Header Ads

التعويض في مجال نزع



د.الأزرق      "التعويض في مجال نزع الملكية"    "بوزكري زهير"
"ماستر تدبير الشأن العام المحلي" s1

مقدمة:

إذا كان نزع الملكية يؤدي إلى سلب الشخص حقه فلقد رفض القانون ضياع صاحب هذا الحق وذلك بفرضه كمقابل أداء تعويض، علما بأن نزع الملكية ليس ببيع، إذ لا يتوفر صاحب هذا الحق على الحرية التامة في تحديد الثمن الذي يروقه وبالشروط التي تنابه. ويلاحظ أنه إذا كانت القوانين المغربية التي تعرضت لموضوع نزع الملكية واكتفت بذكر التعويض دون أي وصف آخر (ظهير 31 غشت 1914 وظهير 3 أبريل 1951 والقانون الجديد رقم 7- 81 المتعلق بنزع الملكية) أو أنها أحالت على قوانين نزع الملكية دون ربط التعويض بوصف ما (الفصل 15 من الدستور والفصل 10 من ظهير 2 يونيو 1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة) فإن قوانين أخرى وصفت التعويض بكونه عادلا، فالفصل 545 من القانون المدني الفرنسي نص على وجوب دفع تعويض مسبق وعادل مقابل نزع الملكية، كما قد أجمع فقهاء الشريعة الإسلامية على جواز نزع الملكية للمنفعة العامة نظير تعويض عادل يدفع مقدما قبل الإستيلاء على العقارات وعلى ذلك نصت المادة 196 من مجلة الأحكام العدلية: "يؤخد ملكه من يده ما لم يؤد إليه ثمنه".
وإذا كانت القوانين المغربية خلت من هذا الوصف فإننا نعتقد أن التعويض الذي يؤدى يجب أن يكون عادلا، فالمنزوع ملكيته بالمقارنة مع غيره تحمل ضررا نتيجة تخليه جبرا عن حقه، وأقل ما يمكن منحه إياه هو تعويض عادل، الشيء الذي يستجيب أصولا لمبدأ العدالة والإنصاف، أي الرغبة الدائمة في منح الشخص ماله، فإذا كان نزع الملكية يتم لأجل المنفعة العامة فإن العدالة تحقق أيضا هذه المنفعة وتنشدها حينما تتضمن وجوب أداء تعويض عادل.

ونظرا لطبيعة مسطرة نزع الملكية فإن القانون لم يترك أمر تحديد التعويض بلا قيود، بل إنه ونظرا لطبيعة مسطرة نزع الملكية فإن القانون لم يترك أمر تحديد التعويض بلا قيود، بل إنه بين الجهة التي تقوم بالتحديد ومن جهة أخرى بين القواعد التي يلزم احترامها من أجل تحديد التعويض حفاظا على أموال الجماعة بالدرجة الأولى. فالتعويض المستحق للمنزوع ملكيته يقتصي الإلمام بالمقتضيات القانونية المتعلقة المتعلقة بتحديده في إطار مسطرة نزع الملكية ومدى مراقبة المحكمة الإدارية للتعويض المقترح من طرف نازع الملكية. وعليه سنقسم موضوع التعويض حسب النهج التالي:
المبحث الأول: تحديد التعويض في إطار مسطرة نزع الملكية.
المبحث الثاني: مراقبة المحكمة الإارية للتعويض المقترح.

المبحث الأول: تحديد التعويض في إطار مسطرة نزع الملكية:
كانت تلبية احتياجات الإدارة من الرصيد العقاري من أجل تنفيذ مشاريعها الآنية والمستقبلية تتم بعدة طرق من بينها اللجوء إلى نزع الملكية من أجل المنفعة العامة فإن ذلك يتم بمقتضى لجنة تسمى اللجنة الإدارية للتقييم، ولإحاطة بهذه اللجنة والآثار المترتبة على عملها سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين كالآتي:
المطلب الأول: اللجنة الإدارية للتقييم.
المطلب الثاني: آثار عمل اللجنة الإدارية للتقييم.
المطلب الأول: اللجنة الإدارية للتقييم:
نص على هذه اللجنة الفصل 42 من القانون رقم 7- 81 المتعلق بنزع الملكية في فقرته الأولى، بمناسبة تطرقه للإتفاق بالمراضاة، الذي قد يبرم بين الإدارة نازعة الملكية والمنزوع ملكيتهم، أما تشكيلة اللجنة المذكورة والدور المنوط بها فتعرض له المرسوم التطبيقي للقانون المتعلق بنزع الملكية الصادر بتاريخ 16 أبريل 1983 في بعض فصوله. فكيف تتشكل اللجنة الإدارية للتقييم؟ وما هو عملها؟
للإجابة على هذين التساؤلين سنقسم هذا المطلب إلى فرعين أولهما يعالج إشكالية تكوين اللجنة أما الثاني فسنخصصه لعمل هذه اللجنة.
الفرع الأول: تكوين اللجنة الإدارية للتقييم:
تختلف تشكيلة اللجنة الإدارية للتقييم باختلاف موضوع نزع الملكية كالتالي:
1-    إذا كان موضوع نزع الملكية متعلق بحقوق مائية فتتألف من:
v    السلطة الإدارية المحلية أو ممثلها بصفته رئيسا للجنة.
v    رئيس دائرة أملاك الدولة الموجودة بها الحقوق المائية أو منتدبه.
v    ممثل وزارة التجهيز أو الأشغال  العمومية.
v    ممثل المصالح الإقليمية لوزارة الفلاحة والإصلاح الزراعي.
2-    إذا كان موضوع نزع الملكية عقارات أو حقوق عينية فإن تشكيلة اللجنة تكون كالتالي:
1.     السلطة الإدارية المحلية أو ممثلها بصفته رئيسا للجنة.
2.     رئيس دائرة أملاك الدولة الموجود بها العقار محل النزاع أ, منتدبه.
3.     قابض التسجيل أو التنبر أو منتدبه.
4.     ممثل طالب نزع الملكية أو الإدارة التي يجرى نزع الملكية لفائدتها.
3-    إذا كان العقار موضوع نزع الملكية يقع في منطقة حضرية مبنيا كان أ, غير مبني، يضاف إلى اللجنة الإدارية للتقييم في الحالة الثانية أعضاء غير دائمين وهم:
v    مفتش الضرائب الحضرية أو منتدبه.
v    مفتش التعمير أ, منتدبه.
