قانونية التجريم والعقاب في المحكمة الجنائية الدولية م . عُلا كريم رحيم الملخص يتناول البحث مبدأ ( قانوني...
قانونية
التجريم والعقاب في المحكمة الجنائية الدولية
م . عُلا كريم رحيم
الملخص
يتناول البحث مبدأ ( قانونية التجريم
والعقاب ) أمام المحكمة الجنائية الدولية وفقاً لنظامها الأساسي ، المعلوم إن
الموضوع سبق التطرق اليه وفقاً للقانون الجنائي الداخلي وتحت مسميات عدة منها مبدأ
الشرعية الجنائي ومبدأ النصية ومبدأ لاجريمة ولا عقوبة إلابنص ومبدأ
القانونية،ويراد التأكد هل إن المحكمة نصت عليه ؟ وإن كانت قد نصت عليه هل طبقته
فعلياً ؟ وهل للمبدأ خصوصية على الصعيد الدولي ؟
المقدمة
يخضع القانون الجنائي لمبدأ القانونية
الجنائي وهو المبدأ الحامي لحرية الإنسان،
إذ يمثل مبدأ ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون ) أو ( قانونية
التجريم والعقاب ) حلقة من حلقات الشرعية الجنائية ، وهو الضامن لوحدة القانون ، وعنصراً من عناصر
المحاكمة العادلة ويحمي الأنسان من خطر التجريم والعقاب ، ويجعل الشخص في مأمن من رجعية القانون
وبعيداً عن خطر القياس في التجريم والعقاب ، ويضع حد فاصل بين إختصاص القاضي
وإختصاص المشرع فما قرر دخوله في إختصاص الأول أخرج من إختصاص الثاني ، فلا يملك
القاضي تجريم مالم يرد نص بتجريمه.
ويعني مبدأ ( قانونية
التجريم ) إن أي فعل أو إمتناع عن فعل لا يعتبر جريمة إلا إذا قرر القانون ذلك .
فالقانون هو المصدر الوحيد لتحديد الجرائم ، أما مبدأ ( قانونية العقاب ) فيعني إن
العقوبات التي تطبق جزاء فعل أو إمتناع عن فعل يجرمهما القانون يحددان بنص القانون
، فلا تفرض على شخص عقوبة إلاوفقاً لما يقرره الشارع سواء في نوع العقوبة أو في
مقدارها.
وإن لهذا المبدأ على الصعيد الدولي ذات الأهمية على الصعيد الوطني أو
الداخلي، سواء في المحكمة الجنائية الدولية أم في المحاكم الدولية السابقة لها.
فالمحكمة الجنائية الدولية إعتبرت قانونية التجريم والعقاب قاعدة من قواعدها
المهمة ونصت عليه في المواد (22 و23) من النظام الأساسي ورتبت عليه جملة من
النتائج ، وكان الأمر قبل إنشائها محل جدل وظهر هناك رأي بأن المبدأ لا يتفق
وأحكام القانون الجنائي الدولي لعدم وجود سلطة تشريعية مركزية أو متن يضم النماذج
التجريمية وعقابها إذ إن ماموجود هو قواعد عرفية وإتفاقيات ومعاهدات ، وبقي هذا
الخلاف لحين إنشاء المحكمة ، ونص نظامها الأساسي على إن إختصاصها محدد بجرائم
معينة محددة وهناك عقوبات أيضاً محددة على سبيل الحصر .
أهمية البحث :
سنحاول من خلال البحث الإجابة على الأسئلة
الاتية :
· هل إن مبدأ قانونية
التجريم والعقاب له الأهمية ذاتها في المحكمة الجنائية الدولية كأهميته في النطاق
الداخلي ؟
· ما أسباب تبني هذا
المبدأ على الصعيد الدولي ؟
· هل هناك إستثناءات
ترد على قانونية التجريم والعقاب ؟
· هل يجوز التوسع في
تجريم النص القانوني أو القياس عليه ؟وما النتائج المترتبة على هذا التوسع ؟
· هل أهدر النظام
الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية هذا المبدأ ؟ وما صور هذا الإهدار؟
إن كل هذه التساؤلات تعكس أهمية تناول هذا المبدأ بالبحث والدراس وهذا ما
دفع نحو إختيار الموضوع .
خطة البحث :
لغرض الإجابة عن الأسئلة
السابقة وغيرها سنقسم البحث وفقاً للخطة الآتية:
المبحث الأول : مفهوم قانونية التجريم والعقاب ، وهو يضم ثلاثة مطالب ،
المطلب الأول : تعريف المبدأ ، المطلب الثاني : تقييم المبدأ ، المطلب الثالث
:خصوصية مبدأ القانونية في القضاء الجنائي الدولي
المبحث الثاني : تطبيق مبدأ التجريم والعقاب في المحكمة الجنائية الدولية
، ويضم ثلاثة مطالب : المطلب الأول : تطبيق مبدأ التجريم في المحكمة الجنائية
الدولية ، المطلب الثاني : تطبيق مبدأ العقاب في المحكمة الجنائية الدولية ،
المطلب الثالث : التطبيق العملي للمبدأ في المحكمة الجنائية الدولية .
ثم ننتهي بخاتمة يحدد فيها أهم ماتم التوصل اليه من نتائج وتوصيات .
المبحث الأول
مفهوم مبدأ قانونية
التجريم والعقاب
حري بنا ونحن نتناول مبدأ
قانونية التجريم والعقاب أن نحدد وبشكل دقيق تعريف المبدأ وخصائصه وتقييمه وخصوصية
المبدأ في القضاء الجنائي الدولي وذلك على النحو الاَتي :
المطلب الأول : تعريف مبدأ قانونية التجريم والعقاب.
المطلب الثاني: تقييم مبدأ قانونية التجريم والعقاب.
المطلب الثالث : خصوصية مبدأ القانونيةفي القضاء الجنائي الدولي .
المطلب
الأول
تعريف
مبدأ قانونية التجريم والعقاب
يُراد بمبدأ القانونية إن
المشَرع وحده الذي يملك زمام تحديد الأفعال المعاقب عليها والمسماة جرائم وتحديد
الجزاءات التي توقع على مرتكبيها والمسماة العقوبات (1)،
وأختلف الفقه الجنائي في التسمية التي تطلق على قانونية التجريم والعقاب أو لا
جريمة ولا عقوبة إلا بنص فمنهم من يسميه مبدأ شرعية التجريم والعقاب ويراد به ( حصر مصادر التجريم والعقاب في نصوص القانون
كتحديد الأفعال التي تعد جرائم وبيان أركانها وتحديد العقوبات المقررة لها سواء من
حيث مقدارها أو نوعها كل ذلك من أختصاص الشارع ) (2) ، وهناك من يطلق
عليه مبدأ المشروعية ويُقصد به ( تعذر فرض أي عقوبة عن أرتكاب أي فعل لم يكن
القانون قد نص على تجريمه مهما كانت جسامته وخطورته )(3) ، وهناك من
يطلق عليه نصية التجريم والعقاب ،
ويلاحظ إن لفظ الشرعية والمشروعية
والقانونية والنصية ذات مضمون واحد وهو إن أي فعل لا يعد جريمة مالم ينص عليه
القانون ، وبهذا يكون الخلاف في التسمية وليس في المضمون (4).
إن مبدأ القانونية هو الضمان
لوحدة القانون ووضوحه بالنسبة للكافة إذ لو تُرك حق التجريم والعقاب للقضاة ، وهم بشر لا يعصمهم عن الهوى إلا نظام يخضعون
له ، لتضاربت الأحكام وتدخلت في مؤاخذة الناس أهواؤهم وأمزجتهم ، كما إنه يحول عن
تعسف السلطات الأخرى كالسلطة التشريعية والتنفيذية (5).
ويعد المبدأ الحامي لمصلحة
الفرد عن طريق تعريفه بما هو محظور عليه إتيانه وماهو جائز له فعله ، وهذا الأمر يحقق الطمأنينة للأفراد ويمنع
المحاكم من توقيع أي عقوبة على الأفراد إلا إذا كان هناك نص يجرم الفعل أو السلوك
الذي صدر عن الفرد ، فضلاً عن حماية المصلحة العامة وذلك من خلال حصر وظيفة
التجريم والعقاب بالمشرع وحده عن طريق التشريعات التي يصدرها لهذه الغاية (6)
، لذا حرصت أغلب الدساتير والقوانين العقابية على النص عليه صراحة (7)
.
ويترتب على ذلك النتائج الآتية
:
1- حصر مصادر التجريم والعقاب في النصوص التشريعية : نتيجة لمبدأ قانونية
الجرائم والعقوبات فإن القاعدة الجنائية تمتاز عن غيرها من قواعد القوانين الأخرى
بإن مصدرها الوحيد هو القانون المكتوب . وعليه فإن المصادر الأخرى مستبعدة في نطاق
القوانين الأخرى كالشريعة الأسلامية أو العرف أو مبادئ القانون الطبيعي (8)
. وعليه :
أولا : لا يسوغ للقاضي عدَ فعل جرماً إلا إذا نص القانون صراحة على ذلك
ومعنى هذا إنه لا يجوز للقاضي أن يستند في الإدانةعلى القواعد الإجتماعية أو
القواعد الأخلاقية أو القواعد الدينية حتى
لو كان الفعل غير مقبول دينياً أو أخلاقياً (9) . ويجب عليه أيضاً أن
يلتزم بجميع عناصر التجريم وشروطه الواردة في النص فلا يستطيع أن يهمل عنصراً أو
شرطاً بحجة إنه قليل الأهمية أو لا أهمية له إطلاقاً أو إن عدم الأخذ به يحقق
العدالة او المصلحة العامة أو مصلحة المتضرر .
ثانياً : لا يسوغ للقاضي الحكم بعقوبة لم ينص القانون عليها ، فالمشرع
عندما يحدد الجريمة دون أن يحدد العقوبة فالقاضي لا يجوز له أن يبتدع عقوبة من
عنده طالما المشرع لم ينص على هذه العقوبة . كما لا يجوز له أن يستبدل بالعقوبة
المنصوص عليها في القانون عقوبة أخرى لم ينص عليها القانون ، كأن يستبدل الحبس
بالسجن أو الغرامة بالحبس كما لا يجوز له أن يخفف العقوبة أو يرفعها إلا ضمن
الحدود التي نص عليها القانون (10).
2- عدم رجعية النص العقابي : هذه القاعدة معروفة في التشريعات الجنائية
الوطنية بقاعدة عدم رجعية القانون العقابي على ماصدر من سلوك جرمي سابق على تأريخ
سريان القانون الجنائي وبهذا تتحقق حالة الضمان لحقوق وحريات الأفراد عندما لا
يتعرض للمقاضاة عن فعل هو في أصله غير مجرم قبل نفاذ القانون ، وتعد قاعدة عدم
الرجعية نتيجة لقاعدة القانونية وذات أثر في القواعد الجنائية الموضوعية فقط، أما
فيما يتعلق بالقواعد الإجرائية الشكلية فإنها ذات أثر رجعي على الماضي (11)
.
