Header Ads

التعمير الاستثنائي

التعمير الاستثنائي


التـــصميم


تقديم عام  : طرح الإشكالية العامة

المبحث الأول : الإطار القانوني للإستثناءات في ميدان التعمير

المطلب الأول : الإستثناءات في المجالات الغير المتوفرة على وثيقة التعمير

المطلب الثاني : الإستثناءات في المجالات المتوفرة على وثيقة التعمير

المبحث الثاني : شروط تطبيق استثناءات التعمير

المطلب الأول : الشروط الشرعية الخارجية

المطلب الثاني : الشروط الشرعية الداخية

خـاتمـة:

تقـديـم عــام

يطرح تقديم تعريف للاستثناء في ميدان التعمير بعض الصعوبات على المستويين النظري والتطبيقي، فالنصوص القانونية لا تسعف في توضيحه، حيث أنها لم تعط تعريفا محددا للتقنية، بل واختلفت التسميات التي تطلقها عليه التشريعات المتنوعة، ابتداء من القانون الفرنسي الذي يتعايش فيه نظامان يرومان تحقيق نفس الهدف وهما: الاستثناءات (les dérogationes) والتوفيقات الطفيفة (les adaptations mineures) مرورا بدول أخرى جمعت بين المصطلحين السابقين لتطلق على هذه القنية بالاستثناءات الطفيفة (les adaptations mineures) مثل كندا وانتهاء بتشريعات ثالثة أطلقت عليه الاستثناءات دون ربطه بأي صفة معينة مثل بلجيكا والمذكرة 27 في المغرب.
  "ولا يقتصر الأمر على الاختـلاف في المصطلحات كمـا تم بيانـه، بل نجد في صلب نفس القانون عدة تعابير تـؤدي نفـس المعنـى مثل " بشكـل خـاص " (à titre exceptionnel)، " ما لم يكـن بالإمكان " (sauf impossibiltés) أو " الإعـداد " (aménagement) أو " التغييرات التي يجوز إدخالها " (les modifications paticulières) (المادة 19 من قانون التعمير المغربي)، وهي تقنيات تؤدي إلى إخفاء الاستثناءات.
  ولم تعمل النصوص التنظيمية الصادرة لتطبيق هذه القوانين وتصاميم التعمير على تحديد هذا المفهوم لوجوب تقييمه حسب كل حالة على حدة، وبالتالي عدم إمكانية المعرفة المسبقة للهامش الذي تصح الاستثناءات بناء عليه، للخطر الذي قد يترتب عن الانحراف عن الغرض المتوخى من هذه المسطرة بالاستجابة التلقائية للطلبات عند وجود هذه المعايير وإدخال تشوهات في تطبيق تصاميم التعمير والتجزئات نتيجة لذلك.


