Header Ads

تطور القضاء في المغرب




تصميم الموضوع


مقدمة

المحور الأول: السياق التاريخي للقضاء
 - 1القضاء في الإسلام
 -2التنظيم القضائي المغربي منذ ما قبل الحماية
-3 التنظيم القضائي في المغرب خلال مرحلة الحماية
 -4القضاء خلال مرحلة الاستقلال
  -5النظام القضائي المغربي بعد صدور قانون المغربة إلى غاية صدور النظام الحالي
المحور الثاني: التنظيم القضائي المغربي الحالي
1- المحاكم العادية
·       محاكم الجماعات والمقاطعات
·       المحاكم الابتدائية
·       محاكم الاستئناف
·       المحاكم الإدارية
·       محاكم الاستئناف الإدارية
·       المحاكم التجارية
·       المجلس الأعلى للقضاء

- 2 المحاكم الاستثنائية
·       المحكمة العسكرية
·       المحكمة العليا
المحور الثالث: المبادئ الأساسية للمؤسسة القضائية

المحور الرابع : مؤسسة قضاء الأحداث

خاتمة




المحور الأول:السياق التاريخي للقضاء 

1-      القضاء في الإسلام

ظهر القضاء في الإسلام مع تأسيس الدولة الإسلامية على يد الرسول صلى الله عليه وسلم، واستمر التنظيم القضائي على يد الخلفاء الراشدين. فقد كان الرسول (ص) يفصل في النزاعات بين الناس اعتمادا على أحكام الشريعة الإسلامية، وكان يصدر الأحكام والأوامر بتنفيذها. ومع توسع الدولة الإسلامية، لم يعد بمقدور الرسول (ص) ممارسة العمل القضائي لوحده، فعين بعض الصحابة لمساعدته الذين كانوا يعتمدون أحكام القرآن وبعده أحكام السنة النبوية، وان لم يجدوا كانوا يجتهدون لإصدار الأحكام.
   ومن خصائص القضاء في الإسلام : الاعتماد على أحكام الشريعة الإسلامية من جميع المستويات، و الالتزام بقواعد الأخلاق والموضوعية في الأحكام، والابتعاد عن الشكليات، إضافة إلى مجانية القضاء والعدالة المطلقة.
  كما كان القضاء يتشكل من أربع جهات قضائية هي : القضاء العادي، قضاء الحسبة، قضاء المظالم ثم قضاء العسكر.

2- القضاء المغربي قبل الحماية

 ظل المغرب يعتمد على القضاء الإسلامي الذي يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية والمذهب المالكي، إلى أن فرضت عليه الحماية التي عملت على إصدار تشريعات أحدثت بمقتضاها محاكم جديدة لم تكن معروفة من قبل، واستمر العمل بهذا التنظيم القضائي إلى أن حصل المغرب على الاستقلال حيث ظهرت محاكم جديدة .
وانتظم القضاء المغربي قبل الحماية في أربعة أشكال من المحاكم، وهي: المحاكم الشرعية، المحاكم المخزنية، المحاكم العبرية ثم المحاكم القنصلية. وقد تمخضت هذه المحاكم عن مجموعة من الاتفاقيات التي وقعها المغرب مع الدول الأوروبية خاصة مع فرنسا سنة 17شتنبر 1731م، مع اسبانيا سنة 1761م، مع النمسا سنة 1830م، مع و.م.أ سنة 1836م ثم مع بريطانيا سنة 1865م.

3- التنظيم القضائي المغربي خلال مرحلة الحماية

اختلف التنظيم القضائي باختلاف مناطق النفوذ الاستعماري.وهي كالتالي:

1-               القضاء بالمنطقة الجنوبية :
تميز هذا التنظيم بالمحافظة على المحاكم الشرعية (نظام فردي)، المحاكم المخزنية والمحاكم العبرية، لكنه تم إلغاء المحاكم القنصلية، كما تم استحداث محاكم جديدة هي المحاكم العرفية والمحاكم العصرية ومحكمة الاستئناف الشرعي( نظام جماعي).

2-               التنظيم القضائي بالمنطقة الشمالية أوالخليفية
انتظم العمل القضائي بهذه المنطقة بأربع جهات هي: المحاكم الشرعية، المحاكم المخزنية، المحاكم العبرية ثم المحاكم الاسبانية الخليفية ( كانت تتألف من محاكم الصلح، محاكم ابتدائية ومحكمة الاستئناف بتطوان).

3-               القضاء بمنطقة طنجة الدولية
  نصت الاتفاقية الفرنسية-الاسبانية مع بريطانيا في دجنبر 1922م ـ في فصلها الثامن والأربعون ـ على إحداث محكمة دولية مختلطة يعهد إليها بتنظيم شؤون العدل بطنجة بالنسبة للأجانب والمحميين المغاربة، ومن مميزات هذه المحكمة أن أحكامها لم تكن قابلة للنقض. ثم صدر ظهير في 10يونيو 1953م نظم القضاء في عدة أنواع من المحاكم هي : محكمة الصلح، محكمة ابتدائية، محكمة استئناف ومحكمة الجنايات.

4- القضاء بعد الحصول على الاستقلال
بعد حصول المغرب على الاستقلال بادرت الحركة الوطنية إلى إعادة النظر في التنظيم الاستعماري للقضاء خاصة ما كان يسمى المحاكم العرفية حيث تم إلغاؤها.
               4-1 القضاء في المغرب إلى غاية صدور قانون المغربة
قسمت الظهائر التي صدرت خلال هذه المرحلة القضاء الى محاكم عادية(1956م)، محاكم عصرية، محلكم الشغل(ظهير29أبريل1957م) ثم المجلس الأعلى(27غشت 1957م). وانتظمت  هذه المحاكم في عدة هيئات قضائية، وهي كالتالي:
·       محاكم الحكام المفوضين (قضاء فردي)
·       محاكم إقليمية (تأخذ بنظام القضاء الجماعي)
·       المحكمة العليا
·       محاكم القضاء الشرعي: تتكون من محاكم ابتدائية واستئنافية ومحكمة عليا للنقض.
5- النظام القضائي بالمغرب منذ صدور قانون المغربة والتعريب الى غاية صدور النظام الحالي
                   
رغبة في الحد من دور القضاة الأجانب بالمغرب، وتعريب الأحكام، أصدر قانون المغربة بتاريخ 26يناير 1956م، والذي ألغى المحاكم العصرية وأصبح بمقتضاه القضاء المغربي يتكون من محاكم السدد ومحاكم إقليمية ومحاكم اجتماعية، ومحاكم استئناف ثم المجلس الأعلى.

  غير أن هذا التنظيم لم يستمر طويلا حتى النظر فيه بمقتضى ظهير 15يوليوز 1974م والذي أحدث التنظيم القضائي الحالي.

المحور الثاني: التنظيم القضائي المغربي الحالي
بعد حصول المغرب على الاستقلال بادر إلى إدخال مجموعة من التعديلات على قواعد التنظيم القضائي التي سادت من قبل، إذ ألغيت بعض المحاكم واحتفظ ببعض، كما أحدثت أخرى. وبذلك أصبح القضاء المغربي الحالي يشمل نوعين من المحاكم؛ الأولى تسمى بالمحاكم العادية، والثانية تدعى المحاكم الاستثنائية.

