تصميم الموضوع المقدمة المبحث الأول : آليات تدخل السلطة المحلية في صياغة القرار الاقتصادي المطلب الأول : أسس اتخاذ القرار الاقتصادي ...
تصميم الموضوع
المقدمة
المبحث الأول : آليات تدخل السلطة المحلية في صياغة القرار الاقتصادي
المطلب الأول : أسس اتخاذ القرار الاقتصادي
المطلب الثاني : المركز الجهوي للاستثمار والمصالح الخارجية للوزارات
المبحث الثاني : إطار تدخلات السلطة المحلية في صياغة القرار الاقتصادي
المطلب الأول : تدخل السلطة المحلية في الحالات العادية
المطلب الثاني : تدخل السلطة المحلية في الحالات غير العادية ( سلطة الحلول
) .
خــاتــمـة
تقديم عام
إذا كانت الجماعات المحلية صاحبة الاختصاص الأصلي على الصعيد المحلي فيما
يخص صناعة القرار الاقتصادي ، فإن هناك عدة متدخلين آخرين يدلون بدلوهم في صناعة
القرار الاقتصادي على الصعيد المحلي ، خاصة الإدارات الغير الممركزة من مصالح
خارجية لوزارة الداخلية ومؤسسات محلية أو جهوية كالوكالات الحضرية والمجالس
الجهوية للاستثمار ووكالات التنمية وهيئات عليا وجهوية وإقليمية استشارية مثل
المجلس الوطني والمجالس الإقليمية للغابة واللجنة الجهوية للصحة ، إلا أنه يبقى
لسلطة الوصاية الدور الكبير والحظ الوافر في بلورة القرارات الاقتصادية على الصعيد
المحلي والإقليمي والجهوي ، فما هي الآليات والوسائل المتاحة للسلطة المحلية في
إعداد قراراتها الاقتصادية ، وما هي حدود تدخلاتها ؟
المبحث الأول : آليات تدخل السلطة
المحلية في صناعة القرارات الاقتصادية
لقد تبلور منذ بداية السبعينات مفهوم جديد للتنمية
الاقتصادية للمشاركة حيث لم يعد هذا المفهوم محصورا على جماعة محلية بمفردها أو
سلطة وصاية أو إدارة مركزية ، وإنما أصبح مفهوما تشاركيا بين مختلف لهذه المكونات
فمن خلالها وعن طريقها يمكن صياغة أفضل القرارات وأكثرها نجاعة وأحسنها ملائمة مع
واقع وجال المواطنين بصفة عامة فمنذ ظهور المفهوم الجديد للسلطة في ظل العهد الجديد
والذي جعل على عاتق السلطة المحلية للاضطلاع بالأدوار الاقتصادية التنموية عوض
التدخل الإداري الكلاسيكي الذي كانت تمارسه ، وانطلاقا من الرسالة الملكية حول
الاستثمار في سنة 2002 والتي وجهها جلالة الملك إلى وزيره الأول قصد تشجيع
الاستثمار في الإطار اللامتمركز حيث أفضى ذلك إلى خلق المراكز الجهوي الاستثمار
تحت إمرة الولاة والعمال كقطب متخصص في جلب وخلق الاستثمارات سواء الوطنية منها أو
الأجنبية .
المطلب الأول : أسس اتخاذ القرار
الاقتصادي
أصبح الولاة والعمال ومن خلالهم سلطة الوصاية مؤهلة أكثر
من أي وقت مضى للعب دور طلائعي في إعداد وصنع القرارات الاقتصادية المحلية
والجهوية معتمدة على مجموعة من الآليات ومستخدمة وصايتها الفعلية لإخراج القرار
الاقتصادي إلى حيز الوجود .
إن من بين أليات التي يمكن أن تركز عليها سلطة الوصاية
في إعداد قرار اقتصادي ما هي التكلفة المترتبة على هذا القرار بحيث لا يمكن تحقيق
منافع اقتصادية بالتنازل على الأخرى مثلا إصدار قانون الاستثمار يهدف إلى تشجيع
الاستثمارات المحلية والأجنبية وبالمقابل يؤدي إلى التنازل عن جزء من الضرائب
المفروضة على الأرباح ، مثال آخر ، لتشجيع الاستثمار بمدينة طنجة تم اتخاذ قرار
يجعل الضرائب بمدينة طنجة المفروضة على الشركات لا يؤدى إلا نصفها .