3- إلتزام التفسير الكاشف للنصوص : إن الخطة المتبعة بشأن تفسير النصوص
الجنائية قوامها البحث عن إرادة المشرع ، وعليه فإن التفسيرالكاشف المسموح به
للقاضي يجب أن يبقى في الحدود التي لا تصل إلى حد خلق جرائم وعقوبات(12)
. ولايثار أي إشكال عندما يكون النص واضحاً . إذ يسهل على القاضي تفسيره وتطبيقه
على الواقعة المجَرمة ، سواء أكان التفسير
لمصلحة المتهم أم ضده ، فالقاضي بتفسيره النص الجنائي إنما يسعى إلى الكشف عن
إرادة المشرع لا عن مصلحة المتهم ، ولكن النص قد يشوبه لبس يجعل من تفسيره أمراً
صعباً وعندئذ لابد للقاضي من إستعمال شتى أساليب التفسير التي تمكنه من الوصول إلى
قصد المشرع ، فأن توصل إلى ذلك طبق النص
أيضاً ، سواء أكان ذلك في مصلحة المتهم أم ضد مصلحته . ولكن ما القول لو إن غموض
النص جعل أمر تفسيره يبدو مستحيلاً، وأدى تأويله إلى وجوه متعددة متساوية القيمة
في نظر القاضي ، منها ماهو في مصلحة المتهم ومنها ما هو في غير صالحه فبأيها يأخذ
القاضي ؟
يرى بعضهم إن قاعدة الشك يفسر
لمصلحة المتهم يمكن أن تطبق هنا وذلك بإهمال النص المستحيل تفسيره وعدم تطبيقه
ترجيحا لمصلحة المتهم . ويرى أخرون إن هذه القاعدة لا شأن لها بتفسير القوانين ،
فالأمتناع عن تطبيق النص في هذه الحالة ليس تطبيقاً لقاعدة الشك يفسر لمصلحة
المتهم وإنما تطبيقاً لقاعدة أعم وأشمل هي قاعدة القانونية ، إذ يتعارض مبدأ
القانونية مع تطبيق نص غامض يستحيل تفسيره(13) .
4- حظر القياس : يقصد بالقياس إعطاء حكم حالة منصوص عليها لحالة غير
منصوص عليها لتشابه الحالتين في العلة ، تنحصر مهمة القاضي في تطبيق القانون لا
خلق جرائم ، فلا يجوز للقاضي أن يجرم فعلاً لم يرد نص بتجريمه قياساً على فعل ورد
نص بتجريمه بحجة تشابه الفعلين ، أو لإن العقاب في الحالتين يحقق نفس المصلحة
الإجتماعية مما يقتضي تقرير عقوبة الثاني للأول ، لإن في ذلك إعتداء صريحاً على
مبدأ القانونية ، فالجرائم لا يقررها إلا المشرع ، والقاضي لا يملك بذلك قانوناً فإن فعل يكون قد نصب من نفسه مشرعاً
وهو مالايسمح به القانون (14) .
ونتيجة لذلك يقع على عاتق
المشرع والقاضي الواجبات الآتية :
أولاً : الواجبات الملقاة على عاتق المشرع :
1- يجب على المشرع عندما يضع النص التشريعي أن يضعه بصورة واضحة ودقيقة
لا لبس فيه ولا غموض .
2- يجب أن يكون النص محدداً أي يُحدد الفعل ويُحدد العقوبة المقررة لهذا
الفعل بشكل واضح ودقيق حتى لا يجد القاضي في الغموض وعدم التحديد منفذاً لتجريم
ماهو مباح ، كما لو حدد المشرع جريمة دون أن يُحدد العقوبة أو حدد العقوبة دون أن
يبين الفعل المجَرم .
3- يجب أن تصدر هذه النصوص بأثر مباشر أي فوري إي أنَ أحكام هذا النص لا
يسري إلا على مايقع من تأريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها لأن
الأصل للقانون الطبيعي هو إحترام الحقوق المكتسبة .
4- يحب على المشرع أن يحترم قاعدة عدم رجعية القوانين ، وعدم الرجعية
يعني أن نص التجريم لا يسري إلا على الأفعال المرتكبة بعد لحظة نفاذه ومن ثم فهو
يسري على الأفعال المرتكبة قبل هذه اللحظة وتستند هذه القاعدة على نصوص صريحةفي
قانون العقوبات ، فلا تفرض عقوبة ولا تدبير إحترازي من أجل عدة هي جرم لم يكن
القانون قد نص عليه حين إقترافه . وهذه القاعدة هي نتيجة طبيعية لقاعدة قانونية
التجريم والعقاب لإن تطبيق القانون على الوقائع المرتكبة قبل نفاذه قضاء على هذه
القاعدة لإن مبدأ القانونية يضمن حقوق الأفراد وحرياتهم وعليه فإنً إنعدام الأثر
الرجعي يعتبر من الأصول الجوهرية في
النظام القانوني التي يجب على المشرع مراعاتها وبالتالي لا يجوز المخالفة لا بصورة
صريحة ولا ضمنية ، ولكن يوجد إستثناء على هذه القاعدة وهو القانون الأصلح للمتهم ،
ولهذا الأستثناء مايبرره لأن المشرع عندما يلغي عقوبة أو يقرر عقوبة أخف فلأنه وجد
في العقوبة السابقة مالا يتماش مع العدالة ولا يحقق مصلحة الأفراد ومصلحة المجتمع
فيلجأ إلى تخفيفها أو إعفائها لإن المقصود من العقوبة ليس الأنتقام وإنما إصلاح
المجرم .
ثانياً : الواجبات الملقاة على عاتق القاضي :
إن واجبات القاضي تنحصر في
تطبيق القانون وتفسيره والتقيد بمبدأ عدم الرجعية .
· تطبيق القانون :
يجب على القاضي أن يلتزم بتطبيق القانون كما وضعته السلطة التشريعية ويترتب على
ذلك عدة نتائج :
1- لا يجوز للقاضي إعتبار فعل من الأفعال جريمة إلا إذا نص القانون عليه
فهو لا يستطيع أن يعتبر الربا مثلاً جريمة إستناداً إلى الشريعة الإسلامية طالما
إن المشرع لم ينص عليه .
2- لا يجوز للقاضي الحكم بعقوبة
لم ينص عليها القانون .
3- ولا يجوز للقاضي أن يستبدل العقوبة المنصوص عليها في القانون بعقوبة
أخرى لم ينص القانون عليها كأن يستبدل عقوبة الغرامة بالحبس مثلاً .
· تفسير النصوص :
فالقاضي حينما يحاكم المتهم في جرم جزائي ويريد تطبيق نص قانوني عليه ، ثم يجد هذا
النص غامض فيجتهد في تفسيره ضمن حدود الفاظه ومعانيه للوصول إلى إرادة المشرع
الحقيقية أي أنَ التفسير يجب أن يكون مقرراً وكاشفاً دون تضييق أو توسيع (15) .
· عدم رجعية القوانين
: يجب على القاضي أن يلتزم بهذه القاعدة ومن ثمً لا يطبق نص التجريم إلا على
الأفعال المرتكبة بعد صدور هذا النص وقاعدة عدم الرجعية هي نتيجة لقانونية التجريم
والعقاب، لإننا إذا طبقنا النص الجديد على الأفعال المرتكبة قبل صدوره نكون قد
خرقنا مبدأ القانونية وطبقنا القانون الجديد على الفترة الزمنية التي لم يكن فيها(16)
.
من خلال ماسبق يظهر إن مبدأ
القانونية قد أثر وبشكل واضح على دور القاضي سواء في التجريم او العقاب ، أما دوره
في التجريم فانحصر في تكييف الواقعة المرتكبة بأنها جريمة ووصف هذه الجريمة بوصف
قانوني معين ولم يكن له أي دور في إيجاد نصوص التجريم فبقيت هذه الأخيرة من إختصاص
المشرع . وقد أثر مبدأ القانونية أيضاً على سلطة القاضي في تحديد العقاب فظهر أن
القاضي مطبق للنص مع إمكانية أن تكون له سلطة تقديرية تنسجم ومبدأ القانونية إذ
لايستطيع هذا القاضي أن يفرض عقوبة لم يرد بشإنها نص ولا أن يتناول عقوبة بغير
الطريقة المحددة من قبل المشرع .
المطلب الثاني
تقييم
مبدأ قانونية التجريم والعقاب
قد يسأل بعضهم عن فائدة أو قيمة هذا المبدأ ،
على الرغم من أنه عُد من المبادئ الدستورية المهمة في كثير من الدول ، إلا أن جدلا
فقهياً ثار حول تقديره بإعتباره أحد
المبادئ الأساسية جنائياً ، إذ لم يسلم من النقد المتمثل بالآتي :
1- ذهب بعضهم إلى القول إن المبدأ جامد ورجعي ، وقد وصف هذا المبدأ بالجمود
لأنه لا يستطيع مواكبة التطورات والمستجدات التي تطرأ على المجتمع ، بحيث تظهر
أفعال جديدة مخلة بإمن ونظام المجتمع ولم ينص القانون على تجريمها ، ويزداد هذا الأمر صعوبة مع التطور الذي يطرأ على المجتمعات ،إذ تخلف
الحضارة الإنسانية والحياة الإجتماعية المتشابكة أنواعاً مختلفة من أنماط السلوك
البشري سريعة التغيير والتجدد بحيث لا يمكن مواجهته بجمود النصوص وثباتها (17)
.
2- إنه يفرض الجريمة كياناً قانوني متجرداً من شخص المجرم بحيث تحدد
العقوبة في كل جريمة حسب الأضرار المادية المترتبة عليها لا وفق الخطورة الكامنة
في شخص الجاني أي يتعارض مع التفريد العقابي
، لذلك نادى بعضهم بضرورة تقسيم الجرمين بدلاً من تقسيم الجرائم ، فليس
المهم الجريمة كواقعة مادية وإنما المهم هوالمتهم الذي هو محور الدعوى الجنائية (18)
.
3- وذهب آخرون إلى أن هذا المبدأ لا يوفر الحماية الكاملة للأفراد ضد
الأفعال الجديرة في ذاتها بالتجريم كونه قاصراً عن الإحاطة بجميع الأفعال المخلة
بالأمن والإستقرار في المجتمع ، ونزع أي سلطة تقديرية للقاضي في معاقبة العابثين
بالأمن والنظام بحجة عدم وجود نص يُجرم هذا الفعل ، فكثيراً ماتقع من الأفراد
أفعال مخلة بالنظام ومنافية للأخلاق لا تجرمها الكثير من القوانين ، فمن يتناول
الطعام في مكان خاص كالمطاعم والمقاهي ثم يمتنع عن دفع ثمن الطعام ففعله هذا لا
يقل خطورة عن السرقة ومع ذلك فإن الكثير من القوانين لا تنص على تجريمها(19)
.
4- إن المبدأ لا يتفق مع الإتجاهات الدستورية الحديثة في تفويض السلطة
التشريعية، السلطة تنفيذية إختصاص إصدار قرارات لها قوة القانون(20) .
5- قيل إنه لا يمكن لجميع الناس الأطلاع على العقوبات والجرائم المنصوص
عليها في القانون حتى يجتنبوها ، لذا فهو لا يحقق المساواة بين الأفراد في المجتمع
ولا يحقق العدالة (21) .
ونتيجة لهذه الانتقادات فقد تصدى أنصار المبدأ لها وردوا عليها بالآتي :
1- يمكن الرد على من قال إن قاعدة القانونية هي قاعدة جامدة ورجعية
بالآتي :
إن المشكلة ليست من النص القانوني وإنما المشكلة من السلطة التشريعية
التي تشرع القوانين فقد تتقاعس أحياناً عن إصدار القوانين لمواجهة المستجدات إلا
إنه يتم التغلب على هذه المشكلة بوجود سلطة تشريعية يقظة وتزويده بجميع الوسائل
التي تتمكن من خلاله من ملاحقة الصور الإجرامية المستحدثة(22).
2- نجد أن المشرع رجع عن نظام العقوبات المحددة إلى نظام تفريد العقوبة
حيث أعطى القاضي سلطة تقديرية واسعة نوعاً ما في هذا الشأن بحيث حدد في بعض
الجرائم حدين للعقوبة ( حد أدنى – حد أعلى ) وترك للقاضي سلطة إختيار العقوبة
الملائمة ضمن هذين الحدين حسب شخصية المتهم والظروف المحيطة بالجريمة ، كما حدد
لبعض الجرائم عدة عقوبات وترك الحرية للقاضي بإختيار العقوبة المناسبة لشخص كل
مجرم . لكن سلطة القاضي في هذا الشأن ليست مطلقة لإن القانون هو الذي يحدد حدود
الملائمة ويجب على القاضي مراعاة هذه الحدود وبالتالي لا يوجد تعارض بين تفريد
العقاب ومبدأ القانونية (23). ومن المستحسن أن ينوع المشرع العقوبات
والتدابير لكل جريمة وأن يمنح القاضي سلطة تقديرية لكي يختار من بينها مايلائم
شخصية المجرم (24) .