1-      المحاكم العادية
هي تلك المحاكم التي يتم التقاضي أمامها وفق شروط التقاضي العامة دون حاجة إلى توفر الشروط الخاصة كما هو الحال بالنسبة للمحاكم الاستثنائية. وقد حدد التنظيم القضائي المغربي  المحاكم العادية فيما يلي:
·       محاكم الجماعات والمقاطعات التي يحدد تنظيمها  وتأليفها واختصاصاتها بمقتضى القانون.
·       المحاكم الابتدائية.
·       محاكم الاستئناف.
·       المحاكم الإدارية.
·       المحاكم التجارية.
·       محاكم الاستئناف التجارية.
·       المجلس الأعلى للقضاء.
·       محاكم الاستئناف الإدارية ( أحدثت مؤخرا سنة 2003).

       1 -1 محاكم الجماعات والمقاطعات
أحدثت بمقتضى ظهير 15 يوليوز 1974م للتخفيف من أعباء المحاكم الابتدائية، وتختص بالنظر في القضايا البسيطة التي لا تحتاج إلى مساطر معقدة ولا إلى تكوين عالي.
   تحدث محاكم الجماعات بالمجالات القروية، ومحاكم المقاطعات بالجماعات الحضرية. وتتألف من حاكم وأعوانه من كتاب الضبط أو الكتاب، وتنعقد جلساتها بحاكم منفرد ويساعده كاتب الضبط أو كاتب، يعين حكام المقاطعات والجماعات اما من بين القضاة أو من بين الأشخاص الذين لا يتنمون للهيئة القضائية لكن مع اختيار نائبان لكل حاكم في هذه الحالة الأخيرة. فإذا تعلق الأمر بقاض وجب توفره على الشروط القانونية لرجال القضاء، أما إذا تعلق الأمر بغير القضاة فيتم تشكيل هيئة انتخابية(تتكون من 100 عضو، يجب أن تتوفر فيهم الشروط المحددة قانونيا) تختار من بين أعضائها الحكام ونوابهم لمدة 3 سنوات.
 تختص هذه المحاكم بالنظر في القضايا المدنية ( الدعاوى الشخصية، طلبات الوفاء بالكراء، طلبات فسخ عقود الكراء غير التجارية التي لا تتجاوز قيمتها ألف درهم مع إمكانية تمديدها إلى ألفي درهم باتفاق صريح بين الأطراف مع الحاكم. والقضايا الجنائية، حيث خول لها القانون النظر في الجرائم التي ترتكب داخل نطاق نفوذها.

      1-2 المحاكم الابتدائية
      نظم الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.338 بتاريخ 15 يوليوز 1974 المحدد للتنظيم القضائي للمملكة في فصله الثاني المحاكم الابتدائية.(غير –الفقرة الثانية- بمقتضى الظهير الشريف رقم 205-93-1 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993)- المادة الأولى – وغير- الفقرة الثانية- بمقتضى ظهير شريف رقم 118-98-1 صادر في 30 من جمادى الأولى 1419 (22 سبتمبر 1998) بتنفيذ القانون رقم 98-6 –مادة فريدة- وغير وتمم بمقتضى الظهير الشريف رقم 24-04-1 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (3فبراير 2004) –مادة فريدة-
التنظيم

تتكون المحاكم الابتدائية من:
  • رئيس ونواب رئيس وقضاة ؛
  •  نيابة عامة تتكون من وكيل للملك ونائب أو عدة نواب؛
  •  كتابة الضبط؛
  • كتابة النيابة العامة.
يمكن تقسيم هذه المحاكم بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى أقسام الأسرة وغرف مدنية، وغرف تجارية وعقارية واجتماعية وزجرية.
تنظر أقسام قضاء الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية والميراث والحالة المدنية وشؤون التوثيق والقاصرين والكفالة وكل ما له علاقة برعاية وحماية الأسرة.
يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام الأسرة. كما يمكن تكليف قاض أو أكثر من قضاة هذه المحاكم بمزاولة مهامهم بصفة قارة في أماكن توجد داخل نفوذها وتحدد بقرار لوزير العدل.
الاختصاصات
تختص المحاكم الابتدائية بالنظر في جميع القضايا مالم ينص القانون صراحة على إسناد الاختصاص لمحكمة أخرى.
ويعتبر هذا الاختصاص اختصاصا عاما يمتد ليشمل كل القضايا المدنية والعقارية والجنائية والاجتماعية. وتدخل كل المسائل المرتبطة بالأحوال الشخصية والعائلية والإرث أيضا في اختصاص المحاكم الابتدائية سواء تعلق الأمر بالمواطنين المسلمين أو الإسرائيليين أو الأجانب.
وتختص المحاكم الابتدائية في القضايا إما ابتدائيا وانتهائيا أو ابتدائيا مع حق الاستئناف طبقا للشروط المحددة في قانوني المسطرة المدنية والجنائية أو النصوص الخاصة عند الاقتضاء.
في القضايا المدنية تختص المحاكم الابتدائية ابتدائيا وانتهائيا بالنظر إلى غاية ثلاثة آلاف درهم مع حفظ حق الاستئناف في الطلبات التي تتجاوز هذا المبلغ. على أنه يمكن لحكمها أن يكون موضوع نقض أمام المجلس الأعلى، وتبت المحكمة فقط ابتدائيا إذا كان القدر المتنازع عليه يفوق هذا القدر.
وتجدر الإشارة إلى أن اليهود المغاربة يخضعون في أحوالهم الشخصية إلى قواعد الأحوال الشخصية العبرية المغربية. ويتولى قضاة عبريون بالمحاكم النظر في هذا النوع من القضايا .

