مخطط تصميم التهيئة
ما هو مخطط تصميم التهيئة؟
إعـــداد :
- عبد الرحيم الكنبداري
- علوشي عبد الناصر
- حسـن سمحــاوي
مقدمــة :
اهتمت
المجتمعات، منذ القدم، بالمجال في محاولة لتنظيمه وجعله يستجيب لحاجيات
الجماعة. هذه الحاجيات تتنوع بتنوع انشغالات أفراد الجماعة وأنشطتهم
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وترتبط كل هذه الأنشطة بالمجال الذي
يعتبر الإطار العام لحياة المجتمع كما يعتبر تنظيمه في الأصل تنظيما لنشاط
المجتمع نفسه على مختلف الواجهات.
إن
التحكم في المجال من أجل تنظيم وتوجيه التوسع الحضري يفترض وجود سند أو
إطار قانوني تعتمد عليه السلطات العمومية في تدخلاتها على المستوى العقاري
وعلى مستوى التخطيط الحضري ويمكنها من التحكم القانوني في السطح واستبعاد
كل الاستعمالات المنافية لسياسة التعمير[1].
والتخطيط الحضري كما يعرفه الأستاذ عبد الرحمن البكريوي هو تدخل الإدارة بأدوات منهجية ووثائق مرجعية لتنظيم استعمال المجال وتقنين أو تحديد هذا الاستعمال لكل منطقة من مناطق المدينة وتخصيص وظيفة لكل واحد منها قصد تحقيق تكامل أجزائها وانسجام أطرافها وبالتالي حسن تنظيمها وتعميرها[2].
والتخطيط الحضري كما يعرفه الأستاذ عبد الرحمن البكريوي هو تدخل الإدارة بأدوات منهجية ووثائق مرجعية لتنظيم استعمال المجال وتقنين أو تحديد هذا الاستعمال لكل منطقة من مناطق المدينة وتخصيص وظيفة لكل واحد منها قصد تحقيق تكامل أجزائها وانسجام أطرافها وبالتالي حسن تنظيمها وتعميرها[2].
إن
التخطيط الحضري أصبح اليوم يتم بنوعين متكاملين من وثائق التعمير الأول
يعرف بالأداة التوجيهية أو التقديرية أما الثاني فيطلق عليه الوثيقة
التنظيمية ويشمل هذا النوع ثلاث وثائق وهي: تصميم التنطيق وتصميم التهيئة
وتصميم التنمية.
ويعد
تصميم التهيئة أول وثيقة تعميرية يعرفها قانون التعمير. إذ نظمها أول نص
قانوني مغربي يهم التعمير أي ظهير 16 أبريل 1916 وبفضلها تم أثناء فترة
الحماية بناء الأحياء الأوروبية*
وبناء بعض المدن الجديدة *وتم إنتاج أحياء متناسقة ومنظمة وغنية بهندستها
المعمارية وفي نفس الآن كانت السبب في افتقار بعض الأحياء إلى بعض
التجهيزات الأساسية وبعض المرافق العامة كما كانت السبب في ارتفاع كثافة
السكان بالمدن العتيقة. وفي ظهور أحياء الصفيح وتكاثرها* إلى جانب السكن العشوائي المتزايد[3].
وبالنظر
إلى أهمية هذه الوثيقة التعميرية فقد أولاها المشرع عنايته وأدخل عليها
كثيرا من الإصلاحات لمواكبة التطور الذي يعرفه التعمير ولتجاوز الثغرات
التي أبانت عنها وذلك في ظهير 30 يوليوز 1952 ثم في ظهير 17 يونيو 1992
الذي خصص لها 14 مادة بدل 6 مواد التي كان يخصصها لها الظهير السابق عليه[4]،وهي المواد من 18 إلى 31 من قانون التعمير.
هذه
العناية إنما تجسد في الواقع الاهتمام المتنامي التي تحضى بها وثيقة تصميم
التهيئة ودورها في تنمية المجال باعتبارها تشكل العمود الفقري للتخطيط
العمراني بالمغرب لما تراكم حولها من تجارب لدى الإدارة على مدى أكثر من 90
سنة بالإضافة إلى تدخل عدد مهم من الإدارات العمومية والمؤسسات والسلطات
الإقليمية والمجالس الجماعية في عملية إعدادها وتنفيذها[5].
ولأجل
الإحاطة بمضمون هذه الوثيقة سيكون لزاما علينا الخوض في مجموعة من
الإشكالات التي يطرحها موضوع تصميم التهيئة والتي يمكن إجمالها في الأسئلة
التالية :
- ماهي الجهات المكلفة بإعداد ودراسة والمصادقة على مشروع تصميم التهيئة ؟
- هل يخضع إعداد التصميم لعمليات تنسيق وتشاور كافيين بين جميع المتدخلين أم أنه يتم في غياب هذا التنسيق والتشاور ؟
- ما المقصود بالبحث العمومي المجرى في ظل الإعداد لمشروع تصميم التهيئة وما هي القيمة القانونية لهذا البحث ؟
- ما هو محتوى وثيقة تصميم التهيئة ؟
- ما الغرض منها وما هي الآثار المترتبة عليها إزاء الأشخاص العمومية وإزاء الأفراد ؟
لمحاولة الإجابة عن هذه الأسئلة ارتأينا تقسيم هذا العرض إلى مبحثين: نتناول في
الأول : مسطرة إعداد تصميم التهيئة والمصادقة عليه
الثاني : الغرض من تصميم التهيئة و الأثار المترتبة عنه
المبحث الأول : مسطرة إعداد تصميم التهيئة والمصادقة عليه
يمكن
القول بان المسطرة الحالية لإعداد تصميم التهيئة لا تختلف كثيرا عن تلك
التي كان ينظمها ظهير 1952 بشأن التعمير حيث تبرز هيمنة الإدارة المكلفة
بالتعمير على عملية إعداد تصميم التهيئة والدور المتواضع للإدارة الجماعية
في مرحلة المصادقة. وللوقوف على مسطرة تصميم التهيئة ارتأينا تقسيم هذا
المبحث إلى مطلبين اثنين نخصص المطلب الأول لإعداد ودراسة تصميم التهيئة في
حين نرصد المطلب الثاني للمصادقة على تصميم التهيئة .
المطلب الأول : إعداد ودراسة مشروع تصميم التهيئة
بالرجوع
إلى المراحل التي تمر منها مسطرة إعداد تصميم التهيئة وبحثه وبمقارنتها مع
المسطرة التي كان جاريا بها العمل في إطار ظهير 1952 يتبين بأن المشرع قد
تطلع في إطار ظهير 1992 لبلوغ هدفين أساسيين : التعجيل بمسطرة إعداد
التصميم وبد خوله حيز التنفيذ من جهة ودعم التشاور والتنسيق ما بين مختلف
الإدارات المركزية والمحلية من أجل ملائمة وتكييف محتوى هذه الوثيقة مع
الواقع المحلي[6].
وللحديث
عن إعداد ودراسة مشروع تصميم التهيئة يتوجب علينا تقسيم هدا المطلب إلى
فقرتين ، نخصص الفقرة الأولى لإعداد مشروع تصميم التهيئة في حين نرصد
الفقرة الثانية لدراسة مشروع تصميم التهيئة.
الفقرة الأولى : إعداد مشروع تصميم التهيئة.
تبدأ
عملية الشروع في إعداد مشروع التصميم بإنجاز الدراسات الميدانية اللازمة
لمعرفة وضعية المنطقة من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية ووضعية
التجهيزات التحتية والفوقية وما تتوفر عليه من مرافق عامة ويتم في نفس
الوقت اتخاذ قرار يفتح مسطرة بداية دراسة المشروع من طرف السلطة الجماعية[7].
إن إعداد مشروع تصميم التهيئة هو من اختصاص الوكالة الحضرية فالمادة 19 من المرسوم التطبيقي لقانون 90-12 [8]
تنص على أن " عملية إعداد تصميم التهيئة تتم بمسعى من الوزارة وبمساهمة
الجماعات المعنية والمجموعة الحضرية في حالة وجودها مع مراعاة الصلاحيات
المسندة في هذا الميدان إلى الوكالات الحضرية بموجب التشريع الجاري به
العمل" وبالرجوع إلى القانون المتعلق بإحداث الوكالات الحضرية [9]، نجده ينص في مادته الثالثة على أن الوكالة الحضرية تتولى في نطاق اختصاصها تحضير مشاريع التعمير المقرر بنصوص تنظيمية خصوصا خرائط التنطيق وتصاميم التهيئة وتصاميم النمو".
