الحرة على الإدارة الخاصة، والتي تقوم أساساً على الإقدام واقتناص الفرص وتجنب المخاطر وكل ذلك في سبيل تأمين الربح المادي وتجنب الخسارة[26].

4ـ الموضوعية: إذ أن الصفة الأساسية لعمل الإدارة العامة إنما تتمثل في ابتعادها عن الطبيعة المطلقة وذلك لأن نشاطها أساساً يقوم على اعتبارات سياسية محددة وهو ما تبتعد عنه الإدارة الخاصة التي تسيرها فكرة الربح فتكون قراراتها وتصرفاتها موضوعية بشكل مطلق، إذ أنها تنتهج أفضل السبل والوسائل لتحقيق المزيد من الربح.

ولكن على الرغم من هذه الاختلافات فإن الفقه يجمع على أنّ علمي الإدارة العامة وإدارة الأعمال ينتميان لعلم واحد مدلوله المشترك، وتتحدد فيه وظائف وأهداف وعناصر العمل الإداري، ألا وهو علم الإدارة والتنظيم الإداري[27].

الفصل الثاني

نشاط الإدارة العامة

(العملية الإدارية)

إن دراسة العملية الإدارية. إنما تهدف إلى بيان الوظائف الأساسية للإدارة العامة الحديثة كي تستطيع النهوض بالأعباء الملقاة على عاتقها على أكمل وجه وتتجسد الوظائف الأساسية للعملية الإدارية في خمس وظائف أساسية هي التخطيط والتنظيم الإداري والقيادة الإدارية وصنع القرار والتنسيق والاتصال، والرقابة وسوف ندرسها تباعاً.

المبحث الأول

التخطيط

وسوف نطرح على امتداد هذا البحث ماهية التخطيط ثم ننتقل لندرس خصائصه ومراحله وأنواعه، وذلك وفقاً لما يلي:

أولاًـ ماهية التخطيط: إن جوهر التخطيط يقوم على التنبؤ بالمستقبل من خلال معطيات الحاضر، لذلك فقد عرف البعض التخطيط بأنه عملية ذهنية منظمة لاختيار أفضل الوسائل الممكنة لتحقيق أهداف محدودة.

وعرفه البعض الآخر بأنه التدبير الذي يرمي إلى مواجهة المستقبل بخطط منظمة سلفاً لتحقيق أهداف محددة.

وكذلك رأى بعض الفقه بأن التخطيط هو وظيفة تعني تبصر مستقبل المنظمة ليس للتنبؤ به فحسب، إنما للسيطرة عليه وبالأحرى لصناعته وصياغته بما يحقق صالح المنظمة والأهداف التي تتغياها[28]

استناداً إلى ما تقدم فإننا نستطيع تحديد مضمون التخطيط فيما يلي:

آ ـ التنبؤ بالمستقبل: حيث يشكل ذلك جوهر عملية التخطيط، وإن الخطة تعتمد على التقديرات والاقتراحات التي يتوقع واضعو الخطة تحقيقها في المستقبل ... حتى يقال إن دقة التنبؤ هي سر نجاح التخطيط.

ب ـ الاستعداد للمستقبل: أي حشد كافة الوسائل والطاقات البشرية والمادية الكفيلة بتنفيذ وتحقيق هذه الأهداف المطلوب تحقيقها عن طريق الخطة، ودون أدنى شك فإن دون هذا الاستعداد تبقى عناصر الخطة عبارة عن مقولات صماء غير قابلة للتحقق[29].

ج ـ معرفة الحاضر: إذ أن الخطوة الأولى في التخطيط هي معرفة الحاضر أو واقع الحال، والرقم خير مترجم لصورة الحاضر ومعبِّر عنها والإحصاء هو القاعدة لانطلاق أي خطة تطويرية في جميع القطاعات، ومن دون الدراسات الإحصائية الواقعية التي تثبت واقع الحال، فإنه غالباً ما تكون الرؤى المستقبلية في وادٍ والواقع في وادٍ آخر[30].

ويتولى التخطيط مبدئياً القادة الإداريون في الدولة إلا أن تعقد العمليات التخطيطية قد أدى إلى وجود أجهزة متخصصة مختلفة في هذا المجال:

أ ـ إدارة عامة مركزية للتخطيط: وقد تكون هذه الإدارة وزارة أو مديرية عامة أو هيئة عامة وهذه الإدارة دون شك، في حال إنشائها يكون عملها التخطيطي شاملاً لكل مرافق الدولة، أما التنفيذ فيقع مبدئياً على عاتق الوزارات والأجهزة المختلفة في الدولة وفقاً لاختصاص كل منها.

ب ـ وحدات لا مركزية للتخطيط حيث توجد في بعض الدول وحدات للتخطيط في كل وزارة أو مؤسسة، وتتولى هذه الوحدات مهمة التخطيط ووضع البرامج والسياسات للوزارة أو المؤسسة التابعة لها[31].

ثانياً ـ خصائص التخطيط:

يتميز التخطيط بالخصائص الفنية الإدارية التالية:

1ـ هو وسيلة لتحقيق الأهداف التي تعمل لأجل تحقيقها الإدارة العامة في الدولة.

2ـ أولوية التخطيط: كما أوضحنا سابقاً فإن العملية الإدارية تتضمن العديد من العناصر الهامة المتداخلة والمتشابكة، وهي جميعها ترتبط ببعضها بعضاً، عير أن مهمة التخطيط لها أولوية بالدرجة الأولى، طالما كان التخطيط يقوم بدور أساسي فيما يتعلق بأفضل الأساليب التي يجب إتباعها لتحقيق الأهداف، وذلك حتى يكون الجهد الجماعي المنظم ضمن الإدارة العامة منتجاً ومثمراً وفعالاً.

3ـ التخطيط وظيفة إدارية ذات طابع شامل: إذ أن التخطيط يجب أن لا يكون حكراً على القادة الإداريين ولا على الجهات المختصة بالتخطيط (كوزارة التخطيط أو هيئة التخطيط مثلاً) بل هو عملية ضرورية لكل المستويات في الهرم الإداري من الرئيس الإداري الأعلى في الإدارة أو المؤسسة حتى أدنى رئيس فيها، فهو عملية تتم بالتعاون بين جميع المستويات الإدارية، وتعتمد في واقعيتها ومدى نجاحها على قدر مشاركة هذه المستويات، ومدى تفاعلها في مرحلتي الإعداد والتنفيذ[32].

ثالثاً ـ أنواع التخطيط: هناك أنواع مختلفة للتخطيط وفقاً للزاوية التي ينظر إليها:

1ـ التخطيط الهيكلي والتخطيط الوظيفي: ويقصد بالتخطيط الهيكلي اتخاذ مجموعة من القرارات والسياسات والإجراءات التي تهدف إلى تغيير الفلسفة الاقتصادية والاجتماعية والهيكل الاقتصادي للمجتمع قبل البدء في إعداد تنفيذ الخطة الاقتصادية، ويحتاج التخطيط الهيكلي من الناحية العملية إلى إصدار سلسلة من القوانين والتشريعات.

أما التخطيط الوظيفي فيقصد به إعداد وتنفيذ الخطة الاقتصادية ضمن الهيكل الاقتصادي والاجتماعي القائم دون إحداث تغييرات ضرورية فيه، وبطبيعة الحال نجد أن التخطيط الهيكلي يتبع بصفة عامة في الدول النامية أما التخطيط الوظيفي فيتبع في الدول المتقدمة اقتصادياً.

2ـ التخطيط الشامل والتخطيط الجزئي: ويقصد بالتخطيط الشامل أن تشمل الخطة الاقتصادية خصوصاً جميع فروع النشاط الاقتصادي من إنتاج وخدمات أما التخطيط الجزئي فيقصد به إعداد وتنفيذ خطة اقتصادية لفرع معين من فروع النشاط الاقتصادي كتخطيط الإنتاج الزراعي أو تخطيط الخدمات أو الصحة ... إلخ.

3ـ التخطيط القومي والتخطيط الإقليمي: ويقصد بالتخطيط القومي أن تشمل الخطة جميع المناطق بالدولة أما التخطيط الإقليمي فيقصد به إعداد خطة تنفذ ضمن إطار إقليمي معين .. والأصل في التخطيط لا سيما الاقتصادي منه أن يكون وطنياً أي شاملاً لجميع مناطق الدولة حتى تضمن تحقيق التوازن الجغرافي للنمو الاقتصادي.

4ـ التخطيط الأصلي والتخطيط المساعد: وبقصد بالتخطيط الأصلي ما يتعلق بالقطاعات الاقتصادية المختلفة من إنتاج وخدمات، أما التخطيط المساعد فيتعلق بالمتغيرات الاقتصادية كالأسعار والأجور والادخار... والتخطيط الاقتصادي السليم يجب أن يشتمل على كلا النوعين.

5ـ التخطيط طويل المدى ومتوسط المدى وقصير المدى: والتخطيط طويل المدى يوضح الأهداف العامة التي يرغب المجتمع في تحقيقها على الأجل الطويل (20ـ30سنة مثلاً)، وبعد إعداد الخطة طويلة المدى توضع الخطة متوسطة المدى (3ـ7سنوات)، حيث يتم تحديد الأهداف التي يراد تحقيقها خلال فترة الخطة على ضوء الأهداف التي سبق تحديدها في معايير الخطة طويلة المدى، وكذلك فإن الخطة متوسطة المدى تشتمل على تفصيل الإجراءات والوسائل والسياسات التي يجب إتباعها لتحقيق هذه الأهداف.

أما الخطة قصيرة المدى فهي خطة سنوية وتتضمن الخطة السنوية التي تتضمن تفصيلاً الإجراءات والوسائل والسياسات ..

6ـ التخطيط الرئيسي والتخطيط التكميلي: ومعنى ذلك أن توضع الخطة في جزأين: جزء رئيسي وله الأولوية، وتقوم الدولة بتنفيذه، وهو الذي تكون الموارد المالية اللازمة له متوفرة مقدماً.

أما الجزء التكميلي فإنه ينفذ فقط في حالة توافر الموارد المالية اللازمة له، أما في حالة عدم توافر الموارد المالية، فلا ينفذ الجزء التكميلي دون أن يؤثر ذلك بشكلٍ كبير على الهيكل الأساسي للجزء الرئيسي من الخطة..

7ـ التخطيط المركزي والتخطيط التأشيري: وطبقاً للتخطيط المركزي تقوم الدولة بوضع خطة اقتصادية للاقتصاد القومي في مجموعة أو لمختلف قطاعاته بل للوحدات الاقتصادية التي يتألف منها، وتلتزم عندئذٍ جميع الوحدات بتنفيذ ما يصدره جهاز التخطيط المختص من تعليمات، و كان هذا الأسلوب يسود في دول المعسكر الاشتراكي سابقاً، لأنه كان يأتلف مع البنية الاقتصادية السائدة في هذه الدول.

أما التخطيط التأشيري فيوجد عادة في البلاد التي يحتل فيها القطاع الخاص مركزاً كبيراً في عملية الإنتاج، وطبقاً لهذا الأسلوب تقوم الدولة بإعداد خطة اقتصادية تترك للوحدات الإنتاجية على اختلاف أنواعها حرية تنفيذها إلا أن الدول تتجه إلى استخدام أسلوب الحوافز لإغراء الوحدات الإنتاجية بالتقيد بالأهداف العامة للخطة، ومن الأمثلة على ذلك أسلوب التخطيط في فرنسا[33].

والجدير ذكره أن بعضاً من الفقهاء يذهب إلى إتباع تقسيم مختلف للتخطيط، حيث يرى أن أنواع التخطيط تنقسم إلى ما يلي:

ـ التخطيط الاستدلالي: حيث تشير الدولة إلى ما يجب تحقيقه من الأهداف المعنية دون أي تدخل منها، وإذا حاولت التدخل فإنها تمارسه عن طريق التوجيه والإرشاد.

ـ التخطيط التشجيعي: حيث تلجأ الدولة إلى اعتماد حوافز مادية ومعنوية تقدمها إلى الأفراد أو الجماعات لتؤثر في سير الأهداف الموضوعة...

ـ التخطيط الإلزامي: حيث تلزم الدولة الأفراد والهيئات بتنفيذ المخطط الموضوع من قبلها[34].

رابعاً ـ مراحل وضع الخطة:

تستلزم عملية التخطيط Planing process بيان ما يجب عمله وكيفية عمله والمدة الزمنية لذلك. وعلى هذا الأساس فإن لكل عملية تخطيطية خمسة مقومات أساسية وهي تحديد الأهداف والوسائل والمدة الزمنية وإذاعة الخطة ومتابعة الخطة وتقويمها ... وهو ما سندرسه بشيء من التفصيل:

1ـ تحديد الأهداف: يجب أن تكون الأهداف المراد تحقيقها محددة بدقة وأن تكون متكاملة لا تناقض بينها، لأن الغرض النهائي من التخطيط هو تنفيذ الأهداف...

2ـ تحديد الوسائل: بعد تحديد الأهداف يجب تحديد الوسائل التي تمكن من تحقيقها، وهذا يستلزم:

آ ـ جمع وتحليل المعلومات اللازمة كأن تقوم ـ مثلاً ـ الجهة المختصة بدراسة القوانين والأنظمة المتعلقة بالهدف المنوي تحقيقه.

ب ـ تحديد الموارد اللازمة لتنفيذ الخطة، كتحديد قيمة الأموال اللازمة والمتوافرة وكيفية تأمين هذه الأموال وأوجه استخدامها وإنفاقها..

ج ـ تحديد الجهاز البشري اللازم لتنفيذ الخطة..

د ـ تحديد أولويات التنفيذ بالنسبة لكل مشروع واردٍ في الخطة.

هـ ـ وضع عدد من الخطط البديلة وذلك ليستطاع انتقاء الخطة الأفضل وتنفيذها، وليستطاع العدول عن خطة قيد التنفيذ إلى خطة بديلة، إذا تطلبت الظروف ذلك.

3ـ تحديد المدة الزمنية: يستلزم التخطيط تحديد موعد بدء التنفيذ وموعد الانتهاء منه وبالتالي إعداد جدول زمني للتنفيذ، فالوقت عنصر في أية خطة، وغالباً ما يكون اختيار خطة معينة راجعة في الأصل لرغبة الانتهاء من العمل خلال فترة معينة.

4ـ إذاعة الخطة: وهذا يعني إحاطة كل من يجب أن يشارك في تنفيذ الخطة علماً بها وبأهدافها بشكل كلي، إلا أن الواقع العملي يكشف أن الوحدة الإدارية الفرعية غالياً ما تكون مدركة بالجزء الخاص بها بالخطة، دون أن تكون مدركة لموقع هذا الجزء في الخطة العامة.

5ـ متابعة الخطة وتقويمها: وتعتبر هذه المرحلة من أهم وأدق مراحل التخطيط، وفيها يفترض أن المعلومات والبيانات والإحصاءات قد توافرت وأصبح من اليسير مقارنة النتائج التي تم إنجازها بالأهداف المقررة على مستوى برنامج العمل الشامل، مما يعطي دلالة صادقة على مدى النجاح أو الفشل في إعداد الخطة وقدر الدقة في تنفيذها، ومن ثم الاستفادة بالخبرات المكتسبة من دروس هذه الخطة في ترشيد وزيادة فعالية إعداد وتنفيذ الخطط اللاحقة[35].

خامساً ـ عوامل نجاح وفشل التخطيط:

تتحكم عدة عوامل في نجاح التخطيط وهي في مجملها تتمثل فيما يلي:

1ـ أن يكون للخطة هدف واضح، محدود ومعقول، ويجب أن تتركز جميع الأنشطة وتتكاتف كل الجهود لتحقيقه.

2ـ يجب أن تكون الخطة بسيطة وسهلة أي أن تكون جميع جزئياتها وخططها الفرعية ومراحلها متسلسلة تسلسلاً منطقياً يؤدي إلى توحيد الفهم لجميع القائمين على مختلف مراحل تنفيذها.

3ـ أن تكون الخطة نتاج مشاركة العاملين في الإدارة وتعتبر مشاركة العاملين في إدارة بوضع وإعداد الخطط أمر مرغوبٌ فيه من اجل رفع الحس بالمسؤولية عند تنفيذ هذه الخطة.

4ـ أن تكون الخطة مرنة وخاضعة لمراجعات دورية في ضوء الخبرة والتقدم.

5ـ أن يقوم بتنفيذ الخطة جهاز إداري على درجة من الكفاءة والاقتدار وعلى مستوىً عالٍ من العلم والمهارة والدقة.

6ـ أن يكون التخطيط مركزياً والتنفيذ لا مركزياً والواقع أن مبدأ مركزية التخطيط لا يتعارض أبداً مع مبدأ وجوب المشاركة إلى إعداد ووضع الخطة، وذلك أنه يعين على الوحدة الإدارية الدنيا أن يتقدم بمشاريع لخططها الفرعية، ثم ترفع هذه الاقتراحات والمشاريع بعد أن تتم مناقشتها وتعديلها في الوحدة الإدارية الأعلى.

7ـ أن تخضع مراحل تنفيذ الخطة للرقابة المستمرة بهدف تنفيذها الفعال.

8 ـ أن يتم نشر الوعي التخطيطي لدى كل المواطنين، فضلاً عن نشره لدى العمال في أجهزة الإدارة العامة[36].

وهناك عدة عوامل من شأنها أن تسبب فشل التخطيط، وهي تتجسد فيما يلي:

1ـ عدم شمولية التخطيط: كأن يجري مثلاً التخطيط لنشاط معين دون التخطيط لنشاط آخر مرتبط به ارتباطاً وثيقاً.

2ـ نقص أو عدم دقة المعلومات: فالتخطيط السليم يرتكز على معلومات دقيقة للأوضاع القائمة وكل خلل في هذه المعلومات يؤدي بالنتيجة إلى فشل الخطة.

3ـ عدم كفاءة الأجهزة التنفيذية: لعدم التمتع بالكفاءات اللازمة لتنفيذ الخطة، ويرجع ذلك أساساً إلى الافتقار إلى التدريب التقني والعلمي اللازم لتنفيذ الخطة من قبل العاملين المعنيين.

4ـ عدم التفاعل مع الخطة: حيث أن خطة العمل الجديدة تعني اقتلاع نمط العمل الذي كان قائماً واستبداله بنمط عمل جديد، وهو ما يؤدي إلى التصادم بين القديم والجديد، لعدم الاقتناع بالأساليب الجديدة، ولأن المصالح الخاصة تتطلب ذلك[37].

المبحث الثاني

التنظيم الإداري

ويتم طرح التنظيم الإداري من خلال تحديد عناصره (المطلب الأول) وكذلك من خلال البحث في مبادئ التنظيم الأساسية (المطلب الثاني) من خلال التطرق إلى تنظيم الإدارة العامة في الجمهورية العربية السورية (المطلب الثالث):

المطلب الأول

عناصر التنظيم الإداري

لا يمكن الحديث عن تنظيم إداري بالمعنى الفني للمصطلح إلا بتوافر مجموعة من العناصر الأساسية والتي لا يمكن أن يقوم التنظيم الإداري إلا معها، وبالتالي فإن هذه العناصر تشكل مقومات جوهرية للتنظيم الإداري، وهي تتمثل في تحديد الوظائف العامة وتكوين الوحدات الإدارية، وتدرج السلطة الإدارية وتوزيعها .. وسوف نقوم بالتطرق لكل هذه العناصر فيما يلي:

أولاً ـ إدارة الموارد البشرية: لقد ظهر تعبير إدارة الأفراد Personal management أو إدارة شؤون الأفراد باديء الأمر في المشاريع الخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم ظهر هذا التعبير في نطاق المؤسسات الحكومية بدءاً من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وذلك عندما عم مبدأ الجدارة والاستحقاق بفضل انتشار الأفكاار الديمقراطية في أنظمة الحكم، وبعد ذلك استعمل تعبير إدارة القوى العاملة في النصف الثاني من القرن العشرين عندما تركز الاهتمام ليس فقط بالعاملين في القطاعين الحكومي والخاص بل بالذين لا يعملون إما لعجزهم وإما لعدم وجود عمل لديهم، وانصب اهتمام إدارة القوى العاملة على تخطيط قوى العمل وتنظيمها وتطويرها وتدريبها.

وبعد ذلك شهد العالم تطورات واضحة على صعيد إدارة شؤون الموظفين مما بدل كثيراً من المبادئ التقليدية التي سادت لسنوات طويلة، وليفسح المجال لظهور مفهوم جديد، في هذا المجال هو "إدارة الموارد البشرية" وهذا المفهوم يهدف في النهاية إلى إعادة ترسيخ العلاقة القائمة بين موظفي القطاع العام و المواطنين، وذلك من خلال ضمان توظيف العنصر البشري الذي يتمتع بالكفاءة والخبرة وفقاً لمعايير محدودة تلبي المتطلبات الوظيفية..

وإدارة الموارد البشرية لا تقف عند حدود تعيين الموظفين المناسبين وتقييم أدائهم ومنحهم التعويضات الملائمة، بل تسعى للتشديد على تطوير مهاراتهم وتدريبهم بشكل مستمر بهدف تعزيز أدائهم الوظيفي[38].

1ـ أنماط التنظيم الإداري: يلاحظ أن التنظيم الإداري ما هو إلا مجموعة متفاوتة من الأفراد، مما يعني أن التنظيم الإداري هو قبل كل شيء نظام اجتماعي، أو يتمثل العنصر الأساسي الذي يكون وحدته الرئيسية في الفرد إذ مجموعة الأفراد المكونين للعنصر البشري في التنظيم، وقد تبين أن نتيجة تعايش العاملين في المنظمة مع بعضهم لفترات طويلة أنه تنشا بينهم بصورة غير مخططة أو مركبة سلفاً شبكة من العلاقات الاجتماعية التي تربط بين هؤلاء الأفراد، مما يؤدي إلى نمو نوع معين من السلوك يختلف عن ذلك الذي يتصل بالعلاقات الرسمية في التنظيم والتي يتم تحديدها وترتيبها سلفاً كي تحكم نشاط الأفراد واتصالاتهم ببعضهم بغية تحقيق أهداف المنظمة[39].

التنظيم الرسمي إذن هو ذلك البناء الهندسي لهيكل التنظيم الإداري، والذي يصمم أساس تحديد التخصصات وتعيين السلطات وبيان المسؤوليات وتدرج المستويات وإقامة العلاقات الرسمية بيد شاغلي تلك المستويات وما يستلزمه من وسائل للاتصالات. ولإقامة مثل هذا البناء يجب إتباع الخطوات الآتية:

ـ تحديد الأهداف المزمع تحقيقها من بناء الهيكل التنظيمي.

ـ تحديد وتحليل الأعمال والأنشطة اللازم القيام بها لتحقيق هذه الأهداف.

ـ تقسيم هذه الأعمال والأنشطة في مجموعات متشابهة ومتجانسة وذلك بتطبيق مبادئ التخصص وتقسيم العمل.

ـ إسناد كل قسم أو كل مجموعة متشابهة ومتجانسة من الأعمال والأنشطة السابقة إلى وحدة إدارية معينة، على أن تحدد درجة السلطة والمسؤولية المتعلقة بها كل من هذه الوحدات والتي تكون متدرجة فيما بينها ومتخذة لمسميات مختلفة (أقسام ـ إدارات ـ مديريات، شعب، .. إلخ).

ـ تحديد طرق وإجراءات العمل التي يجب إتباعها للقيام بالمهام الموكلة إليها والتي ترمي من ورائها تحقيق أهدافها[40].

وبذلك فإن التنظيم الرسمي يقوم على وضع خريطة تنظيمية دقيقة توضح بناء أو هيكل التنظيم organization structure أي بهدف إنشاء التشكيل القانوني للمنظمة الإدارية والتي تتسم بالصفة الشرعية بما يتضمنه من خطوط للسلطة وقنوات للاتصال وتوزيع المسؤوليات إلخ ..

أما التنظيم غير الرسمي informal organization فهو لا ينشأ بقرار أو بتشريع من السلطة المختصة، كما أنه لا يظهر على الخريطة التنظيمية، إنما ينشأ في الواقع استجابة للحاجة الاجتماعية social need أي أن ينشأ كظاهرة اجتماعية لصيقة بالإنسان، فالإنسان لا يعيش منعزلاً إنما يسعى إلى التجمع والارتباط مع الآخرين وهذا ما تتيحه له بيئة العمل، إذ سرعان ما يرتبط بزملاء له في تلك البيئة، الأمر الذي ينتهي بهم إلى تشكيل جماعات أو شلل، بحيث يضم كل جماعة من تلك الجماعات إطار اجتماعي واحد، ويصبح له خصائص مميزة[41].

وبذلك ينشأ التنظيم غير الرسمي، أثناء العمل بطريقة عفوية غير مقصودة نتيجة التفاعل الطبيعي بين الأفراد والعاملين في المنظمة وما يترتب عليه من علاقات اجتماعية وشخصية بينهم مستهدفاً تحقيق المصالح المشتركة بينهم أو إشباع الحاجات الاجتماعية مثل الصداقات الشخصية ومع تنامي قوة وتأثير هذه العلاقات على الأفراد، تبدأ ضغوط هذا التنظيم غير الرسمي على المنظمة وتنظيمها الرسمي، فتنشأ سلطة فعلية داخل المنظمة إلى جانب السلطة الرسمية فيها[42].

وقد طرح التساؤل حول خطورة التنظيم غير الرسمي على التنظيم الإداري الرسمي.

وللإجابة على هذا السؤال فقد ذهب جانب من الفقه التقليدي إلى اعتبار التنظيم غير الرسمي إنما هو سلوك غير شرعي وهو ما أدى عملاً إلى فصل وظيفة التنظيم الإداري عن الإنسان القائم بهذه الوظيفة ومن ثم فقد أغفلت آثار سلوك الجماعات الصغيرة على التنظيم كما أغفلت التنازع المحتمل وجوده بين أهداف وقيم و اتجاهات تلك الجماعات وأهداف وقيم واتجاهات التنظيم.

إلا أنه سرعان ما تبين خطأ هذا الاتجاه وقصور تلك النظرة حيث أظهرت التجارب أن جماعات العمل غير الرسمي والتي تنشأ لإشباع حاجة معينة لدى الأفراد لا يشبعها التنظيم الرسمي، تبدأ في تكوين مجموعة من الآراء والاتجاهات والميول المشتركة وهذه الميول قد تساعد أو تعيق من عمل المنظمة في تحقيقها لأهدافها الرسمية، وهو الأمر الذي يتوقف بطبيعة الحال على المدخل الذي تقرره الإدارة بالنسبة لهذه الجماعات،بمعنى أن الإدارة إذا اعترفت بوجود هذه الجماعات وحاولت استخدامها للمنفعة المتبادلة كان لذلك آثار ايجابية على عمل المنظمة و سياساتها أما إذا رفضت الإدارة الاعتراف بتلك الجماعات وبمدى أهميتها فإن قدر كبيراً من الاحتكاك الداخلي قد يتولد في المنظمة مما ينعكس بآثار سلبية على هذا العمل أو تلك السياسات[43].

ولكن مما يجب ملاحظته عند طرح مفهوم التنظيم غير الرسمي أن الإدارة يجب أن تكون حذرة في تفاعلها مع التنظيمات غير الرسمية، وأن تعمل باستمرار على وضعها في إطارها الصحيح، فمن ناحية لا تجب المبالغة في تقدير هذه التنظيمات حتى لا تفرض إرادتها وسيطرتها على اتجاهات المنظمة ومن ناحية أخرى يجب أن لا يقلل من شأن هذه التنظيمات أو محاولة القضاء عليها دون داع أو مبرر، خاصة أن معارضة التنظيم غير الرسمي أو محاولة القضاء عليه قد تدفع به إلى محاولة إثبات وجوده وإظهار نفوذه وذلك بالتشبث برأيه والعمل بدهاء وانحراف وأحياناً بعنف ضد التيار الذي تسير فيه المنظمة نحو أهدافها[44].