         1-3  -محاكم الاستئناف

ينص القانون الصادر بتاريخ 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة على تنظيم وتأليف محاكم الاستئناف.
التنظيم :
تتكون محاكم الاستئناف من عدة غرف متخصصة، من بينها غرفة الأحوال الشخصية والميراث والغرفة الجنائية.
وتشمل هذه المحاكم على رئيس أول يساعده رؤساء الغرف ومستشارين وكتابة الضبط إضافة إلى نيابة عامة تضم وكيلا عاما للملك ونوابه العامين وقاض أو عدة قضاة مكلفين بالتحقيق وقاض أو عدة قضاة للأحداث وكتابة ضبط لكل من الرئاسة والنيابة العامة.
تعقد الجلسات في جميع القضايا وتصدر القرارات عن طريق هيئة مكونة من ثلاثة مستشارين يحتفظ بها بالنظر لأهمية المهام الموكلة إليهم.
وبالنظر إلى خطورة القضايا المعروضة عليها تتألف الغرفة الجنائية من خمس قضاة : رئيس غرفة وأربعة مستشارين.
 الاختصاصات:
تقوم المحاكم الاستئنافية بصفتها محكمة من درجة ثانية للتقاضي بدراسة القضايا التي تم البت فيها  ابتدائيا من قبل المحاكم الابتدائية للمرة الثانية . وبذلك تنظر استئنافيا في الأحكام التي تصدر عن هذه المحاكم أو عن رؤسائها. إضافة إلى تخصص النظر في طلبات الفصل في تنازع الاختصاص.
 إن التأليف المتميز للغرف الجنائية بمحاكم الاستئناف يؤهلها للبت في الجرائم ابتدائيا وانتهائيا.
      1-4 المحاكم الإدارية
أحدثت بمقتضى ظهير 10شتنبر 1993م، وذلك رغبة في إلزام الإدارة على احترام القانون عن طريق مراقبة قراراتها قضائيا.
 تنظيمها
   تتكون المحاكم الإدارية من رئيس وعدة قضاة وكتابة الضبط مع مفوض ملكي يعينه رئيس المحكمة من بين قضاة المحكمة باقتراح من الجمعية العامة. ويمكن تقسيم المحكمة إلى عدة أقسام بحيث لا يسمح لقسم بالنظر في اختصاص القسم الآخر. وتعقد هذه المحاكم جلساتها وهي مكونة من ثلاثة قضاة ويرأسها رئيس المحكمة أو قاض تعينه الجمعية العمومية السنوية بمساعدة كاتب ضبط وبحضور المفوض الملكي.
اختصاصاتها
تختص المحاكم الإدارية وفقا للقانون بالبت ابتدائيا في المجالات التالية:
·       طلبات إلغاء قرارات السلطة الإدارية بسبب تجاوز السلطة.
·       النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية.
·       دعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها مركبات يملكها شخص من أشخاص القانون العام في الطريق العام.
·       النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمعاشات ومنح الوفاة المستحقة للعاملين في مرافق الدولة والجماعات والمؤسسات العامة وموظفي مجلسي النواب والمستشارين.
·       النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات والضرائب ونزع الملكية في إطار المنفعة العامة.
·       دعوى تحصيل الديون العامة.
·       فحص شرعية القرارات الإدارية.
1-5 محاكم الاستئناف الإدارية
ظلت أحكام المحاكم الإدارية تستأنف أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، إلى غاية صدور قانون يقضي بإحداث محاكم استئناف إدارية مؤخرا.                           
   تنظيمها
  تكون محاكم الاستئناف الإدارية من : رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين، كتابة الضبط، المفوض الملكي.
   ويعين الرئيس من بين المستشارين مفوضا ملكيا أو أكثر للدفاع عن القانون باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين قابلة للتجديد.
  وسمح القانون بتقسيم هذه المحاكم إلى غرف حسب أنواع القضايا المعروضة عليها. وتعقد محاكم الاستئناف الإدارية جلساتها وتصدر الأحكام علانية بحضور المفوض الملكي وثلاثة مستشارين.
اختصاصها
 تختص هذه المحاكم في النظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية وأوامر رؤسائها. وتقبل أحكامها للنقض أمام المجلس الأعلى باستثناء أحكام المنازعات الانتخابية و تقدير شرعية القرارات الإدارية.
      1-5 المحاكم التجارية
  أحدثت بمقتضى ظهير 12 فبراير 1997م وذلك رغبة لتسريع الإجراءات وتسريع إصدار الأحكام.
  تنظيمها
 تتألف هذه المحاكم بمقتضى قانون إحداثها من رئيس ونواب له، قضاة، نيابة عامة ثم قاض مكلف بمتابعة إجراءات التنفيذ والذي يعينه رئيس المحكمة باقتراح من الجمعية العامة. ويجوز تقسيمها إلى عدة غرف متخصصة مع إمكانية بث هذه الغرف بجميع القضايا المعروضة على المحكمة.
 اختصاصاتها
 تختص هذه المحاكم في البت في:
·       الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية.
·       الدعاوى المرفوعة من قبل التجار بخصوص أعمال تجارية.
·       الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية.
·       النزاعات الناشئة بين شركاء تجاريين.
·       النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية.
    1 - 6 محاكم الاستئناف التجارية
تتكون من رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين الى جانب نيابة عامة مكونة من وكيل ملك ونوابه، كتابة الضبط ثم كتابة للنيابة العامة. كما يمكن تقسيمها الى عدة غرف متخصصة.
  وتختص هذه المحاكم بالنظر في الأحكام الصادرة عن المحاكم التجارية التي تتجاوز قيمة النزاع فيها 20000 درهم . وتجدر الإشارة إلى أن النزاعات التي تقل قيمتها عن هذا المبلغ أصبحت من اختصاص المحاكم الابتدائية.

   1-7 المجلس الأعلى
أحدث المجلس الأعلى غداة الاستقلال بظهير رقم 1.57.223 بتاريخ ربيع الثاني 1377 الموافق ل 27 سبتمبر 1957. وهو يوجد في أعلى الهرم القضائي ويشرف على جميع محاكم الموضوع بالمملكة. أما تنظيمه واختصاصه فيحددهما قانون 15 يوليوز 1974  المحدد للتنظيم القضائي للمملكة وكذا قانون المسطرة المدنية وبعض مقتضيات قانون المسطرة الجنائية و العدل العسكري.
  تنظيم المجلس الأعلى :
يترأس المجلس الأعلى رئيس أول. وتمثل النيابة العامة فيه بوكيل عام للملك يساعده المحامون العامون.
يشتمل المجلس الأعلى على ست غرف : غرفة مدنية (تسمى الغرفة الأولى) ، وغرفة للأحوال الشخصية والميراث وغرفة تجارية وغرفة إدارية وغرفة اجتماعية وغرفة جنائية. يرأس كل غرفة رئيس غرفة. ويمكن أن تقسم هذه الغرف إلى أقسام.
يبت المجلس الأعلى في إطار قضاء جماعي ، فالجلسات تعقد وتصدر القرارات من طرف خمسة قضاة بمساعدة كاتب الضبط وبحضور النيابة العامة أثناء إصدار الأحكام. وفي بعض الحالات تعزز هذه الصفة الجماعية ، فتصدر الأحكام بواسطة غرفتين مجتمعتين وفي بعض القضايا تبت جميع الغرف مجتمعة في جلسة عامة.
الاختصاصات
إن اختصاصات المجلس الأعلى كثيرة ومتنوعة . وقد حدد القانون - مع ذلك - دوره في مراقبة المسائل المتعلقة بالقانون فقط ، فهو يراقب شرعية القرارات التي تصدرها محاكم الموضوع ويضمن بذلك توحيد الاجتهاد القضائي.
وبهذه الصفة ينظر المجلس الأعلى في القضايا التالية :
  • الطعون بالنقض ضد الأحكام الانتهائية التي تصدرها جميع محاكم المملكة؛
  • الطعون المقدمة ضد القرارات التي يتجاوز بواسطتها القضاة سلطاتهم؛
  • البت في تنازع الاختصاص بين محاكم لا توجد محكمة أعلى درجة مشتركة بينها غير المجلس الأعلى؛
  • مخاصمة القضاة والمحاكم غير المجلس الأعلى؛
  • الإحالة من أجل التشكك المشروع؛
  • الإحالة من أجل الأمن العمومي أو لصالح حسن سير العدالة؛
  • الاستئناف ضد قرارات المحاكم الإدارية باعتبار المجلس محكمة من درجة ثانية؛
  • اللجوء ابتدائيا وانتهائيا إلى طلب الإلغاء من أجل الشطط في استعمال السلطة ضد المقررات التنظيمية أو الفردية للوزير الأول ، والطعن في قرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة اختصاص المحكمة الإدارية؛
ومن جهة أخرى يبت المجلس الأعلى بصفته محكمة موضوع في :
القضايا الجنائية : مسطرة المراجعة تسمح له بإصلاح خطأ قضائي ارتكب على حق شخص وقعت إدانته ظلما من أجل جريمة أو جنحة.

2- المحاكم الاستثنائية

 أوكل القانون إلى هذه المحاكم النظر في بعض الحالات الخاصة، وهي نوعين حاليا: المحكمة العسكرية، المحكمة العليا.