وبذلك
فإن الوكالات الحضرية تقوم بصياغة الشروط الخاصة بالصفقة المتعلقة بمشروع
الوثيقة وتحدد المبلغ المالي المناسب لإعداد المشروع كما تتابع مختلف مراحل
الإعداد بدءا بنشر طلب العروض المفتوح وتتلقى طلبات المشاركة في العروض
التي تقوم بدراسة جوانبها المنهجية والتقنية والمالية والتي على إثرها تعلن
عن مكتب الهندسة المعمارية الفائز بالصفقة[10]، حيث يقوم هذا الأخير بالأبحاث
والدراسات حول النقط التالية : التطور السكاني حركية الهجرة، تحديد
الأنشطة تطور استعمال الأرض، الوضعية العقارية،توزيع الشرائح الاجتماعية
حسب الدخل بيان التجهيزات الموجودة فعلا[11].
وعند
انتهاء كل مرحلة من مراحل الدراسات السوسيوقتصادية والمجالية يكون مكتب
الدراسات ملزم بتقديم تقرير إلى الوكالة الحضرية لتقوم هذه الأخيرة بدراسته
في إطار لجنة تضم بالإضافة إلى الوكالة الحضرية كل من رئيس المجلس البلدي
المعني والمهندس المعماري المزاول عمله بالجماعة وقد لا تكتفي الوكالة
الحضرية بما ورد في تقرير مكتب الدراسات بل إن لها أن ترسل فريقا تقنيا إلى
عين المكان حتى تتمكن من الوقوف على ملاءمة الدراسات التي أعدها مكتب
الدراسات مع الواقع . تسلم الوكالة الحضرية إلى مكتب الدراسات الملاحظات
المتعلقة بالاختلالات التي قد تعتري المشروع ليقوم هذا الأخير بإدخالها على المشروع [12].
وتجب
الإشارة إلى أن القيام بالدراسات التمهيدية قد يتم من لدن الوكالة الحضرية
إذا توفرت لها الإمكانيات والوسائل التقنية والبشرية والمالية[13].
الفقرة الثانية : دراسة مشروع تصميم التهيئة.
بمجرد
تسلم الوكالة الحضرية لمخطط المشروع من مكتب الدراسات تقوم هاته الأخيرة
بدراسة هذا المشروع وضابطته بمساهمة المنتخبين والسلطات الإدارية المحلية
لمختلف الوزارات وإن اقتضى الحال جميع الهيئات المعنية كالمكتب الوطني
للكهرباء المكتب الوطني للسكك الحديدية ...
وتنتهي
هذه الاستشارة بوضع مخطط إجمالي وبعد ذلك تقوم الوكالة الحضرية بإحالة
المشروع وضابطته من جديد لأجل دراسته من الناحيتين القانونية والتقنية على
مستوى العمالة أو الإقاليم وتتم الدراسة عبر اللجنة المحلية للتعمير. هكذا
فقد نصت المادة 20 من المرسوم التطبيقي لقانون 90-12[14]
" تقوم الوزارة المكلفة بالتعمير أو الوكالة الحضرية بعرض مشروع تصميم
التهيئة الذي تم إعداده على لجنة محلية يحدد تأليفها وتسييرها وفقا لما ورد
في المادة 5 من هذا المرسوم لإبداء رأيها فيه" وتضم هذه اللجنة إلى جانب
الوالي أو عامل العمالة أو الإقليم المعني بصفته رئيسا.
-أعضاء اللجنة التقنية المحلية التابعة للعمالة أو الإقليم المعني بالأمر
-رؤساء مجالس الجماعات المعنية وإن اقتضى الحال رئيس أو رؤساء المجموعات الحضرية المعنية .
-رؤساء الغرف المهنية
وتقوم
هذه اللجنة بدراسة مشروع تصميم التهيئة وتسهر على تنسيق مواقف ممثلي
المصالح الخارجية على مستوى الإدارة الإقليمية أو العمالة والإدارة
الجماعية. والعنصر الجديد هو مشاركة الغرف المهنية في اجتماعات اللجنة
المحليةمما يعطي بعدا اقتصاديا لتصميم التهيئة [15].
ويمكن لهذه اللجنة الاستئناس بإرشادات كل
من رأت فيه جدوى لذلك، وبعد اختتام أعمالها تتولى هذه اللجنة داخل أجل
خمسة عشر يوما من انتهاء أشغالها أمر إعداد بيان بهذه الأشغال ودعمه بمحضر
حول ذلك وتبعث به إلى الوزارة الوصية على قطاع التعمير أو إلى مدير الوكالة
الحضرية بحسب الحالة حيث يعود لإحدى هاتين السلطتين أمر اتخاذ قرار بشأن
ذلك.
وبعد
إعداد وصياغة مشروع التصميم على ضوء اقتراحات أو ملاحظات اللجنة المحلية
تقوم الإدارة المكلفة بالتعمير أو إدارة الوكالة الحضرية بصياغة المشروع ما
قبل النهائي لعرضه على أنظار المجلس أو المجالس الجماعية المعنية
للاستشارة كإجراء جوهري تتوقف عليه متابعة مسطرة المصادقة على تصميم
التهيئة وهي استشارة محدودة في شهرين إذ داخل هذا الأجل يكون للمجالس أن
تدرس المشروع وان تقدم تعديلاتها عليه وملاحظاتها بشأنه وإلا في حالة
سكوتها عند انتهاء الشهرين تعتبر أنها موافقة ضمنيا على مشروع تصميم
التهيئة المحال عليها [16].
والحقيقة
أن المدة المخصصة للمجلس الجماعي هي شهر واحد فقط ذلك ان الشهر الأول
للبحث العلني عن منافع ومضار مشروع التصميم الذي ينظم لفائدة السكان وخاصة
منهم الذين يمتلكون عقارات داخل المنقطة التي يغطي ترابها التصميم والذي
يقيد من حق استعمال البعض منها عن طريق الارتفاقات التي يفرضها أو يخصص
استعمالها للمنفعة العامة [17]، إن الهدف من البحث العلني هو
إطلاع العموم على المشروع ليدلوا بملاحظاتهم حول المشروع إما في سجل يفتح لهذا الغرض بمقر الجماعة أو في رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل تبعث إلى رئيس المجلس الجماعي المختص [18]، وعلى رئيس الجماعة أن يقوم قبل افتتاح هذا البحث بنشر وإعلان في جريدتين يوميتين مسموح لهما بتلقي الإعلانات القانونية وذلك لمرتين تفصل بينهما ثمانية أيام ،وكذلك بإلصاق ملصقات به بمقر الجماعة فضلا عن تضمينه أية وسيلة إعلامية ملائمة يرتئيها الرئيس، ويكون موضوع الإعلان إخبار الجمهور بتاريخ افتتاح البحث العلني ويكون مشروع تصميم التهيئة قد أودع بمقر الجماعة[19] .
إطلاع العموم على المشروع ليدلوا بملاحظاتهم حول المشروع إما في سجل يفتح لهذا الغرض بمقر الجماعة أو في رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل تبعث إلى رئيس المجلس الجماعي المختص [18]، وعلى رئيس الجماعة أن يقوم قبل افتتاح هذا البحث بنشر وإعلان في جريدتين يوميتين مسموح لهما بتلقي الإعلانات القانونية وذلك لمرتين تفصل بينهما ثمانية أيام ،وكذلك بإلصاق ملصقات به بمقر الجماعة فضلا عن تضمينه أية وسيلة إعلامية ملائمة يرتئيها الرئيس، ويكون موضوع الإعلان إخبار الجمهور بتاريخ افتتاح البحث العلني ويكون مشروع تصميم التهيئة قد أودع بمقر الجماعة[19] .
إن
الهدف من مسطرة البحث العلني كما يلاحظ هو دمقرطة عملية إعداد وثائق
التعمير .إلا أن ما يعاب على هذه المسطرة إذا قمنا بمقارنتها بنفس المسطرة
الجاري بها العمل في التشريع الفرنسي هو كونها تتم دون تدخل وسيط محايد بين
الإدارة والعموم كما هو الحال في فرنسا حيث يجري تعيين مندوب يتولى
الإشراف على مسطرة البحث العلني ويتلقى ملاحظات ومقترحات العموم جول وثائق
التعمير ويقوم عقب دراستها بعرضها مرفوقة بملاحظاته على السلطة الإدارية
المكلفة بالإعداد [20].
إلا
أن الإشكال الذي يبقى مطروحا هو ما هي القيمة القانونية للبحث العلني؟ هل
فعلا يتم الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات ومقترحات المواطنين حول وثائق
التعمير أم أن هذا البحث يبقى مجرد إجراء شكلي فقط.
