السلطة الرئاسية في الادارة العمومية
هي
العنصر الأساسي في تحديد الصفة المركزية لأي جهاز إداري[1]
،وهي لها أهمية
كبرى في نظام المركزية الإدارية على مختلف مستوياته[2]نأو
هي جوهر النظام الإداري المركزي .
وتتميز السلطة الرئاسية بأنها تطال جميع
المرؤوسين حيث أن جميع الموظفين يخضعون لرؤسائهم في الإدارة[3]،بمعنى
ان السلطة الرئاسية هي خضوع الموظف الأقل درجة من حيث وضعيته القانونية للموظف
الأعلى درجة،وكل موظف يوجد في مركز إداري أعلى يمارس سلطاته على الموظفين
الموجودين في الرتبة الدنيا حتى الوصول إلى القاعدة التي تضم الموظفين الصغار[4]،ويؤكد
الفقه على أن السلطة الرئاسية ليست حقا شخصيا ولا مطلقا لصاحبه،و لكنها مجرد
اختصاص يمارسه الرئيس على مرؤوسيه وفقا للقوانين والنصوص التنظيمية الجاري بها
العمل.فهي تخول للرئيس الحق في تعيين مرؤوسيه وتخصيصهم لعمل معين ونقلهم وترقيتهم
وتوقيع الجزاء التأديبي عليهم متى وقع منهم إخلال بواجباتهم في إنجاز المهام
المنوطة بهم[5].
ومن المسلم به أن السلطة الرئاسية تتميز
بأنها:سلطة شاملة، وسلطة مفترضة.فهي سلطة شاملة :لأن الرئيس الإداري يملك مباشرة
رقابة عامة في مواجهة مرؤوسيه وذلك عن طريق ما يصدره إليهم من أوامر ملزمة،وما
يباشره من سلطات تنظيم وتأديب عليهم،وهكذا ترجع شمولية السلطة الرئاسية إلى
انصرافها بحسب الأصل إلى سائر أعمال المرؤوسين. وهي سلطة مفترضة :لأن الرئيس
الإداري يمارس هذه السلطة بقوة القانون ولو لم يوجد نص يسمح للرئيس الإداري بإجراء
تلك الممارسة،فالسلطة الرئاسية ليست حقا شخصيا أو امتيازا مقررا للرئيس
الإداري،ولكنها مجرد اختصاص يباشره الرئيس طبقا للقوانين والأنظمة[6].
وهكذا يتبين من خلال ما سبق أن للرئيس بعض
السلطات يتمتع بها على حساب أعمال مرؤوسيه يأخذ بعضها صورة التوجيه من طرف الرئيس،
لإعانة المرؤوس على تفهم القوانين .بينما يأخذ البعض الآخر صورة التعقيب لإرجاع
تصرفات المرؤوس إلى حكم القانون والأنظمة المعمول بها.
1ـ
سلطة التوجيه:
وبخصوص سلطة التوجيه فإن الرئيس يمارس على
مرؤوسيه السلطة بإصدار أوامر وتعليمات ومنشورات ودوريات يوضح لهم فيها ويبسط
المقتضيات القانونية والنصوص التنظيمية الواجب عليهم تطبيقها،وقد تكون هذه
المنشورات والدوريات محددة وموجهة إلى مرؤوس بعينه، وقد تكون عامة ومجردة موجهة
إلى سائر المرؤوسين أو لصنف محدد منهم[7]،و
هذه التعليمات والمنشورات الهادفة توجيه وضمان حسن سير المرافق العامة الإدارية لا
تعتبر من قبيل القرارات الإدارية النهائية وإنما هي إجراءات مصلحية داخلية موجهة
إلى موظفي الجهاز الإداري،وعلى هذا الأساس لايجوز للموظف المرؤوس أن يخرج عن
الطاعة الواجبة لهذه الأوامر.وحينما تتعدى هذا النظام وتكون لها الانعكاسات
السلبية على الوضعية القانونية للمواطنين كان ممكنا الطعن فيها بدعوى الإلغاء بسبب
الشطط في استعمال السلطة،وفي اغلب الأحيان فإن هذه التعليمات والدوريات والمنشورات
ليس لها قيمة خارج إطار الجهاز الإداري[8].
2
ـ سلطة التعقيب والرقابة على أعمال المرؤوس
وتتمثل سلطة التعقيب فيما يخوله القانون
للرئيس من حق في إجازة أعمال مرؤوسيه وتعديلها وإلغائها والتصديق عليها، وإقرار
العمل الإداري من طرف الرئيس إما أن يكون صريحا أو ضمنيا.
فقد يكون صريحا إذا اشترط المشرع ذلك،بحيث إذا
سكت الرئيس الإداري عن إقراره لا يصبح نهائيا مهما طال الزمن، وقد كون الإقرار
ضمنيا يستفاد من نص القانون على اعتبار أن تصرف المرؤوس يصبح نهائيا بعد فوات مدة
معينة[9].
وتشمل سلطة التعقيب أيضا ما يخوله القانون
للرئيس من حق سحب أو إلغاء أو تعديل القرارات وأعمال المرؤوس،والرئيس يتولى سلطة
التعقيب والرقابة ليس فقط من زاوية المشروعية "أي من حيث مدى مطابقتها
للقانون بوجه عام"[10].وإنما
أيضا من حيث ملاءمتها أو عدم ملاءمتها لحسن سير المرافق العمومية،بمعنى " من
حيث مدى سلامة هذه الأعمال ومناسبتها للظروف التي اتخذت فيها"[11].لذا
يستطيع أن يعدل قرارات أو أعمال المرؤوس أو أن يسحبها أو أن يلغيها حتى ولو كانت
مشروعة ومتطابقة مع القانون،وتمارس سلطة التعقيب إما تلقائيا من الرئيس أو بناء
على تظلم إداري يتقدم به المعنيون بالأمر الذين تضرروا من تصرفات المرؤوسين شرط أن
يحترم الرئيس عند استعماله لسلطة التعقيب الحقوق المكتسبة المتولدة لفائدة الغير[12].
وتجدر الإشارة في الأخير،أنه يقابل السلطة
الرئاسية التي يتمتع بها الرئيس مسؤوليته أمام الوزير الذي يعتبر أعلى قمة في
السلم الإداري،وهو بدوره يسأل أمام البرلمان في النظام البرلماني وأمام رئيس
الدولة في النظام الرئاسي،وفي المغرب فإن الوزير يسأل سياسيا أمام الملك والبرلمان[13]
التعليقات على الموضوع