أ‌-  المحكمة العسكرية
  أحدثت بمقتضى ظهير 10نونبر 1956م، وهو بمثابة قانون القضاء العسكري، وتم تغييره بمقتضى قانون صدر في 26يوليوز 1971م.
      تنظيم المحكمة العسكرية:
تتكون هذه المحكمة من هيئتين: الأولى تشكل هيئة الحكم وتتكون من مستشار بمحكمة الاستئناف بصفة رئيس، ومستشارين عسكريين فيما يخص الجنح والمخالفات، أو من أربعة عسكريين أعضاء فيما يخص البت في الجنايات.
  ويعين رؤساء المحكمة عند بداية كل سنة قضائية بمرسوم باقتراح من وزير العدل، إلى جانب قاضيان يعينان بنفس الكيفية.
   أما الهيئة الثانية؛ فتتكون من هيئة القضاة العسكريين، وإطار الضباط كتاب الضبط وإطار ضباط مستكتبي الضبط. وتتكون هيئة القضاة من من قضاة حكم عسكريين وقضاة النيابة العامة وعلى رأسهم وكيل الملك لدى المحكمة العسكرية وقضاة التحقيق الذين يعينون بظهير باقتراح من لجنة الدفاع الوطني بالحكومة.
    وتختص هذه المحكمة بالنظر في الجرائم المرتكبة من طرف الجنود والضباط العسكريين، كما تختص بالنظر في الجرائم المرتكبة ضد أفراد القوات المسلحة من أي طرف، كما تنظر في كل ما يعتبر تهديدا للأمن العام للدولة أيا كان مقترفها.
      
ب‌- المحكمة العليا
  هي مؤسسة نص عليها الدستور(ف88 إلى ف92)، كما صدر قانون تنظيمي لها بتاريخ 8أكتوبر 1977م والذي يحدد المسطرة الواجب إتباعها أمامها.
  وتتكون هذه المحكمة من نيابة عامة يرأسها الوكيل العام للملك بالمجلس الأعلى، ويساعده المحامي العام الأول، إضافة إلى كتابة الضبط. كما تضم المحكمة لجنة تحقيق من ثلاثة قضاة للأحكام بالمجلس الأعلى يعين أحدهما بظهير شريف والآخر ينتخبهما البرلمان. ولكن إجراءات المحكمة تمر عبر تصويت البرلمان بالثلثين.
  وتختص المحكمة العليا بالنظر في الجرائم المرتكبة من طرف أعضاء الحكومة، سواء الجنايات والجنح المرتكبة أثناء ممارستهم لمهامهم كوزراء أو تلك المرتكبة بعد انتهاء مهامهم في الحكومة.




المحور الثالث: المبادئ الأساسية للقضاء بالمغرب

  لضمان نزاهة القضاء وممارسة الرقابة على القضاة؛ أقر المشرع مجموعة من المبادئ التي تروم تحقيق هذه الأهداف وضمان حسن سير عمليات التقاضي.

       1- مبدأ استقلال القضاء
ينص الدستور المغربي على مبدأ الفصل بين السلط، (وهذا المبدأ مأخوذ عن مونتيسكيو في كتابه روح القوانين) بسبب ما يترتب عن وضع هذه السلط في يد واحدة من ظلم واستبداد. واستنادا إلى ذلك وجب استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية حتى يتسنى للقضاة إصدار الأحكام بشكل مستقل وموضوعي دون الخضوع لتوجيهات أو أوامر.
  ومع هذا فان المشرع أعطى للسلطة التنفيذية أحقية وقف تنفيذ الأحكام القضائية إذا كان الحكم سيتسبب في الإضرار بالأمن العام والنظام.

      2- مبدأ وحدة القضاء
  يقصد به وجود نظام قضائي واحد يسود مجموع التراب الوطني؛ يخضع له جميع المواطنين والأجانب دون تمييز حسب جنسهم ودينهم. وقد تم تثبيت هذا المبدأ بعد صدور قانون المغربة والتوحيد والتعريب.

      3- مبدأ القضاء الفردي والقضاء الجماعي
ومعناه القضاء الفردي الذي يحكم فيه قاض منفرد في القضية المعروضة أمامه، حيث أصبحت المحاكم الابتدائية بموجب قانون 03-15-2003 تعقد جلساتها بقاض واحد.  أما القضاء الجماعي فيفصل في القضية ثلاثة قضاة، وقد حدد القانون السابق الذكر قضايا هذا النوع من القضاء في: دعاوى الأحوال الشخصية والميراث، الدعاوى العقارية العينية والمختلطة، دعاوى نزاعات الشغل، الجنح المعاقب عليها قانونا بأكثر من سنتين حبسا.

     4 مبدأ تعدد درجات التقاضي
ويقصد به إتاحة الفرصة للمتقاضين بعرض دعاواهم بوقائعها أمام محكمة أولى هي المحكمة الابتدائية، ثم على محكمة ثانية أعلى درجة وهي محكمة الاستئناف بعد صدور حكم الأولى.
  وتكمن أهمية هذا المبدأ في تمكينه المتقاضين من ضمانات أفضل لتمكينهم من حقوقهم من جهة، ومن جهة أخرى يشكل دافعا لقاضي المحكمة الابتدائية ليحقق العدالة في القضايا المعروضة عليه ما دام يعلم بوجود درجة أعلى منه تراقب الأحكام التي يصدرها.

  5 ـ مبدأ علنية الجلسات وشفوية المرافعات
   ويقصد بالعلنية؛ السماح للمواطنين بحضور جلسات المحاكم (إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك وفق الفصل 43 من قانون المسطرة المدنية).
    وبذلك يحق للعموم حضور الجلسات خاصة طلبة كلية الحقوق لمعرفة طرق مزاولة مهنتي المحاماة والقضاء، وغيرها من المزايا الإضافية لهذا المبدأ.
   أما مبدأ شفوية المرافعات فهو يتعلق ببعض الحالات الاستثنائية فقط بالنسبة للمحاكم الابتدائية، كقضايا النفقة، قضايا الحالة المدنية... فيما القاعدة العامة عند باقي المحاكم فهي مسطرة كتابية.

  6 ـ مجانية القضاء
 يعني أن القضاة لا يتلقون مرتباتهم ومستحقاتهم من المتقاضين وإنما الدولة هي التي تقوم بذلك، غير أن ذلك لا يعفي المتقاضين من دفع رسوم قضائية لصندوق المحكمة، وهذا لا يتناقض مع مبدأ مجانية القضاء.

 -7 مبدأ المساعدة القضائية
  يهدف هذا المبدأ  إلى تمكين المتقاضين المعوزين من طرق باب القضاء على قدم المساواة  مع خصومهم الميسورين.
  ويتعين على المعنيين توجيه طلب إلى وكيل الملك لدى المحكمة المختصة. وفي حالة رفض الطلب يحق للمعني استئنافه.
  إضافة إلى ذلك؛ فان الأحكام تصدر وتنفذ  باسم الملك وفقا للدستور(ف 83)، كما لا يجوز عزل القضاة أو نقلهم إلا بمقتضى القانون.

