مالية الجماعات المحلية بعد الإصلاح الأخير نبدة تاريخية: أ- ما قبل الحماية : فقد عرف مغرب ما قبل الحماية جبايات كان المستفيد ال...
مالية الجماعات
المحلية بعد الإصلاح الأخير
نبدة تاريخية:
أ- ما قبل
الحماية:
فقد عرف مغرب ما قبل الحماية جبايات كان المستفيد الأول منها المدينة
أو القرية في احدى منشآتها أو انشاء
تجهيزات تتطلبها الحاجات المحلية بها.
و تسمى هذه الجبايات بالستفادات
أو المستفاد و هي مداخيل الضرائب على التجارة المحلية، مداخيل الأملاك المخزنية
المحلية و موارد بريد المدينة.
فهي بصفة عامة جميع مداخيل المخزن من المدينة و
المناطق التابعة لها باستثناء رسوم التجارة الخارجية التي تتعلق بمداخيل الميناء و
يقوم بجياية هذه الأخيرة أمين المرسى و
أعوانه و ليس أمين المستفاد.
و تشمل موارد المستفاد على
الجبايات و موارد أخرى.
فالجبايات تتعلق بالموكس و هي
نوعان:
موكس الأبواب
و موكس الأسواق
أما المدخيل غير الجبايات
فهي فوائد احتكار المخزن لبعض البضائع التجارية كالكبريت ثم مداخيل املاك المخزن بالمدينة و
المناطق التابعة لها الى جانب مداخيل
البريد. و قد عرفت هذه المداخيل بجميع أنواعها طرق تقدير و تحصيل متطورة كما أنها
عرفت عدة نزاعات بين ادارة التحصيل و الملزمين رفع في شأنها الأمر الى السلطان.
فالتطبيقات في تقدير اسعارها
كانت تختلف من منطقة الى أخرى، اضافة الى الممارسات الجائرة و التي لا تخضع الى أي
معيار و المطبقة من طرف بعض أعوان الأمين و كذلك من طرف الأشخاص الذين يقومومن
بتأجير حق تحصيل المكوس.
تخصص مداخيل المستفاد الى تغطية نفقات يسهر على
صرفها أمين المستفاد و تتعلق كلها بالتسيير و التجهيزات المحلية. و هي ثلاثة
أنواع:
نفقات ادارة المستفاد و المرافق
التابعة لها،
نفقات على المدينة و المناطق
التابعة لها
و
أخيرا النفقات المأمور بها.
هذه النفقات يقوم بها امين المستفاد و هي تتعلق بالمدينة و المناطق
المجاورة و التابعة لها ، الشيء الذي يؤكد طابعها المحلي.
ب- فترة الحماية:
أمام احتياجات المدن المتزايدة و ضعف
الموارد المحلية في بداية الحماية، ظهرت
بعض الميزات البلدية مند سنة 1913. و قد صدرت عدة نصوص تتعلق بمالية البلديات مند
السنوات الأولى للحماية كظهير فاتح ابريل
1913 الذي يتعلق بالمحاسبة البلدية، ظهير 22 يوليوز 1916 الذي حدد الرسوم و الحقوق البلدية كالرسم المفروض على
الحفلات و الرسوم المفروضة على توزيع
الماء و ظهير 27 مارس 1917 الذي خلق رسوم بلدية أخرى كالرسم المفروض على
الكلاب و الرسم المفروض على السيارات. لقد
كان الهدف من خلق هذه الرسوم و
الحقوق و الأداءات هو محاولة تقليص العجز الذي كانت تعرفه ميزات البلديات الا
ان مداخيل هذه الجبايات لم تكن كافية
لتغطية العجز مما دفع الى الإبقاء على امدادات الدولة من أجل التوازن.
لقد أدى هاجس التوازن المالي و ثقل أعباء امدادات التوازن
التي تقدمها الدولة الى التخلي عن موارد بعض ضرائب الدولة كالضريبة الحضرية و
الضريبة المهنية لتستفيد منها ميزانيات البلديات. فقد صدر ظهير 20 ابريل 1942 و المتعلق بالضريبة الحضرية و
أصبحت الضريبة المهنية تستفيد منها البلديات مند سنة 1948.
لقد كانت الموارد البلدية مقسمة
الى ثلاثة أنواع: المداخيل العادية، المداخيل الإستثنائية و المداخيل الإضافية. و
قد شملت هذه الموارد كل من : المساهمات من حصة مدخول الضريبة على المعاملات،
الضريبة الحضرية، الضريبة المهنية، الرسوم على العروض السينمائية و المسرحية، رسوم
مقابل الخدمات البلدية، موارد متأثية من التوزيع الذي تقوم به الدولة بالنسبة لبعض الضرائب كالضريبة على البنزين،
مداخيل الأملاك البلدية و القروض و الهبات.
ج- فترة الإستقلال:
سيغرف المغرب مند السنوات الأولى للإستقلال عدة نصوص تشريعية
خاصة بالمالية المحلية. فمند سنة 1958 صدر ظهير 23 دجنبر 1958 الذي كان بمثابة
بداية تنظيم المالية المحلية .
الا أن الخطوة الهامة و التي
شكلت حجر الأساس للنظام الإداري و المالي هي صدور ظهير 23 يونيه 1960 بمثابة قانون
ينظم الجماعات البلدية و القروية.
تترجم صلاحياته المالية عبر
موارد ميزانيته الذاتية و مجال اختصاصه ففي كيفية صرفها و برمجة ذلك في اطار نفقات
تسييرية و أخرى تجهيزية.
الا ان الملاحظ هو ان ان الصلاحيات الإدارية و
المالية كانت محدودة بالنسبة للمجالس البلدية و القروية في اطار استشاري حيث بقيت
الإختصاصات الهامة في يد ممثلي سلطة الوصاية على الصعيد المحلي.
مجيء ظهير 30 شتنبر 1976 كميثاق
جماعي جديد بمثابة قفزة نوعية هامة عززت
أسس اللامركزية في المغرب. و ان تطبيق
الميثاق لمدة طويلة لا شك انه شكل مراسا
للمستشلرين و الإدارة المحلية و السكان.
إصلاح النظام المالي المحلي: القانون رقم 08-45
يخضع التنظيم المالي للجماعات
المحلية ومجموعاتها لأحكام القانون رقم 08-45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات
المحلية ومجموعاتها الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 02-09-1 الصادر في 22 من صفر
1430 الموافق لـ 18 فبراير 2009([1]).
ويأتي هذا القانون كامتداد
طبيعي للإصلاحات الكبرى التي همت الإدارة اللامركزية بالمغرب وخصوصا الإصلاح الذي
أتى به القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي والتغييرات التي شملته بموجب
القانون رقم 08-17 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 153-08-1 الصادر في 22 من صفر
1430 (18 فبراير 2009) وكذا إصلاح ومراجعة النظام الجبائي المحلي بموجب القانون
رقم 06-47.
إن فهم هذه الإصلاحات يقتضي
أولا فهم فلسفتها ووضعها في إطارها العام ومعرفة أبعادها ولأجل ذلك وقبل عرض
الإصلاحات الكبرى التي شهدها التنظيم المالي المحلي لابد أولا من فهم أسبابه
وغاياته.
الإطار العام لإصلاح التنظيم
المالي المحلي:
إن الهدف الأساسي من الإصلاحات
الكبرى التي شملت النظام الإداري والمالي للإدارة اللامركزية هو النهوض بدوره
الجماعات المحلية وجعلها شريكا رئيسيا في التنمية الوطنية وهي الفكرة العامة
الموجهة لكل هذه الإصلاحات والتي أعلنها جلالة الملك في خطابه إلى المشاركين في
الملتقى الوطني حول الجماعات المحلية بأكادير بتاريخ 12 دجنبر 2006 في الصيغة
التالية:"وإن طموحنا لكبير في جعل المدن والجماعات المحلية، تشكل إلى جانب
الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، شريكا حقيقيا في مسلسل التنمية الشاملة ببلادنا وقوة
اقتراحية لتفعيل مختلف الإستراتيجيات".
