تلخيص مادة قانون الشغل للأستاذ عبد الله اشركي كلية الحقوق طنجة
قـــانون
الشغـــل
تكتسي دراسة قانون
الشغل في الوقت الحالي أهمية بالغة نظرا للأهداف التي تروم تحقيقها من خلالها،
وعلى رأسها توفير الحماية الاجتماعية للأجراء وتنظيم العلاقات بينهم وبين أرباب
العمل،وتوفير أرضية للعمل خالية من النزاعان والصراعات، وتشجيع الاستثمار والتشغيل.
والمغرب كغيره من
الدول، سعى منذ سنوات خلت إلى تحقيق هذه الأهداف من خلال إصداره لمجموعة من النصوص
المنظمة لعلاقة الشغل.
تعريف
قانون الشغل
أرتبطت تسميات تشريع
الشغل بالتطور الذي عرفته علاقة الشغل ذاتها, ذلك أن هذا التشريع قد أطلقت عليه
تسمية التشريع الصناعي في البداية, لكونه يتلائم ويتناسب مع الظرفية التي نشأ
خلالها والمرتبطة بالثورة الصناعية. إلا ان مجال العلاقة الشغلية لم يعد مقتصرا
على الصناعة بل أصبح يشمل التجارة والفلاحة والمهن الحرة . اما الفقه الحديث فقد
أوجد له تسمية جديدة أكثر ذقة بتشريع الشغل .
وبالتالي فقانون الشغل
هو ذلك الفرع من فروع القانون الخاص الذي يعني بتنظيم العمل الخاص التابع المأجـور.
أو بمعنى أخر مجموعة
القواعد القانونية المطبقة على العلاقات الفردية والجماعية الناشئة بين المؤاجرين
الخصوصيين من جهة ومن يشتغلون تحت سلطتهم وإشرافهم من جهة أخرى بسبب الشغل وكذا
القواعد التي تحكم الضمان الاجتماعي.
مفهوم
عقد الشغـــل وبيان عناصره الاساسية
بعتبر قانون الشغل من
اهم فروع القانون بالنظر الى شموله لفئة واسعة من أفراد المجتمع فمن خلاله تستفيد
الاطراف المتعاقدة من الضمانات التي يوفرها, ومن الامتيازات التي يمكن الاتفاق
عليها في عقد الشغل, والتي تفوق عادة ما ينص عليه تشريع الشغل, بإعتبار أن هذا
الاخير يضمن الحد الادنى من هذه الحقوق.
المبحث
الاول : مفهوم عقد الشغل
اختلفت التشريعات من
حيث وضع تعريف لعقد الشغل من عدمه، تاركة أمر تعريفه للفقه.
وقد عرفه المشرع
المصري من خلال المادة 31 "بأنه العقد الذي يتعهد بمقتضاه عامل بأن يعمل لدى
صاحب العمل وتحت ادارته او اشرافه لقاء أجر".
كما عرفه المشرع
الاردني في المادة2 من قانون العمل "بأنه اتفاق شفهي او كتابي او ضمني يتعهد
العامل بمقتضاه أن يعمل لدى رب صاحب وتحت اشرافه او ادارته مقابل أجر ويكون عقد
العمل لمدة محدودة او غير محدودة او لعمل معين او غير معين".
وبالرجوع الى التشريع
المغربي نجد ان البداية كانت مع الفصل 723 من قانون الالتزامات والعقود, والذي
تطرق الى تعريف العمل حيث نص على أن "إجارة الخدمة او العمل الشخصية لأجل
محدد او أجل أداء عمل معين, في نظير أجر بلتزم هذا الاخر بدفعه له" والملاحط
من هذا التعريف ان المشرع المغربي لم يعطي تعريفا دقيقا لعقد الشغل, لأنه لم يكمن
شاملا لكل العناصر الواجب توفرها في هذا العقد, كما انه استعمل مصطلح "اجارة
الخدمة" الذي يجعل العمل الانساني شبيها بالسلعة ولا يعير أي اهتمام لشخص
الاجير, مما أدى الى انتقادة من طرف الفقه .
ولهذا عملت المدونة
ومن خلال تعريفها للاجير وكذلك للمشغل على الاشارة الى العناصر الواجب توفرها في
عقد الشغل دون أن تنص على تعريفه بشكل مباشر وذلك يالنص على عنصر التبعية الذي لم
يرد في الفصل 723 قلع
.
وبذلك تكتمل العناصر
الواجب توفرها في هذا العقد من أطراف وأجر علاقة تبعية ويكون خاضعا لأحكام قانون
الشغل.
المبحث2:
أطراف عقد الشغــل
لقد حرصت المدونة على
توحيد المصطلحات في تحديد أطراف علاقة الشغل فكان الاجير من جهة والمشغل من جهة
أخرى.
المطلب1
: الاجيـــر
عرفت مدونة الشغل
الاجير في المادة6 الفقرة الاولى بأنه "يعد اجيرا كل شخص التزم ببذل نشاطه
المهني, تحت تبعية مشغل واحد او عدة مشغلين مقابل أجر،ايا كان نوعه او طريقة
أدائه" كما نصت المادة الاولى من المدونة في فقرتها الاولى الى ان احكام هذا
القانون تسري على كل شخص مرتبط بعقد الشغل, ايا كانت طريقة تنفيذه، وطبيعة الاجر
المقرر فيه وكيفية أدائه، وأيا كان نوع المقاولة التي ينفذ العقد داخلها".
ومنه فإن الاجير هو كل
شخص طبيعي ذكر او أنثى بالغاء سن التشغيل، ويؤدي عمله شخصيا تحت تبعية مشغل لقاء
أجر.
ويظل الاجير كذلك، أيا
كان نوع النشاط الذي يؤديه عضليا او ذهنيا، او زراعيا او تجاريا ومهما كانت درجته
داخل المقاولة مديرا او مستخدما او عاملا بسيطا .
ان الشخص الاعتباري لا
يمكن أن يكون أجيرا وأن كان يستطيع أن يتعاقد بإعتباره مقاولا، على أن يتم تنفيذ
الشغل المتفق عليه من طرف أجرائه في اطار مقاولة التشغيل المؤقت.
وعلى العموم جاءت
المدونة في مجملها بمحتوى شامل لا يفرق بين مختلف الاجراء، رغم ما جاءت به المادة
363 منها، والتي تنص على تمييز بين هؤلاء فيما يتعلق بأداء الاجر حيث يتقاضى
الاجير أجرته من مرتين في الشهر، في حين ان المستخدم بتقاضى أجره مرة في الشهر على
الاقل.
وكذا ما جاء به النص
التنظيمي الصادر في29 دجنبر 2004 والذي ميز حيث أجل الإخطار بين الاطر ومن شابههم
وبين المستخدمين والعمال.
المطلب
الثاني : المشغـــل
اذا كان الاجير شخصا
ذاتيا طبيعيا، فإن المشغل وهو الطرف المقايل للاجير وتربطه به علاقة شغل تابع، إما
أن يكون شخصا طبيعيا او معنويا اعتباريا، سواء كان عاما كالدولة او جماعة او مؤسسة
عمومية او شخصا خاصا كشركة او جمعية اة نقابة او تعاونية .
وقد عرفت المدونة
المشغل من خلال المادة 6 "يعد مشغلا كل شخص طبيعي او اعتياري خاصا او عاما
يستأجر خدمات شخص ذاتي واحد او أكثر شريطة ان يكون النشاط الذي يمارسه يدخل في
نطاق تشريع الشغل, سواء كان المشغل رجلا او امرأة مواطنا مغربيا او اجنبيا. او
شخصا مختصا وذو إلمام بالقواعد العامة لتسير المقاولات وإدارتها.
وعلى العموم فإن
المشغل اذا كان هو الطرف المقابل للاجير, ويعتبر المتعاقد الملتزم بأداء الاجر
واحترام المقتضيات القانونية، وتتمثل صفته في الشخص الطبيعي او الاعتباري، زذلك
حسب نوع المقاولة فإن رئيسها لا يمكن إلا ان يكون شخصا طبيعيا يمثل المشغل
بإمتيازاته ومسؤول بالنسبة لتطبيق الشغل,فهو الناطق بلسان المشغل في حين يبقى هذا
الاخير هو الطرف المتعاقد باعتباره المالك لوسائل الانتاج.
وتطبيقا لما سبق فإت
الاجير يظل مرتبطا بالمقاولة وليس بشخص المشغل, قلا يهم تغيير هذا الاخير للاسباب
المنصوص عليها في المادة 19 من المدونة، كما لا يؤثر على العلاقة بين الاجير
والمقاولة بانتقاله من عمل الى أخر او من مدينة الى أخرى.
العناصــر
الاساسية لعقــد الشغـــل
تتمثل عناصر عقد
الشغل, في إطار عمل يلتزم أحد الطرفين بالقيام به لمصلحة أخر, وأجر يلتزم هذا
الاخير بدفعه للطرف الاول في اطار التبعية.
المطلـب1
: أداء العمــل
ان اداء العمل من طرف
الاجير,لابد ان يكون شخصيا واختياريا وبحسن نية في احدى امؤسسات الخاضعة لتشريع
الشغل حتى يمثل عنصرا من عناصر عقد الشغل.
اولا : الطابع الشخصي
لاداء العمل
يلتزم الاجير في عقد
الشغل بان يضع عمله في خدمة المشغل,خاصة وان تشغيل الاجير قد تم بناء على مؤهلات
وكفاءات شخصية لهذا الاجير ، طيقا لما نتص عليه مدونة الشغل من خلال المادة 6
وعليه فانه لا يمكن للاجير ان ينيب عنه غيره في تنفيذ الشغل او الاستعانة بأجير
أخر في أدائه وقد ت تاكيد هذا المقتضى من خلال الف736 الذي يحرم على الاجير ان
يعهد بتنفيذ مهمته الى شخص اخر، بل يجب على الاجير القيام بالعمل بصفة شخصية.
هناك حالة استثنائية،
يمكن فيها للاجير ان يحل مخل اجير أخر، نصت عليها مدونة الشغل من خلال م16 في حالة
توقف عقد الشغل لسبب من اسباب التوقف خارج حالة الاضراب، كذلك لبواب العمارة أن
ينيب عنه غيره في اداء العمل اثناء مدة العطلة المؤدى عنها وذلك باختيار البواب
الاصلي وموافقة المشغل.
ويترتب عن خاصية
الاداء الشخصي للشغل,ان الاجير يظل مسؤولا مسؤولية شخصية،عن فعله او اهماله او
تقصيره او عدم احتياطه، في اطار ممارسته لمهامه بمقتضى م20من المدونة.
كمت ينتج عن الطابع
الشخصي لاداء الشغل ان وفاة الاجير تؤدي الى انهاء عقد الشغل فلا يحل ورتته في
اداء العمل،ولا يملك المشغل الزامهم بدلك،عكس المشغل الذي لا تعتبر شخصيته محل
اعتبار إلا اذا نم النص على ذلك عند التعاقد .
وعليه فعند ووقع تغيير
في وضعية لمشغل القانونية او في وضعية المقاولة,للاسباب المنصوص عليها في م19 فان
جميع العقود المبرمة مع المشغل الاول وجميع الحقوق المكتسبة تبقى مستمرة مع المشغل
الجديد, وكل تسريح او استغناء عن الاجراء لهذا السبب يعتبر طردا تعسفبا يستوجب
التعويض وهذاما كرسه المجلس الاعلى في مجموعة من القرارات الصادرة عنه.
ثانيا : اداء العمل
المتفق عليه
من الالتزامات
المتولدة عن عقد الشغل والمترتبة عن الطابع الشخصي لاداء العمل, أداء العمل المتفق
عليه,بحيث يضع الاجير تحت تصرف مشغله في المكان والزمان المعينين من اجل تنفيذ
العمل المتعاقد عليه, ذلك ان الاجير قد تم اختياره بناءا على كفاءته ومؤهلاته،
فالمطلوب منه بذل العناية الكافية الانجاز عمله ويسأل عن كل اهمال وتقصير.
ثالتا : الطابع
الاختياري لاداء العمل
من عناصر ابرام عقد
الشغل توفر الرضائية اي رضا كل طرق بالالتزام الملقى على عاتقه، لذلك فان اداء
العمل من طرف الاجير، لابد وان يكون بكامل الحرية ومطلق الاختيار.
فالاجبر يبقى حرا في
البحث عن عمل بداية ثم اختيار الشغل الذي يتناسب وكفاءاته، وان كان الاصل ان
للاجير كذلك الحق والحرية في اختيار الطرف الاخر في العقد وهو المشغل، فات الامر
لم يعد يتلك السهولة في ظل الطروف الحالية والازمة الاقتصادية. بحيث يخضع الاجير
وعند بحته للعمل عمل للعروض المتوفرة او المعلن عنها من طرف المؤسسات المشغلة.
