تعتبر الصفقات العمومية أداة أساسية للتنمية بحيث تضطلع بوظيفة إعادة توزيع الموارد الوطنية والمحلية، ولها مساهمة اقتصادية مهمة، إذ أن الطلبيا...
تعتبر الصفقات العمومية أداة أساسية للتنمية بحيث تضطلع بوظيفة إعادة توزيع الموارد الوطنية والمحلية، ولها مساهمة اقتصادية مهمة، إذ أن الطلبيات العمومية تقدر بما يناهز 67 مليار درهم بالنسبة للدولة والجماعات المحلية (أي ما يناهز 19% من الناتج الداخلي الخام حسب إحصائيات 2010) كما تعد أداة فعالة في تنمية المقاولة المغربية بصفة عامة والمقاولات الصغرى والمتوسطة بالخصوص. (قطاع البناء والأشغال: يحقق 70 % من مبيعاته في إطار الصفقات العمومية – قطاع الهندسة: يحقق 80% من مبيعاته أيضا في نفس القطاع)،
وقد جاءت المادة 3 من مرسوم 5 فبراير 2007 بأن الصفقة هي:
"كل عقد بعوض يبرم بين صاحب مشروع من جهة، وشخص طبيعي أو معنوي من جهة أخرى، يدعى مقاول أو مورد أو خدماتي، يهدف إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات"
وهكذا إذن تعد الصفقات العمومية من العقود الإدارية المسماة التي تعني تلك الاتفاقات التي تبرم بين الإدارة كسلطة عامة، قائمة على تحقيق المصلحة العامة، وبين الأفراد أو الشركات الخاصة من أجل العمل المطلوب، ولهم حقوق وواجبات كل من الطرفين المتعاقدين لدى تنفيذ ذلك العمل[1].
ولقد تم تنظيم الصفقات العمومية بموجب مرسوم 5 فبراير 2007 الذي نص على مبادئ وأهداف متوخاة منه والتي تتمحور حول:
1- تثمين القواعد التي تشجع على حرية المنافسة وتحت تبار أوسع بين المتعهدين
2- وضع آليات تمكن من ضمان الشفافية في إعداد الصفقات وإبرامها وتنفيذها
3- اعتماد مبدأ المساواة في التعامل مع المتعهدين خلال جميع مراحل إبرام الصفقات
4- إلزام صاحب المشروع بضمان الإعلام المناسب
5- ترسيخ أخلاقيات الإدارة وذلك بإدراج إجراءات من شأنها التقليص من شأنها التقليص من إمكانيات اللجوء إلى كل الممارسات المرتبطة بأفعال الغش والرشوة
وعلى اختلاف الصفقات العمومية من ناحية أشكالها وطرق إبرامها ومساطرها فيبقى مدى احترامها للمبادئ المنصوص عليها في مرسوم 5 فبراير 2007 هو الأهم بالنسبة لعرضنا، وبذلك فسنختصر بالذكر طرق إبرام الصفقات العمومية ضمن (مبحث أول) ويبقى تحقيق الصفقة لأهدافها الاقتصادية والاجتماعية رهين باحترام النصوص القانونية وتخليق الحياة العامة، لمواجهة المشاكل والدفاع عن الحقوق دون اقتناء الحلول، وذلك من جانب إلى جانب الرقابة اللازم تشديدها بشتى أنواعها وآلياتها وهو ما سيتم التطرق إليه في (المبحث الثاني)
المبحث الأول: طرق إبرام الصفقات العمومية
تعتبر الصفقات العمومية عقودا إدارية يتم إبرامها وفق الطرق التي تحددها النصوص التشريعية أو التنظيمية المعمول بها و هي الطرق التي يقصد من اتباعها احترام المبادئ التي تمكن الإدارة من تحقيق أحسن إنجاز سواء من الناحية الفنية أو المالية ابتغاء للمصلحة العامة و حفاظا للمال العام [2].
و هي تنقسم بطبيعتها إلى طرق عادية إلى جانب الطرق الاستثنائية التي يمكن الالتجاء إليها في بعض الحالات و حسب شروط
المطلب الأول: الطرق العادية لإبرام الصفقات العمومية
و هي الطرق الأكثر وضوحا ودقة في تحقيق الشفافية في اختيار صاحب المشروع، و مساواة المتنافسين في الوصول إلى الطلبات العمومية، إضافة إلى خلق أكبر قدر من المنافسة ضمانا للشرعية و النزاهة في إطار فعالية النفقة العمومية و تحقيق المصلحة العامة و تتجلى في الصفقات بناء على طلب العروض و الصفقات بناء على مباراة[3] إذ أنها تقوم على مبدأ الإشهار كمسألة ضرورية و قاعدة عامة و تكون الإدارة ملزمة باحترام مسطرة الإشهار و إلا وقع تصرفها باطلا.
وذلك ما يؤكده حكم المحكمة الإدارية بأكادير " حيث إن المشرع وباعتبار ما للصفقات العمومية من أهمية في تدبير المال العام ومدى ارتباط ذلك بالاستثمار وتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي بهدف خدمة الصالح العام، جعل الإدارة ملزمة بالخضوع في إبرام هذه الصفقات لمقتضيات مرسوم 14/10/1976 وحيث إن وضع الإطار القانوني لإبرام الصفقات برهان قاطع على أن الإدارة مدعوة لتبرير قراراتها حتى تتحقق الرقابة الإدارية والقضائية على كيفية تدبير المال العام"[4]
فقرة أولى: صفقات بناء على طلب العروض
طلب العروض عبارة عن أسلوب أو وسيلة لفتح المجال أمام أكبر عدد من المتنافسين بهدف تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات لصالح الدولة و ذلك يشترط احترام مجموعة من الإجراءات القانونية و التنظيمية.
و تعتبر الطريقة الرئيسية لإبرام الصفقات العمومية، كما تفيد في إعطاء بعض الحرية للإدارة في اختيار المتعاقد معها دون التقيد بالثمن لإرساء الصفقة .
و تنقسم بدورها إلى ثلاثة أنواع:
أولا: طلب العروض المفتوح
يكون طلب العروض مفتوحا، عندما يفتح في وجه كل من تتوفر فيه الشروط المشاركة في هذه العلمية، فيسمح لكل مترشح بالحصول على ملف الاستشارة و بتقديم ترشيحه دون التمييز بين هذا النوع أو ذاك من المترشحين و هي المسطرة التي تضمن شفافية أكبر .
و تتم عبر مراحل يمكن بدؤها بالإعلان عن طلب العروض المفتوح في جريدتين على الأقل إحداهما باللغة العربية توزع على الصعيد الوطني، كما يمكن موازاة مع ذلك تبليغه إلى علم المتنافسين المحتملين و عند الاقتضاء إلى الهيئات المهنية بواسطة نشرات متخصصة أو اية وسيلة أخرى للإشهار، إضافة إلى إشهاره ضمن البوابة الإلكترونية للصفقات العمومية، و يجب أن يتم هذا الإعلان قبل التاريخ المحدد لاستلام العروض ب (21) يوما كاملا من اليوم الموالي لنشر الإعلان في ثاني صحيفة.
و يمكن تمديد الأجل للإعلان إلى 40 يوما على الأقل في الحالتين:
1-بالنسبة لصفقات الأشغال التي يعادل أو يفوق ثمنها المقدر 65 مليون درهم دون احتساب الرسوم
2-بالنسبة لصفقات التوريدات و الخدمات التي يعادل أو يفوق ثمنها المقدر مليون و ثمانمائة ألف درهم دون احتساب الرسوم.
و يمكن تغيير الحدين المشار إليهما سابقا بموجب قرار للوزير المكلف بالمالية بعد استطلاع رأي لجنة الصفقات[5].
و الملاحظ أن المرسوم قد وسع من آجال الإعلان عن الصفقات الضخمة لما تتطلبه من إعداد تقني و فني على قدر كبير من الأهمية، مما يستلزم توسيع آجال اعداد الملفات من أجل المشاركة.
ويتضمن إشهار الإعلان عدة شروط نص عليها الفصل 20 حيث يجب أن يبين فيه :
· موضوع طلب العروض مع بيان مكان التنفيذ عند الاقتضاء.
· السلطة التي تجري طلب العروض.
· مكتب (أو مكاتب ) صاحب المشروع حيث يمكن سحب ملف طلب العروض.
· مكتب صاحب المشروع الذي تودع فيه أو توجه إليه العروض .
· المكان واليوم والساعة المحددين لانعقاد الجلسة العمومية لفتح الأظرفة مع الإشارة إلى إمكانية المتنافسين تسليم أظرفتهم مباشرة لرئيس لجنة طلب العروض عند افتتاح الجلسة .
· المستندات المثبتة المقررة في ملف طلب العروض والتي يتعين أن يدلي بها كل متنافس.
· مبلغ الضمان المؤقت بالقيمة عند الاقتضاء.
· المؤهل أو المؤهلات المطلوبة والصنف أو الأصناف التي يتعين أن يرتب فيه المتنافس ،أو مجال أو مجالات النشاط كما تم تحديدها طبقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل .
· عند الاقتضاء المكان واليوم والساعة المحددين لاستلام العينات والوثائق الوصفية، والبيانات الموجزة طبقا للشروط الواردة في المادة 33، مع العلم أن أجل هذا الاستلام يكون إلى غاية أخر يوم العمل السابق للتاريخ والساعة المحددين لفتح الاظرفة، المنصوص عليهما في الإعلان عن طلب العروض مقابل وصل يسلمه صاحب المشروع.
· ثمن اقتناء ملف طلب العروض عند الاقتضاء.
· تاريخ الاجتماع أو زيارة المواقع التي يقرر صاحب المشروع تنظيمها لفائدة المتنافسين عند الاقتضاء ، مع الإشارة إلى أن تاريخ هذا الاجتماع أو الزيارة يجب أن يتم خلال الثلث الثاني من الأجل الذي يسري بين الإعلان في الجريدة الثانية والتاريخ المحدد لفتح الأظرفة.
· العنوان الالكتروني عند الاقتضاء للموقع المستعمل لإشهار طلب العروض.
· الإشارة إلى الجريدة أو الموقع الإلكتروني عند الاقتضاء، الذين نشرا البرنامج التوقعي، الذي أعلن عن طرح الصفقة موضوع إعلان طلب العروض، ماعدا إذا كانت الصفقة المعنية غير مدرجة في البرنامج المذكور.
وبعدما كانت الجلسات سرية في مرسوم 1965 أعطى مرسوم 14 أكتوبر 1976 الخيار للإدارة بين السرية والعلنية ، أما مرسوم 1998 فقد نص صراحة في مادته 37 على أن فتح أظرفة المتنافسين يكون في جلسة عمومية، وكذلك الأمر بالنسبة لمرسوم 5 فبراير 2007 في مادته 35. إذن مزيدا من العلنية والشفافية لطمأنة المشاركين في طلبات العروض باستثناء تلك التي تطرحها إدارة الدفاع الوطني فإن جلسة فتح الأظرفة تكون غير عمومية.
