المبحث الثاني: دور الأجهزة القانونية والإدارية في إدارتها وتدبيرها للممتلكات الجماعية. إن الجماعات المحلية المختلفة تتوفر على أملاك عقارية ...
المبحث الثاني: دور الأجهزة القانونية والإدارية في إدارتها وتدبيرها للممتلكات الجماعية.
وفيما يخص الجماعات الإقليمية، وجود غياب نصوص قانونية أو تنظيمية خاصة بأملاكها، لا تزال هذه الأخيرة منظمة بالمقتضيات الواردة في الفصول 63-64-72-73 من الظهير الشريف المؤرخ في 12 شتنبر 1963 بشان تنظيم العمالات والأقاليم ومجالسها[2].
إن الجماعات المحلية المختلفة تتوفر على أملاك عقارية ومنقولة متنوعة تعتبر ركيزتها في ممارستها لوظائفها الإدارية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وعصب كل تنمية اقتصادية واجتماعية قد نشهدها، بل لا نبالغ إذا قلنا بأن الأملاك بالنسبة للجماعات المحلية وهيآتها تعتبر بمثابة الشرايين بالنسبة لجسم الإنسان، ذلك أن هذه الشرايين تسمح بتدفق الدم إلى الجسم، فإن الأملاك هي التي تمكن الجماعات من تحقيق الخدمات المختلفة التي يحتاج إليها السكان
المحليون، وبفضلها تستطيع كذالك إنجاز المشاريع التنموية والمرافق الضرورية، وفضلا عن ذلك فالأملاك تعد مصدرا هاما لتمويل الميزانيات الجماعية، وإذا لوحظ أن بعض الجماعات لا تحصل على موارد مالية هامة من استغلال أمالكها، فإن ذلك مرده إلى سوء تدبيرها لها، لأن قلة الموارد التي توفرها لها أملاكها لها أملاكها غالبا مالا تناسب البتة مع حجم هذه الأخيرة، فمدخول الأملاك بالنسبة لمختلف الجماعات المحلية لا يزال ضعيفا جدا بالمقارنة مع الحجم الإجمالي للموارد المالية الذاتية لها، وهذه الملاحظة تنتج عن قراءة بسيطة لوثيقة الميزانية في كل جماعة على حدة، والنتيجة المنطقية التي تترتب على هذه الوضعية التي تبرز بوضوح مدى التفريط في الأملاك الجماعية وعشوائية تسييرها، إلا أن الجماعات المحلية بدل أن تعول على مداخل أملاكها لتمويل نفقاتها تعتمد وبدرجة أساسية على الموارد الناتجة عن إمدادات الدولة، وهي غالبا ما تكون إمدادات مشروطة ومقيدة لاستقلالها و حريتها في التصرف، كما تعتمد على القروض وهي موارد استثنائية، وعلى الرسوم والضرائب المحلية التي تثقل كاهل المواطن المحلي.ونظرا للأهمية القصوى التي تكنسيها الأملاك بالنسبة للجماعات العمومية بصفة عامة، فقد أفردت لها الدساتير والنصوص التشريعية والتنظيمية في كثير من الدول نظاما قانونيا خاصا بها يكفل لها حماية وعناية كبيرتين بالقياس إلى الحماية التي تتمتع بها أملاك الأشخاص الخواص، وخاصة في الدول الاشتراكية التي حرصت دساتيرها على وجوب احترام ودعم أملاك الإدارات بصفة عامة.
وبالنسبة لأملاك الجماعات المحلية وهيآتها التي تهمنا أساسا هنا، فقد بدأ تنظيمها منذ سنة 1921 بحيث صدر هذه السنة ظهير 19 أكتوبر، يتعلق بأملاك البلديات الذي نلاحظ أنه يطبق من الناحية العملية أيضا على المراكز المستقلة والمجموعات الحضرية ونقابات الجماعات.
أما أملاك الجماعات القروية فلم يصدر القانون المنظم لها إلا قبيل الاستقلال وتحديدا سنة 1954 بمقتضى الظهير المؤرخ في 28 يونيو من هذه السنة، وما فتئت هذه النصوص التي أدخلت عليها بعض التعديلات وتم توضيحها بجملة من المناشير صدرت عن وزارة الداخلية، تشكل بالإضافة إلى المقتضيات الواردة بميثاق 30 شتنبر 1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي الفصول 30-31-34-42 وقانون التنظيم المالي للجماعات المحلية وهيآتها (الفصل17) النظام القانوني لأملاك الجماعات الحضرية والقروية[1].
وفيما يخص الجماعات الإقليمية، وجود غياب نصوص قانونية أو تنظيمية خاصة بأملاكها، لا تزال هذه الأخيرة منظمة بالمقتضيات الواردة في الفصول 63-64-72-73 من الظهير الشريف المؤرخ في 12 شتنبر 1963 بشان تنظيم العمالات والأقاليم ومجالسها[2].
