الفصل الثاني :أثار الغش الضريبي و موقف المشرع المغربي منه
الفصل الثاني :أثار الغش الضريبي و موقف المشرع المغربي منه
لقد أصبحت الضريبة وسيلة من الوسائل المالية للدولة التي تستعملها تبعا للظروف والحاجات الراهنة، وذلك بغية تنفيذ ميزانياتها وتحقيق أغراضها المختلفة، بحيث أصبحت الهياكل المالية مرآة عاكسة للبنيان الاقتصادي والاجتماعي للبلدان ومقياسا لدرجة نموها.
وانطلاقا من هذه الأهمية المتعاظمة للضريبة، أمكن النظر إلى الغش الضريبي كعائق
حقيقي يحول دون تحقيق احد الأهداف الأساسية للضريبة، والمتمثل في الهدف المالي الذي يعمل على تغذية الخزينة بإيرادات كافية لتغطية النفقات، هذا دون الحديث عن الأهداف الأخرى الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ومن تم فإنه سيقلل من الموارد المالية للدولة، ويحد من إمكانياتها للتدخل في المجال الاقتصادي لزيادة الدخل القومي وتوجيهه، الأمر الذي يترتب عنه نتائج جد سيئة من مختلف الوجوه التي تمس الخزينة والمكلفين أو المواطنين في آن واحد بل والمجتمع برمته.
حقيقي يحول دون تحقيق احد الأهداف الأساسية للضريبة، والمتمثل في الهدف المالي الذي يعمل على تغذية الخزينة بإيرادات كافية لتغطية النفقات، هذا دون الحديث عن الأهداف الأخرى الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ومن تم فإنه سيقلل من الموارد المالية للدولة، ويحد من إمكانياتها للتدخل في المجال الاقتصادي لزيادة الدخل القومي وتوجيهه، الأمر الذي يترتب عنه نتائج جد سيئة من مختلف الوجوه التي تمس الخزينة والمكلفين أو المواطنين في آن واحد بل والمجتمع برمته.
ونتيجة لكل هذا سعت، جميع الدول لمحاربة هذه الظاهرة وذلك بتوقيع عقوبات مالية وحبسية على المتهربين، منها المغرب وفرنسا، وإن كانت هذه الأخيرة سباقة في هذا المجال حيث يعتبر التملص من الاقتطاعات الإجبارية فيها جنحة، مخلفا بذلك مجموعة من الضحايا، وفي هذا الاتجاه كل أولئك الذين يؤدون واجباتهم هم مجبرون على ملء الفراغ الحاصل الذي ينتج عن كل مساهماتهم سواء كانت إجبارية أم قانونية، كما أن هذه الظاهرة تقلص من مجموع الموارد المخصصة للمرافق العامة أو الجماعات المحلية الوطنية، كما تساهم في الالتواءات في صفوف المكلفين الصادقين وبالتالي حرمانهم من امتيازاتهم على حساب الآخرين، لذلك كان طبيعيا أن تشكل ظاهرة الغش الضريبي مجالا خصبا بالنسبة لمجموعة من الباحثين الذين ساهموا بدورهم في دعم مجالس الاقتطاعات الإجبارية من اجل التعامل مع هذه الظاهرة، ومعالجة كل الوسائل التي من شأنها القضاء عليها، من بينها التركيز على مسألة المراقبة والجزاءات[1].
وحتى نقترب من كل ما سبق سوف نقسم هذا الفصل إلى مبحثين، نخصص الأول لآثار الغش الضريبي، بينما الثاني سنحاول من خلاله رصد موقف المشرع المغربي من هذه الظاهرة.
من المتفق عليه أن الضريبة تعتبر من بين الأدوات الأساسية و الفعالة التي تملكها الدولة لتطبيق سياستها الجبائية و المالية و إحداث تغييرات عميقة في البنيات الاقتصادية و الاجتماعية داخل المجتمع ، و إن كان هذا هو الهدف من أداء الضرائب فالبتأكيد إن محاولة التهرب منها يؤدي كنتيجة حتمية إلى مساوئ و تأثيرات عدة ، و كما سبقت الإشارة فإن التملص ، سواء أكان على شكل تهرب أو غش ضريبي فإنه ينتج العديد من الضحايا، إذ يضر بمصلحة الدولة، كما يضر بمصلحة الأفراد، بل و بمصلحة الاقتصاد الوطني ككل، والسبب في تعدد تأثيراته وهو تعدد أسبابه ومظاهره، إذن ماهي آثار الغش الضريبي؟
للإحاطة بهذه الإشكالية، سوف نخصص في المطلب الأول التأثيرات المالية و الاقتصادية ثم نستعرض الحديث عن الآثار الاجتماعية و السياسية في المطلب الثاني.
إن الضحية الأولى للغش الضريبي هي خزينة الدولة، على اعتبار أن الضرائب تشكل الممول الرئيسي للميزانية العامة، و هذا ما يجعل من الدولة عاجزة عن تغطية نفقاتها ، و تلجأ بالتالي إلى مصادر تمويل أخرى، و من جانب أخر يمس الغش الضريبي بالمنافسة الشريفة بين المقاولات والأشخاص مما يجعل من الإقتصاد الوطني ضحيته الثانية.
و لإعطاء فكرة موسعة عن هذه الآثار سوف نعمل على تقسيم المطلب إلى فقرتين، نستعرض في الفقرة الأولى الآثار المالية للغش الضريبي، على أن نتناول في الفقرة الثانية الآثار الاقتصادية.
تعتبر الأموال العمومية من الأدوات الرئيسية لإنجاز برامج الدولة في مختلف الميادين حيث لا يمكن تصور دولة بدون أموال عمومية، و تبعا لذلك فقوة الدولة غالبا ما تقاس بحجم إمكانياتها المالية[2].فالدولة أحيانا تجد نفسها أمام صعوبة التوفيق في الاستجابة للحاجيات المتزايدة وندرة الموارد المالية، و لا يمكن التغلب على هذه الصعوبة إلا عن طريق التحكم في مصدر هذه الأموال ، و بما أن الضرائب تبقى أهم تلك الموارد فمن الواجب إخضاعها لنظام معقلن، يقيها من كل محاولات الغش و التهرب الذي يكلف خزينة الدولة الكثير و الكثير ، بحيث يفوت على هذه الأخيرة – جزءا هاما من الموارد المالية، و يترتب عن ذلك عدم قيام الدولة بالإنفاق العام على الوجه الأكمل، وبالتالي تصبح عاجزة عن أداء واجباتها الأساسية اتجاه مواطنيها ،و في ظل عجز الميزانية تضطر الدولة اللجوء إلى وسائل تمويلية أخرى كالإصدار النقدي و اللجوء إلى الاقتراض.[3]
و يمكن إجمال الآثار المالية للغش الضريبي في تقليص المداخيل العمومية و ارتفاع حجم المديونية الخارجية.
1- تكريس عجز الميزانية العامة.