أهمية الموضوع :
  للوصول إلى مجال منظم ومنسجم يراعي حقوق الجميع ، لأن التطبيق الحرفي لقواعد التعمير الآمرة دون ترك أي هامش للتقدير لفائدة الإدراة يؤدي في بعض الأحيان إلى خلق صعوبات عند دراسة رخص التعمير خاصة رخص البناء ، إلا يمكن التعامل مع جميع الملفات بكيفية موحدة فلكل ملف خصوصيات تجعل منه حالة فريدة تجبر الإدارة على دراستها في أدلى تفاصيلها بغاية إعطائها الجواب الملائم، ذلك أن اتباع المسطرة العادية قد تنتج عنه وضعية شاذة لا تتناسب مع استعمال الأراضي إما لكونها تمس بالمساحة المخصصة لاستقبال البنايات أو بشكلها أو بتخصيص الأراضي المجاورة، وهو ما اقتضى إدخال نوع من المرونة الضرورية في تطبيق القاعدة القانونية، تجسدت في قواعد الاستثناء الفردية التي تخول لطالب الرخصة الاستفادة من عدم تطبيق القاعدة أو تجاوز بعض مقتضياتها في إطارة مسطرة خاصة، جرى الأخذ بها وتنظيمها ضمن قوانين عدة دول وذلك حسب ما يقتضيه التطور وتتطلبه الظروف.
  إن الأهمية التي تمثلها التدابير الاستثنائية في الدراسة باعتبارها إحدى الآليات الضرورية في التخطيط الحضري، وأداة تعطي القاعدة القانونية المرونة التي تغيب عنها في بعض الأحيان بتخويل الإدارة سلطة تقديرية تسمح لها بتجنب بعض الوضعيات وتجاوز مقتضيات القاعدة المعيقة لإيجاد حل للحالات الخاصة التي لم يتوقعها القانون، " فهي إمكانية مخولة للإدارة في جميع الحالات وليست التزامات، فتتحرك بحرية دون أن تمليها عليها أي قاعدة آمرة في القانون"، غير أن هذه الإمكانية تؤدي إلى بروز تذمر من " الرأي العام الذي ينظر للاستثناءات كآفة حقيقية تعبر عن الطابع التمييزي للقانون وتجعله موضع الاتهام، ومن أجل ذلك تتم المطالبة بالحد من التسلط الذي بيد مكاتب الإدارة وإلغاء الاستعمال التعسفي لهذه الإمكانية التي تفرغ النصوص القانونية من مضمونها التي ينبغي أن تتصف بالعمومية والتجريد والإلزام.
وعليه ، يمكننا طرح الإشكالية التالية :

هل تمثل الاستثناءات مجرد وسيلة من أجل تكييف تطبيق قاعدة التعمير من أجل إعطائها فعالية أكثر أم أنها تقنية يتم التوصل بها إلى تحقيق منافع اقتصادية اجتماعية وعمرانية ؟

على أن الإجابة على هذه الإشكالية تطلبت منا اعتماد مقتربين متكاملين يهم الأول الجوانب القانونية للموضوع من أجل بيان تطبيق هذه الآلية من حيث المجال الترابي والشروط المتطلبة لصحتها بناء على النصوص القانونية التي تؤطرها الصادرة عن المشرع العادي والمراسيم التطبيقية بالإضافة إلى الحيز المهم الذي تحتله المذكرات الوزارية في هذا الصدد.
غير أن هذا المقترب وإن كانت له أهميته الخاصة في توضيح العناصر الأساسية للموضوع ، فلا بد من تدعيمه بمنهج آخر يعتمد التقنية الاحصائية التطبيقية ويعمل على تحليل النتائج المحققة وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية لتقييم كيفية التعامل الفعلي لمختلف الفاعلين مع هذه الآلية.
وتبعا لذلك سنقسم الموضوع إلى مبحثين يهم الأول الإطار القانوني لتطبيق الاستثناءات في ميدان التعمير ، أما المبحث الثاني فيعالج الشروط المتطلبة في قرار الاستثناء المتعلقة منها بالمظهر الخارجي للقرار ومظهره الداخلي . 

أما بالنسبة للإستنتاج فإننا تطرقنا فيه إلى الإكراهات التي تعيق هذه الآلية .
المبحث الأول: الإطار القانوني للاسثناءات في ميدان التعمير:
  نعتمد في هذه الدراسة القانونية على تحليل إمكانيات المرونة التي سمح بها قانون التعمير والتجزئات ؛ كما أنه من الضروري الأخذ بعين الاعتبار مضمون جميع المذكرات الوزارية الصادرة في الموضوع سواء تلك التي تتصل به مباشرة (المذكرات 254 و622 و27-3020 ) أو بقية المذكرات المتفرقة التي تحمل إجراءات استثنائية تستجيب للظروف الخاصة التي ساهمت في إخراجها.
  وسنحاول في المطلبين الآتيين التطرق للإمكانيات التي يسمح بها القانون وبقية النصوص الصادرة في إدخال الاستثناءات، وذلك في المجالات غير المتوفرة على وثائق التعمير (المطلب الأول) والمجالات المتوفرة على هذه الوثائق (المطلب الثاني).