ثانيا: طلب العروض المحدود:
بالنسبة لطلب العروض المحدود فهو يقتصر على أشخاص معينين تختارهم الإدارة مقدما للمشاركة في المنافسة، و لا يمكنها أن تسلك هذا الأسلوب إلا بالنسبة للصفقات التي يقل مبلغها أو يساوي مليون درهم و التي لا يمكن تنفيذها إلا من طرف عدد محدد من المقاولين و الموردين أو الخدماتيين، اعتبارا لطبيعتها أو لتعقدها أو لأهمية المعدات التي يتعين استعمالها.
و يتم توجيهه في شكل دورية أو رسالة مضمونة إلى ثلاثة مترشحين على الأقل يكون بإمكانهم الاستجابة على أحسن وجه للحاجات المراد تحقيقها للإدارة، وذلك لتحقيق حد أدنى من المنافسة و يجب أن يتضمن هذه الدورية جميع البيانات الخاصة بإشهار الإعلان عن طريق العروض المفتوح
و يتعين ذلك 15 يوما على الأقل من تاريخ جلسة فتح الأظرفة و يمكن أن يكون طلب العروض المحدود:
-بناء على تخفيض: حيث يوقع المترشحون التزاما بإنجاز الأشغال أو الخدمات أو تسليم التوريدات التي يتم إعداد ثمنها التقديري من قبل صاحب المشروع، مقابل تخفيض أو زيادة يعبر عنها بنسبة مئوية
-بعرض أثمان: حيث لا يبين ملف طلب العروض للمتنافسين إلا طبيعة و أهم الأشغال أو التوريدات أو الخدمات التي يتولى المتعهد بنفسه تحديد أثمنتها مبالغها.
و بالرغم من بعض الاختلاف بين الإجراءات الخاصة بين كل من طلب العروض المفتوح أو المحدود، فتبقى هناك مقتضيات مشتركة بينهما، تتجلى في الدعوة إلى المنافسة، و فتح الأظرفة في جلسة عمومية، باستثناء الطلبات التي تخص إدارة الدفاع الوطني ، فهي تفتح في جلسة مغلقة.
-فحض العروض من طرف لجنة طلب العروض
- تعيين لجنة طلب العروض المتعهد الذي على صاحب المشروع أن يقبل عرضه.
- قيام صاحب المشروع الذي يجري طلب العروض بتبليغ الثمن التقديري للاسترشاد به، إلى لجنة طلب العروض و ذلك خلال جلسة فحص العروض، و قبل فتح الأظرفة المعنوية على العروض المالية للمتعهدين[6].
و يبقى طلب العروض المحدود كفائدة كبيرة على المقاولات الصغرى و المتوسعة إذ يتناسب مبلغ الصفقة غالبا مع القدرة المالية لمعظمها.
ثالثا: طلب العروض بالانتقاء المسبق.
يعتمد هذا الأسلوب من طلب العروض على الانتقاء المسبق، عندما تتطلب الأعمال موضوع الصفقة ذلك، بحكم تعقدها أو طبيعتها الخاصة و خصوصا المؤهلات التقنية و المالية فيكم القيام بانتقاء للمترشحين في مرحلة أولى قبل دعوة المقبولين منهم لإيداع عروضهم .
و ينشر الإعلان عن طلب العروض بالانتقاء المسبق وفقا لنفس الشروط المقررة بالنسبة لطلب العروض المفتوح، و يخضع طلب العروض بالانتقاء المسبق لمقتضيات المواد من 48 إلى 62 من مرسوم 5 فبراير 2007.
و يبقى هذا الانتقاء كمرحلة أولية قبل دعوة المقبولين لإيداع ملفات عروضهم و لا يتم اللجوء إلى مسطرة طلب العروض بالانتقاء المسبق، إلا إذا تطلبت الأعمال موضوع الصفقة، بحكم تعقدها و طبيعتها الخاصة، القيام بانتقاء سابق للمترشحين في مرحلة أولى، قبل دعوة المقبولين منهم إيداع عروضهم.
و مصطلح الطبيعة الخاصة، هنا تنقصه الدقة حيث يطرح التساؤل حول ما هي المعايير المعتمدة لتحديدها، إذا كانت هناك صفقات عمومية ذات طبيعة خاصة الأمر الذي يفهم منه أن المشرع عمد إلى مسطرة طلب العروض بالانتقاء المسبق لإضفاء مرونة على مساطر الصفقات العمومية. بالرغم من السلبيات التي يمكن أن تنجم عنه من الإجراء، إذ أن تمتيع الإدارة بسلطات صلاحيات تقديرية واسعة في اتباع أسلوب طلب العروض بالانتقاء المسبق، قد يؤدي إلى تعسف الإدارة و انحرافها و بالتالي يساهم هنا الحق في الانتقاء في إهدار و خرق مبدأ المساواة و المنافسة الشريفة و ذلك من خلال قبول و استبعاد بعض المقاولين بشكل تعسفي[7].
و تنقسم الإجراءات بخصوص صفقة طلب العروض بالانتقاء المسبق إلى مرحلتين
أ-المرحلة الأولى
*إجراءات أولية بشأن قبول المشاركين في هذه الصفقة: و هي عبارة عن مجموعة من القواعد المسطرية التي تبني كيفية اختيار المترشحين المتوفرين على الكفاءات و المؤهلات و التي تمكنهم من حق المشاركة في المرحلة الثانية شأ، التنافس لنيل الصفقة و هي أساسا تحضير صاحب المشروع لملغاته ثم إعداد المتنافسين لملفاتهم و إيداعها و ممارسة لجنة القبول لاختصاصاتها لتنتهي بالإعلان عن النتائج النهائية للقبول الأولي
ب-المرحلة الثانية
و بعد المرحلة الأولى يتم المرور المرحلة الثانية المتجلية في الإجراءات الخاصة بالمقبولين لانتقاء نائل الصفقة، إذ يقتصر تطبيق هذه الإجراءات على المترشحين المقبولين لأجل التباري لطلب العروض بالانتقاء المسبق، يتعين على كل من صاحب المشروع و المترشحين و لجنة طلب العروض الالتزام بها كل في مجال حدوده إلى غاية الإعلان عن النتائج النهائية لهذه العروض.
و ينشر إعلان عن طلب العروض بالانتقاء المسبق وفق نفس الشروط المقررة في المادة 20 بالنسبة لطلب العروض المفتوح.
و الفرق بين هذه الطريقة و طلب العروض المحدود يتجلى في الحد الأقصى لمبلغ الصفقة،
فقرة ثانية: الصفقات بمباراة
هناك حالات كثيرة تجعل الدولة تتخلى عن طريقة طلب العروض كأسلوب لإبرام صفقاتها من أجل تحقيق الكمية و من أهم هذه الحالات، نحب الخصوصية التقنية لمشروع معين حيث نضطر الدولة أن تلجأ لأسلوب المباراة لاختيار أحسن المتعهدين لتنفيذ الصفقة[8] و بصفة عامة يطبق هذا الأسلوب عندما تكون طبيعة العمل المطلوب انجازه تقنيا و إجماليا أو ماليا، و الذي يحتاج إلى أبحاث خاصة[9].
و يخضع هذا النوع من الصفقات لنفس الإجراءات المتبعة في الصفقة بطلب العروض من حيث مبادئها.
أولا: مرتكزاتها:.
1- إشهار نية الإدارة في عقد صفقة، ليتم وصلوها إلى علم المقاولين الذين يهمهم الأمر.
ويتم تنظيم المباراة على أساس برنامج يعده صاحب المشروع، ويمكن أن ينص هذا البرنامج على منع جوائز و مكافآت أو امتيازات للمتنافسين الذين تحتل مشاريعهم أحسن الرتب و تحدد العدد الأقصى للمشاريع التي يمكن أن تستفيد من الجوائز
2-تتضمن المباراة دعوة عمومية للمنافسة ، و يمكن للمترشحين الذين يرغبون في المشاركة إيداع طلب القبول أو يقتصر إيداع المشاريع على المرشحين المقبولين من طرف لجنة القبول طبقا للشروط المحددة في المواد من 49 إلى 59 من مرسوم 05 فبراير 2007.
3-تقوم لجنة المباراة بفحص و ترتيب المشاريع التي اقترحها المتنافسون المقبولون.
4-تتضمن المباراة فتح الأظرفة في جلسة عمومية، غير أنه بالنسبة للمباريات التي تطرحها إدارة الدفاع الوطني فإن جلسة فتح أظرفة المتنافسين، إما أن تودع مقابل وصل بمكتب صاحب المشروع المبين في إعلان المباراة، و إما أن ترسل بواسطة البريد المضمون بإشعار بالتوصل إلى المكتب السالف الذكر، و ذلك في الأجل المحدد في الإعلان.
ثانيا: خصوصياتها
بالرغم من وحدة المبادئ التي تطبع كل من الصفقات بطلب عروض أو الصفقات بمباراة فهذه الأخيرة تختلف عن الأولى في أمرين.
1-طلب العروض يقام في جميع أنواع الأشغال، بينما المباراة لا يتم اللجوء إليها إلا في الأشغال التي تتطلب دراسات و أبحاث خاصة.
2- يتعلق بكون أسلوب طلب العروض يترتب عليه اختيار عرض وحيد بينها في المباراة يتم اختيار عدة عروض يتم ترتيبها في قائمة حسب الأولوية، تقوم الإدارة باختيار انسبها من حيث الاستجابة للأشغال المطلوبة في الصفقة.
كما أن المباراة يتم تنظيمها على أساس برنامج يعده صاحب المشروع، و يمكن أن ينص هذا البرنامج على منح جوائز أو مكافآت أو امتيازات للمتنافسين الذين تحتل مشاريعهم أحسن الرتب ، و تحدد الحد الأقصى للمشاريع التي يمكن أن تستفيد من الجوائز، و لا يمكن بأي حال تعديل الترتيب الذي وضعته لجنة المباراة، و تبقى المشاريع الحاصلة على جائزة ملكا لصاحب المشروع.
ويجب الحرص على التنصيص على كافة الشروط الشكلية لأن عدم استكمالها لا يؤثر فقط على إثبات الحقوق وإنما يؤثر بالدرجة الأولى على سلامة العقد إلى حد التصريح ببطلانه وهو ما صارت عليه المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في حكم لها جاء فيه:: "وحيث درج القضاء الإداري على مستوى المحاكم الإدارية المغربية على أن عدم توفر عقد الصفقة على أحد الشروط الجوهرية يجعله باطلا وغير منتج لأي أثر قانوني ناتج عن العقد"[10].
