الخصخصة وتقليص دور القطاع العام موقف الاقتصاد الإسلامي إعداد أ.د شوقي دنيا استاذ الإقتصاد وعميد كلية التجارة جامعة الأزهر ...
الخصخصة وتقليص دور القطاع العام
موقف الاقتصاد الإسلامي
إعداد أ.د شوقي دنيا
استاذ
الإقتصاد وعميد كلية التجارة
جامعة
الأزهر
مقدم
للمؤتمر
العالمي الثالث للإقتصاد الإسلامي
الذي
تنظمه كلية الشريعة – جامعة أم القري
مكة
المكرمة مارس 2003
(طبعة
تمهيدية)
ملخص
البحث
منذ أمد ليس بالقصير ظهر بوضوح تحول فكرى وعملي حيال موضوع دور
الدولة والقطاع الخاص في المجال الاقتصادى.مبتعداً بسرعة عن مركز وهيمنة دور
الدولة متجهاً نحو القطاع الخاص ليحل محل الدولة فيما كان لها من دور فى هذا
المجال.
واحتل قمة الإهتمامات الفكرية موضوع
الخصخصة وتقليص دور القطاع العام، ولم يقف الأمر عند الصعيد النظري بل تعداه
وبسرعة فائقة إلى التطبيق العملى فعم العالم من أقصاه إلي ؟ أقصاه هذا التيار
الجارف بغض النظر عن نوعية المذاهب ومستوي وحالة الأوضاع . لقد غطت موجة الخصخصة
رقعة البلاد الرأسمالية المتقدمة والبلاد النامية والبلاد الإشتراكية.
ووراء ذلك التحول دوافع ومقاصد . يمكن
إجمالها أو معظمها في النهوض بالوضع الاقتصادي وتخفيف الأعباء عن الحكومات، من
منطلق أن القطاع الخاص أكفأ فى أداء النشاط الاقتصادى، ومهما بدا من دوافع
واعتبارات اقتصادية وراء هذا التيار الجارف فهناك عوامل مذهبية رأسمالية .ولم تسلم
الدول الإسلامية من هذا التيار فأخذت بدورها تطبق منهج الخصخصة.
وإذا كانت الأنظمة الاقتصادية الوضعية
وخاصة منها النظام الرأسمالى تبدى تفهماً وتوافقاً مع هذا التيار فإن النظام
الاقتصادى الإسلامي بحكم ماله من خصائص ومقومات قد يكون له موقف آخر وهذه الورقة
تستعرض البعد الوضعى نظرياً وعملياً لهذا التيار ثم تتناول بالبحث والدراسة موقف
الاقتصاد الإسلامي منها من خلال ما يحمله للدولة من مهام ومسؤليات ومايقوم عليه من
تنظيم معين للملكية ولاستغلالها ولسلطة الدولة حيالها. من خلال استعراض هذه
المسائل يتبين أن الاقتصاد الإسلامي لايرفض من حيث المبدأ وبشكل مطلق عملية
الخصخصة، لكنه يقبل منها أموراً ويرفض أخرى، وقد صادق الفكر الإقتصادى المعاصر
الرشيد على مبدأ عدم الإستغراق في الخصخصة ومن ثم تهميش دور الدولة وإنما الأمر المهم
هو إعادة توزيع للأدوار بحيث يقوم كل من الدولة والقطاع الخاص بدوره الحقيقى في
المجال الاقتصادى الذى لايستغنى صلاحه عنهما.وهذا ما سبق أن نادى به الاقتصاد
الإسلامي.
هذه الورقة تتناول موضوع الخصخصة، وتقليص دور القطاع الخاص، وموقف الاقتصاد
الإسلامي منها.ومن الواضح أن بحثاً في هذا الموضوع يتطلب التعرض الاجمالي له في
الفكر الاقتصادى الوضعي، والتطبيق المعاصر .ويلي ذلك محاولة التعرف علي موقف
الاقتصاد الإٌسلامى من هذا الموضوع. وقد رأينا أن ذلك يمكن أن يتحقق من خلال معرفة
موقف الاقتصاد الإسلامي من عدة قضايا هي :
وظائف
الدولة – نظام الملكية – نظام استغلال الممتلكات العامة - حدود تصرف الدولة في الممتلكات العامة – رؤية
إسلامية فيما يجري حالياً من خصخصة في الدول الإسلامية .
وفي
ضوء هذا الإطار العام ينقسم البحث إلى الفرعين التاليين :
الفرع
الأول : الخصخصة في واقعنا المعاصر.
1.
المصطلح
والمفهوم.
2.
نبذة
تاريخية.
3.
الدوافع
والأهداف.
4.
الأساليب.
5.
دروس
مستفادة.
الفرع
الثاني : الاقتصاد الإسلامي والخصخصة.
1.
وظائف
الدولة.
2.
نظام
الملكية.
3.
نظام
استغلال الممتلكات العامة.
4.
ترشيد
إسلامي لما يجري حالياً من خصخصة في الدول الإسلامية.
خاتمة.
حواشى.
مراجع.
الفرع الأول
الخصخصة في واقعنا المعاصر.
1- المصطلح والمفهوم :
منذ عدة سنوات وحتي الآن شاعت لفظة انجليزية هي “Privatization “ فى
الأدبيات السياسية والاقتصادية وأصبحت مصطلحاً علي نهج معين في المجال الاقتصادى
بخاصة والمجال الإحتماعى والسياسى بعامة.
وقد
ترجم هذا اللفظ إلى اللغة العربية بألفاظ متعددة متفاوته الحظ فى الاستخدام
والشيوع، أكثرها شيوعاً لفظ الخصخصة، وهناك ألفاظ أخري منها التخصيص والتخصيصية
والخوصصة والخاصخصة ..الخ.ومن المفارقات في هذا الشأن أن اللفظ الشائع عربياً، وهو
الخصخصة لانصيب له من الصحة اللغوية، فما وجدنا – فيما اطلعنا عليه – من معاجم
وقواميس لهذا اللفظ ولا لفعله " خصخص " أثراً فى تلك المصادر . وعلي عكس
ذلك وجدنا للفظ خصص وتخصيص وتخصيصية وجوداً عربياً واضحاً . وبالتالي فهو الأولي
بالإستخدام والتداول في المحافل العلمية . وحبذا _ فى ضوء ذلك _ استبدال مصطلح
التخصيصية بالخصخصة، مع الوعي بإمكانية الإبقاء علي هذا المصطلح في الإستخدام " الخصخصة " من باب أنه خطأ شائع
لكنه معمول به ومتعارف عليه. والأمر في الأول والأخير أمر مصطلح إقتصادي، ولا مشاحة
في الإصطلاح, طالما كان المعنى المقصود واضحاً في أفئدة السامعين له والمتعاملين
معه .
ولهذا
المصطلح العديد من المفاهيم، يرجع تعددها وتنوعها إلى ما لهذا الموضوع لدي
المهتمين من رؤيتين، رؤية موسعة ورؤية مضيقة. ومعني ذلك أن هناك زاويتين ؛ زاوية
منفرجة وزاوية حادة " بالتعبير الهندسى " . فهناك من ينظر فيه ويتعامل
معه علي انه نهج اقتصادي كامل وشامل يحيل النظام الاقتصادي القائم من تصنيف لتصنيف
آخر . وهناك من ينظر فيه علي أنه نهج اقتصادي جزئى يتعلق بتعديل وتغير بعض جزيئات
الهيكل الاقتصادي القائم والنظام الاقتصادي المهيمن دون أن يترتب عليه أو ينجم عنه
تغير للهيكل وللنظام ككل.(1)
فى الإطار الواسع تطالعنا المفاهيم التالية "
الخصخصة هى مجموعة السياسات والإجراءات المتكاملة التى تستهدف الاعتماد الأكبر علي
نظام السوق وآلياته فى تحقيق التنمية والعدالة".(2) ومعني هذا
التعريف أننا بإزاء الخصخصة أمام إعادة نظر شاملة للاقتصاد القومي وأدواته
ومؤسساته، وخاصة فيما يتعلق بدور كل من الدولة والسوق في تسيير شؤنه.
وهى"جزء من عملية الإصلاحات الهيكلية للقطاع العام
في البنيان الاقتصادي، تستهدف رفع معدل النمو الاقتصادى، من خلال تحسين وكفاءة
المؤسسات والأداء السياسى".(3) وفي الإطار الضيق نجد هذه المفاهيم
" هى تحويل بعض المشروعات العامة الى مشروعات خاصة من ةحيث الملكية أو من حيث
الإدارة " وهى إدارة المنشأة على أساس تجاري من خلال نقل ملكيتها كلها أو
بعضها للقطاع الخاص، أو تأجير خدمات محترفة تضطلح بمهمة تسير المنشأة على هذا الطريق
".(4)
ومن الناحية الواقعية نجد المفهومين يسيران سويأً، فتجري
عملية تحويل بعض المشروعات العامة ألى مشروعات خاصة فى ركاب عملية واسعة تستهدف
تغير المسار الكلي للاقتصاد وتعديل النظام الحاكم له. ولم نجد – فيما أطلعنا عليه
من تجارب- من يقف عند حد تحويل بعض المشروعات العامة إلى مشروعات خاصة، ودونما
تغيير جوهري هيكلي في بنيان الاقتصاد ونظامه.
وهكذا نجد
النظرات متفاوته ضيقاً واتساعاً. والوعي بهذا التمييز مهم في التعرف الدقيق على
جوانب الموضوع، وبخاصة ما يتعلق بتقويمه على الصعيد الاقتصادي وعلى الصعيد الشرعي.
إذن نحن أمام ظاهرة محلية وعالمية تقوم على تحويل للمشروعات العامة أو بعضها إلى
مشروعات خاصة، ملكية أو إدارة. وتقوم كذلك
على اعادة رسم الخريطة الاقتصادية بحيث يكون الفاعل الرئيسي فيها هو نظام السوق
بدلاً من الدولة ونظام التخطيط.
