المتابعون

Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

المتابعون

اخبار عاجلة

latest

{ads}

مشروع قانون المالية في البرلمان المغربي و مقارنته بالتجربة الفرنسية

 مشروع قانون المالية في البرلمان المغربي و مقارنته بالتجربة الفرنسية المطلب الأول المبادرة الحكومية           1 المراحل التي يمر بها ق...


 مشروع قانون المالية في البرلمان المغربي و مقارنته بالتجربة الفرنسية
المطلب الأول المبادرة الحكومية
          1 المراحل التي يمر بها قانون المالية :
تلعب السلطة التنفيذية الدور الأساسي في إعداد وتحضير مشروع قانون المالية. ولا تقل أهمية إقرار هذا المشروع عن أهمية إعداده، إلا أن المصادقة عليه ومناقشته تتم من قبل السلطة التشريعية. وبعد الانتهاء من إقراره لابد من إخراجه إلى حيز التطبيق. وبما أن قانون المالية يتعلق بالمجتمع وبالسياسة العامة للدولة كان لابد من مراقبة تنفيذه.
إذن هناك أربع مراحل يمر بها قانون المالية، هذه المراحل هي مرحلة الإعداد من قبل السلطة التنفيذية، مرحلة الإقرار من قبل السلطة التشريعية، ثم مرحلة التنفيذ من قبل السلطة التنفيذية، وأخيرا مرحلة مراقبة التنفيذ من قبل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
أ إعداد مشروع قانون المالية:
تعتبر مرحلة إعداد أو تحضير مشروع قانون المالية من المراحل المهمة التي يمر بها هذا المشروع، وذلك لما يتضمنه من محتويات (نفقات وإرادات) ومن مصالح تتعلق بالدولة ووظائفها وبالمجتمع بكافة قطاعاته.
وبهذا تخضع عملية إعداد هذا المشروع لاعتبارات ومبادئ فنية وإدارية تقع مسؤولية احترامها وتحقيقها على السلطة التنفيذية، فهي المسؤولة عن العجلة الإدارية للدولة والمسؤولة عن تنفيذ برامج الدولة وسياستها المالية والاقتصادية.
إن عملية إعداد مشروع قانون المالية هي من أهم أعمال السلطة التنفيذية وذلك لاعتبارات متعددة، فمن ناحية تعبر الميزانية عن مخطط وبرنامج الحكومة في مختلف المجالات، ومن ناحية ثانية تتولى السلطة التنفيذية إدارة وحدات القطاع العام مما يجعلها أعرف وأعلم من غيرها بحاجات الدولة ومرافقها، ومن ناحية ثالثة تعتبر هذه السلطة أكثر السلطات خبرة ودراية بالواقع المالي والاقتصادي للدولة وذلك بفضل الأجهزة الفنية والإدارية والإحصائية المختلفة التي تشرف عليها والتي توفر لها البيانات والتقديرات الضرورية في هذا الخصوص، ومن ناحية رابعة تعتبر السلطة التنفيذية في وضع أفضل من السلطة التشريعية فيما يتعلق بتحديد الحاجات العامة والأولويات الاجتماعية لعدم خضوعها للاعتبارات المحلية والإقليمية التي تؤثر على أعضاء المجالس الممثلة للشعب، وأخيرا فإن السلطة التنفيذية هي من ستكون مسؤولة مستقبلا عن تنفيذ قانون المالية، لكل هذه الأسباب استقر الواقع المالي على منح الحكومة سلطة إعداد مشروع قانون المالية باعتبارها أقدر من السلطة التشريعية على تقدير سواء أوجه الإنفاق التي يحتاجها كل مرفق من مرافق الدولة بفروعه المختلفة، أو أوجه الواردات المختلفة والمبالغ التي تحصل من كل مصدر من مصادر الواردات العامة ...
فما هي الطرق الفنية لتقدير الميزانية ؟ وما هي الجهات المكلفة بتحضيرها ؟ وكيف تتم مسطرة ذلك ؟
·        الطرق الفنية لتقدير الميزانية.
مما سبق، يتبين أن الميزانية تغطي جميع نشاطات الدولة من إدارية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ...، ولها مساس مباشر بجميع إدارتها العامة، وبالتالي انعكاس على المجتمع برمته. هذه الحقيقة تثير التساؤل حول طريقة تقدير الميزانية. الأمر الذي يفرض علينا الانطلاق من هذه النقطة لنبحث في كيفية تقدير الموارد والنفقات المتوقعة في الميزانية. في هذا السياق، هناك الطريقة الكلاسيكية لتقدير الميزانية، وهي الطريقة الإدارية، على أن هناك طرق عصرية في هذا المضمار.
+ الطريقة الإدارية لتقدير الميزانية
تعتمد هذه الطريقة على التصنيف الإداري في تقدير الميزانية، حيث يعهد بصفة عامة إلى كل وزارة (علاوة على بعض المصالح العامة) بمهمة تقدير نفقاتها ومواردها على أن يقوم وزير المالية بمهمة التنسيق بين الوزارات قبل عرض المشروع على مجلس الوزراء. وما من شك في وجود عدة صعوبات تحول دون أن تصل التوقعات الموجودة في الميزانية إلى مستوى حسابي ثابت ودقيق. هذه الظاهرة تعرفها كافة الدول بما فيها الدول العظمة. وهذا ما يفرض أكثر البحث عن أنجع الوسائل لملامسة هذه التقديرات بصورة أكثر واقعية حتى لا يكون هامش الفرق كبيرا وتكون أكثر قربا من الصحة. وهنا لا يخفى الدور الكبير الذي يلعبه الجهاز الإداري المكلف بالإعداد وما مدى توفره على الكفاءة العلمية والخلقية والوطنية العالية، ناهيك عن اتباع نظام سليم ومنسق لتقدير كل من النفقات والموارد مع ما قد يقتضي ذلك من بيانات ووثائق ومستندات تدعم صحة التقديرات..
على أي، فإن تقدير النفقات والموارد العامة عملية فنية تبدأ من أصغر الأقسام والدوائر في الوزارة إلى أن تصل إلى أعلى مرجع يملك صلاحية إقرارها والموافقة على اعتمادها. وتختلف الطريقة التي تلجأ إليها الإدارة في إعدادها للميزانية تبعا لموضوع التقدير وما إذا كان الأمر يهم النفقات أو الموارد.