ولسنا هنا بصدد تحليل النظام القانوني لأملاك الجماعات المحلية، بل إن الهدف من هذه الدراسة هو توضيح إدارة هذه الأملاك، فعلى الرغم من أن النظام القانوني المالي يتطلب مراجعة مستعجلة نظرا لأنه يؤثر بشكل كبير على تسيير الأملاك الجماعية بل يعرقله ويعقده، فإن التطبيق العملي والممارسة اليومية تثبتان بان تدبير الممتلكات تطبعه العشوائية في الغالب الأعم ويتميز بكثير من النقائص وذلك لأسباب جمة سيرد تفصيلها لاحقا، الشيء الذي يتطلب من الدوائر المختصة تكوين الأطر الجماعية والمنتخبين وذلك إذا أريد تسيير الممتلكات في المستقبل المنظور، وممارسة وصاية فعالة على التصرفات التي تجري بشان هذه الأملاك، وفي هذا الصدد سنتطرق إلى دور الأجهزة القانونية في إدارة الممتلكات المحلية (كمطلب أول) ودور الأجهزة الإدارية في تدبير الممتلكات المحلية (كمطلب ثاني).
المطلب الأول: دور الأجهزة القانونية في إدارة الممتلكات الجماعية.
لا يوجد سبب واحد فقط للقصور الذي يعتري تسيير الممتلكات الجماعية، غير أن دراسة عميقة للأمور تبين أن من بين الأسباب الأساسية التي أفضت إلى عشوائية تدبير تلك الأملاك، عدم وجود بعض الأجهزة القانونية التي يسمح القانون بخلقها لتسهر على تتبع الملفات الخاصة بالأملاك والمحافظة عليها، والعمل على تنميتها أو افتقار الإدارة الجماعية إلى مصلحة إدارية تتكلف بالتسيير العملي للأملاك أو في حالة وجود هذه الأجهزة تنقصها الفعالية في العمل أو الإلمام بالقواعد التي تحكم تدبير الأملاك والمسطرات العملية التي ينبغي سلوكها في هذا المضمار، لذا ينبغي التمييز بين الأجهزة القانونية أو المنتخبة المسؤولة عن تدبير أملاك الجماعات الحضرية والقروية وهيآتها وتلك التي تتولى تسيير أملاك الجماعات الإقليمية نظرا لاختلاف النظام القانوني للصنفين من الجماعات المحلية، لذا سنتطرق في هذا المطلب إلى الجماعات الحضرية والقروية وهيآتها في (الفرع الأول)، أما فيما يخص العمالات والأقاليم في (الفرع الثاني).
الفرع الأول: بالنسبة للجماعات الحضرية والقروية وهيآتها.
1- فيما يخص الجماعات الحضرية: يعتبر المجلس الجماعي الجهاز التقريري الأول في مجال تدبير الممتلكات التابعة للجماعات الحضرية والقروية، كما أن رئيسه ينهض بدور هام في هذا المضمار، سواء على مستوى التقرير أو تحضير أعمال المجلس أو تنفيذ مقررات هذا الأخير وإلى جانب هذه الأجهزة ثمة أجهزة أخرى منتخبة تضطلع بدور استشاري غير أنه ذو أهمية قصوى نظرا لاعتباره ركيزة أساسية لقرارات المجلس ورئيسه المتصلة بالممتلكات، ونقصد بها اللجان المختصة[3].
v دور المجلس الجماعي في ميدان تدبير الممتلكات.
لقد خول ميثاق 30شتنبر 1976 وكذا قانون 78.00، المعدل والمتمم بقانون 17.08 المتعلق بالتنظيم الجماعي اختصاصات هامة للمجالس الحضرية والقروية في مجال تدبير الممتلكات الجماعية، فاستنادا إلى الفصلين 30 و 31 من ميثاق 30 شتنبر 1976 نجد أنه احتفظ لها بحق التداول للتقرير في الميزانية الجماعية (التي تتضمن نفقات صيانة الممتلكات ومواردها) وإحداث وتنظيم المصالح العمومية الجماعية وتدبير شؤونها وتحديد شروط المحافظة على الملك الغابوي واستغلاله واستثماره.
كما منحها القانون المذكور اختصاص التقرير في المساهمة المالية للجماعة في مقاولات الاقتصاد المختلط، أو شركة التنمية المحلية، والأنظمة العامة التي تهم شؤون طرق المواصلات والبناء والمحافظة على الصحة والامتيازات والوكالات وغيرها من أنواع تدبير شؤون المصالح العمومية الجماعية وفضلا عن ذلك يختص المجلس الجماعي بالتقرير في الاشتراءات أو التفويتات أو المعاملات أو المعاوضات المتعلقة بعقارات الملك الخاص وأعمال تدبير الملك العمومي وعقود الإيجار تخصيص البنايات الموضوعة رهن إشارة مصالح عمومية وقبول أو رفض هيأت ووصايا وإحداث أو حذف أو تبديل أماكن المعارض أو الأسواق أو تاريخ إقامتها.
نستخلص مما سبق ذكره أن المجالس الحضرية والقروية هي صاحبة القول الفصل في ممتلكاتها، غير أن هذه حقيقة نظرية فحسب، فكثيرة هي الأمور أو العمليات المتصلة بأملاك الجماعات التي تفلت من مداولات تلك المجالس من الناحية العملية لأسباب شتى.
وتبدو الصورة أكثر غموضا حينما يتعلق الأمر بالأملاك العامة فثمة حالات كثيرة
يشغل فيها الملك العام من طرف الخواص دون أن يتم ذلك بقرارات المجالس المعنية مع أن الفصل من ميثاق 1976 أخضع كل أعمال تدبير الملك العام للمداولات، لأن هذا الصنف من الأملاك يهدف إلى تحقيق المنفعة العامة، فهو إما مخصص للاستعمال من طرف العموم أو لمرفق عام محلي، ولذلك فعرض أي تصرف يراد إجراءه على أنظار المجلس الجماعي يشكل في نظرنا حماية واسعة له، ولعل هذا ما توخاه المشرع من الميثاق الجماعي[4].
