طرق تمويل الصفقات العمومية ومراقبتها لم يعد ينظر إلى الصفقات العمومية كمسطرة إدارية بحثه، بل أصبح لها ارتباط بالحياة الاقتصادية والاج...
طرق تمويل الصفقات العمومية ومراقبتها
لم يعد ينظر إلى الصفقات العمومية كمسطرة إدارية بحثه، بل أصبح لها ارتباط بالحياة الاقتصادية والاجتماعية، فالصفقات العمومية إذا احكم تسييرها وأحسن استعمالها شكلت عمليا أداة فعالة لحل العديد من المشاكل المرتبطة بالحياة الاقتصادية والاجتماعية كتدعيم الصناعة، وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة التي يؤكد الاقتصاديون فعاليتها في تحريك دواليب التقنية وتخفيف البطالة[1]، وبواسطة الصفقات العمومية تتم الاستفادة من خيرات البلاد واستغلالها بالشكل الذي يحقق الرفاهية والازدهار لكافة المواطنين وبواسطة الطرق والموانئ والمطارات والسدود وغيرها من البناءات والمنشآت تستطيع الدولة ان تسهل وتجعل عملية التنمية تتحقق بسرعة.[2]
فالصفقات العمومية وسيلة من وسائل الإدارة العمومية لتنفيذ سياسة الدولة الاقتصادية والاجتماعية، كما تعتبر أسلوبا للحصول على ما تحتاجه في العديد من المجالات فكلمة صفقة تدل أساسا على تعاقد بين طرفين يهدف إلى انجاز أشغال أو توريدات أو خدمات. أما كلمة عمومية فهي تعني الدولة أو الجماعات المحلية[3] أو المؤسسات العمومية فإذا سرنا على هذا النحو يمكن ان نقول إذن أن الصفقات العمومية هو تعاقد بين شخص معنوي عام من جهة وشخص طبيعي أو معنوي بصفته مقاولات من جهة أخرى ويمكن أن يكون هذا الأخير خاصا أو عاما.
فالصفقات العمومية يمكن اعتبارها إذن عقود إدارية تبرمها الهيآت العمومية مع المقاولين بغية إنجاز أشغال أو الحصول على توريدات أو خدمات.
ولقد شكل الإصلاح الجديد لميدان الصفقات العمومية بالمغرب والمتمثل في صدور مرسوم 5 فبراير 2007[4] فرصة جديدة لإعادة النقاش حول الظروف المحيطة بهذا الميدان وخصوصا مسار شفافية إبرام الصفقات العمومية ومدى تحقيق هذه الأخيرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب والتي يمكن اعتبارها مواضيع بالغة الأهمية تصنف من القضايا الراهنة ومن مواضيع الساعة.
إن موضوع الصفقات العمومية يكتسب أهمية بالغة يتقاطع فيه ما هو مسطري إداري وما هو اقتصادي واجتماعي ومالي، فالإشكالية تكمن أساسا في مدى قدرة الصفقات العمومية على تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية الاجتماعية في بلادنا : كيف يمكن للصفقات العمومية من خلال معاينة واقعها الانتقال من التطبيق الآلي للنصوص القانونية إلى التطبيق التنموي خدمة للصالح العام.
ولتبيان ما مرمعنا فقد قسمنا موضوعنا إلى مبحثين سنتناول في المبحث الأول لطرق تمويل الصفقات العمومية وكيفية مراقبتها، أما في المبحث الثاني، سنخصصه للصفقات العمومية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
المبحث الأول : طرق تمويل الصفقات العمومية وكيفية مراقبتها
إن المتعاقد الذي يتعهد بتنفيذ الصفقة العمومية يلزمه أن يكون متوفرا على المؤهلات المالية والتقنية اللازمة للقيام بالعمل المنوط به. فتطابق متطلبات الإنجاز مع الإمكانيات الذاتية يجب أن يحترم بعض المستويات. إذ أن مقاولة من الحجم الصغير لا يمكنها أن تقوم بأشغال تفوق بكثير قدراتها الذاتية وخصوصا المادية والتقنية. ولدى يتم استبعاد عدد كبير من المرشحين لنيل الصفقة في بداية الأمر.
وهنا يمكن دور الملف التقني المدلى به حسب مقتضيات المادة 23 من ظهير 5 فبراير 2007، إذا تبين المذكرة التي تصاغ من طرف المتعهد المؤهلات البشرية والتقنية التي يتوفر عليها ومكان وتاريخ وطبيعية وأهمية الأعمال التي أنجزها أو ساهم في إنجازها.
إلا أن الحال لا يسعف كثيرا من المقاولين والموريدين في إنجاز الأشغال أو القيام بالتوريدات اللازمة إلا بمساعدة مالية قد يحصلون عليها من طرف الإدارة أو البنوك أو أية جهة أخرى (المطلب الأول). والمبالغ التي ترصد لهذه الصفقات هي مبالغ تستخلص أساسا من أموال الشعب، فلا بد أن تكون موضوع مراقبة صارمة داخلية وخارجية تقيها من كل اختلاس أو سوء تدبير يمكن أن تكون عرضة لهما (المطلب الثاني) حماية للمال العام وبالتالي دعما للتنمية.
المطلب الأول : طرق تمويل الصفقات العمومية
إن تمويل الصفقات العمومية يعد من أبرز المشاكل التي تعترض نشاط المقاولات، وهو ما يستلزم تدخلا واسعا للسلطات العمومية لتقديم المساعدات المالية الكافية سواء عن طريق التمويل الإداري أو البنكي أو بواسطة الصندوق المغربي للصفقات، وذلك لتشجيع المقاول على أداء التزاماته بعناية ودقة تحقيقا للجودة المطلوبة[5]. وسنتطرق لكل طريقة من هذه الطرق في فقرة مستقلة.
الفقرة الأولى : التمويل الإداري
إن المتعاقد مع الهيئة العمومية على إثر صفقة عمومية يجب عليه أساسا أن يعتمد على إمكانياته الخاصة في تمويل المشروع كما ثم الاتفاق عليه والمطالبة بالثمن بعد انتهاء التنفيذ وتسليم الأشغال أو التوريدات أو القيام بالخدمات. إلا أن هذا المبدأ يصطدم في غالب الأحيان مع قصور في الامكانيات الذاتية للمقاولة المتعاقدة نظرا لأسباب متعددة أهمها ضخامة الأشغال أو التوريدات أو الخدمات، مما يدفع المتعاقد إلى البحث عن سبل أخرى للتمويل، ويلجأ غالبا في أول الأمر إلى الإدارة المتعاقدة معه لاستخلاص بعض المبالغ. لكن هذه الأخيرة لا تستجيب في الحال وتتذرع بأسباب مختلفة تتعلق إما بالاعتمادات أو رفض الملفات لأسباب واهية وشكلية نتيجة فصل إدارة الآمر بالصرف وإدارة المحاسب العمومي.
الفقرة الثانية : تمويل الصندوق المغربي للصفقات
عندما صدر ظهير 28 غشت 1948 الخاص بنظام الرهن، كان المرجو منه أن يحل معظلة التمويل البنكي لكن النتائج كانت ضعيفة. فصدر قرار عن مدير المالية في 29 غشت 1950 يقضي بإنشاء الصندوق المغربي للصفقات[6] وكان عبارة عن لجنة للدراسات تعطي رأيها للمصالح المختصة وكان يراقب من طرف الصندوق الوطني الفرنسي للصفقات، وابتداء من سنة 1961 تم تخفيض مساهمة المؤسسات المالية الفرنسية في رأسمال الصندوق، ثم سنة 1966 عوض المسؤول الفرنسي بمسؤول مغربي.
والصندوق المغربي للصفقات عبارة عن شركة مساهمة يتكون رأسمالها من مساهمات بنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير والقرض العقاري والسياحي بما قدره 66% ومؤسسات فرنسية تجارية بنسبة 34%. ويقوم الصندوق بتقديم مساعدات للمتعاقدين مع الهيئات العمومية على إثر صفقات في شكل قروض أو ضمانات احتياطية.
أولا : القروض
تكون على شكل سلفات مباشرة للمقاولات الصغرى والمتوسطة والتي يتعذر عليها الحصول على قروض من الأبناك لتعقد المسطرة. ولا يمكن أن يتعدى حجم هذه القروض في جميع الأحوال 200.000 درهم. وتكون على شكل تسبيقات في مرحلة ما قبل أن يبصح للمقاولة الحق في المطالبة بالأقساط لدى الإدارة المعنية. وبأخذ هذا التمويل المسبق بعين الاعتبار الوضعية المالية للمتعاقد والخصاص المالي المحيط به وكذا المداخيل المنتظرة من الصفقة. وتدفع هذه التسبيقات إما بطريقة جزافية أو جزء بجزء أو على أساس تبرير.
كما يمنح الصندوق قروضا للتعبئة، وقروضا تصاحب عملية الإنجاز. فالأولى يمكن أن تصل إلى 30% من قيمة المبلغ المدلى به في كشف الحساب ومدتها يجب أن لا تتعدى 90 يوما. أما الثانية وكما يدل عليها اسمها فهي ترافق الصفقة في مختلف مراحل تنفيذها تبعا للأشغال أو الخدمات المنجزة. وعموما تستفيد صفقات الأشغال العمومية كثيرا من هذه القروض التي يقدمها الصندوق حيث تصل نسبتها في بعض السنوات إلى حدود 86% في حين لا تجاوز صفقات التوريدات 9% والخدمات 5%[7].
ثانيا : الضمانات الاحتياطية
يهدف الصندوق المغربي للصفقات إلى تعزيز موقعه إزاء المقاولات الصغرى والمتوسطة. فاستراتيجية عمله ترمي إلى تسهيل الاستفادة من القروض والخدمات، ولهذا فمهمته الأساسية ليست تقديم التسبيقات بقدر ما يتدخل بواسطة توقيعه، إذ يوقع على الأوراق أو الأوامر بأداء السلفة للمقاول. وبهذا التوقيع يمنح ضمانة للبنوك عن القروض الممنوحة ويحميها من خطر عدم الاستيفاء ويشجعها على تمويل المشاريع[8].
