الفصل الأول : الغش الضريبي بين تعدد صوره و أشكاله و أسبابه
في الواقع إن ظاهرة الغش الضريبي تبدو من حيث أصولها وواقعها المعاصر كرد فعل طبيعي على عنف الضريبة عبر تاريخها، فالتمرد على القوانين ظهر منذ الحضارات القديمة وصولا إلى العصر الحديث وبين هذا وذاك ، فالبديهي أنها تنشأ من خلال عدة أسباب وعوامل، كما أنها تأتي نتيجة ضغوط وتحالفات اجتماعية وسياسية متنوعة، غير أن دراسة موضوع الغش
الضريبي ليس بالأمر السهل ،على اعتبار أن الخوض فيه كمصطلح يطرح مجموعة من التساؤلات، تجد أساسها في الغموض الذي يعتريه، بسبب وجود عدة أوصاف لنفس المصطلح (معارضة الضريبة، الغش، التهرب، التجنب، التملص...) كما استعملت اليوم مجموعة من المصطلحات تحيل في مفهومها إلى ظاهرة الغش الضريبي، فعلى المستوى الدولي نجد منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية L’OCDE عملت على نشر وتعميم مصطلح الخرق الجبائي، وفي فرنسا يوحي مصطلح الغش في غالب الأحيان إلى عدم احترام المكلف لالتزاماته الجبائية والاجتماعية[1].
الضريبي ليس بالأمر السهل ،على اعتبار أن الخوض فيه كمصطلح يطرح مجموعة من التساؤلات، تجد أساسها في الغموض الذي يعتريه، بسبب وجود عدة أوصاف لنفس المصطلح (معارضة الضريبة، الغش، التهرب، التجنب، التملص...) كما استعملت اليوم مجموعة من المصطلحات تحيل في مفهومها إلى ظاهرة الغش الضريبي، فعلى المستوى الدولي نجد منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية L’OCDE عملت على نشر وتعميم مصطلح الخرق الجبائي، وفي فرنسا يوحي مصطلح الغش في غالب الأحيان إلى عدم احترام المكلف لالتزاماته الجبائية والاجتماعية[1].
انطلاقا مما سبق وأمام الغموض الذي يعتري مفهوم الغش الضريبي وعدم معرفة الأسباب الحقيقية والفعلية التي تؤدي بشكل مباشر إلى استفحال هذه الظاهرة، يمكن تبني هذه الإشكاليات: على ماذا يتأسس مفهوم الغش الضريبي؟ وما هي أبرز صوره وأشكاله؟ وما هي أهم المعايير للتمييز بينه وبين التهرب الضريبي؟ وما هي أبرز أسبابه العامة؟
هذه هي أهم الإشكاليات التي يقتضي منا الحال محاولة معالجتها عبر مبحثين يشمل الأول: تعريف الغش الضريبي وتمييزه عن التهرب الضريبي، في حين يشمل الثاني الأسباب المؤدية إلى استفحال هذه الظاهرة.
إذا كانت الضريبة هي فريضة مالية يدفعها الملزم جبرا إلى الدولة وفق ما تقتضي بها القوانين مساهمة منه في التكاليف والأعباء العامة دون أن يعود عليه نفع منها، فإنه عادة ما يلجأ إلى التملص منها، وذلك بطرق متعددة، أبرزها الغش الضريبي، فما مفهوم هذا الغش؟ (المطلب الأول) وكيف لنا أن نميزه عن التصرفات الأخرى (المطلب الثاني)
بالرغم من وجود إجماع على أن الغش الضريبي خرق للقانون الجبائي ،الغرض منه عدم أداء الضريبة أو تقليصها، إلا أنه ومع ذلك لا زال مفهوم الغش الضريبي يعرف إشكالات في تحديده، ونحن من خلال هذا المطلب سنحاول ولو جزئيا استعراض مختلف المواقف الفقهية والتشريعية التي طرحت في هذا المجال، مبرزين في الوقت ذاته أهم التعريفات والأفكار التي قيلت في هذه الظاهرة علنا نستطيع أن نصل إلى مفهوم دقيق وواضح لظاهرة الغش الضريبي.
إذن ما المقصود بالغش الضريبي؟ للإجابة على هذا السؤال يقتضي منا أولا البحث عن تعريف واضح للغش الضريبي (فقرة أولى) ثم نعطي بعد ذلك بعضا من صوره، وكذا الشروط اللازم توفرها فيه ليعتد به كجريمة معاقب عليها (الفقرة الثانية).
الغش ظاهرة معقدة ورصدها القانوني صعب المنال حتى في إطار الشرعية الضريبية المعتبرة بدورها جد معقدة وتطبيقها في غاية الصعوبة[2] وبهذا تعددت تعاريف الفقهاء المعطاة لمعنى هذا المصطلح، فقد عرفه "لوسيان ميشال" بأنه المخالفة الصريحة للقانون بهدف التخلص من فرض الضريبة وتخفيض أساسها، أما "ماركيراز" فقد رأى الغش بأنه:" يتمثل في التخلص من الضريبة وإعطاء عرض خاطئ للواقع أو تفسير مضلل" ومن اجل ذلك يستعمل المكلف الغش والاحتيال مرتكبا بذلك جرائم مالية يعاقب عليها القانون[3].
أما "فوري عبد المنعم" فقد عرفه بكونه:" يتضمن مخالفة قانون الضرائب فتندرج بذلك تحته كل طرف الغش المالي وما تنطوي عليه هذه الطرق من اللجوء إلى طرق احتيالية للتخلص من أداء الضريبة"[4].
وبذلك يمكن القول إن الغش الضريبي هو الإخفاء المقصود اتجاه الإدارة للموارد والمداخيل، فهو خرق مباشر وإرادي للقانون الجبائي[5]، وملازم لكل نظام جبائي مهما كانت درجة كماله، ويؤدي إلى إنقاص حصيلة وإيرادات الخزينة ويجعل الدولة تتبع سياسة مالية من شأنها تقليص حجم النفقات العامة وانخفاض الاستثمارات وتدني المستوى المعيشي للأفراد[6] كما يؤدى إلى إحداث ضرائب جديدة ورفع أسعار الضرائب القديمة.
انطلاقا مما سبق فإن إعطاء تعريف محدد للغش الضريبي ليس بالأمر الهين، فمن الصعب وجود اتفاق حول هذا التعريف من وجهة نظر كل من القانونيين والماليين والاقتصاديين، وتأتي هذه الصعوبة في الاختلاف حول ما إذا كان الغش ينطوي على مخالفة القانون أو عدم مخالفته للنص القانوني وهو ما يجعله ينقسم إلى مفهومين.
يفهم من الكتابات التي تناولت مفهوم الغش الضريبي بأن مدلول هذا الغش يختلف باختلاف وعاء الضريبة أو الأطراف الملزمين بأدائها، ولذلك فقد تم تعريفه من المنظور الأول بأنه هو:" كل تملص من الضريبة المستحقة للخزينة أو المساهمة بتحقيقه بوسائل محظورة قانونا[7] سواء اكتسى ذلك شكل تقليص لأسس الضريبة أو شكل تملص من فرضها.
ويبدو من هذا التعريف بأن الغش الضريبي هو مرادف للتملص في حين أن الأمر ليس كذلك، على اعتبار أن التملص عبارة تفيد التخلص أو عدم الاستعداد لأداء الواجب الضريبي، بينما الغش يفيد اللجوء إلى وسائل احتيالية للتقليل من أداء الواجب أو الحيلولة دونه في بعض الحالات، وهذا ما جعل بعض الفقهاء[8] يؤكد بأنه من الصعب جدا إعطاء تعريف واضح للغش الضريبي.
ويشترط لقيام الغش الضريبي توافر ثلاث عناصر:
· عنصر قانوني: أي وجود نص قانوني يجرم الفعل.