تلعب الميزانية دورا كبيرا في الحياة الاقتصادية و الاجتماعية، حيث أصبحت بعد تحول دور الدولة من محايدة إلى متدخلة ، تقوم بدور فعال في حفظ توازن الدولة الاقتصادية و الاجتماعية، لأن استخدام الضرائب خاصة في الدول المتقدمة لا يهدف منه تحقيق غايات مالية، بقدر ما يهدف منه تحقيق توازنات اقتصادية و اجتماعية.[4]و إذا كانت الضرائب تشكل المورد الرئيسي للميزانية العامة ، فمن المؤكد أن انتشار الغش الضريبي سيؤدي حتما إلى انخفاض الموارد المالية للخزينة العامة خاصة في الدول التي تعتبر فيها الجباية المورد المالي الرئيسي ،كماهو الشأن بالنسبة للمغرب حيث يصل معدل تغطية المداخيل الجبائية لموارد الخزينة العامة إلى ما يناهز% 74.[5]
و تجدر الإشارة إلى أن المداخيل الجبائية تطغى عليها الضرائب غير المباشرة ،لأنها أقل عرضة لفرص الغش، فالمغرب يعتمد على هذه الأخيرة لتمويل الميزانية أكثر من اعتماده على الضرائب المباشرة.
إلا أنه ورغم أهمية الضرائب غير المباشرة و خاصة الضريبة على القيمة المضافة T.V.A ، فإن مرد وديتها ما تزال محدودة بسبب ما يشوب مجالها من غش عن طريق الإخلال بنظام الفواتير والتحايل في استرجاع مبالغ منها، فقد بلغ دين الضربة على T.V.A المطالب باسترجاعه حوالي% 30 من مجموع حصيلتها (% 0.5 من الناتج الداخلي الإجمالي ) سنة1989 بالنسبة للدار البيضاء و حدها.[6]
هذا، و من جانب آخر، نجد إشكالية تعاني منها معظم الأنظمة الجبائية المعاصرة، وهي ارتفاع مهول للنفقات، طالما أن أنشطة الدولة تتعدد و الموارد تعرف انخفاضا وهي محدودة، ففي السابق، ما كان يقع في النظام الضريبي المغربي عندما يحتاجون للأموال كانوا يزيدون من قيمة الضرائب، و هي ميزة معروفة في النظام الضريبي المغربي[7] فعوض توسيع الوعاء الجبائي، نجد الدولة غالبا ما تلجأ إلى الضغط على النفقات العمومية عن طريق نهج سياسة تقشفية يكون فيها القطاع الاجتماعي هو المتضرر الأساسي بما في ذلك الطبقات الفقيرة لتزايد متطلباتها لتلك الخدمات من صحة و تعليم، فكلما كانت الحكومة حريصة على طبع سياستها الاقتصادية بطابع اجتماعي فإنها ستوجه نفقاتها نحو تنمية الخدمات العامة للطبقات المحدودة الدخل، وذلك في صورة الخدمات الأساسية.
2- ارتفاع حجم المديونية الخارجية.
يعتبر المغرب من بين البلدان التي تعرف تضخما فيما يخص المديونية التي تعاني من نتائج تسديدها على الصعيد الداخلي ،[8] و يرجع ذلك إلى عقد الحكومة في السابق آمالا كبيرة على الاستدانة لانجاز مشاريع طموحة، اعتمادا على الارتفاع الملحوظ لأسعار الفوسفاط ، لكن الانخفاض المباغت لهذه الأسعار حال دون تحقيق هذه المشاريع ، و فتح المجال أمام الديون التي وجهت إلى الاستهلاك، و رغم أن المغرب اتبع سياسة تتمثل بالأساس في التوجه إلى الديون الداخلية، و إعطاء الأولوية لها عوض المديونية الخارجية ، و مع ذلك فإن هذه الأخيرة لا زالت تعرف مستويات ضخمة.
كما أن المدفوعات التي تخصصها الدولة لسد الديون و الفوائد عرفت مبالغ مهمة ، فقد تضاعف الدين الخارجي ما بين 1979-1983 من 6460 مليون درهم إلى 13642 مليون درهم سنة 1992 إلى 21 مليار و 300 مليون درهم بنسبة% 78 من الناتج الداخلي الخام[9] مقابل% 67 سنة 1995.[10]
و سواء نعلق الأمر بالديون الداخلية أو الخارجية، فإن التقرير السنوي لبنك المغرب سنة 2003 أكد أن حاجة الخزينة إلى التمويل بلغت مستوى عاليا باعتباره الأداءات برسم أقساط الدين و التدبير المسبق للديون ذات الفائدة العالية ، و كذا تحويل هذه الديون إلى استثمارات من طرف المدنيين نظرا للعجز عن سداها[11].
إن الازدهار الاقتصادي مرهون بتكافؤ الفرص و تعادل الالتزامات و الحقوق بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين فالمتهرب الضريبي من الفاعلين الاقتصاديين ، تكون تكلفة إنتاجه أقل من تكلفة إنتاج الفاعلين الاقتصاديين أو المنشآت الاقتصادية الأخرى، و هذا مما يخل بقواعد المنافسة المشروعة، و يؤدي بالتالي إلى انكماش اقتصادي نتيجة إفلاس المؤسسات التي تعجز عن المنافسة.[12]
و بعبارة أخرى، يمكن للغش الضريبي أن يمارس داخل قطاعات حيث يكون مبدأ المنافسة هو القاعدة ، فالمقاولات التي تتمكن من الغش، يكون باستطاعتها تقليص كلفة الإنتاج ، و بالتالي ثمن المنتوجات، و هو مالا ينطبق على المقاولات الملتزمة بأداء أعبائها الضريبية[13].
لذلك فالالتزام بالواجب الضريبي من قبل جميع المكلفين يكرس مبدأ المساواة أمام النصوص القانونية ،و لن تتحقق هذه الغاية إلا بالحرص على أن كل المكلفين يدفعون الضربة و فق الربح الحقيقي الذي حققوه.
هناك مسألة أخرى تتعلق بالآثار الاقتصادية، و في مسألة كان يركز عليها الاقتصاد في الدول المتخلفة منها المغرب التي تعتمد سياسة الاستثناءات من أجل تشجيع اقتصادها، لكن الملاحظ أن تشريعاتها الجبائية دائما ما تعرف تغييرات جزئية و هي تغييرات هدفها إيجاد حل لإشكالية ظرفية و ليست أهداف بعيدة المدى فالاقتصاديون الجدد يقولون يجب دائما ضبط التشريعات القانونية لأن ذلك إجراء مهم ، إذ يحق لأي واحد أن يطلع على التشريع الجبائي و ليس على خباياه[14].
هذا و نجد نقطة أخرى جد مهمة، و المتعلقة بمسألة "الجنات الضريبية" حاليا تتجاوز 70 منطقة في العالم كلها تعتبر جنات ضريبية، انتشرت في مرحلة زمنية معينة بعد الحرب العالمية الثانية، وإعادة تنظيم الاقتصاد العالمي، هذه الجنات تتميز بخصوصيات أهمها الإعفاء الضريبي ، و حاليا جميع الدول الاقتصادية الكبرى تراهن على عقلنة التعامل مع هذه الجنات الضريبية[15]
كما تظهر التأثيرات الاقتصادية للغش الضريبي من خلال تعطيل المشاريع التنموية، ، ذلك أن الدولة وحدها غير قادرة على تمويل مختلف المشاريع التنموية ، و لما كانت الضرائب من أبرز المصادر التمويلية في المغرب، كان لا بد من البحث عن السبل الكفيلة بتحقيق الزيادة في حجم مداخليها، وتحقيق عدالتها دون الرفع من الضغط الضريبي على الملتزمين لكن ما نلاحظه هو العكس ، فأمام انعدام الوعي الجبائي من جهة، و تسامح المشرع في بعض نصوص و مرونة الجزاءات المفروضة على المخالفين من جهة أخرى، عرفت مصادر الضربية تراجعا مهما بسبب انتشار الغش الضريبي بكل أشكاله، مما أثر بشكل كبير على المشاريع التنموية التي ترمي الدولة إلى إنجازها و أحيانا يتم إلغائها أمام انعدام المصادر التمويلية مما يترتب عنه ضعف النسيج الاقتصادي.
