المتابعون

Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

المتابعون

اخبار عاجلة

latest

{ads}

دور الإدارة في تحقيق التنمية الشاملة

دور الإدارة في تحقيق التنمية الشاملة الطالب الباحث بليغ بشر اشراف الدكتور محمد يحيا




دور الإدارة في تحقيق التنمية الشاملة
الطالب الباحث بليغ بشر
اشراف الدكتور محمد يحيا

خلال منتصف القرن الماضي حدثت مرحلة هامه نتيجة للتطورات الاقتصادية والاجتماعية التي أعقبت الحربين ألعالميتين وحصول العديد من دول العالم الثالث على استقلالها وجدت هذه الدول نفسها أمام تحديات ورهانات جديدة، حيث اتجهت أنظار هذه الدول إلى التنمية ألشاملة التي تشمل جميع قطاعات الدولة وأوجه نشاطها، وهو ما يتطلب من هذه الدول القيام بمجهودات كبيرة على كافة المستويات ، مما جعل الإدارة في هذه الدول لا تكفي بمجرد القيام بالأدوار التقليدية للإدارة العامة المتمثلة في الحفاظ على النظام والأمن والصحة، بل جعلها تتصدى لاحتياجات جديدة وتتمثل في وظيفة الدولة ألمعاصرة  والتي تقوم على ألكفاءة إذا تعبأ كافة طاقتها البشرية والمادية وتوجهها نحو زيادة الإنتاج ألقومي والتوسع في الخدمات العامة[1].  
وهذا ما جعل هذه الإدارة تأخذ مسمى حديدا هو "إدارة التنمية"؛ لأن الجهاز الإداري في هذه الدول يقوم بدور متميز في إحداث ألتنمية وتوفير أكبر قدر وأحسنه من الخدمات للمواطنين بالإضافة إلى رفع الإنتاج ومستوى كفاءته.
ويصفها البعض الآخر بدولة الرفاهية ودولة الرخاء لأنها تهدف إلى رفاهية المواطنين ورخائهم.
وآخرون يسمونها دولة الإدارة  ؛ لأن الإدارة العامة هي أداة تحقيق هذه التنمية ، إذ تقوم بتنظيم مشروعات التنمية في مختلف قطاعاتها وكافة صورها إعدادا وتنفيذا وتقويما.
وآخرون يسمونها[2] "إدارة ألخدمات وذلك نظرا لقيامها بتقديم الخدمات العامة إلى كافة ألمواطنين بوصفها حقا لهم لا بوصفها إحسانا عليهم.
وإدارة الإنسانية : باعتبارها تتعامل مع المواطنين كبشر لهم مشاعر وأحاسيس ورغبات وتفضيلات ومطالب واجبة ألإشباع ويقوم الجهاز الإداري بدور رئيسي في عمليات التنمية في الدول النامية ، ومعنى ذلك أن الجهاز الإداري هو أداة التنمية وأن ظهور مفهوم إدارة التنمية هو تعبير عن واقع الإدارة العامة في الدول النامية[3].
وهكذا فإن إدارة التنمية تختلف وتتميز عن الأوجه والاهتمامات الأخرى للإدارة العامة، ذلك أن "إدارة التنمية هي التعبير الذي يستخدم ليدل على مجموع وكالات وأجهزة وعمليات الإدارة التي تنشئها الحكومة لتحقيق أهدافها"[4].
وظهرت الدعوى إلى "إدارة ألتنمية في الدول النامية بعد أن عجزت الإدارة العامة فيها، بشكلها ألتقليدي عن القيام بأعباء ومتطلبات تنفيذ خطط التنمية المدعمة لاستقلالها السياسي.
فلقد أثبتت التجربة أن أداء مثل هذه المهمة الكبيرة  والمتواصلة  ، تقتضي وجود إدارة فعاله تقوم بتهيئة الموارد والمهارات البشرية والإمكانات المادية المتاحة، واستخدامها بأسلوب علمي منظم من أجل تحقيق التنمية القومية على أكمل وجه[5].
لكن رغم ذلك فإن إدارة التنمية ليست منفصلة تماما عن الإدارة العامة.
ويقول جورج – ف- جانت- إن إدارة التنمية ليست منفصلة تماما عن الإدارة ألعامة وبعبارة أخرى فإن هناك تكاملا بين الاثنين ذلك أن "المحافظة على القانون والنظام وظيفة أساسية للحكومة وضرورية للتنمية، رغم أنها سابقة على تعريف إدارة التنمية وعادة ما  تشمل عليها، وبالمثل فإن تقديم تلك الخدمات الضرورية مثل ألطرق نظم المواصلات الأخرى والتسهيلات الصحية والتعليمية وكذلك والمياه وأجهزة المرافق ألأخرى وتحصيل الضرائب لا تختلف عن إدارة ألتنمية لأنها كانت المسؤولية التقليدية للحكومة ، ومع ذلك فإن شمول وفعالية هذه الخدمات تدعم وتقوي البيئة التنموية ، كما أن تقديمها بدرجة كافية ضروري للتنمية[6].
إن أجهزة الإدارة الحكومية المركزية منها والمحلية، ومختلف منظماتها الإدارية العامة تشكل الأساس المادي والبشري والقانوني ألمنظم الذي تعتمد عليه الدولة في ترجمة سياستها القومية الإنمائية بشكل مخطط.