وهكذا يؤمن الصندوق المغربي للصفقات عمليات الاقتراض عن طريق عملية الرهن، حيث يوجد موظف خاص تحال عليه طلبات القرض من طرف الأبناك لإبداء رأيه بشأنها والقيام بالدراسات التقنية اللازمة. فعن طريق إعطاء ضمان احتياطي يسهل الصندوق عملية الحصول على القروض التمويل.[9]
ورغم كل ما يقوم به الصندوق المغربي للصفقات، فإن دوره يبقى ذو محدودية. إذ أن نشاطه يقتصر في الغالب على منطقة الدار البيضاء أساسا ولا تستفيد منه المقاولات المتواجدة في الجهات الأخرى للبلاد إلا نادرا. أضف إلى ذلك ارتفاع فوائده، فهو يمنح قروضا قد يفوق سعرها 10% مما يجعله لا يختلف كثيرا عن البنوك.
على إثر كل هذه المشاكل التي يعاني منها الصندوق والنقص في أداء دوره على أحسن وجه يمكننا القول بأنه قد حقق إنجازات يشهد له بها، حيث إنه قدم قروضا وساهم في إنجاز عدد كبير من المشاريع المتعلقة بالتجهيزات الأساسية منذ انطلاق تجربة مخططات التنمية في المغرب، وشارك في تمويل عدة مشاريع كإصلاح الطريق الرابطة بين الرباط وطنجة وبناء 12 كلية للعلوم والآداب والمركب الرياضي بالرباط وما إلى ذلك.
كل ما سبق ذكره كان يتعلق بتمويل الصفقة بالنسبة للمتعاقد، أما بخصوص الهيئات العمومية فإن الأمر يختلف حسب نوعية الصفقة. فالصفقات الصغرى والمتوسطة والمتعلقة أساسا بالتوريدات والخدمات العادية فإنها تمول من طرف الميزانية وتخصص لها اعتمادات كافية في شطرها الأول الخاص بالتسيير. أما إذا كانت الصفقة تتعلق بإنجاز أشغال تستدعي نفقات ضخمة، فإن الإدارة المعنية يمكنها اللجوء إلى الاقتراض إذا كان المشروع الذي تعتزم إنشاؤه مربحا وبإمكانه أن يدر أموالا في المستقبل تساهم في تسديد.
ما أنفق إبان الإنجاز. وهذه الطريقة مألوفة الاستعمال في الدولة المتقدمة أما في الدول النامية فغالبا ما يعتمد على الميزانية (العامة) وخصوصا شطرها الثاني المتعلق بالاستثمار.
وفي نهاية هذا المطلب لا يسعنا إلا نذكر يجب الإسراع بإصلاح طرق التمويل لأنها أصبحت غير منسجمة مع ضروريات الوقت الراهن فالقروض في وضعها الحالي لا تغطي حتى الحاجات الأساسية للمقاولات ولا يتم الحصول عليها إلا وفق إجراءات قاسية وبفوائد مرتفعة ترهق كاهل المتعاقد. مما ينعكس سلبا على الصفقات العمومية وتجعلها في بعض الأحيان لا تؤدي دورها التنموي بنجاعة. كما لا تمكن بشكل فعال المقاولات الصغرة والمتوسطة من النهوض والانتعاش لتكون في مستوى متطلبات التنمية. هذه التنمية التي أصبح ينشدها الجميع تحتم كذلك في الوقت الراهن تشديد الرقابة على النفقات العمومية وخصوصا الصفقات باعتبارها المحرك الأساسي للاقتصاد الوطني.
المطلب الثاني : مساهمة الرقابة على الصفقات في دعم التنمية
الرقابة عموما كانت أشكالها وأنواعها أصبحت في وقتنا الراهن لا تقتصر على ضبط المخالفات وتطبيق العقوبات فحسب، بل أصبحت تسعى إلى حث المسؤولين المليين على اتخاذ القرارات الملائمة للظروف المالية والمخططات الاقتصادية وتحفيزهم على تحسين تسييرهم وتدبيرهم المالي.[10]
من هنا تبرز لنا مساهمة الرقابة على الصفقات العمومية في دعم التنمية.وعليه سنتطرق في الفقرة الأولى للرقابة القضائية على أن نسلط الضوء في الفقرة الثانية على الرقابة الإدارية.
الفقرة الأولى: الرقابة القضائية على صفقات الأشغال العمومية.
أولا : الاجتهاد القضائي قبل إحداث المحاكم الإدارية.
بقيت منازعا العقود الإدارية مترددة قبل إحداث المحاكم الإدارية بين اختصاص المجلس الأعلى و المحاكم العادية، و السبب هو غموض بعض النصوص التي تتعلق باختصاص كل جهة على حدة.
فالمجلس الأعلى كان يعتبر صاحب الولاية العامة في جميع طلبات الإلغاء و لا يتخلى عن هذا الاختصاص إلا في بعض الحالات الاستثنائية، و التي تنظر في طلبات الإلغاء بالنسبة لها المحاكم العادية.
فإذا حصل أي نزاع بين الإدارة ، و المقاول فالجهة القضائية المختصة بحسب موضوع الدعوى المرفوعة ، و إذا كان الأمر يتعلق بطلب الإلغاء ، يرفع للغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى ، في حين يرفع للمحاكم الابتدائية في حالة التعويض.
قضاء الإلغاء ( اختصاص المجلس الأعلى)
إن المتتبع لاجتهاد الغرفة في مجال الصفقات العمومية يكتشف أنها تتردد في إلغاء القرارات المتخذة في مرحلة تنفيذ العقد ، و تقتصر على إلغاء تلك التي تتخذ طيلة فترة إعداد الصفقة و البحث عن المتعاقد.
فقبول دعوى بسبب الشطط في استعمال السلطة تصادفه في مجال الصفقات عرقلتين:
* إن العقد ليس قرار إداري انفرادي للإدارة، و دعوة الإلغاء لا تمارس أصلا إلا ضد القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية.
* وجود الدعوى الموازية الذي يبعد ممارسة دعوى الإلغاء أمام المجلس الأعلى، فالغرفة الإدارية تقبل طلبات الإلغاء في إطار العقود الإدارية بالنسبة للقرارات المنفصلة عن العقد و ترفض القبول في حالة القرارات المرتبطة به.
كان المجلس الأعلى يعتمد ، لتقرير اختصاصه من عدمه ، في دعوى العقود الإدارية على الغاية من رفع الطلب ، فإذا كانت الغاية هي إلغاء القرار فإنه يبيح لنفسه النظر فيها ، بمعنى إذا كانت الغاية الأساسية من رفع الدعوى هي طلب الإلغاء فإن المجلس يبث فيها بنفسه و يجعلها من اختصاصه ، ففي قضية السيدة بران Bren سنة 1960 ، اعتبرت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أن العقد الذي يربط الطاعنة بالإدارة هو عقد إداري ، و أن القرارات المتخذة في تنفيذه قرارات إدارية يعود الاختصاص في إلغائها إلى الغرفة الإدارية .فموقف المجلس الأعلى في هذا الإطار يعتبر من قواعد الاختصاص التي تدخل في إطار النظام العام ، فحتى لو تضمن العقد شرطا يجعل من محاكم أخرى هي المختصة ، فإن المجلس الأعلى يبقى صاحب الاختصاص مادام هذا الشرط يعتبر خرقا للنظام العام ، كما اشترط المجلس في هذا الإطار أن يكون العقد الذي يربط الطاعن بالإدارة عقد إداري يتضمن شروط غير معروفة في العقود التي يعقدها الخواص فيما بينهم.
إن الغرفة الإدارية كانت تقبل طلبات الإلغاء بالنسبة للقرارات المنفصلة عن العقد و ترفض القرارات المرتبطة به بشكل عام.
فالبنسبة للقرارات المنفصلة عن العقد (كالتمهيد لإبرام الصفقة) يذهب المجلس الأعلى إلى أن هذه القرارات تقبل الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة و تدخل في اختصاصات المجلس الأعلى ة لا يمكن للمحاكم العادية بناء على الفصل 25 من المسطرة المدنية النظر في طلبات إلغائها ، ففي الإطار اعتبرت الغرفة الإدارية أن قرار وزير الأحباس الرافض إجراء علني لكراء بعض العقارات قرار مشوب بالشطط في استعمال السلطة (قرار رقم 313 بتاريخ 15/7/1963 شركة الأندلس ووزير الأحباس ).لقد تأثر المجلس الأعلى باجتهادات مجلس الدولة الفرنسي في هذا الإطار.
فمجلس الدولة الفرنسي الذي كان قد أخذ بنظرية القرارات الإدارية القابلة للفصل منذ قضية Martin سنة 1905 ، فمثلا لو إلغاء قرار إبعاد المقاولين بكيفية غير مشروعة عن المنافسة فإن ذلك لا يؤثر على العقد الذي أبرمته الإدارة مع مقاول آخر ، و يظل قائما و غير متأثر بالإلغاء السابق ، فحجة المجلس في ذلك أن دعوى الإلغاء لا توجه إلى العقد و لا تؤثر فيه حتى يتمسك أحد أطرافه بالحكم الصادر بالإلغاء- بناء على الحكم المطلق لحكم الإلغاء- أمام قاضي العقد، إذ ذاك يجوز لقاضي العقد أن يحكم بفسخه استنادا أنه سبق إلغاء القرارات الإدارية المنفصلة التي ساهمت في إتمام عملية التعاقد ، في حين و بالنسبة للقرارات المرتبطة بالعقد فإن القانون يعترف للمقاول بحق اللجوء إلى القضاء للمطالبة بإلغاء القرارات الماسة بحقوقه المخولة له بالعقد لأن دعوى الإلغاء لا يمكن ممارستها في محل العقود ، فالشرط الأساسي لقبولها أن يكون هناك إداري ، في حين يعتبر العقد توافق إرادتين ، كما أنه لا يمكن الاستناد إلى مخالفة الإدارة لالتزاماتها التعاقدية كسبب من الأسباب و التي تتيح طلب إلغاء القرار الإداري، لأن دعوى الإلغاء تعد جزءا لمخالفة مبدأ المشروعية ، أما الالتزامات المترتبة على العقود الإدارية فهي التزامات شخصية.
