المبحث الثاني : تحديد واستغلال الأملاك الجماعية. تتوفر الجماعات المحلية وهيآتها ،خاصة البلديات والجماعات القروية على أملاك عامة متنوعة،...
المبحث الثاني: تحديد واستغلال الأملاك الجماعية.
تتوفر
الجماعات المحلية وهيآتها ،خاصة البلديات والجماعات القروية على أملاك عامة متنوعة،
ومن المفروض أن تعتني بها وتستغلها استغلالا جيدا إلى جانب استغلال أملاكها الخاصة،
الشيء الذي سيوفر لها موارد مالية ذاتية مهمة، علاوة على تحقيق الخدمات المتوخاة
من وراء التخصيص الممنوح للأملاك العامة، وتستطيع الجماعات الزيادة في حجم أملاكها
العامة كلما استجاب ملك ما لمعيار تخصيصه للمنفعة العامة ،سواء يجعله رهن تصرف
العموم، أو
بتخصيصه لمرفق عام، والهدف من هذا هو حماية الأملاك التي تكتسي صبغة
عمومية، وجعلها تستمر في تحقيق أهدافها، وذلك عن الدور الاقتصادي الذي يمكن أن
تطلع به.
إلا أن الملاحظ في الممارسة الميدانية هو أن الجماعة عادة ما تعتقد أن
الأملاك الخاصة، هي المهمة لأنها تتكون من أراضي أو بنيات غير مخصصة للعموم، وتغفل
عن أملاك كثيرة، ضمن أملاكها الخاصة في الوقت الذي كان يجب عليها أن تصنفها ضمن
أملاكها العامة، الشيء الذي كان له اثر سيئ على وضعية تلك الأملاك، وعلى حقوق
ومالية الجماعات.
ومن بين المشكلات التي عادة ما تصنفها ضمن الأملاك العامة واكتساب مشغليها
كثيرا من الحقوق عليها ،كتكوين أصول تجارية وإقرار الحجز أو الرهن عليها، وصعوبة
الدفاع عنها أمام القضاء في الحالة التي تقرر الزيادة في واجب استغلالها بشكل
مغاير لما تسمح به القوانين الخاصة، لأنها تتعامل معها أحيانا كأملاك عامة وهي من
الناحية القانونية لا تزال ضمن الأملاك الخاصة، ومن هنا نطرح العديد من الأسئلة:
ما المقصود بالتحديد الإداري للملك العام الجماعي؟ كيف تستطيع الجماعات المحلية
تحديد ممتلكاتها الجماعية؟ ما هي المسطرة المتبعة بشأن عملية تحديد الأملاك العامة
للجماعات المحلية؟ وكيف يتم استغلال الملك العام الجماعي؟ وما هي المراحل التي تمر
منها عملية شغل الملك الجماعي مؤقتا؟ للإجابة على هذه التساؤلات سنقوم بتقسيم هذا
المبحث إلى مطلبين.
سنتحدث في المطلب الأول عن إشكالية تحديد الملك العام المحلي، على أن نخصص
المطلب الثاني لدراسة أهم الطرق والأساليب المعتمدة في تدبير وتسيير الممتلكات
الجماعية.
المطلب الأول: إشكالية تحديد الأملاك العامة الجماعية.
تلجأ الإدارات العمومية غالبا إلى عملية تحديد الأملاك العامة عندما تحس أن
موقعها سيكون ضعيفا أمام المحاكم المختصة لعدم توفرها على سندات وحجج كافية لإثبات
الملكية، وذلك بغية نقل عبء إثبات الملكية على المتعرض على عملية التحديد أثناء
إيداعها لمطلب التحفيظ.
واستنادا إلى المادة 37 من الميثاق الجماعي رقم 78.00 المغير والمتمم
بقانون 17.08، يتضح بأن المشرع نص على التحديد الإداري للملك العام دون الخاص، وذلك
نظرا لما يتميز به الملك العام من عدم جواز التصرف فيه أو تملكه بالتقادم [1]،
وجعل عملية التحديد ها ته من اختصاص المجلس الجماعي طبقا لقواعد مسطرية تم التنصيص
عليها في ظهير فاتح يوليوز 1914 المتعلق بالملك العام للدولة (كما وقع تغييره
وتتميمه) وكذا في قانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير.
هذا وقد جعل المشرع عملية التحديد الإداري للملك العام الجماعي رهينة
بمجموعة من المساطر الواجب إتباعها أثناء هذه العملية وعلى هذا الأساس سنتحدث عن
مفهوم التحديد الإداري للملك العام الجماعي في(الفرع الأول) ونخصص (الفرع الثاني)
لمسطرة تحديد الأملاك الجماعية.
الفرع الأول:
تعريف التحديد الإداري للأملاك العامة التابعة للدولة والجماعات.
يعتبر التحديد الإداري للأملاك
العامة التابعة للدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية، مسألة غاية في
الأهمية بالنسبة للجهة المالكة للعقار العمومي، فبواسطته يتم تبيان الحدود التقنية
والقانونية للملك العام ومن ثم توضيح حقوق الشخص المعنوي المالك له، وكذا حقوق
الغير، والمقصود بالتحديد الإداري أي التحديد الذي تقوم الإدارة به بالنسبة
لأملاكها العامة غير المحفظة، وبشكل انفرادي أي دون التشاور مع الملاكين المجاورين
للملكية العمومية[2].
وكما هو معلوم فإن التحديد الإداري للملك العام الجماعي لا يشمل الأملاك
العامة وحدها، بل يمتد أيضا إلى |أملاك أخرى من قبيل أراضي الجموع والملك الغابوي
والملك الخاص للدولة.
وفي إطار نظرية الأملاك العامة نجد الفقه والقضاء يميز بين الأملاك العامة
الطبيعية والأملاك العامة الاصطناعية.
