تجربة التدبير المفوض في مدينة طنجة : نـموذج : شركة أمانديـس محمد ربيع بن سعيـد باحث الدكتوراه في كلية الحقوق بطنجـ...
تجربة
التدبير المفوض في مدينة طنجة :
نـموذج : شركة أمانديـس
محمد ربيع بن سعيـد
باحث الدكتوراه في كلية الحقوق
بطنجـة
تسجل سنة 1997، أول تطبيق عملي لعقد
التدبير المفوض بالمغرب عاشته مدينة الدار البيضاء، حيث تم بموجب هذا العقد تفويت
تدبير الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء إلى ليديك والتي تبلغ كلفتها
الاستثمارية إلى ما يقل عن 30 مليار درهم.
والتدبير المفوض للمرافق العمومية
بالمغرب عرف في السنوات الأخيرة تطورا منقطع النظير، خاصة وأنه يعيش اليوم مع
تفاعلات التجربة الجماعية الجديدة التي دخلها المغرب منذ اقتراع 12 شتنبر 2003
والتي يؤطرها ميثاق جماعي جديد.
وفي إطار هذه الدينامية الجديدة، احتضنت
وزارة الداخلية يوم 11 دجنبر 2003 اجتماعا مع عمال العمالات والمقاطعات بالمدن
الخاضعة لنظام وحدة المدينة، والتي وافقت على رفع التدبير المفوض للمرافق العمومية
كشعار للمرحلة المقبلة، بعدما كانت العديد من الجماعات السابقة قد أدرجتها في
دوراتها الأخيرة.
وتسجل سنة 2006 إخراج حيز التنفيذ قانون
رقم 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض، فهذا الأخير لا يعني الخوصصة النهائية بقدر ما
يعني تفويض التدبير فقط دون التنازل عن القطاع الذي يظل خاضعا لملكية المجلس الذي
له وحده الحق في التصرف فيه، وفي ملكيته، أما الطرف المفوض له فلا يجوز له التصرف
في المرفق بالبيع أو الشراء أو التنازل عليه لصالح الغير.
والتجربة الحالية مع شركة أمانديس،
تعتبر نموذج حي لطريقة التدبير المفوض بمدينة طنجة، إذ عمدت شركة أمانديس بمجرد
دخول قانون التدبير المفوض حيز التنفيذ على وضع إستراتيجية من أجل تحسين اشتغال
التجهيزات المتعلقة بشبكات توزيع الماء بهدف الرفع من نسبة المردودية. واتخاذ عدة
تدابير وإجراءات استعجالية في مدينة طنجة، تهدف إلى تعزيز فرق الكشف بإصلاح
الشربات عن طريق تزويدها بالوسائل المادية واللوجيستيكية الكفيلة بضمان سرعة
وفاعلية في الإنتاج، كما قامت شركة أمانديس بالعديد من الأشغال في مجال الكهرباء،
مما ارتفعت وتيرة الخدمات المقدمة في مجال الكهرباء بسرعة وفاعلية في الجودة.
أما قطاع التطهير السائل، فقد أعطت شركة
أمانديس، منذ أبريل 2002 الانطلاقة العملية لعملية تهيئة التصميم المديري الجديد
للتطهير السائل الذي يهدف إلى تحديد معالم شبكات التطهير المستقبلية، وكذا التطور
الذي تستهدفه على المدى القريب والمتوسط والبعيد.
وعلى غرار ما قامت به أمانديس منذ عشر
سنوات، فإن التجربة الحالية تثير العديد من المخاوف حول الخدمات المقدمة
للمواطنين، وسنوضح ذلك عبر قطاع الماء الصالح للشرب مرورا بقطاع توزيع الكهرباء،
وأخيرا قطاع التطهير السائل.
·
بالنسبة لتوزيع قطاع
الماء والكهرباء :
-
عدم التزام الشركة
بكل الالتزامات التي تعهدت بها في دفتر التحملات.
-
غلاء فواتير الأداء
التي تتضاعف كل شهر بأرقام قد تصل أحيانا إلى الدخل الفردي للمواطن.
-
تأخير قراءة
العدادات.
-
اعتماد أسلوب التقدير
للاستهلاك عن بعد دون قراءة العداد وعدم احتساب الاستهلاك الشهري الحقيقي.
-
عدم وجود مقاييس
موحدة فيما يخص تحديد عقود الاشتراك في الشبكات داخل المنطقة الواحدة.
·
بالنسبة لتوزيع قطاع
الكهرباء :
-
الزيادة في التسعيرة،
بحيث لا تتناسب مع مستوى الدخل الفردي.