لا يمكن الحديث عن تنمية اجتماعية في ظل انتشار ظاهرة الغش الضريبي، فهذه الأخيرة تسبب مشاكل كثيرة لأفراد المجتمع منها البطالة و الفقر نظرا لتوقف تمويل المشاريع ( الفقرة الأولى) كما أن ظاهرة الغش الضريبي قد تكاثرت لدرجة وجدت معها الدولة صعوبة كبيرة في محاولة للحد أو التقليص منها ، و هذا ما يؤدي إلى التشكيك في مصداقية الدولة ( الفقرة الثانية)
للغش الضريبي آثار اجتماعية وخيمة ، فهو يضر بالمكلفين الذين لم تتح لهم فرصة التهرب أو لا يرتضونه فضلا عن إضعاف الخلق العام و علاقات التضامن الواجب بين أفراد الجماعة، الشيء الذي ينتج عنه اختلال في توزيع الأعباء المالية العامة، و يزداد الأمر بالتجاء الدولة إلى رفع أسعار الضرائب القائمة أو فرض ضرائب جديدة لتعويض ما أحدثه انتشار الغش من نقص في الحصيلة مما يترتب عنه زيادة عبء الضريبة على بعض المكلفين الذين لا يلجئون إلى الغش دون غيرهم لتجمع اللامساواة مزدوجة ، فهي توجد أمام العبء الجبائي، وفي نفس الوقت أمام إمكانيات التهرب الضريبي ،[16] الشيء الذي يؤدي إلى مضاعفة الضغط الجبائي بالنسبة للفئة التي تتحمل العبء الجبائي المخصص لها بموجب القانون وتتحمل أيضا عبئا جبائيا إضافيا ناتجا عن غش الآخرين[17] فبسبب انعدام الوعي الجبائي، و منطق التضامن الاجتماعي بين المواطنين على أساس الذي يماك يؤدي أكثر من الذي لا يملك حسب الفصل 17 من الدستور ، فإن العدالة الاجتماعية بين المواطنين التي يسعى إليها هذا الفصل تفرغ من محتواها.
كما تظهر التأثيرات الاجتماعية للغش الضريبي من خلال تعدد الضرائب غير المباشرة التي تطال الفقير و الغني على السواء و بذلك فالجزء الأكبر من الضغط الجبائي يتحمله الملزمون الصغار و المتوسطون و الذين يشكل منهم المأجورين %70 تقريبا [18] و هكذا أصبح الاتجاه يسير نحو رفع أسعار الضرائب الغير المباشرة ما دام الملزم يجهل المبلغ الذي يدفعه.[19]
و تتضح أهم الآثار الاجتماعية للغش الضريبي في ما يلي .
1- اختلاس أموال الآخرين:
قد لا يقف الأمر بالمتهرب الضريبي عند حد حرمان مالية الدولة مما يجب لها من ضريبة ، بل يتجاوزه إلى سرقة هذه الأموال، وذلك مثلا حالة نقل العبء الضريبي من المنتج إلى المستهلك، فالمتهرب هنا إضافة إلى كونه يحرم خزينة الدولة من حقها ، فإنه يعتني بذلك فيأخذه ممن انتقل إليه عبؤه و يحتفظ به لنفسه، و يتجلى خبث المتهرب الضريبي في هذا الحالة في كون تلك الضريبة يؤديها شخص آخر ظلما ، لأنه غير مكلف بها قانونا ،و قد ألزمه بها دون حق ، و رغم ذلك لا يؤديها لخزينة الدولة ، بل يحتفظ بها لنفسه.[20]
2- انتشار البطالة.
يعتبر المغرب من بين الكثير من الدول التي تعاني من مشكل البطالة التي تعتبره من أكبر التحديات التي يواجهها.[21] ولعل من بين أهم أسباب تفاقم ظاهرة البطالة في المغرب نجد مشكل الغش الضريبي ، و ذلك بالنظر إلى الموارد الكثيرة التي يتسبب في ضياعها على خزينة الدولة مع كل ما قد تساعد عليه هذه الموارد في تحقيق التنمية والنهوض بالاستثمار وإيجاد فرص العمل قد تساعد في التحقيق و لو بشكل نسبي من كل المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها المغرب و التي تبقى البطالة أحد أبرز عناوينها.
و الدولة هنا تظل عاجزة أمام هذا المشكل ( البطالة) في مجتمع يشكل فيه الشباب دون سن الثلاثين أكثر من ثلثيه ، حيث يبلغ معدل البطالة% 26 من هذه الفئة النشيطة و تزداد هذه النسبة عندما تعجز الدولة عن تخصيص نفقات لمساندة المقاولات ذات الصعوبات، ذلك أن التطورات التي يعرفها الاقتصاد المغربي أفقدت بعض القطاعات قدرتها على التوظيف بل سرحت الآلف المستخدمين.[22]
و أمام هذا المشكل الخطير فإن الأمر يتطلب مجهودا مضاعفا و مناخا إداريا ومؤسساتيا و ماليا جديدا، وإدارة فعلية ووعيا جماعيا للبعد الوطني و اعتماد برامج تساعد على التخفيف من البطالة.
3- انتشار الفساد الأخلاقي
إن أفراد المجتمع الحاضر يعيشون في احتكاك مستمر ، و قد بلغ الأمر إلى حالة التجسس المأجور لا في الميدان الاقتصادي فقط ، بل في الميدان الاجتماعي أيضا ، هكذا يسعى المتهرب الضريبي إلى معرفة الوسائل التي يسلكها رفيقه في تهربه الضريبي، فيقتفي أثره فيها.[23]
إن التملص الضريبي يهدد الاستقرار المالي للدولة ، و منه فإنه يهدد الاستقرار الاقتصادي و الاجتماعي ،بل الأكثر من ذلك إنه يهدد الاستقرار السياسي ،لأن أي إخلال بالتوازن المالي عن طريق الغش الضريبي ، يؤدي لا محالة إلى عواقب سياسية ، فكم من حكومة سقطت لأسباب مالية.[24]
هذا ومن جهة أخرى عندما نقول إن المغرب يعتمد نظام التصريح الذي هو نظام ضريبي عصري، فإن هذا الأمر يتطلب المسؤولية و الرقابة، لكن عندما نقول إن الإدارة الجبائية هي من تفعل الفصل 17 من الدستور ونعمل على تطبيق القوانين ورقابتها ، هنا يطرح السؤال، ماهي الآليات و الأدوات والوسائل البشرية والمالية لدى هذه الإدارة، أهم نقطة للإجابة على هذه الإشكالية هي محدودية هذه الموارد والوسائل،لكن إذا سرنا في هذا الاتجاه فبصفة أوتوماتيكية نقول أن المراقب (المكلف) له إمكانيات أكثر من الدولة، وهو الذي يصبح صاحب قانون، وهذا مس بهيبة الدولة وتشكيك في مصداقيتها[25] . فهذه الأخيرة محتم عليها تحصيل ضرائبها متى تكون شرعية، ولن يتأتى لها ذلك إلا عبر تفعيل نظامها الرقابي وفرض قانون ، يتماشى و عقلية المجتمع المغربي، نظرا لضعف مستوى الوعي الجبائي [26].