وعلى العموم فان
الاجير ينفذ التزامه اختياريا ولايمكن ارغامه على القيام بالعمل، فله الحرية في
اداء العمل الذي تؤهله له الكفاءاته وخبراته. دون ان يكون مرغما على ذلك فاذا اجبر
الانسان على اداء عمل معين اعتبر ذلك سخرة.
كما ان انعدام الرضا
يؤدي الى بطلان عقد الشغل يطلانا مطلقا، كما ان اكراه الاجير على ذلك يجعل العقد
قابلا للابطال.
المطلـب2
: اداء الاجــر
باعتبار عقد الشغل من
العقود التبادلية يولد التزامات على عاثق طرفيه، فان الاجر كمقابل للشغل الذي
يؤديه الاجير في اطار من التبعية، يمثل التزاما يمثل على عاتق المشغل لا يمكنله
التحلل منه ما دام الاول يؤدي العمل المطلوب منه.
1- تعريـف الاجــر
لم يتطرق المشرع
المغربي لتعريف كما فعل نظيره المصري في م1 من قانون العمل "كل ما يحصل عليه
العامل لقاء عمله ثابتا كان او متغبرا,نقدا او عينا" وعلى العكس من ذلك
فالاجر هو "كل ما يدخل الذمة المالية للاجير نظير قيامه بالعمل
وبمناسبته" ويعتبر الاجر سواء اداه المشغل نفسه او غيره كنائب عنه مثلا,
وكيفما كان نوعه او التسمية التي تطلق عليه او الطريقة التي يتحدد ويؤدى بها.
2-شـروط استحقاق الاجــر
لا يستحق الاجير اجره
الا بتوفر شرطين
:
-شرط قيام عقد شغل صحيح بين
المشغل والاجير
يتطلب ابرام عقد الشغل
مجموعة من الاركان حتى يقوم صحيحا خاليا من كل عيب, وعليه فان العقد اذا كان باطلا
او قابل للابطال فان الاجير لا يستحق الاجر المتفق عليه،ولو قام بالعمل المطلوب,
ويبقى كل ماله هو تعويض يعادل ما أداه من عمل، ويكون للقضاء كل السلطة في تقديره،
دون ان تثبت لهذا التعويض صفة الاجر، ودون ان يتمتع بالحماية التي يضيفها المشرع
الاجر.
-قيام الاجير بالعمل المتفق
عليه
ان مقابل الاجر اداء
العمل, وان عدم اداء الاجير للعمل الموكول له والذي يدخل ضمن اختصاصه, يعتبر خطأ جسيما
يبرر فصله عن العمل كما يعتبر مسؤولا عن اهماله وتقصيره وعدم احتياطه, لذلك فمن
الطبيعي ان استحقاق الاجر يستوجب اداء العمل, الا اذا كان عدم الاداء لا يعود
للاجير وانما الى طرف المشغل او الى ظروف خارجة عن ارادة الطرفين كالقوة القاهرة
لان المهم ان يضع الاجير نفسه رهن اشارة مشغله.
3-تحديـد الاجـر واهميـة
يحدد لاجر وطبقا لما
تنص عليه م345 من المدونة,اما باتفاق الطرفين بكامل الحرية او طبقا لاتفاقية شغل
جماعية,مع ضرورة مراعاة الاحكام المتعلقة بالحد القانوني,واذا لم يتم تجديد الاجر
بالاتفاق وفي حالة النزاع,فان المحكمة هي التي تتولى تحديده وفق العرف الجاري به
العمل,وطبقا لما ينص عليه ف733 فان المحكمة وعند بحثها في تحديد الاجر فانها اذا
وجدت تعريفة او اسعار محددة افترضت في المتعاقدين انهما ارتضياها.
واذا الاجر يعتبر
عنصرا مهما ومتميزا لعقد الشغل حين نكون امام عمل تطوعي بدون مقابل مادي او
عيني,فان هذه الاهمية تنتفي اذا نظرنا الى عقد المقاولة وقطاع الوظيفة العمومية
والمهن الحرة التي يؤدى فيها المقابل سواء اجرا او راتبا او اتعابا .
تظهر اهمية الاجر في
معرفة القدرة الشرائية لطبفة الاجراء في المجتمع,وعلى النشاط الاقتصادي داخل
الدولة,وكذلك من خلال دوره في حساب مستحقات الاجير او ذوي حقوقه في حالة وفاته
ومنها :
معرفة الجزء من الاجر
القابل للحجز اذا كان الاجير مدنيا للغير او المشغل-تعيين مبلغ التعويض عن العطلة
السنوية والتي لم يتمتع بها الاجير-معرفة مقدار اشتراك كل من الاجير والمشغل لدى
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي-تحديد التعويضات المستحقة للاجير على اثر اصابته
بحادثة شغل او مرض مهني-ولاخيرا تعيين واحتساب نختلف التعةيضات الناتجة عن انتهاء
علاقة الشغل الفجائي او التعسفي.
4-كيفية حسـاب الاجــر
يتم تحديد كيفية احساب
الاجر تبعا لحرية الاطراف فاما ان يكون ذلك :
+بالزمـن : اي على حساب وحدة
زمنية معينة مثلا بالشهر او بالاسبوعين او الاسبوع او اليوم او الساعة, بغض النظر
عن كمية الانتاج الذي يحققه.
وهذه الطريقة قد تكون
وسيلة لتراخي الاجير عن اداء عمله,مكا قد يتهاون في ادائه ما دام اجره مضمون.
+بالقطعـة : اي على اساس وحدة
انتاجية معينة اي من خلال عدد القطع المنتجة خلال مدة العمل,ويكون الاجرمتناسبا مع
عدد الوحدات المنتجة.
هذه الطريقة تساعد على
التمييز بين الاجراء المجدين, وكذلك الزيادة في الانتاج, لكنها تضر بالاجراء لأنهم
يرهقون انفسهم لكسب المزيد من الاجر.
+حساب الاجر بالطريقتين معا :
اي الجمع بين الطريقتين الزمن والقطعة,كان يتفق المشغل مع اجيره على انتاج وحداث
معينة بثمن معين,ويكون اجرها هو اجره اليومي الثابث,واذا ما أراد الاجير زيادة
انتاج الوحدات فبامكانه ذلك,ويحصل بالمقابل على اجر زائد .
5-مفهوم الحد الادنى وطريقة
حسابه :
+مفهوم الحد الادنى للاجر :
هو القيمة الدنيا
المستحقة للاجير,والذي يضمن للاجراء ذوي الدخل الضعيف قدرة شرائية لمسايرة تطور
مستوى الاسعار,والمساهمة في التنمية الاق والاج, وكذا تطور المقاولة.
وعليه فانه يكون
للمشغل منح اجور تفوق الحد الادنى وليس الوقوف عند هذا الحد,لكن ان المشغل يحترم
قانون الشغل ويحترم مقتضياته من خلال عدم النزول عن الحد الادنى دون الزيادة فيه.
+حساب الحد الادنى للاجر :
تنص مقتضيات المادة
الاولى من المرسوم 2.11.242 المتعلق يالزيادة في الحد الادنى القانوني للاجر في
الصناعة والتجارة والمهن الحرة والفلاحة .
-تحدد في احدى عشر درهما
وسبعون سنتيما الحد الادنى القانوني للاحر عن الساعة الممنوح للمستخدمين والعمال
في القطاعاتالصناعية والتجارة والمهن الحرة.
-يحدد في ستين درهما وثلاثة
وستين سنتيما قسط الاجرة اليومية الواجب اداؤها نقدا لاجراء القطاع الفلاحي.
اما في مقتضيات المادة
الثانية :
-تحدد في اثني عشر درهما
واربعة وعشرين سنتيما الحد الادنى القانوني للاجر عن الساعة الممنوح للعمال
والمستخدمين في قطاعات الناعة والتجارة والمهن الحرة.
-يحدد في ثلاثة وستين درهما
متسعة وثلاثين سنتيما قسط الاجرة اليومية الواجب اداؤها نفدا لاجراء القطاع
الفلاحي.
اما في المادة الثالتة
: ابتداء من فاتح يوليوز 2011
تحدد في عشرة وواحد
وتسعين سنتيما الحد الادنى القانوني للاجراء عن الساعة الممنوحة للعملا
والمستخدمين في قطاع النسيج والالبسة.
ابتداء من فاتح يوليوز
2012-01-07
تحدد في احدى عشر
درهما وسبعين سنتيما الحد الادنى القانوني للاجر عن الساعة الممنوحة للعمال
والمستخدمين في قطاع النسيج والالبسة.
المادة الخامسة :
يستفيد تنفيذ هذا المرسوم الذي ينشر بالجريدة الرسمية, الى وزير التشغيل والتكوين
المهني.
5-مكونـات الاجــر
ان الاجر الذي يتلقاه
الاجير كمقابل عن العمل الذي يقوم به, اما يكون أجرا نقديا او اجرا عنيا :
-الاجر النقدي : هو مبلغ من
النقود, يؤدى بالعملة المغربية ايا كان نوع المؤسسة, او طبيعة المهمة المؤداة.
-الاجر العيني : عبارة عن
فوائد عينية في المهن والمقاولات التي يجري العرف فيها بذلك, الا انه لم يعد شائعا
كون الاجر عينا بكيفة مطلقة, بل بغلب انه اذا وجد اخر عيني أن يكون اضافيا الى
جانب الاجر الاساسي النقدي, ويكون عيني ان يكون اضافيا الى جانب الاجر الاساسي
النقدي, ويكون ذلك لبعض البعض الاجراء كالبحارة والذين يحصلون على جزء من الاجر
عينا كالاكل او الايواء وكأجارء المطاعم والفنادق والمقاهي والحراس وأجراء
المؤسسات المنجمية الذين يحصلون على المسكن كأجر عيني.
أ- الاجــر الاســاسي
يقصد به الاجر
الاجمالي مخصوم منه المزايا الاضافية, اب انه الاجر الذي لايقل عن الحد الادنى
القانوني, وهو الذي يسلم عادة للمؤقتين والموسميين والمتدربين, وتاكيدا لذلك
اعتبرت المدونة باطلا كل اتفاق سواء كان فرديا او جماعيا يهذف الى تخفيض الاجر,
الى ما دون الحد الادنى القانوني طبقا لما تنص عليه الماد359 اذا حصل نقص في حجم
الشغل المنجز والعائد مباشرة الى الاجير الذي يتقاضى أجره على اساس القطعة المؤدى
اة المردوية فانه لا يستحق الا الاجر المناسب للشغل الذي انجزه .
ب-المزايا الاضافية او
ملحقات الاجــر
كثيرا ما يمنح الاجراء
امتيازات اضافية للاجر الاساسي, وتظهر اهمية هذه الامتيازات من خلال معرفة مدى
اعتبارها ضمن الاجر عند احتساب بعض الاداءات والتعويضات.
-العمولة : وهي ما يحصل عليه
عادة الوسطاء والممثلون التجاريون من نسبة مئوية من قيمة التوصيات والصفقات التي
يتوسطون فيها, او يعقدونها لحساب من يمثلونهم من المشغلين, سواء حققت هذه الصفقات
ارباحا او لا, وترتفع قيمة العمولة باتساع شبكة العملاء والزبناء. وتؤدى هذه
العمولة كل مرة ثلات أشهر على الاقل
.
-المكافأة : هو كا ما يعطيه
المشغل لاجرائه زيادة على الاجر في مناسبة من المناسبات,كالزواج او الاعياد او
بمناسبة نهاية السنة او ما يعرف بمكافأة بالشهر الثالث عشر.
والمشغل لا يمون ملزما
بأداء المكافأة لانها خاضعة لسلطة التقديرية,وبالتالي لا تعتبر جزءا من الاجر ولا
تلحق يه, ولكن قد تتنفى سلطة المشغل التقديرية اذا كانت هذه المكافأة مقررة بموجب
عقد الشغل فردي, او في اتفاقية جماعية, او في النظام الداخلي او ما جرى به العرف
بحيث تصببح التزاما على عاتق المشغل.
-المنحة : هو مبلغ تقديري يمنح
للاجير ليس لمناسبة خاصة, بل على أساس صفات وقدرات خاصة بكل أجير كأقدميته او
مؤهلاته الفنية او اخلاصه ومواطنته, او محافطته على ادوات العمل او حسن استعمالها,
وبالتالي فان المنحة لا تمنح الا لأجير واحد او لأجراء بالذات .
والاصل في المنحة لنها
تبرعية واختيارية, ولا تعتبر جزءامن الاجراء الا اذا تم النص عليها في عقد الشغل
الفردي او اتفاقية جماعية او النظام الداخلى ا ما جرى به العرف.
-الحلول او الاكراميات : هو ما
يحصل الاجير مناولة من الزبائن مقابل خدمة يقدمها لهم في بعض المؤسسات كالفنادق
والمطاعم ومختلف المؤسسات التجارية التي تتعامل مع الجمهور مباشرة, وتوزع
الاكراميات على جميع الاجراء كل شهر, ولا يجوز للمشغل الاستفادة منها بأي شكل, حتى
وان كان يقتطعها مباشرة من الزبناء.