وتبدوا أهمية وفعالية مسطرة المباراة في كونها تسمح باختيار يوفق بين إيجاد الحلول الابتكارية لتجسيد الصفقات المزمع تنفيذها ، وبين اختيار المتقدم بأحسن العروض، حيث أن هاته الطريقة تحقق المعادلة الثلاثية :الثمن ، الجودة، المدة[11].
المطلب الثاني: الطرق الاستثنائية في إبرام الصفقات العمومية
بالرغم من التوجه العام في إبرام الصفقات نحو طلب العروض و المباراة و هي الطرق التي تمكن من احترام مبادئ حرية الولوج إلى الطلبات العمومية و الشفافية في التعامل مع المترشحين و تكريسا للمساواة و العلنية ، و المنافسة الشريفة إلا أنه قد تحول ظروف دون الالتجاء إلى إبرام الصفقات بالطرق العادية التي تحترم بشكل صريح جل المبادئ التي تم تكريسها في مرسوم الصفقات العمومية.
و تلجأ إلى صفقات تفاوضية أو أعمال بناء سندات الطلب و هي الطرق التي تتمتع الإدارة من خلالها بحرية واسعة في اختيار من تتعاقد معهم
الفقرة الأولى: الصفقات التفاوضية
بمقتضاها يجوز لصاحب المشروع اختيار نائل الصفقة بعد الاستشارة الفعلية مع أحدهم أو عدد منهم، و لقد تم تحديد إطارها بتوضيح السمات العامة للصفقات التفاوضية، في نص المادة 71 من مرسوم 5 فبراير 2007.
و ينبغي أن تقتصر هذه المفاوضات على ثمن البيع، أجل التنفيذ و تاريخ الانتهاء أو التسليم دون التعرض لموضوع الصفقة و محتواها لأن التفاصيل بشأنها تؤجل لدراستها مع نائل الصفقة.
أولا-حالات اللجوء إلى الصفقات التفاوضية
لقد تم حصر الحالات التي يتم فيها اللجوء إلى المسطرة التفاوضية لابرام صفقات الدولة، و ذلك في نص المادة 72 من مرسوم 2007[12].
إن إبرام الصفقات التفاوضية يستوجب من السلطة المعنية إعداد شهادة إدارية تبين الاستثناء الذي يبرر إبرام الصفقة على هذا الشكل، باستثناء الأعمال التي لا يمكن أن يعهد بانجازها اعتبارا لضرورات تقنية أو لصيغتها المعقدة إلا لصاحب أعمال معين، و كذا الأعمال المستعجلة التي يجب الشروع في تنفيذها قبل تحديد جميع شروطها[13] و قد حدد المشرع الحالات التي يمكن اللجوء فيها إلى الصفقة التفاوضية و هي قسمان:
أ-الحالات التي تتطلب الإشهار المسبق و إجراء المنافسة:
1- الأعمال التي كانت موضوع مسطرة طلب العروض أو مباراة و لم تقدم بشأنها إلا عروضا اعتبرتها لجنة طلب العروض أو لجنة المباراة غير مقبولة باعتبار المقاييس الواردة في نظام الاستشارة
و في هذه الحالة يجب ألا يطرأ أي تغيير على الشروط الأصلية للصفقة و يجب ألا تزيد المدة الفاصلة بين تاريخ التصريح بعدم جدوى المسطرة و تاريخ نشر الإعلان من الصفقة التفاوضية عن 21 يوما.
2-الأعمال التي يتعين على صاحب المشروع أن يعهد بتنفيذها إلى الغير حسب الشروط الواردة في الصفقة الأصلية على اثر تقصير من صاحب الصفقة.
و في هذه الحالة تتم هذه الطريقة لأجل إتمام موضوع الصفقة الأصلية بنوع من السرعة و الفعالية[14].
و ما يتبين من هاتين الحالتين أن صاحب المشروع لا يتمتع بصلاحيات مطلقة في هذا الشأن بل يتعين عليه قدر الإمكان أن يحترم الإشهار المسبق والمنافسة.
ب-الحالات التي لا تتطلب إشهارا و بدون إجراء منافسة
و تنحصر الصفقات التفاوضية في هذه الحالة في ست حالات:
1-الأعمال التي لا يمكن أن يعهد بانجازها إلا لصاحب أعمال معين، اعتبارا لضرورة تقنية أو لصيغتها المعقدة، و التي تستلزم خبرة خاصة
2-الأعمال التي تقتضي ضرورات الدفاع الوطني أو الأمن العام الحفاظ على سريتها و يجب أن تكون هذه الصفقات موضوع ترخيص مسبق من الوزير الأول بالنسبة لكل حالة على حدة بناءا على تقرير خاص من السلطة الحكومية المعينة.
3-الأشياء التي يختص بصنعها حصرا حاملوا براءات الاختراع
4-الأعمال الإضافية التي يعهد بها إلى مقاول أو مورد أو خدماتي سبق أن أسندت إليه صفقة، إذا كانت من المفيد، بالنظر لأجل التنفيذ أو حسن سير هذا التنفيذ، عدم إدخال مقاول أو مورد أو خدماتي جديد و عندما يتبين أن هذه الأعمال غير المتوقعة وقت إبرام الصفقة الرئيسية تعتبر تكملة لها و لا تتجاوز نسبة 10 في المائة من مبلغها، أما فيما يتعلق بالأشغال فيتعين أيضا أن يعتمد في تنفيذها على معدات منصبة في نفس المكان استعملها المقاول فيه، وتبرم هذه الصفقات على شكل عقود ملحقة بالصفقات الأصلية المرتبطة بها.
5-الأعمال التي يجب انجازها في حالة الاستعجال القصوى ناجمة عن ظروف غير متوقعة بالنسبة لصاحب المشروع و غير ناتجة عن عمل منه، وتكون على الخصوص على اثر حدث فاجع مثل زلزال أو فيضانات أو مدا بحريا أو جفاف أو اجتياح الجراد أو حرائق، أو بيانات أو منشآت آيلة للانهيار و هي الظروف التي لا تتلاءم مع الآجال التي يستلزمها الإشهار و إجراء منافسة مسبقين.
و يجب أن تقتصر الصفقات المطابقة لهذه الأعمال حصرا على الحاجات الضرورية لمواجهة حالات الاستعجال.
6-الأعمال المستعجلة التي تهم الدفاع عن حوزة التراب الوطني أو أمن و سلامة السير الطرقي أو الملاحة الجوية أو البحرية أو الناجمة عن إحداث سياسة استثنائية و التي يجب الشروع في تنفيذه قبل أن يتسنى تحديد جميع شروط الصفقة طبعا لمقتضيات المادة 73.
و يجب أن تكون الصفقات المراد إبرامها بموجب هذا الاستثناء موضوع ترخيص يصدر بمقرر للوزير الأول.و بالنسبة للصفقات التفاوضية فهي جاءت على سبيل الحصر و لا يمكن الخروج عنها
ثانيا: أشكال الصفقات التفاوضية
لقد تولت المادة 73 من مرسوم 5 فبراير 2007، تحديد شكل ابرام الصفقات التفاوضية التي تقترب من مسطرة طلب العروض المحدود، باعتبار توحدهما في إجراء توجيه صاحب المشروع رسالة أو دورية الاستشارة إلى المرشحين.
و هي تبرم على إحدى الوسائل التالية:
-بناء على عقد التزام يوقعه الراغب في التعاقد و على دفتر الشروط الخاصة.
-إما بناء على مراسلة وفقا للأعراف التجارية تحدد شروط انجاز العمل
-بصفة استثنائية بتبادل رسائل أو اتفاقية خاصة، بالنسبة للأعمال المستعجلة المنصوص عليها في حالة الاستثناء الواردة سابقا، و التي يتعارض انجازها مع إعداد الوثائق المكونة للصفقة، و يتعين أن ينص تبادل الرسائل أو الاتفاقيات الخاصة على الأقل على طبيعة العمليات و كذا حدود التزامات الدولة، من حيث المبلغ و المدة و أن يحدد ثمنها نهائيا أو مؤقتا.
و ما يمكن استخلاصه من هذا النوع من الصفقات أنه يفتح الباب على مصراعيه للتلاعب و التبذير، خصوصا و أن الضمانات التي أحاطه بها المشرع جد ضعيفة.
الفقرة الثانية: أعمال بناء على سندات طلب:
تعتبر سندات الطلب إلى جانب الصفقات التفاوضية نوعا من الاتفاق المباشر حيث تجري الإدارة في إطاره مفاوضات تخلص في النهاية إلى ترتيبات ترى أنها تحقق فائدة لها مع الطرف المتعاقد، و تساومه بنفس الأسلوب الذي يتعامل الأفراد في نطاق القانون الخاص و لها في ذلك كامل الحرية.
أولا:تعريفها
و هو أسلوب استثنائي في تنفيذ أعمال معينة من الصفقات بمقتضاه، يمكن لصاحب المشروع القيام باقتناء توريدات ، ممكن تسليمها في الحال، و انجاز أشغال و خدمات في حدود مبلغ مائتين ألف درهم (200.000 درهم)، في إطار صفقات ذات أهمية محدودة يستلزمها التسيير الإداري.
و تعتبر طريقة الابتعاد عن تعقد المساطر العادية و طولها، ما لا تستوجب طبيعة الأعمال البسيطة.
و يمكن تجاوز مبلغ (200.000 درهم) بمقرر من الوزير الأول بعد استطلاع رأي لجنة الصفقات و تأشير الوزير المكلف بالمالية.
ثانيا: شروطها
و قد ألزم المشرع خضوع الأعمال موضوع سندات الطلب إلى منافسة مسبقة قدر الإمكان و حسب الوسائل اللازمة ماعدا في حالة الاستعجال.
-و يلزم صاحب المشروع لهذه الغاية استشارة ثلاثة متنافسين كتابة على الأقل و تقديم ثلاث بيانات مختلفة للاثمان لتحقيق أدنى قدر من المنافسة.
-و يجب أن يكون المبلغ في حدود اعتمادات الأداء المتوفرة برسم السنة المالية كما يجب أن تتضمن هذه السندات مواصفات و محتوى الأعمال المراد تلبيتها إلى جانب أجل التنفيذ أو تاريخ التسليم، كما يجب النص على شروط الضمان اللازمة.
