جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية - طنجة رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام المعمق: تخص...
جامعة عبد المالك السعدي
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية - طنجة
رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام المعمق: تخصص القانون والعلوم الإدارية للتنمية
في موضوع:
الممتـلكـات الجمـاعية ورهـان التنمية المحلية
السنة
الجامعية:2009-2010
الممتـلكـات الجمـاعية ورهـان التنمية المحلية
إعـداد الطالب الباحث: إشــراف الأســتـاذ:
عـبد السـلام الطــالــبي الدكتور محمد العمراني
بوخبزة
أعضاء لجنة المناقشة:
§
الدكتور محمد
العمراني بوخبزة مشرفا ورئيسا
§
الدكتور إدريس
جردان عضوا
§
الدكتور عبد السلام
لزرق عضوا
المــقــــدمـــــة:
تكتسي الديمقراطية المحلية، بلورة الحريات العامة، و إشراك المواطنين في
تدبير الشؤون المحلية، وقد عمل المغرب على وضع اللبنات الأولى لأسلوب اللامركزية
ابتداءا من 1976 إثر صدور أول قانون منظم للجماعات المحلية، الذي سجل تطورا ملموسا
فيما يتعلق بالجانب القانوني والموارد المالية والبشرية.
و على مدى أزيد من 30 عاما، ومن خلال مراحل متعددة، وسعيا على تعزيز استقلالية
الهيآت المنتخبة، في سبيل جعل اللامركزية رافعة حقيقية للتنمية، شكلت اللامركزية
التي تمثل خيارا لا رجعة فيه وورشا يحظى بالأولوية، موضوع عدد من الإصلاحات تتوخى
تمكين المواطنين من أن تكون لهم إدارة قريبة وفعالة تستجيب لحاجياتهم وتطلعاتهم.
من هنا تمثل الإدارة الجماعية الأداة الأساسية التي تعتمد عليها الهيآت
المنتخبة في تسيير أمور الجماعة، ورعاية شؤون مواطنيها، وهي بهذه الصفة تعتبر محرك
فعلي لنشاطات السلطات المنتخبة والمنفذ لاختياراتها وبرامجها التنموية على الصعيد
الجماعي.
ولكي تضطلع الإدارة الجماعية بهذا الدور الطلائعي، فهي تحتاج حتما إلى
مجموعة من الامتيازات والوسائل المادية والبشرية التي بدونها لن تستطيع الوفاء
بالأغراض والأهداف المنوطة بها.
وإذا كنا نسلم بأهمية الموارد البشرية والمادية في الحياة الجماعية، وما
تلعبه من أدوار في سبيل إنجاح عملها على النطاق الجماعي، فإنه مع ذلك لا يمكن أن
ننكر الأهمية القصوى التي تحتلها الأملاك الجماعية في دائرة النشاط الجماعي،
فبواسطة ممتلكات الجماعة تستطيع هذه الأخيرة أن توفر الخدمات الضرورية، كما تستطيع
إنجاز المرافق الأساسية وتحقيق المشاريع الضرورية التي تنبني عليها أفاق كل تنمية جماعية
منشودة، كما تمثل الأملاك العقارية والمنقولة ثروة مادية واجتماعية كبيرة للجماعات
المحلية وهياَتها.
ومن تم فإنه كلما زاد حجمها وتنوعت أصنافها كلما شكلت أداة مهمة وفعالة
لتحقيق التنمية المحلية الشاملة.
والمنطق يقتضي أن تطور الأملاك
التابعة للجماعة المحلية وهياَتها كما وكيفا، بالشكل الذي يتناسب ومتطلبات الساكنة
المحلية، وتعاظم دور الهيئات اللامركزية في حقل التنمية الاقتصادية والاجتماعية،
لأن كل جماعة يجب أن تساهم في توفير الأوعية العقارية الضرورية من أراضي وبنيات
وغيرها لتوظيفها في مواجهات ظروف المستقبل[1].