2-
التخصيصية – نبذة تاريخية:
ما إن بدأ القرن
العشرون في البزوغ إلا وجدت عوامل متنوعة عملت على إيجاد دور بارز ومؤثر للدولة في
المجال الاقتصادي، ويوماً بعد يوم قويت هذه العوامل ونمت، ومن ثم تضخم الدور
الاقتصادي للدولة؛ ولم يقف الحال في هذا الأمر عند حد الدول الاشتراكية بل تجاوزه
إلى الدول النامية، حيث أخذت فيها الحكومات زمام قيادة الاقتصاد لتحقيق التنمية
الاقتصادية، باعتقاد أن هذا العمل الشاق والمجهود الضخم لا ينهض به إلا الدولة بكل
مالها من صلاحيات وما تمتلكه من سلطات ومؤسسات. كما تجاوزه إلى الدول الرأسمالية
المتقدمة، حيث أخذت الحكومات على عاتقها عبء القيام باصلاح ما أفرزه نظام السوق من
مثالب اجتماعية واقتصادية، تتعلق بالاستقرار الاقتصادي، وبالتوازن الاجتماعي،
وبالكفاءة الاقتصادية.
وما إن دخلنا في منتصف القرن العشرين وسرنا فيه حتى بدت عوامل
التحول من هذا النهج إلى نهج مغاير، رويداً رويداً. من جراء ظهور متغيرات ومستجدات
اقتصادية واجتماعية وسياسية. وأخذ القطاع الخاص يحتل مكانه شيئاً فشيئاً إلى أن
دخلنا في الربع الأخير من هذا القرن، حيث كان التحول قد وصل إلى ذورته، فأخذ الفكر
وفي ركابه التطبيق ينادي بسيادة وسيطرة وهيمنة القطاع الخاص، وانحسار دور القطاع العام،
وكف الدولة يدها عن الكثير مما كانت في الماضي تبسطها عليه. وبدت العملية كما لو
كانت مقابلة بين دورين أو بين فاعلين، إذا قوى أحدهما ضعف الآخر. والمسألة سجال
بين القطاع العام والقطاع الخاص، وقد آن الأوان أن ينزل القطاع العام من على عرش
الهيمنة والقيادة ويسلمه للقطاع الخاص.
وسيطر على الفكر والتطبيق مصطلح الخصخصة، كما سيطر من قبل مصطلح
التأميم، وساد جهاز السوق كما ساد من قبل جهاز التخطيط، والأيام دول حتى بين
الأنظمة والمصطلحــات.(5)
ومن الطبيعي أن يكون وراء هذه التحولات الاجتماعية والاقتصادية
الكبرى العديد من العوامل والاعتبارات والملابسات. فمنذ حوالي عقدين تعرض الاقتصاد
العالمي في عديد من الدول لبعض الاختلالات الكبيرة الداخلية والخارجية، فهناك عجز
متزايد في الموازنات العامة وعجز متزايد في موازين المدفوعات، وارتفاع في معدلات
البطالة ومعدلات التضخم، وتزايد كبير في حجم الديون المحلية والأجنبية.(6)
وعلى ساحة الدول الرأسمالية المتقدمة تولدت رغبة قوية لدى بعض حكامها في توسيع
قاعدة الملكية، وكذلك في رفع الكفاءة الاقتصادية ومن ثم رفع مستوى المعيشة وتعزيز
القدرات التنافسية، في سوق يسير بسرعة نحو العالمية. وتحقيق ذلك إنما يكون من خلال
تقليل النفقات والتكاليف، والمزيد من التجديد والتحديث في المعدات والأدوات ونظم
الإدارة.(7)
وقد كانت هذه الدول الرأسمالية سباقة في تبني هذا التوجه الذي
مثلت فيه الخصخصة محوراً رئيساً، وعلى رأس هذه الدول انجلترا، ففي عام 1977 عرضت
شركة البترول البريطانية للبيع ثم شركة الطيران ثم شركات المياه والكهرباء وغيرها.(8)
وتبع انجلترا في ذلك العديد من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، حتى لقد أصبح
بمثاية موجة غطت مختلف بلدان العالم. وقد قام كل من البنك الدولي وصندوق النقد
الدولي بتحفيز الدول وترغيبها في سلوك هذا المسلك، وطبقاً لتقارير البنك الدولي
فقد تم خلال الثمانينات من القرن العشرين خصخصة ما يزيد على 6800 مشروع عام، وخلال
التسعينات تم خصخصة ما تزيد قيمته على 19 مليار دولار أمريكي من المشروعات في ربوع
البلاد النامية وحدها.(9)
3- الدوافع والأهداف(10)
دفعت إلى هذا التوجه الكاسح نحو التخصيصية عوامل متعددة يمكن
الإشارة إلى بعضها فيما يلي:
1-
رفع الكفاءة الاقتصادية
للاقتصاد القومي. فقد تبين أن قدرات وإمكانات القطاع العام متواضعة على المستوى
الإداري وعلى المستوى الفني، ومن ثم فهو عاجز عن تقديم السلعة أو الخدمة ذات
النوعية العالية، يضاف إلى ذلك ما يتحمله هذا القطاع من خسائر متزايدة ناجمة عن
ارتفاع التكاليف وتدني الإيرادات. وبالتالي فقد بات عبئاً على الموازنات العامة
للدول بدلاً من أن يكون مصدراً من مصادر إيراداتها. وليس بخاف على أحد ما أصبح
يسببه القطاع من مشكلات مالية للدول ومن اختلالات متضخمة في موازناتها. إضافة إلى
ما يمارسه من هدر للكثير من الموارد والطاقات، إن الخصخصة تقلل من النفقات العامة
وتزيد من الإيرادات العامة.
2-
واجهت الدول على إختلافها
مشكلات حادة للبطالة، وبعد أن كان القطاع العام ملاذاً فسيحاً لتشغيل المزيد من
أفراد القوة العاملة أصبح عاجزاً عن القيام بذلك، بل أصبح مأوى للبطالة المقنعة
التي لا تقل وطأتها الاقتصادية عن البطالة السافرة. ومن المعتقد أن الخصخصة سوف
تسهم، من جهات متعددة في مواجهة هذه المشكلة. بيد أن الواقع لا يقدم تأييداً لهذا
الاعتقاد، بل قد يشير ويفيد عكسه.
3-
توفير نوعية عالية من السلع
والخدمات من قبل القطاع الخاص تستطيع التنافس مع المنتجات الأجنبية، وبالتالي
تحسين وضعية موازين المدفوعات.
4- تسهم الخصخصة في توسيع قاعدة الملكية، كما أنها
تجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتغري بالعودة رؤوس الأموال الوطنية.
5- إعادة تحديد دور الدولة بما يؤهلها للقيام
بوظيفتها الكبرى المتمثلة في التحكم والانضباط والإشراف والرقابة بعد أن شغلت عن
هذه الوظيفة الأولى بممارسة النشاط الاقتصادي. الذي لا يتواءم وطبيعتها. فالدولة
خلفت للسلطة والحكم والقيادة ولم تخلق لتمارس الأنشطة الاقتصادية مع الممارسين لها
من الأفراد. وإلا خلت الساحة من الحكم.
6-
تفعيل المدخرات المحلية
ودعم الوعي الأدخاري لدى الأفراد من خلال فتح الباب أمامهم لامتلاك حصص أو أسهم في
هذه المشروعات.
7-
وهناك دافع قد لا يقل أهمية
عن الدوافع الأخرى وهو الدافع الأيديولوجي، فهناك رغبة عارمة لدى دول النظام
الرأسمالي بتعميم كل مبادئه وتنظيماته على كل دول العالم ، سواء كان ذلك في صالح
هذه الدول أو في غير صالحها.
ولهذا الدافع رصيد كبير من الصحة والمصداقية، وغير خاف ما هنالك
من صلة وارتباط بن الخصخصة والعولمة، وبخاصة الشركات العالمية، فهناك تحريض قوي
مباشر وغير مباشر وأحياناً يصل إلى درجة الحمل والضغط على قيام الدول النامية
بالمزيد من الخصخصة، لأن ذلك يتيح الاستحواز على العديد من الشركات والمؤسسات
الوطنية أو المشاركة فيها غير عابئة بما يكون لذلك من أثر على الاقتصاد القومي.
وتجد الإشارة إلى أن تحقق
هذه الأهداف متوقف على العديد من العوامل المنوطة بالدولة من جهة وبالقطاع الخاص
من جهة أخرى.
4- الأساليب والصور(11)
لخصخصة المشروعات العامة العديد من الصور والأساليب. وبوجه عام
يوجد شكلان أو أسلوبان للخصخصة: خصخصة الملكية و خصخصة الإدارة.
1- خصخصة الملكية : ومؤداها تحويل ملكية المشروع كلياً أو جزئياً إلى ملكية خاصة
ويمكن أن يتم ذلك من خلال البورصة أو المزايدة أو إلى العاملين فيه، كما يمكن أن
يتم من خلال بيع المشروع أو جزء منه كأصول. وبالطبع فإن بعض هذه الصور لا تصلح
لخصخصة ملكية كل المشروعات، وإنما قد يصلح هذا الأسلوب لمشروع ولا يصلح لمشروع
آخر. واختيار الأسلوب المناسب ويقلل من التحديات الكبيرة أمام نجاح الخصخصة.
2- خصخصة الإدارة : ومؤداها عدم طروء أي تغيير في نمط ملكية المشروع، فيظل المشروع
مملوكاً ملكية عامة لكن الذي يحدث تغيير أسلوب ونمط إدارته. وهناك صور عديدة
لخصخصة الإدارة. منها عقود الإدارة، وبمقتضاها تحتفظ الدولة بالملكية وتوكل إدارة
المشروع إلى القطاع الخاص على أن توفر له كل الأموال اللازمة. وذلك نظير عائد
محدد. وأكثر ما يكون ذلك في المشروعات الخدمية. ومنها عقود التأجير. حيث تبقى ملكية
المشروع للدولة ويؤجر للقطاع الخاص، والفرق بين هذه الصورة وسابقتها أنه في حال
التأجير يدفع المستأجر الإيجار. بغض النظر عن نتيجة المشروع. ويستخدم ذلك بكثرة في المشروعات ذات الطبيعة
الخاصة ومنها عقود الإنشاء والتشغيل والتحويل والمعروفة باسم (Bot). ويعد هذا الأسلوب أو هذه الصورة من أكثر الصور شيوعاً في عمليات
الخصخصة، لما يتميز به من البساطة وجذب الاستثمارات الخارجية. وكثيراً ما يستخدم
في مشروعات البنية الأساسية مثل شبكات الطرق ومحطات الكهرباء والمياه والمطارات
والموانى.....إلخ، ومؤدى هذه الصورة قيام المستثمر ببناء المشروع وتشغيله لمدة
محددة يعود بعدها إلى الحكومة. وبرغم ما لهذا الأسلوب من ميزات فإن له الكثير من
المثالب التي يمكن التقليل منها إذا ما كانت هناك حكومة قوية رشيدة. وكانت بنود
الإتفاق واضحة محددة، مراعية ما يحقق أكبر قدر ممكن من المصلحة العامة.