3- يمكن الرد على من يقول إن المبدأ لايستطيع الإحاطة بجميع الأفعال
المخلة بالأمن والأستقرار في المجتمع ، إن المشرع يستطيع أن يستعمل في نصوص
التجريم والعقاب عبارات بحيث يحقق التوازن بين مصلحة المجتمع وحقوق الأفراد فلا
تكون هذه العبارات ضيقة بحيث يطبقها القاضي حرفياً ولا واسعة بحيث يستغل القاضي
هذه النقطة ويجرم أفعال لم ينص عليها القانون وبالتالي إهدار حقوق الأفراد، كما
يمكننا القول بإن الأستقرار القانوني يعلو على حماية المصالح المشتركة، فإذا تبيَن
للمشرع إن فعلاً ما منافي للنظام السياسي أو الأقتصادي أو الأجتماعي بادر إلى
تجريمه بنص(25) .
4- إن هذا المبدأ هو حماية وضمان لحريات وحقوق الأفراد ، إذ يوفر
الطمأنينة للأفراد في مواجهة السلطة العامة . فبدون هذا المبدأ يجد الفرد نفسه تحت
قبضة الدولة لتفاجئه بالتجريم والعقاب . ويرجع أساس هذا المبدأ إلى نظرية العقد
الإجتماعي المفترض بين الفرد والدولة وأحد بنود هذا العقد هو تعهد الدولة بأن تعلن
مسبقاً وبنصوص مكتوبة ماتعتبره جرائم وما تفرضه عليها من عقوبات (26).
5- إن المبدأ يتفق مع الإتجاهات الدستورية الحديثة التي منحت للسلطة
التنفيذية حق التشريع سواء بتفويض من السلطة التشريعية أو مباشرة منها في الظروف
الإستثنائية(27) .
6- إن القول إنه ليس في وسع جميع الأفراد أن يطلعوا على القانون أو أن
يفهموه مردود ، لإن هناك قاعدة قانونية تنص عليها معظم القوانين مفادها إن الجهل
بالقانون لا يعتبر عذراً إلا في حالة القوة القاهرة(28) ، وقرينة هذه
القاعدة هي ضرورة العلم بالقانون حيث يٌفترض علم الجميع به بعد نشره في الجريدة
الرسمية وعليه فإن من خالفها عن جهل يتحمل نتيجة جهله ، كما وتستند هذه القاعدة
الى ضرورة تطبيق القوانين ، لإنه لو أجيزالإحتجاج بالجهل بالقانون العقابي لأصبح
الجهل نافياً للقصد الجرمي وينهدم بذلك الركن المعنوي في الجرائم ، مما يضر
بالمصلحة العامة ويفوت حق الدولة في العقاب (29) .
7- وفوق ذلك فإن المبدأ يرتبط بمبدأين أساسيين من مبادئ الدولة الحديثة
وهما : مبدأ سيادة القانون ومبدأ الفصل بين السلطات ، فالدولة الحديثة على إختلاف
أشكالها تعتبر نفسها دولة قانونية . أي تعترف بالقانون وبسيادته كأحد أهم الدعائم
الدستورية الكبرى في نظام الدولة الديمقراطية ، ومعناه التزام الحاكم والمحكوم بقاعدة
القانون. فإذا كان القانون يطبق على أفراد المجتمع فهو يطبق أيضا على أجهزة الدولة
وهو الحكم بين تصرفات الدولة وتصرفات الأفراد العاديين ، كما يستند حق الدولة في
العقاب إلى القانون بعيداً عن التعسف والطغيان ، ويدعم هذا المبدأ مبدأ الفصل بين
السلطات ، حيث يظهر في المجال العقابي إن المبدأ يقيم حاجزاً بين السلطات الثلاث
للدولة (30) .
على الرغم من الإنتقادات
التي وجهت إلى هذا المبدأ فقد إتفق أغلب الفقهاء على ضرورة بقائه في القوانين
العقابية ، إذ نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الأنسان 1948 في المادة 11 (( كل شخص
متهم بجريمة يعتبر بريء إلى أن يثبت إرتكابه لها قانوناً في محاكمة علنية تكون قد
وفرت له جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه ، ولا يدان أي شخص بجريمة بسبب أي
عمل لم يكن حينه يشكل جرماً بمقتضى القانون الوطني أو الدولي ، كما لا توقع عليه
عقوبة أشد من تلك التي كانت سارية في الوقت الذي أرتكب فيه الفعل الجرمي )) ، كما
نصت عليه الإتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية 1966، إذ نصت المادة 9 على
(( لا يجوز القبض على أحد أو حبسه بشكل تعسفي كما لا يجوز حرمان أحد من حريته
إلاعلى أساس القانون وطبقاً للإجراءات المقررة فيه )) . وورد التأكيد عليه في
العديد من المؤتمرات الدولية ، كمؤتمرجمعية قانون العقوبات الدولية المنعقد في
باريس 1936 والمؤتمر الدولي الرابع للدفاع الأجتماعي ضد الجريمة 1956 وغيرها من
المؤتمرات الدولية(31) .
المطلب
الثالث
خصوصية
مبدأ القانونية في القضاء الجنائي الدولي
لا يمكن القول بأن مبدأ
القانونية يمكن تطبيقه بالشكل السابق في القانون الدولي الجنائي بحكم أن قواعد
القانون الجنائي الدولي ليست مدونة كما هو
الحال في التشريعات الجنائية الداخلية . إذ تجد الجرائم الدولية أصل التجريم في
النصوص الإتفاقية والعرفية وهذا يؤدي بالقاضي الدولي إلى التوسع في حكمه ليس
إعتماداً على النصوص فقط وإنما بالتفسير والقياس ، كما يمكن للقاضي أن يطبق نصاً
إتفاقياً لتجريم تصرف سابق مما يجعله ذا أثر رجعي في السريان ، وإن الرأي الراجح
هو السماح بالتطبيق لإن المهم هو وجود نص يُجرم أ كان سابقاً أم لاحقاً أو غامضاً(32)
إن عدم وجود سلطة تشريعية مركزية في تلك الفترة جعل الباب مفتوحاً للقضاء
للجوء إلى التفسير الواسع والقياس إكمالاً للنواقص ، وهذا خلاف ماموجود في
التشريعات الوطنية التي تفصل بين المجرَم والمباح من الأفعال، وإن الأمر بقى على
هذه الحال إلى أن أنشأت المحكمة الجنائية الدولية .
وسنعرض لما كان موجود فيما
يلي :
المحكمة الجنائية الدولية في نورمبرغ نصت على الأفعال التي تعد جنايات
وتدخل ضمن إختصاصها إلا أنها ذكرتها على
سبيل المثال لا الحصر بحجة منع إفلات أي من رجال الدولة الالمانية من العقاب ،
وهذا يعد خرقاً لمبدأ ( لا جريمة إلا بنص) ، ومن ناحية العقوبات فإن ميثاق المحكمة
لم يعينها تاركاً لها حرية إختيار العقاب الذي تراه عادل وفقاً لوجهة نظرها(33)،
وهذا ما خالف مبدأ ( لا عقوبة إلا بنص ) كما إن لائحة المحكمة لم تضع ضوابطاً
وحدوداً يتقيد بها القضاة عندإنزال العقوبة, أي أن للقاضي السلطة المطلقة في تقدير
العقاب، وهذا ما حصل أيضاً على وفق محكمة طوكيو ولائحتها(34) .
وكان من بين الدفوع التي أثارها محامو
الدفاع هو مخالفة مبدأ القانونية بشقيه المتعلقين بالجرائم والعقوبات ، كما
وأُنتقدت محاكمات نورمبرغ بحجة رجعية نصوص لائحه نورمبورغ إلى ما قبل صدورها. وإن
ذلك مخالفة لمبدأ مقرر لدى الأمم المتحضرة في القوانين الجنائية والتي تمنع سريان
القانون على وقائع سابقة لنفاذها (35). غير أن هذه الإنتقادات تم تجاوزها على
إعتبار أن الأفعال التي تمت محاكمة مجرمي الحرب عنها كانت قد إكتسبت صفتها
الجنائية الدولية من إستقرار العرف الدولي على حضرها ، كما كشفت العديد من
الإتفاقيات عن مضمون هذه القواعد .
أما عن محكمة يوغسلافيا وفق النظام الأساسي الصادر في 1993 فإنها نصت على
الجرائم الخاضعة لإختصاصها في المواد (2،3،4،5) إذ تحاكم كل من أنتهك إنتهاكاً
جسيماً إتفاقيات جينيف 1948 وكذلك إنتهاكات قوانين وأعراف الحرب و جريمة إبادة
الجنس البشري والجرائم المناهضة للإنسانية . أما عن العقوبات فقد نص نظام المحكمة
الأساسي عليها في المادة 24 وقد ذكر العقوبات على سبيل الحصر ،لا المثال ، وهذه العقوبات هي عقوبات سالبة للحرية متمثلة
بالسجن المؤقت والسجن المؤبد وعقوبات مالية متمثلة بمصادرة الأموال المتأتية من
الجرائم التي يدان بها الشخص .أما عن تقدير العقوبة ، أي العوامل التي يأخذ بها
القضاة عند تحديدهم العقوبة المناسبة للشخص المدان فيلاحظ إن الفقرة (ب) من
القاعدة (101) من قواعد الإجراءات لمحكمة يوغسلافيا ذكرت هذه العوامل على سبيل
المثال لا الحصر ليسترشد بها القضاة عند تحديدهم العقوبة ،ومنها : خطورة الجريمة
التي أقترفها الشخص ، والظروف الشخصية وتعاون الشخص مع المدعي العام .وأخذ نظام
محكمة يوغسلافيا بمبدأ رجعية القانون الجنائي وذلك في المادة (1) منه التي نصت
(للمحكمة الدولية سلطة مقاضاة الأشخاص المسؤولين عن الأنتهاكات الجسيمة للقانون
الدولي الإنساني المرتكبة في إقليم يوغسلافيا السابقة منذ 1991 وفقاً لإحكام هذا
النظام الأساسي )
ومحكمة رواندا نصت على الجرائم على سبيل الحصر في المواد (2،3،4) من النظام
الأساسي لسنة1994 ، ونصت على العقوبات
فيها على سبيل الحصر في المادة (23) ويلاحظ على الجرائم والعقوبات ، تشابهها مع
ماجاء في نظام محكمة يوغسلافيا ، كما وأخذ النظام بمبدأ رجعية القانون الجنائي إلى
الماضي في المادة (1) منه عندما نص على ( للمحكمة الدولية سلطة محاكمة الأشخاص
المسؤولين عن الإنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني المرتكبة في في إقليم
رواندا والمواطنين الرواندايين المسؤولين عن إرتكاب هذه الإنتهاكات في أراضي الدول
المجاورة بين "1 كانون الثاني / يناير 1994 و31 كانون الأول / ديسمبر 1994
" وفقاً لإحكام هذا النظام الأساسي ).
ويلاحظ على المحاكم الدولية التي سبقت المحكمة الجنائية الدولية 1998،إنها
خالفت مبدأ القانونية من حيث التوسع في القياس والأخذ بمبدأ الرجعية ، فضلا عن
مخالفة محكمة نورمبرغ وطوكيو جوهر مبدأ القانونية عندما لم تنص على الجرائم
والعقوبات على سبيل الحصر .
أما عن المحكمة الجنائية الدولية فسنتناول موقفها من المبدأ بالتفصيل في
المبحث الاتي.
المبحث الثاني
تطبيق
مبدأ القانونية في المحكمة الجنائية الدولية
نص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على مبدأ القانونية في
المادتين (22 و23) ، وجاء النص على المبدأ بعد عهود طويلة كان فيها مصدر التجريم
والعقاب في القانون الجنائي الدولي ( قاعدة قانونية ) ونقول قاعدة قانونية لإن
مصادر التجريم والعقاب ليست كلها مكتوبة ، إذ
إن أكثرها قواعد عرفية ، أي أن شكل هذا المبدأ ليس كالموجود داخلياً ، ولكن
يوجد بصورة أخرى تتفق وطبيعة القانون الدولي الذي لم تتبلور قواعده لتكون مكتوبة
بالكامل . لذلك يرى بعضهم أن قاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في القانون الداخلي
، تكون صورتها كالآتي في القانون الدولي : لاجريمة ولاعقوبة إلابقاعدة قانونية (36).