· عنصر مادي: أي مخالفة نص جبائي.
· عنصر معنوي: بمعنى التملص قصدا من الضريبة.
وبذلك فالغش الضريبي ينصرف للدلالة على لجوء الملزم إلى استعمال مجموعة من المناورات والوسائل الاحتيالية بكيفية غير مشروعة من أجل تقليص أساس الضريبة من جهة، أو التستر على مداخيل وعمليات خاضعة للضريبة أو الإدلاء بتصريح مزيف أو تشوبه مناورات تدليسية من جهة أخرى[9] .
ومن رواد هذا الاتجاه مجموعة من الفقهاء من بينهم الباحث MEHL الذي عرف الغش في كتابه العلوم والتقنيات المالية بأنه:" مخالفة للقانون الضريبي بهدف التملص من الضريبة أو التخلص منها[10].
أما بالنسبة ل Rosier فتعريفه للغش الضريبي ينصب على كل التعريفات المادية والعمليات المحاسبتية والأعمال القانونية وكذا الاحتيالات التي يلجأ إليها الملزم من أجل التخلص من تطبيق الضريبة[11].
وبشكل عام يمكن أن نخلص في الأخير إلى أن المفهوم الضيق للغش الضريبي يقتضي المس بالموارد المالية للدولة في حالات محددة يخالف فيها المكلف القانون الضريبي للحيلولة دون الجباية الضريبية وذلك باللجوء إلى ما يفيد هذا الغش كالاحتيال، والإغفال والتزوير، والتغيير، والإخفاء، والإتلاف، والاختلاس، والافتعال.
إلا أنه وفي ظل تنامي دور الدولة التدخلية وحاجتها المتزايدة للموارد اتجهت بعض الكتابات إلى الدفاع عن منظور واسع لمفهوم الغش الضريبي
أما عن الرؤية المعبر عنها في هذا الإطار (المفهوم الواسع) للغش الضريبي، فبمقتضاها يصبح هذا الأخير متوافرا كلما تم اللجوء لطرق تتيح التملص من الضريبة سواء اقترن ذلك أو لم يقترن بمخالفة نص جبائي[12] وعلى هذا الأساس فإن الغش الضريبي من هذا المنظور يتمثل في إعطاء أي تصور خاطئ للحقيقة أو تفسير مغلوط يؤدي إلى تملص من الضريبة، ولو لم يقترن ذلك بخرق جبائي وبالتالي يعتبر غشا ضريبيا، أي استغلال لثغرات القانون الضريبي.
ومن رواد هذا الاتجاه نجد الفقيه البلجيكي Margairaz الذي يرى أن إخراج بعض أفعال التملص من دائرة الغش الضريبي بدعوى أنها لا تخالف نصا جبائيا ليس إلا تبريرا واهيا ووسيلة للتملص كليا أو جزئيا من بعض الضرائب.
Duverger بدوره أيضا لم يخرج عن هذا الاتجاه، عندما اعتبر أن التهرب ليس سوى مصطلح شامل يحتوى كل مظاهرا لهروب من الضريبة بما في ذلك الغش الضريبي[13] وهو نفس الأمر نجده عند خبراء عصبة الأمم حينما أكدوا على أن التهرب الضريبي يتعلق بخرق عمدي للقانون وممارسة الإخفاء" وهو وصف ينطبق تماما على الغش الضريبي، وفي تعريف أيضا للتهرب الضريبي أكد (لوروج) بأن هذا الأخير ما هو إلا الشكل الأولي للغش الضريبي[14].
وهكذا من خلال المقارنة بين هذين الاتجاهين يظهر لنا أن الاختلاف بينهما قائما على أساس مخالفة نص جبائي من عدمه فنكون أمام غش ضريبي فقط إذا اقترن التملص من الضريبة بمخالفة نص قانوني بالنسبة للاتجاه الأول (المفهوم الضيق) في حين يذهب الاتجاه الآخر إلى القول بتوافر الغش الضريبي في جميع حالات التملص اقترن ذلك أو لم يقترن بمخالفة النص الجبائي (المفهوم الواسع) وهو ما يدفع على الأقل تحت تأثير هذا المفهوم فيما إذا كانت هناك حدود فاصلة للتمييز بين الغش الضريبي والتهرب الضريبي، أم أن هذا الأخير مجرد اسم مستعار للغش الضريبي[15].
سنقتصر من خلال هذه الفقرة على دراسة بعض الصور والأشكال الأساسية للغش الضريبي كمرحلة أولى على أن نسترسل في الحديث عن شروط تحقيق الغش الضريبي كمرحلة ثانية.
على العموم فإن صور الغش الضريبي لا حصر لها وذلك لأن القائمين بها دائما يتفننون في الكشف عن أساليب جديدة، ومن بين صور الغش الضريبي نجد:
الإخفاء القانوني: ويقصد به خلق وضعية قانونية ظاهرة تخالف الوضعية القانونية الحقيقية[16] ويتجلى في شكلين:
· الغش عن طريق العمليات الوهمية: بأن يعمد المكلف إلى وضع فواتير مزيفة من طرف أشخاص آخرين وينقص من قيمة الضريبة على رفع الأعمال التي توجد في هذه الفواتير.
· الوصف المزيف أو الصورية: وهي تتوافر في الحالة التي يبرم فيها عقد ظاهري ويتفق المتعاقدان على ألا يعكس التصرف الحقيقي المبرم بينهما بواسطة عقد آخر يظل خفيا عن عيون الإدارة الجبائية.
الإخفاء المادي أو المحاسبي: يمكن للمكلف الذي لا يلزم بالمحاسبة أن لا يصرح بالمداخيل أو المنتجات أو العمليات الخاضعة للضريبة، وهذا هو ما يطلق عليه الإخفاء المادي، أما الإخفاء المحاسبي فيكون في إطار المحاسبة بحيث يمكن للمكلف أن يزيد في خدمة تكاليفه الحقيقية كأن يحاول أن يدخل نفقاته الشخصية في التكاليف التي لا تخضع للضريبة، أو ينقص من مداخيله كأن يبيع بدون فواتير وأن يسجل بها أثمان أقل من تلك التي باع بها في الحقيقة[17] وعملية الإخفاء المحاسبي تترجم من خلال تقنيات متعددة تقوم بها الشركة وقد يظهر ذلك على ثلاثة مستويات:
- على مستوى المبيعات.
- على مستوى المشتريات.
- على مستوى المخزونات.
هكذا وعلى ضوء ما سبق، ما مر معنا يمكن القول إن صور الغش الضريبي كثيرة بحيث يصعب حصرها كلها، لأن القائمين بها دائما ما يتفننون في الكشف عن أساليب جديدة.
يقتضي لقيام الجريمة الضريبية استخدام الملزم بالضريبة وسائل محظورة من اجل تحقيق كسب جبائي على حساب الخزينة، أي أن يرتكب هذا الأخير جريمة جنائية تتوفر فيها جميع أركانها القانونية وهي الركن القانوني، المادي والمعنوي، وذلك بالشكل المألوف عليه في القانون الجنائي الخاص، وإلا فلا يمكن القول بقيام هذه الجريمة.
فالركن القانوني يقتضي أن يرتكب المكلف بالضريبة سلوكا مخالفا للقانون في إطار تشريعي محدد وهو القانون الضريبي[18] وذلك بهدف الحيلولة دون وصول الدولة إلى جباية حقها منه في الحالات التي أوردها هذا القانون على سبيل الحصر.