فيما يخص الأولى يقتصر الأمر على كشف وإعلان الحدود التي صنعتها الطبيعة
بفضل عوامل جيولوجية وطبيعية لا دخل للإنسان فيها[3].
فقرار التحديد الذي يهمنا لا ينشئ الحدود، بل يعمل على إبرازها دون توسيعها،
وفي حالة ما إذا تجاوز التحديد الحدود الطبيعية يكون مشوبا بخطأ.
أما بالنسبة لتحديد الملك العام الاصطناعي، مثل تحديد الساحات العمومية
والحدائق العامة، وأماكن المحطات وموقف السيارات والأسواق العامة والمجازر ودور
الثقافة والرياضة والشبيبة وغيرها من الأماكن، شريطة أن تكون مصنفة ضمن الأملاك
العامة، فإن قراره لا يقتصر على معاينة الحدود وإنما يمتد إلى إمكانية تغيير هذه
الأخيرة بتوسيعها أو تصنيفها حسب ما تستلزمه
اعتبارات المصلحة العامة وما قد تنص عليه وثائق التعمير.
لكن الملاحظ في الممارسة العملية أن الدولة قلما تلجأ إلى تحديد أملاكها
العامة[4]،
أما الجماعات المحلية فلا تقوم بعملية التحديد الإداري لأملاكها العامة في إطار
المسطرة الواردة في نصوص لتعمير بصفة استثنائية.
أما التحديد في إطار النصوص المنظمة للأملاك الجماعية فلا يطبق بتاتا من
الناحية العملية، وبالمقارنة مع الحقبة الاستعمارية التي كانت تطبق فيها نفس
النصوص الجاري بها العمل، حاليا نلاحظ أن عمليات التحديد الإداري كانت تتم بشكل
واسع من طرف الدولة وحتما من طرف البلديات.
ولقد ترتب على قلة اللجوء إلى التحديد الإداري، انعكاسات سيئة على حقوق الدولة والجماعات خصوصا، وأن مجموعة كبيرة من الأملاك التابعة لها غير محفظة.
كما أنه في كثير من الحالات يصعب الدفاع عن الأملاك العامة تجاه الغير بسبب
عدم وجود حدود واضحة لها.
ومن أجل تسليط الضوء على عملية التحديد الإداري للملك العام الجماعي سنحاول
شرح تحديد الأملاك العامة في (الفرع الثاني).
الفرع الثاني: مسطرة تحديد الأملاك الجماعية.
بالرجوع إلى النصوص القانونية المنظمة للأملاك الجماعية، نجد أن المشرع ميز بين مسطرتين لتحديد الأملاك العامة الجماعية.
المسطرة الأولى وهي عامة تخضع لها جميع الأملاك الجماعية العامة والتي تم
التنصيص عليها في الفصل السابع من ظهير فاتح يوليوز 1914 المتعلق بالملك العام
للدولة ،والمسطرة الثانية وهي خاصة تخضع لها الأملاك العامة الجماعية المنصوص عليها
في قانون رقم 12.90.
إن تحديد أي جزء من الأملاك العامة هو عمل انفرادي تقوم به الجهة المالكة
بمحض إرادتها كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك[5].
وإذا كانت نظرية الأملاك العامة تسمح بذلك وبدون التفاوض مع الملاكين
المجاورين، فإن التشريعات المنظمة لهذه الفئة من الأملاك عادة ما تفعل مسطرة
القيام بالتحديد الإداري وباستقراء النصوص المنظمة لأملاك الجماعات الحضرية
والقروية، نلاحظ أنها لا تتضمن مقتضيات مفصلة وواضحة بخصوص تحديد الأملاك العامة
للدولة الذي احتوى على مقتضيات وإن كانت بدورها غير كافية، إلا أنها أوضحت بعض ما
يجب القيام به من إجراءات لتطبيق مسطرة التحديد، كما أن نصوص أخرى تضمنت بدورها
أحكاما تهم تحديد الأملاك العامة ونقصد قانون التعمير.
وتجدر الإشارة إلى أن القواعد المسطرية المنصوص عليها في الفصل السابع من
ظهير فاتح يوليو 1914 هي قواعد عامة تسري على جميع الأملاك الجماعية العامة المراد
تحديدها ماعدا الملك الطرقي ويتعلق الأمر بالطرق الجماعية والساحات ومواقف
السيارات العامة والمسالك والممرات والأزقة فقد أفرد لها المشرع مساطر خاصة
لتحديدها ،كما سنوضح لاحقا وهكذا فإن المسطرة المتبعة لتحديد الأملاك الجماعية
طبقا للظهير المذكور وهي كالتالي:
-
مداولة المجلس الجماعي واتخاذ مقرر بشأن تحديد الملك العام الجماعي، وذلك
ما تجده في المادة 37 من قانون 78.00 المعدل والمتمم بقانون 17.08 التي تنص على أن
المجلس الجماعي يتولى دراسة مسالة تحديد الملك الجماعي والتداول بشأنه في دورته
العادية والاستثنائية ثم يتخذ مقرره القاضي بالموافقة على تحديد الملك العام مع تحديد
موقعه وحدوده بكل دقة ووضوح.
-
البحث العمومي: تقوم الجماعة بإجراءات بحث عمومي لمدة شهر حول العقار
المراد تحديده[6]، حتى
يتمكن من يهمهم الأمر الإدلاء بملاحظتهم داخل الأجل المذكور إما بتدوينها مباشرة
في السجل المخصص لهذه الغاية أو بإرسالها عن طريق البريد المضمون مع الإشعار
بالتوصل إلى الجماعة المعنية، كما يتم نشر البحث بواسطة الإعلانات التي تنشر في
الجريدة الرسمية، وفي إحدى الجرائد الوطنية وكذلك بواسطة الإعلانات التي تلصق
بمكاتب الجماعة المعنية.
