الاطار القانوني للتدخلات الاقتصادية للجماعات المحلية ماسترالقانون والعلوم الإدارية للتنمية السداسي الثالث اعداد ال...
الاطار القانوني للتدخلات الاقتصادية للجماعات المحلية
ماسترالقانون والعلوم الإدارية
للتنمية
السداسي الثالث
اعداد الطلبة الباحثين :
* الفتوح عبد السلام
* الحسناوي محمد
السنة الجامعية
2010/2009م
تقديم عام:
أضحت الجماعات المحلية المغربية في الآونة الأخيرة إحدى
المحددات الرئيسية للتدخلات العمومية في مختلف مظاهر الحياة العامة للدولة.
ولم تأت هذه الأهمية بمحض الصدفة ولا من فراغ، بل كانت
نتيجة طبيعية لتطورات وطنية ودولية أملتها ظروف ومعطيات معينة أفرزت لنا وحدات
ترابية مبادرة، نشيطة، فعالة وساهرة على تدبير الشأن العام المحلي ومساهمة في
القضايا الكبرى للبلاد.
ومن جملة تلك
الظروف المتحكمة في تنامي دور الجماعات المحلية، ما يتعلق بالعوامل الدولية
والمتجلية أساسا في انتشار الفكر الديمقراطي والمشاركة السياسية ودعائم دولة الحق
والقانون[1]
التي تدعو إلى إشراك الساكنة المحلية في جميع المبادرات التي تهم الشأن العام
المحلي حتى تكون أكثر إسهاما في التعاطي مع الرهانات المطروحة عليها.
وإلى جانب ذلك، ساهمت العولمة بكل تجلياتها في تجاوز
المفهوم التقليدي للحدود المتعارف عليها إلى مفهوم أكثر امتدادا وشمولا للمعرفة
والاقتصاد والسوق بحيث لا تعترف بالجهود الانفرادية للدولة المركزية، بل تضع من
الفكر التشاركي إحدى المبادئ الأساسية للتنمية المستديمة.
كما جاءت التوصيات الصادرة عن الهيآت المالية الدولية
كالبنك العالمي وصندوق النقد الدولي لتحث الدولة على إشراك فاعلين اقتصاديين آخرين
لحل إشكالية التنمية والنمو[2]،
وفي هذا الصدد يمكن التذكير مثلا بالتقرير الشهير للبنك الدولي سنة 1995 بخصوص
وضعية الإدارة المغربية، والذي من جملة ما دعا إليه هو البحث عن أدوار جديدة
للجماعات المحلية وتقوية مساهمتها في تدبير الشأن العام المحلي والوطني.
وإذا كانت
العوامل الدولية قد ساهمت بشكل كبير في تنامي الجماعات المحلية للعب دور أكثر
ديناميكية، فإن المعطيات الداخلية كرست أيضا هذه الطفرة نتيجة عدة أسباب من بينها
تراجع دور الدولة بسبب أزمة القطاع العام وتزايد النفقات العمومية وسوء التسيير[3]،
زيادة على مشكل المديونية وضعف مؤشرات الاقتصاد وانتشار الفقر والأمية والإقصاء
الاجتماعي.
كما أن القطاع الخاص اتسم ولفترات طويلة بالهشاشة وضعف
ومحدودية تدخلاته، علما أن المشاريع التي تبرمجها الدولة تحتاج إلى تكلفة كبيرة
وإمكانيات جد هامة عادة ما تتجاوز إمكانيات القطاع الخاص.
وإلى جانب هذا، منحت القوانين المؤطرة للجماعات المحلية
ولا سيما الأخيرة منها عدة إمكانيات للتدخل الاقتصادي إما بشكل مباشر أو بالدخول
في شراكة مع فرقاء وفعاليات أخرى أو الإنفتاح كليا على القطاع الخاص.