وهي شراكة تعتبر ضرورية وتفرضها
تحديات الألفية الثالثة التي فرضت العمل بمبادئ تدبير جديدة تساير السرعة في
الإنفتاح على المحيط الخارجي وفي تحرر المبادلات وشدة المنافسة في الإنفتاج
وفي استقطاب الإستثمارات الخارجية وأنه من
غير الممكن للجماعة في ظل هذا الواقع أن تكون شريكا أساسيا في التنمية من غير أن
تتوفر لديها الإمكانيات المادية والبشرية والإستقلال الإداري والمالي اللازمين
لمساعدتها على القيام بهذا الأمر.
ولأجل ذلك فإن هدف الإصلاح
المالي هو بالدرجة الأولى مواءمة الإطار القانوني والمؤسساتي الذي يحكم تدبير
الشأن المحلي والعمل على عصرنة وتبسيط إجراءاته والحد من كلفته عن طريق استهداف
بلوغ ثلاث غايات أساسية أعلنها وزير المالية أثناء شرحه للفلسفة العامة للإصلاح
المالي المحلي ويتعلق الأمر بـ:
1- الحد من إجراءات الوصاية
الإدارية والمالية على القرار المالي الحالي وتبسيط طرف ممارستها وعقلنتها عن طريق
إعادة النظر في المساطر المعتمدة في المصادقة على الوثائق المالية المالية المحلية
والحد من المراقبات القبلية التي تعرقل عمل الجماعات وتحد من فعاليته، ودعم المراقبة الداخلية
المرتكزة على المردودية والفعالية في استعمال الإعتمادات المالية.
2- دعم الفعالية في مجال إعداد
وتنفيذ القرار المالي.
3- بلوغ الحكامة في تدبير الشأن المحلي
(الأخبار والتسيير لبعض المعطيات وإخضاع التدبير المحلي للمراقبة والإختصاص).
إن غاية الإصلاح كما أعلنت
رسميا هي إذن جعل الإطار القانوني يواكب الإطار المؤسساتي في إطار مقاربة مالية
ترتكز على منطق الفعالية والجودة وترفع من مردودية النفقة العمومية في اتجاه إقرار
مرونة في المساطر والإجراءات وتوسيع هامش الحرية وجعل مسؤولية الآمرين بالصرف
المحليين أوسع في تدبير شؤون جماعاتهم المحلية وذلك عن طريق عقنلة استعمال الزمن
وتدقيق الآجال المعتمدة في إعداد الميزانيات والمصادقة عليها وتنفيذها، وتبسيط
المساطر والحد من كلفة الرقابات القبلية وتعويضها بمراقبة تتوخى دعم الإنجازات
والفعالية والمردودية. فما هي صبغة هذه الإصلاحات التي أتى بها قانون التنظيم
المالي الحالي من اجل مقاربة الجودة والفعالية؟
المحور الأول: عقلنة مساطر اعتماد الميزانية والمصادقة عليها
عرفت المادة 3 من القانون رقم
08-45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها الميزانية بكونها
"الوثيقة التي يقرر ويؤدن بموجبه بالنسبة لكل سنة مالية في مجموع موارد
وتحملات الجماعة المحلية أو المجموعة".
إن وظيفة الميزانية كما يستفاد من التعريف أعلاه
هي إذن إقامة توقع وتقدير قبلي بشأن تحملات وموارد الجماعة أو المجموعة خلال السنة
التي تأتي بعد اعتمادها وهي أيضا بمثابة إذن للآمر بالصرف بأن يقوم خلال نفس هذه
السنة باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة التي يقتضيها استخلاص الموارد والوفاء
بتحملات الجماعة وذلك داخل حدود الإطار الزمني لهذا التوقيع وهو إثنا عشر شهرا
تبتدئ من فاتح يناير وتنتهي في 31 من دجنبر.
ويمكن إجمال الإصلاحات التي همت
التنظيم المالي فيما يتعلق بمساطر وضع الميزانيات المحلية والتصويت عليها وتنفيذها
في العناصر التالية:
I- إسناد اختصاص إعداد الميزانية
للآمر بالصرف:
كما أن هذه المادة نصت على إسناد الإختصاص في
تحضير ميزانية المجموعة إلى رئيسها وذلك في إشارة إلى نظام مجموعة الجماعات التي
أحدثت بموجب أحكام المواد 1.83 إلى 13.83 من القانون رقم 08-17 الصادر في 18
فبراير 2009 المغير والمتمم بموجبه القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي،
ويتعلق الأمر بمؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي يتم
إحداثها بمبادرة من جماعات متجاورة تقع داخل مجال ترابي متصل يفوق عدد سكانه
200.000 نسمة بهدف التشارك من أجل إنجاز وتدبير مرافق ذات فائدة مشتركة كما يقصد
بمفهوم المجموعة لجنة التعاون المشتركة بين الجهات.
2- منح صلاحية الإعداد بشكل
صريح للآمر بالصرف حيث نصت المادة 16 على هذا الإسناد في صيغة صريحة
كالتالي:"تحضر الميزانية من لدن رئيس المجلس الجماعي بالنسبة للجماعات
الحضرية والقروية ومجموعاتها ومن طرف الآمر بالصرف بالنسبة للجهات والعمالات
والأقاليم..".
إن منح اختصاص إعداد وثيقة
الميزانية للسلطة التنفيذية بالنسبة للجماعة ويجد مبرراته:
أولا: في كون الآمر بالصرف هو المسؤول مباشرة على
تسيير المرافق الجماعية وهو الأدرى بحجم احتياجاتها وهو الأكفأ بالتالي لتحديد طرق
تمويل هذه الإحتياجات.
ثانيا: هو السلطة الأكثر
كفاءة وتأهيلا للقيام بهذه المهمة بحكم إشرافه المباشر على المصالح الإدارية والمالية
المحلية التي تتولى جمع المعطيات والمعلومات اللازمة والإعداد التقني لأحكام
الميزانية "فهو الذي يسير المصالح الجماعية وتعتبر الرئيس التسلسلي للموظفين
الجماعيين ويدير شؤون الموظفين الرسميين والمؤقتين والعرضيين.
ثالثا: إن الآمر بالصرف
هو المسؤول مسؤولية مالية وجنائية وتأديبية على تنفيذ العمليات المالية المحلية
وبالتالي لا يقبل أن يتحمل المسؤولية ويخضع للرقابة المالية على تنفيذ ميزانية لم
يتكلف بمهمة إعدادها حيث ستكون مسؤوليته في هذه الحالة مهمة على أسس غير موضوعية.
II-وجوب عرض الميزانية على اللجنة
المختصة:
إن من بين ما نص عليه القانون الجديد أيضا صراحة
هو وجوب عرض مشروع الميزانية قبل عرضها على الجمع العام اللجنة المكلفة بشؤون
الميزانية والمالية وذلك 10 أيام قبل افتتاح الدورة المتعلقة بالمصادقة على
الميزانية من طرف المجلس والتي هي لجنة دائمة يستمر عملها خلال الفترة الفاصلة بين
الدورات تقوم بدراسة الميزانية قبل عرضها على الجمع العام لدراستها والتصويت
عليها، وإن التنصيص على هذه الإحالة المسبقة على اللجنة يعتبر شيئا إيجابيا حيث
إنها تمهد الطريق أمام المنتخبين وتقدم لهم الشروحات والتفسيرات اللازمة التي
تساعدهم على دراسة مشروع الميزانية وفهم توجهاته وأحكامه.