/ تقدير النفقات العامة:
يتميز أسلوب تقدير النفقات العامة بكونه أسهل من تقدير الموارد العامة، بالرغم من كون هذا التقدير تشارك فيه كافة القطاعات الوزارية عكس الموارد العامة الذي يقتصر القيام به مبدئيا على الوزارة المكلفة بالمالية. هكذا وفي ما يخص تقدير النفقات، يتم النظر إلى طبيعتها من حيث كونها ثابتة أو غير ثابتة أي متقلبة. فإذا تعلق الأمر بالنفقات الثابتة فلا يكون ثمة صعوبات في تحديد مقاديرها، حيث تكون كل المعطيات متوفرة بشأنها من أجل أن يكون تقدير حجمها صحيحا ومحددا بشكل واقعي سليم وهي تهم النفقات الخاصة بتغطية مرتبات الموظفين، وأجور المستخدمين، ومعاشات التقاعد، وأقساط وفوائد الدين العام... ولهذا لا تلق صعوبات عند الموافقة على فتح الاعتمادات اللازمة لدفع النفقات المقدرة، وترصد لها اعتمادات محددة crédit limitatifs. أما النفقات المتقلبة أو المتحولة كمشاريع إنجاز الطرق والجسور والموانئ والمستشفيات ونفقات الصيانة والمعدات والنفقات العسكرية والأمنية (لباس أفراد الجيش وقوى الأمن الداخلي) ونفقات الحفلات الرسمية والسفر والتمثيل... الخ فهي التي يصطدم تقديرها بصعوبات جدية لأنه لا يخضع لقواعد ثابتة ودائمة، حيث ترتبط هذه النفقات بالمستجدات الاقتصادية وتقلبات الأسعار مما يستدعي لحسن تقديره كثير من المعرفة والخبرة وبعد النظر، ولهذا ترصد لهذه النفقات المتقلبة اعتمادات تقديرية crédits évaluatifs على أنه يمكن للحكومة، خلال تنفيذ الميزانية، ولتدارك أي خلل في التقديرات اللجوء إلى الإجراءات الاستثنائية القانونية التي من شأنها التخفيف من عدم دقة التقديرات والتي تختلف من دولة لأخرى. في المغرب تلجأ الحكومة مثلا إلى :
·        الاستعانة بفصل النفقات الطارئة والمخصصات الاحتياطية عملا بالمادة 42 من القانون التنظيمي للمالية الذي تنص على ما يلي : " يفتح فصل خاص غير مرصد لأي مرفق من المرافق تدرج فيه النفقات الطارئة والمخصصات الاحتياطية فيما يتعلق بالباب الأول من الميزانية العامة. يمكن أن تباشر اقتطاعات من الفصل المذكور في أثناء السنة للقيام عن طريق اعتماد إضافي بسد الحاجات المستعجلة أو غير المقررة حين إعداد الميزانية".
·        طلب اعتمادات إضافية حسب الظروف المستجدة.
·        الاستعانة بفصلي التكاليف المشتركة.
·        تغيير الاعتمادات المرصودة.
·        وقد يتم اللجوء، بهدف التخفيف من تجاوز الاعتمادات التقديرية، ترحيل الاعتمادات من سنة مالية لأخرى وبصفة خاصة ما يتعلق بنفقات الاستثمار ووفق شروط معينة.
/ تقدير الموارد العامة.
رغم تدخل جهاز إداري واحد في تقدير الموارد العامة بخلاف النفقات التي تتدخل فيها كافة الوزارات باعتبارها وزارات منفقة، وما يستتبع ذلك من غياب تبادل المعلومات والتفاوض بين وزارة المالية وباقي الوزارات الأخرى، فإن تقدير الموارد العامة يتسم بالصعوبة بالرغم من تطور الأساليب المتبعة في هذا الشأن، حيث ينبغي على المسؤولين أن يعبروا كامل اهتمامهم إلى العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي يرتقب إما استمرارها على حالتها الراهنة، وإما تقلبها بسبب المؤثرات الخارجية والداخلية من سياسية واقتصادية وما إليها.
وعلى غرار النفقات، فإن الموارد تنقسم بدورها إلى نوعين : ثابتة ومتقلبة. فبالنسبة للموارد الثابتة لا يصعب إجراء تقدير صحيح ودقيق إلى أقصى حدود الإمكان، نظرا لطابع الاستقرار والثبات الذي يجعل هذا النوع من الموارد يستند إلى أرقامها المعروفة في السنوات السابقة، وهي أرقام تتعرض لبعض الزيادة أو النقصان بين سنة وأخرى، لكنها في مجموعها لا تشكل إلا جزءا يسيرا من الموارد العامة في الميزانية. من هذه الموارد : الرسوم والعائدات المفروضة على الشركات ذات الامتياز. من هذه الموارد: الرسوم والعائدات المفروضة على الشركات ذات الامتياز. والريع الناتج عن استثمار أملاك الدولة، وفوائد ديونها وما شبه ذلك.
أما بالنسبة للموارد المتقلبة والتي تشكل الجزء الأعظم من موارد الميزانية لكونها تشمل الضرائب والرسوم على أنواعها، فيصعب القيام بتقديرها على وجه الدقة لارتباطها بعوامل كثيرة مثل سعر الضريبة، والقوة الشرائية للنقود، وبالأحوال الاقتصادية والاجتماعية بصفة عامة. وعموما هناك ثلاثة أساليب معتمدة من أجل ضمان ما أمكن صحة تقدير الموارد؛
-أسلوب التقدير المباشر (الحقيقي) : يكاد يكون اليوم هذا الأسلوب أمثل الأساليب المتبعة، وهو المتبع في تقدير النفقات، وتعتمده معظم الدول في الوقت الراهن، وهو يترك للمسؤولين عن إعداد الميزانية حرية التقدير دون التقيد بقاعدة معينة. على أنه يتحتم على هؤلاء المسؤولين أن يكونوا مسلحين بالكفاءة والخبرة العاليتين وبالاطلاع الواسع عن الحالة الاقتصادية للبلاد وعن الحالة الاقتصادية الدولية. وهناك عناصر يمكن الاستئناس بها لهذه الغاية :
1) موارد السنة السابقة.
2) سير عمليات الموارد في السنة الجارية.
3) التوقعات الاقتصادية المرتقبة في السنة المقبلة.
-أسلوب التقدير الوسطي: بموجب هذا الأسلوب، يجري تقدير موارد السنة الموالية بالاستناد إلى متوسط عدد من السنوات السابقة (يتراوح بين سنتين وخمس سنوات)، ويسمى بمتوسط الزيادات Tantièmes de majoration، غير أن ما يؤاخذ عليه كونه لا يراعي التطورات الاقتصادية المستجدة والمرتقبة، ازدهارا أو كسادا، وبذلك يأتي الأسلوب الوسطي عاجزا عن تقديم التقديرات الواقعية الصحيحة.
-أسلوب التقدير القياسي (الجزافي) : يستند هذا الأسلوب في تقديره للموارد المتوقعة في السنة المقبلة إلى حاصلات السنة الأخيرة التي تم إقفال حسابها الختامي وعرفت نتائجها، أي إلى ما تم تحصيله بالفعل من موارد عند تنفيذ آخر ميزانية وهي عادة السنة ما قبل الأخيرة. فتحضير مشروع قانون مالية السنة المقبلة يتم في غضون السنة الحالية، ويعتمد في تحضيره على النتائج المحققة في تنفيذ قانون مالية السنة الماضية، ويتوجه إليه نفس الانتقادات الموجهة للأسلوب الوسطي.
هذه إذن هي الطريقة التقليدية في تقدير الميزانية، وهي تعتمد في تقديرها خاصة ما يهم النفقات العامة، على التصنيف الإداري.
·        الطرق العصرية لتقدير الميزانية.
يجدر التذكير هنا بأن الميزانية في المغرب هي ميزانية وسائل تصنف فيها المواد تصنيفا إداريا في إطار ثلاثة عناوين أو أبواب كبرى مصنفة إلى فصول عن كل قطاع وزاري أو مؤسسة، إذن يطغى الأسلوب أو التصنيف الإداري على إعداد الميزانية بالمغرب، على الرغم من أن هذا التصنيف لا يعني بتاتا انعدام أي أثر للتقسيم الوظيفي، على الأقل، نجد النفقات العامة تنقسم بين هذه القطاعات والمؤسسات على أساس وظيفي بين نفقات للتسيير وأخرى للاستثمار.
