أهمية التعاون اللامركزي في افق تحقيق تنمية مستدامة ومندمجة
مقدمة:
يشكل مفهوم التعاون اللامركزي إحدى الدعامات الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بين مختلف الجماعات الترابية سواء في شقه الداخلي أو الخارجي، حيث يروم إلى تعزيز روابط الشراكة والتبادل والتعاون بين الجماعات المحلية ونظيرتها خارج ارض الوطن أو داخله.
ويعتبر التعاون اللامركزي من بين أهم ملامح التحولات التي عرتها اللامركزية بالمغرب، وقنطرة عبور نحو تخفيف العبء عن الدولة التي أصبحت تتراجع عن أداء وظائفها الاجتماعية والاقتصادية، وفتح المجال أمام المقاولات، واقتصاد السوق والفعلين الاقتصاديين... نظرا للعجز المالي الذي أصبح يواجه الدولة وبعض جماعاتها الترابية، وضعف خبراتها في مجال التدبير والتسيير، لدى تم اللجوء إلى التعاون كآلية لتنمية قدرات الجماعات الترابية عن طريق الاستفادة من الخبرات الأجنبية والمحلية.
وعليه فالتعاون اللامركزي في معناه العام" يقصد به جميع أشكال التعاون والشراكة والتبادل التي تقوم بها الجماعات المحلية فيما بينها أو مع الشركاء الاقتصاديين أو الاجتماعين الخاضعين للقانون العام أو القانون الخاص أو مع الجماعات الترابية الأجنبية غير الحكومية المهتمة بالشؤون المحلية"
انطلاقا من هذا التعريف يتبين أن التعاون يتضمن شقين الأول داخلي وهو نوع من التضامن يتم بين جماعة ترابية على المستوى الداخلي ويأخذ أشكالا متنوعة كمجموعة الجماعات المحلية أو من خلال شركات الاقتصاد المختلط أو اتفاقيات التعاون والشراكة، ويعتبر هذا النوع من التعاون –التعون الداخلي- ميزة أساسية لتحقيق التضامن بين مختلف الجماعات الترابية، إذ بهده الآلية يمكن للجماعات المحلية الغنية أن تتضامن مع نظيرتها الفقيرة لتحقيق التكامل الاقتصادي والاندماج الاجتماعي، أما الشق الثاني فهو المتعلق بالتعاون الخارجي أي "تعاون اللامركزي دولي" الذي يعبر عن مجموعة من العلاقات والأنشطة التي تقيمها الجماعات الترابية مع جماعة أخرى أجنبية، ويتخذ هذا الشكل من التعاون عدة أشكال كاتفاقيات التوأمة والشراكة والانضمام للمنظمات الدولية المهتمة بالشأن المحلي.
وسواء تعلق الأمر بالتعاون الداخلي أو الخارجي، فقد عمل المشرع المغربي على تنظيمه من خلال قانون رقم 78.00 كما وقع تغييره وتتميمه بقانون رقم 17.08 المؤرخ ب18 فبراير 2009 والمتعلق بالميثاق الجماعي .
ومن جهة أخرى تجدر الإشارة إلى أن التعاون اللامركزي يختلف في جوهره عن اتفاقيات التوأمة، فإذا كان لهذه الأخيرة بعد رمزي برتوكولي، فان التعاون اللامركزي هو تفاق أو تعاقد تنتج عنه التزامات بالنسبة للطرفين، رغم أن اتفاقيات التوأمة كان لها تأثير كبير في بلورة وتوطيد مفهوم التعاون اللامركزي، كما أن المشرع المغربي يميز بين التعاون الللامركزي والتوأمة والانخراط والمشاركة في أنشطة المنظمات المهتمة بالشؤون المحلية، باعتبار كل واحدة منها له شكل من أشكال التبادل التي يمكن أن تربط الجماعات المغربية مع إحدى أو مجموعة من الجماعات الترابية الأجنبية، وفي ذات السياق يمكن القول أن هذا النمط من التعاون –التعاون اللامركزي- "أصبح اليوم يؤخذ أشكالا ومستويات مختلفة، إذ أن نشاط الوحدات الترابية على الصعيد الدولي أصبح من الوسائل المفضلة في إقرار الحكامة واحترام حقوق الإنسان على المستوى العالمي إضافة إلى كونه نشاطا يهدف إلى المساعدة على تحقيق التنمية عوض المساعدة والصداقة."
إن الحديث عن التعاون اللامركزي لا يمكن فصله عن نظام اللامركزية سواء كانت إدارية أو سياسية، إذ يستمد التعاون اللامركزي معناه من هذه الأخير –اللامركزية- كمحدد أساسي لإطراف التعاون اللامركزي الذي يجب أن تكون أطرافه وحدات لامركزية عمومية وترابية، لتجاوز اكراهات التنظيم والتدبير الإداري المركزي.
والى جانب مفهوم التعاون اللامركزي نجد مصطلح الحكامة الذي يحمل هو الأخر مجموعة من الدلالات والمعاني؛ فمفهوم الحكامة يعتبر الأكثر جدلا وتداولا في آن واحد، فهو من المفاهيم القديمة على اعتبار أن المجتمعات القديمة قد عرفتها –الحكامة- دون تسميتها، والأكيد أنها نتاج للثقافة السائدة في مجتمع ما وفقا لخصوصيته
وعليه فتعريف الحكامة قد يختلف حسب خصوصية كل مجتمع، وحسب كل مرجعية أو أيديولوجية " حيث يعكس مصطلح الحكامة الإطار المرجعي الكلي أو مصدر ومرجع المسلمات المعرفية والفلسفية لسياسة أو توجه ما، ومن تم فانه لا يمكن تصور أي شخص عندما يذكر أمامه مصطلح "الحكامة" سوف يتعرف على المعنى المراد -به مباشرة- باعتباره سيتحدث عن الدولة والمجتمع، والفاعلين الأساسين بدلالات سالفة البيان، وبالإضافة إلى ذلك فان مصطلح الحكامة في حد ذاته يحمل صبغة دينية وتاريخية قد تجعل الباحثين في هذا المجال يتوقعون الحديث عن التصور الإسلامي للحكم والدولة..
ومن حيث التأصيل المفاهيمي للحكامة فان كل من المدرستين الفرنسة والانجلوسكسونية نسبتا إليهما هذا المصطلح، علما أن للحكامة أصل يوناني "kuberma" ثم انتقلت الكلمة إلى اللغة اللاتينية تحت لفظ "gubermace "، لتستعمل في اللغة الفرنسية القديمة للدلالة على الفن أو طريقة الحكم، على أنها انتقلت فيما بعد للاستعمال في اللغة الانجليزية.
أما في اللغة العربية، فالاشتقاق اللغوي لمصطلح الحكامة في قواميس اللغة العربية لم يسفر على أية نتيجة، ذلك أن هذه الكلمة –الحكامة- دخيلة الاستعمال في اللغة العربية، فهي ترجمة للكلمة الفرنسية"Governance" وعليه فالتعاطي العربي مع الكلمة فرض نوعا من التوسع الاشتقاقي للفظ الحكمانية، التي تعني إدارة الحكم، إدارة المجتمع، الحكم، الحكامة، إدارة شؤون الدولة، الحكم الرشيد، التدبير الجيد للشأن العام...
وقد تم استعمال مصطلح الحكامة من قبل العديد من المؤسسات الدولة والجهوية، حيث اعتبرها البنك الدولي سنة 1981 على أنها "أسلوب لممارسة السلطة في تدبير الموارد الاقتصادية والاجتماعية للبلاد من اجل التنمية” ، وقد جاء استعمال البنك الدولي آنذاك لمفهوم الحكامة في إطار تأكيده على أن أزمة التنمية في إفريقيا هي أزمة حكامة بالدرجة الأولى بسبب فساد النظم السياسية وضعف التسيير والتخطيط، و يعرفها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأنها “نسق جديد من العلاقات والمساطر والمؤسسات التي تتمفصل بها مصالح المجموعات والأفراد، وتمارس الحقوق والواجبات، وتفك الخلافات والنزاعات، التي تقوم على تذويب التراتبية وتشجيع التشارك بين المسيرين والمساهمين وحسن التنظيم وتوزيع المسؤوليات وصقل القدرات ودعم التواصل داخليا وخارجيا.
وفي تعريف أخر للجنة الحكامة العالمية جاء فيه على أن الحكامة هي "مجموعة الطرق التي تدبر بها المؤسسات العمومية والخصوصية قضاياها"
انطلاقا مما سبق يمكن تعريف الحكامة بشكل عام "على أنها الإطار العام لإعادة تحديد الأنماط الجديدة لأسلوب الحكم والتدبير، من خلال إعادة تحديد العلاقة بين السياسي و الاقتصادي، السياسي والاجتماعي، الخاص والعام، بين الدولة وشركاءها المحليون والدوليون .
والجدير بالإشارة أن مصطلح الحكامة تفرع بشكل كبير مما أسفر عن مجموعة من المفاهيم المجاورة له، فأصبحنا نتحدث عن الحكامة العالمية، والحكامة المحلية، والحكامة المالية، والحكامة الإدارية...