III- الميزانية التعديلية (المادة 28 ف 1)
إن الميزانية ما هي في نهاية
المطاف إلا أداة دالة على السياسة التنموية للجماعة وعلى اختياراتها الإقتصادية
والإجتماعية ذات الأولولية ووسيلة لرصد الموارد المالية اللازمة لتمويل هذه
الخيارات، وإن طابع التوقعي أو الإستباقي قد يجعل محتوياتها تتعثر في مواجهة بعض
الظروف الطارئة وغير المتوقعة التي تحتم إعادة النظر في أحكامها ولأجل ذلك أذن
القانون رقم 08-45 للجماعات بالحق بأن تغير وتعدل خلال تنفيذ ميزانيتها من توقعات
هذه الأخيرة بموجب ميزانيات معدلة تخضع في إعدادها والتصويت والمصادقة عليها،
وتنفيذها لنفس الإجراءات والشروط والمساطر المقررة بالنسبة للميزانية الأصلية.
فقد يحدث أن يهيئ الآمر بالصرف
مشروع الميزانية ويجري التصويت والمصادقة عليها، وفق القانون وتدخل حيز
التنفيذ. وقد يحدث أيضا أن تظهر معطيات جديدة لم تكن متوقعة أثناء إعداد
الميزانية وتؤدي إلى توسيع احتياجات الجماعة الأمر الذي يستلزم مراجعة توقعات
الميزانية من أجل تكييفها مع هذه الظروف المستجدة وهو ما أصبح ممكنا في إطار
القانون الجديد رقم 08-45 الذي أذن بهذه الإمكانية في الصيغة التالية"يمكن
تعديل الميزانية خلال السنة لا سيما بوضع ميزانيات معدلة، ويجب إدخال التعديلات
على الميزانية وفق نفس الشكليات والشروط المتبعة في اعتمادها والمصادقة عليها:
التحضير
|
الدراسة
|
الدراسة والتصويت
|
الآمر بالصرف
بمساعدة المصالح التابعة له
|
- اللجنة المتخصصة
- اللجنة المالية
|
المجلس
|
ولذلك لم يعد تعديل الميزانية
محصورا كما كان الحال في إطار النظام القديم في حالة الحصول على مداخيل إضافية
خلال نفس السنة حيث كان يؤدى في مثل هذه الحالة بفتح اعتمادات إضافية بناء على إذن
خاص يمنحه وزير الداخلية بعد تأشيرة وزير المالية فيما يخص الجهات والعمالات
والأقاليم والجماعات الحضرية والهيئات ويمنحه العامل بعد تأشيره قابض المالية فيما
يخص الجماعات القروية أو في الحالة التي لا تكون فيها اعتمادات التسيير كافية كأن
يرخص بإجراء تحويلات إما داخل نفس الفصل أو ما بين الفصول وفق نفس الشروط وفي حالة
تعذر ذلك يتم اللجوء إلى الإقتطاع من فصل النفقات الطارئة بناء على مقرر يصدره
وزير الداخلية بعد تأشيرة وزير المالية بالنسبة للجهات والعمالات والأقاليم
والجماعات الحضرية والهيئات ويصدره العامل بعد تأشيرة قابض المالية بالنسبة
للجماعات القروية.
وبالمقابل فقد تم إلغاء فصل
النفقات الطارئة إذ حذف حكم المادة 6 من قانون 30 شتنبر 1976 الذي كان يرخص بفتح
فصل خاص ضمن الجزء الاول من الميزانية ضمن عنوان"النفقات الطارئة" وهو
فصل غير مخصص ترصد فيه اعتمادات طارئة ومخصصات احتياطية لا تكون قابلة للتوزيع إلى
مواد وفقرات أثناء التصويت على الميزانية ويتم تخصيصها أثناء التنفيذ في حالة عدم
كفاية الإعتمادات المرصودة في باقي فصول نفقات التسيير.
إن إلغاء هذا الحكم إنما أتى
نتيجة الإذن الذي تضمنته المادة 28 من القانون 08-45 التي رخصت للجماعات المحلية
بالحق في اللجوء إلى اعتماد ميزانيات تعديلية كلما دعت الحاجة إلى ذلك وكذا نتيجة
المرونة التي أصبحت تعرفها مسطرة تحويل الإعتمادات ما بين أبواب وفصول الميزانية.
IV- نقل الإعتمادات (المادة 46):
تعتبر مسطرة نقل الإعتمادات من
سنة مالية إلى أخرى من أهم الإستثناءات التي ترد على مبدأ سنوية الميزانية، فمحتوى
الميزانية المحلية ليس صالحا من حيث المبدأ سوى بالنسبة للإطار السنوي الذي تأسست
من أجله، فلا وجود تطبيقا لهذا المبدأ لموارد دائمة ولا لنفقات دائمة ولأجل ذلك قضت المادة 27 من القانون القديم
(ظهير 30 شتنبر 1976) كما وقع تعديله وتتميمه بإلغاء اعتمادات التسيير المفتوحة
برسم ميزانية ما وغير المستهلكة عند اختتام فترة التسيير".
ويعتبر الإعتماد غير مستهلك ويتعين إلغاءه ما دام لم يقع
التأشير على سند أداء النفقة أو الحوالة من طرف القابض([2]).
إلا أنه من اجل مساعدة الجماعات
على الوفاء بديونها وتفادي تراكم متأخرات الأداء وحماية حقوق الدائنين،
والمتعاملين مع الجماعة فإن القانون الجديد لم يقر الإلغاء إلا بالنسبة لنفقات
التسيير المفتوحة في الميزانية والتي لم يقع الإلتزام بها عند اختتامها ورخص
للجماعات بموجب المادة 46 بأن " ترحل اعتمادات التسيير الملتزم بها وغير
المؤداة عند اختتام السنة المالية إلى السنة الموالية حيث تخول الحق في مخصص من
نفس المبلغ يضاف إلى مخصصات السنة الجديدة".
السنة س
|
السنة س + 1
|
اعتمادات تسيير غير ملتزم بها عند اختتام السنة س
|
الإلغاء
|
اعتمادات تسيير وقع الإلتزام
بها ولم تؤدي عند اختتام السنة
|
ترحل إلى السنة س + 1 وتضاف إلى مخصصات السنة الجديدة
|
ويباشر هذا الترحيل بموجب بيان
مفصل يضعه الآمر بالصرف ويؤشر عليه الخازن ويوجه نظيرا منه إلى سلطة الوصاية.
V- تحديد الآجال لوضع الميزانية
والتصويت عليها ودخولها حيز التنفيذ (المواد من 18 إلى 25):
يقتضي العمل بمبدأ سنوية
الميزانية الذي أكدت عليه المادة 3 من القانون رقم 08-45 بوجوب إعداد الميزانية
والتصويت والمصادقة عليها قبل بداية السنة التي تتعلق بها وبعدم صلاحية هذه
الوثيقة سوى لسنة واحدة فقط.
وتبتدئ السنة المالية في الفاتح
من يناير وتنتهي في 31 من دجنبر من نفس السنة.
وبدون هذه الوثيقة فإن الجماعة
لا تستطيع من حيث المبدأ الشروع في تحصيل المداخيل وأداء النفقات.
وإذا لم يتم التصويت والمصادقة
على الميزانية قبل بداية السنة المالية فإن ذلك يؤدي إلى شل حركية الآمرين بالصرف
يمنعهم من حيث المبدأ من إصدار الأوامر بتحصيل المداخيل وأداء النفقات طالما لم
يؤذن بها وتقرر بموجب وثيقة الميزانية. إن وقوع مثل هذه الحالات كانت تساعد عليه
أحكام القانون القديم الذي ترك آجال إعداد الميزانية والتصويت والمصادقة عليها
مفتوحة حيث لم يتم الإشارة سوى إلى دورة المجلس التي يجب أن تعرض فيها الميزانية
للتصويت.
وذلك في الصيغة
التالية:"يعرض المشروع على المجالس المختصة للتصويت عليها في بداية الدورة
العادية لشهر أكتوبر، ماعدا فيما يخص بعض الجهات ولجان التعاون المشتركة بين
الجهات التي تعرض ميزانيتها للتصويت عليها بالمجالس التداولية في بداية الدورة
العادية لشهر سيبتمبر".