كذلك الحال عندما يتعلق الأمر بالميناء المتوسطي ومنطقته
الصناعية حيث يتم تقديم مجموعة من التسهيلات والتحفيزات لجلب شركات عملاقة مثل
رونونيسان لتستقر في منطقة ملوسة فإذا كان هذا العمل هو امتداد للسياسة العامة
للحكومة في الميدان الاقتصادي وخاصة في ميدان الاستثمارات وذلك على الصعيد المركز
فإنه لبلورة هذا المجهود كان لابد من إدارة ترابية فاعلة قادرة على الاهتمام بأبسط
التفاصيل والتنسيق بين مختلف الفاعلين المحليين لكي يرى هذا القرار الاقتصادي
النور ويمتد إشعاعه وطنيا ودوليا لخلق عدة مناصب شغل قارة وموسمية .
وعندما كان اختيار أفضل البدائل هو حتمية تنبني عليها
قاعدة صنع القرار الاقتصادي حيث كان لابد أن يكون أكثر حكمة وتدبر ولايؤدي إلى
تبديد وضياع الموارد.
وحتى يتمكن ممثل
وزارة الداخلية فإنه يتخصص الوالي أو العامل أو من يمثله في اتخاذ قرار اقتصادي
صحيح وفعال فلابد من توفره للمعلومة وكيفية معالجتها فكما هو معروف عقد المعلومات
من العناصر النادرة وصانعوا القرارات الاقتصادية الذين ليس لهم معلومات كافية
وشاملة في الماضي والحاضر والمستقبل لا يمكنهم اتخاذ القرار الاقتصادي الصائب وهذه
المعلومة تجدها متوفرة عند السلطات الغير ممركزة داخل العمالة والإقليم في شكل
المصالح الخارجية التي يستفيد بها السلطة المحلية في كل صناعة جديدة لقرار اقتصادي
ما ، هذه المصالح بالإضافة إلى توفرها على مجموعة من الأطر الكفأة والمتخصصة في
الميدان الذي تشتغل فيه تعتبر مساعدة للإدارة الترابية في الميدان الذي تهتم به
وبذلك يكون للوالي أو العامل (السلطة المحلية) نظرة شمولية وتصور واسع في الميدان
الاقتصادي قل نظيره عن الجماعات المحلية على اعتبار ضعف التأطير ، وكذا قلة
الكفاءات ومحدوديتهما وعدم تخصصها مما يجعل قرارات هذه الأخيرة غالبا ما يتم
تعديلها أو تحسين مضمونها وفي بعض الأحيان إلقائها .
وعندما يتم اتخاذ القرار الاقتصادي فقد تكون له بالإضافة
إلى التأثيرات الحالية والمباشرة آثار ثانوية مستقبلية ( آثار العولمة على
المجتمعات البشرية تؤدي إلى دوبان الحضارات مثل آثار خلف منطقة صناعية في بادية أو
قروية تؤدي إلى تفسير في نمط العيش للسكان الأصليين وتؤثر على ثقافتهم وعاداتهم .
وبالرجوع إلى الدور الفعال الذي يقوم به الوالي أو
العامل في الجهة أو الإقليم نجده يعمل على تطبيق السياسة الحكومية العمومية في
جهته وإقليمية ويجعلها تتماشى مع السياسات المزمع التدارس بشأنها في المجالس
المنتخبة المحلية ، فما هو قطاع الاتصال الرقمي الذي يسمى المغرب الرقمي الذي أعطى
انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده ستجد تطبيقها انطلاقا من
الجهات وأقاليم المملكة وبالتالي تعتبر بحق قرارا اقتصاديا مركزيا ووطنيا ذو إشعاع
جهوي ومحلي ، كذلك في ميدان الطاقات المتجددة أشرف صاحب الجلالة على إعطاء
انطلاقته في ورزازات جاعلا من المغرب في مصاف الدول المتقدمة التي تعتمد في
سياستها الطاقية على الطاقات المتجددة .
كذلك التأهيل الحاصل في عدد كبير في المدن والمراكز
المغربية هو عبارة عن قرارات اقتصادية يشرف عليها ولاة وعمال صاحب الجلالة بصيغة
شخصية مؤازر بين المصالح التابعة لهم وبمراكز الاستثمار الجهوية لإعداد الدراسات
والتقاسيم الخاصة بهذه المدن والمراكز .