وفضلا عن ذلك، فإن مسؤولية المجلس الحضري أو القروي واسعة في ميدان المحافظة على أملاك الجماعة، إذ يتعين عليه أن يدرج الإعتمادات الكافية بخصوص نفقات صيانتها وهي نفقات اعتبرها المشرع إجبارية بالنسبة لكل مجلس، ذلك أنه ليس المهم فقط أن يكون لجماعة معينة أملاك كثيرة، ولكن المهم أيضا هو الحفاظ على هذه الأملاك بصيانتها باستمرار وفقا لبرنامج سنوي يعد لهذا الغرض، لأن المشكلة الأولى التي تعرفها الجماعات هي التفريط في أملاكها بعدم صيانتها، فهي كثيرا ما تفكر في الزيادة في أملاكها بإنجاز مرافق أو بنايات جديدة ولا تهتم كثيرا بصيانتها.
ثم إن المجلس الجماعي هو الذي يرخص لرئيسه للدفاع أمام المحاكم المختصة عن أملاك الجماعة، اللهم إذا تعلق الأمر بدعاوي الحيازة أو بالأعمال التحفظية أو الموقفة لسقوط الحق.
v الدور المنوط برئيس الجماعة.
قبل التعرض على مختلف الاختصاصات المسندة على رئيس المجلس الجماعي في ميدان تدبير الممتلكات الجماعية، يبدو أنه من الأهمية بما كان، أنه في ظل قانون 1960 المتعلق بالتنظيم الجماعي كان مشكل الفصل بين صلاحيات رئيس المجلس فيما يتعلق بتدبير الأملاك الجماعية مطروحا بحدة نظرا لأن التدابير والقرارات المتخذة في الميدان الأول، قد تدخل أيضا ضمن التدابير والقرارات المتخذة في الميدان الثاني.
وفعلا فقد طرح في ظل تطبيق ظهير 1960 بخصوص رخصة الطرق l’autorisation ou la permission de voirie التي منحها باشا القنيطرة لاستغلال مرفق النقل المشترك بواسطة حافلات في المدار الحضري ولمدة 15 سنة وإثر التنازع حول الجهة المختصة، اعتبرت سلطة الوصاية (وزارة الداخلية) أن هذه الرخصة اتخذت في مجال الشرطة الإدارية الموكولة للباشا بهدف إقرار النظام والأمن والسكينة بالمدينة، بينما اعتبر المجلس البلدي للقنيطرة أن الباشا غير مختص بمنحها لأن الأمر يتعلق باستغلال مرفق جماعي من اختصاص المجلس، استنادا إلى مقتضيات الفصل 20 من ظهير 1960 المتعلق بالتنظيم الجماعي، الذي يخول المجلس التداول للتقرير في الامتيازات الممنوحة لاستغلال المرافق العمومية الجماعية، وكل أشكال تسيير هذه المرافق، كما يخوله حق التقرير في كل ما يتصل بتدبير الأملاك العامة ورخصة الطرق، يعتبر من هذا القبيل، كما أن الفصل 46 منه يسند إلى رئيس المجلس اختصاص إبرام العقود التي تربط الجماعات بالغير، ومنها تلك المتعلقة باستغلال الملك العمومي وعندما طرحت القضية على المجلس الأعلى أبطل قرار الباشا في حكمه المؤرخ في 19 يونيو 1962، معتبرا أن الأمر من اختصاص المجلس، لأنه يتعلق بمرفق جماعي، غير أنه لم يستطع الحسم في حدود اختصاصات كل من رئيس المجلس ورجل السلطة، في مجال تدبير الأملاك العمومية الجماعية، نظرا لصعوبة التمييز بين تدابير الشرطة الإدارية وتدابير تسيير الأملاك العمومية.
ومع ظهير 30 شتنبر 1976نلاحظ أن الفصل 44 منه شكل جزءا هاما من الاختصاصات التي كانت مستندة إلى رجل السلطة في مجال الشرطة الإدارية الجماعية إلى رؤساء المجالس الجماعية، غير أنه أقر في نفس الوقت بأن السلطة المحلية تختص من بين ما تختص به، على بالمحافظة على النظام والأمن العمومي بتراب الجماعة[5]، على اعتبار أن الطريقة التي كانت تسير بها الجماعات الحضرية والقروية آنذاك، جعلت مؤسسة الرئيس تشكو من بعض الصعوبات إن على المستوى القانوني أو العملي، ومن ثم فقد احتلت مكانة واختصاصات رئيس المجلس الجماعي مكانة الصدارة في تعديلات الميثاق الجماعي رقم 78.00، أو في التعديلات التي دخلت عليه بموجب القانون رقم 17.08، وذلك عبر تحصين الوضعية القانونية لرئيس المجلس الجماعي من خلال ضمان استقرار مؤسسة الرئاسة وضبط وتدقيق الاختصاصات الموكولة لهذه المؤسسة تفاديا لكل تضارب أو تداخل في الاختصاصات[6].
