مقدمة يشكل التعمير إحدى السياسات العمومية التي تقوم الدولة بإعدادها و تشرف على انجازها مختلف الأجهزة الإدارية الوطنية منها و المحلي...
مقدمة
يشكل التعمير إحدى السياسات العمومية التي تقوم الدولة بإعدادها و تشرف على انجازها مختلف الأجهزة الإدارية الوطنية منها و المحلية و اللامركزية.
و قد عرفت بلادنا تطورا سريعا في مجال النمو الديموغرافي مما ترتب عنه حاجيات ضخمة في مجال السكن و الخدمات العمومية و التجهيزات الأساسية فضلا عن خلق فرص العمل و التشغيل سواء للساكنة الحضرية أو القروية.
و هذه الحاجيات المتعددة تستوجب مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة و المؤهلة للتعمير و خاصة على مستوى التجمعات العمرانية الحضرية التي تضاعف عدد سكانها خمس مرات تقريبا، فقد كان عددهم سنة 1960 يناهز 3.4 مليون من مجموع 11.6 مليون نسمة ، ليصبح سنة 2004 زهاء 16.5 مليون نسمة من مجموع حوالي 29.9 مليون نسمة ، و حسب التقديرات فان هذه النسب في تزايد مستمر و سريع.
و بالتالي وجب على الدولة و جميع مؤسساتها العمل على توفير الأراضي و المساحات المناسبة و تهييئها بشكل جيد و متقن لضمان عدم حدوث أي مشاكل من الناحية العمرانية و السكنية.
و لكن بازدياد الضغط التي تعاني منه الأنسجة الحضرية بفعل ارتفاع وتيرة النمو العمراني أدى أكثر فأكثر إلى إضعاف هياكل المدينة ، و تدهور السكن و لقد بلغ هذا الضغط حدا أصبح معه أحيانا تطور المجالات الحضرية يميل إلى مذهب الفوضى أكثر منه إلى منطق التنظيم.
و قد حاولت الدولة بذل مجهودات عدة قصد معالجة هذه الظاهرة عن طريق تدخلها المباشر أو بتفويض هذا الاختصاص إلى القطاع الخاص و بعض الأشخاص المعنوية العامة.
و في هذا السياق، كان طبيعيا أن تتجسد هذه المجهودات في اهتمام التشريع المغربي بتنظيم المجال الترابي و أن تصدر بهذا الخصوص جملة من النصوص القانونية لضبط الجوانب المختلفة المتعلقة بالظاهرة التعميرية، كان آخرها القانون رقم 12-90 المتعلق بالتعمير و القانون رقم 25-90 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات، و هذه التشريعات في مجموعها تستهدف ضبط الظاهرة العمرانية من خلال القواعد المرتبطة بتنظيم المجال الترابي ، فتكريس سياسة المراقبة و المتابعة جاءت بهدف منع المخالفات في ميدان التعمير و البناء سواء على المستوى الوطني أو المحلي و بالاعتماد على الآليات القانونية و أيضا على دور على السلطات الإدارية و القضائية.
و سنحاول من خلال هذا العرض أن نستعرض أهم النقاط التي ركز عليها القانون رقم 12-90 المتعلق بالتعمير و القانون رقم 25-90 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات ، و كذا دور السلطات الإدارية المختصة في مراقبة قطاع التعمير بالمغرب. فهل الاعتماد على الترسانة القانونية و على دور السلطات الإدارية كفيل بتحقيق نوع من الصرامة و الجدية في أداء المراقبة الفعالة على هدا القطاع الحساس أم على الدولة البحث عن آليات و أساليب أخرى لردع المخالفين؟
و لتحليل هدا الموضوع ارتأينا تقسيم هدا العرض كالتالي :
المبحث الأول : دور المشرع في الحد من البناء غير القانوني:
المطلب الأول : مقتضيات قانون 12.90 المتعلق بالتعمير:
المطلب الثاني : مقتضيات قانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات:
المبحث الثاني : دور السلطات الإدارية في مراقبة قطاع التعمير انطلاقا من القانون رقم 90.12 و القانون رقم 90.25.