ومنها عقود الامتياز. حيث تمنح الحكومة إحدى الجهات امتيازاً
خاصاً لإنتاج أو توريد جزء من خدمة معينة. وبرغم قدم هذا الأسلوب فإن استخدامه
الآن في البلاد النامية محدود لحساسيته الزائدة تجاه المخاطر الاقتصادية
والسياسية.
5- دروس مستفادة: (12)
بالنظر في التجارب والبرامج التي طبقتها الدول المختلفة لإنجاز
عملية الخصخصة نجد أن نتائج عملية الخصخصة تفاوتت بشكل كبير إيجاباً وسلباً من
دولة لأخرى. وبوجه عام نجد أن الخصخصة قد حققت نتائج إيجابية في الدول المتقدمة
بيد، أن نتائجها في الدول النامية كانت في جملتها مخيبة للأمال، حيث لم تحقق
الكثير من أهدافها، بل إنها في حالات كثيرة جاءت بنقيض مقصودها، وذلك على صعيد
الكفاءة والعدالة والعمالة وعلاج الاختلالات في الموازنات العامة وموازين
المدفوعات. ففي الكثير من البرامج زاد حجم البطالة ولم ينكمش، وارتفعت الأسعار،
ولم تتحسن بشكل ملحوظ موازنات الدول وموازين مدفوعاتها. بل وبددت أصول المجتمع
الإنتاجية الثابتة من خلال عدم الرشد في استخدام حصيلة بيعها، كما أن التقويم شابه
في حالات عديدة الفساد، وأسهمت في توسيع نطاق الاحتكار. وتملك الأجانب كثيراً من
الأصول الإنتاجية المهمة.
والتساؤل المثار هو: لم كان هذا الحصاد المر؟ والجواب عن ذلك أن
الخصخصة ليست مسألة نظرية فكرية يتقرر من خلال الورق صلاحها من عدمه، وإنما هي
مسألة عملية ونهج تطبيقي، ومن ثم فهي في حاجة ماسة إلى توافر العديد من المقومات
حتى تحقق مقصودها، ومن ذلك:
1- توفير
البيئة الملائمة من النواحي التشريعية والقانونية
2- توفير
القناعة لدى العاملين في المشروع حتى لا يعرقلوا سير العملية
3- وجود
جهاز قومى أمين وكفء يتولى القيام بعملية الخصخصة.
4- وجود
توافق قومي صريح حول كل خطوات عملية الخصخصة وحتى التصرف في حصيلتها.
وبعبارة جامعة توفير قاعدة المشروعية لهذه العملية.(13)
حتى تحقق أقصى قدر ممكن من المصلحة العامة، تلك التي ترتكز على ركيزتى الكفاءة
والعدالة معاً. ومما يؤسف له أن العديد من برامج الخصخصة في الدول المختلفة وخاصة
الدول النامية قد أخفق في توفير معظم هذه المتطلبات.
! ! !
الفرع الثاني
الاقتصاد الإسلامي والخصخصة
يمكن التعرف على موقف الاقتصاد الإسلامي من عملية الخصخصة وتقليص
دور القطاع العام من خلال دراسة المسائل التالية:
1-
وظائف
الدولة:
موضوع الخصخصة هو عنصر في موضوع أكبر وهو وظائف الدولة أو دور
الدولة في المجتمع، وخاصة في المجال الاقتصادي. فكثيراً ما نطالع أثناء نظرنا في
موضوع الخصخصة إشارات واضحة إلى انعكاس ذلك على دور الدولة أو وظائف الدولة. ومن
الإشارات ما يفيد أن الخصخصة إن هي إلا تهميش لدور الدولة، واختزال لوظائفها،
ومنها ما يفيد أن المسألة لا تعدو أن تكون إعادة هيكلة لهذا الدور ولتلك الوظائف
دون أن يكون لها علاقة بقوة وضعف، وحجم هذا الدور، بل إن البعض ليذهب إلى أن
الخصخصة هي في الحقيقة مزيد من التفعيل والتقوية لدور الدولة، حيث تباعد بينها
وبين الانشغال والاستنزاف في أعمال وأدوار لا تمثل قمة الدور أو الوظائف المنوطة
بها، وانشغالها بذلك. فيه المزيد من الإنهاك والضغط وعدم وجود الفرصة أو القدرة
على ممارسة أهم وظائفها.(14) وأيا كان الأمر فالذي لا شك فيه أن هناك
ارتباطا وثيقا بين هذا وذاك. ومن ثم بات التعرف على وظائف الدولة في الاقتصاد
الاسلامي مطلباً ضرورياً للتعرف ولو الجزئي على موقف الاقتصاد الاسلامي من
الخصخصة.
في ظل الاقتصاد الوضعي تتحدد وظائف الدولة ومالها من دور من قبل
المجتمع، في ضوء ما هو عليه من ثقافة وقيم، وما يعايشه من ظروف وملابسات، وأوضاع
الاقتصادية. ولكون هذه المحددات متغيرة من زمان لزمان ومن مكان لمكان فإن وظيفة
الدولة بدورها متغيرة، فنراها في الاقتصاد الاشتراكي مختلفة عنها في الاقتصاد
الرأسمالي، بل نراها في داخل المجتمع الواحد والنظام الاقتصادي الواحد متغيرة من
آن لآن، ولذلك وجدنا الدولة الحارسة ووجدنا الدولة المتدخلة ووجدنا الدولة المنتجة
ووجدنا دولة الرفاهة.وكل دولة من هذه الدول ذات طبيعة ووظيفة مغايرة للأخرى.
فإحياناً يخف الدور ويقل حتى لا يكاد يذكر كما هو الحال في الدولة الحارسة،
وأحياناً يقوى الدور ويكبر حتى يكاد يبتلع ما عداه كلية، كما هو الحال في الدولة
المنتجة التي أخذت على عاتقها مهمة القيام بالنشاط الاقصادي، وأحيانا نجد الدور
معتدلا متوسطا، كما هو الحال في الدولة المتدخلة ودولة الرفاهة.
وفي ضوء هذا التبدل والتطور في دور الدولة ووظائفها لا نجد في
ظاهرة الخصخصة ما يثير الاهتمام بشكل مكثف في ظل الاقتصاد الوضعي، فما هي في
النهاية إلا دورة من دورات التاريخ أو موجة من موجاته. فهل الأمر في الاقتصاد
الاسلامي على هذا النحو أم له منحى مغاير؟
إن الاقتصاد الاسلامي إلهي المصدر وإلهي المبادئ والقواعد يرتكز
على النصوص الشرعية واجتهادات علماء المسلمين، واستقراء تلك المصادر وتدبرها يجعل
الإجابة على السؤال المطروح بأن الأمر في الإسلام مغاير لما عليه في الاقتصاد
الوضعي مغايرة تكاد تكون كلية في هذا الشأن.
ومنشأ هذه المغايرة اختلاف الركائز والمنطلقات، فهي هناك بشرية
محضة، وهي هنا إلهية محضة، فلم يحدد المسلمون من عند أنفسهم وظائف ومهام الدولة
الحاكمة لمجتمعهم، وإنما تم ذلك من قبل الاسلام، وما على المسلمين إلا الفهم
والاستنباط ثم الصياغة في صورة مقولات فنية. فإذا قال الاقتصاديون الاسلاميون إن
كفالة الحد الإدنى من المعيشة لكل أفراد المجتمع الاسلامي من وظائف الدولة ومهامها
الأساسية فإنهم لم يبتدعوا ذلك من عندياتهم، وإنما هو الاهتداء والفهم والاستنباط
من النصوص الشرعية؛ القرآنية والنبوية، وقس على هذا بقية الوظائف والمهام.
وحيث إن الأمر في الاقتصاد الاسلامي في هذه المسألة على هذا النحو
فإن القضية لا تخضع للظروف والملابسات ولا للأهواء والتوجهات، وبالتالي تتبدل
وتتغير من حين لآخر. وخاصة من حيث الحجم والقوة. وإن تطورت من حيث الشكل والصورة.
وقد غاب عن البعض الفهم الدقيق لهذا الأمر نذهب إلى أن دور الدولة في الاقتصاد
الاسلامي يعتريه التغير والتبدل من حيث النطاق والحجم والقوة والضعف، تبعاً لظروف
وأوضاع المجتمع. إن مهمة الدولة في الإسلام تتجسد في أمر واحد هو رعاية المجتمع
"فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته" والرعاية كما هو بارز في اسمها وكما
فهمها العلماء هي منتهى الحفظ والصيانة، وتحقيق أكبر مصلحة ممكنة. ومعنى ذلك أنها
لا تقل في حالات وتزيد في أخرى، ولا تضعف في حالات ولا تقوى في حالات.(15)
وقد تناول علماء المسلمين قديماً وحديثاً
هذه الوظيفة الجامعة بالتحليل والدراسة والتفصيل فأشتقوا منها، عملاً بالنصوص،
العديد من الوظائف النوعية. والمطلع على هذه الدراسات القديمة والحديثة يجدها كلها
داخلة في إطار الرعاية . كما يجد التنوع في التقسيم والتفريع، وربما في الأولويات.
فهناك من ينوع هذه الوظائف بشكل كبير يتجاوز بها السبع أو العشر، وهناك من يجمل
ويدمج، وهناك من يبدأ بكذا ومن يبدأ بكذا. والكل منطلقه واحد، هوالاسلام بنصوصه
وقواعده.
وفي ضوء هذا التمهيد الذي قد يبدو أنه طال نوعاً ما يمكن الاشارة
إلى ما نراه من وظائف للدولة في ظل الاقتصاد الاسلامي. وكما ذكرنا سلفاً فإن دراسة هذه المسألة ليست
ذاتية، وانما هي مشتقة أو منبثقة من موضوعنا الذاتي الأصيل وهو موقف الاسلام أو
بالأحرى موقف الإقتصاد الاسلامي من قضية الخصخصة .