إلا أنه، وبالرغم من هاته العوامل المساعدة والمحفزة
لدور الجماعات المحلية في تنشيط الحياة الاقتصادية المحلية ودخول مجال التنافسية
والاستثمار والانفتاح على المبادرات الخارجية، فلازالت هناك عدة رهانات جد مهمة
تتطلب التعبئة والتخطيط. فالنمو السكاني بالمغرب انتقل من 15.379.254 نسمة سنة 1971 إلى 29.892.000 نسمة سنة 2004. كما أن معدل التحضر ارتفع في نفس الفترة من %35 إلى %55,1، ويتوقع أن تبلغ ساكنة المغرب في سنة 2014 رقم 35 مليون نسمة
بمعدل للتحضر يصل إلى[4]%65
المبحث الاول : التدخلات الاقتصادية للجماعات المحلية من خلال القوانين المؤطرة لها
المطلب الاول : الجهات والعمالات والأقاليم
الفقرة الأولى: نطاق تدخل الجهات اقتصاديا
أشار الخطاب الملكي بتاريخ 12
أكتوبر 1999 الى أن الجهات " مجالا خصبا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية
وفضاءا فسيحا للتفكير والتخطيط في اطار واسع لمستقبل أفضل في تعاون وانسجام مع
الوحدات الترابية الأخرى باعتبارها أداة توحيد وعنصر التحام"
ولقد أقر القانون رقم 96/47
الاختصاص الاقتصادي للجهات ويرجع ذلك من خلال الاقرار لها بمجموعة من المسؤوليات
الاقتصادية ذات الطبيعة المباشرة من خلال المساهمة في مشاريع جهوية ذات طبيعة غير
مباشرة من خلال توفيرها للشروط الملائمة لتطوير الاقتصاد الجهوي.
وطبقا للمادة السادسة من ظهير
1992 فالمجلس الجهوي يبث في مداولاته في قضايا الجهة ويقرر لهذه الغاية التدابير
اللازمة ليصمن للجهة نموها الاقتصادي.
كما أن المادة 7 من الفقرة 5
من قانون 96/47: يعد البث في شأن مساهمة الجهات في مقاولات الاقتصاد المختلط دات
الفائدة الجهوية أو المشتركة بين الجهات
ترجمة لرغبة المشرع في تمكين الجهات من االاطلاع بدور اقتصادي حقيقي.
كما يجب التذكير بأهمية ما
تلعبه شركات الاقتصاد المختلط من تمكين الجهة من ممارسة نوع من الرقابة وتحديد
لسياسة قطاعية معينة, كما أنها تشكل رافدا مهما لتحقيق مداخيل خاصة للجهات فضلا عن
تميزها بالمرونة والتكيف السلس مع مختلف الأوضاع الاقتصادية.
من جهة أخرى يقترح المجلس
الجهوي احداث المرافق العامة الجهوية وطرق تنظيمها وتدبير شؤونها خاصة عن طريق
الوكالة المباشرة أو الوكالة المستقلة أو عن طريق الامتياز.
كما أننا نجد المجلس الجهوي
اقترح أن كل تدبير يتعلق باختيار الاستثمارات المراد انجازها في الجهة من لدن
الدولة أو من لدن أي شخص أخر من الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام الا أن
هناك تناقضات في قانون الجهة, فكيف يمكن قبول فكرة ان يقترح المجلس الجهوي احداث
المرافق العمومية الجهوية وهي تابعة له وتهم اختصاصاته التي من المفروض أن تكون
تقريرية ؟
أناط المشرع بالجهات مع
مراعاة الاختصاصات المسندة الى الجماعات المحلية الأخرى, مهمة المساهمة في النتمية
الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للجماعة بتعاون اذا اقتضى الحال مع
الدولة والجماعات المحلية الأخرى. المادة 1 الفقرة 2 من قانون 96/47 .
كما منحت الجهات صلاحيات مهمة
في مجال التنمية الاقتصادية حيث خول المشرع للمجلس الجهوي القيام بالأعمال اللازمة
لانعاش الاستثمارات الخاصة والتشجيع على انجاز تلك الاستثمارات ولا سيما باقامة
وتنظيم مناطق صناعية ومناطق الأنشطة الاقتصادية.
وفي هذا الاطار يمكن أن يلعب
المجلس الجهوي دورا هاما عبر توفير المعلومات حول مؤهلات الجهة واعتماد جميع
التدابير المتعلقة بالتكوين المهني والقيام بالأعمال اللازمة لانعاش التشغيل في
اطار التوجهات المحددة عى الصعيد الوطني.