إن ترك الآجال مفتوحة كما كان
سابقا يشل حركية العمل داخل الجماعات ويعرقل السير العادي بها ولأجل ذلك أوصى جل
المشاركين في الملتقيات الجهوية حول تعديل الميثاق الجماعي بضرورة عقلنة آجال
التصويت والمصادقة والعمل على إيجاد حلول قانونية لهذا المشكل.
وإن التعديلات التي تضمنها
القانون 08-45 في هذا الباب لتعتبر استجابة لهذا المطلب حتى أصبح مسطرة إعداد الميزانيات والتصويت
والمصادقة عليها خاضعة لآجال دقيقة يؤدي عدم احترامها إلى خرق مبدأ الشرعية.
وقد يتم تحديد الآجال بالنسبة
لكل مراحل مسطرة اعتماد الميزانية والتصويت عليها حيث يمكن تصور سيناريوهين في هذا
الباب:
-السيناريو الأول: التصويت
الإيجابي على الميزانية: اعتماد الميزانية من طرف المجلس بعد المداولة الأولى.
أ-بعد تحضير الميزانية من قبل
الآمر بالصرف بمساعدة المصلحة الإدارية التابعة لجماعته فإنه يتوجب عرضها مرفوقة
بالوثائق الضرورية على لجنة الشؤون المالية لدراستها قبل عشرة أيام على الأقل قبل
تاريخ افتتاح الدورة المتعلقة بالمصادقة على الميزانية من طرف المجلس أي قبل 20
سيبتمبر على أبعد تقدير.
ب-يجب عرض الميزانية بعد ذلك
على الجمع العام لدراستها والتصويت عليها داخل أجل أقصاه 15 نونبر.
ج-ويجب عقب ذلك أن يعرض
الميزانية على مصادقة سلطة الوصاية في تاريخ أقصاه 20 نونبر التي إذا ثبت لها أنها
مطابقة للقوانين الجاري بها العمل أوجب عليها آنذاك أن تصادق عليها داخل أجل 45
يوما ابتداء من تاريخ توصلها بها.
وتكون الميزانية مطابقة إذا
احترمت القوانين والانظمة الجاري بها العمل ومن أهمها احترام المسطرة المعتمدة في
وضع الميزانية وفي التصويت عليها حيث يجب أن يقع التصويت على المداخيل قبل التصويت
على النفقات، وأن يقع التصويت على تقديرات المداخيل والنفقات كل باب على حدة، وأن
تكون في حالة توازن حقيقي حيث يرجع لسلطة الوصاية تقدير تحقق هذا التوازن الذي يجب
أولا أن يكون توازنا رياضيا يتكافئ خلاله
حجم المداخيل مع حجم النفقات ويجب أن يكون أيضا توازنا حقيقيا حيث تتحقق سلطة
الوصاية من عدم المبالغة في تقدير المداخيل أو التقليص من حجم النفقات، إذ يكون
التوازن في هذه الحالة مصطنعا، كما تتحقق سلطة الوصاية قبل المصادقة على الميزانية
من تسجيل كل النفقات الإجبارية، فلقد نص القانون على إجبارية بعض النفقات حيث
يتعين على الآمر بالصرف والمجلس تسجيلها ضمن نفقات السنة المقبلة، وإن عدم تسجيلها
يسوغ لسلطة الوصاية رفض التصديق على الميزانية وإرجاعها إلى الجماعة. فإذا ثبت
لسلطة الوصاية احترام أوجه الشرعية فإنه يتوجب عليها أن تصادق على الميزانية داخل
أجل 45 يوما من تاريخ توصلها بها.
أما إذا لم يتم احترام الشروط
الشرعية فإن ذلك يخول الحق لسلطة الوصاية في رفض التصديق على الميزانية، ويتعين
عليها في هذه الحالة أن تعلل قرار رفضها وتبين فيه الأسباب التي استندت عليها في
اتخاذه. وتعيد الميزانية إلى الآمر بالصرف داخل أجل 15 يوما تحتسب ابتداء من تاريخ
توصلها بها حيث عرضها على المجلس من أجل إعادة قراءتها والتصويت عليها داخل 15
يوما أي في تاريخ أقصاه 20 دجنبر، ثم يعرض بعد ذلك على سلطة الوصاية للمصادقة
عليها من تاريخ لا يتعدى 15 يناير لتصادق عليها داخل الآجال المحددة وهو 45 يوما.
أما في الحالة التي لا يتم فيها
مراعاة الأسباب التي كانت دافعا لرفض المصادقة على الميزانية من طرف سلطة الوصاية
وكانت الميزانية غير مطابقة فإن المادة 20 تخول لسلطة الوصاية في هذه الحالة الحق
في وضع ميزانية للتسيير على أساس آخر ميزانية مصادق عليها مع الأخذ بعين الإعتبار
تطور تحملات وموارد الجماعة المحلية أو المجموعة، ويمكن في هذه الحالة للجماعة
المحلية أن تقوم بأداء الأقساط السنوية للإقتراضات.
السيناريو 2: حالة عدم التصويت على الميزانية من طرف المجلس في الأجل المحدد
إذا لم يتم اعتماد الميزانية
بالتصويت من طرف المجلس في تاريخ أقصاه 15 نونبر فإن المادى 19 تقضي دعوة المجلس
داخل أجل 15 يوما تحتسب من تاريخ الإجتماع الذي تم خلاله رفض الميزانية يتولى في
هذه الحالة دراسة مقترحات التعديل التي من شأنها أن تساعد إلى تجاوز الأسباب التي
أدت إلى رفضه خلال القراءة الأولى. إن إعادة الدراسة والتصويت يجب أن تتم في تاريخ
أقصاه 30 نونبر وسواء تم قبول الميزانية أو التمسك برفضها بعد إجراء القراءة
الجديدة فإنه يتعين على الآمر بالصرف في كلتا الحالتين أن يوجه إلى سلطة الوصاية
في تاريخ أقصاه 15 ديسمبر الميزانية مرفوقة بمحاضر مداولات المجلس.
أ-النسبة للميزانية المعتمدة
فإن سلطة الوصاية تراقب وتتأكد من شروط شرعيته، وتقوم في حالة تأكيد المطابقة
بالتصويت داخل أجل 45 يوما عليها من تاريخ عرضها عليها، أما إذا أعلنت عدم
مطابقتها ورفضت التصديق عليها فإنه يتعين عليها إرجاعها إلى الآمر بالصرف في تاريخ
أقصاه 30 دجنبر لعرضها على تصويت المجلس في تاريخ أقصاه 15 يناير فإذا تمت مراعاة
أسباب الرفض وتأكدت سلطة الوصاية من ذلك فإنه يتعين عليها أن تصادق على الميزانية
في تاريخ أقصاه 45 يوما.
أما إذا استمر إعلان عدم
التطابق من طرف سلطة الوصاية بعد القراءة الثانية فإن المادة 20 تخول لسلطة
الوصاية الجماعية وضع ميزانية التسيير على أساس آخر ميزانية مصادق عليها مع مراعاة
تطور موارد الجماعة المحلية أو المجموعة. وفي هذه الحالة يمكن للجماعة أو
المجموعات أن تقوم بأداء الأقساط السنوية للإقتراضات.
ب- أما إذا استمر المجلس في
رفضه للميزانية بعد إعادة قراءتها في تاريخ أقصاه 30 نونبر، فإن هذه الميزانية غير
المعتمدة يجب أن توجه إلى سلطة الوصاية في تاريخ أقصاه 15 دجنبر أيضا حيث تقوم عقب
توصلها بوضع ميزانية للتسيير على أساس آخر ميزانية مصادق عليها.
