الإطار المرجعي لعملية التمويل العمومي للأحزاب السياسية بالمغرب
الإطار المرجعي لعملية التمويل العمومي للأحزاب السياسية بالمغرب
تلعب الأحزاب السياسية في المجتمعات التي تسير وفق النهج الديمقراطي أهمية بالغة في العمل السياسي والاجتماعي، حيث يكفلها الدستور والقوانين المنظمة المرجعية الصلبة لممارسة الديمقراطية، ويؤمن لها حرية الرأي والتعبير عن أفكارها وآرائها، والعمل على تنفيذ برامجها على الوجه الأحسن، من خلال منافسة قوية بينها في أفق تدبير وتسيير وصنع القرارات التي تتفق وبرامجها المدروسة بدقة تبعا لتوجهاتها وبعد انتخابات نزيهة[1].
وبما أن التمويل العمومي للأحزاب السياسية يعتبر الأداة التي تخول إمكانية القيام بالمهام المنوطة بها والمتمثلة في التأطير والتكوين السياسي، وتدبير الشأن العام، والتعبير عن إرادة الناخبين حسب الفصل السابع من دستور 2011، فإن مسألة تأطير هذه العملية بمجموعة من النصوص القانونية والضمانات كفيل بالحد من مجموعة من الظواهر التي تفسد الحياة السياسية والحزبية وتحيد بها عن أهدافها المتوخاة منها.
وسعيا من النظام السياسي إلى دفع الأحزاب السياسية وخصوصا المعارضة منها إلى المشاركة في الحياة السياسية، لجأ الملك الراحل الحسن الثاني وفي رسالة ملكية في 19 دجنبر سنة 1986 إلى إقرار الدعم العمومي للأحزاب السياسية وذلك لرفع الحظر عن عدم تقديم الدعم المالي من مالية الدولة، وذلك نتيجة فهم النظام لإشارات التحول في مواقف الأحزاب السياسية، جاء المقابل لتلك التنازلات في شكل دعم مالي للأحزاب السياسية ولحملاتها الانتخابية العامة الجماعية والتشريعية.
ويعتبر حزب الإتحاد الاشتراكي من الأحزاب التي حصل تحول كبير في توجهه، حيث بدأ الحزب يناضل كباقي الأحزاب من أجل الوصول الى الحكم وقد أكسبه هذا التحول مصداقية كبيرة لدى السلطة.
وتلا الرسالة الملكية في خصوص مسألة التمويل العمومي للأحزاب السياسية المرسوم رقم 2.92.719 ل 28 شتنبر1992 وذلك لتغيير الفصل 18 من ظهير الحريات العامة لسنة 1958 الخاص بحق تأسيس الجمعيات الذي يحرم على الدولة تقديم مساعدات مالية مباشرة وغير مباشرة للأحزاب السياسية، ثم القانون رقم 04-36، وأخيرا القانون التنظيمي الجديد رقم11.29 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية مضيفا مجموعة من المقتضيات القيمة في مسألة التمويل العمومي للأحزاب وكيفية مراقبته وتتبع صرفه.
إذن فما مضمون كل قانون من القوانين السابقة؟ وما الجديد الذي جاء به القانون التنظيمي الأخير رقم 11.29 الخاص بالأحزاب السياسية في مجال التمويل؟ ثم ما هي أشكال الدعم المقدم من طرف الدولة لهذه الأحزاب ؟
المبحث الأول:الإطار القانوني لعملية الدعم العمومي للأحزاب السياسية بالمغرب.
يتحدد الإطار القانوني المنظم للدعم العمومي للأحزاب السياسية المغربية في ستة جوانب يمثلها ظهير الحريات العامة لسنة 1958، والرسالة الملكية لسنة 1986،ومرسوم 28 شتنبر 1992،والقانون رقم 04-36، والقانون التنظيمي رقم 29.11،فضلا عن مدونة الإنتخابات الصادرة بتاريخ 2 أبريل 1997.
أولا: ظهير الحريات العامة و تحريم التمويل العمومي للأحزاب
لقد شكل ظهير الحريات العامة(ظهير رقم 1.58.376) الصادر بتاريخ 15 نونبر 1958 والمتعلق بتأسيس الجمعيات، أول إطار قانوني يتم من خلاله تنظيم عملية تمويل الأحزاب السياسية، ومن خلال نصه في الفصل 18 منه على أنه "لا يمكن للأحزاب السياسية والجمعيات ذات الصبغة السياسية أن تتسلم بصفة مباشرة أو غير مباشرة إعانات من الدولة أو البلديات أو جماعات عمومية أو من المكاتب والمؤسسات العمومية" فإن هذا الظهير الذي اعتبر وقتها ثورة في مجال الحريات، عمل على تحريم الدعم العمومي الرسمي، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه يكمن في السبب الذي كان وراء منع الدعم المالي على الأحزاب السياسية في هذه المرحلة القانونية؟ هل هو الرغبة في المحافظة على المال العام؟ أم الخوف من أن يكون من بين المستفيدين أحزاب المعارضة؟
في الإجابة على هذا السؤال يعتقد أحد الفاعلين السياسيين بأن الاحتمال الثاني هو الأقرب الى الصواب ويرجع ذلك إلى ما يسميه "الطبيعة العدائية للدولة المغربية في مواجهة أية معارضة جادة، هذه الطبيعة التي تفرض عليها إضعاف المعارضة المذكورة بكافة الوسائل والأساليب غير المشروعة، منها تلك المتعلقة بحبس المساعدات عنها خصوصا وأن الفصل 18 من الظهير المذكور لو سمح بتقديم المعونات المالية للأحزاب السياسية لكان من المتحتم أن يتم التوزيع بين هذه الأخيرة بالتساوي نظرا لأنه في تاريخ صدور النص سنة (1958) لم يكن هناك برلمان أو مجالس جماعية محلية تبرر للطبقة الحاكمة، من الناحية النظرية على الأقل، وارتكازا على الحجم التمثيلي لكل حزب فيها على توزيع المعونات المالية حسب النسبة التمثيلية لكل حزب فيها، ومن جهة أخرى فإن منع الدعم المالي عن جميع الأحزاب السياسية لم يكن ليضر بالأحزاب المصنوعة والموالية للحكم ما دامت الأجهزة المسيرة لهذه الأخيرة والمساندة لها تتوفر على إمكانية مالية واسعة[2]".
بيد أن هذا الموقف إذا نظر إليه من خلال السياق الذي جاء فيه ظهير 1958 يبقى في حاجة إلى تدقيق، ذلك أن ظهير الحريات العامة نفسه تم اعتماده بعد توافق يكاد يكون تاما مع الأحزاب الموجودة في تلك الفترة، وإذا أخذنا بعين الاعتبار التداخل الكبير الذي كان حاصلا بين أجهزة حزب الاستقلال بالتحديد وأجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة، حتى أن هناك من تحدث عن حزب الاستقلال كحزب مهيمن أو حزب وحيد، تبرز بشكل جلي أن مصادر الحزب المالية كانت إلى حد ما هي مصادر الدولة نفسها، وكذلك لم يكن ممكنا له، ولنقل لم يكن من المهم بالنسبة له التفكير في الموضوع.