وقد جاء في هذا الإطار قرار للمجلس الأعلى بمقتضاه:"حيث أنه بالرجوع إلى موضوع الدعوى يتبين أن الأمر يتعلق بأشغال كلف بها المدعي المستأنف عليه بناء على وصل الطلب المستدل والمحكمة لم تبحث عنصر إنجاز الأشغال وتاريخ الإنجاز وإن الرسالة الصادرة عن رئيس الجماعة لا تكفي للاستجابة للطلب، وإنه لا يمكن للآمر بالصرف وهو في النازلة رئيس جماعة محلية أن يلزمها بأية نفقة إلا في حدود القانون والأنظمة المطبقة على الصفقات العمومية وفي إطار الميزانية المصادق عليها بصفة قانونية"[15]
و نظرا للطابع الاستثنائي للأعمال موضوع سندات الطلب، فقد أحالت المادة 75 من مرسوم 2007 على ملحق يحدد قائمة بالأعمال التي يمكن أن تكون موضوع سند الطلب .
و يجوز تغيير هذه القائمة بموجب مقرر للوزير الأول بناء على اقتراح من الوزير المكلف بالمالية و بعد استشارة لجنة الصفقات.
المبحث الثاني : آليات الرقابة على الصفقات العمومية
الصفقات العمومية هي نفقة من النفقات العمومية ، و لذا فإنها تخضع وجوبا لرقابة واسعة بهدف مطابقة الصفقة للأهداف المتوخاة من وراء إبرامها ، و مطابقتها للقوانين و الأنظمة الجاري بها العمل ، فحماية المال العام من النزيف الذي تسببه الصفقات المشبوهة هو أول تدبير يجب إتخاده إذا ما أرادت الدولة الوصول إلى تنمية حقيقية و مستدامة.[16]
و في هذا الإطار يمكن أن نميز بين الرقابة الإدارية التي تتكفل بها أجهزة إدارية "المطلب الأول"، و الرقابة القضائية التي تتولاها جهات قضائية. "المطلب الثاني".
المطلب الأول : الرقابة الإدارية للصفقات العمومية
تعد الرقابة الإدارية الممارسة على الصفقات العمومية من الرقابات التقليدية التي تمارس من داخل الإدارة نفسها ، و تتم الرقابة الإدارية إما من طرف أجهزة رقابية منبثقة من داخل الإدارة المبرمة للصفقة. " الرقابة الإدارية الداخلية" أو من خارج الإدارة المعنية ، لكنها تظل منبثقة من داخل الجهاز التنفيذي ككل. " الرقابة الإدارية الخارجية".[17]
الفقرة الأولى : الرقابة الإدارية الداخلية
حدد مرسوم 5 فبراير 2007 "المتعلق بتحديد شروط و أشكال إبرام صفقات الدولة و كذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها و مراقبتها" ، في بابه السابع الشروط الخاصة بتتبع و مراقبة تدبير الصفقات ، و تشمل تلك المقتضيات في مجملها الحرص على مراقبة الإدارة المعنية لكل مراحل الصفقة العمومية ، إبتداءا من التفكير في موضوعها و إنتهاءا بأخر مراحل تنفيذها.[18]
أولا : مراقبة تحضير الصفقة
يختص صاحب المشروع بمراقبة تحضير الصفقة لكونه على دراية بطبيعة و مدى الحاجات المراد تلبيتها ، و بالرجوع إلى نص مرسوم 5 فبراير 2007 نجده يحدد مجموعة من المعطيات الضرورية لتتبع و مراقبة الصفقة و ذلك بمواكبة تحضيرها قبل الإقدام على إبرام الصفقة و هاته المعطيات منها ما سبق أن تعرض له مرسوم 30 ديسمبر 1998 السابق ، و منها ما هو مستجد في المرسوم الأخير و يتعلق الأمر بنشر البرامج التوقعية ،واجب التحفظ و كتمان السر المهني ، محاربة الغش و الرشوة.
1. نشر البرامج التوقعية
بحسب الم 87 من مرسوم 5 فبراير 2007 ، أصبح نشر البرامج التوقعية ، مسألة ضرورية و مؤكدة ، بحيث يتعين على صاحب المشروع قبل متم الثلاثة أشهر الأولى من كل سنة مالية على أبعد تقدير ، أن يعمل على نشر البرنامج التوقعي للصفقات التي يعتزم طرحها برسم السنة المالية المعنية ، و ذلك على الأقل في جريدة ذات توزيع وطني و في بوابة صفقات الدولة المنصوص عليها بم 76 من نفس المرسوم ، إلا أن إدارة الدفاع الوطني تعفى من هذا النشر.[19]
و يعد إجراء النشر المذكور واردا على سبيل البيان، و يهدف إلى تكريس مبدأ الشفافية اتجاه سلطات المراقبة من جهة أولى، و اتجاه المقاولات المنافسة من جهة ثانية، و اتجاه العموم من جهة ثالثة.[20]
و يلاحظ بخصوص نشر البرنامج التوقعي في الجريدة، أنه لم يأخذ بعين الاعتبار جانب الازدواج اللغوي، إذ أن عبارة "نشر البرنامج التوقعي... و ذلك على الأقل في جريدة ذات توزيع وطني يحمل على الاعتقاد بكون البرنامج التوقعي يمكن نشره سواء باللغة العربية أو بالفرنسية.
كما يلاحظ أن عملية النشر ضرورية، و لا يمكن تجاهلها من طرف صاحب المشروع لأي سبب كان، و لكن رغم ذلك لم يقر المشرع جزاء لمخالفة هذا النشر.
2. الإشراف المنتدب على المشروع :
أشارت المادة 88 من مرسوم 5 فبراير 2007 إلى إمكانية الإشراف المنتدب على الصفقة كنوع من الرقابة ، حيث يستفاد منها أنه يجوز لصاحب المشروع أن يعهد بموجب إتفاق إما إلى إدارة عمومية مؤهلة أو إلى هيئة عمومية ،بمهام الإشراف على مشروع تابع له ، و ذلك بناءا على مقرر رئيس الحكومة بعد استشارة الوزير المكلف بالمالية.
و لا يكون هذا الإشراف صحيحا و قانونيا إلا إذا صدر من الجهة المختصة به، و وفق اتفاق سليم في عناصره و بنوده و محتوياته.
3. تقرير تقديم الصفقة :
تلزم المادة 90 صاحب المشروع بأن يعد لكل صفقة تقرير تقديم يتضمن بالخصوص ما يلي:
- طبيعة و مدى الحاجات المراد تلبيتها.
- عرض حول الاقتصاد العام للصفقة و كذا مبلغ تقديرها.
- الأسباب الداعية إلى اختيار طريقة الإبرام.
- مبرر اختيار نائل الصفقة.
- مبرر اختيار مقاييس انتفاء الترشيحات و تقييم العروض.
كما ينبغي أن يحتوى التقرير أيضا في الصفقات التفاوضية على مبررات الأثمان المقترحة بالمقارنة مع الأثمان المتداولة عادة في المهنة.
4. واجب التحفظ و الكتمان :
أشارت الم 93 من مرسوم 5 فبراير 2007 بمطلعها إلى أن الأحكام الجاري بها العمل و المتعلقة بكتمان السر المهني تظل قواعد عامة ينبغي تطبيقها على كل المجالات ، بما في ذلك قطاع الصفقات العمومية ، و قد بينت نفس المادة الأشخاص المعنيين بهذا الواجب و هم : أعضاء لجان فتح الأضرفة ، أعضاء لجان القبول بالنسبة لطلب العروض بالانتقاء المسبق أو المباريات ، لجان المباريات . بالإضافة إلى كل شخص موظف أو تقني أو خبير دعي للمساهمة في أعمال اللجان المذكورة.
و إذا ثبت أي إخلال بواجب التحفظ أو كتمان السر المهني يصبح من حق السلطة المختصة تحريك المتابعات الإدارية و الجنائية و المدنية و ذلك تبعا لخطورة الفعل موضوع المتابعة.
5. محاربة الغش و الرشوة :
نصت الم 94 على واجب محاربة الغش و الرشوة . حيث ألزمت على المتدخلين في مساطر إبرام الصفقات، بالمحافظة على الاستقلالية في معاملتهم مع المتنافسين. و منعتهم من قبول أي امتياز أو منحة من المتنافسين، أو ربط علاقة معهم من شأنها المس بموضوعية المتدخلين و نزاهتهم.
ثانيا : الرقابة على إبرام الصفقات
وهي مراقبة داخلية تستهدف معرفة مدى توفر الشفافية في اختيارات صاحب المشروع عند إبرام الصفقة ، و مدى تواجد المنافسة و المساواة و فعالية النفقة ، و التأكيد على اختيار العرض الأفضل و الأنسب من حيث الجودة و الثمن عوض الإكتفاء بمعيار الثمن المنخفض .
كما تهدف إلى مراقبة طرق إبرام الصفقات العمومية، و مدى توفر الدعوة العمومية للمنافسة في صفقة المباراة ، و كذا مراقبة الشروط المطلوبة من المتنافسين للمشاركة في طلبات العروض و المباراة المحلية و غيرها ... .[21]
و لأجل النهوض بهاته الرقابة ، فإن المشرع ألزم صاحب المشروع بتتبع إجراءات إبرام الصفقات في مختلف المراحل التي يتم فيها هذا الإبرام ، و هو ما يفرض حضور ممثل صاحب المشروع كعضو في لجنة طلب العروض ، و في لجنة قبول المرشحين ، و في لجنة المبارة.[22]
ثالثا : مراقبة تنفيذ الصفقة
تنصب هاته الرقابة على واجبات الملزمين بالصفقة أي صاحب المشروع "الإدارة" و صاحب الصفقة "المقاول". فالإدارة تكون مسؤولة عن تصرفاتها المخلة بالتزاماتها التعاقدية أثناء التنفيذ حيث يتوجب عليها التنفيذ بكل ما يضمن الإنجاز التام و الجيد للصفقة. أما المقاول فيكون مسؤولا عن الأعمال التي ينجزها ، هكذا تتم مراقبة ما إذا كان إنجاز الصفقة قد تم وفقا للمواصفات و الشروط المتفق عليها و في المدة المحددة أم أنه تم ارتكاب أعمال تدليسية أو مخالفات لشروط العمل أو إخلالات بالالتزامات الموقعة.
وبهذا الإطار نجد أن الم 85 قد حددت الجزاءات التي سيتعرض لها المقاول في هاته الحالة، و المتمثلة في الإقصاء بصفة مؤقتة أو نهائية ، من المشاركة في الصفقات التي تبرمها الإدارة المعنية ، كما يمكن تمديد هذا الإقصاء إلى الصفقات التي تعلن عنها جميع الإدارات العمومية.[23]
و يمكن لصاحب المشروع إسناد مهمة تتبع و تنفيذ الصفقة إلى موظف يسمى بالشخص المكلف بتتبع تنفيذ الصفقة. إذا كانت أهمية الصفقة و تعقد موضوعها يبرران ذلك، و يتم هذا الإسناد بموجب قرار تعيين. و يجب تحديد التزامات و مهام هذا الشخص في دفتر الشروط الخاصة . دون المساس بالاختصاصات المخولة للأمرين بالصرف و المفوض إليهم من لدنهم أو إلى الأمرين المساعدين بالصرف.[24] كما يجب تبليغ قرار التعيين إلى صاحب الصفقة لتسهيل مأموريته.