إن
مسطرة البحث العمومي يجب أن تتجاوز واقعيا التفسير الضيق الذي يحصرها على
ملاك الأراضي لكي تهم جميع فعاليات المجتمع المدني كوسيلة لتوسيع دائرة
المشاركة في اتخاذ القرارات التي تهم تنظيم المجال [21].
ومجمل
القول إن تحقيق مدينة فعالة وتنافسية يتطلب حكامة حضرية محكمة قوامها
المسؤولية والشفافية والتحفيز واستشراف المستقبل وهذا يستوجب التأسيس
لتعمير يساهم فيه الجميع .
المطلب الثاني: المصادقة على مشروع تصميم التهيئة
بعد
الاتفاق على المشروع النهائي للتصميم تقوم الوكالة الحضرية بتوجيه ملف
مشروع تصميم التهيئة إلى الإدارة المركزية من أجل الموافقة عليه[22]،حيث
توجه الوكالة الحضرية إلى الوزارة المكلفة بالتعمير بالإضافة إلى التصميم
الأصلي 10 نظائر منه وكذا من ضابطته وبرنامج إنجاز العمليات والتقرير
التبريري وذلك بعد إدخال التغييرات الضرورية إن اقتضى الحال ذلك ويوافق على
التصميم وضابطته بمرسوم يتخذ باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير
وإن اقتضى الحال بعد الحصول على الرأي المطابق للوزير المكلف بالشؤون
الثقافية[23]
وبمجرد صدور المرسوم بالجريدة الرسمية تقوم الوزارة المكلفة بالتعمير أو
الوكالة الحضرية بتوزيع على الجماعات المحلية والوزارات المعنية ما يلي :
-مرسوم المصادقة
-تصميم التهيئة يبين فيه مرجع المرسوم المذكور
-ضابطة التهيئة
-برنامج إنجاز العمليات والتقرير التبريري إن اقتضى الحال.
إلا
أن النصوص القانونية الخاصة بهذه المرحلة يشوبها نوع من اللبس فإذا كانت
المادة 27 من قانون 90-12 تنص على أنه " ... إلى حين صدور النص القاضي
بالمصادقة على مشروع تصميم التهيئة فإن المادة 28 من نفس القانون تنص على
أنه " يعتبر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة " دون تميز بين مفهوم
المصادقة والموافقة فمما لاشك فيه فإن الأخذ بأحد الاصطلاحين (المصادقة أو
الموافقة ) تترتب عليه آثار قانونية مختلفة فالأخذ بالمصادقة يرجعنا إلى
نفس الوضعية التي كانت سائدة في ظل ظهير 30 يونيو 1952 الذي كان يعتبر أن
مسطرة المصادقة تتكون من موافقة المجلس الجماعي ومصادقة الوزير الأول [24].
وبما أن قانون 90-12 اعتبر أن المجلس الجماعي يوافق صراحة أو ضمنيا بمضي
الآجل المحدد فانتقلت المصادقة من المجلس الجماعي إلى الدولة وأصبحت الدولة
هي التي توافق على مشروع التصميم بعد أن كانت تصادق على الموافقة[25]
ولأجل
تسريع مسطرة الموافقة نصت المادة27 من قانون 90-12 على أنه " إذا لم يتم
نشر النص المشار إليه في الفقرة الأولى من هذه المادة خلال أجل اثني عشر
شهرا يبتدئ من تاريخ اختتام البحث العلني المتعلق به فإن أحكام المشروع
تصير غير لازمة التطبيق والمقصود بالنص المشار إليه هنا هو نص الموافقة
الذي سبقت الإشارة إليه .ولو أن واقع الحال يؤكد صعوبة التقيد بنص هذه
المادة لأن الإجراءات تستغرق أجالا طويلة تفوق الأجل المنصوص عليه .[26] .
المبحث الثاني : الغرض من تصميم التهيئة والآثار المترتبة عنه
يتم
وضع تصميم التهيئة إما لتنظيم عمران وتعمير مدينة قائمة كما هو الشأن مثلا
بالنسبة للتصاميم التي وضعت للمدن والمراكز الحضرية الموجودة في المنطقة
الشمالية التي كانت خاضعة للحماية الإسبانية وإما لتوجيه ومراقبة وضبط نمو
واتساع عمران مدينة كما يمكن إعداد تصميم تهيئة بمناسبة تشيد مدينة جديدة[27].
ومما
لا شك فيه أن الانتهاء من إعداد تصميم التهيئة والمصادقة عليه تترتب عليه
أثار تهم الأشخاص العمومية والخواص على حد سواء وللإلمام بهذا المبحث
سنقسمه إلى مطلبين نتناول في الأول : الغرض تصميم التهيئة مرجئين الحديث عن
الآثار المترتبة عنه إلى المطلب الثاني .
المطلب الأول : الغرض من تصميم التهيئة
قبل
الحديث عن الغرض من تصميم التهيئة لابد من الإشارة إلى نطاق تطبيقه ولعل
منطوق المادة 18 من قانون 90-12 المتعلق بالتعمير يوضح ذلك حيث يشمل نطاق
تطبيق نظام تصميم التهيئة المجالات التالية .
- الجماعات الحضرية
- المراكز المحددة
- المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية والمراكز المحددة
- جميع أو بعض أراضي جماعة قروية وجماعات قروية تكتسي صبغة خاصة
- المجموعات العمرانية [28].
إن
تصميم التهيئة طبقا لمضمون المادة 20 من قانون 90-12 يتألف من نوعين من
الوثائق : الوثيقة الأولى وهي بمثابة خريطة تتضمن رسوما بيانية تشكل
المنطقة في صورتها المستقبلية المهيأة، والوثيقة الثانية هي عبارة عن نصوص
قانونية يطلق عليها نظام أو لائحة تفسر ما تتضمنه الخريطة من رموز تبين
الاستعمالات المباحة والتجهيزات المقررة أي شرح مضمون الوثيقة الأولى
وتحديد ضوابط استعمال الأراضي وإقامة الارتفاقات والالتزامات الواجب
احترامها من أجل تهيئة الرقعة الجغرافية المعنية بتطبيقه تهيئة منتظمة.
والوثيقتان تكمل إحداهما الأخرى، وهما معا يشكلان ما يعرف بتصميم التهيئة [29].
على أنه عند غموض أو نقصان الرسم البياني ترجح الوثيقة الثانية من قبل
الفقه والقضاء وهذا ما تبناه مجلس الدولة الفرنسي في حكم صادر عنه بتاريخ
27 مايو 1977 في نازلة التجهيز السيد شيرو[30].
ويمكن
القول أن محتوى تصميم التهيئة هو مجموعة من الأهداف والأغراض التي يرمي
إلى تحقيقها كلها أو بعضها خلال مدة سريانه التي تستغرق عشر
سنوات.وللمعالجة هاته الأهداف والأغراض يتطلب منا تقسيم هذا المطلب إلى
فقرتين نخصص الفقرة الأولى للحديث عن التنطيق وأنواعه أما الفقرة الثانية
فسنخصصها للحديث عن باقي أغراض تصميم التهيئة .
الفقرة الأولى : على مستوى التنطيق وأنواعه.
يعتبر "ميشل أكوشار Michel Acochard"
أول من أدخل تقنية التنطيق إلى تصاميم التهيئة بواسطة ظهير 1952 بشأن
التعمير وقد تأثر في ذلك بالمهندس المعماري المشهور " لكوربيزجي Lakoupezeije" الذي كان من الموقعين على وثيقة أثينا[31].
ومفاد
التنطيق هو إحداث عدة مناطق داخل المجال الذي يغطيه تصميم التهيئة وتتميز
كل منطقة عن الأخرى باستعمالها الأساسي أو بالتخصيص الغالب
المقرر لها .
والتنطيق
على مستوى تصميم التهيئة يمكن تقسيمه إلى ثلاثة انواع: تنطيق آني (أولا)
وتنطيق مستقبلي (ثانيا) وتنطيق يخضع إلى نظام قانوني خاص(ثالثا).
أولا : التنطيق الآني
هذا
التنطيق كان منظما في قانون التعمير لسنة 1952، وقد تناولته المادة 19 من
قانون 90-12 المتعلق بالتعمير في مقطعيها الأول والثاني حيث جاء المقطع
الأول باستعمالات جديدة غير منصوص عليها في القانون السابق كما أعطى أمثلة
لبعض المناطق الشائعة الاستعمال وهي: المنطقة السكنية والمنطقة الصناعية
والمنطقة التجارية والمنطقة السياحية، ومنطقة زراعة الخضروات، والمنطقة
الزراعية ،والمنطقة الغابوية. وتعدد هذه المناطق فقط معناه
أنه يجوز إحداث مناطق أخرى بحسب الحاجة كالحاجة إلى تقديم الخدمات
الإدارية التي قد تستدعي تخصيص منطقة أو حي إداري لها ضمن التصميم [32].