ثم من الصعب الحديث في ذلك الوقت عن منع الدعم المالي عن المعارضة الحزبية، لأن هذه الأخيرة لم تكن موجودة بحكم ان كل الأحزاب تشارك في الحكومة باستثناء الحزب الشيوعي المغربي، اللهم إلا إذا كان مثل هذا القول يعني أنه كان هناك تخطيط مسبق للدولة للمرحلة التي ستصبح فيها تلك الأحزاب مناوئة لها وهو ما حصل بعد ماي 1960 مع إقالة حكومة عبد الله إبراهيم وإبعاد حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية نهائيا عن الحكم[3].
من هذا المنطلق، فإن الافتراض الأساسي الكامن وراء هذا التحريم يبقى في نظرنا هو عدم الانتباه إلى الموضوع، لأنه لم يكن شائعا، خاصة وأن فرنسا التي كانت قد غادرت المغرب قبل سنتين فقط من وضع ظهير الحريات العامة، هي نفسها لم تسن نظاما لتمويل الأحزاب السياسية إلا انطلاقا من سنة 1988.
ويظهر جليا هذا أكثر من خلال إدراك أن الأحزاب السياسية، طيلة المرحلة السابقة عن سنة 1986 لم يكن هذا الموضوع بالنسبة لها من المفكر فيه ولم تتحدث في أدبياتها قط عن شيء اسمه التمويل العمومي، ولا سبق لها أن قدمت طلبا أو اقتراحا في الموضوع، وكان حديثها عن التمويل الحزبي في هذه المرحلة يرتكز أكثر حول انتقاد بعض ما كانت تعتبره معاملة امتيازية تقيمها الدولة في علاقاتها ببعض الأحزاب كانت تصفها بأنها أحزاب إدارية بالنظر لدور السلطة في إنشائها.
ثانيا: الرسالة الملكية لسنة 1986 وإقرار تمويل الأحزاب
إذا كان ظهير الحريات العامة ظل هو المعمول به في هذا المجال منذ الاستقلال، دون أن يعرف أي تعديل يذكر، فقد تلقى الوزير الأول آنذاك، بتاريخ 19 دجنبر 1986، رسالة ملكية تقضي بتخصيص 20 مليون درهما سنويا لدعم الصحافة الوطنية ومساعدة الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية، وأشارت الرسالة إلى أن هذا القرار الملكي جاء "استجابة للالتماس الذي أعرب عنه أعضاء لجنتي الداخلية والإعلام بمجلس النواب[4]".
ومنذ القانون المالي لسنة 1987 وهذا القرار ساري المفعول، وبذلك فقد تم الانتقال من مرحلة أولى كان فيها التمويل العمومي محرما من الناحية القانونية (ظهير الحريات العامة) إلى مرحلة أخرى أصبح فيها مشروعا، غير أن هذا الانتقال لم يكن ليتم دون أن تصاحبه ردود فعل ودون أن يطرح إشكالا قانونيا يتحدد أولا في مدى شرعية سنه، وثانيا في مدى شرعية المعايير التي تم اعتمادها لتوزيعه.
والذي حصل على مستوى توزيع مبلغ الدعم هو أنه تم خلق معايير خاصة بتوزيع هذا الدعم تقوم أساسا على دعم الأحزاب المشاركة في الانتخابات والصحف الحزبية مع استثناء صحف حزبية أخرى ودعم صحف غير حزبية، كصحف"ماروك سوار" و"الأنباء" ثم انضافت إليهما في ما بعد جريدة "الأحداث المغربية".[5]
هناك من الباحثين من برر الاقتصار على دعم الأحزاب الممثلة في البرلمان بأنه "يمكن اعتباره تأويلا دستوريا ظرفيا للفصل الثالث من دستور1992 الذي يستهدف مساعدة الأحزاب المنخرطة في المسلسل الديمقراطي على تأطير المواطنين[6]"، لكن الفصل الثالث نفسه لا يقيم مثل هذا التمييز ويعتبر، من الناحية النظرية، أن كل الأحزاب تساهم في تنظيم وتأطير المواطنين ولم يقم نوعا من التمييز بين أحزاب لها هذا الدور وأخرى لها أدوار مغايرة.
وتأكد أكثر أن مبررات الدعم يجب البحث عنها خارج ما تنطق به النصوص عند ما صدر مرسوم 28 شتنبر 1992، إذ لم يضع هو الآخر معايير خاصة لتقديم الدعم ترتبط مثلا بالمشاركة في الانتخابات أو التوفر على مقاعد برلمانية، واكتفى بالتنصيص على تقديم الدعم بشكل عام، ومن هذا المنطلق، كان من الطبيعي أن يوجد هناك من اعتبر أن هذا الموضوع يطرح إشكالا سياسيا أكثر منه قانونيا يرتبط بما وصفه أحد الباحثين "بتسييج الحقل السياسي وقصر الصحافة على صحافة الأحزاب وعدم تمكين صحافة متطرفة أصولية ويسارية من الشروط المادية للصدور، هذا بعد حكر الترشيح في الانتخابات التشريعية المباشرة على الأحزاب المشروعة[7]".
وانطلاقا من هذا التفسير، فإن مرسوم سن نظام الدعم الذي تم بمقتضى الرسالة الملكية أدى إلى نتيجة متطابقة مع النتيجة التي كان قد استخلصها قيادي بأحد الأحزاب المعارضة التي لم تستفد من الدعم لعدم مشاركتها في الانتخابات من تحريم الدعم في المرحلة الأولى بمقتضى ظهير الحريات العامة، وهي إقصاء المعارضة أيضا[8].
وباعتماد هذا المنطق يصبح الإدماج الذي استهدفه سن نظام التمويل هو الآخر يؤدي إلى نقيضه وهو الإقصاء، ليس من المشاركة ككل، وإنما من المشاركة الحرة، وفي هذا الإطار تساءل أحد الباحثين"عما إذا كان دعم صحف أحزاب معينة مكافأة لها على موقف سياسي محدد وهو قبول المشاركة في الانتخابات، في بلد لم تبذل الدولة بعد ما يجب بذله لحسم متطلبات سلامة الانتخابات، وأيضا ما إذا كان اعتبار الدعم هنا دعوة إضافية إلى قبول قواعد لعب قائمة، وهو بهذا المعنى وسيلة لمحاولة الإدماج دون أن تكون تلك القواعد أمرا يفرضه بالبداهة المنطق الديمقراطي السليم[9]".
وفي ما يلي أهم مقتطفات الرسالة الملكية التي أقرت الدعم المالي للأحزاب السياسية[10]:
"... وإذا كانت الهيئات السياسية والمنظمات النقابية التي أريد لها أن تسهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم مدعوة إلى أن تؤدي الرسالة الملقاة عليها أتم وأحسن أداء، فإن الإطلاع المطلوب على هذا النحو لا يمكن أن يتيسر إلا إذا توفرت روح الوطنية الصادقة والاستعداد المتواصل النزيه لخدمة الصالح العام، وتوفرت من جهة أخرى الوسائل الضرورية وفي طليعتها وسائل التعبير، التي تتيح للهيئات مواجهة التكاليف والمتطلبات.
بيد أن هذه الهيئات والمنظمات تصطدم في الحالة الراهنة بصعوبات مادية ناتجة عن أسباب ظرفية شأنها شأن نظيراتها في العالم بأسره ....