لكن هذا الأمر كان قبل إنشاء
المحكمة الجنائية الدولية ، لكن بإنشائها تغير الأمر وأصبح المبدأ واضح ،وهناك
نصوص في النظام الأساسي تحدد كل شيء من جرائم وعقوبات ،ولغرض الإحاطة بالموضوع سنقسم
البحث على ثلاثة مطالب ، المطلب الأول يتناول تطبيق مبدأ قانونية التجريم في
المحكمة الجنائية الدولية ، والمطلب الثاني يتناول تطبيق مبدأ قانونية العقاب في
المحكمة الجنائية الدولية ، أما المطلب الثالث فيتناول التطبيق العملي للمبدأ أمام
المحكمة الجنائية الدولية .
المطلب
الأول
تطبيق
قانونية التجريم في المحكمة الجنائية الدولية
لقد كانت المصادر التي يتم
بموجبها تحديد الجرائم الدولية هي القواعد العرفية والإتفاقيات والمعاهدات ، وبناءاً على ذلك اُعطيت صفة الجريمة الدولية
لبعض الأفعال مثل الإتجار بالرقيق الأبيض والنساء والأطفال والأرهاب وغير ذلك(37)
،لكن الأمر تغير عندما قامت الأمم المتحدة بإنشاء قضاء جنائي دولي متخصص دائم
لمحاكمة المتهمين بإرتكاب جرائم دولية ، المتمثل بالمحكمة الجنائية الدولية في عام
1998 ، التي إعتمد نظامها الأساسي عدة مبادئ من أهمها مبدأ القانونية .
أشارت المادة (22) من النظام
الأساسي إلى مبدأ قانونية التجريم ( لاجريمة إلابنص) حيث جاء في الفقرة (1) من
النظام ( لا يُسال الشخص جنائياً بموجب أحكام هذا النظام الأساسي مالم يشكل السلوك
المعني وقت وقوعه ، جريمة تدخل في إختصاص هذه المحكمة ) فعلى وفق هذه يكون الجاني
غير مسؤول مالم يكن سلوكه الأجرامي يمثل جريمة حسب هذا النظام الأساسي ، وحسب
المادة (5) من النظام الأساسي فإن المحكمة تختص بالجرائم الآتية على سبيل الحصر :
1- جرائم الإبادة الجماعية .2- الجرائم ضد الإنسانية .3- جرائم الحرب .
4- جريمة العدوان .
وفي حالة كون الفعل غير داخل في
إختصاص المحكمة فإنه يبقى مباحاً ، وهذا يشكل ضمانة للمتهم .
أما الفقرة 2 من المادة 22
فنصت على ( يؤول تعريف الجريمة تأويلاً دقيقاً ولا يجوز توسيع نطاقه عن طريق
القياس وفي حالة الغموض يكون التعريف لصالح الشخص محل التحقيق أو المقاضاة أو
الأدانة )
بذلك تم التأكيد على وجوب عدم
تجاوز القاضي في تطبيقه النص التجريمي على الفعل المرتكب ، الحدود الدقيقة
والفاصلة التي وضعها النظام الأساسي بشأن أركان وعناصر الفعل الجرمي ، إذ إن جميع
الجرائم التي ذكرتها المادة (22) بإستثناء جريمة العدوان قد تحددت أوصافها في
المواد (6 ,7,8) من النظام الأساسي تحديداً دقيقاً ، فعلى سبيل المثال حددت المادة
(6) جريمة الإبادة الجماعية ، وتعني أن أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك
جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها إهلاكاً كلياً أو جزئياً : قتل
أفراد الجماعة ، إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة ، إخضاع الجماعة
عمداً لإحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً ، فرض تدابير تستهدف
منع الإنجاب داخل الجماعة ، نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى (38).فإذا
لم يتصف الفعل بأي مما حدد من النماذج في المادة 6 ، لا يمكن للقاضي أن يطبق النص
المذكور ، هذا ولم يُترك للقاضي سلطة تقديرية لوصف الفعل ، كذلك الحال بالنسبة
للجرائم ضد الإنسانية التي لا يتطلب النظام الأساسي ان ترتكب الجريمة أثناء النزاع
المسلح بل يمكن أن ترتكب وقت السلم وبهذا يؤكد النظام الأساسي على مبدأ حماية
السكان من عسف الأنظمة الدكتاتورية والقمعية (39)، ويقصد بها أي فعل من
الأفعال المدرجة في المادة 7 متى ما اُرتكبت في أطار هجوم واسع النطاق أو منهجي
موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم تعد جريمة ضد الأنسانية ،
وعليه يجب أن تتوفر الشروط الآتية في هذه الجرائم :
1- أن تكون هناك سياسة متبعة من الدولة أو من قبل منظمة غير حكومية .
2- أن تكون الجريمة من الجرائم المذكورة والمحصورة في المادة 7 فقرة 1
وتشمل ( القتل ، الإبادة ، الإسترقاق ، إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان ،
السجن أو الحرمان الشديد من الحرية على وجه مخالف للقواعد الأساسية للقانون الدولي
، التعذيب ، الإغتصاب ،الإستبعاد الجنسي أو الإكراه على البغاء أو الحمل القسري أو
التعقيم القسري أو أي شكل من أشكال العنف الجنسي الخطير ، إضطهاد أي جماعة محددة أو
مجموعة من السكان لإسباب سياسية أو عرقية أو دينية أو إثنية أو متعلقة بتحديد نوع
الجنس لإسباب لايجيزها القانون الدولي ، الإختفاء القسري ، الفصل العنصري ،
الأفعال اللاإنسانية التي تسبب المعاناة الشديدة أو أذى خطير يلحق الجسم أو الصحة
العقلية أو البدنية ) .
3- أن ترتكب الجريمة على نطاق واسع أو على أساس منهجي.
أما بخصوص جرائم الحرب فقد
فصلتها المادة 8 من النظام الأساسي وتشمل الجرائم التي تمثل إنتهاكاً لإتفاقيات
جنيف 1949 ، والإنتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات
الدولية المسلحة ، والإنتهاكات الجسيمة للمادة 3 المشتركة بين إتفاقيات جنيف
الأربع 1949 إذا كان النزاع المسلح غير ذي طابع دولي ، والإنتهاكات الخطيرة الأخرى
للقوانين والأعراف السارية على المنازعات المسلحة غير ذات طابع دولي . كل ذلك إذا
اُرتكبت الجرائم في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية إرتكاب واسعة النطاق
لهذه الجرائم (40) .
أما جريمة العدوان فلم يحددها
النظام الأساسي ولم يبين وصفها أو النماذج الإجرامية التي تندرج في ظلها ، وأشارت
الفقرة (2) من المادة (5) (( تمارس المحكمة الأختصاص على جريمة العدوان متى اُعتمد
حكم بهذا الشأن وفقاً للمادتين 121 و 123 يعرف جريمة العدوان وسأضع الشروط التي
بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة ويجب أن يكون هذا الحكم
متسقاً مع الأحكام ذات الصلة من ميثاق الأمم المتحدة )).
وبذلك تكون الجريمة محل إختصاص
المحكمة بعد تعريفها والموافقة عليها من قبل جمعية الدول الأطراف وفقاً للمادة 5
فقرة 2 سالفة الذكر ، أما بالإجماع أو بأصوات أغلبية الثلثين للدول التي قامت
بالتصديق على التعديل بعد عام من إيداع مستندات التصديق (المادة 121 فقرة 5) ، ولن
تصبح جريمة العدوان قابلة للتطبيق على الرغم من ذلك بالنسبة للدول الأطراف التي لم
توافق على التعديل وعلى أية حال إن جريمة العدوان سوف تسري بصورة مستقبلية على وفق
قاعدة قانونية(41).
لقد جرت محاولات عديدة ظهرت
على الصعيد الدولي لتعريف جريمة العدوان منذ عهد عصبة الأمم ،وأستمرت المحاولات
أثناء المداولات الأولى لأنشاء المحكمة الجنائية الدولية وشُكلت لجنة لدراسة
إمكانية وضع مشروع لتأسيس المحكمة ، وكان من بين المعضلات التي تحول دون التأسيس
عدم إتفاق الأطراف على تعريف العدوان، ورغم صدور القرار رقم 3314 قي عام 1974 عن
الجمعية العامة للأمم المتحدة ، والذي عرف العدوان إلا أن المسألة لازالت محل خلاف
حول التعريف(42)
إن التحديد الدقيق للجرائم
وأركانها يجعل المتهم على علم كامل بحدود جريمته ووصف ماهو متهم به ، بحيث يستطيع
أن يواجه شدة الإتهام بما يناسبه من دفاع وإنه غير متهم بما لا أساس له أو سند .
وتشير الفقرة 2 من المادة 22 من النظام الآساسي إلى ضمانة أخرى ، هي عدم
جواز التوسع في تفسير النص التجريمي أو القياس عليه ، على أعتبار أن في ذلك ضرر
بمصلحة المتهم ، فأي توسع في التفسير يؤدي إلى إدخال أفعال في نطاق نص التجريم ،
وعلى العكس من ذلك إن التضييق في التفسير يتسبب بإخراج أفعال من نطاق التجريم وكلا
الأسلوبين محل إنتقاد ، فالتوسع في التفسير يؤدي إلى إدخال البريء إلى ساحة
التجريم ، بينما التضييق فيه يؤدي إلى إخراج المجرم من ساحة التجريم إلى ساحة
البراءة ، وعليه يجب أن يكون تفسير النصوص مقرراً وكاشفاً للقصد الحقيقي لمشرعي
النظام الأساسي (43) . ومع ذلك يفسر الغموض في نصوص النظام الأساسي لمصلحة الشخص محل
التحقيق أو المقاضاة أو الأدانة ، الأمر الذي يؤدي الى أطمئنان الشخص محل المقاضاة
، فأولى ضماناته في حالة غموض النص تأتي بالتفسير لصالحه .
وعليه فإن الفقرة 2 أشارت إلى قاعدتين
، هما حظر القياس في التفسير الخاص بتعريف الجريمة ، والقاعدة الثانية هي أن الشك
يفسر لصالح المتهم .
تجدر الإشارة إلى أن الفقرة 3
من المادة 22 تجيز إستعارة النص التجريمي وتكييف السلوك على أنه فعل إجرامي على وفق
للقانون الدولي أي خارج إطار النظام الأساسي ،عندما نصت على ( لا تؤثر هذه المادة
على تكييف أي سلوك على أنه سلوك إجرامي بموجب القانون الدولي خارج هذا النظام
الأساسي )، وأن هذا الإستثناء يؤدي إلى نتائج خطيرة ، على إعتبار أنه يؤدي إلى
إنتهاك مبدأ قانونية التجريم فيترك مجالا لإدخال نصوصاً تجريمية بحجة أنها كذلك
على وفق القانون الدولي، ولا يستطيع بذلك الفرد أن يعرف المباح والمحظور من
الأفعال، أضف لذلك إنه لا يوجد هناك نصوص تجريمية في القانون الدولي ، إذ إنه
يعتمد على الأعراف والإتفاقيات والمعاهدات الدولية ، ونرى أن من الأفضل أن ترفع
الفقرة الثالثة من المادة 22 لتعارضها مع مبدأ قانونية التجريم ، وأنها سلاح ذو
حدين فهي من جهة ضد المتهم وحقوقه ، ومن جهة أخرى قد تقوي مركز الدفاع ضد القضاء
لخلو القانون الدولي من نص يجرم الأفعال التي توصف بإنها جرائم دولية .