و عموما يمكن القول أن إظهار نوع من التسامح في تطبيق العقوبة المستحقة على المتملصين يعتبر في نفس الوقت تشجيعا لهم على المضي في نهب أموال الخزينة العامة و تسهيلا لتفشي هذه الظاهرة بين أفراد المجتمع، وهذا الأمر يبدو منطقيا طالما أن جل الملزمين ليس لديهم إحساس بأنهم يقومون بخطأ أخلاقي، عن القيام بإجراءات تهدف إلى إنقاص واجباتهم الضريبية كما لا يمسهم ذلك في سمعتهم و لا في مركزهم الاجتماعي.
مما يجعلهم قدوة لبقية المكلفين الآخرين ويدفعهم إلى نهج نفس السلوك إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة لردعهم، ولن يتحقق هذا الأمر إلا بفرض عقوبات زجرية صارمة تدفع بالمكلفين إلى احترام التزاماتهم الجبائية.
رغم ما تخلفه ظاهرة الغش الضريبي من أثار سلبية على جميع المستويات (المالي – الإقتصادي – الاجتماعي و السياسي) فإن النظام الضريبي ظل خاليا من وسائل الردع الجنائية لعدم اعتبار الغش الضريبي جريمة عامة في حق الأمة، وبخلاف ذلك نجد فرنسا كانت سباقة لاعتبار الغش الضريبي جريمة يعاقب عليها ماديا و حبسيا بسبب تطور سلوكات هذه الظاهرة، مما يشكل عاملا مهما يدفع بالمكلفين إلى احترام التزاماتهم الجبائية و الاجتماعية.
و مراقبة العمليات الجبائية من طرف الإدارة الضريبة ينحصر في دورين، الأول عند ما يتعلق الأمر بمرتكبي الغش، نسجل دورا زجريا قويا لاسترجاع ما بذمة المكلفين، و الثاني عندما يتعلق الأمر بمجموع المكلفين نسجل دورا اقناعيا، و بطريقة سلسة لأجل أيضا استرجاع ما بذمتهم[27].
أما بخصوص موقف المشرع المغربي، لا يمكن رصده إلا من خلال تتبع الإصلاحات الجنائية التي جاء بها إذ عرف المغرب موجة من الإصلاحات الضريبية من الاستقلال إلى الآن، لكن هل نجحت هذه الإصلاحات في القضاء على ظاهرة الغش الضريبي؟ .
وهكذا فإننا من خلال هذا المبحث سنتطرق إلى دراسة قانون الإطار لسنة 1984 و قانون المالية المزدوج و المتعلق بتحريم ظاهرة الغش الضريبي 96-97 (كمطلب أول)، على أن نخصص (المطلب الثاني) لدراسة محدودية الجزاءات القانونية التي جاء بها هذا القانون الأخير .
إن كثيرا من الدول العصرية في تشريعاتها الجبائية، تجرم سلوكات الغش الضريبي ، غير أن التشريع المغربي جاء قاصرا في هذا الإطار الشيء الذي يترتب عنه نزيف العبء الضريبي و بالتالي إهدار لمداخيل الخزينة العامة.
و لقد عرف المغرب أول محاولة لتجريح الغش الضريبي الذي يطال وعاء الضريبة مع مشرع قانون الإطار لسنة 1984.[28] غير أن هذا الأخير لم يحدد طبيعة الوسائل الممكن استعمالها لمحاربة الغش الضريبي، ذلك أنه فوض هذه المهمة إلى النصوص الضريبية التي ستأتي بعده من ضريبة على الشركات و الضريبة على القيمة المضافة ، ثم الضريبة العامة على الدخل ، هذا و قد نصت المصادقة على مشروع قانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي بدون النص صراحة على أن الغش الضريبي جنحة يعاقب عليها القانون الجنائي، ذلك أن المادة 27 من هذا الأخير قد أفرغت من محتواها( الفقرة الأولى)، هذا ما تكفل به قانون المالية المزدوج لسنة 96-97 الذي اعتبر في وقته قفرة نوعية وجد مهمة من أجل المضي قدما في محاربة هذه الظاهرة، عبر التنصيص صراحة، على أن الغش الضريبي جريمة يعاقب عليها القانون ( الفقرة الثانية).
استغل المشرع المغربي ظروف تبني الإصلاح الضريبي من جديد، ليمرر في مشروعه رغبة إدانة الغش الضريبي ، فجاء مشرع قانون الإطار يحمل في طياته هذه الرغبة كما سبق ذلك مع محاولات أخرى[29] فالتوصيات التي تضمنتها إستراتيجية الإصلاح في إطار برنامج التقويم الهيكلي أكدت على توقيع عقوبة حبسية على المتهربين والاعتداد بالمؤثرات الخارجية بالنسبة لمراقبة التصريحات الضريبية بتوصيات من خبراء صندوق النقد الدولي[30]، وبفعل الضغوط التي مارسها الرأي العام الوطني والدولي، وعلى إثر قناعة السلطات المغربية بعدم كفاية فعالية العقوبات المالية، لاقتصار النظام المغربي على غرامات مالية توقع على المتهرب، اقترحت الحكومة من خلال مقتضيات الفصل 27 من مشروع قانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي، بأن تجعل من الغش الضريبي جنحة يعاقب عليها القانون الجبائي، وهو موقف أرادت به الخروج عن صمتها[31]، اتجاه هذه الظاهرة، حيث اعتبرت الغش الضريبي جريمة عامة في حق الأمة متجاوزة سلوكياتها المحتشمة لمحاربة هذه الآفة.
وقد تضمن هذا الأخير أي الفصل 27 مقتضيات إيجابية ذات أبعاد مالية واقتصادية مهمة، إلا أن هذا الإصلاح اتسم بالقصور، لاسيما الفصل 27 بحيث أن هذا المبدأ تم إفراغه من محتواه ولم يحض بموافقة اللجنة البرلمانية المكلفة بدراسة المشروع، فصدر قانون الإطار خاليا من إمكانية تصنيف العقوبة الحبسية[32].
إن عدم تجريم الغش والتهرب الضريبيين يضاد مبدأ العدالة الاجتماعية، كما أن التراجع عن الفصل 27 من مشروع قانون الإطار يعتبر تقليصا لمدى وأهمية الإجراءات الضرورية لتفادي سلوكات الغش الضريبي[33].
ولعل رفض أو حذف هذا الفصل من مشروع قانون الإطار جاء ترجمة لملتمسات فئات ضاغطة في البرلمان ( غالبا في جماعات معينة مهنية وأحزاب سياسية، وبعض التشكيلات الفاعلة في الحقل السياسي)[34] وبذلك يتأكد لنا بأنه لا يمكن إحالة أسباب هذه الظاهرة فقط إلى اعتبارات سيكولوجية، بل الأمر يرتبط بالعقليات وبطبيعة السياسة الاقتصادية والاجتماعية السائدة، وطبيعة الدولة وعلاقات الهيمنة لفئة اجتماعية وقصور النظام الجنائي السائد على المستوى القانوني لتوقيع العقوبات ضد سلوكيات الغش والتهرب الضريبيين.