وتكمن أهمية الموضوع في استجلاء العلاقة بين التعاون اللامركزي والحكامة، حيث إن الحكامة كآلية لعقلنت تدبير الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية والدولة من شانها أن تساهم في الرفع من القدرات التنافسية للجماعات المحلية، من خلال تدعيم آليات المشاركة، والشفافية، وإشراك فعاليات المجتمع المدني في صنع القرار؛ لكن هذا لن يتحقق دون وجود "قيادات سياسية منتخبة واطر إدارية كفأة لتحسين نوعية حياة المواطنين وتحقيق رفاهيتهم" كما أن هذه الآليات قد تساعد الجماعات الترابية للانفتاح على محيطها الداخلي والخارجي عن طريق إبرام اتفاقيات وشراكات بين مختلف الجماعات المحلية الأخرى، مما سيؤدى لا محالة إلى تجاوز مجموعة من الصعوبات سواء كانت ذات طابع مادي أو تقني.
من هنا تبرز العلاقة بين مفهوم الحكامة والتعاون اللامركزي، على اعتبار أن الأول يؤثر في الثاني والعكس.
فستحضار مفهوم الحكامة في علاقته مع التعاون اللامركزي سيمكن إخراج الجماعات المحلية من أزمتها ومشاكلها المختلفة، ووسيلة لمعالجة صلابة أنماط الفعل الإداري المحلي من خلال التجديد على مستوى القيادات لتحقيق أقصى مردودية، باستعمال بعض التقنيات كالتدبير بالأهداف وكذا التدبير بالنتائج، هذا إلى جانب اعتماد التعاون بشقيه(المحلي واللامركزي) للاستفادة من تجارب الجماعات المحلية للدول المتقدمة عن طريق نقل المهارات والمعارف والتكنولوجيا، كما أن البحث عن أفاق جديدة لتمويل تجهيز البنى التحتية للجماعات المحلية –خصوصا القروية- قد يأتي من خلال بوابة التعاون اللامركزي، إذا ما قررت هذه الأخيرة الانفتاح على محيطها واختيار شركائها بعناية.
إن الحديث عن الحكامة والتعاون اللامركزي يبقي الغرض منه هو تحيق التنمية على الصعيدين المحلي والوطني، لكن هذا الهدف المنشود لا يمكن بلوغه دون توفير ميكانزمات للعمل تأخذ بعين الاعتبار تحسين العلاقات التحتية بين المجتمع المحلي، والنخبة السياسية على الصعيد المركزي، أي العمل على تحفيز العلاقات القاعدية حتى تنعكس على المستوى الفوقي خدمتا للقضايا الوطنية والمحلية.
من هنا تأتي أهمية الموضوع، وهكذا يمكن التساؤل حول كيفية استغلال التعاون اللامركزي كدعامة للكحامة، -ومن يدعم من- هل الكامة هي التي تدعم التعاون اللامركزي؟ أم العكس، بعبارة أخرى هل يمكن للتعاون اللامركزي أن يدعم الحكامة المحلية؛ أم أن هذه الأخيرة هي التي تدعم التعاون اللامركزي.
انطلاقا من هذه الإشكالية المحورية سنحاول مناقشة موضوع التعاون اللامركزي والحكامة أية علاقة، من خلال محورين نخصص الأول منهما لدراسة آليات التعاون اللامركزي كدعامة للحكامة المحلية، والثاني ندرس من خلاله دور الحكامة المحلية في تعزيز اللجوء إلى التعاون اللامركزي.
المبحث الأول: آليات التعاون اللامركزي كدعامة للحكامة المحلة.
المبحث الثاني: دور الحكامة الجيدة في تعزيز اللجوء إلى التعاون اللامركزي.
البحث الأول: آليات التعاون اللامركزي كدعامة للحكامة المحلة.
يلعب التعاون في شقه الدولي دورا حيويا في تقوية التعاون وتوسيع أفاقه، حيث أن هذا التعاون لا ينحصر فقط في المساعدات المالية والاقتصادية بل تظهر أهميه بشكل بارز في نقل الخبرات والمعارف والمهارات في الجوانب الإدارية والتكنولوجية مما يفتح الباب أمام الجماعات المحلية للاستفادة من تجارب البلدان المتقدمة.
ووعيا بهذه الإمكانية ومدى انعكاساتها على الواقع المحلي، عملت الجماعات المحلية بالمغرب على الانخراط في المنظمات الدولية والجهوية، وتوقيع اتفاقيات شراكة ثنائية كآلية لدعم الحكامة المحلية والاستفادة من الامتيازات التقنية والمالية التي توفرها هذه المنظمات التي تهتم بالشأن المحلي للمدن المنخرط بها.
والملاحظ أن هذه العلاقات قد تأخذ بعدا ثنائيا، أو بعدا متعدد الأطراف، ففي الحالة الأولى نجد أن هذا التعاون ينحصر في بلدين بغية تحقيق أهداف مشتركة، وفي هذا الإطار تم توقيع اتفاقية بين المغرب وفرنسا تحت اسم "الآلية المشتركة لدعم التعاون اللامركزي المغربي الفرنسي" بتاريخ 27 أبريل 2011، كوسيلة لتقوية قدرات الجماعات الترابية المغربية في ميدان الإشراف على المشاريع وذلك في إطار احترام الاختصاصات والصلاحيات المخولة لها قانونا.(المطلب الثاني)
أما التعاون الدولي متعدد الأطراف يمكن ملامسته من خلال الانخراط في المنظمات الدولية والجهوية التي تعنى بالشأن المحلي.(المطلب الأول)
المطلب الاول: دور المنظمات الدولية والجهوية في ترسيخ اليات الحكامة الجيدة:
يعتبر الانخراط في المنظمات العالمية والجهوية غير الحكومية المهتمة بالشؤون المحلية؛ إحدى الدعامات الأساسية لتقوية قدرات الجماعات المحلية والاستفادة من الإمكانيات التي تتيحها، وتتفرع هذه المنظمات إلى قسمين القسم الأول يضم المنظمات التي تنشط على الصعيد الدولي، نذكر منها الاتحاد العالمي للمدن المتحدة، منظمة المدن الكبرى، الاتحاد الدولي للمدن والسلطات المحلية، والجمعية الدولية للمدن الجديدة...
أما القسم الثاني فيضم المنظمات ذات البعد الإقليمي آو الجهوي التي تشمل على الخصوص الدول التي تجمع بينها نقاط مشتركة كالعرق واللغة، وكمثال على ذلك منظمة المدن العربية، واتحاد المدن الإفريقية...
ويبقي الغرض من هذه المنظمات تحقيق التكامل والتعاون بين مختلف الدول المنتمية إليها.
الفقرة الاولى: المنظمات الدولية للتعاون اللامركزي:
تكتسي المنظمات الدولية للتعاون اللامركزي دورا مهما في تنمية الجماعات المحلية والرفع من قدراتها التنافسية وترسخ حكامة محلية، ويعد الاتحاد العالمي للمدن المتحدة من أهم هذه المنظمات لكونه يضم في عضويته اغلب مدن العالم مما سمح له أن يكون أهم الفاعلين في الشأن المحلي على الصعيد الدولي، وقد تم تأسيس الاتحاد الدولي للمدن المتحدة سنة 1957 بفرنسا حيث يهدف إلى:
_ تقوية التعاون المباشر بين أعضائه وتوسيع نطاقه.
_ تحقيق المساواة بين أعضائه.
_ تبادل الخبرات والتجارب.
_ توطيد أواصر التقارب بتامين اللقاءات بين أعضائه.
والملاحظ أن الجماعات الترابية بالمعرب انخرطت بكثافة بهذا الاتحاد، وفي هذا الإطار استفادة الجماعة الحضرية لكل من مدينتي مراكش والقنيطرة من الامتيازات التي تقدمها هذه المنظمة، نذكر منها بالأساس تلك الامتيازات التي تروم إلى تبادل الخبرات والتجارب المرتبطة بالتسيير والتدبر اليومي للجماعة الحلية خصوصا في المجال المتعلق بحوكمة المجال المحلي.
والى جانب الاتحاد العالمي للمدن المتحدة، نجد منظمة المدن والحكومات المحلية التي انبثقت عن المنظمة العالمية للمدن المتحدة وعن الإتحاد الدولي للمدن والسلطات المحلية، وتتمحور أهداف هذه المنظمة في:
_ رفع راية الاستقلالية المحلية الديمقراطية والدفاع عنها، وذلك من خلال التعاون بين الحكومات المحليّة من خلال تعزيز مكانة هذه الحكومات في نطاق الحوكمة العالمية.
_تنمية قدرات أعضائها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، إذ تعمل المنظمة جاهدة على تحقيق هذه الأهداف من خلال الحث على التدريب وعلى خدمة السكان، والتشجيع على اعتماد مبادىء الحوكمة، وعلى مكافحة الإقصاء الإجتماعي والتمييز على أساس العرق والجنس.
_جمع أعضائها في شبكة والسهر على وحدة هذه الشبكة وتعاونها.
_تعزيز دور الحكومات المحليّة على الساحة الدولية، حيث، تسعى المنظمة إلى وضع الحكومات المحلية في صلب التعاون اللامركزي وذلك من خلال فرض نفسها وأعضائها كأفضل المحاورين العالميّين على صعيد الشراكات مع الحكومات المحليّة.