المطلب الأول : تطبيق الاستثناءات في المجالات غير المتوفرة على وثيقة للتعمير:
  على الرغم من المجهودات التي قامت بها الإدارة تطبيقا لقوانين التعمير المتعاقبة منذ 1914 من أجل تزويد التجمعات العمرانية الحضرية والقروية بوثائق التعمير، فإن العديد من التجمعات لا تتوفر على هذه الوثائق ولا تستجيب للضوابط التي قررها قانون التعمير(1) ، لذلك ومن أجل تلافي الفراغ الناشئ عن غياب هذه التصاميم، وعدم ترك مجال البناء للمبادرات الفردية للخواص التي قد تؤدي إلى الفوضى في ميدان التعمير، فقد نص المشرع على عدة تدابير ذات هدف احتياطي وتكميلي للقوانين المعمول بها، ويجب على الجماعات الخضوع لمقتضياتها ويتعلق الأمر بضوابط البناء والضوابط الصحية.



1 – وزارة إعداد التراب الوطني والبيئة والإسكان : تقرير حول تقييم مقتضيات النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها في ميدان التعمير نونبر 1991 ص 7
  ويجد تطبيق ضوابط البناء أساسه القانوني في الفصل الرابع من الباب الثالث من قانون 12.90 (المواد من 59 إلى 62)، وتهدف هذه الضوابط إلى تحديد جميع المقتضيات التنظيمية التي يجب أن تتوفر في المباني وكذلك الضوابط اللازم احترامها فيها والمتعلقة بالسلامة والنظافة والصحة العامة"، وهي إما ذات طابع عام تطبق في جميع التراب الوطني (المادة 60) أو لها طابع محلي تطبق في كل جماعة على حدة (المادة61).
  أما بالنسبة للضوابط الصحية، فتدخل في إطار تطبيق الشرطة الإدارية الجماعية(2) (المادتين 40 و56) من الميثاق الجماعي الجديد.
  وتختلف ضوابط البناء عن ضوابط التعمير، على الرغم من التشابه الكبير بينهما من حيث القواعد المتضمنة في كل منهما، حيث " تهم ضوابط البناء التنظيم الداخلي للبنايات التي تدخل في قانون البناء، في حين يتعلق ضابط التعمير بالمظهر الخارجي للبنايات وتأثيرها على المحيط الحضري وهو شأن من شؤون قانون التعمير".
  وبالنظر إلى الصبغة الوطنية لهذه الضوابط، فإنها ليست دقيقة بما فيه الكفاية حيث تترك للسلطات المختصة بتسليم رخصة البناء والتجزئات هامشا واسعا للتقدير وإمكانيات منح الاستثناء.
  فقد نص المشرع على إمكانية اتخاذ الإدارة لتدابير من أجل تنظيم المعايير الواجب احترامها في البناء، إما في شكل مرسوم بالنسبة لضوابط البناء العامة التي تطبق في جميع التراب الوطني أو بقرار لرئيس المجلس الجماعي بالنسبة لضوابط البناء الجماعية