بعد قصور قانون الإطار عن تجريم الظاهرة، ماذا عن قانون 96-97؟
لعل الخطوة الإيجابية التي جاء بها المشرع بهذا الخصوص، تلك المتعلقة بالقانون المالي المزدوج لسنة 96-97 الذي نص صراحة على جريمة التملص الضريبي، وقد جاء هذا المشروع، ليعتبر ولأول مرة الغش الضريبي مخالفة معاقب عليها بغرامات مالية وبعقوبات حبسية، ولقد رأت الحكومة في وقتها أنه في حال التطبيق الحرفي للنص المتعلق بالتجريم فسيكون من السهل الوصول إلى التوازنات المالية، وبالتالي ستجد نفسها مستعدة للتقليص من العبء الضريبي[35].
وأثناء مناقشة المشروع من طرف النواب، اعتبروا أن معاقبة مرتكبي الغش الضريبي يجب أن تكون منسجمة مع محيط المقاولة المغربية، وأن تخضع لمجموعة من المبادئ منها:
- التدرج في العقوبة، مبدأ العود، تحديد نوعية المخالفات موضوع المتابعة، إرجاع المسؤولية للمرتكب الفعلي، وقد تمت المصادقة على هذا المشروع بعد تعديله ليصبح متضمنا للأركان الأساسية[36] لجريمة الغش الضريبي، والآليات المتبعة في التجريم وكذا تحديد المسؤولية الجنائية
ودون الدخول في تفاصيل أركان وشروط قيام جريمة الغش الضريبي، نكتفي بمحاولة معرفة مضمون إجراءات التجريم وذلك على الشكل التالي:
لا يمكن إدانة الملزم المرتكب للمخالفة وتوقيع العقوبة عليه طبعا إلا بعد استنفاذ مسطرة المتابعة الجنائية، وتتضمن هذه المسطرة مجموعة من الإجراءات الجوهرية منها ماهو إداري ومنها ما هو قضائي.
- المسطرة الإدارية:
في البداية يتم تحرير محضر إثبات المخالفة من طرف المفتشين المنتدبين[37] في إطار مراقبة ضريبية[38] ينتدبان خصيصا لهذا الغرض، ومحلفين وفق التشريع الجاري به العمل، وبعد تحرير المحضر تعرض الشكاية التي توحي إلى تطبيق العقوبة من طرف وزير المالية، أو من ينوب عنه لهذا الغرض[39]، على لجنة تسمى (لجنة المخالفات الضريبية) يرأسها قاض وممثلين عن الإدارة الضريبية وممثلين عن الملزمين يختاران من من لوائح تقدمها.المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا[40]، ويعين أعضائها من طرف الوزير الأول، وتصدر رأيا استشاريا.
- المسطرة القضائية:
بعد استشارة اللجنة المذكورة يقوم وزير المالية أو الشخص المفوض إليه بتحريك الدعوى العمومية من خلال إحالة الشكاية إلى وكيل الملك بالملحقة الابتدائية[41] التي ترتكب المخالفات في دائرتها[42] وبعد ذلك يجب أن يقوم هذا الأخير بإحالة الشكاية على المحكمة المختصة،[43] والتي يتعين عليها أن تقوم بإجراء بحث تكميلي كي تتأكد من الطبيعة الجنائية للمخالفة التي ارتكبها وذلك قبل صدور الحكم بإدانته.
شكل تجريم الغش الضريبي، والأفعال التي ترمي إلى التحايل على الإدارة الضريبية قصد الإفلات من أداء المستحقات الضريبية بالمغرب الملاذ الأخير للمشرع قصد محاربة هذه الآفة الاقتصادية والمالية التي تلقى بانعكاساتها على مشروع التنمية بالبلاد[44].
وهكذا ورغم الاختلافات وتباين المواقف بخصوص موضوع التجريم فقد تم التوصل إلى صيغة توفيقية تقرر المعاقبة على أعمال الغش الضريبي، التي ترمي إلى الإفلات من الضريبة.
إلا أن ما تجب الإشارة إليه أن هذه المقتضيات الردعية وردت على مستوى الضرائب الرئيسة الثلاث دون غيرها من الضرائب[45]، حيث ورد النص في المادة 192 من المدونة العامة للضرائب على تطبيق غرامة مالية تتراوح ما بين 5 آلاف درهم و50 ألف درهم في حق كل شخص ملزم ثبت في حقه استعمال إحدى الوسائل- المذكورة سابقا- بغية الإفلات من الخضوع للضريبة أو التملص من دفعها أو الحصول على خصم أو استرداد مبالغ غير مستحقة، وفي حالة العود أي إقدام الملزم على ارتكاب إحدى المخالفات المذكورة قبل مضي خمس سنوات على الحكم بالغرامة المذكورة، شريطة أن يكون الحكم المذكور قد اكتسب قوة الشيء المقضي به، في هذه الحالة يعاقب الملزم بالإضافة إلى الغرامة المقررة بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر.
وإذا كانت هذه هي جل العقوبات الجنائية المطبقة بالمغرب، فإن دول أخرى عربية أو غربية ذهبت إلى أبعد من هذا، ففي تونس مثلا، تتراوح العقوبة في أغلب حالات الغش ما بين 16 يوما و3 سنوات وغرامة مالية من 1000 إلى 50000 دينارا[46].
أما في الدول الغربية فإن العقوبات أكثر زجرا، في فرنسا مثلا تتراوح عقوبة الغش الضريبي حسب الفصل 1741 من المدونة العامة للضرائب ما بين سنة و 5 سنوات حبسا وغرامة من 5000(762 أورو) إلى 250.000 فرنكا (38112 أورو) والحبس إلى 10 سنوات[47]
أما المشرع الألماني فكان أكثر حزما عندما فرض عقوبات حبسية تمتد إلى حدود عشر سنوات سجنا وغرامة مقدارها 3.5 مليون مارك (1.79 مليون أورو)[48]
تلكم كانت أهم سمات وخصوصيات تجريم الغش الضريبي في القانون المغربي وهي سمات تدفعنا إلى التساؤل عن مدى نجاعة وفعالية هذا القانون.
إن المغرب تأخر كثيرا في تبني ترسانة قانونية لزجر الغش الضريبي، حتى أنه بعد إخراجها لم يقم بإعمالها، حيث نجد مقتضيات هذه الترسانة ضعيفة وجد محتشمة ومحاطة بكثير من الضمانات، لذلك نجد عدم وجود رغبة في زجر الغش الضريبي لكون الساهرين على تطبيق المنظومة الجبائية هم بأنفسهم يريدون محاباة لمصالحهم الخاصة.
وإذا كانت الغاية من وراء زجر هذه الظاهرة هي رغبة الدولة في حماية المال العام ورغبتها في تحقيق نوع من العدالة الجبائية، فإن الأمر يتطلب إرادة سياسية قوية تكون سدا مانعا لكل من حاول التهرب من أداء ضرائبه.