 المحور الرابع : مؤسسة قضاء الأحداث

 

    لا يختلف اثنان حول الأهمية التي أصبحت الطفولة تحظى بها في كل أصقاع العالم، إن على المستوى السياسي أو الاجتماعي أ والتشريعي، ولم يتخلف المغرب عن مواكبة ركب الاهتمام بهذه الشريحة من المجتمع عبر تفعيل دور المجتمع المدني في هذا الباب وتحديث الترسانة القانونية المنظمة لحقوق هذه الفئة .
    ويدخل قانون المسطرة الجنائية في خضم هذا التحديث، حيث إن هذا الأخير لم يتوقف فقط عند توفير الحماية للأحداث الجانحين و تقويم سلوكهم بقصد إعادة إدماجهم في المجتمع، بل مدد هذه الحماية إلى الأطفال ضحايا الجرائم أو الذين يعيشون وضعية صعبة .
وقد سلك القانون الجديد في معالجة قضايا الأحداث مبادئ التكريم التي أقرتها الشريعة الإسلامية للطفل تارة، وأحكام الاتفاقيات والصكوك الدولية التي صادق عليها المغرب تارة أخرى .
    فرفع سن الرشد الجنائي إلى 18 سنة شمسية كاملة انسجاما مع المادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل، وأحدث نظام قاضي الأحداث لدى المحكمة الابتدائية بالإضافة إلى المستشار المكلف برعاية الأحداث لدى محكمة الاستئناف، كما أوكل إلى الغرفة المختصة بمحاكمة الجنح والجنايات لدى المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف مهام البت في قضايا الأحداث المحالة عليه، ومن قبل قاضي أو مستشار الأحداث، على أن يترأس تلك الغرف مستشار مكلف بالأحداث .
    كما أوكل لرئيس النيابة العامة تعيين قاضي النيابة الذي يضطلع بحضور جلسات الأحداث، وأنشأ ضابطة قضائية خاصة بالأحداث .
    و في باب العقوبة منع كليا اعتقال الأحداث الذين يقل عمرهم عن 12 سنة، وأقر إلزامية البحث الاجتماعي في الجنح ما لم يتعارض ذلك مع مصلحة الحدث،      و سمح بالطعن بالاستئناف في قرارات غرفة الجنايات للأحداث أسوة  بالرشداء .
    وسنحاول من خلال هذا العرض إبراز مؤسسة قضاء الأحداث من جميع جوانبها عبر التركيز على الجديد الذي جاء به قانون المسطرة الجنائية من حيث قضاء الموضوع أو قضاء النيابة العامة بمختلف درجاته وطرق الطعن التي نص عليها، ثم العقوبات التي تطال الأحداث الجانحين، وأخيرا حماية الأطفال ضحايا جنايات أو جنح أو الموجودين في وضعية صعبة، مبرزين مدى التزام المغرب بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان عامة وحقوق الطفل خاصة كلما اقتضى الأمر ذلك. .

1:  قضاء الأحداث في ضوء قانون المسطرة الجنائية
     رفع المشرع المغربي في المادة 458 من ق.م.ج سن الرشد الجنائي إلى 18 سنة[1] كاملة واعتبر الحدث الذي يبلغ 12 سنة فأقل عديم المسؤولية الجنائية، وذا مسؤولية ناقصة ما بين 12 و 18 سنة لعدم اكتمال التمييز لديه، وقد انسجم المغرب بذلك مع التزاماته الحقوقية الواردة بالاتفاقية الدولية لحقوق الطفل . وإذا وقع خلاف حول سن الحدث نصت المادة 459 من ق.م.ج على أنه يتعين اعتبار سن الجانح يوم ارتكاب الجريمة مع إعطاء المحكمة صلاحية اللجوء إلى أهل الخبرة لتقدير سن الحدث، بعد  أن تأمر بإجراء فحص طبي ولها إن اقتضى الحال إصدار حكم بعدم الاختصاص .
     وانسجاما مع قواعد بيكين خاصة المادة 10 منها والمتعلقة بالقواعد النموذجية لإدارة قضاء الأحداث والمعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29 نونبر 1985 بمقتضى قرارها رقم 40/33 نصت المادة 460 من ق.م.ج.على التزام ضابط الشرطة القضائية بأن يحتفظ بالحدث المنسوب إليه الجرم في مكان مخصص للأحداث لمدة لا يمكن أن تتجاوز المدة المحددة للحراسة النظرية، ويجب في كل الأحوال إشعار ولي الحدث أو المقدم أو الوصي عليه أو كافله أو حاضنه أو الشخص أو المؤسسة المعهود إليها برعايته بالإجراء المتخذ .
وصونا لحقوق الأحداث الجانحين نصت المادة 461 بأن على النيابة العامة إذا لم تكن الجريمة المرتكبة تقتضي التحقيق إحالة الحدث على قاضي الأحداث أو المستشار المكلف بالأحداث مع إلزامية فصل متابعة الحدث عن غيره من المساهمين أو المشاركين الرشداء .
     وسمحت المادة 41 من ق.م.ج لولي الحدث بإمكانية طلب صلح مع الضحية من خلال التزامه بجبر الضرر الذي ألحقه الحدث به، ويترتب عن ذلك وقف الدعوى العمومية مع إمكانية تحريك المتابعة من جديد من لدن النيابة العامة في حالة عدم تنفيذ الالتزام المتفق عليه أو ظهور عناصر جديدة تقتضي تحريك المتابعة.
     و انسجاما مع مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية لمنع جنوح الأحداث المعتمدة والمنشورة بقرار الجمعية العامة رقم 45/133 المؤرخ في دجنبر 1990 المعروفة بمبادئ الرياض التوجيهية نص قانون المسطرة الجنائية الجديد على إمكانية إيقاف سير الدعوى العمومية قبل صدور حكم نهائي في جوهر القضية إذا سحبت الشكاية أو تنازل المتضرر أو اقتضت المصلحة ذلك بطلب من النيابة العامة مع إمكانية استئناف النظر فيها بطلب من هذه الأخيرة ما لم تكن قد سقطت بالتقادم أو لسبب آخر.
    أما من حيث هيئات التحقيق و هيئات الحكم الخاصة بالأحداث فيمكن القول إن المادة 458 من ق.م.ج و ما يليها قد أخذت بنظام جد متطور لقضاء الأحداث حرصا من المشرع على مواكبة الاتفاقيات الدولية الصادرة بشأن الطفولة بصفة عامة  وسوف نحاول رصد الجديد على مستوى المحاكم الابتدائية أولا ثم على مستوى محاكم الاستئناف ثانيا .