وتنقسم الأملاك الجماعية إلى قسمين: الأملاك العامة والأملاك الخاصة، ويقصد
بالأملاك العامة كل الأملاك المخصصة لإشباع الحاجات العامة، ولا يجوز إخضاعها لأحكام
القانون الخاص، بل يتعين إخضاعها لقواعد استثنائية بهدف حمايتها والمحافظة عليها،
بحيث لا يجوز التصرف فيها ولا الحجز عليها ولا اكتسابها بالتقادم، وذلك أن إخضاع هذه
الأملاك لقواعد المعاملات المدنية من شأنه أن يؤدي إلى إنفراد الخواص لتملكها،
وبالتالي إنفرادهم بالانتفاع منها وهو ما يؤدي حتما إلى الإضرار بالمنفعة العامة،
التي قد خصصت لفائدتها.
في حين يقصد بالأملاك الخاصة كل الأملاك التي يمكن للجماعات المحلية أن
تتصرف فيها بمثل التصرفات التي يجريها الأفراد على ملكياتهم الخاصة سواء بسواء،
بحيث يكون في وسعها أن تخضع هذه الأملاك إلى كل العمليات المعروفة في التعامل
المدني، كالبيع والشراء والمبادلة والكراء والتي غالبا ما تهدف من ورائها جلب
أرباح وإرادات لمواجهة تحملاتها وأعبائها[2].
وتحتل الأملاك سواء كانت عمومية أو خصوصية مركزا متقدما من حيث أهميتها
بالنسبة للجماعات المحلية وذلك لسببين رئيسيين: فهي من جهة أولى تعتبر أحد أهم
مصادر الدخل بالنسبة للجماعات المحلية، والتي تشكل إلى جانب الضرائب والرسوم
المحلية ما يعرف بالموارد الذاتية، التي بمقارنتها مع الموارد الخارجية (وهي أساسا
إعانة الدولة وقروض صندوق التجهيز الجماعي).
يظهر لنا مدى قياس نسبة الاستقلال
المالي لدى تلك الجماعات، وبالتالي بقياس هامش حريتها واستقلالها عن الدولة في
تدبير وإدارة الشؤون المحلية، ومن جهة ثانية تعد هذه الأملاك أحد المرتكزات
الأساسية التي تعتمد عليها الجماعات المحلية لتوفير الكثير من الخدمات الضرورية
للمنتفعين.
ولكي تحقق الجماعات المحلية هدفها وهو التنمية المحلية، ولكي ترقى أيضا إلى
مستوى يؤهلها لشراكة الدولة والقطاع الخاص، وهي في حاجة لتكريس قضيتها الاقتصادية والاجتماعية،
هذا التكريس لن يتأتى بالقانون وحده ولا بالمساعدات ولا بالقروض ولكن بتطوير
مواردها الذاتية وتسخيرها لتحقيق المصالح التنموية للساكنة المحلية.
ولا تخرج مسألة تدبير الأملاك الجماعية عن الإطار الذي يؤطر جميع مجالات
تدبير الشأن العام من حيث المرجعية القانونية لها، فالنصوص القانونية المنظمة
للأملاك العامة الجماعية لم تظهر في المغرب إلا مع عهد الحماية الفرنسية حيث صدر
ظهير فاتح يوليوز 1914 المتعلق بأملاك الدولة، ثم ظهير 19 أكتوبر 1921 المتعلق
بأملاك البلدية وكذلك ظهير 28 يوليوز 1954 الذي ينظم ممتلكات الجماعات القروية.
وعليه فإن جميع القوانين الضابطة لهذه المجالات ترجع إلى عهد الحماية ثم
تطورت بعد ذلك إبان مرحلة ما بعد الاستقلال ومازال العمل جاريا بها إلى يومنا هذا
بحيث لم تواكب التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها المجتمع
المغربي بصفة عامة.[3]
أهمية الموضوع:
إن اختيارنا لدراسة موضوع " الممتلكات الجماعية ورهان التنمية المحلية
" دون غيره من المواضيع، كانت دوافع ذاتية وأخرى موضوعية.