وعلى العموم فإن حدود تطبيق قانون تجريم الغش الضريبي يمكن أن نلمسها من خلال المستويات التالية:
في الواقع، قليلة هي الدول التي ذهبت لتجريم الغش الضريبي إلى أبعد الحدود، وكانت جد صارمة في تعاملها مع المكلفين كالولايات المتحدة الأمريكية، والمغرب مثله مثل فرنسا لا زال يعرف صعوبات جمة في تجريم هذه الظاهرة، وبالرغم من أن تجريم هذه الأخيرة يعد خطوة هامة من أجل محاربتها، إلا أن هذا الحدث القانوني يعرف مجموعة من الحدود منها:
إن قانون تجريم الغش الضريبي لم يشمل سوى ثلاث ضرائب من مجموع النظام الجبائي الوطني[49] وعلى الضرائب والرسوم المحلية دون الضرائب الأخرى، وبخصوص الضرائب المباشرة، فإنه لم يهم سوى الضريبة على الشركات والضريبة العامة على الدخل دون أن يمتد لغيرها من الضرائب المباشرة بالرغم من كونها تشكل مرتعا خصبا للغش، في حين نجد أن التشريع الفرنسي في هذا الشأن، قد هم مجموع الضرائب سواء تعلق الأمر بالضرائب المباشرة أو غير المباشرة[50]، وهو الأمر الذي يظهر لنا بجلاء موقف المشرع المغربي الذي يكتنفه الغموض والتردد لأن هذا الاستبعاد لا يستند إلى رأي مبرر مشروع كما يتنافى ومبدأ مساواة الملزمين أمام الغش الضريبي[51].
كما أن التشريع المغربي اتجه إلى تجريم حصري للمخالفات، حيث لم ينص على معاقبة مخالفات أخرى، كعدم تقديم التصريح الجبائي وافتعال وضعيات قانونية غير حقيقية وإخفاء الطبيعة الحقيقية لبعض التصرفات، فامتناع المكلف عن تقديم الإقرارات اللازمة إلى الإدارة الضريبية، أو الإدعاء ببيانات غير صحيحة أو ناقصة يعتبر تغييرا للحقيقة التي يسعى المشرع إلى الحصول عليها بهدف فرض الضريبة استنادا إلى أسس متينة تراعى حالة المكلف الاقتصادية والاجتماعية، ومن تم فهذا التصرف يعتبر من جرائم التزوير التي يعاقب عليها القانون بالعقوبة السالبة للحرية نظرا لتوفر الفاعل على نية الإضرار بالغير[52] وبالتالي فإن إغفال المشرع تجريم مثل هذا التصرف يعتبر تقصيرا من جانبه ويجعله محلا للنقد.
رغم تأخر المغرب في تبني ترسانة قانونية لزجر الغش الضريبي، فإن العقوبات التي تضمنتها ما يمكن القول عليها أنها جد محتشمة وضعيفة بالمقارنة مع ما يجري به العمل في نطاق القانون المقارن، فقد تم التنصيص على مجرد غرامة مالية لا تتجاوز في حدها الأقصى 50 ألف درهم مهما بلغت جسامة المخالفة أو المخالفات التي تم ضبطها، بحيث لم يربط بين فداحة الغش ومبلغ الغرامة.
أما العقوبات السالبة للحرية التي تتراوح ما بين شهر واحد و 3 أشهر فلا تطبق إلا في حالة العود وشريطة أن يتم هذا العود قبل مضي 5 سنوات، الأمر الذي يخالف حتى مبدأ أن العودة إلى الجريمة هو ظرف من ظروف تشديد العقوبة وليس شرطا لتطبيقها[53]. وهذا الشرط من الصعب تحقيقه لأن الملزم نادرا ما يتعرض لعملية فحص ثانية بعد خمس سنوات وذلك نظرا للعدد المحدود من المفتشين المحققين في المغرب[54] من جهة، ومن جهة ثانية اشترط المشرع أن يتم ارتكاب نفس المخالفة من طرف نفس الملزم مرتين بحيث لو ارتكب الملزم مخالفتين، لما كان بالإمكان إدانته على غرار ما نص عليه في جريمة افتعال العسر الواردة في مدونة تحصيل الديون العمومية، وحسب تعريف المشرع الجنائي لمفهوم العود في الجنحة.
في حين عند مقارنتنا للعقوبات المقررة في حالة ارتكاب السلوك المحظور (الغش الضريبي) بالمغرب بدول أخرى عربية وأجنبية، نجد هذه الأخيرة شددت في تشريعاتها وضمنتها بعقوبات حبسية وغرامات مالية ما لا يستطيع معها والمكلف التهرب من أداء الضرائب، ومن بين هذه الدول نجد:
التشريع التونسي: نجد أن الفصل 83 من مدونة الضرائب الصادرة بقانون 30-10-1989، ينص على غرامة مالية تتراوح ما بين 500 دينار و 10 آلاف دينار وعقوبة حبسية تتراوح ما بين 16 يوما و 5 سنوات، في حق الملزمين الخاضعين للضريبة على الدخل وفقا لنظام الربح الصافي أو للضريبة على الشركات أو شركائهم الذين استعملوا طرقا تدليسية ملحوظة بهدف التملص من الضريبة كليا أو جزئيا[55].
وبخصوص التشريع الجزائري، نجد أن المادة 362 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة، تنص على غرامة جزائية من 5000 دينار جزائري إلى 20.000 دينار، وبالحبس من سنة إلى 5 سنوات، أو إحدى هاتين العقوبتين فقط، في حق من ارتكب السلوكات المحظورة المنصوص عليها قانونا بصورة حصرية، كما أن العود في أجل خمس سنوات تنتج عنه بحكم القانون مضاعفة العقوبات سواء كانت جبائية أو جزائية، بالإضافة إلى عقوبات تكميلية كإغلاق المؤسسة...[56].
أما في فرنسا، فتصل العقوبات الجنائية المطبقة على الغش الضريبي بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات، وبغرامة تتراوح ما بين 5 آلاف فرنك و500 ألف فرنك فرنسي[57]، ويلاحظ هنا أن المشرع الفرنسي لم يشترط توافر حالة العود، لتوقيع العقوبة الحبسية كما هو الشأن بالنسبة للمشرع المغربي، بل إنه في حالة ثبوتها (أي حالة العود) داخل أجل خمس سنوات، تتم مضاعفة العقوبات، حيث يعاقب المكلف بحبس تتراوح مدته ما بين أربع وعشر سنوات وبغرامة تتراوح ما بين 15.000 فرنك و 700.000 فرنك بالإضافة إلى عقوبات تكميلية( كإشهار العقوبة والإقصاء من تنفيذ الصفقات العمومية...).
أما ألمانيا التي تعتبر عموما إحدى دول المجموعة الاقتصادية الأوروبية، حيث الضمير الجبائي يعد الأكثر تيقظا، فإنها تتوفر على نظام زجري في المجال الجبائي يظهر رادعا بجزاءاته الإدارية والجنائية[58]، فبخصوص هذه الأخيرة( أي الجزاءات الجنائية) نجد أن الغش يعاقب بغرامة مبلغها القصوي يصل إلى 3.6 مليون دتش مارك وحبس من خمس سنوات إلى لأكثر، وقد تصل العقوبة الأخيرة إلى عشر سنوات، في ظروف تعتبر خطيرة:
· رغبة الملزم في الإثراء عن طريق الغش.
· أهمية المبالغ المتملص منها.