2- إحداث الوظائف العامة: يتم إحداث الوظائف العامة مراعاة لاعتبارات عديدة: فهناك من جهة الاعتبارات المالية وهي تلعب دوراً رئيسياً في إنشاء وتنظيم الوظيفة العامة حيث يعتبر المال عصب النشاط الإداري وعلى هذا الأساس فإن الوظائف العامة وشغلها بموظفين عامين يحتاج إلى اعتمادات مالية في موازنة الدولة والتي تصدر بموافقة البرلمان ومن جهة ثانية هناك الاعتبارات الاجتماعية حيث تلعب الظروف الاجتماعية دوراً مؤثراً في سياسة إنشاء الوظائف العامة حيث يتأثر ذلك بالمستوى الاجتماعي من حيث التقدم والتخلف والانسجام والتفرق والتكاتف والتنافر ...الخ. ومن جهة ثالثة هناك الاعتبارات السياسية حيث تؤثر الاعتبارات السياسية والظروف الدولية المختلفة على مسألة إنشاء الوظائف العامة فقد تؤدي اعتبارات السياسية الوظيفة إلى زيادة إنشاء وظائف جديدة لتعيين بعض الموظفين الذين لعبوا دوراً وطنياً في قضية قومية كما تؤدي بعض الظروف الخارجية إلى إحداث وظائف كثيرة في بعض القطاعات دون أخرى كما هو الحال مثلا في حالة الحرب حيث يزداد التوظيف في مجال الإنتاج الحربي والصحة غير من القطاعات ذات الصلة[45].

والأصل أن يكون إنشاء الوظائف العامة من اختصاص السلطة التنفيذية فهي التي تقدر عدد الوظائف ثم تقوم بتوزيعها على الوزارات والمصالح والأجهزة والهيئات المختلفة وفقاً لحاجة كل منها ويتم كل ذلك طبقاً للاعتمادات المالية التي توافق عليها السلطة التشريعية وفي إطار موافقتها على الموازنة العامة للدولة[46]..

ويمكن التميز بين أسلوبين لاعتماد السلطة التشريعية للمبالغ اللازمة للوظائف العامة

إما أن تقوم السلطة التشريعية باعتماد المبالغ اللازمة للوظائف العامة بصورة إجمالية، على أن تقوم السلطة التنفيذية بتوزيع المبالغ المعتمدة على مختلف الوظائف، ووفقاً لتقديرها وهذا الأسلوب متبع في بريطانيا..

وأما أن تقوم السلطة التشريعية باعتماد المبالغ المطلوبة للوظائف العامة طبقاً لبيان تفصيلي مقدم من السلطة التنفيذية، بحيث تتقيد السلطة التنفيذية بعدم تجاوز الاعتمادات المقررة، فضلاً عن التزامها بصرفها وفقاً للبنود المقدمة منها عند اعتماد السلطة التشريعية للموازنة العامة وهذا الأسلوب متبع في فرنسا[47].

ويبدو أن المتبع في الجمهورية العربية السورية هو الأسلوب الفرنسي حيث تطلب الحكومة اعتماد المبالغ اللازمة للوظائف العامة وفقاً لبيان تفصيلي تتم موافقة مجلس الشعب عليه في إطار موافقته على الموازنة العامة للدولة...

وعلى كل حال فإن الفقرة / أ / من المادة الثالثة من قانون العاملين الأساسي رقم 50 لسنة 2004 قد نصت على ما يلي:

يصدر ملاك الجهة العامة بمرسوم وتتضمن بشكل خاص:

1- سلسلة الوظائف وتحديد الملاك العددي لهذه الوظائف أو قواعد تحديد هذا الملاك.

2- تحديد الشروط الخاصة اللازمة لشغل وظائفها ولاسيما اختصاص الشهادة أو نوع المؤهل المطلوب لهذه الغاية.

ب- يصدر بقرار من الوزير المختص توزيع وإعادة الملاك العددي بين الإدارة المركزية والفروع في المحافظات والمديريات في الجهة العامة الواحدة وضمن الفئة الواحدة.

3- ترتيب الوظائف العامة: المقصود بترتيب الوظائف العامة هو تقسيم الوظائف إلى مجموعات مختلفة، وذلك استناداً إلى اختلاف واجباتها ومسؤولياتها،وطبائع أعمالها والمؤهلات اللازمة لتأديتها، بالإضافة إلى تقسيم كل مجموعة إلى عدة فئات مع إدخال كل وظيفة في الفئة المناسبة لها وذلك يفترض من دون شك سبق توصيف هذه الوظائف كما يستوجب تقييمها بعد الانتهاء من أعمال الترتيب.

ويقصد بتوصيف الوظائف توضيح كل وظيفة بشكل تحليلي يشتمل على الاسم الذي يدل عليها والسلطات والاختصاصات والواجبات التي تتضمنها والمؤهلات اللازمة لشغلها كالتعليم ودرجة المعرفة والمهارة الفنية والخبرة النوعية أو الزمنية

أما تقييم الوظائف فيمتثل في وضع الجداول التي تبين فئات الأجور والمرتبات بالنسبة لمختلف الدرجات، وذلك على نحو يتناسب مع وضعها في الخرائط التنظيمية الإدارية[48].

وفي الحقيقة إن لترتيب الوظائف العامة عدة أهداف تتجسد فيما يلي:

أ‌- وضع سياسة توظيف ثابتة وملائمة تقوم على معرفة الحاجة الفنية للوظائف ومدى المؤهلات والخبرات المطلوبة لشغلها وشروط التعيين فيها وذلك فضلاً عن وضع برامج التدريب الملائمة..

ب ـ قيام المرتبات على أساس سليم بحيث يكون الأجر بقدر العمل وبقدر مؤهلات وخبرات شاغل الوظيفة.

جـ ـ وضع تنظيم للسلك الوظيفي يتفق وحاجات النشاط الإداري من ناحية ويفتح الأمل أمام الموظفين للترقي خصوصاً في الدول التي تعد فيها الوظيفة مهنة من ناحية ثانية.

د ـ تحقيق النشاط الإداري بأقل عدد ممكن من الموظفين، وفي أسرع وقت وبأقل قدر من النفقات، نتيجة معرفة الحاجات الفعلية من الموظفين الذين تحتاجهم الإدارة في عملها عن طريق الترتيب..

هـ ـ إن ترتيب الوظائف يساعد على وضع تقدير سليم للاعتمادات المطلوبة للوظائف العامة وذلك عند إعداد الموازنة العامة للدولة وإقرارها.

و ـ أن نظام الترتيب يساعد على تحقيق الانسجام بين فئات الموظفين المختلفة وذلك بقيام سياسة التوظيف على أساس من العدالة التي يراعى فيها اختلاف ظروف وطبيعة النشاط الإداري في مجالاته المختلفة...

ز ـ وإن النظام ترتيب الوظائف العامة، يساعد على تحديد الواجبات والمسؤوليات، مما تسهل إجراء عملية التسلسل الرئاسي من جهة وكشف المخالفات التأديبية وتحديد المسؤول عنها من جهة أخرى[49].

وترتيب الوظائف العامة على النحو السالف هو مهمة شاقة لأنه يقتضي إعادة النظر في كافة الوظائف في الدولة، وإعادة توزيع مختلف الموظفين على الوظائف الجديدة، بعد وضعها وترتيبها حسب الخطة العلمية الجديدة وإضافة إلى ذلك فأن ما يقوم عقبه إلى وجه ترتيب الوظائف العامة هو الكادر البشري ذاته ضمن المنظمة الإدارية الحكومية لأن الموظفين العموميين ينفرون بطبيعتهم من كل تجديد، كما أن الرؤساء يميلون بالسليقة إلى التمسك بمظاهر الرئاسة ومن ذلك كثرة الموظفين الخاضعين لرئاستهم، وإطلاق مسميات على الوظائف المنوطة بهم قد لا تتفق مع واجبات تلك الوظائف ومقتضياتها ...الخ، وهذه الاعتبارات وأمثالها قد تقف حجر عثرة في سبيل وصف الوظائف العامة تمهيداً لترتيبها[50].

وقد عنيت أغلب الدول المعاصرة بعملية ترتيب الوظائف العامة ويسود في العالم المعاصر أسلوبان أساسيان لترتيب الوظائف العامة هما الأسلوب الأمريكي والأسلوب الأوربي:

ففي الولايات المتحدة الأمريكية يعتبر عمل الوظيفة الذي يحدد على وجه الدقة والتفصيل بواسطة السلطة المختصة هو العنصر الأساسي في نظام ترتيب الوظائف بمعنى أن عملية ترتيب الوظائف تنصب على أعمال الوظائف فقط دون أن تعنى بالموظف الذي يتولى هذه الأعمال فهي تتناول هذه الأعمال وعلى هذا أساس هذا التحليل ترتب الوظائف ضمن فئات classes تضم الأعمال المتشابهة وترتب الفئات ضمن مجموعات series تضم الفئات ذات المستوى الواحد...

وعلى هذا الأساس ذاته والعمل المحدد على وجه الدقة والتفصيل يحدد مستوى الوظيفة، وتحدد الشروط التي يجب توافرها فيمن يشغلها، والأجر المناسب لها ويتبين من هذا أن مركز الموظف يستمد في أمريكا من الوظيفة ذاتها أي عمل الوظيفة ويتبع مصيرها دون أن يكون للموظف وظروفه الخاصة أو مؤهلاته أثر في ذلك.

أما في إنكلترا فلا يرجع في تحديد مراكز الموظفين ودرجاتهم إلى الوظائف التي يشغلها وإنما ينظر إلى الموظفين بوصفهم هيئة خاصة أو طبقة مهنية، تتكون في ظل قواعد خاصة تنظم شؤونهم من حيث التعيين والترقية والتأديب، ويعتبر موظفاًُ عاماً كل شخص ينضم لهذه الهيئة وفقاً للقواعد السابقة وعلى عكس الحال في الولايات المتحدة الأمريكية لا تحدد درجة الوظيفة والشروط التي يجب توافرها فيمن يشغلها على أساس عمل الوظيفة وأعبائها ومسؤولياتها، إنما تحدد درجة الموظف ومركزه في نطاق الوظيفة العامة على أساس مؤهلاته ومميزاته الخاصة، وعلى أساس هذه المؤهلات والمميزات يوضع الموظف في الوظيفة التي تناسبه، وكذلك الحال في فرنسة، حيث لا يحدد عمل الوظيفة على وجه الدقة و التفصيل، على أساس العمل الذي يقوم به كل موظف فعلا، ولا تحدد درجة الوظيفة ومرتبها على أساس هذا العمل كما هو الحال في أمريكا، إنما تنشأ الوظائف بدرجاتها ومرتباتها أولاً ثم يترك للرئيس الإداري المختص صلاحية توزيع الأعباء بعد ذلك على الموظفين، الذين يعينون لشغل تلك الوظائف أو تأسيسا على ذلك لا يرتبط مركز الموظف بالعمل المحدد الذي يعهد إليه بالقيام به فعلاً، كما أن القواعد التي تحكم الموظفين لا ترتبط بنظام العمل في الإدارات المختلفة، ومعنى هذا أن ترتيب الوظائف في فرنسا وتحديد درجاتها ومرتباتها لا يقوم على أساس عمل الوظيفة ومؤهلاته وظروفه الخاصة كما هو الحال في النظام الإنجليزي

ومع ذلك فإن هناك اختلافاً بين النظامين الفرنسي والإنجليزي مما يمنع من القول بتطابقهما في مجال ترتيب الوظائف، وذلك لأن النظام الإنكليزي لا يعني أصلاً بحصر الوظائف أو ترتيبها، إنما يعنى فقط بحصرالموظفين وترتيب درجاتهم وتحديد شروط تعيينهم دون النظر للوظائف ذاتها فهو يستهدف في الواقع تنظيم شؤون الموظفين لا تنظيم الوظائف و يقسم الموظفين إلى أقسام مختلفة، يحدد مرتباتهم في كل قسم ويضع القواعد التي تكفل اختيار الموظفين الصالحين للعمل في هذه الأقسام دون أن يكون للوظيفة دور في ذلك.

أما في النظام الفرنسي فإنه وإن كان يهدف كالنظام الإنكليزي إلى تنظيم الموظفين، وتحديد مرتباتهم ودرجاتهم بالرجوع لظروفهم ومؤهلاتهم إلى أنه يتجه لهذا الهدف مباشرة كالنظام الإنكليزي وإنما يتخذ الوظيفة وسيلة للوصول إلى الهدف الذي ينشده والمتمثل في تنظيم شؤون الموظفين مع مراعاة حاجة العمل في المرافق العامة فهو يحدد الوظائف التي تتفق مع حاجة العمل ويقسمها إلى أنواع ويحدد مرتبات كل قسم أو نوع منها، ولكنه لا يفعل ذلك بقصد تقديم العمل الذي يقوم به الموظف فعلاً من حيث طبيعة ومسؤولياته إنما يفعل ذلك بقصد الوصول عن طريق تنظيم الوظائف إلى تنظيم درجات ومرتبات الموظفين أنفسهم بالرجوع لظروفهم ومؤهلاتهم[51].

وفي الجمهورية العربية السورية فقد نصت الفقرة ب من المادة الرابعة من قانون العاملين الأساسي على ما يلي " يصدر النظام الداخلي لكل جهة عامة بقرار من الوزير المختص بما لا يتعارض مع ملاكها والنظام الداخلي النموذجي ويتضمن النظام الداخلي بشكل خاص:

1- الهيكل التنظيمي واختصاصات ومسؤوليات كل من أجهزة هذا الهيكل وأقسامه.

2- توصيف الوظائف وشروط شغلها أصالة أو وكالة.

3- نظام سير العمل.

4- تصنيف الوظائف المهنية في أحد المستويات المهنية..

5- تصنيف الوظائف العادية من حيث كونها تتطلب عملاً عضلياً مجهداً أم لا.

6- تحديد الوظائف الإنتاجية.

7- نظام التدريب المهني والتأهيل المسلكي.

8- الأحكام التي نص قانون العاملين على تضمينها في النظام الداخلي

ووفقاً للفقرة أ من المادة 4 من قانون العاملين رقم 50 لسنة 2004 فإنه يصدر بقرار من رئيس مجلس الوزراء بعد استطلاع رأي وزيري المالية والشؤون الاجتماعية والعمل والاتحاد العام لنقابات العمال القواعد والأسس لنظام داخلي نموذجي، وإعمالاً لهذا النص فقد صدر النظام الداخلي النموذجي للجهات العامة والصادر بقرار رئاسة مجلس الوزراء رقم 903 تاريخ 28/2/2005، وقد عرفت المادة الأولى منه الهيكل التنظيمي الرسمي للجهة العامة الذي يوضح توضع البنى التنظيمية الفرعية ويحيطه ارتباط العلاقات الوظيفية مع المستويات العليا والدنيا والأفقية بما يخدم تنفيذ المهام المحددة. وكذلك عرفت المادة ذاتها توصيف الوظائف بما يلي: " مجموعة الإجراءات المترتبة على التوصيف كعملية تبدأ بجمع المعلومات عن الوظائف وتنتهي بعد تحليلها وإعادة تركيبها إلى نتيجة تتمثل في بيان (وصف تحليل) يعرف الوظيفة ...كما عرفت المادة ذاتها أيضاً وصف الوظيفة بأنه نتيجة التي تنتهي إليها وبها عملية توصيف الوظيفة وتقدم على شكل بيانات (بطاقات وصف) يعرف الوظيفة منبر عوامل التقويم الداخلة في تكوينها ويظهر الطبيعة الخاصة في أداء واجباتها ومسؤولياتها ويحدد الحد الأدنى المعقول المؤهلات والقدرات اللازمة لشغلها..

وقد نصت المادة 5 من النظام الداخلي النموذجي على أن يوضع الهيكل التنظيمي للجهة عامة بما يخدم تحقيق أهدافها مع الأخذ بعين الاعتبار ظروفها وطبيعة عملها والطرق المستخدمة في أدائه وتوزع نشاطها الجغرافي إن وجد، على أن يتمتع هذا الهيكل بالمرونة والدقة.

ووفقاً للمادة 56 من النظام الداخلي ذاته فإنه تنقسم مجموعات الوظائف المتشابهة في طبيعتها إلى ما يلي:

آ ـ الوظائف الإدارية

ب ـ الوظائف الكتابية والمكتبية

ج ـ الوظائف الإنتاجية

وقد قسمت المادة 57 من النظام الداخلي النموذجي الوظائف الإدارية في الجهة العامة إلى المجموعات التالية:

آ ـ وظائف الإدارة العليا وتلك تقوم ببرمجة العمل وتنظيمه وقيادة وتوجيه المجموعات والإسهام في رسم السياسات، ووضع مشاريع الخطط للجهة العامة وإصدار القرارات التنفيذية وقيادة وتوجيه الأفراد.. وتحسين الأداء وتطوير المهارات والقدرات أساليب العمل... الخ وذلك مثل وظائف معاوني الوزراء ومديري المديريات المركزية والمديرين العمين ومديري الإدارات المختصة .. الخ.

ب ـ وظائف الإدارة الوسطى والقاعدية: وتشترك وظائف هذه المجموعة بالأسس والقواعد التالية:

ـ فهم الأهداف المحددة والمخططة من قبل الإدارة العليا وفهم أساليب تنفيذها بدقة وفي مواعيدها وإيضاحها للمستويات الأدنى التي تقود نشاطها.

ـ العمل على تهيئة الظروف المناسبة للنشاط من الناحية المادية والبشرية وتنظيمه وقيادته بشكلٍ يكفل تواصل العمل واستمراره، ويضمن تحقيق النتائج المستهدفة.

ـ إصدار التعليمات اللازمة والمتعلقة بتنفيذ المهام بدقة ووضوح إلى المساعدين والمرؤوسين المنفذين ..

ـ متابعة ومراقبة سير تنفيذ المهام والمحافظة على النظام والانضباط .

ـ رفع التقارير والبيانات عن الأعمال المنفذة إلى الجهات الأعلى في الإدارة.

ـ توزيع الأعباء والمهام على العاملين بما يتوافق وصكوك تعيينهم وإمكاناتهم.

ـ إتاحة الفرص أمام كل ما هو مبدع وبناء لنشاط العاملين.

ومن الأمثلة على هذه الوظائف: رؤساء الدوائر، والشُعب، ورؤساء الأقسام، ومعاونوهم ورؤساء مجموعات العمل.

ج ـ وظائف خدمات الإدارة: وتشمل جميع الوظائف التي تتصف أعمالها بالإشراف أو العناية بأعمال تتسم بطابعها الخدمي المساعد للإدارة في أداء واجباتها، ومن الأمثلة على هذه الوظائف: خدمة المكاتب والموجودات وتنظيفها ونقل وتوزيع المراسلات داخل الجهة العامة وخارجها وأعمال الاستعلامات والهاتف والحوادث .. الخ.

أما المادة 58 من النظام الداخلي النموذجي فقد حددت المقصود بالوظائف الكتابية والمكتبية بأنها تلك الوظائف التي تُؤدى في أثناء عملية سياق المعلومات اللازمة لتسيير الإدارة وخدمة أهدافها، وتمارس من خلالها أعمال كتابية ذات طبيعة نمطية متميزة عن غيرها بطرقها و أساليبها ووسائلها التنظيمية التقنية و ظروفها و نتائج عملها هذه الوظائف وفقاً لقواعد وتعليمات معينة أو تتطلب الاجتهاد والتفسير أو استخلاص مبادئ وقواعد أو التعديل فيها وتتضمن أعمال القيد في النماذج والسجلات والاتصال والإعلام وترتبط بهذه المجموعة أيضاً الوظائف التخصصية في مجال أساليب وطرق استخراج المعلومات ومختلف مراحل العملية المعلوماتية للجهة العامة، ومن الأمثلة على هذه الوظائف أعمال أمانة السر وأعمال الديوان والعمل على آلات السحب والتصوير والفاكس والبريد الإلكتروني ... الخ.

وقد حددت المادة 59 من النظام ذاته المقصود بالوظائف الإنتاجية حيث حددتها بتلك الوظائف المرتبطة بعملية الإنتاج، وتتضمن مجموعة من الواجبات والمسؤوليات من إشراف مباشر، أو القيام بأعمال تتسبب بصورة مباشرة أو غير مباشرة في إنجاز العملية الإنتاجية أو مرحلة منها.

4ـ شغل الوظائف العامة:

شروط شغل الوظائف العامة: إذا كان تولي الوظائف العامة يعد حقاً دستورياً للمواطنين، إلا أن التمتع بهذا الحق لا يكون دون ضوابط موضوعية، بل يتطلب الأمر وضع بعض الشروط العامة، وذلك بهدف كفالة قدرة من سيعين في الوظائف العامة، على القيام بأعبائها تحقيقاً للصالح العام، وتتمثل هذه الشروط فيما يلي:

أ ـ العمر: حيث يشترط فيمن يريد الالتحاق بالوظيفة العامة أن يكون قد بلغ سناً معينة تؤهله لتحمل تبعات الوظيفة والقيام بمسؤولياتها[52].

ولا توجد قاعدة عامة بهذا الشأن، بل إن الأمر يختلف من دولة لأخرى، بل قد يختلف داخل الدولة الواحدة من وقت لآخر، حيث يتم تحديد هذه السن مع مراعاة كافة الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومتطلبات الوظيفة المراد شغلها، وبناءً عليه فقد نصت الفقرة ب من المادة 7 من قانون العاملين السوري رقم 5/2004 على أنه يشترط فيمن يطلب التعيين في إحدى الوظائف العامة أن يكون قد أتم الثامنة عشر من عمره بتاريخ تقديمه طلب التوظيف، وذلك مراعاة النصوص القانونية النافذة التي تشترط للتعيين في بعض الوظائف أن يكون المرشح في سن يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، نعلى أنه يمكن استثناء تشغيل الأحداث في الوظائف الإنتاجية وبعض وزائف الفنانين من هذا الشرط..

ب ـ السلامة الصحية: تقتضي مصلحة الوظيفة العامة أن يكون شاغلها قادراً جسمانياً على القيام بأعبائها وتحمل مسؤولياتها، فحكمة هذا الشرط واضحة، وهي ضمان قدرة الموظف المعين من الناحية الصحية مما يؤدي إلى ضمان صحة زملائه من الموظفين المختلطين به، وضمان صحة الجمهور الذي يتعامل معه..

وفي الحقيقة إن هذا الشرط شديد ؟؟؟؟ وذلك لأن للياقة الصحية مواصفات ومستويات متعددة وهي تختلف بالضرورة تبعاً لاختلاف طبائع الأعمال المتعلقة بكل وظيفة، وذلك على النحو الذي تحدده الجهات الإدارية أو الهيئات الطبية المختصة[53].

لذلك فقد نصت الفقرة هـ من المادة 7 من قانون العاملين السوري 50/2004 على وجوب أن تثبت سلامة المرشح للتعيين من الأمراض ذات العدوى وكذلك من الأمراض والعاهات التي تمنعه من القيام بالوظيفة التي سيعين فيها، وذلك بموجب وثيقة تعطى له من قبل لجان فحص العاملين...

ولكن على الرغم من ذلك، فإن المادة 7 ذاتها فقد أوجبت على الجهات العامة تشغيل المعوقين المؤهلين العلمي المطلوب: يجب أن يكون المرشح حائزاً على المؤهلات العلمية والعملية فلا يمكن أن يشغل الوظيفة بأي حال من الأحوال إلا من مستوى مواصفاتها[54].

وبناءً على ذلك فإن المادة الخامسة من قانون العاملين السوري رقم 50 لسنة 2004 قد قسمت الوظائف إلى خمس فئات، وذلك وفقاً للمؤهلات العلمية أو العملية المطلوبة تشغل الوظائف على مختلف مستوياتها، حيث اشترط للتعيين في وظائف الفئة الأولى أن يكون المرشح حائزاً على شهادة جامعية صادرة عن إحدى جامعات الجمهورية العربية السورية، وقد صنف القانون المذكور الشهادات الجامعية إلى أنواع وفقاً للدرجات العلمية المعروف في سوريا، وبالتالي فإن الشهادة الجامعية التي تؤهل حاملها لشغل وظائف الفئة الأولى هي الإجازة ودبلوم التأهيل التربوي، ودبلوم الدراسات العليا، والماجستير، والدكتوراه.

وقد اشترطت الفقرة /ج/ من المادة / 5/ ذاتها للتعيين في وظائف الفئة الثانية أن يكون المرشح حائزاً على شهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها بمختلف فروعها أو أية شهادة مدرسية أو معهد أو ما يعادلها،مدة الدراسة للحصول عليها من سنة إلى ثلاث سنوات بعد شهادة الدراسة الثانوية.

كما اشترطت الفقر /د/ من المادة /5/ للتعيين في وظائف الفئة الثالثة أن يكون المرشح حائزاً على شهادة للتعليم الأساسي أو ما يعادلها أو أية شهادة مدرسة أو معهد أو ما يعادلها تكون الدراسة فيه على أساس شهادة التعليم الأساسي..

كما اشترط البند /1/ من الفقر هـ من المادة5 للتعيين في وظائف الفئة الرابعة أن يكون المرشح قد مارس المهنة التي تتناسب مع الوظيفة المراد التعيين فيها المدة المحدودة في القانون، وذلك مع عدم الإخلال بالشروط المنصوص عليها في النظام الداخلي للجهة العامة ولا تقبل الوثائق المثبتة لممارسة المهنة إلا إذا كانت صادرة عن جهة عامة أو نقابة مهنية أو منظمة شعبية.

البند /2 / من الفقرة /هـ/ من المادة / 5/ من قانون العاملين الجديد.

وكذلك يشترط للتعيين في وظائف الفئة الخامسة أن يكون المرشح ذا لياقة بدمية تناسب مع الجهد العضلي الذي تتطلب الوظيفة المراد التعيين فيها إضافة إلى الشروط الأخرى المنصوص عليها في النظام الداخلي للجهة العامة.

د ـ عدم الارتباط بوظيفة أخرى: من الطبيعي أن يكون المرشح للتعيين في الوظيفة العامة غير مرتبط بوظيفة أخرى لدى أيّ من الجهات العامة، وذلك منعاً من استئثار بعض العاملين بأكثر عدد من الوظائف مما يجد مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين الذي أقره الدستور صراحة في المادة /25 / منه.

هـ ـ الجنسية: إن التشريعات تميل إلى اشتراط الجنسية لشغل الوظائف العامة وذلك رغبةً منها في تحقيق الاكتفاء الذاتي في العنصر البشري، عن طريق إيجاد كوادر وطنية قادرة على الاضطلاع بأعباء الوظائف الإدارية والفنية يضاف إلى ذلك أن بعض الوظائف تتسم بسياسة وأهمية استراتيجية خاصة، وبالتالي يفضل أن يعهد بمثل هذه الوظائف إلى مواطني الدولة دون غيرهم، وإضافة إلى ذلك فإن قاعدة قصر الوظائف على المواطنين دون الأجانب يمكن أن تساعد في القضاء على البطالة التي تعد مشكلة اقتصادية واجتماعية كبرى[55].

ولا يكفي اشتراط توافر شروط الجنسية لإسناد الوظائف إلى المواطنين دون غيرهم بل يجب أن توزع الوظائف على قدم المساواة بين المواطنين، ومن الموضوعات المهمة في نطاق المساواة في الدخول إلى سلك الوظيفة العامة، ذلك المتعلق بمسألة المساواة بين الذكور والإناث في تولي الوظائف وقد كان هذا الأمر مثار مشكلة حتى في الدول الأوروبية ذاتها إلى وقت قريب، فلم يتم الاستقرار على مبدأ المساواة بين النساء والرجال في تولي الوظائف العامة نهائياً في فرنسا حتى سنة 1946[56].

أما في سورية فقط كان الحكم قاطعاً في نصوص الدستور، حيث نصت المادة 45 منه على ما يلي:

"أن تكفل الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع العربي الاشتراكي..."[57].