-
المصادقة على مقرر المجلس الجماعي من طرف عامل العمالة أو الإقليم، وذلك
حسب المادة 37 من الميثاق الجماعي الجديد، فإن رئيس المجلس الجماعي يتولى تنفيذ
مقرر المجلس الجماعي القاضي بتحديد الملك العام وذلك بعرض الملف القانوني على عامل
العمالة أو الإقليم قصد المصادقة عليه عملا بأحكام قرار وزير الداخلية رقم 687.03
الصادر في 20 مارس 2003 بتفويض الاختصاص
مصحوبا بالوثائق لتالية:
° مذكرة تقديم تبين الأسباب التي
استوجبت التحديد وتعيين العقارات التي سيتم تحديدها.
° تصميم تجزيئي يبين بكامل الدقة والوضوح موقع العقارات، موضوع التحديد
وكذا حدودها المرسومة بكل وضوح تحمل توقيع رئيس المجلس الجماعي وتأشيرة المهندس
الجماعي.
° ملف البحث العمومي.
°تقرير يبرز رأي السلطة المحلية في الموضوع.
° مشروع قرار التحديد.
-
مرحلة إشهار القرار الذي يتم بعد المصادقة علة مقر تعيين حدود الملك العام
الجماعي بواسطة عامل العمالة أو الإقليم ونشره في الجريدة الرسمية.
-
مرحلة إدراج العقار المحدد ضمن الملك العام الجماعي في هذه المرحلة يتعين على الجماعة المعنية بعد
الانتهاء من الإجراءات المبينة أعلاه أن تدرج العقارات موضوع التحديد ضمن الملك
العام الجماعي، في هذه المرحلة يتعين على
المعنية بعد الانتهاء من الإجراءات المبنية أعلاه أن تدرج العقارات موضوع التحديد
ضمن الملك العام الجماعي ومباشرة عملية التحفيظ العقاري.
أما في ما يخص تحديد الأملاك العامة في إطار نصوص التعمير، نجد الفصل
الحادي عشر من ظهير 1921 المتعلق بأملاك البلديات والفصل الخامس من ظهير 1954
الخاص بأملاك الجماعات القروية[7]،
وذلك إلى جانب الإشارة إلى حالة التحديد المطبقة بشأنها المسطرة المنصوص عليها في
الفصل السابع من ظهير فاتح يوليوز 1914 الخاص بالأملاك العامة للدولة.
وهذا يعني أن التحديد الذي سبق شرحه في إطار نصوص الأملاك الجماعية يشكل
القاعدة العامة لأنه يهم كافة الأملاك العامة المخصصة للجمهور أو للمرافق العامة
الجماعية، أما التحديد في صورته الثانية يخص فقط الملك العام الطرقي وملحقاته وهو
الذي أشير غليه في الفصلين الآنفي الذكر، فصلت أحكامه نصوص التعمير القديمة
والحديثة.
ولكي تتمكن الجماعات المحلية من إجراء عملية التحديد الإداري، يجب
إعادة النظر في النصوص الحالية لتوضيح وتبسيط المسطرة الواجب إتباعها، فلا بد من
إصدار نصوص خاصة بالأملاك العامة للجماعات المحلية المختلفة، تلغي أو تغير النصوص
القديمة السارية المفعول.
المطلب الثاني: أساليب تدبير المرافق والتجهيزات المحلية.
يجري المبدأ
العام على الأملاك العامة للجماعات المحلية، وهي كونها مخصصة لاستعمال الجمهور ن
ويترتب عن هذا، أن الملك العام يخضع لثلاث مبادئ وهي: مبدأ الحرية، والمساواة،
والمجانية (الفرع الأول) إلا أن ذلك لا يمنع الجماعات الترابية من السماح لبعض الخواص
قصد استعمال أملاكها العامة، وبطريقة خاصة ما لم يتعارض ذلك مع المصلحة العامة
(الفرع الثاني).
الفرع الأول: الاستعمال الجماعي للمرافق والتجهيزات الجماعية.
يتم استعمال
الملك العام أو الجماعي من طرف العموم، وذلك بنوع من الحرية ودون تمييز أو حرمان
لأحدهم كالمرور في الشوارع والطرق والتجوال في الحدائق وولوج المساجد والمنشآت...الخ[8]. مع التزامهم
لتخصيصه للمنفعة العامة، وهذا الالتزام يعتبر مطلقا وعاما، ويشمل كل منتفع بالملك
العام المحلي، وكذلك مشروعيته في تخصيصه للمنفعة العامة، وكذا القوانين المنظمة له[9]، وكذا
من مبادئ ء الحرية والمساواة المكفولة له في الدستور والتي لا يجوز للإدارة التطاول
عليها أو حرمان البعض منها.
ورغم الانتفاع
الجماعي يعتبر مظهرا من مظاهر الحرية والمساواة بين المنتفعين إلا أن ذلك لا يمنع
من إصدار الأوامر والقرارات التنظيمية لحماية الملك العام والحفاظ على النظام
العام، وبالتالي ضمان أفضل السبل
لاستغلاله، ولو تطلب الأمر تغيير تخصيصه بما يتماشى والمنفعة العامة.
وتجدر الإشارة
إلا أن استعمال الملك العمومي المحلي يرتكز على ثلاث مبادئ أساسية وهي كالتالي:
مبدأ الحرية: تماشيا
مع تخصيص الملك العام المحلي للمنفعة العامة، فإن للأفراد الحرية في الانتفاع به،
حيث يمكنهم استعمال الطرق العامة والشوارع والشواطئ والمنتزهات العامة دون قيد أو
شرط، وهذا الانتفاع هو تكريس للحريات التي تؤكدها الدساتير والمواثيق الدولية،
فاستعمال الطرق العامة بعد ممارسته لحرية التنقل واستعمال دور الصيادة يعتبر
ممارسة لحرية العقيدة[10].