كما أشار المرسوم في المادة 95 منه إلى تقنية مهمة بالنسبة لتتبع سير تنفيذ الصفقة و هي تقرير انتهاء الصفقة بعد تنفيذها، التي تكون ملزمة في كل صفقة يفوق مبلغها مليون درهم.[25] حيث يتولى صاحب المشروع إعداد التقرير و توجيهه إلى السلطة المختصة قصد التأكد من مطابقة الصفقة لمقتضياتها القانونية و التنظيمية و مدى احترامها لإجراءاتها التطبيقية و لالتزامات أطرافها . و يتعين نشر هذا التقرير في بوابة صفقات الدولة ، إلا أن إدارة الدفاع الوطني تعفى من عملية النشر هذه.
و بالإضافة إلى كل الآليات الرقابية السالفة الذكر ، فإن الصفقات تخضع أيضا إلى تدقيقات داخلية تحدد بمقررات للوزير المعني بالأمر ، و ذلك حسب الم 92 و هاته التدقيقات يمكن أن تتعلق بتهيئ و إبرام و تنفيذ الصفقات، و هي تدقيقات إجبارية بالنسبة للصفقات التي يتجاوز مبلغها 5 ملايين درهم ، و بطبيعة الحال فإن صفقات إدارة الدفاع الوطني تعفى من هاته التدقيقات.
و يسعى التدقيق الداخلي إلى تحقيق 3 أهداف تتمثل في :
1 – معرفة ما إذا كانت الإجراءات و الأساليب المستخدمة ملائمة لبلوغ الأهداف المتوخاة.
2 – وضع التوصيات و الاقتراحات لتحسين أو تعديل الإجراءات المنتهجة و طرق العمل ذاتها بحيث تصبح أكثر فاعلية في تحقيق الأهداف المرجوة.
3 – التأكد من حسن قيام السلطة المفوض لها بالمراقبة بدورها الإيجابي و الفعال.
و هذا النوع من الرقابة و إن كان ذا أهمية بالغة إلا أن إلزامية نهجه في القطاع العام مازالت ضعيفة نظرا لصعوبة تقبل الإدارة أسلوب النقد الذاتي.[26] كما أن مبلغ 5 ملايين درهم هو مبلغ ضخم مقارنة مع وضعية بعض الجماعات المحلية ذات الميزانية المحدودة، مما يعني أن عددا كبيرا من الصفقات لن يخضع لهذا التدقيق.[27]
الفقرة الثانية : المراقبة الإدارية الخارجية
لضمان التدبير العقلاني للصفقة ، و تحقيقا لأهدافها و احترامها للنصوص القانونية ،فقد تم إخضاعها لمراقبة أجهزة خارجة عن الإدارة صاحبة الصفقة، و تتمثل هاته الأجهزة في "سلطة الوصاية" "أولا"، ولجنة الصفقات "ثانيا"، بالإضافة إلى وزارة المالية "ثالثا".
أولا : رقابة سلطة الوصاية
تضطلع سلطة الوصاية "ممثلة في وزير الداخلية ، و المفتشية العامة لوزارة الداخلية" بدور هام في مراقبة الصفقات التي تبرمها مختلف الإدارات العمومية حيث تمارس هذه الرقابة إما من تلقاء نفسها أو بناءا على شكاية المتنافسين ، و تهم هاته المراقبة التأكد من شرعية إجراءات إبرام الصفقة و من مقتضيات تنفيذها.
هكذا تعمل سلطة الوصاية على التأكد من احترام مبادئ حرية الولوج إلى الطلبات العمومية، و المساواة في التعامل مع المتنافسين ، و الشفافية في اختيار صاحب المشروع ، مع مراعاة أفضل العروض بجودة خدماتها و أقل أثمانها ، و مدى توفر الإعتمادات و الضمانات الكافية التي تؤهل المقاول لإنجاز الصفقة المتطلبة.
كما تتأكد من حسن اختيار الطريقة الملائمة لإبرام الصفقة، و مدى احترام المقتضيات المسطرة بالنسبة للطريقة المنتهجة في إبرام الصفقة "أي الإعلان عن الصفقة، و كيفية إعلام المتنافسين، و التيقن من الشروط العامة المطلوبة فيهم".
و إذا تعلق الأمر بالصفقات التفاوضية، فإن سلطة الوصاية تتأكد من حالات اللجوء إليها، و من صحة شكل إبرامها، أما إذا تعلق الأمر بالأعمال بناء على سندات الطلب، فإنها تكون مضطرة لمراقبة ما تتضمنه تلك السندات من مواصفات، و محتوى الأعمال المراد تلبيتها.
كما تنصب مراقبة سلطة الوصاية ، على التأكد من أن المقاول أو المورد قد أنجز الصفقة في موعده المحدد و وفقا للمواصفات الواردة في الوثائق النموذجية للتحملات ، و احترام المقتضيات القانونية و التنظيمية أثناء التنفيذ أم لا .[28] و بهذا الإطار يحق لسلطة الوصاية التدخل لتوجيه تنفيذ الصفقة نحو التوجه السليم ، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المخلين بالتزاماتهم.
و بالرغم من الدور الهام الذي تلعبه سلطة الوصاية في مجال المراقبة على الصفقات ،إلا أنه يؤخذ عليها أنها تقتصر على الجانب المالي و توفر الإعتمادات فقط ، دون أن تأخذ بعين الاعتبار العناصر الأخرى كالدراسات مثلا.[29] كما أن اتساع أقاليم الدولة و تباعدها يجعل من هاته الرقابة غير كافية . و من أجل حل هاته الإشكالية فإن وزير الداخلية يعهد بممارسة هاته الرقابة إلى المفتشية العامة.[30] التي تقوم بدور المراقبة الإدارية بالنيابة عن سلطة الوصاية ، لاسيما في المناطق النائية التي يتم فيها تنفيذ الصفقة ، و ينحصر دورها في القيام بالتفتيش في مسألة معينة ، قد تتعلق بإجراءات إبرام الصفقة ، أو بإنجاز الأشغال ، أو استلام منجزات الصفقة ، و قد تشمل مراقبة هذه الهيئة مختلف هاته المراحل ، و هي بذلك تضمن حسن تسيير النفقات العمومية ، و تعطي للصفقة مصداقيتها خاصة إذا كانت هيئة التفتيش مكونة من مختصين ذوي كفاءة و نزاهة.[31]
و قد تم تعزيز هاته الرقابة بصدور النظام الخاص بالمفتشين العامين للإدارة المحلية ،[32] الذي يسمح للمفتشين بالمطالبة بجميع الوثائق التي تمكنهم من القيام بمهامهم ، كما يسمح لهم بإجراء مختلف الأبحاث و التحريات التي يرونها ضرورية.
ثانيا : رقابة لجنة الصفقات
تم إحداث هاته اللجنة[33] بغية إجراء مراقبة إضافية على تحضير و تنفيذ الصفقات ،و لإبداء رأيها في القرارات ذات الطبيعة القانونية و التنظيمية المتعلقة بالصفقات ، و المساهمة في حل الخلافات المتارة بشأنها ، حيث أنها تضطلع بدور استشاري يمكنها من إبداء رأيها في عدة قضايا من بينها
- مشاريع النصوص التشريعية أو التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية.
- المشاكل العامة أو الخاصة المرتبطة بتحضير الصفقات و إبرامها و تنفيذها و تسديد مبالغها.
- النزاعات المتعلقة بمسطرة و نتائج طلبات العروض و المنافسة لأجل الحل الودي لهذه النزاعات.[34]
- الصفقات أو ملحقاتها التي تستشار فيها بطلب من الأمر بالصرف.
كما تقوم لجنة الصفقات بإعداد التعليمات و التقدم بالإقترحات و القيام بالدراسات التي تهم الصفقات العمومية ، سواء تعلق الوضع بأوضاعها الإدارية أو المالية أو التقنية ، أو تعلق الأمر بأنظمتها الخاصة ، كما تتولى إعداد برامج تكوين ، و استكمال خبرة موظفي مصالح تلك الصفقات ، لأجل تحسين سير مصالحها، و تسهيل مأمورية تواصلهم مع الإدارات المعنية.[35]
و تجدر الإشارة إلى أن دور لجنة الصفقات في مراقبة إبرام و تتبع و تنفيذ الصفقات، أصبح أكثر فاعلية و قوة مقارنة مع ما كان عليه الوضع بالسابق، كما أصبحت تقوم بدور هام يتجلى في تقويم مساطر إبرام الصفقات، و تلافي الخلافات و النزاعات بين أطرافها. و في هذا الصدد يمكن إدراج بعض أرائها الهامة :
- رأي لجنة الصفقات رقم 310/06 بتاريخ 13 دجنبر 2002 ، المتعلق بالإدلاء بشهادة جبائية مشبوه في صحتها من أحد المرشحين ، حيث أفادت لجنة الصفقات ، بأن كل متنافس تقدم بتصريح بالشرف يتضمن معلومات غير صحيحة أو تبث في حقه ارتكاب أعمال تدليسية أو مخالفات متكررة لشروط العمل أو إخلالات خطيرة بالالتزامات التعاقدية يتعرض لعقوبات إدارية يمكن للسلطة المختصة أو لصاحب المشروع اتخاذها في حقه ، و ذلك بصرف النظر عن المتابعات القضائية و العقوبات التي يمكن أن يتعرض لها.[36]
- رأي لجنة الصفقات رقم 335/08 بتاريخ 15 ماي 2008 ، المتعلق بصفقة تسوية ،أكدت فيه عدم مشروعية الطلبات التي تحيد عن روح النصوص التنظيمية و مضمونها . سواء فيما يتعلق بطرق إبرام الصفقات أو الالتزام بها محاسبيا، و كذا بطلبات الترخيص برفع سقف سندات الطلب، التي لا يجب أن تتحول إلى أداة للتنصل من المبادئ الأساسية، للدعوة إلى المنافسة و الالتزام المسبق بالنفقات الواردة في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل.