إن الغرض من استحضار النموذجين المشار إليهما أعلاه يكمن أساسا في مدى استفادة الجماعات المحلية بالمغرب من الامتيازات التي توفرها خصوصا في مجال الحكامة، " إلا انه رغم العدد الكبير للجماعات المحلية المغربية وخصوصا الحضرية منها المنتمية لهذه المنظمات وغيرها من المنظمات الدولية، فان مشاركتها تبقي باهتة من حيث الاستفادة التي جنتها هذه الجماعات من الانخراط" ، وهذا ما يمكن ملامسته من خلال أعمال المؤتمر الخامس لمنظمة التعاون الدولي للمدن المتحدة حيث انه من ضمن 1800 مدينة تمثل مختلف دول العالم، لم تشارك إلا ثلاث وفود عربية ممثلة في سوريا ولبنان والأردن، ومن أهم التوصيات التي خرج بها المؤتمر الخامس لمنظمة الاتحاد العالمي للمدن المتحدة نجد:
_أهمية تبادل الخبرات والتجارب بين مختلف المدن المنتسبة للاتحاد.
_ توفير التدريب اللازم للمدن المحتاجة إليه, والعمل على وضع مخططات إقليمية شاملة لتمكين البلديات من تحقيق برامج التنمية المستدامة.
_ تنفيذ الاتفاقيات التي ستعقد بين المدن والجهات الأخرى ضمن إطار التعاون ودعمها ماديا.
_ مطالبة البلديات بعملية إحصاء لليد العاملة الخبيرة في مجالات الترميم والحرف المحلية، بغية وضع دليل لها يستعان به للاستفادة من هذه الخبرات عند الحاجة من قبل أي بلدية من بلديات الاتحاد.
الفقرة الثانية: المنظمات الاقليمية للتعاون اللامركزي:
عرف حضور الجماعات المحلية المغربية داخل المنظمات الإقليمية او الجهورية المهتمة بالشؤون المحلية تطورا ملموسا، وذلك قصد الاستفادة من المزايا التي تتيحها هذه المنظمات.
وتعد منظمة المدن العربية إحدى أهم المنظمات الإقليمية لكونها تضم في عضويتها أكثر من 92 مدينة مغربية، من بينها ثلاث مدن أعضاء في المكتب الدائم للمنظمة، ومن ضمن الأهداف التي تسعى المنظمة إلى تحقيقها نجد:
_ الحفاظ على هوية المدينة العربية.
_ تعزيز مكانة السلطات المحلية العربية وتشجيع اللامركزية.
_ رفع مستوى الخدمات والمرافق البلدية في المدن العربية.
_ رعاية التعاون وتبادل الخبرات بين المدن العربية.
_ اعتماد أسلوب التخطيط الشامل لتوجيه نشاطات وخدمات المدينة انطلاقا من واقعها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي.
_ العمل على تحقيق التنمية المستدامة في المدن العربية.
_ تنمية وتحديث المؤسسات البلدية والمحلية والعمل على تطوير وتوحيد التشريعات والنظم البلدية.
_ معاونة بلديات المدن الأعضاء على تحقيق مشروعاتها الإنمائية عن طريق مدها بقروض ميسرة.
من جهة أخرى تعتبر منظمة المدن والعواصم الإسلامية، إحدى المؤسسات الجهوية التي تعمل على تشجيع العلاقات بين منخرطيها في العديد من المجالات حيث تهدف إلى توثيق عرى المودة والإخاء والصداقة بين العواصم والمدن الأعضاء، ودعم وتنسيق وتوسيع نطاق التعاون بين العواصم والمدن الأعضاء، بالإضافة الى تعزيز وتطوير برامج بناء القدرات للعواصم والمدن الأعضاء...
إن الغاية من "التعاون اللامركزي الدولي" من خلال الانخراط في المنظمات الدولية والجهوية، هو تفعيل للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية وتكريس مبادئ الحكامة من خلال نقل التجارب والخبرات في هذا المجال، كما يعكس تتمين الروابط بين الجماعات المحلية عبر العالم، لان التعاون الدولي في أمور التنمية والحكامة المحلية يعتبر أكثر واقعية من التعاون الدولي في الأمور ذات الأبعاد السياسية، نظرا لكونه العلاقات الدولية بين الحكومات قد تطغى عليها ظاهرة الصراع الدولي مما يؤثر على مسار تحقيق أهدافها، وبالإضافة إلى ذلك "تشكل هذه المنظمات إحدى القنوات الرئيسية لربط علاقات بهدف جلب الاستثمارات والنهوض بالتنمية، من خلال التفاعل مع مختلف المدن الأعضاء فيها، كما أن الانخراط في المنظمات والجمعيات التي تهتم بالشأن المحلي يعتبر محطة مهمة في طريق تحقيق التقدم على مستوى المجالس المحلية، بتحسين الظروف المعيشية والرفع من مستوى نوعية الحياة في إطار تنمية حضرية مستدامة، نظرا لكون هذه المنظمات تساعد على التعاون في سبيل مواجهة مختلف التحديات التي يفرضها الواقع" .
وتعتبر هذه الآلية جديرة بالاهتمام بالنسبة للجماعات المحلية بالمغرب لما توفره من إمكانيات سواء على مستوى التمويل أو نقل الخبرات والتجارب المفيدة في مجال الحكامة المحلية، ورغم كل المزايا التي توفرها المنظمات الدولية والجهوية يلاحظ غياب الجماعات القروية، أما الجماعات الحضرية المنخرطة فتبقي مشاركتها دون نتائج محسوسة تعود بالفائدة على هاته الجماعات،"إذ تنحصر هذه المشاركة في تبادل الزيارات دون أن ترقي إلى مشاركة تضمن تبادل حقيقي للتجارب والخبرات ورؤوس الأموال لتمويل مشاريع وتجهيزات يصعب على المالية المحلية تنفيذها.
ولتجاوز هذا الوضع عمدت الجماعات المحلية بالمغرب إلى تبنى نمط أخر من التعاون يكمن بصورة خاصة في التعاون الثنائي، وهذا ما سنحاول التطرق إليه من خلال المطلب الثاني مركزين بالأساس على علاقة التعاون الثنائي كآلية لتدعيم الحكامة المحلية.
المطلب الثاني: التعاون الثنائي كالية لدعم الحكامة المحلية:
تنبني فلسفة التعاون الثنائي للجماعات المحلية على تحسين قدراتها والاستفادة من الامتيازات التي تنتج عن هذه الاتفاقيات في مختلف المجالات، ولذلك فالتعاون اللمركزي يشكل إحدى الدعامات الأساسية للرفع من جودة الخدمات ودعم الحكامة المحلية من خلال الانفتاح على المحيط الخارجي، وجلب اكبر قدر ممكن من الخبرات والإمكانيات التي قد تعود بالنفع على الجماعات المحلية بالمغرب خصوصا في مجال الحكامة.
وفي هذا الإطار انخرطت الجماعات الترابية بالمغرب في إبرام اتفاقيات التوأمة، واتفاقيات التعاون والشراكة مع نظيرتها الأجنبية، وتبعا لذلك سنتناول اتفاقيات التعاون والشراكة بحكم أهميتها (أولا)، لننتقل فيما بعد للحديث عن مدى فعالية هذه الاتفاقيات في عدم الحكامة المحلية.
الفقرة الأولى: اتفاقيات التعاون والشراكة:
تعتبر اتفاقيات التعاون والشراكة، مقاربة جديدة تهدف إلى تبادل الخبرات والتجارب في مجال تسير وتدبير الشأن المحلي، حيث أصبحت هذه الاتفاقيات تلعب دورا مركزيا في ترسيخ مبادئ الحكامة المحلية والعالمية.
وفي هدا الصدد اعتبر المشرع المغربيان أعمال التعاون اللامركزي تدخل ضمن الاختصاصات الذاتية للجماعات المحلية، والتي تمارسها في إطار اتخاذ التدابير اللازمة لضمان تنميتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وجعل التعاون اللامركزي آلية من آليات تدبير قضايا الجماعة؛ وفي إطار دعم التعاون اللامركزي الثنائي تم توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية، نذكر منها الاتفاقية الخاصة بالآلية المشتركة لدعم التعاون اللامركزي المغربي الفرنسي بين الجماعات الترابية الفرنسية والمغربية، والتي تهدف إلى تقوية قدرات الجماعات الترابية المغربية في ميدان الإشراف على المشاريع، إذ تضمنت ثلاث محاور أساسية تتجلى في:
1 محور خاص بطلب المشاريع، يهدف إلى المساهمة في تمويل مشترك لمشاريع التعاون اللامركزي التي يتم اختيارها من طرف اللجنة المشتركة لانتقاء المشاريع.
2 محور خاص ببورصة المشاريع، هدفه تمكين الجماعة الترابية المغربية أو أية مجموعة جماعات مغربية من الاستفادة من خبرة الجماعات الترابية الفرنسية قصد إنجاز مشروع معين وذلك في إطار تعاون محدد.
3 محور يتعلق بتبادل الممارسات الجيدة من خلال تنظيم ندوات جهوية ووطنية للتقييم .
إن الغرض من هذه مثل هذه الاتفاقيات، يكمن أساسا في استفادة الجماعات المحلية بالمغرب ومجموعاتها من الدعم المادي واللوجستيكي الذي تتيحه مثل هذه الاتفاقيات خصوصا في مجال الإشراف على المشاريع، بالإضافة إلى نقل الخبرات والتجارب التي تقدمها الجماعات الترابية الفرنسية، ومن أهم الميادين التي احتلت حيزا مهما نجد:
* التخطيط والتنمية المحلية
* المرافق العمومية المحلية
* تثمين الفضاءات العمومية والمآثر التاريخية
* البيئة، السياحة وتهيئة التراب
* التنمية الاقتصادية والإدماج السوسيو-اقتصادي
* تثمين المنتوجات المحلية.