ومن بين الاختصاصات التي منحها المشرع لرئيس المجلس الجماعي تلك المتعلقة بالشرطة الإدارية التي تعد من المؤسسات الرئيسية التي ترتبط بمفهوم الدولة، بل قد تشكل إحدى ركائزها[7]، لأنها ترتبط بمجموع نشاطات الإدارة التي تكمن في اتخاذ مختلف الإجراءات التنظيمية والفردية من أجل الحفاظ على النظام العام بمدلولاته الثلاثة [8]، الأمن العام، الطمأنينة، الصحة.
v دور اللجان الجماعية.
تعتبر اللجان وسيلة عملية لتسهيل أعمال الهيئات المختلفة نظرا لقلة عدد أعضائها وتخصصهم وإمكانية اجتماعها في كل وقت، وبالنسبة للجماعة الحضرية والقروية فقد سمح الفصل 26 من ظهير 1976 بمثابة ميثاق جماعي للمجالس بخلق اللجان التي ترى ضرورة خلقها لتساعدها في النهوض بمهامها المختلفة، بل ألزمها بتكوين لجنتين إجباريتين دائمتين على الأقل هما: اللجنة المكلفة بدراسة المسائل المالية والميزانية واللجنة الخاصة بدراسة المسائل الاقتصادية والاجتماعية، وما يهمنا إبرازه هنا هو أن اللجنة الأولى تنهض بدور هام في مجال تدبير الممتلكات الجماعية، فهي تختص بدراسة كل قضية تهم هذه الأملاك من الجوانب المالية وتتقدم باقتراحها إلى المجلس أتناء تداولها، وعلى ضوء تقاريرها يمكن لهذا المجلس أن يبت على بينة ووضوح بشأنها[9].
ونظرا لهذه الأهمية فقد أوكل الميثاق الجماعي الجديد 78.00 المعدل والمتم بقانون 17.08 للمجلس الجماعي الحق في تشكيل لجانا دائمة لدراسة القضايا وتهيء المسائل التي يجب أن تعرض على الاجتماع العام لدراستها والتصويت عليها، إلا أن المشروع قد ربط بين عدد اللجان الدائمة بعدد أعضاء المجالس الجماعية، وذلك وفق المادة 14 من الميثاق الجماعي وتوزيع اللجان الدائمة للمجالس الجماعية حسب عدد أعضاء المجالس بالنسبة للمجالس الذي يتعدى أعضائه 35 فما فوق تكون عدد اللجان أربعة وهي:
· اللجنة المكلفة بالتخطيط والشؤون الاقتصادية والميزانية والمالية
· اللجنة المكلفة بالتنمية البشرية والشؤون الاجتماعية والثقافية والرياضية
· اللجنة المكلفة بالتعمير وإعداد التراب والبيئة
· اللجنة المكلفة بالمرافق العمومية
أما فيما يخص المجلس الذي يكون عدد أعضائه مابين 25و35 فتحصر عدد اللجان في ثلاثة وهي:
· اللجنة المكلفة بالتخطيط والشؤون الاقتصادية والميزانية والمالية
· اللجنة المكلفة بالتنمية البشرية والشؤون الاجتماعية والثقافية والرياضية
· اللجنة المكلفة بالتعمير وإعداد التراب والبيئة والمرافق العمومية.
أما بالنسبة للمجالس التي يقل عددها عن 25 عضوا فتكون عدد اللجان اثنان هما:
· اللجنة المكلفة بالتخطيط والشؤون الاقتصادية والتعمير وإعداد التراب والبيئة والميزانية والمالية
و إلى جانب تلك اللجان، هناك لجان اختيارية له دورها الهام ومن بينها لجنة الممتلكات الجماعية، ونلاحظ في هذا المضمار أن المجالس الجماعية نادرا ما تخلق مثل هذه اللجنة مع أن القانون يسمح لها بخلق أية لجنة ضرورية، وفي أي وقت تريد ذلك، ورغم ما لوجود تلك اللجنة من أهمية قصوى بالنسبة للتدبير السليم للممتلكات الجماعية، ونعتبر من جهتنا أن إحداثها أمر ضروري إذا أريد إعطاء الممتلكات الجماعية ما تستحقه من عناية، نظرا لما تمثله بالنسبة للجماعة من فوائد مهمة، وإذا لاحظنا أن الممتلكات الجماعية لا تحظى حاليا وفي كثير من الجماعات بالعناية التي تستحقها، فإن ذلك مرده لعدة أسباب، ومنها عدم وجود لجنة مختصة بدراسة مشاكل الممتلكات وطرق تنميتها وتتبع تطوراتها، ونعني بها لجنة الممتلكات.
بيد أن فعالية دور اللجان المذكورة آنفا يتوقف على مدى حيوية أعضائها ومواظبتهم في ممارستهم لأعمالهم، فكلما أولى أعضاؤها اهتماما واسعا لدراسة ملف يتعلق بعملية عقارية أو بأي تصرف يهم الأملاك الجماعية، كلما أمكن للمجلس اتخاذ قرار سليم لتدبيرها[11].
الفرع الثاني: بالنسبة للعمالات والأقاليم.