المطلب الثاني : المراكز الجهوية
للاستثمار والمصالح الخارجية للوزارات .
جاءت الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير الأول حول
إحداث المراكز الجهوية للاستثمار لتضع حدا لجدل دام أزيد من سنة حول جدوى إنشاء
الشبابيك الموحدة التي سبق الإعلان عنها في بداية سنة 2001 من طرف السلطات المحلية
، وكانت جهة الدار البيضاء السباقة لإنشاء شباك موحد خلال النصف الأول من سنة 2001
من طرف السلطات المحلية ، إلا أن هذا الشباك رغم وجود بناية مخصصة لاحتضانه ،
واستقبال المستثمرين لم يخرج لحيز الوجود بسبب غياب إطار قانوني منظم له .
وكان متوقعا ما صرح به المسؤولون[1]
آنذاك ، أن يضم الشباك خلية إدارية ولجنة جهوية تضم جميع ممثلي الوزارات والمكاتب
الوطنية والإدارات يترأسها الوالي ، تنحصر مهمتها في دراسة ملفات الاستثمار
ومعالجتها وإعطاء الرخص ، وما لبث أن تم تحجيم دور الشباك بسبب غياب النصوص
القانونية المنظمة له إلى دور استشاري وتوجيهي لفائدة المستثمر بعد أن كان يراهن
عليه لمعالجة الملفات الإدارية الاستثمارية خصوصا الكبرى منها والتي تعترضها مشاكل
إدارية .
وبدأت العديد من الأصوات تنادي بالإسراع بإخراج المساطر
القانونية الخاصة بالشبابيك من أجل وضع حد للبيروقراطية الاقتصادية خصوصا أن النمو
الاقتصادي بدأ يعرف خلال السنوات الأخيرة وخاصة 1999 – 2000-2001 ركودا متزايدا
نتيجة تراجع النمو الاقتصادي بسبب انحسار حجم الاستثمارات الوطنية ، وهكذا تم
إخراج مؤسسة المخاطب الوحيد إلى حيز الوجود لاستقبال المستثمرين ، والتسريع من
وثيرة حصولهم على الرخص لمباشرة مشاريعهم بموجب الرسالة الملكية الموجهة للوزير
الأول في 9 يناير 2002 والتي يدعو من خلالها جلالة الملك محمد السادس كل النشطاء
الاقتصاديين والفاعلين السياسيين بما فيهم الوزراء إلى تفعيل مسلسل إنشاء مراكز
جهوية للاستثمار .
وبهذا سيتم تحديد أشواط المرحلة التأسيسية التي قطعتها
هذه المراكز والمهام التي أنيطت بها .
ويعتبر المفهوم الجديد للسلطة بكل أبعاده إجراء يهدف إلى
إدخال إصلاحات نوعية على أشكال ومضامين ممارسة السلطة[2]
عبر تحويل الاختصاصات التي تمارس على الصعيد اللامركزي لفائدة الولاة (الفقرة
الأولى) وتفويض الاختصاصات إلى المصالح الخارجية (الفقرة الثانية ) وذلك بهدف
دمقرطة النظام والقضاء على مركزية القرار .
الفقرة الأولى
: تفويض الاختصاصات إلى الولاة والعمال :
لوضع المراكز الجهوية للاستثمار في مكانها المناسب وفي
إطار التنمية المستدامة ، يتطلب الأمر تقسيم السلط وإعادة تعريف مفهومها وإعادة
تعريف مفهومها وإعادة انتشار الاختصاصات بشكل يستجيب لطموحات التنمية المستديمة
عبر منح الولاة[3]
اختصاصات قانونية وتنظيمية للتدخل في عين المكان وفي الوقت المناسب وبالنيابة عن
الحكومة في جميع الإجراءات الضرورية باعتبارهم مسؤولين عن تنظيم وسير المراكز ،
ولهذا الغرض تم توسيع دائرة التفويضات بإعطاء ولاة الجهات أدوات العمل قصد
إنعاشالجهة وتفعيل سياسة الاستثمار الجهوي .