وتؤدي الدولة دورها الريادي من خلال أجهزتها السياسية والتنفيذية والفتية ممثلة في الوزارات والمصالح والمؤسسات والأجهزة الإدارية ألمحلية وقد أصبحت السمة الأساسية اللازمة المميزة للدولة الحديثة "أنها دولة مؤسسات حيث أصبح بناء الدولة وتحقيق سبل النمو والتطور فيها يعتمد اعتمادا كليا على فعالية مؤسساتها السياسية الاقتصادية والاجتماعية[7].
وإذا كانت الإدارة الحكومية تبرز كأجهزة وهيئات تنفيذية بصفتها مؤسسات تترتب على قاعدة نفوذ الدولة وسلطتها، فمن الطبيعي أن تكون هذه المؤسسات مطالبة بحسن تنفيذ إرادة الدولة وتحقيق أهدافها ألإنمائية من خلال الاضطلاع بدورها المرسوم نتيجة التوزيع السليم للنشاطات فيما بينها، ضمن إطار خطط إستراتيجية متكاملة للتنمية.
إن الدولة اليوم من خلال الإدارة العامة لا تزال "تتموقع في قلب فضاءات التنمية ومجالات التطور فهي بالتأكيد نقطة لانطلاق التي يجب أن يمر منها مسلسل التنمية اعتبارا لمكانتها الواعدة في الحياة العامة[8].
وهذا الدور لا يحتاج إلى مزيد من الإيضاح والتأكيد ، بل يكفي أن نورد هنا ما قاله أحد الخبراء الإداريين "إذا كان هناك عامل واحد أساسي لإطلاق قوى النمو الاقتصادي في المجتمعات المختلفة من العالم فإن هذا العامل هو ألإدارة[9].
هذا الدور التنموي للدولة الذي تمثله الإدارة  العامة ، وهو الجهاز التنفيذي للدولة، مازال مستمرا ولم يختف ذلك ، أنه حتى في ظل تخلى الدولة عن تسيير العديد من ألمرافق لصالح القطاع الخاص عن طريق الخوصصة أو طريق التدبير المفوض ، فإن دور الدولة لا يزال حاضرا بقوة "فوظيفة الدولة ستظل طلائعية بالرغم من تخليها عن بعض الأنشطة الاقتصادية[10]، بل أن هذه التدخل للدولة في شتى الميادين يتعاظم يوما بعد يوم لدرجة أنه أصبح حقيقة لا تقبل المعارضة.
هذا الدور الذي تلعبه الإدارة العامة لا يقتصر على دول العالم ألثالث بل أن الدول الغربية أيضا لا تزال الإدارة العامة فيها الجهاز الأكثر تأثيرا في مختلف مجالات ألحياة فبرغم انخراط هذه الدول في نظام ألسوق إلا أن دورها لا يزال جوهريا، فهي التي تسهر على تأطير الحياة ألاقتصادية تنظيم المنافسة، ألاحتكار حماية ألعمال حماية حقوق الوطنية والمستثمرين ألمحليين كما لا يخفى دورها الاجتماعي بل إن دورها في هذا المجال لا يمكن تعويضه: التضامن ألاجتماعي حماية ذوو الدخل ألمحدود تكافؤ الفرص محاربة الفقر...
وقد أكد هذا الدور خبراء الأمم المتحدة في إحدى التقارير الصادر عن الأمم المتحدة بعنوان "دور الإدارة العامة في ألتنمية حيث جاء فيه[11]:
"من المؤكد أنها عندما تفشل الأسواق حتى في البلدان ذات التوجه القوى نحو ألسوق أو عندما تؤدي الأسواق إلى نشوء مناخ غير صحي للعمل يتعين على الإدارة العامة أن تضطلع بدورها في رسم السياسات والتنظيم والتوسط فضلا عن ذلك، فإنه طالما توجد حاجة إلى تحديد مستقبل البلد من خلال عملية التنمية، والموازنة بين القيم المجتمعية السائدة والالتزام بالقيم ألناشئة سوف يكون للدولة وللإدارة دور هام[12].
ولما كانت تعتبر الإدارة بمثابة القطب الروحي في النظام الإنتاجي والاقتصادي لأي مجتمع كيفما كانت درجة تقدمة فإنها بقدر ما تساهم في الدفع بعجلة التقدم نحو الأمام والرفع من درجات النمو حال تقدمها ونطورها بقدر ما تكرس التبعية والتخلف وتدني مستويات العيش حال تعثرها وفشلها.
كما أكد على ذلك وزراء الوظيفة العمومية الأفارقة بطنجة، في أعقاب الانكباب على موضوع التعاون الأفريقي في مجال الوظيفة العمومية والإصلاح ألإداري وبعد استعراض ودراسة مجمل القضايا التي يثيرها تسير المرافق العمومية في أفريقيا وتدبير الموارد ألبشرية والمحيط العام للإدارة "لهذا ألغرض يعتبر المؤتمر بأن أي تنمية اقتصادية واجتماعية مستديمة، ينبغي أن تستند إلى إدارة كفئة وفعالة ومسئوله[13].
لقد أصبح من المؤكد اليوم أن رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي لدولة من الدول رهين بكفاءة وقدرات الإدارات العامة[14]، لأهميتها القصوى في تدبير الشأن العام في خضم التحولات التي ما فتئت تعرفها منظومة ألإنتاج ضمن محيط العولمة في أفق الألفية الثالثة فلسفة وتنظيما وأداءً.
صفوة القول إن الإدارة العامة هي الدعامة الأساسية للتنمية ألشاملة وإذا كان الأمر كذلك فإن هذه الإدارة بدورها في حاجة إلى تنمية أدارية وذلك حتى تكون قادرة عن القيام بدورها التنموي.