4-    إذا كان العقار موضوع نزع الملكية يقع في منطقة قروية فإن الأعضاء غير الدائمين الذين تتشكل منهم اللجنة السالفة الذكر فضلا عن أعضائها الدائمين هم:
v    الممثل الإقليمي لوزارة الفلاحة والإصلاح الزراعي أو منتدبه.
v    مفتش الضرائب القروية أو منتدبه.
وفي جميع الأحوال المذكورة تتولى السلطة القائمة بنزع الملكية أعمال الكتابة.
وتبرز من خلال هذا التشكيل مجموعة من الملاحظات المتعلقة بتكوين اللجنة الإدارية للتقييم يمكن إجمالها كما يلي:
ü     تغييب الطرف المنزوع ملكيته بالرغم من أنه هو المعني الأول بالأمر. لذا كان من الواجب على المشرع أن يأخذ بعين الإعتبار هذه الملاحزة، فضلا عن إمكانية حضور المنزوع ملكيته إلى جانب محاميه أو أي شخص آخر له داية بالقانون أ, بتقويم العقارات.
ü     إن رآسة اللجنة الإدارية للتقييم من طرف رجل السلطة تجعل هذا الأخير يقف في أغلب الأحيان في صف الإدارة نازعة الملكية فتكون النتيجة هي عدم انصاف المنزوع ملكيته، الشيء الذي يحول دون موافقته على التعويض المقترح عليه من طرف لجنة التقييم، لذا فمن الأفضل أن تكون رآسة اللجنة مسندة إلى أحد قضاة أو مستشارين المحكمة الإدارية والذي يتكلف بتعيينه رئيس المحكمة الإدارية التي يعمل بها أو من طرف وزير العدل.
ü     أن يضاف إلى أعضائها الدائمين المحافظ على الأملاك العقارية نظرا لتخصصه في الشؤون العقارية ومعرفته بأثمانها وكذلك أحد الخبراء المحلفين المتخصصين في الشؤون العقارية الذي يمكن تعيينه بقرار لوزير العدل باقتراح من رئيس الجامعة المغربية لجمعيات الخبراء المحلفين.
الفرع الثاني: عمل اللجنة الإدارية للتقييم:
إن أشغال اللجنة الإدارية للتقييم تبدأ من تاريخ اجتماعها الذي ينطلق بعد نشر مقرر التخلي1. ومن جهة أخرى فإن أشغال اللجنة يجب أن تنتهي بانتهاء صلاحية مقرر التخلي الذي يستمر مفعوله لمدة سنتين من تالايخ نشره كما جاء في الفقرة الأولى من الفصل 17 من القانون رقم 7- 81، مادام رفع دعوى الإذن بالحيازة ودعوى نقل الملكية يتم داخل هذا التاريخ تحت طائلة إعلان جديد للمنفعة العامة، وإلا اعتبر ذلك خرق للمسطرة الإدارية من طرف نازع الملكية2. خلافا لما ذهبت إليه بعض المحاكم الإدارية التي لم تعر تاريخ عمل اللجنة اهتماما وبالتالي لم ترتب آثار قانونية على خرقه. ومن جهة أخرى فإن محضر اجتماع اللجنة أ, تقريرها يجب أن يعرف بالعقار موضوع نزع الملكية دون الإكتفاء فقط بتحديد قيمته.
خلافا لما ذهبت إليه بعض المحاكم الإدارية في بعض أحكامها، حتى تتمكن المحكمة المعروض عليها النزاع عند الإقتضاء من الوقوف على عناصر تقدير التعويض، خاصة في الحالات التي يتعذر فيها تبليغ المنزوع ملكيته بمقال نزع الملكية، أو عدم جوابهم عنه التوصل ودون موافقتهم الصريحة على محضر اللجنة. هذا ويعتبر التقدير الذي توصلت إليه اللجنة ملزما لنازع الملكية في المقال ينبغي أن ال يقل عن الثمن المحدد من طرف لجنة التقويم الإداري1." بنما لا يعتبر ذلك التقدير ملزما للمنزوع ملكيتهم ما لم يتفقوا مع نازع الملكية عليهم بصراحة2.
ومن جهتها فإن المحكمة الإدارية لا يمكنها أن تحكم للمنزوع ملكيته بتعويض أقل من ذلك المقترح من طرف نازع الملكية الذي سبق تحديده من قبل اللجنة الإدارية للتقييم.
والجدير بالملاجظة أن التعويض المقترح من طرف اللجنة الإدارية للتقييم غالبا ما يكون ضئيلا بالنظر للقيمة الحقيقية للعقار المنزوعةملكيته حسب ما أثبتته التجربة العملية للمحاكم الإدارية، إذ يكاد يستحيل اتفاق الخبراء المعنيين من طرف هذه المحاكم في قضايا نقل الملكية لتحديد التعويض عن نزع الملكية مع اقتراح اللجنة الإدارية، وإنما تأتي تقديرات الخبراء غالباَ بتعويضات تتجاوز اقتراح اللجنة بكثير، تصل أحيانا إلى أضعاف ما توضلت إليه اللجنة. ولعل مرد ذلك راجع إلى اسناد رئاسة اللجنة لأحد رجال السلطة الذين يتقمصون أحيانا دور المدافع عن الإدارة مع حرمان المنزوعة ملكيتهم المعني الأول بالأمر، من تقييم قيمة عقاره نوضوع نزع الملكية. فضلاً عن اعتماد أثمنة البيوعات المسجلة بإدارة التسجيل والتنبر، التي لا تنبئ عن الحقيقة  بسبب إخفاء الأثمان الحقيقية قصد التملص الضريبي من طرف البائع والمشتري على حد سواء.
المطلب الثاني: آثار عمل اللجنة الإدارية للتقييم:
بعدما تنتهي اللجنة الإدارية للتقيم من تحرير محضر التقييم وموافقة إدارة الأملاك المخزنية على التعويض المقترح تطبق مقتضيات الفصل 42 من قانون 7-811 بشأنه، ولا يخلو الأمر عندئذ من احتمالين فإما أن يتم ابرام اتفاق بالمراضاة من المنزوعة ملكيته، أو أن هذا الأخير يرفض التعويض المقترح عليه من طرف الإدارة وهذا ما سنتناوله حسب التقسيم التالي:
الفقرة الأولى: إبرام الإتفاق بالمراضاة.
الفرع الثاني: رفض التعويض المقترح.
الفرع الأول: إبرام الإتفاق بالمراضاة:
في هذه الحالة يجب التمييز بين ما إذا كان المنزوع ملكيته مقيما في موقع العقار موضوع نزع الملكية وبينما إذا كان مقيما خارجه.