2 – الظهير الشريف رقم 1.02.297 الصادر في 3 أكتوبر 2002 بتنفيذ القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي الجريدة الرسمية عدد 5058 بتاريخ 21 نونبر 2002         
فالمشرع المغربي إذن قرر تطبيق الضوابط الوطنية للبناء في مجموع التراب الوطني، إلا أن عدم صدور هذه الضوابط يطرح أكثر من صعوبة للسلطات المحلية من أجل دراسة رخص التعمير والأحرى منح استثناءات عليها لغياب الضابط المرجعي المنظم للموضوع، ومع ذلك فيمكن الاستناد على بعض المؤشرات العامة في القانون وما تضمنته بعض الدوريات الصادرة عن وزارة التعمير، وأول حل يمكن تقديمه هو " استعانة المهندس الجماعي بالضوابط الجماعية المطبقة في المدينة القريبة، وكذلك تطبيق الضوابط العامة الوطنية للبناء الصادرة بخصوص علو المساكن من الداخل والمساكن الاقتصادية واللذان يطبقان على المستوى الوطني، ومما يسهل الأمر نوعا ما أن نسبة كبيرة من المساكن بالمغرب تدخل في هذا الصنف من المساكن"(3).
  ومن أجل تقديم حل لهذا المشكل، قررت المذكرة الوزارية رقم 254 بأنه لا يجب الرفض التلقائي للمشاريع المتواجدة في القطاعات غير المغطاة بوثيقة للتعمير، ولكن قيام الوكالات الحضرية بتشاور مع السلطات المحلية والجماعات بدراسة أولية لهذه المشاريع بالنسبة لملائمتها وتأثيراتها والتحقق من كونها محلا لمذكرة توجيهية سابقة، وإحالة الملف مرفقا بمختلف الآراء إلى وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان والبيئة في أجل 10 أيام يتم احتسابها ابتداء من إيداع الطلب من أجل اتخاذ القرار المناسب.
ويدخل الموضوع في الوقت الراهن في اختصاص اللجنة الجهوية للاستثناء المحدثة بمقتضى المذكرة 24-3020 بتاريخ 4 مارس 2003 التي تتوفر على هامش واسع للتقدير في دراسة الرخص المتواجدة في هذه الجماعات.