ومن ضمن النماذج التي يمكن العمل عليها -كذاك- في إطار التعاون اللامركزي وعلاقته بالحكامة المحلية، نجد الاتفاقية التي تم إبرامها بين "الجمعية الوطنية للجماعات المحلية بالمغرب والوكالة الأمريكية للتنمية والتعاون"، حيث تمحور الهدف الاستراتيجي لهذه الاتفاقية في "استجابة أفضل للإدارة تجاه تطلعات المواطنين" من خلال إنجاز دراسة وطنية حول الحكامة المحلية لمدة ثلاث سنوات من(2005 إلى 2008)، وتنظيم لقاءات وندوات بهدف تقريب وجهات النضر، وإنشاء موقع الالكتروني للجمعية الوطنية للجماعات المحلية للمغرب، ونشر أدوات ودلائل الحكامة الجيدة، وفي سبيل تحقيق ذلك تلتزم الوكالة الأمريكية للتعاون بتقديم دعم تقني ومالي لإنجاز ونشر الدراسة المقررة في موضوع هذا الاتفاق، المشاركة علميا وماديا في تنظيم اللقاءات والندوات والمساهمة في وضع موقع إلكتروني .
ووضع رهن إشارة الجمعية الوطنية للجماعات المحلية للمغرب منشورات لتوزيعها على المستوى الوطني .
يتضح من خلال ما سبق، أن اتفاقيات التعاون والشراكة تلعب دورا مهما في مجال تبادل الخبرات والمعلومات والاستفادة من التمويل الذي تتيحه مثل هذه الاتفاقيات، كما تهدف-اتفاقيات التعاون والشراكة- إلى تعزيز الشفافية والحكامة الجيدة في القطاع العمومي، خاصة في مجال تدبير الجماعات الترابية بالمغرب ومجموعاتها.
ومن جهة أخرى فالجماعات المحلية أصبحت اليوم، بحكم اختصاصاتها المتنوعة مدعوة لتكثيف جهودها من اجل الاستفادة من الفرص العديدة التي يتيحها التعاون والشراكة، لتنمية مواردها وتعزيز إمكانياتها وتطوير أجهزتها وتأهيل طاقاتها لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكن إذا كانت الجماعات الترابية بالمعرب تسعى إلى الاستفادة من كل أشكال الدعم التي تتيحها مثل هذه الاتفاقيات فواقع حال هده الجماعات ينم عن مجموعة من الصعوبات تحول دون تحقيق الأهداف المتوخاة منها، وهذا ما يدفعنا للتساؤل حول مدى فعالية اتفاقيات التعاون والشراكة في دعم الحكامة المحلية.
2) مدى فاعلية اتفاقيات التعاون والشراكة في دعم الحكامة المحلية.
لاشك أن اتفاقيات التعاون والشراكة يعتبران آلية تسمح للجماعات المحلية لخلق فرص متعددة للتنمية والتعاون فيما بينها مع مختلف الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين سواء على الصعيد الوطني أو الدولي.
فالجماعات المحلية لم تعد وحدات ترابية معزولة، وإنما أصبحت تشكل فضاءات ممتدة المصالح تتعامل مع بعضها البعض أو مع جماعات ترابية أجنبية في إطار التكامل والتعاون لما فيه مصلحة المواطنين، حيث إن العديد من الجماعات استطاعت أن تنخرط في هذا المسلسل عبر إقامة شراكات مع القطاعين الخاص والعام والجمعيات وغيرها من الفعاليات.
إلا انه رغم كل المزايا التي تتيحها اتفاقيات التعاون والشراكة فثمة تحديات في حاجة إلى رفعها، فالدور التصاعدي للجماعات المحلية يستدعي توسيع مجال اللامركزية، والتأكيد على دورها –أي الجماعات المحلية- في الساحة الدولية كآلية من آليات تفعيل الديمقراطية المحلية والدبلوماسية الموازية؛ وعلى الرغم من الأهمية التي تكتسيها الجماعات الترابية بالمغرب فإنها تصطدم باكراهات عدة، تحول دون تفعيل اتفاقيات التعاون والشراكة وانعكاسها بشكل ايجابي على التنمية المحلية ودعم الحكامة المحلية، وهذا ما يستلزم تنمية قدرات الجماعات المحلية ومعالجة مشاكلها في إطار التعاون والشراكة عن طريق الانخراط أكثر في المسار السياسي المحلي عبر تجديد النخب وفتح المجال أمام الوحدات الترابية لتصبح مجالا خصبا للاستثمار المحلي.
والملاحظ كذلك أن انخراط الجهات والجماعات في ميدان التعاون اللامركزي مازال ضعيفا، وعادة ما تقتصر على تبادل الخبرات عوض التوجه نحو فتح أوراش تنموية وهذا راجع إلى محدودية الآليات القانونية والتقنية لتفعيل الكثير من اتفاقيات التعاون، كما انه نادرا ما يتم تجديد هذه الشراكات أو تشخيص الجدوى منها.
إن الحديث عن مدى فاعلية اتفاقيات التعاون والشراكة في دعم الحكامة المحلية رهين بتجاوز الإشكاليات القانونية والمادية التي تحد من أهمية التعاون اللامركزي، وفي هذا الصدد ولتجاوز الإشكاليات المطروحة تم تنظيم يومين دراسيين من طرف المديرية العامة للجماعات المحلية، حول التعاون والشراكة بين الجماعات المحلية بالمغرب ونظيرتها بالخارج، حيث اجمع المتدخلون على ضرورة، التعجيل بوضع إطار مالي خاص بالتعاون والشراكة يحدد العمليات القابلة للتمويل من طرف الدولة والجماعات المحلية؛ تقوية أشكال التعاون المؤسساتي والتعاقدي للجماعات المحلية وخاصة على صعيد الجماعات القروية منها وذلك بغرض دعم دينامكية التنمية الترابية؛ حث الجماعات القروية على ربط علاقات للتعاون والشراكة بغية انجاز مشاريع مندمجة ومنسجمة مع البرامج الوطنية والسياسات العمومية والقطاعية؛ إصدار النصوص التطبيقية المتعلقة بالأشكال الجديدة للتعاون والشراكة المنظمة في قانون الميثاق الجماعي رقم 17.08؛ إحداث هيئة وطنية للتعاون اللامركزي تناط بها مهمة تتبع علاقة الجماعات المحلية على الصعيد الدولي، وتفعيل أواصرها بخصوص القضايا الوطنية والجهوية والدولية؛ إحداث صندوق لدعم التعاون اللامركزي...
إن الأخد بهده التوصيات كفيل بتطوير اتفاقيات التعاون والشراكة سواء على الصعيد الوطني أو الدولي للنهوض بالتنمية المحلية والاستفادة من الإمكانيات والتجارب التي تتيحها مثل هذه الاتفاقيات خصوصا في مجال التنمية والحكامة.
المبحث الثاني: دور الحكامة الجيدة في تعزيز اللجوء الى التعاون اللمركزي
يعيش مغرب اليوم، في إطار التحولات العميقة التي يعرفها المجتمع الدولي على كل الأصعدة والمستويات انطلاقا من سبعينيات القرن الماضي، حيث أمام تسارع الأحداث وتزايد الحاجيات، أصبحت الإدارة مدعوة أكثر من أي وقت مضى لتجاوز الاختلالات والانحرافات التي تشوبها، وذلك بنهج أسلوب جديد في التعامل يفضي إلى تحديث تدبير الفعل العمومي وتقديم الخدمة العامة بنوع من الفعالية والجودة بهدف الانتقال من ثقافة الامتيازات إلى ثقافة الإدارة الخدومة ولعب دور حاسم في التنمية. ذلك أن الإدارة لم تعد ذلك الجهاز المكلف بالوظائف التقليدية فحسب، بل هي أيضا فاعل ومساعد ومحرك للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو الأمر الذي يتطلب مجهودا متواصلا لا يعرف التوقف.
فقد بات من اللازم أيضا على الإدارة باعتبارها ممثلا للسلطة العامة أن تنخرط في هذا التوجه الجديد باعتماد أساليب جديدة في التدبير الإداري و المالي، تتميز بالنجاعة والفعالية والسرعة في الأداء والابتكار وتنمية مقاربة جديدة في التدبير العمومي تجعل من المتعامل مع الإدارة محور اهتمامها. لأن مصداقية الإدارة ترتبط بشكل وثيق بجودة خدماتها وبمدى قدرتها على تحقيق الخدمة العامة لا بنصوصها المكتوبة التي فقدت مبرر وجودها. وهو ما يجعل الإدارة معنية بالبحث عن شركاء جدد وخلق علاقات جيدة ومنتجة وواضحة مع باقي الفاعلين وخاصة مع القطاع الخاص، واعتماد آليات مقاولاتية في اشتغالها تحقق هدف الصالح العام وتجيب على الانتظارات وأسئلة المرحلة. وبات على الإدارة أن تجعل من ركن التواصل، أحد الأركان الأساسية في عملها للتواصل مع محيطها .
أكيد أن حوكمة الجماعات المحلية ستلعب أدوار طلائعية في تعزيز التعاون اللامركزي ، وفي تحقيق تنمية مستدامة ، هدفها الاساسي خدمة مصالح المواطنين ، وعلى هذا الأساس فالحكامة المحلية ستجيب لا محالة على مجموعة من الاشكالات التي مازالت تتخبط فيها الجماعات المحلية ، وبالتالي فتحديد عناصر الحكامة وتبيان الاختلالات التي تعرفها سيسهل مأموريات الباحث في الخروج بمجموعة من الخلاصات والاستنتاجات والحلول التي يمكن أن تعطي دفعة قوية لمسار التعاون اللامركزي .
