السياسات القطاعية تعزز تنافسية المغرب وإندماجه في الاقتصاد العالمي
شهد القطاع الاقتصادي في المغرب خلال السنوات الأخيرة طفرة نوعية بفضل سياسات قطاعية عززت من تنافسيته سواء على مستوى المبادلات التجارية أو استقطاب الاستثمارات الأجنبية مما مكنه من الإندماج بشكل أفضل في الاقتصاد العالمي. وقد همت هذه الاستراتيجيات القطاعات الاقتصادية الأساسية وعلى رأسها الفلاحة والصناعة من خلال مخطط "المغرب الأخضر" ومخطط "إقلاع" الصناعي الذي يهدف إلى ولوج صناعات جديدة ذات قيمة مضافة عالية وتخلق مزيدا من فرص الشغل. وقد ساهم في نجاح هذه الاستراتيجيات مجموعة من المشاريع الهيكلية التي أطلقها المغرب خاصة في مجال الطاقة وتعزيز البنيات
التحتية وكذا ترسانة من الإجراءات الهادفة إلى تحسين مناخ الأعمال. .. و بشأن " القطاع الفلاحي .. و المغرب الأخضر مخطط اقتصادي ذو بعد اجتماعي كبير ".. فتخص استراتيجية مخطط " المغرب الأخضر" قطاعا يساهم بـ/ 19 / في المائة من الناتج الداخلي الخام منها / 15 / في المائة في الفلاحة و أربعة في المائة في الصناعة الفلاحية كما يشغل أربعة ملايين قروي ويوفر حوالي /100 / ألف منصب شغل في قطاع الصناعات الغذائية. ويضطلع القطاع الفلاحي أيضا بدور هام في التوازنات الماكرو - إقتصادية ويتحمل ثقلا إجتماعيا مهما بحيث يستوعب أكثر من /50 / في المائة من مجموع القوى العاملة في المغرب أي حوالي / 14 / مليون نسمة. ويتمحور مخطط المغرب الأخضر حول ستة أفكار تنطلق من كون القطاع الفلاحي يشكل أحد أبرز محركات تنمية الاقتصاد المغرب على مدى الـ /15 / سنة القادمة مع ما يقتضيه ذلك من القطيعة مع التصور التقليدي الذي يقابل بين الفلاحة العصرية والفلاحة الاجتماعية و أخذا بعين الاعتبار تنوع الفاعلين وإكراهاتهم الذاتية والسوسيو اقتصادية. ويهدف مخطط المغرب الأخضر إلى تدعيم حصة الفلاحة في الناتج الداخلي الخام بتحقيق ناتج إضافي سنوي يتراوح ما بين /70 / إلى /100 / مليار درهم مع العلم أن الناتج الداخلي الحالي يوازي /74 / مليار درهم. ويحضر الهاجس الاجتماعي بقوة في أهداف هذا المخطط الذي يروم خلق فرص العمل بزيادة 600 ألف منصب شغل قار ومحاربة الفقر بتحسين الدخل الفلاحي الحالي من مرتين إلى ثلاث مرات لحوالي مليون ونصف قروي. كما يتوخى المخطط الرفع من قيمة الصادرات من 8 إلى 44 مليار درهم لأهم السلاسل التي يتمتع فيها المغرب بامتيازات تنافسية كالحوامض والزيتون والفواكه والخضروات .. إضافة إلى إطلاق موجة جديدة من الاستثمارات تصل قيمتها الإجمالية إلى 10 ملايير درهم سنويا عبر خلق حوالي ألف و /500 / مشروع. .. وحول " القطاع الصناعي .. وولوج صناعات جديدة ذات قيمة مضافة عالية " . فقد تميزت السياسة التي نهجها المغرب في المجال الصناعي في السنوات الأخيرة بالتنوع من خلال تعزيز المكتسبات والإنجازات التي حققتها القطاعات الصناعية التقليدية كالصناعات الغذائية وولوج مجالات جديدة كالصناعات الميكانيكية وصناعات الطيران. كما شهدت صناعة الخدمات بدورها طفرة نوعية ساهمت في تعزيز الناتج الخام الداخلي وإيجاد فرص شغل جديدة. وقد بدأت هذه السياسة تعطي أولى ثمارها حيث مكن الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي حتى متم 2010 من خلق أزيد من /115 / ألف منصب شغل في المهن الدولية الأربع التي راهن عليها المغرب من أجل النهوض بنسيجه الصناعي وهي ترحيل الخدمات و قطاع السيارات وقطاع الطيران و الإلكترونيك. وارتفعت في ذات السياق صادرات هذه المهن في سنة 2010 بمعدل / 6ر36 / في المائة .. مسجلة /3 ر35 / مليار درهم واستفاد المغرب في هذه المجالات من عودة الانتعاش للاقتصاد العالمي حيث ارتفعت الاستثمارات الاسبانية على سبيل المثال بنسبة / 76 / في المائة سنة 2010 والاستثمارات الفرنسية بنسبة /50 / في المائة .. وعرفت المناطق الصناعية المندمجة نموا ملحوظا منها المنطقة الصناعية المندمجة للقنيطرة وتطوان وفاس ووجدة. ... وبشأن " المناطق الاقتصادية الحرة .. والحفاظ على الأسواق التقليدية والبحث عن منافذ جديدة للسلع الوطنية ". فيعتبر المغرب من البلدان الأوائل في إفريقيا والعالم العربي التي اختارت تحرير مبادلاتها التجارية منذ الثمانيات من القرن الماضي .. وتعززت هذه السياسات باعتماد جيل جديد من الإصلاحات ترمي إلى إلغاء الإجراءات غير الجمركية سواء على مستوى الإيرادات أوالصادرات، علاوة على ترشيد التعريفة الجمركية. كما تميزت استراتيجية الانفتاح التي نهجها المغرب بالتوقيع على مجموعة من اتفاقيات التبادل الحر مع دول مختلفة تهدف إلى مساعدة المغرب على الاندماج في محيطه الاقتصادي العالمي والإقليمي و جعله أرضية للاستثمار والإنتاج والتصدير مما سيسهم في خلق مناصب للشغل وإعادة توزيع مداخيل إضافية مما سينعكس إيجابا على المستهلك المغربي. ومن أهم الدول التي يرتبط معها المغرب باتفاقيات للتبادل الحر الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وتركيا بالإضافة إلى بلدان إعلان أكادير الذي يضم كل من مصر وتونس والأردن والمغرب. وقد كان لسياسة المناطق الاقتصادية الحرة وقع إيجابي على التجارة الخارجية المغربية.. فعلى سبيل المثال وصلت المبادلات التجارية بين المغرب والولايات المتحدة إلى أكثر من / 6ر2 / مليار دولار في 2010 مقابل / 1ر2 / مليار دولار سنة 2009 وفق أرقام وزارة التجارة الأمريكية. بدورها عرفت المبادلات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي ارتفاعا ملحوظا بين سنتي 2009 و2010، حيث سجلت الصادرات المغربية نحو الاتحاد الأوروبي ارتفاعا بنسبة / 6ر17 / في المائة في حين ارتفعت صادرات الاتحاد الأوروبي نحو المغرب بنسبة /1ر14 / في المائة. وتتميز سياسة المغرب الراهنة في مجال التجارة الخارجية بالاستباقية ويظهر ذلك في استكشاف عدد من الأسواق الواعدة التي يمكن أن تشكل منفذا للمنتوجات المغربية خاصة في آسيا التي تتمتع بسوق استهلاكية مزدهرة ودخل فردي مرتفع وفي مقدمتها اليابان وكرويا الجنوبية.
التعليقات على الموضوع