3 – الدكتور عبد الرحمان البكريوي : محاضرات حول وثائق التعمير وإشكالية التجهيزات الأساسية والفوقية
  وبجانب التدابير التي جاءت بها المذكرات، يمكن الاستناد أيضا على اختصاصات المجالس الجماعية ورؤسائها في مجال الشرطة الإدارية طبقا للميثاق الجماعي الذي يطبق على جميع الجماعات، حيث خول لها هذا الأخير صلاحيات مهمة في ميدان الحفاظ على الصحة وحمايتها، فنص الفصل 40 من الميثاق أن المجلس الجماعي يسهر على ضمان الوقاية الصحية والنظافة وحماية البيئة.
المطلب الثاني : تطبيق الاستثناءات في المجالات المتوفرة على وثيقة للتعمير:
  يعتبر التخطيط الحضري قاعدة أساسية في التعمير من أجل تنظيم ونمو المجال، ويقصد به " تدخل الإدارة بأدوات منهجية ووثائق مرجعية لاستعمال المجال وتقنين أو تحديد هذا الاستعمال لكل منطقة من مناطق المدينة وتخصيص وظيفة لكل منها قصد تحقيق تكامل أجزائها وانسجام أطرافها وبالتالي حسن تنظيمها وتعميرها"(4).
الفقرة الأولى : تطبيق الاستثناءات في مرحلة إعداد وثائق التعمير:
  "تبدأ عملية الشروع في إعداد تصاميم التعمير بإنجاز الدراسات الميدانية اللازمة لمعرفة وضعية المنطقة من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية ووضعية التجهيزات التحتية وما تتوفر عليه من مرافق عامة، ويتم في نفس الوقت اتخاذ قرار يفتتح مسطرة بداية المشروع من طرف السلطة الجماعية"(5).
  ومن أجل المحافظة على الاختيارات الأساسية لمشروع تصميم التهيئة الذي هو قيد الإعداد، عمل قانون 12.90 مثل قانون 1952 الخاص بالتعمير الذي تم إلغاؤه على وضع تصميم للتنطيق يسبق دراسة تصميم التهيئة، يقوم بتحديد المناطق التي يجوز لرئيس المجلس الجماعي أن يؤجل فيها تسليم رخص التعمير (المادة13).
4 – الدكتور عبد الرحمان البكريوي : التعمير بين المركزية والامركزية : ص 33
5 – الدكتور عبد الرحمان البكريوي : التعمير بين المركزية والامركزية : مرجع سابق  ص 86
  يتبين مما سبق أن مسطرة إعداد تصميم التهيئة باعتباره وثيقة التعمير الأساسية المحددة لقواعد استعمال السطح تشتمل على عدة مراحل تبتدئ باتخاذ تدابير تحفظية ذات طابع وقائي لتنتقل إلى مرحلة الدراسة والبحث والمصادقة.
  وتكمن التدابير الاستثنائية التي يمكن اتخاذها في هذا الصدد في الاستثناء على التدابير الاحتياطية المتخذة بمقتضى قرار إعلان دراسة مشروع تصميم التهيئة وإحداث المشروع لبعض الآثار القانونية قبل المصادقة عليه.
أولا : الاستثناء على التدابير الاحتياطية: البت في رخص التعمير:
  "قبل وضع تصميم التهيئة يجوز اتخاذ قرار يقضي بالقيام بدراسة وتعيين حدود الرقعة الأرضية التي يشملها تصميم التهيئة المزمع دراسته، وذلك بقصد تفادي كل عملية تهيئة أو بناء قد تفسد ما يخططه التصميم في المستقبل.
  وهذا القرار يتخذه رئيس مجلس الجماعة إما بمبادرة منه أو بناء على طلب من الإدارة المكلفة بالتعمير أو الوكالة الحضرية عند الاقتضاء، ويستمر مفعول هذا القرار مدة ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ولا يجوز تجديده إلا مرة واحدة لمدة مساوية للمدة الأولى. أما مسطرة تمديده فهي نفس المسطرة اللازم اتباعها لوضعه (المادة 21).
ثانيا : إنتاج مشروع تصميم التهيئة لبعض الآثار قبل الموافقة عليه:
  كما سبق الذكر يعتبر تصيم التهيئة من بين الوثائق ذات الطابع الخاص والتي تحدث آثارا قانونية قبل وبعد المصادقة عليها.
ومن أجل ذلك، نصت المادة 27 من قانون التعمير على أنه ابتداء من تاريخ اختتام البحث العلني وإلى تاريخ صدور النص القاضي بالمصادقة على مشروع تصميم التهيئة لا يجوز الإذن في القيام بأي عمل من أعمال البناء والغرس وإحداث تجزئات أو مجموعات سكنية إذا كان يخالف أحكام هذا المشروع.

  وينتهي العمل ابتداء من نفس التاريخ بأحكام تصميم التهيئة أو التنطيق الذي يكون إذ ذاك ساري المفعول (أي المراجعين أو اللذين تم تغييرهما).
  وقد قرر المشرع هذه الأحكام لأن " المشروع في مرحلة البحث العلني عن منافعه ومضاره يكون قد اتضحت جل وإن لم يكن كل مقتضياته، لذا سارع المشرع لتغطية الفراغ الحاصل ما بين فترة تنظيم البحث العمومي وتاريخ المصادقة على مشروع تصميم التهيئة إلى النص على اتخاذ التدابير الاحتياطية"(6). وهي ذات طابع استثنائي لكونها تؤدي إلى تطبيق تصميم لم تتم الموافقة عليه، وإن تقرير هذا الحل في هذه المرحلة يعكس تأكد المشرع من أن المشروع قد قطع أشواطا متقدمة من شأنه أن لا يترك أدنى غموض للإدارة عند دراسة طلب الرخص.
المبحث الثاني : شروط تطبيق استثناءات التعمير
إن قرار الاستثناء كغيره من القرارات الإدارية ينبغي أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط من أجل ضمان صحته من الناحيةالقانونية ، وهذه الشروط تنقسم إلى قسمين منها ما يتعلق بالشرعية الخارجية لقرار الاستثناء في حين يهم الصنف الثاني لشرط شرعيته الداخلية.