استنادا إلى مقتضيات الظهير الشريف المؤرخ في 12 شتنبر 1963، المتعلق بتنظيم العمالات والأقاليم ومجالسها، فإن أملاك هذه الوحدات اللامركزية يتم تدبيرها من طرف مجالسها والعمال ففيما يتعلق بدور المجلس العمالة أو المجلس الإقليمي في مجال تسيير ممتلكات العمالة أو الإقليم، ينص الفصل 63 من القانون الأنف الذكر، بأنه مختص لتداول في اقتناء العقارات وتفويتها ومعارضتها، وتغيير تخصيص العقارات الموضوعة رهن مصالح العمالات والأقاليم.
كما يختص بالتقرير في قبول أو رفض الهبات والوصايا والامتياز والإجازة في تكوين شركات للتنمية أو للتجهيز الإقليمي، والمساهمة فيها وبرامج الأشغال الجديدة وترتيب الطرق وصيانتها وتعديلها أو تمديدها وذلك فضلا عن التصويت على الميزانية التي تتضمن موارد الأملاك والنفقات المتعلقة بصيانتها.
ويختص العامل بتنفيذ مقررات المجلس الإقليمي أو مجلس العمالة، ومنها طبعا تلك المتعلقة بالأملاك، كما يختص طبقا لمداولات المجلس المذكور، بتنفيذ الميزانية والحفاظ على أملاك العمالة أو الإقليم، ومباشرة أعمال البيع والاقتناء والمعاوضة والقسمة والمعاملات المتعلقة بالأملاك، وإبراز العقود والصفقات الخاصة بالأشغال واللوازم والخدمات، وذلك زيادة على الدفاع عن أملاك العمالة أو الإقليم، أمام المحاكم المختصة، كلما اقتضى الأمر ذلك وبواسطة محامي، وعلى الرغم من دورها الاستشاري، فإن اللجان الإقليمية وخاصة لجنة الميزانية ولجنة الممتلكات تساعد المجالس في النهوض باختصاصات السالف ذكرها[12].
المطلب الثاني: دور الأجهزة الإدارية في تدبير الممتلكات المحلية.
هناك جهازان إداريان يلعبان دورا من الأهمية بمكان، في مساعدة الأجهزة القانونية المنتخبة الأنفة الذكر، ذلك في مجال تدبير الممتلكات الجماعات المحلية وهيآتها، ونقصد بها اللجنة الإدارية للتقييم Commission d’expertise on dévaluation ومصلحة الممتلكات بالإدارة الجماعية أو الإقليمية لذا سنتطرق إلى الدور المنوط بكل منهما.
الفرع الأول: اللجنة الإدارية للتقييم.
لقد حددت دورية الوزير الأول رقم 209/د بتاريخ 26 ماي 1976 بالفرنسية المتعلقة بالإصلاح الإداري و الاقتناءات التي تهم الملك الخاص للدولة، والمنشورة من طرف وزارة الداخلية تحت عدد 1334 بتاريخ 14 أبريل 1978 كيفية تكوين اللجنة المذكورة:
1- تكوينها: فاستنادا إلى منشور الوزير الأول المذكور أعلاه، تتألف اللجنة الإدارية للتقييم من أعضاء دائمين وأعضاء غير دائمين وذلك على الشكل التالي:
v الأعضاء الدائمون:
· السلطة المحلية (الباشا أو القائد) بصفة الرئيس.
· رئيس دائرة الأملاك المخزنية (الأملاك الخاصة للدولة) بصفة كاتب.
· مفتش التعمير أو ممتلكه.
· ممثل الإدارة التي تهمها العملية موضوع التقييم (ممثل جماعة محلية).
v الأعضاء غير الدائمين:
يختلف الأعضاء الغير الدائمين حسب طبيعة العقار إذا كانت أرض حضرية مبنية أو غير مبنية فتتشكل اللجنة على الشكل التالي:
· مفتش الضرائب الحضرية أو ممثله (اختياري بالنسبة للمراكز البعيدة).
· قابض التسجيل والتنبر (اختياري كذلك بالنسبة للمدن والمراكز التي لا توجد بها قيادة التسجيل والتنبر).
أما بالنسبة للأرض القروية مبنية أو مجهزة أو غير مبنية أو غير مجهزة فتتشكل اللجنة على النحو التالي:
· الممثل الإقليمي لوزارة الفلاحة وللإصلاح الزراعي أو من ينوب عنه (اختياري بالنسبة للمراكز البعيدة).
· قابض التسجيل والتنبر.
· مفتش الضرائب القروية أو ممثله.
وبالإضافة إلى هذه الجهات، قد يحضر اجتماعات اللجنة الإدارية للتقييم على سبيل الاستشارة فقط، ممثل قسم التعمير بالعمالة أو الجماعة المعنية نظرا لخبرته في مجال البناءات ورئيس مصلحة الممتلكات ومندوب وزارة السكن وغيرهم[13].
2- الدور المنوط بها.
ينحصر دور اللجنة الإدارية للتقييم، في تحديد ثمن العقار موضوع العملية العقارية، والتأكد أحيانا من أن خصائص العقار المطلوب تقييمه يلائم المشروع المزمع إنجازه.
وللقيام بهذا الدور يمكن للجنة المذكورة، عقد اجتماعاتها كلما طلبت الإدارة المركزية والإقليمية أو الجماعية تحديد قيمة العقار المعين، وتستدعى من طرف رئيسها (رجل السلطة المحلية) في ظرف 15 يوما الموالية لذلك الطلب.