إن القانون الجديد بتحديده
للآجال التي يجب احترامها في إعداد والتصويت والمصادقة على الميزانيات المحلية
إنما توخى عقلنة استعمال الوقت وتحديد المسؤوليات بوضوح واحترام مبدأ سنوية
الميزانية التي يستلزم الشروع في تنفيذ أحكامها ابتداء من فاتح يناير. وتجنب
التأخير في تنفيذ الميزانية الذي ينتج عنه عرقلة النشاط المالي والإقتصادي والإجتماعي
للجماعة وينعكس سلبا على علاقتها بشركائها والمتعاملين معها.
VI- إمكانية خضوع التدبير المحلي للتدقيق المالي:
إن الهدف من الإصلاح المالي
والمؤسساتي التي شهدته الإدارة الجماعية ودعم المؤسسة اللامركزية بالمغرب وتقديم
حلول عملية للمشاكل التي تواجهها، تأكيدا لرغبة جلالة الملك في خطابه بمناسبة ملتقى الجماعات المحلية
بأكادير بقوله:"بالرغم مما تتوفر عليه الجماعات المحلية من موارد مستقلة
وهامة فإن تفعيل هذه الإصلاحات يستوجب إصلاح النظام الجبائي والمالي والمحاسباتي
لهذه الجماعات في اتجاه تبسيطه وتحسين تدبيره والرفع من مردوديته.
وإن حسن تدبير والرفع من
مردودية هذا النظام وجعل الجماعة شريكا رئيسيا إلى جانب الدولة والقطاع الخاص في
تحقيق التنمية المستدامة ليقتضي إيجاد الأدوات المواكبة اللازمة يهدف تفسير عقلنة
تدبير الشأن المحلي حيث يجري التركيز من طرف المدبرين على العمليات المؤقتة
والراهنية ولا يجري إعارة الإهتمام اللازم للمشاريع متوسطة وطويلة الامد التي لها
انعكاسات على التنمية المحلية ولا ترصد الموارد اللازمة لتحقيق البرامج الكبرى
والتجهيزات الأساسية.
إن واقع المالية وطرق تدبيرها
ونتائج هذا التدبير تتطلب البحث عن طرق بديلة للمراقبة كفيلة بتقدير مختلف جوانب
تسيير الجماعات.
ولأجل ذلك رخص القانون رقم
08-45 في مادته 56 بإمكانية خضوع تدبير الجماعات المحلية ومجموعاتها والمؤسسات
العامة التابعة لها لعمليات تدقيق مالي الذي يحق طلب إجراءه للمجلس التداولي أو
يمكن أن يتم بمبادرة شخصية من الآمر بالصرف أو من وزير الداخلية تقوم به هيئات
خارجية معتمدة.
إن إقرار إمكانية الخضوع
لعمليات التدقيق المالي تعد وسيلة من شانها السماح للجماعات ولمجموعاتها بقياس
فعالية سياساتها التنموية كما وكيفا والوقوف على مخاطر إدارة المشاريع حيث ستستطيع
من خلال النتائج التي ستسفر عنها عمليات التدقيق إيجاد المواءمة اللازمة من
إمكانياتها وأهدافها.
وإن قيام الجماعة بدورها كشريك
في التنمية وإصلاح نظام الجبائي والمالي من اجل دعم استقلالها واتساع دائرة
اختصاصها وتقاطعها مع اختصاصات الدولة وتشعب هذه الإختصاصات لتقتضي دعم التدبير
المحلي بإخضاعه للإفتحاص والتدقيق من أجل تقييم إنجازات هذه الجماعات ومساعدتها
على التعرف على عوامل ضعف المردودية وانخفاض الفعالية ومساعدتها على معالجة
الإختلالات التي تعترضها في إدارتها شؤونها من اجل جعل التدبير المحلي أكثر فعالية
وأعلى مردودية وأقل كلفة.
إن الغاية من التدقيق ليس هو
الزجر والعقاب وإنما هو أداة للتقييم وتقديم التوصيات من أجل تحسين جودة المشاريع
وإنجاز المهام بفعالية وبطريقة أقل تكلفة حيث ستسمح اللجوء إلى التدقيق بقياس درجة
فعالية السياسات والإستراتيجيات وتقدير حجم الإنجازات والنتائج. فالتدقيق ليس مجرد
رقابة شرعية ومطابقة وإنما يعمل أيضا على تقييم مدى نجاعة المراقبة الداخلية
والعلاقات مع باقي القطاعات الحكومية ومع سلطة الوصاية والشركاء والتأكد من
الإنجاز الفعلي للعمليات ونتائجها بالنظر إلى الأهداف المسطرة وينتهي بإعداد تقرير
يتم فيه تقديم ملاحظات على أساليب التدبير وإعداد توصيات واقتراحات من شانها تحسين
تدبير المشاريع في المستقبل.
VII-البرمجة المتعددة السنوات:
أتى القانون رقم 08-45 بمستجد
آخر بالغ الأهمية نصت عليه أحكام المادة 14 في الصيغة التالية:"يتم إعداد
الميزانية على أساس برمجة تمتد على ثلاث سنوات لمجموع وموارد تحملات الجماعة
المحلية أو المجموعة وتحدد كيفية إعداد هذه البرمجة بقرار مشترك لوزير الداخلية
والوزير المكلف بالمالية".
إن هدف هذا المقتضى هو أن لا
تبقى الميزانية مجرد أداة لتوقع وتقدير حجم المداخيل والنفقات اللازمة لتأمين سير
المرافق المحلية خلال سنة مالية واحدة وإنما يجب أن تكون إلى جانب ذلك أداة للتدخل
الإقتصادي والإجتماعي في الأمد المتوسط والطويل، فلا يجب أن تبقى الميزانية مجرد
بيان رقمي للعمليات المالية المحلية خلال سنة وإنما يطلب منها أن تكون أداة في
خدمة التخطيط وفي خدمة المشاريع والأهداف الإقتصادية والإجتماعية التي تنوي
الجماعة بلوغها.
إن هذه البرمجة الشاملة لمدة 3
سنوات لمجموع الموارد والتحملات المحلية لتستهدف ربط توقعات الميزانية المحلية بتوقعات
المخطط وجعلها أداة يراعي بموجبها اتخاذ الإجراءات المالية السنوية اللازمة لتحقيق
أهدافه الإستراتيجية والعمل على أجرأة هذه البرامج والعمل على تنفيذها حسب
الاولويات التي أعطيت لها في المخطط الجماعي للتنمية.
ويمكن القول بأن التوقع الذي
يجب أن تقوم به الميزانية في إطار هذا التصور الجديد لم يعد هو ذلك التوقع الضيق
الذي يعطي الأهمية القصوى للمسائل المؤقتة والظرفية وإنما أصبح توقعا استشرافيا
يجعل الجماعة تقوم بدورها التجهيزي والتنموي إلى جانب الدور الكلاسيكي المتمثل في
تأمين التسيير الإعتيادي للمرافق والمنشآت المحلية.
VIII- المساعدة
القضائية للجماعات المحلية (المادة 38)
من بين
أهم المستجدات التي أتى بها القانون 08-45 في نصه على إحداث مساعد قضائي للجماعات
المحلية تحت سلطة وزير الداخلية ليتكفل بتقديم المساعدة القانونية للجماعات
المحلية ومجموعاتها ومنحه الأهلية للتصرف لحساب الجماعات المحلية ومجموعاتها كمدع
أو مدعى عليه، وذلك عندما تفوضه في الدعاوى التي يكون الهدف منها التصريح باستحقاق
ديون على تلك الجماعات والمجموعات.
وقد ألزمت المادة 38 دائني الجماعات المحليين بوجوب
إدخال المساعد القضائي في الدعاوى تحت طائلة عدم قبول المقال وذلك كلما أقيمت دعوى
قضائية ضدها يكون هدفها التصريح باستحقاقها ديون في ذمتها.