غير أن حرية الأفراد في الانتفاع
بالملك العام، أسوة بغيرها من الحريات العامة الأخرى لا تكون مطلقة، ترد عليها بعض
القيود نذكر منها، توافق الاستعمال مع أهداف التخصيص للمنفعة العامة ثم الالتزام
بقيود الضبط الإداري، إلى جانب مبدأ حرية الاستعمال نجد مبدأ أخير مبني على قاعدة
المساواة بين المنتفعين[11].
مبدأ المساواة: يقصد بمبدأ المساواة بين
المنتفعين، أن هؤلاء يوجدون في وضعية متساوية ويتمتعون بنفس الظروف، غير أنه بمجرد
ما يبدو أن استعمال الفرد لهذا الملك استعمال غير عادي بحكم مزاولته نشاطا تجاريا
في ممر عمومي مثلا، فإنه يلزم بالخضوع إلى تدابير خاصة كالحصول على ترخيص مسبق
لمزاولة هذا النشاط وهذا الاستعمال للملك العمومي[12]، إلى
جانب قاعدتي الحرية والمساواة في الانتفاع بالملك العام المحلي، نجد قاعدة أخرى
تحكم الاستعمال الجماعي، وهي قاعدة المجانية.
مبدأ المجانية: يستفاد من ذلك أن
الاستعمال يكون بدون مقابل مادي ما دام أن الملك المذكور مخصص لاستعمال الجمهور،
وليس للإدارة الحق في فرض أي مقابل مادي، لكن إذا كان هو المبدأ المراد من المجانية كمبدأ، فإن الواقع
المحلي يبعث على التخوف، ذلك أننا نسمع يوما بعد يوم عن الأزمات المالية التي
تعيشها الجماعات المحلية، وفي ظل هذه الأوقات أصبح الحديث عن المجانية أمرا مزعجا[13].
الفرع الثاني: الاستعمال الخاص للمرافق والتجهيزات المحلية.
إن الاستعمال الخاص للملك المحلي يعني بكل بساطة، السماح للخواص باستغلال
جزء منه في غير الأغراض المخصصة لها، حيث يسمح لبعض الأفراد يشمل جزء من الملك
العام، مما يخرجه من نطاق الانتفاع الجماعي، والهدف من ذلك هو البحث عن السبل
التنموية الكفيلة بالرفع من مردوديته واستثماره استثمارا يعود على الجماعة المحلية
بالنفع ويقيها سلبيات القروض والمساعدات.
ويرجع الفقه الإداري انتفاع الخاص بالملك العام يرجع إلى صورتين:
الصورة الأولى تتمثل في الترخيص للأفراد بالاستغلال المؤقت للملك العام المحلي،
أما الصورة الثانية فتهم تعاقد الإدارة مع الخواص[14].
v الاستعمال الخاص بواسطة ترخيص.
يقصد بهذا النوع من الاستغلال، منح الخواص إمكانية احتلال الملك العمومي
مؤقتا، وذلك بموجب رخصة إدارية تخول لهم الحق في استعمال جزء من الملك العام
المحلي في بعض الأغراض على أن لا يتعارض
هذا الاستعمال مع المصلحة العامة، وقد جاء هذا المعنى واضحا في ظهير 30
نونبر 1918[15]،
وكذا ظهير 14 نونبر 1949[16].
وبهذا المفهوم ينبغي أن لا يكون الاحتلال المؤقت للملك العمومي متناقضا مع
تخصيصه للمنفعة العامة، وينبغي أن يكون وسيلة من الوسائل التي تحصل بها الجماعات
المحلية على مداخيل هامة لميزانيتها.
ويلجأ الخواص عادة لطلب احتلال الملك العمومي لأغراض كثيرة منها:
استخراج المواد (مقالع الرمال مثلا ) أو وضع قنوات، أو مزاولة تجارة (دكان،
رصيف، مقهى، مؤسسات اصطيافية...الخ).
وما يميز رخصة الاحتلال هو كون المستفيد منها، يكون دوما في حالة غير قارة،
لأن سحب هذه الرخصة وارد في أي وقت[17].
وتجدر الإشارة إلى أن الإدارة تملك سلطة واسعة في اتجاه المتعامل معها في
هذا الإطار، خاصة وأنها لا تملك طريقة أخرى للتعامل مع المحتل غير وسيلة الرخصة[18]،
أضف إلى ذلك أن شروط الاحتلال تحدد من طرف الإدارة، وتلزم المحتل بعدة التزامات،
كما تحدد الرخصة شروط انتهائها ومآل المنشآت التي قد تكون بنيت من طرف المحتل،
والتي قد تعود للإدارة أو تهدم لإرجاع العقار إلى حالته الأولى قبل احتلاله.
وتمنح الرخصة لمدة أقصاها 10 سنوات وقد يتم تمديدها بصفة استثنائية على 20 سنة،
وتمنح لمدة غير محدودة في الحالات التالية:
·
إعداد مسلك يؤدي لملك خصوصي مجاور لطريق عمومي.
·
بناء منشآت للري مرتبطة بقنوات عمومية.
·
توصيل قطع أرضية خصوصية تفصلها قنوات عمومية.
وغالبا ما تسحب رخصة الاحتلال المؤقت في حالتين:
1-
إما بقوة القانون إذا لم يحترم المرخص له الشروط المنصوص عليها[19].
2-
وإما نتيجة للمصلحة العامة، غير أن هذا الإلغاء يتم بعد إنذار مسبق مدته
ثلاثة أشهر.
وتقتضي رخصة الاستعمال المؤقت دفع إتاوة سنوية[20]،
تحدد قيمتها من طرف وزير الأشغال العمومية بعد استشارة وزير المالية.
وهكذا تستفيد الجماعة من عائدات الرسوم المحلية عندما ترخص للخواص باحتلال
ملكها العمومي مؤقتا.