إن كان يقبل إلغاء القرارات المنفصلة و المتخذة في المرحلة التمهيدية للتعاقد فإنه يرى أن هذا الإلغاء لا يرتب فسخ العقد الذي يظل سليما و نافذا ، و إن كان بعض الفقيه يرى في ذلك مفارقة غريبة، فما فائدة إلغاء قرار غير المشروع إذا كان لا يعيد للطاعن حقه في المشاركة في المنافسة و هو ما يوجب الرقابة على الإدارة درءا للتجاوز و منعا للانحراف بالسلطة التقديرية عن غايتها.
في حين و بالنسبة للقرارات المرتبطة بالعقد فإنه القانون يعترف للمقاول بحق اللجوء إلى القضاء للمطالبة بإلغاء القرارات الماسة بحقوقه المخولة بالعقد لأن دعوى الإلغاء لا يمكن ممارستها في محل العقود فالشرط الأساسي لقبولها أن يكون هناك إداري ، في حين يعتبر العقد توافق إداري ، كما أنه لا يمكن الاستناد إلى مخالفة الإدارة لالتزاماتها التعاقد كسبب من الأسباب و التي تتيح طلب إلغاء القرار الإداري، لأن دعوى الإلغاء تعد جزء المخالفة مبدأ المشروعية أما الالتزامات المترتبة على العقود الإدارية فهي التزامات شخصية ، فإذا كانت العبرة و الغاية من رفع الدعوى هو الحصول على التعويض ففي هذه الحالة يتم اللجوء إلى المحاكم العادية التي خول لها حق النظر في طلب التعويضات التي تكون الدولة مدينة بها بمناسبة الصفقات العمومية التي أبرمتها..
قضاء التعويض ، المحاكم العادية.
حسب الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية ، فإن دور المحاكم العادية في مجال منازعات صفقات الأشغال العمومية يقتصر على جانب التعويض فقط، دون النظر في قضاء الإلغاء.
و يحدد الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية الاختصاص المحلي للمحكمة العادية ، حيث ينص على أن الدعاوي تقام حسب القواعد التالية :
"في دعاوي التعويض أمام محكمة المحل الذي وقع فيه الفعل المسبب للضرر أو أمام محكمة موطن المدعى عليه باختيار المدعي".
فالاختصاص المحلي ينعقد لمحكمة تنفيذ العقد إذا كان العقد ينفذ في عدة محلات فالمحكمة التي أبرم في دائرتها العقد أو المحكمة التي حصل في دائرة نفوذها الفعل المسبب للضرر.
وتختلف سلطات المحكمة حسب اختلاف موضوع النزاع، ففي منازعات تفسير العقد يبحث القاضي عن نية الطرفين المشتركة وفي حالة تعدد التفاسير فإنه يأخذ التفسير الذي يتماشى وروح العقد. والذي يولد أثرا يجب أن يكون في مصالح المتعاقد إذا كان حل التفسير يولد أثرا.
وفي حالة وجود تناقض بين الوثائق، فالمحكمة تعطي الأسبقية للنص الأصلي عن النسخة والمكتوب باليد قبل المطبوع والموقع أسبق من غير الموقع.
ولتقدير التعويض فالقاضي ينظر إلى الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي تنتج عن تنفيذ الأشغال موضوع التعاقد .. مع الاستعانة في تقدير حجم الضرر بالخبراء حتى يكون التعويض شاملا لما لحق المقاول منه وما فاته كسب مادي. وإن كان هناك من يطالب بالتعويض فعلى القاضي أن يأخذ بالحسبان عند تقدير التعويض العائد من رأس المال، إلا أن المعمول به هو أن القاضي لا يعوض الخسارة اللاحقة بالرأسمال.
والمحكمة مطالبة بفحص مشروعية القرار المسبب للضرر حيث تعتبر أن ذلك يخرج عن اختصاصاتها كما حدث في قضية بيير حيث رفضت المحاكم العادية بمختلف دراجاتها الحكم بالتعويض. لأن صاحب الدعوى تضرر من عمل إداري غير مشروع معتبرة ذلك إنحراف نحو الإلغاء. لكن المجلس الأعلى نقض الحكم معتبرا أن المحاكم العادية ملزمة قبل تقدير التعويض بفحص مشروعية القرار المسبب للضرر[11]. وأن عملها هذا لا يعتبر داخلا في مجال الإلغاء.
وحسب الفصل 18 من قانون المسطرة المدنية تختص المحاكم العادية كذلك بفسخ العقد، وطلب الفسخ قد يكون مصدره المتعاقد فما هو الحال في حالة القوة القاهرة أو تقليص حجم الأشغال إلى أقل من 25% من مجموع الأشغال المتفق عليها، كما أن مصدره قد يكون الإدارة بسبب توقف المقاول عن تنفيذ الأشغال مثلا.
وتجدر الإشارة إلى أن المقاول الذي يرغب في رفع التعويض أمام المحاكم العادية لابد وأن يسلك مسطرة التظلم الإداري الواردة في الفصل 21 من كناش الشروط الإدارية العامة. وشكليات الظلم الإداري التي يلزم إتباعها أمام المحاكم العادية ليست ضرورية عند رفع دعوى الإلغاء. هذه الأخيرة تنظمها النصوص الواردة في المسطرة المدنية.
ثانيا : مستجدات القضاء بعد دخول القانون 90/41 حيز التنفيذ ودور المجلس الأعلى للحسابات
1- المحاكم الإدارية
نخلص من كل ما سبق إلى توزيع الاختصاص فيما يتعلق بمنازعات العقود الإدارية كان يتم بحسب الغاية من رفع الدعوى، فإذا كانت الغاية هي الحصول على تعويض أو فسخ العقد أو تفسيره فغن الدعوى كانت ترفع أمام المحكمة الابتدائية المختصة، ولا ينظر فيها المجلس الأعلى إلا على سبيل النقض، أما كانت الغاية من الدعوى هو إلغاء القرار كانت تقام مباشرة أمام الغرفة الإدارية، إلا أن سلطاتها في الرقابة تختلف بحسب ما إذا كان القرارمنفصلا أو مرتبطا بالعقد ففي الحالة الأولى (القرارات المنفصلة) يبقى المجلس الأعلى هو المختص الوحيد للنظر في طلبات إلغائها. أما في الحالة الثانية (القرارات المرتبطة بالعقد) فإن المجلس الأعلى لا يراقبها إلا إذا كانت الإدارة قد أصدرتها بصفتها سلطة إدارية عامة مستندة إلى القوانين والتنظيمات، ولا تخضع لرقابة إلغاء القرارات المرتبطة بالعقد التي تتخذها الإدارة بصفتها طرفا في هذا الأخير.
إذا كان كل ما ورد أعلاه بنطبق على مرحلة ما قبل إنشاء المحاكم الإدارية، فإن الأمر قد اختلف بصدور قانون 41/90 المحدث لهذه المحاكم، إذ أزال حالة التردد التي طبقتها الغرفة الإدارية في مجال منازعات العقود الإدارية.
أشارت المادة 8 من القانون السابق، على أن من بين الاختصاصات الموكولة للمحاكم الإدارية، النظر في النزاعات المتعلقة بالعقود الإدارية وبذلك وضع حدا لتنازع الاختصاص بين المحاكم العادية والمحاكم الإدارية، فهو بالتالي أتاح الفرصة لتطبيق نظريات قد لا تتسع لها قواعد القانون المدني.[12]
وبما أن الصفقات العمومية هي عقود إدارية حسب مقتضيات المادة الثالثة من مرسوم 30/12/1998 فإن النزاعات المثارة بشأنها تدخل في ولاية القضاء الشامل للمحاكم الإدارية، أما ممارسة دعوى الإلغاء فتكون بشكل استثنائي عندما يتعلق الأمر بالطعن في قرارات منفصلة.
وبصفة عامة فإن القضاء ويبقى الملاذ الأخير الذي يلتجئ إليه المقاول للحصول على حقوق إلا أنه رغم الأهمية التي يكتسيها القضاء في ضمان حقوق المقاولين فإننا نجد أنه لازال مختلفا في رقابته للصفقات العمومية بالقياس إلى غيرها من موضوعات العقود الإدارية. وكان من نتائج ذلك "... أنغال المقاولون في تقدير الأسعار وأبرموا الاتفاقيات السابقة فيما بينهم ولجأوا إلى التقصير في تنفيذالتزاماتهم وأشبعوا بروح إجرائية تستهدف تفسير نصوص العقد بما يجعله أكثر استجابة لمصالحهم وعملت الإدارة من جانبها على زيادة جو عدم الثقة وعلى حماية نفسها بالحق والباطل أحيانا في مواجهة كافة المنازعات التي يثيرها المتعاقدون[13] ..."الأمر الذي أدى إلى زيادة توتر العلاقة بين الإدارة والمقاولين، وهو توتر يجعل الكثير من المقاولات ينفر من التعاقد مع الإدارة.
ولتشجيع المقاولين على سلوك مسطرة التقاضي والابتعاد عن الطرق غير المشروعية، لابد للإدارة أن تحترم قرارات المحكمة وتلتزم أدبيا بتنفيذها كما يجب إعادة النظر في بطء إجراءات التقاضي التي غالبا ما ينزعج منها المقاولون لأنها تضيع عليهم حقوقهم بسبب استغراق الدعوى وقتا طويلا من يوم رفعها إلى يوم صدور الحكم فيها.