وإعمالاً لشرط الجنسية فإن الفقرة أ المادة /7 / من قانون العاملين الأساسي رقم 50 لسنة 2004 قد نصت على أنه يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف:

أن يكون متمتعاً بجنسية الجمهورية العربية السورية منذ خمس سنوات على الأقل ويستثنى من هذا الشرط:

1ـ مواطنو الدول العربية الذين اكتسبوا الجنسية العربية السورية حيث يحق لهم التوظف قبل انقضاء مدة السنوات الخمس المذكورة.

2ـ العرب الفلسطينيون المشمولون بالقانون /260/ 1956 حيث يحق لهم التوظف مع احتفاظهم بجنسيتهم الأصلية.

3ـ العرب الذين لا يتمتعون بالجنسية العربية السورية ويرى رئيس مجلس الوزراء توظيفهم لضرورات قومية.

و ـ حسن السيرة والسلوك وهذا الشرط ينطوي على ثلاثة عناصر بالغة الأهمية، تجمعها جميعاً فكرة الماضي المشرف والحاضر النظيف والسلوك السوي، إذا تتطلب القوانين المقارنة عادة حسن السمعة من جهة، وعدم سبق الحكم بعقوبة جنائية أو بجريمة مخلة بالشرف أو الأمانة من جهة ثانية، وعدم سبق الفصل تأديباً من جهة ثالثة.. فلا يجوز دخول الشخص إلى حرم الوظيفة العامة إذ كانت حياته محلاً لانتقادات حادة وجسيمة، ويمكن للإدارة أن تجري تحرياتها لهذا الشأن عن طريق الأجهزة المختصة في الدولة[58].

وعلى هذا الأساس فإن الفقرة جـ من قانون المادة 7 من قانون العاملين السوري رقم 50/2004 قد اشترطت فيمن يود الدخول إلى حرم الوظيفة العامة أن لا يكون محكوماً بجناية أو جنحة شائنة أو مخلة بالثقة العامة على أن تحدد الجنح الشائنة التي تمنع من التوظيف بقرار من وزير العدل.

وإضافة إلى ما تقدم، فإنه من الطبيعي أن لا يكون صدور حكم أو قرار بالعزل من الخدمة في مواجهة المرشح للوظيفة العامة، لأن ذلك معناه أن هذا الشخص كان موظفاً سابقاً، ثم أخل بواجبات وظيفته إخلالاً جسيماً، مما أدى إلى صدور قرار أو حكم تأديبي نهائي باستبعاده من الوظيفة التي خل بواجباتها وبناءً على ذلك إعمالاً لحكم المادة 68 من قانون العاملين السوري، فإنه لا يجوز لمن سرح للخدمة أن يعود إليها ما لم يمض على تسريحه سنتان على الأقل، كذلك لا يجوز لمن طرد من الخدمة الوظيفية أن يعود إليها ما لم يرد اعتباره قضائياً وحق القوانين المرعية.

ـ طرق اختيار الموظفين: تعتبر عملية اختيار العاملين للوظائف المناسبة لقدراتهم وصلاحياتهم ومؤهلاتهم العلمية وميولهم الشخصية، من المتطلبات الوظيفية المختلفة اللازمة لتولي الوظائف العامة وإحدى الدعائم الأساسية في النظام الوظيفي، والتي يترتب على نجاحها سير المرافق العامة بانتظام واضطراد، ولاسيما إذا كانت عملية الاختيار تقوم على أسس سليمة قوامها المساواة والعدالة بين جميع المرشحين لشغل الوظائف العامة بحيث ينتج عن عملية الاختيار هذه وضع المرشح المناسب في الوظيفة المناسبة لقدراته وإمكاناته[59].

ويلاحظ أن وسائل اختيار موظفي الإدارة العامة كانت تسودها قديماً الآفات الإدارية كالمحسوبية والمحاباة والرشوة، ثم ما لبثت أن ظهرت فكرة إشغال الوظائف العامة على أساس الجدارة والصلاحية.

وفي الحقيقة، إن الشروط العامة لشغل الوظائف تتوافر عادة في عدد كبير من الأفراد الراغبين في تولي الوظائف العامة الشاغرة لدى جهة عامة محددة، وفي الحقيقة تتفاوت أساليب اختيار العاملين، وتتمثل هذه الأساليب عموماً فيما يلي:

آ ـ المسابقة: وهي أولوية لاختيار الموظفين العموميين فإن على الصلاحية والمنافسة الحرة، وفي سبيل إشغال الوظائف الشاعرة في جهة عامة معينة أو عدة جهات عامة وتعتبر المسابقة هي الأسلوب الأصل في انتقاء الموظفين العموميين في معظم دول العالم حالياً وتتميز المسابقة من حيث كونها أسلوباً لانتقاء الموظفين العموميين، في أنها تحقق الديمقراطية والمساواة الوظيفية، لأنها تتيح فرصاً متساوية لأفراد المجتمع الواحد لتولي الوظائف العامة، كما أن هذه الطريقة تضمن شغل الوظائف العامة بالأكفاء من المرشحين، ووضع كل منهم في الوظيفة المناسبة لخبرته ومؤهلاته العلمية وتخصصاته الفنية، حتى يمكن رفع مستوى الأداء في التخصصات المختلفة، ومن ثم الاستفادة الكاملة من القوى البشرية في الإدارة العامة وذلك لأن الصلة الوثيقة بين الجدارة والصلاحية هي أساس الإدارة العلمية السليمة[60].

وتقويم المسابقة على مبدأين كبيرين، المبدأ الأول هو مبدأ المساواة، وهذا المبدأ كما هو معلوم ذو طابع دستوري، وهو الذي فرض ضرورة اللجوء إلى الإعلان عن المسابقة قبل إجرائها، وهو الذي يعني ضرورة معاملة جميع المتقدمين بصورة متكاملة طالما كان لهم مراكز نوعية متماثلة.

أما المبدأ الثاني فهو مبدأ الحياد principe fimpaecialite والذي يقتضي عدم تفهم المرشحين وفقاً لميولهم ومعتقداتهم الخاصة، كما يقتضي أن يجري الامتحان التحريري للمرشحين دون إبراز أسمائهم[61].

وإذا كانت المبادئ الكبرى التي تقوم عليها المسابقة هي ذاتها في كل الأنظمة القانونية، إلا أن إجراءات تنفيذها تختلف في خطوطها التفصيلية بين نظام قانوني وآخر، وقد حدوث المادة 8 من قانون العاملين السوري رقم 50 لسنة 2004 إجراءات اختيار العاملين على أساس المنافسة (المسابقة والاختيار) حيث نصت على ما يلي : يجري التعيين وفق ما يلي:

1ـ بموجب مسابقة: تجري لوظائف الفئة الأولى ووظائف الفئة الثانية التي يشترط للتعيين فيها الحصول على شهادة مدرسة أو معهد.

2ـ بموجب اختيار: لوظائف الفئة الثانية الأخرى ووظائف الفئات الثالثة والرابعة والخامسة .

3ـ وتحدد شروط المسابقة والاختبار بصك من الجهة صاحبة الحق في التعيين بما يتلاءم مع طبيعة الوظيفة.

ب ـ يجب أن تشتمل المسابقة على أسئلة تحريرية في موضوعات تتصل بالوظيفة التي سيتم التعيين فيها وعلى مقابلة شفوية وينطبق على الاختبار للتعيين في وظائف الفئة الثانية المشار إليها في البند 2 من هذه المادة ووظائف الفئة الثالثة ويحدد في الصك المتضمن شروط المسابقة أو الاختيار توزيع العلامات بين الأسئلة التحريرية والمقابلة الشفوية.

ونصت المادة 9 من القانون ذاته على ما يلي:

أ ـ تنشر شروط المسابقة في إحدى صحف العاصمة، إذا كان التعيين سيتم في مراكز الجهات العامة في العاصمة، أما إذا كان التعيين سيتم في مراكز الجهات العامة في المحافظات الأخرى فتنشر شروط المسابقة في صحيفة محلية ـ إن وجدت ـ إضافة إلى نشرها في صحف العاصمة..

يجب أن يتم النشر قبل اليوم الأول المحدد لقبول الطلبات بخمسة عشر يوماً على الأقل، وأن لا تقل المدة المحددة لتقديم الطلبات عن خمسة عشر يوماً.

ب ـ تعلن شروط المسابقة في المركز الرئيسي للجهة العامة ذات العلاقة وفروعها في مراكز المحافظات، ويجوز نشرها بوسائل الإعلام الأخرى.

ج ـ تنشر أسماء المقبولين والناجحين في المسابقة بصكوك تصدر عن الجهة صاحبة الحق في التعيين، حسب تسلسل درجات نجاحهم، في لوحة إعلان المركز الرئيسي للجهة العامة ذات العلاقة، فإذا كان التعيين سيتم في محافظة واحدة، فيكتفي بنشر تلك الأسماء في لوحة إعلان مركز الجهة العامة وتلك المحافظة .

وبالنسبة للجهة المختصة بإجراء المسابقات في الجمهورية العربية السورية فيلاحظ أن تعليمات مجلس الوزراء الصادرة بعد نفاذ قانون العاملين رقم 50 لسنة 2004 قد أخذت بمبدأ مركزية المسابقات في بعض الحالات، حيث تجري المسابقات على مستوى رئاسة مجلس الوزراء لملء الشواغر في الجهات العامة إذا كانت المسابقة سوف تجري لحملة شهادات الحقوق .. الاقتصاد .. العلوم الإنسانية ..وعلى أن تُحدد الجهات طالبة التعيين في نص الإعلان عن المسابقة.

وقد حدد قانون العاملين الأساسي السوري رقم 50/2004 النتائج الناجمة عن المسابقة، حيث تتجسد النتيجة الأولى في تعيين الناجحين في المسابقة في الوظائف الشاغرة وفق تسلسل درجات نجاحهم وفي حال التساوي في درجات النجاح الخاصة بالمسابقة لتعيين الأعلى معدلاً وعند التساوي في المعدل تعيين الأقدم تخرجاً.

الفقرة أ من المادة 11 من القانون 50/2004

ومن الجدير ذكره أن المبدأ المستقر هو أن النجاح في المسابقة في حد ذاته لا يكسب الناجحين حقاً مكتسباً بالتعيين، بل يبقى للإدارة السلطة التقديرية الكاملة في إصدار قرارات التعيين من عدمها.

وفي جميع الأحوال يسقط حق غير المعينين من الناجحين بمجرد انقضاء سنة على الأقل من تاريخ نشر أسماء الناجحين بموجب محضر أصولي، وهذا يعني أن الإدارة صاحبة المسابقة لا يحق لها تعيين الناجحين في المسابقة بعد مرور سنة على إعلان أسماء هؤلاء الناجحين[62].

وفي كل الحالات فإن هناك إجراءً قانونياً شكلياً هاماً لا بد من مراعاته بعد صدور الصك المتضمن أسماء الناجحين في المسابقة، حيث يجب أن يبلغ هذا الصك إلى الجهاز المركزي للرقابة المالية خلال مدة شهر من تاريخ إعلان النتائج.

الفقرة ج من المادة 11 من القانون 50/2004

ب ـ وإلى جانب هذا الأسلوب الأساسي لانتقاء العاملين في الدولة، فإنه توجد عدة أساليب أخرى:

أ ـ أسلوب الاختيار الحر: ولا يعتمد هذا الأسلوب على معيار محدد، إذ يتمتع الرؤساء الإداريون بالحرية الكاملة في اختيار من يشغلون الوظائف الشاغرة، اعتماداً على تقديرهم الشخصي للمرشحين، وقد يقوم هذا التقدير الشخصي في ذهن الرئيس الإداري على معايير موضوعية سليمة أو معايير شخصية محضة أو مزيج بينهما، إلا أنه غير مضطر إلى تبرير أو إعلان المعايير التي استند إليها في هذا الاختبار، كما أنه غير مضطر للتقيد بشكليات محددة[63].

وقد انتقدت هذه الطريقة في اختيار العاملين، لتنافيها مع المبادئ الدستورية حيث تقود إلى مخالفة مبدأ مساواة المواطنين في تولي الوظائف العامة، إضافة إلى ترجيحها للاعتبارات الشخصية على الاعتبارات الموضوعية، وهو ما يؤدي في النهاية إلى فتح المجال لاعتبارات لا تتعلق بالصالح العام[64].

لذلك، فإن هذا الأسلوب في التعيين، إنما هو أسلوب استثنائي، وينحصر في وقتنا الحالي بفئة محددة من العاملين وهم كما تستقر معظم القوانين المقارنة يتمثلون في شاغلي الوظائف العليا فق، وذلك بسبب الاعتماد عند تعيين شاغلي هذه الوظائف العليا في نواحٍ تتصل بالاعتبارات الذاتية لدى المرشحين، مما يقتضي منح السلطة صاحبة الحق في التعيين سلطة تقديرية، في هذا المجال دون تقييدها بأطر إجرائية مسبقة[65].

ب ـ الانتخاب: تقوم هذه الطريقة على أساس أن يتم اختيار شاغلي الوظيفة العامة على أساس الانتخاب، وقد يكون الانتخاب عاماً من قبل أفراد الشعب، كما هو الحال، عند اختيار القضاة في الولايات المتحدة، وقد يكون الانتخاب مغلقاً، بحيث يقتصر على النظراء فقط، حيث يقوم هؤلاء باختيار شاغل الوظيفة الجدي، ومثال ذلك ما كان متبعاً في جمهورية مصر العربية بشأن اختيار عمداء الكليات الذين كان يجري انتخابهم من نظرائهم من أعضاء هيئة التدريس[66] .

وعلى الرغم من ديمقراطية هذا الأسلوب إلا أنه منتقد، لأنه لا يحقق مبدأ الجدارة والصلاحية لشغل الوظيفة العامة، لأنه يقوم على قدرة المرشح للوظيفة على التاثير على ناخبيه واستمالتهم، وذلك علاوة على قالب الإنتخاب عموماً، ولاسيما حيث الخضوع للتأثيرات الحزبية والسياسية[67].

ج ـ الإعداد الفني: ويقوم هذا الأسلوب على تدريب وإعداد المرشحين لشغل الوظائف العامة إعداداً سابقاً لتعيينهم، وذلك عن طريق تدريبهم على أعمال الوظيفة التي سيتولونها تدريباً نظرياً وعملياً كافياً، خلال مدة معينة، وبحيث يكون للإدارة إذا ما ثبتت صلاحية المرشح للعمل أن تصدر قررها بتعيينه بالوظيفة التي أعد لها، مع ؟؟؟ وكل من يثبت عدم صلاحيته لذلك[68].

والصورة الشائعة لاكتشاف أفضل العناصر الصالحة لشغل الوظائف العامة عن هذا الطريق إنما يتمثل في إنشاء مدارس أو معاهد أو كليات تتسم بالطابع الفني، يلحق بها من يريد من الطلاب ممن يريدون التعيين مستقلاً في الوظائف التي يتأهلون لها، وفي غالب الأحوال تلتزم الإدارة التي تتبع لها مثل هذه المعاهد والمدارس بتحمل نفقات تعليم الطلاب ومعيشتهم، ومن الملاحظ أن هذه الصورة في انتقاء الموظفين جيدة على المستوى الفني بحيث يتم إعداد الموظفين وفقاً لمتطلبات الوظيفة تماماً، ولكن لا يمكن تعميمها على مختلف وظائف الدولة، إزاء ما تكلفه من نفقات باهظة، لذلك فإنها لا تطبق في معظم الدول إلا بصورة جزئية، وبصدد بعض الوظائف التي تحتاج إلى إعداد تخصصي مناسب، وبعدد محدد من المرشحين لشغل هذه الوظائف[69].

وقد ابتكر قانون العاملين السوري رقم 50 لسنة 2004 أسلوب الإعداد الفني للتعيين في الوظيفة العامة، وذلك ضمن الحالات التالية:

آ ـ خريجو الكليات والمعاهد والمدارس والمركز ودور المعلمين والمعلمات الذين تقضي القوانين والأنظمة النافذة بوجوب تعيينهم.

(البند 1 من الفقرة أ من المادة 12 من القانون 50/2004.

ب ـ الموفدون للدراسة على نفقة الدولة أو بمنحة دراسية وفق قانون البعثات العلمية وهؤلاء يتم إيفادهم غالباً للحصول على مؤهلٍ علميٍّ عالٍ، ومن ثم يتم تعيينهم في وظيفة متناسبة مع المؤهل العلمي الذي حصلوا عليه بعد عودتهم من الإيفاد[70].

5ـ قياس كفاءة الموظفين (تقديم الأداء):

إن قياس كفاءة الموظفين يعني تقييم أدائهم لعملهم ومسلكهم، بغية التأكد من مدى كفايتهم وصلاحيتهم لممارسة الوظيفة الموكولة إلى كل منهم، وإمكان نجاحه في وظيفة أعلى[71].

ويهدف نظام قياس كفاءة الموظفين إلى تحقيق عددٍ من الأهداف منها:

ـ الكشف عن مواطن الخلل في سير العمل الإداري، والناتج عن القصور في أداء بعض العاملين لمسؤولياتهم، وأسباب ذلك القصور، مثل الإهمال في العمل أو زيادة الأعباء الوظيفية أو عدم الانتظام في مواعيد العمل.

ـ استمرار الرقابة والإشراف من جانب الرؤساء الإداريين واضطرارهم على تتبع أنشطة مرؤوسيهم أثناء الفترة الزمنية المحددة لإعداد تقرير قياس الكفاءة ليتسنى لهم تقدير كفاية كل منهم طول هذه الفترة.

ـ تبصير الموظفين، وخاصة الجدد منهم بحقيقة قدراته ومواطن ضعفه وقوته، ومدى صلاحيته للاستمرار في وظيفته أو الانتقال إلى وظيفة أخرى، مما يساعد على النهوض بمستوى كفايته وتوضيح معدلات أدائه الوظيفي.

ـ الكشف عن مدى سلامة الأساليب المستخدمة في شغل الوظائف وتقويم دورات التدريب وما قد يحتاجه الموظف من تدريب لإحداث النتيجة المطلوبة منه في قدرته.

ـ تنمية القدرة على التحليل لدى المشرفين والرؤساء الإداريين حيث يتطلب إعداد تقرير قياسي الأداء، تحليل داء الموظفين وملاحظة نشاطهم الوظيفي، مما يستلزم منهم الدقة في تحليل الأشخاص والمواقف المختلفة مثل الحكم عليه، واتخاذ قراراتهم بشأنها، وبالتالي تنمو لديهم حالة التقدير والحكم السليم على الأمور[72].

ـ يساهم تقييم أداء العاملين في تحديد الحاجة من الموارد البشرية في ضوء قدرة العاملين الحالية على الوفاء بأعمالهم وفق الأهداف الموضوعة.

ـ ويفيد تقييم الأداء في سبيل تحقيق الترفيه والتقدم المهني، حيث تعتمد معظم القوانين المقارنة على الترقية الداخلية لشغل الوظائف العليا، ويفيد قياس الأداء في التعرف إلى استحقاق كل موظف ومواصفاته للترشيح للوظائف المطلوبة لأنه يكشف عن تقديم كفاءته ومؤهلاته وقدراته خلال سنوات عمله الوظيفي[73].

وقد حدد المشروع في الجمهورية العربية السورية أهداف عملية تقويم الأداء وفقاً لما يلي:

1ـ استخدام نتائج تقويم الأداء أساساًً إلى اتخاذ قرارات الترقية والترفيع والنقل والتسريح وإنهاء التعاقد.

2ـ تخطيط الموارد البشرية وتحديد هيكل العمالة.

ـ تقوم سياسات وأساليب الاختبار والتعقيد المستخدمة.

ـ تحديد الاحتياجات التدريبية للعاملين.

ـ تحديد مدى نجاح الأفراد في أداء أعمالهم وترشيد قرارات الإدارة المتعلقة بتحسين مستوى هذا الأداء في المستقبل.

ـ وضع كل عامل في العمل الذي يتناسب مع قدراته ومؤهلاته وأدائه.

ـ تقديم أسلوب القيادة والإشراف المستخدم.

المادة /2/ من المرسوم 322 تاريخ 27/7/2005.

وهناك جملة من العوامل تؤثر في نظام التقييم في المنظمة الإدارية الحكومية وتتجسد أهم هذه العوامل فيما يلي:

ـ تاريخ وثقافة المؤسسة: حيث تتعلق ممارسة التقييم بالمفاهيم الثقافية السائدة و تاريخ المؤسسة والقيم المهمة التي يدافع عنها أفرادها.

ـ حجم وقطاع المؤسسة: حيث يلعب وزن المؤسسة وحجمها دوراً مؤثراً في وقع المؤسسات لإيجاد الطرق الأفضل لتقييم أفرادها.

- التوجيهات الاستراتيجية ( الاقتصادية ـ التكنولوجيا ـ الإنسانية) إذ تعد الترقيات الإستراتيجية للمؤسسة التي يجري فيها التقييم هامة جداً لأنها تحدد معايير الفاعلية والأداء التي تقييم على أساسها الأفراد

ـ أسلوب الإدارة الموارد البشرية المتبع : لأن أسلوب الإدارة المتبع في المؤسسة يحدد شكل وتحتوي التقييم...

ـ أسلوب إدارة الموارد البشرية المتبع: حيث لا يفهم نظام التقييم إلا في إطار النظام الإجمالي لإدارة الموارد البشرية في المؤسسة..

ـ طبيعة العلاقات الاجتماعية : حيث تدفع العلاقات التي تقصدها المؤسسة مع الممثلين النظاميين والعمل التي تعدد التقييم وبشكل عام يطور تقييم العاملين تدريجياً وبشكل سريع تبعاً لدرجة التوافق والانسجام الموجودة في المؤسسة[74].

ولما كان الغرض من قياس داء العاملين هو الكشف عن مستوى الأداء الوظيفي والكفاية في الانجاز وكانت هذه الكفاية تتكون من مجموعة من العنصر الواجب توافرها في الأداء فإنه يلزم أن تتضمن تقرير قياس الأداء العناصر المتفقة مع كل وظيفة من الوظائف العامة يحسب توصيفها وترتيبها ومع ذلك يمكن الإشارة إلى بعض العناصر المشتركة التي يمكن أن تتضمنها تقارير الكفاية في مختلف النظم الإدارية وهي ما يمكن درها إلى مجموعتين:

أ ـ مجموعة العناصر المتعلقة بالعمل الوظيفي وهي تشتمل على مدى الإلمام بالعمل وكميته ودرجة إجادته والسرعة في إنجازه ومدى دقته وصحته واتفاقه مع القوانين واللوائح والتنظيمات الإدارية.

ب ـ مجموعة العناصر الشخصية أي التي تتصل بالموظف وسلوكه الوظيفي والأخلاقي فتشمل الصفات الذاتية للموظف وأثناء العمل وأسلوب أدائه ومن حيث تحمله للمسؤولية وتقديره لها ومن حيث قدراته على تفهم عمله واستيعابه له بجوانبه المتعددة وكذلك من حيث سلوكه الأخلاقي مظهره العام..

وتتفاوت نظم قياس الأداء إلى إجمال هذه العناصر أو تفصيلها ليقترن التقرير صورة شاملة لأداء الموظف وتنويعها حسب طبيعة العمل في كل وظيفة ومستواها[75].

وقد سار التشريع السوري إلى هذا النهج حيث نصت المادة 11 من المرسوم رقم 322 تاريخ 27/7/2005 على أن تتقدم الجهة المختصة بشؤون العاملين حتى غاية الخامس عشر من أيلول بمعدل نتائج تقويم الأداء وفق النموذج رقم (2) الملحق بالمرسوم ذاته وبالرجوع إلى الجدول المذكور الملحق بالمرسوم 322 يتبين أنه قد اعتمد في قياس أداء العاملين على عاملي الكفاءات الأساسية والمهام الوظيفية عند إجراء التقييم.

وتتعدد عادة السلطات التي تشترك في إعداد قياس الأداء ولا يقصد الرئيس الإداري المباشر بذلك ضماناً للدقة والموضوعية والجدية وحماية للموظف من احتمال ممكن الرؤساء الإداريين في استخدام هذه السلطة عن طريق الوقاية المتناولة بين هذه السلطات المختصة بوضع تقرير قياس أداء الموظفين[76].

وبناءً على ما تقدم فإن المشرع السوري كان دقيقاً في توزيع الاختصاص بقياس أداء العاملين حيث وزع هذا الاختصاص بين عدة مهمات.

فقد تم توزيع الاختصاص بالتقديم على مستويين وبحيث يتم قياس أداء العاملين على مرحلتين وكل مرحلة تختص بإنجازها سلطة إدارية حدودها القانون إذ يجري تقويم أداء العاملين بشكل نصف سنوي كما يجري التقويم بقصد التوقيع ويتم المستوى الأول للتقويم مرة كل سنة أشهر في الأسبوع الثاني من شهري شباط وآب حيث يقوم كل رئيس مباشر على حدة بتقويم أداء جميع مرؤوسين من العاملين في الجهة العامة وفق نموذج تقرير تقويم الأداء المعتمد أصولاً والخاص بالوظيفة التي يشغلها كل عامل ويضع له التقدير المناسب بالنقاط والدرجات.

وبعد ذلك يقوم المدير الذي يعلو مباشرة الرئيس المباشر في المستوى الإداري بتقويم أداء نفس العاملين ووفق نفس النموذج المستخدم من قبل الرئيس المباشر وذلك قبل إطلاعه على تقرير الرئيس المباشر ويضع لكل عامل التقدير المناسب بالنقاط والدرجات .

بعد ذلك يقوم كل من الرئيس المباشر والمدير الذي يعلوه ومباشرة بإيداع تقريره الموقع أصولاً وبشكل سري لدى المدير الأعلى منهما مباشرة والذي يقوم بدوره بالمقارنة بين التقريرين.

في حال كان فإن التقدير بالنقاط ببين التقريرين يقل عن 25% من النقاط يعتمد متوسط التقريرين بالنقاط ويحدد في ضوئه لدرجة التي يستحقها العامل أما إذا كان الفارق بين التقريرين أكثر من 25 % من النقاط بقوم المدير الأعلى بإعادة النظر بالتقديم بعد مناقشة النتائج مع الرئيس المباشر والمدير الذي يعلوه مباشرة مع الاستعانة بسجلات العامل ومن ثم يبت بالتقدير النهائي بالنقاط والدرجة.

وتحفظ نتائج تقويم الأداء نصف المستوى بعد اعتماد معاً أصولاً لدى الرئيس المباشر ومديره إلى إيداعها لدى لجنة تقويم الأداء المختصة في الموعد المحدد تمهيداً لإنجاز التقويم بقصد الترفيع.

المادة 4 من المرسوم 322 لسنة 2005

وتجرى عملية تقويم أداء العاملين بقصد ترفيعهم كل سنتين وقد أسند المشرع في المجموعة العربية السورية هذه المهمة إلى عدد من اللجان حيث تشكل في كل مهمة عامة إلى فرد لها لجان فرعية لتقويم أداء العاملين وبقرار من الوزير والمحافظ أو المدير العام أو من في حكمهم

وتتشكل هذه اللجنة وفقاً لما يلي:

- مدير في الإدارة المركزية أو مدير الفرع بالفروع.

ـ مسؤول الموارد البشرية أو من في حكمه من الجهة العامة.

ـ حيز من مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في المحافظة أو من الجامعات الحكومية أو من الجهات العامة.

ـ رئيس اللجنة النقابية في الجهة العامة.

وتقدم اللجنة المذكورة بإقرار تقدير تقويم أداء العاملين وذلك بناءً على متوسط تقديرات تقوم الأداء نصف السنوي التي تمت خلال فترة السنتين الماضيين[77].