ولذا فلن نطيل القول فيها.(16) وترتيبنا لهذه الوظائف
لا يعنى من قريب أو بعيد أنه يعكس الأهمية النسبية .
(1) توفير
الخدمات الأساسية للمجتمع، وعلى رأسها الدفاع والأمن والعدل، وتمتد لتشمل مختلف المرافق
العامة ذات الخدمات الضرورية للعامة مثل الطرق والجسور والمواصلات والمياه
والكهرباء، وغير ذلك من كل ما تمس حاجة المجتمع اليه، مثل التعليم الأساسي والصحة
العامة. وقد أقسم عمر لعلي رضي الله عنهما على أنه لو ذهبت عناق بشاطئ الفرات لأخذ
بها عمر يوم القيامة(17)
(2) تأمين
الحد الأدني من المعيشة لكل فرد في المجتمع عجز عن توفيره بنفسه أو من
خلال من تلزمه نفقته، بغض النظر عن عقيدته .
أذ لا يتحقق مفهوم الرعاية مع عدم توفر ذلك المستوى المعيشى لكل فرد، والنصوص والتطبيقات الشرعية في ذلك عديدة .
وتوفير ذلك يتطلب أن يكون لدى الدولة من الأموال مايكفى لتغطية هذا الأمر . وقد
وفر الإسلام للدولة الأدوات والأساليب التي تؤمن لها ذلك.
(3) وضع
الإطار الملائم للنشاط الإقتصادى . فالدولة مسؤولة عن رعاية مصالح العامة والحفاظ على مقاصد
الشريعة . وتحقيق ذلك إنما يكون من خلال العديد من السياسات الاقتصادية وغيرها،
مثل السياسة المالية والسياسة النقدية والسياسة التجارية والسياسة الدخلية . وكذلك
ما يتعلق بوضع التشريعات التي تكفل حماية الحقوق لأصحابها وفض المنازعات،وكذلك
توفير المعلومات والبيانات وكل ما من شأنه إقامة نشاط اقتصادى جيد، وبالإختصار إن
الدولة مسؤولة عن توفير المناخ الصحي لإقامة نشاط اقتصادى كفء, لأنها مأمورة
برعاية مصالح الناس التي هي حقوق للناس عليها بتعبير الإمام على رضى الله عنه (
ولكل علي الوالى حق بقدر مايصلحه) . ومن الأمثلة الفذة على ذلك ما فعله عمر مع
راعى الغنم عندما رآه يرعى فى أرض أقل خصوبة فصاح عليه قائلاً: إنى قد مررت بمكان
هو أخصب من مكانك، وإن كل راع مسؤل عن رعيته.(18)
(4) الإشراف
على القطاع الخاص ومداومة النظر في شئونه,(19) ومهمتها
هنا تتلخص فى كلمتين لاثالث لهما، الإعانة والتقويم . فعليها إعانته لينهض بدوره
على الوجة الأمثل، ولها في سبيل ذلك العديد من الادوات والصلاحيات المالية
والتجارية وغيرها، وعليها من الناحية الاخري أن تقومه وتجبره علي سلوك الجادة والحيلولة
بينه وبين الحاقه ضرراً بالغير . ويدخل في ذلك الربا والغش والاحتكار وكل أساليب
اختلال التعامل والاستثمار والتوزيع
والتصدير والاستيراد وتقديم خدمات علي غير وجهها. وقد أفاضت كتب الحسبة
وغيرها في ذلك.ومعني هذا يوضوح أن ترك الحبل علي الغارب للقطاع الخاص، يفعل ما
يحلو له، وترك ما يريد، هو أمر مرفوض في الاسلام، فالقطاع الخاص قائم ولة صلاحياته
وحقوقه، ولكنه في الوقت ذاته محاط بعيون الدولة وتحت إشرافها تعينه وتدعمه من جهة،
وتقويه وتأخذ علي يدة من جهة ثانية. فالاعتراف بالقطاع الخاص وحريته وحقوقة
لايتعارض مع الاعتراف للدولة حياله من إشراف ورقابة وتنظيم، تحقيقاً للإعانة
والتقويم.
(5) ضمان
تشغيل الموارد والطاقات والعمل علي تنميتها وعدم تبديدها.(20) إن
الاسلام ينهي عن إضاعة المال، وينهي عن الاسراف والتبذير، ويكف يد السفيه عن
التصرف في ماله ويعتبر حفظ المال أحد مقاصده الكبري، وإذا كانت هذ التكليفات
والاوامر والنواهي تنصرف إلي الاشخاص فهي تنصرف كذلك إلي الدولة والقائمين علي
أمور الامة، فليس من الرعاية المأمورة بها وجود موارد معطلة أو مهدرة، لأن ذلك
يحول دون تحقيق الكثير من العبادات،كما أنه يعد معصيه لله سبحانه وتعالي. وتحقيقا
لذلك قامت الدوله في صدر الآسلام بإحياء الموات، والاقطاع، ودفع الناس إلي ممارسة
النشاط الاقتصادى، وحاربت البطالة
(6) تحقيق
التوازن الاجتماعي والاقتصادي. فإذا كان تأمين الحد الادني من المعيشة وظيفة للدولة الاسلامية
فإن تحقيق التوازن بين الافراد اجتماعيا واقتصاديا هو وظيفة أخرى للدولة. وتتضمن هذة الوظيفة عدالة التوزيع، ووضع ظوابط
للتفاوت في الدخول والثروات وتقليل حدة التفاوت بينها . وكذلك ضرورة مراعاة
الاجيال القادمة وحماية حقوقها في مصادر الثروة. فالتوازن المطلوب شرعا هو توازن
أفقي وتوازن رأسي، أي هو توازن علي مستوي الجيل الحاضر وتوازن علي مستوي الاجيال،
فلا يطغي جيل علي أخر. وخير برهان علي ذلك ما تفعله الدولة الاسلامية في أرض
الفتوح زمن سيدنا عمر رضي الله عنه، حيث راعت في سياستها ومناهجها كل الاجيال
المقبلة وحتي قيام الساعة.(21)
هذه بعض مهام ووظائف الدولة في ظل الاقتصاد الاسلامي . ومن الواضح
أن تحميل الاسلام للدولة للقيام بهذه الوظائف يتعارض تماما وفكرة الخصخصة بمفهومها
الواسع الذي يمتد في نظر الكثير من المفكرين إلي تهميش دور الدولة في المجال
الاقتصادى، وتخليها عن الكثير من مهامها إلي القطاع الخاص، والعودة بها إلي مفهوم
الدولة الحارسة، بل إلي ما هو أبعد من ذلك ناهيك عن بقية الخدمات العامة. والقول
بذلك لاينافى القول بأن الاسلام يؤيد ويقر ما في الخصخصة من دعوة وعمل علي تعديل
وتطوير الدور الاقتصادي للدولة، مع الابقاء عليه فعالا وقويا، بل العمل علي المزيد
من تفعيله وتقويته، بحعله يقتصر علي المهام الحقيقية وترك المهام المصطنعة، والتي
كانت وبالا علي الدولة وعلي قيامها بوظيفتها في القيادة والاشراف والتوجيه
والتنظيم وضبط الامور والايقاعات، والانشغال بأمور ليست من اختصاصاتها بل هي من
شئون الافراد والقطاع الخاص، مثل
الممارسات المباشرة للانشطة الاقتصادية العادية، من زراعة وتجارة وصناعة وخدمات،
يمكن للافراد ان يقوموا بها من جهة ولديهم الرغبة في ذلك من جهة اخري. خلاصة القول
إن دراسة متأنية لوظائف الدولة في الاقتصاد الاسلامي تؤدي بنا إلى التحفظ القوي ،بل الرفض الصريح لبعض مضامين المفهوم
الواسع للخصخصة، وبالذات ما يتعلق بتهميش دور الدولة في المجال الاقتصادي خاصة،
والمجال الاجتماعي عامة. أما عن موقف الاسلام من الخصخصة بالمفهوم الضيق فإنه
يتطلب دراسة مسائل أخري مثل نظام الملكية، ونظام استغلال الممتلكات العامة، وهذ ما
نعرضه في الفقرات التالية
2-
نظام
الملكية:
من المعروف ان نظام الملكية من الاسس الكبري لاي نظام اقتصادي،
وهو أحد المعايير الاساسية للتمييز بين الانظمة الاقتصادية. وقد أصبح من المعارف
البدهية لدي دارسي الاقتصاد الاسلامي والباحثين فيه ان نظام الملكية فيه هو النظام
المزدوج، الذي يجمع بين الملكية العامة والملكية الخاصة، وليس هناك أى خلاف بين
الجميع علي ذلك، وإن بدى الخلاف فيما بعد ذلك حول طبيعة كل منها ونطاقها. ولتحقيق
مقصود ورقتنا هذه يكفي الاشارة إلي بعض محاور الملكية العامة.(22)
المحور الاول: الاموال العامة متنوعة الطبائع، فمنها ماهو مصادر وموارد للثروة
مثل الاراضي والمياه والمعادن ومصادر الطاقة ..الخ، ومنها ما هو ثروة منتجة في شكل
سلع نهائية ومنها ماهو في شكل نقود. مثل أموال الخراج واموالالزكاة وغيرها
المحور الثاني: هذة الاموال الخاضعة للملكية العامة هي كلها تحت إشراف الحكومة
وهي المسئولة عن التصرف فيها بالشكل الذي يحافظ عليها من جهة، ويجعلها تحقق
أهدافها من جهة أخري . وبالبحث والتحري في المصادر الاسلامية يتضح أن هذه الاموال
تنقسم قسمين من حيث مدي حرية الدولة أو الحكومة في التصرف فيها، ونطاق هذا التصرف،
فبعضها يمتد نطاق التصرف فيه من قبل الدولة إلي كل جوانب التصرف الممنوحة للمالك
علي ملكه من بيع واستغلال وتبرع ..الخ، وبعضها يقف حق التصرف المعطي للدولة فيها
إلي حد معين، أقل من الحدود السالفة، فلا يحق لها مثلا أن تبيعها أو تمنحها. وقد
حمل هذا التمييز بعض الباحثين إلي القول بأن الملكية العامة، أو بالأحرى الملكية
غير الخاصة هي نوعان ؛ ملكية عامة أو جماعية وملكية الدولة أو بيت المال. الاولي
هي حق لكل أفراد المجتمع، ومن ثم لايتجاوز دور الدولة حيالها الاشراف والادارة دون
التصرف في رقابها بما يفوت علي أي فرد حصته في ملكيتها وفى ذلك يقول الإمام
الطحاوى : "ولا ينبغى للإمام أن يقطع مالاغنى بالمسلمين عنه، كالبحار التى
يشربون منها، وكالملح الذى يمتارون منه، وماأشبه ذلك مما لاغني بهم عنه " (23) ويقول الكسانى : " وأرض الملح والقار
والنفط ونحوها مما لايستغنى عنها المسلمون لايجوز للإمامأن يقطعها أحد، لأنها حق
لعامة المسلمين، وفى إقطاعها إبطال حقهم، وهذا لايجوز ". ويقول ابن قدامه :
" إن المعادن الظاهرة وهى التى يتوصل إلى مافيها من غير مؤونة ينتابها الناس
وينتفعون بها كالملح والماء والكبريت والقير والمومياء والنفط والكحل والياقوت
وأشباه ذلك لاتملك بالإحياء، ولايجوز إقطاعها لأحد من الناس، ولاإحتجازها دون
المسلمين، لأن فيه ضرراً بالمسلمين وتضييقاً عليهم....وهذا مذهب الشافعى، ولاأعلم
فيه مخالفاً" (25) أما
الثانية فهي وإن كانت في النهاية ملكا
للامة مثل السابقة لكنها أكثر خضوعا للدولة، حتي ليقال عنها إنها ملكية الدولة أو
بيت المال، وبالتالي فإن حق تصرف الحكومة فيها يمتد ليشمل كل الوان التصرفات التي
للمالك علي ماله بما فيها التصرفات في رقبتها بيعا وتبرعا، فهي من هذه الزاوية تعد
ملكية خاصة، لكن المالك لها هو الدولة بصفتها هئية حاكمة. وليس معني ذلك أن الدولة
مطلقة التصرف فيها دونما ضوابط أو قيود، فتصرف الدولة فيها مفتوح في ظل المصلحة
العامة الحقيقية التي حددت معالمها الشريعة. إن كلا من الملكية الجماعية وملكية
الدولة يخضع تصرف الدولة فيها لضابط المصلحة العامة المنضبطة والمقننة شرعا، وكل
ما هنالك من تمييز بينها فإنه يرجع إلي حدود وحجم وجوانب هذا التصرف، فهذا ذو حدود ضيقة، وذاك أوسع حدوداً أو نطاقا. وهذا
التمييز يخدمنا كثيرا في التعرف علي موقف الاقتصاد الاسلامي من نوعي الخصخصة،
فهناك أموال عامة لاتقبل خصخصة الملكية لكنها قد تقبل خصخصة الادارة والتأجير،
وهناك اموال عامة ترد عليها الخصخصة بنوعيها.