إن هذه الطريقة التقليدية تعرضت لانتقادات، أهمها : كونها لا تساعد على حسن ضبط التقديرات، سيما ما يهم النفقات، الأمر الذي فرض ضرورة البحث عن أساليب حديثة من أجل عقلنة وترشيد تقدير النفقات.
وأيضا اعتبارها لا تساير بدقة تحديد الأولويات على صعيد الدولة، حيث يتم تقسيم النشاط الحكومي على أساس إداري أكثر من مراعاته الأسلوب الاقتصادي، مما يحتم على الحكومة التدقيق في حاجيات كافة الوزارات على ضوء الأهداف العامة المحددة على الصعيد الاقتصادي والنقدي، وبالتالي توزيع النشاط الحكومي على مختلف وظائف الدولة ...
لذلك آثرت الأساليب الحديثة أن تأخذ بالتقسيم الوظيفي جنبا إلى جنب مع التقسيم الإداري. ويقوم هذا التقسيم على أساس تصنيف النفقات العامة وتبويبها في مجموعات متجانسة، تخصص كل مجموعة لوظيفة معينة من وظائف الدولة، بحيث تمنح الأسبقية للاختيارات التي تحدد على صعيد الاقتصاد الوطني وليس لتلك التي تحدد صعيد كل وزارة. فالمعيار المتبع في هذا التقسيم هو نوع الوظيفة أو الخدمة التي ينفق المال العام من أجلها، بغض النظر عن الوحدة أو الجهاز الحكومي الذي يقوم بالإنفاق. مثلا يدرج ضمن بند الصحة جميع النفقات المخصصة للصحة بما فيها الصحة المدرسية رغم تبعية هذه الأخيرة لوزارة التربية الوطنية. وبهذا يسعى المطالبون بتطبيق هذا التقسيم إلى إزالة الاستعمالات المزدوجة والتمكين من الاقتصاد في الإنفاق.
ومما لاشك فيه أن إعداد ميزانية الدولة باتباع الأسلوب الوظيفي يشكل أهمية كبيرة من حيث يحقق العديد من المزايا: فتقسيم وتصنيف وتبويب النفقات العامة في مجموعات متجانسة، تخصص كل منها لوظيفة معينة من وظائف الدولة، يجعل من اليسير الوصول إلى كل ما يخص النشاط الحكومي واتجاهات الدولة الاقتصادية، خاصة بالنسبة لحجم القطاع العام ودرجة أهميته في الاقتصاد الوطني. كما يسمح هذا التقسيم بإجراء المقارنة فيما يتعلق بالنفقات العامة وكيفية توزيعها على وظائف الدولة واتجاهات هذا التوزيع علاوة على أن هذا التقسيم يمكننا من تحليل النشاط الحكومي، والوقوف على التغيرات التي تحدث في طبيعة هذا النشاط ونطاقه من عام لآخر.
تعتبر فرنسا من بين الدول التي تأخذ بتقسيم إداري وظيفي، حيث أبقت على التقسيم الإداري مع إدماج بعض التبويبات ذات الطابع الوظيفي، هذا تخصص العنوان الرابع من الميزانية لتدخلات الدولة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعنوانان الخامس والسادس للاستثمارات التي تباشرها الدولة، وفي نفس السياق حدد ترقيم وظيفي لمختلف النفقات العامة جاء على الشكل التالي :
1-السلطات العمومية والإدارية العامة.
2-التربية والثقافة.
3-الميدان الأج والصحة والشغل.
4-الفلاحة والفضاء القروي.
5-السكة والتعمير.
6-النقل والمواصلات.
7-الصناعة والخدمات.
8-الخارج.
9-الدفاع.
10-نفقات غير وظيفية واعتمادات غير موزعة.
كل وظيفة رئيسية تصنف بدورها إلى وظائف جزئية. لو أخذنا على سبيل المثال الوظيفة الأولى نجدها تنقسم إلى الوظائف التالية :
-السلطات العمومية، وتتضمن رئاسة الدولة، المجلس الدستوري، المجلس الاقتصادي والانتخابات، والحفلات الوطنية، والاستقبالات العمومية.
-الإدارات العامة وتصنف إلى :
·        الإدارات المركزية، والتفتيش والمراقبة، والعدل، والمصالح القضائية، والمحاكم الإدارية، وإدارة السجون، وإعادة التربية وتكوين الأطر.
·        الأمن الداخلي والشرطة، والدرك، والحماية المدنية وتكوين الموظفين.
·        الإدارات الترابية، والإدارات الاقتصادية، والبحث.
هكذا نجد مثلا الشرطة والدرك ورغم ارتباطهما بوزارتين مختلفتين بجميعهما تصنيف واحد. وأهم الوظائف التي تباشرها هي أربعة : التعليم والثقافة والدفاع والوظيفة الاجتماعية والوظيفة الاقتصادية.
واستمر العمل على تطوير الأسلوب الوظيفي والبحث عن طرق أكثر تطورا فيما يخص تحضير الميزانية، كل ذلك من أجل استغلال أفضل للموارد العامة بتوجيهها نحو النفقات النافعة والضرورية، وهو ما يسمى بعقلنة وترشيد اختيارات الميزانية Rationalisation des choix budgétaires.
إن أسلوب ترشيد اختيارات الميزانية يعتمد على طرق الحساب الاقتصادي ويتوخى انتقاء النفقات الضرورية، وهو يستهدف، بخلاف الأسلوب الكلاسيكي الذي ينظم الوسائل في خدمة النفقات، إلى تحضير ميزانية وفق أهداف مسطرة ومحددة بطريقة منهجية، تشبه ميزانية للبرامج.
وعلى غرار التقسيم الوظيفي، تضاف ميزانية البرامج كوثيقة إلى الصيغة التقليدية لتقديم الميزانية وإن كان الهدف من ميزانية البرامج يلتقي مع هدف التقسيم الوظيفي إلا أن المبتغى في الحالة الأولى أكثر دقة لأنه يحاول نقل أساليب التسيير في القطاع الخاص إلى القطاع العام وبالتالي عقلنة الإنفاق. تتماشى ميزانية البرامج إذن وطريقة ترشيد اختيارات الميزانية.
يرتكز الأسلوب على مفهوم البرنامج ويقصد به مجموع الإمكانيات البشرية والوسائل المادية المسخرة لهدف معين. في إطاره تصنف ميزانية الوزارة إلى تركيبة برامج تتجلى فيها الأنشطة والأهداف والوسائل والنتائج المحصل عليها في الوزارة. وبلورة البرامج يستوجب تقييم منفعة الخدمات المنتظرة وقياس تكلفة النتائج أو الأهداف المسطرة.
وقد أفرز هذا التطور عدة أسليب حديثة في تحضير الميزانية :
-نظام تخطيط وبرمجة الميزانية :
(P.P.B.S) Planning Programming Budgeting System
ظهر هذا الأسلوب في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالضبط في إدارة الدفاع على يد كاتب الدولة في الدفاع روبير ماكنمارا Robert Maenamara تحت رآسة ج.كيندوي J.Kennudy. يقضي هذا الأسلوب بتحديد الأهداف على ضوء احتياجات المجتمع ثم ضبط الوسائل الضرورية اللازمة لإشباعها، بصورة شاملة ومتكاملة. وتهدف طريقة الإعداد هذه إلى تحقيق الاستعمال الأمثل والمعقلن للموارد العامة بأفضل صورة ممكنة. إذ يفترض فيمن يضطلعون بإعداد الميزانية معرفة كافة البدائل الممكنة للإنفاق العام، والقيام بالمقارنة بين تكلفة ومنفعة كل بديل والآخر لكي يتمكنوا من تحقيق هدف الترشيد الاقتصادي للموارد العامة. ويقوم هذا الأسلوب على عناصر ثلاثة هي : التخطيط، البرمجة والاعتماد أو الميزانية.