-
شكاوي المواطنين
واحتجاجاتهم بسبب حالات الغلاء المهولة في فواتير الكهرباء.
-
عدم التزام الشركة
بقراءة العدادات خلال المدة القانونية المحددة في 30 يوما.
-
تأخر عملية الإصلاح
بسبب المصابيح المعطلة في الأحياء الشعبية.
-
تأخر في توصيل
الفواتير في الوقت المناسب.
·
بالنسبة للتطهير
السائل :
على غرار المهام المحددة لشركة أمانديس
في عقد التدبير المفوض، وما قامت من أجله الشركة بعدة منجزات، تبقى نسبية ومشوبة
بعدة خروقات، حالت دون تحقيق الأهداف المسطرة في دفتر التحملات.
وهنا نسرد مجموعة من الاختلالات المسجلة
في هذا الميدان وفق ما يلي :
-
معاناة سكان مدينة
طنجة عند سقوط الأمطار مع الفياضانات، والروائح الكريهة.
-
ضعف البنيات
والتجهيزات، وانعدام البالوعات وقنوات الربط مع شبكة التطهير.
-
غياب مراقبة الأشغال
الخاصة بالإنجازات وانعدام الصيانة.
-
أشغال مد القنوات تم
بطريقة عشوائية، وباقي التجهيزات المستعملة في هذا المجال، تفتقر إلى مواصفات
الجودة والصلاحية.
وأمام كل هذه الاختلالات التي تعبر عن
عدم التزام الشركة بما هو مسطر في دفتر التحملات وإخلالا منها بمصلحة السكان
وأهداف العقد، نقترح بعض المقترحات الآتية:
-
يجب إشراك المواطنين
والمجتمع المدني عند وضع دفتر التحملات، أضف إلى ذلك خلق مجالس للمرافق العمومية
المحلية، التي ستمكن من حل الكثير من المشاكل خاصة على مستوى قطاع الماء
والكهرباء.
-
تكتيف من وصلات
تحسيسية للمواطنين من أجل وعي الجميع، بأن الماء والكهرباء حق للجميع.
-
يجب إعادة النظر في
أسلوب التدبير المفوض، وخلق بدائل أخرى للتسيير.
-
يجب إنشاء مجلس
للمراقبة مستقل تماما عن شركة أمانديس، يقوم بتتبع كل صغيرة وكبيرة من قطاع الماء
والكهرباء.
-
مراعاة حقوق
المنتفعين في أسلوب التدبير المفوض.
-
إحداث الشباك الوحيد
لمخاطبة المنتفع، هذا سيساهم بدوره في التخفيف من حدة المشاكل المرتبطة بالمرفق
والمرتفق.
-
إعطاء لمجلس المراقبة
صلاحيات واسعة في مجال الرقابة، خصوصا فيما يتعلق باحترام المبادئ الأساسية للمرافق
العامة. حتى لا تكون هناك تجاوزات من قبل الشركة.
ولعل الاعتماد المكثف للتدبير المفوض في
إدارة المرافق العامة المحلية بالمغرب، كان نتيجة عجز التسيير العمومي في إدارة
المرافق العمومية المحلية، وتحقيق التنمية المحلية على اختلاف أبعادها الاقتصادية
والاجتماعية.
غير أن هذه التجربة المرتكزة على
التدبير المفوض أبانت عن فشلها بسبب غياب غلبة هاجس الربح على حساب تحقيق المصلحة
العامة، وهو ما ساهم أيضا في غياب أي متابعة قانونية لمن لا يحترمون الصالح العام.
وفي حالة الإبقاء على تجربة التدبير
المفوض، رغم فشلها في تحقيق التنمية المحلية، فإن هذا الأمر يستدعي تفعيل التسيير
المنتدب الجيد باتخاذ الإجراءات الكفيلة لتحقيق ذلك، كالتعجيل باعتماد مجالس
المرافق التي ستمكن في حل الكثير من المشاكل المرتبطة بين المرفق والمنتفع، أضف
إلى ذلك إدراج المجتمع المدني في تسيير المرافق العمومية المسيرة من طرف الخواص، والتي
تتماشى مع التوجهات التي أقرتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية القائمة على
المشاركة والتشاور، وهو ما أكده جلالة الملك محمد السادس بقوله : "اعتماد
مقاربة تقوم على الإصغاء والتشاور مع كل القوى الحية للأمة، من أحزاب سياسية،
ومنظمات نقابية، وجماعات محلية، هيئات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، وحتى مع
المواطنين الذين لهم غيرة في التنمية".
ليست هناك تعليقات