6 – الدكتور عبد الرحمان البكريوي : التعمير بين المركزية والامركزية : مرجع سابق  ص 117

المطلب الاول شروط الشرعيةالخارجية
يتوفر قاضي الالغاء على سلطة واسعة في مراقبة القرارات الادرات لذلك ومن اجل التفرقة بين القرارات الصحيحة والباطلة يقوم في البداية برقابة المظهر الخارجي للقرارالمطعون فيه من خلال التاكد من كونه صادرا عن الجهة الادارية التي تملك صلاحية اصداره ، ثم البحث فيها إذا كان هذا القرار مستجمعا لكافة الشكليات المتطلبة قانونا مستجمعا لكافة الشكليات المتطلبة قانونا أي وروده سليما من حيث الشكل .
الفقرة الأولى : الاختصاص                  
الاختصاص هو الصلاحية الوكولة لجهة ادارية قصد اتخاذ ما يلزم من قرارت فهي ليست شخصية لصيقة بفرد معين بل هي موضوعية تمنح بمناسبة ممارسة الوظيفة (7).
يمككننا ملاحظة أن الاستثناءات في القانون ، المغربي لا تتضمن ما يكفي من المقتضيات في الموضوع بالإضافة إلى مذكرات الوزارية الصادرة في السنوات الأخيرة من أجل ملء بعض الفراغ وسن قواعد جديدية تتعارض أحيانا مع القوانين القائمة.
إن  فحص قواعد الاختصاص تبين حرص المشرع المغربي على جعل الاختصاص بيد الجهة التي تمثل المواطنين التي هي رئيس المجلس الجماعي الذي يتخذ القرارات ويسلم الرخص الضرورية على ضوء الاستثناءات المطلوبة قانونا سواء كانت استشارية أو ملزمة كالرأي الذي تبديه الوكالة الخضرية(8)  لذلك توجد مرحلة استشارية قبلية يتعين احترامها من الناحية الشكلية لدراسة المشاريع المطلوبة بشأنها الاستثناء ، وقد أوكلت هذه المهمة إلى لجن مختصة منها ما تم التنصيص عليه بالمرسوم التطبيقي لقانون التعمير (المواد 35 و 36 و 37 من المرسوم) .



7 – الدكتور عبد الله حداد : تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي منشورات عكاظ 2001   ص 115
8- منشور 2000/14 الصادر عن الوزير الأول بتاريخ 02 أكتوبر 2000 بشأن تبسيط مسالك ومساطر دراسة طلبات رخص البناء وإحداث النجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات
فأغلبها تم تنظيمه بالمذكرات الصادرة عن وزارة التعمير في إطار البحث عن كيفية إيجاد الحلول للمشاريع الاستثمارية العالقة ، وقد تطورت الاختصاصات المخولة لها ومجال تدخلها من الناحية الترابية مع توالي التجارب وصدور المذكرات.
وما ينبغي االتأكيد عليه منذ البداية ، أن الرأي الذي تبديه هذه اللجن "لا يمثل في أي حال من الأحوال رخصة البناء ، حيث تبقى خاضعة للضوابط الجاري بها العمل ، فرأي لجنة الاستثناءات يخص الاستثناء المطلوب والمتعلق بجوانب تخص التعمير وضوابطه.
  والملاحظ أن المسلك الذي اتخذته المذكرة 27-3020 يختلف عن باقي المذكرات الصادرة عن وزارة التعمير في عهد الحكومة السابقة سواء المتعلقة منها بالمساطر العادية أو الاستثنائية، وذلك بإصدارها بشكل مشترك بين وزارتي الداخلية والتعمير وتوجيهها للسادة ولاة الجهات وعمال عمالات وأقاليم المملكة من أجل تجنب الاختلاف في التأويل من الجماعات المحلية، الناتج عن رفض أغلبيتها العمل بمقتضيات المذكرة 2000/1500 الصادرة عن وزير إعداد التراب الوطني والتعمير في 02 أكتوبر 2000 باعتبار وقوعها تحت وصاية وزارة الداخلية وعدم تبليغها هذه المذكرة بشكل رسمي، علما بأنها موجهة فقط للمفتشيات الجهوية للتعمير ومدراء الوكالات الحضرية، وتمسكها بالعمل بالمذكرة 222 الصادرة عن وزير الداخلية بتاريخ 12 أبريل 1995، وذلك بالإضافة إلى وقوع بعض الهيئات الأخرى المؤلفة للجنة تحت وصاية نفس الوزارة وهي المراكز الجهوية للاستثمار والوكالة الحضرية لمدينة الدار البيضاء، كما أن هذه الصيغة تحمل تعبير عن الأهمية التي تحتلها سياسة التعمير في العمل الحكومي المتضامن وإعطائها القوة في التنفيذ بتوجيهها إلى أعلى سلطة على المستويين الجهوي والإقليمي.