أما الركن المادي فيقتضي إتيان نفس الملزم بسلوك مطابق لأحد الوسائل التي أوردها القانون الضريبي في المادة 110 من الضريبة العامة على الدخل( الإقرار بدخل إجمالي يشتمل على بيانات غير صحيحة) والمادة 48 من الضريبة على القيمة المضافة( إغفال التصريح بالمداخيل والعمليات الخاضعة للضريبة) والبند الثالث من قانون الضريبة على الأرباح العقارية ( الإدلاء بإقرار مشوب بالنقصان في الربح المصرح به) والمادة 49 مكررة من قانون الضريبة على الشركات (1- تسليم أو تقديم فاتورات صورية،2- تقديم تقييدات محاسبة مزيفة أو صورية،3- بيع بدون فاتورات بصورة متكررة، 4- إخفاء أو إتلاف وثائق الحسابات المطلوبة قانونا،5- اختلاس مجموع أو بعض أصول الشركة أو الزيادة بصورة تدليسية في خصوصها قصد افتعال إعسارها.)
وإذا كان قوام الجريمة ركنها المادي وما ينطوي عليه من الفعل والنتيجة الإجرامية والعلاقة السببية بينهما، فلا بد لها من ركن معنوي الذي يقتضي توفر نية إجرامية متعمدة أو ما يعرف في القانون الجنائي الخاص بالقصد الخاص.
وهكذا لا يكفي تعريف الجريمة الوارد في القانون بالنص على ما يتعين ارتكابه من لدن المتهم، بل يذهب النص إلى طبيعة حالة المتهم الذهنية بشأن الفعل المرتكب ساعة الجريمة، ويعني ذلك ضرورة توفر القصد الذي يشير إلى حالة ذهن الشخص الذي لا يتوقع النتائج فحسب بل يرغب في إمكان تحقيقها[19].
ولعل السبب في اشتراط التعمد بهذا الشكل هو أن الغش الضريبي لا يؤخذ فيه بمجرد الخطأ في التصريح أو التكييف، وإنما لا بد من توفر نية تضليل الإدارة الجبائية للحيلولة دون الوصول إلى جباية حق الدولة من القوانين المقررة لها قانونا.
وتجدر الإشارة هنا إلى إن النية الإجرامية في جريمة الغش الضريبي يقع عبء إثباتها على عاتق الشخص الإجرائي المختص بتحريك الدعوى العمومية في هذه الجريمة ويتعلق الأمر هنا بوزير المالية الذي ألزمه المشرع بإحالة هذا النوع من الجرائم على وكيل الملك المختص، وذلك تبعا للمكان الذي ارتكبت فيه الجريمة المرفوعة بشأنها هذه الشكاية.
إن أهم ما تمت ملاحظته خلال محاولة إيجاد تعريف دقيق للغش الضريبي هو صعوبة الحصول على تعريف محدد وحصره وضبط مجاله، كما أنه يتداخل مع كثير من المصطلحات الأخرى مما يزيد من الصعوبات أكثر على مستوى التحديد، ورغم أنه لا يهم الاسم أو التسمية بقدر ما تطرح انعكاساته المالية، الاقتصادية والاجتماعية، فإن الأمر يستدعي ضرورة وضع حدود فاصلة بين هذه المصطلحات، طالما أن هناك العديد من الكتابات تعالج ظاهرة الغش الضريبي على أنه هو التهرب الضريبي، وأن هذا الأخير ما هو إلا الوجه المعكوس للغش الضريبي، وكأنه فعلا لا يوجد خلط وتداخل بين المفهومين وكمحاولة للخروج من هذه الإشكالية، سوف نحاول إبراز الممارسات التي تختلف عن الغش الضريبي (الفقرة الثانية) لكن قبل ذلك لا بأس القيام بمحاولة إيجاد تعريف دقيق للتهرب الضريبي (الفقرة الأولى) .
على عكس الغش الضريبي الذي يتجلى في خرق قواعد القانون الجبائي، يركن البعض إلى أن التهرب الضريبي إنما هو الاستعمال الماهر للنصوص الجبائية قصد دفع أقل ضريبة ممكنة، وذلك عن طريق عمليات خاصة ومنظمة تستهدف الثغرات والفراغات القانونية في النظام الجبائي، للاستفادة دون خرق قواعده أو المساس بها، لهذا يعتبر التهرب حسب هذا الاتجاه مشروعا[20].
وبمعنى آخر إن التهرب الضريبي هو تجنب الضريبة l’évasion fiscale الذي لا يتضمن مخالفة القانون ولا يعاقب عليها، كأن يعمل الأفراد مثلا على شراء سلعة معينة تفرض عليها ضريبة مرتفعة[21].
ويقود التهرب إلى إنقاص حصيلة الإيرادات العامة وبالتالي إلى إتباع سياسة مالية من شأنها تقليص حجم النفقات العامة التي تعد الوسيلة الوحيدة لإشباع حاجة المجتمع، للدفاع والتنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي... والتهرب الضريبي يؤدي في النهاية إلى انخفاض الاستثمارات وإلى هبوط المستوى المعيشي للأفراد ناهيك عن إضعاف مقدرة الدولة في المحافظة على الأمن وإعادة توزيع الدخول[22].
. ورغم أن التهرب الضريبي يشكل الظاهرة الأكثر دراسة وبحثا في المالية العامة، ورغم كتابة الكثير عن أسبابه وتجلياته ومراقبته ومحاربته، فإنه مفهوم غير دقيق والمجالات التي يمتد إليها لا زالت غامضة[23]، لأنه ينطوي على التعامل بذكاء مع أحكام النظام الجبائي قصد استغلال الثغرات وتوظيفها بكيفية ماهرة دون خرق لهذه الأحكام، وذلك من أجل تقليص عبء الضريبة أو استغلال النواقص التي تعتري النظام الجبائي من أجل التخلص من أداء الضرائب، كاللجوء إلى الاستثمار في القطاعات المعفية مثلا، وتبعا لذلك أصبح التهرب الضريبي يتجاوز الأساليب التقليدية كالعزوف على استهلاك بضاعة معينة، أو الامتناع عن الإنتاج بل تطورت تقنياته وأصبحت تتوخى الإفلات من الضرائب بطرق أكثر ذكاء، ومن هنا فإن التهرب يعتبر مشروعا لكونه لا يؤدي إلى خرق الأحكام الجبائية[24].
وإذا كان التهرب هو التخلص من الضريبة التي تسعى الخزينة اقتطاعها، فإنه يصبح لزاما التفرقة بين أوجه التهرب الضريبي كما يلي:
ويفيد امتناع الفرد عن القيام بأية تصرفات تنشئ الواقعة الضريبية، وبالتالي لا يجب عليه دفع الضريبة، وهذا التجنب الضريبي يتحقق بالامتناع عن القيام بأي عمل أو تصرف من شأنه إقصاء صاحب الضريبة وبالتالي فإن الفرد حر في اختيار التصرف المعفى من الضريبة كليا حيث إن الواقعة المنشئة للضريبة غير محققة وجزئيا باختيار وتفضيل مزاولة النشاط الأقل عبئا ضريبيا.
وما دامت الإجراءات الهادفة إلى التخفيف من العبء الضريبي أو إسقاطه مشروعة، فإن القانون اعترف للفرد بهذا الحق وبالتالي لا يسأل عن تصرفه السلبي هذا ما لم ينتهك القانون أو يحتال عليه.