إذ يمثل التخطيط الأهداف التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها في المدى الطويل (20 سنة بالنسبة لإدارة الدفاع الأمريكية). أما البرمجة، فهي تتعلق بالبدائل المختلفة الكفيلة بتحقيق هذه الأهداف المحددة مع تقدير العبء المالي لكل بديل، والأساليب الأكثر ملائمة لتحقيق هذه الأهداف، لكي تصل في نهاية المطاف إلى وضع برامج متكاملة بالأهداف التي تسعى على تحقيقها، وأساليب تنفيذ كل منها وكيفية تمويل هذا التنفيذ، وأخيرا الميزانية، التي هي عبارة عن ترجمة الشرائح السنوية من البرامج في صورة اعتمادات مالية سنوية مع مراعاة حدود التمويل المالي في المدى القصير، أي أنها تقوم بالتوفيق بين اعتبارات المدى القصير (الموارد المالية المتاحة فورا) وخطط المدى الطويل، وبهذا يكتسي القانون المالي صبغة ميزانية برامج، وليس فقط ميزانية وسائل.
-التدبير عن طريق الأهداف (M.B.O) Management by objectives:
تتطلب هذه الطريقة أن يتم تخصيص اعتمادات الميزانية وفقا للأهداف الفرعية التي تسعى كل إدارة أو مصلحة حكومية لتحقيقها. أي أن ذلك يستوجب أن يقوم كل مرفق بتحديد أهدافه أولا، ثم يقوم رئيس كل قسم أو إدارة في المرفق كل مرفق بتحديد أهدافه أولا، ثم يقوم رئيس كل قسم أو إدارة في المرفق بتحديد أهدافه الفرعية التي يعتزم تحقيقها خلال العام المالي القادم، ثم يتم تحديد الاعتمادات المطلوبة وفقا لهذه الأهداف الفرعية. على أن تدور عمليات التنفيذ والمتابعة والتعديل على مدار العام في إطار هذه الأهداف الفرعية ومدى تحقيقها والعقبات والمشاكل التي تعترض تحقيقها.
الصفر (B.B.Z) Budget Base:
أن يتم تحليل البيانات ودراسة جدوى وتقييم كافة يا، على اعتبار أنها أنشطة وبرامج جديدة غير مرتبطة هي تؤدي إما إلى تطوير وتحسين البرامج أو النشاط للازمة له، أو إبقاء الاعتمادات السابقة كما هي أو تخفيضها أو إلغاء النشاط أو البرنامج نفسه إذا ثبت عدم جدواه، وبغض النظر عن المرحلة التي وصل إليها تنفيذ هذا البرنامج.
هذه إذن هي الصيغ الحديثة لأسلوب ترشيد اختيارات الميزانية، والتي تتلخص في ضبط وتحديد الأهداف المتوخاة والسعي إلى تحقيقها بأقل تكلفة، ومن جهة ثانية، في الحد من التمديد التلقائي للاعتمادات من سنة لأخرى، وذلك لأن الاعتمادات التي يتم فتحها والتصويت عليها تصبح وكأنها حقا مكتسبا في الميزانية الموالية ... هذا الأسلوب يعرف توسعا تدريجيا في الدول المتقدمة وإن كان محدودا، بينما لم تفلح محاولات بعض الدول المتخلفة في نهج ذا الأسلوب.
ب الجهات المكلفة بالتحضير.
إذا كان من المتفق عليه بين مختلف الدول أن السلطة المختصة بتحضير وإعداد الميزانية هي السلطة التنفيذية، فإنهم مع ذلك اختلفوا في تحديد شخص المسؤول الذي يقوم بهذه المهمة وحدود سلطاته. فهناك من وسع من سلطات وزير المالية وهناك على العكس من ارتأى خلاف ذلك. وعلى سبيل المثال فإن وزير المالية الإنجليزي يعد المسؤول الأول عن إعداد الميزانية ويتمتع بسلطات واسعة في هذا الصدد. حيث تقدر النفقات بمعرفة كل وزير ثم تبلغ إلى وزير المالية الذي يكون له سلطة إعادتها إلى الوزراء مرة أخرى إذا ارتأى ضرورة إدخال تعديلات معينة عليها. فإذا لم يوافق هؤلاء على إجراء هذه التعديلات فإنه يكون من حقه منفردا إجراء تلك التعديلات. وعلى العكس من ذلك فإن وزير المالية الأمريكي لا يكون له مثل هذه السلطات، فدوره كدور باقي الوزراء، إذ أن رئيس الدولة بنفسه يقوم بالإشراف على عملية إعداد وتحضير الميزانية، والفصل في الخلافات بين الوزراء حول توزيع الموارد العامة على مختلف المرفق العامة، وهو ما يطلق عليه بنظام الحكم الرئاسي، حيث رئيس الدولة يعد رئيس السلطة التنفيذية ويعتبر باقي الوزراء مساعدين له، وهو يتولى تحضير الميزانية عن طريق " مكتب الميزانية" دون أن يترك أمر تحضيرها إلى وزراء المالية. أما في فرنسا، فإن وزير المالية يتولى إعداد الميزانية بصورة عامة دون أن ينفرد مستقلا بها. فإذا أراد إدخال أي تعديلات في الميزانية دون موافقة الوزير المختص عليها، فإنه لا يملك إجراء هذا التعديل، بل يتم عرض هذا الاقتراح بالتعديل على رئيس الوزراء الذي يحيل الأمر بدوره إلى مجلس الوزراء للفصل في هذا الخلاف.
في المغرب يحضر مشروع قانون المالية أشخاص وأجهزة معينة وفق مسطرة معينة كذلك. حيث يكلف القانون الوزير المكلف بالمالية بتحضير مشروع قانون المالية وذلك تحت سلطة الوزير الأول، وفي ذلك تنص المادة الأولى من مرسوم 2.98.401 الصادر بتاريخ 26 أبريل 1999 والمتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية على ما يلي : "وفقا لأحكام المادة 32 من القانون التنظيمي المشار إليه أعلاه رقم 7.98، يتولى الوزير المكلف بالمالية تحضير مشروع قانون المالية تحت سلطة الوزير الأول ...."
وغني عن البيان أن المشرع منح هذا الدور الأساسي في تحضير مشروع قانون المالية للوزارة المكلفة بالمالية لما تتوفر عليه من أجهزة إدارية متخصصة في الميدان المالي والكفيلة عمليا بتحقيق التوازن الاقتصادي والمالي العام. تأتي على رأس هذه الأجهزة مديرية الميزانية التي يعهد إليها بالإشراف المباشر على التحضير المادي لمشروع قانون المالي. وتتولى مديرية الميزانية عدة اختصاصات، منها؛.
-تحضير مشاريع القوانين والأنظمة فيما يتعلق بالميزانية والسهر على تنفيذ النصوص التشريعية والتنظيمية في هذا الميدان؛
-تحضير مشاريع قوانين المالية والسهر على تنفيذ هذه القوانين؛
-تحضير مشروع قانون التصفية ووضع الحساب العام للمملكة؛
-القيام باتصال مع الوزارات التي يهمها الأمر بإعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالعوائد والمحصولات غير الناتجة عن الضرائب وأملاك الدولة والسهر على تنفيذ هذه النصوص.