الفقرة الثانية : أليات تدخل
الجهات اقتصاديا
أولا : التخطيط واعداد التراب
عمل المشرع على منح الجماعات
المحلية هاتين الأليتين باعتبارهما مدخلا ن مهمان للتنمية المحلية وهذا ما نصت
عليه المادة 7 فقرة 2 من قانون 96/47 .
فالتجربة الجهوية الحالية
تفتقر الى مخططات حقيقية قادرة أولا على سد النقص الذي تعانيه المخططات المركزية
وثانيا ضمان قيام الجهات على اداء أدوارا فعالة.
من جانب أخر منح المشرع
المجلس الجهوي اعداد التصميم الجهوي لتهيئة التراب وفقا للتوجهات والأهداف
المعتمدة وطنيا. وهذا ما نجده في المادة 7 فقرة 3 من قنون 96/47 .
فسياسة اعداد التراب تهدف الى
أن تكون التنمية المحلية شمولية وذلك عبر تصحيح الاختلالات المجالية واستغلال معظم
الموارد والثروات التي يظمها المجال.
ثانيا : التعاون والشراكة
فأهمية الشراكة والتعاون بين
الدولة والجهات بعد معطا أساسيا يفرضه توزيع الاختصاصات المنصوص عليها داخل
القانون التنظيمي للجهات. كما يفرضه واقع الحال وواقع المرحلة السياية العامة للمغرب والتي تجلت بوضوح من خلال دعوة جلالة الملك محمد السادس الى ضرورة تبني مفهوم
جديد للسلطة.
فالتعاون لا يعني فرض جماعة
محلية سلطتها ووصايتها على جماعة محلية أخرى وهذا ما نجده في ايطاليا.
من جانب اخر قد يتعدى تعاون
الجهة الاطار الوطني الى البعد الدولي في اطار التعاون اللامركزي الدولي وذلك وفق
اتفاقية بينهما.
المطلب الثاني :العمالات والأقاليم ومحاولة مأسسة الاقتصاد الاقليمي
اذا كان ظهير 12 شتنبر 1963
هو المرجعية القانونية للعمالات والأقلليم فان الأصول التاريخية لهذا التنظيم
مختلف حولها فمنهم ممن يعيدها الى قبل الحماية ومن الباحثين من يربطها بدخول
الحماية الى المغرب.والمؤكد انه كان موجودا في فترة الحماية وعمل المستعمر على منح بعض المدن وضعية خاصة
كفاس والدار البيضاء وبعد الاستقلال عمل المغرب على اعادة التوازن في خريطة الأقاليم من حيث الثروات
وتوزيع السكان كما عمل على اعطاء التنظيمات الاقليمية دورا في النهوض بالاقتصاد
المحلي, فما هي تجليات هذا الدور سواء من خلال ظهير 1963 أو من خلال قانون 79.00
المؤطر للعمالات والأقاليم.
الفقرة الأولى: الدور الاقتصادي للعمالات والأقاليم من خلال ظهير 12 شتنبر
1963
يعتبر ظهير 12 شتنبر 1963 أول
نص قانوني منظم للعمالات والأقاليم واولى
الملاحظات حوله كانت هي بقاؤه لفترة طويلة حوالي
أربعة عقود من الزمن مما يطرح معه اشكال. تكيف هذا الصنف من الجماعات
المحلية مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية اللاحقة .
وقد جاء هذا الظهير بعدة
اختصاصات على المستوى الاقتصادي نذكر على وجه الخصوص الفصل 63 الذي نص في فقرته
الأخيرة على انه لا يمكن للمجلس أن يتداول في كل مسألة ذات صبغة ادارية واقتصادية
تهم عمالة او اقليم أو جماعة مجاورة. لكن قبل ذلك كان نفس الفصل قد عدد جملة من
الاختصاصات الممنوحة للمجلس التداولي الاقليمي في المجال المالي كمناقشة الميزانية
الاقليمية او التصويت عليها وكذلك المصادقة على الحساب الاداري أو تحديد كيفيت
تاسيس الضرائب والتعريفات وقواعد تحصيل الضرائب.
ثم منمة بين الاختصاصات مسألة
احداث وتدبير بعض المصالح العمومية ذات الطابع الاقليمي سوا عن طريق الاستغلال
المباشر او المشترك او تفيتها الى الخواص.