والمنطقة
السكنية تتكون من عدة أحياء وكل في تتعايش فيه أنواع من السكن: السكن
الاقتصادي السكن الراقي في المغاني (الفيلات) السكن الفردي إما على شكل
فيلات ذات مساحة محدودة أو على شكل سكن تقليدي، السكن الجماعي في العمارات
الراقية أو متوسطة التجهيز أو الاقتصادية.
ويمكن للمنطقة السكنية أن تكون مزدوجة الاستعمال كأن تكون سكنية إلى جانب كونها تجارية أو سكنية إلى جانب كونها صناعية.
أما
المنطقة الصناعية فهي التي تخصص للأنشطة الصناعية المختلفة والمتنوعة سواء
لإنتاج الآلات أو المواد أو للصناعة الكيماوية أو البتروكيماوية أو مواد
البناء... وهي تخضع لتشريع مستقل عن التعمير تضمنه ظهير 25 غشت 1914 بشأن
المؤسسات الخطيرة أو المضرة بالصحة أو المقلقة للراحة والطمأنينة
والتعديلات التي لحقت به، حيث أن المؤسسات الصناعية حسب هذا التشريع تصنف
من قبل الوزير الأول بناء على اقتراح من وزير الأشغال العمومية[33]،
حيث تضم ثلاث فئات الأولى منها والثانية والتي هي على التوالي خطيرة ومضرة
بالصحة العمومية لا يمكن فتحها إلا بعد الحصول على ترخيص مسبق ويمنح
الترخيص بالنسبة للدرجة الأولى وزير الأشغال العمومية بعد إجراء بحث لمدة
شهر حول المضار والمنافع المحتملة الناتجة عن تشغيلها ، اما مؤسسات الدرجة
الثانية فيرخص لها رئيس المجلس الجماعي بعد إجراء نفس البحث العمومي لمدة
لا تقل عن 15 يوما. أما الصنف الثالث من المؤسسات فيمكن فتحه خارج المنطقة
الصناعية ويرخص به رئيس المجلس الجماعي بعد إيداع طلب من قبل المستفيد لدى
المجلس[34].
أما
فيما يخص المنطقة التجارية فهي في الحقيقة مزدوجة الاستعمال سكنية وتجارية
، لكن حسب القانون الجديد والممارسة منذ بضع سنوات فإن الاتجاه أصبح يسير
إلى خلق منطقة للتجارة وحدها وذلك بإنشاء المحلات التجارية الكبرى كما هو
الشأن بالنسبة لمرجان وماكرو وأسيما ولعل هذا كونه مقتبس من المدينة
الأوروبية .
أما
المنطقة السياحية فقد أصبحت تعرض نفسها نظرا للدور الذي أصبح يلعبه القطاع
السياحي في الاقتصاد الوطني وجلب العملة الصعبة وهو السبب الذي جعل المشرع
يدخل في قانون 90-12 المتعلق بالتعمير منطقة جديدة هي المنطقة السياحية
التي لم يكن قانون 1952 ينص عليها. وهي منطقة لا يرخص بالبناء فيها من أجل
السكن ولكن تخصص لتشيد الوحدات الفندقية، وبنايات الأنشطة المرتبطة بها من
مطاعم ومقاهي ووكالات أسفار .
وفيما
يخص منطقة زراعة الخضروات ومنطقة الزراعة فقد أوردهما المشرع ضمن مناطق
تصميم التهيئة لتحقيق عدد من الأهداف من بينها تشجيع الاسثمار في الفلاحة
والحد من الهجرة إلى المدن المجاورة والحفاظ على الأراضي الزراعية الخصبة.
أما
المنطقة الغابوية فقد نص عليها قانون التعمير 90-12 لوعي المشرع بالدور
الإيكولوجي والاقتصادي الكبير الذي تلعبه الغابة في حياة الإنسان وفي توازن
علاقاته بالطبيعة كما تلعب الغابة دورا آخر وهو استعمالها كمكان للراحة
والترفيه وممارسة الرياضة والمشي... إلخ[35].
ثانيا : التنطيق المستقبلي
يقصد
بالتنطيق المستقبلي وهو تأجيل التعمير في منطقة معينة إلى وقت معين وذلك
لأسباب قد تعود إلى عدم استطاعة المجلس الجماعي تحمل تكاليف تجهيزاتها أو
إلى وجود مناطق مجهزة لم تستهلك كلها بعد أو لعدم توفر الموارد المالية.
إن
ظهير 1952 لم يكن ينص سوى على التنطيق الآني أما القانون الجديد فقد نص
المقطع 11 من المادة 19 على منطقة يمكن إحداثها مستقبلا ويمكن تسميتها
بالمناطق المفتوحة لإنجاز أعمال عمرانية بها بحسب توقيت معين[36].
حيث تعتبر هذه المنطقة داخلة في نطاق مجال تطبيق تصميم التهيئة ، ولا يجوز
مبدئيا حسب صيغة النص القيام في هذه المنطقة بتجزئات عقارية أو بناء
مجموعة سكنية كما أنه أيضا لا تكون موضوع تهيئة لنظام قانوني خاص لأنها
منطقة غير مفتوحة بعد للتعمير ولأن المشرع قد خصص مقطعا آخر لهذه العملية
الأخيرة التي لا تشمل منطقة التعمير التشاوري أو غير ذلك من عمليات التعمير
التي أشارت إليها المادة 19 مقطع 13[37].
وهكذا
لا يسمح القيام بأي تعمير فيها اللهم إذا نص تصميم التهيئة نفسه على إجازة
الترخيص بإحداث تجزئة أو مجموعة سكنية وفق شروط يحددها [38].
ثالثا: التنطيق ذو النظام القانوني الخاص
وهي
تلك المناطق التي تخضع في تهيئتها لقواعد ولضوابط تتأسس نتيجة توافق إرادة
السلطات الإدارية مع إرادة الفاعلين في المجال العقاري حيث تحل قواعد هذا
الاتفاق محل قواعد تصميم التهيئة في تنظيم وفي تهيئة المنطقة التي صدر
الاتفاق بشأنها .وتلزم ضوابط هذا الاتفاق كل أطرافه أي الإدارة من جهة
والمتدخلين في المجال العقاري من جهة ثانية الذين يتعين عليهم احترام بنوذ
هذه العقدة في مختلف تدخلاتهم وفي سائر أشغالهم داخل هذه المنطقة [39].
وتعتبر
هذه المناطق كذلك من مستجدات ظهير 1992 فهي لم تكن مقننة من قبل وقد أراد
بها المشرع أن يفتح المجال أمام ما يسمى بالتعمير التشاوري الذي بمقتضاه
يتم تعمير بعض المناطق ليس على أساس المقتضيات الإلزامية لتصميم التهيئة
وإنما على أساس مقتضيات يسمح بها التصميم [40].
والجدير
بالإشارة أن التعمير التشاوري نمط من التعمير يمكن أن يساعد على التخفيف
من أزمة السكن من جهة ومن قلة التجهيزات في بعض الأحيان من جهة أخرى وذلك
بفضل تدخل القطاع الخاص وحلوله محل الإدارة في تهيئة المناطق ذات التعمير
التشاوري عن طريق تجهيزها وبنائها. ومثال للتعمير التشاوري مشروع بناء 200
ألف وحدة سكنية والذي أصبحت الدولة تشجع عليه لكونه يحاول أن يحل من أزمة
السكن .
وقد
أفادت هذه الطريقة ( التعمير التشاوري) التعمير الفرنسي لتجاوز بعض الصعاب
التي عاشتها المدن الفرنسية بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة للدمار الذي
لحقها والخصاص الناتج عن ذلك في السكن والتجهيزات مما أدى إلى إنشاء شركات
جماعية للاقتصاد المختلط لحل ذلك الخصاص عن طريق إحداث مناطق ذات الأسبقية
في التهيئة [41].
وتجدر
الإشارة إلى أن الإدارة المكلفة بالتعمير تأمل أن يكون أسلوب التعمير
التشاوري هو النهج الذي يمكن أن يساعد على التخفيف من أزمة السكن من جهة
ومن قلة التجهيزات في بعض الأحيان من جهة أخرى بفضل تدخل القطاع الخاص
وحلوله محل الإدارة في تهيئة هذه المناطق ذات التعمير التشاوري عن طريق
تجهيزها وبنائها بالأحياء السكنية وغيرها [42].
غير
أن الملاحظ ان قانون التعمير 90-12 لم ينظم بصفة صريحة وواضحة هذا النوع
من المناطق فقد اكتفى في المقطع 13 من المادة19 من قانون 90-12 بعبارة عامة
الإيماء إليها فقط .