إن التملص يفترض تحقق الواقعة المنشئة للضريبة بالفعل، مما يصبح معها تحقق الواجب الضريبي، غير أن الملزم يتملص من أدائه وذلك بعدم الفريضة الضريبية كليا أو جزئيا مستغلا سواء الإعفاءات الضريبية، أو القانون الضريبي أو النقص الذي يعتري نصوصه[25]، إلا أن الملاحظ هنا أن التهرب الضريبي أو التملص الضريبي وإن كان لا يشملهما القانون المغربي نظرا لأن الذي يمارسهما يعي ويعرف جيدا الثغرات القانونية ويستغل بذلك هذه الأخيرة لتحقيق مكاسبه المادية، فإنه من المنظور الاقتصادي لهما انعكاسات جد سلبية على المجتمع تتمثل بالأساس في ضياع أموال كانت لتكون في خزينة الدولة، وهي موارد أساسية وحيوية للدولة، وبدونها لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية طالما أن دولة نامية كالمغرب تعتمد بشكل كبير على الموارد الضريبية( حوالي 90% من مداخيل الدولة هي من أصل ضريبي)
في الحقيقة إن مسألة التمييز بين كل من الغش الضريبي والتهرب الضريبي ليست بمسألة سهلة، وهذا ما أكد عليه كثير من الفقهاء، فعلى الرغم من التعاريف والمفاهيم الجديدة التي أعطيت لهاتين الظاهرتين فإن الأمر لا يزال يطرح صعوبات جمة خاصة على مستوى التحديد، ولعل السب في ذلك هو التقارب الكبير بين هذين المفهومين من الناحية الظاهرية.
يتبين من التعريفات المختلفة السابقة الذكر أن معظمها قد ميز بين التهرب الضريبي من جهة والغش الضريبي من جهة ثانية، واعتبر الأول مشروعا على أساس أنه مستوحى من النصوص القانونية نفسها، ولم يخرج عن نطاقها، بينما اعتبر الثاني غير مشروع ويجب معاقبته[26].
انطلاقا مما تقدم يمكن القول إن أوجه التداخل الجوهرية والمشتركة فيما بين المفهومين نجد نية التملص من الضريبة والإفلات من أداء الواجبات الضريبية ، وهو الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى القول بأن التهرب هو تحايل يرقى إلى مرتبة الغش، أو على الأقل ينبغي أن يلقى نفس التنديد[27] في حين يرى الاتجاه الراجح أن التهرب الضريبي الذي لا يلجأ فيه لوسائل محظورة لا يعتبر إلا مجرد مهارة مشروعة[28].
وقد استقر القضاء الضريبي على وجود أربعة شروط مجتمعة لاعتبار التهرب مغالى فيه ومستوجبا لتطبيق الغش الضريبي على أساس التعسف في استعمال الحق وتتمثل هذه الشروط في:
- أن يكون العقد المبرم مخالفا للممارسات العقدية المألوفة.
- أن يتسم إبرامه بقصد التملص من الضريبة فقط.
- أن تكون النتيجة الاقتصادية الناتجة عن هذا العقد مماثلة بشكل محسوس للنتيجة التي يمكن أن يؤدي إليها عقد عادي منشئ للضريبة.
- أن يكون في اتجاه القانون ومقاصده ما يؤدي إلى فرض الضريبة على هذا العقد.
إلا أنه ومن ناحية أخرى ورغم كل الجهود الفقهية والاجتهادات القضائية المبذولة فإن مسألة التمييز بين الغش الضريبي والتهرب الضريبي وإن كانت هناك نقط كثيرة يتشابهان فيما تبقى صعبة وتختلف باختلاف الأنظمة الضريبية وباختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لأن الأمر يتجاوز الإطار النظري إلى الإطار العملي، بهذا الصدد اجتهدت الجمعية الضريبية الدولية(TFA)venise à association fiscale internationale سنة 1983 لاقتراح تمييز بينهما وبعد يومين من الاشتغال لم تخرج بنتيجة[29].
إذا الغش الضريبي هو استعمال الملزم لوسائل غير قانونية لتضليل الإدارة الضريبية[30]، وأن التهرب الضريبي هو الاستعمال الماهر للنصوص الجبائية قصد دفع أقل ضريبة ممكنة عن طريق عمليات تستهدف الثغرات والفراغات القانونية في النظام الجبائي، إلا أنه رغم المعايير المقترحة فلا زالت هناك صعوبة في ضبط مجالهما وتحديد مفهومها بشكل أدق وما يزيد نطاق هذه الصعوبة هو التداخل والخلط الموجود بينهما، لذلك هناك من وضع خمسة معايير لتحديد ما إذا كان هناك تهرب ضريبي أو غش ضريبي وهي:
- الدافع Motif
- التصنع Simulation
- الربح Profit
- التحديد من طرف النصوص القانونية
غير أن هذه المعايير يمكن أن نلاحظ أنها معايير ذاتية أكثر منها موضوعية ويبدو ذلك من صعوبة تطبيقها لقياس الخرق القانوني.
أما بالنسبة للاقتصاديين فقد اختلفوا في تحديد المعيار الذي يتم على ضوئه تمييز التهرب عن الغش الضريبي ويمكن رد هذا الاختلاف إلى ثلاث اتجاهات رئيسة:
أ- الاتجاه الأول: يمثله الفقيه م. روسيه M. Rossier ومؤداه أن فكرة التهرب الضريبي هي فكرة أعم وأشمل من فكرة الغش الضريبي، فالتهرب هو الجنس أما الغش فهو النوع.
ب- الاتجاه الثاني : يمثله كل من" M. letouge" و"M.a. piatier " وفحواه أن التهرب ما هو إلا الشكل الدولي للغش الضريبي، فالغش في نظرهم ، وعلى خلاف الاتجاه الأول هو الجنس بينما التهرب هو النوع أصحاب هذا الاتجاه يرون إن هناك نوعين من الغش، غش على الصعيد الداخلي وغش على المستوى الدولي، وهذا الأخير هو الذي يمثل التهرب الضريبي.
ت- الاتجاه الثالث : يمثله M.Gaudemet ومفاده أن التمييز بين التهرب والغش يقوم على أساس فكرة الشرعية، فالتهرب يكون إما شرعيا أو قانونيا، أما الغش فغير شرعي أو قانوني، وبصورة أوضح فإن المكلف في التهرب الضريبي يتجنب الخضوع للضريبة دون أن يقوم بأي سلوك أو تصرف يعد انتهاكا للقانون وهذا ما يسمى بالتهرب الضريبي الشرعي في حين إذا استخدم المكلف حيلا تدليسه لتجنب الضريبة انطوى على سلوك غير مشروع وهذا ما يسمى التهرب الضريبي غير الشرعي مما يعني الغش الضريبي[32].
وعموما يمكن القول أن التهرب الضريبي يمكن أن نجعله في مجموعة من السلوكات التي تهدف إلى تقليص مستوى الاقتطاعات الواجب أداؤها، وأحيانا يمكن تصنيف مفهوم التهرب الضريبي داخل خانة التصرفات الشرعية، نظرا لوجود ثغرات قانونية يستطيع معها المكلف استغلالها لصالحه، وعلى عكس من ذلك يصبح في الحالة الأخرى مرادفا حقيقيا للغش الضريبي إذا ما تم خرق تلك الأسس القانونية بشكل مغالى فيه، ولذلك فكلما كانت التشريعات الجبائية معقلنة وبدون ثغرات قانونية، كلما قلت استطاعة المكلف من التهرب من أداء ضرائبه وبالتالي يجد نفسه مضطرا لاحترام التزاماته الجبائية.
نظرا لأهمية الغش الضريبي وآثاره المتعددة، فإن جميع الدول نهجت أسلوب يعتمد على دراسة أسباب هذه الظاهرة التي تكاثرت وتوالدت لتنتج لنا ألوانا عديدة في إبداع طرق للغش وإذا كان العديد من المهتمين قد تطرق إلى أسباب الغش الضريبي[34] فهناك اتفاق شبه تام على أنها مالية اقتصادية واجتماعية ونفسية، أي أنها ترتبط في غالبيتها بسياسات الحكومة والوضعية الاقتصادية للملزم، هذا ونجد أغلب الدول لا تحرك ساكنا اتجاه هذا المشكل، وكأنها لا تسعى إلى حله، بل تضغط بالضرائب على الأجور والمرتبات عبر الحجز عند المنبع كما هو الشأن في المغرب تاركة حرية التهرب لأصحاب المهن الحرة والتجار، مما تعكس تجليات هذا الغش بإضافة أسباب أخرى تشجع المكلفين على عدم أداء الضرائب.
