Header Ads

اشكالية الاستقلال المالي للجماعات الترابية "تمويل مشاريع طنجة الكبرى نموذجا"

اشكالية الاستقلال المالي للجماعات الترابية "تمويل مشاريع طنجة الكبرى نموذجا"

-       بنخالي عبد العزيز"باحث في السياسات العمومية"





مما لاشك فيه ان من نتائج خيار اللامركزية واللاتركيز الاداري بالمغرب تعدد مستويات التخطيط بين ماهو قطاعي وما هو ترابي مما يعقد مسالة التنمية،في ظل ضعف اليات الالتقائية والانسجام وضعف السلوك الحكماتي في المبادرة الفردية والجماعية ،اذن وفي ظل سياق وطني يشهد اطلاق مجموعة من المبادرات الوطنية الكبرى من قبيل القطب المالي للعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء،مشروع طنجة
الكبرى،مشروع مراكش الحاضرة المتجددة ...تثار مسالة مهمة وهي اشكالية الاستقلال المالي للجماعات الترابية الذي يعرف بانه قدرة الجماعة على ممارسة اختصاصاتها بشكل فعلي"الدكتور رشيد المساوي"ووجبت الاشارة بان الاستقلال المالي يعتبر جوهر اللامركزية الادارية وقد تواترت الدساتير المغربية على الاعتراف به خاصة الفصل 100 من دستور 1996 والفصل 135 من دستور 2011 لكن عمليا يتم المساس به لانه في حاجة الى ضمانات دستورية ومؤسساتية تفرض احترامه على الاقل كما هو معمول به في الانظمة المقارنة(فرنسا مثلا) التي تنص على ضرورة احترام الاستقلال المالي للجماعات الترابية كلما كان مهددا من طرف سياسة وطنية قد تدخلها في تكاليف مالية تفوق طاقتها وامكانياتها ، فتحديد مساهمة اي جماعة ترابية في السياسات العمومية الوطنية يجب ان يكون على الاقل محل مناقشة في مجلس النواب ومجلس المستشارين لمعرفة وضعها المالي(هنا نقف على مقتضى مهم في دستور 2011 ينص على ان الجماعات الترابية تساهم في اعداد السياسات العمومية من طرف ممثليها في مجلس المستشارين 'الفصل 137"بمعنى ان ممثلي الجماعات الترابية قد يناقشون قدرة التمويل من عدمه في اطار ربط المسؤولية بالمحاسبة فمن المعلوم ان هناك اختصاصات لكل مستوى وجب احترامها في اطار من الاندماجية والانسجام.
انطلاقا مما سبق يتبن ان القصور الموجود في المقتضى الدستورى المنظم للاستقلال المالي للجماعات الترابية وجب تداركه على الاقل في القوانين التنظيمية المنتظرة من خلال تنصيصها على مقتضيات تلزم السياسات الوطنية بضرورة استشارة الجماعات الترابية في اي تكليف قد يمس استقلالها المالي وهذا التكليف يجب ان يكون محل مناقشة في البرلمان مع العلم ان هناك ممثلين لهذه الجماعات في مجلس المستشارين،حتى لانزيد من تازيم وضعها المالي في ظل قلة الموارد بسب التقسيم الجهوى الحالى الذي يساهم في تفاقم التفاوت الجهوي،اضف الى ذلك سوء التدبير وفي احيان كثيرة النصب على المال العام.
في حالتنا اي تمويل مشاريع طنجة الكبرى نطرح علامة استفهام  حول مستوى الحوار والتشارك الذي سبق اعداد هذا المشروع(المجتمع المدني لايتوفر على ادنى فكرة على المشاريع المبرمجة ولايتوفر على ادنى فكرة على وثيقة التنمية المحلية اي المخطط الجماعي للتنمية) والذي من الناحية النظرية يعتبر ذو اهمية قصوى باعتباره يحقق الانسجام والتكامل بين السياسات القطاعية في ظل تجربة اللاتركيز الاداري والتي تعرف مشاكل لاتحصى بسبب عدم منح التدبير الفعلي للمصالح الخارجية للوزرات وفي ظل غياب مخاطب رئيسي لتحقيق التنسيق بين تعدد المتدخلين بخصوص التدبير المحلي والتنمية المحلية