الفقرة الثانية : على مستوى باقي أغراض تصميم التهيئة
يمكن
تحديد باقي أغراض تصميم التهيئة في المسائل التالية : تحديد الطرق
والساحات العمومية (أولا) وتحديد المواقع المخصصة للتجهيزات العامة
والمرافق العمومية (ثانيا) وتحديد ارتفاقات التعمير (ثالثا).
أولا: تحديد الطرق والساحات العمومية
إن
من أهداف تصميم التهيئة تبيان حدود الطرق على اختلاف أنواعها من شوارع
وأزقة وممرات وكذا حدود الساحات العمومية ومواقف السيارات وخطوط السكك
الحديدية ومحطة أو محطات وقوف القطار سواء منها الموجودة أو المبرمج
إحداثها على أن التصميم لا يتعرض سوى للطرق والأزقة التي تعود مسؤولية
إحداثها للدولة أو للمجلس الجماعي والتي تدخل في إعداد أملاك الدولة العامة
أو الأملاك العامة الجماعية. ومما يدخل في النوع الأول الشوارع الرئيسية
التي تجتاز المدار الحضري للمدينة وتربطها بالمدن الأخرى لكن هناك نوع ثالث
من الطرق والأزقة مالا ينص عليه تصميم التهيئة ويقوم بإحداثه المجزئون
العقاريون[43].
ويجب
على التصميم أن ينص على عرض كل الطرقات العمومية وإذا كان عرضها يختلف من
منطقة إلى أخرى فيجب على التصميم أن يوضح عرضها في كل منطقة على حدة كما
يوضح التصميم هل الطريق أو الشارع سيحافظ على نفس العرض أم أنه سوف يتم
توسيعه تحسبا لازدياد كثافة حركة النقل والسير ويوضح التصميم أسماء الطرق
والشوارع والأزقة وكذا أسماء الساحات العمومية والساحات التجارية .
ثانيا: المواقع المخصصة للتجهيزات العامة والمرافق العمومية
يمكن
اعتبار تصميم التهيئة بمثابة مخطط للتجهيزات الأساسية والمرافق العمومية
على مدى 10 سنوات وهي عمر التصميم فهو ينص على التجهيزات العامة والمرافق
العمومية التي تحتاجها المنطقة التي يغطيها بالنظر إلى وثيرة توسع تلك
المنطقة وتعميرها وبالنظر أيضا إلى النمو الديمغرافي في الذي ستشهده[44].
وهذه
التجهيزات الأساسية كثيرة ومتنوعة الأغراض من إدارية ورياضية وثقافية
وطاقية ومواصلاتية كالمصالح الإدارية والمساحات المخصصة للتظاهرات الثقافية
الملاعب الرياضية، السكك الحديدية، محطات المعالجة والتطهير، الأسواق
البلدية... .
أما
المرافق العمومية فمنها المرافق العمومية والوطنية التي تقوم بإحداثها
الدولة كالجامعات والمدارس والثانويات والإعداديات، المستشفيات المستوصفات ،
مركز ومكاتب البريد ... وهناك المرافق العمومية الجماعية التي تقوم
ببنائها المجالس الجماعية كالملعب البلدي والمسبح البلدي والمسرح البلدي
ودار الشباب.
إن
إحداث التجهيز أو المرافق أو فقط توسيعها يحتاج إلى أراضي غالبا ما تكون
غير متوفرة أو غير مناسبة لدى الجهة المسؤولة على التجهيز أو المرفق
العمومي فلذا يأتي تصميم التهيئة ليخصص من أراضي الخواص مواقع هذه
التجهيزات والمرافق العمومية لبنائها عليها وتصبح تلك الأراضي غير قابلة
لبنائها من لدن أصحابها لأنها مخصصة للمنفعة العامة أي لإحداث المستشفى
الذي يفتح أمام الجميع أو المدرسة أو الثانوية ... .
ويتضح
إذن أن هناك ارتباط عضوي بين سياسة التعمير والسياسة العقارية حيث إذا
كانت السياسة التعميرية تفترض وضع الإطار المناسب لتوزيع السكان وتسهيل
عملية النشاط الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع فإن السياسة العقارية تفترض وضع
مجموعة من الأهداف تصب في الأخير في الاتجاه العام لسياسة التعمير ومن
أهمها :
-توجيه وتسهيل عملية استعمال الأراضي العقارية لإنجاز مخططات التعمير
-تكوين احتياطي عقاري كافي بهدف الاستجابة لمتطلبات التعمير المتزايدة
-التحكم في السطح بهدف تفادي المضاربات العقارية وتجميد الأراضي الصالحة للتعمير
-تفادي الاستعمالات المضادة لمخططات التعمير بما فيها تبذير الاحتياطات المحدودة .
-امتصاص فائض القيمة الناتج عن ارتفاع القيمة الفائدة الدولة[45].
ثالثا: تحديد اتفاقات التعمير
إن
ارتفاقات التعمير هي تلك الارتفاقات التي تشبه الارتفاقات الإدارية مقررة
للمنفعة العامة إلا أن الفارق بينهما يكمن في أن الارتفاقات الإدارية
مرتبطة بالملك العمومي كالارتفاقات المحدثة لصالح الاعمدة الكهربائية أو
الهاتف التي تثقل كاهل العقارات الموضوعة عليها تلك الأعمدة بينما ارتفاقات
التعمير فهي تنشأ بغض النظر عن جوارها أو عدم جوارها للملك العمومي حسب ما
أوضحه الأستاذ بول سافينول P.savinol
إلا أن بعض الفقهاء يرون أن ارتفاقات التعمير لا ترقى إلى درجة الارتفاقات
المحدثة للمنفعة العامة ويعتبرونها مجرد تدابير ضبطية تتخذها الإدارة
عندما تمارس الشرطة الإدارية. وهذا الخلاف بين الفقهاء فيها يخص أساس
وطبيعة ارتفاقات التعمير أدى إلى اختلاف بينهم حول تعريفها خاصة وأن
التشريعات لم تقدم أي تعريف لها. ويمكن اعتبار التعريف الذي وضعه الفقيه L Huillier
الوارد في دائرة المعارف" دالوز" أكثر دقة فهو يعرفها كما يلي " ارتفاقات
التعمير هي تلك التكاليف الموضوعة لتحقيق المنفعة العامة وتتحملها الأراضي
حسب موقعها داخل مختلف مناطق المدينة وهدفها هو تخطيط وتنظيم هذه الأخيرة [46].
إن
المصدر الأساسي لارتفاقات التعمير هو تصميم التهيئة الذي ينص على
الارتفاقات المحدثة كمنع البناء في بعض الأراضي المخصصة لإحداث الحدائق
والساحات العمومية ، وكاحترام ضوابط استعمال الأراضي والضوابط المطبقة على البناء أو كتلك المحدثة لمصلحة النظافة والمرور أو لأغراض جمالية أو أمنية أو للحفاظ على الصحة العامة . كما ينص على الارتفاقات التي تفرضها قوانين خاصة أخرى[47] الأمر الذي يفيد بأنه إلى جانب تصميم التهيئة كمصدر أساسي هناك مصادر أخرى هي عبارة عن نصوص قانونية خاصة صدرت بشأن بعض الارتفاقات.
وتجدر
الإشارة إلى أن ظهير 1952 بشأن التعمير قد نص على عدم التعويض عن الأضرار
الناتجة عن تحمل الارتفاقات التعميرية كما ان قانون التعمير الجديد 90-12
قد نص على نفس المبدأ عدم التعويض عن تحمل ارتفاقات التعمير ، ولكنه حصرها
في تلك التي تستجيب لمقتضيات الأمن والصحة والمتطلبات الجمالية وقد أوضحت
الفقرة الثانية من المادة 84 " ... أنه يستحق تعويضا إذا نتج عنها مساس
بحقوق مكتسبة وإما تغييرا أدخل على الحالة التي كانت عليها الأماكن من قبل
ونشأ عنه ضرر مباشر مادي محقق ويحدد التعويض بحكم قضائي في حالة عدم اتفاق
من يعنيه الأمر على ذلك [48].
المطلب الثاني :الآثار المترتبة عن تصميم التهيئة
لم
يكن ظهير 1914 يسمح للإدارة باتخاذ تدابير احتياطية أثناء فترة إعداد
التصميم تحول دون القيام بالمنشآت أو البنايات التي من شأنها أن تجعل تنفيذ
التصميم المصادق عليه - فيما بعد صعبا أو أكثر
تكلفة للميزانية الجماعية أو ميزانية الدولة فقد كان يستحيل على الإدارة أن
تقاوم مثل هذه البنايات المشيدة أثناء فترة إعداد المخطط من لدن أفراد
تمكنوا بطريقة أو بأخرى من الاطلاع على مشروع تصميم التهيئة ويتسبب البعض
من هذه البنايات في عرقلة تنفيذ المشاريع التي نص عليها التصميم[49].