وتختم هذا الباب بالقول أن الحد من الصراع المصلحي بين الإدارة والمقاول يتطلب بالإضافة إلى إعادة النظر في جميع وسائل الرقابة – خلق التوعية وتغيير عقليات بعض المسؤولين في الإدارة والمقاولين في نفس الوقت، ليعرف الجميع أن صفقة الأشغال العمومية هي عقد قائم على التوازن وتوزيع الأعباء بين طرفيه، ويعرف أن علاقة المقاول بالإدارة ينبغي أن تحكمها الثقة الكاملة وروح التفاهم، وأن التعاقد ليس عدوا يهدف إلى تحقيق مصالحه الأنانية بل هو مشارك ومساهم في تحقيق المصلحة العامة، إن الأمر يتطلب وضع دليل تعطى فيه تعليمات ونصائح وإرشادات بسيطة حول الدراسات التصورية للمنشأة، ووسائل إنجاز الأشغال وإبرام الصفقات وتنفيذها وكيفية حل المنازعات سواء بالطرق الحبية أو تقديم التظلمات الإدارية أو الطعون القضائية.[14]
كما ينبغي تضخيم مسؤولية مصلحة الصفقات وذلك بتعيين مسؤول واحد لكل صفقة يستمر في تحمل المسؤولية من بداية الأشغال إلى نهايتها مع ضرورة أن يكون هذا الشخص متوفرا على صفات الخبرة الواسعة والوعي اللازم.
2- المجلس الأعلى للحسابات
إن إنشاء مجلس أعلى للحسابات[15]، يكتسي أهمية كبرى في رقابة صفقات الأشغال العموميةعند بداية نشاطه، لأنه الجهاز الأساسي الذي سيراقب كيفية تسير الأموال العامة وسيشكل وسيلة فعالة لمنع تحكم الإدارة وحملها على مراعاة الصالح العام والحرص على استخدام عقلاني واقتصادي للأموال العامة.
وأهمية المجلس الأعلى للحسابات تكمن في كونه لا يقتصر على مراقبة مشروعية الأداءات بل يمتد لفحص جميع الوثائق والتصاميم والخرائط وملفات العروض، وبذلك تمتد رقابته إلى صفقات الأشغال والتأكد من تحقيق الأهداف المرسومة لها.
ويتمتع المجلس الأعلى بعدة وسائل مهمة لممارسة رقابة فعالة خصوصا بعد رقية إلى مؤسسة دستورية حسب دستور 1996[16].
عن كل محاسب عمومي ملزم بتقديم البيانات اللازمة عن تسيير الأموال العمومية إلى المجلس الأعلى عن طريق الخازن العام كل ثلاثة أشهر، ويتولى المجلس فحصها (الفصل 25 من الظهير وما بعده) والتأكد من حسن تسيير الأموال المذكورة ومدى تحقيق الأهداف المقررة والوسائل المستعملة (الفصل 71).
إن القضاة المقررون أثناء التحقيق يمكنهم الاستعانة بالخبراء والمختصين سواء كانوا تابعين للمجلس أو تابعين لإدارات أخرى عامة أو خاصة لمساعدتهم على أداء مهمتهم (الفصل 22 ، 21 من الظهير).
وجود جهات كثيرة تستطيع أن ترفع القضايا إلى المجلس الأعلى للحسابات.
اتساع نطاق المراقبة التي يمارسها المجلس، فمراقبته تشمل كل المصالح التابعة للدولة والجماعات المحلية وهئآتها والمؤسسات العامة والمقاولات المخولة الامتياز في مرفق عام أو المعهود إليها بتسييره، والمقاولات التي تملك فيها الدولة أو جماعات محلية أو مؤسسات عامة مساهمة تعادل أو تفوق ثلث رأسمال (الفصل 72 من الظهير) لأن المهمة المسندة إليه والنطاق الواسع الذي تشمله رقابته يتطلب تعيين عدد كبير من القضاة والموظفين وتكوين عدد من الخبراء والمختصين.
وعلى كل حال فإن المجلس لم يبدأ نشاطه إلى حد الآن ولا تزال صفقات الأشغال العمومية في منأى عن كل رقابة فعالة، تنعكس على مدى مساهمتها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لكن رغم هذه الآليات ورغم الصلاحيات التي يتوفر عليها المجلس الأعلى للحسابات مازال دوره هشا وذلك لأنه للحسابات مايزال منهمكا في مراقبة ميزانيات الدول لسنة 1994 أي بتأخر 6 سنوات مالي على المستوى المطلوب.
الفقرة الثانية : المراقبة الإدارية
هي أساسا مراقبة ذاتية، لا يكون فيها تدخل ببقضاء. فهي تلقائية لا حاجة لحصول أي تظلم بحيث تراجع الإدارة نفسها بنفسها قصد إلغاء ما هو غير مشروع. وقد تكون هذه المراقبة صادرة عن الإدارة المعنية بالصفقة وقد تكون صادرة من إدارة أخرى. فهي بذلك داخلية أو خارجية.
أولا : المراقبة الداخلية
المراقبة الداخلية إما أن تكون مراقبة رئاسية مباشرة أو أن تكون مراقبة يستعين فيها الرئيس بجهاز يتكون من مفتشين تابعين له.
فالمراقبة الأولى هي مراقبة كلاسيكية، تعتبر دائمة ومستمرة ومباشرة، فبواسطتها يصدر الرئيس لمرؤوسه التعليمات والإرشادات اللازمة للسير العادي والمضطرد لمصالحه الإدارية وبالتالي يعمل على حسن تدبير وسير المرفق العمومي بما في ذلك المصالح المختصة بتدبير ومراقبة الصفقات العمومية.
ويمكن للرئيس أن يقوم بإصدار جزاءات تأديبية كلما ارتأى ذلك ضروريا بمناسبة ارتكاب بعض الأعوان والموظفين لمخالفات من شأنها المساس بالنظم القانونية للضامنة لحسن سير المرفق العام. فهذه المراقبة يومية وتدخل في صلب المهام للموكولة لكل رئيس، وتمارس يتقنية السلم الإداري
أما المراقبة الثانية وهي تلك التي يستعين فيها الرئيس بجهاز متخصص بعمليات التفتيش. والذي ينتقل إلى كل أرجاء البلاد على مدى اتساعها من أجل اختصار البعد الجغرافي بين سلطة التقرير في الإدارة المركزية ومن يعمل على تنفيذ في المصالح الخارجية. ويلاحظ أن المفتشيات على ثلاث أنواع : مفتشيات إدارية وأخرى تقنية وثالثة مختلطة.
وتلعب المراقبة الداخلية دورا مهما في ردع مخالفات الإدارة وتحقيق الصالح العام، وتتمتع بكثير من الفوائد والمزايا، منها أنها قليلة الشكليات، سريعة، غير مكلفة، شاملة، تمتد إلى مجال الملائمة، وتمتاز بالدوام والاستمرار. وهي مراقبة مفروضة يمارسها الرئيس بقوة القانون دون حاجة لوجود نص يأمره بها، مادام هو المسؤول الأول عن شؤون المرفق. وهي تحول دون قيام الكثير من المنازعات وتخفف العبء على المحاكم مما يستدعي اللجوء إليها.[17]
وكما رأينا سالفا ودعما للشفافية وخدمة للتنمةي، فإن كل مشروع صفقة ينبغي أن يكون موضوع تقرير يتضمن طبيعة ومغزى الحاجات التي يجب البلوغ إليها، وعرض للحالة المالية العامة للصفقة، وأسباب اختيار طريقة الإبرام، وإلى ما في حكم ذلك، قصد التحقق من الأهداف المرسومة للمشروع ومدى التسيير الجيد للإدارة بصفة عامة.
ولاجتناب إرضاء الذات ومحاربة التسعفات التي لا يمكن ردعها إلا بوسائل أخرى فإن هنالك مراقبة خارجية تعد أكثر صرامة ومصداقية.
ثانيا : المراقبة الخارجية
هذا النوع الثاني من المراقبة يمكن دراسته من خلال المراقبة التي تقوم بها وزارة المالية وتلك الموكولة إلى لجنة الصفقات.
أ- مراقبة وزارة المالية
هذه المراقبة تبدأ في مرحلة قيام العقد الخاص بالصفقة وتنتهي بتصفية الحساب تتعلق الأولى بحضور ممثل وزارة المالية في لجنة اختيار المتعاقد والثانية عند وضع التأشيرة من أجل تسديد الحساب.