وإضافة إلى اللجان الفرعية المذكورة فإنه تشكل في كل جهة عامة لجنة مركزية

أو أكثر لتقويم الأداء بقرار من الوزير المختص أو من حكمه

وهي تتكون من الأعضاء التالي ذكرهم:

معاون الوزير أو نائب رئيس المكتب التنفيذي أو المدير العام رئيساً

ـ مدير الموارد البشرية أو من الى حكمه لدى لجهة العامة عضواً

ـ ممثل التنظيم النقابي بسجية المكتب التنفيذي للاتحاد العام عضواً

لنقابات العمال[78]

وتختص اللجنة المركزية بالبث بالاعتراضات المقدمة من العاملين بالجهة العامة ذاتها على قرارات اللجان الفرعية بعد الترفيع خلال مهلة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ إحالة الاعتراضات إليها وإلى حال عدم البث في الاعتراض المقدم من قبل العامل خلال المدة المذكورة يعتبر اعتراضه مقبولاً حكماً وكذلك تختص اللجنة ذاتها بإقرار الدرجة النهائية لتقويم أداء رئيس وأعضاء اللجان الفرعية بالمركز والفروع ومديري الإدارات المركزية ومديري الفروع أو المكلفين بهذه الوظائف بناءً على تقديرات تقويم الأداء نصف السنوي التي تمت خلال السنتين الماضيتين

المادة 8 من المرسوم 322 / 2005

وكذلك تشكل لجنة أخرى على المستوى الوزاري بقرار من رئيس مجلس الوزراء

وتتشكل عقدة اللجنة من الأعضاء التالي ذكرهم

ـ رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه

ـ وزير الشؤون لاجتماعية والعمل

ـ الوزير المختص أو من إلى حكمه

ـ رئيس الجهات المركزية للوقاية المالية

ـ رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال..

وتختص هذه اللجنة بتقويم الأداء كل من معاوني الوزراء ومن في حكمهم والمديرية العاميين أو من في حكمهم أعضاء اللجان المركزية وذلك من خلال تقارير تقديم الأداء نصف السنوية عن فترة السنتين الماضيتين والتي تقدم من قبل الوزير المختص أو من يحكمه. ( المادة 10 من المرسوم 322 / 2005 )

وليس هناك نمط معين يقصد إتباعه عند وضع تقارير قياس كفاءة أداء العاملين فقد يتم ٍإعدادها بالأرقام والدرجات الحسابية ذات النهاية الكبرى والصغرى والموزعة على مختلف عناصر التقدير وقد يتبع أسلوب المراتب حيث يتم التقدير بناء على وصف أداء الموظف بأنه ممتاز أو جيد أو متوسط أو ضعيف كما يمكن الجمع بين الأسلوبين بأن تقدر الكفاية بالأرقام ثم تترجم إلى مراتب[79].

وقد أخذ المشروع السوري بالمنهج الأخير، وبحيث يتم تقدير درجات تقويم الأداء وفق ما يلي:

من 1ـ 2.49 ضعيف

من 2.50 ـ 3.49 وسط

من 3.50 ـ 5 جيد

المادة 12 من المرسوم 322/2005

وعلى كل حال، فإن هناك مجموعة من الأخطاء يمكن أن ترتكب أثناء إجراء عملية، وهي تتمثل فيما يلي:

ـ تأثير الاقتصاد: وهذا العامل لا يبرز عندما يتم تقييم احد العاملين لا بالنسبة إلى المستوى المطلوب منه، بل بالنسبة إلى مستويات الآخرين المحيطين به، مما ينجم عنه تقييم اثنين في مستوى واحد، وبشكل مختلف لأن الأول يحيط به المتفوقون والثاني يحيط به الضعفاء.

ـ الانطباع الأول: ويحدث هذا الخطأ في الفترة الأولى لالتحاق حد العاملين في وظيفته حيث يأخذ المسؤول عن التنظيم الانطباع الحسن أو السيئ عنه، ويبقى موضوعاً في ذاكرته ثم يعب عليه التخلي عنه بعد ذلك، وقد يتم التقييم على أساسه...

ـ تأثير الهالة: قد يتمتع كل شخص بهالة كبيرة ؟؟؟ معينة قبل الالتحاق بعمله أو بعده، وغالباً ما يحكم عليه من خلال ذلك، لا من خلال الواقع، وقد تكون هذه الهالة ناجمة عن تفوقه وحسن أدائه في مجال معين دون غيره، فيحكم عليه في بقية المجالات وفق تأثيره، دون الاهتمام بالتقييم الصحيح حسب المجالات المختلفة...

ـ اعتماد الوسطي في التقييم، إذ تعمد بعض المؤسسات إلى إتباع التقييم الوسط، كونه قريباً من الممتاز والضعيف، ويلجأ إلى هذا الأسلوب نتيجة عدم الثقة بالنفس أو الخوف من نقد الآخرين وتجنيب المؤسسة العديد من المشاكل[80].

وتحدد القوانين المقارنة عادة عدة نتائج تترتب على القياس الدوري لأداء العاملين، وقد حدد قانون العاملين السوري رقم 50 لسنة 2004 هذه النتائج فيما يلي:

آ ـ تحقق علاوة الترفيع: حيث يمنح من حدوث درجة كفاءته بدرجة جيد فما فوق علاوة على أجره المقطوع قدرها 9% من الأجر المقطوع.. أما من حدوث كفاءته بدرجة وسط فيمنح علاوة قدرها 5% من الأجر...

ب ـ إذا لم يرفع العامل مرتين متواليتين، أو ثلاث خلال خدمته لدى الجهات العامة فإنه يسرح بصك من الجهة صاحبة الحق في التعيين.

6ـ تدريب الموظفين العموميين:

وفقاً للتعريفات الفقهية التدريب يمكن القول أن التدريب نشاط أو مجهود دقيق، مخطط ومنظم بعناية يهدف إلى تحقيق تقدم وزيادة مهارة وخبرة وفهم الموظف العام وتنمية مداركه، ومن ثم إحداث تغييرات في الفرد والجماعة، بما يجعلهم لائقين للقيام بأعمالهم بكفاءة وإنتاجية عالية[81].

وقد أصبح التدريب في وقتنا الحالي جزءاً أساسياً من طبيعة الوظائف العامة وتطورها ونموها، بل أن كثيراً من الموظفين يسعون إليه، على عكس الحال قديماً، حيث كان ينفر منه الموظفون ويتهربون منه لكونه ينهض دليلاً على عدم كفاءتهم وقدرتهم.

والتدريب عملية شاملة لكل المستويات الإدارية التي تنظمها المنظمة الإدارية فهي يشمل الإدارة التنفيذية الوسطى والعليا وهي في الوقت ذاته عملية لا تقف عند تخصص بذاته، إنما تشمل جميع التخصصات في المنظمة[82].

وفي الواقع إن تدريب الموظفين العموميين على جانب كبير من الأهمية لأنه يحقق ما يلي:

آ ـ يتم اختيار المتقدمين للتوظيف في الإدارة العامة في مجموعات كبيرة لأعمال مختلفة وليس لعمل معين بالذات، وغلى ذلك فإن كل موظف يحتاج إلى تدريب خاص بالنسبة للعمل الذي سيقوم به في الجهة التي سيلحق بها.

ب ـ تختلف أوجه النشاط الذي تقوم به الجهات العامة المختلفة، لذلك يكون ضرورياً لتعريف الموظف الجديد بهذا الوجه الخاص للنشاط الذي تقوم به الجهة التي سيعمل لديها.

ج ـ يسهم التدريب في تمويل المنظمة الدارية بالكفاءات البشرية بشكل مستمر عن طريق تحسين عناصرها لتتناسب مع المتطلبات القائمة.

د ـ يساهم التدريب في تقليل الإشراف، حيث يكون الموظف الخاضع للتدريب قليل الأخطاء ويمارس الرقابة الذاتية على نفسه..

هـ ـ رفع الروح المعنوية للعاملين بعد إلمامهم الجيد بأعمالهم، وزيادة قدرتهم على الأداء وتحقيق ذاتهم من خلال رضاهم عن أنفسهم وأعمالهم.

و ـ تأهيل العاملين لشغل وظائف من سوية أعلى مستقبلاً بدلاً من اللجوء إلى المصادر الخارجية.

ز ـ غرس أخلاقيات عمل وسلوكيات جديدة، وطرق من التفكير السليم، وهو ما يؤدي إلى خلق مناخٍ جديد في العمل.

ر ـ تحقيق الاستقرار في الإنتاج لأن الأفراد المدربين يضمنون استمرار سير الإنتاج وبكفاءة عالية، حيث يساعد التدريب على تحقيق الأنشطة التي تهدف المنظمة الإدارية إلى تحقيقها بأساليب معينة تحقق الوفرة في النفقة وفي استهلاك الآلات المستخدمة حتى يأتي عمل الموظف العام صحيحاً وشرعياً أي متفقاً مع القانون[83].

ـ إذا كان التدريب من شأنه أن يحقق الأهداف سالفة الذكر، فإن عدم تدريب العاملين من شأنه أن يؤدي إلى وجود المظاهر التالية:

ـ الانخفاض في الإنتاج سواء من الناحيتين النوعية أو الكمية.

ـ كثرة الإجازات والغياب والتنقلات بين الموظفين.

ـ سوء العلاقة بين الموظفين فيما بينهم أو بين الموظفين والجمهور.

ـ الإهمال المتزايد بالنسبة للمواد والأجهزة.

ـ ارتفاع نفقات الإنتاج .

ـ عدم تفهم الموظفين لهدف الإدارة صاحبة العلاقة أو الغرض من وجودها.

ـ افتقار الموظفين إلى الاعتداد بأعمالهم واهتمامهم بها وتحمسهم لها[84].

ومن الملاحظ أن للتدريب ثلاثة أنواع: فهناك التدريب السابق والتدريب اللاحق والتدريب التحويلي:

آ ـ التدريب السابق: وهذا النوع من التدريب يوجه إلى الموظفين الجد، بون شك هؤلاء يحتاجون إلى التدريب قبل أن ينهضوا بالواجبات المسندة إليهم، والتدريب السابق إما أن يكون تدريباً ابتدائياً أو تدريباً أثناء العمل، ويقصد بالتدريب الابتدائي ذلك التدريب اللازم لتعريف الموظف الجديد بوظيفته، ويكون ذلك بتعريف الموظف بالإدارة التي سيعمل عليها وظروف العمل بصفة عامة، ثم التعريف بواجبات الوظيفة التي سيشغلها والموضوعات المتصلة بها.

أما التدريب أثناء العمل، فيقصد به التدريب الذي يحصل عليه الموظف بطريقة غير رسمية بواسطة الرؤساء المباشرين أو الزملاء القدامى له.

ب ـ التدريب اللاحق Training in later وهذا النوع من التدريب يمكن تقسيمه بدوره إلى نوعين:

ـ التدريب التنشيطي: Refreshing Training ويقصد به تزويد المتدرب بالمعلومات الحديثة، في مجال وظيفته، هذا النوع من التدريب مهم جداً في نطاق الوظائف التخصصية..

ـ إعادة التدريب Retraining ويقصد به البرامج التدريبية الخاصة بإعداد الموظف لشغل وظيفة أخرى أو وظيفة أعلى.

ج ـ التدريب التحويلي: يحدث في بعض الأحيان وهو فائض من تخصصات مهنية أو وجود عجز في تخصصات أخرى، وبطبيعة الحال يمكن النظر في تدريب الفائض من العمالة ليحل محل العجز الموجود[85].

وللتدريب طرق مختلفة، إلا أن أهم هذه الطرق يتمثل فيما يلي:

أ ـ الطريقة الجماعية: ويقصد بها مجموعة من الأفراد دفعة واحدة كما هو الوضع في المحاضرات والمناقشات والندوات والتمثيل والتطبيق العملي، ففي المحاضرات يقوم بعض الخبراء في النواحي العلمية أو العملية بإلغاء المعلومات التدريبية في ناحية معينة في موضوع بالذات أمام مجموعة كبيرة من الأفراد، وفي المناقشات يفتح المدرب المناقشة بذكر موضوع البحث، وفكرة عامة عنه ويترك للحاضرين فرصة المناقشة وإبداء الرأي، ويتوقف نجاح هذه الطريقة على مقدرة المدرب على إدارة المناقشة بطريقة منتظمة، وعلى عدد الأفراد المشتركين في المناقشة، وعلى طول الجلسة، بحيث لا تكون قصيرة فتذهب فائدتها أو طويلة فتبعث على الملل في نفوس الحاضرين.

وفي التمثيل كمجتمع المجموعة وتختار اثنين منهم لتمثيل مشهد من المشاهد التي قد تثير بعض المشاكل بين الرئيس الإداري والموظف مثلاً، وتدور حولهما مناقشة حول موضوع معين كطلب نقل من قسم لآخر مثلاً، وفي أثناء هذا المشهد يحاول المجموع دراسة تصرفات الاثنين وتدوين ملاحظات بما يحدث.. وعلى ضوء هذه المناقشة يحاول المدرب وضع أسس ومبادئ يجب أن يسير عليها المجموع لمعالجة الحالة المعروضة أمامهم مستقبلاً.

أما الندوة عبارة عن مناقشة تتم بين اثنين أو أكثر من المتخصصين في موضوع معين أمام مجموعة من الأفراد، ويسمح لهم في نهاية الندوة بتوجيه الأسئلة إلى أعضاء الندوة والاستفسار عما غمض عليهم..

ب ـ الطريقة الفردية: ويقصد بها تدريب الأفراد الواحد تلو الآخر، حيث يقوم كل خبير بتدريب فردٍ واحدٍ. ولا شك أن هذه الطريقة تعطي المدرب فرصة أكبر لتفهم شخصية الموظف، كما تعطي الموظف فرصة الاستفسار من المدرب عن كل ماغمض عليه دون خوف أو اضطراب.

ولكن كما هو ملاحظ فإن هذه الطريقة مكلفة للغاية، ولا يمكن استخدامها إلا بالنسبة للأعمال التي تتطلب من الموظف مهارة دقيقة للغاية كقيادة الطائرات[86].

وعلى كل حال، فإن للعملية التدريبية مدخلات لا بد منها كي تنتج لدينا مخرجات تدريبية على درجة من الجودة وتتمثل هذه المدخلات فيما يلي:

ـ العمليات التحضيرية: وتتمثل في الأهداف والبرامج والإمكانات، ومستوى الأداء المتوقع.

ـ العمليات التنفيذية: وتتجسد في نقل المعارف والمهارات والخبرات وتغيير الاتجاهات والسلوك.

ـ العمليات التكميلية: وتتجسد في متابعة التدريب، وتقييم الأداء التدريبي و التجهيزات والوسائل المعينة للتدريب.

أما مخرجات العملية التدريبية فتظهر على ثلاثة مستويات:

ـ المخرجات البشرية وتتمثل في المتدربين مع المهارات والمعارف والخبرات والسلوكيات الجديدة؟

ـ المخرجات المادية: وتتمثل في زيادة معدل الأداء وتحسين طرق العمل، وارتفاع الإنتاجية وزيادة الأرباح..

ـ المخرجات المعنوية: وتتجسد في زيادة المعارف، وتحسين العلاقات الوظيفية، وتطوير المهارات، وتعديل السلوكيات[87].

ثانياً- تكوين الوحدات الإدارية: وسوف نتطرق إلى هذه النبذة إلى أنواع الوحدات الإدارية ثم نتطرق على تدرج السلطة الإدارية وتوزيعها:

1ـ أنواع الوحدات الإدارية: وتنقسم الوحدات الإدارية إلى وحدات رئيسية وأخرى مساعدة، وثالثة استشارية:

أ ـ الوحدات الإدارية الرئيسية: وهي والوحدات التي يناط بها تنفيذ المهام التي أحدثت الإدارة العامة من اجلها وتتسم هذه المهام أنها تشبع حاجات عامة جماعية سواء أكانت لصالح الجمهور كافة كالدفاع، أم لجزء منه كالطلاب. والوحدة الرئيسية في هذا الخصوص، هي الوزارة فكل نشاط رئيسي يتعين أن تقوم به الدولة، يعهد به إلى وزارة مستقلة.

ب ـ الوحدات المساعدة: كانت الوحدات الإدارية الرئيسية تنتهج أسلوب الاكتفاء الذاتي فتقوم بالعمليات الرئيسية والثانوية التي يستلزمها تحقيق الغرض المنوط بها، ونظراً لاتساع وظيفة الدولة المعاصرة تشعبت أنشطة الوحدات الإدارية الأصلية وتعقدت مهامها، ونتيجة لذلك أضحى من الأفضل أن تنصرف الوحدات الأصلية للنهوض بأعبائها ومهامها الأساسية وأن تعهد بإنجاز الأعمال التابعة والثانوية إلى هيئات مساعدة تكون أقدر على القيام بها.

ج ـ الوحدات الاستشارية: بعد أن تعقدت قضايا الإدارة العامة، وتشعبت أنشطتها، وتنوعت مهامها، أصبح من المتعذر على الكادر الإداري الإلمام بفروع المعرفة كافة، وهذا ما دعا علماء التنظيم إلى إنشاء الوحدات المساعدة الاستشارية بهدف تقديم الدراسات والبحوث والاقتراحات والتوصيات اللازمة لاتخاذ القرار من قبل الكادر الإداري[88].

2ـ توزيع السلطة الإدارية ( أساليب التنظيم الإداري):

تمارس السلطة الإدارية بصورة مركزية أو لا مركزية، إلا أن السلطة سواء أكانت مركزية أم لا مركزية يمكن أم يمارسها صاحبها شخصياً، كما يمكن أن يفوض جزءاً منها إلى غيره، وسوف ندرس فيما يلي المركزية واللامركزية ونظام عدم تركيز السلطة:

آ ـ المركزية الإدارية: هي أسلوب تنظيمي يفترض قيام إدارة عامة داخل عاصمة الدولة على أن تتصرف هذه الإدارة بمباشرة مختلف الوظائف الإدارية مع إخضاع جميع العاملين بالإدارات العامة وفروعها المصلحية والإقليمية على مختلف مستوياتها الهرمية للهيمنة من جانب الرئيس الإداري المركزي الأعلى، ويستوي بعد ذلك صدور الإدارة المركزية عن جهة واحدة أو جهات متعددة طالما كانت هذه الجهات تابعة للسلطة الرئاسية العليا ممثلة لها[89].

وبذلك يمكن القول أن المركزية الإدارية تقوم على ثلاثة أركان أساسية هي: التركيز الإداري التبعية الهرمية، أي خضوع موظفي الحكومة المركزية لنظام السلم الإداري، وممارسة السلطة الرئاسية، وسوف نوضح كلاً من هذه النقاط:

ـ التركيز الإداري: يقصد بالتركيز الإداري تجميع الوظيفة الإدارية في يد الحكومة المركزية، في العاصمة وعمالها من موظفي فروع هذه السلطة في الأقاليم.

وتبدو مظاهر التركيز الإداري من خلال تركيز سلطة البت والتقرير النهائي في جميع المسائل المتعلقة بالوظيفة الإدارية في يد رجال الحكومة المركزية من جهة ومن خلال احتكار الحكومة المركزية لسلطة التعيين في الوظائف العامة على أساس أن الموظفين القائمين بأعمال هذه الوظائف هي في النهاية مجموعة من المعاونين التابعين لها رئاسياً[90].

- السلطة الرئاسية: ويقصد بالتبعية الهرمية السلطة الرئاسية أي أن الرئيس الأعلى في الوحدة الإدارية يرأس كل منها، والذين يعملون تحت سلطته فيكون له سلطة توزيع العمل والنشاط عليهم أو تعيينهم أو نقلهم أو ترقيتهم أو توقيع الجزاء عليهم وذلك في حدود ما تنص عليه القوانين واللوائح، وهذا ما يعبر عنه بسلطة الرئيس الإداري على أشخاص مرؤوسيه، وكذلك يكون لهذا الرئيس الإداري سلطة أعمالهم التي يقومون بها وينجزونها ضمن الإدارة، فالرئيس الإداري له سلطة توجيه مرؤوسيه وإرشادهم قبل إنجاز عمل لأعمالهم، حيث يصدر لهم التعليمات والتوجيهات.

كما له سلطة على أعمال هؤلاء المرؤوسين بعد إنجاز أعمالهم في المنظمة الإدارية التي يعملون فيها، فهو إما أن يقر أعمال هؤلاء المرؤوسين أو يعدلها أو يلغيها، كما يرى بعض الفقه إمكانية حلول الرئيس مكان المرؤوس في إنجاز هذه الأعمال.

ويمارس الرئيس الإداري سلطاته المذكورة عن طريق توجيه أوامر للمرؤوسين على مختلف مستويات الهرم الإداري، وليس للمرؤوسين من حيث المبدأ سوى طاعة هذه الأوامر الرئاسية، ولكن هذا لا يعني أن يصبح المرؤوس مجرد آلة تنفيذية لأوامر رئيسه وتوجيهاته دون إبداء الرأي أو الاستفسار عن بعض ما يشوب جوانبها من غموض، ولكن يجب أن يكون ذلك في حدود الأدب واللياقة فإذا انتهت المناقشة إلى تأكيد الرئيس لوجهة نظره وجب على مرؤوسيه الطاعة والتنفيذ، مع العلم أنه إذا كان الأمر منطوياً على مخالفة للقانون، فيجب على المرؤوس مراجعة رئيسه، ولا ترفع مسؤولية المرؤوس وفقاً لقانون العاملين السوري جراء تنفيذ مثل هذا الأمر إلا بصدور أمر خطي بضرورة التنفيذ، أما إذا كان الأمر الرئاسي منطوياً على ارتكاب جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات، فيحق للمرؤوس عندئذٍ الامتناع مطلقاً عن التنفيذ[91].

ـ التبعية الهرمية أو التسلسل الرئاسي: يقصد بالتبعية الهرمية في هذا المقام انتظام موظفي الإدارة المركزية على طول السلم الإداري في رابطة ذات مدارج تصاعدية تنتهي بالرئيس الأعلى وهو رئيس الجمهورية في النظام الرئاسي والوزير في النظام البرلماني[92].

وللمركزية الإدارية صورتان: التركيز الإداري، وعدم التركيز الإداري، فأما التركيز الإداري فمعناه أن تتركز سلطة اتخاذ القرارات في كل الشؤون الإدارية في يد الوزراء وحدهم في العاصمة، ولا يكون سوى لممثلي الوزارات في العاصمة أو الأقاليم أية سلطة في اتخاذ أي قرار ولو صغر شأنه، ولا شك فإن هذا التركيز الشديد متطرف وضار بمصالح الأفراد ويعرقل تنفيذ المشروعات العامة، لذلك انتهت هذه الصورة المغالى فيها للمركزية الإدارية.

أما عدم التركيز الإداري فيعني نقل الاختصاص بتقدير بعض المسائل الإدارية إلى ممثلي الوزارات في العاصمة والأقاليم، وبالتالي يكون لمديري الإدارات في العاصمة ومديري الفروع الوزارية في الأقاليم حق تصريف شؤون الوظيفة الإدارية والبت فيها نهائياً، دون الرجوع للوزير في العاصمة، ولهذا يسمي الفقه عدم التركيز الإداري بـ (اللاوزارية) .

ويتم نقل الاختصاص على النحو السالف بيانه إما عن طريق القانون، أو عن طريق تفويض الاختصاص، حيث تنص القوانين ابتداء على آلية لتوزيع الاختصاص بين السلطات المركزية، وممثلها في العاصمة والأقاليم[93].

أما التفويض فيعني أن يعهد الرئيس الإداري بممارسة بعض اختصاصاته إلى معاونيه المباشرين بناءً على نص قانوني يجيز له ذلك، فالأصل العام أن الاختصاص شخصي Personalle يباشره الرئيس بنفسه، ولكن المشرع يجيز في بعض الحالات التفويض في مسائل معينة لاعتبارات تقتضيها ضرورات عملية، ويجب أن يكون التفويض جزئياً Partielle ومقتصرا على مسائل معينة، وبالتالي فإن التفويض الشامل يكون مخالفاً للقواعد العامة، ولا يكون التفويض في جميع الحالات مشروعاً إلا إذا أجازه المشروع، أي أن التفويض لا بد أن يكون مستنداً على نص تشريعي يجيزه[94].

ب ـ اللامركزية الإدارية: يقصد باللامركزية الإدارية توزيع الوظيفة الإدارية في الدولة بين الحكومة المركزية، وبين أشخاص عامة أخرى محلية أو مرفقية تتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال، ولكن مع خضوعها للوصاية الإدارية التي تمارسها الحكومة المركزية.

ونلاحظ من خلال هذا التعريف الاختلاف بين المركزية الإدارية واللامركزية الإدارية، ففي المركزية الإدارية هناك تركيز للوظيفة الإدارية في أيدي الحكومة المركزية وممثليها من الوزراء، أما في اللامركزية الإدارية، فهناك توزيع للوظيفة الإدارية حيث تحتفظ الدولة بإدارة بعض المرافق العامة القومية في مقابل منح إنشاء وإدارة المرافق المحلية لأشخاص معنوية مستقلة محلية، وكذلك منح بعض المرافق ذات الطابع الخاص الشخصية المعنوية العامة وهي الأشخاص العامة المرفقية.

ومعنى ذلك أنه لدينا نوعان من الأشخاص الإدارية اللامركزية:

ـ أشخاص لا مركزية إقليمية (أو محلية): وهي تنشأ من خلال اعتراف المشرع بالشخصية المعنوية المستقلة للوحدات المحلية كأجزاء من إقليم الدولة، مع تقرير حق هذه الوحدات بإدارة المرافق والشؤون المحلية بقدر كبير من الاستقلال.. وتستند فكرة اللامركزية المحلية إلى الفكرة الديمقراطية التي تقضي بإعطاء سكان كل وحدة محلية الحق في إدارة شؤونهم ومرافقهم بأنفسهم..

ـ اللامركزية المرفقية: وهي تقوم على أساس إعطاء مرفق معين الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، وذلك لضمان الكفاءة الفنية في إدارته[95].

وعلى كل حال فإن اللا مركزية الإدارية تقوم على الأسس التالية:

ـ منح الشخصية الاعتبارية للوحدات الإقليمية: حيث تمنح هذه الوحدات الشخصية الاعتبارية لتكون صاحب حق وأهلاً للالتزام، وهو ما يخولها في حد ذاته الاستقلال المالي، بأن يكون لها ذمة مالية مستقلة تسمح لها سلطة الحصول على الموارد من جهة وسلطة تحديد نفقاتها.

ـ المجالس المنتخبة: حيث يجب انتخاب مجالس محلية عن طريق سكان الإقليم أو الوحدة المحلية، ليتولى هذا المجلس المنتخب إدارة المصالح المحلية للإقليم (مثل المجلس المحلي للمحافظة أو المدينة) وتذهب غالبية الفقه على ضرورة تشكيل المجالس المحلية بالانتخاب وذلك تعبيراً عن هذه الفكرة الديمقراطية في حق سكان الوحدات المحلية في إدارة مصالحهم المحلية. مع الإشارة إلى أن بعض الدول تجيز للسلطات المركزية تعيين بعض العناصر ذات الخبرة والكفاءة في المجالس المحلية.

ـ الاعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح القومية: حيث تقوم اللامركزية الإدارية المحلية على أساس اعتراف الدولة بموجود مصالح إقليمية أو محلية تستطيع الوحدات المحلية إشباعها بطريقة أفضل، وبما لا يشكل تهديداً للوحدة السياسية والإدارية للدولة.

ـ خضوع الأشخاص اللامركزية لوصاية السلطات المركزية: إذ أن استقلال الشخص اللامركزي لا يمكن أن يكون مطلقاً بل هو نسبي، بحيث لا بدَّ أن توجد رقابة من السلطات المركزية على الشخص اللامركزي تسمى بالوصاية الإدارية، والتي تستهدف ضمان احترام الأشخاص اللامركزية للشرعية ولحدود اختصاصها ولضمان احترام وإعلاء السياسة العامة للدولة، وخطتها القومية. ويرسم المشرع نطاق هذه الوصاية الإدارية التي تشمل الرقابة على الهيئة الإدارية للشخص اللامركزي وكذلك أعماله وقراراته.