المطلب الأول : مراقبة قطاع التعمير انطلاقا من القانون رقم 90.12.
المطلب الثاني : مراقبة قطاع التعمير انطلاقا من القانون رقم 90.25.
المبحث الأول:
دور المشرع في الحد من البناء غير القانوني
لقد أثبتت التجارب في الدول المتقدمة بان قطاع التعمير يلعب دورا أساسيا و فعالا في تنمية المدن و المناطق و بالتالي كان حريا بالمغرب باعتباره بلدا ناميا التقدم بخطوات ثابتة لتحسين و تنظيم قطاع التعمير عن طريق الاعتماد على مجموعة من القوانين المنظمة لهدا القطاع و التي كان أهمها قانون 12.90 و قانون 25.90 اللذان ركزا على مجموعة من المبادئ الأساسية المهيكلة و المنظمة للقطاع.
المطلب الأول:القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير.
إن صدور هذا القانون لا يعني أنه قلب كل النظم المعمول بها في مجال التعمير، بل احتفظ بالمبادئ الأساسية، معززا إياها بمقتضيات جديدة أملتها ضرورة مواكبة مستلزمات النمو السريع للتمدن، وتخطي الصعوبات التي تواجه التعمير العملي .
وتنبع المقتضيات القانونية الجديدة من الحرص على ما يلي:
أ- تحقيق المرونة الضرورية للتطبيق السليم لوثائق التعمير من جهة، وتبسيط إجراءات وضعها والمصادقة عليها من جهة أخرى.
ب- وضع الأساس القانوني لمخطط توجيه التهيئة العمرانية هذه الأدلة التي تحدد الإختيارات الأساسية للتعمير، والتي من شأنها تطوير المدن بشكل يجعلها تستجيب لحاجيات النمو الحضري على المدى البعيد، والتي تعتبر اللبنة الرئيسية التي ترتكز عليها الدراسات الأساسية لوضع تصاميم التنطيق والتهيئة وتصاميم التنمية إن اقتضى الحال.
ج- ضمتنة حماية وتنمية المناطق ذات الصبغة الخاصة ، والتي توجد في بعض الحالات خارج الجماعات الحضرية والمناطق المحيطة بها أو المجموعة العمرانية .
د – متابعة تحقيق هدف مزدوج، يجمع بين الجودة المعمارية وسلامة البناء وجودته، عن طريق تدخل المهندس المعماري والمهندسين المختصين.
هـ- وضع نظام زجري أكثر فعالية، يمكن على الخصوص في بعض الحالات من هدم البنايات غير القانونية.
ويحدد القانون المذكور في قسمه الأول وثائق التعمير، مع توضيح نطاق تطبيقها ومحتواها وآثارها،والمراحل الهامة للمصادقة عليها، وهذه الوثائق تهم أساسا مخطط توجيه التهيئة العمرانية وتصميم التهيئة وتصميم التنطيق.
وما يؤخذ على هذا القانون أنه ترك للإدارة المكلفة بالتعمير، السلطة الواسعة في إعداد هذه الوثائق، مع إعطاء المجالس الجماعية الدور الاستشاري فقط، علما بأنها هي المعني الرئيسي بهذه الوثائق والمسؤولة عن تنفيذها، الشيء الذي يطرح عدة مشاكل عند التطبيق، تتمثل في عدم ملائمة هذه الوثائق للواقع.ومن المؤاخذات الأخرى تتعدد المتداخلين في الإعداد، الأمر الذي يؤدي إلى البطء في المصادقة على الوثائق، والتي تتجاوز عشر سنوات من الدراسة.
هذا، فضلا عن تعدد المتدخلين في التنفيذ وإشكالية ما أطلق عليه "الرأي الملزم " للوكالة الحضرية، الذي أثار من الخلافات التي تحل في غالبها بعيدا عن القضاء.