ورعيا لما نرغب فيه أوثق رغبة ونحرص عليه أشد الحرص من جعل هيئاتنا السياسية ومنظماتنا النقابية قادرة على تذليل العقبات واجتياز الصعوبات المادية واستجابة منا للالتماس الذي أعرب عنه أعضاء لجنتي الداخلية والإعلام بمجلس النواب، فإننا نأمرك أن ترصد سنويا في إطار القانون المالي ابتداء من 1987 مبلغ عشرين مليونا من الدراهم يكون خاصا لدعم الصحافة الوطنية وإعانة الهيئات السياسية والمنظمات النقابية على ممارسة الدور الموكول بحكم دستور مملكتنا[11].
وأملنا وطيد على أن يساعد هذا الدعم صحافتنا الوطنية وهيئاتنا السياسية ومنظماتنا النقابية على أداء واجبها أداءا يصون مصالح البلاد ويرعاها، ويعين على تحقيق الأهداف التي يحددها اختيار الأمة، وعلى إغناء الحوار الوطني، وعلى إدراك المقاصد والغايات التي يتيسر بها ازدهار الوطن ورفعته و مجده...".
ثالثا: مرسوم 28 شتنبر 1992 وتمويل الحملات الانتخابية
بتاريخ 28 شتنبر 1992 صدر مرسوم بقانون رقم 2.92.719 يشير إلى"أنه على الأحزاب السياسية والجمعيات ذات الطابع السياسي التي تتلقى إعانة من الدولة خصوصا في صورة مساهمة في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها بمناسبة الانتخابات العامة الجماعية والتشريعية أو في صورة معونة للصحف التي تصدرها، أن تثبت في المواعيد ووفق الإجراءات التي تحددها الحكومة أن المبالغ التي تلقتها قد صرفت في الأغراض التي منحت من أجلها...".
وهو بذلك غير الفصلين 18و 32 من ظهير 15نونبر1958 الخاص بتنظيم الجمعيات الذي كان يمنع على الأحزاب السياسية والجمعيات ذات الطابع السياسي الاستفادة من التمويل العمومي.
والحقيقة أن هذا المرسوم بمثابة قانون جاء لكي يعطي صفة قانونية لمسألة لم تكن تتوفر عليها، وهي لجوء الدولة لدعم الصحافة والأحزاب والنقابات بموجب رسالة ملكية وليس بمقتضى قانون، بيد أن هذا المرسوم إذا كان قد أضاف شيئا جديدا وهو التنصيص على تمويل الأحزاب لحظة الانتخابات، فإنه عمق إشكالا طرح في الممارسة لدى تطبيق نظام الدعم.
وإذا كان مرسوم 28 شتنبر1992 المشار إليه يعد أول نص قانوني أجاز الدعم المالي الذي يقدم للأحزاب السياسية بمناسبة الانتخابات، فإن مدونة الانتخابات المصادق عليها بمقتضى القانون رقم 97-9 الصادر بتاريخ 2 أبريل من سنة 1997 أفردت القسم الرابع منها (المواد من 285 إلى294) لموضوع مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية.
رابعا: قانون الأحزاب السياسية رقم 04-36
لا أحد يمكنه أن ينكر أهمية التأطير القانوني في المجال الحزبي، لأن الفراغ القانوني في هذا المجال يمكن أن يعيق العمل السياسي عموما ويميع العمل الحزبي خصوصا، لذلك جاء قانون الأحزاب السياسية رقم 04-36 كإطار ضابط لعمل الأحزاب السياسية ومحاولا حل إشكالين كبيرين أولهما تمثل في محاولة حل مشكل الديمقراطية الداخلية،وثانيهما ضرورة ضبط وإخضاع مالية الأحزاب للرقابة الفعالة، وذلك لملء الفراغ القانوني في هذا المجال.
بالإضافة إلى تقنين مسألة التمويل العمومي لهذه الأخيرة، حيث خصص لها الباب الرابع من المواد28إلى40، والذي تقتضي أحكامه بوضع إمكانية تمويلية جديدة لتدعيم العمل الحزبي.
فقد نص هذا القانون على أن مبلغ الدعم السنوي المخصص للأحزاب السياسية للمساهمة في تغطية مصاريف تسييرها يمنح للأحزاب التي تحصل على نسبة 5 في المائة على الأقل من مجموع عدد الأصوات المعبر عنها في الانتخابات العامة التشريعية برسم الدوائر الانتخابية المحلية، وقد نص على أن المبلغ الإجمالي لهذه المساهمة يقيد سنويا في قانون المالية ويوزع مبلغ هذا الدعم اعتمادا على معيارين اثنين، يتمثل الأول منهما في عدد المقاعد التي يتوفر عليها كل حزب في مجلسي البرلمان في حين يتعلق الثاني بعدد الأصوات التي حصل عليها كل حزب في الانتخابات العامة التشريعية برسم الدوائر الانتخابية المحلية والدوائر الانتخابية الوطنية.
ولإضفاء الشفافية على مالية الأحزاب السياسية، فقد نص القانون على عدة مقتضيات تستمد أسسها من القواعد والمساطر المعمول بها في هذا المجال في جل الدول الديمقراطية، بذلك ألزم المشرع الأحزاب التي تتلقى التبرعات نقدا أن يتم ذلك بواسطة شيك بريدي أو شيك بنكي إذا كان المبلغ المتبرع به يتجاوز 5000 درهم، كما ألزم بتسديد جميع النفقات التي يتجاوز مبلغها 10.000 درهم بواسطة شيك، فضلا عن ذلك ألزم القانون الأحزاب السياسية إيداع أموالها لدى مؤسسة بنكية وحصر حساباتها سنويا وهو ما لم يكن معمولا به في السابق.
كما ألزم هذا القانون الأحزاب السياسة التي تستفيد من الإعانة السنوية بأن تثبت أن المبالغ التي حصلت عليها قد تم صرفها في الأغراض التي منحت من أجلها، وأن كل استخدام غير مبرر للإعانات الممنوحة يعتبر بموجب هذا القانون بمثابة اختلاس للمال العام يعاقب عليه القانون.
وتخضع مالية الأحزاب السياسية لمراقبة المجلس الأعلى للحسابات، ولهذه الغاية يتعين على الأحزاب السياسية أن توجه سنويا في 31 مارس على أبعد تقدير للمجلس المذكور حساباتها السنوية مرفقة بمستندات إثبات النفقات المنجزة برسم السنة المالية المنصرمة[12].
وبهذا يمكن ان نقول أن مواد الباب الرابع المتعلق بالأحزاب السياسية تعتبر أهم مرجعية قانونية تحدد مصادر تمويل هذه الأخيرة وشروط استفادتها من دعم الدولة وآليات مراقبة هذا الدعم ومنع تأسيس الأحزاب وتسييرها بأموال خارجية.
خامسا: القانون رقم 9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات كما عدل وتمم بالقانون رقم 36.08.