1.     ففي الحالة الأولى: تشرف السلطة المحلية على إجراءات التوقيع على محضر الإتفاق بالمراضاة الذي يتم إعداد مشروعه من طرف رئيس دائرة الأملاك المخزنيو في أربعة نظائر (محفوظات مديرية الأملاك المخزنية-مصلحة التسجيل-المحافظة على الأملاك العقارية والرهون-الخزينة العامة للمملكة) قصد تمكينه من القيام بالإلتزام بالنفقة الذي يقدم اقتراحا بشأنه وبمجرد التأشير على المقترح المذكور من طرف مراقب الإلتزامات بنفقات الدولة، يعمل رئيس دائرة الأملاك المخزنية على تسجيل محضر الإتفاق بالمراضاة ويهيء ملفا بأداء التعويض عن نزع الملكية في أقرب الآجال بحسب الوضعية القانونية للعقار.
2.     أما إذا كان المنزوع ملكيته يقيم خارج مكان موقع العقار موضوع نزع الملكية فإن الإتفاق بالمراضاة بشأن التفويت النهائي أ, الحيازة يضمن في عقد عرفي أ, مؤقت عملا بقواعد القانون الخاص يحرر من طرف دائرة الأملاك المخزنية. هذا وتعتبر العقود الرسمية والعرفية المشار إليها في الفصل 42 من قانون نزع الملكية وكذا محاضر الإتفاق بالمراضاة معافاة من رسم وإجراء التنبر عملا بمقتضيات المقطع 14 من الفصل 9 من مدونة التنبر.
3.     وبمجرد إمضاء جميع نظائر العقد من طرف المالك وتصحيح الإ/ضاء يقوم رئيس دائرة الأ/لاك المخزنية بتوجيه الوثائق المذكورة إلى مصلحة نزع الملكيسة من أجل الإلتزام بالنفقات والتوقيع من طرف مدير الأملاك المخزنية أو من ينوب عنه، وكذا إخبار السلطة الإدارية المحلية التي يوجد العقار المنزوعة ملكيته في دائرة نفوذها بالإتفاق المنجز. إضافة إلى تقييد العقد بكناش المحتويات وإيداعه بالمحافظة على الأملاك العقارية وعند الإقتضاء بالمحكمة الإدارية وتكوين ملف أداء أو إيداع التعوبض عن نزع الملكية.
الفرع الثاني: رفض التعويض المقترح:
إذا ما رفض المنزوعة ملكيته التعويض المقارح عليه وبالتالي الإتفاق بالتراضي حول التفويت النهائي للعقار موضوع نزع الملكية فإن رئيس دائرة الأملاك المخزنية يحاول ما أمكن أن يحصل على موافقة المعنيين بالأمر على حيازة الإدارة نازعة الملكية للعقار المنزوعة ملكيته مقابل تسلم تعويض احتياطي يساوي عروض الإدارة، وإلا فإن هذه الأخيرة تظطر إلى اللجوء إلى المحكمة الإدراية التي يقع العقار المنزوعة ملكيته في دائرة نفوذها من أجل تقديم طلبين أحدهما تلتمس فيه الإذن لها بالحيازة مقابل التعويض الذي اقترحته على المنزوعة ملكيتهم والثاني تطلب من خلاله الحكم لفائدتها بنقل ملكية العقار المذكور مقابل التعويض المحدد من طرف اللجنة الإدارية الذي قد تكتفي المحكمة المعنية بالحكم به أ, تعمل على رفعه عند الإقتضاء.
المبحث الثاني: مراقبة المحكمة التعويض المقترح:
إن التعويض المقترح من طرف الإدارة نازعة الملكية المحدد من قبل اللجنة الإدارية للتقييم يمكن تعديله من طرف قاضي نقل الملكية عند الإقتضاء، لذا سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين:
المطلب الأول: الإكتفاء بالتعويض المقترح من طرف نازع الملكية.
المطلب الثاني: استعانة المحكمة بالخبرة في تحديد التعويض.
المطلب الأول: الإكتفاء بالتعويض المقترح من طرف نازع الملكية.
باستقراء الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية في قضايا نقل الملكية تبني أنها تكتفي أحيانا بالمصادقة على التعويض المقترح من طرف الإدراة نازعة الملكية اعتمادا على تقديره من طرف اللجنة الإدراية للتقييم معللة تلك الأحكام بالموافقة عليه إما صراحة أو ضمنيا.
الفرع الأول: الموافقة الصريحة على التعويض المقترح.
الفرع الثاني: الموافقة الضمنية على التعويض المقترح.
الفرع الأول: الموافقة الصريحة على التعويض المقترح:
إن الموافقة المنزوعة ملكيته على التعويض المقترح عليه من طرف الإدارة قد تترجم بمذكرة جوابية مكتوبة وقد تقتصر فقط على مجرد تصريح بذلك. فما هو الأثر القانوني لكل حالة على حدة؟
أولا: الموافقة بمقتضى مذكرة جوابية:
عندما يوافق الطرف المنزوعة ملكيته على التعويض المقترح عليه من طرف الإدارة نازعة الملكية بموجب مذكرة جوابية بمناسبة استدعائه من طرف المحكمة بعد تبليغه بنسخة من مقال الدعوى وتكليفه بالجواب عنه فإنه لا يسع قاضي نقل الملكية والحالة هذه إلا الحكم بالتعويض المقترح فقط، لعدم المنازعة فيه، ولعدم إمكانية الحكم بأكثر مما طلب منه. ولعل هذه الحالة عند وقوعها وإن كانت نادرة لا تثير إشكالا يذكر من حيث التطبيق. لوقوعها انسجاما مع كافة النصوص القانونية المنظمة للدعوى الإدارية عامة ودعوى نقل الملكية خاصة إلا أن الإشكال الذي تطرحه مثل هذه الحالة هو عندما يوافق المنزوعة ملكيته على التعويض المقترح وفق ما ذكر، والحال أن تلك الموافقة لم تقدم بواسطة مذكرة مكتوبة موقعة من طرف محام، إذا علمنا أن تنصيب المحامي واجب أمام المحكمة الإدارية1 سواء بالنسبة للمدعي أ, المدعى عليه. وأحيانا قد يوافق المنزوعة ملكيته على العويض المقترح بمقتضى مذكرة جوابية بينما ينازع باقي المدعى عليهم في ذلك التعويض بنفس الكيفية حيث لا يتفق دفاعهم مع دفاع من لم ينازع في التعويض المقترح. هذه الحالة عرضت على المحكمة الإدارية بالرباط2 عندما تقدمت المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء للجهة الشمالية الغربية بواسطة نائبها بتاريخ 8 يونيو 1995 بطلب يرمي إلى نقل مجموعة من القطع الأرضية المنزوعة ملكيتها إليها مقابل دفع أ, إيداع التعويض المحدد من طرف اللجنة الإدارية للتقييم في مبلغ 859.800 درهم، فتقدم أحد المدعى عليهم بواسطة نائبه بمذكرة جوابية أشار إلأى أنه لا يمانع في التعويض المقترح عليه المتمثل في مبلغ 254.200 درهم مقابل نزع ملكية عقاره  البالغة مساحته 1271 متر مربع بينما أجابه المنزوع ملكيته بواسطة نائبه بمذكرة ينازع بمقتضاها في التعويض المقترح عليه بعلة أنه لا يناسب مع القيمة الحقيقية لعقاره موضوع نزع الملكية، ملتمسا إجراء خبرة لتحديدها، وبعد إجراء تلك الخبرة التي حددت قيمة المتر المربع في مبلغ 400 درهم قضت المحكمة الإدارية بنقل ملكية كافة القطع الأرضية المنزوعة ملكيتها إلى المؤسسة المدعية مقابل دفعها أو إيداعها تعويضا نهائيا حددته في 400 درهم للمتر مربع لفائدة المدعى عليهم.