- رأي لجنة الصفقات رقم 336/08 بتاريخ 15 ماي 2008 ، و الذي إرتئت فيه أنه لا يجوز لصاحب المشروع و كذا نائل الصفقة تغيير مواصفات التجهيزات كما هي محددة في دفتر الشروط الخاصة بالنسبة لصفقات التوريدات.[37]
ثالثا : رقابة وزارة المالية
تقوم وزارة المالية بدور أساسي في المراقبة على صفقات الدولة، لأن الأموال التي تصرف بشأنها هي في أغلبها من ميزانية الدولة. و تشمل هاته الرقابة مختلف المراحل التي تمر منها الصفقة ، إبتداءا من مرحلة اختيار المقاول حيث ألزم المشرع حضور ممثل لوزارة المالية كعضو في لجنة اختيار المقاول ، و ذلك من أجل تأمين احترام مبدأ الشرعية و التأكد من احترام مبدأ المنافسة ، لكن من الناحية العملية فإن هاته الرقابة تضل ضعيفة لسببين الأول هو أن حضورها إلزامي بالنسبة للصفقات التي يتجاوز مبلغها 30 مليون درهم.[38] و اختياري فيما دون هذا المبلغ ، و السبب الثاني يتمثل في ضعف إلمام ممثل الوزارة بالمسائل التقنية.[39]
كما تحضر مراقبة وزارة المالية ، أثناء التأشير على الملف و تسديد الحسابات . و من أجل تفعيل هاته الرقابة أكثر فقد تم إسناد اختصاصات هاته لكل من مراقب الالتزام بالنفقة ، و المحاسب العمومي ، بالإضافة إلى المفتشية العامة للمالية.
فمراقب الالتزام بالنفقة يراقب شكل تقديم ملف الصفقة، الذي يجب أن يقدم في شكل وثيقة واحدة تتضمن صفحات مرقمة بشكل مسترسل، و متضمنة لطابع التسجيل، كما يجب أن يكون الملف موقعا من طرف المتعاقدين معا.
و يتولى أيضا التأكد من احترام مسطرة إبرام الصفقة ، و يعاين محضر فتح الأضرفة و يتأكد من أن هذا الالتزام قد أنجز بشأن اعتماد متوفر ، و أنه مطابق لباب الميزانية المقترح اقتطاع الاعتماد منه، و أنه صحيح بالنسبة للقوانين و الأنظمة الجاري بها العمل ، ... إلخ و عموما يمارس هذا المراقب رقابة المشروعية على الصفقات، و ينتج عنها إما التأشير على الصفقة ، أو رفض التأشير عليها[40] مع تعليل الرفض.
أما المحاسب العمومي فتتجلى مهمته في التنفيذ الفعلي للنفقة إذا أنه يتحمل مسؤولية الحفاظ على الأموال العمومية الموضوعة بين يديه كما يقوم بالتأكد من صحة النفقة فيما يتعلق بإثبات العمل المنجز، و صحة حسابات التصفية، و وجود تأشيرة مراقب الالتزام بالنفقات.
و بالنسبة للمفتشية العامة للمالية فإنها تمارس :
- رقابة وقائية : بغية تحسين أساليب و طرق التدبير و ذلك بالملاحظات و الإثباتات التي تدون في تقارير التفتيش و كذا الاقتراحات التي تهدف تفادي الأخطاء المرتبطة بالتدبير.
- رقابة زجرية : تهم عملية إرسال كل التقارير المتضمنة لإحدى المخالفات في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية إلى المجلس الأعلى للحسابات أو إلى القضاء في حالة وجود مخالفات خطيرة.[41]
المطلب الثاني : الرقابة القضائية للصفقات العمومية
الرقابة القضائية ، هي رقابة تمارس من طرف هيئات قضائية ، تتدخل من أجل حمل المتعاقدين على احترام المقتضيات القانونية و التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية ، خاصة في حال وقوع نزاع ما بينهم ، و من أجل الإلمام أكثر بهاته الرقابة يتعين تناولها ضمن فقرتين ، تتعلق الأولى برقابة المحاكم المالية، و تبرز الثانية رقابة المحاكم الإدارية.
الفقرة الأولى : رقابة المحاكم المالية
من أجل النهوض بالدور الرقابي للمال العام و حمايته و حسن تدبيره على الصعيدين الوطني و المحلي قام المغرب بإحداث المحاكم المالية ممثلة في المجلس الأعلى للحسابات و المجالس الجهوية للحسابات ، و هي من المحاكم القضائية المتخصصة في الجانب المالي ذي الطبيعة العمومية.
و من أجل تفعيل هاته الرقابة أكثر ، فقد عمل المغرب مند سنة 1996 على إقرار مبدأ دسترة الرقابة العليا على الأموال العمومية ، حيث نص بالفصل 147 من الدستور على أن: المجلس الأعلى للحسابات هو الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية بالمملكة ، أما الفصل 149 من الدستور فنص على أن المجالس الجهوية للحسابات تتولى مراقبة حسابات الجهات و الجماعات الترابية الأخرى و هيئاتها و كيفية قيامها بتدبير شؤونها.
و بالرجوع إلى ظهير 12-79 المتعلق بإنشاء المجلس الأعلى للحسابات ، و كذا مدونة المحاكم المالية[42] نجد أن هاته الأخيرة تتمتع بسلطات واسعة في المراقبة تجمع بين الرقابة على الحسابات "أولا" و التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية "ثانيا"
أولا : الرقابة على الحسابات
حيث تقوم المحاكم المالية بالتدقيق في حسابات مرافق الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات المحلية ، و المقاولات التي تملك الدولة أو المؤسسات العمومية رأسمالها كله ، أو جزء منه ، و ذلك بعد أن يقدم المحاسبون العموميون حساباتهم إلى المجلس الأعلى للحسابات ، من أجل التأكد من صحة العمليات المتعلقة بها.[43] فإذا لم تثبت أية مخالفة على المحاسب العمومي ، فإن المجلس يتخذ حكما نهائيا يقر بمشروعية العمليات المحاسبية المتعلقة بالميزانية.[44] أما إذا تبين وجود مخالفات للقواعد المالية و المحاسبية، فإن المجلس يأمر المحاسب المعني بحكم مؤقت بتقديم تبريراته كتابة، و عند الاقتضاء يحدد مبلغ العجز الواجب دفعه بمجرد تبليغ القرار.
و في حالة ما إذا تبين أن هناك فائض ناتج عن مبالغ دفعها المحاسب لسد عجز ضنه موجودا، يصبح من حقه الالتجاء إلى السلطات الإدارية لاسترجاع المبالغ المذكورة بعد تقديم التوضيحات اللازمة.[45] و لتمكين المجلس من القيام بهاته الرقابة فإن الأمرين بالصرف القائمين على مصالح الدولة و تنفيذ مشاريعها ، يوجهون سنويا للمجلس، الحسابات الإدارية الخاصة بمصالحهم و في حالة التأخر في الإدلاء بهاته الحسابات ، أو التملص من تقديم البيانات اللازمة لإجراء مراقبة المجلس ، أو عرقلة إجرائها، فإنه يحق لرئيس المجلس أن يوجه أوامر لهم من أجل تقديم جميع الوثائق التي تخص عملهم ، كما يقوم بتحرير التقارير التي تخص تسيير الأجهزة التي أجريت عليها المراقبة و توجيهها لرئيس الحكومة و وزير المالية ، و في كل الحالات يمكن لرئيس المجلس أن يقدم ملاحظاته و اقتراحاته إلى المسئولين بواسطة مذكرات أو قرارات مستعجلة.[46]
ثانيا : التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية
تطبق هاته الرقابة على الجهات المسؤولة عن الأموال العمومية صرفا و تحصيلا و مراقبة ، و يتعلق الأمر بالأمر بالصرف ، و مراقب الالتزام بالنفقات و المحاسب العمومي و كذا مساعديهم و من يقوم مقامهم "المحاسب بحكم الواقع مثلا" ، الذين يرتكبون إحدى المخالفات المنصوص عليها بفصول 54 و 55 و 56 من مدونة المحاكم المالية مثل :
- عدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات.
- عدم مطابقة مشروع الصفقة لأحكامها التنظيمية المتعلقة بالإبرام.
- حصول الشخص لنفسه على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية لأجل إبرام صفقة ما.
- إلحاق ضرر بجهاز عمومي يتحملون داخله مسؤوليات، و ذلك بسبب الإخلال الخطير في المراقبة التي هم ملزمون بممارستها.[47]
حيث يترتب عن ارتكاب إحدى هاته المخالفات ، تطبيق العقوبات المنصوص عليها بالمواد من 66 إلى 69 من مدونة المحاكم المالية ، و هي عبارة عن غرامات مالية حدد مبلغها حسب خطورة ، و تكرار المخالفات ، على أن لا يقل مبلغ الغرامة عن ألف درهم عن كل مخالفة ، و ألا يتجاوز الأجرة السنوية الصافية التي كان المعني بالأمر يتقاضاها عند تاريخ ارتكاب المخالفة. و إذا تبين للمجلس الأعلى للحسابات أن هناك أفعالا تستوجب إجراءا تأديبيا أو جنائيا يصبح من حقه تحريك مسطرتها أمام الجهات المختصة لاتخاذ اللازم.
و الواقع أن الرقابة في مجال التأديب غير ذات جدوى ، نظرا لكون الأمرين بالصرف من وزراء لا يخضعون لرقابة المجلس و هم المسؤولون عن الأموال العمومية و تنفيذها ، هذا من الناحية القانونية ، أما من الناحية الواقعية . فهناك مجموعة من كبار الموظفين الإداريين ممن يعفون من المسائلة القانونية بحكم نفوذهم القوي، و علاقاتهم المتشعبة التي أكسبتهم ما أصطلح عليه بالحصانة الإدارية.[48]
الفقرة الثانية : رقابة المحاكم الإدارية
تختص المحاكم الإدارية بالبت في النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية باعتبار هذه الصفقات، عقود إدارية ، و الاختصاص النوعي لهذه المحاكم يعد من النظام العام ، و هذا ما أكدته المحكمة الإدارية بأكادير ، حيث قضت بأن "عمليات البناء لفائدة شخص من أشخاص القانون العام ، في نطاق تعهد الاتفاق المباشر هي صورة من صور عقود الصفقات ، تكتسي بحكم طبيعتها عقودا إدارية تدخل في اختصاص المحاكم الإدارية ."[49] وهو حكم يوافق ما ذهبت إليه المحكمة التجارية بالرباط بموجب أمر استعجالي جاء فيه : "و حيث يتبين أن أصل الحق المتنازع بشأنه يتعلق بصفقة عمومية ، و أن المحكمة المختصة مستقبلا بنضر موضوع هذه المنازعة هي المحكمة الإدارية و ليست المحكمة التجارية".[50] و تقوم هاته المحاكم بمراقبة مشروعية صفقات الدولة بإحدى الوسيلتين التاليتين: القضاء الشامل و قضاء الإلغاء.