ولهذا
فقد سارع المشرع عند صياغة ظهير 30/07/1952 بشأن التعمير إلى تقنين قواعد
قصد تمكين السلطات الإدارية المختصة من الوقوف في وجه المضاربين الذين
يستغلون المدة اللازمة لإعداد التصميم لتحقيق أرباح مرتفعة ضاربين بعرض
الحائط المصلحة العامة.
وبمقتضى
هذا الإصلاح سمح المشرع للسلطة الإدارية الجماعية بتحديد المناطق المقرر
تهيئتها، واتخاذ تدابير احتياطية لحمايتها بمجرد الشروع للقيام بالدراسات
التمهيدية لإعداد مشروع التصميم. وقد تبنى المشرع في قانون 1992 نفس المسلك
بتنظيم نفس التدابير الاحتياطية. حيث نصت المادة 27 من قانون 90-12 على
عدة إجراءات احتياطية ملزمة ينبغي التقيد بها في تنظيم وتنمية المدينة في
انتظار دخول تصميم التهيئة الجديد حيز التنفيذ[50]،
.فقد ورد بها أنه لا يجوز الإذن في أي عمل من أعمال البناء أو إحداث
تجزئات أو مجموعات سكنية ابتداء من تاريخ اختتام البحث العلني إلى حين صدور
المرسوم القاضي بالمصادقة على تصميم التهيئة شرط أن يكون هذا العمل مخالفا
لأحكام مشروع التصميم ولا ينبغي أن تتعدى هذه المدة 12 شهرا[51].
إلا أن قانون التعمير قد أورد استثناء على هذا المنع في المادة 22 منه
التي تخول لرئيس الجماعة "أن يأذن في إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية أو إقامة
بناء بعد موافقة الإدارة إذا كان المشروع المتعلق بذلك يتلاءم مع الأحكام
الواردة في مخطط توجيه التهيئة العمرانية عملا بالبندين 2و3 من المادة 4
(....) أو مع ما يصلح له فعلا القطاع المعني في حالة عدم وجود المخطط الأنف
الذكر".
والمقصود هنا بالإدارة الإدارة الإقليمية المكلفة بالتعمير أو الوكالة الحضرية عند وجودها
وترتبط بأثار تصميم التهيئة مدة سريان هذه الآثار لذلك سنشرع بداية بتوضيح أجل سريان الآثارقبل أن نتعرض للآثار إزاء الأشخاص العمومية في الفقرة الأولى لنعقبها بالأثار إزاء الخواص لاسيما الملاك العقاريين منهم في الفقرة الثانية .
إن
تصميم التهيئة تتم المصادقة عليه بقرار إداري تنظيمي ينشر نصه في الجريدة
الرسمية ويعلن القرار المذكور أن تنفيذ مقتضيات التصميم تعتبر من المنفعة
العامة إلا أن المشرع حدد مدة إنجاز هذه المقتضيات داخل أجل معين وإذا ما
قارنا هذا الأجل بين ظهير 1952 وقانون 1992 فنجد أن الأول حدد أجلين
مختلفين حسب نوع القضية التي نص عليها التصميم .ما بين 10 و20 سنة.أما
قانون 1992 فقد جاء بإصلاح لفائدة الملاك العقاريين حيث أنه وحد الأجلين
وجعلهما مدة واحدة وهي عشر سنوات وهذا ما تنص عليه الفقرة الثانية من
المادة 28 بقولها :
"وتنتهي
المدة المترتبة عن إعلان المنفعة العامة عند انقضاء أجل عشر سنوات تبتدئ
من تاريخ نشر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة في الجريدة
الرسمية..."
وتترتب
على تصميم التهيئة آثار مختلفة وذلك حسب طبيعة الأشخاص المعنيين بها وتبعا
لذلك تترتب عليه آثار بالنسبة للأشخاص العمومية وتترتب عليه آثار بالنسبة
للخواص.
الفقرة الأولى : آثار تصميم التهيئة بالنسبة للأشخاص العمومية
إن الأشخاص المعنوية العامة هي الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة وهي تخضع لتصميم التهيئة من ثلاثة جوانب وهي : [52]
أن هذه الأشخاص هي المسؤولة عن إحداث كافة التجهيزات والمنشآت والمرافق التي استوجب إنشاؤها التصميم .
-أنها تلتزم بقواعد ومقتضيات التصميم كالأشخاص الخاصة عندما تقوم ببناء أو تجزئة أو استعمال أرض أو ما إلى ذلك .
-وأنها هي المسؤولة عن تنفيذ التصميم وبالتالي عن حسن تخطيط المدينة أو جزء منها وفق ما ينص عليه ذلك التصميم [53]
أ-التزام الأشخاص العمومية بإحداث كافة التجهيزات العامة والمرافق
العمومية .
تستوجب التنمية الاقتصادية التي يهدف إليها تصميم التهيئة القيام بمشاريع وتجهيزات البعض منها يقع على عاتق الدولة كالطرقات وبناء
المرافق العمومية الوطنية كالمستشفيات والجامعات والمدارس وكذا البريد
والهاتف اللذين يقوم بإحداثهما المكتب الوطني للمواصلات السلكية واللاسلكية
و المساجد و مقرات العمالات والأقاليم ومراكز الشرطة إلى آخره.
وأما
الجماعات المحلية فهي مسؤولة عن إنجاز التجهيزات والمرافق العمومية التي
تدخل في إطار اختصاصها . كبناء دار الجماعة ودار الثقافة والمسبح وإحداث
الطرقات الجماعية والساحات العمومية وساحات وقوف السيارات والسوق البلدي
وغيرها .
وأما
آثار تصميم التهيئة إزاء الإدارات فتكمن في أن هته الإدارات تلتزم بإحداث
ما نص عليه التصميم كما تلتزم بالتخصيص الذي نص عليه التصميم ومعنى ذلك أن
الأراضي التي خصصت بمقتضى التصميم لتجهيز ما هي نفسها الأراضي التي يقوم
عليها هذا التجهيز ويترتب على مخالفة التزامها بالتخصيص عدم التزامها كذلك
باتباع مسطرة نزع ملكية تلك الأراضي للمنفعة العامة، كما نص على ذلك قانون
نزع الملكية [54]
في أن هذه الإدارات معفاة من اتخاذ مرسوم يعلن أنه من المنفعة العامة
إنجاز تلك التجهيزات أو بناء ما ذكر من المرافق العامة أو غير ذلك من
محتويات التصميم . وفي هذا الإطار نصت المادة 28 من القانون 90-12 المتعلق
بالتعمير على :" يعتبر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة بمثابة
إعلان بأن المنفعة العامة تستوجب القيام بالعمليات اللازمة لأنجاز
التجهيزات المنصوص عليها في البنود 3- 4 – 5 – 6 و12 من المادة 19 من
القانون 90-12 .
ب- التقيد بقواعد ومقتضيات التصميم في العمليات التعميرية
هذا
الالتزام يلزم الخواص وتلتزم به الإدارة الممثلة للأشخاص المعنوية العامة
فالإدارة إن أرادت القيام ببناء مرفق عمومي أو بناية إدارية أو غيرها عليها
أن تطلب رخصة بنائها من رئيس المجلس الجماعي الذي يجب عليه أن يدرس الطلب
وفقا لما ينص عليه التصميم فإذا كان مخالفا لما ينص عليه التصميم لا تسلم
الرخصة، لأن قواعد ومقتضيات التصميم تحترم في البناء كما في التجهيز .
وكذلك
الشأن بالنسبة لوزارة السكنى أو عمالة أو مؤسسة عمومية (كالمؤسسات
العمومية للبناء والتجهيز مثلا ) إذا أرادت إحداهما أن تقوم بإحداث تجزئة
عقارية أو بناء مجموعة سكنية فيجب عليها أن تقوم بوضع ملف طلب الحصول على
الترخيص من المجلس الجماعي .
وضمن
هذا الإطار فالإدارة تتقيد ببقية النصوص القانونية والتنظيمية المنظمة
للبناء أو الهندسة المعمارية والتي لها علاقة مباشرة مع موضوع التعمير
وخصوصا مع تصميم التهيئة .