أما عن المعايير التي تعتمدها لتحديد قيمة العقارات، فهي كثيرة ومتنوعة وتختلف حسب طبيعة العقار، كما أنها معايير غير محددة من قبل المنشور السالف الذكر، بل هي عبارة عن اجتهادات لأعضائها، غير أنه قبل ذكر بعضها ينبغي الإشارة إلى أن منشور الوزير الأول المذكور آنفا، أوصى بأن تأخذ اللجنة بعين الاعتبار الأثمان الحقيقية بدل الاعتماد على أثمنة العمليات العقارية التي تمت حديثا في القطاعات المجاورة للعقار موضوع التقييم، والتي لوحظ أنها لا تعكس حقيقة السوق العقارية، وحيث كذلك على أخد كل العناصر الإخبارية (المعلومات الضرورية) التي يمكن جمعها سواء بالاتصال بالهيئات العمومية أو الخاصة، وذلك حتى يتسنى منح مالك العقار المراد اقتناءه أو نزع ملكيته القيمة الحقيقية المتداولة في السوق العقارية[14].
هذا من بين المعايير العملية التي تلجأ إليها اللجنة الإدارية لتقييم وتحديد أثمنة العقارات (كالأراضي والبنايات المختلفة) ونذكر ما يلي:
التنقل إلى عين المكان للإطلاع على حالة العقار ومرافقته وملحقاته وعادة ما يكون في اليوم السابق لليوم المحدد لاجتماعها، ولا يخفى أن هذه المعاينة تسمح لأعضائها بتكوين فكرة واضحة وواقعية عن العقار الموضوع التقييم.
تحديد قيمة العقار أو مجموعة من العقارات يتطلب:
- تحديد تمن الأراضي بناء على معطيات السوق العقارية وعلى أساس عناصر المقارنة التي يتم انتقاؤها بشكل دقيق (أثمان الأراضي في الموقع الذي يوجد فيه العقار أو العقارات موضوع التقييم).
- ووجود البنايات فوق تلك الأراضي يقتضي الإنقاص من قيمتها وتطبيق تخفيض لا يتجاوز قدره 10% (مثال 500 م2 بثمن 1300 درهم للمتر مربع يساوي 650000 درهم نسبة التخفيض 5% القيمة الحقيقية للأرض 159×650000= 617500 درهم).
تحديد قيمة البناءات:
تضاف إلى قيمة الأرض البنايات التي تحتسب على أساس المساحات المبنية والمستويات المختلفة (ما تحت الأرض طوابق الخ) كما تؤخذ بعين الاعتبار خصائص العقار ونسبة التخفيض بسبب الأقدمية Pour vétusté الذي يراعي فيها تاريخ البناء ومدى صيانته الخ.
و بخصوص الأصول التجارية مثل المقاهي والمعامل و المتاجر المختلفة الخ، عادة ما يعتمد على ثلاث سنوات من الأرباح المحققة المصرح بها لدى مصلحة الضرائب المختصة وهي القيمة التي تمنح في حالة التعويض عنها (كما هو الشأن عند نزع الملكية) وإذا لم تكن هناك أرباح يحدث هذا في التطبيق العملي و تحتسب ثلاث سنوات من القيمة الكرائية المحددة من طرف مصلحة الضرائب.
وطبعا فإن رأي اللجنة الإدارية للتقييم لا يأخذ بعين الاعتبار الظروف والحالات الاجتماعية (كما لو تعلق الأمر مثلا بتقييم عقارات تابعة للخواص في حالة نزع ملكيتها)، بل هو رأي تقني محض، واستشاري فقط بالنسبة للمجلس الإقليمي أو المجلس الحضري أو القروي المعني به، غير أنه مفيد له، لأنه ينبع عن خبرة وتجربة أعضاء اللجنة، وعلى الرغم من أنه غير ملزم للجماعة المعنية، فإن سلطة الوصاية (سواء وزارة الداخلية أو وزارة المالية أو الوزارة الأولى حسب العمليات) تحرص على مراعاته عند المصادقة أو التأشير على مقررات المجالس أو هيئاتها المتعلقة بالممتلكات. خاصة عندما يتعلق الأمر بتخفيض الثمن الذي حددته اللجنة لبيع عقار مثلا، أو عند رفع الثمن في حالة الشراء على اعتبار أن هذه القرارات تضر بالمصلحة العامة وميزانية الجماعة، و لا تقبل سلطة الوصاية مثل هذه التغييرات إلا إذا استطاع المجلس تقديم تبريرات مثينة لمخالفة رأي اللجنة[15].
الفرع الثاني: مصلحة الممتلكات.
نظرا للأهمية القصوى التي تمثلها الممتلكات في حياة كل جماعة إقليمية أو حضرية أو قروية أو هيأتها (المجموعات الحضرية أو النقابات)، و من أجل الاعتناء بها على الشكل المطلوب وتسييرها بكيفية تضمن الرفع من مردوديتها و المحافظة عليها و تنميتها، فإن الإدارة الإقليمية و الجماعية تتوفر على مصلحة تدعى "مصلحة الممتلكات" عهد إليها بمهمة النهوض بتدبير الأملاك المختلفة.
و قبل تقديم فكرة عن الدور المنوط بها، من المفيد هنا أن نشير إلى أن الهيكل التنظيمي للمصالح، يختلف من عمالة إلى أخرى و من جماعة إلى أخرى، فلكل من العامل و رئيس المجلس سلطة تقديرية واسعة لتنظيم مصالح العمالة أو الجماعة بالشكل الذي يراه مناسبا و يمكن أن يحقق الأهداف المرسومة.