ولكن هذه الوصاية الإدارية التي تمارسها الحكومة المركزية يجب أن لا تصل إلى حد إلغاء استقلال الشخص اللامركزي، وإلا كانت اللامركزية وهمية وغير حقيقية وتخفي مركزية مقنعة[96].

أما اللامركزية المرفقية فتقوم على الأسس التالية:

ـ أنها تقوم على أساس وجود مرفق عام: أي أنها طريقة من طرق الإدارة العامة ويعني هذا أن النشاط الذي تقوم به ينطبق على الأحكام الرئيسية التي تنطبق على المرفق العامة، ويجب أن تتوافر فيه شروط وصفات المرفق العام.

ـ إعطاء الشخصية الاعتبارية لمرفق محدد: وتعود أهمية منح الشخصية الاعتبارية أنه هو الذي يحقق الكيان القانوني المستقل للمرفق عن الشخصية القانونية للدولة، ويعني ذلك أن منح المرفق الشخصية الاعتبارية هو الذي يجعله يقدم بياناً مستقلاً عن الشخصية القانونية للدولة.

ولكن تجدر الإشارة إلى أن هذا الاستقلال يكون مقيداً بقيدين، القيد الأول هو قيد التخصص، حيث لا يجوز للشخص الإداري اللامركزي المرفقي أن ينهض سوى بوجه النشاط الذي أنشأ من أجله، أما القيد الثاني فهو قيد الوصاية، حيث يخضع هذا الشخص ذاته إلى رقابة السلطة الإدارية المركزية، من أجل ضمان التزامه بتحقيق السياسة العامة وعدم الخروج عنها، وذلك تبعاًَ لما نص عليه قانون إنشائها[97].

المطلب الثاني

مبادئ التنظيم الإداري

وتتكون كل إدارة عامة من وظائف وموظفين، وتتدرج فيها الوظائف في نظام هرمي، وتوزع فيها السلطة بطريقة مركزية أو لا مركزية .. الخ. ولكن ما هي المبادئ التي تحكم التنظيم في كل حالة على حدة ؟؟ هذا الأمر هو الذي سنوضحه فيما يلي:

أولاً ـ وحدة القيادة:

من مسلمات هذا العصر أن البناء التنظيمي للإدارية العامة قد أصبح يتسم بالتنوع والعقد، ومن ثم بالتضخم والقيد. إذ أنه أصبح مشتملاً في الواقع على منظمات ووحدات تنظيمية متعددة سواء على المستوى المركزي أم على المستوى اللامركزي، دون أدنى شك، فإن هذا التنوع والعقد في التنظيم الإداري قد يؤدي إلى التضارب والتداخل في الاختصاصات، مما قد ينعكس سلباً على كفاءة الإدارة العامة في المجتمع، لذلك يصبح من الضروري قيام سلطة واحدة سواء تمثلت في شخص واحد أم في مجموعة من الأشخاص يشكلون فيما بينهم مجلساً أو مؤتمراً أو جمعية أو عيرها، تقف على راس أو قمة تلك التنظيمات والتي تشير عليها مختلف الوحدات الإدارية وتختلف هذه السلة باختلاف النظام السياسي السائد، ففي النظام المالي والذي يقوم أساساً على مبدأ ثنائية وازدواجية السلطة التنفيذية، تتكون هذه للسلطة من عنصرين هما رئيس الدولة والوزارة.

هذه الثنائية تحتمها في الواقع عد مسؤولية رئيس الدولة سياسياً أمام البرلمان، إذا هو لا يتولى من السلطة التنفيذية سوى جانبها الاسمي، إنما يمارس اختصاصه بواسطة وزرائه، أما في النظام الرئاسي، حيث يقوم تنظيم السلطة التنفيذية على أساس فردية أو وحدة هذه السلطة فإن السلطات الإدارية العليا تتمثل أساساً في رئيس الدولة وحده[98].

وإذا كان لوحدة القيادة على مستوى الجهاز الإداري يمثل أهمية معينة، فإن هذه الأهمية تتبدى أيضاً على مستوى الأنظمة، ومن ثم يجب أن يكون على رأس كل منظمة إدارية رئاسة أو قيادة موحدة تقوم برسم سياسة هذه المنظمة في إطار السياسات العامة للدولة، ويتفرع عن مبدأ وحدة القيادة على مستوى المنظمة أن تضمن سلطة إصدار الأوامر والقرارات في نطاق المنظمة في مصدر واحد[99].

ثانياً ـ تساوي السلطة مع المسؤولية:

يقصد بالسلطة Authority كمصطلح مجرد: القدرة على فرض الإرادة على الآخرين، وإذا طبقنا هذا المعنى على السلطة الإدارية لأصبح المقصود منها قدرة الرئيس الإداري على فرض إرادته ـ بما يتخذه من قرارات في حدود اختصاصه على مرؤوسيه، وبذلك تظهر أهمية السلطة ضمن الجهاز الإداري، إذ أن هذا الأخير يتضمن مجموعة من الوحدات الإدارية والتي تقسم الوظائف فيها إلى مراتب ودرجات وتتدرج فيما بينها في شكل هرمي، كما توزع كل منها على عدد من العاملين المؤهلين لذلك يجب أن تحدد العلاقات والروابط بين مختلف هذه الوحدات وتلك الوظائف بشكل تكفل التنسيق بين نشاط مجموع العاملين بما يحقق أهداف هذا التنظيم بكفاءة وفعالية، وهذا دور السلطة وذلك بما تنشئه من علاقات رأسية بين الرؤساء والمرؤوسين[100].

أما المسؤولية Responsibility ذكرنا أنه لكي يتمكن الموظف من مباشرة الاختصاصات الوظيفية المسندة إليه يجب أن يمنح قدراً من السلطة، وإلا أصبح عاجزاً عن أدائه لذلك الاختصاص، ولكي نضمن أن يباشر هذا الموظف السلطة الممنوحة له في حدود القوانين واللوائح فإن الضمان الوحيد في هذا الخصوص هو مسؤوليته عن نتائج مباشرته لاختصاصاته الوظيفية، إذا كلما شعر الموظف بأنه مسؤول عن مباشرة تلك الاختصاصات كلما استخدم سلطاته في النطاق والحدود المرسومة لها، والعكس صحيح، أي أنه كلما شعر بعدم المسؤولية، كلما استبد وتجاوز حدود سلطاته. وبالتالي فإن السلطة والمسؤولية عنصران متلازمان، وهو الأمر الذي ينطبق على موظفي كافة المستويات الإدارية ضمن الهرم الإداري الذي تتكون منه المنظمة الإدارية[101].

ثالثاً- ضرورة تحديد واجبات و مسؤوليات الوظيفة:

ويقصد بهذا المبدأ وجوب معرفة كل عضو من أعضاء الوحدة الإدارية مقتضيات وظيفته بدقة وحدود سلطاته ومسؤولياته، ومن الطبيعي أن تزيد الكفاية والفاعلية الإدارية، إذا حددت الواجبات والمسؤوليات والسلطات والعلاقات تحديداً واضحاً، ومع ذلك فإنه يلاحظ أن تحديد الواجبات والمسؤوليات بدقة لكل وظيفة يسهل كلما كانت تلك الوظيفة قريبة من قاعدة الهرم الإداري، ولكن التحديد يغدو عسيراً كلما اقتربت الوظيفة من قمة ذلك الهرم[102].

رابعاً ـ قاعدة التخصص:

بقصد تقسيم العمل والتخصص فيه، لجميع الوظائف، أو الأنشطة المتشابهة كل متكامل وإسنادها إلى تنظيم واحد يباشرها دون سواها، مما يسهل عليه أداؤها بإتقانٍ وفعالية، وهنا يقال أن فكرة تقسيم العمل والتخصص فيه إنما ينطبق على مستوى المنظمات.

كما يقصد بهذه الفكرة أيضاً عدم احتواء كل وظيفة من الوظائف التي يشتمل عليها التنظيم لأكثر من عملٍ واحد، على أن يسند هذا العمل إلى الموظف الذي يتفق مع قدراته ومؤهلاته.

وإن الأخذ بفكرة تنظيم العمل على هذا النحو من شأنه أن يساعد كل موظف على معرفة واجباته بدقة، وكذلك حدود سلطاته ومسؤولياته، وهو ما يكسبه بدوره الخبرة والكفاءة في إجادة العمل المسند إليه، وعلى الرغبة في تطويره، وذلك عن طريق محاولة الموظف صاحب الاختصاص إبتكار وسائل جديدة لأدائه أو التعديل من أسلوب مباشرته[103].

خامساً ـ نطاق الإشراف:

بما أن قدرة الفرد على الإشراف محدودة، فإنه إذا وزع وقته وجهده على أعمال عديدة، فإن كفاءته تسير إلى انخفاض لذلك يجب أن يؤخذ في الاعتبار حين تجميع الوظائف في مجموعات (إدارات ـ أقسام ـ شعب الخ..) أن هناك نطاقاً لعدد المرؤوسين الذين يمكن للرئيس الواحد أن يشرف عليهم بالكفاءة المطلوبة، ومن الطبيعي أن تكون الوظائف بالمستويات العليا للتنظيم لها مسؤوليات كبيرة، ويغلب عليها طابع الابتكار والإنشاء، لذلك فإنها تتطلب إشرافاً أدق من تلك التي بالمستويات التالية بالتنظيم، فكلما كانت مسؤوليات وواجبات الوظائف محددة أو لها طابع تخصصي أو روتيني، كلما تطلبت دقة أقل في الإشراف، لذلك فإن نطاق الإشراف يكون في قمة التنظيم صغيراً يتجه نحو الاتساع في قاعدة التنظيم.

ومن نافلة الأمور القول، أنه كلما زاد نطاق الإشراف عن الحد المعقول كلما أدى ذلك إلى انخفاض الكفاءة الإنتاجية للمرؤوسين بسبب ضعف الإشراف عليهم[104].

المبحث الثالث

القيادة الإدارية وصنع القرار

يجمع فقهاء الإدارة العامة على أن نجاح أي وحدة من الوحدات الإدارية يتوقف على كفاءة قادتها حينما يتطلب الأمر منهم إصدار قرارات رشيدة وفعالة في حياة الوحدة الإدارية، فلا بد أن تصدر قرارات يتقبلها أعضاء الوحدة الإدارية طوعاً واختياراً، ويعملون على تنفيذها عن رغبة واقتناع، وعلى ذلك فإنا سوف ندرس على امتداد مطلبين القيادة الإدارية وصنع القرار الإداري وذلك كما يلي:

المطلب الأول

القيادة الإدارية

تفترض القيادة وحدة طرفين قائد يوجه وجماعة تستجيب، فهي إذن عملية تبادلية تعني القدرة على إحداث التأثير في الأشخاص، بتوجيههم في قيامهم بالأعمال التي من شأنها تحديد الهدف المنتقى، علاوة على التأثير في سلوكهم ومعتقداتهم وقيمهم لصالح المنظمة. وقد تعددت الاتجاهات وتباينت الآراء في هذا الشأن، فظهرت عدة نظريات لذلك، أبرزت صفات القائد، كما حددت النماذج وأنماط القيادة وانتهت إلى تحديد عوامل نجاح القائد.

أولاً - تعريف القيادة الإدارية:

تعددت النظريات التي تحاول تعريف القيادة الإدارية فظهرت نظريات كثيرة حول ذلك، أهمها:

1ـ نظرية السلطة الرسمية: وهي تنطلق من فكرة السلطة السائدة داخل التنظيم، فعمن طريق الأنظمة والقوانين السارية على التنظيم تمارس سلطة الأمر والنهي بالنسبة للمرؤوسين الذين يخضعون لمشيئة القائد في توجيه جهودهم، فالسلطة الرسمية إذن هي التي تخضع المرؤوسين لمشيئة القائد وتمكنه من السيطرة عليهم وتوجيههم، وذلك لخوفهم من المسؤولية والعقاب.

2ـ نظرية السلطة المقبولة: ويرى أيضاً هذا الاتجاه أن السلطة يجب أن تكون مقبولة من المرؤوسين عندما يمارسها الرئيس الإداري، وبالتالي فإن المرؤوسين يخضعون اختيارياً لنفوذ تأثير القيادة الإدارية، وذلك على أساس الاقتناع و ليس على أساس الخوف من العقاب. وبالتالي فإن أنصار هذه النظرية يربطون بين القيادة وبين رضا وقبول المرؤوسين بها.

3ـ نظرية المفهوم الوظيفي للقيادة: حيث تعرف القيادة وفقاً لهذا الاتجاه من خلال الربط بين وظائف القيادة وتحقيق الأهداف المنشودة، فالقائد الإداري بحسب هذه النظرية هو الذي يقوم بالتوجيه والتنسيق والرقابة على أعمال الآخرين بغية تحقيق الأهداف المرسومة[105].

ثانياً ـ نظريات القيادة الإدارية:

لقد تعددت أيضاً النظريات التي تبين أساليب القيادة ووظائفها، وتتجسد أهم هذه النظريات فيما يلي:

1ـ النظرية التقليدية: وتقوم هذه النظرية على أساس أن القيادة الإدارية الناجحة هي التي تعمل على ضبط سلوك العاملين بأسلوبي التخويف والتهديد من جهة واللين والتسامح من جهة أخرى..

2ـ نظرية سمات القائد وخصائصه: ويطلق على هذه النظرية أيضاً تسمية نظرية "الرجل العظيم Great man" بناءً على هذه النظرية يشترط في القائد الإداري أن يكون رجلاً عظيماً له تأثير قوي في الجماعة التي يقودها.

3ـ نظرية المواقف: وتقوم هذه النظرية على أساس ربط الخصائص المطلوب توافرها في القائد بالموقع أو المركز الذي يشغله، ومجاله، وطبيعته، والظروف المحيطة به، وعلاقته بالمواقع القيادية الأخرى، لذلك فإن القائد الإداري الناجح في موقع معين قد لا يصلح لموقع خر.

4ـ نظرية التفاعل: ومقتضى هذه النظرية أن القائد الإداري الحقيقي هو من يستطيع التجاوب والتفاعل مع جميع من ما يحيط به وبعمله من عناصر بشرية وعوامل إنسانية واجتماعية ووظيفية ومادية وغيرها، فهو شخص مرن يستطيع التصدي لكل المشكلات ومواجهة الاحتمالات[106].

وعلى كل حال فإن فقه الإدارة العامة يرى أن هناك مجموعة من الصفات يجب أن تتوافر في القائد الإداري الناجح:

1ـ الخلق الحسن: الذي يستطيع القائد الإداري بواسطته اكتساب احترام مرؤوسيه، ومن ثم يسيرون نحو تحقيق الأهداف المنشودة وهم بحالة معنوية شديدة.

2ـ أن يكون القائد قدوة حسنة فلا يأمر بشيء إلا ويكون هو أول من ينفذ، ولا ينهى عن شيء إلا ويكون هو أول من يبتعد عنه.

3ـ أن يكون عادلاً بين مرؤوسيه ورحيماً عليهم.

4ـ أن يكون عفيف النفس طاهر اليد.

5ـ أن يؤمن بالحوار البناء وأن لا يكون مستبداً في رأيه.

6 ـ أن يكون نصوحاً مكثراً من إسداء النصح لمرؤوسيه.

7ـ أن لا يكون أنانياً، فلا يسعى إلى تحقيق المكاسب الشخصية من وراء اقتراحات وآراء مرؤوسيه مما يدفعهم إلى الإحباط.

8ـ أن يكون ذا كفاية وعلم، وأن يكون حكيماً وفطناً ومحنكاً.

9ـ أن يكون بصحة جيدة، قوي الاحتمال، قادراً على السيطرة على أعصابه، سريع التفكير في الأوقات الحرجة.

10ـ أن يكون عنده روح الفكاهة والمرح[107].

ثالثاً ـ طرق اختيار القائد الإداري:

تعتبر مسألة اختيار القائد الإداري من أهم المسائل بالنسبة للمنظمة الإدارية وتتعدد هذه الطرق وفقاً لما يلي:

1ـ الاختيار الحر: يرتكز هذا الأسلوب على اختيار القائد الإداري استناداً على اعتبارات شخصية وتقديرية في الاختيار. تتعلق بالثقة بشخص محدد. مما يؤهله لتولي القيادة الإدارية.

2ـ المركز الاجتماعي: وتعتمد هذه الطريقة في اختيار القادة الإداريين على اعتبار النسب أو الانتماء إلى طبقة اجتماعية معينة، ولا يزال هذا الأسلوب متبعاً في وقتنا الحاضر في بعض الدول التي لم تصل بعد إلى درجة الرقي والتمدن.

3ـ الانتخاب: وتستند هذه الطريقة في اختيار القادة على أسس ديمقراطية سليمة فقد عرف هذا الأسلوب في بعض الدول، وذلك مع كل العيوب التي يمكن أن تكشف العملية الانتخابية في هذا النطاق.

4ـ الإعداد والتكوين: وتعتمد هذه الوظيفة على تدخل الإدارة العامة في إعداد وتكوين القادة الإداريين، وتلجأ كثير من الدول إلى إتباع هذا الأسلوب في وقتنا الحاضر فتعد القادة الإداريين في مدارس أو معاهد خاصة للإدارة.

5ـ الخبرة والممارسة: تبعاً لهذا النظام فإن تعيين القادة الإداريين يقوم على مقدار الخبرة العملية المكتسبة لدى الشخص المرشح وكذلك مقدار ممارساته الإدارية ومعارفه في هذا المجال[108].

المطلب الثاني

القرار في الإدارة

في الواقع إن اتخاذ القرارات يمثل جوهر وأساس الإدارة وهي العمل الأول والرئيسي للقادة الإداريين ، إذ يلعب القرار دوراً هاماً في ممارسة العمليات الإدارية المختلفة في المنظمة ، إلى جانب كونها عملية إدارية هامة في حد ذاتها ، ينسب إليها مدى النجاح أو الفشل الإداري ، وسوف ننظر إلى بيان ماهية القرار الإداري أولاً ثم نمثل مراحل اتخاذ القرار الإداري وذلك من خلال ما يلي :

أولاً- ماهية القرار الإداري : القرار الإداري بالمعنى الفني هو المقدرة على المفاضلة والاختيار بين الوسائل البديلة التي تساعد التنظيم على تحقيق أهدافه بأقصى قدر من الكفاءة والفاعلية والكفاية و تنقسم القرارات الإدارية ، وفي علم الإدارة العامة إلى عدة أنواع ومن الملاحظ أن هذه الأنواع تختلف فيما بينها وفقاً للزاوية التي للقرار منها ، وبالتالي تصنف القرارات وفقاً للمناهج التالية :

- تصنيف القرارات الإدارية من حيث أهميتها: وبالتالي فهناك القرارات الاستراتيجية وهي القرارات التي تهتم بمعالجة المشكلات المعقدة والتي تتعلق بكيان التنظيم الإداري ومستقبله أو يرسم السياسات العامة المختلفة ، وهناك من جهة ثانية القرارات التنفيذية التكتيكية، وهي القرارات التي تنقل الخطط والبرامج إلى حيز الوجود الفعلي، وهناك من جهة ثالثة القرارات الروتينية وهي القرارات التي تتعلق بمشاكل العمل اليومي، وهي في أغلبها قرارات متكررة وتأخذ نمطاً موحداً، ويمكن البت بها بناءً على التجارب والخبرات السابقة .

- تصنيف القرارات من حيث إمكانية برمجتها أو جدولتها : وتقسم القرارات وفقاً لهذا المعنى إلى قسمين : فهناك من جهة القرارات التي تتخذ بشكل روتيني ومتكرر وتكون مبنية بناءً واضحاً وثابتاً من خلال استخدام قواعد محددة وثابتة، وهناك من جهة أخرى القرارات غير المبرمجة ، وهي القرارات التي لا يمكن تكرارها بنفس الصورة ولا يمكن تأسيسها على قواعد ثابتة ومحددة وذلك لأن الأوضاع أو المشاكل التي تثيرها هي من نوع جديد ومتفرد عن المواقف السابقة .

- تصنيف القرارات وفقاً للنمط القيادي لمتخذها : وبناءً على هذا التصنيف تكون القرارات إما قرارات أتوقراطية Autocratic decisions وهي القرارات التي يتم اتخاذها من قبل الرئيس الإداري بشكل انفرادي ويعلنها على مرؤوسيه دون منحهم أي فرصة للمشاركة في اتخاذها ،وهناك من جهة أخرى القرارات الديمقراطية (القرارات بالمشاركة) Democratic decisions وهي القرارات التي تتخذ عن طريق المشاركة من خلال اشتراك المستويات الإدارية المختلفة في التنظيم وكل من يعطيهم أمر القرار خارج التنظيم .

- تصنيف القرارات من حيث أساليب اتخاذها: تصنف القرارات طبقاً لهذا المعيار إلى نوعين فهناك أولاً القرارات الكيفية (الوضعية) Qualitative وهي القرارات التي تعتمد في اتخاذها على الأساليب التقليدية القائمة على التقدير الشخصي لمتخذ القرار وخبرته وتجاربه السابقة، وهناك ثانياً القرارات الكمية (المعيارية) وهي القرارات التي يعتمد في اتخاذها على القواعد والأسس العلمية التي تساعد متخذ القرار على اختيار البديل الأفضل.

- تصنيف القرارات وفقاً للوظائف الأساسية بالمنظمة: حيث تقسم القرارات وفقاً لهذا المعيار إلى قرارات تتعلق بالعنصر البشري من جهة، وهي تلك المتعلقة بشؤون الموظفين منذ لحظة تعيينهم وحتى انتهاء خدمتهم. وهناك جهة أخرى قرارات تتعلق بالأموال والمعدات التي تستخدمها الإدارة وتشمل القرارات التي تستهدف تأمين الموارد المالية وتأمين الآلات والقرارات الإنتاجية والتسويقية وغيرها [109].

ثانياً - مراحل اتخاذ القرار الإداري :

تمر عملية اتخاذ القرار الإداري بخمس مراحل هي تشخيص المشكلة وتحديد البدائل وتقييم البدائل واختيار الحل الملائم والتنفيذ والمتابعة، وسوف ندرس كلاً من هذه المراحل الخمس كما يلي :

- تشخيص المشكلة : المشكلة هي موقف غامض يحتاج إلى تفسير ، أو هي حالة من عدم الإتقان أو التوازن بين ما هو كائن وما يجب أن يكون، وتصنف المشكلة أربع تصنيفات مختلفة ولكن أهم تلك التصنيفات هي المتعلقة بتصنيفها وفقاً لأهميتها، فهناك من جهة المشكلات التقليدية وهي المشكلات الرئيسية والتي يكاد يتكرر حدوثها في كل مرة يتكرر موضوعها، وهناك من جهة أخرى المشكلات التي تتشكل نتيجة لتفاعل عدد من العوامل والظروف التي يصعب توقعها . [110]

ويعتمد التعرف على المشكلة خطوة جوهرية من خطوات تشخيص المشكلة الإدارية حيث إن المشاكل غالباً لا تكون واضحة وظاهرة ومعروفة الأسباب ببساطة، ولعل أهم طرق التعرف على المشكلات إنما يتمثل في الملاحظة ذات الحساسية العالية التي يجب أن يتصف بها القائد الإداري، وكذلك يتم التعرف على المشكلات عن طريق القنوات الإدارية المختلفة والمتمثلة بالمرؤوسين أو القيادات الإدارية الأعلى أو عن طريق القنوات الخارجية مثل المراجعين والمتعاقدين مع الإدارة والرأي العام .... الخ [111].

وبذلك فإنه ينبغي على الرئيس الإداري أن يقوم بتحديد المشكلة بشكل دقيق وذلك بالتعرف على حقيقتها ووصفها وصفاً دقيقاً، وبحيث يفهم حقيقة الموقف دون غموض أو تأويل ومن الطرق الشائعة المتبعة في تحديد المشكلة وتشخيصها الطريقتان التاليتان:

- تحديد المشكلة إلى عناصرها الأولية: ويتم ذلك بتقسيم المشكلة إلى أجزاء صغيرة واضحة ومبسطة ومن ثم تركيبها وبحيث يسهل التعامل معها .

- إجراء البحوث العلمية : وذلك من خلال الانتقال إلى مكان وجود المشكلة ومعاينتها في بيئتها الحقيقة، أو من خلال أخذ عينات من المشكلة الموجودة وإجراء التجارب عليها .[112]

وتحديد المشكلة في شكلها النهائي يتطلب تحديد أسبابها التي أدت إلى نشوئها بغية التحكم والسيطرة على هذه الأسباب حيث أن معرفة الأسباب تعتبر خطوة هامة في طريق حل المشكلة، وذلك من خلال معالجة الأسباب التي أدت إلى الانحراف عن المعيار المحدد.

- وبعد أن يتم تحديد المشكلة وضبطها، وبيان أسبابها، لا بد من وصفها وصفاً دقيقاً بحيث يستطيع أن يفهمها كل من له علاقة بصنع القرار ولا بد هنا من وصف المشكلة عن طريق وضع حدود متناهية في الدقة ، حيث يجب كفاية المشكلة طريقة واضحة بعيدة عن كل المؤثرات والغموض، وهو ما يعني أن تعريف المشكلة يجب أن يكون محتوياًُ على التشخيص النهائي لها [113].

- تحديد وحصر البدائل الممكنة : وهذه هي المرحلة الثانية لصنع القرار النهائي وهي تعني التفتيش و لتنقيب عن أكبر عدد ممكن من البدائل والحلول للمشكلة التي تم تشخيصها، ومن هنا تبرز أهمية البديل المقترح لحل المشكلة التي تعتبر سبب اتخاذ القرار، باعتباره حلاً مقترحاً يطرح إلى جانب حلول أخرى بقصد التحليل والمقارنة، حيث يتم اختيار واحد منها ، بحيث يصبح هو الحل الأخير والأوحد للمشكلة التي أثارت إصدار القرار وهناك جملة من الشروط التي يجب توافرها في البديل حتى يكون مناسباً حيث يجب أن يسهم البديل ولو جزئياً في حل المشكلة كما يجب أن تتوافر إمكانات تنفيذه بشرياً ومادياً، وكذلك من الضروري أن يكون مشروعاً ومتاحاً أي أن يكون البديل المطروح مطابقاً للقوانين للأنظمة والقوانين النافذة تطبيقاً لمبدأ الشرعية ، ومن الضروري أيضاً أن يكون هذا البديل المقترح مقبولاً من الاطراف المرتبطة أو المتأثرة به [114].

- تقييم البدائل : بعد أن يتم تحديد البدائل يغدو من الضروري إجراء تقييم شامل لمزايا وعيوب كل البدائل والحكم على مدى ملائمتها للتطبيق ، وتعتبر هذه المرحلة – بحق- من المراحل الفكرية الشاقة والصعبة حيث أن نتائج كل بديل لا تظهر إلا في المستقبل وبعد التطبيق الفعلي ، وهذا الأمر يتطلب قدرات فكرية واسعة تستطيع أن تسبر غور المستقبل وتتنبأ به . وذلك كله إضافة إلى عامل ضيق الوقت ونقص المعلومات الذي يزيد من صعوبة تلك المرحلة لأن هناك بعض القرارات لا يمكن للإدارة تأجيلها ، ويجب إصدارها فور صدور المشكلة ودون انتظار جمع المعلومات أو مرور وقت كاف للدراسة والتمحيص، وهذا النوع من القرارات يسمى القرارات تحت الضغط Decision Under Pressure [115] .

