ما هي العلاقة القائمة بين البيئة والتنمية ؟ .....إن المغرب، وهو يوجد كسائر البلدان النامية، تحديات تنموية حاسمة، ذات أسبقية، فان...
ما هي العلاقة القائمة بين البيئة والتنمية ؟
.....إن المغرب، وهو يوجد كسائر البلدان النامية، تحديات تنموية حاسمة، ذات
أسبقية، فانه يستحضر ضرورة الحفاظ على المتطلبات البيئية، والتزاما منه بذالك،
نؤكد وجب انتهاج سياسة متدرجة و تأهيلية شاملة، اقتصادا و توعية، و دعما من
الشركاء الجهويين والدوليين.
وفي هدا الصدد توجه الحكومة إلى إعداد
مشروع ميثاق وطني شامل للبيئة يستهدف الحفاظ على مجالاتها ومحمياتها ومواردها
الطبيعية، ضمن تنمية مستدامة، كما يتوخى صيانة معالمها الحضارية ومآثرها
التاريخية، باعتبار البيئة رصيدا مشتركا للأمة، ومسؤولية جماعية للأجيال الحاضرة و
المستقبلية.
و في جميع الأحوال، يتعين على السلطات
العمومية أن تأخذ بعين الاعتبار، في كناش تحملات المشاريع الإنمائية عن المحافظة على البيئة.....[1].
و تكمن أهمية خطاب جلالة الملك محمد
السادس، في دعوة للحكومة لإعداد ميثاق وطني للبيئة و التنمية المستدامة، و الذي
بمقتضاه يؤكد على حق الجميع في العيش في بيئة سليمة و متوازنة حيث يعد من الحقوق
الأساسية التي يجب تلبيتها مع ضرورة تكريس مفهوم الواجب اتجاه البيئة، سواء كان من
جانب المواطنين أو من جانب الفاعلين الاقتصاديين أو الجمعويين أو السلطات العمومية.
كما أن دعوة جلالة الملك محمد السادس، تندرج
في إطار عملية التنمية المستدامة للبلاد، وبغية احتواء الآثار المترتبة عن النمو السكاني و المشاكل المتصلة بمشاريع البنيات
التحتية و الإكراهات المتزايدة في مجال البيئي.
و قد تبلور مفهوم المحافظة على البيئة
من خلال اتجاهين رئيسيين: أولهما تبناه العالم الغربي، و يقوم على تحقيق التوازن
بين التنمية و المحافظة على البيئة. و ثانيهما تبنته دول العالم الثالث، و قام على
معارضة الطرح الغربي لحماية البيئة، باعتبارها شكلا جديدا من أشكل القضاء على حق
هده الدول في التنمية، و أن المحافظة على البيئة مجرد ترف.
غير أن مؤتمر ريودي جانيرو او ما يعرف
بقمة الأرض يعتبر مرحلة قاطعة مع هذا التوجه. و أصبحت البيئة ضرورة والتزام على
جميع الدول، وهو الإطار الذي لم يخرج عنه المغرب أيضا سواء عبر النصوص القانونية
المتعددة و المتعلقة بالبيئة، و الهيئات المتدخلة فيها، أو عبر الانضمام لمختلف
المعاهدات الدولية في هذا الموضوع.
لقد أصبحت المصادر الطبيعية في هشاشة
متزايدة نتيجة عدة عوامل طبيعية و بشرية تتمثل أسسا في التطور الاقتصادي و
التكنولوجي، و التقدم الاجتماعي و التوسع العمراني و تزايد عدد السكان الذي يبلغ
30,8 مليون نسمة سنة 2007 بنسبة تمدن تقدر ب 55%[2] وهذا
التردي البيئي يكلف المغرب بحوالي 13 مليار درهم سنويا ، أي ما يمثل 3,7% من
الناتج الداخلي الخام[3].
و محاولة وضع سياسة بيئية متكاملة
وواضحة المعالم تتضمن تحقيق التنمية المستدامة تعتبر حديثة العهد بالمغرب.
فإذا كانت التنمية الاقتصادية و
الاجتماعية قد تمت على حساب الجانب البيئي، نظرا للتطور السريع الذي الساحل بسبب
المنطق الموروث عن سياسة الاستعمارية التي ركزت على المناطق النافعة من الوطن، و
النتيجة تعميق الاختلال بين المناطق و ظهور مشاكل بيئية تمثلت في التطهير السائل
وتلوث الهواء و قلة المساحات الخضراء في المناطق الغنية، و انعدام الحاجيات
الأساسية و استنزاف الموارد الطبيعية عن طريق الرعي الجائر و قطع الأشجار في
المناطق الفقيرة.
و يكتسي اشراك المجتمع المدني المكون
لجمعيات و منضمات غير حكومية و نقابات و مؤسسات اقتصادية، اهمية بالغة في انجاح
عملية المحافظة على البيئة، الى جانب تدخل السلطات الإدارية بشقيها المركزي و
المحلي لوحدها، لذلك وجب أن يكن هناك انسجام و توافق في مهامهما مع المجتمع
المدني.
و يتوقف نجاح هذه الشراكة بين الإدارة
و الجمعيات على درجة الشفافية و مدى تجسيد الحق في الإعلام و الاطلاع على البيانات
و المعلومات المتعلقة بحالة البيئة.
و سنركز في هذا البحث على عينة من
المجتمع المدني هي الجمعيات، و مدى مساهمتها في الحفاظ على البيئة نظرا لآليتها
المرنة، واتصالها المباشر و تأثيرها الفعال في توجيه الرأي العام.
و تعتبر منضمات المجتمع المدني
(الجمعيات) أهم الشركاء الذين يعول عليهم في تفعيل و إنجاح تدخل الإدارة في المحا
فضة على البيئة، من خلال استشارتها و التشاور معها حول أنجع الطرق و الآليات التي
تمكن من تحقيق حماية البيئة المستدامة.
وتكمن أهمية التركيز على دور المجتمع المدني، في محاولة القضاء على أهم
مسببات التلوث والتدهور البيئي الناتج عن السلوكات والممارسات والعادات وأيضا
أنماط الاستهلاك غير الصحيحة لدى الأفراد، والتي تعتبر في غالب الأحيان أفعال
واعية واعتيادية ومستمرة، لذلك وجب بعث وإحياء الدور التحسيسي والتعليمي لتصحيح
هذه الأفعال الضارة بالبيئة.
كما أن لهذه التنظيمات الاجتماعية دورا بالغ الأهمية في بعث قيم التطوع
والتعاون والنضال الاجتماعي لخدمة المصلحة العامة المتمثلة في المحافظة على البيئة
وصيانتها، لتتحقق المواطنة الإيكولوجية.
ليست هناك تعليقات