المطلب الثاني: القانون رقم 25.90 بشأن التجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات.
تلعب التجزئات العقارية في الواقع دورا حاسما في تهيئة المدن، كما أن عمليات تقسيم الأراضي المحيطة بالمناطق المبنية هي التي تعطي الإنطلاقة لميلاد أحياء جديدة، تختلق بتكاثرها مدنا جديدة.
فإرادة السلطات العمومية في مراقبة وتوجيه وتحقيق التناسق في نمو المدن، لا يمكن أن تتحقق، إلا إذا تمكنت من وسائل تتيح لها مراقبة عمليات التجزئة، سواء على صعيد التخطيط لمشروعها أو على صعيد إنجازها.
ومع ذلك، فالنص القانوني الجديد الذي أتى لتعويض النصوص القانونية السابقة وإدخال إصلاحات على محتوياتها، لا يحدث قطيعة تامة مع التدابير القانونية التي تحملها.
فالنشاط الإداري في ميدان التجزئة ما زال يمارس عن طريق تطبيق إلزامية عملية بيع أو كراء أو قسمة.
إلا أن القانون الجديد وتماشيا مع التطورات التي عرفها القطاع، بهدف تمكين التجزئة من لعب دورها كعملية من عمليات التعمير، قد ركز مقتضيات على الإهتمامات التالية :
أ- إعطاء الإدارة الوسائل الفعالة والوقائية لتفادي خلق التجزئات غير القانونية .
ب – زجر المخالفين بسرعة وصرامة .
ج- أعطاء تسهيلات خاصة بالتجزئات التي تنجز عمليات تجهيزها على مراحل.
د- إعطاء هيكلة التجزئات غير قانونية.
وفي هذا الاتجاه، فإن المقتضيات الجديدة التي أدخلها القانون تهدف إلى ما يلي:
أ- توسيع المفهوم القانوني لعملية التجزئة وتقسيم العقارات، لتمكين الإدارة من التحكم بشكل أفضل في العمليات العقارية التي قد تكون مصدرا لخلق تجزئات غير قانونية .
ب- التدخل الإلزامي للتقنين المختصين(المهندس المعماري ومهندس المساحة والمهندس المختص) للرفع من مستوى تخطيط ووضع التجزئات.
ج- إحداث عقوبات إدارية بقصد خلق نظام زجري أكثر فعالية من شأنه الحد من تنامي التجزئات غير القانونية.
د- منع العدول والموثقين وموظفي مصالح إدارة التسجيل والمحافظين العقاريين من تحير أو تلقي أو تسجيل عقود البيع أو الكراء أو القسمة بدون رخصة تشهد على قانونية أشغال التجزئة أو تقسيم العقارات.
هـ- إمكانية ترخيص الجماعة للمجزئ الذي يقوم ببرنامج يضمن قيامه بتجهيز تجزئته على مراحل بيع أو كراء البقع الأرضية الموجودة في القطاعات التي تم تجهيزها.
و- إمكانية استرجاع المجزئ الذي يربط تجزئته بالشبكات الرئيسية البعيدة عن تجزئته لجزء من نفقات من مالكي الأراضي التي تستفيد من تلك الشبكات عن طريق الجماعة.
ومن بين المؤاخذات على هذا القانون: إلزامية التحفيظ العقاري، التي تثقل كاهل المجزئ، مما يؤدي إلى التوجيه إلى التجزئات السرية، بالتواطئ مع السلطات المعنية بالمراقبة، ونشوء الأحياء العشوائية التي تصبح أمرا واقعا تواجهه الدولة ، بفرض عليها التدخل عن طريق إعادة الهيكلة.
المبحث الثاني :
دور السلطات الإدارية في مراقبة قطاع التعمير انطلاقا من القانون رقم 90.12 و القانون 90.25.