وليس من اليسير قيام تحديد دقيق لمفردات كل نوع من هاتين
الملكيتين بشكل يحظي باتفاق العلماء، لكن ذلك لايمنع من وجود أمثلة بارزة واضحة
لكل منهما لا تحتمل الجدال والخلاف، فهناك الطرق والانهار والمناجم والغابات وبعض الاراضي
تدخل تحت النوع الاول بغير خلاف يذكر، وهناك بعض الاراضي، مثل أراضي الصوافي
والاراضي التي آلت إلي بيت المال علي سبيل الميراث وانواع من الايرادات العامة
يمكن، ان ندرجها تحت النوع الثاني...
يتضح مما سبق أن النظام الإسلامي للملكية يقرر وجود الملكية العامة
كركيزة يقوم عليها النظام الإقتصادي فى الإسلام، كما يقوم على ركيزة الملكية
الخاصة. وأن هذا النظام يرفض خصخصة ملكية بعض الأموال العامة، ويجيزها في البعض
الآخر . أما خصخصة الإدارة فلايمكن التعرف على موقف الاقتصاد الإسلامى منه دون
التعرض لمسألة نظام إستغلال الممتلكات العامة. وهذا مانعرض له فى الفقرة التالية :
3-
نظام
استغلال الممتلكات العامة:
(أ) الأموال المتجمعة فى
بيت المال، مثل مال الخراج، والأموال الأخري التي توجه للإنفاق فى المصالح العامة
الأصل فيها أن توجه مباشرة للإنفاق علي هذه المصالح، فتشيد بها السدود والقناطر
وتعبد بها الطرق وتبنى بها المدارس والمستشفيات ومختلف المرافق وتدفع منها الأجور
والمرتبات ..الخ. ومعني ذلك أن الشأن فيها هو الإستخدام والإنفاق وليس الاستغلال
والحصول منها على غلة أو عائد . ومع ذلك فلنفرض أن هناك فائضاً في هذه الأموال,
وقلنا بإدخاره للمستقبل، كما نص على ذلك الكثير من الفقهاء وخاصة الأحناف. فهل
هناك ما يمنع من استثمار هذه الأموال واستغلالها في اقامة مشروعات اقتصادية؟ ليس
هناك ما يمنع ذلك، بل إن ذلك هو النهج السليم، وإلا تحولت إلى مكتنزات. طالما انها
لم تستغل استغلالاً اقتصادياً جيداً. وهناك إشارات فقهية تفيدنا في ذلك، فقد ورد
في المبسوط إن المروزى نقل عن محمد بن الحسن قوله " فإن اشترى الإمام بمال
الخراج غنماً سائمة للتجارة وحال عليها الحول فعليه فيها الزكاة "(26)
والشاهد هنا الاعتراف الفقهى بقيام الدولة باستثمار واستغلال مال الخراج، وذلك
بتحويله إلى أصول نامية يتحقق منها ربح. وقد تمثل ذلك في عهده فى شراء غنم ترعى
وتنمو وتتكاثر وتباع, بدلاً من الاحتفاظ بأموال الخراج في شكل نقدي لاينمو على
مدار الوقت . وقياساً على ذلك، للدولة القيام بإستغلال هذه الأموال بالأسلوب الذى
تراه أكثر صلاحية . وقد يتمثل ذلك فى اقامة مشروعات اقتصادية تنتج سلعاً وخدمات
بقصد الربح . ومعني ذلك قيام مايعرف حالياً بالقطاع الاقتصادى العام.(27)
وهنا يرد تساؤل : هل يحق للدولة في ظل ظروف معينة أن تخصص هذه المشروعات ؟ وما
هي صور هذه الخصخصة ؟ .
أعتقد – والله أعلم – أنه طالما أن أصل ومصدر هذه المشروعات هي
أموال مملوكة لبيت المال فإنه من حق الدولة أن تخصص هذه المشروعات خصخصه ملكية
وإدارة معا، شريطة أن يخضع ذلك للضوابط الشرعية الحاكمة للدولة فى تصرفاتها فى
الأموال العامة.ً
(ب) الممتلكات العامة
الإنتاجية المتمثلة فى موارد الثروة مثل الأراضي والمناجم والغابات والمياه ومصادر
الطاقة ..الخ
هذه
الموارد تحتاج إلى لستغلال وتنمية حتى لاتترك معطلة . ومعنى ذلك أقامة المشروعات
الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية . مثل محطات توليد الطاقة ومشروعات إستخراج
المعادن وتصنيعها، والمشروعات الزراعية ...الخ.ومثل هذه المشروعات تتطلب مشروعات
تتولى تصريف هذه السلع والخدمات . فهل من
حق الدولة إقامة مثل هذه المشروعات الإقتصادية العامة؟ أو بعبارة أخري هل من حقها
إقامة قطاع عام يمارس أنشطة اقتصادية متنوعة؟
من
الناحية النظرية نعم من حقها ذلك، بل قد يكون من واجبها إقامة هذه المشروعات لإنها مسؤلة عن إستغلال وإستثمار هذه الموارد
حتى سستفيد منها كل الناس.
وقد
لا يتأتى ذلك إلا من خلال إقامة هذه المشروعات العامة.
ومن
الناحية العملية التطبيقية قد قامت الدولة في صدر الإسلام بشىء من هذا القبيل(،28)
حيث ثبت أن الدولة فى عهد عمر رضي الله عنه
إستغلت أرض الصوافي بنفسها، أى أقامت مايمكن إعتباره مشروعات زراعية عامة
.كما ثبت لدى البخارى أنه عندما أجلى عمر رضى الله عنه اليهود من خيبر قامت الدولة
بأستغلال حصتها فى هذه الاراضى، و خيرت أصحاب الحصص الاخرى فى أن يقوموا هم بأستغلالها
او أن تقوم الدولة بأستغلالها لهم نظير جزء من الناتج. وتفيد هذه الواقعة قيام
الاستغلال العام "القطاع العام" على الممتلكات العامة . وكذلك قيام
القطاع العام على ممتلكات خاصة بهدف إستغلالها من قبيل ما يمكن تسميتة "
عمعمة الادارة " على غرار خصخصة الادارة . وقدم الفقه تنظيراً فقهيا لاستغلال
هذه الممتلكات الانتاجية العامة . موضحا ان أمام الحاكم اسلوبين لاستغلال هذة
الاموال، الإسلوب العام " القطاع العام " و الإسلوب الخاص "
الاستغلال من قبل القطاع الخاص " وعلى الحاكم ان يختار احسن الاسلوبين . يقول
الدسوقى : ".. أما المعدن من حيث هو فيمكن أستغلاله بأحدى طريقتين : إقطاعه
لمن يستغله فى نظير شىء لبيت المال، وهو إقطاع إنتفاع لا إقطاع تمليك، وان يجعل
للمسلمين،بأن يقيم الوالى فيه من يعمل للمسلمين بأجرة. (29) ويقول ابن رشد :" فإن كانت المعادن فى أرض
حرة او فى أرض العنوة أو فى الفيافى التى هى غير ممتلكة كان أمرها الى الامام،
يقطعها لمن يعمل فيها، أو يعامل الناس على العمل فيها لجماعة المسلمين على ما يجوز
له " (30) ويقول يحيى بن أدم : " وكل ارض لم يكن فيها أحد
تمسح عليه ولم يوضع عليها الخراج، قال حسن : فذلك للمسلمين، وهو إلى الإمام، إن
شاء أنفق عليها من بيت مال المسلمين وأستأجر من يقوم فيها، ويكون فضلها للمسلمين،
وإن شاء أقطعها رجلا ممن له غناء عن المسلمين ".(31)
أما
عن الاسلوب الثانى للاستغلال وهو الاستغلال الخاص، من قبل القطاع الخاص فله هو
الاخر ركيزته التطبيقية . فقد ثبت ان الرسول صلى الله علية وسلم دفع ارض خيبر
لليهود ليقوموا بأستغلالها نظير جزء من الناتج عندما رآى أنهم أقدر على زراعتها .