كما نصت المادة 63 على مشاركة
المجالس الاقليمية في تهيئة المجال الترابي ومناقشة وثائق التعمير واعداد التراب
الوطني لأنها الأرضية الأولى لاستقطاب الاستثمارات المحلية أو الوطنية أو الدولية.
كما منح ظهير 1963
العمالات والأقاليم امكانية المساهمة الى
جانب القطاع الخاص لأجل تكوين شركات للاستثمار والتجهيز الا أن هذه الاختصاصات
اصطدمت باكراعات.:
-
الجانب المالي: لا تتوفر الأقاليم الا على بعض الرسوم القليلة
والضعيفة.
-
ثم هيمنة العامل كجهاز تنفيذي للأقاليم لتبقى وظيفة
المجالس تداولية شكلية.
الفقرة الثانية : قانون 79.00 والاطار
القانوني الجديد للتدخلات الاقتصادية للعمالات والأقاليم
لقد جعل ظهير 1963 العمالات والأقاليم اقرب الى
اللاتركيز منها الى اللامركزية مما دعى الى اعادة النظر في اطارها القانوني وجاء
هذا عقب المناظرة الوطنية السابعة سنة 1998 .
وعلى غرار قانون 78.00 جاء قانون 79.00 بالمستجدات
التالية:
1-
تحسين وضعية المنتغب
2-
اعادة النظر في تسيير المجلس
3-
دعم أليات التعاون والشراكة
4-
توسيع اختصاصات مجالس العمالات والأقاليم
5-
مستجدات على
مستوى الجهاز التنغيذي
كما أقر هذا القانون في المادة 35 منه على أن مجلس
العمالة أو الاقليم يتخذ التدابير اللازمة
لضمان تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وهكذا قسم المشرع اختصاصات العمالات والأقاليم الى ذاتية
ومنقولة واستشارية.
وفي المجال الاقتصدي أسند المشرع الى هذه المجالس حسب
المادة 36 مايلي:
-
تحديد برامج التجهيز والاستثمار
-
القيام بألأعمال اللازمة لانعاش الاستثمارات الخاصة
-
انجاز مناطق للأنشطة الاقتصادية والمشاركة في تهيئتها
وتجهيزها
-
النهوض بالتنمية القروية
-
البث في احداث مقاولات وشركات الاقتصاد المختلط ذات
الفائدة للعمالة أو الاقليم.
-
البث في احداث المرافق العمومية الاقليمية وتحديد طرق
تدبيرها
-
تدبير الممتلكات العامة الاقليمية.
-
البث في الاقتناءات والتفويتات وكل المعاملات المتعلقة
بالملك الخاص التابع للعمالة او الاقليم.
-
البث في اتفاقيات التعاون والشراكة الهادفة الى انعاش
التنمية الاقتصادية.
اما المادة 37 فتحدثت عن الاختصاصات المنقولة
والاستشارية ورغم التغيرات التي همت اختصاصات الرئيس فانها كانت ذات طابع اداري.
ليبقى دور الرئيس في مجال التدبير الاقتصادي الاقليمي هامشيا وغير فعال وذلك على
خلاف ممثلي الدولة وبابظبط مؤسسة الوالي او العامل كمنفذ للجهة والاقليم حسب الفصل
101 من الدستور اضافة الى تدبيره للمراكز الجهوية للاستثمار.
المطلب الثالث : الاطار القانوني للتدخلات الاقتصادية للجماعات الحضرية والقروية
ان من بين ما ميز قانون 78.00 انه جاء بناء على التوصيات
التي صدرت عن المناظرة الوطنية السابعة
والتي تبين من خلال الخطاب الافتتاحي لأشغالها الرغبة في الرقي بمستوى تدبير
الجماعات وكأنها مقاولة تتدخل في الحياة الاقتصادية وتساهم في النسيج الاقتصادي
المحلي من خلال:
-
احداث مناصب للشغل
-
تهيئة التراب
-
المساهمة في
الحد من الفوارق الاقتصادية والاجتماعية
-
تعزيز قدرة الجماعة على التدخل
وكان خطاب الملك الراحل الحسن
الثاني والموجه للمناظرة واضحا حيث: " يجب ا نتصدى لتسيير الجماعات بعين
المقاول".