لدلك تطرح أسئلة عديدة من قبيل أي دور يمكن أن تلعبه الحكامة المحلية في التعاون اللامركزي ؟ ماهو واقع الجماعات المحلية بالمغرب ؟ وهل وجود الحكامة على الصعيد المحلي هو محفز للتعاون اللامركزي ؟ أكثر من دلك نتساءل كيف تعزز الحكامة المحلية هدا التعاون اللامركزي ؟ هده الأسئلة وغيرها ستكون لامحالة موضوع الفقرات القادمة ، بحيث سنتحدث في المطلب الأول عن واقع الجماعات المحلية بالمغرب أما عن مطلب ثاني فسنخصصه للحديث عن أهمية ودور الحكامة في تعزيز التعاون اللامركز .
المطلب الأول: واقع الجماعات الترابية بالمغرب
الفقرة الاولى : ازمة المنتخب الجماعي
يلعب المنتخب الجماعي الدور المهم داخل الجماعات المحلية باعتباره الجهاز المسؤول عن تسيير الجماعة ، إلا أن الملاحظ هو أن
هذا المنتخب يعرف في تسييره مجموعة من العراقيل التي تحد من مردودية الجماعة ، بحيث أن المنتخب الجماعي يلعب دور محوري في كل تعاون لامركزي ، فالإشكال يطرح في ضعف ارادة المنتخب الجماعي في خلق دينامية داخل المجلس الجماعي ، وذلك راجع الى أن الانتماء الحزبي من خلال بنية المجلس الذي يطرح عائقا أمام التعاون اللامركزي ، وما ينتج عن ذلك من تنافس بين منتخبي الاحزاب ، الذي تفرضه التعددية الحزبية ، مما يؤدي إلى تعدد التوجهات الامر الذي يؤثر على القرارات الهامة المتخذة في هذا الاطار ،
ومن جهة أخرى يشكل العنصر البشري أحد الرهانات الأساسية لخوض غمار التحديات التي تطرحها العولمة من تنافسية و فرض الوجود و إثبات الذات، و قد شكل الرأسمال البشري مصدر قوة للدول و المجتمعات... التي عملت على الاستثمار في العنصر البشري بتأهيله و تكوينه للرفع من قدراته و آلياته التدبيرية، باعتباره المهندس للمقاربات التي تساهم في تطوير الدولة و المجتمع .
و بناء عليه، فلا يمكن الحديث عن حكامة محلية إذا لم تكن الجماعة المحلية تتوفر على الطاقات البشرية اللازمة، بحيث أن هذه الأخيرة هي التي تضع الرؤية الإستراتيجية للمسار التنموي للحكامة المحلية. وإنطلاقا من هذه المسلمة وجب الاعتماد على العنصر البشري و إشراكه في التنمية المحلية، كما يجب إحترام الإختصاصات بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، و فتح المجال للطاقات الشابة ذات التكوين العالي و إعطائها فرصة للتدبير .
ان المستوى التعليمي للأطر المكونة للجماعات المحلية بالمغرب لا يتعدى غالبيته مستوى الباكلوريا، وبالتالي فأهمية وضع اجهزة متخصصة في الجماعات سيساعد بشكل قوي بالنهوض بالجماعات، كما سيطرة هاجس الأمية بالجماعات المحلية جعل مستوى التنمية جد متدني .
أما بالنسبة للرئيس، فهو في الحقيقة له اختصاصات جد واسعة وجد هامة، فهو المسؤول الأول والضامن لانسجام العمل بالإدارة الجماعية وتنفيذ جميع الخطط التنموية الخاصة بالجماعة، لذلك يشترط فيه أن يكون ذا تكوين يؤهله لتحمل هذه المسؤولية بالكفاءة اللازمة، فرئيس المجلس يجب أن تتوفر فيه بالإضافة إلى المميزات الأخلاقية، أن يكون ملما بكل ما يدخل في اختصاصه باعتباره مشرفا على مصالح مختلفة ومتنوعة(إدارية، اقتصادية، اجتماعية...) فمن المفروض أن يكون رجل تدبير بامتياز"manager " لان مهمة القيادة لا يمكن تصورها دون وضع إستراتيجية تنموية محددة الأهداف والوسائل .
إذن فضعف المستوى التعليمي لموظفي الجماعة ، إضافة إلى ضعف التأطير سيؤدي لا محالة، من جهة، إلى مضاعفات سلبية على مستوى الخدمات التي تقدمها، و من جهة ثانية، إلى عرقلة مسلسل التنمية المحلية فيها.
ويلعب التواصل بين الجماعة ومحيطها ادوار مهمة، فقد بات من المسلم به أن نجاح التنظيم الإداري يعود أساسا إلى نجاعة نظامه التواصلي، كما أن طبيعة النظام الإداري تتحدد من خلال مؤشر علاقة الإدارة بالعموم( )، ذلك أن درجة انفتاح أو انغلاق الإدارة يتحدد حسب نوع تمفصلها مع المحيط. وبالتالي يمكن اعتبار التواصل بمثابة شريان الحياة في الإدارة.
لكن، وبالرغم من المحاولات الداعية إلى تحسين قنوات التواصل بين الإدارة والمواطنة والانفتاح عليه( )، فإن معظم الإدارات الجماعية لازالت تعيش أزمة" حقيقية" على مستوى نظامها التواصلي الناتجة عن انغلاق هذه الإدارات في وجه العموم وطغيان الطابع المخزني في معاملتها للمواطن المرتفق، ويتبدى ذلك جليا منذ الوهلة الأولى التي تطأ فيها قدما المواطن الإدارة من خلال عملية الاستقبال لتبدأ معاناة هذا المواطن بين مسالك ومصالح الإدارة خاصة عند الحصول على المعلومة، أو ما يمكن تسميتها بإشكالية الإعلام الإداري .
إن ضعف الاتصال مع المواطنين، وغياب سياسة تواصلية معهم، وعدم استثمار كل قنوات التواصل الممكنة، بالمستوى المطلوب سبب رئيسي في جهل المواطنين بحقيقة الجهود المبذولة، وعدم إيلاء التقدير والقيمة الحقيقية لعدد من الانجازات، أو عدم الانتباه لها، فالمنتخبون اذا لم يحسنوا الاتصال فسيساهمون لا شعوريا وبحسن نية في عملية التعتيم تجاه المواطنين .
إنّ الإدارة الجماعية على غرار باقي الإدارات الأخرى تعرف أزمة على مستوى استقبال المتعاملين معها سواء على المستوى الكمي من خلال عدم توفر البنيات الأساسية للاستقبال، أو على المستوى الكيفي والنوعي من خلال ضعف ( أو سوء) تعامل الموظفين للمواطنين الناتج عن التسلط الذي يهيمن على سلوك الموظفين، فعدم اعتناء المسئولين عن الإدارات الجماعية بوظيفة الاستقبال وقلة وعيهم بأهميتها الإستراتيجية في مسلسل العلاقات العامة يحد من فعالية هذه الوظيفة، ويؤدي بالتبعية إلى خلق أزمة تواصل بين الإدارة ومرتفقيها تبرز أهم معالمها في الضعف الملاحظ على مستوى البنية التحتية المخصصة لاستقبال المواطنين وكذا ظروفه غير المريحة، وهي أزمة ذات أسباب عميقة منها ما هو تاريخي يرتبط بوضعية المرتفقين تجاه الإدارة، ومنها ما يعود إلى السلوك الإداري من خلال غياب الضمير المهني لدى أعداد كبيرة من الموظفين وتعقد الشكليات الإدارية الأمر يفضي إلى نتائج وخيمة على علاقة الإدارة بالجمهور تتجلى بالأساس في تفشي بعض الظواهر التي أصبحت تعيشها الإدارة ( الاستياء وعدم رضا المواطنين، شيوع الرشوة، …).
ان ضعف التواصل بين الناخبين والنتخبين يؤدي إلى تبادل الاتهامات بين المواطنين والناخبين او ممثليهم ، ويؤدي الى سيطرة الاحكام السلبية بين الطرفين، ذلك إن المنتخبين يتهمون المواطنين في العموم غير المعلن في الاعلام ولا في التصريحات الرسمية أو الحوارات الصحفية ، لاعتبارات سياسية، مفادها أن المواطن لا يعترف للمنتخب بمجهوداته وتضحياته، المادية والمعنوية ومن صفاتها نكران الجميل .
ان الجماعات المحلية باعتبارها المسؤول الرئيسي في تسيير احوال الجماعة، يجب عليها أن تمارس اختصاصاتها بكل مسؤولية، كما يجب عليها تجاوز كل مظاهر الفساد من رشوة محسوبية وزبونية وتعقيدات على مستوى المساطر الإدارية، لأن رتب المغرب في سلم الشفافية في حاجة ماسة الى نوع من الاهتمام ، فصورة المغرب متدهورة بشكل كبير دوليا وهو ما يعبر عنه الجدول الاتي :
الجدول رقم (1) : تصنيف المغرب في سلم الشفافية.
السنة المرتبة
1999 المرتبة 45
2000 المرتبة 37
2002 المرتبة 52
2003 المرتبة 70
2004 المرتبة 77
2005 المرتبة 78
2006 المرتبة 79
2007 المرتبة 72
2008 المرتبة 80
المصدر( ):
ان مجموع هذه الظواهر وظواهر أخرى تجعل من الملاحظ لمسار الجماعات المحلية بالمغرب يعطي انطباعا سلبيا عنها، فالإدارات المحلية في شتى اصنافها تعرف هذه الاختلالات وغيرها .