وبما أن مبدأ عدم الرجعية يعد من أهم النتائج المترتبة على مبدأ
القانونية على وفق القواعد العامة للقوانين الجنائية فإنه يعد كذلك على وفق
القانون الدولي ، وجاء النص عليه في المادة 24 من النظام الأساسي فنصت الفقرة 1
على ( لا يسأل الشخص جنائياً بموجب هذا النظام الأساسي عن سلوك سابق لبدأ نفاذ
النظام ) ، وبهذا يكون حكم النص يقتضي سريان أحكام النظام الأساسي على الاشخاص عن
الوقائع التي تنسب اليهم بعد نفاذ هذه الأحكام وبالتالي لا تطبق على الوقائع التي
سبق أن وقعت قبل نفاذها حتى وإن كان هذا السلوك يشكل جريمة على وفق النظام الأساسي
للمحكمة الجنائية الدولية(44).والقول بغير ذلك يؤدي إلى إهدار مبدأ
القانونية ، وذلك لأن الجاني سوف يعاقب بقانون لم يكن معمولاً به وقت إقتراف
جريمته ، الأمر الذي يعني إعمال قواعد النظام الأساسي بأثر رجعي على نحو يخالف
مبدأ قانونية التجريم .
نصت الفقرة2 من المادة 24 على
( في حالة حدوث تغيير في القانون المعمول به في قضية معينة قبل صدور الحكم النهائي
، يطبق القانون الأصلح للشخص محل التحقيق أو المقاضاة أو الادانة ) ، وعلى ذلك فإن
القاعدة العامة هي سريان أحكام النظام الأساسي بأثر فوري ومباشر على الوقائع التي
ترتكب منذ بدء سريان أحكامه، ومع ذلك فإنه متى كان هناك قانون أصلح للمتهم – غير
القانون المطبق – في قضية معينة فإن هذا القانون هو الذي سيطبق دون غيره مع ملاحظة
إن ذلك لا يطبق على نص التجريم إذ إن النظام الأساسي هو المطبق وحده دون غيره بنص
صريح من النظام الأساسي وإن كان النظام أيضاً قد أضاف في الفقرة 3 من المادة 22
سالفة الذكر إمكانية تطبيق وإستعارة نص التجريم من القانون الدولي ، لكن ما
القانون الذي سيطبق على الدعوى المنظورة ويكون أصلح للمتهم ؟
حصرت المادة 21 من النظام
الاساسي القانون الواجب التطبيق بمايلي :
1- في المقام الأول ، هذا النظام الأساسي وأركان الجرائم والقواعد
الإجرائية وقواعد الإثبات الخاصة بالمحكمة .
2- في المقام الثاني ، حيثما يكون ذلك مناسباً ، المعاهدات الواجبة
التطبيق ومبادئ القانون الدولي وقواعده ، بما في ذلك المبادئ المقررة في القانون
الدولي للمنازعات المسلحة .
3- وإلا ، فالمبادئ العامة للقانون التي تستخلصها المحكمة من القوانين
الوطنية للنظم القانونية في العالم ، بما في ذلك القوانين الوطنية للدول التي من
عادتها أن تمارس ولايتها على الجريمة ، شرط أن لا تتعارض هذه المبادئ مع النظام
الأساسي ولا القانون الدولي ولا مع المعايير والقواعد المعترف بها دولياً.
4- وللمحكمة أن تطبق مبادئ وقواعد القانون كما هي مفسرة في قراراتها
السابقة ، أي السوابق القضائية للمحكمة الجنائية الدولية وحدها دون غيرها .
ووفقاً للمادة 21 الخاصة
بالقانون الواجب التطبيق والمادة 22 الخاصة بقانونية الجريمة ، فإنه لا يجوز
اللجوء الى العرف كوسيلة لإسباغ صفة الجريمة على فعل ليس له هذا الوصف وفقاً
للنظام الأساسي ، ذلك لأن قواعد التفسير القانوني السليم تقتضي بإن ( لا إجتهاد مع صراحة النص ) ونصوص النظام ذكرت
صراحة بإن لا جريمة إلا تلك المحددة في النظام الأساسي وبالتالي ليس للعرف دور
بشأن مصادر التجريم ، وحتى العقاب ، لكن دوره يبرز في تفسير وتطبيق القانون
الجنائي الدولي (45).
كما إن سؤالاً آخر يطرح ، هو متى يكون القانون الجديد أصلح للمتهم أمام
المحكمة الجنائية الدولية ؟
ورد الحكم عاماً في المادة 24 فقرة 2 من النظام الأساسي ، بأن يطبق
القانون الأصلح المتهم الذي صدر قبل صدور الحكم على الشخص محل التحقيق أو المقاضاة
أو الأدانة .
وعليه يشترط حتى يطبق القانون الأصلح للمتهم مايلي :
1- أن يصدر النص الجديد قبل أن يصير الحكم نهائياً .
2- أن يكون القانون الجديد أو القاعدة القانونية الجديدة أصلح للمتهم
بإنشائها مركزاً للمتهم أو وضعاً أفضل من القانون الجديد ، كأن تلغي بعض الجرائم
أو بعض العقوبات أو تخفضها أو تقرر وجهاً للإعفاء من المسؤولية الجنائية دون أن
تلغي الجريمة ذاتها .
أما فيما يتعلق بالقواعد
الإجرائية وقواعد الإثبات فإنها تسري على الماضي إستثناءاً أيضاً في حال إعتمادها
بأغلبية ثلثي أعضاء جمعية الدول الأطراف ، حسب ماقررته المادة 51 فقرة 4 من النظام
الأساسي ، التي اُقرت إستثناءاً لما فيه مصلحة المتهم .
المطلب
الثاني
قانونية
العقاب في المحكمة الجنائية الدولية
إن قانونية العقاب لا يقل
أهمية عن قانونية التجريم ، لإنه يؤدي إلى ضمان العدالة للمجتمع الدولي ، ويدفع
عنه الظلم ويمنع تعسف القضاة بفرضهم عقوبات غير منصوص عليها .
نص نظام روما الأساسي في
المادة 23 على قانونية التجريم (( لا
يعاقب أي شخص أدانته المحكمة إلا وفقاً لهذا النظام الأساسي )) ويحمد هذا النص
لحصره مصدر العقاب بالنظام الأساسي فقط .
لكن ما هي العقوبات التي أعتمدها النظام الأساسي ؟
تضمنت المادة (77) من النظام الأساسي على أنواع العقوبات التي يجوز
للمحكمة فرضها على من تثبت إدانته عن إرتكاب جريمة من الجرائم الداخلة في إختصاصها
في المادة (5) منه وهذه العقوبات محددة حصراً وليست على سبيل المثال وهي :
1- العقوبات السالبة للحرية ، وهي على نوعين هما :
أ- السجن المؤقت ، ولا تزيد مدته عن (30) سنة .
ب- السجن المؤبد ( مدى الحياة ) وتفرض هذه العقوبة على من ثبت إرتكابه
جريمة بالغة الخطورة .
2- العقوبات المالية وهي على نوعين ، هما :
أ- الغرامة ، التي يتحدد فرضها بموجب المعايير المنصوص عليها في القواعد
الإجرائية وقواعد الأثبات للمحكمة الجنائية الدولية ، وضمن القاعدة (146) التي
حددت موجبات فرضها بالآتي : 1- القدرة المالية للشخص المدان .
2- الدافع إلى الجريمة هو الكسب المالي للشخص وإلى أي مدى كان أرتكابها
بهذا الدافع .
3- ما ينجم عن الجريمة من ضرر وأصابات ، فضلاً عن المكاسب النسبية التي
تعود على الجاني من إرتكابها . ولا تتجاوز بأي حال من الأحوال ما نسبته 75% من
قيمة ما يمكن تحديده من أصول ، سائلة أو قابلة للتصريف ، وأموال يملكها الشخص
المدان ، بعد خصم مبلغ مناسب يفي بالإحتياجات المالية للشخص المدان ومن يعولهم.
ب- المصادرة ، وتعني مصادرة الأموال المتأتية من الجرائم التي يدان بها
الشخص ولو بصورة غير مباشرة دون المساس بحقوق الأشخاص حسني النية (46)
وينص النظام الأساسي للمحكمة
على إنشاء صندوق إستئمان تحول اليه العائدات من الغرامات المحكوم بها والأصول
والممتلكات المصادرة ، وتصرف لفائدة الضحايا وعائلاتهم وتأذن المحكمة بتحويل المال
وغيره من الأصول إلى الصندوق على أن تحدد الدول الأطراف في نظام المحكمة معايير
إدارته (47).
ومن الملاحظ على العقوبات
التي نص عليها النظام الأساسي :
1- يبدو جلياً إن العقاب طبق نظام روما الأساسي يتجاوز العقوبات السالبة
للحرية ليمتد إلى الذمة المالية للمتهمين ، ويعد هذا إنصافاً للضحايا من جهة ووضع
حد لإستفادة الجناة من عائدات جرائمهم من جهة أخرى ، فضلاً عن إقرار مبدأ أخلاقي
هام وهو عدم حمل المجتمع الدولي على جبر أضرار متصلة بجرائم شديدة الخطورة صادرة
عن أشخاص بصفتهم الفردية ، علماً أن العدد الكبير عادة لضحايا هذه الجرائم قد يجعل
هذا المبدأ الأخلاقي يخضع لإستثناءات تدعو الدول الأعضاء في المحكمة إلى رصد أموال
بصندوقها كفيلة بتغطية التعويضات المحكوم بها لفائدة الضحايا أو أسرهم وهذا في حد
ذاته مبدأ أخلاقي يرتقي لقيم التراضي والتعاطف .
2- قساوة عقوبة السجن المؤقت بحدها الأعلى والبالغة 30 سنة على الرغم من أن
القوانين الجنائية تجعل الحد الأعلى لا يتجاوز 20 سنة ، وإن نظام روما الأساسي
إعتمد بجل مواده على ما تضمنته القوانين الجنائية الوطنية من أحكام ، غير أن
النظام الأساسي قد تدارك قساوة هذه العقوبة عندما نص في المادة 110 منه على ((
تعيد المحكمة النظر في حكم العقوبة لتقرير فيما إذا كان ينبغي تخفيضه وذلك عندما
يكون الشخص قد قضى ثلثي مدة العقوبة ،أو 25 سنة في حال السجن المؤبد ، ويجب الا
تعيد المحكمة النظر في الحكم قبل إنقضاء المدد المذكورة )) وهذا النص يشكل ضمانة
للشخص بالشروط المذكورة ، كذلك فإن السجن المؤبد يفيد سلب حرية المدان مدى الحياة
خلافاً لما معروف في أغلب التشريعات العقابية التي تجعل السجن المؤبد لاتزيد مدته
عند تنفيذه في المؤسسة العقابية عن 20 سنة.
3- أن النظام الأساسي ذكر في المادة 77 فقرة 2 (( بالأضافة للسجن للمحكمة
أن تأمر بالغرامة ....أو المصادرة ....)) والمفهوم من النص أن العقوبة الأصلية هي
السجن وأن العقوبات الأخرى هي تبعية .
4- إن عقوبة الأعدام لم يكن لها ذكر بين العقوبات التي تضمنها النظام
الاساسي ، إذ دار نقاش طويل بخصوصها في مؤتمر روما وظهر هناك رأيان :
رأي أول تبنته الدول الغربية
يدعو إلى رفض عقوبة الأعدام في النظام الأساسي رفضاً مطلقاً ، وحجتهم أن النص
عليها يخالف نصوصاً دستورية في دولهم الغت عقوبة الأعدام ، فضلاً عن وحشية العقوبة
وعدم تدارك الخطأ فيها ، وعدم تحقيق الردع الخاص والعام .
أما الرأي الثاني الذي تبنته
الدول الأسلامية ودول أخرى من العالم محتجة بإنها نصت على تطبيقها على من يرتكب
جريمة فردية في قوانينها الداخلية ، فكيف لا تطبق على من يرتكب جريمة دولية
كالإبادة الجماعية وغيرها ، وأيماناً بما جاء به القران الكريم من قوله تعالى ((
من أجل ذلك كتبنا على بني أسرائيل إنه من
قتل نفساً بغير نفس أو فساداً في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ))(48).