فبخصوص المراقبة الأولى وطبقا لمقتضيات المادة 34 من مرسوم 5 فبراير 2007 فإن حصور ممثل عن الخزينة العامة واجب ضمن لجنة طلب العرةض، حيث لابد من احترام المقتضيات القانونية والاعتمادات المتضمنة بميزانية الإدارة المعنية، والتأكد من أن المنافسة تجري في ظروف حسنة. أضف إلى ذلك أنه بالنسبة للصفقات التي تعادل أو يفوق مبلغها 30000000 درهم، فإنه يتم استدعاء ممثل عن الوزارة المكلفة بالمالية.[18]
أما فيما يخص المراقبة الثانية فإنه يمارسها المراقب المالي في مجال الصفقا العمومية من خلال تأكده أن الإدارة المعنية قد احترمت مسطرة إبرام العقد والمدد القانونية التي تفرضها مسطرة التعاقد. كما يتأكد قبل وضع تأشيرته من صحة الاسم العائلي والشخصي للمتعاقد إذا كان شخصا طبيعيا والاسم التجاري والمقر الاجتماعي وممثله إذا كان شخصا معنويا. كما يراقب محل الصفقة وما إذا كانت مطابقة لما جاء في الإعلان عنها، ويتأكد من صحة الوثائق المرفقة حتى يتجنب أي نزاع يمكن أن يحصل لاحقا. وأثناء تسديد الأقساط يتأكد المراقب المالي من كون النفقات قد صرفت من اعتماد متوفر، وأن نوعها مطابق لباب الميزانية المقترح اقتطاعها منه، وأنها مقدرة بكيفية صحيحة وكونها مشروعة بالنسبة للقوانين والأنظمة. ويتحقق المراقب المالي أيضا من كون الالتزام المقترح يتعلق حقيقة بمجموع النفقة التي تلتزم الإدارة باقتطاعها طيلة السنة.[19]
إن عمل المراقب المالي يعتبر جوهريا في الحفاظ على المال العام من التسيب. إلا أن المدة التي خولها القانون لهذا الأخير (خمسة عشر يوما) للإدلاء بملاحظاته حول مشاريع الصفقات تعتبر غير كافية نظرا لكثرة الملفات والمهام المنوطة به، وإذا ما مضى هذا الأجل ولم يضع تأشيرته فيتعبر ذلك وكانه موافقة ضمنية.[20]
وفي الأخير تجدر الملاحظة أن مصلحة مراقبة الالتزامات بالنفقات تتميز بضعف في بنيتها الإدارية، حيث لا تتوفر إلا على موظفين صغار وكتبة هم الذين يتكلفون بفحص الملفات، وينحصر دور المراقب المالي في وضع التأشيرة. وكون هذه المصلحة ليست مختصة فقط بمراقبة الصفقات بل تشمل مراقبتها جميع النفقات مهما كان نوعها وأحسانا تتكلف مصلحة واحدة بممارسة المراقبة على إدارات متعددة. مما يجعل الملفات كثيرة ومتكدسة تصعب معها أية رقابة جدية. الأمر الذي يجعل مراقبة الالتزامات بالنفقات غير ذات جدوى إلى حد كبير.[21]
ب - مراقبة لجنة الصفقات
دائما وفي إطار المراقبة الإدارية من خارج الهيئة العمومية المعنية بالصفقة نجد مراقبة تهتم أساسا بالصفقات المهمة وتمارس من طرف لجنة الصفقات التي تم احداثها منذ سنة 1936 بمقتضى قرار مقيمي. لكن دورها كان دائما يعرف نوعا من الفتور وذلك رغم إعادة تنظيمها بمقتضى مرسوم صدر بتاريخ 27 يونيو 1957. ولقد أعيد تنظيم هذه اللجنة بعد إصدار مرسوم ثان بتاريخ 30 دجنبر 1975 الذي إعاد النظر في تكوينها واختصاصاتها.
1- تكوينها :
تتكون اللجنة من 12 عضوا لهم صوت تقريري وفي حالة الضرورة ينضاف إليها أعضاء أخرين يمكن أن يكونوا خبراء أو تقنين أو موظفين حسب ما تتطلبه الاجتماعيات والحاجة، لكن يكون لهم دور استشاري فقط.
والأعضاء الرسميون يتشكلون من الرئيس ونائبه واللذان يعينان من طرف الوزير الأول، وممثلين للوزارات التالية : التخطيط، التجهيز، السكنى، الفلاحة، التجارة والصناعة، وكذا الخازن العام والمراقب العام للالتزامات بالنفقات ورئيس مصلحة التشريع بالأمانة العامة للحكومة أو من يمثلهم. كما تتوفر اللجنة على كتابة دائمة ذات اختصاصات محددة ويسيرها موظف تعيينه من طرف الأمين العام للحكومة ويعمل تحت سلطة الرئيس.
2- الاختصاصات :
هي نوعان : اختصاصات تتعلق باللجنة ذاتها واختصاصات تقوم بها الكتابة الدائمة.
فاختصاصات اللجنة يمكن إجمالها في حل النزاعات المتعلقة بمسطرة إبرام الصفقات، حيث لفض الخلافات التي تقوم أساسا بين مصالح مراقبة الالتزامات بالنفقات والهيئات العمومية، ولا سيما بخصوص تفسير بعض المقتضيات القانونية. كما أنها مدعوة للعمل على تطوير مشاريع النصوص القانونية المتعلقة بالصفقات وحل المشاكل العلقة بها. كما تقوم بتقديم اقتراحات للمساهمة في حسن سير مصالح الصفقات والبرامج الهادفة إلى تكوين الموظفين العاملين بها، وتعتبر مداولاتها سليمة وصحيحة بحضور ثلثي أعضائها.
أما الاختصاصات الموكولة إلى الكتابة الدائمة، فتتجلى أساسا في إحصاء الصفقات العمومية، حيث تتوصل الكتابة بجدادات تقوم بتعبئتها جميع الإدارات المعنية. هذه العملية تمكن من تتبع التطورات الحاصلة في هذا المجال وتأثيرها على الاقتصاد الوطني، كما تمكن من معرفة أنواع الصفقات المبرمة وطرقها ومبالغها، ومقارنة الأثمان ومعرفة المقاولات المتعاقدة في كل قطاع على حدة. مما يسهل القيام بدراسة عامة وشاملة وإعطاء معلومات دقيقة لكل المهتمين من إدارات ودراسين ومهنيين. إلا أنه من الملاحظ رغم الإصلاح الذي أدخله مرسوم 1975 على لجنة الصفقات لا يزال مردود هذه المؤسسة قليل الفعالية كما وكيفا بسبب ضعف إمكانياتها المادية والبشرية، فهي لا تستطيع جمع المعلومات الضرورية وتحليلها ومعالجتها وتوزيعها.[22]
ويعزى هذا النقص في أداء المهام من جهة إلى كون أعضاء اللجنة غالبا ما يكون حضورهم صوريا دون مشاركة فعالة في الاجتماعيات التي تعقد مرة كل اسبوع ونظرا لعدم توفرهم على التخصص اللازم. ومن جهة أخرى لكون لجنة الصفقات لا تتوفر على الوسائل المادية والبشرية الضرورية وكذا على ميزانية مستقلة، إذ تبقى اعتماداتها جزء من ميزانية الأمانة العامة للحكومة.
كما يلاحظ كذلك على المستوى الإعلامي أن هذه اللجنة لا تقوم بالأدوار المنتظرة منها. فهي لم تسهم في تنظيم ملتقيات وموائد مستديرة منذ صدور المرسوم الجديد (30 دجنبر 1998) تسمح لجميع الفعاليات المهتمة بمجال الصفقات سواء من داخل الإدارة أو من خارجها بإغناء النقاشات في الميدان.
لدى نرى من اللازم إعادة النظر في ظروف عمل هذه اللجنة وذلك بإعادة بناء هيكلها التنظيمي وتوسيع مجال تدخلها وجعلها قادرة على استيعاب مختلف القضايا والمشاكل المطروحة عليها، ولا يتم ذلك إلا يتزويدها بامكانيات ووسائل بشرية ومالية تمكنها من تسهيل عملها.[23]
وقد حققت لجنة الصفقات، رغم ضعف الامكانيات المتوفرة لديها بعض الإنجازات كخلية للدراسات والبحث، حيث عملت على إدخال بعض التعديلات الخاصة بمراقبة الالتزمات بالنفقات والقانون المنظم للصفقات العمومية (1976 1998)، كما قامت اللجنة بمراجعة وتحسين دفتر الشروط الإدارية العامة للأشغال وإنجاز دفتر الشروط الإدارية العامة للتوريدات.[24]
وعلى عكس لجنة الصفقات المغربية، فإن اللجنة المركزية للصفقات بفرنسا تتمتع باختصاصات واسعة في مراقبة الشراءات العمومية، فهي لجنة مشتركة بين الوزارات تابعة لوزارة المالية والاقتصاد وتنبثق عنها خمسة لجن، كل واحدة متخصصة في ميدان معين :
v لجنة صفقات الأشغال العمومية
v لجنة صناعة الطائرات والأسلحة
v لجنة الاتصالات والصناعة الإلكترونية
v لجنة المعلوميات
v لجنة التموينات العامة
ولا تهتم اللجنة المركزية للصفقات بفرنسا إلا بالصفقات الخاصة بالمشاريع الكبرى حيث قامت سنة 1993 بمراقبة 3179 صفقة بمبلغ 81 مليار فرنك فرنسي. وإن كانت هذه الأرقام لا تشكل سوى 5% من مجموع عدد الصفقات العمومية لكنها تمثل 70% من مبلغها الاجمالي.كما تقوم اللجنة بإحصاء الصفقات العمومية كل سنة وتحليلها وترتيبها حسب طرق الإبرام وطبيعة الموارد والأشغال الخاصة بها، قصد دراسة المشاكل التي تطرحها وبالتالي تحسين تدبيرها. كما ساهمت اللجنة سنة 1993 في تكوين العاملين بمصالح الشراءات العمومية (30 ألف يوم) وذلك بتنظيم ندوات ودورات تكوينية.[25]
إلى جانب اللجنة المركزية للصفقات بفرنسا يتواجد جهاز آخر لا يقل أهمية عنها مختص في تسوية المنازعات التي يمكن أن تنشأ بين الإدارات العمومية والمتعاقدين معها. يظم عناصر متنوعة تنتمي إلى محكمة الحسابات ومجلس الدولة وموظفين إداريين كبار، إلا أن قراراته غير ملزمة لأطراف النزاع رغم أن الحلول التي يعطيها هذا الجهاز قد تكون من الأهمية بمكان نظرا لتكوينه المتميز.
أما في المغرب، فإن المتعاقد مع الإدارة على إثر صفقة عمومية وفي حالة نزاع مع هذه الأخيرة لا يجد أمامه، إذا ما أراد حلا توافقيا، إلا أن يلجأ إلى تقديم تظلم إداري والذي ينبغي أن يتم عبر مرحلتين.