ويقصد بها المعوقات التي من شأنها أن تحول دون تفعيل آليات تجريم الغش الضريبي على مستوى الإجراءات الواجب إتباعها في هذا المجال ويمكن حصر هذه المعوقات في النقاط التالية:
· إن الإجراءات المنصوص عليها في القانون المالي المزدوج لسنة 1996-1997 ورغم ثقلها، فقد أرجأ تطبيقها إلى غاية فاتح يوليوز 1997 وقد مرت الآن مدة طويلة على هذا التاريخ ولازالت العديد من هذه الإجراءات لم تعرف طريقها إلى التنفيذ.
· إذا كان المشرع قد نص على إحداث لجنة خاصة للمخالفات الضريبية وألزم وزير المالية باستشارتها قبل تقديم شكايته إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية التي ترتكب المخالفة في مجالها الترابي، فإنه من جهة أخرى لم يحدد الطبيعة القانونية لهذه اللجنة كونها إدارية أم قضائية، كما لم يحدد مدى إلزامية الآراء الاستشارية الصادرة عنها بالنسبة لوزير المالية.
· خلافا للأنظمة الضريبية المعاصرة اشترط المشرع المغربي لتطبيق عقوبة الحبس أن يتم العود إلى ارتكاب المخالفة قبل مضي 5 سنوات على الحكم بالغرامة المالية، وهذا يخالف مبدأ ان العود إلى الجريمة هو ظرف من ظروف التشديد العقوبة وليس شرطا لتطبيقها.
· باستثناء إطار المراقبة أو التحقيق فإن المشرع لم يمكن الإدارة الضريبية من آليات كافية لضبط المخالفات عكس ما قامت به جل الأنظمة الضريبية التي خولت لإدارة الضرائب مجالا واسعا لضبط المخالفات[60].
· إن تجريم الغش الضريبي مرتبط بمسطرة المراقبة والتحقيق التي تباشرها الإدارة الضريبية، وبالتالي لا يمكن ضبط المخالفة وإثباتها إلا بعد مباشرة هذه المسطرة، وبالتالي فإن الملزمين الذين لا يملكون محاسبة ولا يخضعون للمراقبة باعتبارها فحص للمحاسبة يعتبرون بمنأى عن التجريم، وكذلك الأمر بالنسبة للملزمين الذين لا يتوفرون على أي قيد ضريبي ولا يودعون تصريحاتهم.
وعموما وبعد الوقوف على كل ما مر معنا من محدودية الجزاءات القانونية لتجريم الغش الضريبي، يمكن القول أنه إذا كان هناك اتجاهان حاليا، كل منهما ينادي بعكس الآخر، حيث الأول يدعو إلى تشديد العقوبات وتبني ترسانة قانونية زجرية قوية وصارمة حتى تكون عبرة لجميع المكلفين بالضريبة وتكون بذلك عدالة جبائية، وأن الاتجاه الثاني يدعو إلى التعامل بمرونة وعدم الحزم في فرض العقوبات، فإنه في الحقيقة هو أمر مرتبط أساسا بمدى وجود الوعي الجبائي عند المواطنين من عدمه، إذ أنه في دول متقدمة[61] هناك من تعرف ضعفا ومرونة في ترسانتها القانونية لزجر هذه الظاهرة ومع ذلك لا تعرف غشا ضريبيا على الأقل كما هو حاصل لدى الدول المتخلفة، وبموازاة ذلك فإنه في دولة كالمغرب طالما ينعدم فيه وعيا جبائيا لدى أغلب المكلفين، فإن الأمر يستدعي فرض عقوبات زجرية صارمة حتى تستطيع ومعها الإدارة الضريبية من تحصيل ضرائبها المستحقة.
[2] - عبد الله اليوسي: ظاهرة التهرب الضريبي بين المقترب القانوني و السوسيولوجي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية أكدال الرباط 2002.-2003.ص33
[4] - عبد النبي أظريف ، المالية العامة و قواعد تدبير الميزانية العامة و مراقبتها ، دار القرويين ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى 2005،ص 39.
[5] - الصديق جعوان :إشكالية التهرب الضريبي في المغرب ، بحث لنيل الدكتوراه الوطنية في قانون الأعمال ، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية أكدال الرباط 2001-2002 ص 155.
[8] - مولاي أحمد العمراني : اقتصاد المغرب من خلال برنامج التقويم الهيكلي ، نشر البديع مراكش الطبعة الأولى 1995 ص 101.
[13] - Loïc cadiet et Erik Neveu , Regards sur la fraude fiscale « travaux et recherches de la faculté des sciences juridiques de Rennes 1985: P60.
[15] - هناك مجموعة من المبادرات ( الاتحاد الأوروبي ، و الولايات المتحدة الأمريكية ، كندا ، أمريكا اللاتينية دول العالم الثالث ) تهدف إلى عقلنة التعامل مع الجنات الضريبية نظرا لأنها خلفت آثارا اقتصاديا كبيرة.
[18]- للمزيد من الإطلاع و التفصيل نحيل إلى حميد النهري بن محمد " إشكالية التدخل الجبائي في المغرب أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، جامعة محمد الخامس أكدال الرباط السنة الجامعية 2000-2001.
[21] - في تقرير صادر عن مديرية الإحصاء برسم الفصل الأول من سنة 1999 تشير الإحصائيات إلى أن عدد العاطلين عن العمل على المستوى الوطني بلغ مليون و 443 ألف عاطل خلال هذه الفترة و ما فتئ هذا العدد يتضاعف سنة بعد أخرى ، في صفوف الشباب و الخريجين من حملة الشهادات ، ولقد ذكر تقرير حول وضعية الشغل بالمغرب خلال الدورة الرابعة من سنة2001 نشرته مديرية الإحصاء التابعة لوزارة التخطيط و التوقعات الاقتصادية أن معدل البطالة انتقل في المدن من 19.5% سجل خلال الدورة الثالثة في سنة 2001 إلى %20.3 خلال الدورة الرابعة سنة 2001 ، ولقد توقع التقرير أن تصل البطالة بالمغرب إلى 27 %سنة 2005 إلى 29 سنة 2010 ما لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإيقاف هذه الظاهرة.
[26] - فمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية يعتبر المكلف الذي يتهرب من أداء ضريبة بمثابة خائن لوطنه و يحرم من حقوقه الوطنية ، بل الأكثرمن ذلك فإنه يعاقب بعقوبات حبسية تتراوح لعشرات السنين.
[29] - هناك محاولات كثيرة عزمت فيها الجهات الرسمية محاربة التهرب ،والغش الضريبي ، انطلقت مع الإصلاح الضريبي لسنة 1961 عندما نص في مشروعه عن معاقبة الغش الضريبي ، و نفس الاتجاه نهجه المخطط الخماسي 37/77 ، ثم بعد ذلك الإصلاح الضريبي العام الذي جاءت به سياسة التقويم الهيكلي من خلال القانون الإطار و إلى جانب آخر ما نصت عليه المشاريع القانونية و المخططات قامت الإدارة الضريبية بحملات ضد الغش الضريبي خلال سنة 1977 وحملات أخرى في سنة 1980 كان الهدف منها تطهير المجال المالي من هذا السلوك المشين كما قامت بإحصائيات عامة وطنية حول المتهربين من الضرائب في هذا الشأن سعيا منها لضبط الحالة العامة.