وقد تمت عملية التفويض إلى الولاة على الشكل التالي :
التفويض في المصالح المركزية إلى السادة الولاة : يتعلق الأمر بصدور مجموعة من المراسيم[4]
والقرارات المهمة التي ترتبط خاصة بالأنشطة الإنتاجية والاستثمارية ، إذ يتعين على
أعضاء الحكومة والموظفين السامين في الإدارة المركزية أن يفوضوا لهم صلاحيات لازمة
باسم الدولة في مجال إبرام ومنح التراخيص والعقود التالية :
1-عقود البيع والكراء بعقرات ملك الدولة الخاص
2-قرارات التراخيص باحتلال الملك العمومي والملك الغابوي
3-ترخيص بإقامة أنشطة صناعية
4-الترخيص بفتح مؤسسات سياحية واستغلالها ومراقبتها وتسليم مختلف الرخص
الخاصة الضرورية لاستغلال هذه المؤسسات .
كما يمكن للسلطات الحكومية أن تفوض اتخاذ القرارات
اللازمة فيما يخص إنجاز الاستثمارات إلى الولاء والمتعلقة بالمشاريع التي يفوق
مبلغها 200 مليون درهم مع ضرورة تأشيرة الوزير الأول على كل القرارات المفوضة
وضرورة نشر قرارات التفويض في أجل 45 يوما .
أما تفويضات وزارة الداخلية للسادة الولاة فتهدف إلى
التحقيق من مساطر مراقبة القرارات
والأعمال الصادرة عن الجماعات المحلية وذلك عبر تفويض وزير الداخلية لسلطاته فيما
يتعلق بالوصاية المحلية .
كما أصبح بمقدور الولاة وبفضل توسيع مجال التفويضات
المصادقة على قرارات تحويل تقرير الميزانية من فصل إلى فصل آخر داخل ميزانية
الجماعات المحلية وكذلك المصادقة على قرارات التملك أو التخلي عن أراضي الجماعات
المحلية [5]
عن عملية التفويضات من الولاة إلى العمال فيتعلق الأمر بإعادة توزيع الاختصاص بين
رجال السلطة على المستوى المحلي ، فهو إجراء يمس بنية القرار وإشكال اتخاذه ،
ويرتبط هذا المستوى بإجراء هذا الإصلاح المهم عبر تحديد الاختصاصات أولا وإعادة
توزيعها ثانيا .
وإن تفويض بعض الاختصاصات الوزارية في المجال الإداري
للولاة لا يعني تجاوز المسؤوليات الحكومية ، وإنما يؤكد الأولوية الاقتصادية في
المهام المركزية إلى ولاة جهات المملكة في اتجاه تشجيع الاستثمارات وإزاحة
العراقيل لخلق المناخ المناسب على المستوى المالي والإداري والجبائي لتسهيل
العملية الاستثمارية عن طريق إصلاحات عقلانية .
فالمهام الموكولة الأن إلى الولاة ، وبفضل التفويضات ،
أصبحت على جانب كبير من الأهمية ، فالولاة في المغرب سبق لهم أن كانوا وزراء أو
مسؤولين مركزيين ، بل وحتى مستشارين ملكيين سابقين ، الشيء الذي يجعل من الوالي
ليس مجرد موظف في سلك وزارة الداخلية ، بل ستطغى تجربته الإدارية ومكانته الفكرية
لتجعل منه مصدرا للخيال والإبداع في مجال التنمية المحلية الشاملة .
الفقرة الثانية
: تفويض الاختصاصات إلى المصالح الخارجية .
يدخل إحداث المصالح الخارجية للإدارة المركزية في نطاق
تقريب الإدارة من المواطنين فامتداد المصالح الخارجية إلى أقصى الأقاليم يوفر
للمواطنين عبء التكاليف التي يتحملونها للانتقال إلى المدن الرئيسية كما أن تشعب
وتعقد العمل الإداري يجعل من الصعب جدا على الوزير أن تمتد يده إلى كل كبيرة
وصغيرة تهم شؤون وزارته .
فالضرورة تحتم اللجوء إلى تفويض بعض اختصاصات السلطات
المركزية إلى الممثلين على الصعيد المحلي ، لكن الملاحظ أن الكثير من الوزارات
تمتنع عن تفويض بعض اختصاصاتها ووسائلها لمصالحها الخارجية ، وهو ما يجعل من سياسة
اللاتمركز شعارا بدون تفعيل [6].