-المشاركة في الارباح : يقصد
بها اعطاء الاجراء زيادة على اجورهم, قدرا من الربح الذي تحققه المؤسسات في صورة
نسبة مئوية تشجيعا لهم من المشغل على عملهم الجيد, او قصد الاسراع في العمل او
الزيادة فيه او اثقانه.
فهل يعتبر الاجراء في
هذه الحالة شركاء ؟؟؟
لقد حسم الفص983 في
هذه الحالة حين نص على "ان الاشتراك في الارباح الذي يمنح للمستخدمين ولمن
يمثلون شخصا او شركة في مقابل خدماتهم كليا او جزئيا, لا يكفي وحده ليخولهم صفة
الشركاء ما لم يقم دليل أخر بالعقد على الشركة"وتبعا لذلك, فان صفة الشركاء تنتفي
بالنسبة للاجراء, لانهم لا يتحملون بخسائر الشركة,كما تنعدم بالنسبة للشركاء علاقة
التبعية لأن هذه الاخيرة هي اساس علاقة الشغل الخاضعة لمقتضيات مدونة الشغل.
وبالتالي فلا بد ان تكون المشاركة في الارباح مضافة الى أجر ثابت وليست صورة من
صورة.
6-الوفـاء بالاجــر
نص المشرع المغربي من
خلال المدونة على الاحكام الخاصة بالاجر من حيث الزمان والمكان والكيفية التي يقع
بها اثباته.
-دورية الوفاء بالاجر في زمان
ومكان الاداء
ان اداء الاجر يكون
تبعا لأصناف الاجراء من جهة, ونوع الشغل المؤدى من جهة أخرى, طبقا للمادة 363و364
من المدونة.
فالبنسبة للعمال تؤدى
اجورهم مرتين في الشهر على الاقل تفصل بينها مدة أقصاها ستة عشر يوما, كما تؤدى
أجور المستخدمين مرة في الشهر على الاقل.
بالنسبة للوكلاء
المتجولين والممثلين والوسطاء في التجارة والصناعة فتؤدى عمولاتهم المستحقة كل
ثلاتة اشهر على الاقل.
وفيما يخص الاجير الذي
يؤدي شغله على اساس القطعة, او الشغل المؤدى, او المردودية لانجاز اي شغل يتطلب
ازيد من خمسة عشر يوما, فان تحديد المواعيد تتم بالاتفاق بين الطرفين شرط ان يؤدي
تسبيق للاجير كل 15يوما, وان يؤدى الاجر الباقي خلال الخمسة عشر يوما الموالية
لتسليمه الشغل الذي قام بانجازه .
وفي حالة فصل الاجير,
والذي يتقاضى اجره على اساس الساعة او اليوم, فإنه يحصل على اجره خلال 24س
الموالية, واذا غادر الشغل من تلقاء نفسه يؤدى له اجره خلال 72س الموالية.
اما بالنسبة لتوقيت
اداء الاجر, فان ذاك يكون من خلال أحد ايام الشغل في الاسبوع باستثناء يوم راحة
الاجراء, الا اذا صادف هذا اليوم يوم السوق وكان الامر يتعلق بأجراء المقاولة
بناءا او أشغال عمومية شرط أن تؤدى لهم اجورهم فيل الساعة التاسعة صباحا, وعند بدء
الشروع في الاداء وجب اتمام هذه العملية بعد الساعة المحددة لانتهاء الشغل بتلاثين
دقيقة على الاكثر ما لم يتعذر بسبب قوة قاهرة.
اما فيما يخص لمكان
اداء الاجر, فيستفاد من خلال ما سبق انه يكون بمكان الشغل خاصة وان اتمام عملية
الاداء يكون بعد الوقت المحدد لانهاء الشغل بثلاتين دقيقة على الاكثر.
ويجب الاشارة الى ان
اعوان تفتيش الشغل يكونو مؤهلين لمعاينة عملية اداء الاجور والتسبيقات.
هذا ويجب على كل مشغل,
الاعلان في ملصق, عن التاريخ واليوم والساعة والمكان لكل دورية أداء والاقساط
المسبقة عند الاقتضاء وذلك بشكل ظاهر وواضح.
-اثبات اداء الاجــر
ايتنادا الى القواعد
العامة في الاثبات نجد الى ان الف399 من ق.ل.ع ينص على ان اثبات الالتزام على
مدعيه وينص الف404 من نفس القانون على الوسائل المخولة للاثبات والمقرر قانونا .
لقد خص المشرع المغربي
عقد الشغل بقواعد خاصة تعكس طابعه الحمائي الذي يوفره للاجير الطرف الضعيف في
العقد.
دهب الاجتهاد القضائي
الى أن اثبات الاجر يقع على عاتق المشغل ضمانا لحماية الاجير.
*ورقة او بطاقة الاداء
هي عبارة عن وثيقة
يلتزم المشغل بتسليمها لاجرائه ومستخدميه وقت اداء الاجر, وفق ما تنص عليه م370,
وتشتمل هذه البطاقة على المعلوامت التي تحددها السلطة الحكومية المكلفة بالشغل,
وعنوانه ومهنته في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي, وكذا اسم الاجير وتاريخ
ازدياده ورقم تسجيله في الصندوق وعدد ساعات العمل المنجزة وكل مل يتعلق بالاجراء
بالاضافة الى معلومات اخرى تهم كل من الاجير والمشغل.
ان ورقة الاداء وما
تتضمنه لا تعتبر تنازلا من الاجير عن حقه في الاجر وتوابعه, بل تعتبر قرينة الى ان
يثبت العكس.
*دفـتر الاداء
استنادا الى ما نتص
عليه المادة371 من المدونة,فنه يكون على المشغل او من ينوب عنه أن يمسك في كل
مؤيسسة, أو جزء منها, او في كل ورشة دفتر للاداء, تحدد نمودجه السلطة الحكومية
المكلفة بالشغل.
ويمكن الاستعاضة عن
دفتر الاداء, بوسائل الميكانوغرافية او المعلوماتية او اية وسيلة اخرى يراها
المفتش كفيلة بان تقوم مقام الدفتر.كما يلتزم المشغل بالاجتفاظ بالدفتر مدة سنتين
من تاريخ اقفاله, وكذاك الامر بالنسبة للوسائل الاخرى.
ويبقى هذا الدفتر رهن
اشارة مفتشي الشغل وكذا مفتشي الصندوق الوطني للضمان الاج والذين يمكنهم الاطلاع
عليه في أي وقت.
*توصيـل تصفيـة كل حسـاب
هو عبارة عن توصيل
يسلمه الاجير لمشغله عند انتهاء العقد لأي سبب كان, وانه يقدم على التوقيع على هذا
التوصيل بكل سهولة, ودون معرفة الاهمية التي يمثلها هذا التوصيل, والبيانات
والنستحقات المضافة فيه, اذ نص المشرع على ضرورة تضمين التوصيل عدة بيانات اهماها :
-المبلغ المدفوع بكامله قصد
التصفية النهائية للحساب, مع بيان مفصل للاداء.
-اجل سقوط الحق المحدد في ستين
يوما,مكتوب بخط واضح تسهل قراءته.
-الاشارة الى كون التوصيل
محررا في نظيرين يسلم احدهما للاجير,ويجب ان يكون توقيع الاجير على التوصيل مسبوقا
بعبارة "قرأت ووافقت" واذا كان الاجير اميا يوقع التوصيل بالعطف من طرف
مفتش الشغل.
واذا ما استوفى
التوصيل جميع بياناته دون ان يتم التراجع عنه من طرف الاجير خلال الاجل المحدد
لذاك, كان توصيلا مبرئا لذمة المشغل في حدود المبالغ المضمنة به.
والتـراجـع عـن
التوصيـل يكـون على طريقتيـن
-عن طريق رسالة مضمونة مع
اشعار بالتوصيل توجه الى المشغل.
-عن طريق رفع دعوى لدى المحكمة
المختصة مع تحديد جميع الحقوق التي لا وال متمسكا بها.
وتتقادم الدعوى
الناشئة عن الاجر, وكغيرها من الحقوق الناشئة عن عقد الشغل,ووفقا لمانتص عليه
المادة395من المدونة,بمرور سنتين تبدأ من اليوم الموالي لأخر يوم من الفترة
الزمنية التي يستحق عنها الاجير الاجر, علىىان هذا التقادو لا يمون له محل,اذا وجد
الدائن بالفعل في ظروف تجعل
من المستحيل عليه
المطالبة بحقوقه خلال الاجل المرر للتقادم,
وعليه يبقى من حق
الاجير الذي تبث استحالة رفعه لدعواه ناشئة عن الاجر لسبب من الاسباب, او لقوة
قاهرة,ان تقبل دعواه بغض النظر عن هذا التقادم.
7-حمـايـة الاجــر
اعتبارا من الصثة
المعيشية التي يمثلها الاجر,وحماية للاجير من كل ما قد يمس قيمته وانتظامه, اتخدت
المدونة مجموعة من الاجراءات الهدف منها حماية الاجر من دائني الاجير ومن دائني
مشغله.
*حمايـة الاجـر مـن دائـني
المشغـل
ان المشغل وباعتباره
صاحب مؤسسة, وكغيره من الاشخاص قد يتعرض للوفاة وقد تتعرض مؤسسته لأزمة مالية,
تؤدي الى التوقف عن دفع اجور اجرائه, بحيث يصبح هؤلاء عبارة عن دائنين الى جانب
غيرهم .
وحمايه لهؤلاء باعتبار
الاجر هو مورد رزقهم وله دور مهم في اعالة اسرهم ومواجهة متطلبات الحياة, فقد نص
المشرع على قواعد خاصة لحماية هذا الاجر في مواجهة دائني المشغل.
وعليه, وحسب الف1248
ق.ل.ع فان الاجر يعتبر من الديون الممتازة التي لها الاولوية في الاستيفاء,الا أن
هذا الامتياز يظل ناقصا لان الاجر ياتي في المرتبة الرابعة ضمن الديون الممتازة
بعد :
-مصروفات الجنازة اي نفقات غسل
الجثة وتكفيفها ونقلها ودفنها مع مراعاة المركز المالي للمدين الميت.
الديون الناشئة عن
مصروفات مرض الموت ايا كانت وان انتفت في منزل المريض او في مؤسسة علاجية عامة او
خاصة,وذلك خلال السته اشهر السابقة على الوفاة او على يتزودون منهم, ما لم يتفق
الطرفان كتابة على خلاف ذلك.
الا أن المشرع وفي نفس
المادة استثنى من مقتضياتها, كالتي يتم انشاؤها في الاوراش والاستغلالات الفلاحية
او المقاولات الصناعية, او المقالع البعيدة عن مركز تموين اذا كانت هذه المقتضايات
ضرورية للمعيشة بالنسبة لهؤلاء الاجراء.
*حمايـة الاجـر من المشغـل
انطلاقا لما جاء في
الفصل357 من ق.ل.ع يتبين ان اعمال هذا الاخير من قبل المشغل يمكن ان يهدد الاجير
في مورد رزقه,و لذلك نص المشرع من خلال الم385 من المدونة انه لا يمكن للمشغلين أن
يجروا لحسابهم اي مقاصة, بين ما عليه للاجراء من أجور وبين ما قد يكون على هؤلاء
من الاجراء لفائدتهم مقابل مدهم بمختلف اللوازم ايا كان نوعها.
وتاكيد لحماية الاجر
ضد المشغل منعت ام392 من مدونة الشغل, المشغل من أن بلحق بمؤسسة مقتصدية يبيع فيها
لاجرائه او لذويهم بضائع او سلعا ايا كان نوعها, سواء كان البيع مباسر او غير
مباشر, او ان يفرض على اجرائه انفاق كل او عض اجورهم في المتاجر التييشير عليهم
بالابتياع منها
.
الا أن المشرع وفي نفس
المادة استثنى من مقتضياتها, كالتي يتم انشاؤها في الاوراش والاستغلالات الفلاحية
او المقاولات الصناعية, او المقالع البعيدة عن مركز تموين اذا كانت هذه المقتضايات
ضرورية للمعيشة بالنسبة لهؤلاء الاجراء.
ويمتد المنع الى كل
مسؤول داخل المؤسسة له نفوذ على الاجراء وفق ما تنص عليه المادة 393 من المدونة.
*حمـاية الاجـر من دائني
الاجـير
قد يكون الاجير مدينا
للغير, لهذا فان المشرع حماية لمورد رزق الاجير وحتى لا يعمد الدائن الى اجراء حجز
على الاجر لاستخلاص دينه لدى المشغل, سمح للدائن باستيفاء دينه لكن في حدود ضيقة
ونسب معينة تكون على اساس الاجر السنوي للاجير وترتفع بارتفاعه م387.