أ – على مستوى المحاكم الابتدائية :
1-1      قاضي الأحداث لدى المحاكم الابتدائية :
    تنص المادة 464 من ق.م.ج. على أنه " يعين قاضي أو أكثر من بين قضاة المحكمة الابتدائية للقيام بمهام قاضي الأحداث لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بموجب قرار لوزير العدل بناء على اقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية، وبذلك يكون المشرع قد عاد إلى الإجراء الذي كان معمولا به قبل صدور الظهير المتعلق بالإجراءات الانتقالية باستثناء الجانب المتعلق بتحديد المدة، حيث كان قاضي الأحداث يعين بقرار لوزير العدل لكن  بدون تحديد مدة معينة.
    ويختص قاضي الأحداث لدى المحكمة الابتدائية بالنظر في قضايا المخالفات والجنح المنسوبة إلى الحدث البالغ من العمر ما بين 12 و18 سنة والتي يحيلها عليها وكيل الملك لدى نفس المحكمة والذي يملك وحده سلطة تحريك الدعوى العمومية في حق الحدث، مع ملاحظة أنه أصبح من غير الممكن في ظل قانون المسطرة الجنائية الجديد إمكانية تحريك هذه الدعوى من طرف المطالب بالحق المدني عكس ما كان عليه الأمر في القانون القديم
    وبعد إحالة الحدث الذي لم يبلغ 12 سنة عليه ليس أمام قاضي الأحداث إلا تسليمه لوليه أو حاضنه أو المقدم عليه أو كافله أو وصيه أو الشخص أو المؤسسة المعهود إليها برعايته، وبذلك يكون المشرع قد ساير ما تنص عليه أغلب القوانين في هذا الصدد، بالإضافة إلى انسجامه مع ما قرره من انعدام المسؤولية الجنائية للحدث في هذه السن .
    وإذا ارتأى وكيل الملك أن الجنحة المرتكبة من طرف الحدث تقتضي إجراء تحقيق في النازلة، فإنه يحيلها على قاضي الأحداث الذي يطبق المقتضيات المنصوص عليها في القسم الثالث من الكتاب الأول المتعلق بالتحقيق الإعدادي، مع مراعاة القواعد المنصوص عليها في الكتاب الثالث من قانون المسطرة الجنائية .
    وإذا كانت الجنحة لا تستدعي إجراء التحقيق فإن وكيل الملك يحيل القضية على قاضي الأحداث قصد تطبيق مقتضيات المواد 468 و470 إلى 472 عند الاقتضاء وإحالة الحدث على غرفة الأحداث لدى المحكمة الابتدائية التي أصبحت تحل محل محكمة الأحداث التي كان معمولا بها في ظل قانون المسطرة الجنائية القديم قبل صدور ظهير الإجراءات الانتقالية .
    والجدير بالذكر أنه إذا كانت العقوبة المقررة للجنحة، تعادل أو تقل عن سنتين حبسا فإن قاضي الأحداث يبت في القضية وفقا للمسطرة المقررة في المواد من 475 إلى 481 ق.م.ج. الجديد، وفي هذه الحالة تشكل الهيئة تحت طائلة البطلان من قاضي الأحداث بحضور ممثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط - وهذه التشكيلة هي التي كان يطلق عليها من قبل غرفة المشورة - وله أن يصدر مؤقتا أمرا يخضع بمقتضاه الحدث إلى واحد أو أكثر من تدابير الحراسة المنصوص عليها في الفصل 468 من ق.م.ج ويمكن إن اقتضى الحال ذلك أن تباشر هذه التدابير تحت ظل نظام الحرية المحروسة .
    وقد نصت المادة 471 من ق.م.ج  على إجراء لم يكن معمولا به من قبل[2]يتمثل في تخويل قاضي الأحداث إمكانية إسناد أمر البحث الاجتماعي إلى الإدارة المكلفة بالمصالح الاجتماعية أو إلى الجمعيات أو الأشخاص المؤهلين لهذه الغاية  بعدما كان البحث الاجتماعي يخول للباحثة الاجتماعية أو إلى مندوب الحرية المحروسة سواء كان دائما أو مؤقتا .
    كما تضمنت المادة 473 أيضا إجراء جديدا، وهو إعطاء قاضي الأحداث إمكانية تأجيل البت في حق الحدث إلى أن يصدر الحكم في حق الرشداء ما لم يتعارض ذلك مع مصلحة الحدث بطبيعة الحال، وذلك عندما يكون هذا الأخير متابعا من أجل نفس الأفعال وفي نفس القضية مع متهمين رشداء،  ويتم فصل قضية الحدث عن قضية الرشداء تطبيقا لنص المادة 461 من ق.م.ج الجديد.

 1-2      - غرفة الأحداث لدى المحكمة الابتدائية : 
      تماثل غرفة الأحداث لدى المحكمة الابتدائية في تشكيلتها ما كانت عليه محكمة الأحداث لدى المحاكم الإقليمية سابقا،[3] وإذا تبين لغرفة الأحداث أن الأفعال تكتسي صبغة جنائية فإنها تصدر حكما بعدم الاختصاص، و تتألف الغرفة من رئيس وقاضيين ونائب لوكيل الملك وكاتب للضبط .
     و يلاحظ أن المادة 479 من ق.م.ج قد حلت معضلة كانت تثير نقاشا كبيرا تتجلى في ما يطبق بالأسبقية إذا قررت الغرفة الجنحية عقوبة حبسية إضافية لتدابير الحماية، حيث نصت صراحة على أن العقوبة السالبة للحرية تنفذ بالأسبقية باستثناء حالة علاج الحدث التي لا يمكن أن تقطع بأي وجه من الوجوه.

ب - على مستوى محاكم الاستئناف :

         2-1- المستشار المكلف بالأحداث : 
     يعين المستشار المكلف بالأحداث و يعفى من مهامه بنفس الطريقة المنصوص عليها في الظهير الشريف المتعلق بالإجراءات الانتقالية، وعندما تكتسي الأفعال المرتكبة من طرف الحدث طابعا جنائيا فإن المستشار المذكور بعد قيامه ببحث اجتماعي لتحديد التدابير المتعين اتخاذها لحماية الحدث ( المادة 471 ) يقوم بإجراء تحقيق في القضية طبقا للمسطرة الواردة في القسم الثالث من الكتاب الأول المتعلق بالتحقيق الإعدادي وله أن يتخذ أثناء البحث في حق الحدث ما يراه مناسبا من التدابير الجنائية المنصوص عليها في المادتين 468 و 478 من  ق.م.ج كما له أن يصدر أمرا باعتقاله مؤقتا .

2 -2- الغرفة الجنحية للأحداث لدى محكمة الاستئناف:

تعد هذه الغرفة من مستجدات قانون المسطرة الجنائية، وتماثل في تشكيلتها هيئة غرفة الأحداث لدى المحكمة الابتدائية مع فارق وحيد هو تغيير تسمية القاضي باسم المستشار، ويطبق على عقد جلساتها وعلى قراراتها ما يطبق أمام غرفة  الأحداث من إجراءات مع مراعاة المقتضيات الخاصة بالغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف .

3 -  2 -غرفة الجنح الاستئنافية للأحداث :
تختص هذه الغرفة بالنظر في استئناف الأحكام الصادرة عن غرفة الأحداث لدى المحكمة الابتدائية أو عن قاضي الأحداث، وهذه الغرفة لا تعتبر من مستحدثات قانون المسطرة الجنائية الجديد، حيث إن لها وجودا ضمن الهيئات التي كانت تعمل سابقا[4] وتتألف هذه الغرفة استنادا للمادة 489 من ق.م.ج تحت طائلة البطلان من مستشار للأحداث بصفته رئيسا ومن مستشارين اثنين وتعقد جلساتها بحضور ممثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب للضبط، وتختص بالنظر في استئناف الأحكام الصادرة عن غرفة الأحداث لدى المحكمة الابتدائية أو عن قاضي الأحداث وفقا للفقرة الرابعة من المادة 470 ، وتطبق على عقد الجلسات وعلى مقررات غرفة الجنح الاستئنافية للأحداث مقتضيات الفرع الخامس من الباب الأول من القسم الرابع من الكتاب الثاني مع مراعاة أحكام المواد من 480 إلى 482 و 492 من هذا القانون .

  4 -2        - غرفة الجنايات للأحداث :
     تتألف غرفة الجنايات على مستوى محكمة الاستئناف تحت طائلة البطلان من رئيس و من أربعة مستشارين، و تعقد جلساتها بحضور النيابة العامة، وتعد هذه الغرفة أيضا من مستجدات قانون المسطرة الجنائية الحالي، وتختص بالنظر في الجنايات والجنح المرتبطة بها المنسوبة للأحداث، وإذا تبين للغرفة أن الأفعال منسوبة إلى الحدث فإنها تبت طبقا للمقتضيات المقررة في المواد 473 و476 ومن 481 إلى 483، ويمكنها علاوة على ذلك أن تصدر في حقه تدبيرا أو أكثر من تدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها في المادة 481، كما يمكنها أن تكمل هذه التدابير أو تعوضها بالنسبة للأحداث الذين يتجاوز سنهم 12 سنة بعقوبة من العقوبات المنصوص عليها في المادة 482 أعلاه، غير أنه إذا كانت العقوبة الأصلية المقررة للجريمة هي الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن لمدة ثلاثين سنة فإن الغرفة تستبدلها بعقوبة تتراوح بين عشر سنوات وخمس عشرة سنة سجنا .   
      ويمكن الطعن بالاستئناف في قرارات غرفة الجنايات الصادرة في حق الأحداث أمام غرفة الجنايات الاستئنافية للأحداث. وتتكون غرفة الجنايات الاستئنافية من مستشار للأحداث رئيسا ومن أربعة مستشارين وتعقد جلساتها بحضور ممثل النيابة العامة وبمساعدة كاتب للضبط، ونص الفصل 495 ق.م.ج حسب الكيفيات العادية في المقررات النهائية الصادرة في حق الأحداث عن غرفة الجنح الاستئنافية للأحداث والغرفة الجنحية للأحداث لدى محكمة الاستئناف وغرفة الجنايات للأحداث، ولا يوقف الطعن بالنقض تنفيذ تدابير الحماية أو التهذيب المحكوم بها بمقتضى المادة 493 من  ق.م.ج.
      وتكريسا لحماية خصوصية الأحداث المتابعين وسرية الإجراءات والمناقشات المتعلقة بهم منع القانون الجديد نشر أي بيان عن جلسات الهيئات القضائية الخاصة بالنظر في قضايا الأحداث بأية وسيلة كانت .

