المتابعون

Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

المتابعون

اخبار عاجلة

latest

{ads}

المبحث الأول: ماهية الجباية

المبحث الأول: ماهية الجباية.    المطلب الأول: تعريف الضريبة.      واجه الفقهاء الكثير من الصعوبات نتيجة لتطور مفهوم الضريبة الذي اخت...


المبحث الأول: ماهية الجباية.

   المطلب الأول: تعريف الضريبة.
     واجه الفقهاء الكثير من الصعوبات نتيجة لتطور مفهوم الضريبة الذي اختلف من وقت لآخر في سبيل تعريف الضريبة، فالتعريفات التي أطلقت عليها اختلفت فيما بينها نظرا لتغير طبيعة ومبررات الضريبة مع تغير النظم السياسية والظروف الاقتصادية السائدة في كل مجتمع، فنجد الأستاذ تروتابس الذي اقتصر في تعريفها على الجانب القانوني بوصفها:" وسيلة لتوزيع الأعباء بين الأفراد توزيعا قانونيا ودستوريا طبقا لقدراتهم التكلفية"[1].
     ويرى الأستاذ جاستون جيز والذي اعتبرها " أداء نقدي تفرضه السلطة على الأفراد بطريقة نهائية وبلا مقابل بقصد تغطية الأعباء العامة".
     وقد لحق بالضريبة خلال مراحل التاريخ تطورا كبيرا سواء بالنسبة لطبيعتها أو الأسس التي تستند إليها أو بالنسبة لأهدافها، فمن مساعدة اختيارية للحاكم كلما تعرضوا للغزو وإلى فريضة إجبارية تلجأ إليها الدولة لضمان استمرارها، فأصبحت تتصف بالدوام والإلزام في المجتمعات المنظمة وهذا دائما بفرض الحماية، تطورت بعد ذلك هذه الفكرة باكتسابها هدفا مواليا بحتا وصارت بذلك وإضافة إلى عنصر الحماية وسيلة لتوزيع أعباء الخدمات العامة على الأفراد توزيعا عادلاً[2].
     من خلال التعريف الأول الذي أعطى لنا من طرف PIERRE BELTRAME للضريبة يمكن اعتبارها " حصة مالية محصلة من المكلفين من خلال صفتهم الإسهامية والتي تقبض عن طريق السلطة بتحويل ذمة مالية نهائيا بدون مقابل محدد، من أجل تحقيق أهداف ثابتة عن طريق السلطة العامة"[3].


     فمهما يكن من أمر التباين في الاتجاهات بشأن تحديد مفهوم معاصر للضريبة يعطي التعريف التالي:" الضريبة اقتطاع نقدي جبري نهائي يحتمله الممول ويقوم بدفعه بال مقابل وفقا لمقدرته التكليفية مساهمة في الأعباء العامة ولتخل السلطة لتحقيق أهداف معينة"[4].
   المطلب الثاني: مقومات الضريبة.
     يمكننا من خلال التعاريف السابقة الذكر حصر مقومات الضريبة فيما يلي:
1.  الضريبة إجبارية وبصفة نهائية:
     يعتبر فرض الضريبة وجبايتها عملا من أعمال السلطة العامة، ومعنى ذلك أن فرض الضريبة وجبايتها يستند إلى الجبر ويترتب على ذلك أن الدولة تنفرد بوضع النظام القانوني للضريبة، فهي التي تتحدد دون اتفاق مع المكلف وعاء الضريبة وسعرها والمكلف بأدائها وكيفية تحصيلها، فالضريبة لا تفرض نتيجة الاتفاق بين الدولة والمكلف بها.
     ويترتب أيضا على استناد الضريبة إلى الجبر، أي أن الدولة عند امتناع الممول عن دفعها تلجأ إلى وسائل التنفيذ الجبري لتحصيلها، وواضح أن عنصر الجبر الذي تستند إليه الضريبة هو الذي يميزها عما يدفعها الفرد من ثمن مقابل شراء الخدمات التي تقوم المشروعات العامة ببيعها، كما أنه هو الذي يميزها عن القروض الاختيارية التي يقدمها الأشخاص الآخرون للدولة بإرادتهم.
2.   الضريبة فريضة نقدية:
     كانت الضريبة في العصور القيمة وفي العصور الوسطى تفرض وتجبى عينا، وذلك جفي شكل التزام الأفراد بتقديم عمل معين (وهو ما يعرف السخرة أو تسليم أشياء أو جزء من المحصول، كما كان الشأن في ظل الإمبراطورية الرومانية).
    فمن الواضح أن نظام الضرائب العينية يلائم الاقتصاديات العينية، وهي تلك التي تقوم على المبادلة العينية، ولا تعرف النقود إلا في حدود ضيقة، أما في المجتمعات المعاصرة التي تقوم على الاقتصاديات النقدية، فالضريبة العينية لا تطبق، ونجد أن الضرائب النقدية تشكل القاعدة العامة للضريبة، ذلك أنها