-القيام باتصال مع المصالح التي يهمها الأمر، بدراسة جميع مشاريع النصوص التي يترتب عليها أثر مالي في الماليةالعامة...
وإجمالا، تتولى مديرية الميزانية وظائف متعددة تسريمن بلورة السياسة المالية إلى مراقبة رواتب الموظفين. هكذا تتولى تحضير ميزانيات الوزارات المختلفة وتنظم المناقشات أو التفاوض بشأنها، وتحضر الوثائق اللازمة وتقدمها أمام البرلمان، وتراقب تنفيذ هذه الميزانيات. يعهد بهذه المهام إلى الأقسام والمصالح التي تشتمل عليها مديرية الميزانية وهي :
-قسم ميزانية التسيير وتتالف من : مصلحة المرافق الإدارية ومصلحة المرافق الاجتماعية ومصلحة المرافق الاقتصادية ومصلحة المراقبة المالية للمؤسسات العامة ذات الصبغة الإدارية.
-قسم ميزانية التجهيز وتتكون من : مصلحة التجهيز الأساسي ومصلحة القطاعات المنتجة ومصلحة التجهيزات الإدارية والاجتماعية ومصلحة تمويل المشاريع العامة.
-قسم الدراسات والتنسيق ويتضمن : مصلحة الدراسات القانون والأنظمة الخاصة بالموظفين، ومصلحة التنظيم والمناهج ومصلحة الموارد ومحاسبة الميزانية.
-قسم المالية المحلية ويتألف من : مصلحة الجماعات المحلية ومصلحة الوكالات.
بجانب مديرية الميزانية، تضم وزارة المالية مديريات أخرى تتولى أدوارا لا تقل أهمية في إعداد مشروع قانون المالية في إطار التعاون والتنسيق بين مجموع المديريات. من هذه المديريات:
Ø    مديرية الخزينة والمالية الخارجية : تتولى مهمة تحقيق توازن المالية العامة، وتعبة جميع المساعدات الداخلية والخارجية اللازمة لهذا الغرض، وتباشر عمليات الخزينة وتقوم بإصدار الاقتراضات وتوظيفها وتشرف على تسيير الدين العام الداخلي والخارجي....
Ø    الخزينة العامة للمملكة : وتسهر على تنفيذ الميزانية أي تحصيل الموارد العامة ودفع النفقات العامة، إضافة إلى اختصاصات أخرى. وتلعب جورا هاما في التحضير الجيد لتقديرات مشروع القانون المالي من خلال تجميع ومركزة الحسابات المتعلقة بتنفيذ القانون المالي، وتعتبر أداة هامة لتقييم الموارد من حيث كونها المسؤولة عن التحصيل.
Ø    مديرية الضرائب : ويعهد إليها بتحضير مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالضرائب المباشرة والرسوم المماثلة لها والضريبة على القيمة المضافة وحقوق التسجيل والتنبر، فهي تمارس دورا هاما في الميدان الجبائي.
Ø    إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة: ويعهد إليها بدراسة وإعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالجمارك والرسوم الداخلية على الاستهلاك وكذا بتنفيذ النصوص التشريعية والتنظيمية في هذا الميدان، وتعمل على تطبيق القوانين والأنظمة في ميدان مراقبة التجارة الخارجية والصرف والضرائب على المنتجات والخدمات وفقا للشروط والحدود المعينة في النصوص الجارية على هذه الميادين، مما يؤهلها للمساهمة في تقدير الموارد الجمركية التي يتضمنها القانون المالي.
على أنه ينبغي التنبيه إلى أن وزير المالية لا يقوم بهذا التحضير بمفرده، بل يشاركه في ذلك بقية الوزراء بصفقة فردية وأيضا بصفة جماعية.
فمن الناحية الفردية، يقوم كل وزير بوضع التقديرات المالية التي تخص الوزارة التي يشرف عليها ويقدم هذه الاقتراحات إلى وزير المالية. وتبدأ هذه المرحلة عادة من الوحدات الحكومية الصغيرة، حيث تتولى كل مصلحة أو هيأة أو مؤسسة عامة إعداد تقديراتها بشأن ما تحتاج إليه من نفقات، وما تتوقع الحصول عليه من واردات خلال السنة المالية الجديدة المطلوب إعداد ميزانيتها، وتقوم كافة الهيئات في الدولة بإرسال هذه التقديرات إلى الوزارة التابعة لها، وتقوم هذه الأخيرة بمراجعتها وتنقيحها وإجراء التعديلات الجوهرية التي تراها ملائمة حتى يتسنى للوزير المعني إرسالها إلى الوزير المكلف بالمالية.
أما مشاركة الوزراء في تحضير مشروع قانون المالية بصفة جماعية فتعني مشاركة الحكومة ككل، في هذا الصدد يجب التذكير بالفصل 60 من الدستور الذي ينص من بين ما ينص عليه على أن : ".... يتقدم الوزير الأول أمام كل من مجلسي البرلمان بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجالات النشاط الوطني وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخارجية...".
وبديهي أن البرنامج الحكومي لا يمكن أن يطبق إلا إذا توفرت الحكومة على الوسائل المالية الكفيلة بذلك، وهذا ما يفسر أن تحضير مشروع قانون المالية يهم الحكومة أكثر من أي جهاز آخر للدولة.
عمليا وفي إطار التنسيق بين الوسائل المالية التي يمكن للحكومة أن تحصل عليها خلال السنة والأهداف المحددة في إطار البرنامج الحكومي، فإن الحكومة تجتمع قبل أن يبدأ وزير المالية في تحضير مشروع قانون مالية السنة لمناقشة التوجيهات العامة التي يجب على الوزراء أن يأخذوها بعين الاعتبار في تقدير حاجياتهم، وجدير بالذكر أن مشاريع قوانين المالية لا تأخذ صبغتها النهائية إلا إذا عرضت على مجلس وزاري، فالكلمة الأخيرة إذن في تحضير مشروع قانون مالية السنة ترجع إلى مجلس الوزراء والضبط إلى رئيسه الملك.
ج مسطرة التحضير .
تفتتح مسطرة تحضير مشروع قانون المالية بعرض الوزير المكلف بالمالية على الحكومة كل سنة وذلك قبل فاتح ماي الشروط المتعلقة بتنفيذ قانون المالية الجاري، ويقدم عرضا إجماليا عن مشروع قانون المالية للسنة المالية التالية، وبذلك تحدد الحكومة التوجيهات العامة التي يجب أن تراعى عند تحضير كل المقترحات المالية الخاصة بالوزارات والمؤسسات العمومية، وعلى أساس هذه التوجيهات التي تحددها الحكومة، يدعو الوزير المكلف بالمالية الآمرين بالصرف Les ordonnateurs لإعداد مقترحاتهم بالمداخيل والنفقات عن السنة المالية التالية (المادة 1 من المرسوم المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية) على أن تصل هذه المقترحات وكذا مشاريع الأحكام المراد إدراجها في مشروع قانون المالية إلى وزارة المالية إلزاميا قبل فاتح يوليوز من كل سنة (المادة2) ليتسنى لها القيام بدراستها على أحسن وجه.