ثانيا: الموافقة بموجب تصريح فقط:
أحيانا يكتفي المنزوعة ملكيته بالموافقة على التعويض المقترح عليه من طرف الإدارة نازعة الملكية بمجرد تصريح شفوي بالجلسة أثناء نظر دعوى نقل الملكية. ولعل ما يجعل المحاكم الإدارية تكتفي بعروض الإدارة هو ضآلة المبالغ المقترحة على المنزوعة ملكيتهم. وهذا سبب آخر لعدم تكليفهم بتنصيب محام لما سيتتبع ذلك من مصاريف ضخمة.
الفرع الثاني: الموافقة الضمنية على التعويض المقترح:
بعد استقراء أحكام المحاكم الإدارية التي اعتبرت أ، المنزوعة ملكيته يوافق ضمنيا على التعويض المقترح من طرف اللجنة الإدارية للتقييم واكتفت بالحكم له بهذا التعويض دون زيادة، تبين لنا أن ما سمي بالموافقة الضمنية تتم في إحدى الحالتين: الحالة التي يصدر فيها الحكم الإبتدائي غيابيا، والحالة الثانية عندما يصدر ذلك الحكم غيابيا بقيم.1
أولا: الموافقة الضمنية بعد توصل المنزوعة ملكيته وعدم جوابه:
صدرت عن المحاكم الإدارية بالمملكة عدة أحكام، اعتبرت أن مجرد توصل المنزوعة ملكيته بالإستدعاء للجلسة وبنسخة من مقال دعوى نقل الملكية، يشكل قرينة على أنه لا ينازع لا في مبدأ نقل الملكية ولا في مبلغ التعويض المقترح عليه من طرف الإدارة نازعة الملكية.
وفي أحكام أخرى اعتبرت أن "التعويض المقترح لم يكن محل نزاع، باعتبار توصل طرف من المدعى عليهم وعدم منازعتهم فيه، مما يفيد ضمنيا قبولهم لهذا التعويض.2"، وفي بعض أحكامها قضت المحكمة الإدارية بالرباط بأن التعويض لم يكن محل نزاع، على اعتبار توصل الطرف المدعى عليه بالمقال الرامي إلأى نزع الملكية والمحدد به التعويض المقترح، وعدم إدلائه بأي جواب من طرفه مضيفة أنه "أمام عدم وجود أي منازعة في مبلغ التعويض المقترح فإن المحكمة لا يسعها إلأا الحكم وفقه." ومن أجل بلوغ نفس النتيجة عللت نفس المحكمة بعض أحكامها.
المبدأ الأول:" لا ينسب لساكت قول" يعمل به عندما يتعذر معرفة وجهة نظر المعني بالأمر لأي سبب كان.
المبدأ الثاني:" السكوت علامة الرضى" فيعني أن هذا المبدأ لا ينتج آثاره القانونية إلا من خلال قرائن قوية تفيد مما لا يدع مجالا لأي شك.
لذلك ألغت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى جميع أحكام المحاكم الإدارية التي قضت باعتماد التعويض المحدد من طرف اللجنة الإدارية للتقييم، بعلة الموافقة عليه ضمنيا من طرف المنزوعة ملكيتهم، وفق ما تمت الإشارة إليه، واعتبرت الغرفة المذكورة أن " التعويض الذي تقدره اللجنة الإدارية المشار إليها في الفصل 42 من القانون 7-81 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة، يتوقف نفاذه على قبوله من الطرفين..."
ثانيا: الموافقة الضمنية رغم عدم توصل المدعى عليه:
وفي أحيان أخرى اكتفت المحاكم  الإدارية بالموافقة على التعويض المحدد من طرف اللجنة الإدارية للتقييم، على الرغم من تعذر تبليغ المنزوعة ملكيته لا بنسخة من المقال الرامي إلأى نقل الملكية ، ولا باستدعائه للجلسة بعد إنجاز مسطرة القيم في حقه، لتحكم في النهاية بمقتضى حكم حضوري في حق نازع الملكية وغيابي بقيام في حق المنزوعة ملكيته مع اختلاف تحليلاتها التي تنتهي إلى نفس النتيجة.
وخلاصة ما يمكن ملاحظته على الأحكام السالفة الذكر، أن من طيقها غير منسجمة مع تحليلاتها فضلا عن أن المنزوعة ملكيته يتمتع بالحماية القانونية منحها إياه المشرع بمقتضى الدستور، عندما اعتبر حق الملكية مضمونا ومنع نزع الملكية كمبدأ عام، إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في المادة 15 منه. وهو مبدأ كرسه المشره في الفصل 10 من المرسوم المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة الصادر بتاريخ 2 يونيو 1915 الذي نص صراحة على أنه " لا يجبر أحد على التخلي عن ملكه إلا لأجل المنفعة العامة ووفق القوانين الجاري بها العمل في نزع الملكية." وإذا رجعنا إلى القانون 7-81 وجدناه يترجم إرادة المشرع هاته عندما فرض على نازع الملكية إجراءات شكلية جوهرية دقيقة، وأن نزع الملكية لأجل المنفعة العامة يتم بحكم قضائي، وبعدما سمح لنازع الملكية بحيازة العقار المنزوعة ملكيته بموجب أمر استعجالي يصدره رئيس المحكمة الإدارية. اعتبر أن التعويض الممنوح للمدعى عليه بموجب هذا الأمر هو مجرد تعويض احتياطي أن يصبح تعويضا نهائيا إلأا بموجب حكم يصدر عن محكمة الموضوع الإدارية، التي حدد الفصل 20 من القانون رقم 7-81 معاييره، وهو بذلك يعني تأكد قاضي الموضوع من مدى عدالة التعويض، هذا القاضي الذي منحه المشرع الوسائل القانونية للوصول إلى تحقيق العدل ولو دون طلب من المنزوعة ملكيته عندما منحه قانون السطرة المدنية إمكانية اللجوء إلى إجراءات التحقيق.