إذن ماهي أهم أسباب الغش الضريبي (المطلب الأول)؟ وما هي أهم تجلياته( المطلب الثاني)؟
لماذا نهتم بعوامل وأسباب الغش الضريبي؟ نطرح هذا السؤال لأننا نعرف مسبقا أن ظاهرة الغش الضريبي هي ظاهرة غير شرعية تؤثر في القطاعات العامة، والتي تثقل كاهل مجموعة من المكلفين، وتعيق مبدأ التساوي والعدالة أمام الضريبة[35]
انطلاقا مما سبق فان انتشار أي ظاهرة في مجتمع ما هي إلا انعكاسات لمحيط توافرت فيه الشروط الملائمة لذلك، والتي ساعدت على نحوها واتساعها، والغش الضريبي أحد الظواهر التي تفشت بشكل لافت للنظر في أغلب المجتمعات،[36] وذلك لأسباب عديدة منها الأسباب القانونية والاقتصادية (الفقرة الأولى)، والأسباب الاجتماعية والنفسية (الفقرة الثانية).
سنتناول في هذه الفقرة الأسباب القانونية (أولا)، والأسباب الاقتصادية (ثانيا)
عندما يكون التشريع الجبائي يغطي جميع القطاعات يكون تشريعا مضبوطا يقتضى إدارة جبائية كفؤة، لكن حينما يكون القانون متساهلا، ويعفى كثيرا من القطاعات يؤدى الحال إلى ظهور فئة تسعى إلى الغش الضريبي، في هذا الإطار يدخل التشريع الجبائي المغربي بمميزاته من قبيل عدم اتساعه، وتواجد العديد من القوانين الاستثنائية التي تصبح عائقا أمام أي إصلاح أو تفعيل للوظيفة الحقيقية للضريبة.
كما أن عدم الاستقرار الذي يعرفه النظام الضريبي المغربي والتعديلات المتكررة التي تتضمنها قوانين المالية كل سنة، تجعل النصوص الجبائية تفقد معناها الأصلي والأهداف المتوخاة منها، فكثرة النقائص والثغرات والتعقيدات على مستوى النصوص المنظمة لمختلف الضرائب فتحت ثغرات عميقة وخلقت صعوبات في تكييف الحالات الضريبية.
وهي ترتبط أساسا بطبيعة النظام الجبائي، فمثلا في أوروبا - كما هو الشأن في المغرب- يقاس الجانب الاقتصادي على أساس قدرة المكلف على الأداء، إذ نجد صاحب الدخل لا يحتفظ سوى ب 40%إلى 50% من دخله وربحه ويعطى الباقي للدولة[37]،فهذه الاقتطاعات الإجبارية تؤثر على دخل الشخص سواء كان شخصا معنويا أو طبيعيا، لذلك فكلما ارتفع مستوى الاقتطاع إلا وارتفعت مستويات الغش الضريبي، والعكس صحيح ومعظم الدراسات الاقتصادية الدقيقة جاءت لتؤكد تلك المعاينات البديهية[38]
من هنا يتبين لنا درجة الضغط الجبائي الذي يؤدي إلى تغييرات في مجرى الحياة الاقتصادية، وتتفاوت أبعادها بصفة عامة تبعا لحجم الاقتطاعات الضريبية، لذلك فإن أهمية البحث في مفهوم الضغط الجبائي تتجلى في كون هذا الأخير من أهم العوامل التي تدفع بالمواطنين إلى التهرب من الضرائب ومحاولة التملص منها، حيث أظهرت النظريات في الميدان الجبائي أنه كلما ارتفعت حدة الضغط كلما أدى ذلك إلى التملص من الالتزام بدفع الضرائب المستحقة وإغلاق بعض المؤسسات الإنتاجية، ولعل هذا ما يفسر ارتفاع نسبة الغش الضريبي في المغرب حيث أصبح هذا الأخير بلد الضغط الجبائي بامتياز.
كذلك من الأسباب الاقتصادية نجد الاقتصاد غير المهيكل l’économie informelle الذي يحيي الغش الضريبي، فالأنشطة الممارسة في هذا القطاع نوعان أنشطة سرية وأنشطة ظاهرة: فإذا نظرنا إلى هذه الأنشطة بصفة منفردة يتبادر إلى الذهن على أنها لا تشكل أية أهمية في المشاركة في الضريبية، بينما إذا تمت ملاحظتها على المستوى الإجمالي فبالتأكيد أنها تشكل دعامة جبائية لا يستهان بها[39]. فالقطاع غير المهيكل قد يضر بوحدات لها مكانة مالية مهمة والتي يمكن أن تتخلص من الضريبية جزئيا أو كليا[40]،لأن الإحصاءات حول تطور الاقتصاد غير المهيكل، تفرض على الإدارة الجبائية الاهتمام بهذا القطاع والعمل على إدماجه[41]، إلا أن ذلك يصطدم بغياب تشخيص لكافة الملزمين والأنشطة الاقتصادية بالإضافة إلى انتشار الأمية لدى أغلب المستغلين داخل هذا القطاع، ومن هنا تبرز أهمية الرقابة الجبائية للقطاع غير المهيكل التي يمكن إن تشكل مورد المعلومة حول هذا القطاع، وبالتالي حصر المجال الضريبي ومكافحته[42].
ومن جهة أخرى عندما نقول إن الضريبة بدون مقابل، صحيح أن هذه الفكرة هي المغزى من فرض الضرائب لكن لا بد للمواطن أن يتلقى المقابل ولا بد له أن يتحسس ويلمس أين تذهب أمواله[43]، أي أنه يجب أن تصرف من أجل المصلحة العامة حيث يرى بعض الفقه في هذا الصدد بأن السياسة الضريبية تكون غير واضحة الأهداف بسبب صرف الضرائب في غير الأغراض المعدة لها، مما يدفع المكلفين إلى تجنب دفعها محاولين في ذلك عدم مخالفة الأنظمة والقوانين التي تفرض هذه الضرائب، هذا بالإضافة إلى الشعور المزعج، الناتج عن عدم ارتياحهم أمام عدم إتباع الدولة لسياسة عادلة أثناء فرضها, وبصفة خاصة إعفاء بعض المستثمرين من أدائها تشجيعا على دخول الاستثمار الأجنبي، رغم أن هذا الاستثمار لا يرتبط بتاتا بهذا الإعفاء بقدر ما يرتبط بالاستقرار السياسي أو بتوفير يد عاملة رخيصة[44].
سنتناول في هذه الفقرة الأسباب الاجتماعية (أولا) والأسباب النفسية( ثانيا)
انطلاقا من الفصل 17 من الدستور المغربي[45] تقتضى العدالة الاجتماعية بأن يساهم كل مكلف حسب قدرته في تغطية نفقات الدولة، بحيث تقوم الدولة بتحصيل ديونها العمومية في المجال الضريبي، وتعمل على إعادة توزيعها بحسب المتطلبات الاجتماعية من خلال إنجاز مشاريع التنمية ومساعدة الفئات الضعيفة ومحاربة الفقر والبطالة وما إلى ذلك من البرامج التي تهدف تحقيق التنمية الشاملة، وكل ذلك اعتمادا على المداخيل التي تحققها العائدات الضريبية بشكل أساسي، مع الحرص على إلزام الجميع كل حسب قدرته على الالتزام بدفع الضريبة وحينما لا تستطيع الدولة أن تجبر الجميع على دفع الضريبة بحسب قدرتهم، وتنتشر ظاهرة التهرب من دفع الضريبة وتقل مداخيل الدولة،فذلك يدفعها إلى الرفع من مساهمة المكلفين الذين لا يستطيعون أن يتهربوا كالموظفين مثلا حين تقتطع الضريبة بالنسبة إليهم من المنبع أو تقوم الدولة بالرفع من مساهمة الضرائب غير المباشرة كالزيادة في سعر الضريبة على القيمة المضافة...[46] فهنا نجد العدالة الجبائية التي يسعى إليها الفصل 17 من الدستور تفرغ من محتواها طالما إن الغني لا يؤدي بسبب تواطؤ البنية الجبائية المغربية، وتسييس القرار الجبائي عبر عدم فرض ضرائب جديدة تتعلق على سبيل المثال وليس الحصر بالضريبة على الثروة، مما يؤدي كنتيجة حتمية إلى المساهمة في تضييق الوعاء الجبائي.