واذا تعلق مبلغ الدين
الذي وقع الحجز من اجله بأداء نفقة ما كالنفقة المترتبة لزوجته او احد ابنائه,
فانه بالامكان حجز المبلغ موضوع الدين بكامله كل شهر من الجزء الذي لا يقبل الحجز,
ولكن يمكن بمقتضى الم387 من مدونة الشغل ان تحجز نفقة الشهر الجاري من الجزء الذي
لا يقبل الحجز.
المطـلـب3 : عــلاقــة
التبعيــة
تعتبر التبعية عنصرا
من عناصر عقد الشغل المهمة, بالنظر الى كونها اساس استفادة الاجرتء من تشريع
الشغل, ومناط تمييز عقد الشغل عن بلقي العقود الاخرى التي تلتبس به.
وتقوك التبعية على نوع
من الخضوع بين الطرفين,فالاجير يخضع لمشغله من خلال اشراف وتوجيه ومراقبة هذا
الاجير له.
لقد اعطى الفقه الحديث
للتبعية بعدا اقتصاديا لا قانونية يرتكز على اعتماد الاجير في حياته على شغله.
وللتبعية انواع وهي
كالتالي :
1-أنـواع التبعيـة
*التبعية القانونية :
والمقصود بها خضوع
الاجير اثناء ادائه لعمله لادارة واشراف وسلطة من يمارس العمل لحسابه وتكون
قانونية لانها ناتجة عن علاقة تعاقدية قررها القانون, دون اعتبار للوضع الاجتماعي
او الاقتصادي او التكويني للأجير, حيث يستوي الاجراء في الخضوع لتوجيهات مشغلهم
سواء كانوا عمالا او مستخدمين,مكا تطهر هذه التبعية من خلال الجزاءات التي يمكن
للمشغل توقيعها على اجرائه عند ارتكاب مخالفة معينة.
*التبعيـة الاقتصـاديـة
تعتبر هذه التبعية
عنصر التميز بين عقد الشغل و غيره من العقود الى ان ظهر اتجاه فقهي يدعو الى
اعتماد التبعية الاق واتخادها معيارا لتحديد العمل الخاضع لقانون الشغل.
وعلى هذا الاساس, فان
التبعية الاقتصادية لا تقوم على اساس خضوع الاجير لاوامر مشغله اثناء قيامه بعمله
ولا لتوجيهه واشرافه,بل يكفي للقول بوجود عقد شغل, فقط حصول الاجير على أجره من
مشغله واعتماده على هذا الاجر في معيشته, وطبقا لما تتضمنه التبعية الاقتصادية فان
عدد من الفئات الاج يمكنها الخضوع في علاقتها بالمشغل لتشريع الشغل وحمايته مثل
العامل المنزلي والصحفي المهني او الوكيل المتجول.
وعلى الرغم من اهميته
التبعية الاق فقد وجهت اليها عدة انتقادات منها :
+اعتبارها غير دقيقة بحيث يسود
الغموض بشان معرفة متى تبدأ ومتى تنتهي هذه التبيعية في اطار حدود ونطاق استقلالية
الاجير عم مشغله.
+غير منطقية لان جميع الناس
تابعين اقتصاديا لجهة معينة.
+انها تؤدي الى اعتماد علاقة
الشغل بدل عقد الشغل لارتباطها بعنصر اساسي في عقد الشغل, كما اعتمد التبعية الاق
في حالات محددة ةبمقتضى نصوص صريحة في المواد3-8-79 من المدونة .
وعليه, فالقضاء
المغربي وخاصة المجلس الاعلى لا يصفها لا بالقانونية ولا بالاقتصادية بل يقتصر على
التبعية مجردة من اي وصف.
2-صــور التبعيــة
تتخد التبعية عدة صور
اما ان تكزن فنية او ان تكون ادارية تنظيمية :
+التبعية الفنية :
تتمثل هذه التبعية, في
خضوع الاجير اثناء تنفيذ العمل خضوعا تاما وشراف وتوجيه مشغله حيث يكون هذا
الاخير,ملما وعالما بكل تفاصيل العمل المؤدى, وبالتالي يتبع عمل اجرائه في كل
مراحل العمل حتى الانتاج, وكما يراقب حسن أدائهم.
ويكون هذا النوع من
التبعية في النشاطات الاق الصغرى التي يحترف فيها المشغل نفس حرفته السابقة, او
يمارس عملا كالحرف التقليدية, وكذلذ تلك التي تفرض اتصالا مستمرا بين المشغل
وأجرائه.
+التبعية الادارية التنظيمية :
تتمثل هذه التبيعية في
تحديد شروط العمل, وتهيئ الظروف الخارجية الخاصة بتنفيذه, مثل تحديد مكان العمل
وتحديد اوقاته, وتسليم المواد والادوات اللازمة للعمل, وتوزيع العمل على الاجراء,
وتتحقق التبعية القانونية هنا ولو كان الاجير يتمتع باستقلال كبير من الناحية
الفنية في القيام بعمله, على سبيل المثال كالطبيب والمحاسب والمهندس.
والهذف من اقرار هذا
النوع اخضاع بعض الفئات لتشريع الشغل وتوسيع نطاقه لحمايتها, خاصة المتخصصة منها
في اطار المهن الحرة
.
المطلب 1 : تعريف الاتفاقية
الجماعية
تعتبر الاتفاقية الجماعية حسب الفصل 104 من المدونة [عقد جماعي ينظم علاقات الشغل، يبرم بين ممثلي منظمة مهنية للإجراء الأكثر تمثيلا أو عدة منظمات نقابية الإجراء الأكثر تمثيلا أو اتحاداتها من جهة ثانية وبين مشغل واحد أو عدة مشغلين يتعاقدون بصفة شخصية أو ممثلي منظمة مهنية للمشغلين أو عدة منظمات مهنية للمشغلين من جهة أخرى تحت طائلة البطلان أن تكون اتفاقية الشغل مكتوبة ].
عرفها ظهير 17. أبريل 1957 [عقد كتابي متعلق بشروط الاستخدام والشغل يبرم بين ممثلي نقابة مهنية للعملة أو عدة نقابات للعملة من جهة وبين مشغل واحد أو عدة مشغلين يتعاقدون بصفة شخصية أو بين ممثلي نقابة أو هيئة مهنية للمشغلين أو عدة نقابات أو هيئات مهنية للمشغلين من جهة أخرى].
المشرع الفرنسي عرفها [ بأنها اتفاق يتعلق بشروط العمل والضمانات الاجتماعية تبرم من جهة عن طريق منظمة نقابية عمالية، أو أكثر معترف لها بالصفة الأكثر تمثيلا .... ومن جهة ثانية عن طريق منظمة نقابية وأكثر منظمات أصحاب الأعمال أو أية هيئة أخرى من هيئات أصحاب العمل أو واحد أو أكثر من أصحاب الأعمال].
من خلال هذه التعاريف يتضح أن الاتفاقية الجماعية هي الوسيلة الفعالة التي تنظم وتحكم علاقات الشغل وشروطها بمشاركة الأجراء.
أما على المستوى الفقهي المقارن( ) [الاتفاقية الجماعية اتفاق تبرم بين نقابة أو أكثر من نقابات الأجراء أو اتحاد نقابتهم من جهة وبين مؤاجر أو أكثر أو هيئاتهم التمثيلية من جهة ثانية، بهدف التحديد المشترك للشروط والضمانات التي تبرم وتنفذ فيها عقود الشغل الفردية].
يتضح من مختلف هذه التعاريف سواء الفقهية ، التشريعية، أن الاتفاقية الجماعية لا يمكن أن تبرم بين كل من الأجير والمؤاجر وإنما تبرم على الأقل من جانب الإجراء من خلال نقابتهم المهنية هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن الاتفاقية الجماعية لا تنشئ عقد الشغل الفردي وإنما تولد مجموعة من القواعد والشروط التي تنظم علاقات الشغل التي تنشأ بعد نفاذها أو التي تكون نشأت بعد نفاذها ولكنها مازالت سارية المفعول بعد نفاذها لذلك يذهب بعض الفقه ( ) إلى انتقاء تسمية اتفاق العمل الجماعي أو عقد الشغل الجماعي طالما لا ينشئ علاقة شغل، ويقترحون تسميته بالإتفاق الجماعي، لتنظيم الشغل باعتبارها أكثر دلالة على موضوع الاتفاق.
كما أن الفقه مجمع على أهمية هذه الاتفاقيات وخاصة في الدول المتقدمة وعلى رأسها [ألمانيا، اليابان ، أمريكا] فما هي أهميتها وهذا ما سنتطرق إليه في مطلب ثان.
المطلب 2 : أهمية الاتفاقية الجماعية .
تكتسي الاتفاقية الجماعية أهمية بارزة باعتبارها الوسيلة الفعالة والمثلى التي تنظم وتحكم علاقات الشغل لجعل هذه الأخيرة تعكس واقعها وتعمل على تحقيق شروط عمل مطامح الإجراء ومطالبهم وفق إمكانيات المؤسسة.
فالاتفاقية الجماعية مع تطور علاقات الشغل في اتجاه جماعي أضحت الوسيلة المرنة حيث أن تمخضها عن الاتفاق المشترك بين عنصري الإنتاج يضمن لها الفعالية بعيدا عن الضوابط التشريعية التي تبت عجزها عن مجاراة التطورات التي تعرفها العلاقات التي تتميز بالحركية وعدم الثبات لارتباطها بعوامل عدة: [اقتصادية، اجتماعية، سياسية]، وتتجلى أهمية الاتفاقية الجماعية في عدة مستويات:
الفقرة 1 : أهمية الاتفاقية الجماعية على المستوى القانوني.
تقوم الاتفاقية الجماعية على المستوى القانوني بدور مهم، حيث تعد من المصادر الأساسية التي تحكم علاقات الشغل، وأداة تعكس ارتقاء واستقلال الإرادة الجماعية لطرفي هذه العلاقة وبالتالي فهي تقوم بدور مزدوج في تنظيم علاقات الشغل.
الاتفاقية الجماعية يمكنها أن تتطرق بالتنظيم إلى مواضيع لم تتطرق إليها قواعد قانون الشغل هذا من جهة ومن جهة أخرى يمكنها أن تتدخل لتنظيم مواضيع منظمة بموجب القانون على نحو مخالف للتشريع. مراعية في ذلك مصلحة الأجير فهي دائما مقدمة عن المصالح الأخرى تطبيقا لفكرة النظام العام الاجتماعي ( ) الذي يفضي بعدم النزول عن الحد الأدنى للحقوق المقررة قانونا.
الاتفاقية الجماعية تمهد الطريق للمشرع لاعمال ما يرتضيه طرفا العلاقة الشغيلة من قواعد واحكام حيث تقوم الاتفاقية الجماعية بتطوير قواعد قانون الشغل حيث تبلور هذه القواعد والنص على اعتبارها من قبيل الحد الأدنى الذي يمكن أن تستفيد منه الطبقة العاملة.
يتضح أن الاتفاقية الجماعية على المستوى القانوني تكتسي أهمية فعالة فماذا عن المستوى الاجتماعي ؟
الفقرة 2 : أهمية الاتفاقية الجماعية على المستوى الاجتماعي.
بالإضافة إلى أهمية الاتفاقية الجماعية على المستوى القانوني فإنها تكتسي كذلك أهمية على المستوى الاجتماعي حيث تعمل على تحقيق السلم الاجتماعي . داخل المؤسسة. واحلال روح التعاون والتفاهم بدل الصراع والمواجهة بين عنصري الإنتاج لان الصراع يؤدي إلى القوة والنزاع من إضراب ، إغلاق وهذا ما تريد الاتفاقية الجماعية تجنبه هادفة إحلال روح التعاون بدل تجارب القوة.
تعتبر الاتفاقية الجماعية عامل من عوامل استقرار الشغل الذي يعد من أهم العوامل التي تعمل المدونة جاهدة على تكريس استقرار الأجير في عمله ، لما له من انعكاس على المركز القانوني والذي ينعكس هذا الاستقرار على الزيادة في الإنتاج وإتقان العمل من طرف الأجير لأن وضعه مستقر ونفسيته كذلك لأن هناك ثقة واطمئنان على وضعه مادام يشعر بعدالة مركزه والمعاملة التي يتلقاها داخل المؤسسة .