انطلاقا من المبدأ القاضي بأن المساواة لا تتحقق في إطار المنافسة الانتخابية إلا إذا كانت الوسائل التي تتوفر عليها كل الأطراف المتنافسة لعرض أفكارها وبرامجها متوازية من حيث أهميتها، فإن مدونة الانتخابات تقر المبدأ الرامي إلى تقديم دعم مالي من طرف الدولة للهيئات السياسية في شكل مساهمة في تمويل حملاتها الانتخابية، الشيء الذي سيمكن هذه الهيئات من القيام بالدور المنوط بها بموجب الدستور والمتمثل في المساهمة في تنظيم المواطنين وممثليهم.
وبالموازاة مع هذه الاجراءات، فإن مدونة الانتخابات تقر نظاما محكما يمكن من استبعاد كل شكل من أشكال التمويل السري للحملات الانتخابية وكذا من ضمان احترام المرشحين للسقف المحدد للمصاريف الانتخابية.
ومن خلال تفحصنا لمدونة الانتخابات الصادرة وفق آخر التعديلات لسنة 2009 المدخلة بالقانون رقم 36.08، نجدها خصصت الجزء الأول والثاني لمساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية والنقابات (الجزء الأول)، ثم مصاريف المرشحين أثناء الحملات الانتخابية (الجزء الثاني).
فوفق مدونة الانتخابات نجد أن الدولة تساهم في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية واتحاداتها المشاركة في الانتخابات العامة الجماعية والتشريعية وكذا في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها هذه الأحزاب واتحاداتها والنقابات المشاركة في انتخاب أعضاء مجلس المستشارين.[13]
وفي إطار شفافية الانفاق الانتخابي ألزمت مدونة الانتخابات الأحزاب السياسية واتحاداتها والنقابات التي تستفيد من مساهمة الدولة في تمويل حملاتها الانتخابية، أن تثبت حسب الشكليات والشروط المحددة في الفصل 32 من الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378(15 نونبر 1958) بتنظيم حق تأسيس الجمعيات كما وقع تغييره وتتميمه، أن المبالغ التي حصلت عليها تم استعمالها في الآجال ووفق الشكليات المحددة من طرف الحكومة للغايات التي منحت من أجلها[14].
كما يجب على كل مرشح أن يقدم جردا للمبالغ التي صرفها أثناء حملته الانتخابية مع إرفاقه بجميع الوثائق التي تثبت صرف المبالغ المذكورة، كما يجب عليه أيضا أن يضع بيانا مفصلا لمصادر تمويل حملته الانتخابية[15].
كما أشارت مدونة الانتخابات في المادة 292 إلى أنه تحدث لجنة تتولى بحث جرد المصاريف والوثائق المتبثة لها والمتعلقة بمصاريف المرشحين للانتخابات التشريعية خلال الحملات الانتخابية وتتألف هذه اللجنة من:
- قاض بالمجلس الأعلى للحسابات رئيسا.
- قاض بالمجلس الأعلى يعينه وزير العدل.
- ممثل لوزير الداخلية.
- مفتش للمالية يعينه وزير المالية.
وتضمن اللجنة نتيجة بحثها في تقريرا، فإذا لاحظت اللجنة أن جرد المصاريف لم يتم إيداعه خلال الأجل المحدد لهذه الغاية، أو لاحظت أنه يتضمن تجاوزا للسقف المحدد طبقا لهذا القانون، أحالت الأمر على الجهة القضائية المختصة.
ولدعم قدرة النساء التمثيلية نجد أن المادة 288 المكررة تقر بأن الدولة تقدم دعما مخصصا لتقوية قدرات النساء التمثيلية بمناسبة الانتخابات العامة الجماعية والتشريعية يطلق عليه اسم "صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء".
سادسا:القانون التنظيمي رقم 11.29 المتعلق بالأحزاب السياسية المغربية
لقد جاء القانون رقم 11.29 بمثابة قانون تنظيمي للأحزاب السياسية، حيث جاء الباب الرابع من القانون الجديد، الفرع الأول بتسعة عشرة مادة خاصة بالموارد المالية للأحزاب السياسية (من المادة 30 إلى المادة 49).
ونجد في المادة 31 ما يلي: تشمل الموارد المالية للحزب على :
- الدعم السنوي الذي تقدمه الدولة للمساهمة في تغطية مصاريف تدبير الأحزاب السياسية، وكذا الدعم المخصص للمساهمة في تغطية مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية، المنصوص عليهما في هذا القانون التنظيمي.
- الدعم المخصص للأحزاب السياسية برسم المساهمة في تمويل حملاتها الانتخابية في إطار الانتخابات العامة الجماعية والجهوية والتشريعية.
يحدد قانون المالية الاعفاءات من الضرائب، وعلى تحويل أصولها وممتلكاتها المسجلة، في تاريخ صدور هذا القانون التنظيمي باسم أشخاص ذاتيين إلى ملكية هذه الأحزاب.
ويمكن أن تستفيد الأحزاب السياسية من البرامج التكوينية التي تنظمها الإدارة لفائدتها، في المجالات المتصلة بتدبير شؤونها وممارسة مهامها، وذلك وفق شروطها وكيفيات تحدد بنص تنظيمي،كما يمكن للأحزاب السياسية في إطار تنظيم أنشطها، أن تستفيذ حسب الإمكانات المتاحة مجانا من استعمال القاعات العمومية التابعة للدولة، وفق شروط وكيفيات تحدد بنص تنظيمي.
المبحث الثاني:أشكال الدعم المقدم للأحزاب السياسية
يتخذ الدعم المقدم للأحزاب السياسية المغربية أربعة أشكال، تتمثل في مبلغ مالي سنوي يحول من ميزانية الدولة، ومبلغا سنويا آخر يخصص لدعم الصحافة الحزبية يتخذ بدوره عدة أشكال، فضلا عن تمويل الدولة لمصاريف الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية، وتقديم دعم آخر يرتبط هو كذلك بالانتخابات ما دام يوجه للفرق البرلمانية الممثلة في البرلمان، وهناك شكل آخر للدعم تستفيد منه بطريقة غير مباشرة الأحزاب السياسية وهو الدعم المخول للنقابات بالنظر الى أن كل هده النقابات مرتبطة بطريقة أو أخرى بالأحزاب السياسية، بل إن بعضها يعد جزءا لا يتجزأ من بعض الأحزاب.
وتنتظم كل هذه الأشكال إما في إطار ما يعرف بالدعم المباشر للأحزاب السياسية، الذي يدخل في إطاره الدعم السنوي و الدعم الانتخابي، أو الدعم غير المباشر لها يضم دعم الصحف والفرق البرلمانية.
إن هذه الأشكال التي يتخذها الدعم العمومي للأحزاب السياسية في المغرب هي نفسها الاشكال الموجودة تقريبا في مختلف الدول التي خصصت دعما عموميا للأحزاب المتواجدة بها، مع تسجيل وجود اختلاف بينها من حيث اقتصار البعض منها على تمكين الأحزاب من نوع معين من الدعم، وتفضيل أخرى منحها نوعين من الدعم أو أكثر[16].
ويمكن تقسيم الدعم العمومي للأحزاب السياسية المغربية إلى نوعين :
الفرع الأول: الدعم المباشر
يتخذ هذا النوع من الدعم شكلين، الأول يتمثل في دعم سنوي تتلقاه الأحزاب السياسية، ويهم نفقات التسيير، والثاني يتمثل في الدعم الذي تحصل عليه بمناسبة كل استحقاق انتخابي.