العوامل النفسية هي نتيجة لمحاربة بعض السلوكات الأخرى، كانعدام العدالة الجبائية وعدم تحقيق منافسة شريفة بين الشركات، لأنه نجد في بعض الأحيان أنه لا تكون هناك علاقة الضغط الجبائي بالغش الضريبي، وإنما وجود جوانب نفسية من قبيل سرقة مال الدولة لا يشكل عيبا عند المكلف الذي يعتبره مالا مباحا، وبالتالي عندما لا يؤدي ضرائبه لا يعتبر نفسه أنه يقوم بعمل إجرامي وإنما بعمل مشروع، وهذا يقتضي وعيا جبائيا لأن الأمر مرتبط بعوامل أخرى مثل الأمية، ورغم وجود العديد من المختصين والمثقفين في الجانب النفسي، فإن ظاهرة الغش الضريبي في تزايد مستمر، لذلك لا بد من وجود علاقة ديمقراطية وإدخال فكرة أساسية مفادها أن الضريبة هي ممثلة من طرف البرلمان الذي هو الشعب بنفسه[47].
وقد جرت العديد من استطلاعات الرأي حول تكييف المتهرب من الضريبة، والتي بينت أن 4% منهم بمثابة خائن لوطنه، و %18 منهم بمثابة شخص لا يحترم نظام مرور السيارات في حين أن 53% من الأفراد يعتبرونه كرجل أعمال يستغل الفرص للمحافظة على أمواله، بمعنى أن الغالبية العظمى ترى أن المتهرب لا يضر بالوطن أو بالآخرين[48] وفي هذا الصدد يقول الفقيه "شمولدرز" أن الرأي العام لا يضع التهرب الضريبي موضع السرقة، بل إن الإدارة الضريبية نفسها لا تعتبره عملية تمس السمعة الشخصية للفرد.
ومن جهة أخرى يمكن أن نسجل من استطلاعات الرأي لسنة2000 في فرنسا عدم رضا غالبة الفرنسيين اتجاه النظام الجبائي، إذ نجد 26% من الأشخاص عبروا على أن الاقتطاعات الإجبارية هي اقتطاعات لا يستطيعون تحملها،و حوالي 60% منهم عبروا عنها بالخطيرة، ومن خلال استطلاع جديد أجراه معهد BVA لفائدة معهد paul Delouvrier تم تأكيد المعاينات السابقة،حوالي 62% من الأشخاص لهم رأي سلبي حول الجباية وكذلك حصد الضرائب، و 21 % لهم رأي أكثر سلبا[49]، هذا ونجد – حسب استطلاع الرأي العام- أن 53% لا يعرفون حقا مصير الضرائب التي يؤذونها[50]، ثم إن ارتياح الشخص لمواقفه أو عدم ارتياحه لها، نابع من تقديراته لمصلحته الشخصية، وهو ما يعبر عنه بمنفعته الجدية، فالشخص الذي يعمل لكن يؤخذ منه كل مقابل هذا العمل أو جله، فإنه لا يرتاح إلى هذا العمل، ويحس بظلم يجعله يعتقد أنه من العدالة رده، وأقرب رد إليه هو اقتصاصه لنفسه بعدم دفع ما يجب عليه[51]،
ويمكن القول إن المكلف غالبا ما ينتظر من مساهماته الضريبية تعاملا مشروعا من طرف الإدارة وجعلها مقرونة بمدى مساهمته حتى لا تتأثر إرادته في التزامه بتحمل مسؤولياته ويؤدي الحال به إلى الالتجاء للغش الضريبي.
بالإضافة إلى كل هذا هناك نقاط كثيرة تتعلق بنظرة المكلف إلى الضربية، إذ أن رفضه لها ما هو إلا نتيجة نظام جبائي سيء وتدبير أسوأ ظل قائما منذ القرن التاسع عشر واستمر إلى فترة الحماية، بل الأكثر من ذلك، أن الضربية في المغرب دائما ما كانت مرتبطة بالسلطة وأن الذي لم يكن يؤديها هو الذي مرتبط ببلاد السيبة، كما أنها كانت السببب التي أعطى لنا المغرب النافع وغير النافع، حتى التحالفات التي كان يقوم بها الحاكم في المغرب كانت تقوم على أساس الضربية، التحالفات مع (الزوايا، القبائل، الدول الأخرى...).
وعلى العموم يمكن القول إن ظاهرة الغش الضريبي هي ظاهرة جد معقدة إذ تتداخل فيها عوامل وأسباب مختلفة تساهم بشكل كبير في عدم تأدية الضرائب بالنسبة للمكلفين،وهي أسباب لا يمكن فصلها عن النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي وبالتالي يجب فهمها في شموليتها لأنها ظاهرة تؤدي إلى مساوئ جمة، وتعطى لنا أكثر ضحايا، لذلك من أجل القضاء على هذه الظاهرة يجب أن ترتكز المقاربة بالأساس حول مسألة المراقبة والجزاءات، وذلك بغية كبح طموحات المتملصين من الضريبة، أو المكلفين الذين هم على استعداد تام للتملص من هذه الأخيرة، ومع ذلك كوننا لا نفهم ما يؤثر بالضبط في سلوكات المكلفين، فإن السلطات العامة تبقى عاجزة للقضاء على هذه الظاهرة، وعاجزة أيضا عن معرفة أسبابها الحقيقية والفعلية، لأن إستراتيجيتها في التعامل مع هذه الظاهرة غالبا ما تكون غير فعالة.
وفي هذا الاتجاه أكدت L’ODCE التي أسست عملها على مجموعة من الدراسات المتعلقة بتدبير المخاطر لمخالفة الضريبة على أنه:"ليس من الضروري الانطلاق من أن فكرة الساكنة المستهدفة بإمكانها تغيير سلوكاتها بمحض إرادتها، وإنما يتحتم على السلطات الجبائية أن تفهم سبب سلوكات المكلفين الذين يتملصون من الضريبة[52].
في الواقع هناك صعوبة في رصد ظاهرة الغش الضريبي بالأرقام، والمعطى هو فقط بعض التقديرات، حتى في الدول المتقدمة نجدها تعاني نفس المشكل فمثلا الاتحاد الأوروبي سنة 2006 طالب وألزم جميع الدول المنضوية تحت لوائه بتناول هذه الظاهرة بالأرقام، إلا أنه ولحد الآن لا نجد أرقاما وذلك لصعوبة هذه الظاهرة،وإذا كانت ظاهرة الغش الضريبي مشتركة بين جميع الأنظمة سواء منها المتقدمة أو المتخلفة فحجمه في هذه الدولة الأخيرة يثير الدهشة، لأنها دائما تشتكي من عجز في خزينتها ومن قلة مواردها الضريبية وهو ما يعود إلى نسب الغش فيها التي تتراوح عادة بين 4-5 و 10-9 من الموارد الجبائية[53]
وانطلاقا مما سبق سنناقش من خلال هذا المطلب تهرب الشركات من أداء الضريبة (الفقرة الأولى) على أن نسترسل في الحديث بامتداد هذه الظاهرة إلى الملزمين بالضريبة على الدخل (الفقرة الثانية).