كما ينبغي ملاحظة أن كثيرا من الإدارات الجماعية بل و الإدارات الإقليمية تفتقر إلى وجود مصلحة خاصة لتدبير الممتلكات، و لهذا أثره السيئ على وضعية الأملاك، بل يمكن القول بأنها (أي أملاك) لن تحظى بالاهتمام المطلوب في غياب وجود مثل هذا الجهاز الإداري لتركيز العناية بها[16].
و يرجع افتقار الجماعات إلى تلك المصلحة، وفي المقام الأول، إلى عدم وجود أطر متخصصة أو على الأقل لها الإلمام بطرق تسيير و إدارة الأملاك.
فلقد عملت مديرية تكوين الأطر التابعة لوزارة الداخلية على تكوين أطر متوسطة و عليا في مجالات الحالة المدنية والتسيير الحضري، وتسيير وكالات و الجبايات المحلية والصفقات وتسيير الموظفين والميزانية وغيرها، كما بدأت منذ حوالي ثلاث سنوات بتكوين الأطر والأعوان في مجال تسيير الممتلكات، بسبب تزايد حاجيات الجماعات الملحة لمثل هؤلاء الموظفين و الأعوان.
و إحداث شعبة متخصصة في تسيير الممتلكات لكي تساهم في تزويد الإدارات الإقليمية والجماعية بأطر كفؤة في هذا الخصوص.
إلا أن هذه المصلحة تكتسي أهمية قصوى بالنسبة لتسيير أملاك الجماعات المحلية، فهي الجهاز الذي ينبغي أن يتتبع بعناية مستمرة مآل تلك الممتلكات و العمل على دراسة مختلف الملفات و القضايا المتصلة بها و ضبطها في سجلات محتويات الأملاك و العمل على تحفيظها، وغير ذلك من الإجراءات و الأعمال المطلوب القيام بها بالنسبة لكل عملية عقارية، و كل تصرف يريد المجلس أو رئيسه القيام به بشأنها.
فالدفاع عن الأملاك مثلا يقتدي تزويد محامي الجماعة باستمرار بكل الوثائق و المعلومات المفيدة حتى يتمكن الاضطلاع بمهامه الدفاعية. و تتبع تطورات الدعاوى معه لمعرفة ما إذا كان ينهض بالفعل بواجبه كما تم الاتفاق على ذلك في العقد المبرم معه. و كل تقصير من جانب مصلحة الممتلكات في تأدية مهامها، يكون له انعكاس سيئ على ممتلكات الجماعة. بل يعرقل دور المجلس و رئيسه في ممارسة الاختصاصات المسندة إليهم في هذا الخصوص.
و طبعا فإن مصلحة الممتلكات لا يمكنها النهوض بمهامها دون التعاون مع المصالح الأخرى، و لاسيما المصالح التقنية. فكثيرة هي الملفات و الإجراءات التي تتطلب تدخل تلك المصالح إما لإعداد تصميم معين أو مسح طبوغرافي...إلخ.
إلا أن الشيء غير المرغوب فيه، بل و الذي يجب العمل على تفاديه هو أن يتم تشتيت الأعمال المتصلة بتسيير الممتلكات بين عدة مصالح يصعب التنسيق بينها كما يجري حاليا في بعض الإدارات الإقليمية أو الجماعية.
ونظرا لافتقار الجماعات إلى هيكل تنظيمي محكم ومن أجل توظيف الوسائل البشرية و المادية توظيفا جيدا، ما انفكت وزارة الداخلية في إطار تدخلاتها الإرشادية، تحث رؤساء الجماعات على وضع هيكل تنظيمي للمصالح الجماعية توضع فيه مختلف المهام و الوظائف التي سيقوم بها كل قسم أو كل مصلحة أو كل مكتب.
و هكذا أصدرت منشورها عدد 66 بتاريخ 24 فبراير 1983 (بالفرنسية)، اقترحت من خلاله نماذج لتنظيم المصالح الجماعية طبقا لعدد السكان. و أوصت بإسناد تدبير الممتلكات إلى مصلحة التعمير و الممتلكات التي رأت أن تكون تابعة للقسم التقني.
تم في منشور أخر تحت عدد 261 بتاريخ 24 دجنبر 1987 حثهم على التعجيل بوضع هيكل تنظيمي يراعي مختلف الاختصاصات المسندة إلى الجماعات و يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل واحد منها.
وكيف ما كان القسم الذي توجد به مصلحة الممتلكات فإن المهم هو وجود هذه المصلحة و تأطيرها قدر الإمكان و تزويدها بكافة الوسائل العملية حتى تنهض بشكل سليم. إن الفلسفة الحديثة التي تستند عليها الليبرالية في صورتها الحديثة تقتضي أن تتكفل الجماعات المحلية إلى جانب القطاع الخاص بالدور المتخلى عنه من طرف الدولة، في إطار إعادة هيكلة الاقتصاد للتكيف مع المعطيات الحديثة، و تجاوز الأزمة الممتدة عبر الاقتصاديات العالمية، بحيث لم يعد مجال الاقتصاد المحلي حكرا على الدولة و القطاع الخاص، فقد دخلت الجماعة كطرف مساهم و شريك في هذا الميدان، حينما حملها الظهير 30 شتنبر 1976 مسؤولية التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المحلية، و إن كانت بداية الممارسة الجماعية في هذا الشأن محدودة، و ضعيفة، لأن هذا العمل هو جد معقد و يتطلب لتحقيقه من جهة التمرس في هذا الميدان، و التوفر على عقلية متفتحة لدى صانعي القرار الجماعي التنموي من جهة أخرى، و مع ذلك فإن بعض الجماعات وضعت الهياكل الأساسية لتدخلها الاقتصادي.