الدعم السنوي:
لقد نصت الرسالة الملكية لسنة 1986 على تخصيص دعم مالي للأحزاب السياسية، بحيث أصبح القانون المالي يرصد كل سنة مبلغ 20 مليون درهم لدعم الأحزاب السياسة والنقابات المهنية و الصحف الوطنية .
ولتحديد كيفية توزيع هذا الدعم جرى اعتماد المشاركة في الانتخابات كشرط أولي لابد أن يتوفر في الحزب الذي سيستفيد من ذلك الدعم، وتم تعزيز هذا الشرط بشرط آخر تجلى في ضرورة توفر الحزب المستفيد على أعضاء برلمانيين، بمعنى أن عدد البرلمانيين يعد معيارا حاسما في تحديد الحصة المالية التي سيتلقاها كل حزب.
وتعد هذه الحصة قابلة للتغيير عند كل استحقاق انتخابي بالنظر لما قد يطرأ على الكتلة البرلمانية التي سيحصل عليها كل حزب بعد فرز النتائج، وبالنظر لعدد البرلمانيين (النواب) الذين سيسجلون أنفسهم عند انطلاق كل سنة تشريعية في قائمة الفريق.
وبحكم ظاهرة الترحال البرلماني التي تميز الحياة البرلمانية المغربية، فقد تكبد أكثر من حزب خسارة مالية كبرى بعد مغادرة بعض أعضائه، ليصبحوا مستقلين داخل البرلمان أو لتكوين فريق خاص بهم، وإما لالتحاقهم بفريق برلماني آخر، وتكون هذه النتيجة ممكنة أيضا من جراء إلغاء دائرة انتخابية وعدم تمكن الحزب الذي كان فائزا بها من استعادتها، كما أن أكثر من حزب اغتنت ميزانيته بحكم هذه الظاهرة.
وهنا جاء االقانون رقم04.36 الخاص بالأحزاب السياسية محاولا تأطير هذه المسألة، ثم جاء القانون التنظيمي للأحزاب رقم 11.29، والذي منع ظاهرة الترحال السياسي ونص على ذلك صراحة في المادة 20، حيث يجرد كل عضو في مجلسي البرلمان أو في مجالس الجماعات الترابية أو في الغرف المهنية من عضويته إذا تخلى عن الانتماء للحزب السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات.
وباستعراض حصيلة تجربة أكثر من عقدين ونصف من الدعم العمومي يظهر أن الدولة قدمت للأحزاب السياسية والنقابات والصحف طيلة هذه المدة مبالغ مهمة من الدراهم كان نصفها من نصيب الأحزاب السياسية.[17]
كما جاء القانون الجديد ليبين بوضوح نسب الدعم المقدمة للأحزاب السياسية وفق ما يلي:
· الدعم السنوي :
تمنح الدولة للأحزاب السياسية ( حسب المادة 32 من القانون 11.29)، المؤسسة بصفة قانونية دعما سنويا للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها، وذلك وفق القواعد الآتية:
- تخصص حصة جزافية لجميع الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات العامة التشريعية والتي غطت نسبة 10 في المائة على الأقل من عدد الدوائر الانتخابية المحلية الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس النواب، توزع بالتساوي فيما بينها.
- تستفيد من مبلغ إضافي يعادل الحصة الجزافية السالفة الذكر الأحزاب السياسية التي حصلت على الأقل على نسبة 3 في المائة دون أن تصل إلى نسبة 5 في المائة من عدد الأصوات المعبر عنها في الانتخابات العامة التشريعية، برسم مجموع نفس الدوائر الانتخابية المشار إليها في البند أعلاه.
- يخصص دعم سنوي للأحزاب السياسية التي حصلت على نسبة 5 في المائة على الأقل من عدد الأصوات المعبر عنها في الانتخابات المشار إليها أعلاه، ويوزع هذا المبلغ على أساس عدد المقاعد وعدد الأصوات التي حصل عليها كل حزب سياسي خلال نفس الانتخابات.
وتطبيقا لمقتضيات لهذه المادة،تحتسب الأصوات والمقاعد التي حصلت عليها لوائح الترشيح المقدمة من طرف اتحادات الأحزاب السياسية المشار إليها بعده لفائدة الحزب الذي ينتمي إليه مترشحوا اللوائح المعنية.
وتستفيد جميع الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات العامة التشريعية والتي غطت نسبة 10 في المائة على الأقل من عدد الدوائر الانتخابية المحلية الخاصة بانتخابات أعضاء مجلس النواب، مرة واحدة كل أربع سنوات، من مبلغ مالي للمساهمة في تغطية مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية.
ويحدد مبلغ هذه المساهمة في نسبة 50 في المائة من مبلغ الدعم السنوي المشار إليه في الفقرة الأولى من هذه المادة، الراجع للحزب السياسي برسم السنة السابقة لعقد مؤتمره الوطني.
وحسب المادة 33 من نفس القانون أن المبالغ الاجمالية للدعم تقيد سنويا في قانون المالية.
وتحدد بمرسوم يتخذ باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية كيفيات توزيع الدعم المذكور وطرق صرفه، وتوجه السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية إلى المجلس الأعلى للحسابات بيانا بالمبالغ التي منحت لكل حزب سياسي.
· مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية
تعتبر الحملات الانتخابية أبرز مجال يستشري فيه استعمال المال غير المشروع، حيث يتحول الاستحقاق الانتخابي باعتباره موعدا لتكريس القيم الديمقراطية إلى سوق انتخابي تدفعه وتطبعه حسابات الكسب والخسارة، تتوارى ضمنه كل اعتبارات القيم الأخلاقية والمبدئية، وترهن فعله قيم العرض والطلب وتحضر مبادئ السوق والاقتصاد والتعاملات التجارية، وفي التعاملات السياسية الإقبال والطلب يزداد وبشكل كبير في مواسم قطف الأصوات في صناديق الاقتراع،حيث أصبح سلوك الناخب والمرشح المغربي، يحكمه المنطق العقلاني للسوق، فلا ينظر الناخب مثلا للصناديق الانتخابية إلا بما تقدمه له من خدمات وفق لعبة الربح والخسارة[18].
إن الأداء الديمقراطي السليم في أي مجتمع كان، يفترض بالضرورة تأمين المناخ السياسي الملائم الذي يسمح بإرادة العملية الانتخابية بين مختلف المرشحين والأحزاب السياسية في إطار من التنافس الجدي التعددي و المنظم.
ومن أجل ضمان هكذا أجواء،لابد للمعركة الانتخابية بين مختلف القوى السياسية، أن تتم في أجواء تضمن ديمقراطية الانتخابات عبر اعتماد وتطبيق مجموعة من المعايير التي يمكن أن ينتج عن عدم الالتزام بها خللا ساسيا، يقود إلى التشكيك في مشروعية التمثيل الديمقراطي.