الفقرة الأولى: التدخلات الاقتصادية
للجماعات الحضرية والقروية من خلال ظهير 1976
شكل ظهير 1976 قفزة نوعية في
تدبير الشان العام الاقتصادي وفضاء للتنمية المحلية. حيث أنيطت بالمجلس الجماعي اختصاصات واسعة . كما تم تخويل
رئيس المجلس الجزء الأكبر من الاختصاصات التي كانت بي د السلطة المحلية.
وهكذا نصت المادة 30 على مبدا
الاختصاص العام للمجلس : " يفصل المجلس بمداولاته في قصايا الجماعة ويتخذ
لهذه الغاية التدابير اللازمة ليضمن للجماععة المحلية كامل نموها الاقتصادي والاجتماعي
والثقافي"
وامام عمومية الفقرة الأولى
من المادة 30 جاءت الفقرات الموالية لتبين دائرة اختصاص تلك المجالس وتبيت مجالات
تدخلها.
ويمكن تصنيف هذه الاختصاصات
الى مجموعتين:
-
ما يتعلق بالجانب المالي
-
وما يتعلق بالتدخلات في وضع مخططات وتنفيذها واعتبار
الجماعة المحلية خلية للتنمية اللمحلية.
وهكذا اوكل المشرع للمجالس
التداولية احداث وتنظيم المرافق العامة المحلية سواء عن طريق الاستغلال المباشر أو
المشترك مع جهات أخرى او بواسطة تفيوتها الى الخواص.
والى جانب المادة 30 نصت
المادة 54 من ظهير 1976 على امكانية تكيون
نقابات بين الجماعات يكون هدفها هو تحمل بعض العباء المشتركة او تحقيق عمل مشترك
او فائدة مشتركة بين الجهات المكونة لها.
كما أن الجماعات الحضرية
والقروية تتوفر على اختصاصات استشارية سواء مع الادارات العمومية المركزية أو التي
تنتمي الى منظومة اللاتمركز مثل المصالح الخارجية للوزارات بشان الاستثمارات
المزمع انجازها داخل الجماعة.
الفقرة الثانية: قانون 78.00 وأوجه التدخلات الاقتصادية للجماعات الحضرية
والقروية
توخى قانون 78.00 تحقيق
مجموعة من الهداف على راسها اهداف اقتصادية تقوم على أساس اعتبار الجماعة هي مؤسسة
ومقاولة أي تتدخل في الحياة الاقتصادية وتساهم في النسيج الاقتصادي المحلي واضافة
الى ذلك فقد جاء هذا القانون بعدة مستجدات
تهم نظام المنتخب الجماعي وسلطة الوصاية والاختصاصات ونظام تسيير الجماعات والعمل
بنظام وحدة المدينة وتعزيز ألية التعاون والشراكة.
ويمكننا التمييز بين ما جاء
به النص من اختصاصات لصالح المجلس الجماعي ولرئيس مجالس المقاطعات..
فالوظائف الاقتصادية للمجلس
الجماعي ورئيسه تتحدد في المادة 36
واختصاصاته:
المحور الأول: التنمية
الاقتصادية للمجلس الجماعي ورئيسه المادة 36
المحور الثاني: يتعلق بالمالية والجبايات والملاك
الجماعية المادة 37
المحور الثالث: يهم الاتسيير
واعداد التراب المادة 38
المحور الرابع: يتعلق
بالمرافق والتجهيزات العمومية المحلية المادة 39
المحولر الخامس: يتعلق بالوقاية
الصحية والنظافة والبيئة المادة 40
المحور السادس: يخص التجهيزات
والأعمال الاجتماعية والثقافية المادة 41
المحور السابع: خصص لمجال
الشراكة والتعاون بين المجلس الجماعي
والادارة والشخاص المعنوية الأخرى الخاضعة للقانون العام والشركاء الاقتصاديين
والاجتماعيين الخواص او الهيئات الجنبية وذلك من اجل انعاش التنمكية الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية للجماعة. المادة 42
وتجسيدا لذلك فان المجلس
الجماعي يقرر في احداث لكل هيئة ذات فائدة مشتركة بين الجماعات فيما بينها
المصادقة على اتفاقيات التوأمة والتعاون اللامركزي والانخراط والمشارك في أنشطة
المنظمات المهتمة بالشؤون المحلية.