2- الحرية المحروســـة :
     نظمت المواد من 496 إلى 500 من ق.م.ج. قواعد الحرية المحروسة، ويهدف هذا الإجراء إلى وضع الحدث تحت الإشراف والتتبع التربوي لمندوب[5] تكون مهمته تجنيب الحدث كل عود إلى الجريمة واقتراح كل تدبير مفيد لإعادة تربيته إلى حين بلوغه 18 سنة، وتناط بالمندوبين كذلك مراقبة الظروف المادية والمعنوية التي يعيش فيها الحدث وحالته الصحية وظروف تربيته وعمله وعلاقاته وحسن استعماله لهواياته .
    وترفع تقارير في هذا الصدد من لدن المندوبين كل ثلاثة أشهر إلى الهيئة القضائية التي عينتهم تتضمن ملاحظاتهم واقتراحاتهم والصعوبات التي تعترض عملهم، وتكريسا لحق الحدث وعائلته في الإخبار نصت المادة 500 من ق.م.ج على أنه يتعين على الهيئة التي تقرر نظام الحرية المحروسة[6] إخطار الحدث وأبويه أو كافله أومن يتولى أمره بطبيعة هذا التدبير وموضوعه والالتزامات التي يستوجبها كإخطار المندوب بتغيب الحدث أو تغيير محل إقامته أو وفاته أو مرضه إضافة إلى تسهيل عمل المندوب ومد يد المساعدة الضرورية إليه، وفي حالة مخالفة الالتزامات السالفة الذكر يحكم على هؤلاء الأشخاص بغرامة مدنية تتراوح ما بين 200 و1200 درهم .



3- تنفيذ الأحــــكام :
     إن الملاحظة البارزة بخصوص تنفيذ الأحكام الصادرة في حق الأحداث هو الطابع المرن الذي تميزت به مؤسسة تنفيذ العقوبة سواء منها السالبة للحرية          أو المرتبطة بالتدابير الوقائية والتهذيبية، حيث إن المصلحة الفضلى للحدث تعتبر مشكاة المشرع التي يسير على هديها في إطار[7] المحافظة على كرامة الحدث[8] والتشبث بالالتزامات الدولية للمملكة في هذا الباب؛ وهكذا نص في المادة 505 من ق.م.ج. على أن الأحكام الصادرة عن الهيئات المختصة بالأحداث تسجل بسجل خاص يمسكه كاتب الضبط ولا يكون في متناول الجميع، ونص على عدم تضمين المقررات المحتوية على تدابير الحماية أو التهذيب إلا بالبطاقة رقم 2 دون غيرها، ويمكن بعد انصرام ثلاث سنوات والتأكد من إصلاح سلوك الحدث أن يتقدم تلقائيا أو بناء على طلب النيابة العامة     أو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يشرف على شؤون الحدث بطلب إلغاء البطاقة رقم 1 التي تنص على التدبير المتخذ في حق هذا الأخير .
     وتسهيلا على الحدث سلك المشرع المغربي مسلكا جديدا يقرب القضاء من الحدث فمكنه من تقديم طلب إلغاء البطاقة رقم 1بنوع من اليسر، حيث أعطى الصلاحية للبت في هذا الطلب إلى كل من القاضي الذي أجرى المتابعة الأولى، أو القاضي الذي يوجد في دائرته الموطن الحالي للحدث، أو القاضي الذي كانت ولادة الحدث بدائرته وجعل مقرر القاضي بالرفض قابلا للطعن أمام الغرفة الجنحية للأحداث لدى محكمة الاستئناف داخل أجل عشرة أيام وأخيرا أعفى المشرع أسرة الحدث المعوزة من أداء مصاريف الرعاية والإيداع .
    بعد هذا الفصل الذي قاربنا فيه قضاء الأحداث ننتقل إلى طرق الحماية التي خصها المشرع للحدث ضحية جريمة أو الموجود في وضعية صعبة .

4 ـ الأحداث ضحايا جرائم والموجودين في وضعية صعب
     إن المغرب الذي يعرف في الوقت الراهن تحولات عميقة في إطار تعزيز دولة الحق والقانون أولى لقضية حقوق الطفل اهتماما خاصا ومتزايدا مبنيا على أسس حضارية وعلى مبادئ الإسلام التي كانت تؤكد دوما على ضرورة حماية الطفل، وقد قام المشرع المغربي بترجمة هذا الاهتمام على أرض الواقع بوضع قوانين تنظم العلاقات داخل المجتمع من أجل رعاية الطفل باعتباره يحتاج إلى رعاية وعناية تضمنان له العيش الكريم، وسيرا على نهج هذا العرف النافذ عمد المشرع المغربي من خلال قانون المسطرة الجنائية الجديد إلى تخصيص القسمين السادس والسابع من الكتاب الثالث لفئة خاصة من الطفولة تتمثل في الطفل ضحية جناية أو جنحة ثم للطفل الموجود في وضعية صعبة

أولا : الأطفال ضحايا جنايات أو جنح :
    تكريسا من المشرع المغربي للحماية التي أولى بها الحدث في ظل القانون الجنائي إذ عاقب على حرمانه من العناية والعلاج أو تعريضه للاستغلال والإهمال المادي والمعنوي[9] وتحريضه على ممارسة أفعال غير مشروعة، فإنه عمل في قانون المسطرة الجنائية الجديد في المادتين 510 و511 منه على إحاطة الحدث ضحية جنايات أو جنح بضمانات إجرائية هامة .
     وهكذا نصت المادة 510 على أنه في حال ارتكاب جناية أو جنحة في حق الحدث دون 18 سنة فلقاض التحقيق أو المستشار المكلف بالأحداث إما استنادا لملتمسات النيابة العامة وإما تلقائيا، بعد أخذ رأي النيابة العامة، إصدار أمر قضائي بإيداع الحدث المجني عليه لدى شخص جدير بالثقة أو بمؤسسة خصوصية أو بجمعية من الجمعيات ذات المنفعة العامة المؤهلة لهذه الغاية، أو بتسليمه لمصلحة أو مؤسسة عمومية مكلفة برعاية الطفولة إلى أن يصدر حكم نهائي في موضوع الجناية أو الجنحة التي تعرض لها .
    كما يمكن للنيابة العامة أو لقاض الأحداث أو المستشار المكلف بالأحداث أن يأمر بعرض الحدث على خبرة طبية نفسية أو عقلية لتحديد نوع وأهمية الأضرار اللاحقة به وبيان ما إذا كان يحتاج إلى علاج ملائم لحالته حالا واستقبالا .
    وفي حالة صدور حكم من أجل جناية أو جنحة ارتكبت ضد حدث فالمادة 511 الموازية للفصل 567 من قانون المسطرة الجنائية المنسوخ أعطت لقاضي الأحداث  أو المستشار المكلف بالأحداث بناء على إحالة النيابة العامة صلاحية اتخاذ ما يراه مناسبا من تدابير لحماية الحدث[10] مع حفظ لحق في استئناف هذا القرار من طرف كل من النيابة العامة والحدث أو أبويه أو الوصي عليه أو المقدم عليه أو حاضنه أو كافله أو المكلف برعايته خلال عشرة أيام من صدوره أمام الغرفة الجنحية للأحداث بمحكمة الاستئناف .