ومن دون شك فالحملات الانتخابية عملية سياسية مكلفة ماديا لجهة الدعاية ونشر البرامج والقيام بالمهرجانات الخطابية والنشاطات المختلفة أصبح من الصعب على الأحزاب السياسية مواجهة هذه النفقات مما اضطر هذه الأخيرة إلى البحث عن موارد خارجية لسد العجز الحاصل في ميزانيتها، ولحماية الأحزاب من الاعتماد على هذا النوع من التمويل أو الدعم المشبوه تدخلت الدولة المغربية لإعانة الأحزاب المشاركة في اللعبة السياسية في تمويل الحملات الانتخابية الجماعية أو الجهوية أو التشريعية، إضافة إلى قطع الطريق على التمويلات الخارجية المشبوهة، ووضعت الدولة إطارا قانونيا يحدد معايير تمويل الحملات الانتخابية وسقف الإنفاق الانتخابي مع وضع آلية رقابية تتكلف بجرد مختلف مصاريف ونفقات المرشحين الأمر يتعلق بالمجلس الأعلى للحسابات.
وبالتالي فالدولة تساهم في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات العامة الجماعية والجهوية والتشريعية.[19]
ويحدد المبلغ الكلي للمساهمة المشار إليها في المادة 34 من القانون 11.29 بقرار يصدره رئيس الحكومة باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والسلطة الحكومية المكلفة بالعدل والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية بمناسبة كل انتخابات عامة جماعية أو جهوية أو تشريعية.[20]
وتستند طريقة صرف مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية إلى أحكام المادة 36 من القانون التنظيمي لمجلس النواب رقم 11.27، على أن يوزع مبلغ المساهمة على شطرين متساويين، يعادل كل منهما 50 في المائة من المبلغ الإجمالي، حيث سيتم توزيع الشطر الأول على أساس عدد الأصوات التي نالها كل حزب على الصعيد الوطني برسم كل من الدوائر الانتخابية المحلية والدائرة الانتخابية الوطنية، ويصرف الشطر الثاني على أساس عدد المقاعد التي حصل عليها كل حزب على الصعيد نفسه، كما يجيز المرسوم كذلك صرف تسبيق لا يفوق 30 في المائة من مبلغ المساهمة لفائدة الأحزاب السياسية التي قدمت طلبا لذلك، مع خصم مبلغ التسبيق الممنوح لكل حزب سياسي من المبلغ العائد له، و إذا كان المبلغ العائد للحزب غير كاف لاسترجاع مبلغ التسبيق حسب بنود المرسوم الجديد، وجب على الحزب المعني إرجاع المبلغ غير المستحق للخزينة.
وفي سياق ضمان شفافية صرف هذه المبالغ، فإن وزير الداخلية يوجه بيانا إلى الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات يتضمن المبالغ التي منحت لكل حزب سياسي فور صرف مبلغ المساهمة مع تضمينه عند الاقتضاء مبلغ التسبيق غير المستحق للأحزاب السياسية.
وعقب كل انتخابات سواء كانت تشريعية أو جماعية تصعد الأحزاب الصغيرة من لهجتها اتجاه الحكومة في مسألة تمويل حملاتها الانتخابية اعتبارا للضائقة المالية الكبيرة التي تعاني منها، مما يوحي بأنها ستكون مضطرة للجوء إلى الأساليب العتيقة المتمثلة في لجوء المرشحين إلى التكفل بجزء كبير من ميزانية الحملات الانتخابية، ليست الأحزاب الصغيرة وحدها التي توجه سهام نقدها للكيفية التي تتعامل معها الحكومة مع الاعتمادات المالية المخصصة للحملات الانتخابية، بل حتى بعض الأحزاب الوازنة في المشهد السياسي المغربي أبدت بعض التحفظ على حجم الدعم المالي المقدم للأحزاب.
فقد خصصت الحكومة حوالي 220 مليار سنتيم لتمويل الحملات الانتخابية ليوم الجمعة 25 نونبر2011 عوض 20 مليار سنتيم التي خصصت لانتخابات شتنبر 2007.
فالصيغة الجديدة التي اعتمدتها الحكومة لدعم الأحزاب السياسية، لم تسلم من انتقادات، فالسيد التهامي الخياري الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية، أكد أنه"على الرغم من صدور هذا المرسوم المحدد للتوجهات الكبرى لتمويل الحملات الانتخابية، فإن الميزانية المخصصة لتمويل الحملات الانتخابية قليلة جدا بالمقارنة مع الخسائر المالية التي تتكبدها الأحزاب أثناء الحملات الانتخابية، الشيء الذي يدفع العديد من المرشحين إلى الاستعانة بأموالهم الخاصة لتغطية مصاريف الحملة الكبيرة"[21].
وأبرز السيد التهامي الخياري أن "هناك أحزابا تجد صعوبات بالغة في دفع المستحقات المتعلقة بكل مراحل الحملة الانتخابية سيما ما يتعلق بالطبع الذي يستنزف ميزانيات كبيرة"، وأكد كذلك أن "المشكل المطروح حاليا يتصل بالمقام الأول بالتسبيق الذي تخصصه الحكومة قبل الانتخابات، لأن الكثير من الأحزاب ستلقى نفسها في مأزق مالي، وبالتالي لن تتمكن من القيام بالحملة بشكل مطلوب"، وتبدوا الديمقراطية في نظر السيد التهامي الخياري"خيارا استراتيجيا ومكلفا في نفس الوقت، ومن ثمة فقد صار من الحتمي على الحكومة أن توفر الإمكانيات الأساسية التي من شأنها أن تنجح هذا الخيار"[22].
ويراعى في توزيع مبلغ مساهمة الدولة المشار إليها في المادة 34 من القانون التنظيمي رقم 11.29 عدد الأصوات التي يحصل عليها كل حزب على الصعيد الوطني وعدد المقاعد التي يفوز بها كل حزب على الصعيد نفسه.
إن الدعم الانتخابي المقدم للأحزاب يتم في أغلب الحالات في شكل غلاف مالي يحدد لكل استحقاق انتخابي حسب عدد الأصوات التي يحصل عليها كل حزب على الصعيد الوطني وعدد المقاعد التي يفوز بها كل حزب على الصعيد نفسه. كما تحتسب الأصوات والمقاعد التي حصلت عليها لوائح الترشيح المقدمة من طرف اتحادات الأحزاب السياسية[23].
ويحدد بمرسوم يتخذ باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والسلطة الحكومية المكلفة بالعدل والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية كيفيات توزيع مبلغ المساهمة المشار إليها في المادة 34 من القانون رقم 11.29 وطريقة صرفه، وتوجه السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية إلى المجلس الأعلى للحسابات بيانا بالمبالغ التي منحت لكل حزب سياسي.[24]
لكن فرنسا مثلا، تعتمد نظاما خاصا بتعويضها نصف النفقات القصوى المسموح بها من لدن القانون في حدود المبلغ الحقيقي للنفقات، وفي بريطانيا وسويسرا لا يوجد عمليا أي دعم للحملات الانتخابية ويبقى الامتياز الوحيد الذي تتمتع به الأحزاب البريطانية هو مجانية المراسلات البريدية التي تقوم بها بغرض الدعاية الانتخابية، بالإضافة الى تمكينها من القاعات العمومية لعقد التجمعات الانتخابية الخاصة بها.
