جريمة خيانة الأمانة
جريمة خيانة الأمانة
تعتبر جريمة خيانة الأمانة، من بين الجرائم الخطيرة التي تهدد الثقة العامة داخل المجتمع، وهي من بين جرائم الأموال التي تنصب على حق ملكية الأشخاص، والتي تعتبر إحدى الطرق والوسائل التي قد يتم عن طريقها الاستحواذ على أموال الغير، من خلال خيانة الثقة التي وضعها الشخص في الجاني بتسليمه المال المنقول.
ومن أجل هذا تدخل المشرع المغربي من خلال ترسانة قانونية قوية تحمي ملكية الأشخاص، والضرب على أيدي من سولت له نفسه الاعتداء على أموال الغير، فالقانون الجنائي المغربي عاقب على جريمة خيانة الأمانة والتملك بدون حق في الفصول من 547 إلى 555 ، وذلك في الباب التاسع من مجوعة القانون الجنائي.
وجريمة خيانة الأمانة، كانت تعتبر في الأزمنة القديمة مثلها مثل جريمة السرقة في القانون الروماني، لكن مع مرور الوقت واندلاع الثورة الفرنسية أصبحت جريمة قائمة بذاتها ومستقلة بأركانها وشروطها عن جريمة السرقة، بحيث أن خيانة الأمانة تقع على المال المسلم من قبل المجني عليه للجاني على سبيل الحيازة الناقصة، وذلك بتحويل تلك الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة، أما السرقة فتنصب على الاختلاس الذي يأخذ صورة انتزاع الحيازة الكاملة للمال المنقول.
وفي هذا الإطار تنص المادة 547 من مجموعة القانون الجنائي أن:" من اختلس أو بدد بسوء نية إضرارا بالمالك أو واضع اليد أو الحائز، أمتعة أو نقودا أو بضائع أو سندات أو وصولات أو أوراقا من أي نوع تتضمن أو تنشئ التزاما أو إبراء كانت سلمت إليه على أن يردها، أو سلمت إليه لاستعمالها أو استخدامها لغرض معين، يعد خائنا للأمانة ويعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائة وعشرين إلى ألفي درهم.
و إذا كان الضرر الناتج عن الجريمة قليل القيمة، كانت عقوبة الحبس من شهر إلى سنتين والغرامة من مائة وعشرين إلى مائتين وخمسين درهما مع عدم الإخلال بتطبيق الظروف المشددة المقررة في الفصلين 549 و 550". أما بالرجوع إلى قانون العقوبات المصري، فنجد أنه جرم خيانة الأمانة في المادة 341 التي تنص أن :" كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقودا أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك إضرارا بمالكيها أو غير أصحابها أو واضعي اليد عليها وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له إلا على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفة كونه وكيلا بأجرة أو مجانا بقصد عرقلة عرضها للبيع أو بيعها أو استعمالا في أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري".
أما المشرع الفرنسي فقد جرم خيانة الأمانة في المادة 379 من القانون الجنائي الفرنسي.
وقد حدد المشرع الفرنسي شأنه في ذلك شأن المشرع المصري مجال خيانة الأمانة في ستة عقود وهي : الوديعة، الوكالة، الرهن، عارية الاستعمال، الكراء، العمل بأجر أو بدونه، وهو ما نصت عليه المادة 408 من القانون الجنائي الفرنسي.
بعد استعراض الإطار القانوني لجريمة خيانة الأمانة في القانون المغربي، وفي المصري و الفرنسي يتبين أنها و إن كانت توجد بينها عدة قواسم مشتركة، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود بعض الاختلافات خاصة على مستوى مجال قيام هذه الجريمة، حيث إنه إذا كان كل من المشرع المصري والفرنسي قد حددا على سبيل الحصر العقود التي قد تنشأ عنها جريمة خيانة الأمانة، فإن المشرع المغربي وعلى النقيض من ذلك لم يضع لائحة حصرية للعقود التي يمكن أن تؤسس لقيام جريمة خيانة الأمانة. وحسنا فعل لأنه يكون بذلك قد جنب القضاة عدة مشاكل ناتجة عن صعوبة تكييف بعض العقود أو عن بطلانها، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى طول مسطرة المحاكمة
Post a Comment