المطلب الثاني: استعانة المحكمة بالخبرة في تحديد التعويض:
إذا كانت المحاكم الإدارية في بعض أحكامها القاضية بنزع الملكية مقابل دفع الإدارة أو إيداعها تعويضا عن ذلك النقل تكتفي بما ححدته اللجنة الإدارية لللتقييم، دون أن تقوم بإجراء التحقيق التي من بينها انتداب خبير للإستعانة بتقريره، فإن المحكمة المذكورة تعتمد في أحيان أخرى كثيرة إلأى تعيين خبير تكلفة بتحديد التعويض المستحق للمنزوعة ملكيته.
فما هي الحالات التي يحدد فيها التعويض؟ وما مدى مراقبة المحكمة عليه؟ ومن ثم يقسم هذا المطلب إلى ثلاث فروع كالآتي:
الفرع الأول: تحديد التعويض من دون إجراء خبرة.
الفرع الثاني: دور الخبير في اقتراح التعويض عن نقل الملكية.
الفرع الثالث: رقابة المحكمة على دور الخبير.
الفرع الأول: تحديد التعويض من دون إجراء خبرة.
إذا كانت أهمية الخبرة في دعوى نقل الملكية تكمن في تحقيق الموازنة بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة للمنزوعة ملكيتهم، فإن المحكمة قد تعمد إلى تحديد التعويض المستحق لهم تلقائيا دون الأمر بإجراء خبرة. وحدث ذلك في الحالات التي اعتبرت فيها المحكمة أن المنزوعة ملكيتهم يوافقون صراحة أو ضمنيا على اقتراح لجنة التقييم الإداري، وهي أحكام كان مصيرها الإلغاء من طرف الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى اعتبارات، بينما أيدت الأحكام التي حددت التعويض عن نقل الملكية بناء على خبرة.
1.           فالبنسبة للقرارات التي قضت بإلغاء الحكم المستأنف الذي لم يأمر بإجراء خبرة، وإرجاعه إلى نفس المحكمة وردت نماذج من قرارات الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في الموضوع تتحد في من طيقها وتتباين قليلا في تعليلاتها. وهكذا اعتمدت الغرفة المذكورة في بعض القرارات الصادرة عنها على التعليل التالي:"... وحيث إن التعويض عن نزع الملكية يحدد طبق القواعد المنصوص عليها في الفصل 20 من قانون 7-81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة... الذي بمقتضاه يتعين تحديد مقدار خاص عن كل عنصر من العناصر المشار إليها في الفقرات 2و3و4 منه، وأنه في سبيل الكشف عن ذلك، يتعين على المحكمة الإدارية بإجراء التحقيق المنصوص عليه في الفصل 49 من قانون 7-81، وأن الحكم المستأنف عندما اعتمد التعويض المحدد من طرف اللجنة الإداريةللتقييم مقابلا لنزع ملكية المستأنف بالإستناد إلى السلطة التقديرية للمحكمة، دون القيام بأي إجراء من إجراءات التحقيق المسطرية للكشف عن العناصر المعتمدة وإبراز القواعد المنصوص عليها في الفصل 20 ... المشار إليه، يكون غيرمرتكز على أساس قانوني سليم ووااجب الإلغاء."
وحيث استقر الإجتهاد القضائي على وجوب إجراء خبرة لمعرفة طبيعة الأرض المنزوع ملكيتها وموقعها ومردوديتها، وحتى في حالة تعذر إجراء الخبرة يتعين على القاضي أن يرجع إلى عناصر الملف ومستنداته للبحث عن هذه المعايير والمعطيات، كما يمكنه أن يستعين بما تضمنه مقترح اللجنة الإدارية للتقييم دون أن يكون ملزما بالأخذ برأيها.
2.                  أما بالنسبة للقرارات التي قضت بتأييد أحكام المحاكم الإدارية التي حددت التعويض عن نقل الملكية، فهي كثيرة مع تباين بسيط في تعليلاتها.
ومن بين تلك القرارات على سبيل المثال قرار استند إلى التعليل التالي:" حيث أنه من الواضح أن التقويم الذي تقترحه اللجنة الإدارية في مجال نزع الملكية ليس ملزما، وأن المحكمة تتوفر على صلاحية الأ/ر بإجراء خبرة لتحديد التعويض المناسب عن نزع الملكية، خصوصا وأن الطرف المعني بالأمر... قد رفض التعويض المذكور... وحيث يتبين من مراجعة تنصيصات الحكم المستأنف أن المحكمة قد اعتمدت في تحديدها للتعويض على تقرير اللجنة والخبرة الذي ارتكز على موقع العقار ونوع استعماله، مع مقارنته بأراضي أخرى توجد في نفس المنطقة..."
ومنها ما اعتمد التعليل التالي:" حيث إن ما تقرره اللجنة الإدارية للتقييم لا يلزم المحكمة ولا المنزوع ملكيته فيما تتوصل إليه من تحديد التغويض المستحق عن نزع الملكية لأن الأمر يقتصر على مجرد اقتراحات. وأنه من جهة أخرى وكما لاحظ ذلك الحكم المستأنف فإن الخبرة جاءت موافقة لمقتضيات الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية، وأن المستأنف اكتفى في مقاله بأن الخبير لم ينجز مهمته وفق القانون، دون أن يمكن المحكمة وبعدها المجلس الأعلى من وسائل مراقبة مخالفات تقرير الخبير، وأنه من جهة أخرى... يتبين أنه أعطى وصفا دقيقا للأرض المنزوع ملكيتها من حيث الموقع والمساحة ومقارنتها بأراضي مجاورة، وبعد إطلاعه على السوق العقاري في المنطقة توصل إلى أن ثمن المتر مربع هو 8 دراهم، الشيء الذي يكون معه الحكم الذي صادق على الخبرة وتحديد التعويض على أساسها في محله وواجب التأييد."