حسب المعطيات المتوفرة لم تلتزم سوى 81 ألف و 400 شركة بأداء الضريبة على الشركات برسم سنة 2004 في حين كانت هناك حوالي 121 ألف و 400 شركة منخرطة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إضافة إلى 68 ألف شركة مجهولة الاسم وشركة ذات المسؤولية المحدودة تم إحداثها خلال الفترة الممتدة من 1995 إلى 2005، وهو ما يؤكد ان عددا كبيرا من هذه الشركات لم تخضع للاقتطاع الضريبي.
إن كثير من المعطيات تؤكد إن نسبة قليلة من المجتمع المغربي هي المعنية بالاقتطاعات الضريبية، هكذا نجد أن أكثر من ثلث المبالغ المحصل عليها من الضريبة على الشركات التي يقدر ب 24.8 مليار درهم برسم سنة 2006، مصدره خمسون شركة مدرجة في بورصة الدار البيضاء، كما أن المبلغ المقدر بحوالي 23.9 مليار المحصل من الضريبة العامة على الدخل مصدره حوالي مليوني أجير وهو ما يعادل حوالي 7% من سكان المغرب وحوالي 20% من السكان النشيطين المصرح بهم، وقد أصبح التملص الضريبي والغش الضريبي، حسب الكثير من الدارسين سلوكا شبه مقبول، حيث انتشر التأخر في أداء الضرائب والتماطل من أجل ربح المزيد من الوقت، وقدرت الغرامات والذعائر المترتبة عن ذلك بحوالي 1.2 مليار درهم وهو المبلغ الذي راهن عليه القانون المالي 2007[54] هذا ونجد ارتفاع نسبة الشركات المصرحة بالعجز 64% سنة 2007 مقابل 60% سنة 2005.
ومنذ إصلاح 1961 لم تسجل أية محاولة بالمغرب لتقييم الغش الضريبي خصوصا فيما يخص الضريبة على الدخل وكذا أرباح المؤسسات والشركات الخاصة، وباستثناء دراسة صندوق النقد الدولي على عينة مكونة من 90 شركة الأكثر أهمية سنة 1985 والتي كان هدفها إعطاء نموذج للمعطيات الميكرو-اقتصادية لتحليل البنيات الاقتصادية والمالية للشركات، وكذا تقييم الغش الضريبي فإن المحاولات الأخرى في هذا المجال تتميز بكون كتابها لا يتجاوز مرحلة إصدار مجموعة من المعلومات .
تشير إحصائيات المديرية العامة للضرائب أن عدد الملزمين الخاضعين للضريبة على الدخل بلغ حوالي 2.66 مليون ملزم برسم سنة 2003 وارتفع هذا العدد إلى 2.8 مليون ملزم برسم سنة 2004-من الواضح أن هناك ارتفاع مهم في نسبة فئة الملزمين.
إن الأرقام الرسمية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تشير إلى أن عدد المأجورين المصرح بهم برسم سنة 2006 بلغ حوالي 435-705 .1 مليون مأجور[55] إضافة إلى حوالي 600000 ألف شخص في الوظيفة العمومية وحوالي 150 ألف شخص في الجماعات المحلية، وما بين 300 و 400 ألف شخص في القوات المسلحة، وهو ما مجموعه 2.8 مليون مأجور خاضع للضريبة على الدخل مع مراعاة التدابير الجبائية الجديدة المتعلقة بالإعفاء التي جاء بها القانون المالي لسنة 2007 إذ أصبح حوالي 280 ألف أجير يتمتعون بالإعفاء من الضريبة على الدخل حيث تم رفع الشريحة المعفاة من 20 ألف إلى 24 ألف درهم.
وفي نفس الإطار تحدد معطيات المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية أن هناك 277 ألف و 500 شخص طبيعي سجلوا أنفسهم خلال الفترة ما بين 1995و 2004 في السجل التجاري كما إن الإحصاء الاقتصادي المنجز من قبل مندوبية التخطيط عند نهاية سنة 2006 رصد ما لا يقل عن 600 ألف وحدة تشتغل في التجارة، وهناك أرقام قطاعية أخرى لا تقل أهمية ويجب أخذها بعين الاعتبار والتي تشير إلى وجود 5500 عيادة طبية وعدد مهم من الصيدليات فاق 8000 صيدلية، وأكثر من 2000 عيادة لطب الأسنان، حيث يعتبر مالكوها أصحابها نظريا خاضعين للضريبة على الدخل بطبيعة الحال، دون إغفال مكاتب المحامين والموثقين والمهندسين المعماريين والخبراء المحاسبين ومهن حرة أخرى، وهو ما يعني أن رقم 2.8 مليون من الملزمين في الوقت الراهن لا يعكس الوعاء الضريبي الحقيقي[56]
ونظرا لحجم وأهمية الضريبة على الدخل في النسق الجبائي المغربي، فالغش الضريبي في مجال الضريبة على الدخل يؤثر بشكل كبير على المردودية la rentabilité de l’impôt وعلى العدالة الجبائية [57]la justice fiscale.
وعموما يمكن القول أنه من الصعب جدا حصر حجم ظاهرة الغش الضريبي في المغرب بالأرقام بل حتى في الدول المتقدمة، فالدراسات والأبحاث في المجال جد قليلة والوصول إليها يبقى من الصعوبة بمكان، فرغم وجود بعض الإحصائيات إلا أنها لا تعكس الوعاء الضريبي الحقيقي.
لقد تبين لنا إذن بأن الغش الضريبي هو مظهر من مظاهر اختلال مبدأ قبول الضريبة le consentement a l’impôt فرغم التنصيص الدستوري عليه سواء بالمغرب في الفصل 17 أو بفرنسا المادة 14 من دستورها لسنة 1998، فالغش الضريبي يعتبر مقاومة للضريبة مما يجعل شعار "عاشت الضريبة vive l’impôt " بدون سند نظر لطغيان ظاهرة الغش الضريبي. كما تبين أن الخوض في هذه الظاهرة كمصطلح يطرح مجموعة من التساؤلات التي تجد أساسها في الغموض الذي يعتريه بسبب وجود عدة أوصاف لنفس المصطلح، ومن جهة أخرى تعددت أسباب الغش الضريبي وارتفعت حدتها، فهي ثارة عوامل قانونية واقتصادية، وثارة أخرى عوامل اجتماعية ونفسية، وتبقى مسألة التخفيف من هذه الظاهرة أم واردا في إطار سياسة شمولية تهدف إلى إصلاح جبائي ينطلق من الواقع المعاش، وهذا يتطلب أخذ المبادرة في إخراج النصوص القانونية التي تعاقب المتهربين وبلورتها على أرض الواقع.
[1] - Conseil des prélèvements obligatoires : la fraude au prélèvements obligatoires et son contrôle. Mars 2007
[2] - أحمد حليبة:" التهرب الضريبي وانعكاساته على التنمية بالمغرب" أطروحة لنيل الدكتوراه الوطنية في القانون العام، وحدة علم الإدارة والقانون الإداري جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- أكدال الرباط- 2007-2008 ص 26.
[3] - وفي نفس الاتجاه اعتبر SHMIDT الغش الضريبي:" هو الإخفاء المقصود اتجاه الإدارة الجبائية للموارد والمداخيل والذي يستهدف من وراءه التملص من اداء الضريبة" Jean chmidt : L’entreprise devant l’impot Bordas connaissance 1972 p 119:
= في حين اعتبره الدكتور محمد شكيري :" إخفاء غير شرعي لكل أو بعض المدخول الخاضع للضريبة" محمد شكيري التشريع الضريبي المغربي، الطبعة الأولى 1998-1997ص 200.
[4] - فوري عبد المنعم:" المالية العامة والسياسة العالية" الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الإسكندرية، ص 223.