و تعتبر الأملاك الجماعية مورد أساسي و مهم في تنمية الجماعات المحلية، و ذلك بتطلب الحفاظ على هذه الأملاك و مراقبتها من طرف الأجهزة مكلفة بتدبيرها.
خاتمة الفصل الثاني:
لقد حاولنا من خلال هذا الفصل عرض بعض الاستراتيجيات اللازمة لعقلنة تدبير الأملاك الجماعية، و قد استنتجنا من خلال هذه الدراسة إلى أن الجماعات المحلية لا زالت لم تعرف التطور اللازم لمواكبة التطور اللامركزي و الوصول إليه، و الذي حاول المغرب تبنيه منذ الاستقلال و خاصة بعد إصدار ظهير 30 شتنبر 1976، حيث سجلنا في هذا الإطار غياب البعد الاقتصادي على المستوى التدبيري للممتلكات الجماعية، إذ لا زال هذا التدبير تشوبه مجموعة من التدابير الإجرائية و المسطرية و الإدارية التي لا تتماشى مع روح السرعة و المبادرة التي يتطلبها الاستثمار الناجع، و هو ما يؤثر سلبا على مردودية الملك العام المحلي، الذي من المفروض أن يضطلع به في ظل شروط عقلانية مغايرة تتبنى الجانب الاقتصادي و تخليق المناخ الملائم له.
أما على مستوى العنصر البشري فإن الجماعات المحلية لا زالت تفتقر إلى ضعف التأطير و التكوين لتدبير الممتلكات الجماعية.
كما أن معظم الجماعات المحلية لم تتمكن من تكريس الحماية اللازمة لأملاكها بسبب محدودية إمكانيتها المالية و البشرية.
هذا و بناءا على مختلف مكونات هذه المقاربة، يجدر بنا صياغة تصورات أو اقتراحات من هذا الفصل، كفيلة بتنمية الجماعة اقتصاديا و اجتماعيا، و قد يعتبر استغلال المؤهلات المحلية بشكل منتظم و معقلن، عاملا ديناميكيا لإنعاش الجماعة و فرصة سانحة لها للتقليص من الموارد المالية الخارجية، التي لا تكرس سوى تبعية الجماعات المحلية للإدارات المركزية، و تقلل من حظوظها في تحقيق استقلال مالي كأحد عناصر اللامركزية الترابية.
و لن يتحقق ذلك إلا بتظافر مجهودات المجالس الجماعية من خلال وظيفة مستشاريه، و استجابة المواطن المحلي لقرار خدمة التنمية الجماعية، إلى جانب تأهيل الإدارة المحلية للمساهمة في العمل التنموي.
[1] - للإطلاع على منشور الوزير الأول بشأن الأملاك التي لا تفوت، انظر الجريدة الرسمية بتاريخ 01-11-1912.
[2] - Khatabi Mustapha: « Aspects particuliers de la législation marocaine sur le demaine public de l’état et des collectivités locales » ,revue marocaine de droit comparé (faculté des sciences juridique économique et sociale de Marrakech) N° 1983.p.39.d.s.
[3] -ميلود بوخال ومحمد بوجيدة : أملاك الجماعات المحلية وهيآتها ،منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،سلسلة دلائل التسيير،عدد 5 طبعة 1998،ص 83.
[7] - عبد القادر باينة : أشكال النشاط الإداري ، الطبعة الأولى ،مطبعة المعارف الجديدة الرباط ، 2006 ، ص: 27.
[8] - أحمد أجعون : توزيع الاختصاصات في مجال الشرطة الإدارية بين رئيس المجلس الجماعي والسلطة المحلية ،أشغال الندوات المنظمة خلال سنة 2005 ،المديرية العامة للجماعات المحلية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء 2006 ص 89.
[10] - المادة 14 من قانون رقم 78.00 يتعلق بالميثاق الجماعي ، كما تم تغييره وتتميمه بموجب قانون 17.08 ، الجريدة الرسمية رقم 5711 الصادرة في 23 فبراير 2009.
[11] - عبد الواحد شعير : الوضعية الحقوقية لممتلكات الجماعات المحلية بالمغرب ،مجلة المالية المحلية والاقتصاد الجهوي ،العدد 1 ،1995، ص : 40-41-42.
[14] - لكن نجد العكس على ما أتت به الدورية المذكورة أن الأملاك العقارية التي هي في ملكية الجماعات المحلية تفوت أو تباع بأثمان رمزية ،لذا يمكن القول بأن دور هذه الأجهزة غير فعالة ويجب إعادة النظر في هيكلتها ومراقبتها.
[15] - ميلود بوخال و محمد بوجيدة، اللجنة الإدارية لتقييم أملاك الدولة و الجماعات، سلسلة المرشد الإداري، مطبعة النجاح، الطبعة الأولى 1995، ص 15 - 16.
ليست هناك تعليقات