باعتبار الأهمية البالغة التي يحتلها قطاع التعمير و باعتباره وجها من أوجه التنمية المستدامة كان من الضروري على الدولة توفير مختلف الآليات و الوسائل القانونية كي تتمكن السلطات الإدارية من متابعة المخالفين و ضمان عدم مخالفة البناء.
المطلب الأول: مراقبة قطاع التعمير انطلاقا من القانون رقم 90.12.
إن ما يميز زجر المخالفات في ميدان البناء والتعمير وفي ظل القانون الجديد رقم 12.90، كونه تطبعه الصرامة والسرعة في التدخل وتعدد المتدخلين للحد من البناء غير القانوني، ويتجلى ذلك في الباب الرابع من هذا القانون، ومن خلال تحديد المخالفات وتعدد الأعوان والتدخل المباشر للسلطة الإدارية، بالإضافة إلى تدخل السلطة القضائية لزجر المخالف. و قبل التعرض لهذه النقط لا بد من التذكير بدائرة تطبيق هذا النظام.
1- دائرة تطبيق نظام القانون رقم 90.12
يطبق النظام المنصوص عليه في القانون رقم 90.12 في الجماعات الحضرية والمراكز المحددة والمناطق المحيطة بهذه الجماعات والمراكز وفي المجموعات العمرانية والمناطق ذات صبغة خاصة كما هي محددة من قبل القانون وفي النصوص التنظيمية.
كما يطبق:
- خارج هذه الدوائر والتجمعات القروية الموضوع لها تصميم تنمية مصادق عليه، على طول السكة الحديدية وطرق المواصلات غير الطرق الجماعية إلى غاية عمق يبلغ كيلومترا واحد ابتداء من محور السكك الحديدية والطرق الأنفة الذكر.وعلى طول حدود الملك العام البحري إلى غاية عمق يبلغ خمسة كيلومترات.
- داخل التجزئات المأذون في إحداثها عملا بالقانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات وتقسيم العقارات.
2) تحديد المخالفات.
تعتبر مخالفة بموجب المادة 66 من قانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير كل الأفعال المتمثلة في :
أ- مباشرة كل بناء دون الحصول على إذن صريح أو ضمني
ب - تشييد بناء خلافا للرخصة المسلمة من حيث لم تحترم لعلو المسموح به أو الأحجام أوالموقع المأذون فيها أو المساحة المباح بناؤها أو الغ المخصص له البناء.
ج- إقامة بناء جديد أو تعليه أو توطئة لأرض يكون حدود الطرق العامة أو قرار تخطيط الطرق العامة المعينة فيها الأراضي المراد نزع ملكيتها.
د – إدخال إصلاحات لا تدخل في نطاق الإصلاحات تقتضيها صيانة المباني التي تشملها القرارات السالفة الذكر أو القيام بذلك بدون الحصول على رخصة.
هـ - خرق ضوابط التعمير والبناء العامة أو الجماعية المتمثلة في:
- ضوابط السلامة الواجب مراعاتها في المباني ( قواعد استقرار المباني ومتانتها – عدم استخدام بعض مواد وطرق البناء المحضور استخدامها بصورة دائمة- احترام التدابير المعدة للوقاية من الحريق).
- الشروط الواجب توفرها في المباني لما تستلزمه متطلبات الصحة والمرور ومقتضيات الراحة العامة خصوصا، ومساحة المحلات وحجمها وأبعادها وشروط تهويتها.
- قواعد متعلقة بجوانب أخرى غير المذكورة أعلاه.
و- استعمال المبنى من غير الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة.
ز- تحويل الغرض المخصص له المبنى والذي سلمت من أجله رخصة البناء ورخصة السكن أو شهادة المطابقة بدون إذن في ذلك.
3) معاينة المخالفات والمسطرة المتبعة في ذلك.