كما ثبت أن عمر رضى الله عنه دفع أراضى الفتوح الاسلامية و التى أصبحت ملكية عامة
لاصحابها السابقين ليقوموا باستغلالها نظير جزء من الناتج،. وفى الحالتين لم تقم
الدولة باستغلال هذه الموارد من خلال القطاع العام . كذالك ثبت أن عثمان رضى الله
عنه حول إستغلال أراضى الصوافىمن القطاع العام إلى القطاع الخاص عندما تبين له أن
الثاني أكفاْ من الاول، إذ لم يزد العائد على
الدولة من خلال الاسلوب العام عن تسعة ملايين، درهم بينما وصل فى الأسلوب
الخاص الى خمسين مليون درهم (32)
وعندما
جاء عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه امر باْن تستغل أراضى الصافية من قبل القطاع
الخاص طالما كان ذالك ممكناٌ، وإلا يتم إستغلالها من قبل القطاع العام.(33)
ومن ذلك يتضح أن أصول الإقتصاد الإسلامى لا تمنع من وجود مايعرف بالقطاع العام،
سواء كان منبعه ومبعثه وجود موارد عامة إنتاجية تحتاج الى إستغلال أو كان مبعثه
وجود أموال عامة سائلة تحول إلى استثمارات بدلاٌ من تركها بحالتها النقدية معطلة .
ولا نحب أن نترك هذه المساْله دون الإشارة إلى ما هو مدون ومعروف عن بعض علماء
الإسلام من إستهجائهم بل ورفضهم لقيام الدولة باقامة مشروعات زراعية أو صناعية أو
تجارية، وما قد ينجم عن ذلك من تعارض مع ما سبق طرحه. وقد استهجن كل من الماوردى
وابن خلدون والدشقى قيام الدولة بممارسة النشاط الإقتصادى، أى بعبارة أخرى وجود
قطاع عام إقتصادى. وكانت مبرراتهم فى ذلك ما فيه من منافسة وتضييق على القطاع
الخاص، إضافة الى ماهنالك من عجز وقصور فى أداء المشروعات العامة، وكذلك ما يضيع
على الدولة من الإيرادات العامة التى كان لها الحصول عليها من المشروعات الخاصة .
وبالاختصار كان هؤلاء العلماء رواداٌ حقيقيين للفكر الإقتصادى المعاصر الذى ينادى
بكف يد الدولة عن ممارسة النشاط الإقتصادى لما يجلبه ذلك من مضار جسيمة على
الإقتصاد القومى .ومن المفيد للقارىْ أن نضع أمامه فقرات من أقوال هؤلاء العلماء .
يقول
الماوروى : (وعليه-يعنى السلطان- ألا يعارض صنفاٌ من الرعايا فى مطلبه وألا يشاركه
فى مكسبه، وربما كان للسلطان رأى الاستئثار من أحد الأصناف فيتمثل إليه من لم
يألفه، فيختل النظام بهم فيما نقلوا إليه، لأن تميزهم بإلهام الطابع أعدل فى
إئتلافهم من التصنع لها، وربما ضن السلطان بمكاسبهم فتعرض لهم وشاركهم فيها، فتاجر
مع التجار وزرع مع الزراع، وهذا وهن فى حقوق السياسة وقدح فى شروط الرياسة من
جهتين : أحدهما أنه أذا تعرض لامر قصرت فيه يد من عداه فإن تورك عليه لم ينهض به
وإن شورك فيه ضاق على أهله، وفد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال [ ماعدل وال
أتجر فى رعيته]، والثانى أن الملوك أشرف الناس منصبا، فخصوا بمواد السلطنة لأنها
أشرف المواد مكسبا فإن زاحموا العامة فى إدراك مكاسبهم أوهنوا الرعايا ودنسوا
الممالك، فاختل نظامها وأعتل مرادها]، وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه
قال :( إذا اتجر الراعى هلكت الرعية ) (34)
ويقول
ابن خلدون " فصل فى إن التجارة من السلطان مضرة بالرعايا مفسدة للجبايه. اعلم
ان الدولة إذا ضاقت جبايتها بما قدمناه من الترف وكثرة العوائد والنفقات، وقصر
الحاصل من جبايتها على الوفاء بحاجتها ونفقاتها وإحتاجت الى المزيدمن المال
والجباية، فتارة توضع المكوس على بيعات الرعايا وأسواقهم، وتارة بمقاسمة الوالى
والجباه وإمتكاك عظامهم، لمايرون أنهم قد حصلوا على شيئ طائل من أموال الجبايه لا
يظهره الحسبان، وتاره باستحداث التجارة والفلاحه للسلطان، لما يرون التجار
والفلاحين يحصلون على الفوائد والغلات مع يسارة أموالهم وأن الأرباح تكون على نسبة
رؤس الأموال، فيأخذون فىإكتساب الحيوان والنبات لاستغلاله فى شراء البضائع والتعرض
بها لحوالة الأسواق, ويحسبون ذلك إدراراً للجباية وتكثيراً للفوائد، وهو غلط عظيم
وإدخال الضرر على الرعايا من وجوه متعددة، فأولاً مضايقة الفلاحين والتجار فى شراء
الحيوان والبضائع وتيسير اسباب ذلك، فإن الرعايا متكافؤن في اليسار متقاربون،
ومزاحمة بعضهم بعضاً تنتهى إلى غاية موجودهم أو تقرب، وإذا رافقهم السلطان فى ذلك، وما له أعظم
كثيراً منهم فلا يكاد أحد منهم يحصل على غرضه فى شييء من حاجاته ....."(36)
قد يبدو ان هناك شيئاً من التعارض بين هذه
الأقوال وما سبق تقريره حيال المشروعات العامة . ودرءاً لهذا التعارض ذهب بعض
الباحثين إلى أن مقصود هؤلاء العلماء ليس قيام الدولة كجهاز حاكم بإقامة هذه
المشروعات، وإنما قيام الحكام بذلك لأنفسهم ولمصلحنهم هم وليس من أجل المصلحة
العامة . وأرى أن هذا التأويل فيه بعد. ونحن فى سعة من القول به, ويمكن القول بأن
ماقاله هؤلاء العلماء صحيح وسليم فى ظل الفروض والواقع الذى شاهدوه، فهم يتحدثون
عن منافسة الحكومة للقطاع الخاص، ودخولها معهم في حلبة النشاط الاقتصادي وكأنها
مثلهم، تمارس هذه الأنشطة كما يمارسونها،وبالطبع فإنه في ظل هذه الفرضية فإن كل ما
تخوفوا منه صحيح، ومن ثم كان موقفهم صحيحاً اقتصاديا وأيضاً شرعيا . لأن الدولة
بذلك تضر ولاتصلح، وهي إنما جاءت لرعاية المصالح وحمايتها.
بيد
أن نطاق القطاع العام في ضوء التصوير المتقدم لا يقوم على المنافسة والمضايقة
واقتطاع حصة مما يدخل للقطاع الخاص، وإنما هو أسلوب لاستغلال الموارد العامة يمكن
اتباعه إذا ما تبين بالدراسة العلمية الدقيقة أنه أمثل وأفضل من الأسلوب البديل؟
إن فكرة مزاحمة الأفراد في الفرص المتاحة وفي أنشطتهم من قبل الدولة مرفوضة
إسلامياً، وقدنص الفقهاء على أنه لا يجوز للدولة أن تحمي من الأراضي ما يضيق الفرص
أمــام الأفــراد للاستفادة منهـــا(36)، فما بالنا بإقحام الدولة
نفسها في مجالات يقوم بها القطاع الخاص على وجه سليم،
وفى النهاية نعود
إلى لب موضوعنا ونطرح هذا التساؤل: إذا ما كان هناك قطاع عام ذو صبغة شرعية فهل من
حق الدولة أن تخصصه؟ نقول إن كان تخصيص إدارة فالإجابة بنعم، بغير خلاف، حيال كل
المشروعات العامة، شريطة أن يكون ذلك هو الأسلوب الأمثل. وشريطة ألا يترتب عليه
تفويت حق لأي فرد كان له في ظل المشروع العام في المجتمع. وقد فعل ذلك عثمان رضي
الله عنه في أرض الصوافي كما طالب بفعله عمر بن عبد العزيز.
أما
إن كان تخصيص ملكية. بأن تصبح هذه المشروعات ذات الملكية العامة مملوكة ملكية خاصة
فإن الجواب بالإمكانية أو عدمها ليس سهلاً، ولا ينبغي التعميم والإطلاق. ومرجع ذلك
ما سبقت الإشارة إليه من تنوع الممتلكات العامة ما بين ملكيات جماعية أو مشتركة
لكل الناس، وبين ملكية للدولة أو لبيت المال. وما نجم عن ذلك من ضوابط شرعية على
حدود ونطاق تصرف الدولة في هذه الأموال. وسبقت الإشارة إلى أن هناك من الأموال
العامة ما لا يحق للدولة أن تغير ملكيتها أو تعدل منها بتحويلها كلاً أو جزءاًإلى
ملكيات خاصة. بيد أن هناك أموالاً عامة تقبل هذا التحويل. ومعنى ذلك أن المشروعات
العامة المرتكزة على ملكية للدولة أو لبيت المال تقبل خصخصة الملكية، شريطة أن
يكون في ذلك مصلحة أكبر للناس. أما المشروعات العامة المرتكزة على ملكية جماعية أو
مشتركة لكل أفراد المجتمع فأعتقد أنها لا تقبل خصخصة الملكية، اتساقاً مع عدم قبول
الموارد التي كانت عليها لهذه الخصخصة. والأمر هنا في حاجة إلى مزيد بحث ودراسة
وتحرير للمسائل.