عمليا تقوم بهذه الدراسة مديرية الميزانية بوزارة المالية، حيث تتدخل مختلف أقسام هذه المديرية في هذه الدراسة كل قسم يتناول بالدراسة والتحليل الميزانية أو الميزانيات الفرعية التي تدخل ضمن دائرة اختصاصاته المحددة (قسم ميزانية التسيير، قسم ميزانية التجهيز...).
عند دراسة هذه المقترحات، سواء التي تهم التسيير أو التجهيز، تقع اتصالات شبه رسمية بين موظفي وزارة المالية المكلفين بهذه الدراسة وموظفين عن الوزارات المعنية بالأمر وذلك لتسوية المشاكل التي يمكن تسويتها على هذا المستوى البسيط.
وعند بقاء بعض المشاكل العالقة، تكون لجان من مهامها حل هذه المشاكل التي لم تحل على مستوى الموظفين، ويختلف تكوين هذه اللجان بحسب اختلاف نوعية المقترحات التي ظلت عالقة، وتضم هذه اللجان ممثلين عن وزارة المالية وممثلا عن الوزارة المعنية بالأمر، وفي حالة عدم التوصل إلى حل المشاكل التي تطرحها المقترحات المالية المقدمة من قبل الوزارات على مستوى اللجان، تعرض هذه المشاكل للمناقشة على مستوى الوزراء أي وزير المالية في كل الأحوال والوزراء المعنيين بالأمر، وإذا لم يتوصل الوزراء إلى حل هذه المشاكل ترفع إلى الوزير الأول وتدرس عمليا على مستوى مجلس حكومي، وعند عجز هذا الأخير عن حل هذه المشاكل يمكن طلب تحكيم ملكي.
بعد معرفة تقديرات النفقات العائدة لجميع القطاعات الوزارية والمؤسسات وتقديرات الموارد المتوقع تحصيلها خلال السنة المالية يوضع مشروع الميزانية في إطار احترام التوازن المالي والاقتصادي)، ليقدمه الوزير المكلف بالمالية.





المطلب الثاني : السلوك البرلماني.
أولا : مناقشة البرلمان لمشروع قانون المالية.
1-المرحلة الإعدادية : مناقشة المشروع داخل اللجان.
اللجنة النيابة المكلفة بدراسة مشروع القانون المالي هي " لجنة المالية والتنمية الاقتصادية" دور اللجان النيابية الأخرى يقتصر على دراسة الميزانيات الفرعية للوزارات التي لها صلة باختصاصها.
أ-لجنة المالية والتنمية الاقتصادية.
تتولى لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، وهي إحدى اللجان الدائمة الست (لجنة الخارجية والدفاع الوطني، لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، لجنة الداخلية واللامركزية والبنيات الأساسية، ، لجنة القطاعات الإنتاجية، لجنة القطاعات الاجتماعية والشؤون الإسلامية و لجنة المالية والتنمية الاقتصادية) والتي يتكون منها المجلس، دراسة مشروع القانون المالي. ويمكن لكل لجنة أن تنتدب عضوا للمشاركة بصفة استشارية، لا تقريرية، في أشغال لجنة المالية عند دراسة مقتضيات القانون المالي، كما يجوز لمقرر لجنة المالية أن يستدعي عضو اللجنة المعنية بالميزانية المعروضة للدرس. ويجب أن يتضمن تقرير المقرر جميع ملاحظات الأعضاء المدعوين من طرفه.
وتبدأ المناقشة العامة ومناقشة مواد المشروع في ضوء العرضين المقدمين من طرف وزير المالية في الجلسة العامة للمجلس وأمام لجنة المالية نفسها. إضافة إلى المذكرة التقديمية والتقرير الاقتصادي والمالي حول الأوضاع الاقتصادية والمالية وآفاق تطورها بالنسبة للمدى القصير والمتوسط المرفقين بالمشروع المذكور.
في إطار المناقشة العامة يطرح النواب ملاحظاتهم وتساؤلاتهم واقتراحاتهم بخصوص مختلف جوانب مشروع القانون المالي، ويتولى وزير المالية الإجابة عن القضايا العامة والسياسية وبعض القضايا الأخرى التي سيتم التعمق فيها خلال مناقشة مواد المشروع، في حين يقوم مساعدو الوزير بتقديم بيانات مدققة لمختلف تلك الجوانب وموضحة لجميع التدابير الواردة في المشروع.
أما في إطار المناقشة التفصيلية لمواد المشروع فإن اللجنة تناقش، بحضور وزير المالية، كل مادة على حدة، حيث يبدي النواب آراءهم في شأن مقتضيات كل مادة، ثم يقدم وزير المالية التوضيحات والشروحات المتعلقة بها، وبع>ها تنتقل اللجنة إلى دراسة المادة الموالية، وهكذا كما تقوم الفرق والمجموعات النيابية بتقديم اقتراحات التعديلات التي ترى ضرورة الأخذ بها قصد تحسين وإغناء المشروع المقدم من طرف الحكومة.
وتختم اللجنة أشغالها بالتصويت على التعديلات المقترحة واحدا بعد الآخر، وعلى مواد المشروع، مادة مادة، وعلى المشروع برمته.
بالنسبة للجان القطاعية يتوجب على كل وزير تقديم ميزانية القطاع الذي يسيره أمام اللجنة المختصة، كما يتعين عليه أن يضع لدى رئاسة اللجنة، وبحسب عدد أعضاء اللجنة، ملفا يتضمن على الخصوص:
-مشروع الميزانية الفرعية بكل تفاصيلها في مجالي التسيير والتجهيز.
-التقديم الكتابي للميزانية.
-الوثائق والبيانات التي توضح مقتضيات الميزانية وبنودها.
-الوثائق التي يطالب بها النواب بخصوص بلد أو مقتضى في الميزانية الفرعية.
مناقشة النواب للميزانية الفرعية تنطلق "بمناقشة عامة للميزانية وسياسة الحكومة المرتبطة بالقطاع موضوع الميزانية الفرعية" تتلوها مناقشة أبواب الميزانية ومقتضياتها التفصيلية" أما أجوبة الوزير المعني على ملاحظات واستفسارات النواب فيمكن، بحسب اختياره، أن تقدم في ختام الجلسة المخصصة للنقاش أو تنطرق إلى كل قضية أو نقطة على حدة. وبعد رد الوزير يعلن رئيس اللجنة عن نهاية النقاش.
تجدر الإشارة أخيرا إلى أن اللجان النيابية لا يمكن أن تصوت على الميزانيات الفرعية إلا بعد أن " يتم التصويت في لجنة المالية على الموارد والنفقات العامة"
2-المرحلة النهائية : مناقشة المشروع في الجلسات العامة.
يشرع البرلمان في مناقشة مشروع القانون المالي في إطار الجلسة العامة بتقديم تقرير " لجنة المالية والتنمية الاقتصادية" من طرف المقرر العام للجنة، ويتضمن هذا التقرير المناقشة العامة التي جرت داخل اللجنة، ومنافشة مواد المشروع واقتراحات التعديلات ونتائج التصويت عليها وعلى مواد المشروع والجداول المرتبطة بها إضافة إلى المشروع برمته كما عدلته اللجنة، فالمشروع الذي يتداول المجلس في شأنه ليس هو المشروع الحكومي بل المشروع المعدل من طرف لجنة المالية.