يقوم بمعاينة المخالفات أعوان ينتمون لمختلف الأجهزة وهم:
- ضباط الشرطة القضائية
- موظفو الجماعات المكلفون بمراقبة المباني أو المفوض لهم بذلك من طرف رؤساء الجماعات المحلية.
- الموظفون التابعون لإدارة التعمير والمكلفون بهذه المهمة.
- كل موظف آخر يعتمده الوزير المكلف بالتعمير للقيام بهذه المأمورية أو كل خبير أو مهندس معماري مكلف بهذه المهمة بصفة استثنائية من طرف رئيس الجماعة المعنية أو إدارية التعمير.
ويحرر المأمور المكلف الذي عاين مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في القانون محضرا يوجه في أقصر الآجال إلى كل من رئيس المجلس والوالي أو عامل العمالة أو الإقليم وكذا إلى مرتكب المخالفة.
ويجب أن يكون المحضر المحرر من قبل العون المحلف مستوفيا لكافة الشروط شكلا ومضمونا حتى يتسنى للسلطة الإدارية والقضائية الإستعانة به للقيام بواجبها على أحسن وجه.
فمن شأن التفاصيل المتضمنة في هذا المحضر كما ذكره إن هي استوفت الشروط المطلوبة، مساعدة السلطات الإدارية والقضائية على القيام بمهامها.
4) – تدخل السلطة الإدارية
يتعين على رئيس المجلس الجماعي في أول الأمر وفور تسلم المحضر، معرفة ما إذا كانت الأفعال المكونة للمخالفة في طور الإنجاز أم أنجزت.وفي حالة التي تكون فيها الأشغال لازالت مستمرة فيجب عليه إصدار أمر فوري بإيقافها.
وبعد ذلك يقوم بتفحيص المحضر للاطلاع على نوعية المخالفة لمعرفة ما إذا كانت تشكل إخلالا خطيرا بضوابط التعمير والبناء أو يمكن تداركها.
ففي حالة ما إذا كانت المخالفة يمكن تجاوزها باعتبارها لا تشكل خطورة كبيرة، يوجه الرئيس إلى المخالف إعذارا يأمره فيه بتصحيح الوضعية، وذلك باتخاذ الإجراءات الضرورية لإنهاء المخالفة داخل أجل يتراوح ما بين 15 و 30 يوما ( المادة 67).
كما أنه يوجه في جميع الأحوال شكوى إلى وكيل الملك ليتولى متابعة المخالف، ويخبره بنفس المناسبة بالإجراءات المتخذة في حق هذا الأخير وذلك بإضافة نسخة من الإعذار السالف الذكر إلى الشكوى، وعليه كذلك إحاطة الوالي أو العامل حسب الحالة ، علما بذلك.
وإذا وضع حد للمخالفة داخل الأجل المضروب لذلك، يقع التخلي عن المتابعة الجارية بشأنها، ويبعث رئيس المجلس المعني طلبا إلى وكيل الملك من أجل ذلك.
أما إذا امتنع المخالف عن تنفيذ الأمر الموجه إليه من طرف رئيس المجلس داخل الأجل المذكور أعلاه، فتطبق في حقه نفس المسطرة المطبقة على مرتكب المخالفة التي تشكل إخلالا خطيرا بضوابط التعمير والبناء، ويقوم رئيس المجلس بإخبار الوالي أو العامل ووكيل الملك بالإجراءات المتخذة ونتيجتها وعندئذ يجوز للعامل أن يأمر بهدم جميع أو بعض البناء المخالف للضوابط المقررة.داخل أجل لا يتعدى 30 يوما (المادة68).
وعند امتناع المخالف عن تنفيذ الأمر الصادر عن العامل بالهدم تقومن السلطة المحلية بالهدم وعلى نفقة المخالف.
ويقصد بالسلطة المحلية هنا عامل العمالة أو الإقليم أو الباشا أو القائد حسب الحالات المنصوص عليها في الفصل 68 من الظهير الشريف رقم 583-76-1 الصادر بتاريخ 1396 (30 سبتمبر 1976 ) بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم الجماعي.