وقد يرد
هنا تساؤل مفاده إذا ما اتضح أن خصخصة بعض المشروعات العامة هي الأسلوب الأفضل،
ومنعنا الدولة من ذلك على سبيل خصخصة الملكية ألا يعد ذلك تبديدا وإضاعة للأموال
العامة؟ والجواب عن ذلك إن الإسلام يرفض تماماً كل إضاعة وتبديد لأي مال، وبخاصة
الأموال العامة والتي تعامل معاملة مال اليتيم. لكن ذلك لا يعني التخلص من هذه
الأموال العامة التي هي ملك لكل الناس. وإنما هناك بدائل أخرى، مثل خصخصة الإدارة،
ومثل تحسين وإصلاح هذه المشروعات. وبذلك تحافظ الدولة للناس على حقوقهم وملكياتهم،
وفي الوقت ذاته تتلافى التبديد والإهدار والضياع.
4-
الاقتصاد
الإسلامي وما يجري حالياً من خصخصة في دول العالم الإسلامي:
ليس
من السهل ولا من الصواب تعميم القول في ذلك، لأن أوضاع الدول الاسلامية متنوعة
متفاوتة، وإن كان يغلفها كلها ستار التخلف الاقتصادي، لكنها مع ذلك تتفاوت في
درجات النمو، أو بالأحرى درجات التخلف، وكذلك في الملابسات المحيطة. ومعنى ذلك أنه
قد لا يكون من الصواب أن يقال عن دول هذا العالم الإسلامي كلها إن مصلحتها كذا أو
كذا. ومع ذلك يمكن القول إن التوجه نحو الخصخصة بمفهمومها الجزئي الضيق قد يكون
جيداً بوجه عام، شريطة أن يتم ذلك في ضوء ضوابط حاسمة وأسس واضحة. نذكر منها
مايلى:
(أ) أن يكون ذلك هو الحل الأمثل. مثل
أن يكون صلاح المشروع العام متعذراً أو أن صلاحه لا يحقق العائد من ورائه، وهو في
الوقت ذاته لا يمثل أهمية قومية لكل المجتمع من حيث الأمن أو الاقتصاد أو الاجتماع
......إلخ
والمشاهد
في العديد من الدول الاسلامية المعاصرة أنها في فترة سابقة اندفعت نحو إقامة
المزيد من المشروعات العامة بحق وبغير حق*،
وعليها اليوم إسلامياً واقتصادياً أن تبادر بتصحيح هذه الأوضاع متخلية عما لم يكن
لها من البداية الحق في إقامته. وما يتبقى من مشروعات تطبق عليها التوجيهات التي
يقرها الإسلام، مع التأكيد على أنه لا يصح التفريط في ملكية وأحياناً في إدارة بعض
المشروعات السلعية والخدمية.
ومن
المهم إزالة لبس يقع فيه كثير من الناس وهو الربط الإيجابي بين دور الدولة أو
وظائفها وبين القطاع العام، بمعنى أن قوة هذا معناها قوة ذاك، والعكس بالعكس، بل
إن الأمر ليصل عند البعض إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث يرى إنهما مترادفان، مفادهما
واحد، وكل ذلك غير صحيح.(37) فالقطاع العام ليس هو الدولة وليس هو كل
دور أو وظائف الدولة، وإنما هو مجرد مشروعات عامة تقيمها الدولة أو لا تقيمها،
توسع فيها أو تقلل منها. وقد يكون توسع الدولة فيها على حساب قوة الدولة ومتانة
دورها، وقد يكون في تقليل الدولة منه مزيداً من القوة والفعالية للدولة.
والأمثلة
المعاصرة على ذلك لا تحتاج إلى بيان، والأمثلة التاريخية ظاهرة بارزة، فأين كانت
قوة وضخامة حجم القطاع العام إبان الدولة الإسلامية في عهد عمر ابن الخطاب رضي
الله عنه أو عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، أو عهد المنصور أو الرشيد، ومع
ذلك كانت هذه الدول من القوة والفعالية بمكان. نخلص من ذلك إلى أنه يمكن تقليص
القطاع العام دون أن يكون في ذلك مساس بدور الدولة وفعاليتها وقوتها.
(ب)
أن تتم الخصخصة بالأسلوب الأمثل. من حيث التقويم وأسلوب
التصرف وإتاحة الفرصة أمام الجميع، وعدم وجود شائبة محاباة أو رشاوي أو هدايا، فهي
أموال عامة وهي أموال الناس كافة وما الدولة فيها إلا وكيلة عنهم، كما قال بحق ابن
تيمية رحمه الله.(38)
(جـ)
أن يتم التصرف في الأموال الناتجة عن الخصخصة بأقصى درجة من الرشادة المرتكزة على
الكفاءة والعدالة معاً.
(د)
ألا يترتب عليها تضييع حق للأمة في الحاضر أو المستقبل.
وألا يتولد عنها وضع اقتصادي مناف لمبادئ الاقتصاد الاسلامي، مثل قيام احتكارات أو
تفاوت واسع في التوزيع، أو سيطرة الأجانب على مواردها، أو غير ذلك مما يهدد مصالح
الأمة، فالخصخصة في الأول والأخير ليست هدفاً أو غاية، وإنما هي وسيلة أو أسلوب
لتحقيق هدف، يتمثل في توفير مصالح الأمة.
إن
هذه الضوابط وغيرها تستهدف جعل عملية الخصخصة تحوز المشروعية الشرعية والاقتصادية
والاجتماعية، كما تحوز القبول العام من قبل أفراد المجتمع، حتى لا يتعرض المجتمع
لهزات عنيفة تقوض استقراره الاجتماعي والاقتصادي، بل والسياسي. ولعل هذا يذكرنا
بما جره سوء فهم بعض الفئات لما قام به سيدنا عثمان من اقطاعات لبعض الأفراد من
ويلات جسام على المجتمع الاسلامي ومسيرته الحضارية.
أما
الخصخصة بمفهومها الواسع والذي يفيد، كما سبق، التحول إلى نظام السوق، بحيث يكون
السوق هو المهيمن على الحياة الاقتصادية، وقد يمتد إلى نواحي أخرى، وفي الوقت ذاته
تهميش دور الدولة وتقليص وظائفها فإن ذلك مغاير للنهج الاسلامي، ومتعارض مع أصول
النظام الاقتصادي الإسلامي، كما أنه ليس من صالح الدولة الإسلامية المعاصرة انسحاب
حكوماتها من الحياة الاقتصادية تاركة إياها للقطاع الخاص، فهناك تحديات كبار لا
يتأتى للقطاع الخاص مواجهتها في غيبة دولة قوية ذات دور بارز، هناك تحديات
العولمة، وهناك تحديات التنمية، وهناك تحديات البيئة، وهناك التحديات الاجتماعية
والسياسية. وهناك تحديات تتعلق بقدرات القطاع الخاص في هذه الدول وسلوكاته، وكل
ذلك يحتم بقاء الدولة بقاء فعالاً في الساحة الاقتصادية لقيادة المجتمع القيادة
السليمة نحو تحقيق أهدافه، وإلا كانت الأمة كسفينة وسط خضم لجى تتقاذفها عواصف
وأمواج عاتية دونما ربان قوي ماهر، لا تلبث أن تفتك بها تلك الأنواء.
! ! !
الخاتمة:
نختم هذه الدراسة بهذا
التقرير الأخير
إن الاقتصاد الاسلامي يؤمن بأن الدولة القوية الفعالة هي متطلب
أساس لوجود قطاع خاص قوي وفعال ورشيد، كما يؤمن بأن وجود هذا القطاع الخاص القوي
هو ركيزة أساسية من ركائز وجود الدولة القوية.
ويترتب على ذلك ضرورة وجود الطرفين معاً وبهذه المواصفات. مع
تمييز دقيق وصريح وحاسم بين دور الدولة ودور القطاع الخاص. إن دور الدولة هو الحكم
والسلطة والاشراف والتنظيم وضبط الايقاع وتهيئة المناخ والرقابة والمتابعة والدعم
والتقويم، ودور القطاع الخاص هو الممارسة والتنفيذ للأنشطة الاقتصادية في ظل هذه
الرعاية وذاك التقويم من قبل الدولة.
وأي نهج يغاير ذلك هو نهج غير مقبول من قبل الاقتصاد الاسلامي
والله
أعلم
الهوامش
1)
رابح
رتيب،مستقبل الخصخصة، مؤسسة الأهرام، كتاب الأهرام الاقتصادى، أغسطس 1997، ص9
ومابعدها.
2)
بنك
مصر،النشرة الاقتصادية، العدد الثاني، السنة الثالثة والأربعون،ص41، د.صديق عفيفى،
التخصيصية وأصلاح الأقتصاد المصرى، مؤسسة الأهرام، مركز الدراسات الإقتصادية،
سبتمبر 1991 .
3)
نفسه ص 43، الأمم المتحدة،
اللجنة الاقتصادية و الاجتماعية لغربى أسيا، تقييم برامج الخصخصة فى منطقة
الإسكوا، د. محسن الخضيرى، الخاصخصة – منهج أقتصادى متكامل ..، القاهرة : مكتبة
الأنجلو المصرية، ص 19 .
4)
د.
منير هندى، أساليب و طرق خصخصة المشروعات العامة – خلاصة الخبرات العالمية، المنظمة
العربية للتنمية الإدارية، 1995، ص 45، بنك مصر، مرجع سابق، ص 39 .
5)
لا طلاع شيق على حوار فكرى
قيم بين أنصار القطاع الخاص و أنصار القطاع العام يراجع تشارلز وولف، السوق و
الحكومات – الاختيار بين بدائل غير مثالية، ترجمة د. على حسين حجاج، عمان : دار
البشير، 1996 .
6)
Perotti,Enrico “credipt privatization, The Americon Economic
7)
Review ، Sep . 1995،P . 849
8)
د.
عبد القادر عطية،أتجاهات حديثة فى التنمية، الاسكندرية : الدار الجامعية للنشر،
1999، ص 315 .
9)
بنك مصر، مرجع سابق، ص 40 .
10) نفسه .
11)
صالح كامل، مفهوم وأهداف
وسياسات عملية التخصيص، ضمن " دور المصاريف العربية فى التخصيصية و تطوير
الاسواق المالية،بيروت، 1993، ص 40 وما بعدها، د. رابح رتيب، مرجع سابق . د. سعيد
النجار، التخصيصية و التصحيحات الهيكلية فى البلاد العربية، صندوق النقد العربى،
أبو ظبى، ديسمبر 1998، د. محمد صالح
الحناوى، الخصخصة بين النظرية والتطبيق ،
الاسكندرية، الدار الجامعية للطباعة و النشر، 1995، ص 13 وما بعدها .