   

الفقرة الثانية : الشكل                        
كما هو معلوم أنه لا يمكن إصدار قرار إداري إلا بعد استيفاء شكليات معينة ينص عليها القانون أو تستنتج من المبادئ العامة للقانون.
  فمجموع الشكليات التي ينبغي على متخذ القرار احترامها تسمى المسطرة الإدارية غير القضائية وهي غير مقننة أو غير منظمة بنص قانوني عام بل هي مبعثرة في نصوص خاصة قد يلعب القضاء دورا طلائعيا بخلق بعض القواعد المتعلقة به. ومن الشكليات أن يكون القرار مكتوبا لمعرفة محتواه ومضمونه، والكتابة هي إحدى الضمانات لحقوق الأفراد وحرياتهم"(9)، وأن يكون القرار معللا "يوضح الأسباب القانونية والواقعية التي دفعت إلى اتخاذ القرار الإداري، وهو وسيلة لتحسين العلاقة بين الخواص والإدارة، ومؤشر على العناية المتخذة قبل إصدار القرار"(10) .

المطلب الثاني: الشروط الشرعية الداخلية
  "إن الاستثناء لا يكون قانونيا إلا عند احترامه للشروط المنصوص عليها في قانون التعمير ووثائق التعمير، وفي هذه الحالة تتوفر الإدارة فقط على سلطة مقيدة، بخلاف الحالة التي تكون فيها هذه الشروط محددة بشكل عام فإننا نتواجد أمام وضعية استثنائية قد يطلق عليها : الاستثناء الخاطئ (fausse dérogation)" (11).
سنتناول في هذه النقطة الشروط المتعلقة بمحل قرار الاستثناء وغايته من جهة  والسبب من جهة ثانية.



 
9 – الدكتور عبد الله حداد : تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي منشورات عكاظ 2001  مرجع سابق  ص 120
10 – الدكتور عبد الله حداد : تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي منشورات عكاظ 2001  مرجع سابق  ص 127
11 – الدكتور عبد الله حداد : تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي منشورات عكاظ 2001  مرجع سابق  ص 123


أولا : المحل:
  "يعتبر محل القرار الإداري الأثر الذي يحدثه، وهو المركز الذي تتجه إرادة مصدر القرار إلى إحداثه، لهذا يجب أن يكون ممكنا قانونا وأن لا يخالف أي قاعدة قانونية"(12) لذلك يقوم القاضي " بالتحقق أولا من الإمكانية التي يخولها القانون من أجل الاسثناء على تصميم للتعمير ونطاقها، فعندما يتضمن التصميم بندا عاما يسمح بإدخال استثناءات على مقتضياته عند التطبيق فيسري على التصميم في شموليته، أما عندما يوجد فصل خاص يقرر إمكانية الاستثناء على بعض مقتضياته، ولكن إذا توفرت بعض الشروط، فإنه لا يمكن اتخاذ هذا القرار إلا عند استكمال جميع هذه الشروط.