ففي المرحلة الأولى يقوم المتعاقد بتقديم تظلمه أمام صاحب المشروع خصوصا إذ تعلق الأمر بنزاع حلول المواد المستعملة أو جودة التوريدات أو أي عيب في الإنجاز. حيث يتقدم بملاحظاته داخل أجل خمسة أيام، وفي المقابل يملك صاحب الشمروع أجلا للرد، تصل مدته إلى شهرين من يوم توصله بالتظلم[26] وإذا لم يتم انصافه فعلى المتعاقد في المرحلة الثانية أن يتقدم إلى الوزير المعني بالأمر بمذكرة تتضمن احتجاجاته ومطالبه، بواسطة رسالة مضمونة مع الاشعار بالاستلام داخل أجل الثلاثة أشهر الموالية[27]. وإذا لم يتوصل بأي جواب في الموضوع داخل مدة ثلاثة أشهر أخرى فإن ذلك يعتبر رفضا ضمنيا ولا يبقى أمامه إلا القضاء للمطالبة بحقوقه.
إضافة إلى ما سبق ذكره وفي إطار المراقبة الإدارية، فقد نص المشرع في الباب السابع من المرسوم الجديد (5 فبراير 2007) على تجليات المراقبة الداخلية التي تمارسها مختلف الأجهزة الإدارية وتتعلق أساسا :
Ø بنشر البرامج التوقعية حيث يتعين على الآمرين بالصرف القيام بذلك خلال الثلاثة أشهر الأولى من كل سنة على سبيل الإعلام في جريدة وطنية واحدة وفي بوابة صفقات الدولة.
Ø الإشراف المنتدب على المشروع والذي تقوم به إما إدارة عمومية أو هيئة عمومية بناء مقرر للوزير الأول بعد استشارة الوزير المكلف بالمالية.
Ø تقرير تقديم الصفقة والذي يبين طبيعة ومدى الحاجيات المراد تلبيتها والأسباب الداعية إلى اختيار مسطرة إبرام الصفقة، ومبررات اختيار مقاييس انتقاء التشريحات وتقييم العروض، ومبرر اختيار نائل الصفقة. مع عرض حول الاقتصاد العام للصفقة وكذا مبلغ تقديرها. أما فيما يتعلق بالصفقات التفاوضية فيبين مبررات الأثمان المقترحة.
Ø تقرير انتهاء الصفقة والذي يهم الصفقات التي يتجاوز مبلغها مليون درهم.
Ø الشخص المكلف بتتبع تنفيذ الصفقة.
Ø المراقبة والتدقيق الداخليين حيث تكون إجبارية بالنسبة للصفقات التي يتجاوز مبلغها 5000000 درهم.
كل هذه الإجراءات تعتبر بحق تكريسا وتجسيدا للرقابة الذاتية القبلية والآتية والبعدية.[28]
المبحث الثاني : الصفقات العمومية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
تلعب الصفقات العمومية دورا مهما في الاقتصاد الوطني، فوظيفتها لا تكمن فقط في تلبية الحاجيات الآنية للإدارة العمومية، بل تؤثر في مختلف القطاعات الاقتصادية فهي إذن وسيلة لتوجيه الاقتصاد الوطني والعمل على تطويره حتى يمكنه أن يرقى إلى مستوى يجعله منافسا على الصعيد العالمي.هذا بالإضافة إلى أن دور الصفقات العمومية خاصة صفقات الأشغال والبناء توفر فرص للشغل كبيرة مما يتحقق معها التنمية الاجتماعية.
وتلعب المقاولات الخاصة دورا أساسيا في تحقيق التنمية بالمفهوم السابق لأنها تمثل وحدات انتاجية يقوم الأفراد بتشغيلها وتوفر خدمات وأشغالا أساسية، وتساهم مساهمة فعالة في تنفيذ مخططات التنمية المعتمدة في الدولة، نظرا لما يتطلبه هذا التنفيذ في حجم اقتصادي ومن تقدم تقني وإداري ومهارات تجارية، وتقوم المقاولات بتحديث الاقتصاد، وتيسير التفتح على المجالات الاقتصادية والتقنية الجديدة، وتساعد على انتقال الدولة من التخلف والركود الاقتصادي إلى مرحلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.[29]
المطلب الأول : دور المقاولات الصغرى والمتوسطة في تحقيق التنمية الاقتصادية.
كمحاولة للإحاطة بمدى مساهمة المقاولات الصغيرة منها والمتوسطة في تحقيق التنمية، يتوجب علينا أولا البحث عن الصعوبات التي تقف أمام هذه الوحدات الانتاجية (الفقرة الأولى) ثم البحث حول سبل تأهيل هذه المقاولات ودور الصفقات العمومية في تنميتها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : ضعف مساهمة المقاولات الصغرى والمتوسطة في تحقيق التنمية
إذا كانت المقاولة الوطنية تعتبر شريكا أساسيا في ميدان الصفقات العمومية، وذلك في إطار سعي السلطات العمومية المغربية نحو تأهيل الاقتصاد الوطني والرفع من قدراته التنافسية[30] فان المقاولة الصغرى والمتوسطة لم تحض بأي امتياز يذكر من طرف المشرع المغربي في قانون 5 فبراير 2007، ولم يفرد لها أي بند يمنحها أولوية على المقاولة الكبرى الوطنية، رغم أنها تشكل نسبة غالية في النسيج الاقتصادي المغربي وتختزن عددا كبيرا من اليد العاملة مما يجعل بإقصائها في كل مناسبة لنيل الطلبيات العمومية.
وإذا كان التنظيم القديم للصفقات العمومية (مرسوم 1976) يلزم المقاولات الوطنية بضرورة الالتزام أمام صاحب المشروع بالشراكة والتضامن فإن التنظيم المالي (مرسوم 1998 ومرسوم م 2007) لا يلزمها إلا بعنصر الشراكة، حيث يكون أحد الأعضاء وكيلا لباقي الأعضاء الآخرين وممثلا لهم إلى غابة الاستلام النهائي للأشغال أو التوريدات.
ويظهر في ذلك أن هذا الإجراء يهدف إلى تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة (P.M.E) على التكتل والتجمع والتضامن من أصل نيل الصفقة، وعيا بأهمية التكتل والتجمع في توفير حظوظ قوية وإمكانات هائلة، وبالتالي تفادي استبعادها من المشاركة في التنافس على الصفقة تحت ذريعة ضعف مؤهلاتها البشرية والتقنية والمالية.[31]
ولقد ظهر في السنوات الأخيرة نوع من احتكار صفقات الدولة من طرف مقاولات محدودة، ربطت علاقات خاصة ببعض المسئولين في الإدارة، وتم ذلك على حساب المقاولات الصغرى والمتوسطة الأمر الذي أدى بالفعل إلى المناداة بجعل المنافسة في كل صفقة مقتصرة على المقاولات التي يوجد مقرها في منطقة الإنجاز ونادي البعض بإعفائها من تقديم الكفالة العالية لأن نظام الضمانات ليس كافيا لتشجيعها نظرا لضعف مؤهلاتها المالية ولافتقارها إلى دعم المؤسسات التمويلية.[32]
وإذا كان قانون الصفقات الحالي قد أقر نظام التعاقد من الباطن[33]، فإن المشرع ترك هذا النظام غامضا وعاما، ولم يكلف نفسه عناء تنظيمه تنظيما دفيفا، رغم مساهمة هذا النظام في تنمية القدرات التقنية والمادية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، بل إن المشرع ذهب إلى أبعد من ذلك حيث فرض بعض الإجراءات الإدارية المعقدة، ساهمت في حرمان هذا النوع من المقاولات في ولوج ميدان الصفقات العمومية مما جعلها عاجزة أمام مطرقة المقاولات الكبرى، التي تحتكر السوق لوحدها، وسندان الروتين والحواجز الإدارية الشيء الذي يجعل المقاولات الصغرى في منأى عن أي حماية قانونية.[34]
ويبدو واضحا أن هاجس تمكين المقاولات الصغرى والمتوسطة من المشاركة في إنجاز بعض الخدمات في إطار الصفقة هو الذي كان محل اعتبار السلطات الحكومية التي تسعى جاهدة إلى ضمان إنخراط فعال للمقاولة الوطنية في مسلسل النماء الاقتصادي للبلاد، وبذلك فتقنية التعاقد من الباطن تعد وسيلة لإنعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة بعدما أثبت التجارب أن المقاولات الكبرى غالبا ما تستحوذ على سوق الصفقات العمومية المعروضة على المنافسة نظرا لما تتوفر عليه من إمكانيات تقنية ومالية مقابل مقاولات صغرى ومتوسطة لا تستجمع نفس الشروط والمؤهلات، وبالتالي من المتوقع أن يكون لهذه الإمكانية تأثير إيجابي على المقاولة الوطنية التي سيكون بإمكانها الاستفادة من إنجاز بعض الأشغال والخدمات في إطار صفقات الدولة على الرغم من محدودية إمكانياتها التقنية والمادية والتي قد لا تتناسب مع قيمة وحجم الصفقة.