ج-مسؤولية تنفيذ تصميم التهيئة
من
المبادئ العامة أن الإدارة تكون مسؤولة عن تنفيذ أي قرار يصدر عنها ومع
ذلك فقد جاء النص على هذا المبدأ في المادة 31 من قانون التعمير 90-12:
"
تتخذ مجالس الجماعات وكذلك مجلس المجموعة الحضرية إن اقتضى الحال ذلك
بتنسيق مع الإدارة جميع التدابير اللازمة لاحترام أحكام تصميم التهيئة" حيث
أن جعل الشرطة الإدارية وخاصة الشرطة التعميرية من اختصاصات المجالس
الجهوية في إطار الاصلاح الجماعي لسنة 1976 يجعل من هذه المجالس ورؤسائها
السلطة الأولى التي تقع عليها مسؤولية تنفيذ تصميم التهيئة واحترام
مقتضياته .وهنا لابد لنا من الوقوف قليلا على دور كل من الجماعات المحلية والوكالات الحضرية أثناء تنفيذ تصميم التهيئة .
1-دور الجماعات المحلية في تنفيذ تصميم التهيئة .
أوكل
المشرع المغربي للمجالس الجماعية اتخاذ كافة التدابير الإدارية اللازمة
لتنفيذ واحترام أحكام تصميم التهيئة كما أسند لها مهمة القيام بعمليات
التنسيق من أجل انجاز برامج التصميم وكذا إنجاز التجهيزات والمرافق المحلية
[55].وهذا
ما تنص عليه المادة 27 من المرسوم رقم 832/92/2 " تتخذ المجالس الجماعية
ومجلس المجموعة الحضرية إذا اقتضى الأمر ذلك كل التدابير الضرورية من أجل
تنفيذ واحترام مقتضيات تصميم التهيئة بتشاور مع المصالح الخارجية التابعة
للسلطة الحكومية المكلفة بالتعمير أو الوكالة الحضرية حسب الحالة .
ويظهر
أن الأمر يهم الآراء التقنية والاستشارات القانونية . كما هو الشأن
بالنسبة لرأي الإدارة الإقليمية المكلفة بالتعمير أو الوكالة الحضرية بشأن
طلبات الحصول على الإذن في البناء أو الترخيص لإحداث التجزئات أو إقامة
مجموعة سكنية وغير ذلك من الأشغال التي تستوجب الحصول على رخصة سابقة [56]ومعنى هدا أن الجماعات المحلية تقوم بمراقبة قبلية لإنجاز المشاريع التي ينص عليها تصميم التهيئة .
إضافة
إلى هذا فإن المشرع المغربي أسند للإدارة الجماعية وعلى رأسها رئيس المجلس
الجماعي مهمة ضبط المخالفات المتعلقة بخرق مقتضيات قانون 90-12 وقانون
90-25 وخصوصا مقتضيات تصميم التهيئة وكذا فإن زجر المخالفين لهذه المقتضيات
مرتبط بتحريك رئيس المجلس الجماعي للدعوى العمومية[57].
2- دور الإدارة المكلفة بالتعمير في تنفيذ تصميم التهيئة
إن
الإدارة المكلفة بالتعمير ملزمة بالسهر على احترام مختلف الفاعلين
لمقتضيات تصميم التهيئة وملزمة بالتأكد من أن المشاريع تنجز أو أنجزت وفقا
للرخص المسلمة .
ومن
أجل ذلك فإن الوكالة الحضرية تقوم بدراسة المشاريع التعميرية وتستعمل آلية
قانونية بواسطتها تستطيع فرض احترام المشاريع لمقتضيات تصميم التهيئة .
فالوكالة
الحضرية هي التي تسلم مذكرة المعلومات وتترأس اللجان المكلفة بدراسة
المشاريع ويمكن للوكالة أن تطلب إحالة ملف المشروع عليها لدراسته ورأي
الوكالة يكون مطابقا أي أنه لا يمكن الترخيص للمشاريع دون موافقة الوكالة
الحضرية كما اوجب المنشور222 على الوكالات الحضرية السهر على احترام
المشاريع للمقتضيات القانونية والتنظيمية ومطابقتها لوثائق التعمير خاصة
تصميم التهيئة .ويتم فرض احترام المشاريع لمقتضيات تصميم التهيئة عبر
آلية الرأي المطابق للوكالات الحضرية وفي هذا الإطار أسند المشرع المغربي
إلى الوكالات الحضرية إبداء الرأي في جميع المشاريع التي تعرض على أنظارها
وهكذا حسب الفقرة الرابعة من المادة 3 من الظهير المحدث للوكالات الحضري
فإن للوكالة الحضرية :
"
إبداء الرأي في جميع المشاريع المتعلقة بتقسيم وتجزئة الأراضي وإقامة
المجموعات السكنية والمباني وذلك داخل أجل أقصاه شهرا ابتداء من توجيه هذه
المشاريع إليها من قبل الجهات المختصة ويكون الرأي الذي تبديه في ذلك
ملزما"
ويقصد
بالرأي المطابق ضرورة موافقة صاحب الرأي على مضمون القرار المعروض عليه
والمزمع اتخاذه من قبل السلطة المختصة بإصداره وتأتي هذه الموافقة قبل صدور
القرار[58].
وحسب
البند الخامس من المادة 3 من ظهير إحداث الوكالات الحضرية لهذه الوكالات
مهمة" مراقبة أعمال تقسيم وتجزئة الأراضي وإقامة المجموعات السكنية
والمباني عندما تكون في طور الإنجاز وذلك للتحقق من مطابقتها لأحكام النصوص
التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ولرخص التجزيء أو التقسيم وإقامة
المجموعات السكنية أو البناء المسلمة لأصحاب الشأن ".
وتنفيذا
لهذه المهمة فقد أعطت المادة 11 من نفس القانون لمدير الوكالة الحضرية
الحق في إحداث هيئة مأمورين محلفين تابعة له مكلفون بإثبات المخالفات
المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالتعمير. حيث يقوم
المحلفون بتحرير محضر عند معاينتهم للمخالفة ويوجهونه إلى مدير الوكالة
الحضرية الذي يوجهه بدوره إلى رئيس المجلس الجماعي والمخالف والعامل[59] ووكيل الملك[60].
الفقرة الثانية : آثار تصميم التهيئة بالنسبة للخواص
إن
آثار تصميم التهيئة وكما تم التطرق إليها بالنسبة للأشخاص العامة فهي ترجى
إلى المستقبل ابتداء من يوم نشره في الجريدة الرسمية ويطبق هذا المبدأ
القضاء الفرنسي تطبيقا صارما . فقد ألغى قرار رفض رخصة بناء عمارة بحجة أن
تصميم التعمير الذي صودق عليه بعد رفض تلك الرخصة قد نص على حد أدنى لعرض
الطريق التي تواجه العمارة المزمع تشييدها[61].
وكقاعدة
فإنه لا يجوز لتصميم التعمير أيا كان نوعه أن يمس بالحقوق الناتجة عن قرار
إداري فردي وخاصة رخصة البناء ومع مراعاة هذا القيد فإن تصميم التهيئة
تخضع له كل الحالات الجديدة فإذا كان شخص يمتلك مثلا بناء وقام بهدمه راغبا
في بناء منزل جديد غير أنه عند تقديمه طلب الحصول على رخصة البناء فوجئ
بالمصادقة على تصميم تهيئة جديد يمنع البناء في تلك الأرض التي يمتلكها،
فالرخصة ترفض له ولا يمكن له أن يحتج بأن أرضه كانت مبنية[62].
وباعتبار
تصميم التهيئة ككل الأنظمة أو الضوابط فيمكن تغييره مستقبلا فهو لا يمنح
أي حق مكتسب ولا يمكن ضمان دوام سريان قواعده للأبد.
فالسلطة
العمومية يمكن لها أن تراجع الالتزامات التي يتضمنها دفتر تحملات الشروط
ويحق لها أن تضيف إليه كل أو بعض المقتضيات التي ينص عليها التصميم الجديد،
وإذا نتج عن هذه التغيرات أضرار لصاحب التجزئة فله الحق بالمطالبة
بالتعويضات أمام الإدارة [63].
أما
الآثار العادية لتصميم التهيئة إزاء الخواص فهي تتجلى في أن كل شخص يريد
البناء أو تجزئة عقاره أو بناء مجموعة سكنية فعليه أن يطلب من الإدارة
الجماعية أو رئيس المجلس الجماعي منحه رخصة القيام بإحدى تلك الأشغال ولا
يجوز القيام بذلك إلا بعد الحصول على الرخصة الصريحة أو الضمنية ونفس
الرخصة تستوجب إذا أراد شخص أن يقوم بتغيير بنائه تغييرا يمس الجوانب التي
يشترط التصميم الحصول بشأنها على ترخيص مسبق [64].