الفقرة الثانية : اشكالية الوصاية وضعف الموارد االمحلية
تعد الوصاية ركن من أركان اللامركزية ، تمارسها الدولة على الجماعات المحلية بهدف حماية الصالح العام و الحفاظ على وحدة الدولة وضمان استمرارية الخدمات الجماعية المقدمة للمواطنين، وترشيد التدبير الجماعي وتعزيز مبدأ المشروعية من خلال فرض احترام القوانين وقد تم التنصيص على فكرة الوصاية من خلال مختلف القوانين المؤطرة للجماعات المحلية حيث جاء في المادة 68 من الميثاق الجماعي رقم 00,78على أن صلاحيات الوصاية المخولة للسلطة الإدارية بمقتضى هذا القانون تهدف إلى السهر على تطبيق المجلس الجماعي وجهازه التنفيذي للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل وكذا حماية الصالح العام وتأمين دعم ومساعدة الإدارة .
وتتخذ الوصاية على الجماعات المحلية عدة أنواع، من أبرزها الوصاية الإدارية والوصاية المالية، وتتجلى الوصاية الإدارية في الوصاية على الأعمال والوصاية على الأشخاص؛ ويقصد بالوصاية على الأعمال تلك الرقابة التي تمارسها السلطة المركزية لفحص مشروع القرارات المتخذة من قبل المجالس الجماعية ومطابقتها أو عدم مطابقتها للنصوص والقوانين المعمول بها وإلا تتعرض للبطلان أو القابلية للبطلان أو مراقبة ملائمة للوقوف على مدى ملائمة القرارات المتخذة للواقع المحلي أما بخصوص الوصاية على الأشخاص، فهي ذات طابع تأديبي على عضو من أعضاء المجلس بقبول استقالته أو إقالته أو توقيفه أو الحلول محل الرئيس وقد تمارس الوصاية على الأشخاص بصفة جماعية أي على المجلس ككل وكافة أعضائه ؛ كما حصل بمدينة مراكش مؤخرا .
أما النوع الثاني من الوصاية في هو الوصاية المالية المباشرة التي تمارسها وزارة الداخلية وممثليها ووزارة المالية وممثليها كذلك من خلال عملية المصادقة على ميزانية الجماعات المحلية ورقابة القابض البلدي محليا والمفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة لوزارة الداخلية مركزيا كما ان هناك الوصاية المالية الغير المباشر عن طريق الإمدادت والقروض المشروطة المقدمة من قبل السلطات المركزية للجماعات المحلية، استنادا إلى ما سبق ذكره بخصوص مضمون وهدف وأنواع الوصاية نتساءل عن مدى إمكانية ممارسة الجماعات المحلية لدورها التنموي في ظل الوصاية الممارسة عليها ؟ وأثر تطبيق الوصاية على حرية واستقلالية الجماعات المحلية؟
لعلنا قد نحصل على الجواب من خلال استقراء الواقع العملي الذي يوحي لنا بمعطى أساسي مفاده، أنه على الرغم من مختلف أشكال الوصاية الممارسة على الجماعات الحلية فإنها ما تزال تعاني وتشكو من أزمة التسيير وغياب سلطة تقريرية لديها وبالخضوع والتبعية للمركز وممثل السلطة المركزية على المستوى المحلي، فالمجالس الجماعية لا تتمتع بسلطات مطلقة في ممارسة اختصاصاتها تعوزها الإمكانات المالية والبشرية، ومجال اختصاصها مقيد، وهامش حريتها ضيق جدا بسبب ثقل الوصاية فمحاولات الإصلاح التي طرأت على نظام الوصاية ظلت محدودة لكونها انحصرت في نقل بعض اختصاصات وزير الداخلية في مجال الوصاية إلى الولاة والعمال وتقليص آجال المصادقة، فهذه التعديلات لم تواكب الواقع العملي للجماعات المحلية ولم تتمكن من تجاوز الآثار السلبية للوصاية ولا في تقوية سلطة اتخاد القرار على المستوى المحلي، وبالتالي فإن تحقيق الجماعات المحلية لدورها التنموي أصبح امرا غاية في الصعوبة .
لهذا ومن أجل تخطي الوضعية الحالية للجماعات المحلية، فإنه يتعين إعادة النظر في الوصاية المفروضة على الجماعات المحلية، والعمل على وضع نظام رقابي فعال ومعقلن يستمد نجاعته من المفهوم الجديد للسلطة الذي يقتضي التخفيف من وصاية الملاءمة ومنح استقلال إداري ومالي كبيرين للجماعات المحلية وتقوية اختصاصاتها وتقاسم سلطة التقرير وتشجيع روح المبادرة للمسيرين المحليين وتكوين المنتخبين الجماعيين وكذا العمل بمبادئ الحكامة الجيدة القائمة على التعاون والشراكة بين ممثلي الدولة والجماعات المحلية وعقلنة التدبير المحلي بهدف دعم الموارد الذاتية للجماعات المحلية وبالتالي تثبيت دعائم دولة الحق والقانون بالاتجاه نحو دعم الرقابة القضائية ، أو على الأقل الانتقال من الرقابة السابقة الى الرقابة المواكبة أو اللاحقة .
المطلب الثاني : دور الحكامة في تعزيز التعاون اللامركزي
الفقرة الاولى : الحكامة المحلية مفتاح للتعاون اللامركزي
إن الحكامة (Gouvernance) مصطلح شاع استخدامه بشكل واسع مع بداية عقد التسعينات من قبل المنظمات الدولية كمنهجية لتحقيق التنمية المجتمعية في الدول النامية نتيجة لقصور الإدارة الحكومية عن تحقيق ذلك بفعالية وكفاية كافيتين، كما أن منهجية الحكامة غدت في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي على قدر كبير من الأهمية للدول، سواء المتقدمة أو النامية على حد سواء، لتحقيق طموحات المواطنين فيها بتوفير التنمية الشمولية وإدامتها. إلا أن الأمر أصبح أكثر إلحاحا على الدول النامية بشكل خاص نتيجة للتحديات العالمية والإقليمية (العولمة، التجارة العالمية الحرة، الأسواق التجارية المفتوحة، سرعة انتشار المعلومات، التهديدات الأمنية)، والمحلية (التنافسية، تشجيع الاستثمارات الخارجية والداخلية، الفقر، البطالة، الأمن) .
اذا كانت الحكامة اطارا عاما لإعادة تحديد الانماط الجديدة لأسلوب الحكم والتدبير، من خلال اعادة تحديد العلاقة بين السياسي والاقتصادي ، السياسي والاجتماعي ، الخاص والعام ، الدولة وشركاؤها المحليون والدوليون، فإن الحكامة المحلية تعد مجالا للإبداع والتجديد من اجل ترشيد الشأن العام المحلي وتحسين شروط رفاهية المواطن، لذلك يجب أن تبرهن الجماعات عن قدرتها على الابداع، أي ابتكار مشاريع جديدة، وايجاد افكار حديثة لحل مختلف المشاكل المطروحة على الصعيد المحلي، وبالتالي القدرة على تغيير الحياة المحلية والتحكم في التطورات المتسارعة وتدبير الازمات الطارئة، من خلال اجراءات ادارية تعكس القدرة على التحرك بفعالية وابداع المشاريع التنموية .
وهكذا، فاللامركزية تشكل نهجا ديمقراطيا يتيح لكيانات محلية تدبير شؤونها الخاصة بواسطة مجالسها المنتخبة، بحيث تمارس هذه الأخيرة مجموعة من الاختصاصات تؤهلها لاتخاذ التدابير التي تمكن من تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والثقافية للسكان المحليين، إذ يفترض التدبير حسن استعمال الوسائل التقنية والمالية والبشرية المتوفرة لبلوغ أهدافه وحسن استعمال، هذا يمكن أن يتحقق من خلال أربع قنوات تنشيطية أساسية وهي التخطيط والتنظيم والتحفيز والمراقبة، بحيث تكون هذه العناصر مجتمعة العمود الفقري لعملية التدبير والتي تنبثق انطلاقا من إستراتيجية محددة مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل تنظيم .
وقد شكل قانون التنظيم الجماعي رقم 78.00 الصادر في 3 أكتوبر 2002 استراتيجية اقتصادية جديدة تهدف إلى تعزيز المسؤوليات الاقتصادية الجماعية، توسيع الاختصاصات الاقتصادية الجماعية وتخليق المرفق العام المحلي، وتبسيط الوصاية وجعلها أكثر فعالية، وإشراك الجماعات في العملية التنموية، كل هذا يشكل إحدى أهم أبعاد الحكامة المحلية.
وهكذا فالحكامة المحلية تهدف إلى تثبيت ديمقراطية القرب من خلال تبني مفهوم جديد للسلطة لتحقيق رعاية المصالح العمومية والشؤون المحلية، والحريات الفردية والجماعية، والسهر على الأمن والاستقرار وتدبير الشأن العام المحلي والحفاظ على السلم الاجتماعي، ومن خلال تبني ميثاق حسن التدبير الذي يعد تهذيب أخلاقيات المرفق العمومي من المطالب الأساسية بالنسبة للمجتمع لضمان مساواة المواطنين أمام المرفق العام وتبني مبدأ الشفافية في عمل الإدارة بغية تعزيز روابط الثقة بينها وبين المجتمع.