فالدوافع الذاتية ترجع إلى الرغبة
الخاصة لتعميق الدراسة والبحث في موضوع الممتلكات الجماعية خصوصا أننا لم ندرسها
كمادة مستقلة في سنوات الإجازة والماستر، فدفعنا ذلك إلى اغتنام هذه الفرصة لاختيارنا
مجال الأملاك الجماعية كموضوع لهذه الرسالة، وإذا كنا نلاحظ في السنين الأخيرة
إنجاز بعض الدراسات والبحوث حول الشؤون المتعلقة بالجماعات المحلية، فإننا نسجل مع
ذلك قلة الدراسات التي تعنى بموضوع الممتلكات الجماعية، وعلى هذا الأساس فإننا
نأمل أن تكون هذه الدراسة تكملة لدراسات أخرى أكثر تعمقا، يجد فيها المهتمون
بالأملاك الجماعية وفي مقدمتهم المنتخبين الجماعيين والباحثين والمواطنين ما
يسعفهم على إدراك جميع الجوانب المتعلقة بها.
أما عن الدوافع الموضوعية فهي كثيرة ، ولعلى أبرزها الأهمية التي تحتلها
الأملاك العامة في تحقيق التنمية المحلية، والمساهمة في استقلال مالية الجماعات
المحلية.
وبالنظر إلى المكانة البارزة التي
يحتلها الملك العام ضمن موضوعات القانون الإداري، و كذلك لكون هذا الموضوع يتصدر اهتمامات
الرأي العام المحلي والوطني.
كما تتجلى أهمية هذا البحث في كونه يحاول لفت الانتباه إلى موضوع ظل منسيا
منذ فترة طويلة، ولم يحظى بالاهتمام المطلوب الذي يتناسب مع حجمه والقيمة التي
يمتلكها في حياة الجماعات المحلية، ومن تم فدراستنا تأتي كمحاولة لتحريك عزائم
المسؤولين عن القطاع الجماعي بغية إصلاح ما يمكن إصلاحه في هذا المضمار.
ونظرا للدور الهام الذي تلعبه الأملاك الجماعية سواء كوسيلة لتوفير الخدمات
والمرافق الضرورية للمواطنين، أو كمصدر هام من مصادر تمويل الميزانية المحلية، فإن
النقاش حول تنظيمها، وطرق إدارتها واستغلالها - إن كان طرح في المدة الأخيرة
بإلحاح- يتعين أن لا يتوقف عند بعض التغيرات البسيطة بل يجب البحث عن
الإستراتيجيات الكفيلة بالرفع من حجم هذه الممتلكات، وهو ما ستحاول دراستنا
المتواضعة أن تسهم فيه قدر الإمكان.
وتستهدف دراسة هذا الموضوع بالأساس، تحليل نظامها القانوني، وما يكتنف هذا
النظام من عيوب وما يطرحه من مشاكل، كما تستهدف إبراز الطرق والأساليب المتبعة في
تسييرها، وكيفيات استعمالها واستغلالها، وكذا توضيح المعوقات والاختلالات التي
تعتري تدبيرها في الواقع العملي، وأيضا دور الأجهزة القانونية والإدارية في
تدبيرها، وبالتالي تقديم بعض الاقتراحات والحلول العملية التي قد نعتبرها كفيلة،
بأن تسهم في تبسيط المسطرة المتبعة في إدارتها، وتساعد على الرفع من مردوديتها،
لكي تصبح مصدرا هاما من مصادر الموارد الذاتية للجماعات المحلية، التي أصبحت هذه
الأخيرة في حاجة إليها في الوقت الحاضر للقيام بأدوارها التنموية.
صعوبات البحث:
لقد صادفتنا أثناء إنجاز هذا البحث مجموعة من الصعوبات، وخاصة فيما يتعلق
بالمراجع التي تهتم بهذا الجانب، ألا وهي الممتلكات الجماعية، نجد قلة التراكم
الأكاديمي، والكتب التي تناولت بالبحث والتحليل، الشق التدبيري للممتلكات
الجماعية، بحيث أن أغلب الدراسات انصبت حول الجانب القانوني، وما يطرحه من مشاكل
وصعوبات دون الخوض في السبل الكفيلة لمعالجة بعض الاختلالات التي تعرفها هذه
الأملاك.
كما صادفتنا أيضا شساعة هذا الموضوع من خلال المجالات المتعددة التي
يشملها، والمنظومة القانونية التي تؤطرها وتداخل الاختصاصات بين عدة مؤسسات للدولة
والجماعات المحلية.