وعموما
فإن الخضوع لمقتضيات التصميم من قبل الخواص يستوجب أن يطلب هؤلاء الترخيص
من الإدارة الجماعية للقيام بعملياتهم التعميرية إذ للإدارة الجماعية أن
تسهر كما سبقت الإشارة على تنفيذ مضامين تصميم التهيئة [65].
خاتمــة :
من
خلال ما تم عرضه، يبدو جليا أن دور المجالس الجماعية في إعداد تصميم
التهيئة يبقى دورا محدودا مقارنة بالدور المهيمن للوكالات الحضرية.
إن
المسعى الحثيث للقيادة السياسية بالمغرب إلى إقرار جهوية موسعة يقتضي
إشراك المجالس الجماعية فعليا وبشكل أكبر منذ البداية في عملية إعداد تصميم التهيئة ما دامت هي المعنية بتنفيذ التصميم لاحقا ولا يمكن أن يتحقق هذا الإشراك إلا من خلال إعادة تأهيل المجالس الجماعية .
أما
فيما يخص مرحلة المصادقة على مشروع التصميم فإن الإشراك الحقيقي للمجالس
الجماعية يقتضي تمديد مدة البحث العمومي وتوسيع قاعدة الإشراك لتشمل
الجماعات المحيطة بالجماعة المعنية بالمشروع، وهو ما من شأنه أن يحقق
التنمية الشاملة ، ولتفادي بعض سلبيات التأخير في مسطرة المصادقة عل تصميم
التهيئة فإنه يجب الاقتصار على جعل المصادقة على مشروع التصميم تتم على المستوى المحلي من طرف الولاة .
أما
فيما يخص التنفيذ فإن المجالس الجماعية تتحمل مسؤولية تنفيذ مقتضيات تصميم
التهيئة مع الحرص على تحقيق أهدافه وأغراضه وفي هذه المرحلة تشاركها
الإدارة المكلفة بالتعمير. إلا أن الدور المهيمن يجب أن يكون للمجالس
الجماعية وهو دور طبيعي مادام أن التصميم يوضع أصلا لفائدةالجماعة .
المراجع المعتمدة
1 -د الهادي مقداد"السياسة العقارية في ميدان التعمير و السكنى"مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة الأولى 2000
2- عبد الرحمن البكريوي "التعمير بين المركزية واللامركزية" مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء الطبعة الأولى1993.
3
-منير الوري "تصميم التهيئة بين الإدارة المكلفة بالتعمير والمجالس
الجماعية" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا جامعة محمد الخامس أكدال كلية
الحقوق الرباط
4- المصطفى معمر وأحمد اجعون،" إعداد التراب الوطني والتعمير "، مطبعة سجلماسة مكناس ، الطبعة الأولى ، 2007- 2008.
5 -عبدالسلام المصباحي:" محاضرات في إعداد التراب الوطني والتعمير، مطبعة أنفوبرانت فاس ، الطبعة الأولى، 1997
نصوص قانونية وتنظيمية ومناشير
1- ظهير شريف رقم 51-93-1 صادر في 22 من ربيع الأول عام 1414 موافق 10 ديسمبر 1993 معتبر بمثابة قانون يتعلق بإحداث الوكالات الحضرية
2-القانون رقم 81-7 الصادر في 7 ماي 1982المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة
3 القانون رقم 90- 12 المتعلق بالتعمير الجريدة الرسمية عدد 4225
4-مرسوم رقم 832/292 صادر في 27 ربيع الآخر 1414 ( 14 أكتوبر 1993 لتطبيق.
5-المنشور رقم 005 ا م ت ه م ا م ق الصادر بتاريخ 17 يناير 1994 المتعلق بتصميم التهيئة -
الندوات والمجلات والتقارير
1- عبد الرحمان البكريوي ،
مداخلة تحت عنوان :" تعدد المتدخلين في ميدان التعمير وانعكاساته على
التخطيط والتدبير العمراني"، في ندوة حول العمران في المنطقة العربية بين
التشريع والتخطيط والإدارة، الرباط ، أبريل 2001
2-الهادي مقداد:" توجهات السياسة العقارية في مجال التخطيط العمراني مجلة مساهمة في دراسة السياسات العامة في المغرب مطبعة النجاح ، كلية العلوم القانونية الاجتماعية الرباط أكدال جامعة محمد الخامس المغرب مطبعة النجاح ، كلية العلوم القانونية الاجتماعية الرباط أكدال جامعة محمد الخامس
3- تقرير الوكالة الحضرية لمكناس، الجزء الثكميلي للفترة الممتدة ما بين 21 أبريل و30 شتنبر 2002
[1]د الهادي مقداد"السياسة العقارية في ميدان التعمير و السكنى"مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة اللأولى 2000 ص 123
* الأحياء الأوربية في كل من الدار البيضاء والرباط ومكناس وفاس وتازة ووجدة ومراكش وأكادير وصفرو ووزان ويطلق عليها بالفرنسية Ville Nouvelle
*كما هو الشأن بالنسبة لمدينة القنيطرة التي كانت تسمى ميناء ليوطي وسيدي قاسم وسيدي سليمان والمحمدية وغيرها.
* كان يشكل سكان الصفيح في فترة سابقة أكثر من 25% من مجموع السكان الحضريين كما يشكل سكان الأحياء العشوائية ما بين 13 إلى 15%.
[5] منير
الوري "تصميم التهيئة بين الإدارة المكلفة بالتعمير والمجالس الجماعية"
رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا جامعة محمد الخامس أكدال كلية الحقوق
الرباط ص4
[6] - المصطفى معمر وأحمد اجعون،" إعداد التراب الوطني والتعمير "، مطبعة سجلماسة مكناس ، الطبعة الأولى ، 2007- 2008.ص : 175
[7] - عبد الرحمان البكريوي" التعمير بين المركزية واللامركزية " مطبعة النجاح الدار البيضاء الطبعة الأولى 1993 ، ص : 86.
[8] -
مرسوم رقم 832/292 صادر في 27 ربيع الآخر 1414 ( 14 أكتوبر 1993 لتطبيق
القانون رقم 90- 12 المتعلق بالتعمير الجريدة الرسمية عدد 4225 .
[9] - ظهير شريف رقم 51-93-1 صادر في 22 من ربيع الأول عام 1414 موافق 10 ديسمبر 1993 معتبر بمثابة قانون يتعلق بإحداث الوكالات الحضرية .
[10] - عبد الرحمان البكريوي ،
مداخلة تحت عنوان :" تعدد المتدخلين في ميدان التعمير وانعكاساته على
التخطيط والتدبير العمراني"، في ندوة حول العمران في المنطقة العربية بين
التشريع والتخطيط والإدارة، الرباط ، أبريل 2001.
[11] -منير
الروي:" تصميم التهيئة بين الإدارة المكلفة بالتعمير والمجالس الجماعية "
رسالة لنيل دبلوم الدارسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس أكدال كلية الاقتصادية والاجتماعية الرباط ص : 13.
[12] - تقرير الوكالة الحضرية لمكناس، الجزء الثكميلي للفترة الممتدة ما بين 21 أبريل و30 شتنبر 2002 ص 13.
[14] - مرسوم رقم 832-292 صادر في 27 ربيع الآخر 1414 (14 أكتوبر 1993 لتطبيق القانون رقم 90-12 المتعلق بالتعمير .
[16] -عبدالسلام المصباحي:" محاضرات في إعداد التراب الوطني والتعمير، مطبعة أنفوبرانت فاس ، الطبعة الأولى، 1997 ص : 80.
[21] -
للمزيد من المعلومات في هذا الشأن يراجع عبد الرحمان الباريوي: تعدد
المتدخلين في ميدان التعمير وانعكاساته على التخطيط والتدبير العمراني مرجع
سابق ، ص 6 وما بعدها .
[30] -
مجلة القانون العام ( بالفرنسية) 1978، ص 282 مشار إليها عندعبدالرحمان
البكروي " التعبير بين المركزية واللامركزية ، مرجع سابق، ص : 103.
[41] -
تم تنظيمها لأول مرة بالمرسوم رقم 1464-58 الصادر في : 31 دجنبر 1958 بعد
أن أعلن عنها القانون الإطار الصادر في 7 غشت 1957 وقد تم تغيير المرسوم
السابق عدة مرات وإلغاء مقتضياته في الأخير بالمرسوم رقم : 500-69 الصادر
في 30 مايو 1969 مشار إليه عند عبدالرحمان البكريوي مرجع سابق، ص : 111.
مشار
إليه عند الهادي مقداد:" توجهات السياسة العقارية في مجال التخطيط
العمراني مجلة مساهمة في دراسة السياسات العامة في المغرب مطبعة النجاح ،
كلية العلوم القانونية الاجتماعية الرباط أكدال جامعة محمد الخامس ، ص : 11
Post a Comment