الشكل الأكثر ملائمة للاقتصاد النقدي وللنظام المالي المعاصر، وهذا على العكس من الضرائب العينية التي تلائم هذا النوع من الاقتصاد ولا هذا النوع من النظم المالية وذلك للأسباب التالية:[5]
   ‌أ-   لا تتفق الضريبة العينية مع العدالة في توزيع الأعباء المالية، ذلك لأنها تفرض على كل ممول تقديم كمية معينة من المحصول، أو عدد معين من ساعات العمل تسقط من حسابها اختلاف تكاليف الإنتاج من منتج إلى آخر واختلاف قدرة الأفراد على تحمل العمل.
  ‌ب-  تستلزم الضريبة العينية قيام الدولة بتكاليف مرتفعة عن تلك التي تتطلبها الضريبة النقدية، وذلك بسبب ما تتحمله الدولة من نفقات جمع المحاصيل ونقلها وتخزينها، هذا بالإضافة إلى ما تتعرض له هذه المحاصيل من تلف.
  ‌ج-  لا تعتبر الضريبة العينية ملائمة للفقه المالي الحديث، خاصة لنظام النفقات النقدية، فالدولة تقوم بنفقاتها في شكل نقدي، وهو ما يستلزم بداهة أن تكون الإيرادات في شكل نقدي أيضا حتى يمكنها أن تقابل النفقات النقدية.
3.   الضريبة بدون مقابل:
     المقصود هنا  أن الممول يقوم بدفع الضريبة دون أن يحصل مقابلها على نفع خاص به، وليس المعنى أن دافع الضريبة لا يستفيد منها، بل على العكس من ذلك، فإنه يستفيد بصفته واحد من الجماعة أي من إنفاق حصيلة الضريبة على المرافق العامة.
     إن الممول الذي يدفع الضريبة لا يستفيد من الخدمات العامة بطريقة فردية، وإن مقدارها لا يتحدد بمقدار هذا النفع الخاص، بل يتوقف تحديده على مقدرته التكلفية، وهذا ما يميز الضريبة عن الرسم الذي هو مبلغ مالي تقتصه الدولة جبرا من بعض الأشخاص مقابل نفع خاص لهم ومثال ذلك رسوم البريد.
4.   تحقيق النفع العام:
     رأينا سابقا أن الدولة لا تفرض الضريبة مقابل نفع خاص تقدمه للمكلف بأدائها إضافة فإن الغرض من الضريبة هو تحقيق منفعة عامة وقد درجت الدساتير والقوانين خلال القران الثامن عشر على تأكيد هذا المعنى، منعا لاستخدام حصيلة الضرائب في إشباع الحاجات الخاصة بالملوك والأمراء، لكن قد قام الخلاف بين الاقتصاديين حول تحديد المقصود بالمنفعة العامة.
     فقد قصر التقليديون مضمون المنفعة العامة في مجال فرض الضريبة على تغطية النفقات العامة التقليدية، أي أنهم قصروا الضريبة على الغرض المالي وحده وقد أرادوا بذلك أن يجعلوا منها أداة مالية محضة، بحيث لا يكون لها أي تغير في الأوضاع الاقتصادية أو العلاقات الاجتماعية أو العلاقات الاجتماعية القائمة، ومعنى ذلك أنهم يتصورون أن قصر الضريبة على الغرض المالي يكفي لجعلها أداة محايدة.
     المؤكد أن هذا المعنى الضيق لفكرة حياد الضريبة لا يضمن هذا الحياد وذلك لسببين:
أولهما: أن الضريبة هي تحويل لمبلغ نقدي، وعلى ذلك فإنها لا يمكن أن تكون محايدة إلا إذا كانت النقود محايدة وهو ما ينكره التحليل الحديث.
ثانيهما: أن حياد الضريبة يتطلب دقة في التنظيم الضريبي، وهو ما يصعب عمله، وبالتالي نخلص إلى أن الضريبة لابد أن تؤثر في البنيان الاقتصادي وفي البنيان الاجتماعي.
     أما ظعن موقف الاقتصاديين الحديثين فإنّهم لا يتصورون وللأسباب السابقة الذكر حياد الضريبة، ويسلمون بتأثيرها في البنيان الاقتصادي والاجتماعي، بل إنهم بالإضافة إلى ذلك يستخدمونها بصفتها أداة للتأثير في البنيان الاقتصادي والاجتماعي، أي لتحقيق أغراض مالية، فالضريبة أداة هامة من أدوات إعادة توزيع الدخل الوطني، أي أنها تشكل أداة هامة من أدوات السياسة الاقتصادية والسياسة الاجتماعية.
   المطلب الثالث: الاقتطاعات الإجبارية الأخرى غير الضريبية.
     تشكل الضريبة اقتطاع جبائي إجباري، إذ أنه توجد اقتطاعات إجبارية أخرى غير الجبائية، وهي اقتطاعات الجباية المستقلة التي تتكون من اقتطاعات تدفع لحساب أشخاص معنوية، هذه الاقتطاعات من رسوم الجباية المستقلة، الاشتراكات الاجتماعية والإتاوات المحصلة مقابل خدمات مقدمة.