بعدم تحدثنا عن الضوابط الأساسية التي تحكم عملية الاحتلال المؤقت للملك
العام الجماعي، فما هي إذا المسطرة المتبعة في منح هذه التراخيص؟
أولا: مسطرة
منح رخصة الاستغلال المؤقت للملك العام بإقامة بناء[21].
بالرجوع إلى المادة 69 من القانون رقم: 78.00 المعدل والمتمم بقانون رقم
17.08 المتعلق بالميثاق الجماعي نجدها تنص على ما يلي:
إن مقررات المجلس الجماعي الخاصة بالمسائل الآتية لا تكون قابلة للتنفيذ
إلا إذا صادقت عليها سلطة الوصاية طبقا للشروط المحددة بالمادة 73 بعده:
ف.ق .10 من المادة 69 أعلاه "احتلال الملك العمومي مؤقتا بإقامة
بناء".
وتنص الفقرة الثانية من المادة 73 على ما يلي:
"غير أنه تدخل ضمن السلطة المصادقة المخولة للعامل أو الوالي بالنسبة
لكافة الجماعات، المقررات المتعلقة بالميادين المشار إليها في المادة 69 (البنود 2
و 10 و 11 و 13)".
وتمر مسطرة الاستغلال المؤقت للملك العام الجماعي بإقامة بناء بالمراحل
التالية:
المرحلة الأولى: دراسات الطلبات من طرف المصالح الجماعية المختصة.
ففي هذه المرحلة يتعين على طالب الرخصة أن يتقدم بطلبه إلى المصادقة
الجماعية المختصة، التي تتولى دراسات الطلبات المتعلقة بشغل الملك العام مؤقتا.
ويجب أن يتضمن الطلب البيانات التالية:
·
الاسم الشخصي والعائلي أو اسم الشركة أو المؤسسة.
·
العنوان الكامل.
·
الغرض من الاستغلال.
·
موقع البقعة الأرضية الراغب في استغلالها.
·
مدة الاستغلال المطلوبة.
·
المساحة المراد استغلالها.
كما يجب أن يكون الطلب مصحوبا بتصميم موقعي بين حدود القطعة الأرضية المراد
استغلالها بكل دقة ووضوح وكذا مساحتها، وبالطبع فمن خلال التصميم الموقعي يمكن
للمصالح الجماعية التأكد بأن استغلال الملك العام لا يؤثر على جمالية العمران ولا
يعيق حركة المرور والسير والجولان[22].
المرحلة الثانية: مداولة المجلس الجماعي في الموضوع.
بعد دراسة الطلبات المتعلقة باستغلال الملك العام مؤقتا من طرف المصلحة
المختصة، يتم رفع الطلب إلى المجلس الجماعي قصد التداول بشأنه والبث فيه، وبعد ذلك
يتولى المجلس الجماعي دراسة الموضوع في إحدى دوراته العادية أو الاستثنائية ن
ويصدر مقرر القاضي بالترخيص باستغلال الملك العام.
المرحلة الثالثة:
المصادقة على الملف من طرف الوالي أو العامل.
استنادا إلى المادتين 69 و 73 من الميثاق الجماعي، يجب أن يخضع مقرر المجلس
الجماعي القاضي بالترخيص باستغلال الملك العام لمصادقة الوالي أو العامل بالنسبة للجماعات
الحضرية والقروية[23]، و عليه يتعين على المصلحة المختصة تكوين ملف
قانوني وإرساله إلى السلطة المصادقة متضمنا الوثائق التالية:
1-
محضر مداولات المجلس الجماعي.
2-
طلب المعني بالأمر يتضمن كل البنايات السالف ذكرها.
3-
مذكرة تبين الأسباب التي دفعت الجماعة إلى منح الرخصة مع الإشارة إلى كافة
عناصر العملية (اسم المستفيد – موقع العقار، المساحة...).
4-
تصميم موقعي للقطعة الأرضية المراد استغلاله موقع عليها من طرف رئيس المجلس
الجماعي، والمهندس الجماعي.
5-
مذكرة حول أصل الملك تبرز أصل الملكية ووضعيته القانونية وكذا المراجع
العقارية (محفظ أو غير محفظ أو في طريق التحفيظ).
6-
مشروع قرار الترخيص بالاستغلال المؤقت.
7-
تقرير بوضع رأي السلطة المحلية والإقليمية في الموضوع.
8-
نسخة من القرار الجبائي في حالة تمديد الإتاوة أو محضر طلب العروض عند
اللجوء إلى مسطرة المنافسة.
9-
كناش التحملات الذي يجب أن يتضمن كافة الشروط التقنية والبيانات اللازمة
وكذا تاريخ بداية الاستغلال ونهايته.
10-
المصادقة المسبقة على كناش التحملات إذا كان الأمر يستوجب المنافسة.
بيد أنه يلاحظ ثمة عدم الانسجام بين أحكام المادة 73 والمادة الثانية الواردة
في قرار وزير الداخلية رقم: 03-687 الصادر في 20 مارس 2003 المتعلق بتفويض
الاختصاص[24]، بخصوص سلطة وصاية المصادقة، إذ أن الفقرة
الثانية من المادة 73 من الميثاق الجماعي تخول هذا الاختصاص للوالي أو العامل، في
حين أن المادة الثانية من القرار السالف الذكر يفوض هذا الاختصاص لعامل العمالة أو
الإقليم فحسب.