5- نصت المادة 80 من النظام الأساسي وتحت عنوان (عدم المساس بالتطبيق
الوطني للعقوبات والقوانين الوطنية) على (( ليسع
في هذا الباب من النظام الأساسي ما يمنع الدول من توقيع العقوبات المنصوص
عليها في قوانينها الوطنية أو يحول دون تطبيق قوانين الدول التي لا تنص على العقوبات
المحددة في هذا الباب )) ، وبالتالي يمكن أن تطبق عقوبة الإعدام وفقاً لهذا النص
رغم عدم وجودها ضمن النظام الأساسي للمحكمة ، والواضح من هذا النص إن فيه إنتهاك
لمبدأ قانونية العقاب ، إذ من جهة نجد المادة 23 من النظام تشير لعدم معاقبة أي
شخص أدانته المحكمة إلا وفقاً لهذا النظام الأساسي ، على وفق العقوبات المنصوص
عليها في المادة 77 ، ومن جهة أخرى تأتي المادة 80 لتجيز للدول أن تطبق العقوبات
المنصوص عليها في قوانينها الداخلية ، ونرى ضرورة الغاء المادة 80 لمخالفتها مبدأ
قانونية العقاب وعدم تطبيق أي عقوة مالم يكن منصوصاً عليها في النظام الأساسي .
6- على القاضي أن يقَدر العقوبة قبل إنزالها بحق المدان وأن يأخذ
بالحسبان مايلي (49) :
أ- خطورة الجريمة التي يدان بها الشخص من حيث أثرها على المجموعة الدولية
ونتائجها .
ب- مدى الضرر المادي والمعنوي الذي حل بالمجني عليه وأسرته .
ج- الظروف الشخصية للشخص المدان ، والمتمثلة بسنه وحظه من التعليم ،
وحالته الأجتماعية والأقتصادية ودوافع أرتكابه الجريمة .
د- الجهود التي بذلها الشخص
المدان بعد أرتكابه الجريمة ، كتعويض المجني عليه أو تعاونه مع المحكمة .
ه- تحديد عقوبة عن كل جريمة أرتكبها الجاني ثم إصدار الحكم المشترك الذي
يتضمن تحديد المدة الأجمالية للسجن .
و- عدم نزول مدة السجن الأجمالية عن مدة الحد الأقصى لكل جريمة .
ز- عدم تجاوز مدة السجن الأجمالية على مدة 30 سنة أو السجن المؤبد .
7- يلاحظ أن النظام الأساسي لم يأخذ بمبدأ تنفيذ العقوبات بالتداخل وإنما
إعتمد مبدأ التنفيذ المتعاقب المشروط بعدم نزول مجموع الأحكام المتعددة عن الحد
الأقصى لكل جريمة وبعدم زيادة مجموع الأحكام المتعددة على 30 سنة أو السجن المؤبد (50)
.
8- إن هناك ظروفاً مخففة وظروفاً مشددة على المحكمة أن تأخذ بها عند
الأقتضاء ، ومن أمثلة الظروف المخففة قصور القدرة العقلية أو الإكراه ، وإذا كان
الجاني قد بذل جهوداً بعد أرتكابه الجريمة كأن تعاون مع المحكمة أو عوَض المجني
عليه . ومن الظروف المشددة إساءة استعمال السلطة أو الصفة الرسمية أو تعدد المجني
عليهم أو ارتكاب الجريمة بقسوة وغير ذلك (51) . إن المحكمة جعلت ظروف
التشديد بقائمة مفتوحة ، أي أن بإمكان المحكمة تطبيق ظروف تشديد العقوبة على
المتهم، على الرغم من أنها غير منصوص عليها في القواعدالإجرائية ، بينما نظمت
الظروف المخففة بقائمة مغلقة وهذا يمس بضمانة مهمة من ضمانات المتهم ويخل بمبدأ
القانونية .
رغم العيوب الموجودة في بعض نصوص النظام الأساسي
،إلا أنه ممالا شك فيه أن النص على المبدأ يعد ضمانة للمتهم وللمجني عليهم
والعدالة الجنائية بشكل عام .
المطلب
الثالث
التطبيق
العملي للمبدأ أمام المحكمة الجنائية الدولية
مارست المحكمة الجنائية الدولية عملها منذ 2003 وكانت القضايا المعروضة
عليها هي جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا وجمهورية أفريقيا الوسطى ، وقد
أحيلت من قبل الدول نفسها الى المحكمة ، وتعد هذه الدول أطرافاً في نظام روما
الأساسي .
أما الجرائم المرتكبة في دارفور بالسودان فقد أحيلت من مجلس الأمن الدولي
، وكانت ست حالات أخرى عرضت على المحكمة وتخضع لتحليل أولي من جانب مكتب المدعي العام وهي : أفغانستان ،
جورجيا ،كوت يفوار،كولومبيا ، كينيا ، وفلسطين . ولم يتخذ قرار بشأن فتح تحقيق في
هذه القضايا(52) . ومؤخراً عرضت حالة ليبيا بقرار من مجلس الأمن الدولي
، وينتظر أن تُحال حالة سوريا اليها ايضاً.
ومن الأمثلة على الجرائم المعروضة على
المحكمة :
أحيلت إلى المحكمة حالة (
أوغندا) من قبل تلك الدولة الطرف في نظام روما الأساسي في 29 كانون الأول 2004
وفتح المدعي العام تحقيقاً بشأن الحالة في 29 تموز 2004 ، وأصدرت أوامر لإلقاء
القبض في 2005 ضد خمسة أفراد من جيش (الرب ) للمقاومة بتهمة إرتكاب جرائم ضد
الإنسانية وجرائم حرب وهؤلاء هم ( جوزيف كوني – فنسنت أوتي – أوكوت أوديامبو –
راسكالوكويا – دومنيك أونغوين)(53).
كما أحيلت إلى المحكمة
الحالة في السودان من قبل مجلس الأمن الدولي بموجب القرار رقم 1593 في 2005 وفتح
المدعي العام تحقيقاً في الحالة في حزيران 2005 وصدر أمرين بألقاء القبض على (
أحمد هارون ) و ( علي كوشيب ) في 2007 لأرتكاب الأول 20 جريمة ضد الأنسانية و22
جريمة من جرائم الحرب أما الثاني فقد أتهم بإرتكاب 22 جريمة ضد الأنسانية و28
جريمة من جرائم الحرب(54).
هذا وأصدرت الدائرة
التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية أمراً بالقبض على الرئيس ( عمر حسن
البشير ) في 2009 لإرتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ويشتبه بأن (عمر البشير)
مسؤول جنائياً بإعتباره مرتكباً غير مباشر أو شريكاً غير مباشر ، عن تعمد توجيه
هجمات ضد جزء كبير من السكان المدنيين في دارفور بالسودان وعن القتل والإبادة
والإغتصاب والتعذيب والنقل القسري لإعداد كبيرة من السكان المدنيين ونهب ممتلكاتهم
، وهذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها المحكمة الجنائية الدولية أمراً بالقبض على
رئيس دولة حالي ، وأشارت الدائرة التمهيدية الأولى إلى أن منصب البشير كرئيس دولة
لا يعفيه من المسؤولية الجنائية ولا يمنحه حصانة من المقاضاة أمام المحكمة
الجنائية الدولية، والتهم الموجهة ضد البشير هي سبعة ( خمس تهم متعلقة بجرائم ضد
الإنسانية وتهمتان متعلقتان بجرائم الحرب)(55).
وفي كانون الثاني 2009 بدأت
جلسة إستماع لإقرار التهم الموجهة ضد ( جان بيير غومبو) نائب رئيس جمهورية الكونغو
سابقاً ورئيس حركة تحرير الكونغو عن جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي يزعم أنه
إرتكبها في جمهورية أفريقيا الوسطى للفترة
من 2002-2003 ،وأقرت الدائرة التمهيدية الثانية ثلاث تهم بإرتكاب جرائم حرب (قتل
وإغتصاب وسلب ونهب ) وتهمتين بإرتكاب جرائم ضد الأنسانية ( قتل وإغتصاب ) ووجهت
التهم ضد ( غومبو ) بإعتباره قائداً عسكرياً (56) .
هذا وخاطب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مجلس الأمن الدولي حول التقدم المحرز في
تحقيقاته في أحداث العنف في ليبيا ، وقد أعلن المدعي العام إن مكتبه سيقدم طلبات
لأصدار مذكرات إعتقال ضد ثلاثة أشخاص لإرتكابهم جرائم ضد الأنسانية التي أرتكبت في
ليبيا منذ 15 شباط 2011(57) ،وبالفعل صدرت الأوامر بالقبض على كلاً من
الرئيس الليبي معمر القذافي وأبنه سيف الأسلام ورئيس جهاز الأستخبارات عبد الله
السنوسي .
من هذه الأمثلة نلاحظ أن المحكمة قد عملت بمبدأ قانونية التجريم لإنها
تقوم بالتحقيق وإصدار أوامر بالقبض على كل من تجده أرتكب جريمة تدخل بإختصاص المحكمة
المحدد بالمادة 5 من النظام الأساسي ، وأيضا ليس للمحكمة أختصاص على الجرائم
المرتكبة قبل إنشائها (أي ليس لها أثر رجعي ) وهذا أيضاً يتفق مع المبدأ .
أما بالنسبة لمبدأ قانونية العقاب فلم يصدر من المحكمة حكماً لغاية اليوم
لنعرف هل أن المحكمة التزمت بالمبدأ المذكور ؟
الخاتمة
إذا كان موضوع قانونية التجريم والعقاب موضوعاً على قدر كبير من الأهمية
على الصعيد الوطني ، فكيف يكون عليه الحال على الصعيد الدولي ؟ لقد تمكنا من خلال
هذه الدراسة من التوصل إلى جملة من الإستنتاجات والتوصيات هي:
أولاً : الإستنتاجات :
1- إن مبدأ القانونية له أهمية على النطاق الوطني كما له الأهمية ذاتها على
النطاق الدولي ، لكن ليس بالشكل نفسه وإنما بشكل آخر يتفق وطبيعة القانون الدولي
الذي يجد مصدره بالعرف ( قواعد غير مكتوبة ) والإتفاقيات والمعاهدات الدولية ،
لذلك فإن شكلها في القانون الدولي ( لاجريمة ولاعقوبة إلابقاعدة قانونية) ، غير أن
الامر تغير بعد إنشاء المحكمة الجنائية الدولية إذ نصت على المبدأ صراحة في
المادتين 22 و 23 من النظام الأساسي .
2- وجدنا أن هناك إختلافاً في التسمية التي تطلق على المبدأ فبعضهم يسميه
مبدأ القانونية أو الشرعية أو النصية أو المشروعية ووجدنا إنه ليس هناك إختلاف في
مضمون هذه التسميات .
3- يٌحصر مصدر التجريم على النطاق الداخلي بالنصوص التشريعية المكتوبة
فقط وهذا من أهم النتائج المترتبة على مبدأ قانونية التجريم وبالتالي لا يمكن أن
يكون العرف او الشريعة الأسلامية أو مبادئ القانون الطبيعي مصدر للتجريم داخلياً ،
وفي المحكمة الجنائية الدولية إن مصدر التجريم هو النظام الأساسي فقط حسب المادة
22 فقرة 1 ، إلا إن الفقرة 3 أجازت إستعارة نص التجريم من قواعد القانون الدولي
وهذا يشكل إعتداء على مبدأ القانونية ويؤدي إلى إدخال نصوص تجريمية بحجة أنها كذلك
وفقاً للقانون الدولي وبذلك لا يستطيع المتهم أن يعرف المباح أو المحظور من
الأفعال .
4- لا يجوز للقاضي أن يجرم فعل لم ينص عليه القانون ولا يجوز أن يفرض
عقوبة غير منصوص عليها أو يستبدل بعقوبة أخرى لأن ذلك يشكل إعتداء على مبدأ القانونية
.