12)
بنك مصر مرجع سابق، ص50
وما بعدها .
13) بنك الاسكندرية، التخصيصية و الاصلاح الاقتصادى، د. كريمة كريم (محرر) الاقتصاد المصرى :
التحديات و السياسات من المنظور الاسلامى و الوضعى، 1997، بدون ناشر، ص76 . د.
رابح رتيب، مرجع سلبق، ص 28 وما بعدها .
14)
د . حازم الببلاوى، دور
الولة فى الاقتصاد، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1999، ص126 .
15)
نفس المصدر، ص 9 .
16)
د . شوقى دنيا، الدولة و
الاقتصاد فى الفكر الاسلامى، المؤتمر العلمى السنوى الحادى و العشرين للاقتصادين
المصرين، القاهرة، أكتوبر 1999 . وممن قال بتغير نطاق وظائف الدولة الاسلامية
طبقاً للظروف . د . منذر قحف، القطاع العام ودوره فى توليد إيرادات التنمية، ندوة
موارد الدولة المالية فى المجتمع الاسلامى من وجهة النظر الاسلامية، المعهد
الاسلامى للبحوث و التدريب، 1989، 123 .
17)
الماوردى، الاحكام
السلطانية، القاهرة : مكتبة الحلبى، ص 15 وما بعدها، الجوينى، غياث الامم، الدوحة،
الشئون الدينية، ص263 وما بعدها، المودودى، الخلافة والملك، الكويت : دار العلم، ص
26، د . عبد الله الثمالى، الحرية الاقتصادية وتدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى فى
الاسلام، دكتوراه، جامعة أم القرى، 1405، ص 340 وما بعدها، محمد المبارك، نظام
الاسلام : الاقتصاد، بيروت : دار الفكر، 1980، ص 106 وما بعدها .
18)
ابن الجوزى، سيرة عمر، ص
140 .
19)
ابن سعد، الطبقات الكبرى،
ص3, ص209 .
20)
الماوردى، الاحكام، مرجع
سابق، ص 193، وما بعدها، قوانين الوزارة، الاسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، 1978 .
21)
د .محمد بلتاجى، أثر تطبيق
النظام الاقتصادى الاسلامى فى المجتمع،
مؤتمر الفقه الاسلامى، جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية، 1404هـ، ص433 وما
بعدها.
22) لمعرفة أوسع يراجع د. شوقى دنيا، الاسلام و التنمية الاقتصادية،
القاهرة: دار الفكر العربى 1979 ص وما بعدها .
23) لمزيدمن المعرفة يراجع د . عبد السلام العبادى، الملكية فى
الشريعة الاسلامية، عمان : مكتبة الأقصى 1974، البهى الخولى، الثروة فى ظل
الاسلام، 1971، ص 101، وما بعدها، محمد المبارك، مرجع سابق، ص 103 وما بعدها، د.
عبد الوهاب حواس، الإقطاع فى الفقه الإسلامى، القاهرة : دار النهضة العربية ص 34
وما بعدها
24) الطحاوى، مختصر الطحاوى، القاهرة : بدون ناشر، 1370 هـ، ص 35
25) الكاسانى . بدائع الصنائع ، بيروت : دار الكتاب العربي، جـ3 ص52
26) ابن قدامه، المغنى، الرياض : مكتبة الرياض الحديثة، ج5 ص 572، وقد
فصل القول فى ذلك تفصيلاً طيباً د. عبد الوهاب حواس، مرجع سابق، ص 65 وما بعدها
27) السرحى، البسوط، بيروت : دار المعرفة، ج3 ص52
28) د. عيسى عبده, النظم المالية، فى الاسلام، القاهرة : معهد
الدراسات الاسلامية، 1965، ص 74 وما بعدها، د. إبراهيم أباظة، الاقتصاد الاسلامى 200 بيروت : دارلسان
العرب ص 138وما بعدها د. ابراهيم أباظة، الاقتصاد الإسلامى بيروت : دار لسان
العرب، ص 138 ومابعدها .
29)
الماوردى، الاحكام
السلطانية،، مرجع سابق، ص 193، دانيل دينيت، الجزية و الاسلام، ترجمة د. فوزى
فهيم،، بيروت : مكتبة الحياة، ص 59 .
30)
يحيى ابن آدم، الخراج،
بيروت: دار المعرفة.
31)
الدسوقى، حاشية الدسوقى
على الشرح الكبير، بيروت : دار الفكر، جـ1 ص 486، الماوردى، الاحكام، ص 193 .
32)
ابن رشد ( الجد) المقدمات
: بيروت : دار صادر، ص 225 . وفى نفس الصفحة ينص على جواز التأجير .
33)
يحيى بن آدم، الخراج، دار
المعرفة، بيروت ، ص 22، محمد باقر الصدر، اقتصادنا، بيروت : دار الفكر، 1969، ص
450 وما بعدها .
34) الماوردى، الأحكام، مرجع سابق، ص 193
35) يحيى بن آدم، مرجع سابق، ص 62
36) قوانين الوزارة، مرجع سابق، ص 67 .
37)
مقدمة بن خلدون، بيروت :
دار القلم، ص181 .
38) الماوردى، الاحكام، ص 185، قارن ابن قدامة، المغنى، جـ5 ص 570 .
39)
د. جواد العنانى، دور
القطاع العام و القطاع الخاص الإقتصاديين فى التنمية من منظور إسلامى، ندوة
التنمية من منظور إسلامى، عمان : المجمع الملكى لبحوث الحضارة الإسلامية، 1994،
جـ2 ص 841 .
40) ابن تيمية، السياسة الشرعية، المطبعة السلفية، ص
17 .
المراجع
1-
د.رابح رتيب، مستقبل
الخصخصة، كتاب الأهرام الاقتصادي
(105) أغسطس 1997
(105) أغسطس 1997
2-
بنك مصر، النشرة
الاقتصادية، السنة الثالثة والأربعون، العدد الثاني، 2000م
3-
د. صديق عفيفي، التخصيصية
والاصلاح الاقتصادي المصري، مركز الدراسات الاقتصادية، الأهرام،1991
4- الأمم المتحدة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية
لغرب آسيا، تقييم برامج الخصخصة في منطقة الإسكوا
5- د.
محسن الخضيري، الخاصخصية...، القاهرة: مكتبة نجلو المصرية
6-
د. منيري هندي، أساليب وطرق
خصخصة المشروعات العامة- الخبرات العالمية، المنظمة العربية للتنمية الإدارية،
1995
7- د.
عبد القادر عطية، اتجاهات حديثة في التنمية، الاسكندرية، الدار الجامعية لنشر
والتوزيع 1991
8- صالح كامل، مفهوم وأهداف وسياسات عملية الخصخصة،
ندوة المصارف العربية ودورها في التخصيصية وتطوير الأسواق المالية، بيروت:1993
9- د.
سعيد النجار، التخصيصية والتصحيحات الهيكلية
في البلاد العربية، صندوق النقد العربي، أبو ظبي، 1998
10- د.محمد الحناوي، د. أحمد ماهر، الخصخصة بين
النظرية والتطبيق المصري، الإسكندرية، الدار الجامعية للطباعة والنشر 1995
11- بنك
الاسكندرية، التحصيصية والاصلاح الاقتصادي، مؤتمر"الاقتصاد المصري: التحديات
والسياســـــات مـــــــن المنظورين الاسلامـــــــي والوصفي" تحـــــرير
د.كريمة كريم 1997
12- د.
حازم البلادي، دور الدولة في الاقتصاد، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1999
13- د.
شوقي دنيا، الدولة والاقتصاد في الفكر الاسلامي، المؤتمر العلمي السنوي الحادي
والعشرون للاقتصاديين المصريين، الجمعية المصرية للإقتصاد السياسي والاحصاء
والتشريع،1999
14- د.
منذر قحف، القطاع العام ودوره في توليد ايرادات التنمية، ندوة موارد الدولة
المالية في المجتمع الإسلامي من وجهة النظر الاسلامية، المعهد الاسلامي للبحوث
والتدريب، 1989
15- الماوردي،
الأحكام السلطانية، القاهرة: مكتبة الحلبي
16- د.
عبد الله الثمالي، الحرية وتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي في الاسلام، رسالة
دكتوراه، جامعة أم القرى 1405
17- الماوردي، قوانين الوزارة، الاسكندرية، مؤسسة
شباب الجامعة للنشر والتوزيع.
18- د.
شوقي دنيا، الإسلام والتنمية الاقتصادية، القاهرة: دار الفكر العربي، 1979
19- د.
عبد السلام العبادي، الملكية في الشريعة الاسلامية، عمان: مكتبة الأقصى، 1974
20- البهي الخولي، الثروة في ظل الاسلام، القاهرة
بدون ناشر 1971
21- د.
عبد الوهاب حواس، الإقطاع فى الفقه الإسلامى، القاهرة : دار النهضة العربية.
22- الكاساني،
بدائع الصنائع، بيروت: دار الكتاب العربي.
23- ابن
قدامة، المغني، الرياض : مكتبة الرياض الحديثة
24- د.
شوقي دنيا، تمويل التنمية في الاقتصاد الاسلامي، بيروت: مؤسسة الرسالة،1984
25- السرخسي،
المبسوط، بيروت: دار المعرفة
26- د.
عيسى عبده، النظم المالية في الاسلام، القاهرة: معهد الدراسات الإسلامية، 1965
27- دانيل دينيت، الجزية والاسلام، ترجمة د. فوزي
فهيم، بيروت : مكتبة الحياة
28- الدسوقي، حاشبة الدسوقي على الشرح الكبير،
بيروت: دار الفكر
29- ابن
رشد، المقدمات، بيروت: دار صادر
30- يحيى بن آدم، الخراج، بيروت: دار المعرفة
31- محمد باقر الصدر، اقتصادنا، بيروت: دار الفكر
32- ابن
خلدون، المقدمة، بيروت: دار القلم، 1986
33- ابن
تيمية، السياسة الشرعية، القاهرة، المطبعة السلفية.
* ليس من الميسور هنا تقديم
دراسة موسعة عن حجم المشروعات الاقتصادية العامة في البلاد الاسلامية المتعددة.