ثانيا : حماية الأطفال الموجودين في وضعية صعبة
                   يعتبر موضوع حماية الأطفال الموجودين في وضعية صعبة من المستجدات التي أرساها هذا الباب .
   والجدير بالذكر أن المشرع المغربي لم يتطرق إلا لحالة الحدث القاصر المعرض لمخاطر الانحراف بسبب سلوكه هو ومن يخالطه مع فرضية انتمائه إلى أسرة متماسكة تتوفر فيها كل الشروط الضرورية للقيام بالتزاماتها تجاهه من رعاية وتربية، مع أن مفهوم الأحداث في خطر أو المعرضين لمخاطر يشمل وضعيات أخرى غير هذه .
    وهكذا تناولت المواد من 512 إلى 517 من ق.م.ج الحماية المنشودة للأطفال الموجودين في وضعية صعبة فأعطى بمقتضى المادة 512 لقاضي الأحداث لدى المحكمة الابتدائية إمكانية أن يتخذ لفائدة الحدث الموجود في وضعية صعبة بناء على ملتمس النيابة العامة أي تدبير يراه كفيلا بحماية الحدث .
    وعرفت المادة 513 الحدث في وضعية صعبة بأنه الحدث البالغ من العمر 16 سنة إذا كانت سلامته البدنية أو الذهنية أو النفسية أو الأخلاقية أو تربيته معرضة للخطر من جراء اختلاطه بأشخاص منحرفين أو معرضين للانحراف أو معروفين بسوء سيرتهم أو من ذوي السوابق في الإجرام أو تمرد على الشخص الذاتي  أو المعنوي الذي يتكفل برعايته أو عدم توفره على مكان صالح يستقر فيه أو اعتاد الفرار من المؤسسة التي يتابع بها دراسته .
    وتقضي المادة 514 بأن قاضي الأحداث إذا كانت حالة الحدث الصحية أو النفسانية أو سلوكه العام تستوجب فحصا عميقا يأمر بإيداعه مؤقتا لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر بمركز مقبول مؤهل لهذه الغاية .
    ويعهد طبقا لما تقضي به المادة 515 إلى أحد مندوبي الحرية المحروسة بتتبع حالة الحدث وظروف تنفيذ التدابير وفقا للكيفيات المنصوص عليها في المواد من 446 إلى 550 . ويمكن لقاضي الأحداث حسب المادة 516 أن يأمر في كل وقت بإلغاء التدابير أو تغييرها إذا اقتضت مصلحة الحدث ذلك، وذلك إما تلقائيا أو بناء على طلب وكيل الملك أو الحدث أو الشخص الذي يتولى رعايته مع أخذ رأي وكيل الملك إذا لم يكن هو الذي تقدم بالطلب .
   و أخيرا فإن مفعول التدابير المأمور بها ينتهي بانتهاء المدة التي حددها أمر قاضي الأحداث، وينتهي في كل الأحوال ببلوغ الحدث سن 16 سنة ميلادية مع إمكانية تمديد مفعول التدابير المأمور بها إلى حين بلوغ الحدث سن الرشد الجنائي، وذلك بقرار معلل من القاضي في بعض الأحوال الاستثنائية إذا اقتضت مصلحة الحدث ذلك مع مراعاة مقتضيات الفقرتين 2 و3 من المادة 516 ق.م.ج.


خلاصة :                                                      
     يعتبر العمل  الجبار الذي قام به المشرع في باب مؤسسة قضاء الأحداث طفرة حقوقية وإنسانية في مجال الطفولة عامة والطفولة الجانحة خاصة، ويمكن القول إن هذه المقتضيات الجديدة المنظمة للأحداث في قانون المسطرة الجنائية الجديد أصبحت تجاري توصيات المؤتمرات العالمية وقواعد المواثيق والاتفاقيات والإعلانات الدولية التي تهتم بحقوق الطفل .
     إلا أنه من خلال رصد المواد المتعلقة بهذه الشريحة الاجتماعية نجد أن تنظيم الرعاية بشؤونها ليس بالمسؤولية الحكر على جهاز القضاء، بل هناك فاعلون اجتماعيون وسياسيون آخرون تناط بهم مهمة اعتبار وضعية وظروف هذه الفئة ويتعلق الأمر بوزارة الشبيبة والرياضة والتعليم والتشغيل وبالمجتمع المدني ممثلا في الجمعيات والمنظمات المهتمة بالطفولة .
    فمن الواجب إذن أن تتكاثف جهود الجميع حتى يتم تفعيل مضمون قانون المسطرة الجنائية الجديد في باب الأحداث والوقوف على الآمال المعقودة والنتائج المنشودة من التغيير التشريعي الجوهري في هذا الباب .











     
                 المراجع المعتمدة


        محمد بن حساين، التنظيم القضائي المغربي، الطبعة الأولى، 2006، طوب بريس، الرباط.

        مليكة الصروخ، القانون الدستوري،مطبعة النجاح، 1998م، الدار البيضاء.

        دستور المملكة المغربية.

·       كتاب فضاء الاجتماعيات للمستوى الثانية إعدادي.
·       كتاب منار الاجتماعيات للمستوى الثانية إعدادي.



ملاحظة[1]:أنشئت عدالة الأحداث في نهاية القرن التاسع عشر وتطورت إلى ما وصلت إليه اليوم مرورا بأول مؤتمر حول الأطفال ببروكسيل سنة 1913 وبإعلان جنيف الذي تبنته عصبة الأمم سنة 1924 والإعلان العالمي لحقوق الطفل سنة 1959 وغيرها من الجهود الجبارة التي بذلها المجتمع الدولي والتي توجت بمصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على اتفاقية حقوق الطفل في 20 دجنبر 1989 .







ملاحظة 2:  تعتبر جريمة الاستغلال الجنسي من أكثر الجرائم التي تتعرض لها الطفولة في العالم والتي تحاول الأمم المتحدة جاهدة محاربتها . وتتجسد جريمة الاستغلال الجنسي للأطفال في كون الموضوع تحيط به السرية والصمت، وهذا ما يفسر غياب وجود دراسات وطنية دقيقة، كما تشكل ظاهرة الإفلات من العقاب بين الذين يقترفون التعديات الجنسية ظاهرة صارخة تدل على ازدراء جلي لحقوق الأطفال الأساسية . فإذا ما تجاوزنا الجريمة والعقاب، فإننا لا نجد في معظم البلدان وبسبب انعدام الوسائل المادية والإنسانية الملائمة آليات للرعاية ولإعادة التأهيل التي قد تمكن الأطفال الضحايا من استعادة الثقة بأنفسهم ومن استرجاع كرامتهم المفقودة .
نصت المادة 4 من البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية على أنه تتخذ كل دولة طرف ما تراه ضروريا من التدابير لإقامة ولايتها القضائية على الجرائم المشار إليها في هذا البروتوكول .

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.