إن هذا
الإجراء يستهدف مؤازرة الجماعات المحلية في الدعاوى المرفوعة ضدها والتي من شانها
أن يترتب عنها تكاليف تلزم ماليتها. وإن إحداث المساعد القضائي الذي سيتولى الغنابة عن الجماعة في مثل هذه
القضايا لمن شأنه أن يساعد على الحد من كلفة القضايا التي تخسرها الجماعات بسبب
إهمال أو تقاعس الآمرين بالصرف أو بسبب جهلهم لأحكام القانون، الأمر الذي يؤدي إلى
تفاقم النزاعات التي تكون الجماعات طرفا مدعى عليه فيها ويجمل ميزانية الجماعة
نفقات أحكام قضائية كان من الممكن تفاديها لو مثلت الجماعة في الدعوى تمثيلا قويا.
كما يهدف هذا الإجراء أيضا إلى معالجة الإختلالات
الناتجة عن وتيرة تنفيذ الأحكام النهائية.
IX- إلزامية
نشر وإبلاغ بعض المعطيات المالية (المادة 27 والمادة 58):
إن إقرار
إلزام نشر هذه المعطيات من شأنها أن تساعد على حسن التدبير كما أنها تحقق الشفافية
في تدبير العمليات العمومية من خلال إخبار مختلف الفاعلين والرأي العام والصحافة
بنتائج الإدارة المالية لجعل الإدارة مسؤولة على أعمالها وشفافة في علاقاتها، وإن
نشر المعلومات ليحد من العناصر الأساسية لتحقيق التدبير الجيد للشأن العام المحلي
والإنفتاح على المحيط قد تكرست بموجب أحكام المادتين 27 و58 من القانون رقم 08-45
كالتالي:
المادة
27:"يتم إيداع الميزانية بمقر الجماعة المحلية أو مجموعتها خلال 15 يوما
الموالية للمصادقة عليها، وتوضع رهن إشارة العموم بكل وسيلة من وسائل الإشهار ويتم
تبليغها بدون أجل إلى الخازن من طرف الآمر بالصرف".
المادة 58:"يتعين على الجماعات المحلية ومجموعاتها
وكذا الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام أو الخاص والتي تقوم بتسيير مرفق
عمومي تابع للجماعات المحلية أن تعمل على إعداد قوائم تركيبية تتعلق بتسييرها
ووضعياتها المالية وإطلاع العموم عليها ويجب نشر هذه القوائم بالجريدة الرسمية
للجماعات المحلية أو إبلاغها إلى علم العموم بطريقة إلكترونية.
ويحدد وزير الداخلية بقرار طبيعة المعلومات والمعطيات
التي يمكن تقديمها ودوريتها وكذا أشكال وشروط إعداد وتبليغ هذه القوائم".
إن حكم المادتين أتى قطعي وألزم
الجماعات بأن تقوم يصرف وميزانيتها وتقارير ترابية عن وضعية الإدارة والتسيير
المالي من اجل إطلاع عموم المواطنين عليها وكسر حاجز السرية. وهو توجه يجعل من
سكان الجماعة تقوم بدور "هيئة شعبية للتدقيق والإفتحاص"، وينشر ثقافة
المساءلة والمشاركة في تدبير الشأن المحلية".
أ) فرض العمل ببقاء الإلتزامات
بالنفقات في حدود المرخص به:
المادة 9: يجب أن تبقى
الإلتزامات بالنفقات في حدود ترخيصات الميزانية بالنسبة للجماعات المحلية
ومجموعاتها، تتوقف هذه الإلتزامات على توفر اعتمادات الميزانية بخصوص عمليات
اقتناء السلع والخدمات وتوفر المناصب المالية للتوظيف.
إن حكم هذه المادة التي أضيفت
بموجب القانون رقم 08-45 ليكرس من جهة تنتسب المشرع بمبدأ التوازن الميزانية حيث
يجب أن تبقى الميزانية الأصلية والميزانيات الملحقة سواء التوازن المقصود هو توازن
حسابي يجب أن يكون فيه المداخيل مساويا لحجم التحملات وهو توازن حقيقي.
ثم إن أحكام هذه المادة أتت قطعية للحد من ظواهر اللامسؤولية في صرف
المال العام في مجال اقتناءات السلع والخدمات وفي مجال التوظيف غير مستند إلى
ضوابط وإلى أبعاد الكفاءة وإلى الخصاص الحقيقي.
X- المسطرة المعتمدة في التصويت
على المداخيل والنفقات (المادة 17):
قضت المادة 17 بوجوب أن تقع عمليات التصويت على الميزانية وفق مسطرة
خاصة إذ ألزمت أن يقع التصويت على المداخيل أولا قبل المرور إلى التصويت على
النفقات:"يجب أن تتم عملية التصويت على المداخيل قبل التصويت على
النفقات". ويتم التصويت على تقديرات المداخيل والنفقات كل باب على حدة".
إن هذه المادة تمنح أولوية في
التصويت للمداخيل وهي أولوية منطقية إذ يجب أن يحسم أمر مداخيل الميزانية ويعرف
حجمها النهائي بعد التصويت عليها قبل أن يتم الإنتقال إلى تحديد الأغراض التي
ستصرف فيها هذه المداخيل. فالجماعة المحلية لا تستطيع أن تنفق خلال السنة إلا في
حدود المداخيل التي سيقع الترخيص باستخلاصها، وسيحدد حجم حاصلاتها في أبواب وفصول
الميزانية فلا يعقل والحالة هذه أن يتم التصويت على تخصيص الإعتمادات وتوزيعها
بقيم محددة ما بين أبواب وفصول وفقرات وأسطر الميزانية قبل معرفة المبلغ النهائي
للمداخيل التي ستستعمل في تغطيته.
XI- إعادة النظر في طريقة تبويب نفقات استهلاك أصل وفوائد القروض
(المادة 39):
لقد أصبحت المصاريف المالية
المتعلقة بإرجاع الديون ترصد في إطار نفقات تسيير المصالح إلى جانب نفقات الموظفين
والأعوان والصيانة والمساهمات في عمليات ذات فائدة محلية أو وطنية والتحملات
الأخرى المختلفة في حين يجب أن يجري رصد الإعتمادات المخصصة لاستهلالك رأسمال
الدين المقترض ضمن نفقات التجهيز وذلك إلى جانب نفقات الأشغال الجديدة والبنايات
والطرق والتجهيزات ذات النفع المحلي وحصص المساهمة في الإنجازات ذات الفائدة
المحلية أو الوطنية التي تهم الجماعات المحلية.
XII- النفقات الإجبارية:
المادة 41: لقد تم حذف بعض
النفقات وأعيد ترتيب الأحكام المتعلقة بالأحكام الإجبارية إذ تم حذف بعضها ولم تعد
تخضع لمراقبة سلطة الوصاية وبالتالي اتسعت حرية الآمرين بالصرف والمجلس في إقرارها
(-نفقات صيانة دار الجماعة – نفقات لباس أعوان الجماعة ذوي الحق في ذلك حسب نظامهم
الأساسي – النفقات التي يقتضيها تعهد الطرق بالجماعة وجميع المنشآت الخاصة بالنظافة
مثل المجاري والقنوات وخزانات الماء – صوائر إحاطة المقابر بسياجات وتعهدها –
النفقات اللازمة لضمان الصحة والمحافظة على صحة الجماعة ولا سيما محاربة حمى
المستنقعات والأوبئة).
كما تمت إضافة نفقات أخرى لم
يكن ينص عليها القانون القديم، ويتعلق الأمر بالإلتزامات المالية الناتجة عن
الإتفاقيات والعقود المبرمة من طرف الجماعات المحلية أو مجموعاتها – المخصص
الإجمالي لتسيير المقاطعات بالنسبة للجماعات الحضرية التي تتوفر على مقاطعات –
المساهمات والموارد المحولة لفائدة المجموعات.