أولا : القضاء الشامل
هو القضاء الذي يخول للقاضي تصفية النزاع كليا، حيث أن اختصاصه لا يقتصر على التأكد من صحة أو بطلان القرارات الإدارية التي تصدر في شأن العملية المركبة لعقد الصفقة ، و إنما يمتد ليشمل كل عناصر عملية الصفقة . فكل نزاع نشأ عن علاقة تعاقدية بين الإدارة و الأشخاص يخضع للقضاء الشامل.[51] و تتخذ دعوى القضاء الشامل في مجال صفقات الدولة عدة صور منها :
1. دعوى لأجل بطلان عقد الصفقة :
و ذلك لعيب في تكوينه الأمر الذي يبرر للمتعاقد الراغب في إلغاء عقد الصفقة، اللجوء إلى القضاء الشامل لأنه السبيل الوحيد للتقاضي بشأن نزاعه لأن القاعدة المسلم بها أن دعوى الإلغاء لا توجه ضد العقود الإدارية. و هذه الدعوى لا يمكن لغير المتعاقد أن يرفعها لأن الأجنبي عن العقد لا يتمتع بأية قوة في الالتزام.و حسب المعطيات المتوفرة لدينا لم يتح للقضاء الإداري فرصة إعطاء موقفه من دعوى المطالبة ببطلان عقد الصفقة.
2. دعوى الحصول على مبالغ مالية :
قد تكون هذه المبالغ في صورة ثمن أو أجر متفق عليه في العقد ، و بهذا الإطار قضت المحكمة الإدارية بمراكش على أنه "من حق الشركة المدعية بعد إنجاز الأشغال المطلوبة منها بمقتضى صفقة الأشغال المطالبة بمستحقاتها التي تبقى دينا بذمة البلدية المتعاقدة."[52] وبنفس الإطار قضت المحكمة الإدارية بأن "ثبوت إنجاز المدعية للأشغال المتفق عليها بشكل سليم يجعلها محقة في طلب الحصول على مستحقاتها فورا".[53]
و قد ترفع هاته الدعوى لأي سبب أخر من الأسباب التي تؤدي إلى الحكم بمبلغ مالي و تدخل في هذا المجال حتى فوائد التأخير ، و هنا نجد قرار صادر عن المحكمة الإدارية بمراكش في الدعوى المقامة من طرف شركة ماربيل على بلدية مراكش المدينة ، جاء فيه "الشركة المدعية تستحق تعويضا عن التماطل بعد ثبوت إنذارها و مطالبتها للبلدية بأداء مستحقاتها عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتسلم".[54]
كما ترفع من أجل التعويض عن الحرمان من الربح ، حيث جاء في حكم إدارية أكادير "وحيث أن مسؤولية المجلس البلدي لأولاء تايمة عن الضرر اللاحق بالمدعية ثابتة في الحدود المشار إليها أعلاه ، و حيث أن المحكمة انطلاقا من سلطتها التقديرية وبعد الأخذ بعين الاعتبار حرمان المدعية من الربح الذي كان من الممكن أن تحققه من الصفقة التي تم إقصائها منها ، قررت الحكم على المجلس البلدي لأولاء تايمة بأداء للمدعية مبلغ 250.000 درهم "[55]
و قد يكون الهدف من المطالبة بمبالغ مالية تعويض عن أضرار تسبب فيها الطرف المتعاقد ، و بهذا الصدد ذهبت إدارية مراكش في إحدى أحكامها إلى أن "إقدام الإدارة على توقيف الأشغال ، و عدم تنفيذ ما التزمت به في اجتماع تم بينهما ، يجعل المدعية مستحقة للمبالغ بقيمة الأشغال المنجزة و التعويض الشامل عن الخسارة التي ألمت بها حفاظا على التوازن المالي للمشروع".[56]
3. دعوى إبطال التصرفات الصادرة عن الإدارة على خلاف التزاماتها التعاقدية :
إذا صدر عن الإدارة تصرف مخل بالتزاماتها التعاقدية ، فإن المتعاقد معها ، يحق له المطالبة بإبطال تلك التصرفات عن طريق القضاء ، حتى و لو جاءت في شكل قرارات إدارية صادرة عن سلطة الإدارية بصفتها متعاقدة مثل القرارات الخاصة بجزاء من الجزاءات التعاقدية ، أو بفسخ عقد الصفقة ، أو إنهائه أو إلغائه ، ففي حكم شركة مقاولة الأشغال العامة العقارية ضد مدير المكتب الوطني للكهرباء ،الذي ألغى صفقة متعلقة بإنجاز الطاعنة لأشغال إعداد حوض جديد للطاقة الكهربائية بجرادة، اعتبرت المحكمة الإدارية بالرباط أن القرار القاضي بإلغاء الصفقة يدخل في إطار المنازعة حول تنفيذ العقد الإداري الذي يختص بالنظر فيه القضاء الشامل ".[57] كما قضت إدارية الدار البيضاء في أحد أحكامها بأنه "في حالة فسخ العقد كجزاء لخطأ المتعاقد ، للقضاء أن يبحث مدى ملائمة الفسخ كعقوبة للخطأ المنسوب إلى المتعاقد".[58]
4. دعوى لأجل فسخ الصفقة :
تهدف هاته الدعوى إلى الحصول على حكم قضائي يقضي بفسخ الصفقة ، بناءا على طلب أحد الطرفين ، لتسري أثار هذا الفسخ ابتداء من تاريخ رفع الدعوى و أسباب هذا الفسخ متعددة أهمها : القوة القاهرة ، حق الإدارة في التعديل الإخلال بالالتزامات العقدية.
و هنا نورد ما جاء في حكم المحكمة الإدارية بمراكش ، و الذي قضت فيه بأنه "ليس هناك ما يمنع صاحب المشروع من الالتجاء إلى القضاء الإداري بشأن فسخ عقد صفقة ، و ذلك بالرغم من شروط الفسخ المنصوص عليها بدفتر الشروط الخاصة و العامة المقررة لصالح الإدارة صاحبة المشروع، حيث أن من حقها التنازل عنها ، و رفع أمر الفسخ إلى القضاء ، ما دامت ترى في ذلك ضمانة للطرفين".[59]
5. الأمور المستعجلة في منازعات صفقات الدولة :
إن اختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية يستتبع لزوما اختصاصه بالفصل فيما ينبثق عن هاته المنازعات من أمور مستعجلة [60]. ما دام القانون لم يسلبه ولاية الفصل فيها و تكتسي الطلبات المستعجلة في مجال الصفقات العمومية أهمية قصوى بالنظر إلى خصوصية هذه المنازعات، التي يعد الوقت عاملا مؤثرا فيها و ذلك لاعتبارات عدة، فعقد الأشغال العامة مثلا يثير عدة إشكاليات تستوجب التدخل لاتخاذ إجراءات مستعجلة لا تحتمل التأخير ، مثل إثبات الأوضاع المادية التي يخشى زوالها ، أو التحقق من قيام القوة القاهرة التي يمكن أن يتمسك بها مستقبلا كسبب يجعل المتعاقد يتحلل من التزاماته التعاقدية ، أو تقديم طلب إجراء خبرة لاعتماده كأساس للمطالبة بالتعويض ، حيث أن عدم إجراء هاته الخبرة يحول دون الوقوف على حقيقة الأمر خاصة إذا قامت جهة أخرى بإتمام الورش .[61]
و اختصاص قاضي المستعجلات ، حسب ما أكدت عليه المحكمة الإدارية بوجدة ، "مشروط بمقتضى المادتين 149 و 152 من ق م م بتوافر حالة الاستعجال ، و عدم المساس بأصل الحق ، و هما شرطان لازمان إذا انعدم أحدهما زال اختصاص قاضي المستعجلات لفائدة قضاء الموضوع.[62] و هذا ما أقرته المحكمة الإدارية بالرباط في أمرها الإستعجالي المتعلق بقضية وزارة التجهيز ضد نادي الأشغال العمومية حيث جاء فيه "ما دام من شأن البث في النزاع المرتبط بتنفيذ بنود عقد اتفاقية التسيير المس بالمركز القانوني لطرفي العقد ، و بالتالي المس بجوهر النزاع فإن محكمة الموضوع هي المختصة بالبت في النزاع المذكور و ليس قاضي المستعجلات".[63]
ثانيا : قضاء الإلغاء
و هو القضاء الذي يخول للقاضي سلطة الحكم بإلغاء قرار إداري معيب دون الحق في توجيه أوامر إلى الإدارة للقيام بعمل أو الامتناع عن القيام به ،[64] و تهدف دعوى الإلغاء إلى احترام مبدأ الشرعية، حيث يحق للأفراد ، الطعن في القرارات إذا كانت غير مشروعة. و من أجل إخضاع الأعمال المرتبطة بالصفقات العمومية إلى مراقبة قاضي الإلغاء ابتدع الاجتهاد القضائي الإداري نظرية القرارات الإدارية المنفصلة و هي القرارات التي تستهدف التمهيد لإبرام العقد أو السماح بإبرامه أو الحيلولة دون إبرامه.
و تصنف هاته القرارات إلى 3 أصناف هي :
1. القرارات السابقة على تكوين العقد :
و هي تلك القرارات التحضيرية التي تستهدف التمهيد لإبرام الصفقة مثل :
القرارات المتخذة من طرف الإدارة في مرحلة دراسة ملفات المتنافسين كتلك التي تقضي بإبعاد أو إقصاء بعض المرشحين من المشاركة في المنافسة بشكل تعسفي.
و قد أثارت هاته القرارات إشكالية تتعلق بكونها مجرد قرارات تحضيرية ، و ليست حاسمة و بالتالي لا يجوز الطعن فيها ، لأن الطعن بالإلغاء لا يوجه إلا ضد القرارات النهائية و مع ذلك فقد قبل مجلس الدولة الفرنسي الطعن في هاته القرارات و اعتبرها نهائية.