وهناك على كل حال عدة معايير تقييم البدائل ، فهناك أولاً المعيار الاقتصادي وهو الذي يقوم على تقييم البدائل على أسس اقتصادية مثل الربح – التكلفة . ويقتضي المعيار الاقتصادي أن يكون أفضل بديل هو ذلك الذي يحقق ربحية أعلى من غيره من خلال قياس كمية الأرباح، وهنالك ثانياً معيار المخاطرة والذي يقوم على ً ضرورة تقدير المخاطر المحتملة لكل بديل مقابل المكاسب المتوقعة، والقرار الناجح دون شك هو ذلك الذي تكون مكاسبه أعلى من مخاطره، ويزداد الخط البياني للنجاح في اتخاذ القرار كلما ازدادت نسبة المكاسب على نسبة المخاطر، إضافة إلى ذلك، هناك المعيار الإنساني والمتعلق أساساً بالانعكاسات النفسية والاجتماعية للبديل، ومدى استجابة المرؤوسين للبديل المقترح وهذا يعني ضرورة تقييم البديل على أساس قبوله من قبل من سيستأثرون به، وأولئك الذين سيتولون تنفيذه، وأخيراً هنالك معيار تحقيق الأهداف إذ يتم تقييم البدائل على أساس مدى قدرة البديل على إنجاز أهداف المنظمة [116].

- اختيار الحل الملائم: وتعتبر هذه المرحلة هي المرحلة الحاسمة عند اتخاذ القرار الإداري، لأنها تنطوي على اختيار أفضل البدائل الملائمة لحل المشكلة المعروضة، وتعتبر مرحلة اختيار الحل الملائم من أكثر المراحل صعوبة، ويرجع ذلك إما للقرار ذاته بسبب تركيبته وحساسيته أو إلى تعدد الأهداف التي يريدها صانع القرار، مع قصور بدائل الحلول إذ طرحت كلاً على حدة في تحقيق الأهداف مجتمعة. وهناك عدة أنواع للحلول التي يمكن اعتمادها عند اتخاذ القرار، فهناك من جهة الحل المؤقت وهو الحل الذي يلجأ إليه المدير تفادياً لعدم توقف عمل الإدارة مع عدم معرفة الأسباب التي أدت إلى نشوء المشكلة القائمة، ومن جهة ثانية هناك حل التوافق، وهو الذي يحدّ من آثار المشكلة دون أن يعالجها نهائياً، فهو إذن حل علاجي مؤقت يمهد للحل النهائي، والذي لا يمكن تطبيقه عند اتخاذ القرار. ومن جهة ثالثة هناك الحل المصحح وهو الحل الذي يتلافى السبب الذي أدى إلى المشكلة من أساسه لذلك يعد هذا الحل من أكثر الحلول فعالية.

وعلى كل حال، فإن هناك عدداً من العوامل التي يجب مراعاتها أثناء عملية اختيار الحل الملائم، إذ يجب أن يكون القرار المتخذ بسيطاً وفعالاً وقوياً وكاملاً قدر الإمكان، وكذلك فإن اختيار الحل الملائم يتطلب دراسة سياسة المنظمة أو الإدارة، ودراسة إحدى تأثير هذا الخيار على استراتيجيات المنظمة الكلية ومدى قدرته على تحقيق الأهداف المحددة[117].

-التنفيذ والمتابعة: يتطلب وضع القرار موضع التنفيذ أولاً تهيئة الموارد المالية والمادية، وحشد الطاقات البشرية والتكنولوجية اللازمة لتنفيذ القرار، ووضع خطة تنفيذ الحل الذي وقع عليه الاختيار، وتحديد الوقت اللازم للتنفيذ ومراحله، وتحديد الأشخاص الذين سيتولون التنفيذ ومسؤولية كل واحد منهم مع تحديد البديل الذي قد تدعو الظروف لاستخدامه، إلى جانب الحل المختار أو الإضافة إليه لتكملته. وبطبيعة الحال، فإن هناك عدداً من العوامل التي يمكن أن تؤثر على تنفيذ القرار يجب أخذها بالحسبان، وهي:

أ- جودة التنظيم الذي ينفذ فيه القرار.

ب- واقعية الأهداف التنظيمية وحسن تعريفها.

جـ- دقة وتوقيت الإجراءات في التنظيم.

د- كفاءة نظام الاتصالات في المنظمة الإدارية التي سينفذ فيها القرار.

وبعد ذلك تأتي الخطوة الأخيرة في صنع القرار، حيث يجب أن يكون صانع القرار متأكداً من فعالية قراراته التي اتخذها، وبالتالي لا يمكن معرفة فيما إذا كانت الظاهرة التي استدعت اتخاذ قرار قد بدأت في الاختفاء أم لا، إلاّ عن طريق متابعة تنفيذ القرار وتحديد النقاط الإيجابية والسلبية في عملية التنفيذ، فإذا تبين أن القرار المتخذ لا جدوى منه، أو تبين من خلال التنفيذ أن فيه أخطاء لا بد عندئذ لصانع القرار من إجراء التعديلات اللازمة، أو تطبيق الخيارات الجزئية التي تم تحديدها مسبقاً تحسباً لمثل هذه المواقف[118].

المبحث الرابع

التنسيق والاتصال

أولاً- تعريف التنسيق:

نجم عن توسع الإدارة العامة في عصرنا الحديث تضخم كبير في بنيانها التنظيمي، لذلك فقد برزت أهمية التنسيق بين هذه الإدارات الحكومية والهيئات المتفرعة لتحقيق السياسة العامة للدولة من جهة، وتنسيق العمل بين فروع أقسام المنظمة الإدارية الواحدة من جهة أخرى، وفي الحقيقة لا يمكن أن يتحقق التنسيق إلاّ إذا توافر له اتصال جيد بين الإدارات والفروع المتشعبة، لذلك سوف ندرس أولاً التنسيق ثم ننتقل لندرس الاتصال.

المطلب الأول

التنســيق

التنسيق COORDINATION هو التوفيق بين الأنشطة المختلفة للجماعة لتحقيق التجانس والانسجام بينها بقصد تحقيق الأهداف المشتركة، ويعد التنسيق من أهم واجبات الرئيس الإداري، لأنه يرمي إلى منع التعارض والتنازع والمنافسة في العمل، وبذلك فإن أهداف التنسيق تتجلّى فيما يلي:

1- تحقيق الغايات المرجوة من التنظيم الإداري بفعالية تامة على أكمل وجه وفي أقصر ووقتٍ ممكن وبأقل جهد ونفقة.

2- التكامل في أداء الأعمال الإدارية، وعدم تكرارها وتلافي التعارض بينها.

3- تجنب الازدواج والتداخل في الأنشطة، والاختصاصات الإدارية.

4- منع التنافس بين الوحدات الإدارية، وضمان التعاون بينها والترابط بين أعمالها.

5- إزالة التفاوت في المعاملة بين العاملين في المنظمات الإدارية[119].

ثانياً- صور التنسيق ووسائله: تتعدد صور التنسيق، إذ قد يكون التنسيق داخلياً أو خارجياً، وقد يتم رأسياً أو أفقياً، وذلك على النحو التالي:

1- التنسيق الداخلي: ويقصد به التنسيق بين الفروع والوحدات المختلفة التابعة لمنظمة إدارية معينة.

2- التنسيق الخارجي: وهو التنسيق الذي يهدف إلى إيجاد التوافق والتكامل بين المنظمة الإدارية وغيرها من المنظمات الأخرى ذات الصلة بنشاط أو أهداف هذه المنظمة.

3- التنسيق الرأسي: وهو يعني التنسيق الذي يتم بين مستويات إدارية مختلفة في المنظمات الإدارية، لتحقيق التجانس والتكامل بين أعمالها وأنشطتها.

وتتجلّى المبادئ التي يقوم عليها التنسيق الإداري فيما يلي:

1- يجب أن تتحدد صور ووسائل التنسيق منذ لحظة إعداد الخطة، وعند وضع التنظيم المناسب بها، وتحديد وسائل تحقيقها وأساليب تنفيذ برامجها.

2- يجب أن تتوافر الإمكانات اللازمة لتحقيق التنسيق، وضمان مرونته، وتوافقه مع كافة التطورات والمستجدات.

3- تعتمد مباشرة التنسيق على سلامة توزيع السلطة والمسؤولية في المنظمة الإدارية وتقسيم العمل فيه على أسس علمية ونظم إدارية متقدمة، كما أن ترشيد اتخاذ القرارات الإدارية ووضع الأهداف والسياسات واستقرارها، وفعالية نظم الاتصالات في المنظمة من أسباب نجاح عملية التنسيق.

4- التنسيق الجيد الفعال يحتاج إلى كفاءة عالية لدى العاملين بالمنظمة، وأن تسود بينهم روح التفاهم والتعاون المتبادل[120].

المطلب الثاني

الاتصــال

أولاً- ماهية الاتصال:

المقصود بنظم الاتصال: هي نظم انسياب المعلومات داخل الجهاز الإداري، والمقصود بالمعلومات المعلومات ذات التأثير على عمليات اتخاذ القرارات ورسم السياسات ووضع الخطط وتنفيذها. وبالتالي فإن نظام الاتصال وفقاً للمفهوم سالف الذكر يتكون من العناصر التالية: المرسل والرسالة والوسيلة والمستقبل، فالمرسل يمثل الجهة التي ترسل منها المعلومات سواء أكانت مجسمة بفرد أو بتشكيل إداري، أما الرسالة فتمثل جوهر المعلومات المرسلة، والوسيلة تجسم الأسلوب الذي نقلت خلاله المعلومات، أما المستقبل فهو الجهة المستلمة والمستخدمة للمعلومات المرسلة.

إن أهمية نظام الاتصال تنبع من أهمية وضرورة المعلومات التي تنقل لمجمل عمليات اتخاذ القرارات ورسم السياسات العامة ووضع الخطط، وفي الواقع إن أهمية الاتصال تبرز النهج العلمي في العمليات المذكورة، وبضمور الأساليب العشوائية والارتجالية السابقة في هذا المجال، وإن اعتماد متخذي القرارات وراسمي السياسات العامة والمخططين المحدثين على المعلومات الدقيقة الوافية في القيام بواجباتهم يبرز أهمية نظم الاتصال باعتبارها الواسطة لنقل هذه المعلومات.

كذلك، برزت أهمية الاتصال، بزيادة جسامة أهداف وتضخم وتعقد الأجهزة الإدارية للدولة وتخصص هذه الأجهزة والإجراءات المكلفة بالقيام بها[121].

ثانياً- صور الاتصال:

تقسم نظم الاتصال تقسيمات متعددة من زوايا ووجهات نظر متفاوتة، كما يلي:

1-نظم الاتصال الرسمية ونظم الاتصال غير الرسمية: يقصد بنظام الاتصال الرسمي ذلك الذي تثبت عناصره بصورة مكتوبة ورسمية في الجهاز الإداري، وعادة توجه نظم الاتصالات الرسمية في الأجهزة الإدارية لخدمة المراكز الرسمية لاتخاذ القرارات ورسم السياسات ووضع الخطط داخل الجهاز الإداري، ويفترض أن يكون هناك تناسب بين كم ونوع وسرعة المعلومات المنقولة وبين الحاجات الفعلية لهذه المعلومات في كل مركز من هذه المراكز الرسمية.

أما نظم الاتصالات غير الرسمية فهي تلك النظم غير المنصوص عليها رسمياً أو بصورة مكتوبة في الجهاز الإداري أي أن عناصره غير رسمية، ولكن رغم ذلك فإن المعلومات التي تنقلها من وإلى المراكز لاتخاذ القرارات ورسم السياسات ووضع الخطط قد تكون ذات نتائج إيجابية بالنسبة للجهاز الإداري.

ومن الملاحظ أن نظم الاتصال غير الرسمي تعمل بصورة اعتيادية رغم وجود نظم الاتصال الرسمي ويبرز وجودها بصورة ظاهرة في حالة عدم فعالية أو محدودية كفاءة نظم الاتصال الرسمية في الجهاز الإداري.

والواقع العملي للأجهزة الإدارية يشير إلى حالات تعمل فيها نظم الاتصال الرسمي ونظم الاتصال غير الرسمي بدرجة عالية من التوافق، بينما هناك حالات أخرى يبرز فيها عدم التوافق وعدم الانسجام من حيث المردودات[122].

2- نظم الاتصال الداخلية ونظم الاتصال الخارجية:

نظم الاتصال الداخلية هي تلك التي تقوم بنقل معلومات بين مراكز مختلفة داخل الجهاز الإداري الواحد، أما نظم الاتصال الخارجية فهي تلك التي تقوم بنقل معلومات بين مراكز داخل جهاز إداري محدد ومراكز أخرى خارج هذا الجهاز الإداري.

أما أهمية كل من هذين الصنفين من نظم الاتصال فتبرز في أن الجهاز الإداري يحتاج إلى معلومات من داخله ومن البيئة التي يعمل ضمنها لأغراض اتخاذ التطورات ورسم السياسات ووضع الخطط، وهذا يفترض في حد ذاته وجود تكامل وتناسق بين نظم الاتصال الداخلي والاتصال الخارجي.

3- الاتصال المكتوب والاتصال غير المكتوب:

والاتصال المكتوب هو ذلك الاتصال الذي تنقل المعلومات خلاله على شكل كلمات وجمل أو على شكل رموز وأرقام ومعادلات.. الخ، أما الاتصال غير المكتوب، فالمعلومات تنقل خلاله بالكلام الشفهي أو بالإشارات.. الخ.

وكل من هذين الأسلوبين في نقل المعلومات يمكن أن يكون فعالاً ولكن وفقاً للمواقف والظروف، مع الإشارة على أن الاتصال المكتوب يمكن أن يضمن دقة في نقل المعلومات أكثر من الاتصال غير المكتوب، في حين أن الاتصال غير المكتوب يضمن سرعة في نقل المعلومات أكثر من الاتصال المكتوب[123].

4- الاتصالات الرأسية والاتصالات الأفقية:

ويقصد بالاتصالات الرأسية تلك التي تتم داخل المنظمة الإدارية بين القيادة ومرؤوسيهم والعاملين بالوحدات الإدارية فيها ومن ثم فإنها تؤدي إلى انسياب السلطة من أعلى إلى أسفل من ناحية وعندئذٍ تكون اتصالات هابطة من أسفل إلى أعلى من ناحية أخرى وعندئذٍ يطلق عليها تسمية الاتصالات الصاعدة.

أما الاتصالات الأفقية فهي التي تتم بين الرؤساء أو العاملين في مستوى إداري واحد داخل المنظمة، أو بين قادة المنظمات الإدارية المختلفة حول المسائل المشتركة بينها للتنسيق بين أعمالهم وتنشيط العمل الإداري[124].

ثالثاً- معوقات الاتصال:

إن الصعوبات التي يمكن أن تعوق الاتصال متعددة وترجع إلى عوامل مختلفة، ويمكن حصر أهم العقبات في أربع:

1- صعوبة اللغة: حيث يجب أن يتم الاتصال من خلال اللغة الرسمية للمنظمة الإدارية التي يتم فيها الاتصال، حيث إن تعدد اللغات التي يتم فيها الاتصال، قد يؤدي إلى حدوث مانع سلبي له، ومن جهة ثانية، قد تتحول اللغة إلى عقبة أمام الاتصال في حال اختلاف مستوى التعليم والثقافة، مما يؤدي إلى عدم فهم الكلمات والألفاظ المتبادلة بين أطراف الاتصال، فيفسرها كل طرف حسب فهمه الخاص لها.. وكما هو ملاحظ، فإن مشكلة اللغة تظهر أكثر ما تظهر في الاتصالات المكتوبة، أما في الاتصالات الشفوية، فإن الاتصالات تبقى متاحة لتوضيح المعاني والاستفسار عن مدلول الألفاظ والكلمات.

2- حجم المنظمة الإدارية التي يتم فيها الاتصال: إذ أن المنظمات متوسطة الحجم أو الصغيرة لا يجد صعوبة تذكر في وضع نظام حكم للاتصالات وتحديد خطوط سريعة وفعالة، ولكن المشكلة تطرح بالنسبة للمنظمات الإدارية الكبيرة التي تتميز بضخامة جهازها الإداري، وتشعب فروعها، إذ إن ذلك يقود غالباً إلى تشابك قنوات الاتصال العديدة.

3- ندرة الاتصالات أو الإفراط فيها: حيث تؤثر ندرة الاتصالات في عرقلة تنفيذ قرارات المنظمة الإدارية، وبالتالي فشلها في الوصول إلى أهدافها، وفي نفس الوقت، فإن كثرة الاتصالات والإفراط فيها سوف تتحول إلى عبء ثقيل على عاتق العاملين في المنظمة الإدارية.

4- العوامل النفسية: حيث يؤثر انعدام الثقة وحلول الريبة في نفوس العاملين في المنظمة تأثيراً سلبياً على سلوكهم، مما يجعل الاتصالات عديمة القيمة والفائدة، وستكون حصيلة ذلك تفشي روح التهرب من المسؤولية وانتشار البيروقراطية والتمسك بالشكليات والإجراءات المعقدة في القيام بالاتصالات اللازمة[125].

المبحث الخامس

الرقابــة

وسوف نتطرق في هذا المبحث إلى ماهية الرقابة (المطلب الأول) ثم ننتقل لبحث في مراحل الرقابة (المطلب الثاني)، وذلك كما يلي:

المطلب الأول

ماهية الرقابة

الرقابة هي مجهود إنساني يتم وفق خطوات معينة، للوقوف على مدى اتفاق التنفيذ مع ما تم التخطيط له من أهداف، وتصحيح مسار هذا التنفيذ (إن كان هناك انحراف) بأسلوب يحقق من ناحية التلاؤم والتكيف مع ظروف عوامل الموقف، ومن ناحية أخرى، التعادل أو التوازن بين كفاءة وفعالية الأداء وبين الاعتبارات السلوكية والإنسانية للقائمين على هذا الأداء.

وبناء على ذلك يمكن القول أن عملية الرقابة تتضمن وفق هذا المفهوم، العناصر الأساسية التالية:

1- إن عملية الرقابة ما هي إلا عملية إنسانية، إذ إنها تمثل في الواقع مجهوداً أو نشاطاً يباشر أساساً من قبل الأفراد..

2- إن عملية الرقابة لا تتم- كما ذكرنا- عشوائياً أو اجتهادياً، وإنما وفق خطوات- مراحل معينة، أي أن هذه العملية لا تتم أو يجب أن لا تتم إلا في إطار علمي له حدود كمية ونوعية وزمنية تتلاءم مع ظروف ومتطلبات تلك العملية.

3- إن الرقابة عملية مستمرة، تبدأ مع بداية التنفيذ وتنتهي بتحقق النتائج أو الأهداف المرجوة من وراء هذا التنفيذ.

4- إن الرقابة تهدف إلى التأكد من أن مستوى الأداء، والطرق المتبعة في التنفيذ سوف تؤدي إلى تحقيق الأهداف أو النتائج المرجوة.

5- إن الرقابة لا تقتصر على اكتشاف الانحرافات أو الاختلافات بين الأداء والمعايير الموضوعية فقط، إنما تبين أيضاً وسائل أو سبل إعادة الأمور إلى نصابها.

6- إن وسائل الرقابة أو سبلها في تصحيح مسار التنفيذ لا تكون بالإيذاء أو بتوقيع العقاب، إلا إذا كانت هناك ضرورة، إنما تكون بمعرفة أسباب الإنحراف، وكيفية التغلب عليها، وكذلك بتوجيه القائمين على التنفيذ نحو طرق أفضل لمباشرته، وبما لا يترك عندهم رواسب نفسية سيئة.

ويلاحظ أنه في إطار المفهوم الوظيفي للرقابة يوجد لدينا اتجاهان:

1- فقد قيل أن الرقابة هي استخدام السلطة والسطوة أو القوة والنفوذ لإجبار الأفراد على تنفيذ الأوامر والتعليمات ومحاسبتهم، وتوقيع العقاب عليهم في حالة خطئهم أو إهمالهم.

2- ومن جهة أخرى هناك اتجاه آخر ينظر إلى الرقابة من زاوية سلوكية أو من زاوية العلاقات الإنسانية، ومن ثم فإنه يرى أن الرقابة يجب أن تشكل أسلوباً وطريقاً هاماً للتأثير على سلوك الأفراد.. وذلك باستخدامها كأداة لإثارة حوافزهم الذاتية، وإقناعهم بالأهداف والمعايير المطلوب منهم تحقيقها.. وكذلك لاستمالتهم نحو التعاون مع الإدارة.

وإذا أردنا أن نقيم هذين الاتجاهين، نستطيع القول أن ما يؤخذ على هذا الاتجاه الأول تجاهله تماماً للاعتبارات الإنسانية التي يجب أن تحكم العلاقة بين الرؤساء والمرؤوسين، فهو يولد في الواقع أزمة ثقة بين الطرفين، وإن كان يحقق بعض النتائج الإيجابية في ظل ظروف محددة أما فيما يتعلق بالاتجاه الثاني، والذي يركز على الاعتبارات السيكولوجية أو العلاقات الإنسانية في الإدارة، فإنه وإن كان يتجنب مآخذ الاتجاه الأول، حيث يؤدي إلى تهيئة الجو الديمقراطي في العمل والذي يساعد بدوره على تحقيق قدر كبير من التفاعل بين العاملين، كما أنه يؤدي على إيجاد حالة من الانضباط الذاتي لديهم والإحساس بالمسؤولية اتجاه أعمالهم، وهو ما يكون كافياً في حد ذاته لتقبل الأساليب الرقابية عندما تطبق عليهم[126].

ومن الملاحظ أنه قد تعددت تقسيمات الرقابة وفقاً لبعض المعايير الفنية الإدارية ويتمثل أهمها فيما يلي:

1- من حيث الهدف من الرقابة، قد تكون الرقابة مانعة أو وقائية، وهي رقابة سابقة تتحقق من خلال توجيه العاملين وإرشادهم بما ينبغي أن يكون عليه العمل الإداري قبل أدائه، وقد تكون الرقابة تصحيحية أو علاجية، وهي رقابة لاحقة تنم بالتعقيب على العمل الإداري وتصحيحه في حالة عدم سلامته.

2- ومن حيث مراحل التنفيذ وأداء العمل الإداري، يمكن أن تتم الرقابة بصورة مرحلية طوال مباشرة العمل الإداري أو أن تكون رقابة نهائية بعد الانتهاء من أداء هذا العمل..

3- أما من حيث طبيعة الرقابة فقد تتحقق هذه الرقابة بصورة سلبية إصلاحية تعتمد على انتظار وقوع الخطأ أو الانجراف ثم محاولة إصلاحه أو تصحيحه، أو أن تتحقق بصورة إيجابية وقائية من خلال العمل على اكتشاف الخطأ قبل وقوعه ثم محاولة دفعه إن أمكن أو التخفيف من آثاره الضارة على الأقل.

4- ومن حيث نطاق الرقابة تنقسم الرقابة إلى رقابة شكلية على الإجراءات المتبعة في أداء العمل الإداري وإلى رقابة موضوعية تتصل بنتائج العمل وقياس مدى إنجاز الأهداف المبتغاة.

5- وتنقسم الرقابة من حيث جهة مباشرتها فمن المحتمل أن يتولى الرقابة القائد الإداري للمنظمة بنفسه، فتكون رقابة مباشرة، وقد يباشرها جهاز أو عدة أجهزة متخصصة من داخل المنظمة ومن ثم تكون هذه الرقابة غير مباشرة[127].

المطلب الثاني

مراحل الرقابة على أداء الجهاز الإداري

إن الرقابة في الواقع تمر بخطوات معينة، وتعتمد كل خطوة منها على الخطوات أو المراحل السابقة عليها، وهذه الخطوات أو المراحل هي: وضع معايير رقابية- قياس ومقارنة الأعمال المنفذة- اتخاذ التصرفات العلاجية أو التصحيحية، وهو ما سوف نبينه فيما يلي:

أولاً- مرحلة وضع معايير رقابية:

والمعايير الرقابية هي النتائج المطلوب تحقيقها أو الوصول إليها وبمعنى آخر هي الأهداف أو الغايات المطلوب بلوغها، وغالباً ما يشار إلى تلك المعايير في الخطط أو البرامج أو السياسات الموضوعة وذلك فيما يسمى بمؤشرات الخطة أو البرنامج أو السياسة.

والمعايير الرقابية تشتمل في الواقع على وحدات عمل محددة، تتخذ أساساً لمقارنة وقياس كمية العمل الواجب أداؤها، ومستوى هذا العمل وكذلك الوقت أو الزمن الذي يلزم لذلك، وهذه أمور تختلف بطبيعة الحال من منظمة إلى أخرى تبعاً لاختلاف أوجه نشاط كل منها.. وما تسعى إلى تحقيقه من أهداف..

وعلى كل حال، فإن هناك مجموعة من الشروط التي يجب أن تتوافر في تلك المعايير، والتي من أهمها ما يلي:

1- أن تكون هذه المعايير محددة وواضحة بدرجة دقيقة، ويفضل دائماً أن تكون مدونة حتى لا تتعرض للسهو أو للتحريف.

2- يجب أن تتسم المعايير الرقابية بالمرونة وعدم الجمود، أي يجب أن تسمح بإعادة النظر فيها دورياً، لكي يتم تعديلها أو تغييرها.

3- يجب أن تتسم أيضاً بالبساطة والشمول، وأن تكون ممكنة التحقيق.

4- يجب أن تكون المعايير الرقابية متفقة مع الأداء المتوسط، بمعنى أن هذه المعايير يجب أن لا توضع على أساس عدم احتمال أية أخطاء.

5- يجب تجنب المغالاة في عدد من المعايير الرقابية لأن ذلك يقود في النهاية إلى تعقيد العملية الرقابية ذاتها[128].

ثانياً- مرحلة قياس ومقارنة الأعمال المنفذة:

وهذه المرحلة تعني متابعة وتقييم ذلك الأداء الفعلي، وذلك بقياسه أو بمقارنته بالمعايير الموضوعة لتحديدي فيما إذا كان هناك اتفاق أو اختلاف بينه وبين تلك المعايير..

ويمكن أن يتم إجراء القياس ومقارنة الأداء قبل البدء في تنفيذه، وهذا هو ما يطلق عليه أسلوب التوقع أو التنبؤ في الرقابة، وهذا الأسلوب يمكن عن طريق تحديد موعد حدوث الانحراف قبل وقوعه فعلاً..

كما يمكن أن تحدث عملية القياس والمقارنة أثناء التنفيذ، ويتم ذلك باستخدام الأعراض في الرقابة، وهو أسلوب يفترض أنه يمكن توقع حدوث انحرافات خطيرة من واقع ملاحظة أعراض أو حالات معينة أثناء التنفيذ تنذر بوقوع خطر ما يهدد تحقيق أهداف الخطة.

وأخيراً فإن مرحلة القياس والمقارنة قد تتم بعد الانتهاء من تنفيذ الأداء، أي تتم على النتائج النهائية للتنفيذ، وهو ما يفيد فقط في التخطيط للأنشطة المستقبلية، أو في توخي ما يمكن أن يحدث من انحرافات وأخطاء. في تلك الأنشطة المستقبلية[129].

ثالثاً- مرحلة التصرفات العلاجية أو التصحيحية:

وهذه المرحلة هي الهدف الحقيقي من العملية الرقابية في مجملها، أو لا فائدة ترجى في الواقع من هذه العملية إذا اقتصر الأمر على مجرد تحديد معايير رقابية، أو على مجرد مقارنة الأداء المنفذ فعلاً لهذه المعايير، دون أن يتوج ذلك كله بالوقوف على أسباب الأخطاء والانحرافات في تنفيذ الأداء، ومن ثم وضع الحلول العلاجية أو التصحيحية الواجب اتخاذها..

تتمثل هذه الحلول في اتخاذ الإجراءات ووضع التدابير التي من شأنها تصحيح الأخطاء أو معالجة الانحرافات التي أظهرتها عملية المقارنة بين النتائج فعلية الأداء، والمعايير الرقابية لهذا الأداء[130].

والجدير ذكره، أن هناك معوقات لابد من توافرها لتكون الرقابة ناجعة وفعالة، تتجلى فيما يلي:

1- يجب أن يكون النظام الرقابي متلائماً مع طبيعة النشاط الذي يؤدى ومتناسباً مع حجم هذا النشاط..

