مما لا شك فيه ان الجماعات المحلية المغربية في الآونة الأخيرة اصبحت إحدى المحددات الرئيسية للتدخلات العمومية في مختلف مظاهر الحياة الع...
مما لا شك فيه ان الجماعات المحلية المغربية في الآونة الأخيرة اصبحت إحدى المحددات الرئيسية للتدخلات العمومية في مختلف مظاهر الحياة العامة للدولة.
ولم تأت هذه الأهمية بمحض الصدفة ولا من فراغ، بل كانت نتيجة طبيعة لتطورات وطنية ودولية أملتها ظروف ومعطيات معينة أفرزت لنا وحدات ترابية مبادرة، نشيطة، فعالة وساهرة على تدبير الشأن العام المحلي ومساهمة في القضايا الكبرى للبلاد.
ومن جملة تلك الظروف المتحكمة في تنامي دور الجماعات المحلية ما يتعلق بالعوامل الدولية والمتجلية أساسا في انتشار الفكر الديمقراطي والمشاركة السياسية ودعائم دولة الحق والقانون التي تدعو إلى إشراك الساكنة المحلية في جميع المبادرات التي تهم الشأن العام المحلي حتى تكون أكثر إسهاما في التعاطي مع الرهانات المطروحة عليها.
وإلى جانب ذلك، ساهمت العولمة بكل تجلياتها في تجاوز المفهوم التقليدي للحدود المتعارف عليها إلى مفهوم أكثر امتدادا وشمولا للمعرفة والاقتصاد والسوق بحيث لا تعترف بالجهود الانفرادية للدولة المركزية، بل تضع من الفكر التشاركي إحدى المبادئ الأساسية للتنمية المستديمة.
كما جاءت التوصيات الصادرة عن الهيئات المالية الدولية كالبنك العالمي وصندوق النقد الدولي لتحث الدولة على إشراك فاعلين اقتصاديين آخرين لحل إشكالية التنمية والنمو
ين الأخيرين للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي بخصوص وضعية الإدارة المغربية بحيث دعوا إلى البحث عن أدوار جديدة للجماعات المحلية وتقوية مساهمتها عن طريق نهج اسلوب الحكامة في تدبير الشأن العام المحلي والوطني.
و الحكامة الجيدة كمفهوم جديد للتدبير الجماعات المحلية، باعتبارها الرهان الأهم وأحد المحاور ذات الأولوية في تدبير الشأن المحلي، خاصة في ظل ما تتضمنه من تدبير سليم للمالية المحلية وتثمين بالغ للموارد البشرية للجماعات.
وبالفعل فقد تجسدت، ومن خلال مجموعة من المبادرات الوطنية، إرادة السلطات العمومية في تعزيز الحكامة الجيدة للكيانات اللامركزية بغرض تأهيلها في اتجاه تقديم خدمات تتميز بالجودة لفائدة المواطن، وتحفيز انخراطها على نحو أكثر فاعلية في التنمية المحلية.
ولعل خطاب العرش الأخير 30/07/2009 الذي أشار فيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى مفهوم الجهوية الموسعة الذي يتطلب التخطيط للتنمية، وتعبئة وسائل التمويل وآلية التنظيم والإشراف، وتعزيز التحكم في الأشغال، وإضفاء مزيد من المهنية على الخدمات العمومية المحلية وأيضا الإطار القانوني وحياة المؤسسات المحلية، وفي المحصلة عصرنة تدبير الموارد البشرية.
وبالموازاة مع إرساء مناخ قانوني أكثر ملاءمة، تعتبر مشاريع الحكامة المحلية في صالح الرهانات المستقبلية بخصوص الجهوية الموسعة، الذي اعتمدته المديرية العامة للجماعات المحلية قيد البحث على السبل لتطبيق هده النظرية،فان برامج دعم تتوخى بالأساس تحسين أداء الجماعات المحلية في مجال التدبير الترابي والتخطيط الاستراتيجي للتنمية البشرية والاقتصادية هي بوابة لدلك.
ويتجسد دعم مشاريع الحكامة المحلية أيضا من خلال النهوض بمشاركة وانخراط الأطراف الأساسية المساهمة في الأنشطة المحددة ضمن برامج التنمية (المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على سبيل المثال )، وتحديد الحاجيات الفعلية في مجال التنمية البشرية، إلى جانب إرساء مخططاتالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الجماعات، وأيضا إحداث أنظمة للإعلام على المستوى المحلي من أجل متابعة وتقييم البرامج.
وبمعنى أكثر وضوحا، فقد جاءت هذه البرامج لتعزيز مسلسل الدمقرطة الذي انخرط فيه المغرب وتبناه المواطنون بشكل كلي، بدءا من المواطن العادي إلى صاحب القرار السياسي على المستوى المحلي
وقد تمت ترجمة الانشغال بمواءمة نظام الجبايات المحلية مع سياق اللامركزية في مضمنات القانون 06-47 الذي عزز صلاحيات المجالس المنتخبة في مجال تثبيت معدلات الضرائب والمراجعة والمراقبة، وهو ما يعني بالنسبة للجماعات المحلية إمكانية تغيير قرارها النهائي حسب استراتيجيات التنمية والحاجيات المحددة.
وجاء القانون 06-47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية في وقت كان يتعين فيه مواكبة نقل اختصاصات جديدة لهذه الوحدات الترابية بتعبئة موارد مالية إضافية.
وتضمن نص القانون هذا، الذي تمت المصادقة عليه في ماي 2007، مجموع 12 رسم ضريبي لفائدة الجماعات المحلية; ممثلة في الضريبة المهنية، وضريبة السكن، والضريبة على الخدمات الجماعية، والضريبة على الأراضي الحضرية غير المبنية، والضريبة على عمليات البناء، والضريبة على عمليات التجزئة، والضريبة على مداخيل المشروبات، وضريبة الإقامة، والضريبة على المياه المعدنية ومياه المائدة، والضريبة على النقل العمومي للمسافرين، والضريبة على استخراج منتوجات المقالع .
ليست هناك تعليقات