وانطلاقا من نظرية اعادة دور
الدولة عن طريق التخفيف من أعبائها واشراك فاعلين أخلرين في عملية التدبير
الاقتصادي فقد قام المشرع بتحويل مجموعة من الاختصاصات كانت تندرج في صلب وظائف
الدولة الى الجماعات الحضرية والقروية.
وقد ادرجت هذه الاختصاصات
فيما يسمى بالاختصاصات القابلة للنقل المادة 43 أما الاختصاصات الاستشارية فقد
اشارت اليها المادة 44 .
أما ختصاصت مجلس المقاطعة
ورئيسه فهي في الواقع امتداد وتجسيد لتلك التي يمارسها المجلس الجماعي وهخذا ما
يلاحظ على مستوى العديد من الاختصاصات التي تمارسها مجالس المقاطعات اما باتفاق
ودعم من المجلس الجماعي او أن تلك المجالس
" مجالس المقاطعات" تمارس هذا الاختصاص لحساب وتحت مسؤولية المجلس
الجماعي مما يوحي بأن الأمر يتعلق بنوع من تفوض الامضاء.
المبحث الثاني عناصرالتدبير التشاركي ودورها في انعاش الاقتصاد المحلي
ان الدور الذي أضحت تلعبه
الجماعات المحلية في تحقيق التنمية واشباع حاجات المواطنين على المستوى المحلي,
فرض علينا ضرورة الخوض في البحث لمعرفة الاشكال التي تعتمدها الجماعات المحلية في
تدبير شؤونها الاقتصادية, حيث لم تعد تلك الأشكال الكلاسيكية للتدخل المباشر قادرة
على مواجهة التحديات التي تشهدها الجماعات المحلية, المر الذي يفرض على الجماعات
المحلية وضع استراتيجية لاشراك الخواص في تدبير أنشطتها الاقتصادية, لا سيما وان
هذه الشراكات أصبحت اليوم تساهم في الرفع
من جودة وتنافسية الاقتصاد المحلي.
وتتنوع اشكال التدبير
التشاركي للجماعات المحلية حسب الأنشطة الاقتصادية التي تنوي القيام بها, حيث ان
الجماعات المحلية تقوم بشراكات اما مع بعض
الأشخاص العامة. كما هو الأمر بخصوص الشراكة مع بعض الجماعات المحلية الأخرى او مع
مؤسسات عمومية , فضلا على ان هذه الشراكة
يمكن ان تكون مع بعض الخواص, ولعل أشكالها شركات الاقتصاد المختلط وعقود
الامتياز, وكذا عقود التدبير المفوض التي أصبحت تعتمدها الجماعات المحلية لتدبير
بعض مرافقها المحليةو.
في هذا الاطار سنركز على
أشكال الشراكة الخاصة, التي يكون فيها الخواص طرفا في التدبير الاقتصادي للجماعات
المحلية, وهذه الأشكال الخاصة هي:
-
شركات الاقتصاد المختلط
-
عقود الامتياز
-
عقود التدبير المفوض
المطلب الاول: شركات الاقتصاد المختلط وعقود الامتياز
الفقرة الأولى: شركات الاقتصاد المختلط
كان للتحولات الاقتصادية والاجتماعية
, وتزايد حاجات المواطنين دور في جعل الجماعات المحلية, وذلك في الدخول معهم في
شراكات في اطار شركات الاقتصاد المختلط, تساهم فيها كل من الجماعات المحلية وهيئات
القطاع الخاص, وللاشارة فان شركات الاقتصاد المختلط تعتبر بمثابة شركات مساهمة
تساهم فيها كل من الدولة أو هياتها العامة الى جانب الخواص, ويبث المجلس التداولي
للجماعة المحلية في شان الانخراط في هذه الشركات بعد تأشيرة السسلطات الوصية على
ذلك.
وتتنع اشكال مساهمة الجماعات
المحلية في شركات الاقتصاد المختلط, حسب الطريقة التي تختارها هذه الجماعات, اذ نجد منها من تختار
تقديم حصص مالية, شراء الأسهم من رأسمال الشركة أو تقديم عقارات خاصة, وحتى تتمكن
من استغلال خدمات هذه الشركات وتسخيرها لخدمة الصالح العام المحلي وتحقيق التنمية
الاقتصادية, يفترض أن تفوق اسهامات الجماعة المحلية في هذه الشركات نسبة 51% من
أسهمها.