[1] - حسين ألدوري "الإعداد والتدريب الإداري – دراسة تحليلية لأهم الأصول العامة في التنمية ألإدارية 1976، ص 2.
[2] - محمد شوقي أحمد شوقي: "الإدارة الحكومية الجديدة"، مكتبة الجامعة ألحديثة الزقازيق، مصر 2007.
[3] - أحمد رشيد: "نظرية الإدارة ألعامة الطبعة ألخامسة دار ألمعارف 1981، ص 420.
[4] - السعدية حساك، مرجع سابق، ص 24.
[5] - عبد الهادي حسين الهمداني، مرجع سابق، ص 65.

[7] - عبد الهادي حسين الهمداني، مرجع سابق، ص 9.
[8] - محمد العمراني أبو خبزة، محاضرة ألقيت عن طلبة كلية الحقوق، شعبة القانون العام، بعنوان "الحكامة الإدارية، للعام الجامعي 2008- 2009.
[9] - حسين الدوري: "الإعداد التدريب – دراسة تحليلية لأهم الأصول العامة في التنمية الإدارية"، مرجع سابق، ص 3.
[10] - محمد يحيا: "إشكالية التنمية الإدارية في المخطط الخامس 2000/2004 (الإدارة الترابية نموذجا) أشغال ندوة القانون الإداري للتنمية والمنظمة بكلية الحقوق منها يومي 16-17 فبراير 2000، منشورات المجلة طنجيس للقانون الاقتصاد، العدد 3، سنة 2003، ص 139.
[11] - وثائق الدورة الخمسين المستأنفة للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك 15- 19 أبريل 1996، منشورات المنظمة العربية للتنمية الإدارية، ندوات ومؤتمرات 1997، ص 83.
[12] - لأنه بات مؤكدا أن لا تنمية بدون دولة (الإدارة) حافزه إدارة ينحصر دورها في توجيه الدفة بدل من التجديف، إدارة تقوي المواطنين عن طريق جعل الرقابة خارج الجهاز ألبيروقراطي يعني في أيدي المجتمع ألمدني إدارة مركزة على قياس النتائج وانخفاض التكاليف والجودة، إدارة موجهة برسالتها وليست موجهة بالقواعد والتعليمات. راجع محمد حركات: "التدبير الاستراتيجي والمنافسة ورهانات الجودة الكلية بالمقاولات ألمغربية مرجع سابق، ص 39.
[13] - ميثاق الوظيفة العمومية بأفريقيا المملكة ألمغربية وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري تصريح طنجة، تصريح ألرباط تصريح ويندهوك، منشورات كافراد،  2001، ص 36.
[14] - أبو السلام السنوسي وآخرون التجربة المغربية في ميدان الإصلاح ألإداري الوزارة المكلفة بالشؤون ألإدارية ألرباط العدد الثالث 1984، ص 86.
تعليقاتكم وانتقاداتكم مهمة

ليست هناك تعليقات