إضافة على تطوير نظام اللامركزية الترابية وتأهيل الجماعات الحضرية والقروية وجعلها فاعل اقتصادي حقيقي ينخرط بكل فعالية في النسيج الاقتصادي الوطني، فالحكامة المحلية بحاجة إلى تحقيق نوع من التوازن بين العديد من المتطلبات والتي تشمل:
طرقا ومناهج إدارية تؤكد على أهمية الكفاءة واللامركزية في السلطات.
تطوير مؤسسات القيادات الاستراتيجية والتعاونية.
العمل على مشاركة المعنيين بالقضايا إلى أبعد حد ممكن.
التأكيد على توفير الشفافية والمساءلة.
وهكذا تساند الحكامة المحلية كل المبادرات الوطنية والمحلية الهادفة إلى ترسيخ مبدئي الشفافية والجودة في عمل الجماعات المحلية وتدعم كافة جهود الحكومة والجماعات المحلية المغربية من أجل الاستجابة بشكل أفضل لانتظارات واحتياجات المواطنين، وهي بذلك تساهم في إنجاح مسلسل اللامركزية في المغرب.
وتعتمد الحكامة المحلية في تحقيق هذه الأهداف إلى تشجيع العمل بالمرتكزات الأساسية لها والمتمثلة في الشفافية من خلال تنمية قدرات الجماعات المحلية في مجال التدقيق وتنشئة المواطنين وتطوير ممارسة التدبير المنفتح، وفي تقديم الحسابات للرأي العام بنوعية المنتخبين بأدوارهم ومسؤولياتهم نحو ناخبيهم، وفي المشاركة والتشاور عبر وضع مخططات استراتيجية تشاركية وتشجيع اللجوء إلى الجمعيات المحلية، وفي الرفع من مستوى الأداء بتنمية الطاقات البشرية وتدعيم الموارد المالية للجماعات المحلية ، من خلال تزويدها بالوسائل العصرية والفعالة للتخطيط وتدبير مشاريع التنمية المحلية .
إن من أبرز المفاهيم التي تعالجها الحكامة عموما هو مفهوم المسؤولية ، وبالإمكان إعتباره " المبدأ الإسترتيجي " في مجال الحكامة المحلية، خاصة في ظل تنامي افة الفساد وما تحمله من تأثيرات سلبية ومن إضعاف لشروط ووسائل التنمية في مستواها المحلي .
إن الحكامة المحلية الجيدة هي التي يمكن أن تخرج الجماعة المحلية من ذلك المجال الضيق وتلك الحسابات الضيقة، الى جماعات محلية أكثر مسؤولية وأكثر انفتاح على عالمها الخارجي، من خلال البحث عن شركاء أخرون على المستويين الوطني والدولي، للاستفادة من مجموعة من الامتيازات .
فالدور المحوري للحكامة المحلية الجيدة يتجلى في تدبير عمومي شفاف ومحاربة الرشوة وأشكال الفساد الأخرى باعتبارهما شرطين ضروريين لسيادة ثقافة المحاسبة، فانتشار الفساد بكل مظاهرة يعد مظهر لحكامة سيئة وإجهازا على المحاسبة وإنكار حق المعاملة بالتساوي وتفضي محاربة هذه الأخيرة موازنتها بشفافية في الحياة العمومية ، وشفافية كبيرة للإدارة إزاء المتعاملين معها، والاحتكام الى مبادئ الاستحقاق والكفاءة، وبانبثاق كفاءات تقنية حديثة في الوظيفة العمومية وكذا بترسيخ الديمقراطية القائمة على الإنتخاب العام .
الفقرة الثانية : البعد العلائقي بين الحكامة المحلية والتعاون اللامركزي
(بالنسبة لهذا المقطع تم تكرارم في المبحث الاول) يعيش مغرب اليوم، في إطار التحولات العميقة التي يعرفها المجتمع الدولي على كل الأصعدة والمستويات انطلاقا من سبعينيات القرن الماضي، حيث أمام تسارع الأحداث وتزايد الحاجيات، أصبحت الإدارة مدعوة أكثر من أي وقت مضى لتجاوز الاختلالات والانحرافات التي تشوبها، وذلك بنهج أسلوب جديد في التعامل يفضي إلى تحديث تدبير الفعل العمومي وتقديم الخدمة العامة بنوع من الفعالية والجودة بهدف الانتقال من ثقافة الامتيازات إلى ثقافة الإدارة الخدومة ولعب دور حاسم في التنمية. ذلك أن الإدارة لم تعد ذلك الجهاز المكلف بالوظائف التقليدية فحسب، بل هي أيضا فاعلا ومساعدا ومحركا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو الأمر الذي يتطلب مجهودا متواصلا لا يعرف التوقف .
لذلك فالتعاون اللامركزي الدولي اليوم، يأخذ أشكالا ومستويات مختلفة، إذ أن نشاط الوحدات الترابية على الصعيد الدولي اصبح من الوسائل المفضلة في اقرار الحكامة واحترام حقوق الانسان على المستوى العالمي إضافة الى كونه نشاطا يهدف الى المساعدة على تحقيق التنمية عوض المساعدة والصدقة .
وانسجاما مع هذا المبتغى اعتمد المغرب ضمن منظومته المحلية مجموعة من التدابير من أجل جعل الوحدات الترابية في مستوى مسايرة هذا التوجه، إذ دخلت تعديلات النصوص القانونية المنظمة للجماعات المحلية سواء بالنسبة للمجالس الجماعية والحضرية أو القروية أو بالنسبة لمجالس العمالات والاقاليم أضافة الى المجالس الجهوية حيث منحت لها صلاحيات مهمة في مجال تعزيز وتقوية التعاون اللامركزي سواء فيما بينها أو بين الوحدات الترابية الاجنبية عبر اتفاقيات الشراكة والتعاون والتوأمة .
و يلعب التعاون اللامركزي دور كبير في تقوية الحكامة المحلية على مستوى الجماعات المحلية نظرا لكونها الاطراف الحضرية في هذا الاطار لما تطلع به من دور ريادي في توجيه مسلسل التواصل داخل المجال المحلي واعتبار الجماعة المحلية حجر الزاوية في مسلسل الحكامة المحلية، بالإضافة إلى دور التعاون اللامركزي في تقوية دينامية الحكامة .
إن طرح الحكامة المحلية يتم التأسيس من خلالها على وظيفة الفاعل الاقتصادي القادر على جدب واستقطاب فاعلين على مستوى الخارجي، وذلك بربط علاقات مع السلطات الترابية والمركزية خارج منطق التحكم، وبالتالي قدرة الجماعة على الانفتاح على قوى حية محلية اخرى .
فالحكامة تعد أحد ركائز التأهيل المؤسساتي، اذ تنشد وضع حد للسمة الإنغلاقية التي ظلت تقبع على العمل الجماعي، والدعوة لمقومات التدبير المحلي التشاركي القائم على ميكانيزمات الانفتاح، والوصول الى هذا المستوى من التدبير يحتم تشبع طرفي المعادلة أي المديرين المحليين والساكنة بمقومات التدبير العقلاني المشترك الذي يعتمد منطق القرب والاسهام والتعاون في شتى مجالات.
فالحكامة تسعى الى عقلنة تدبير الموارد المالية والبشرية والمادية وذلك من خلال التركيز على مبادئ المرونة والمسؤولية والاستشارة عبر التدقيق للشؤون الجماعية ، فهي تقوم على التفاعل مع التغيرات والقدرة على العمل .
هكذا اذا فمسؤولية الجماعة المحلية تبدو مصيرية في تحريك مسلسل التنمية المستدامة ليس كمتدخل عمومي فقط، وإنما كمنشط ومحفز لباقي الفاعلين سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، وكذلك كباحث عن مختلف الموارد التي قد يوفرها له متدخلون على مستويات مختلفة من خلال استراتيجية الشراكة والتعاون وفي هذا الإطار يوفر التعاون اللامركزي الية هامة لدعم دينامية الحكامة المحلية .
فالتعاون اليوم يعتبر من أهم مجالات استثمار الفاعلين غير الحكوميين ، وفضاء لتقوية دينامية التعاون ، والتنسيق المحلي، فالانفتاح على المحيط الخارجي يفرض تنظيم ترابي يثمن الموارد المحلية لتطوير القدرة التفاوضية مع الشركاء الخارجيين في هذا الاطار .
بالإضافة الى أن اشراك الفاعلين المحليين يبقى من المسائل التي تفرض نفسها نظرا للانتقادات الموجهة للتعاون اللامركزي المتجلية في عدم اشراكه لمختلف الفاعلين غير الحكوميين حتى لدى بعض الدول المتقدمة من خلال انتقاصهم للدور الذي يمكن أن يقوموا به في سياسات التعاون اللامركزي .
إن الحكامة المحلية الجيدة تعطي صورة ناضجة للممثلي لجماعات المحلية الأجنبية، و التي يمكن أن تدخل في أي تجربة للتعاون اللامركزي ، ذلك أن غياب الحكامة يعني سوء التسيير وغياب المسؤولية والمحاسبة، وبالتالي فالجماعات المحلية الاجنبية في غنى عن مثل هده العلاقات التي لا يمكن أن تحقق لها أدنى مستوى من الربح .