إن إضافة هذه الأصناف الجديدة
من النفقات يأتي من أجل تكييف أحكام النص القانوني لمالية الجماعات المحلية مع
مقتضيات الميثاق الجماعي وكذا من أجل إلزام الجماعات على تقديم أقساط تمويل
المقاطعات التابعة لنفوذها أو المجموعات التي تقرر إحداثها.
XIII- دراسة الحساب الإداري (المادة
53):
(يعد الآمر بالصرف عن نهاية كل
سنة مالية الحساب الإداري للنفقات والمداخيل ويعرضه للدرس على اللجنة الدائمة
المختصة للمجلس عشرة أيام على الأقل قبل عرضه على المجلس التداولي للتصويت عليه
خلال الدورة العادية الأولى الموالية.
ويوجه نظير من الحساب الإداري
إلى سلطة الوصاية).
فقد أصبح لازما أن يتم عرض
الحساب الإداري أولا على أنظار اللجنة الدائمة المختصة للمجلس كي تقوم بدراسته
عشرة أيام قبل أن يتم عرضه على المجلس التداولي للتصويت عليه.
كما تجدر الإشارة إلى أن الحساب
الإداري خضع لعدة تعديلات أخرى نص عليها الميثاق الجماعي يمكن ذكرها كالتالي:
- التعديلات الجديدة التي همت ”الحساب الإداري“ :
1- تحديد مفهوم ”الحساب الإداري“ :
يعتبر ”الحساب الإداري“ أهم آلية تسمح للمجلس الجماعي
بمراقبة التدبير المالي والمحاسبي للجماعة. كما يشكل مقوما مهما للديمقراطية
المحلية، على اعتبار أن الحساب الإداري يتعلق بمدى حسن أو سوء تدبير وتنفيذ
الميزانية من طرف الآمر بالصرف بخصوص
المصاريف والمداخيل التي تحققت فعلا.
2-- وضعية ”الحساب الإداري“ في إطار
تعديل 2009 (م71 من الميثاق الجماعي) :
* يدرس المجلس الجماعي، ويصوت بالاقتراع العلني على
الحساب الإداري المعروض عليه من طرف الرئيس.
* في حالة التصويت بالرفض على الحساب الإداري، تطبق
مقتضيات المادتين 143 و144 من القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
*تنص المادة 143 ”إذا لم يصادق على الحساب الإدارية
لجماعة أو هيئة من طرف المجلس التداولي المختص .....عرض وزير الداخلية أو الوالي
أو العامل الحساب الإداري غير المصادق عليه على المجلس الجهوي للحسابات...“
وبناءا على الحساب الإداري المرفوض والمداولات المتعلقة
بهذا الرفض، والمستندات المثبتة المقدمة من طرف المحاسب العمومي المعني بالأمر،
يصدر المجلس الجهوي رأيه حول شـروط تنفيـذ مـيزانية الجمــاعة، أو الهيئة المعنية
داخل أجل أقصاه شهرين يبتدئ من تاريخ عرض الأمر عليه.
*المادة 144 ”بناءا على الآراء التي يبديها المجلس
الجهوي يقرر وزير الداخلية أو الوالي أو العامل الإجراءات التي يجب اتخاذها، وعند
الاقتضاء، يقوم ببرمجة المبلغ الفائض الناتج عن السنة المالية...
ويلزم وزير الداخلية أو الوالي أو العامل بتعليل قراره،
إذا كان رأيه غير مطابق لرأي المجلس الجهوي“.
ملاحظات عامة
:
*الملاحظة الأولى : وجوب اعتماد التصويت
العلني بشكل صريح، حيث أن الممارسة السابقة أثبتت أنه كثيرا ما يتم اللجوء إلى
مسطرة الاقتراع السري (عملا بمقتضيات المادة 64 من القانون) التي تستلزم طلب من
ثلث الأعضاء الحاضرين لكي يتحول الاقتراع إلى السرية. وفي هذه الحالة يصعب التعرف
على مبررات رفض الحساب الإداري، كما أن اللجوء إلى هذه المسطرة يترتب عنه أيضا
اعتبار المقرر مرفوضا في حالة تعادل الأصوات.
*الملاحظة الثانية : التخلي
على مبدأ إجراء دراسة جديدة للحساب الإداري كما كانت متضمنة في الصياغة السابقة
للمادة 71 فق 2.
*الملاحظة الثالثة : تعديل المادة 71، أدت إلى تصحيح الخطأ الذي كان واردا
في المادة نفسها في القانون القديم حيث كانت تنص على أن ”المجلس الجهوي للحسابات
يبث في الحساب الإداري المتنازع فيه“.
غير أن التعديل الجديد، جعل
وظيفة المجلس الجهوي للحسابات تنحصر في إبداء الرأي في الموضوع، وعلى وزير
الداخلية إما الأخذ بها، أو عدم الأخذ بها، غير أنه في هذه الحالة الأخيرة يلزم
وزير الداخلية أو الوالي أو العامل تعليل قراره إذا كان رأيه غير مطابق لرأي
المجلس الجهوي.
المحور الثاني: مظاهر دعم الإستقلال المالي للجماعات المحلية:
يقصد بالإستقلال المالي
للجماعات المحلية قدرتها في القيام بتسيير مالي ومحاسباتي لمداخيلها ونفقاتها
بالإستقلال اللازم عن السلطة المكلفة بمراقبتها.
ويميز فقهاء علم الإدارة بين
وجهين لهذا الإستقلال أولهما شكلي يتكرس بوجود ذمة مالية وميزانية ونظام محاسبي
خاص بالجماعة ومستقل عن ذمة وميزانية ومحاسبة الدولة، اما الوجه الثاني لهذا
الإستقلال فيتبث بتوفر الجماعة على سلطة
تقريرية في تحديد مواردها المالية بنفسها وتحديد نفقاتها والتحكم في استعمال هذه
الموارد والتحملات.
إن التنظيم المالي للجماعات
المحلية ليعبر عن إرادة متنامية من جانب المشرع في دعم أسس الإستقلال المالي
للجماعات المحلية بشكل تدريجي يتلاءم مع درجة نضج الموارد البشرية لهذه الوحدات.
ولقد تضمن القانون رقم 08-45 من هامش حرية الجماعات في اتخاذ قراراتها المالية
ويخفف من درجة الوصاية المفروضة عليها.
إن التنظيم المالي الذي حدده
القانون رقم 08-45 ليقر بعض المبادئ الجديدة للوصاية تتماشى مع الإستقلال الإداري
للجماعات المحلية ولا تعيقه، إذ أن نظام الوصاية بصيغتها القديمة لم يعد يتلاءم مع
الدور الجديد الذي يجب أن تلعبه الجماعات المحلية في إطار المفهوم الجديد للتدبير
العمومي والذي أصبح يرتكز على المساءلة البعدية والتدبير المرتكز على النتائج.
إن نظام الوصاية المالية كما
نظمه ظهير 30 سيبتمبر 1976 هو أكثر ثقلا وجسامة من نظام الوصاية الإدارية بفعل
إسناد هذه الوصاية لسلطتين: وزارة المالية ووزارة الداخلية وقد نتج عن هذه
التعددية بطء كثير في اتخاذ القرار المالي بشكل أعاق عمل الجماعات وحد من دورها
التنموي.
وإن أهم
الإصلاحات التي تحققت في هذا الباب بموجب أحكام القانون 08-45 يمكن جمعها في النقط
التالية:
I-إلغاء الوصاية المالية
المزدوج:
لقد تضمن القانون رقم 08-45
مقتضيين أساسيين خفف بموجبهما من إجراءات الرقابة القبلية على المالية المحلية
ويتعلق الأمر بإلغاء العمل بنظام وضع التأشيرة على الميزانيات وعلى القرارات
المعدلة لها من طرف ممثلي وزارة المالية وإلغاء نظام مراقبة الإلتزام بالنفقات.
أ-إلغاء التأشيرة المسبقة
لوزارة المالية على المقررات المالية المحلية.