كما أن اسبانيا تتكفل بكل تكاليف النفقات الانتخابية التي تعلنها الأحزاب السياسية والفيدراليات والائتلافات وفرق المنتخبين عند كل انتخابات وطنية أو بلدية أو أوروبية، ويراعي المبلغ المحول للأحزاب بمناسبة الانتخابات التشريعية عدد المقاعد المحصل عليها وكذلك عدد الأصوات، فضلا عن هذا الدعم المرتبط بالنتائج الانتخابية يتضمن القانون الاسباني مقتضيات تفضيلية خاصة بتمويل الدعاية الانتخابية.
وأمام تنامي تجارب التمويل العمومي السياسية، وأيضا تزايد تكاليف الحملات الانتخابية تبنى المغرب هو الآخر نظام التمويل الانتخابي، وهكذا فضلا عن الدعم العمومي الدائم الذي تقدمه الدولة للأحزاب السياسية، إما في شكل دعم مالي سنوي أو في شكل دعم لصحافتها، فإن الأحزاب السياسية تحصل من الدولة على نوع آخر من الدعم يتخذ طابعا مؤقتا ومناسباتيا ويتم بصفة خاصة بمناسبة إجراء الانتخابات.
بيد أن هذا الدعم المقدم من الدولة من جهة لا يعد دعما للانتخابات وإنما دعما مقدما للأحزاب السياسية لمساعدتها على الانتخابات، ومن هذا المنطلق، فلا يستفيد منه المرشحون وإنما الأحزاب، ولذلك فإن المرشحين المستقلين مثلا لا يحصلون على ذلك الدعم.
ومن جهة أخرى، فهو لا يشمل كل أنواع الانتخابات بل يقتصر فقط على الانتخابات الجماعية والانتخابات التشريعية المباشرة الخاصة بمجلس المستشارين، كما تستثنى منه الانتخابات الجزئية التي تتم لملأ مقعد نيابي شاغر إما بعد إلغاء نتائج الدائرة الانتخابية وإما بعد وفاة ممثلها في مجلس النواب.يجب الاشارة الى المرجع.
وقد أشير الى هذا النوع من الدعم لأول مرة في المغرب من خلال مقتضيات المرسوم رقم2.92.721 الصادر بتاريخ 28 شتنبر 1992 في شأن مساهمة الدولة في تمويل الانتخابات التي تقوم بها الأحزاب السياسية بمناسبة الانتخابات العامة الجماعية والتشريعية، وهي نفس المقتضيات التي أعادت مدونة الانتخابات التأكيد عليها، بنصها على أنه:"تساهم الدولة في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات العامة الجماعية والتشريعية"[25].
وحسب المرسوم التطبيقي لمدونة الانتخابات، فإن هذه المساهمة"يجب أن تخصص لتغطية مصاريف طبع الملصقات والوثائق الانتخابية، وعقد الاجتماعات، ويحدد المبلغ الكلي لهذه المساهمة بقرار يصدره الوزير الأول (رئيس الحكومة حاليا) باقتراح من وزير الداخلية ووزير العدل ووزير المالية بمناسبة كل انتخابات عامة جماعية أو تشريعية[26].
ولكن هناك جهات أخرى يكون رأيها حاضرا في تحديد مبلغ الدعم، وفي هذا السياق يشير الظهير المحدث للجنة الوطنية للانتخابات [27] في المادة 134منه على أنه:"تبدي اللجنة الوطنية رأيها في المشروع الذي تعده الحكومة في شأن مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية بمناسبة الانتخابات العامة الجماعية والتشريعية وتوزيع الغلاف المالي المخصص لهذه الغاية طبقا للأحكام المنصوص عليها في مدونة الانتخابات".
وإذا كانت الأحزاب السياسية تستفيد من التمويل المباشر الممثل في الدعم السنوي والدعم الانتخابي، فإنها بالمقابل تستفيد من دعم غير مباشر وذلك إما عن طريق دعم صحافتها أو عن طريق دعم الفرق البرلمانية أو عن طريق دعم النقابات المهنية التابعة للأحزاب.
الفرع الثاني:الدعم غير المباشر
لم يقتصر الدعم المقدم من لدن الأحزاب السياسية فقط على الدعم بمناسبة الانتخابات والدعم السنوي، بل يشمل أيضا الدعم المقدم لصحافة الأحزاب وللفرق البرلمانية.
دعم الصحافة الحزبية
والملاحظ أن الرسالة الملكية لسنة 1986 التي أقرت هذا الدعم العمومي للأحزاب السياسية لم تميز بين الصحافة الحزبية وغيرها وأشارت إلى "الصحافة الوطنية" بشكل عام. لكن في تطبيق مضامين هذا القرار الملكي تم اعتماد معيار"الحزبية"'كموجب لتقديم الدعم للصحافة، وأضيف إليها معيارا آخر غير مكتوب تمثل في قرب الجريدة من الحكومة وتنصيب نفسها كناطقة باسمها[28].
زيادة على الدعم المباشر"تستفيد الصحف من دعم غير مباشر يتجلى في تكفل الدولة باشتراك الصحف في خدمات وكالة المغرب العربي للأنباء التي تقدر بخمسة ملايين درهم في السنة، ومجانية نقل الصحف عبر السكك الحديدية، كما تتكفل بنقل كميات محدودة عن طريق الجو الى الخارج وبعض الأقاليم الصحراوية الجنوبية والإعفاء من الضريبة على ورق الصحف والضريبة على القيمة المضافة، بالإضافة الى مجانية التنقل عبر القطار لفائدة عدد من الصحفيين وتخفيض بنسبة 50 في المائة من تذكرة السفر برا وجوا للصحفيين، بالإضافة الى دعم مقدم للنقابة الوطنية من أجل التخفيض من تحملاتها الخاصة بالتسيير"[29].
وفي ارتباط بالدعم المقدم للصحافة، تحصل كل من النقابة الوطنية للصحافة ونادي الصحافة على دعم سنوي يدرج ضمن مبلغ الدعم السنوي الذي يخصص للأحزاب السياسية والنقابات والصحف.
وما يلاحظ هو الشعور بعدم الموضوعية التي يتسم بها توزيع الدعم الذي يوجد حتى لدى الحكومة نفسها، ولذلك أكدت وزارة الاتصال لدى طرحها موضوع الدعم على أنه "وفي إطار ربط الاستفادة من الدعم باحترام مقتضيات قانون الصحافة، فإن هذه الوزارة قامت بتوجيه عدة مراسلات لمديري مختلف المنشآت الصحفية وكذا لرؤساء الأحزاب السياسية قصد حثهم على تطبيق هذه المقتضيات، خاصة الفصلين 18و 22 المتعلقين بنشر كمية السحب وحساب العائدات والتكاليف، غير أنه لوحظ بالرغم من ذلك عدم التزام معظم هذه الجرائد بالمقتضيات المذكورة"[30].
ومن دون شك فإن عائدات الصحافة الحزبية هي عائدات للحزب السياسي نفسه، كما أن الدعم الذي تقدمه الدولة للصحافة الحزبية يعود الى الحزب الذي تتحدث باسمه.
وفيما يلي جدول توضيحي للدعم العمومي المخصص للصحافة المغربية الحزبية حسب وزارة الاتصال لسنوات 2009-2010-2011.
