الفصل الأول: تطور الملك الجماعي بالمغرب. إن مرحلة التوجه الديمقراطي الذي يعيشه المغرب، لا يختزل فقط في الإصلاحات السياسية والاقتصادية وا...
الفصل الأول: تطور الملك الجماعي بالمغرب.
إن مرحلة التوجه الديمقراطي الذي يعيشه المغرب، لا يختزل فقط في الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل يمتد إلى الجماعات خصوصا القاعدية، الجماعة الحضرية والقروية، هذه الأخيرة أخذت حيزا كبيرا في النقاش العمومي، تمخض عنه الاقتناع بالتهيئ للدخول لمرحلة جديدة للجماعات المحلية تتفاعل مع فلسفة العولمة من الناحية النظرية على الأقل، هذه المرحلة ترمي على القطيعة مع المرحلة السابقة، ينقل الممارسة التدبيرية من الطابع
الإداري البيروقراطي إلى التدبير المقاولاتي، أي أن تصبح الجماعة كمقاولة من حيث تدبيرها وتسييرها لاستراتيجياتها التنموية.
الإداري البيروقراطي إلى التدبير المقاولاتي، أي أن تصبح الجماعة كمقاولة من حيث تدبيرها وتسييرها لاستراتيجياتها التنموية.
ووعيا منه بأهمية ضرورة مواكبة هذه المتغيرات، كمحدد رئيسي لمنطق السياسة العمومية في هذا العهد الجديد، حيث بادر المشرع المغربي إلى مراجعة الإطار القانوني للجماعات الحضرية والقروية بصدور الميثاق الجماعي سنة2002[1]، ليعكس الفلسفة والتصور الجديد لدور المجالس الجماعية كمقاولة، كما تتجلى هذه الفلسفة في الآليات التي تتيح لها التدخل في تدبير الشأن المحلي[2]، لهذا أصبحت الجماعات المحلية اليوم أكثر من وقت مضى، تحظى باهتمام مختلف الأطراف سواء من طرف الجهاز الرسمي أو التنظيمات السياسية، وكل هيئات المجتمع المدني ببلادنا، باعتبارها قطب التنمية والمحرك الأساسي للدورة الاقتصادية إلى جانب أنها أصبحت شريكا للدولة والقطاع الخاص في كل القرارات الاقتصادية الوطنية.
فالجماعة بهذا المفهوم تعتبر محطة متميزة لبناء اقتصاد محلي قوي هدفه تحقيق التوازنات الكبرى على صعيد التراب الوطني، والحفاظ على تناول القضايا الاقتصادية والاجتماعية الوطنية بموازاة التنوع المحلي.
ولقيام الجماعة المحلية بدورها التنموي على النحو المنشود يتطلب ذلك بالإضافة إلى كفاءة جهازها الإداري، توفرها على موارد مالية وبشرية مهمة.
إلا أن أهم هذه الموارد هي الموارد الذاتية للجماعات المحلية، باعتبارها المقياس الحقيقي لمدى استقلالية هذه الأخيرة في تدبير شؤونها المحلية، ولعل أهم هذه الموارد الذاتية تلك المتعلقة بالأملاك الجماعية.
ولأجل ذلك تسهر الجماعات المحلية منذ نشأتها على توسيع حجمها نظرا لازدياد تدخلاتها في جميع الميادين، وخاصة في الميدانين الاقتصادي والاجتماعي.
ونظرا للأهمية التي تحتلها الأملاك الجماعية باعتبارها أحد الركائز المؤثرة في حياة الجماعة سواء من الناحية الإدارية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، فقد حرص المشرع في أغلب الأقطار على حماية هذه الأملاك حماية خاصة وذلك بسن نظام قانوني خاص بها يختلف عن ذلك الذي يهم ملكية الخواص[3].
وهكذا فالجماعة المحلية تتوفر على نوعين من الأملاك هما: الأملاك الخاصة، وهي تلك التي يمكن للجماعة المحلية أن تتصرف فيها بمثل تصرفات الأفراد، في حين يقصد بالأملاك العامة تلك التي تكون مخصصة للمنفعة العامة حيث تتمتع بنظام قانوني خاص يكفل لها قدرا من الحماية.
ومن خلال ما تقدم تطرح الإشكاليات الفرعية التي طرحت بإلحاح من قبيل:
ما المقصود بتدبير الممتلكات الجماعية؟
ما هي أبرز مسارات تطور الملك الجماعي في المغرب؟
ما هي الأساليب المعتمدة في استغلال الأملاك الجماعية؟ وكيف يتم تحديد الأملاك الجماعية المحلية؟ وكذا الإكراهات التدبيرية التي تواجه الأملاك الجماعية؟
من تم فإن مقتضيات هذه الدراسة حتمت علينا الحديث عن أهم وأبرز المحطات التي سلكها الملك الجماعي مع تحديد المفاهيم وكذا الإكراهات التدبيرية المتداخلة في الموضوع في (المبحث الأول)، مع الإشارة على أساليب وطرق تدبير الملك العام المحلي وهو ما سنتناوله في (المبحث الثاني).
[1] - الذي تم تتميمه وتغييره بقانون 17.08 ظهير شريف رقم 1.08.153 صادر في 28صفر الخير 1430(18فبراير 2009) بتنفيذ قانون رقم 17.08المغير والمتمم بموجبه القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5711 ،27 صفر 1430 (23 فبراير 2009).
[2] - بهيجة هسكر : الجماعة المقاولة بالمغرب ، الأسس والمقومات والرهانات ، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية ،العدد الخامس ،الطبعة الأولى 2010 ،ص: 18-19.
[3] - بدرية الطريبق : تدبير الممتلكات الجماعية ودورها في تنمية الموارد المحلية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام المعمق بكلية الحقوق بطنجة ،جامعة عبد الملك السعدي طنجة تطوان ،السنة الجامعية 2008-2009 ،ص: 9-10.
ليست هناك تعليقات