وفي هذا الاطار تعتبر شركات
الاقتصاد المختلط اطارا اقتصاديا وماليا يساهم في تطوير التدبير الاقتصادي
للجماعات المحلية, وذلك من خلال توظيف رساميلها في التنمية المحلية, لاسيما وأن
الرهان من وراء انشاء هذا النوع من
الشركات هو التسريع بعجلة التنمية وذلك من
الاستفادة من تلك المبالغ المالية الكبيرة المرصودة في اطار التمويل المشترك, الا
أن ما يمكن ذكره في هدا الخصوص هو نذرة التعاطي الى شركات الاقتصاد المختلط من قبل
الجماعات المحلية, وخاصة الجماعات الحضرية والقروية, حيث غالبا ما تفضل هذه
الشركات عدم الدخول في شراكات مع الجماعات المحلية وذلك للسمعة السيئة التي تحظى
بها منتخبيها., هذا فضلا عن التعقيدات التي يعرفها نظام انشاء شركات الاقتصاد
المختلط على المستوى المحلي.
الفقرة الثانية : عقود الامتياز
تعتبر عقود الامتياز عقودا
اداري,. بموجبها تقوم الادارة سواء على مستوى الدولة او الجماعات المحلية بمنح
مرفق عام وطني او محلي الى الخواص قصدد ادارته وتدبيره, بحيث تقوم هذه الهيئة
الخاصة باستغلال هذا المرفق لمدة معينة بواسطة مستخدميها وأموال تقدمها وعلى
مسؤوليتها, في مقابل الاستفادة من رسوم يقدمها المنتفعين من هذا المرفق.
ان عقود الامتياز باعتبارها
شكلا تشاركيا في تدبير الشان العام الوطني والمحلي, قد لعبت دورا في فتح أوراش
كبيرة تعود بالنفع وتساهم في تحريك وتيرة النمو الاقتصادي للجماعات المحلية’,
فمثلا قناة السويس المصرية وما تحضى به من أهمية كبرى في الاقتصاد المصري قد تم
انشؤها وتجهيزها عن طريق عقود امتياز حصلت عليها شركات خاصة.
أما في المغرب فان عقود
الامتياز تمتد الى مجالات متنوعة, شملت النقل عبر السكك الحديدية واستغلال الموانئ
وانتاج وتوزيع الماء والكهرباء والنقل والمواصلات السلكية. لكن ما يمكن ذكره بخصوص
عقود الامتياز أنها بدأت تشهد تراجعا لصالح شركات الاقتصاد المختلط, اللهم بعض
الجماعات المحليةى التني مازالت تعتمد هذا الشكل التشاركي لتدبير بعض ملرافقها
كنقل اللحوم مثلا.
تبعا لما تم ذكره, بخصوص عقود
الامتياز يمكن القول بانها تعتبر أداة مهمة لتعزيز روابط الشراكة بين الدولة وهيءات
القطاع الخاص, لاسيما وأن هذه الهيئات ستساهم في تدبير المرافق العامة المحلية
وتخفف من الأعباء التي تعرفها الجماعات المحلية في تدبيرها لتلك المرافق.
ان اعتماد هذا الأسلوب
التشاركي, يجعل الجماعة المحلية تشبع حاجيات المواطنين وتحقق صالحهم العام.
بالاضافة الى ما توفره هذه الشلراكة من امتيازات تستفيد منها كل من الجماعات
المحلية والشركات المتعاقدة معها,
وبالتالي المساهمة في خلق تنمية اقتصادية
محلية تكون نواة للتنمية الوطنية المستدامة.