3.     وأخيرا قضت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في بعض قراراتها وهي نادرة جدا، تمهيدا وقبل البث في الموضوع، بإجراء خبرة عوض أن تلغي الحكم المستأنف وتوجه إلى نفس المحكمة الإدارية لتأ/ر هي بتلك الخبرة، ففي قرار صدر حديثا نسبيا تتلخص وقائع نازلة موضوع الملف فيما يلي:" بتاريخ 7 أبريل 1996 عرضت المدعية، المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء للمنطقة الشمالية الغربية أن المرسوم رقم... المؤرخ في ... الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4302 الصادرة بتاريخ 14 دجنبر 1994 قد أعلن أن المنفعة العامة تقضي بإنجاز تجزئة أرض بنعاشر لإيداء سكان حي الصفيح... وبموجبه تقرر نزع ملكية مجموعة من القطع الأرضية اللازمة لهذا الغرض، ومن بينها القطعة الأرضية ذات الرسم العقاري... بجدول المرسوم السالف الذكر، البالغة مساحتها الإجمالية 31 هكتار و69 آراء لذلك إلتمس الحكم بنقل ملكيتها مقابل دفع أو إيداع التعويض المحدد من طرف اللجنة الإدارية للتقييم في مبلغ 60 درهم للمتر مربع لفائدة المدعى عليهم..."1
وإذا كنا لا نتفق مع أحكام المحاكم الإدارية التي تكتفي بالمصادقة على التعويض المقترح من طرف نازع الملكية بعلة موافقة المنزوعة ملكيتهم على ذلك التعويض ضمنيا، فإننا لا نتفق كذلك مع ما دعبت إليه الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في العديد من قراراتها المتواترة، التي كلما ألغت أحكام تلك المحاكم، إلا وأرجعت الملفات الملغاة أحكامها إلى نفس المحكمة قصد تحديد التعويض للمنزوعة ملكيتهم بناء على خبرة قضائية دون الإكتفاء بمجرد اللجنة الإدارية للتقييم التي يبقى دورها استشاريا فقط، في حين أن الغرفة الإدارية لا تلجأ إلى إجراء خبرة بدلا من الإلغاء والإرجاع إلا نادرا. على الرغم من أن القانون 90. 41 المحدث للمحاكم الإدارية يمنحها  هذه الصلاحية بصريح ما نصت عليه المادة 46 منه،2 وكذلك فعلت المادة 47 من هذا القانون عندما نصت على أنه:" تطبق أحكام الفصل 141 والفصل 354 وما يليه إلى الفصل 356 من قانون المسطرة المدنية أمام المجلس الأعلى عندما ينظر في أحكام المحاكم الإدارية المستأنفة لديه" لكل ذلك نرى أن من حسن سير العدالة وتلافيا لطول أمد النزاع، أنه عندما يكون الملف جاهزا بين يدي الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، عليها أ، تبث فيه بحكم قطعي، أو تصدر حكما تمهيديا بإجراء خبرة أو غيرها من إجراءات التحقيق الأخرى حسما للنزاع. كما فعلت في قرارها الأخير المذكور سلفا والذي كانت موفقة .
الفرع الثاني: دور الخبير في اقتراح التعويض عن نقل الملكية:
إذا لم تتوفر المحكمة الإدارية على العناصر الكفيلة بتحديد التعويض المستحق للمنزوعة ملكيتهم خاصة إذا تعلق الأمر بمعطيات تقنية لا علاقة لها بالقانون1، وكان تقيري اللجنة الإدارية للتقييم خاليا من تلك العناصر، فضلا عن عدم تمكين المحكمة منها من قبل الطرفين معا فإنها تضطر إلى إجراء خبرة بموجب حكم تمهيدي قبل البث في الموضوع، وذلك إما بناءا على طلب من الأطراف أو أحدهم، أو أنها تطلب بإجراء الخبرة تلقائيا.[1]
ويتم تعيين الخبير عادة من بين الخبراء المحلفين المتخصصين المسجلين في جدول الخبراء المعتمدة من طرف وزارة العدل مالم يوجد تخصص ما بذلك الجدول، على أن يؤدي اليمين القانوني أمام المحكمة وذلك بأن يقسم" على أن يقوم بأمانة وإخلاص بالمهمة المسندة إليه، وأن يعطي رأيه بكل تجرد واستقلال، مالم يع من تلك اليمين باتفاق الأطراف" وتحديد المحكمة النقط التقنية التي تجري الخبرة فيها في منطوق الحكم التمهيدي، مع تحديد مهام الخبير بدقة بعد تكليفه بالقيام بمحاولة الصلح بين الطرفين عند الإقتضاء ومنحه أجلا معنيا لوضع تقريره بكتابة الضبط في أصل متنبر وعدد من النسخ مسا و لعدد الأطراف، داخل أجل معين يبدأ من تاريخ تبليغه بنسخة من الحكم التمهيدي المذكور.3
فما هي المهام التي يقوم بها الخبير عند تحديده للتعويض المستحق للمنزوعة ملكيته بعد توصله بالحكم التمهيدي القاضي بتعيينه؟
بمجرد توصل الخبير بنسخة من الحكم المذكور يتعين عليه أن يستدعي الأطراف ووكلائهم4 لحضور إنجاز الخبرة ويتضمن الإستدعاء تحديد تاريخ ومكان وساعة إنجاز وذلك قبل خمسة أيام على الأقل قبل الموعد المحدد. فأول عمل يقوم به الخبير إذن هو استدعاء الأطراف ووكلائهم لحضور عملية الخبرة ويتضمن ذلك الإستدعاء المعطيات المذكورة سلفا، ويجب على الخبير أن لا يقوم بمهمته إلا بحضور أطراف النزاع ووكلائهم أ, بعد التأكد من توصلهم بالإستدعاء بصفة قانونية ما لم تأمر المحكمة بخلاف ذلك.
والذي يثير الإنتباه حول تعديل الفصل 63 من القانون 85. 00 هو أن المشرع اكتفى بضرورة استدعاء الأطراف ووكلائهم عند الإقتضاء لحضور عملية الخبرة بصفة قانونية دون أن يحدد طريقة الإستدعاء خلافا لما كان ينص عليه نفس الفصل قبل تعديله.