وتنصب على الاستغلال المؤقت للملك العمومي الجماعي على إطلاقه أي بدون
تمييز بين إقامة بناء أو بدون إقامة بناء،
ولا شك أن هذه الأمور تطرح مشكلة بالنسبة للإدارة الجماعية أثناء الممارسة العملية،
مع العلم أن المرسوم أو القرار الإداري أدنى درجة من القانون، بل إن هذا الأخير
يسمو عليهما، هذا من المحبذ إعادة النظر في مقتضيات هذه النصوص التنظيمية، لكي
تنسجم وأحكام النصوص التشريعية المنظمة لسلطة المصادقة على أعمال تدبير الملك
العام الجماعي إلا في الحالات التي ينص عليها المشرع، كما لا يجوز التوسع في تفسير
النص المقرر للوصاية، لذلك يتعين من باب الاحتراز، أن تكون صيغة نصها دقيقة وواضحة
لا تحتمل أي تفسير أو تأويل[25].
المرحلة
الرابعة: تنفيذ مقرر المجلس الجماعي.
بعد المصادقة على المقرر المتعلق بأشغال الملك العام مؤقتا يتولى رئيس
المجلس الجماعي بالنسبة للجماعات الحضرية، والقروية تنفيذه وذلك باتخاذ الإجراءات
اللازمة تطبيقا للمادة 47 من الميثاق الجماعي وتتمثل التدابير فيما يلي:
1-
تبليغ قرار الاستغلال المؤقت للملك العام إلى المستفيد.
2-
تسليم نسخة من القرار موقع عليه من طرف رئيس المجلس الجماعي إلى مصلحة الجبايات
لاستخلاص الإتاوة المفروضة.
3-
تقييد قرار الاستغلال في سجل محتويات الأملاك الجماعية العامة مع الإشارة
على اسم المستفيد وموقع الملك العام الجماعي المستغل ومساحته والغرض من الاستغلال
ومدته وتاريخ الأداء والإتاوة المفروضة حتى يتسنى للمصلحة المختصة مواكبة تطورات
الملك العام المرخص بشأنه وتحيينه وفقا للمستجدات.
ثانيا: مسطرة منح
الاستغلال المؤقت للملك العام بدون إقامة بناء.
من خلال الاضطلاع على أحكام المادة 50 من الميثاق الجماعي يتبن بأن الصلاحيات
التي يمارسها المجلس الجماعي في إطار اختصاصات الشرطة الإدارية تتم إما بواسطة
قرارات تنظيمية أو قرارات فردية، بمعنى أن بعض الصلاحيات الواردة في المادة 50 تتطلب
اتخاذ قرار فردي من طرف رئيس المجلس الجماعي لمباشرتها وأخرى تتطلب إصدار قرار
تنظيمي لممارستها.
ثالثا: مفهوم
الشرطة الإدارية الجماعية.
يقصد بالشرطة الإدارية الجماعية ،حق الجماعة في أن تفرض على الأفراد أو
الجماعات قيودا تحد من حرياتهم قصد حماية النظام العام بمدلولاته الثلاث: الأمن
العام والصحة العامة والسكينة العامة[26].
وبالرجوع إلى المادة 50 من الميثاق الجماعي يتضح لنا أن رئيس المجلس
الجماعي ،كما أشرنا إليه سالفا، يمارس الشرطة الإدارية إما بواسطة قرارات تنظيمية:
هي قواعد عامة ومجردة تصدرها السلطات الإدارية المختصة ،لكي تطبق على عدد غير معين
وغير محدد من الأشخاص ولا يمكن معرفة من سيطبق عليهم القرار بصورة مسبقة[27].
أما على صعيد الجماعة فتعرف هذه القرارات بقرارات السير والجولان يتخذها
رئيس المجلس الجماعي ،إما في نطاق ممارسته لاختصاصات شرطة النظام العام، إما في إطار مباشرته لاختصاصات
شرطة المحافظة على الملك العام مثل تنظيم الطرق العمومية داخل تراب الجماعة [28].
·
القرارات الإدارية الفردية: هي أوامر ذات صبغة فردية تتعلق بشخص معين
بالذات وبجماعة يمكن تعيينهم بأسمائهم ،وتسري عليها بالتالي جميع القواعد العمة
التي تحكم القرار الإداري.
واستنادا إلى أحكام المادة 50 من الميثاق الجماعي ،فإن رئيس المجلس يمنح
رخصة استغلال الملك العام بدون إقامة بناء في نطاق ممارسة لاختصاصات الشرطة
الإدارية للحفاظ على النظام العام بمدلولاته الثلاث دون أن يخضع لتأشيرة سلطة
الوصاية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 76 من القانون رقم 78.00 المعدل
والمتمم بموجب قانون 17.08 لكونها قرارا فرديا يخاطب شخصا معينا ومحددا باسمه[29].
إذا كان الترخيص باستغلال الملك العام بدون إقامة بناء من اختصاص رئيس
المجلس الجماعي، إذ يتولى منح هذه الرخصة بناء على طلب المعني بالأمر الراغب في
استغلال جزء من الملك العام، كما أوضحنا فيما سبق، إلا أنه من الناحية العملية يجب
على مسطرة الاستغلال المؤقت للملك العام الجماعي بدونه إقامة بناء أن تمر بالمرحلة
التالية:
1-
مرحلة دراسة الطلبات من طرف المصالح الجماعية المختصة.
وهي نفس المساطر المتبعة أثناء ترخيص باستغلال الملك الجماعي مؤقتا بإقامة
بناء[30].
2-
مرحلة معاينة الملك المراد استغلاله من طرف لجنة خاصة.
يتعين على رؤساء المجالس الجماعية قبل منح رخصة
استغلال الملك العام مؤقتا بدون إقامة بناء، استدعاء لجنة خاصة لها علاقة بمجال
الملك العام و ذلك لمعاينة القطعة الأرضية المراد استغلالها، و تحرير محضر في
الموضوع موقعا عليه من طرف جميع أعضاء اللجنة و تدون فيه جميع الآراء و الاقتراحات
قصد الاستئناس بها.
