العمل الجمعوي ورهانات التنمية _ محمد الزيري لقد شكل العمل الجمعوي عبر التاريخ المغربي الحديث حقلا لممارسة نضالي...
العمل الجمعوي ورهانات التنمية
|
لقد شكل العمل الجمعوي عبر التاريخ المغربي الحديث حقلا
لممارسة نضالية متميزة في مجالات متعددة ارتبطت ارتباطا عضويا بالممارسة
الديموقراطية الهادفة إلى تسليح الشباب بقيم حضارية تقدمية حداثية متفتحة نحو
التغير، هادفة إلى استشراق الآفاق المستقبلية البديلة لكل المعالم الزائفة
اجتماعيا، سياسيا، ثقافيا وتربويا التي تحاول الطبقة المسيطرة ترسيخها بالقوة.
ونظرا للأهمية التي يحتلها العمل الجمعوي من حيت الثأطير
وتعبئة إمكانيات الشباب، و نظرا للدور التاريخي الذي لعبه في هذا المجال يجب على
كل الجمعيات الجادة منها أن تبدل الجهد الكافي لتصحيح مسار العمل الجمعوي
باعتبار حقلا وموقعا للنضال والإبداع الشبيبي. والجدير بالذكر أن العمل الجمعوي
في منطلقاته وأهدافه شكل وعاء لصقل إبداعات الشباب ومدّه بأسس ثقافية تقدمية
بديلة للثقافة السائدة، كما أنه ساهم في خلق وبلورة ممارسة تربوية مناقضة
ومناهضة لكل أشكال الاستهدافات التربوية التي كانت تكرسها الطبقة الحاكمة، والتي
كانت تتوق إلى تدجين الشباب لكونه في نظرها يشكل عنصرا للتوتر وعدم الاستقرار
الاجتماعي والسياسي، وتاريخ العمل الجمعوي حافل بالعطاءات على أكثر من مستوى
أفرزتها نضالات الشباب في صراعه ضد كل أشكال و التصورات الزائفة التي كرستها
الطبقة الحاكمة الرجعية عبر ترسانة من الوسائل القمعية المادية منها والمعنوية
لإيقاف النضال الجماهيري. والعمل الجمعوي هو إحدى الجهات الأساسية التي كانت
تتقدم هذا الفعل النضالي عبر العديد من الإطارات التي نظمت الفعل الشبيبي وعبأت
إمكانياته الهائلة سيرورة لعمل معاد لكل المخططات التي تستهدف الوعي التقدمي لدى
فئة الشباب.
ومن خلال ما سبق فإن العمل الجمعوي لا ينفلت من أن يكون
ممارسة اجتماعية للثقافي و تكيفا ثقافيا للاجتماعي، أي أنه في ظاهره وجوهره
ظاهرة اجتماعية ثقافية تتقاطع فيه مكونات الشخصية الممارسة له من حيث حمولتها
المعرفية وقوتها الوجدانية الدافعة للعمل وهذا التقاطع بين المعرفة والوجدان
والانتماء يجعل إذن من الممارسة الجمعوية مدخلا دافعا في الواقع ليس لتغير
بنياته الأساسية الكبرى، وإنما تغير على مستوى أشكال التفكير فيه وطريق تصريف
المعرفة المكتسبة لبناء النموذج المرغوب فيه وتأطير الأداة البشرية المزمع
تأهيلها لتحقيق ذلك البناء. إذن فالعمل الجمعوي هو حقل متميز ومجال خصب تنتعش
فيه روح تحمل المسؤولية بشكل جماعي و يتم فيه الدفع بالشباب نحو تحرير طاقاتهم و
إمكانياتهم الإبداعية و خلق أفراد يحكمون ضمائرهم الحية في الإنتاج الإبداع و
النقد.
إذن من خلال ما سبق يحق لنا القول بأن واقع العمل الجمعوي
واقع:
انحصر في أوساط الشباب المتعلم،
ولم ينفتح على الأوساط القروية،
وذو بنية تحتية متدهورة لجل مؤسساته.
ويعاني من النقص في الموارد المالية و البشرية.
يدور في حلقة مفرغة، ولم ينتقل من الكمي إلى النوعي.
انحصر في أوساط الشباب المتعلم،
ولم ينفتح على الأوساط القروية،
وذو بنية تحتية متدهورة لجل مؤسساته.
ويعاني من النقص في الموارد المالية و البشرية.