الاتفاقية الجماعية تسمح بمعالجة الوضع اللامتكافئ بين طرفي الشغل [المؤاجر / الأجير] حيث يفرض المؤاجر شروط العمل على الثاني حيث يستأثر بتنظيم علاقة مع أجرائه على النحو الذي يحقق مصالحه، وبالتالي يؤدى إلى تحكمه والإضرار بحقوق ومصالح الأجراء الذين لا دخل لهم في إعداد بنود عقد الشغل، ومن أجل تفادي هذا الوضع اللامتكافئ فالاتفاقية الجماعية تسمح بإتاحة الفرصة للاجراء للتفاوض ومناقشة شروط الشغل مع مؤاجرهم من موقع الند للند في إطار تجمعات نقابية تتولى منافسة شروط الشغل نيابة عنهم وعلى قدم المساواة مع مؤاجر هم، وهكذا أعطيت الأولوية للإطار التفاوضي واعتبر القانون الاتفاقي وسيلة لتعديل التشريع الاجتماعي، فما هي الاتفاقية الجماعية على المستوى الاقتصادي ؟
الفقرة 3 : أهمية الاتفاقية الجماعية على المستوى الاقتصادي .
بالإضافة إلى المستويين السابقين للاتفاقية الجماعية بقي المستوى الاقتصادي حيث تحتل الاتفاقية الجماعية في ظله أهمية لا تقل عن المستويين السابقين وذلك من خلال بلورة مجموعة من المزايا الإقتصادية لطرفي الشغل من خلال توحيد شروط الشغل التي تطبيق على الإجراء وعلى المؤاجرين مما يؤدي إلى خلق أسس عادلة للمنافسة.
الاتفاقية الجماعية تقوم بدور مهم وهذا ما دلت عليه التجربة في الاقتصاديات المتقدمة التي تتميز بثبات العلاقات الشغلية عكس الاقتصاديات التي لا تزال في طور النمو بعدم ثبات هذه العلاقات نتيجة تخلف الحوار والمفاوضة الجماعية فيها. واعتمادها شبه الكلي على قواعد التشريع العاجزة على مواكبة تطورات الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
كما أن الاتفاقية الجماعية تساعد على الربط بين قانون الشغل وبين التطور الاقتصادي ذلك أن التشريعات المقارنة ومنها التشريع المغربي يسمح للأطراف بتكيف مضمون الاتفاقية تبعا لتطور الحالة الاقتصادية للمؤسسة أو الصناعة أو القطاع المعني وبالتالي الربط بين ما تحققه مؤسسة ما أو قطاع اقتصادي معين وما يحق للأجراء الحصول على نتيجة لتطور الحالة الاقتصادية يعني هناك علاقة جدلية بين حجم هذه المزايا مع درجة تطور الحالة الاقتصادية للمؤسسة أو القطاع الاقتصادي المرتبط بالاتفاقية.
تتميز الاتفاقية الجماعية كذلك بالقدرة عن المواءمة بين ما تحمله من شروط الشغل من أعباء اقتصادية وبين ما يمكن لأي منها [مؤسسة / صناعية] تحمله بالفعل من أعباء( ).
هكذا يتضح أن الاتفاقية الجماعية خلقت أساسا عادلا للمنافسة سواء بالنسبة للإجراء أو بالنسبة للمؤاجرين، وفيما يخص الأجراء عملت الاتفاقية الجماعية على توحيد ظروف الشغل على جميع الإجراء المؤسسة أو الصناعة المرتبطة بها أما فيما يتعلق بالمؤاجرين فالاتفاقية الجماعية أدت إلى تخفيض حدة المنافسة فيما بينهم من خلال المساواة في تحمل الأعباء الاجتماعية للمشروع بحيث في حالة مخالفة قواعد وشروط الاتفاقية الجماعية يكون من حق الطرف المتضرر اللجوء إلى الجهة المختصة للمطالبة بالتقيد بشروط الاتفاقية الجماعية أو المطالبة بالتعويض عن الضرر.
هذه هي أهم ما يميز الاتفاقية الجماعية في مستوياتها الثلاث : [الاقتصادية ، القانونية ، الاجتماعية]، فماذا عن إبرام الاتفاقية الجماعية وشروطها الشكلية والموضوعية ؟ هذا ما سنتناوله في المبحث الثاني.
المبحث 2 : إبرام الاتفاقية الجماعية .
إذا كانت الاتفاقية الجماعية كما سبق الإشارة إلى ذلك وسيلة لحكم وضبط علاقات الشغل يخضع لتنظيم قانوني تحاول التشريعات المقارنة من خلاله التوفيق بين مصالح كل عنصر الإنتاج، فإن هذا التنظيم لا ينفي كونها من حيث إبرامها مجرد تصرف قانوني، ومن تم فإنها تخضع للقواعد العامة التي تحكم صحة وانعقاد العقود، بالإضافة إلى ما تتطلبه الضوابط القانونية من شروط خاصة( ).
إن كثيرا من المقتضيات المنظمة للاتفاقية الجماعية تقربها من اعتبارها نظاما قانونيا وذلك بسبب تعدد مجالات تدخل المشرع بمقتضيات آمرة سواء في طريقة إبرامها أو تحديد محتوياتها ونطاقها وخاصة على مستوى تعميمها على أجراء نفس المهنة بشروط معينة ( ) .
وانطلاقا من ظهير 17 أبريل 1957 يتضح أنه لإبرام الاتفاقية الجماعية لابد من توفر الشروط الموضوعية الواجب توافرها في الإبرام من حيث اطرافها وموضوعها ومدتها، تتطلب هذه المقتضيات أيضا توفر الشروط الشكلية من كتابة وإشهار، والمشرع اشترط حتى تحيط الاتفاقية الجماعية بمجموعة من الضمانات، وذلك درءا للمنازعات التي يمكن أن تحصل في المستقبل فما هي هذه الشروط ؟ وهذا ما سنتطرق إليه في مطلبين : الأول متعلق بالشروط الموضوعية والمطلب الثاني متعلق بالشروط الشكلية.
المطلب 1 : الشروط الموضوعية لإبرام الاتفاقية الجماعية.
لإبرام الاتفاقية الجماعية لابد من توفر مجموعة من الشروط التي تنقسم إلى قسمين [موضوعية، شكلية] وهي شروط يتطلبها التشريع، تتعلق بالرضى تم الأطراف ثم النطاق ثم المحتويات. هكذا سنتناول كل شرط على حدة.
الفقرة 1 : الرضى وصحته.
تنص مقتضيات الفصل الأول من ظهير 17 أبريل 1957 على أن الاتفاقية الجماعية عقد كتابي وبالتالي فإنها تخضع في إبرامها لذات القواعد التي تخضع لها بقية العقود، هكذا يتعين أن تتوافر في إبرامها نفس الأركان والشروط التي يتطلبها قانون الالتزامات والعقود من رضى محل وسبب ( ) بالإضافة إلى شروط صحة الرضى من أهلية ( ) [أهلية الأداء].
عقد الشغل من العقود الرضائية : التقاء ارادتين سليمتين حرتين حيث ألغت المدونة نظام التسخير ( ) في المادة 10 [يمنع تسخير الإجراء لأداء الشغل قهرا أو جبرا.
ينص الفقرة 1 : من المادة 15 من المدونة [تتوقف صحة عقد الشغل على الشروط المتعلقة بتراضي الطرفين وبأهليتهما للتعاقد وبمحل العقد وسببه، كما حددها قانون الالتزامات والعقود.]
كشرط من شروط صحة الرضى تختلف الأهلية وأحكامها في مجال الشغل عنه في قانون الالتزامات والعقود. وهكذا لا يعتبر أهلا لإبرام عقد الشغل إلا من بلغ 15 سنة وهذا ما نصت عليه المادة 143 من المدونة ، والهدف من رفع سن التشغيل هو استكمال الدراسة بعد ما كان السن هو 12 سنة، وقد صادق المغرب على الاتفاقية الدولية رقم 138 إلى تؤكد ضرورة اعتماد سن أدنى للتشغيل لا يقل عن 15 سنة. وانطلاقا من هذا يتضح أن المدونة جاءت بتدابير أكثر حمائية للأجير الحدث قياسيا مع ظهير 17- أبريل 1957 وقد قررت المدونة أقصى جزاء : غرامة تتراوح ما بين 25.000 و30.000 في حالة مخالفة المادة 143 من المدونة وهو أعلى مبلغ مقرر في المدونة ، وهذا الجزاء مقرر في حق المخالفين للسن القانوني للتشغيل، فإذا أبرام قاصر عقد شغل سواء فردي أو جماعي اعتبر باطلا. أما إذا ابرم العقد النائب الشرعي للحدث القاصر [الأجير] فيخضع لأحكام الأهلية المحددة في قانون الالتزامات والعقود. وهذا ما نصت عليه المادة 15 من المدونة( ) .
الفقرة 2 : أطراف الاتفاقية الجماعية .
يعتبر أطراف الاتفاقية الجماعية من الشروط الموضوعية الواجب توفرها في كل اتفاقية وينقسم الأطراف إلى نوعين .أطراف اصليون[ وهم الأطراف الذين يكونون أطراف أصلية في الاتفاقية] ثم الأطراف المنضمون وهم الأطراف المنظمة إلى الاتفاقية الجماعية بعد إبرامها.
أ-الأطراف الاصليون: هم الأشخاص الطبيعيون أو المعنويون الذين ابرموا الاتفاقية الجماعية أي المؤاجرين أو الهيئات الممثلة لهم وكذلك الإجراء من خلال منظماتهم النقابية .
التشريعات المقارنة ومنها التشريع المغربي لا يسمح بإبرام الاتفاقية الجماعية من طرف الإجراء أنفسهم مهما بلغ عددهم عكس المؤاجر الذي يمكن أن يكون واحدا أو أكثر أو منظمة نقابية أو هيئة ممثلة لهم ويشترط فيه أن يكون ممن يشغلون إجراء ينتمون إلى منظمة نقابية ، وكذلك الأمر بالنسبة للأجراء يشترط أن يجمعهم تنظيم نقابي يتولى عنهم المفاوضات الجماعية وإبرم الاتفاقية الجماعية. أما في الحالة التي لا يوجد في المؤسسة أي تنظيم نقابي للمهنة وأبرم الأجراء اتفاقا لتنظيم الشغل مع مؤاجرهم فإن هذا الإتفاق لا تعطي له صفة اتفاقية جماعية ولا يتمتع بما تتمتع به هذه الأخيرة من حماية قانونية وان كان هذا لا يمنع من تطبيق القواعد العامة في الالتزامات على مثل هذا الاتفاق.
تحتكر النقابة ( ) حق إبرام الاتفاقية الجماعية باعتبارها الأجدر على التفاوض بشأن محتوياتها ، وتتعاقد النقابة باسم المجموعة العمالية إما بناءا على القانون الأساسي للنقابة وإما بقرار خاص لها وإذا أبرمت الاتفاقية خارج أحد هذين الإجماليين فلا تعتبر صحيحة إلا إذا تمت الموافقة عليها من جانب الطرف الأخر: المشغل أو المشغلون المعنيون عبر مداولات خاصة وهذا ما نصت عليه المادة 108 من المدونة.
وإذا كان المشرع المغربي يشترط إبرام الاتفاقية الجماعية من خلال النقابة نيابة عن الأجراء ، فإنه لا يوجد ما يمنع من تعدد نقابات الأجراء التي تكون طرفا في الاتفاقية الجماعية، شرط أن تكون هذه النقابات ممثلة لمهنة واحدة أو مرتبطة أو متشابهة فاختلاف المهن يؤدي إلى اختلاف المصالح الذي ينعكس على مضمن الاتفاقية من خلال تضمينه شروط متباينة خاصة بكل مهنة.
المدونة حسمت النزاع عندما وفرت الحكم المناسب في حالة تعدد النقابات حيث حصرت حق إبرام الاتفاقية الجماعية على النقابة الأكثر تمثيلا ( ) إلا أنها لم توفر الحكم في الحالة التي لا توجد بها أية نقابة أصلا بمقاولة ما يرغب فرقاؤها في إبرام الاتفاقية الجماعية عكس التشريعات المقارنة ومنها التشريع الفرنسي والتي سمحت لمندوب الإجراء بحق إبرام الاتفاقية الجماعية بعد حصوله على تفويض نقابي.
إذا كان التشريع المغربي على غرار غيره من التشريعات المقارنة ينيط بالنقابات العمالية المهنية مهمة إبرام الاتفاقية الجماعية كطرق اصلي عن الأجراء، فإن ذلك يترتب عنه صيرورة المفاوضات الجماعية سواء مع المؤاجرين أو ممثليهم أو مع السلطة الحكومية كمشغل .
ب-الأطراف المنضمون : هم الأشخاص الذين ينضمون إلى الاتفاقية الجماعية بعد إبرامها . وقد أجاز المشرع المغربي على غرار التشريعات المقارنة لغير المتعاقدين من المؤاجرين أو هيئاتهم أو منظماتهم النقابية ومن النقابات المهنية العمالية، الانضمام إلى الاتفاقية دون حاجة إلى موافقة الأطراف المتعاقدين الأصليين، وهذا ما نصت عليه مقتضيات الفصل 11 من ظهير 1957، وذلك بعد إخطار الطرفين المتعاقدين وكتابة ضبط المحكمة الابتدائية المودعة لديها الاتفاقية الجماعية وكذلك وزارة التشغيل بموجب إشعار مع التوصل، ولا يصبح هذا الإنضمام إليها إلا ابتداء من اليوم الموالي لتبليغ الإخطار به إلى وزارة التشغيل.