و تتجلى أهمية هذه اللجنة في كون أعضائها يكونوا ذوي خبرة و دراية تقنية في
مجال تدبير الملك العام و التهيئة و التعمير، و تتكون أساسا من: مصلحة الممتلكات،
و مصلحة التعمير التابعين للجماعة المعنية و الوكالة الحضرية و مندوبية الإسكان و
مديرية التجهيز و المصالح المختصة التابعة للعمالة أو الإقليم.
3-
مرحلة التوقيع على قرار الاستغلال.
تتولى المصلحة المختصة إحالة رخصة الاستغلال المؤقت بدون إقامة بناء، على
رئيس المجلس الجماعي للتوقيع عليها مرفوقة بالبيانات التالية:
-
طلب المعني بالأمر يتضمن البيانات اللازمة المشار إليها أعلاه.
-
قرار الترخيص باستغلال المؤقت بدون إقامة بناء.
-
محضر اللجنة المكلفة بالمعاينة يوضح رأيها في الموضوع.
4-
مرحلة تنفيذ قرار رئيس المجلس الجماعي القاضي بالترخيص.
بعد موافقة رئيس المجلس الجماعي على
رخصة الاستغلال، تقوم المصلحة الجماعية المختصة بتبليغ هذه الرخصة إلى المستفيد، و
ذلك بعد ترقيمها و تأريخها، لتشرع مصلحة الجبايات في احتساب المدة و استخلاص
الإتاوة المفروضة، كما تعمل المصلحة المعنية، على تسليم نسخة من المقرر الموقع من
طرف رئيس المجلس الجماعي إلى مصلحة الجبايات و تقييد القطعة الأرضية المستغلة في
سجل محتويات الأملاك الجماعية العامة و تحيينها طبقا للمستجدات[32].
رابعا: جواز سحب الجماعة لرخصة استغلال الملك العام.
إذا كان الفصل السادس من ظهير 30 يونيو
1918[33]. يعطي للجماعة الحق في سحب
الرخصة قبل انتهاء مدتها في أي وقت شاءت و بدون تعويض لسبب من الأسباب التي
تقتضيها المنفعة العامة، إلا أنه من جهة أخرى يجب على الجماعة أن تعلل سحب قرارها
بأسباب موضوعية إما بسبب إخلال المستغل بالتزاماته، أو لسبب تفرضه الشرطة الإدارية
الخاصة بتهيئة الملك العام و المحافظة عليه.
كما يحق للجماعة مراجعة واجب الاستغلال
أو الإتاوة في إطار المصلحة العامة للرفع من مداخلها.
و عموما إذا كانت القاعدة العامة
للاستغلال الخاص للملك العمومي المحلي، تجد سندها في الاستغلال المؤقت بناء على
ترخيص من الإدارة من موقعها كسلطة عامة، مع ما يعطيها هذا الوضع من امتيازات
قانونية، تجعل المتعامل معها في مركز نظامي، خاضع لما تفرضه عليه من شروط و
التزامات، فإن الجماعات المحلية تتجه في بعض الحالات على عكس ما ذهب إليه البعض[34]، إلى تقنية التعاقد مع
الخواص امتياز، التدبير المفوض و أشكال أخرى لتدبير بعض أملاكها العامة.
من خلال ما تقدم، يتضح أن هامش تدخل
السلطات العليا واسعا في مجال تدبير الأملاك الجماعية سواء تعلق الأمر بتسيير و
تدبير هذه الأملاك أو بالتصرف فيها.
و لعل ذلك يعكس حرص سلطة الوصاية على
حماية الملك العام الجماعي من العمليات الكفيلة بإلحاق الضرر به، و بالتالي إضعاف
الجماعات من حيث رصيدها العقاري، و تخلص في الأخير أن الأهمية المالية تختلف بين
الأملاك الجماعية، بحيث يظل الصنف الخامس منها محتلا لمرتبة مهمة من حيث حجم
مساهمته في الميزانية الجماعية، بسبب طريقة استغلال هذه الأملاك، و طبيعة العقود
المبرمة بشأنها، مقارنة مع الأملاك العامة التي لا تتجاوز العمليات المتعلقة بها
بعض الرسوم التي تحصل في إطار شغل الملك العام الجماعي مؤقتا.
خاتمة الفصل
الأول:
من خلال ما سبق و بعد دراستنا للتصرفات القانونية التي تجريها الأجهزة
المكلفة بتدبير و حماية الممتلكات الجماعية على هذه الأملاك، لمسنا أن واقع الأمر
يتطلب ترشيد استعمال هذه الأملاك و المحافظة عليها في إطار تدبير استراتيجي فعال و
محكم.
على اعتبار أن الممتلكات الجماعية تشكل في الوقت الراهن تراثا له مردوديته
الاقتصادية، كما يتطلب الأمر كذلك، إعادة النظر في أشكال التراخيص الممنوحة و
مسطرتها و نظامها القانوني، حتى لا تقف حجرة عثرة أمام ازدهار الاستثمار فوق هذه
الأملاك لاسيما و أن الأملاك العامة تعد الأساس العقاري، لكل مشروع تنموي سواء تم
إنجازه من طرف الأشخاص العامة أو الخاصة بغية إنعاش الاقتصاد المحلي.
و عليه إذا لم يتم احترام القواعد الأساسية للتصرف في هذه الممتلكات من طرف
الإدارة أو الأفراد، فإن ذلك سيفقدها الطابع الاقتصادي و الإنساني المتمثل في
الاستعمال العمومي للملك العام، كما خلصنا أيضا من هذا الفصل، إلى أن معظم
الجماعات المحلية بالمغرب لا تستغل أملاكها استغلالا معقلنا يساهم في تحقيق
التنمية المحلية، الشيء الذي يتطلب ضرورة عقلنة عمليات التسيير و الاستغلال و ذلك
من خلال تحديث النظام القانوني و الإداري، لكي ترقى هذه الممتلكات إلى مستوى
التحديات و الرهانات التي يطمح لها المغرب.