وفي جميع الحالات يمكن للوالي أو العامل الذي بلغ إلى عمله ارتكاب مخالفة تشكل إخلالا خطيرا بضوابط التعمير والبناء حسب أحكام المادة 68 من القانون رقم 90-120، تلقائيا وبدون أن يطلب منه رئيس المجلس الجماعي ذلك ، أن يصدر أمره بالهدم . ويتم تنفيذ هذا الأمر داخل الأجل وطبقا للشروط المذكورة أعلاه .
غير أنه لا يجوز للعامل أن يتقدم على ذلك إلا إذا سبق أن أودعت شكوى لدى النيابة العامة من قبل رئيس المجلس الجماعي
وتجدر الإشارة إلى أنه خلافا لكل ما سبق ، كلما أنجز بناء على الملك العمومي جاز للسلطة المحلية أن تقوم تلقائيا بهدمه وعلى نفقة المخالف ، دون أن تكون ملزمة باتباع المسطرة المفصلة أعلاه والمتمثلة بالخصوص ، في توجيه إنذار إلى المعني بالأمر وإيداع الشكوى لدى وكيل الملك ، قبل التدخل المباشر .
إلا أن انتهاء المخالفة بالهدم سواء كان تنفيذ للأمر الصادر عن الوالي أو العامل، أو تلقائيا فيما يخص البناء على الملك العمومي، لا يحول في أي حال من الأحوال دون إجراء المتابعة أو انقضائها إن كانت سارية (المادة 70 ). وتشمل هذه القاعدة كذلك – بطبيعة الحال – الحالة التي يمتثل فيها المخالف للأمر الصادر عن العامل ويقوم بنفسه بعملية الهدم.
المطلب الثاني : مراقبة قطاع التعمير انطلاقا من القانون رقم 90.25.
لقد خصص هذا القانون بابه الخامس المعنون " الجزاءات" لتحديد المخالفات وكيفية معايناتها وكذا لمختلف الإجراءات الإدارية والقضائية التي يمكن أو يجب اتخاذها لزجرها.وقيل التطرق لهذه النقط فلا بأس في ذكر دائرة تطبيق هذا النظام.
1. دائرة تطبيق نظام القانون رقم 25.90
يطبق النظام المنصوص عليه في القانون المنصوص عليه في القانون رقم 25.90 في مجموع التراب الوطني ماعدا في التجمعات العمرانية الموضوع لها تصميم تنمية مصادق عليه. ذلك أن هذه التجمعات تخضع للنظام المقرر في ظهير 25 يونيو 1960 السالف الذكر.
2) – تحديد المخالفات
تعتبر مخالفة بموجب القانون رقم 25.90:
أ- إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية أو مباشرة أشغال التجهيز أو البناء لذلك الغرض بدون الحصول على إذن إداري سابق للقيام بذلك ( المادة 63).
ب- بيع أو إيجار أو قسمة بقع تجزئة أو مساكن مجموعة سكنية أو عضها للبيع أو الإيجار إذا كانت هذه البقع أو المساكن من تجزئة أو مجموعة سكنية غير مأذون في إحداثها أو لم يسبق أن كانت تجهزتها محل التسليم المؤقت ( المادة 64).
ج- تقسيم العقارات عن طريق البيع أو القسمة أو بيعها على الشياع، إذا كان هذا التقسيم أو البيع لم يحصل على إذن سابق طبعا لمقتضيات المادة 58 من القانون ( المادة65).
3)- معاينة المخالفات والمسطرة المتبعة في ذلك.
تعاين المخالفات من قبل ثلاثة أصناف من المكلفين بذلك:
- ضباط الشرطة القضائية المنصوص عليهم في مدونة المسطرة الجنائية الصادرة سنة 1958 كما تم تغييرها وتتميمها:
- موظفو الدولة المعتمدون من طرف الوزير المكلف بالتعمير:
- موظفو الجماعات الحضرية أو القروية المعتمدون من قبل رئيس المجلس الجماعي المعني بالأمر.