المدونة في المادة 110 وهي مادة متطابقة مع مواد المشاريع (98-99) السابقة للمدونة ل[يبلغ .... الانضمام برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل إلى أطراف الاتفاقية الجماعية والى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل والى كتابة ضبط المحكمة الابتدائية النافدة بدائرتها الاتفاقية المذكورة]
يشترط في النقابة أو الهيئة التي تريد الانضمام إلى الاتفاقية الجماعية أن تكون ممثلة لمهنة أو صناعة أو مرتبطة أو مشتركة في إنتاج واحد مع النقابة أو النقابات الموقعة ابتداء. لأنه كما سبقت الإشارة. فإن الاختلاف في المهن يؤدي إلى الاختلاف في المصالح ( ) ،عكس المشرع الفرنسي ( ) الذي يسمح لغير الأطراف الأصلية في الاتفاقية الجماعية بالانضمام إليها وذلك بصرف النظر عن النشاط المهني الذي تمارسه الأطراف الراغبة في الانضمام إليها وإن كان المشرع الفرنسي يقرن دلك بموافقة الأطراف الأصلية، بحيث إذا حصل الاتفاق، فإنه يترتب عن ذلك تغير النطاق المهني للاتفاقية الجماعية والهدف من ذلك هو جعل أكبر عدد من الإجراء يستفيدون من مقتضيات الاتفاقية الجماعية إذا كانت أكبر فائدة من عقود شغلهم الفردية ( ).
بعد التطرق للأهلية (التراضي) ثم أطراف الاتفاقية الجماعية بقي لنا أن نتطرق إلى مضمون هذه الاتفاقية الجماعية.
الفقرة 3 :مضمون الاتفاقية الجماعية .
مضمون الاتفاقية الجماعية هو المواضيع التي تتناولها الاتفاقية بالتنظيم ، والالتزامات التي يتعهد بها كل من الفريقين تجاه الأخر وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل الأول من ظهير 1957. بموجب هذا الظهير ترك المشرع المغربي للأطراف الاتفاقية الجماعية حرية تحديد مضمون الاتفاقية الجماعية وهو مضمون واسع يتضمن الأحكام المتعلقة بالشغل والأجور وأداء الشغل وفسخ عقد الشغل، بالإضافة إلى الأحكام المتعلقة بالصحة داخل المؤسسة وترقية الأجراء والإجراءات المتعلقة بحل الخلافات سواء تعلق الأمر بالإضراب أو الإعفاء الجماعي للأجراء أو الإغلاق المؤقت، وبالتالي فمضمونها متروك للأفراد . دون الإشارة إلى وجوب تضمينها لأية مواضيع محددة ، حيث يجوز لهم تضمينها ماشاؤا من الأحكام لذلك يلاحظ اختلاف أحكام وشروط الاتفاقيات الجماعية تختلف من اتفاقية إلى أخرى وتتنوع حسب ما تسفر عنه المفاوضات شرط التقيد ببعض الضوابط والمتمثلة في القيود التي ترد على حرية الأفراد ، فهذه الحرية ليست مطلقة تتمثل أساسا في عدم مخالفة القواعد القانونية المنظمة لعلاقات الشغل إذ يرتب البطلان كل شرط أو بند في الاتفاقيات الجماعية يخالف حكمها من الأحكام المشكلة قانون الشغل أو يقيد من نطاقه، ما لم تكن المخالفة لصالح الأجير أي أكثر فائدة من القاعدة القانونية فالعبرة في تقدير ما إذا كانت أكثر فائدة هي بالنظر إلى كل جزئية على حدة فإذا كانت معظمها أكثر فائدة ولكنها في جزء منها أقل فائدة وقع الشق الأخير لوحده باطلا وبقيت الإتقاقية الجماعية ببنودها وشروطها نافدة.
يرى الأستاذ عبد اللطيف الخالفي ( ) مع بعض الفقه إن تحديد ما إذا كانت شروط وبنود الاتفاقية الجماعية أكثر فائدة من قواعد القانون مسألة موضوعية يفصل فيها القاضي وفقا لظروف الحال ملتزما معيارا موضوعيا يستمده من الحكمة التي قصدها المشرع من وضع القاعدة القانونية التي خالفتها شروط الاتفاقية الجماعية دون نظر إلى رأي الأجراء أو مصلحتهم الشخصية .
أما مدونة الشغل واهتداءا بملاحظات خبراء المكتب الدولي للتشغيل وبما تتضمنه من موضوعات الاتفاقية النموذجية الاطارية المنبثقة عن المجلس الأعلى للاتفاقيات الجماعية إلى جرد محتويات معينة على سبيل المثال يجب أن تتضمنها كل اتفاقية جماعية للتشغيل خاصة [بعد صمت تشريع الشغل عن ذلك] وهذا ما نصت عليه المادة 105 من المدونة :
«تتضمن اتفاقية الشغل الجماعية الأحكام المتعلقة بعلاقات الشغل ولاسيما:
1-عناصر الأجر المضيف على فئة من الفئات المهنية وهي :
أ-المعاملات التسلسلية المتعلقة بمختلف المستويات والمؤهلات المهنية وتطبق هذه المعاملات على أساس الحد الأدنى لأجر الأجير الذي لا يتوفر على مؤهلاته قصد تحديد الحد الأدنى لأجور باقي فئات الأجراء حسب مؤهلاتهم المهنية.
ب-كيفيات تطبيق المبدأ الذي يعتبر أن المساواة في قيمة الشغل تقضي المساواة في الأجر، وذلك فيما يخص الإجراءات المتبعة لتسوية الصعوبات التي قد تنشأ في هذا الشأن.
2-العناصر الأساسية التي ستساعد على تحديد مستويات المؤهلات المهنية وخاصة منها البيانات المتعلقة بالشهادات المهنية أو بغيرها من الشهادات .
3-شروط وأنماط تشغيل الأجراء وفصلهم، على ألا تنطوي الأحكام المقررة في هذا الشأن على ما يمس حرية الأجير، من اختيار النقابة الذي يرغب في الانتماء إليها.
4- الأحكام المتعلقة بإجراءات مراجعة اتفاقية الشغل الجماعية وتعديلها، وإلغائها كلا أو بعضا.
5-الإجراءات المتفق عليها بين الطرفين لتسوية نزاعات الشغل الفردية والجماعية، التي قد تحدث بين المشغلين والأجراء المرتبطين بالاتفاقية .
6-تنظيم تكوين مستمر لفائدة الأجراء يهدف إلى تحقيق ترقيتهم الاجتماعية والمهنية ، والى تحسين معارفهم العامة والمهنية وملاءمتها مع التطورات التكنولوجية.
7- التعويضات.
8- التغطية الاجتماعية
9- الصحة والسلامة المهنية.
10- ظروف الشغل والتشغيل
11- التسهيلات النقابية
12- الشؤون الاجتماعية
من خلال هذه المادة يتضح موقف المدونة الجديدة والإيجابي الذي سجل لاول مرة في النظام القانوني للاتفاقيات الجماعية، إلا انه رغم ذلك فالمدونة غيبت لائحة الكثير من المواضيع الهامة وان أخذت ببعضها بنوع من الخجل مثل التسهيلات النقابية عوض ممارسة العمل النقابي وإغفال بعضها مثل تنظيم الجانب التأديبي الأجراء، كما أن مضمون الاتفاقية الجماعية لا يجب أن يخالف المقتضيات القانونية الآمرة وعدم النزول عن مكتسبات مقررة قانونا مثل الاختصاص النوعي للمحاكم / الزيادة في مدة الشغل / تخفيض آجال الإخطار / ألا تنزل عن الضمانات المقررة في الاتفاقية الجماعية إلا أنها مقتضيات صحيحة إذا تم تكريس ضمانات أقوى مما عليه الحال في الاتفاقية الجماعية والعكس صحيح في حالة التعارض بين محتويات عقد الشغل الفردي والاتفاقيات الجماعية. فالأمر يحسم دائما لفائدة الأفضل للأجير.
هكذا يتضح أن المدونة جاءت بضمانات أكثر حمائية تخدم مصلحة الأجير وإلا لما كان للاتفاقية الجماعية أي معنى، على اعتبار أن الأجير هو الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية حيث أنها قدمت مصلحته أينما وجدت، وهذا ما كرسه نص المادة 113 من المدونة في فقرتها الثانية.
لذا فالفقه يطالب بالعمل على بلورة اتفاقية جماعية نموذجية اطارية تكون مرجعية للإستنئاس للعازمين على إبرام الاتفاقية الجماعية التي سيوكل لمجلس المفاوضة الجماعية الذي أقرته المدونة لتعرض المجلس الأعلى الاتفاقيات الجماعية.
بعد التطرق إلى العناصر السالف ذكرها لابد من الحديث عن الشروط الشكلية التي قررها المشرع بالإضافة إلى الشروط الموضوعية السابق ذكرها .
تعتبر الاتفاقية الجماعية حسب الفصل 104 من المدونة [عقد جماعي ينظم علاقات الشغل، يبرم بين ممثلي منظمة مهنية للإجراء الأكثر تمثيلا أو عدة منظمات نقابية الإجراء الأكثر تمثيلا أو اتحاداتها من جهة ثانية وبين مشغل واحد أو عدة مشغلين يتعاقدون بصفة شخصية أو ممثلي منظمة مهنية للمشغلين أو عدة منظمات مهنية للمشغلين من جهة أخرى تحت طائلة البطلان أن تكون اتفاقية الشغل مكتوبة ].
عرفها ظهير 17. أبريل 1957 [عقد كتابي متعلق بشروط الاستخدام والشغل يبرم بين ممثلي نقابة مهنية للعملة أو عدة نقابات للعملة من جهة وبين مشغل واحد أو عدة مشغلين يتعاقدون بصفة شخصية أو بين ممثلي نقابة أو هيئة مهنية للمشغلين أو عدة نقابات أو هيئات مهنية للمشغلين من جهة أخرى].
المشرع الفرنسي عرفها [ بأنها اتفاق يتعلق بشروط العمل والضمانات الاجتماعية تبرم من جهة عن طريق منظمة نقابية عمالية، أو أكثر معترف لها بالصفة الأكثر تمثيلا .... ومن جهة ثانية عن طريق منظمة نقابية وأكثر منظمات أصحاب الأعمال أو أية هيئة أخرى من هيئات أصحاب العمل أو واحد أو أكثر من أصحاب الأعمال].
من خلال هذه التعاريف يتضح أن الاتفاقية الجماعية هي الوسيلة الفعالة التي تنظم وتحكم علاقات الشغل وشروطها بمشاركة الأجراء.
أما على المستوى الفقهي المقارن( ) [الاتفاقية الجماعية اتفاق تبرم بين نقابة أو أكثر من نقابات الأجراء أو اتحاد نقابتهم من جهة وبين مؤاجر أو أكثر أو هيئاتهم التمثيلية من جهة ثانية، بهدف التحديد المشترك للشروط والضمانات التي تبرم وتنفذ فيها عقود الشغل الفردية].
يتضح من مختلف هذه التعاريف سواء الفقهية ، التشريعية، أن الاتفاقية الجماعية لا يمكن أن تبرم بين كل من الأجير والمؤاجر وإنما تبرم على الأقل من جانب الإجراء من خلال نقابتهم المهنية هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن الاتفاقية الجماعية لا تنشئ عقد الشغل الفردي وإنما تولد مجموعة من القواعد والشروط التي تنظم علاقات الشغل التي تنشأ بعد نفاذها أو التي تكون نشأت بعد نفاذها ولكنها مازالت سارية المفعول بعد نفاذها لذلك يذهب بعض الفقه ( ) إلى انتقاء تسمية اتفاق العمل الجماعي أو عقد الشغل الجماعي طالما لا ينشئ علاقة شغل، ويقترحون تسميته بالإتفاق الجماعي، لتنظيم الشغل باعتبارها أكثر دلالة على موضوع الاتفاق.
كما أن الفقه مجمع على أهمية هذه الاتفاقيات وخاصة في الدول المتقدمة وعلى رأسها [ألمانيا، اليابان ، أمريكا] فما هي أهميتها وهذا ما سنتطرق إليه في مطلب ثان.
المطلب 2 : أهمية الاتفاقية الجماعية .
تكتسي الاتفاقية الجماعية أهمية بارزة باعتبارها الوسيلة الفعالة والمثلى التي تنظم وتحكم علاقات الشغل لجعل هذه الأخيرة تعكس واقعها وتعمل على تحقيق شروط عمل مطامح الإجراء ومطالبهم وفق إمكانيات المؤسسة.