[5] - فتيحة المعاشي:" وضعية المكلف في التشريع الضريبي المغربي وعلاقته بالإدارة"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس الرباط- أكدال 2000-2001 ص 105.
[7] - يحيى الصافي وآخرون:" الغش الضريبي" طبعة 1996ن مطبعة الهلال العربية للطباعة والنشر، الرباط ص 18.
[8] - - من بين هؤلاء الفقهاء نجد Claude martinez Jean الذي يأكد بأنه:" رغم المعايير المقترحة للغش الضريبي إلا أن تعريفه لا زال مشوبا بعدم التحديد، ومن تم فإن تطبيقه غير دقيق على المستوى القانوني".
Jean Claude Martinez : la fraude fiscale- que sais-je.P.U.F.1984 P 13.
[9] - محمد حنين:" تدبير المالية العمومية الرهانات والإكراهات" دار القلم للطباعة والنشر الطبعة الأولى 2005 ص 293.
[10] - Mehl et belham: sciences et techniques fiscale, tome II, lucien 1959, d’apres lhan mansouri, la fraude fiscale au maroc, mémoire du cycle normal( ENA) 1991-1992 p13.
[15] - بالنظر لما نجم عن تعريف الغش الضريبي من خلط أحيانا وتداخل أحيانا بين هذا الأخير ومفهوم التهرب الضريبي يستحسن التساؤل عما إذا كان هناك مجال للتمييز بين المصطلحين - هذا ما سيكون موضوع المطلب الثاني من هذا المبحث.
[16] - حليمة حر:" آفة الغش الضريبي ومدى مساهمة فرق الأبحاث والتحقيقات في التخفيف منها وتقليصها" جامعة الحسن الثاني- الدار البيضاء 2001-2002 ص 20.
[17] - Nabil bosairy ; le contrôle fiscale et de la lutte contre la fraude et l’évasion fiscale ( contexte marocain) mémoire pour l’obtention du DESA univ Hassan II faculté des sciences juridiques économiques et sociales- Casablanca- 1998-1999 p16.
[18] - ويتمثل هذا القانون في النص الضريبي الذي بموجبه تم تحديد مجموعة من المخالفات الضريبية التي تعتبر مخالفة يعاقب عليها بغرامات مالية أو بعقوبات حبسية، ويتعلق الأمر هنا بالمادة 49 المكررة من القانون رقم 85-30 المنظم للضريبة على القيمة المضافة الصادر بتاريخ 20 دجنبر 1985 والتي تقابلها المادة 43 مكرر من القانون رقم 86-24 المحدث للضريبة على الشركات الصادرة بتاريخ 21 دجنبر 1986، وكذا المادة 111 المكررة من القانون رقم 89-17 المنظم للضريبة العامة على الدخل الصادر بتاريخ 21 نونبر 1989، أنظر عبد الرحمان أبليلا، الغش الضريبي بين التجريم وعدمه، مجلة المعيار يونيو 2006 ص 6.
[19] - صفية محمد صفوة:" القصد الجنائي والمسؤولية المطلقة" – دراسة مقارنة- ترجمة عبد العزيز صفوت الطبعة الأولى، دار ابن زيدون 1986، ص .88.
[20] - حسناء الكاملي:" الغش الضريبي في المغرب" حالة الضرائب المباشرة، وحدة المالية العامة، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، 2002-2003 ص 7.
[21] - صباح نعوش:" الضرائب المباشرة في المغرب، الإصلاح، الجزء الأول، مطابع افريقيا للشرق، الدار البيضاء 1987 ص 157.
[26] - بثينة المرتجي:" الغش الضريبي وآثاره"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، تخصص الإدارة والتنمية، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- بطنجة 2007-2008 ص 25.
[27] - كريم ادعاني:" تجريم الغش الضريبي في المغرب"،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة العلوم الجنائية،- جامعة عبد المالك السعدي وحدة العلوم الجنائية -2006-2007 ص 27.
[29] - Loic philipe et autres : dictionnaire encyclopédique de finances publiques, ED economica 1991,p 855.
[30] - قد يتم ذلك عند تحديد الوعاء الضريبي كعدم التصريح أو التصريح ببيانات خاطئة إما أثناء تحصيل الضريبة كإخفاء الملزم لأمواله وافتعال العسر
[31] - للمزيد من الإطلاع والتوسع حول هذه المعايير نحيل إلى فتيحة بلعماري، إشكالية التهرب الضريبي الدولي في إطار العلاقات الاقتصادية الدولية، أطروحة لنيل الدكتوراه، شعبة القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، 1985 ص 4.
[32] - سوزي عدلي ناشد:" ظاهرة التهرب الدولي وآثارها على اقتصاديات الدول النامية"، طبعة 1999، دار المطبوعات الجامعية الاسكندريةن ص 28.
[34] - غير أن أهم الأسباب على الإطلاق تبقى تلك الناتجة عن تعقد القوانين والتشريعات الضريبية وعدم استقرارها - نقص أو محدودية الوسائل والإمكانيات المادية والبشرية والتي تعتمد عليها الإدارة في تأدية المهام المنوطة بها، ضعف الوعي والمواطنة الجبائية عند المكلفين، غياب التواصل بين الإدارة والمكلف، بصفة عامة هي أسباب عائدة إلى الإدارة الضريبية والمكلف بالضربية والتي تساهم بشكل كبير في تعميق الهوة وتشنج العلاقة بينهما- أنظر الفصل الأول من القسم الثاني-.
[36] - عيسى بولخوج:" الرقابة الجبائية كاداة لمحاربة التهرب والغش الضريبي" رسالة لنيل شهادة الماجستير في العلوم الاقتصادية، جامعة الحاج لخضر، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير- الجزائر 2004، ص 16.
[37] - حميد النهري بن محمد:" محاضرات في انظمة الرقابة والتحصيل" ألقيت على طلبة السنة الثانية ماستر القانون العام، وحدة العلوم الإدارية والمالية العامة 2008-2009 (غير منشور).
[39] - Ahmed tazi, lutte contre la fraude fiscale : le forcement de la qualité du contrôle fiscale, RFFP 102 juin 2008 p 74.
[40] - قد وصل حجم هذه أنشطة هذا القطاع إلى ما يعادل ربع حجم الاقتصاد الوطني فأكثر من 245 ألف مقارنة غير مرخص لها تحقق أرباح بقيمة 31 مليار درهم، ويعمل داخل هذه المقاولات حوالي 480 ألف شخص لا يدفعون الضريبة بدورهم.
[45] - الدستور المغربي في الفصل 17:" على الجميع ان يتحمل كل على قدر استطاعته التكاليف العمومية التي للقانون وحده الصلاحية لإحداثها وتوزيعها".
[46] - أحمد رفيع:" إشكالية توازن العلاقة الجبائية بين الإدارة الضريبية والمكلف"، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام المعمق، جامعة عبد المالك السعدين كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- طنجة- 2007-2008 ص 98.
[48] - صباح نعوش:" الضرائب بالدول العربية"، الطبعة الأولى، المركز الثقافي العربي بيروت لبنان 1987 ص 120.
[50] - هناك أفكار بدأت تنتشر في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية من قبيل أن المكلف عندما يرى أمواله تذهب إلى مساعدات خارجية ولمنظمات ليست لها مصداقية ( التسلح والحرب) فإنه يطالب باستردادها.
[51] - الطاهر القضاوي:" التهرب الضريبي وسبل الحد منه" مجلة الجرائم المالية من خلال قرارات المجلس الأعلى، الندوة الجهوية السابعة، دار الطالبة، -وجدة- 31 مايو-فاتح يونيو 7 200ص 369.
[57] - RACHID EL MOUSSAOUI : l’impôt général sur le revenu au Maroc, thése pour le doctorat en droit public, université panthéon, assas ( paris), un 1997, p 438.
التعليقات على الموضوع