وينظم مرسوم أكتوبر 1995 والذي يتعلق باللاتركيز الإداري
توزيع الاختصاصات والصلاحيات بين الإدارة المركزية ومصالحها الخارجية ويمنح للوزراء
إمكانية تفويض جزء من صلاحياتهم لرؤساء المصالح الخارجية التابعين لسلطته الرئاسية
كما نص المرسوم على إحداث لجنة أطلق عليها " اللجنة الدائمة لعدم التركيز
" برئاسة الوزير الأول ، ويشارك في اجتماعاتها وزير الداخلية والمالية
والأمين العام للحكومة والوزراء المعنيين بنقط جدول أعمال اجتماعاتها .
وبالرغم من تضمن المرسوم على إطار لدعم عدم التركيز إلا
أنه في الواقع لم يخرج من كونه برنامج لم يتم تطبيقه .
وبالرغم من إقرار المصالح الخارجية من طرف الوزارات
والإدارات المركزية فقد ظل عدم التوازن الناتج عن التوزيع اللامتكافئ للخريطة
الترابية مع الإدارات التقنية والاقتصادية والاجتماعية قائما ، المر الذي شكل
عائقا في تطوير اللاتركيز الإداري بمختلف صوره .
كما أوضح التصميم المديري للاتركيز غياب استراتيجية
شاملة معدة مسبقا مبرزا أن كل وزارة تنظم مصالحها الخارجية حسب منظورها الخاص
وتبعا لوسائلها المالية وضروراتها التقنية ، وهذا ما أدى بالبعض منها أن تكون لها
مصالح خارجية متعددة المستويات .
وعموما يمكن القول إن المشاكل السابقة كانت إفرازا من
إفرازات الإدارة المغربية المركزية ، الناتج عن وجود عقليات رافضة للتغيير وغير
مؤمنة به ، ويظهر ذلك في تحفظها الدائم وترددها في كثير من المناسبات لإدخال
أساليب جديدة غير مأمونة قد لا يتحملا النمط الإداري البيروقراطي السائد .
فأسلوب المركزية أضحى متجاوزا في العصر الحالي ، إذ تمت
إعادة النظر فيه من خلال نقل اختصاصات السلطة المركزية إلى المصالح الخارجية
المحلية ، الشيء الذي يخول لهذه الأخيرة اتخاذ بعض القرارات والفصل النهائي في بعض
القضايا والشكايات دون حاجة لاستشارة الإدارة المركزية أو عرضها عليها ، من أجل
المصادقة ، وهذا الانتقال لا يتم إلا من خلال تحريك مسطرة تفويض السلطة ، والذي تم
تفعيلها بموجب الرسالة الصادرة في 9 يناير 2002.
وفي هذا دعوة ملحة إلى ضرورة ملاءمة الجهاز الحكومي
لهياكله مع التصور الجديد للسلطة ، وذلك عبر إصلاح بنية المندوبيات والمديريات
والمصالح الخارجية ككل[7].
المبحث الثاني : إطار تدخلات السلطة
المحلية في القرار الاقتصادي
إن الغاية من فرض الوصاية على المجالس الجماعية سواء من
طرف السلطات المركزية أو المحلية هو التأكد من احترام القرارات الصادرة عن تلك
المجالس للمقتضيات القانونية ، فهي بمثابة ضمانة ضد الأخطاء والتجاوزات التي قد
تصدر عن الجماعات في تسييرها للشأن المحلي .
وصلاحيات الوصاية المخولة للسلطة المحلية تهدف بالأساس
إلى السهر على تطبيق المجلس الجماعي وجهازه التنفيذي القوانين والأنظمة الجاري بها
العمل وكذا ضمان حماية الصالح العام وتأمين دعم ومساعدات الإدارة[8]
.
المطلب الأول : تدخل السلطة المحلية في
الحالة العادية .
ومن هنا نجد على أن سلطة الوصاية المجسدة أولا في العامل
تمثل أهمة خاصة ، إذ جزء كبير من التدخلات الاقتصادية اللامركزية ترتبط به وتترجم
هذه الهيمنة بطبيعته المزدوجة كذلك[9]
.
فظهير 15/02/1977 المتعلق باختصاصات العمال بعطيه هذه
الصفة المزدوجة ، إذ نجد الفصل الأول يعتبره ممثلا للملك ، والفصل الثاني بمثابة
مندوب للحكومة .
وفي الفترة الأخيرة لوحظ بأن العامل أصبح ليس فقط منسقا
، وإنما متدخلا أساسيا في مجال التدبير الاقتصادي العمومي الجهوي والمحلي والمخاطب
الرئيسي في مجال الاستثمار وتعزز دوره في ظل الحديث عن المفهوم الجديد للسلطة ، إذ
أصبح مطالبا بتحفيز الاستثمار وتنشيط الشغل ما بين المجالس الجماعية وبين المجتمع
المدني والمتدخلين الاقتصاديين الأخيرين .