وقد سبق لوزارة الدولة في الداخلية أن طلبت من الولاة والعمال رؤساء المجالس الجماعية على التوالي اقتراح وتعيين الأعوان التابعين للعمالات والأقاليم والجماعات الذين ستناط بهم هذه المهمة وذلك من خلال المناشير الآتية :
- المنشور رقم 7 بتاريخ 22 يناير 1993.
- المنشور رقم 14 بتاريخ 14 فبراير1993.
- المنشور رقم 28 بتاريخ 28 مارس 1993.
وكلما عاين أحد من هؤلاء المكلفين مخالفة من المخالفات المذكورة أعلاه، حرر محضرا بشأنها، ويوجه هذا المحضر في أقصر أجل ممكن إلى كل من وكيل الملك لدى محكمة الإبتدائية المختصة وعامل العمالة أو الاقليم ورئيس المجلس الخضري أو القروي وكذا إلى مرتكب المخالفة ( المادة 66).
ويمكن هنا ملاحظة المسؤولية الموضوعة على عاتق الموظف المنوطة به مهمة معاينة المخالفات، إذ عليه ولو كان تابعا لجهة من الجهات الإدارية ( الدولة أو الجماعة) بدون أن يرجع إلى هذه الجهة، توجيه المحضر مباشرة إلى كل الأطراف المعنية حتى يقوم كل واحد منهم بما هو منوط به في أسرع الآجال.
وينبغي أن يتضمن محضر المعاينة كل التفاصيل الضرورية لمعرفة نوعية المخالفة أو المخالفات وأهميتها وتعددها ومرتكبها ومشاركيه المحتملين من رب العمل أو المقاول الذي أنجز الأشغال أو المهندس المعماري أو المهندس المختص أو مهندس المساحة أو المشرف الذي كانت المخالفة نتيجة الأوامر الصادرة عنه.
ومن شأن التفاصيل المتضمنة في هذا المحضر مساعدة السلطات الجماعية والإقليمية على اتخاذ الإجراءات المناسبة لإيقاف الأشغال أو محوها.ومن شأنها كذلك تنوير السلطات القضائية حتى تكون على بينة من نوع وخطورتها وبالتالي ملائمة العقوبة لها.
4)- تدخل السلطة الإدارية .
يتجلى تدخل السلطة الإدارية في الأمر إما بإيقاف الأشغال أو إعادة الحالة إلى ما كانت أو بهدم الأبنية، حسبما تقتضيه الحالة.
وان عامل العمالة أو الإقليم ملزم بإصدار أمر يرمى إلى إيقاف أشغال التجهيز أو البناء الجاري فيها العمل والتي تهدف إلى إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية غير مأذون لها:
- بملك من الأملاك العامة:
- أو بملك خاص إذا كان لا يسمح بالبناء فيه بموجب وثيقة من وثائق التعمير من مخطط توجيه التهيئة العمرانية أو تصميم التنطيق أو تصميم التهيئة.
ويصدر العامل هذا الأمر إما تلقائيا وإما بإيعاز من رئيس المجلس الجماعي المعني.
ويحق للعامل أن يأمر كذلك بإعادة حالة العقار موضوع التجزئة إلى ما كانت عليه وكذا بهدم أبنية المجموعة السكنية المنجزة.
ويضرب العامل في الأمر الأنف الذكر، الأجل الذي على مرتكب المخالفة أن ينفذ داخله الأشغال المطلوب تنفيذها.
وإذا لم يجد أمر العامل أذانا صاغية لدى مرتكب المخالفة بحيث لم ينفذ كلا أو جزءا مما هو مأمور به في الأجل المحدد له، يحل العامل أو رئيس المجلس الجماعي على حد سواء، محله في ذلك ، وفي هذه الحالة يتحمل المخالف مصاريف الأشغال المنجزة(المادة 71).