وبين هذا وذاك، يبقى دعم الدولة للمقاولات الصغرى والمتوسطة ضروريا لتمكينها من الدفاع عن حظوظها في المشاركة في الطلبات العمومية وهذا ما تجلى في قيام الحكومة المغربية بوضع ميثاق وطني للمقاولات الصغرى والمتوسطة، بعدما طفت على السطح بعض الصعوبات التي تحول دون حصول المقاولات الصغرى والمتوسطة على الصفقات موضوع التنافس، نظرا لمحدودية قدراتها وتواضع إمكانياتها أمام القوة التنافسية التي تتمتع بها المقاولات الكبرى.[35]
دون أن ننسى العمل الجاد الذي يجب أن تقوم به هذه المقاولات في سبيل تطوير مهارتها التقنية، وتحسين جودة خدماتها والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.[36]
الفقرة الثانية : تأهيل المقاولات الصغرى والمتوسطة والصفقات العمومية في تنميتها
تلعب المقاولات الخاصة دورا هاما في التنمية وفي تفجير الطاقات الكامنة داخل المجتمع فهي وحدات إنتاجية توفر أشغالا وخدمات أساسية، وتقوم بتحديث الاقتصاد وتقدم الدولة، حيث تساهم بانتقالها من مرحلة التخلف إلى مرحلة النمو الاقتصادي والاجتماعي، إلا أن هذه المساهمة تقف في وجهها أحيانا بعض العراقيل والمعوقات، ذلك أنه يلاحظ من تتبع نشاط المقاولات في المغرب أن هذه الأخيرة لم تستفيد إلا بكيفية ضئيلة من النفقات المرصودة للتجهيز، فلم تحظ المقاولات الوطنية إلا بنسبة تتراوح ما بين 30% و 40% من صفقات الدولة، وكانت المقاولات الصغرى أكثر تضررا لأن إمكانياتها المتواضعة تجعلها لا تستطيع الصعود أمام المنافسات الكبيرة، رغم أنها تشكل الأغلبية الساحقة في عدد المقاولات الوطنية، ويعود هذا الغبن إلى كون نظام الصفقات (لسنة 1976 ومعه مرسوم 1998) قد سعي بكيفية أساسية نحو تحقيق الجودة.[37]
ولا شك أن النهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة لا يمكن أن يتم إلا إذا أعطيت لها الأسبقية في بعض الصفقات مع تسهيلات أخرى كتمكينها من القروض بفوائد ضئيلة وتبسيط مسطرة الأداء وتمديد آجال تنفيذ الأشغال وتخفيض عتبة القدرة المالية المطلوبة وتوفير الحماية القانونية والتنظيمية حتى لا يقع استغلالها من طرف المقاولات الكبرى عند التعاقد معها من الباطن كان تؤدي الإدارة الأقساط المستحقة لها مباشرة دون وساطة.
ولا شك أيضا أن النظام التعاوني سيؤدي دورا أساسيا في النهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة لو وقع تعميمه في قطاع البناء والأشغال العمومية وسيساعد المقاولات المذكورة على القيام بمهمتها الأولى، ألا وهي المساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.[38]
لذلك أصبحت المقاولة الخاصة شريكا أساسيا في ميدان الصفقات العمومية، وذلك في إطار سعي السلطات العمومية المغربية نحو تأهيل الاقتصاد والرفع من قدراته التنافسية،[39] وقد تجسد ذلك بوضوح من خلال الأهمية الخاصة التي يوليها المرسوم الجديد للمقاولات الوطنية، وذلك لتمكينها من المساهمة في أداء الخدمات العامة عن طريق الصفقات التي تبرمها مع الإدارة.
إن المكانة الخاصة التي أصبحت تحظى بها المقاولة الخاصة، كما تقضي بذلك المادة 77 من مرسوم 30 دجنبر 1998 إذ يسوغ للإدارة أن تضيف نسبة مائوية قد تصل إلى 15% إلى مبالغ العروض المقدمة من طرف المقاولات الأجنبية و ذلك طبعا من أجل منح أفضلية للمقاولات الوطنية وتقوية الجانب الحمائي لهذه الأخيرة،[40] وتجاوز للوضع الذي كرسه مرسوم 1976 الذي كان يسوي في المعاملات بين جميع المقاولات مهما كان حجمها، وبذلك لم تتمتع في إطاره المقاولات الصغرى والمتوسطة بأي نظام تفضيلي.[41] ومعلوم أن حق الأفضلية "droit de préférence" يستند على رغبة الدولة في منح مواطنيها إمكانية جني شعار التنمية الاقتصادية التي سنعود في النهاية بالنفع على الاقتصاد الوطني.[42]
إن مسألة تأهيل المقاولة المغربية وبالخصوص الصغيرة والمتوسطة بات يرددها الجميع، لكن لا أحد يعرف كيفية تدبير مسارها، ولكي تستفيد هذه المقاولة من دعم السلطات يجب عليها الإدلاء بهذا التعريف حتى تتمكن من المنافع التي يخولها إياها القانون، والتي تتمثل في مساعدتها على إعداد المشروع وإنجازه، والمساندة المقدمة للمقاولة، وتعتبر هذه الاستفادة نظرية وصورية لأن معظم المقاولات الصغرى والمتوسطة ببلادنا تعمل في قطاع غير مهيكل.، وتعرف نقص في الأطر وفي التمويل الذاتي علاوة على ضعف استعمال الوسائل الحديثة للإنتاج. فمن واجب الدولة أن تفكر أولا في تنظيمها بشكل يضمن تقدمها وأن تقدم لها الدعم اللوجيستيكي والمادي وأن تمنحها تسهيلات أخرى كالإعفاءات الضريبية والتوجيه والتكوين اللازم، للارتقاء بها إلى مستوى يضمن لها الاستمرارية ويجب على الأبناك أن تساعدها بالقروض.
فالنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة شرط ضروري لتحقيق إقلاع اقتصادي واجتماعي، وخصوصا الجهوي لأن كل جهة تحتوي على موارد وثروات تمكنها من تحقيق تنميتها. ففي فرنسا وعلى غرار الكثير من الدول المتقدمة، توجد وزارة مستقلة بذاتها تدعى وزارة المقاولات الصغرى والمتوسطة. فعلى الدولة المغربية. إعطاء المزيد من الأهمية لهذه الوحدات الإنتاجية، خاصة وأنه تبين أن هذه الأخيرة لها أفكارها واهتماماتها الخاصة. وإبقائها خارج دائرة الضوء سيشكل خسارة كبيرة لاقتصاد الوطني، لأن الانتشار الواسع لها يمكن أن ينتج عنه تكوين طبقة من الرأسماليين الوطنيين وبالتالي قد يكون لها تأثير سياسي واجتماعي بالغ الأهمية. كما أن تحديات العولمة والتبادل الحر وشبح اقتصاد السوق يفرض عليها كسب الرهانات التي تنتظرها والصمود أمام خطورة الوضع الذي سيسود العالم ابتداء من سنة 2010.
وفي الختام يتضح أن خلق وتنمية المقاولات الصغرى والمتوسطة ومنحها التسهيلات الضرورية والتمويل الكافي من شأنه أن يعمل على رفع مستوى الإنتاج وبالتالي خلق فرص الشغل التي أصبحت البلاد في أمس الحاجة إليها. ولذلك يجب أن تتضافر الجهود سواء من طرف أشخاص القانون العام (دولة – جماعات محلية – مؤسسات عمومية) أو من طرف القطاع الخاص (البنوك والمؤسسات المالية والائتمانية) لكسب هذا الرهان.
كذلك أنه من شأن إشراك المقاولات الصغرى والمتوسطة في تنفيذ الصفقات العمومية سيساهم في الحفاظ عليها وعلى تماسكها لأنه يعني أساسا استثمار رأسمال وطني هائل يمكن الاستفادة منه كثيرا. فهي تشغل يد عاملة مهمة تمثيل قوة لا يستهان بها ولها دور كبير في إنعاش الرواج الاقتصادي، وبالتالي ستكون الاعتمادات المرصودة لإقامة التجهيزات قد ساهمت كذلك في ازدهار الاقتصاد الوطني والتنمية الاجتماعية.
المطلب الثاني : الصفقات العمومية والتنمية الاجتماعية
إذا كانت الصفقات العمومية تلعب دورا مهما في الاقتصاد الوطني وتعتبر محرك أساسي للاستثمارات، فالنتيجة الحتمية لها هو خدمة الصالح العام والمواطن ويكمن المظهر الاجتماعي بدوره لصفقات الأشغال العمومية، في كون النفقات الكثيرة المرصودة لإنجازها واليد العاملة التي تحتاجها يؤديان إلى انعكاسات اجتماعية لا يمكن إنكارها. فإنجاز الأشغال خاصة في بعض الميادين كالتعليم والصحة والطرق والسدود تعتبر بالدرجة الأولى وبطبيعتها من مكونات الجانب الاجتماعي، لأن المستفيد الأول والأخير هي تلك الشرائح العريضة من المجتمع.
إذن ما مدى مساهمة الصفقات العمومية في تحسين الأوضاع الاجتماعية للأفراد، هذا الأمر الذي يشغل بشكل كبير ومكثف السياسات العمومية والهيآت الدولية. للإحاطة بهذا الموضوع سنتطرق إلى مساهمة الصفقات العمومية في توفير فرص الشغل من جهة (الفقرة الأولى) وتحسين العمل من جهة ثانية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : مساهمة الصفقات في توفير فرص الشغل
يعتبر مشاكل البطالة من أكبر التحديات التي يواجهها المغرب في فجر القرن الواحد والعشرين[43] ويرجع الخبراء تفاقم مشكل البطالة في المغرب إلى العديد من الأسباب والعوامل كارتفاع الهجرة القروية بفعل الآثار السلبية لظاهرة الجفاف إلى جانب تدفق الأعداد الكبيرة من الشباب الذي يغادرون التعليم ومعاهد التكوين على سوق الشغل داخل المدن وعجز هذا السوق عن استيعاب كل تلك الأعداد من طالبي الشغل.
والدولة هنا خطأ عاجزة أمام هذا المشكل في مجتمع بشكل فيه الشباب دون سن الثلاثين أكثر من ثلثيه حيث يبلغ معدل البطالة 26% من هذه الفئة النشيطة وتزداد هذه النسبة عند ما تعجز الدولة عن تخصيص نفقات لمساندة المقاولات، ذات الصعوبات، ذلك أن التطورات التي يعرفها الاقتصاد المغربي أفقدت بعض القطاعات قدرتها على التوظيف بل سرحت الآلاف من المستخدمين.[44]
إن أزمة البطالة هي نتيجة تطور المجتمعات خلال العصر الحديث ووليدة تناقضات النظام الليبرالي، وأصبحت ظاهرة عالمية تمخر المجتمعات المتقدمة والناحية على حد سواء، إلا أنها تختلف من بلد لآخر حسب السياسات المتبعة من طرف أجهزة الدولة لضبطها والإحاطة بها.