منهج البحث:
لكي تكون دراستنا مستوفية وشاملة، ارتأينا أن نعتمد على منهج فرضته طبيعة
الموضوع ذاته، بحيث وظفنا المنهج القانوني، وذلك من خلال استقرائنا وتعاملنا مع
مختلف النصوص القانونية المنظمة للأملاك الجماعية، اعتبارا للأهمية التي يتضمنها
في نظرنا ولتأثيره الواسع على كيفيات تدبيرها واستغلالها، مستعينين أيضا بالمنهج
الوظيفي، لإبراز وظيفة الممتلكات الجماعية في تطوير وتنمية الموارد الذاتية
للجماعات المحلية، هذا فضلا عن استخدامنا أيضا للمنهج التحليلي في جوانب عدة من
هذه الدراسة.
إشكالية البحث:
يعتبر موضوع الممتلكات الجماعية ورهان التنمية المحلية من المواضيع
الشائكة، والتي يصعب الإحاطة بكل جوانبها، كما أنها تطرح العديد من الإشكاليات،
وقد حاولنا في هذه الدراسة التركيز على الشق التنموي لهذه الممتلكات وعلى أساس ذلك
يمكن صياغة الإشكالية الرئيسية للموضوع كالتالي:
إلى أي حد ساهمت الجماعات المحلية في عقلنة تدبير ممتلكاتها الجماعية
بالشكل الذي يساهم في تنمية مواردها الذاتية وبالتالي تحقيق التنمية؟
وقد تفرعت عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات:
-
ما المقصود بتدبير الممتلكات الجماعية؟
-
ما هي الأساليب المعتمدة في استغلال الأملاك الجماعية؟
-
كيف تستطيع الجماعات المحلية تحديد الممتلكات الجماعية؟ وكيف يتم استغلال
الملك العام الجماعي؟
-
هل خضعت النصوص المنظمة للأملاك العامة المحلية إلى تحيين وتحديث من طرف المشرع
أم ظلت جامدة؟
-
هل يمكن تجاوز محدودية تدبير الممتلكات الجماعية اعتمادا على البعد
التشاركي في تدبير هذه الأخيرة؟
-
ما هي الآليات والوسائل التي يمكن للإدارة الجماعية الاعتماد عليها للتدبير
المعقلن للممتلكات الجماعية؟
-
ما هي أبرز المعيقات التي تقف حجر عثرة أمام تطوير مداخيل الملك العام المحلي؟
التصميم:
لقد تناولنا هذا الموضوع في إطار منهجي يراعي ويقدم
الإشكالية المحورية التي سبق لنا طرحها، وذلك بتقسيمه إلى فصلين:
الفصل الأول:
تطور الملك الجماعي بالمغرب
الفصل الثاني:
دور المجالس الجماعية في تدبير الممتلكات الجماعية كأداة لتحقيق التنمية
المحلية.
[1] - محمد بونبات ومحمد مومن : تدبير الأملاك الجماعية وتنمية
الرصيد العقاري للجماعات المحلية، أعمال اليوم الدراسي الذي نظمه مركز الدراسات
القانونية والعقارية، بكلية الحقوق بمراكش وبلدية المنارة جيلز، مطبعة دار وليلي
للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 2003 ، ص 12.
[2] - ميلود بوخال ومحمد بوجيدة: أملاك الجماعات المحلية
وهياَتها، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد الخامس 1998 ،
ص 11.
[3]- أحمد الهرجاني : تدبير الأملاك الجماعية بين
الإطار القانوني والواقع العملي ، أعمال اليوم الدراسي الذي نظمه مركز الدراسات
القانونية والمدنية والعقارية، بكلية الحقوق بمراكش وبلدية المنارة جيلز، يوم
السبت 9 يناير 2001 بتنسيق الدكتور محمد بونبات ومحمد مومن وزين الدين الزرهوني، ص
127.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الفصل الأول: تطور الملك الجماعي بالمغرب
الفصل الثاني: دور المجالس الجماعية في تدبير الممتلكات الجماعية كأداة لتحقيق التنمية المحلية.
ليست هناك تعليقات