2- يجب أن يكون النظام الرقابي مرناً، وقابلاً للتعديل وإلا أصبح عاجزاً عن مواجهة ما يطرأ على ظروف التنفيذ من تغييرات أو تطورات.. أو على ما يستجد من أمور لم تكن في الحسبان عند التخطيط، أو عند وضع المعايير الرقابية.

3- يجب أن يكون النظام الرقابي اقتصادياً، فإذا كان النظام الرقابي يكلف الإدارة مبالغ طائلة، تفوق تلك التي يهدف على توفيرها أو مراعاتها، فإنه يعد عندئذٍ نظاماً فاشلاً، وتنتفي الحكمة من إعماله.

4- يجب أن يتسم النظام الرقابي بالوضوح وسهولة الفهم.

5- يجب أن يتسم النظام الرقابي بالسرعة، وذلك ليكون قادراً على مسايرة التنفيذ الفعلي للأداء، وقادراً كذلك على تحديد مدى اتفاق نتائج هذا التنفيذ مع المستويات المستهدفة.

6- يجب أن يتسم النظام الرقابي بالموضوعية إذ أنه يجب أن يؤسس على أحكام موضوعية وواقعية، لا على أساس أحكام تقديرية وشخصية، والأحكام الموضوعية والواقعية إنما تتجسد من خلال كون المقاييس أو المعايير الرقابية المستخدمة لقياس ومتابعة النتائج العقلية للتنفيذ، مقاييس ومعايير كمية ونوعية بقدر المستطاع.

7- يجب أن يكون النظام الرقابي نظاماً تصحيحياً وليس عقابياً فقط، فإذا كانت الرقابة وسيلة لتصيد الأخطاء وسيفاً مسلطاً على رقاب العاملين في الجهاز الإداري فإنها سوف تخلق جواً من النفور والتهرب من المسؤولية وعدم الاكتراث.

8- يجب أن تتولى الرقابة عناصر أمينة واعية فالعناصر التي يجب أن تتولى الرقابة يجب أن تكون على مستوى من الأمانة والخلق والثقة، بعيدة كل البعد عن الأهواء والاعتبارات الشخصية، والتي غالباً ما تثير الأحقاد والعداوة، في نفوس العاملين، وقد تدفعهم إلى إتباع سلوك مضاد لما تهدف إليه الرقابة.

وإضافة على ذلك فإن هذه العناصر يجب أن تكون واعية ومدركة للمهمة التي تباشرها، وأن تكون على قدر من الخبرة والتخصص. في هذا المجال، كما يجب أن تكون متسمة بقدر من اللباقة والفطنة، وأن لا تكون متسمة بالتسلط وحب الظهور والعجرفة واستغلال النفوذ.

9- يجب أن يراعي النظام الرقابي نمط التنظيم السائد بمعنى أن على النظام الرقابي أن يراعي النسيج المتشابك بين مجالات أداء النشاط المختلفة بالمنظمة، وكذلك علاقة الأنظمة الفرعية بعضها بالبعض الآخر في ظل أهداف المنظمة، وبالتالي فإن الرقابة على أداء نشاط معين يجب أن تتكامل مع الرقابة على الأنشطة الأخرى بالمنظمة[131].

الفصل الثالث

التنظيم الإداري في الجمهورية العربية السورية

بعد دراستنا للأسس العامة للتنظيم الإداري، ننتقل لندرس السلطة المركزية وأشخاصها في الجمهورية العربية السورية، وكذلك نتعرف سريعاً على الإدارة اللامركزية وذلك كما يلي:

المبحث الأول

السلطة المركزية

وفقاً لدستور الجمهورية العربية السورية والقوانين والأنظمة النافذة تضم السلطة المركزية كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ومجلس الوزراء والوزراء والمحافظين ومدراء المناطق والنواحي:

أولاً- رئيس الجمهورية:

1- شروط تولي المنصب: يشترط فيمن يرشح لتولي رئاسة الجمهورية أن يكون عربياً سورياً متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية متماً الرابعة والثلاثين من عمره([132])..

2- كيفية اختيار رئيس الجمهورية: يصدر الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية عن مجلس الشعب بناءً على اقتراح القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، ويعرض الترشيح على المواطنين لاستفتائهم فيه([133]).

ويجري الاستفتاء بدعوة من رئيس مجلس الشعب([134])، ويصبح المرشح رئيساً للجمهورية بحصوله على الأكثرية المطلقة لمجموع أصوات المقترعين، فإن لم يحصل على هذه الأكثرية رشح المجلس غيره، وتتبع بشأن ترشيحه وانتخابه الإجراءات نفسها على أن يتم ذلك خلال شهر واحد من تاريخ إعلان نتائج الاستفتاء الأول([135]). ومدة ولاية رئيس الجمهورية سبعة أعوام ميلادية تبدأ من تاريخ انتهاء ولاية الرئيس القائم([136]).

3- سلطات رئيس الجمهورية: يتولى رئيس الجمهورية تسمية رئيس مجلس الوزراء ونوابه وتسمية الوزراء ونوابهم وقبول استقالتهم وإعفائهم من مناصبهم([137])...، ويحق لرئيس الجمهورية أن يدعو مجلس الوزراء للانعقاد برئاسته كما يحق له طلب تقارير من الوزراء، ويصبح رئيس مجلس الوزراء في حالة انعقاد مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية عضواً عادياً في المجلس. ويضع رئيس الجمهورية السياسية العامة للدولة بالتشاور مع مجلس الوزراء([138]).

ويعين رئيس الجمهورية الموظفين المدنيين والعسكريين وينهي خدماتهم وفقاً للقانون([139]). ولا يعني هذا النص بأن رئيس الجمهورية يعين جميع الموظفين المدنيين والعسكريين بل تعيين كبار الموظفين المدنيين والقادة العسكريين الذين نص القانون على تعيينهم بمرسوم من قبله([140]).

ولرئيس الجمهورية إذا قام خطر جسيمة وحال يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة واستقلال أرض الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن مباشرة مهامها الدستورية أن يتخذ الإجراءات السريعة التي تقتضيها هذه الظروف لمواجهة الخطر([141]).

ولرئيس الجمهورية سلطة التشريع في الأحوال التالية:

- خارج انعقاد دورات مجلس الشعب على أن تعرض جميع التشريعات التي يصدرها على المجلس في أول دورة انعقاد له.

- أثناء انعقاد دورات المجلس إذا استدعت ذلك الضرورة القصوى المتعلقة بمصالح البلاد القومية أو بمقتضيات الأمن القومي، على أن تعرض هذه التشريعات على مجلس الشعب في أول جلسة له.

- خلال المدة الفاصلة بين ولايتي مجلسين، ولا تعرض هذه التشريعات على مجلس الشعب ويكون حكمها في التعديل أو الإلغاء حكم القوانين النافذة([142]).

ولرئيس الجمهورية أن يستفتي الشعب في القضايا الهامة التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وتكون نتيجة الاستفتاء ملزمة ونافذة من تاريخ إعلانها وينشرها رئيس الجمهورية.

ثانياً- مجلس الوزراء:

يتكون مجلس الوزراء، بموجب الفقرة الأولى من المادة115 من الدستور، من رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء، ويتولى رئيس الجمهورية، وفقاً للمادة95 من الدستور، سلطة تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء وقبول استقالتهم وإعفائهم من مناصبهم بمرسوم، وسوف نستعرض دور كل من أعضاء مجلس الوزراء في أعمال السلطة التنفيذية المركزية، وذلك كما يلي:

1- رئيس مجلس الوزراء: يقوم رئيس الجمهورية بتكليف من يشاء لتشكيل الوزارة، وبعد تشكيلها يرأس المكلف بتشكيلها مجلس الوزراء([143]). ويختص رئيس مجلس الوزراء، برئاسة مجلس الوزراء، إلا في حالة ترؤس رئيس الجمهورية لمجلس الوزراء وفقاً للمادة97 من الدستور، ويشرف رئيس مجلس الوزراء على أعمال الوزارة([144])، وفي نطاق هذه الوظيفة الأخيرة، فإن سلطة رئيس مجلس الوزراء تتوقف عند الحق في طلب تقارير منهم عن أعمال وزارتهم وإصدار توجيهاته لهم، والعمل على التوفيق والفصل في الخلافات التي تنشب بين الوزارات، ولا يعطيه هذا الحق مطلقاً سلطة الحلول محل الوزراء، في معرض ممارساتهم لأعمالهم، ولا يمنحه كذلك هذا الحق في الإشراف سلطة تبديل الحقائق الوزارية بين أعضاء الوزارة، إذ أن هذا الأمر يدخل في اختصاصه، بالاشتراك مع رئيس الجمهورية أثناء تشكيل الوزارة وبصدور مرسوم تأليف الوزارة يسقط حقه في هذا المجال، في حين تبقى سلطة رئيس الجمهورية مطلقة في المجال ذاته استناداً للمادة95 من الدستور([145]).

ومن الملاحظ أن المادة128 من الدستور قد نصت على أن يمارس رئيس مجلس الوزراء والوزراء الاختصاصات المنصوص عليها في التشريعات النافذة بمالا يتعارض مع الصلاحيات الممنوحة لسلطات الدولة الأخرى في الدستور.

وفي الحقيقة فإن هناك كثيراً من المهام أنيطت برئيس مجلس الوزراء قد نصت عليها التشريعات النافذة، في القطر، ولعل أهم هذه التشريعات، المرسوم40 لسنة2005 والذي حدد صلاحيات رئيس مجلس الوزراء الأساسية في إدارة جلسات المجلس وعند الحاجة إدارة جلسات اللجان (التابعة للمجلس)، ويدعو إلى جلسات المجلس العادية والاستثنائية، ويعتمد جدول الأعمال، ويعهد إلى الأمانة العامة (لمجلس الوزراء، بتعميم خطة عمل المجلس المقبلة، كما يعمل رئيس مجلس الوزراء على أن يقوم مجلس الوزراء واللجان التابعة له بكامل المهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقها، وكذلك يتابع رئيس مجلس الوزراء إنجاز مهام مجلس الوزراء الأساسية في جميع المجالات، ولرئيس مجلس الوزراء صلاحية عرض القضايا التي يرى ضرورة بحثها في اجتماع المجلس وإن لم ترد في جدول الأعمال([146])...

ويكون رئيس مجلس الوزراء مسؤولاً عن أعماله أمام رئيس الجمهورية([147])وأمام مجلس الشعب([148]).

2- الوزراء: يسمى الوزراء من قبل رئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، وتتألف الوزارة من فئتين من الوزراء عادة: الوزراء الذين هم على رأس وزارات (وهؤلاء هم الوزراء بحقائب، ووزراء دولة (دون حقائب) و يعد الوزير بموجب المادة119 من الدستور "الرئيس الإداري الأعلى لوزاراته، ويتولى تنفيذ السياسة العامة للدولة فيما يختص بوزارته، ومادام الأمر كذلك فإن الوزير يتمتع بسلطة رئاسية وتوجيهية ورقابية بالنسبة للعاملين في وزارته، ويتمتع بسلطة التقرير في نطاق وزارته ولكن في إطار السياسة العامة للدولة بصفته مكلفاً بتنفيذ هذه السياسة فيما يخص وزارته([149])..

ويعد كل وزير مسؤولاً مباشرة عن أعمال وزارته، وعليه ضمن حدود القوانين والأنظمة إصدار القرارات والتعليمات الناظمة لأعمالها([150])، ويشارك كل وزير في أعمال مجلس الوزراء بصورة إيجابية وفعالة ويتحمل مسؤولية تسيير العمل وتنفيذ خطة الدولة في إطار قطاعه الوزاري، كما يقوم بتقديم التقارير الدورية وغير الدورية إلى رئيس مجلس الوزراء بشأن وضع وزارته وأعمالها، ويرفع خطة عمل الوزارة عن الفترة المقبلة([151])، ويقوم الوزراء بإعلام رئيس مجلس الوزراء بالأمور غير العادية ولو وقعت خارج نطاق وزارته([152])وللوزير أن يعرض على مجلس الوزراء، أو على اللجنة المختصة أية قضية عاجلة لم ترد في جدول الأعمال، إذا وافق رئيس المجلس على عرضها([153])، وله أيضاً أن يرفع أية قضية ضمن اختصاصاته إلى رئيس المجلس، أو إلى المجلس يطلب فيها التوجيه، وعلى أن يبين رأيه الخاص فيها خطياً بشكل واضح وكامل([154]) وإضافة إلى ما تقدم، فإن الوزير هو آمر الصرف في نطاق وزارته، وهو الذي يمثل الدولة في التعاقد في إطار قطاعه الوزاري، كما يمثلها أمام القضاء في إطار قطاعه الوزاري أيضاً..

ويكون الوزير مسؤولاً سياسياً، كما هو حال رئيس مجلس الوزراء، أمام رئيس الجمهورية وأمام مجلس الشعب..

3- اختصاصات مجلس الوزراء: يعد مجلس الوزراء الجهاز التنفيذي والإداري الأعلى في الدولة، الذي يساعد رئيس الجمهورية بصفته ويمارس السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب([155]).

وقد حددت المادة 127 من الدستور اختصاصات مجلس الوزراء بما يلي:

1- الاشتراك مع رئيس الجمهورية في وضع السياسة العامة للدولة وتنفيذها.

2- توجيه وتنسيق ومتابعة أعمال الوزارات وجميع الإدارات والمؤسسات العامة للدولة..

3- وضع مشروع الموازنة العامة للدولة..

4- إعداد مشروعات القوانين.

5- إعداد خطط التنمية وتطوير الإنتاج واستثمار الثروات القومية وكل ما من شأنه دعم وتطوير الاقتصاد وزيادة الدخل القومي..

6- عقد القروض ومنحها وفقاً لأحكام الدستور..

7- عقد الاتفاقيات والمعاهدات وفقاً لأحكام الدستور..

8- ملاحقة تنفيذ القوانين والمحافظة على أمن الدولة وحماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة.

9- إصدار القرارات الإدارية والتنفيذية وفقاً للقوانين والأنظمة ومراقبة تنفيذها..

وإضافة إلى هذه الصلاحيات يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات المنوطة به في القوانين والأنظمة النافذة وبما لا يتعارض مع الصلاحيات الممنوحة لسلطات الدولة الأخرى المحددة في الدستور([156]).

وتتبع مجلس الوزراء لجان دائمة ومتخصصة، وهذه اللجان هي لجنة الخدمات واللجنة الاقتصادية واللجنة الثقافية، إلا أن أهمها حالياً على الإطلاق، هي اللجنة الاقتصادية والتي أعيد تنظيمها بمقتضى المرسوم40 لسنة2005، وقد حددت مهامها فيما يلي:

- إيجاد الوسائل اللازمة، وتقديم المقترحات لتطوير الاقتصاد الوطني،وتحقيق مهامه الأساسية.

- مناقشة مشروع الموازنة ورفعه مع التوصيات إلى رئيس مجلس الوزراء..

- وضع المفاهيم والخطط ورفع التوصيات التي تكفل تطوير الصناعة والزراعة إلى رئيس مجلس الوزراء..

- دراسة المشاريع الاقتصادية قبل عرضها على المجلس ورفع التوصيات بشأنها.

- بحث مشاكل العمل والتشغيل والبطالة وتقديم المقترحات والتوصيات اللازمة لمعالجتها..

- تقديم التوصيات والمقترحات لرفع مستوى المعيشة..

- دراسة مدى تحقيق مخطط الإنتاج، وحالة الأسواق والأرباح، وقضايا الاستهلاك، والعقود الإنمائية، وقوى العمل، وغيرها أو تقديم المقترحات والتوصيات بشأنها..

- العمل على إيجاد التنسيق اللازم بين مختلف الصناعات الاقتصادية..

- دراسة سياسة الاستيراد والتصدير، وتقديم المقترحات والتوصيات التي تؤدي إلى تنشيط التصدير، وتطوير العلاقات الاقتصادية..

- دراسة الاستثمارات والتوظيفات المالية وتقديم المقترحات اللازمة بشأنها..

- دراسة السياسة التموينية واقتراح الحلول المناسبة لمشاكل التموين الأساسية..

- دراسة المواضيع التي يكلفها بها رئيس مجلس الوزراء([157]).

ثالثاً- المحافظون: يكون في كل محافظة محافظ يعين ويعفى من منصبه بمرسوم، ويعد من أعضاء السلطة التنفيذية([158]). .

ويمثل المحافظ السلطة التنفيذية المركزية في المحافظة، كما يمثل شخصية المحافظة الاعتبارية وهو عامل لجميع الوزارات([159])، ويتولى المحافظ بوصفه ممثلاً للسلطة التنفيذية المركزية المهام التالية:

- تبليغ جميع القوانين والأنظمة إلى مختلف الإدارات والمؤسسات العامة وغيرها من جهات القطاعين العام والمشترك، والأجهزة التابعة للمحافظة، والإشراف على حسن تنفيذها أو على تنفيذ سياسة الدولة وخطتها..

- تبليغ أوامر وتوجيهات السلطة التنفيذية المركزية إلى الجهات ذات العلاقة ومتابعة تنفيذها..

- القيام بالمهام التي تفوضه بها السلطة التنفيذية المركزية مما يدخل أصلاً في اختصاصاتها ولا يمنع القانون التفويض بها..

- اتخاذ التدابير التي يراها لتوطيد الأمن العام في حدود القوانين والأنظمة النافذة، وفقاً لتعليمات وزير الداخلية، وذلك في الأمور التي لا تدخل في اختصاصات مجلس المحافظة ومكتبه التنفيذي..

- الاتصال مع النيابة العامة في القضايا التي لها مساس بالنظام العام وشؤون الأمن وسرعة تنفيذ قرارات المحاكم، وعلى ممثل النيابة أن يجيب على الأسئلة التي يوجهها إليه المحافظ في هذه الأمور..

- الإشراف على الجهات التابعة للسلطات المركزية والعاملة في نطاق المحافظة، وذلك في حدود الاختصاصات الممنوحة لمجلس المحافظة([160]).

- وينفذ المحافظ باعتباره ممثلاً للسلطة التنفيذية المركزية التعليمات التي يصدرها الوزراء، وفيما لا يتعارض واختصاصات مجلس المحافظة ومكتبه التنفيذي وللمحافظ أن يبدي ملاحظاته على هذه التعليمات قبل تنفيذها، وإذا أصر الوزير المختص خطياً تنفذ تعليماته، ويمكن للمحافظ حينئذٍ أن يرفع الأمر بعد التنفيذ إلى رئاسة مجلس الوزراء عن طريق الوزير للبت فيه إلا إذا رأى أن التنفيذ يؤدي إلى خلل خطير في النظام العام أو الأمن، فعليه أن يرفع الأمر فوراً إلى رئاسة مجلس الوزراء([161])..

ويرأس المحافظ المكتب التنفيذي للمحافظة، وهو بصفته هذه يدعو المكتب التنفيذي للاجتماع ويدير جلساته وينفذ قراراته ويتقيد بها، ويكون حلقة الاتصال بين المكتب التنفيذي في المحافظة وبين السلطة المركزية فيما يتعلق بالقرارات والتدابير التي يتخذها هذا المكتب.. وهو يقوم بشؤون العاملين في أجهزة المحافظة وفقاً للاختصاصات المخولة له وللأحكام الخاصة بهم([162])..

وعلى كل حال، فإن المحافظ هو الذي يمثل المحافظة أمام القضاء في الدعاوى المرفوعة منها وعليها وهو أمر الصرف فيها، وهو الذي يتعاقد باسمه..

ولا يكون المحافظ مسؤولاً من الناحية المسلكية إلا أمام مجلس القضاء الأعلى بعد إحالته إليه بمرسوم يصدر بناء على اقتراح وزير الإدارة المحلية، كما لا تحرك دعوى الحق العام عليه لجرم ناشئ عن الوظيفة إلا بقرار من مجلس القضاء الأعلى([163]).

رابعاً- مدراء المناطق والنواحي: بموجب قانون الإدارة المحلية قسمت كل محافظة إلى مناطق وكل منطقة إلى نواحٍ، وتعد كل من المنطقة والناحية من الوحدات الإدارية غير المتمتعة بالشخصية الاعتبارية([164])، ويوجد في كل منطقة مدير يمثل السلطة التنفيذية والمحافظة في منطقته، ويرتبط مباشرة بالمحافظ([165]).

ويكون في كل ناحية مدبر يمثل السلطة التنفيذية في الناحية، ويرتبط بمدير المنطقة مباشرة وينفذ تعليماته([166]).. ويتم انتقاء مدراء المناطق والنواحي من سلك ضباط قوى الأمن الداخلي. وسوف نستعرض اختصاصات مدراء المناطق ثم مدراء النواحي:

1- اختصاصات مدراء المناطق: يكون مدير المنطقة مسؤولاً عن الإدارة العامة والأمن العام والراحة العامة والصحة العامة، ويشرف على تنفيذ القوانين والأنظمة، ويؤازر المجالس المحلية في منطقته للقيام بأعمالها([167])،ويتولى مدير المنطقة بوصفه ممثلاً للسلطة التنفيذية المركزية المهام التالية:

- تبليغ القوانين والأنظمة إلى مختلف الإدارات والمؤسسات العامة والأجهزة التابعة للمنطقة..

- تبليغ الأوامر والتوجيهات الصادرة عن السلطات الأعلى ومتابعة تنفيذها..

- الإشراف على فروع الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة في المنطقة، ومؤسسات وشركات القطاع العام والقطاع المشترك العاملة في المنطقة، وعرض ما يراه على المحافظ..

- اتخاذ التدابير اللازمة لتوطيد الأمن العام في حدود القوانين والأنظمة وفقاً لتعليمات المحافظ.. وتنفذ قوى الأمن الداخلي في المنطقة أوامر مدير المنطقة([168])..

2- اختصاصات مدراء النواحي: يكون مدير الناحية مسؤولاً عن الإدارة العامة في الناحية والأمن العام والراحة العامة والصحة العامة، ويشرف على تنفيذ القوانين والأنظمة بما لا يتعارض مع اختصاصات المجالس المحلية ومكاتبها التنفيذية. وفضلاً عن ذلك، يتولى مدير الناحية المهام التالية:

- يرأس قوى الأمن الداخلي في الناحية.

- يقوم بوظائف الضابطة العدلية والضابطة الإدارية.. وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة..

- يؤازر مجالس الوحدات الإدارية في ناحية في القيام بأعمالها..

- يراقب تنفيذ المشاريع في الناحية"

- يمارس جميع الاختصاصات المخولة له بموجب القوانين والأنظمة النافذة...ويمارس مدير المنطقة اختصاصات مدير ناحية مركز المنطقة ما لم يعين مدير مستقل([169])..

المبحث الثاني

التنظيم الإداري اللامركزي في الجمهورية العربية السورية:

ينقسم التنظيم الإداري اللامركزي إلى الجمهورية العربية السورية إلى تنظيم لامركزي مكاني وآخر لا مركزي مرفقي، وسوف تقوم بدراسة كلا نوعي التنظيم، وذلك كما يلي:

أولاً- التنظيم الإداري اللامركزي المكاني (الإدارة المحلية ): تقسم الجمهورية العربية السورية إلى وحدات إدارية هي:المحافظة والمدينة والبلدة و القرية والوحدة الريفية وتكون للمحافظة والمدينة والبلدة والوحدة الريفية الشخصية الاعتبارية وتكون للقرية هذه الشخصية إذا كان عدد سكانها 5000 نسمة فأكثر([170])..

و يجوز أن يكون نطاق المحافظة مدينة واحدة يمثلها مجلس واحد، وفي هذه الحالة يتمتع مجلس المحافظة ومكتبة التنفيذي فضلاً عن اختصاصاتهما، باختصاصات مجلس المدينة ومكتب التنفيذي، كما يتمتع المحافظ باختصاصات رئيس مجلس المدينة بالإضافة إلى اختصاصاته([171]).

و قد حدد القانون آليات إحداث وحدات الإدارة المحلية حيث تحدث المحافظات وتسمى وتعين مراكزها وحدودها وتعدل بقانون.. وتحدث المناطق وتسمى وتعين مراكزها وحدودها وتعدل بمرسوم وذلك إذا كانت المنطقة مؤلفة من ناحيتين على الأقل ماعدا القرى المرتبطة بمركز المنطقة مباشرة.. أما المدن فتحدث وتسمى وتعين حدودها وتعدل بمرسوم بناء على اقتراح وزير الإدارة المحلية في حين تحدث النواحي وتسمى وتعين مراكزها وحدودها وتعدل بقرار من وزير الإدارة المحلية، أما البلدان والقرى والوحدات الريفية فتحدث بقرار من وزير الإدارة المحلية بناء على اقتراح المكتب التنفيذي في المحافظة، أما الأحياء فتحدث بقرار من المكتب التنفيذي في المدينة أو البلدة([172])..ويكون لكل من الوحدات الإدارية ذات الشخصية الاعتبارية مجلس يقره مركز الوحدة الإدارية أو يتألف من أعضاء يختارون من قبل جميع الناخبين في الوحدة الإدارية بطريق الانتخاب السري المباشر([173]). ويحدد عدد أعضاء المجالس المحلية كما يلي:

- مجلس المحافظة من30 إلى100 عضواً.

- مجلس المدينة من 20 إلى50 عضواً.

- مجلس البلدة أو الوحدة الريفية أو القرية من10 إلى25 عضواً([174])..

و يحدد عدد أعضاء المجالس المحلية ضمن الحدود المبينة أعلاه ووفقاً لنسب تمثيل واحدة لكل نوع من أنواع هذه المجالس كما يلي:

- في المحافظات والمدن بمرسوم بناء على اقتراح الوزير..

- في البلدان والقرى والوحدات الريفية بقرار من الوزير بناء على اقتراح المحافظ([175])..

وتتكون المجالس المحلية على اختلاف مستوياتها من ممثلي عن الفئات التالية:

"الفلاحون، العمال، الحرفيون، صغار الكسبة، المعلمون، الطلبة، الشبيبة، النساء، المهن الحرة وتضم (الأطباء، الصيادلة، المهندسين، المهندسين الزراعيين، المحاميين، أطباء الأسنان، رجال الفكر والفن والصحافة، الفئات الأخرى وتشمل: موظفو الدولة وسائر الجهات العامة العاملون في الحقول الاجتماعية والاقتصادية وغير ذلك من الفئات([176]).

وفي هذه الحالات يجب أن لا تقل نسب تمثيل الفلاحين والعمال والحرفيين وصغار الكسبة في المجالس المحلية عن60%([177])... وتحدد مدة ولاية المجالس المحلية بأربع سنوات ولا يتفرغ أعضاؤها([178]).ويرأس المحافظ مجلس المحافظة، ويعين بقية رؤساء مجالس الوحدات الإدارية من بين الأعضاء المنتخبين، وذلك بمرسوم بناء على اقتراح الوزير بالنسبة لرؤساء مجالس المدن، وبقرار من الوزير بناء على اقتراح المحافظ بالنسبة لبقية المجالس([179])..

و يكون لكل مجلس من المجالس المحلية مكتب تنفيذي مدة ولايته سنتان، ويحدد عدد أعضاء المكاتب التنفيذية على النحو التالي:

- المكتب التنفيذي في المحافظة وفي مدن مراكز المحافظات من7 إلى11 عضواً.

- المكتب التنفيذي في المدن الأخرى والبلدان من5 إلى9 أعضاء..

- المكتب التنفيذي في الوحدات الريفية والقرى من3 إلى7 أعضاء([180])..

وتشكل المكاتب التنفيذية على الوجه التالي:

- رئيس المجلس المحلي. رئيساً.

- ما لا يقل عن ثلثي مجلس الأعضاء يختارهم المجلس من بين أعضائه بالاقتراع السري.