ووولا يقوم الخبير بعمله الموكول إليه بموجب الحكم التمهيدي الذي توصل بنسخة منه إلا بحضور أطراف النزاع ووكلائهم فعندئذ له أن يقوم بالخبرة.  وللقاضي المقرر أن يحضر عملية الخبرة كذلك إذا اعتبر ذلك مفيدا مادام الخبير يعمل تحت مراقبته، ويستحسن في هذه الحالة أن يتم ذلك في شكل معاينة بحضور خبير وليس في شكل خبرة في حضور المقرر.
أما عملية الخبرة فتتجلى في تنفيذ الخبير للنقط الواردة في الحكم التمهيدي المطلوب منه القيام بها وهي لا تخرج عن تلك المنصوص عليها في الفصل 20 من القانون 7- 81، الذي نص على القواعد المطبقة في تحديد التعويض عن نقل الملكية، التي بمقتضاها يتعين على الخبير أن يحدد قيمة الضرر اللاحق بالمنزوعة ملكيته وهو الضرر " الحالي والمحقق الناشئ مباشرة عن نزع الملكية، ولا يمكن أن يمتد إلى ضرر غير محقق أو محتمل أو غير مباشر" وذلك حسب قيمة العقار يوم صدور قرار نزع الملكية دون أن تراعى في تحديد هذه القيمة البنايات والأغراس والتحسينات المنجزة دون موافقة نازع الملكية منذ نشر أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للأملاك المقرر نزع ملكيتها، ويجب ألا يتجاوز التعويض المقدر بهذه الكيفية قيمة العقار يوم نشر مقرر التخلي أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة للأملاك التي ستنزع ملكيتها ولا تراعى في تحديد هذه القيمة عناصر الزيادات بسبب المضاربات التي تظهر منذ صدور مقرر التصريح بالمنفعة العامة غير أنه في حالة ما إذا لم يودع نازع الملكية في ظرف أجل ستة أشهر ابتداءا من نشر مقرر التخلي أو تبليغ مقرر إعلان المنفعة العامة المعين للعقارات التي ستنزع ملكيتها طلبي الإذن والحيازة ونقل الملكية فإن القيمة التي يجب ألا يتجاوزها تعويض نزع الملكية هي قيمة العقار يوم آخر إيداع للطلبين المذكورين بكتابة الضبط لدى المحكمة الإدارية.1 وإذا كان الأمر يتعلق بحقوق عينية معينة2، أمرت المحكمة الخبير بتحديد التعويض المناسب لأصحابها فضلا عن ذلك الخاص بالمالك أو الملاك للعقار موضوع نزع الملكية، ونفس الشيء بالنسبة للمكترين3، بصفة قانونية مصرح بهم على إثر البحث الإداري... أو مقيدين بصفة قانونية في السجلات العقارية.
الفرع الثالث: رقابة المحكمة على عمل الخبير:
نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 63 من قانون المسطرة المدنية في مقطعها الأول صراحة على ما يلي " يقوم الخبير بمهمته تحت مراقبة القاضي..."
1-          تبدأ هذه المراقبة منذ إشعار الأطراف بتعيين الخبير، إذ بمجرد توصلهم بهذا الإشعار يمكن لمن بعنيه الأمر أن يتقدم تلقائيا إذا كانت لديه وسائل للتجريح، داخل أجل خمسة أيام من تبليغه بطلب التجريح الذي يبث فيه بدون تأخير، إلا أن هذا الطلب لا يقبل إلا للقرابة القريبة أو لأسباب خطيرة أخرى، كوجود عداوة أو نزاع بين الخبير المعين وطالب تجريحه أو صداقة مغروفة بين الخبير والطرف الآخر.
وإذا ما ثبت ادعاء طالب التجريح تم استبدال الخبير المعين بغيره وإلا استمر في إنجاز  مهمته. وهناك نقطة تثير بعض النقاش تتمثل في مدى تبليغ الحكم التمهيدي للأطراف قصدا استعمال وسائل التجريح عند الإقتضاء. فإذا كان الأمر باستبدال الخبير المعين يبلغ لطرفي النزاع، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة للحكم التمهيدي المذكور . إذا اقتصر المشرع في الفصل 625 من قانون المسطرة المدنية على ضرورة تبليغ الطرفين بتعيين الخبير دون أن ينص على تبليغ ذلك الحكم.
وبالتالي فمادام الأطراف على بنية من الخبير المعين، فإن ذلك كاف لتمكينهم من تقديم طلب بتجريحه. إلا أن المجلس الأعلى قد ذهب في بعض قراراته إلى ضرورة تبليغ الأطراف كلا من الأمر أو الحكم التمهيدي القاضي بإجراء خبرة.
2-                      لعل مراقبة المحكمة لعمل الخبير تتجلى بالخصوص في مدى تقيده بالنقط المسطرة في الأمر بإجراء خبرة أو في الحكم التمهيدي الذي عينه، فإذا ما تجاوز الخبير تلك النقط أو أغفل الجواب عن إحداها، أ/ره القاضي أو المستشار المقرر بإعداد تقرير تكميلي أو إعادة تحرير تقرير شامل وواضح، أو أنه يستدعي تلقائيا أو بطلب من إحدى الأطراف، لحضور جلسة بحث معه، يستدعي لها طرفا النزاع ووكلائهم لتقديم المعلومات والإيضاحات اللازمة التي تضمن في محضر يوضح رهن إشارة الأطراف.
3-                      إذا كان للخبير أن يرجع إلى ترجمة شفوية أو كتابة عند الإقتضاء فإن من الواجب عليه أن يختار أحد التراجمة المحلفين المدرجين لذبالجدول المعتمد من طرف وزارة العدل. مالم يتعلق الأمر بترجمة لغة معينة قد لا يوجد مترجم لها بذلك الجدول، فإن على الخبير عندئذ أن يستشير المقرر في اختيار الترجمان المعني بالأمر. كما أن الخبير يتلقى على شكل تصريح عاد كل المعلومات الضرورية مع الإشارة إلى مصدرها في تقريه، عدا إذا منعه القاضي من ذلك عملا بمقتضيات الفصل 65 من قانون المسطرة المدنية.
4-                      وأخيرا، يبقى تقرير الخبرة غير ملزم للمحكمة وإنما تأخذ به على سبيل الإستئناس مالم يكن مقنعا كفاية، أما إذا لم تقتنع به المحكمة فلها أن تأمر بإجراء خبرة أخرى قد يتم من طرفها أو من قبل المقرر تلقائيا أو بطل من الأطراف. فهي بالتالي غير ملزمة بتتبع الأطراف في أقزالهم كما هو معلوم.



