خاتمة القسم الأول حول الغش الضريبي
خاتمة القسم الأول :
لقد تبين لنا
في نهاية هذا القسم أن ظاهرة الغش الضريبي لا تخص الدول السائرة في طريق النمو فقط،
بل هي عالمية حيث تطال حتى الدول المتقدمة، ونظرا لعالمية هذه الظاهرة فقد اختلف
الفقهاء في تحديد مفهومها بالنظر إلى الأنواع الكثيرة والمتشابهة لها والتي تلتقي
معها في مراتب عدة، وهذا التداخل يرجع إلى تعدد الأسباب والعوامل التي تختلف
باختلاف السياق التاريخي والنمط الاقتصادي لكل بلد، الشيء الذي ينعكس على تعدد
أشكال وصور الغش الضريبي، كما أن لهذه الظاهرة آثار خطيرة على موارد الدولة وعلى
مبدأ العدالة الضريبية واختلال المساواة الجبائية مما أدى إلى ضعف القواعد الدستورية خصوصا الفصل 17. من هذا المنطلق ظهرت
الحاجة إلى ضرورة التصدي لهذه الظاهرة السلبية بكثير من الحزم خصوصا عند ما يتعلق
الأمر بمليارات الدراهم التي تفوق على خزينة الدولة، إلا أن الملاحظ هو أن بموقف
المشرع المغربي من هذه الظاهرة يذهب الحال به إلى تأكيد عدم جديته بالقضاء على هذه
الوضعية، خاصة إذا ألقينا نظرة على الجزاءات الجنائية والتي تتسم بنوع من
المحدودية فالسماح الذي أبداه المشرع المغربي تجاه المخالفين لم يساعد على الحد أو
التقليل من هذه الآفة، ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه بشدة هنا هو ما جدوى التنصيص
على تجريم الغش الضريبي في الوقت الذي يتم التعامل فيه بتسامح كبير مع الغاشين!! إلى متى سيظل المشرع غافلا عن هذا
الموضوع في الوقت كذلك يؤدي فيه الغش الضريبي إلى نزيف في خزينة الدولة والمساس
لتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي ينشدها المغرب.
وعليه،
فالضرورة أصبحت ملحة الآن أكثر من وقت مضى لمحاربة هذه الظاهرة، ولن يتأتى هذا
المسعى والمطلب إلا بتحسين وتلطيف علاقة الإدارة الجبائية بالمكلف طالما أن هذا
الأخير عبره وبواسطته تتحقق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، إذ كان ملتزما بتأدية
التزاماته الجبائية، وهذا ما سنحاول معالجته بشيء من التفصيل خلال القسم الموالي.
خاتمة الفصل الثاني :
يتبين لنا من
خلال هذا الفصل أن ظاهرة الغش الضريبي في المغرب تكتسي خطورة كبيرة لأنه يترتب
عنها انعكاسات وخيمة ومتعددة الأبعاد، فهو يضر بمصلحة الدولة، كما يضر بمصلحة
الأفراد بل وبمصلحة الاقتصاد الوطني ككل، حيث يؤدي إلى حرمان خزينة الدولة من
موارد مالية مهمة كانت لتكون فيها، وعدم تحقيق التنمية الاقتصادية التي ينشدها
المغرب، كما يؤدي إلى خرق مبدأ دستوريا وهو المساواة أمام الأعباء العامة مما يخلق
نوعا من اللامساواة الاجتماعية، من هذا المنطلق كان منطقيا أن يسعى المغرب كغيره
من الدول إلى محاربة هذه الظاهرة بتوقع عقوبات مالية وحبسية على المتهربين عبر
تنصيصه ذلك في القانون المالي المزدوج لسنة 97/96 بعد فشل التجربة الأولى لقانون
الإطار 1984.
التعليقات على الموضوع