5- رغم أهمية المبدأ وجدنا أن هناك من ينتقده ويضع حججاً لإنتقاداته
وبالمقابل دافع أنصار المبدأ عنه بشدة ومما يدعم حججهم هو التأكيد على المبدأ في
الإعلان العالمي لحقوق والإتفاقيات
الدولية ، فضلاًعن تأكيد المؤتمرات الدولية عليه ودساتير الدول وقوانينها الداخلية
.
6- وجدنا أن النظام الأساسي حدد أركان وعناصر الجرائم الداخلة في حدود إختصاصه تحديداً دقيقاً بحيث لا يترك
مجالاً للبس أو للشك عند تطبيق هذه النصوص ، ما عدا جريمة العدوان التي لم تحدد
بعد . إن التحديد الدقيق يجعل المتهم على علم كامل بحدود جريمته ووصف ما هو متهم
به بحيث يستطيع أن يواجه شدة الإتهام بما يناسبه من دفاع .
7- في حالة الغموض في النص يفسر هذا الغموض لمصلحة الشخص محل الإتهام أو
التحقيق أو المقاضاة ، أي أن النظام الأساسي أخذ بقاعدة الشك يفسر لمصلحة المتهم .
8- لا يجوز التوسع في تفسير النصوص المتعلقة بالجرائم عن طريق القياس
وفقاً للمادة 22 فقرة 2 من النظام الأساسي ، وإذا كان هناك غموض فإنه يفسر لمصلحة
الشخص محل التحقيق أو المقاضاة أو الإدانة.
9- أخذ نظام روما الأساسي بقاعدة عدم رجعية النص العقابي على الماضي ،
وتبنت المادة 24 ذلك ، فلا يُسأل الأشخاص عن أفعال إرتكبوها قبل نفاذ هذا النظام .
10- إذا كان هناك قانون أصلح للمتهم قبل أن يصدر الحكم النهائي على الشخص
، فهو الذي يطبق ، وقد حصرت المادة 21 من النظام الأساسي القانون الواجب التطبيق
بالنظام الأساسي للمحكمة وأركان الجرائم والقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات في
المقام الأول وفي المقام الثاني المعاهدات ومبادئ القانون الدولي وقواعده ،
والمبادئ العامة للقانون والسوابق القضائية للمحكمة نفسها .
11- يحمد على النظام الأساسي للمحكمة حصره مصدر العقاب بالنظام الأساسي
فقط وفقاً للمادة 23 ، إذ حددت العقوبات في المادة 77 من النظام على سبيل الحصر .
12- هناك نوعان من العقوبات
المنصوص عليها في نظام روما الأساسي هما العقوبات السالبة للحرية والعقوبات
المالية ،و العقوبات السالبة للحرية نوعان هما السجن المؤقت والسجن المؤبد ، أما
العقوبات المالية هي الغرامة والمصادرة .
13- وجدنا قساوة عقوبة السجن المؤقت الذي لا تزيد مدته عن 30 سنة في حين أن
القوانين العقابية للدول تجعل الحد الاعلى لا يزيد عن 20 سنة ، كذلك فإن السجن المؤبد يكون في نظام روما
لمدى الحياة في حين يكون في القوانين الداخلية لايتجاوز 25 سنة ، غير أن نظام روما التفت لذلك فنص في المادة 110 منه
إلى إعادة النظر في العقوبة إذا قضى الشخص ثلثي مدة العقوبة في حالة السجن المؤقت
أو 25 سنة في حالة السجن المؤبد .
14- إن العقوبات المالية ذات أهمية كبيرة وذلك لإنصاف الضحايا ووضع حد
لإستفادة الجناة من جرائمهم ، ولكي لا يتحمل المجتمع الدولي جبر أضرار الضحايا ،
وإن كان هناك إستثناء يجعل الدول تلتزم برصد أموال بصندوقها لتغطية التعويضات لإن
الضحايا في أغلب الأحيان يكون عددهم كبيراً .
15- إن عقوبة الأعدام ليس لها وجود ضمن العقوبات التي إعتمدها النظام
الأساسي .
16- نرى أن قانونية العقاب قد إنتهك كما أنتهك قانونية الجريم في نظام
المحكمة ، وذلك لوجود نص المادة 80 الذي أجاز للدول أن توقع العقوبات المنصوص
عليها في قوانينها الداخلية بعيداً عن العقوبات المنصوص عليها في النظام الأساسي .
17- على القاضي أن يقدر العقوبة حسب جسامة الجريمة وأثرها على المجتمع
الدولي ، ومدى الضرر المادي والمعنوي الذي حل بالمجني عليه وظروف الجاني الشخصية
وجهوده المبذولة بعد إرتكابه الجريمة ،ومعنى ذلك أن النظام الأساسي أخذ بتفريد
العقوبة .
18- إن المحكمة جعلت ظروف التخفيف على سبيل الحصر أما ظروف التشديد ففي
قائمة مفتوحة ، وبالتالي يمكن أن يشدد العقاب على الجاني دون أن يعلم بإن هناك ظرفاً
مشدداً وهذا يمس بضمانات المتهم وقانونية العقاب .
19- رغم العيوب الموجودة في بعض نصوص النظام الأساسي
،إلا إنه ممالا شك فيه أن النص على المبدأ يعد ضمانة للمتهم وللمجني عليهم والعدالة
الجنائية بشكل عام .
20- نلاحظ أن المحكمة قد عملت
بمبدأ قانونية التجريم لإنها تقوم بالتحقيق وإصدار أوامر بالقبض على كل من تجده
أرتكب جريمة تدخل بإختصاص المحكمة المحدد بالمادة 5 من النظام الأساسي ، وأيضا ليس
للمحكمة أختصاص على الجرائم المرتكبة قبل إنشائها (أي ليس لها أثر رجعي ) وهذا
أيضاً يتفق مع المبدأ .
أما بالنسبة لمبدأ قانونية العقاب فلم يصدر من المحكمة حكم لغاية اليوم
لنعرف هل أن المحكمة التزمت بالمبدأ المذكور ؟
21- كان نظام روما الأساسي أفضل من الأنظمة الأساسية واللوائح السابقة
عليه خصوصاً لائحة محكمة نورمبرغ ولائحة محكمة طوكيو والنظام الأساسي لمحكمة
يوغسلافيا والنظام الاساسي لمحكمة رواندا ، فيما يتعلق بإقرار مبدأ القانونية
والنتائج المترتبة عليه مما ضاعف من ضمانات المتهم أمام المحكمة.
ثانيا: المقترحات :
1- نرى ضرورة إلغاء الفقرة 3 من المادة 22 لإنتهاكها مبدأ قانونية
التجريم ، لإنها تجيز إستعارة النص التجريمي من القانون الدولي وعدم إعتمادها على
النصوص التجريمية في النظام الأساسي فقط .
2- نرى ضرورة الغاء المادة 88 من النظام الأساسي لإنتهاكها مبدأ قانونية
العقاب لإنها تجيز للدول الأعضاء أن تطبق العقوبات المنصوص عليها في قوانينها
الداخلية بعيداً عن العقوبات التي نص عليها النظام الأساسي .
3- نرى ضرورة جعل الظروف المشددة للعقاب على وفق نظام روما الأساسي على
سبيل الحصر لإن العكس يؤدي إلى إنتهاك مبدأ قانونية العقاب .
الهوامش
1- د. علي حسين الخلف ، د. سلطان الشاوي ، المبادئ العامة في قانون
العقوبات ، وزارة التعليم العالي ، بغداد ، 1982 ، ص 30 .
2- د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات القسم العام ، النظرية
العامة للجريمة والنظرية العامة للعقوبات والتدابير الإحترازية ، دار النهضة
العربية ، القاهرة ، ط6، 1989 ، ص 70-71 .
3- عبد يحيى محمد الشاطبي ،مبدأ شرعية التجريم والعقاب – دراسة مقارنة-،
رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة بابل ، 2001 ، ص8 .
4- د. علي عبد القادر القهوجي ، قانون العقوبات ، القسم العام ،الدار
الجامعية ، بلا سنة طبع ، ص41 ، وقد أطلق قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 تسمية قانونية التجريم والعقاب ،
ضمن الفصل الأول من الباب الأول في المادة (1) ، أما المشرع اليمني فقد أستعمل لفظ
الشرعية في المادة (2) من الباب الأول من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم الجمهوري
رقم 21 لسنة 1994 .وإن كان هناك رأي يقول بوجود فرق في هذه المصطلحات ، للمزيد من
التاصيل ، إنظر : د. منذر الشاوي ، القانون الدستوري ، ج1، مطبعة شفيق ، بغداد ،
1967 ، ص 66 ومابعدها.
5- د. محمد سليم العوا ، مبدأ الشرعية في القانون الجنائي المقارن ،
المجلة العربية للدفاع الأجتماعي ، عدد 7 ، 1978 ، ص 77-78.
6- محسن ناجي ، الأحكام العامة في قانون العقوبات ، مطبعة العاني، ط1،
بغداد ،1974 ، ص21. د. عبد الرحمن توفيق أحمد ، محاضرات في الأحكام العامة لقانون
العقوبات ، ج1، ط1 ، دار وائل للطباعة والنشر ، 2006 ، ص98 .
7- من الدساتير التي نصت صراحة على المبدأ ، الدستور العراقي 2005 في
المادة 19 فقرة 2 وجاء فيها ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ، ولا عقوبة إلا على
الفعل الذي يعده القانون وقت إقترافه جريمة ، ولا يجوز تطبيق عقوبة أشد من العقوبة
النافذة وقت إرتكاب الجريمة) . والدستور المصري 1971 في المادة 66 والدستور السوري
1973 في المادة 29 ودستور اليمن 1994 في المادة 46 ،ومن القوانين العقابية ، قانون
العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 في المادة الأولى وقانون العقوبات الليبي في
المادة الأولى أيضاً، وقانون العقوبات اليمني في المادة الثانية .
8- د. محمد صبحي نجم ، قانون العقوبات القسم العام ، ط3 ، دار الثقافة
للنشر والتوزيع ، عمان ، الأردن ، 1996 ، ص39.
9- د. عبد الرحمن توفيق أحمد ، مرجع سابق ، ص 96 .
10- د. محمد زكي أبو عامر ، قانون العقوبات اللبناني ، الدار الجامعية
للطباعة والنشر ، بيروت ، 1981 ، ص 30 .
11- د. مأمون محمد سلامة ، الإجراءات ا لجنائية في التشريع الليبي ، ج1 ،
ط1، بيروت ، 1971 ، ص27 . والدكتور محمود
محمود مصطفى ، قانون العقوبات القسم العام ط10 ، مطبعة جامعة القاهرة ، 1983 ، ص
95 .
12- د. علي حسين الخلف ود. سلطان الشاوي ، مرجع سابق ، ص42 .
13- د. أحمد فتحي سرور ، الشرعية والإجرائية ، دار النهضة العربية ،
القاهرة ، 1977، ص 143-145 .
14- معاذ جاسم العسافي ، ضمانات المتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية ،
رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة بابل ، 2001 ، ص 46-47 .
15- د. ضاري خليل محمود ، المبادئ الجنائية العامة في النظام الأساسي
للمحكمة الجنائية الدولية ، بحث منشور في مجلة دراسات قانونية ، العدد2 ، بغداد ،
1999 ، ص7.
16 – د.محمود نجيب حسني ، دروس في القانون الجنائي الدولي ، دار النهضة
العربية ، القاهرة ، 1960 ، ص71 .
17- د. عبد الله سليمان ، شرح قانون العقوبات الجنائي ، ج1 ، دار
المطبوعات الجامعية ، 2005 ، ص 82 و عبده يحيى محمد الشاطبي ، مرجع سابق ، ص 17-18 .
18- د. عبد الله سليمان ، مرجع سابق ، ص 82 .
19- د. حميد السعدي ، شرح قانون العقوبات الجديد ، ج1، مطبعة المعارف ،
بغداد ، 1970، ص 16-17 والدكتور محمد زكي أبو عامر ، مرجع سابق ، ص31.