- ما لا يزيد عن الثلث يعينون بمرسوم بناء على اقتراح الوزير بالنسبة إلى المكتب التنفيذي في المحافظة ومدن مراكز المحافظات، وبقرار من الوزير بناء على اقتراح المحافظ بالنسبة إلى بقية المكاتب..

ويعد أعضاء المكتب التنفيذي المعينون من غير أعضاء المجلس المحلية المنتجة أعضاء في هذه المجالس إضافة إلى العدد المحدد([181])..

ومن الملاحظ أن قانون الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية، قد فصلا في الاختصاصات المنوطة بالمجالس المختلفة ومكاتبها التنفيذية([182]).

ثانياً- التنظيم اللامركزي المرفقي: يوجد في الجمهورية العربية السورية نوعان من أشخاص اللامركزية المرفقية حيث هناك من جهة المؤسسات العامة ومن جهة أخرى هناك الهيئات العامة

1- المؤسسات العامة والشركات العامة والمنشآت العامة والمؤسسة العامة هي شخص اعتباري عام يتمتع بالاستقلال المالي والإداري ويشارك في تنمية الاقتصاد الوطني، أو يمارس عملاً ذا طابع اقتصادي، بنشاطه المباشر، أو بالإشراف على عدد من الشركات العامة والمنشآت العامة ذات الأغراض المتماثلة أو المتكاملة والتنسيق فيما بينها..

أما الشركة العامة أو المنشأة العامة: هي شخص اعتباري عام يتمتع بالاستقلال المالي والإداري ويشارك في تنمية الاقتصاد الوطني، ويتكون من وحدة أو مجموعة وحدات اقتصادية تمارس عملاً زراعياً أو صناعياً أو تجارياً أو مالياً([183])..

وتحدث المؤسسة العامة والشركة العامة والمنشأة العامة بمرسوم([184]). ويتولى إدارة المؤسسة العامة مجلس إدارة ومدير عام([185])ويتولى إدارة الشركة العامة أو المنشأة العامة التابعة لمؤسسة عامة لجنة إدارية ومدير عام (المادتان19 و23 من القانون2 لسنة2005)..

2- الهيئات العامة: إذا كانت المؤسسات العامة والشركات العامة والمنشآت العامة تنهض بإدارة مرافق عامة ذات طبيعة اقتصادية فإن الهيئات العامة تنهض بإدارة مرافق عامة ذات طابع إداري (خدمي)، ويلاحظ أن المؤسسات والشركات والمنشآت العامة تحدث بغرض أداء الخدمات العامة ذات الطابع الاقتصادي مع تحقيق الربح لذلك تعد تاجراً في علاقاتها مع الغير([186])، أما الهيئات العامة فتحدث في سبيل أداء الخدمات فقط، ودون قصد الربح، وعلى كل حال، فإن الهيئات العامة تحدث بقانون([187])، وتحدد أساليب إدارة وتمويل وعمل الهيئات العامة في قانون إحداثها..



[1] - د.سامي جمال الدين، الإدارة العامة، منشأة المعارف، الاسكندرية،2006، ص23.د.طارق المجذوب الإدارة العامة منشورات الحلبي الحقوقية بيروت عام "2005" ص31 وما بعدها د. حسين الدوري د. عاصم الأعرجي مبادئ الإدارة العامة منشورات الجامعة المستنصرية بغداد "1978" ص 14 وما بعدها د. عادل حسن أو مصطفى زهير د. عاطف عبيد الإدارة العامة دار النهضة العربية بيروت "1974" ص 19 وما بعدها.

[2] - د. سامي جمال الدين المرجع السابق ص 24 .

[3] - د. سامي جمال الدين المرجع السابق ص 25.

[4] - د. سامي جمال الدين ص29 وما بعدها ، د. طارق المجذوب المرجع السابق ص 22.

[5] - د. سامي جمال الدين المرجع السابق ص 31.

[6] - د. طارق المجذوب المرجع السابق ص 53 .

[7] - أ.د. سامي جمال الدين المرجع السابق ص 14 د. طارق المجذوب المرجع السابق ص 65.

[8] - د.طارق المجذوب المرجع السابق ص 65 أ.د. سامي جمال الدين المرجع السابق ص 14.

[9] - د. طارق المجذوب المرجع السابق ص 66.

[10] - د. طارق المجذوب المرجع السابق ص 66 أ.د.سامي جمال الدين المرجع السابق ص 15

[11] - أ.د. محمد سعيد أمين، د.طارق المجذوب المرجع السابق ص 67.

أ.د. سامي جمال الدين المرجع السابق ص 15.

[12] - د.طارق المجذوب المرجع السابق ص 67.

[13] - د.طارق المجذوب المرجع نفسه ص 68

[14] - د. مصطفى كمال ود.نبيل سعد النظرية العامة للقانون، منشورات الحلبي الحقوقية

بيروت 2002 ض 26 وما بعدها د. رمضان أبو السعود ود. محمد حسين منصور المدخل إلى القانون منشورات الحلبي الحقوقية بيروت 2003 ص 11 وما بعدها....

[15] - أ.د. سليمان الطماوي الوجيز في القانون الإداري دار الفكر العربي ، القاهرة، 1990 ص5

أ.د. عبد الله طلبة و أ.د. محمد الحسين و د. مهند نوح، المدخل إلى القانون الإداري منشورات جامعة دمشق ، دمشق، 2004 ص8 وما بعدها..

[16] - أ.د. عبد الله طلبة، الإدارة العامة، منشورات جامعة دمشق ، دمشق 1991 ص 41 وما بعدها...

د. طارق المجذوب المرجع السابق ص 72 وما بعدها أ.د. سامي جمال الدين المرجع السابق ض 41 وما بعدها..

[17] - أ.د. عصام بشور المالية العامة والتشريع المالي مطبوعات جامعة دمشق ،دمشق 1992 ص 27 وما بعدها.

[18]- أ.د. عبد الله طلبة، الإدارة العامة المرجع السابق ص 43 -د. طارق المجذوب، المرجع السابق، ص 81 .

[19] - د. عادل حسن د. مصطفى زهير د. عاطف عبيد المرجع السابق ص 21.

[20] - د.طارق المجذوب المرجع السابق ص 86..

[21] - أ0د. عبد الله طلبة المرجع السابق، ص44 وما بعدها، د. طارق المجذوب المرجع السابق، ص87 وما بعدها.

[22] - د. حسين الدوري ـ د. عاصم الأعرجي ـ المرجع السابق،ص25....

[23] - أ0د. سامي جمال الدين، المرجع السابق، ص46.

[24] - أ0د. بكر القباني، القانون الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، بلا تاريخ، ص11.

[25] - أ. د. سامي جمال الدين، المرجع السابق، ص21 ـ د. طارق المجذوب، المرجع السابق ص99،د. حسين الدردري، د. عاصم الأعرجي، المرجع السابق، ص28، د. عادل حسن، د. مصطفى زهير د. عاطف عبيد، المرجع السابق، ص24.

[26] - د. طارق المجذوب، المرجع السابق، ص100.

د. طارق المجذوب، المرجع السابق، ص100، د. عاجل حسن. د.مصفى زهير د.عاطف عبيد، المرجع السابق، ص25.

[27] - أ. د. سامي جمال الدين، المرجع السابق، ص56.

[28] - د. طارق المجذوب، المرجع السابق، ص170، أ.د. سامي جمال الدين، المرجع السابق ص91، أ.د. عبد الله طلبة، المرجع السابق، ص65 وما بعدها، وراجع في تعريف التخطيط أيضاً: د.كمال حمدي أبو الخير، المرجع السابق ، ص39 وما بعدها ...

د. حسن أحمد توفيق، الإدارة العامة 1997، ص 179 وما بعدها.

[29] - أ.د. عبد الله طلبة، المرجع السابق، ص68

د. طارق المجذوب، المرجع السابق ص 176 وما بعدها، ص 181 وما بعدها...

[30] - ـ د. طارق المجذوب، المرجع السابق ص 171

ـ د.حسن أحمد توفيق، المرجع السابق، ص180

[31] - د.طارق المجذوب ص183 وما بعدها.

[32] - د. كمال حمدي أبو الخير، المرجع السابق، ص41 وما بعدها ..,..

[33] - د. حسن أحمد توفيق، المرجع السابق ص 184 وما بعدها...

[34] - أ.د. سليمان الطماوي،الإدارة العامة، المرجع السابق، ص163..

[35] - أ.د. سامي جمال الدين، المرجع السابق ص96، د. طارق المجذوب، المرجع السابق، ص184 وما بعدها، أ.د. عبد الله طلبة، ص 68 ، وما بعدها ..

[36] - د. طارق المجذوب ص186 وما بعدها ، أ.د. عبد الله طلبة، المرجع السابق ص72 وما بعدها ....

[37] - د.طارق المجذوب، المرجع السابق ص188 وما بعدها

[38] - د.طارق المجذوب، المرجع السابق، ص248.

[39] - م. د. سامي جمال الدين، المرجع السابق ص184، أ.د. رمضان محمد بطيخ، أصول التنظيم الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993، ص23..

[40] - أ.د. رمضان محمد بطيخ، المرجع السابق، ص23 ..

[41] - أ.د. رمضان محمد بطيخ، المرجع السابق، ص25 وما بعدها..

[42] - أ.د.سامي جمال الدين، المرجع السابق، ص 192.

[43] - أ.د.رمضان محمد بطيخ المرجع السابق ص 27

[44] - أ.د. رمضان محمد بطيخ المرجع السابق ص 28.

[45] - أ.د. أنور رسلان، الوظيفة العامة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1995 ص 17

[46] - أ.د. سليمان الطماوي، الوجيز في القانون الإداري دار الفكر العربي القاهرة ،1997 ص 456.

[47] - أ.د. أنور رسلان المرجع السابق ص 18.

[48] - أ.د. بكر القباني، القانون الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، بلا تاريخ ص 504

أ.د. محمد فؤاد مهنا، الأسس التي تقوم عليها سياسة الوظائف العامة، مجلة العلوم الإدارية س4، 21 حزيران 1962 ص 7

[49] - أ.د. سليمان الطماوي، الموجز في الإدارة العامة، القاهرة، 1976 ص 163 وما بعدها

أ.د. أنور رسلان المرجع السابق ص 33 - أ.د.سليمان الطماوي، بعض الأفكار الأساسية في مجال الوظيفة العامة، مجلة العلوم الإدارية، السنة الأولى، العدد 2 لسنة 1959 ص 56..

[50] - أ.د. سليمان الطماوي، بعض الأفكار الرئيسية، المرجع السابق ص 57...

[51] - أ.د . محمد فؤاد مهنا، المرجع السابق ص 85 وما بعدها وراجع أيضاً: - أ.د.أنور رسلان المرجع السابق ص 37 ...

[52] - أ.د. أنور رسلان، المرجع السابق، ص67، أ.د. سليمان الطماوي، المرجع السابق، ص480.

[53] - أ.د. محمد أبو السعود، القانون الإداري، دار الثقافة الجامعية، القاهرة، 1999 ص88 .

أ.د. سليمان الغماوي، المرجع السابق، ص481، أ.د. محمد رفعت عبد الوهاب، مبادئ وأحكام القانون الإداري، منشورات الحلبي المعرفية. بيروت2003، ص372 وجه الفقه الفرنسي.

[54] - أ.د.سامي جمال الدين، أصول القانون الإداري، الجزء الأول، دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية، 1996 ص280...

[55] - أ.د. محمود أبو السعود، القانون الإداري، 1999، المرجع السابق، ص106، أ.د.سامي جمال الدين، أصول القانون الإداري، المرجع السابق، ص290، أ.د. أنور رسلان، المرجع السابق، وجه الفقه الفرنسي:

cnopns. R . Droi cdministratif. P400

- [56] - Debbascn.cn.La fenue etla function Publique. D.1961 cur.p10

- Ayoub.E. La fenue dans la fonctin Publique D. 1971,p157

[57] - د. مروان القحف، د.ياسر الحوشي، د.مهند نوح، حقوق الإنسان، منشورات جامعة دمشق، 2004، ص174.

[58] - - Auby.3.M - - Auby.3.B.op.ut. p101

- chapus. R. op. ut. p129

[59] - د. طلعت حرب محفوظ، مبدأ المساواة في الوظيفة العامة، الهيئة العامة المصرية للكتاب، القاهرة، 1989 ص 189.

[60] - - chapus. R. op. ut. p1140- Laubadeire etau tres.op.o.x.p110

وفي الفقه العربي، د. طلعت حرب محفوظ، المرجع السابق، ص192،أ.د.أنور رسلان، المرجع السابق،ص132، أ.د. سامي جمال الدين، القانون الإداري، المرجع السابق، ص297 ، أ.د. فؤاد العطار، القانون الإداري، دار الفكر العربي، القاهرة، 1971، ص460..

- [61] - Dupuis. G- Gueibn. 3.m. Curetieu .p.Droit acdmiisteatif, Armqud.colin. Paris,2002, p339..

[62] - راجع: رأي الجمعية الحرفية لدى مجلس الدولة رقم 13 لعام 1965 .

[63] - أ. د. سامي جمال الدين، المرجع السابق، ص294 ـ أ.د.أنور رسلان المرجع السابق، ص128.

[64] - أ.د. سامي جمال الدين، القانون الإداري، المرجع السابق، ص294، أ.د. فؤاد العطار، المرجع السابق ص461 ، أ.د. سليمان الغماوي، الوجيز ، المرجع السابق، ص 483..

[65] - أ.د. أنور رسلان، المرجع السابق، ص127

- cnapus. op.ut. p169

[66] أ.د. أنور رسلان، المرجع السابق، ص130، د.طلعت حرب محفوظ، المرجع السابق، ص190

أ.د. سليمان الغماوي، الوجيز، المرجع السابق، ص483، أ.د. فؤاد العطار، المرجع السابق، ص458 .

[67] - أ.د. سامي جمال الدين، القانون الإداري، ص303، أ.د. أنور رسلان،المرجع السابق ص130.

[68] - Dupuis- Guedon –chretien.OP.ut. p337.

أ.د. فؤاد العطار، المرجع السابق، ص459، أ.د. سامي جمال الدين، القانون الإداري، المرجع السابق، د. طلعت حرب محفوظ، المرجع السابق، ص191.

[69] - أ.د. سامي جمال الدين، القانون الإداري، المرجع السابق، ص303 / أ.د. أنور رسلان، المرجع السابق، ص129 / أ.د فؤاد العطار، المرجع السابق، ص460.

[70] - راجع المادة 38 من قانون البعثات العلمية رقم 20 لسنة 2004م.

[71] - ـ د. شريف حلمي خاطر،الوظيفة العامة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007ص99

ـ د. طارق المجذوب، المرجع السابق، ص328.

[72] - ـ أ.د. سامي جمال الدين، المرجع السابق، ص331 وما بعدها .

[73] - أ.د. محمد مرعي مرعي، أسس غدارة الموارد البشرية، سلسلة الرضا للمعلومات، دمشق، 1999، ص232 وما بعدها ...

[74] - راجع: أ.د. محمد مرعي المربع السابق ص 236 وما بعدها...

[75] - أ.د. سامي جمال الدين القانون الإداري المرجع السابق ص 232

أ.د. محمد مرعي، المرجع السابق، ص 237

[76] - أ.د. سامي جمال الدين القانون الإداري المرجع السابق ص 332

د. شريف يوسف خاطر المرجع السابق ص 102 ومابعدها

[77] - راجع المادتين 5 و 6 من المرسوم 322 / 2005

[78] - راجع المادة 7 من المرسوم 322 / 2005

[79] - أ.د سامي جمال الدين، القانون الإداري، المرجع السابق، ص333، أ.د. محمد مرعي مرعي، المرجع، السابق، ص239.

[80] - أ.د. محمد مرعي مرعي، المرجع السابق، ص250 وما بعدها ..

[81] - ـ أ.د. سامي جمال الدين، الإدارة العامة، المرجع السابق، ص278

د. عادل حسن ـ د.مصطفى زهير د. عاف صوفي، المرجع السابق، ص271.

[82] - أ.د. سامي جمال الدين، الإدارة العامة، المرجع السابق، ص279.

[83] - أ.د. سامي جمال الدين، المرجع السابق، ص281، د. حسن أحمد توفيق، المرجع السابق، ص350. أ.د. محمد مرعي مرعي، المرجع السابق، ص258 ..

[84] - د. عادل حسن، ـ د.مصطفة زهيرـ د. عاطف عبيد، المرجع السابق، ص272

[85] - د. حسن أحمد توفيق، المرجع السابق، ص328 وما بعدها، أ.د. سامي جمال الدين، الإدارة العامة، المرجع السابق، ص284 وما بعدها..

[86] - د. عادل حسن ـ د. مصطفى زهير ـ د. عاطف عبيد، المرجع السابق، ص276.

[87] - أ.د. محمد مرعي مرعي، المرجع السابق، ص263.

[88] - د. طارق المجذوب، المرجع السابق، ص393.

[89] - أ. د. محمد سعيد أمين، مبادئ القانون الإداري، دار الثقافة الجامعية، القاهرة، 1997ص 80.

د. محمد رفعت عبد الوهاب، مبادئ وأحكام القانون الإداري، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003، ص115..

[90] - أ.د. محمد سعيد أمين، المرجع السابق، ص82، أ.د. أحمد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص115 ، أ.د. ربيع أنور فتح الباب، الظروف البيئية، وحدود المركزية واللامركزية الإدارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1997، ص43.

[91] - أ.د. ربيع أنور فتح الباب، المرجع السابق، ص45، م.د. محمد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص118، أ.د. محمد سعيد أمين، المرجع السابق، ص85 وما بعدها..

[92] - أ.د. محمد سعيد أمين، المرجع السابق، ص82، أ.د. محمد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص117

أ. د. محمد عبد الحميد أبو زيد، أثر التفويض في الإصلاح الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1977، ص20 وما بعدها..

[93] - أ.د. محمد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص119، أ.د. محمد سعيد أمين، المرجع السابق، ص97.

[94] - أ.د. محمد عبد الحميد أبو زيد، المرجع السابق، ص44، أ.د. عمرو فؤاد بركات، المرجع السابق، ص11 وما بعدها..

[95] - أ.د. محمد رفعت عبد الحميد أبو زيد، المرجع السابق، ص133 وما بعدها ، د. ربيع أنور فتح الباب، المرجع السابق، ص72 وما بعدها، د. محمد سعيد أمين، المرجع السابق، ص224 وما بعدها.

[96] - أ.د. محمد عبد الوهاب المرجع السابق، ص134 وما بعده، أ.د. محمود عاطف البنا، الوسيط في القانون الإداري، دار الفكر العربي، القاهرة، 1992، ص139 وما بعدها..

[97] - أ.د. ربيع فتح الباب، المرجع السابق، ص93 وما بعدها، أ.د. محمد عاطف البنا، المرجع السابق، ص102.

[98] - أ.د. رمضان محمد بطيخ، التنظيم الإداري، المرجع السابق، ص119، وما بعدها، د. طارق المجذوب، المرجع السابق، ص429 وما بعدها...

[99] - أ.د. رمضان بطيخ، المرجع السابق، ص124 ... د.عادل حسن ـ د.مصطفى زهير ـ د. عاطف عبيد، المرجع السابق، ص48.

[100] - أ.د. رمضان محمد بطيخ، المرجع السابق، ص194، د.عادل حسن ـ د. مصطفى زهير ـ د. عاطف عبيد، المرجع السابق، ص44 وما بعدها ..

[101] - أ.د. رمضان محمد بطيخ، التنظيم الإداري، المرجع السابق، ص198 وما بعدها، راجع أيضاً: د.عادل حسن ـ د. مصطفى زهير ـ د. عاطف عبيد، المرجع السابق، ص44 وما بعدها..

[102] - د. طارق المجذوب، المرجع السابق، ص431 وما بعدها .

[103] - أ.د. رمضان محمد بطيخ، المرجع السابق، ص172، د. طارق المجذوب، المرجع السابق، ص432.

[104] - د. عادل حسن، د. مصطفى زهير، د. عاطف عبيد، المرجع السابق، ص48

[105] - راجع: د. طارق المجذوب، المرجع السابق، ص612

[106] - د. طارق المجذوب، ص616 وما بعدها، سامي جمال الدين، المرجع السابق، ص324 وما بعدها، أ.د. عبد الله طلبة، المرجع السابق، ص208 وما بعدها .

[107] - أ.د. عبد الله طلبة، المرجع السابق، ص208وما بعدها، د.طارق المجذوب، ص619وما بعدها ـ أ.د. سامي جمال الدين، المرجع السابق، ص324 وما بعدها.

[108] - أ.د. عبد الله طلبة، المرجع السابق، ص212 وما بعدها، د. طارق المجذوب المرجع السابق، ص629 وما بعدها.

[109] - راجع : د. إبراهيم الهندي ، عملية صنع القرارات الإدارية رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 1997 ، ص54 وما بعدها –د.ابراهيم عبد العزيز شيحا ، أصول الإدارة العامة منشأة المعارف الاسكندرية 1993 ، ص345 ، وراجع في التصنيف أيضاً : أ.د. عبد الله طلبة ، المرجع السابق ، ص223 وما بعدها، أ.د. سامي جمال الدين الإدارة العامة، المرجع السابق، ص401 .

[110]- د.ابراهيم الهندي، المرجع السابق ، ص76 ، ص78 ..

[111] - د. ابراهيم الهندي ص82 وما بعدها .

[112] - د.ابراهيم الهندي ، ص85 وما بعدها .

[113] - د.ابراهيم الهندي،المرجع السابق ، ص88-91-92.

[114]- د.ابراهيم الهندي المرجع السابق، ص96 وما بعدها .

[115] -د.ابراهيم الهندي المرجع السابق، ص106 وما بعدها .

[116]- د.ابراهيم الهندي المرجع السابق، ص110 وما بعدها .

[117] - د.ابراهيم الهندي المرجع السابق، ص121 وما بعدها .

[118] - د.ابراهيم الهندي المرجع السابق، ص 130 وما بعدها .

[119] - د0 سامي جمال الدين، المرجع السابق، ص 408، ود0 طارق المجذوب، المرجع السابق، ص 648.

[120] - أ0د0 سامي جمال الدين، الإدارة العامة، المرجع السابق، ص 409..وما بعدها.

[121] - د0 حسين الدوري، د0 عاصم الأعرجي، المرجع السابق، ص 219 وما بعدها.

[122] - د. حسين الدوري- د. عاصم الأعرج، المرجع السابق، ص220- أ. حسامي جمالي الدين، المرجع السابق، ص415 وما بعدها.

[123] - د. حسين الدوري، د. عاصم الأعرجي، المرجع السابق، ص222.

[124] - أ.د. سامي جمال الدين، الإدارة العامة، ص416.

[125] - د. طارق المجذوب، المرجع السابق، ص658 وما بعدها، أ.د. عبد الله طلبة، المرجع السابق، ص252 وما بعدها، أ.د. سامي جمال الدين، الإدارة العامة، المرجع السابق، ص418 وما بعدها.

[126] - أ.د. رمضان محمد بطيخ، الرقابة على أداء الجهاز الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1996، ص19 وما بعدها وص22 وما بعدها.

د. حسن أحمد توفيق، المرجع السابق، ص215 وما بعدها.

[127] - أ.د سامي جمال الدين، المرجع السابق، ص424، ويراجع بشأن أنواع الرقابة المالية خصوصاً د. محمد العموري، الرقابة المالية العليا، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2005، ص28 وما بعدها، ويراجع أيضاً د. حسن أحمد توفيق، المرجع السابق، ص218 وما بعدها..

[128] - أ.د. رمضان محمد بطيخ، الرقابة.، المرجع السابق، ص37-40.

[129] - د. رمضان محمد بطيخ، المرجع السابق، ص41 وما بعدها.

[130] - أ. د. رمضان محمد بطيخ، الرقابة، المرجع السابق، ص47 وما بعدها.

[131] - أ.د رمضان محمد بطيخ، الرقابة، المرجع السابق، ص51 وما بعدها.

أ. د سامي جمال الدين، الإدارة العامة، المرجع السابق، ص428 وما بعدها.

د. حسن توفيق، المرجع السابق، ص216 وما بعدها.

([132]) المادة 83 من الدستور.

([133]) الفقرة1 من المادة84 من الدستور.

([134]) ف2 من المادة84 من الدستور.

([135]) ف4 من المادة84 من الدستور.

([136]) المادة 85 من الدستور.

([137]) المادة95 من الدستور.

([138]) المادة94 من الدستور.

([139]) المادة109 من الدستور.

([140]) د. سام دلة، مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية منشورات جامعة حلب، حلب/2005، ص806.

([141]) المادة93 من الدستور.

([142]) المادة111 من الدستور.

([143]) د.سام دلة، المرجع السابق، ص813.

([144]) ف2 من المادة115 من الدستور.

([145]) أ. د. عبد الله طلبة، أ. د. محمد الحسين، د. مهند نوح، المدخل إلى القانون الإداري، منشورات جامعة دمشق، دمشق، 2004، ص170، د.سام دلة، المرجع السابق، ص813.

([146]) المادة3 من المرسوم40 لسنة2005.

([147]) المادة117 من الدستور.

([148]) المادة72 من الدستور.

([149]) أ. د. عبد الله طلبة، أ. د. محمد الحسين، د. مهند نوح، المرجع السابق، ص186، د. سام دلة، المرجع السابق، ص815.

([150]) المادة6 من المرسوم التشريعي40 لسنة2005.

([151]) المادة7 من المرسوم40 لسنة2005.

([152]) المادة9 من المرسوم40 لسنة2005.

([153]) المادة10 من المرسوم40 لسنة2005.

([154]) المادة11 من المرسوم40 لسنة2005.

([155]) الفقرة2 من المادة93 من الدستور، و د. سام دلة، المرجع السابق، ص819.

([156]) المادة2 من المرسوم التشريعي40 لسنة 2007.

([157]) المادة5 من المرسوم التشريعي40 لسنة2005.

([158]) المادة25 من قانون الإدارة المحلية رقم15 لسنة1971.

([159]) المادة27 من قانون الإدارة المحلية رقم15 لسنة1971.

([160]) المادة128 من قانون الإدارة المحلية.

([161]) المادة29 من قانون الإدارة المحلية..

([162]) المادة33 من قانون الإدارة المحلية..

([163]) المادة35 من قانون الإدارة المحلية..

([164]) المادة4 من قانون الإدارة المحلية..

([165]) المادة49 من قانون الإدارة المحلية..

([166]) المادة52 من قانون الإدارة المحلية.

([167]) المادة49 من قانون الإدارة المحلية.

([168]) المادة90 من قانون الإدارة المحلية..

([169]) المادتان 22 و53 من قانون الإدارة المحلية.

([170]) المادة 3 من قانون الإدارة المحلية..

([171]) ف3 من المادة 3 من قانون الإدارة المحلية.

([172]) المادة5 من قانون الإدارة المحلية.

([173]) المادة7 من قانون الإدارة المحلية.

([174]) المادة8 من قانون الإدارة المحلية.

([175]) المادة9 من قانون الإدارة المحلية..

([176]) المادة10 من قانون الإدارة المحلية..

([177]) الفقرة3 من المادة10 من قانون الإدارة المحلية.

([178]) المادة11 من قانون الإدارة المحلية.

([179]) المادة15 من قانون الإدارة المحلية..

([180]) المادة18 من قانون الإدارة المحلية.

([181]) المادة19 من قانون الإدارة المحلية.

([182]) راجع أحكام الفصل الثاني من قانون الإدارة المحلية، وأحكام الفصل الثاني من المرسوم2297 لسنة1971 المتضمن اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية.

([183]) المادة1 من القانون2 لسنة2005.

([184]) المادة2 من القانون2 لسنة2005.

([185]) المادة6 من القانون2/2007.

([186]) الفقرة2 من المادة2 من القانون2/2005.

([187]) الفقرة أ من المادة2 من القانون، لسنة2004.
تعليقاتكم وانتقاداتكم مهمة

ليست هناك تعليقات