وينبغي أن نسجل أن نسجل أن الحالة الوحيدة التي يمكن، بل يجب على السلطات الإدارية أن تتدخل فيها مباشرة هي التي تعتبر على درجة كبيرة من الخطورة، ألا وهي الحالة التي تنجز بها تجزئة أو مجموعة سكنية بدون إذن سابق وفوق عقار غير مخصص قانونا للبناء، وهذا يعنى أنه في الحالة التي ينجز فيها مشروع من هذا القبيل، حاصل على إذن سبق ولكن تشوبه مخالفة من المخالفات الأخرى، ليس للعامل ولا لرئيس المجلس الجماعي أن يتدخل ، بل السلطة القضائية هي المختصة.
خاتمة
رغم توفر الدولة على الآليات القانونية المتمثلة في القانون 90.12 المتعلق بالتعمير و القانون 90.25 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات و رغم الدور المهم الذي تلعبه السلطات الإدارية المختصة بتنظيم قطاع التعمير ، إلا أننا نجد أن المخالفات تزيد حدا أصبح معه الحفاظ على الصيرورة التعميرية المنظمة أمرا بالغ الصعوبة. فهل هدا راجع إلى قصور المنظومة القانونية المنظمة للقطاع أم إلى تخاذل الجهاز الإداري في تنظيم و ضبط و مراقبة عمليات البناء و التقسيم.
الفهرس
مقدمة 1
المبحث الأول : دور المشرع في الحد من البناء غير القانوني: 4
المطلب الأول : مقتضيات قانون 12.90 المتعلق بالتعمير: 4
المطلب الثاني : مقتضيات قانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات: 6
المبحث الثاني : دور السلطات الإدارية في مراقبة قطاع التعمير انطلاقا من القانون رقم 90.12 و القانون رقم 90.25. 8
المطلب الأول : مراقبة قطاع التعمير انطلاقا من القانون رقم 90.12. 9
المطلب الثاني : مراقبة قطاع التعمير انطلاقا من القانون رقم 90.25. 15
خاتمة. 20
الفهرس. 21
الراجع المعتمدة. 22
المراجع المعتمدة
الكتب:
الدكتور الحاج شكرة – الوجيز في قانون التعمير المغربي – الطبعة الثانية 2007- دار القلم للطباعة و النشر و التوزيع
المستشار. محمد المحجوبي . مفوض بالمحكمة الإدارية بالرباط . قراءة عملية في قوانين التعمير المغربية . تقديم الدكتور عبد الرحمن البكريوي . الطبعة الأولى 2006 . دار النشر المغربية.
دليل التعمير والهندسة المعمارية، تحت إشراف إدريس البصري، مجموعة تشييد دولة جديدة .ص 10 المطبعة الملكية بالرباط.1994.
الوثائق القانونية:
الظهير الشريف رقم 1.92.31 بتاريخ 15 من ذي الحجة 1412 الموافق لتاريخ 17 يونيو 1992 بتنفيذ القانون رقم 90.12 المتعلق بالتعمير في الجريدة الرسمية عدد 4159 بتاريخ 15 يوليوز 1992 الذي ألغى و عوض ظهير 7 من ذي القعدة 1371 ( 30 يونيو 1952)
الظهير الشريف رقم 1.92.7 بتاريخ 15 من ذي الحجة 1412 الموافق لتاريخ 17 يونيو 1992 بتنفيذ القانون رقم 90.25 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات في الجريدة الرسمية عدد 4159 بتاريخ 15 يوليوز 1992 الذي ألغى و عوض ظهير 30 شتنبر 1953 المتعلق بالتجزئات و تقسيم العقارات.
المناشير:
منشور وزير الدولة لدى الداخلية رقم 61 المتعلق بزجر المخالفات في ميدان التعمير – مديرية التعمير و الهندسة المعمارية – الرباط في 28 مارس 1994 .
ليست هناك تعليقات