إلا أنه في ظل الإكراه و التحديات و النواقص التي تعترض هذا التحدي، يجعل
من الصعب القيام بالدور المنوط بها على الوجه الأصح.
[1] - راجع الفصل الثالث من الظهير الشريف المؤرخ في
19ىأكتوبر 1921 المتعلق بالأملاك البلدية ذلك الفصل الثامن من الظهير الشريف
المؤرخ في 18 يونيو 1954 المتعلق بالأملاك القروية .
[2] - محمد
بوجيدة : مسطرة تحديد الأملاك العامة الجماعية ،المجلة المغربية للإدارة المحلية
والتنمية ،عدد مزدوج 38-39 ماي-غشت 2001 ،ص: 165 .
[5] - الواقع أن التحديد كقرار انفرادي لم يخول للجهة
المالكة بخصوص الملك العام ، بل قد يسمح به المشرع أيضا بالنسبة لبعض أصناف
الأملاك الخاصة التي تمتلكها الدولة والأملاك الوقفية (الحسبية) أو غيرها ، وهكذا
نجد أن ظهير 3 يناير 1916 المعتبر بمثابة نظام خاص بتحديد الأملاك المخزنية للدولة
(الملك الخاص) يسمح بعملية التحديد بشكل انفرادي .
بناء على
طلب من إدارة المياه والغابات (بالنسبة للملك الغابوي) أو الإدارة المكلفة
بالأملاك المخزنية (فيما يخص الملك الخاص
غير الغابوي) وتتولى لجان خاصة عملية التحديد وفقا للإجراءات المنصوص عليها في
الظهير المذكور ،تتكلل بصدور مرسوم ينشر بالجريدة الرسمية ،ويحد بدون إمكانية
الطعن في المحتوى المادي والوضعية القانونية L’état juridique للعقار المعني .
[7] - تحديد الملك العمومي القروي يتم إما في إطار الفصل
السابع السالف الذكر أو استنادا إلى الفصل الثاني من قانون 12.90 المتعلق
بالتعمير،ونفس الشيء أشير إليه في الفصل الحادي عشر من قانون 1921المتعلق بأملاك
البلديات .
[9] -
أنظر الفصل الثالث من ظهير المتعلق بأملاك الجماعات القروية الصادر بتاريخ 28
يونيو 1954 والفصل الثاني من ظهير 19 أكتوبر 1921 المتعلق بالملك العام البلدي ،
وكذا الفصل السابع من ظهير فاتح يوليوز 1914 بشأن الأملاك العمومية للدولة .
[10] -
أحمد لواء الدين : "تدبير الأملاك العامة للجماعات المحلية ، الواقع والآفاق
، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ، جامعة الحسن الثاني ، كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، الدار البيضاء 2000-2001 ص : 34 .
[11] - أحمد لواء الدين: "تدبير
الأملاك العامة للجماعات المحلية ، الواقع والآفاق ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة ، جامعة الحسن الثاني ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية
والاجتماعية ، الدار البيضاء ، 2000 – 2001 ص : 34.
[15] - المتعلق بشأن شغل الملك العمومي مؤقتا ،
الجريدة الرسمية عدد 299 بتاريخ 17 ربيع الثاني 1337 الموافق ل 20 يناير 1949 .
[16] - المتعلق
بشأن منح بعض الرخص لاستغلال الملك العمومي البلدي ، الجريدة الرسمية عدد
1937 بتاريخ 9 دجنبر 1949 .
[18] - حتى ولو كان شكل هذه الرخصة يتمثل في عقد كراء
بين الإدارة والمحتل العقد هنا ينفي في صميمه رخصة يمكن للإدارة سحبها متى شاءت .
[20] - المقصود بالبناء عقار بطبيعته وهو الشيء المعد
في الأجل لأن يبقى مستقرا في حيزه ثابتا فيه لا ينتقل منه الاستثناء ، ويتطلب نقله
في أغلب الأحيان استعمال وسائل تقنية خاصة لا تتوفر عادة إلا لدى الأخصائيين .
[21] - بالرجوع إلى القانون رقم : 78.00 المتعلق
بالميثاق الجماعي كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون رقم : 17.08 ، نجد أن
المشرع قد بسط القواعد المسطرية لمنح رخصة
استغلال الملك العام الجماعي خلافا للمسطرة التي كان ينص عليها في ظهير 30 شتنبر
1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي الملغى ، ذلك أن الميثاق الجماعي الجديد ميز ما بين
منح رخص الاستغلال المؤقت للملك العام بإقامة بناء رخص الاستغلال المؤقت للملك
العام بدون إقامة بناء .
[22] - محمود
شوارق : "تدبير أملاك الجماعات الحضرية والقروية في ضوء الميثاق الجماعي
الجديد ، 2007 ص : 15 .
[23] - ذلك أن رخصة استغلال الملك العام مؤقتا بإقامة
بناء لا تكون قابلة للتنفيذ إلا بعد المصادقة عليها من طرف الوالي عملا بمقتضيات
المادة 73 من قانون 78.00 المعدل والمتمم بقانون 17.08 .
[26] - محمد باهي : المصطلحات الإدارية المتعلقة بالتنظيم
الجماعي ،مطبعة النجاح الجديدة البيضاء سنة 1998، ص 70.
[29] - تجدر الإشارة في هذا الصدد
أن التشريع والفقه والقضاء في فرنسا ومصر يطلق رخصة الوقوف عل رخصة احتلال الملك
العام بدون إقامة بناء ، وتتميز عن رخصة احتلال الملك العام مؤقتا بإقامة بناء
كونها استغلال للملك العام بدون أساسات ولا دعائم أرضية ثابتة ولا تحدث تغيرا في
الوعاء العقاري.
[34]- M. Khattabi «Les
particularités de la législation marocaine sur le domaine public de l’état et
des collectivités locales» cit. p 47.
ليست هناك تعليقات