ثانيا : السبب:
  "السبب هو كل واقعة قانونية خارجة عن إرادة المسؤول الإداري والتي تدفعه إلى إصدار القرار فلا تستطيع الإدارة التدخل إذا لم يوجد في الواقع سبب يبرر تدخلها، فركن السبب يعتبر قيدا على الإدارة وضمانة لحقوق الأفراد وحرياتهم، فوجوده عنصر من العناصر القانونية والشرعية".



 
12 – الدكتور عبد الله حداد : تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي منشورات عكاظ 2001  مرجع سابق  ص 123

خاتـمــــة

  إن سياسة الاستثناءات كغيرها من التدخلات المعتمدة من الدولة لتدبير ميدان التعمير، تعرضت للعديد من الإكراهات في التطبيق، يمكن تصنيفها إلى الصنفين الآتيين: إحداهما ذو طابع قانوني والآخر ذو صبغة مادية.
·       الإكراهات ذات الطابع القانوني
  إن مسار تنظيم الاستثناءات في المغرب لازال في بداياته على الرغم من بعض التطبيقات الظرفية التي ميزت تدخلات السلطات العمومية في هذا الإطار من أجل إنجاز المشاريع الكبرى والدفع بعجلة المساكن الاجتماعية عبر مذكرات خاصة، حيث تعتبر فترة نهاية التسعينات نقطة تحول جديدة من أجل إيجاد حل للمشاريع الاستثمارية العالقة لتصدر على التوالي المذكرات 254 و622 و850 و27-3020.
·       الإكراهات ذات الطابع المادي
  وتتجلى هذه الصعوبات من خلال ما أبانت عنه الممارسة من اختلالات راجعة إلى النقص في الفعالية بالنسبة لتدبير الملفات الاستثمارية التي يطلب بخصوصها الاستثناء نتيجة تعدد الهيئات التي تتألف منها لجنة الاستثناءات والثقل الذي يحظى به كل عضو من أعضائها بالإضافة إلى تعقد الاختصاصات الناجمة عن ضرورة تطبيق أنظمة أخرى ذات الصلة بالمشروع الاستثماري المقترح.
  ومن جانب آخر فعلى مستوى الحصيلة الاقتصادية والاجتماعية لتطبيق آلية الاستثناءات في إطار سياسة الدولة، فإن بفضلها تم الوصال إلى  نتائج مهمة من حيث مبالغ الاستثمارات المعتمدة والمساحات المعبأة وفرص الشغل الموفرة على مستوى الأرقام.


الفهـــــرس

تقـديـم عـام :......... ..................................................................3

المبحث الأول : الإطار القانوني للإستثناءات في ميدان التعمير......... ......................6
المطلب الأول : الإستثناءات في المجالات الغير المتوفرة على وثيقة التعمير...................6
المطلب الثاني : الإستثناءات في المجالات الغير المتوفرة على وثيقة التعمير...................9
المبحث الثاني : شروط تطبيق استثناءات التعمير.............................................11
المطلب الأول : الشروط الشرعية الخارجية............................ .....................12
المطلب الثاني الشروط الشرعية الاخلية.....................................................14
خـاتمـة: أهـم الخلاصـات والنتـائـج.................................................16



المراجع :



1 – قانون التعمير 90-12
2 – المذكرة الوزارية عدد 3020/27 بتاريخ 04 مارس 2003
3 – الدكتور عبد الرحمان البكريوي : التعمير بين المركزية  واللامركزية
4 – الدكتور عبد الرحمان حداد : تطبيقات الدعوى الادارية في القانون المغربي منشورات عكاظ 2001  
5  - منشور 14/2000 الصادر عن الوزير الاول بتاريخ 02 اكتوبر

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.