فالمتتبع لجلسات الجماعات الترابية بمدينة طنجة يلاحظ هيمنة مشاريع طنجة الكبرى على اغلب نقط جدول الاعمال،مقابل نسيان مشاريع وبرامج المخطط الجماعي للتنمية والتي يجب تنزيلها على ارض الواقع حتى لانساهم في تفاقم الوضع الكارثي لاغلب احياء المدينة والتي تعبر عن كائن مخيف(مسنانة،بئر الشفا،بن ديبان،العوامة،مغوغة،والائحة طويلة.
والمخيف اكثر هو ان التدبير المحلي يفتخر بانه رفع من سقف التمويل في مشاريع طنجة الكبرى باكثر من 40 % والتكلفة برمجة عدة عقارات لعرضها على المزاد العلني للبيع بسبب العجز في تمويل تدخلات قطاعية لم تقدر فيها وضعيتا المالية الحقيقية وهو مايعتبر مساسا خطيرا بالاستقلال المالي للجماعات الترابية،فالامر الطبيعي هو ان تستثمر الجماعة في اغناء رصيدها العقاري حتى تتحكم في النمو العمراني الذي فرض علينا حاضرا مخيفا(الامن الاجتماعي والامن البيئي)وحتى نتجنب المضاربات العقارية وماسي نزع الملكية في وضعها الحالي.
فاذا كانت الجماعات الترابية تدين للمكتب الوطني للكهرباء بثلاثة ملايير درهم في اطار نسبتها في تمويل البرنامج الوطني لكهربة العالم القروي فالساكنة المحلية ستدفع ثمن نقص البنيات التحتية الاجتماعية والثقافية والبيئية.تحويل جل التمويل الى مشاريع طنجة الكبرى رغم رمزيتها واهميتها المستقبلية،لانها بكل بساطة لن تحقق مشاريع القرب ومشاريع السلم المدني(اغلب الاحياء لاتتوفر على فضاءات للتواصل والتربية من قبيل الملاعب الرياضية والمنتزهات والفضاءات السوسيوتقافية والكل يعلم ان ابناءنا مهددون بالانحراف والادمان بسبب الفراغ الفضيع لاليات التربية والمواطنة)
خلاصة القول ان مشاريع طنجة الكبرى افتقدت في اعدادها للتشاور والحوار والاخبار وانها لم تراعي قدرة التدبير المحلي على التمويل وهو مايتضح في قرارات الجماعة الحضرية ومجلس المدينة السالفة الذكر ببيع املاك عقارية لو تم استغلالها بشكل مباشرلشكلت مصدر مستدام للتمويل عوض هذا الاجراء الريعي الذي لايخلو من اشارات سلبية،وانه لمن نتائج هذه الاجراءات ان تنبهنا مرة اخرى الى اشكالية الاستقلال المالي للجماعات الترابية وقدرتها على تطبيق اختصاصاتها على ارض الواقع،لا ان تكون ضحية اي سياسة عمومية تحدد نسبتها بشكل انفرادي يضرب عرض الحائط شخصيتها المعنوية واستقلالها الاداري والمالي،مما يجعل السؤال قائما حول امكانية فرض احترام هذا الاستقلال  في القوانين التنظيمية المنتظرة الخاصة بالجماعات الترابية والتي ستعطي معنى لخيار اللامركزية والجهوية المتقدمة من خلال التصيص على مقتضيات تجعل اي مساس بالاستقلال المالي محل مشاورة ونقاش مع جماعة او جماعات ترابية سواء من خلال ممثلين لها في الحكومة او من خلال ممثليها في مجلس المستشارين،لانه وبكل بساطة فهناك اختصاصات ذاتية واختصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة حسب مبدأ التفريع(الفصل 140 من دستور 2011) فأولا يجب تعريف الاستقلال المالي وليس الاعتراف به فقط وثانيا يجب ضمانه من خلال اليات قانونية ومؤسساتية.





ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.