يدور في حلقة مفرغة، ولم ينتقل من الكمي إلى النوعي.
هذه التجليات هي نتيجة طبيعة موضوعية لتظافر عدة عوامل منها
ما هو موضوعي وما هو ذاتي يمكن حصرها في النقط التالية:
سياسة النظام المغربي في
مجال العمل الجمعوي
- من حيت البنية التحتية للعمل الجمعوي أشبه بكارثة. بحيث نجد منذ الثمانينات إلى الآن لم يخصص لقطاع الشبيبة والرياضة إلا واحد في المئة من ميزانية الدولة هذه النسبة كافية لإبراز مدى الاهتمام بالشباب والحقل الجمعوي.
- من
حيث الإطار القانوني للعمل الجمعوي فنجد ما يلي:
1- تقيد حرية تأسيس الجمعيات باشتراط التصريح المسبق.
2- إثقال كاهل الجمعيات بالمصاريف المالية لتكوين الملف الإداري.
3- تعدد الجهات الوصية على العمل الجمعوي. - من
حيث السياسة الممنهجة من قبل الطبقة الحاكمة فنجد كذلك:
1- خلق جمعيات رسمية وإغداقها بالمنح والمساعدات المالية،
2- التضييق على الجمعيات الجادة ومنعها من بعض أنشطتها. - من
حيث ما هو ذاتي نجد:
1- سيادة البيروقراطية وسجن العمل الجمعوي ضمن إستراتيجيات ضيقة،
2- عدم احترام ضوابطه وخلطه مع العمل السياسي.
و إذا كانت هده بعض تجليات أزمة العمل الجمعوي المترتبة عن
الأزمة التي تعيشها الحركات الديمقراطية ببلادنا، فالأزمة تتحدد في غياب التصور
العلمي للعمل الجمعوي وغياب تحديد دوره في الصراع الاجتماعي.
السـياق العـام لبروز العمل
التـنموي الجمعـوي
إن مساهمة الجمعيات في العمل التنموي ليست بالجديدة في المغرب
بل كانت قبل الاستقلال سواء على مستوى محاربة الأمية، التثقيف و توعية الشباب
للانخراط في معركة تحرير الوطن وغيرها. إلا أن هذا العمل لم يكن بارزا بشكل
مستقل نظرا للارتباطات التي كانت بين العمل السياسي والعمل الجمعوي، وقد شكلت
الثمانينات وبداية التسعينات بروز الاهتمام بهذا المجال أمام حقائق لابد من
ذكرها وهي:
النقاشات الداخلية التي سادت بين الدول المستعمرة التي كانت سببا رئيسيا في ظهور مجموعة من الآفات الاجتماعية بالدول المستعمرة.
فشل الأحزاب في تحقيق طموحات السكان في هذه المجالات.
النقاشات الداخلية التي سادت بين الدول المستعمرة التي كانت سببا رئيسيا في ظهور مجموعة من الآفات الاجتماعية بالدول المستعمرة.
فشل الأحزاب في تحقيق طموحات السكان في هذه المجالات.
وإذا كان الكل قد أجمع على أن إحقاق التنمية الشاملة رهين
بإرساء قواعد الديموقراطية الحقة، فإن دور الجمعيات قد بدأ يكبر باعتباره قاعدة ارتكاز
لكل انتقال ديموقراطي منشود. والتنمية الحقيقية هي التي تكون في خدمة المجتمع
قبل أن تكون للجمعية وأن لا يكون الهدف منها هو جعل الجمعية منبرا ومروجا
إعلاميا لمنتوج الطرف الآخر، ويشترط فيها كذلك أن ترمي إلى صياغة وبلورة مطمح
الطرفين بكل وضوح وبعيدا عن كل غموض يخفي أهدافا أخرى. والتعاقد والشراكة
بالنسبة لنا مشروع مع كل الجهات شريطة أن لا يتعارض مع مبادىء الجمعية.
ولتحقيق هذا يجب تقوية البنية الجسمية للجمعية والقدرة على
ضبط ودمقرطة تسيرها الداخلي وجعله واضحا، كما وجب تأطير ذاتها وأطرها في مجال
صياغة المشاريع وتدبيرها، وأن تمتلك قوة إقناعية بجدوى المشاريع المقترحة.
http://www.tanmia.ma/article.php3?id_article=6491&lang=ar
ليست هناك تعليقات