إثر ذلك تبدأ مناقشة عامة لمشروع قانون مالية السنة يتدخل خلالها رؤساء وممثلوا الفرق والمجموعات النيابية والحزبية قصد إبداء رأيهم في مختلف التدابير التي يتضمنها هذا المشروع، كما عدلته لجنة المالية، وبيان الاعتبارات التي تدعو كل فريق إلى تأييد أو معارضة المشروع المذكور.
بعد ذلك ينتقل المجلس إلى المناقشة التفصيلية لمقتضيات مشروع قانون المالية والتعديلات المتعلقة به مادة مادة، وإذا كانت مشاريع التعديلات لا تعرض على المناقشة إلا بعد الانتهاء من مناقشة المادة التي تتعلق بها، فإن التصويت عليها يجب أن يتم قبل التصويت  على النص الأصلي.
ولا يتدخل في مناقشة كل مشروع تعديل، بعد صاحب المشروع، إلا الحكومة ثم رئيس اللجنة المعنية بدراسته أو مقررها، كما تعطى الكلمة في آخر الأمر لنائب " معارض" وآخر " مؤيد" للمشروع المذكور.
وتنصب المناقشة، في البدء على الجزء الأول من مشروع قانون مالية السنة التعلق بالإيرادات، ولا يمكن للمجلس أن يناقش الجزء الثاني إلا بعد التصويت على الجزء الأول (المادة 36 من القانون التنظيمي رقم 7.98).
إن المبادرة البرلمانية في مجال مناقشة مشروع قانون مالية السنة، أمام اللجان البرلمانية، وكذلك في إطار الجلسات العامة، مقيدة بموجبين دستوريين هما:
أولا : الفصل 51 من الدستور.
بموجب هذا الفصل فإن " المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان ترفض إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة للقانون المالي إما إلى تخفيض الموارد العمومية وإما إلى إحداث تكليف عمومي أو الزيادة في تكليف موجود". ويرفض مجلسا البرلمان، أي مشروع تعديل يدخل ضمن مقتضيات هذا الفصل، وفي حالة الالتباس فإن المجلس المعني يستشير رئيس لجنة المالية ومقررها العام قبل اتخذا قرار نهائي في الموضوع.
وبذلك فإن سلطة المبادرة والاقتراح المخولة لأعضاء البرلمان قصد تعديل مشروع قانون المالية محدودة جدا. إنها تقتصر على إمكانية اقتراح الزيارة في حجم المداخيل أو تخفيض النفقات العامة.
ويخفف من حدة هذا القيد أن الممارسة البرلمانية جرت على قبول التعديلات الرامية إلى تخفيض مورد عمومي شريطة تعويضه بآخر، وبما لا يؤدي إلى إحداث تغيير في الحجم الإجمالي للموارد العمومية من جهة، وكذلك قبول الاقتراحات التي تدعو إلى الزيادة في حجم النفقات إذا كانت مقرونة باقتراحات موازية من شأنها توفير المداخيل اللازمة لتغطية هذه الزيادة من جهة أخرى.
ولا يتعارض " نظام التعويضات" مع مقتضيات الفصل 51 من الدستور. فبموجب هذا النظام تقبل التعديلات القاضية بالزيادة في اعتمادات وزارة معينة شريطة تعويض مقدار هذه الزيادة باقتطاع قيمتها من الاعتمادات المرصودة لوزارة أخرى. وبالمثل فإن كل مقترح بالزيادة في اعتمادات فصل معين من فصول ميزانية وزارة معينة يقبل إذا كان مصحوبا باقتراح يقضي بتخفيض الاعتمادات المرصودة لفصل آخر منف صول ميزانية نفس الوزارة.
ثانيا : الفصل 57 من الدستور.
يخول هذا الفصل للحكومة، بعد افتتاح المناقشة البرلمانية لمشروع قانون مالية السنة في الجلسات العمومية، الحق في " ....أن تعارض في بحث كل تعديل لم يعرض من قبل على اللجنة التي يعنيها الأمر".فالحكومة وحدها تملك صلاحية تقديم تعديلات جديد، على مشروع قانون مالية السنة خلال الجلسات العامة.
ينضاف إلى هذين القيدين الدستوريين قيد زمني يتمثل في أن دراسة مشروع قانون المالية والبث فيه من طرف مجلس النواب يجب أن يتم داخل أجل 30 يوما الموالية لإيداعه، وهذه المدة قصيرة إذا ما قورنت بالمدة الممنوحة للجمعية الوطنية الفرنسية وهي 45 يوما.
إلا أن هناك حالات خاصة يتولى فيها جلالة الملك ممارسة هذا الاختصاص، هذه الحالات، هي :
حالة الاستثناء.
ترتب على الإعلان عن حالة الاستثناء في سنة 1965، تطبيقا للفصل 35 من الدستور، حل المجلسين واستئثار جلالة الملك بممارسة كافة مظاهر السلطة بما في ذلك سلطة المصادقة على قوانين المالية ( قوانين مالية سنوات 1966-1967-1968-1969 و 1970).
ورغم التعديل / الإضافة الذي هم الفصل 35 من الدستور المعدل العام 1992 و 1996 والذي أكد على أنه : " لا يترتب على حالة الاستثناء حل البرلمان" فإن اعتماد قوانين المالية سيظل، مبدئيا، من اختصاص السلطة الملكية، فحالة الاستثناء تخول لجلالة الملك، " على الرغم من جميع النصوص المخالفة، صلاحية اتخاذ جميع الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن حوزة الوطن، ويقتضيها رجوع المؤسسات الدستورية إلى سيرها العادي أو يتطلبها تسيير شؤون الدولة".
ثانيا : تدخل مجلس المستشارين لمشروع قانون المالية:
يقدم الوزير المكلف بالمالية أمام مجلس المستشارين، في جلسة خاصة، مشروع قانون المالية للسنة فور التصويت عليه من طرف مجلس النواب أو عند انصرام أجل 30 يوما الموالية لإيداعه لديه، وللحكومة أن تعرض على المجلس النص الذي تم إقراره أو المشروع الذي قدمته الحكومة في أول الأمر مع التعديلات المدخلة عليه من طرف مجلس النواب والمقبولة من طرفها.
وتتولى " لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية" ومختلف اللجان الدائمة المتفرعة عن المجلس (لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية، لجنة الخارجية والحدود والمناطق المحتلة والدفاع الوطني، لجنة الداخلية والجهات والجماعات المحلية، لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، لجنة الفلاحة والشؤون الاقتصادية) دراسة المشروع المذكور والتصويت عليه قبل التداول في شأنه في إطار الجلسات العامة للمجلس.
وتخضع مناقشة مشروع قانون المالية للسنة والتصويت عليه، سواء داخل لجنة المالية أو اللجان الفرعية أو خلال الجلسات العامة للمجلس، لنفس الآجال والضوابط والإجراءات المسطرية الجارية عليها في البرلمان، فمجلس المستشارين يتوفر على نفس الأجل الذي يتوفر عليه مجلس النواب لإقرار المشروع المذكور وهو 30 يوما. كما أنه يتمتع بنفس صلاحيات مجلس النواب بخصوص الحق في تقديم التعديلات والاقتراحات. إن المسطرة التي سلكها مجلس المستشارين في المناقشة والتصويت على قانون المالية لا تختلف في شيء عن المسطرة السابق بيانها بالنسبة لمجلس النواب.