هذا ، ونجد أنه إذا كان المجلس الجماعي طبقا للمادة 36
من القانون 17-08 يقوم بجميع الأعمال الكفيلة بتحفيز وإنعاش تنمية الاقتصاد المحلي
والتشغيل ، فسلطة العامل أو الوالي تتمظهر من خلال الشرطة الاقتصادية المتجلية في
مراقبة الأسعار ، الميدان الفلاحي ، الملك الغابوي ، شرطة البناء والتعمير ، فهي
ازدواجية في الاختصاصات .
ناهيك عن أن السياسة الاقتصادية المركزية على المستوى المحلي
ترتبط ارتباطا وثيقا بشخصه وقدراته على تحريك الأطراف المحلية المعنية[10]
.
فالسلطة المحلية حاضرة في الميثاق الجماعي سواء من خلال
الوصاية على الجماعات الحضرية والقروية أو على مستوى التدخل في أعمال ودروات
مجالسها ، وبذلك فإنه يمكن القول بأن الجماعات المحلية بحكم الوصاية ما هي إلا
مساعد اقتصادي وإداري يعيد إنتاج وصياغة قرارات الدولة على المستوى المحلي فضلا
عما للسلطة من قوة قانونية تدعم مركزها الاقتصادي ما دامت تراقب النشاط الاقتصادي
في دائرة النفوذ عبر المشاركة في تسيير دورات المجلس والمساهمة في إعداد جدول
الأعمال وإدراج أي مسألة ترى فائدة في عرضها عليه مع تقديم جميع الملاحظات المفيدة
لمداولاته .
ورغم أن السلطة المركزية آخذة في نهج سياسة التخلي عبر الخوصصة واللامركزية
، فإنها قوت بشكل موازي سلطة الوصاية بصلاحيات واسعة مما يمكن القول معه بأن هناك
احتكار في صياغة القرار الاقتصادي وغيره من القرارات الأخرى المرتبطة بالمجالات
المتنوعة الخاضعة للجماعات .
وارتباطا بهذا الموضوع وبغض النظر عن الوصاية على
الأشخاص فإن الهم هي التي تمارس على القرارات المحددة في المادة 69 من الميثاق ،
بحيث لا يمكن تنفيذها من طرف المجلس إلا بعد المصادقة عليها من طرف السلطة المحلية
، بل ويمكن لهذه الخيرة طبقا للمادة 70 دعوة المجلس الجماعي لإجراء دراسة جديدة
وبشأن مسألة سبق أن تداول فيها على أن يكون هذا الطلب معللا ، وإذا تمسك المجلس
برأيه بعد هذه لدراسة الجديدة يمكن للوزير الأول باقتراح من وزير الداخلية أن يبث
في هذه المسألة بمرسوم معلل داخل أجل ثلاثة أشهر باستثناء القرارات المتعلقة برفض
الحسابات الإدارية التي يصادق عليها المجلس الجماعي[11]
.
ولعل أهم ما يبرز تدخل السلطة المحلية في صياغة القرار
الاقتصادي هي المعوقات التي أجملناها في أربع مستويات :
· ضعف كفاءة
المستشارين الجماعيين
· هشاشة التأطير
الإداري البشري
· العلاقة
الملتبسة بين المجلس الجماعي والسلطة الإدارية المحلية
ولعل هذه الثغرات تبرر تدخل سلطة الوصاية الإدارية لخدمة
المصلحة العامة دون السقوط في صرامة الرقابة الرئاسية ، ذلك أن الغاية من وجود
لوصاية على الهيئات المحلية هو إيجاد التوازن بين تحقيق المصالح المحلية والمصالح
الوطنية في إطار احترام الوحدة الإدارية والسياسية للدولة وفي نطاق المشروعية[13]
.
أما المبررات الأساسية الأخرى التي تدعو إلى إرساء الوصاية الإدارية تتجلى
في الأسباب التالية :
1- الوصاية
الإدارية هي في مصلحة الدولة لأنها تخدم الوحدة السياسية وتفرض احترام القانون .