فالاتفاقية الجماعية مع تطور علاقات الشغل في اتجاه جماعي أضحت الوسيلة المرنة حيث أن تمخضها عن الاتفاق المشترك بين عنصري الإنتاج يضمن لها الفعالية بعيدا عن الضوابط التشريعية التي تبت عجزها عن مجاراة التطورات التي تعرفها العلاقات التي تتميز بالحركية وعدم الثبات لارتباطها بعوامل عدة: [اقتصادية، اجتماعية، سياسية]، وتتجلى أهمية الاتفاقية الجماعية في عدة مستويات:
الفقرة 1 : أهمية الاتفاقية الجماعية على المستوى القانوني.
تقوم الاتفاقية الجماعية على المستوى القانوني بدور مهم، حيث تعد من المصادر الأساسية التي تحكم علاقات الشغل، وأداة تعكس ارتقاء واستقلال الإرادة الجماعية لطرفي هذه العلاقة وبالتالي فهي تقوم بدور مزدوج في تنظيم علاقات الشغل.
الاتفاقية الجماعية يمكنها أن تتطرق بالتنظيم إلى مواضيع لم تتطرق إليها قواعد قانون الشغل هذا من جهة ومن جهة أخرى يمكنها أن تتدخل لتنظيم مواضيع منظمة بموجب القانون على نحو مخالف للتشريع. مراعية في ذلك مصلحة الأجير فهي دائما مقدمة عن المصالح الأخرى تطبيقا لفكرة النظام العام الاجتماعي ( ) الذي يفضي بعدم النزول عن الحد الأدنى للحقوق المقررة قانونا.
الاتفاقية الجماعية تمهد الطريق للمشرع لاعمال ما يرتضيه طرفا العلاقة الشغيلة من قواعد واحكام حيث تقوم الاتفاقية الجماعية بتطوير قواعد قانون الشغل حيث تبلور هذه القواعد والنص على اعتبارها من قبيل الحد الأدنى الذي يمكن أن تستفيد منه الطبقة العاملة.
يتضح أن الاتفاقية الجماعية على المستوى القانوني تكتسي أهمية فعالة فماذا عن المستوى الاجتماعي ؟
الفقرة 2 : أهمية الاتفاقية الجماعية على المستوى الاجتماعي.
بالإضافة إلى أهمية الاتفاقية الجماعية على المستوى القانوني فإنها تكتسي كذلك أهمية على المستوى الاجتماعي حيث تعمل على تحقيق السلم الاجتماعي . داخل المؤسسة. واحلال روح التعاون والتفاهم بدل الصراع والمواجهة بين عنصري الإنتاج لان الصراع يؤدي إلى القوة والنزاع من إضراب ، إغلاق وهذا ما تريد الاتفاقية الجماعية تجنبه هادفة إحلال روح التعاون بدل تجارب القوة.
تعتبر الاتفاقية الجماعية عامل من عوامل استقرار الشغل الذي يعد من أهم العوامل التي تعمل المدونة جاهدة على تكريس استقرار الأجير في عمله ، لما له من انعكاس على المركز القانوني والذي ينعكس هذا الاستقرار على الزيادة في الإنتاج وإتقان العمل من طرف الأجير لأن وضعه مستقر ونفسيته كذلك لأن هناك ثقة واطمئنان على وضعه مادام يشعر بعدالة مركزه والمعاملة التي يتلقاها داخل المؤسسة .
الاتفاقية الجماعية تسمح بمعالجة الوضع اللامتكافئ بين طرفي الشغل [المؤاجر / الأجير] حيث يفرض المؤاجر شروط العمل على الثاني حيث يستأثر بتنظيم علاقة مع أجرائه على النحو الذي يحقق مصالحه، وبالتالي يؤدى إلى تحكمه والإضرار بحقوق ومصالح الأجراء الذين لا دخل لهم في إعداد بنود عقد الشغل، ومن أجل تفادي هذا الوضع اللامتكافئ فالاتفاقية الجماعية تسمح بإتاحة الفرصة للاجراء للتفاوض ومناقشة شروط الشغل مع مؤاجرهم من موقع الند للند في إطار تجمعات نقابية تتولى منافسة شروط الشغل نيابة عنهم وعلى قدم المساواة مع مؤاجر هم، وهكذا أعطيت الأولوية للإطار التفاوضي واعتبر القانون الاتفاقي وسيلة لتعديل التشريع الاجتماعي، فما هي الاتفاقية الجماعية على المستوى الاقتصادي ؟
الفقرة 3 : أهمية الاتفاقية الجماعية على المستوى الاقتصادي .
بالإضافة إلى المستويين السابقين للاتفاقية الجماعية بقي المستوى الاقتصادي حيث تحتل الاتفاقية الجماعية في ظله أهمية لا تقل عن المستويين السابقين وذلك من خلال بلورة مجموعة من المزايا الإقتصادية لطرفي الشغل من خلال توحيد شروط الشغل التي تطبيق على الإجراء وعلى المؤاجرين مما يؤدي إلى خلق أسس عادلة للمنافسة.
الاتفاقية الجماعية تقوم بدور مهم وهذا ما دلت عليه التجربة في الاقتصاديات المتقدمة التي تتميز بثبات العلاقات الشغلية عكس الاقتصاديات التي لا تزال في طور النمو بعدم ثبات هذه العلاقات نتيجة تخلف الحوار والمفاوضة الجماعية فيها. واعتمادها شبه الكلي على قواعد التشريع العاجزة على مواكبة تطورات الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
كما أن الاتفاقية الجماعية تساعد على الربط بين قانون الشغل وبين التطور الاقتصادي ذلك أن التشريعات المقارنة ومنها التشريع المغربي يسمح للأطراف بتكيف مضمون الاتفاقية تبعا لتطور الحالة الاقتصادية للمؤسسة أو الصناعة أو القطاع المعني وبالتالي الربط بين ما تحققه مؤسسة ما أو قطاع اقتصادي معين وما يحق للأجراء الحصول على نتيجة لتطور الحالة الاقتصادية يعني هناك علاقة جدلية بين حجم هذه المزايا مع درجة تطور الحالة الاقتصادية للمؤسسة أو القطاع الاقتصادي المرتبط بالاتفاقية.
تتميز الاتفاقية الجماعية كذلك بالقدرة عن المواءمة بين ما تحمله من شروط الشغل من أعباء اقتصادية وبين ما يمكن لأي منها [مؤسسة / صناعية] تحمله بالفعل من أعباء( ).
هكذا يتضح أن الاتفاقية الجماعية خلقت أساسا عادلا للمنافسة سواء بالنسبة للإجراء أو بالنسبة للمؤاجرين، وفيما يخص الأجراء عملت الاتفاقية الجماعية على توحيد ظروف الشغل على جميع الإجراء المؤسسة أو الصناعة المرتبطة بها أما فيما يتعلق بالمؤاجرين فالاتفاقية الجماعية أدت إلى تخفيض حدة المنافسة فيما بينهم من خلال المساواة في تحمل الأعباء الاجتماعية للمشروع بحيث في حالة مخالفة قواعد وشروط الاتفاقية الجماعية يكون من حق الطرف المتضرر اللجوء إلى الجهة المختصة للمطالبة بالتقيد بشروط الاتفاقية الجماعية أو المطالبة بالتعويض عن الضرر.
هذه هي أهم ما يميز الاتفاقية الجماعية في مستوياتها الثلاث : [الاقتصادية ، القانونية ، الاجتماعية]، فماذا عن إبرام الاتفاقية الجماعية وشروطها الشكلية والموضوعية ؟ هذا ما سنتناوله في المبحث الثاني.
المبحث 2 : إبرام الاتفاقية الجماعية .
إذا كانت الاتفاقية الجماعية كما سبق الإشارة إلى ذلك وسيلة لحكم وضبط علاقات الشغل يخضع لتنظيم قانوني تحاول التشريعات المقارنة من خلاله التوفيق بين مصالح كل عنصر الإنتاج، فإن هذا التنظيم لا ينفي كونها من حيث إبرامها مجرد تصرف قانوني، ومن تم فإنها تخضع للقواعد العامة التي تحكم صحة وانعقاد العقود، بالإضافة إلى ما تتطلبه الضوابط القانونية من شروط خاصة( ).
إن كثيرا من المقتضيات المنظمة للاتفاقية الجماعية تقربها من اعتبارها نظاما قانونيا وذلك بسبب تعدد مجالات تدخل المشرع بمقتضيات آمرة سواء في طريقة إبرامها أو تحديد محتوياتها ونطاقها وخاصة على مستوى تعميمها على أجراء نفس المهنة بشروط معينة ( ) .
وانطلاقا من ظهير 17 أبريل 1957 يتضح أنه لإبرام الاتفاقية الجماعية لابد من توفر الشروط الموضوعية الواجب توافرها في الإبرام من حيث اطرافها وموضوعها ومدتها، تتطلب هذه المقتضيات أيضا توفر الشروط الشكلية من كتابة وإشهار، والمشرع اشترط حتى تحيط الاتفاقية الجماعية بمجموعة من الضمانات، وذلك درءا للمنازعات التي يمكن أن تحصل في المستقبل فما هي هذه الشروط ؟ وهذا ما سنتطرق إليه في مطلبين : الأول متعلق بالشروط الموضوعية والمطلب الثاني متعلق بالشروط الشكلية.
المطلب 1 : الشروط الموضوعية لإبرام الاتفاقية الجماعية.
لإبرام الاتفاقية الجماعية لابد من توفر مجموعة من الشروط التي تنقسم إلى قسمين [موضوعية، شكلية] وهي شروط يتطلبها التشريع، تتعلق بالرضى تم الأطراف ثم النطاق ثم المحتويات. هكذا سنتناول كل شرط على حدة.
الفقرة 1 : الرضى وصحته.
تنص مقتضيات الفصل الأول من ظهير 17 أبريل 1957 على أن الاتفاقية الجماعية عقد كتابي وبالتالي فإنها تخضع في إبرامها لذات القواعد التي تخضع لها بقية العقود، هكذا يتعين أن تتوافر في إبرامها نفس الأركان والشروط التي يتطلبها قانون الالتزامات والعقود من رضى محل وسبب ( ) بالإضافة إلى شروط صحة الرضى من أهلية ( ) [أهلية الأداء].
عقد الشغل من العقود الرضائية : التقاء ارادتين سليمتين حرتين حيث ألغت المدونة نظام التسخير ( ) في المادة 10 [يمنع تسخير الإجراء لأداء الشغل قهرا أو جبرا.
ينص الفقرة 1 : من المادة 15 من المدونة [تتوقف صحة عقد الشغل على الشروط المتعلقة بتراضي الطرفين وبأهليتهما للتعاقد وبمحل العقد وسببه، كما حددها قانون الالتزامات والعقود.]
كشرط من شروط صحة الرضى تختلف الأهلية وأحكامها في مجال الشغل عنه في قانون الالتزامات والعقود. وهكذا لا يعتبر أهلا لإبرام عقد الشغل إلا من بلغ 15 سنة وهذا ما نصت عليه المادة 143 من المدونة ، والهدف من رفع سن التشغيل هو استكمال الدراسة بعد ما كان السن هو 12 سنة، وقد صادق المغرب على الاتفاقية الدولية رقم 138 إلى تؤكد ضرورة اعتماد سن أدنى للتشغيل لا يقل عن 15 سنة. وانطلاقا من هذا يتضح أن المدونة جاءت بتدابير أكثر حمائية للأجير الحدث قياسيا مع ظهير 17- أبريل 1957 وقد قررت المدونة أقصى جزاء : غرامة تتراوح ما بين 25.000 و30.000 في حالة مخالفة المادة 143 من المدونة وهو أعلى مبلغ مقرر في المدونة ، وهذا الجزاء مقرر في حق المخالفين للسن القانوني للتشغيل، فإذا أبرام قاصر عقد شغل سواء فردي أو جماعي اعتبر باطلا. أما إذا ابرم العقد النائب الشرعي للحدث القاصر [الأجير] فيخضع لأحكام الأهلية المحددة في قانون الالتزامات والعقود. وهذا ما نصت عليه المادة 15 من المدونة( ) .
الفقرة 2 : أطراف الاتفاقية الجماعية .
يعتبر أطراف الاتفاقية الجماعية من الشروط الموضوعية الواجب توفرها في كل اتفاقية وينقسم الأطراف إلى نوعين .أطراف اصليون[ وهم الأطراف الذين يكونون أطراف أصلية في الاتفاقية] ثم الأطراف المنضمون وهم الأطراف المنظمة إلى الاتفاقية الجماعية بعد إبرامها.
أ-الأطراف الاصليون: هم الأشخاص الطبيعيون أو المعنويون الذين ابرموا الاتفاقية الجماعية أي المؤاجرين أو الهيئات الممثلة لهم وكذلك الإجراء من خلال منظماتهم النقابية .