مبالغ الدعم العمومي المخصص للصحافة المكتوبة ما بين سنتي 2009- 2011
-اليوميات
ر.ت.
|
الصحيفة
|
دعم2009
بالدرهم
|
دعم2010
بالدرهم
|
دعم2011
(75في المائة)
|
الانتماء السياسي
|
1
|
L’opinion
|
2 000 000,00
|
2 000 000,00
|
1 500 000,00
|
حزب الاستقلال
|
2
|
العلم
|
1 800 000,00
|
1 800 000,00
|
1 350 000,00
|
.. .. .. .. .. ..
|
3
|
Al bayane
|
1 100 000,00
|
1 100 000,00
|
825 000,00
|
التقدم و الاشتراكية
|
4
|
بيان اليوم
|
1 100 000,00
|
1 100 000,00
|
825 000,00
|
.. .. .. .. .. ..
|
5
|
رسالة الامة
|
1 100 000,00
|
1 100 000,00
|
825 000,00
|
الاتحاد الدستوري
|
6
|
المنعطف
|
825 000,00
|
0.00
|
0.00
|
جبهة القوى الديمقراطية
|
الحركة
|
1 100 000,00
|
1 100 000,00
|
825 000,00
|
الحركة الشعبية
| |
8
|
التجديد
|
1 100 000,00
|
1 100 000,00
|
825 000,00
|
العدالة والتنمية
|
9
|
الاتحاد الاشتراكي
|
1 800 000,00
|
1 800 000,00
|
1 350 000,00
|
الاتحاد الاشتراكي
|
10
|
Libération
|
1 100 000,00
|
1 100 000,00
|
1 100 000,00
|
.. .. .. .. ..
|
المجموع
|
13025000
|
13300000
|
9425000
|
ومن خلال التمعن في الجدول أعلاه يتبن أن الصحف المغربية المكتوبة تكلف ميزانية الدولة أموال طائلة وبالتالي يجب وضع معايير دقيقة للتمكن من التوزيع العادل للمال العام على هذه الصحف، وفي هذا الإطار وضعت الدولة مجموعة من الشروط الواجب توفرها في الجرائد الوطنية لكي تتمكن من الاستفادة من الدعم العمومي، ومن ضمن هذه الشروط ما يلي:
ü طلب الرقم الخاص الذي تمنحه اللجنة الثنائية المشتركة للصحافة المكتوبة للاستفادة من الدعم العمومي.
ü نسخة من التصريح المحدث للمجلة/الجريدة.
ü نسخة من الإيداع القانوني.
ü القانون الأساسي للمقاولة.
ü شهادة القيد في السجل التجاري.
ü الشهادة الجبائية للسنة الجارية.
ü شهادة الانخراط في الضمان الاجتماعي.
ü التزام بالشرف يتعهد فيه مدير الجريدة بأن لا تتعدى المساحة المخصصة للإشهار في المائة من مساحة الجريدة كمعدل سنوي.
ü التزام باحترام وتطبيق الاتفاقية الجماعية الإطار الخاصة بالصحفيين المهنيين.
ü الالتزام بنشر كمية السحب.
ü التزام بالانخراط في مكتب التحقق من روجان الصحف(ojd).
ü شهادة العمل تتضمن عدد الصحفيين المهنيين والمستخدمين.
ü ورقة الأداء.
ü نسخ من بطاقة الصحافة المهنية.
ü نسخة من الجريدة التي نشر بها حساب الاستغلال للسنة المنصرمة قبل 31 مارس من السنة الجارية.
ü إثبات انتظام صدور الجريدة بشهادة من شركة التوزيع.
ويجب أن تكون الوثائق المقدمة أصلية أو مطابقة للأصل ومؤشر عليها من طرف المدير المسؤول عن الجريدة.
خلاصة:
إذا كان دعم مالية الأحزاب السياسية بشكل موضوعي يعتبر ضروريا باعتبارها تشكل العمود الفقري للديمقراطية، وإطارا للمشاركة السياسية لمواجهة عزوف المواطنين عن الاهتمام بالمجال السياسي، والذي يتمظهر في تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 2007 حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة 37 في المائة عكس الانتخابات التشريعية الأخيرة التي ارتفعت نسبة المشاركة فيها نسبيا حيث بلغت حوالي 45 في المائة، ولحسن استخدام الدعم العمومي وتحقيقا للغاية المتوخاة منه، حاول المشرع المغربي سن مجموعة من المقتضيات وإن لم تكن فعالة فهي على الاقل عملت على خلق نوع من المساواة الظاهرية بين الأحزاب السياسية وذلك في انتظار خلق إطار قانوني آخر قادر على شمل جميع مكونات مسألة التمويل العمومي للأحزاب السياسية والتي لن تكون إلا في إطار متكامل من الإرادة السياسية والمجتمعية، فقد حان الوقت لفتح باب المناقشة الحرة والصريحة والاستماع إلى مختلف الآراء فيما يخص مسألة تمويل الأحزاب السياسية ومراقبتها.
كما يعكس تدفق الأموال في أي نظام حزبي الحقيقة الاقتصادية والاجتماعية للنظام السياسي، مثلما يلعب الجانب المالي دورا أساسيا في ضمان استمرارية وإشعاع الحزب السياسي الأمر الذي يطرح هنا مسألة الحصول على الأموال والمساعدات ومجالات استثمار هذه الأموال، ولم يكن تمويل الأحزاب السياسية في بداية نشأتها خاضعا للقانون، بيد أن الارتفاع المتزايد لتكاليف الحملات الانتخابية والرغبة في تخليق الحياة العامة قادا إلى وضع قوانين وتشريعات تنظم وتعقلن مسألة تمويل الأحزاب السياسية محددة لها الحقوق والواجبات ذات الصبغة المالية.
[2] - بنعمرو عبد الرحمان،"الدعم المالي لبعض الاحزاب المغربية بين المشروعية المبدئية واللامشروعية التطبيقية"،منشورات جريدة الطريق،الطبعة الاولى،أبريل 1996.
[9] -محمد الساسي، العلاقة بين السياسة والمال،في بعض تقنيات الادماج المالي للنخب،4 جريدة العمل الديمقراطي،10/16 فبراير2001، ص4.
[10] حررت هذه الرسالة الملكية بالرباط في 16 من ربيع الثاني 1407 الموافق ل19 دجنبر 1986،وللاطلاع على نصها الكامل انظر دفاتر التوثيق المغربي عدد خاص بالصحافة المغربية وزارة الاتصال نونبر 1997،ص 52-54.
[13] - امحمد لفروجي مدونة الانتخابات وفق آخر التعديلات لسنة 2009 المدخلة بالقانون رقم 36.08، المادة 285،نصوص قانونية محينة،العدد 6، مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء،الطبعة الاولى 2009،ص:145.
[15] -المادة 3 من المرسوم رقم 2.08.744 صادر في 2 محرم 1430(30 دجنبر 2008) يحدد بموجبه سقف المصاريف الانتخابية للمرشحين بمناسبة الحملات الانتخابية برسم الانتخابات العامة الجماعية.
[25] -المادة 285 من القانون رقم 9.97 ظهير رقم 1.97.83 صادر بتاريخ 2 أبريل 1997 المتعلق بمدونة الانتخابات.
[29] -فاضل عبد المجيد:"دعم الدولة للصحافة،حصيلة ،أرقام،مقاربة"الدورية المغربية لبحوث الاتصال،المعهد العالي للإعلام والاتصال،ص106.
Post a Comment