2- إن الوصاية
الإدارية هي في مصلحة الجماعة المحلية لتجنيبها الانزلاقات في التسيير والتدبير
التي قد تقع فيها .
وعموما ، ما تتخذ الوصاية الإدارية ثلاثة أشكال تتدرج من الصرامة إلى
الليونة :
· الصورة الأولى
: تتجلى في النظام الصارم الذي يخضع للقرار الصادر عن الأجهزة اللامركزية إلى
المصادقة الصريحة أو الضمنية لسلطة الوصاية .
· الصورة الثانية
: تشمل نظاما مختلطا ، إذ يعترف للقرارات الصادرة عن السلطات اللامركزية بالقوة
التنفيذية شرط التنصيص على قابليتها للإلغاء طبقا للقانون إما لانعدام الشرعية أو
لانعدام الملائمة .
· الصورة الثالثة
: تتجلى في نظام متحرر الذي يخول للقرارات المتخذة من طرف الأجهزة اللامركزية
القوة التنفيذية بحكم القانون ، والتي لا تكون للإلغاء إلا تحت طائلة مسطرة
الرقابة الشرعية سواء بواسطة الوصاية أو بالإحالة على السلطة القضائية[15]
.
المطلب الثاني : تدخلات السلطة المحلية
في الحالات غير العادية (سلطة الحلول) .
إن المشرع من خلال النصوص القانونية اعتبر السلطة
المحلية شريكا فعليا بجانب المنتخبين من أجل السعي وراء تحقيق المصلحة العامة ،
فهي – كما رأينا – تحضر جلسات المجلس ، تقترح النقط في جدول الأعمال ، تطلب رئيس
المجلس ترأس اللجنة الخاصة في حالة حل أو توقيف المجلس ، على أن سلطة الحلول تبقى
أهم اختصاص منحه إياه المشرع والذي بمقتضاه يمكنها الحلول محل رئيس المجلس في جميع
اختصاصاته كلما تقاعس هذا الأخير عن القيام بواجبه .
فهذا الأسلوب فضلا عن كونه يضمن معالجة بعض القضايا
الملحة بسرعة ، فهو ليس فيه أي تدخل أو تطاول على اختصاصات رئيس المجلس الذي تترك
له الفرصة كاملة للقيام بواجباته بدءا من الالتماس منه الوفاء بذلك إلى غاية اتخاذ
قرار معلل في الموضوع وفق شروط وشكليات محددة بكل دقة ، كما أن رئيس المجلس تبقى
له كل الصلاحية للطعن أمام القضاء ، إذا تبين له أن هذا الاختصاص لم يستعمل في
الحدود التي فرض المشرع وفقها استعمال هذه السلطة [16]
.
كما أن التعليمات الملكية السامية التي وجهها جلالة
الملك إلى الوزير الأول والمعلن عنها في 9 يناير 2002 في موضوع التدبير اللامتمركز
للاستثمار على أنه ( في حالة استمرار التأخير ، فإنهم يشعرون بذلك والي الجهة
ويمارسون سلطة الحلول التي يخولها لهم الميثاق الجماعي والتي ستحدد شروط ممارستها
بنص تنظيمي يتخذ باقتراح من وزير الداخلية ) .
فالرسالة الملكية السامية التي تم بموجبها منح ولاة
الجهات تفويضات من طرف الوزراء وإحداث مراكز جهوية للاستثمار من أجل توفير المناخ
الملائم للفعل الاقتصادي في إطار التدبير اللامتمركز للاستثمار لرفع المحدودية
التي عرفها الميثاق السابق لسنة 1976 على مستوى التنمية ، حثث اللجوء إلى سلطة
الحلول وذلك لاحترام الآجال القانونية للتراخيص الضرورية لإنجاز عمليات الاستثمار
، وطبقا لذلك صدر مرسوم مؤرخ في 2 يونيو 2004 متعلق بتحديد كيفيات ممارسة سلطة
الحلول[17]
.
وبالرجوع إلى المرسوم المذكور نجد على أن المادة الأولى
منه تنص على أن عامل العمالة أو الإقليم الذي توجه الجماعة المعنية في دائرة نفوذه
هو من يرجع له حق الاختصاص في ممارسة سلطة الحلول .