إن أهمية الحكامة المحلية، تتجلى في تشجيع الجماعات الاجنبية في الدخول في مجموعة من العلاقات المباشرة مع الجماعات المحلية الوطنية، وبالتالي نقل مجموعة من التجارب والخبرات والتقنيات، كما يمكن أن تقوم هذه الجماعات بتبادل الزيارات بين موظفي الجماعات المحلية، مع امكانيات تقديم كل الدعم التقني والمالي في انجاز مجموعة من المشاريع كالمخطط الجماعي للتنمية، أو بناء بعض الحدائق، أو غيرها من الايجابيات التي يمكن أن تنتج عن مثل هذه العلاقات .
إن الجماعات المحلية المغربية في أمس الحاجة الى مثل هذه العلاقات، نظرا للمشاكل التي تعانيها في تدبير قضايا الجماعة، ذلك أن قدرتها على النهوض بأوضاعها يعد جد عسير نظرا لغياب اطر متخصصة، وغياب آليات لتنمية الجماعة، وهذا ما يعزز الدور الذي يمكن أن يلعبه الشركاء الأجانب.
إلا ان مساهمات الجماعات المحلية الاجنبية يجب أن تجد مسؤولين يتميزون بإرادة حقيقية للنهوض بقضايا جماعتهم، وأن يكون شغلهم الشاغل هو الرقي بالأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للجماعة، ذلك أن أي جماعة أجنبية لا يمكن أن تقدم مساعدات لأي جماعة تغيب فيها إرادة الرقي بأوضاعها، فغياب المسؤولية والشفافية، وهيمنت الفساد الإداري والمالي على الجماعات المحلية الوطنية كلها تعد حواجز وعراقيل أمام ربط علاقات مع جماعات أجنبية أخرى ، فلكي تدخل أي جماعة محلية في أي تعاون لامركزي، يجب أن تعطي تلك الصورة التي تعبر على أن الشغل الشاغل للمسؤولين المحليين هو تنمية الجماعة بجميع السبل .
إن عنصر الحكامة يؤدي لامحالة الى تعزيز عنصر الثقة بين الفاعلين المحليين، فعنصر الثقة هو اساس العلاقات بين الجماعات المحلية، فتقديم مساعدات أو تبادل الزيارات أو غيرها من الامتيازات الناتجة عن التعاون اللامركزي، يجب أن تلتمس الأهداف التي كانت مرجوة منها .
الاحالات:
- إن العلاقات الأولى التي جمعت جماعات محلية لدول مختلفة كانت مرتبطة بموضوع السلم و التعايش سواء بين شعوب الدول الأعداء خلال الحرب العالمية الثانية، أو بين شعوب المعسكرين الشرقي و الغربي خلال الحرب الباردة، و أخذت هذه العلاقات شكل التوأمة الذي تعبر بمعناها و شكلياتها الطابع الرمزي للعلاقة، ثم طورت هذه العلاقات الرمزية لتتبلور في شكل تعاون لامركزي يشكل العاقد والالتزام سماته الأساسية.
- عبد الحافض ادمينو: قراءة في تجرية التعاون اللامركزي للتنمية، REMALD عدد 86، 2009 ص 56
- عبد الحافض ادمينو: نفس المرجع ص86
- جاء في الميثاق الجماعي لسنة 2009 مجموعة من المواد تنظم كيفية وشروط ابرام اتفاقيات التعاون اللامركزي وغيرها... بهدا الخصوص راجع المادة 42 و الباب السابع المتعلق بالتعاون والشراكة.
- عبد الحافض ادمينو م س ص56
- كريم لحرش: مغرب الحكامة (التطورات، والمقاربة، والرهانات) ص 10
- كريم لحرش: م س ص 101
- لتوسع أكثر في هذا الموضوع راجع كريم لحرش مغرب الحكامة ص13 وما بعدها.
- كريم لحرش: م س ص 101,
- للتوسع أكثر حول مفهوم الحكامة وتطوره راجع الرابط wikibooks.org.
- يشار إلى أنّ الاتحاد الدولي للمدن المتحدة، وهو مؤسسة غير حكومية، تأسس عام 1957، ويضم في عضويته 1800 مدينة من مختلف دول العالم. وينفذ الاتحاد برامج تعاونية إنمائية في مختلف المدن، يتم تمويلها من المؤسسات الدولية المتخصصة، كالبنك الدولي والاتحاد الأوروبي وبرامج الأمم المتحدة للتنمية، وبعض مؤسسات القطاع الخاص من دول مختلفة.
- احمد كزال: منشورات المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، ص 114 العدد 96 ،2011.
- منظمة المدن العربية منظمة غير حكومية، متخصصة في شؤون البلديات والمدن في الوطن العربي، وليس لها أي نشاط او ارتباط سياسي او عقائدي، ولا تتدخل في الامور السياسية لاي بلد. تم تاسيس منظمة المدن العربية في 15مارس 1967، مقرها الدائم مدينة الكويت .
- بناجي خالد: التعاون اللامركزي رهان التنمية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية الحقوق مراكش.
- للاطلاع على تفاصيل الاتفاقية ومحتوياتها راجع الموقع الالكتروني للبوابة الوطنية للجماعات المحلية بالمغرب، http://www.pncl.gov.ma
- للاستزادة حول تفاصيل هذه الاتفاقية راجع الرابط التالي: http://www.anclm.ma
- تقرير حول أشغال منتدى التعاون والشراكة بين الجماعات المحلية، بتاريخ2011/02/23. في هذا السياق راجع الرابط التالي: http://www.tiznit.ma
كريم لحرش : الإدارة الجبائية المحلية بين النص القانوني و الممارسة رسالة لنيل دبلوم الماستر 2006 ـ 2007 الصفحة 2 .
بناجي خالد : رسالة التعاون اللامركزي ورهان التنمية دراسة حالة المجلس الجماعة مراكش الصفحة 63 سنة 2008 .2009
http://benalisoufiane.arabblogs.com/arch…/2009/6/900967.html
( ) - علي سدجاري: الدولة و الإدارة بين التقليد و التحديث،..................................
( )- نشير في هذا الإطار إلى ميثاق حسن التدبير كإحدى مبادرات حكومة التناوب باعتباره مرجعية لتحديث وتخليق الإدارة، وقد تضمن هذا الميثاق ثلاثة مبادئ كبرى من بينها مبدأ التزام الإدارة بالتواصل مع محيطها والتشاور مع المتعاملين معها والانفتاح عليهم.
الحسين مفتي بحث لنيل شهادة الاجازة المهنية تحت عنوان الاتصال المؤسساتي للجماعات المحلية الصفحة 11 سنة 2011 ـ 2012
الحسين مفتي مرجع سابق الصفحة 7
( )- فيما يخص الأرقام المتعلقة بالسنوات من 1999 إلى 2005 ، واردة عند لحسن مادي: التنمية البشرية رهان لتحقيق التنمية المستدامة، مجلة علوم التربية، العدد 31، شتنبر 2006. ص 25.
- بالنسبة لسنة 2006 واردة في تقرير"ترانسبارانسي المغرب" 2006، جريدة الأحداث المغربية، العدد 2836، ليوم 7نونبر 2006، ص 5.
Source : http://www.oujdacity.net/national-article-22830-ar/
حبيب الشهيد :"الحكامة المحلية على ضوء قانون 78.00"،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،جامعة الحسن الأول،كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية،سطات،السنة الجامعية2007-2008 .
ذ . كريم لحرش مغرب الحكامة التطورات المقاربات والرهانات الطبعة الثانية الصفحة 101 سنة 2011
حبيب الشهيد :"الحكامة المحلية على ضوء قانون 78.00"،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،جامعة الحسن الأول،كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية،سطات،السنة الجامعية2007-2008 .
حبيب الشهيد :"الحكامة المحلية على ضوء قانون 78.00"،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،جامعة الحسن الأول،كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية،سطات، الصفحة 28 السنة الجامعية2007-2008 .
ذ . كريم للحرش مرجع سابق الصفحة 112 .
عبد الرحيم المحجوبي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة جامعة مولاي اسماعيل بعنوان مراقبة مالية الجماعات المحلية بالمغرب سنة 2010 ـ 2011
ذ كريم لحرش الادارة الجبائية المحلية اطروحة لنيل دبلوم الدرسات المعمقة الصفحة 2 سنة 2006 ـ 2007
عبد الحافظ ادمينو : قراءة في تجربة التعاون اللامركزي للتنمية REMALD الصفحة 56 عدد 86 سنة 2009 .
بناجي خالد : مرجع سابق
بناجي خالد نفس المرجع الصفحة 67
بناجي خالد مرجع سابق الصفحة 67
المرجع:
عبد الحافض ادمينو: قراءة في تجرية التعاون اللامركزي للتنمية، REMALD عدد 86، 2009 ص 56
كريم لحرش: مغرب الحكامة (التطورات، والمقاربة، والرهانات)
احمد كزال: منشورات المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، ص 114 العدد 96 ،2011.
- بناجي خالد: التعاون اللامركزي رهان التنمية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية الحقوق مراكش.
الموقع الالكتروني للبوابة الوطنية للجماعات المحلية بالمغرب، http://www.pncl.gov.ma
- تقرير حول أشغال منتدى التعاون والشراكة بين الجماعات المحلية، بتاريخ2011/02/23
علي سدجاري: الدولة و الإدارة بين التقليد و التحديث
حبيب الشهيد :"الحكامة المحلية على ضوء قانون 78.00"،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ،جامعة الحسن الأول،كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية،سطات،السنة الجامعية2007-2008 .
عبد الرحيم المحجوبي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة جامعة مولاي اسماعيل بعنوان مراقبة مالية الجماعات المحلية بالمغرب سنة 2010 ـ 2011
التعليقات على الموضوع