وأما هذا المشكل الخطير فإن الأمر يتطلب مجهودا مضاعفا ومناخا إداريا ومؤسساتيا وماليا جديدا، وإدارة فعلية ووعيا جماعيا للبعد الوطني واعتماد برامج تساعد على التخفيف من البطالة، لأن غابة الدولة حاليا هي إيجاد الشغل لكل مواطن باعتباره الصائن لكرامته وقيمته كإنسان، ولذلك تعمد معظم دساتير العالم إلى النص على مبدأ حتى الشغل لجميع المواطنين.
لذلك كان طبيعيا أن يشكل قطاع البناء والأشغال العمومية قطاعا استراتيجيا لابتلاع عدد كبير من اليد العاملة[45] إلا أنه وبواسطة التقدم العلمي والتقني لم يعد هذا النظام كما كان في السابق – نوعا من الصناعة التقليدية تعتمد العمل اليدوي والطاقة العضلية للإنسان ومهارته القيمة، فلقد تأثر بالثورة الصناعية ودخول الآلة التي عوضت العمال ومكنت من قيام ثورة أخرى داخل الثورة الصناعية في ثورة الإنتاج الكبير[46] وكان للتطور الذي لحق صناعة البناء والأشغال العمومية انعكاسات على اختيارات الإدارة للمقاولين الذين تتعاقد معهم لإنجاز أشغالها.
وإذا كانت التكنولوجية قد أصبحت ضرورية للحياة الاقتصادية المعاصرة، فإن تجارب لبلدان مختلفة (الصين والهند خاصة، باعتبارهما أكثر البلدان امتلاكا للثروة البشرية)، قد أثبتت أن التكنولوجية من الأفضل أن تكون منسجمة مع المجتمع الذي يستخدمها وأن تكون نابعة منه ومتكيفة مع وقائعه ومساهمة في حل مشاكله الاقتصادية والاجتماعية، ويفضل في هذه الحالة الاعتماد أولا على التكنولوجية المحلية ولو كانت تتسم بشيء من البداية إذا كانت تساعد المجتمع بصورة أفضل على حل مشاكله، فإذا كان الهدف من التكنولوجية هو راحة الإنسان، وتوفير المجهود العضلي، إلا أنه لا يجب أن يكون مصدر مآس اجتماعية ناتجة عن البطالة، فلابد من إيجاد التوازن بين الآلة والإنسان هذا التوازن الذي يجب أن يكون في خدمة الإنسان فردا ومجتمعا. ونعتقد أنه من الأفضل بالنسبة لدول العالم الثالت أن نفكر أولا في استغلال الثورة البشرية لأن هذه البلدان كما يقول أحد الباحثين "تملك رأسمال هائل، ولكنها غير مقدرة له ألا وهو الشغل غير المستعملة والاحتياطي الكبير من اليد العاملة"
الفقرة الثانية : تحسين ظروف العمل
إن التطور التقني واستخدام الآلة أدى إلى تسهيل كثير من الأشغال، فتخلصت الطبقة العاملة من معظم الأعمال الشاقة والصعبة، ولم يعد ما تبذله من جهد يتعدى المراقبة والملاحظة دون بذل جهد عضلي شاق جدا.
وإذا كان التقدم التقني قد وفر للعامل راحة عضلية فإن التقدم الاقتصادي قد وفر له راحة نفسية واجتماعية، فسمح له أن يحمي من قسوة الظواهر الطبيعية (البرد، الحرارة، الأمطار إلخ ...) وأصبح بواسطة سياسة التعمير العصرية يوفر لنفسه السكن المريح، ولو كانت ظروفه المالية متواضعة. إلا أنا هذا التطور الاقتصادي لا يمكن أن يكتب له النجاح إلا بتطور مواز في المجال الاجتماعي الأمر الذي يقتضي الاهتمام بالعمال على أساس زيادة الإنتاج وعدالة التوزيع وإذابة الفوارق[47] وتوفير الحرية والكرامة لهم.
إلا أن كل هذه الامتيازات التي أصبحت تتمتع بها الطبقة الشغيلة في معظم القطاعات الاقتصادية، لا تتوفر دائما في قطاع البناء والأشغال العمومية، لأنه القطاع الذي لا يزال العامل فيه يعتمد كثيرا على جهده العضلي ويعاني الكثير من المشاق في أداء عمله، لأن معظم مقاولات هذا القطاع من النوع الصغير والمتوسط الذي لا يتوفر على الإمكانيات المالية والتقنية الكافية، لتوفير الراحة للعمال. لذلك ينبغي لواضعي سياسة الصفقات أن يأخذوا هذه الأمور بعين الاعتبار، وأن يتدخلوا لتطوير قطاع البناء والأشغال العمومية مع الظروف الاقتصادية لبداية الألفية الثالثة، وأن يساهموا بالتالي في ازدهار الشغل وراحة الطبقة العاملة.
وباختصار فإنه لا يمكن لصفقات الأشغال العمومية أن تكون أداة فعالة في يد الدولة لتحقيق التنمية الاجتماعية، إلا بإيجاد قوانين اجتماعية متطورة، وذلك بتطبيق سليم لما هو موجود منها ويضمن حقوق العامل -ابتداءا من تحسين أجره واحترم سن التشغيل ومدة الشغل-، وبتعديل وتطوير هذا القانون حتى يتلاءم مع الظروف الجديدة للحياة المعاصرة وخاصة ما يتعلق منه بحوادث الشغل.
[1] -حماد حميدي، "طرق إبرام الصفقات العمومية" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، كلية الحقوق الرباط 1982 ص 6.
[2] - ذ. عبد الله حداد، "صفقات الأشغال العمومية ودورها في التنمية، الطبعة الثالثة نونبر 2004 منشورات عكاظ ص 3
[4] - مرسوم رقم 2.06.388 صادر في 16 من محرم 1428 (5فبراير 2007) بتحديد شروط وأشكال صفقات الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها ج. عدد 5518 بتاريخ (15 أبريل 2007) ص 1235.
[5] - توفيق السعيد –الصفقات المبرمة من قبل الجماعات المحلية – النظام القانوني الجديد طوب بدرس.الرباط 2003 ص 267.
[10] - د. مهدي بنسير، "الجماعات المحلية والمسألة المالية بالمغرب" سلسلة اللامركزية والجماعات المحلية الطبعة والوراقة الوطنية مراكش 1994 ص 170.
[14] - commission centrale des marchés: guide a"intention des maîtres d'ouvrages et des maître d'œuvre journal N 2009 années 1982 p:5
[15] - ظهير 14 شتنبر 1979 المتعلق "بالمجلس الأعلى للحسابات الجريدة الرسمية عدد 3490 مكرر وتاريخ 20 شتنبر 1979 ص 2142.
[22] -
[30] - إن مرسوم 5 فبراير 2007 قد أعطى بعض الأفضلية للمقاولة الوطنية أمام المقاولات الأجنبية عندما يكون الفرق في طلبات العروض لا يتعدى 15%.
[31] - مولاي هاشم عالية، الصفقات العمومية بالمغرب : النظام القانوني والرقابة القضائية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة تحت رقم daa/desa /96 السنة الدراسية 2003- 2004 ص 34.
[33] - التعاقد من الباطن يندرج في إطار قواعد القانون الخاص بموجبه يتخلى المقاول الأصلي الذي حصل على الصفقة عن شطر من الأشغال لفائدة مقاول ثان مع عدم سقوط مسؤولية عن تنفيذ الأشغال الملتزم بها أمام الإدارة صاحبة المشروع : توفيق السعيد : مرجع سابق ص 281.
[34] - عبد العالي سمير، الصفقات العمومية ودورها في التنمية على ضوء مرسوم 5 فبراير 2007 رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون الأعمال والمقاولات، السنة الجامعية 2007 – 2008 ص 114.
[35] -حداد (عبد الله) "صفقات الأشغال العمومية دراسة نظرية وتطبيقية" أطروحة لنيل دكتوراه الدولة القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال الرباط 1985 ص : 343.
[36] - ترموسي (حنان)، تدبير الصفقات العمومية : دراسة مقارنة بين مرسوم 1976/ 1998 رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة الحسن الثاني عين الشق كلية الحقوق – الدار البيضاء، 2001- 2002 ص ك 105.
[38] - للمزيد من الاطلاع حول أهمية النظام التعاوني في إنعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة .راجع .د.عبد الله حداد مرجع سابق ص 252- 226.
[39] - -v.almailya:bulletin d'information du ministère de l'économie et de finances.N18-septembre 1999 p:12.
[43] - في تقرير صادر عن مديرية الإحصاء برسم الفصل الأول من سنة 1999 تشير الإحصائيات إلى أن عدد العاطلين عن العمل على المستوى الوطني بلغ مليون و 443 عاطل خلال هذه الفترة وما فتئ هذا العدد يتضاغى سنة بعد أخرى، في صفوف الشباب والخريجين من حملة الشهادات ولقد ذكر تقرير حول وضعية الشغل بالمغرب خلال الدورة الرابعة من سنة 2001 نشرته مديرية الإحصاء التابعة لوزارة التخطيط والتوقعات الاقتصادية أن معدل البطالة انتقل في المدن من 19.5% سجل خلال الدورة الثالثة في سنة 2001 إلى 20.3% خلال الدورة الرابعة سنة 2001 ولقد توقع التقرير أن تصل البطالة بالمغرب إلى 27% سنة 2005 وإلى 29% سنة 2010 ما لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة لايقاف مدة الظاهرة.
[45] -Amri abderrahim : l'accumulation du capital dans le secteur du bâtiment et travaux public et ses contradictions.Mémoire de D.E.S.faculté de droit rabat 1982 page 263.-
[46] - عسيلة محمد عز الدين، عمل الدولة في ميدان الصناعة، رسالة لنيل دبلوم السلك العالي بالمدرسة الوطنية للإدارة العمومية 1974 ص 13.
[47] - محمد فؤاد منها المشروع العام وطبيعته والقانون الذي يحكمه مجلة العلوم الإدارية سنة 71، ع. 1، ص7.
ليست هناك تعليقات