خاتمة:
استنادا إلى كل ما سبق ذكره تم  التوصل إلى خلاصة مفادها أن كل محكمة إدارية تختص بالبت في دعوى نقل الملكية باعتبارها محكمة موضوع، عندما يقع العقار المنزوعة ملكيته في دائرة نفوذها الترابي. وهي بمناسبة نظر تلك الدعوى تراقب مدى سلامة الإجراءات الإدارية الواجب القيام بها من طرف نازع الملكية تحت طائلة عدم قبول الطلب وإعادة تلك الإجراءات من جديد، بموجب إعلان جديد للمنفعة العامة عند الإقتضاء.
بالإضافة إلى ضرورة توفر الطلب على الشروط الشكلية الأخرى المقررة بموجب القانون المحدث للمحاكم الإدارية (90- 41 ) او بمقتضى قانون المسطرة المدنية 85. 00 المحال إليه من قبل هذا الأخير أما تحديد التعويض النهائي المستحق للمنزوعة ملكيتهم فيتم مبدئيا بناءا على المعايير المسطرة في الفصل 20 من قانون 7 -81 المتعلق بنزع الملكية.

المراجع المعتمدة

v    د. محمد محجوبي: دعوى نقل الملكية وإجراءاتها أمام المحكمة الإدارية / دراسة عملية الطبعة الأولى 1425 هـ.2004م .
v    البشير باجي: شرح قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة في ضوء القانون المغربي والقضاء والفقه والتطبيق. الطبعة الأولى 1991.
v    نزع الملكية للمنفعة العامة يبين الشريعة والقانون/دسعد محمد خليل الطبعة الأولى: يناير 1993م.
v    نزع الملكية من أجل المنفعة العامة بين القانون وعمل القضاء/ منشورات المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات / د.امحمد لفروجي. الطبعة الثالثة 2004.
v    القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالإحتلال المؤقت الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 254. 81. 1 المؤرخ في 11 من رجب 1402 الموافق لـ 6 مايو 1982.
v    القانون رقم 90. 41 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 225. 91 .1 في 22 من ربيع الأول 1414 الموافق لــ 10 دسمبر 1993.


1  استنادا إلى مقتضيات المقطع الأول  من الفقرة الاولى من الفصل 42 من قانون 7- 81 الذي نص على أنه: " إذا اتفق نازع الملكية والمنزوعة ملكيته على الثمن الذي حددته بعد نشر مقرر التخلي..."
2  أحكام المحكمة الإدارية بوجدة: حكم عدد 11 وتاريخ 25 يناير 1995 في الملف عدد 5/94 ت وحكمها عدد 51 تاريخ 28 شتنبر 1995 في الملف عدد 18/94 ت. وحكمها عدد 57 وتاريخ 4 أكتوبر 1995 وحكمها عدد 19 وتاريخ 12 ماي 1998 في الملف عدد 14/97 ت.
1  في حكمها عدد 285 وتاريخ 8 فبراير 1996 في الملف عدد 2455/94ت، وكذا في حكمها عدد 531 وتاريخ 14 مارس 1996 في الملف عدد 15/94 ت.
2  هذا ما اكدته الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في عدة قرارات صادرة عنها وهو ما يستنتج من مفهوم المخالفة لتعليلها الذي جاء فيه"... حيث إن المحكمة لم تكن ملزمة باقتراح لجنة التقييم الإداري، مادام المعنيون بالأمر قد رفضوا الإقتراح المذكور"، القرار عدد 714 وتاريخ 24 أكتوبر 1996 في الملف عدد 480/5/1/96 والقرار عدد 716 وتاريخ 24 أكتوبر 1996 في الملف عدد 482/5/1/96، والقرار عدد 721 وتاريخ 24 أكتوبر 1996 والقرار عدد 746 وتاريخ 31 أكتوبر 1996 في الملف عدد 413/5/1/96، والقرار عدد 754 وملف 462/5/1/96 أو كما جاء في قرار نفس الغرفة عدد 736 وتاريخ 31 أكتوبر 1996 في الملف عدد 183/5/1/96 عندما قررت أن "العمل بالتقدير المضمن بتقرير لجنة التقويم الإدارية يستلزم أن يحظى باتفاق نازع الملكية والمنزوعة ملكيته لتفاقا صريحا."





1  الذي نص على أنه إذا اتفق نازع الملكية والمنزوعة ملكيته على الثمن الذي حددته اللجنة بعد نشر مقرر التخلي وعلى كيفيات تفويت العقار أو الحقوق العينية المنزوعة ملكيتها فإن هذا الإتفاق الذي يجب أن يبرم طبقا لمقرر التخلي يدرج في محضر أمام السلطة الغدارية المحلية التابعة لها موقع العقار إذا كان المنزوعة ملكيته يقيم بالمكان المذكور. أما إذا كان غير مقيم بذلك المكان فإن هذا الإتفاق يبرم وفقا لمقتضيات القانون الخاص بواسطة عقد عرفي أ, عدلي ويبلغ إلى السلطة الإدارية المحلية.
1   عملا بمقتضيات المادة 3 من القانون رقم 90.41.
2   في حكمها عدد 613 وتاريخ 16 يونيو 1998 في الملف عدد 57/ 95 ت.
1  ويصدر الحكم على المدعى عليه غيابيا يقيم عندما يكون موطن أو محل إقامته غير معروف، إذ في هذه الحالة يعين القاضي أو المستشار المقرر عونا من كتابة الضبط بصفته قيما يبلغ إليه الإستدعاء ويبحث هذا القيم عمن تعذر تبليغه بالمقال بمساعدة النيابة العامة التي يقع موطن أو محل إقامة المدعى عليه في دائرة نفوذها وبمساعدة السلطات الغدارية المعنية ويقدم القيم المعين كل المستندات والمعلومات المفيدة للمقرر وإذا عرف فيما بعد موطن أو محل إقامة المدعى عليه فإن القيم يخبر المقرر بذلك ويصدر عنذئد الحكم في حقه غيابيا، أما إذا تعذر العثور عليه صدر االحكم غيابيا يقم .
2   كما في حكم نفس المحكمة عدد 318 وتاريخ 1997/4/8 في الملف عدد 270/96 ت.
1
2
1
[1]
3
4
1  حسب مقتضيات الفصل 20 من قانون 7- 81 الخاص بنزع الملكية.
2  حسب مقتضيات الفصل 21 من قانون 7- 81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة.
3   عملا بالفصل 22 من نفس القانون.

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.