1.   رسوم الجباية المستقلة:
     تعرف رسوم الجباية المستقلة على أنها "تقبض لأجل منفعة اقتصادية أو اجتماعية لحساب الأشخاص المعنوية العامة أو الخاصة، الذين تتجرد منهم صفة الدولة، الجماعات المحلية ومنشآتهم العامة أو الإدارية"[6].
     على ضوء ذلك نجد أن الرسوم والضريبة يختلفان في الخصائص إذ أن هذه الرسوم تقتطع لأجل منفعة اقتصادية أو اجتماعية، بينما الضريبة يكون لها أهداف عامة مشتركة، بالتدخل كأداة اقتصادية ومن حيث المستفيد من هذه الرسوم، "يكون شخص معنوي خاص أو عام تتجرد منه صفة الدولة كالولاية أو البلدية، بينما الضريبة تدفع للدولة بدون مقابل آني ومحدد، ولا يكون للشخص المعنوي الحق في أن يكون مستفيدا من اقتطاعات الضريبة.
2.   الاشتراكات الاجتماعية:
     تشكل هذه الاقتطاعات الإجبارية عائدات الأشخاص الذين يكون لهم مقابل هذه العائدات المقبوضة على شكل اشتراكات، خدمات اجتماعية.
     فيما أن هذه الاشتراكات كونها إجبارية إلا أنها تعتبر أداة لإعادة توزيع الدخل "بمنح خدمات مالية، إذ تعتبر عنصرا هاما في مداخيل الأسر، بل أنها أحيانا تشكل المصدر الأساسي لعدد معتبر من الأفراد فالخدمات الاجتماعية تسمح بإعادة التوزيع بين الفئات الاجتماعية"[7].
     إن الخدمة الاجتماعية المقدمة للأشخاص الذين ساهموا في هذه الاشتراكات لتحقيق منفعة فردية، تختلف عن الضريبة كونها اقتطاع بدون مقابل والخدمة المقدمة على شكل تأمين ضد الأخطار التي تحيط بالأشخاص المساهمة في الاشتراكات الاجتماعية تعتبر مقابل.
     إن النظام القانوني لهذه الاشتراكات الاجتماعية يفرضه القانون بصفة عامة حيث أن مؤسسات الاشتراكات الاجتماعية تحدد المبادئ المتعلقة بالوعاء وطرق التحصيل[8].
3.   الإتاوات المحصلة مقابل الخدمات المقدمة:
تعتبر الضريبة عنصرا أساسيا في تمويل النفقات العامة إذ لا تضع عائقا أمام مستعملي بعض المرافق العامة، في تحملهم لجزء من الأعباء مقابل ما قدم لهم من خدمة، المبالغ المالية التي تقدم على شكل إتاوات تكون لها علاقة مباشرة مع قيمة الخدمة المقدمة من طرف المؤسسة العامة أو الخاصة.
     من بين هذه الإتاوات نجد الإتاوات المتعلقة بالطيران والتي تقبض من طرف المنشأة الوطنية للملاحة الجوية والمؤسسات التي تنظم خدمات المطارات، الإتاوات المقدمة مقابل استعمال الطرقات[9]، وتشبه الضرائب الإتاوات في عنصر الجبر والإلزام لكنهما يختلفان في أساس فرضهما، فالإتاوة يدفعها المستفيد على أساس مقدار المنفعة الخاصة والتي ه قابلة للتقدير والتحديد، أما أساس فرض الضريبة هو المساهمة في الأعباء العامة وإن لم يحصل الممول على منفعة خاصة من خلال الضريبة.



[1] يونس أحمد البطريق، مقدمة في النظم الضريبية، المكتب المصري الحديث للطباعة والنشر الإسكندرية، 1972، ص 26.
[2] منسي أسعد عبد المالك، اقتصاديات المالية العامة، مطبعة مخيم، 1970، ص 143.
[3] PIERRE BELTRAME " fiscalité en France " édition Hachette, Livre Paris, P 12.
[4] عبد الكريم صادق بركات "النظم الضريبية" الدار الجامعية، بيروت 1976، ص 17.
[5] رفعت محجوب " المالية العامة" دار النهضة العربية ، بيروت 1979، ص 204.
[6] Pierre Beltrame OPCIT , P 12.
[7] محاضرة التمويل العمومي للعدالة الاجتماعية، للأستاذ علي بساعد ENI يوم 19 ماي 2001.
[8] امين يعقوب، الجباية والتنمية الاقتصادية، مذكرة تخرج INF، القليعة، 1995، ص 16.
[9] امين يعقوب، الجباية والتنمية الاقتصادية، مرجع سبق ذكره، ص 16.
تعليقاتكم وانتقاداتكم مهمة

ليست هناك تعليقات