و من أمثلة الاجتهادات القضائية بخصوص قبول الطعن في هاته القرارات تجد حكم للمحكمة الإدارية بالبيضاء جاء فيه " و حيث أنه أمام منازعة الطاعنة في نزاهة مكتب التكوين المهني و إنعاش الشغل خلال إسناد الصفقة فإن هذه المحكمة أمرت تمهيدا بإجراء خبرة ... و حيث بناءا على ما ورد في تقرير الخبرة و الوثائق المرفقة بالطلب فإن الأمر يوحي بوجود نوع من الريبة في إسناد الصفقة لشركة جونس هانس مما تكون معه الصفقة المذكورة قد طبعها نوع من التمييز بين المرشحين و تكون السلطة الساهرة عليها قد استعملت سلطتها في غير ما أعدت له و كان بالتالي قراراها مشوبا بالانحراف في استعمال السلطة و يتعين إلغاؤه".[65] نفس الموقف تبناه مجلس الدولة الفرنسي في قضية famille la poz الذي تم فيها إلغاء قرار للمجلس البلدي القاضي بالإقصاء اللامشروع لعائلة la poz من صفقة بيع المنزل و ذلك نظرا لاتسامه بالشطط في استعمال السلطة.[66]
2. القرارات المصاحبة لعملية التعاقد :
و هي القرارات التي تتم بها المصادقة على العقد المبرم من طرف الإدارة ، كأن يصدر قرار برفض و المصادقة على عقد الصفقة أو تكون المصادقة مخالفة للشكليات التي فرضها القانون ، و المصادقة هي إفصاح الإدارة عن نية إتمام التعاقد ، حيث أن العقد غير المصادق عليه ، لا يعد سوى مشروع للتعاقد ، ليست له أية أثار قانونية تجاه الإدارة ، و بذلك تخضع القرارات المتعلقة بالمصادقة على عقود الصفقات ، الصادرة من سلطة الوصاية سواء كانت إيجابية أو سلبية لرقابة القضائي الإداري ، و على هذا الأساس قضت المحكمة الإدارية بوجدة بإلغاء قرار لوزير الفلاحة ، صادق بمقتضاه على صفقة عمومية ، بالرغم من مخالفتها للقواعد القانونية المطبقة في هذا المجال.[67]
3. القرارات المتخذة في مرحلة تنفيذ العقد أو إنهائه :
حيث يمكن الطعن بالإلغاء بسبب التجاوز في استعمال السلطة ضد التدابير التي تتخذها الإدارة بوصفها سلطة إدارية ، و ليس بوصفها طرفا متعاقدا ، حيث توقع على المتعاقد المقصر مثلا بعض الجزاءات بنفسها دون اللجوء إلى القضاء.
و من أبرز أنواع هذه القرارات، قرار إقصاء المرشح الذي رست عليه الصفقة. حيث يمكن إلغاء هذا القرار إذا لم تحترم الإدارة صاحبة المشروع الشروط المنصوص عليها بمرسوم 5 فبراير 2007 ، و هذا ما أقرته المحكمة الإدارية بأكادير ، إذا اعتبرت أن قرار لجنة العروض غير قانوني و لا واقعي بإقصاء الوكالة من الصفقة".[68]
الكتب:
· سليمان امحمد الطماوي، الأسس العامة للعقود الإدارية، دراسة مقارنة، دار الفكر العربي، 1976.
· محمد باهي، دليل الصفقات العمومية، مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 2002.
· محمد كرامي، القانون الإداري، بدون ذكر المطبعة، 2000.
· مليكة الصروخ، الصفقات العمومية في المغرب – الأشغال و التوريدات والخدمات- الطبعة الأولى ، مطبعة دار القلم ،2010.
· مليكة الصروخ، القانون الإداري، مطبعة النجاح الجديدة، 2010.
الرسائل:
· إلهام بخوشي، منازعات الصفقات العمومية، رسالة لنيل الماستر في الحقوق بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الحقوق، فاس، برسم السنة الجامعية 2009/2010.
· خالد انطيطح، رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق، جامعة مولاي إسماعيل، كلية الحقوق، مكناس برسم السنة الجامعية 2010/2011.
· عبد الهادي بلنوار، التدبير الجماعي للصفقات العمومية وأثره على المرافق المحلية، رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سنة 2008-2009.
· نعيمة الأزمي، الصفقات العمومية على ضوء مرسوم 5 فبراير 2007، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق، جامعة مولاي إسماعيل، كلية الحقوق، برسم السنة الجامعية 2007-2008.
· يونس وحالو، الصفقات والتنمية المحلية، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق، جامعة مولاي إسماعيل، كلية الحقوق- مكناس، السنة الجامعية 2010-2011.
المقالات
· سعيد الطواف، المغرب يتراجع مرة أخرى في مؤشر مكافحة الفساد، جريدة المساء، العدد 1629 بتاريخ 20/12/2011.
المجلات:
· محمد الأعرج، الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية في منازعات العقود الإدارية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة العدد 47، سنة 2004.
· محمد الأعرج، النشاط الإداري، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 66، سنة 2010.
· محمد العابدة، كيفية إبرام صفقات الدولة بالمغرب، مجلة الحقوق المغربية، العدد الخامس.بدون ذكر السنة .
· محمد قصري، القاضي الإداري ومنازعات الصفقات العمومية، مجلة المعيار، العدد 39، يونيو 2008.
القوانين :
· مدونة المحاكم المالية 2002.
· مرسوم 5 فبراير 2007 الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 280-01-1 الصادر في 26 فبراير 2007.
المواقع الالكترونية:
· بهيجة التيجي، فتيحة بلماية، آليات الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية، موضوع منشور بمدونات جيران.
http: //pahija1980.jeeran.com .
· رشيد بنعياش، الرقابة على الصفقات العمومية بالمغرب، مقال منشور بموقع الحوار المتمدن العدد 2935، 2010/53- 15.30.
المراجع بالغة الفرنسية :
· Ahmed gourari , droit de la concurrence et de la consommation en matière des marchés publics, revue marocaine de droit économique , n 2,2009..
· OUAZZANI RHGALA ABDALAH : »DE LA simplification des procédures en matière des marchés publics » RAPC imp Afrique, orient , cas-a 1999.
التصميم:
— المبحث الأول: طرق إبرام الصفقات العمومية
— المطلب الأول: الطرق العادية لإبرام الصفقات العمومية
— الفقرة الأولى: الصفقات بناء على طلب العروض
— الفقرة الثانية : الصفقات بمباراة
— المطلب الثاني: الطرق الاستثنائية في إبرام الصفقات العمومية
— الفقرة الأولى: الصفقات التفاوضية
— الفقرة الثانية : أعمال بناء على سندات الطلب
— المبحث الثاني: آليات الرقابة على الصفقات العمومية
— المطلب الأول: الرقابة الإدارية للصفقات العمومية
— الفقرة الأولى: الرقابة الإدارية الداخلية
— الفقرة الثانية: الرقابة الإدارية الخارجية
— المطلب الثاني: الرقابة القضائية للصفقات العمومية
— الفقرة الأولى: رقابة المحاكم المالية
— الفقرة الثانية : رقابة المحاكم الإدارية
[4] - حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد 27 بتاريخ 6/5/1999 شركة تيرس خد وزير الفلاحة منشور بالدليل العملي، الجزء الثاني م.م.إ.م.ت سلسلة دلائل التسيير، عدد 16، 2004، ص: 395
[7] عبد الهادي بولنوار: التدبير الجماعي للصفقات العمومية و أثره على المرافق المحلية، رسالة لنيل شهادة الماستر جامعة مولاي اسماعيل، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية سنة 2009 ص 45
[11] -OUAZZANI RHGALA ABDALAH : »DE LA simplification des procédures en matière des marchés publics » RAPC imp Afrique, orient , cas-a 1999.
[12] محمد الاعرج : القانون الإداري المغربي الجزء الأول، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية ط 2010 ص 297
[16] - خالد انطيطح ، رقابة القضاء الإداري على الصفقات العمومية ، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ، جامعة مولاي إسماعيل ، كلية الحقوق ، مكناس ، برسم السنة الجامعية 2010/2011 ، ص 9 .
[17] - بهيجة التيجي ، فتيحة بلمانية ، آليات الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية ، موضوع منشور بمدونات جيران http://pahija1980.jeeran.com
[18] محمد الأعرج ، النشاط الإداري ، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية ، سلسلة مواضيع الساعة ، عدد 66 ، 2010، ص 3065 .
[19] - مليكة الصروخ ، الصفقات العمومية في المغرب " الأشغال ، التوريدات ، الخدمات" الطبعة الأولى ، مطبعة دار القلم ، سنة 2010، ص 265.
[20] - يونس وحالو ، الصفقات العمومية و التنمية المحلية ، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ، بجامعة مولاي إسماعيل مكناس ، برسم السنة الدراسية 2010/2011 ص 79.
[32] - مرسوم رقم 100-94-2 صادر بتاريخ 6 يوليوز 1994 بشأن النظام الأساسي الخاص بالمفتشين العامين بالإدارة الترابية لوزارة الداخلية ، الجريدة الرسمية ، عدد 4264 بتاريخ 20 يوليوز 1994.
[33] - أحدثت هاته اللجنة أول الأمر بقرار مقيمي بتاريخ 26/6/1936 ، و نظرا لعدم فعاليتها و قلة مردوديتها تمت إعادة تنظيمها بمرسوم بتاريخ 27 يونيو 1957 ، لكنها لم تتوفق في مهامها لقلة إمكانياتها ، ثم أعيد تنظيمها بمرسوم 30 ديسمبر 1975 الذي وسع من تأليفها و دعم اختصاصاتها.
[36] - نعيمة الأزمي ، الصفقات العمومية على ضوء مرسوم 5 فبراير 2007 ، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ، جامعة مولاي إسماعيل ، كلية الحقوق ، برسم السنة الجامعية 2007/2008 ص 139.
[44] - رشيد بن عياش ، الرقابة على الصفقات العمومية بالمغرب ، موقع الحوار المتمدن العدد 2935-2010/3/5-15.30
[47] - من أجل معرفة المخالفات التي يرتكبها كل منهم راجع المواد 54 و 55 و 56 من مدونة المحاكم المالية.
[49] - حكم عدد 221 بتاريخ 04/10/1999 أيت عبد الله ضد بلدية الأخصاص ، أورده محمد الأعرج ، الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية في منازعات العقود الإدارية ، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية "سلسلة مواضيع الساعة" ، عدد 47 ، 2004 ص 76.
[55] - حكم إدارية أكادير عدد 279 ، صادر بتاريخ 26/7/2007 ، أورده محمد قصري ، القاضي الإداري و منازعات الصفقات العمومية مجلة المعيار العدد 39 ، يونيو 2008، ص 32.
[58] - حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء ، عدد 243 صادر بتاريخ 23/02/1996 ، أورده خالد انطيطح ص 53.
[59] - إدارية مراكش ، حكم عدد 264 ، صادر بتاريخ 5 ماي 2003 ، أوردته إلهام بخوشي ، منازعات الصفقات العمومية ، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، كلية الحقوق ، فاس ، برسم السنة الجامعية 2009/2010. ص 51.
[62] - أمر استعجالي للمحكمة الإدارية بوجدة رقم 72 صادر بتاريخ 06/09/2001 ، أورده خالد إنطيطح ، م س ، ص 136.
[63] - أمر استعجالي للمحكمة الإدارية بالرباط عدد 44 صادر بتاريخ 13/02/2002 ، أورده خالد إنطيطح ص 137.
[66] - محمد الرحماني ، منازعات الصفقات العمومية ، رسالة لنيل الماستر في الحقوق ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، كلية الحقوق فاس ، برسم السنة الجامعية ، 2008/2009 ، ص 43.
[67] - حكم المحكمة الإدارية بوجدة ، عدد 24 ، صادر بتاريخ 10/02/1999 أورده خالد انطيطح ، م س ، ص 123.
ليست هناك تعليقات