المطلب الثاني: التدبير المفوض
ان خلق هذا الشكل الجديد من
أشكال تدبير المرافق العمومية سواء الوطنية
والمحلية, كان وليد التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها
الدولة والجماعات المحلية, اذ يلاحظ ان القصور الذي عكسته الطرق الكلاسيكية
المعتمدة, سواء تلك المرتبطة بالتدخل المباشر للدولة او تلك الأخرى التشاركية التي
أبانت عن عدم فعاليتها مثل عقود الامتياز, هذا كله لعب دورا كبيرا في اعتماد
الدولة ومن بعدها الجماعات المحلية لأسلوب التدبير المفوض, قصد بلوغ الأهداف
المتوخاة من التنمية والتدبير الاقتصادي
الجيد,وقد قد تم اعتماد أسلوب التدبير المفوض بالمغرب لأول مرة, عندما قامت
المجموعة الحضرية لولاية الدار البيضاء سنة 1997 بابرام عقد مع الشركة الفرنسة lyonnaise des eaux
بمقتضاه
تقوم الشركة بتسيير مرفق الماء والكهرباء والتطهير لمدة 30 سنة, لتليها بعد ذلك
المجموعة الحضرية للرباط وسلا والصخيرات تمارة سنة 1998 التي عملت بدورها على
ابرام غقد مع شركة Redal بمقتضاه تقوم بتدبير الماء والكهرباء والتطهير
السائل لنفس المدة.
وقد عرف
المشرع المغربي عقد التدبير المفوص من خلال قانون 54.05 بأنه: " عقد يفوض
بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى "المفوض" لمدة محددة تدبير
مرفق عام يتولى المسؤولية الى شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى "
المفوض اليه" يخول حق تحصيل أجرة من المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير
المذكور او هما معا"
والتدبير
المفوض هو ترجمة للعبارة الفرنسية Gestion
déléquée وهو في مفهومه القانوني الواسع
يعني قيام احدى الهيئات العامة باسناد تسيير أحد مرافقها الى الغير وعقد
التدبير المفوض هو عقد اداري تعهد بمقتضاه السلطة العهامة المفوضة للمفوض له داخل
المجال المحدد له في نطاق التفويض باستغلال وتدبير المرفق العام لمدة محددة تنتهي
بانتهاء مدة العقد مع امكانية تجديد مدته.
خاتمة
:
فبعد محاولتنا لتحديد اهم
الحدود القانونية للتدخلات الاقتصادية على ضوء قانون 78.00 هياكلا واختصاصات نخلص
الى ما يلي:
·
ان الجماعات الحضرية والقروية لم ينتقل بها المشرع ليجعل
منها سلطة عامة, كما هو الشان بالنمسبة لرجال السلطة, علما بأن اصلاح هذه المجالات
الأخيرة هو وحده الكفيل باعطاء الجماعات صبغة الجماعات المحلية الأخيرة هو وحده
الكفيل باعطاء الجماعات صبغة الجماعات المحلية الترابية ذات الشخصية الحقيقية, الكاملة
الأهلية, والصلاحيات في مواجهة الدولة وباقي أشخاص القانون العام.
·
ان الاستقلالية كهدف أسمى الذي نادى بها القانون ظلت
شعار يتردد فقط للتعبير عن الديمقراطية المحلية, حيث اذا كان العالم يعيش مرحلة
انتقالية حول فصل السياسة عن مجال الاقتصاد, فان ذلك ينطبق فقط على الدول الأكثر
تقدما, أما الدول الأكثر تخلفا ومن ضمنها المغرب, فالاستقلالية ممكنة لكن مع وقف
التنفيذ والى اشعار أخر, بحيث لازلنا نحتاج الى مزيد من تطوير الفرد والمجتمع
والحماية الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
·
ان هذا الاصلاح يعتبر اصلاحا تقنيا وليس اقتصاديا, اذ
غلبت الجزئية والظرفية على القضايا التي تهم الاقتصاد المحلي وبالتالي لا يمكن
اعتباره اصلاحا شموليا.
·
فلا مناص من اعادة توجيه جذري لسياستنا الاقتصادية في
اطار ماكروقتصادي جدير بالثقة بفسح أفاق جديدة لانتاج المزيد من الثروات الى جانب
الأفاق التي طرحناها وذلك عبر تبني الحكامة الرشيدة على مستويين اولهما دمقرطة
المؤسسات, وثانيها دمقرطة التسيير, ولكن قبل ذلك يجب التشخيص الواقعي لجماعتنا
المحلية لمعرفة نقط ضعفها وقوتها لتجاوز الاختلالات الموجودة في التدبير الاقتصادي
عبر تقييمها واعطاء حلول عملية وبناءة لنجاح أي تدخل اقتصادي, خصوصا أن الواقع
يظهر ما لا تستطيع النصوص القانونية جلاءه أمام غياب الوسائل الضرورية لترجمة
النصوص على أرض الواقع.
ليست هناك تعليقات