لقد تم بموجب أحكام قانون
التنظيم المالي المحلي إلغاء العمل بنظام التأشيرة المسبقة لوزارة المالية على
ميزانيات الجماعات المحلية وعلى المقررات المعدلة لها وتم حصر المراقبة القبلية
التي تقوم بها هذه الوزارة على الوثائق المالية والمقررات المالية المحلية فقط
بالنسبة: لعمليات إحداث الحسابات المرصودة لأمور خصوصية التي لا زال إحداثها يتم
طبقا لأحكام المادة 12 من القانون رقم 08-45 "بقرار مشترك لوزير الداخلية
والوزير المكلف بالمالية بناء على برنامج استعمال يعده الآمر بالصرف تنفيذا
لمداولات المجلس". وعلى عمليات تغييرها التي يجب أن تتم المصادقة عليها من
طرف وزير الداخلية بعد تأشيرة وزير المالية وأخيرا بالنسبة لعمليات تصنيفها
وإقفالها التي تتم بموجب قرار مشترك لوزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية
(الفقرة الأخيرة من المادة 128).
كما تم الإحتفاظ بتأشيرة وزارة
المالية أيضا بالنسبة لعمليات الإقتراض تطبيقا لأحكام المادة 33 من القانون 08-45
التي أبقت على نظام الوصاية المزدوجة بالنسبة لعمليات الإقتراض كالتالي"تخضع
عمليات الإقتراض التي تقوم بها الجماعات المحلية ومجموعاتها للمصادقة المشتركة
لوزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية (المادة 228).
أما باقي القرارات المالية في
الميزانية الرئيسية والميزانيات الملحقة المادة 10) وحسابات النفقات من المخصصات
(المادة 138) والقرارات المتعلقة بفرض الرسوم أو تغيير نسبها (المادة 32) وقبول
الهبات والوصايا التي تترتب عليها تحملات المادة 34، والميزانيات المعدلة (المادة
28) فقد احتفظت فيها وزارة الداخلية بالحق في ممارسة سلطة وصائية فريدة تخولها حق
المصادقة على هذه المقررات أو اتخاذها.
ب-إلغاء العمل بمراقبة الإلتزام
بالنفقات:
إن مراقبة الإلتزام بالنفقات
كما نظمها المرسوم 577-246 بتاريخ 5 شوال 1396 (30 شتنبر 1976) هي مراقبة تتعلق
بصحة الإلتزام هدفها التأكد مما إذا كان الإلتزام قد نشأ بشأن اعتماد متوفر ومما
إذا كان مطابقا لباب الميزانية المقترح اقتطاعه منه ومن مدى صحته بالنظر إلى
القوانين والأنظمة الجاري بها العمل وهي مراقبة تجري قبل أن يقع الإلتزام بالنفقة
وتتم بوضع تأشيرة على مقترح الإلتزام أو برفض وضع التأشيرة مدعم بأسباب.
ويتميز هذا الشكل من الرقابة
بطابعه القبلي، وبالتالي بطابعها الوصائي على الآمرين بالصرف حيث نتج عن العمل بها
البطء والتأخير وعدم الفعالية.
ولأجل هذه الأسباب، أقر القانون
رقم 08-45 إلغاءه نظامها والإكتفاء بالرقابة البعدية وإعطاء صلاحية ممارستها لجهة
واحدة، على أن يتحمل الآمرون بالصرف
المحليون في اتخاذ المقررات المالية ويخضعون للمساءلة عن ذلك أمام المجلس وأمام
باقي أجهزة الرقابة وبذلك يكون القانون الجديد قد ألغى نظام رقابة صحة الإلتزام
الممارس من طرف وزارة المالية على الإلتزامات بالنفقات ولم يحتفظ سوى بالحق
القانوني في إجراء مراقبة بعدية الغاية منها التأكد من صحة الدين والذي تجري فيه
المراقبة على:
- صفة الآمر بالصرف أو مندوبه.
- توفر الإعتماد.
- توفر الاموال.
- صحة تقييد النفقات في أبواب
الميزانية المتعلقة بها.
- إثبات العمل المنجز.
- صحة حسابات التصفية.
- الإدلاء بالإثباتات.
- احترام قواعد التقادم وسقوط
الحق.
- قوة إبراء التسديد.
II-الحد من وصاية وزارة الداخلية
على المقررات المالية:
بالإضافة إلى إلغاء العمل بنظام
الوصاية المالية المزدوجة فإن القانون رقم 08-45 حد أيضا من قوة الوصاية التي
تمارسها وزارة الداخلية على المقررات المالية، وذلك في مجال تغيير المبالغ
المرصودة.
يخضع تدبير الميزانية المحلية
لعدة مبادئ أساسية من ضمنها مبدأ تخصيص الإعتمادات بجعل النفقة العمومية تظهر في
الميزانية موزعة إلى فروع وأبواب تنقسم إلى فصول وفقرات وأسطر هدفها توزيع
الإعتمادات بقيم محددة على أغراض وغلى قطاعات محددة، واحتراما لغايات هذا المبدأ
فإنه يجب أن تنفذ هذه الإعتمادات تنفيذا
يطابق تخصيصها الأصلي، إلا أن القانون رقم 08-45 بإذن جواز تغيير هذا التخصيص
بالنسبة لنفقات التسيير إذا دعت الضرورة إليه بمجرد قرار يتخذه الآمر بالصرف ولم
يعد القانون يشترط تدخل سلطة الوصاية في العملية إذا هم التغيير
"الإعتمادات برسم النفقات الآتية
التي لا يمكن أن تكون موضوع اقتطاعات لفائدة نفقات أخرى إلا بعد مصادقة سلطة
الوصاية:
- نفقات الموظفين والأعوان.
- النفقات المتعلقة بالإلتزامات
المالية الناتجة عن الإتفاقيات والعقود المبرمة من طرف الجماعة المحلية أو
مجموعاتها أو المقاطعة.
أما باقي اعتمادات التسيير فإن
تغييرها إذا كانت غير كافية لم يعد يتم بناء على إذن بمباشرة التحويل إما داخل فصل
واحد أو من فصل إلى آخر أو في حالة تعذر ذلك باقتطاع من فصل النفقات الطارئة بناء
على مقرر يصدره وزير الداخلية بصورة بعد تأشيرة وزيرة المالية بالنسبة للجماعات
والعمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والهيئات ويصدره العامل بعد تأشيرة قابض
المالية بالنسبة للجماعات القروية" (المادة 15 من ظهير 30 شتنبر 1976).
أما المسطرة في القانون الحالي
رقم 08-45 فهي أكثر بساطة ويسرا وتفتح هامش حرية أوسع أمام سلطة الآمر بالصرف
حيث يمكن إجراء التغيير وفق المسطرة
التالية:
أ- بالنسبة للجهات وجماعات
المشور فإنه يمكن تحويل اعتمادات التسيير داخل نفس الفصل وداخل نفس الباب بقرار
الآمر بالصرف بعد مداولة المجلس التداولي.
ب- بالنسبة للجماعات الحضرية
والقروية:
- يمكن تحويل اعتمادات التسيير
داخل نفس الفصل بقرار رئيس المجلس دون اللجوء إلى مداولة المجلس.
- يمكن تحويل اعتمادات التسيير
داخل نفس الباب بقرار لرئيس المجلس بعد مداولة المجلس.
ج- بالنسبة للمقاطعات فإنه يمكن
لرئيس المقاطعة أن يجري تنفيذا لمقرر يتخذه المجلس، تحويلات من فقرة إلى فقرات
أخرى بحساب المقاطعة.
إن هذا
التوجه يكرس العمل بمبدأ شمول الإعتمادات الذي يجري بموجبه منح الآمرين بالصرف
سلطة أوسع في استعمال الإعتمادات المالية المرخص بها بموجب الميزانية تسمح لهم
بإمكانية تحويلها ما بين الفصول والأبواب دونما حاجة إلى الحصول على تأشيرة مسبقة.
ليست هناك تعليقات