يعتبر المغرب إحدى الدول التي راهنت منذ السنوات الأولى من الاستقلال على الخيار اللا مركزي باعتباره الأسلوب الأكثر نجاعة، وذلك من خلال فسح ا...
يعتبر المغرب
إحدى الدول التي راهنت منذ السنوات الأولى من الاستقلال على الخيار اللا مركزي
باعتباره الأسلوب الأكثر نجاعة، وذلك من خلال فسح المجال لوحدات ترابية لا مركزية
لتضطلع بمسؤولية تدبير الشؤون المحلية، بكل أبعادها إلى جانب السلطة المركزية .[1]
وفي هذا الصدد،
وحرصا منه على حماية المال العام المحلي من التبذير وسوء الاستعمال، أولى المشرع
المغربي منذ فجر الاستقلال أهمية خاصة لتقنية التدقيق والرقابة على هذا المال، حيث
بادر إلى تغيير مجموعة من القوانين التي تحكم المالية العامة[2].
في نفس السياق تم إخضاع الجماعات المحلية
وهيئاتها لعدة أنواع من الرقابة والتدقيق تتعدد بتعدد الأجهزة الممارسة لها.[3]
من هنا فإن
التفكير في ضرورة إسناد هذه الرقابة إلى جهاز محايد، وبالتالي منحها للقضاء
باعتباره الهيئة الوحيدة، التي تقدم كل الضمانات المطلوبة لحماية حقوق وحريات
الأفراد والجماعات.[4]
هكذا نص دستور1996بمقتضى
الفصل الثامن والتسعون على إحداث مجالس جهوية، يعهد إليها ممارسة الرقابة العليا
على حسابات وتسيير الجماعات المحلية والهيئات التابعة لها، محيلا على القانون الجديد
تحديد اختصاصات هذه المجالس وطريقة عملها، وتطبيقا للمقتضيات الدستورية
، صدر القانون رقم 99-62 بسن مدونة للمحاكم المالية بتاريخ يونيو 2002. [5]الذي
شكل نقلة نوعية لنظام الرقابة ببلادنا، وذلك من خلال اقتراح مفاهيم جديدة ضمن رؤية
مستقبلية ذات بعد شمولي لآليات المراقبة، من شأنها أن تجعل مختلف مكونات المنظومة
الرقابية الوطنية وحدة متكاملة ومتناسقة.
وبالرجوع إلى
القانون رقم 99 -62 المتعلق بمدونة
المحاكم المالية. (المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات)، نلاحظ أنه
خصص الكتاب الثاني منه للمجالس الجهوية للحسابات ( المواد من 116 إلى 164) بحيث تناول في الباب الأول
الاختصاصات والتنظيم. فيما تناول في الباب الثاني الاختصاصات والمساطر. وقد خصص
الباب الثالث لمقتضيات عامة ومختلفة.
وللإحاطة
بالإطار العام لتدخل المجالس الجهوية
للحسابات ارتأينا الوقوف أولا على أسباب ودواعي إحداث المجالس الجهوية للحسابات في
علاقتها بالجماعات المحلية (المبحث الأول) على أن نتطرق في خطوة ثانية إلى مختلف
المقتضيات القانونية المتعلقة بتنظيم وتسيير هذه المجالس (المبحث الثاني).
[1] - عرف
المغرب أول تجربة لامركزية سنة 1960 بمقتضى ظهير
23 يونيو 1960 يهم التنظيم
الجماعي، بعد ذلك صدر ظهير 30 شتنبر 1976
الذي يشكل انطلاقة حقيقية لسياسة اللامركزية، هذا الأخير عرف بدوره تغييرا بمقتضى ظهير 13
أكتوبر 2002 المتعلق بالميثاق الجماعي الذي سيعرف آخر تعديل له سنة 2009.بموجب
قانون17-08.
[2] - في
هذا الإطار يمكن ذكر قانون المحاسبة العمومية لسنة 1958 ثم 1967. ثم إحداث مجموعة
من أجهزة الرقابة أهمها: اللجنة الوطنية
للحسابات 1960، والمفتشية العامة للمالية، ومراقبة الالتزام بالنفقات
1969 و 1976.
[3] -
بالنسبة للرقابة الممارسة على الجماعات المحلية يمكن ذكر مراقبة صحة الالتزام
بالنفقة مراقبة سلطة الوصاية، مراقبة المفتشية العامة للمالية.
[4] - إبرار (عائشة): "المجالس الجهوية
للحسابات، دراسة مقارنة"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في
القانون العام"، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، كلية الحقوق، الدار البيضاء،
السنة الجامعية 1998 /1999، ص68 .
[5] - الظهير الشريف رقم : 124 – 02 – 1 صادر في
فاتح ربيع الآخر 1423 (13 يونيو 2002)
بتنفيذ القانون رقم 99 – 62 المتعلق
بمدونة المحاكم المالية.
ليست هناك تعليقات