التشريعات المقارنة ومنها التشريع المغربي لا يسمح بإبرام الاتفاقية الجماعية من طرف الإجراء أنفسهم مهما بلغ عددهم عكس المؤاجر الذي يمكن أن يكون واحدا أو أكثر أو منظمة نقابية أو هيئة ممثلة لهم ويشترط فيه أن يكون ممن يشغلون إجراء ينتمون إلى منظمة نقابية ، وكذلك الأمر بالنسبة للأجراء يشترط أن يجمعهم تنظيم نقابي يتولى عنهم المفاوضات الجماعية وإبرم الاتفاقية الجماعية. أما في الحالة التي لا يوجد في المؤسسة أي تنظيم نقابي للمهنة وأبرم الأجراء اتفاقا لتنظيم الشغل مع مؤاجرهم فإن هذا الإتفاق لا تعطي له صفة اتفاقية جماعية ولا يتمتع بما تتمتع به هذه الأخيرة من حماية قانونية وان كان هذا لا يمنع من تطبيق القواعد العامة في الالتزامات على مثل هذا الاتفاق.
تحتكر النقابة ( ) حق إبرام الاتفاقية الجماعية باعتبارها الأجدر على التفاوض بشأن محتوياتها ، وتتعاقد النقابة باسم المجموعة العمالية إما بناءا على القانون الأساسي للنقابة وإما بقرار خاص لها وإذا أبرمت الاتفاقية خارج أحد هذين الإجماليين فلا تعتبر صحيحة إلا إذا تمت الموافقة عليها من جانب الطرف الأخر: المشغل أو المشغلون المعنيون عبر مداولات خاصة وهذا ما نصت عليه المادة 108 من المدونة.
وإذا كان المشرع المغربي يشترط إبرام الاتفاقية الجماعية من خلال النقابة نيابة عن الأجراء ، فإنه لا يوجد ما يمنع من تعدد نقابات الأجراء التي تكون طرفا في الاتفاقية الجماعية، شرط أن تكون هذه النقابات ممثلة لمهنة واحدة أو مرتبطة أو متشابهة فاختلاف المهن يؤدي إلى اختلاف المصالح الذي ينعكس على مضمن الاتفاقية من خلال تضمينه شروط متباينة خاصة بكل مهنة.
المدونة حسمت النزاع عندما وفرت الحكم المناسب في حالة تعدد النقابات حيث حصرت حق إبرام الاتفاقية الجماعية على النقابة الأكثر تمثيلا ( ) إلا أنها لم توفر الحكم في الحالة التي لا توجد بها أية نقابة أصلا بمقاولة ما يرغب فرقاؤها في إبرام الاتفاقية الجماعية عكس التشريعات المقارنة ومنها التشريع الفرنسي والتي سمحت لمندوب الإجراء بحق إبرام الاتفاقية الجماعية بعد حصوله على تفويض نقابي.
إذا كان التشريع المغربي على غرار غيره من التشريعات المقارنة ينيط بالنقابات العمالية المهنية مهمة إبرام الاتفاقية الجماعية كطرق اصلي عن الأجراء، فإن ذلك يترتب عنه صيرورة المفاوضات الجماعية سواء مع المؤاجرين أو ممثليهم أو مع السلطة الحكومية كمشغل .
ب-الأطراف المنضمون : هم الأشخاص الذين ينضمون إلى الاتفاقية الجماعية بعد إبرامها . وقد أجاز المشرع المغربي على غرار التشريعات المقارنة لغير المتعاقدين من المؤاجرين أو هيئاتهم أو منظماتهم النقابية ومن النقابات المهنية العمالية، الانضمام إلى الاتفاقية دون حاجة إلى موافقة الأطراف المتعاقدين الأصليين، وهذا ما نصت عليه مقتضيات الفصل 11 من ظهير 1957، وذلك بعد إخطار الطرفين المتعاقدين وكتابة ضبط المحكمة الابتدائية المودعة لديها الاتفاقية الجماعية وكذلك وزارة التشغيل بموجب إشعار مع التوصل، ولا يصبح هذا الإنضمام إليها إلا ابتداء من اليوم الموالي لتبليغ الإخطار به إلى وزارة التشغيل.
المدونة في المادة 110 وهي مادة متطابقة مع مواد المشاريع (98-99) السابقة للمدونة ل[يبلغ .... الانضمام برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل إلى أطراف الاتفاقية الجماعية والى السلطة الحكومية المكلفة بالشغل والى كتابة ضبط المحكمة الابتدائية النافدة بدائرتها الاتفاقية المذكورة]
يشترط في النقابة أو الهيئة التي تريد الانضمام إلى الاتفاقية الجماعية أن تكون ممثلة لمهنة أو صناعة أو مرتبطة أو مشتركة في إنتاج واحد مع النقابة أو النقابات الموقعة ابتداء. لأنه كما سبقت الإشارة. فإن الاختلاف في المهن يؤدي إلى الاختلاف في المصالح ( ) ،عكس المشرع الفرنسي ( ) الذي يسمح لغير الأطراف الأصلية في الاتفاقية الجماعية بالانضمام إليها وذلك بصرف النظر عن النشاط المهني الذي تمارسه الأطراف الراغبة في الانضمام إليها وإن كان المشرع الفرنسي يقرن دلك بموافقة الأطراف الأصلية، بحيث إذا حصل الاتفاق، فإنه يترتب عن ذلك تغير النطاق المهني للاتفاقية الجماعية والهدف من ذلك هو جعل أكبر عدد من الإجراء يستفيدون من مقتضيات الاتفاقية الجماعية إذا كانت أكبر فائدة من عقود شغلهم الفردية ( ).
بعد التطرق للأهلية (التراضي) ثم أطراف الاتفاقية الجماعية بقي لنا أن نتطرق إلى مضمون هذه الاتفاقية الجماعية.
الفقرة 3 :مضمون الاتفاقية الجماعية .
مضمون الاتفاقية الجماعية هو المواضيع التي تتناولها الاتفاقية بالتنظيم ، والالتزامات التي يتعهد بها كل من الفريقين تجاه الأخر وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل الأول من ظهير 1957. بموجب هذا الظهير ترك المشرع المغربي للأطراف الاتفاقية الجماعية حرية تحديد مضمون الاتفاقية الجماعية وهو مضمون واسع يتضمن الأحكام المتعلقة بالشغل والأجور وأداء الشغل وفسخ عقد الشغل، بالإضافة إلى الأحكام المتعلقة بالصحة داخل المؤسسة وترقية الأجراء والإجراءات المتعلقة بحل الخلافات سواء تعلق الأمر بالإضراب أو الإعفاء الجماعي للأجراء أو الإغلاق المؤقت، وبالتالي فمضمونها متروك للأفراد . دون الإشارة إلى وجوب تضمينها لأية مواضيع محددة ، حيث يجوز لهم تضمينها ماشاؤا من الأحكام لذلك يلاحظ اختلاف أحكام وشروط الاتفاقيات الجماعية تختلف من اتفاقية إلى أخرى وتتنوع حسب ما تسفر عنه المفاوضات شرط التقيد ببعض الضوابط والمتمثلة في القيود التي ترد على حرية الأفراد ، فهذه الحرية ليست مطلقة تتمثل أساسا في عدم مخالفة القواعد القانونية المنظمة لعلاقات الشغل إذ يرتب البطلان كل شرط أو بند في الاتفاقيات الجماعية يخالف حكمها من الأحكام المشكلة قانون الشغل أو يقيد من نطاقه، ما لم تكن المخالفة لصالح الأجير أي أكثر فائدة من القاعدة القانونية فالعبرة في تقدير ما إذا كانت أكثر فائدة هي بالنظر إلى كل جزئية على حدة فإذا كانت معظمها أكثر فائدة ولكنها في جزء منها أقل فائدة وقع الشق الأخير لوحده باطلا وبقيت الإتقاقية الجماعية ببنودها وشروطها نافدة.
يرى الأستاذ عبد اللطيف الخالفي ( ) مع بعض الفقه إن تحديد ما إذا كانت شروط وبنود الاتفاقية الجماعية أكثر فائدة من قواعد القانون مسألة موضوعية يفصل فيها القاضي وفقا لظروف الحال ملتزما معيارا موضوعيا يستمده من الحكمة التي قصدها المشرع من وضع القاعدة القانونية التي خالفتها شروط الاتفاقية الجماعية دون نظر إلى رأي الأجراء أو مصلحتهم الشخصية .
أما مدونة الشغل واهتداءا بملاحظات خبراء المكتب الدولي للتشغيل وبما تتضمنه من موضوعات الاتفاقية النموذجية الاطارية المنبثقة عن المجلس الأعلى للاتفاقيات الجماعية إلى جرد محتويات معينة على سبيل المثال يجب أن تتضمنها كل اتفاقية جماعية للتشغيل خاصة [بعد صمت تشريع الشغل عن ذلك] وهذا ما نصت عليه المادة 105 من المدونة :
«تتضمن اتفاقية الشغل الجماعية الأحكام المتعلقة بعلاقات الشغل ولاسيما:
1-عناصر الأجر المضيف على فئة من الفئات المهنية وهي :
أ-المعاملات التسلسلية المتعلقة بمختلف المستويات والمؤهلات المهنية وتطبق هذه المعاملات على أساس الحد الأدنى لأجر الأجير الذي لا يتوفر على مؤهلاته قصد تحديد الحد الأدنى لأجور باقي فئات الأجراء حسب مؤهلاتهم المهنية.
ب-كيفيات تطبيق المبدأ الذي يعتبر أن المساواة في قيمة الشغل تقضي المساواة في الأجر، وذلك فيما يخص الإجراءات المتبعة لتسوية الصعوبات التي قد تنشأ في هذا الشأن.
2-العناصر الأساسية التي ستساعد على تحديد مستويات المؤهلات المهنية وخاصة منها البيانات المتعلقة بالشهادات المهنية أو بغيرها من الشهادات .
3-شروط وأنماط تشغيل الأجراء وفصلهم، على ألا تنطوي الأحكام المقررة في هذا الشأن على ما يمس حرية الأجير، من اختيار النقابة الذي يرغب في الانتماء إليها.
4- الأحكام المتعلقة بإجراءات مراجعة اتفاقية الشغل الجماعية وتعديلها، وإلغائها كلا أو بعضا.
5-الإجراءات المتفق عليها بين الطرفين لتسوية نزاعات الشغل الفردية والجماعية، التي قد تحدث بين المشغلين والأجراء المرتبطين بالاتفاقية .
6-تنظيم تكوين مستمر لفائدة الأجراء يهدف إلى تحقيق ترقيتهم الاجتماعية والمهنية ، والى تحسين معارفهم العامة والمهنية وملاءمتها مع التطورات التكنولوجية.
7- التعويضات.
8- التغطية الاجتماعية
9- الصحة والسلامة المهنية.
10- ظروف الشغل والتشغيل
11- التسهيلات النقابية
12- الشؤون الاجتماعية
من خلال هذه المادة يتضح موقف المدونة الجديدة والإيجابي الذي سجل لاول مرة في النظام القانوني للاتفاقيات الجماعية، إلا انه رغم ذلك فالمدونة غيبت لائحة الكثير من المواضيع الهامة وان أخذت ببعضها بنوع من الخجل مثل التسهيلات النقابية عوض ممارسة العمل النقابي وإغفال بعضها مثل تنظيم الجانب التأديبي الأجراء، كما أن مضمون الاتفاقية الجماعية لا يجب أن يخالف المقتضيات القانونية الآمرة وعدم النزول عن مكتسبات مقررة قانونا مثل الاختصاص النوعي للمحاكم / الزيادة في مدة الشغل / تخفيض آجال الإخطار / ألا تنزل عن الضمانات المقررة في الاتفاقية الجماعية إلا أنها مقتضيات صحيحة إذا تم تكريس ضمانات أقوى مما عليه الحال في الاتفاقية الجماعية والعكس صحيح في حالة التعارض بين محتويات عقد الشغل الفردي والاتفاقيات الجماعية. فالأمر يحسم دائما لفائدة الأفضل للأجير.
هكذا يتضح أن المدونة جاءت بضمانات أكثر حمائية تخدم مصلحة الأجير وإلا لما كان للاتفاقية الجماعية أي معنى، على اعتبار أن الأجير هو الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية حيث أنها قدمت مصلحته أينما وجدت، وهذا ما كرسه نص المادة 113 من المدونة في فقرتها الثانية.
لذا فالفقه يطالب بالعمل على بلورة اتفاقية جماعية نموذجية اطارية تكون مرجعية للإستنئاس للعازمين على إبرام الاتفاقية الجماعية التي سيوكل لمجلس المفاوضة الجماعية الذي أقرته المدونة لتعرض المجلس الأعلى الاتفاقيات الجماعية.
بعد التطرق إلى العناصر السالف ذكرها لابد من الحديث عن الشروط الشكلية التي قررها المشرع بالإضافة إلى الشروط الموضوعية السابق ذكرها .
التعليقات على الموضوع