وقد دعا أحد الفرق البرلمانية إلى اتباع فكرة " التسريب" هاته إلا أن رئاسة المجلس وأحزاب المعارضة، حسب بعض المصادر، قاومت ذلك وعملت على " تمطيط الوقت" وجر المجلس إلى " مناقشات عامة لا صلة لها بالمشروع قيد المناقشة..." وفي معرض رده على هذه المصادر أكد الرئيس السابق لمجلس المستشارين أن " غالبية الفرق متمسكة بالحق الذي يخوله الدستور لها ولأعضاء مجلس المستشارين في مناقشة مشروع القانون المالي بالشكل الذي يسمح لها بإبراز توجيهاتها وأفكارها منه..." و"أن اعتماد هذا الأسلوب قد يحول مجلس المستشارين إلى غرفة للتسجيل فقط وكأن ليست له صلاحيات في مراقبة الحكومة ولا في إقرار توجهات تركيبية ضمن أي نص...." " لقد كان بالإمكان، يضيف رئيس المجلس، أن نعتمد أسلوب التسريب استنادا إلى تقاليد بعض الدول كفرنسا مثلا، إلا أن ذلك لن يكون بمثابة الظاهرة الصحية ونحن في أول تجربة لنا في إطار الثنائية البرلمانية، ذلك أننا سنكون قد قيدنا أنفسنا بممارسة مستقاة من تجربة أجنبية لها خصوصياتها ولها ظرفها التاريخي والسياسي ولها من الأدوات الفكرية والعملية التي قد لا تكون متوفرة لدينا في هذا الوقت....".
إن أسلوب "التسريب" لا يحد، في الواقع من سلطة المبادرة والتعديل المخولة دستوريا، لمجلس المستشارين، ولا يحول هذا الأخير إلى نسخة طبق الأصل لمجلس النواب، بقدر ما يساهم في عقلنة العمل البرلماني في مجالي التشريع والمراقبة، والرفع من مستوى أدائه، وضمان أكبر قدر من الفعالية والمردودية وربح الوقت، إضافة إلى تمتين العلاقت بين مجلس البرلمان، فالمجلس الثاني يحتفظ، في إطار هذه المسطرة المختصرة بحقه كاملا في تقديم التعديلات بل وفي رفض النص المعروض على أنظاره إن اقتضى الحال.
وفي جميع الأحوال فإن المصادقة على مشروع قانون المالية لا تكتمل إلا باتفاق المجلسين على نص موحد، وفي حالة الخلاف فإن الحكومة تعرض النص على "لجنة ثنائية مختلطة".
المقارنة بين القانون المغربي والقانون الفرنسي
المصادقة على قانون المالية اختصاص موكول، في جميع الأنظمة المالية العاصرة، للسلطة التشريعية باعتبارها الجهاز المسؤول عن التحقق من سلامة البرامج والسياسات الحكومية. والمصادقة هي بمثابة إجازة أو إذن ترخص بموجبه السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية صرف النفقات العامة وتحصيل الإيرادات العامة.
وفي المغرب فإن البرلمان يملك دستوريا صلاحية اعتماد قانون المالية. فقد نص الفصل 50 من الدستور على أن : " يصدر قانون المالية عن البرلمان بالتصويت طبق شروط ينص عليها قانون تنظيمي.... "
لا يقر المشرع المغربي " حق أسبقية" (Droit de priorité) مجلس على آخر في دراسة مشاريع قوانين المالية. وذلك خلافا للدستور الفرنسي الذي أكد في مادته 39 على أن تعرض مشاريع قوانين المالية، في المقام الأول، على الجمعية الوطنية قبل عرضها على مجلس الشيوخ.
وفي المغرب فإن البرلمان يملك دستوريا صلاحية اعتماد قانون المالية. فقد نص الفصل 50 من الدستور على أن : " يصدر قانون المالية عن البرلمان بالتصويت طبق شروط ينص عليها قانون تنظيمي.... "
ويبدو أن الآلية التي اعتمدها مجلس المستشارين في التعامل مع قوانين المالية المعروضة على أنظاره لم تسر على هدى بعض التقاليد المتعارف عليها في بعض الدول التي تأخذ بنظام الثنائية البرلمانية والتي تقوم على أساس ما يسمى "تسريب" مشروع قانون المالية إلى الغرفة الثانية مباشرة لدى إيداعه بالغرفة الأولى تفاديا لضياع الوقت والجهد، ففي فرنسا مثلا لا تقدم الحكومة مشروع القانون المالي إلا في الغرفة الأولى، وبعد ذلك "يتسرب" إلى الغرفة الثانية، ولا تتدخل الحكومة إلا في مرحلة التعديلات.
إن التخوف من هيمنة السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية
المبحث الثالث : التدخل الملكي.
إن تدخل الملك على مستوى المصادقة على مشروع قانون المالية ضروري، وبدون هذا التدخل لا يمكن للحكومة أن تشرع في تنفيذ قانون المالية الذي صادق عليه البرلمان، فيجب عليها إذن انتظار إصدار الأمر بتنفيذ هذا القانون كما هو الشأن بالنسبة لسائر القوانين، وهذا الأمر بالتنفيذ يصدر عن الملك طبقا للفصل 26 من الدستور الذي ينص على ما يلي : " يصدر الملك الأمر بتنفيذ القانون خلال الثلاثين يوما التالية لإحالته إلى الحكومة بعد تمام الموافقة عليه". هذا التدخل عمليا لا يطرح أي إشكال والأمر بالتنفيذ قد يعطي لساعات بعد تصويت البرلمان على مشروع القانون المالي.
·        المصادقة على أساس الفصل 19 من الدستور:
هذا الفصل يمكن أن نجد له تطبيقا في الظروف العادية وغير العادية، وهكذا فالملك يمكنه أن يتدخل في المجال التشريعي حتى في حالة وجود البرلمان بصفته الممثل الأسمى للأمة، وفي الظروف غير العادية لكونه ضامن دوام الدولة واستمرارها. فالملك هو الضامن لدوام الدولة واستمرارها، وهذا الأمر يتطلب وسائل مالية، لتفترض أن البرلمان رفض أن يصوت على مشروع قانون المالية، فالملك دستوريا عليه أن يضمن استمرار الدولة والقيام بالمصادقة عليه ليزود الدولة بالوسائل المالية، المصادقة على هذا الأساس تمت مرة واحدة بمناسبة المصادقة على مشروع قانون مالية سنة 1984.
·        هناك حالات تدخل فيها الملك دستوريا :
-حالة الاستثناء بين سنتي 65 و  70، حيث قام الملك بالمصادقة على مشاريع قوانين المالية لأن حالة الاستثناء كانت تعني بنص الدستور الحل الأوتوماتيكي للبرلمان. حاليا، حصل تطور في التنصيص الدستوري بحيث لم تعد تعني حالة الاستثناء حل البرلمان.
-المرحلة الانتقالية، وهي المدة الفاصلة بين إعطاء الأمر بتنفيذ دستور جديد وتنصيب البرلمان، الملك هو الذي كان يصادق كذلك على مشاريع قوانين المالية، وهذا ما وقع بالفعل في المدة الفاصلة ما بين 10 مارس 72 و 8 أكتوبر 1977 تاريخ تنصيب البرلمان، المرحلة الانتقالية لم تعد موجودة.وأخيرا من حق الملك أن يطلب قراءة ثانية لمشروع قانون المالية، هذا الحق نظري أكثر منه تطبيقي لأنه من الصعب تطبيقه (الفصل من 67 إلى 70).

تعليقاتكم وانتقاداتكم مهمة

ليست هناك تعليقات