إذا كان هذا هو الإطار للتدخلات في صناعة القرار
الاقتصادي من طرف الهيئات والجماعات المحلية فما هي الأسس والمرتكزات التي تعتمدها
السلطة المحلية في إعداد وصناعة القرار الاقتصادي ؟
خاتمة
يظل اللاتوازن واضح بين رئيس الجماعة وعامل العمالة أو
الإقليم باعتبار هذا الأخير المنسق في المصالح المختلفة للدولة والذي يتميز بمكانة
مرموقة في البناء الإداري للدولة وعلى رأس السلطات الإدارية المحلية ، النتيجة
طبعا انعكست سلبيا على الجماعات المحلية وأدت إلى إضعاف أدائها بشكل عام ، وعلى
عدم قيام الإدارة الاقتصادية الترابية بشكل خاص بالدور الاقتصادي والتنموي المنوط
بها ، وجعلت من العامل في النهاية الاقتصادي رقم واحد على المستوى المحلي ، لهذا
أضحى من اللازم إعادة طرح وتعميق النظر في أسئلة وإشكالية اللاتمركز الإداري الذي
يعد مكملا لسياسة اللامركزية التي تسعى إلى فكرة التعددية في تدبير السياسات
العمومية .
المراجع المعتمدة
الكتب :
· محمد يحيا :
" المغرب الإداري طبعة 2006
· محمد العبرق
" الجماعة الحضرية ورهان التنمية
· عبد القادر
باينة " المختصر في القانون الإداري المغربي ، الكتاب الأول الطبعة الأولى
1985 .
· إدريس البقصري
، ميشال روسي ، جون كرايمون ، أحمد بلحاج " القانون الإداري المغربي "
المطبعة الملكية 1988 .
· صلاح الدين
أكريلان " الميثاق الجماعي : قراءة تحليلية " الطبعة الأولى 2009 .
المقالات :
· رجاء التازي
" المراكز الجهوية للاستثمار : أداة لبلورة سياسة القرب .
· المجلة المغربية
للإدارة المحلية والتنمية ، سلسلة مواضيع الساعة عدد 52 ، 2006.
الرسائل :
· الطالبة
الباحثة فوزية العشيري " التدخلات الاقتصادية للجماعات المحلية بين حدود
التنصيص القانوني وتدبير الواقع – الجماعة الحضرية لطنجة نموذجا – تحت إشراف
الدكتور عبد السلام لزرق ، السنة الجامعية 2007-2008 .
القوانين
· الميثاق
الجماعي 00.78 كما تم تعديله وتتميمه بموجب قانون 17.08.
الفهرس:
المقدمة
..............................................................................2
المبحث الأول : آليات تدخل السلطة المحلية في صياغة القرار الاقتصادي ............4
المطلب الأول : أسس اتخاذ القرار الاقتصادي........................................4
المطلب الثاني : المركز الجهوي للاستثمار والمصالح الخارجية
للوزارات............7
الفقرة الأولى : تفويض الاختصاصات إلى الولاة والعمال.............................9
الفقرة الثانية : تفويض الاختصاصات إلى المصالح الخارجية ........................12
المبحث الثاني : إطار تدخلات السلطة المحلية في صياغة القرار الاقتصادي
.........15
المطلب الأول : تدخل السلطة المحلية في الحالات العادية............................15
المطلب الثاني : تدخل السلطة المحلية في الحالات غير العادية ( سلطة الحلول
) .....20
خــاتــمـة......................................................................22
المراجع المعتمدة.....................................................................23
[3] يتموقع والي
الجهة في أعلى هرم للسلطة على الصعيد الجهوي نظرا لتجسيده سلطة الدولة وحتى يكون
في مستوى ما أسند إليه من مهام أساسية في مجال الاستثمار يجب أن تتوفر فيه نظرة
شاملة ودقيقة حول ميادين التنمية بالارتكاز على مجموعة من المعطيات والطاقات التي
تختزنها الجهة .
[5] Journal le matin 13
janvier 2002. p 1.
[12] محمد آيت
المكي ( ظهير 30 شتنبر 1976 من مقتضيات النصوص ومستلزمات الواقع ، عشر سنوات من
التطبيق ) مجلة القانون والاقتصاد عدد4 – 1988 ص 83 .
[13] ذ. عبد
القادر نباينة ، المختصر في القانون الإداري المغربي ، الكتاب الأول الطبعة الأولى
1985 ص 381 .
[15] القانون
الإداري المغربي إدريس البصري وميشال روسي – جان كرايمون ، أحمد بلحاج ، المطبعة
الملكية 1988.
ليست هناك تعليقات