20- د. محمد سليم العوا ، مرجع سابق ، ص95.
21 – د. غالب الداوودي ، مذكرات في مبادئ قانون العقوبات القسم العام،
دار الطباعة الحديثة ، البصرة ، 1965-1966 ، ص27-28 .
22- د. محمد سليم العوا ، مرجع سابق ، ص91.
23- د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات القسم العام ، النظرية
العامة للجريمة والنظرية العامة للعقوبات والتدابير الإحترازية، مرجع سابق ، ص 74
.
24- تتفق كل التشريعات الجنائية
على تحديد حد أعلى وحد أدنى لعقوبات بعض الجرائم ويترك للقاضي سلطة تقديرية في
تحديد العقوبة بين هذين الحدين ، الأمر نفسه إتبعته المحكمة الجنائية الدولية
وحددت العقوبات ضمن المادة 77 ثم ترك للقاضي سلطة تقديرية في تقدير العقوبة وفق
المادة 78 والقاعدة 145 من القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات .
25- د. عبد الفتاح بيومي حجازي ، المحكمة الجنائية الدولية ، دراسة
متخصصة في القانون الجنائي الدولي ، دار الكتب القانونية ، 2007 ، ص 23-25.
26- عبده يحيى محمد الشاطبي ، مرجع سابق ، ص19.
27- معاذ جاسم العسافي ، مرجع سابق ،ص 48-49.
28- تنص المادة 73 فقرة 1 من قانون العقوبات العراقي (( ليس لإحد أن يحتج
بجهله بأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر مالم يكن قد تعذر علمه بالقانون الذي
يعاقب على الجريمة بسبب قوة قاهرة)) وتستند هذه القاعدة إلى قرينة قوامها ضرورة
العلم بالقانون حيث أن العلم مفترض ، هذا الأمرلا يمكن الأعتماد عليه على الصعيد
الدولي لعدم وجود قواعد قانونية تجرم الأفعال بين قانون مكتوب ، رغم ظهور المحكمة
الجنائية الدولية ونظامها الأساسي الذي حدد الجرائم الأكثر خطورة على الصعيد
الدولي إلا أن هناك الكثير من الدول التي لم تنظم الى نظامها الأساسي وبذلك لا
يوجد الزام تجاهها بشأن هذا النظام الأساسي وما يحويه من نصوص تجريمية ، فضلاًعن
ذلك أن هناك الكثير من الأفعال التي لم يجرمها النظام الأساسي وبذلك العلم غير
مفترض فيها .
29- محسن ناجي ، مرجع سابق ، ص166-167.
30- أحمد جويد ، الدولة الدستورية وسلطة القضاء ، بحث منشور في مركز
الأمام الشيرازي للدراسات والبحوث ، إنظر الموقع على شبكة الأنترنت:www.shrsc.com
31- د. غالب الداوودي ، مرجع سابق ، ص 33-ة34،ود. محمد سليم العوا ، مرجع
سابق ، ص9.
32- د. عباس هاشم الساعدي ، جرائم الأفراد في القانون الدولي ، رسالة
ماجستير ، كلية القانون ، جامعة بغداد ، 1976 ، ص53-61.
33- المادة 6 من لائحة محكمة نورمبرغ.
34-المادة 27 من لائحة محكمة نورمبرغ والمواد 5 و16 من لائحة محكة طوكيو.
35- د.حسين الشيخ محمد طه الباليساني ، القضاء الدولي الجنائي ، مطبعة
الثقافة ، اربيل ، 2004 ، ص191.
36- د. عبد الفتاح بيومي حجازي ، مرجع سابق ، ص 29 .
37- معاذ جاسم العسافي ، مرجع سابق ، ص 50 .
38- المادة 6 من النظام الأساسي .
39- د. محمد يوسف علوان ، التكامل بين القضائين الدولي والداخلي ، بحث
منشورفي مجلة الميزان (العدد الخاص عن الندوة العربية الدولية حول المحكمة
الجنائية الدولية ، عمان ، 2000 ، ص 24.
40-أنظر تفصيل المادة 8 من النظام الأساسي ود. محمود شريف بسيوني المحكمة
الجنائية الدولية نشأتها ونظامها الأساسي ، مطابع روز اليوسف الجديدة ، 2001 ،
ص158-159.
41- المادة 22 فقرة 1 من النظام الأساسي .
42- نص القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة على (المادة
الأولى : العدوان هو أستعمال القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد سيادة دولة أخرى أو
سلامتها الأقليمية أو أستقلالها السياسي، أو بأية صورة أخرى تتنافى مع ميثاق الامم
المتحدة ، وفقا لنص هذا التعريف . المادة الثانية :المبادأة بأستعمال القوة من قبل
دولة ما خرقا للميثاق تشكل بينة كافية مبدئيا على إرتكابها عملا عدوانياً وان
لمجلس الامن طبقا للميثاق أن يخلص إلى أنه ليس هناك ما يبرر الحكم بأن عملاً
عدوانياً قد أرتكب وذلك في ضوء ملابسات أخرى وثيقة الصلة بالحالة ، بما في ذلك أن
تكون التصرفات محل البحث أو نتائجها ليست ذات خطورة كافية ).
43- د. ضاري خليل محمود ، مرجع سابق ، ص7.
44- المرجع السابق نفسه .
45- د. عبد الفتاح بيومي حجازي ، مرجع سابق، ص 65-66.
46- المادة 77 من النظام الاساسي.
47- المادة 79 من النظام الاساسي .
48- آية 32 من سورة المائدة.
49- المادة 78 من النظام الاساسي القاعدة 145 من القواعد الاجرامية
وقواعد الإثبات للمحكمة الجنائية الدولية.
50-د.عبد الستار الكبيسي،العقوبات دراسة في نظام روما الأساسي للمحكمة
الجنائية الدولية،بحث منشور في مجلة دراسات قانونية،عدد1،مطبعة الحكمة
بغداد،2000،ص90
51-القاعدة145 من القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات للمحكمة الجنائية
الدولية.
52- تقرير المحكمة الجنائية الدولية المقدم إلى الامم المتحدة ، الجمعية
العامة ، الدورة 64 ، البند 77 ، رقم الوثيقة A/64/ 356 في سبتمبر 2009،ص1-2.
53- تقرير المحكمة الجنائية الدولية المقدم الى الامم المتحدة ، الجمعية
العامة ،الدورة 62 ، البند 72 ، رقم الوثيقة A/62/314في 31 August
/ِ/2007،ص9.
54- المصدر السابق نفسه ، 10.
55- ICC.CPI.20090304-PR394-ARP،
لاهاي ، 4 اذار 2009 ص1-2.
56- تقرير المحكمة الجنائية الدولية المقدم الى الامم المتحدة ، الجمعية
العامة ، الدورة 64 ، مرجع سابق ، ص9.
57- نشرة تحالف المحكمة الجنائية الدولية ، عدد 20 في 3/ 4 / 2011.
المصادر
أولاً : الكتب :
بعد القران الكريم
1- د. أحمد فتحي سرور ، الشرعية والإجرائية ، دار النهضة العربية ،
القاهرة ، 1977.
2- د.حسين الشيخ محمد طه الباليساني ، القضاء الدولي الجنائي ، مطبعة
الثقافة ، اربيل ،2004.
3- د. حميد السعدي ، شرح قانون العقوبات الجديد ، ج1 ، مطبعة المعارف ،
بغداد ، 1970.
4- د. حميد السعدي ، مقدمة في دراسة القانون الدولي الجنائي ، ط1 ، مطبعة
المعارف ، بغداد ، 1971.
5- د. عبد الرحمن توفيق أحمد ، محاضرات في الأحكام العامة لقانون
العقوبات ، ج1،ط1، دار وائل للطباعة والنشر ، 2006.
6- د. عبد الفتاح بيومي حجازي ، المحكمة الجنائية الدولية ، دراسة متخصصة
في القانون الجنائي الدولي ، دار الكتب القانونية ,2007.
7- د. عبد الله سليمان ، شرح قانون العقوبات الجنائي ، ج1 ، دار
المطبوعات الجامعية ،2005.
8- د. علي عبد القادر القهوجي ، قانون العقوبات ، القسم العام ،الدار
الجامعية ، بلا سنة طبع.
9- د. علي حسين الخلف ، د. سلطان الشاوي ، المبادئ العامة في قانون
العقوبات ، وزارة التعليم العالي ، بغداد ، 1982.
10- – د. غالب الداوودي ، مذكرات في مبادئ قانون العقوبات القسم العام،
دار الطباعة الحديثة ، البصرة ، 1965-1966 .
11- د. مأمون محمد سلامة ، الإجراءات ا لجنائية في التشريع الليبي ، ج1 ،
ط1، بيروت ،1971.
12- محسن ناجي ، الأحكام العامة في قانون العقوبات ، مطبعة العاني، ط1،
بغداد ,1974.
13- د. محمد زكي أبو عامر ، قانون العقوبات اللبناني ، الدار الجامعية
للطباعة والنشر ، بيروت ، 1981.
14- د. محمد شريف بسيوني المحكمة الجنائية الدولية نشأتها ونظامها
الأساسي ، مطابع روز اليوسف الجديدة ،2001.
15- د. محمد صبحي نجم ، قانون العقوبات القسم العام ، ط3 ، دار الثقافة للنشر
والتوزيع ، عمان ، الأردن ،1996.
16- محمود محمود مصطفى ، قانون العقوبات القسم العام ط10 ، مطبعة جامعة
القاهرة ، 1983.
17- د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات القسم العام ، النظرية
العامة للجريمة والنظرية العامة للعقوبات والتدابير الإحترازية ، دار النهضة
العربية ، القاهرة ، ط6، 1998.
18- د.محمود نجيب حسني ، دروس في القانون الجنائي الدولي ، دار النهضة
العربية ، القاهرة ، 1960.
19- د. منذر الشاوي ، القانون الدستوري ، ج1، مطبعة شفيق ، بغداد ، 1967.
ثانياً: الرسائل الجامعية :
1- عبد يحيى محمد الشاطبي ،مبدأ شرعية التجريم والعقاب – دراسة مقارنة-،
رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة بابل ، 2001 .
2-معاذ جاسم العسافي ، ضمانات المتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية ،
رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة بابل ، 2001.
ثالثاً: البحوث العلمية:
1- أحمد جويد ، الدولة الدستورية وسلطة القضاء ، بحث منشور في مركز
الأمام الشيرازي للدراسات والبحوث ، إنظر الموقع على شبكة الأنترنت:www.shrsc.com.
2- د. ضاري خليل محمود ، المبادئ الجنائية العامة في النظام الأساسي
للمحكمة الجنائية الدولية ، بحث منشور في مجلة دراسات قانونية ، العدد2 ، بغداد ،
1999.
3- د.عبد الستار الكبيسي،العقوبات دراسة في نظام روما الأساسي للمحكمة
الجنائية الدولية،بحث منشور في مجلة دراسات قانونية،عدد1،مطبعة الحكمة بغداد،2000.
4- د. محمد سليم العوا ، مبدأ الشرعية في القانون الجنائي المقارن ،
المجلة العربية للدفاع الأجتماعي ، عدد 7 ، 1978 .
5- د. محمد يوسف علوان ، التكامل بين القضائين الدولي والداخلي ، بحث
منشورفي مجلة الميزان (العدد الخاص عن الندوة العربية الدولية حول المحكمة
الجنائية الدولية ، عمان ، 2000.
رابعاً : القوانين :
1- دستور جمهورية العراق 2005.
2- الدستور المصري 1971.
3- الدستور السوري 1973.
4- قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969.
5- قانون العقوبات اليمني 1994.
6- قانون العقوبات الليبي .
7- نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998.
8- القواعد الإجرائية وقواعد الإثباتللمحكمة الجنائية الدولية .
9- النظام الأساسي لمحكمة يوغسلافيا 1993.
10- النظام الأساسي لمحكمة رواندا 1994.
ليست هناك تعليقات