[30] - M.ELKTITRI :programme d’ajustement et réforme fiscale au Maroc inannales marocaines d’économie n’ spécial 1993.p 231
[31] - BERRADA. (A) de la réforme à la contre réforme fiscale in la réforme fiscale au Maroc -actes du colloque national sur la réforme fiscale, RABAT 6-7mai ,1983, p36.
[33] - عبد الله دمومات :" الإصلاح الضريبي المغربي العام وبرنامج التقويم الهيكلي، محا ولة في التركيب"، الطبعة الأولى، 1995 افريقيا الشرق ص 131.
[34] - للمزيد من الاطلاع حول النقاش الذي دار بين الأحزاب السياسية في مجال تجريم الغش الضريبي من خلال قانون الإطار- يمكن الرجوع إلى رشيد.حجبي، قراءة في المداولات البرلمانية حول الضريبة العامة على الدخل، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، وحدة التكوين والبحث: المالية العامة، جامعة الحسن الثاني عين الشق، كلية العلوم الاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء من السنة الجامعية 2002-2003.
- جميلة الدليمي: الضريبة وإشكالية الانتقال الديمقراطي بالمغرب، مساهمة في رصد سيرورة صناعة القرار الضريبي منذ سنة 1956، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، وحدة البحث والتكوين، المالية العامة، جامعة الحسن الثاني، عين الشق الدار البيضاء السنة الجامعية 2004-2005.
[36] - بالرغم من أن المشرع المغربي لم يضع تعريفا لجريمة التملص إلا أنه عمل على .التخفيف بين التصرفات التي يعاقب عليها القانون، فلا بد من توفر كل من الركن المادي والمعنوي وهي أركان وشروط لقيام جريمة الغش الضريبي، أنظر المطلب الأول من المبحث الأول من الفصل الأول( من هذا القسم) وللمزيد من الاطلاع حول أركان تجريم الغش الضريبي نحيل على عبد الرحمان أبليلا، م س ص 45 وما بعدها.
[37] - المفتشين في هذه الحالة تكون لهم صفة الضابط القضائي وفقا لما تنص عليه المادة 27 من المسطرة الجنائية:" يمارس موظفوا وأعوان الإدارة العمومية الذين تسند إليهم بعض مهام الشرطة القضائية بموجب نصوص خاصة هذه المهام حسب الشروط وضمن الحدود المبينة في هذه النصوص".
[40] - تتكون لجنة المخالفات الضريبية الفرنسية من مستشار للدولة كرئيس للجنة ويكون بقية أعضائها مستشارين للدولة ،كذلك ومن مستشاري المجلس الأعلى للحسابات ولو كانوا من المتقاعدين.
[42] - من خصوصيات القانون الجبائي الضريبي أنه يفسح المجال للإدارة الضريبية من أجل التصالح مع الملزم المخالف بشأن المخالفات التي ارتكبها وذلك قبل صدور الحكم بإدانته، حيث أجاز المشرع الضريبي الصلح في معظم المخالفات الضريبية حتى يترك للإدارة الضريبية فرصة التفاهم مع المخالفين للقانون الضريبي تقديرا منه لما يجب أن تقوم عليه العلاقة الضريبية من تفاهم واقتناع بعدالة الالتزامات الضريبية المفروضة عليهم، هذا فضلا عن فكرة النفعية التي تقوم عليها سياسة التجريم الضريبي حيث لا يهم الدولة مدى ما يتحمله الجاني من عقاب لارتكابه الجريمة بل يكفي تحقيق مصلحتها العامة في صورة الصلح الذي يتم بينها وبين الجاني.
[44] - هشام رزقاني:" تجريم التملص الضريبي بالمغرب من خلال قانون المالية لسنة 1996-1997"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة وحدة المالية العامة، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، عين الشق الدار البيضاء 1999 ص 47.
- الضريبة على الشركات المادة 49 مكررة والمادة 49 مكررة مرتين: قانون رقم 24-86.
- الضريبة على القيمة المضافة المادة 49 مكررة والمادة 49 مكررة مرتين، قانون رقم85-30
- الضريبة العامة على الدخل، المادة 111 مكررة والمادة 111 مكررة مرتين، قانون رقم 89-17.
[47] - Thierry lambert(dir.), Les sanctions administratives fiscales,Aspects de droit comparé l’harmattan,paris,2006, p.199.
[48] -A.B.Zemrani, la fiscalité face au développement économique et social du Maroc,Edition la porte , rabat, 1982 p 363
[49] - وتحديد هذه الضرائب هي: الضريبة على القيمة المضافة، الضريبة على الشركات، الضريبة العامة على الدخل.
[50] - يلاحظ أن المشرع الفرنسي قد مدد صور الغش الضريبي المعاقب عليه جنائيا إلى كافة أصناف الضرائب الأخرى وذلك بحسب ما هو منصوص عليه في الفصل 1741 من المدونة العامة للضرائب الفرنسية
[51] - في الوقت الذي يسمح فيه للخاضع للضريبة على الأرباح العقارية أو لرسوم التسجيل( مثلا باستعمال المناورات والحيل للتخلص كليا أو جزئيا من الضريبة المستحقة ولا يتعرض إلا لغرامة مالية تافهة في حالة ضبطه،رفإن الأخير الخاضع لإحدى الضرائب الداخلة في نطاق القانون يتعرض للعقوبة السالبة للحرية في حالة ارتكابه لنفس الأعمال المحظورة.
[52] - ينص الفصل 367 من القانون الجنائي المغربي على أن جرائم التزوير المعاقب عليها في هذا الفرع إذا ارتكبت.أضرارا .بالخزينة العامة، أو بالغير يعاقب عليها إما باعتبارها تزويرا في المحررات الرسمية من عشر إلى عشرين سنة طبقا للفصل 354 من القانون الجنائي، وإما باعتبارها تزويرا في محرر بنكي او تجاري بالجبس من ستة إلى خمس سنوات وغرامة من 250 إلى 20000 درهم طبقا للفصل 357 من القانون الجنائي.
[54] - محمد شكيري:" القانون الضريبي المغربي"، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، العدد 49 سنة 2003، ص 300.
[56] - قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة- وزارة المالية ( السلسلة الجبائية)، المطبوعات الجامعية- الجزائر، 1987.
[57] - Jean-yves mercier, Bouvartd Plagnet ; les impots en france- « traité de fiscalité » , éd francais le febre, 2001-2002, p 542.
- الحق في القيام بزيارات مفاجئة وبدون سابق إنذار للتأكد مثلا من البيع بدون فاتورات ومن دفاتر المحاسبة.
- زيارة وتفتيش كل الأماكن والمحلات التي يباشر فيها النشاط المهني للتأكد من مزاولة المهنة بشكل نظامي.
- التزام جهات أخرى قضائية أو إدارية على الإحالة على إدارة الضرائب كل المعلومات والوثائق التي من شأنها أن تحمل على .الظن بارتكاب غش ضريبي.
[61] - على سبيل المثال نجد كل من دولة السويد وسويسرا اللتان تأخذان بالاتجاه الذي يدعو اعتماد المرونة والليونة في فرض العقوبات الزجرية وذلك بسبب الوظيفة الحديثة للضريبة، للمزيد من الاطلاع راجع :
Conseil des prélèvements obligatoires : op.cit
التعليقات على الموضوع