مسطرة التحفيظ العقاري الجماعي بالمغرب إذا كان الأصل في التحفيظ أنه يكون فرديا بالنسبة لكل مالك يرغب في تحفيظ عقاره وبالتالي إخضاعه لنظام...
مسطرة التحفيظ العقاري الجماعي بالمغرب
إذا كان الأصل في التحفيظ أنه يكون فرديا بالنسبة لكل مالك يرغب في تحفيظ عقاره وبالتالي إخضاعه لنظام العقارات المحفظة الذي تسري عليه القواعد المحددة في ظهير 2 يوينو 1915، فإن المشرع قد أعطى إمكانية تقديم طلبات تحفيظ جماعية في آن واحد من طرف مجموعة من المالكين لملكياتهم العقارية المتجاورة فيما بينهم أو يفصل بينها حاجز طبيعي وذلك عملا بمقتضيات الفصل 16 من ظهير 12 غشت 1913 [1].
فما هو الهدف من تقرير هذه الإمكانية ؟
تتجسد غاية المشرع من خلال إقراره في الفصل 16 من ظ ت ع إمكانية تقديم طلبات جماعية للتحفيظ في آن واحد في مجموعة من الأمور يمكن تحديدها فيما يلي:
ü التخفيف من حدة إجراءات التحفيظ العقاري التي تقوم بها مصلحة المحافظة العقارية إذ ان مسطرة التحفيظ الجماعية تسهل تنقلات الجهاز الذي يشرف على التحديد؛
ü تخفيض مصاريف التحفيظ بالنسبة للمالكين المتجاورين؛
ü تشجيع سياسة تعميم التحفيظ العقاري على كافة التراب الوطني.
ü فما هي مسطرة التحفيظ الجماعي وما هي مختلف الإجراءات التي تمر بها؟
المطلب الأول: مسطرة التحفيظ الجماعي
بالرجوع إلى الفصل 16 من ظهير التحفيظ العقاري نجده يقر بإمكانية تقديم طلبات جماعية للتحفيظ في آن واحد بشرط أن تكون العقارات متجاورة أو تفصل بينها فواصل من الملك العمومي.
فالشرط الأساسي للاستفادة من مسطرة التحفيظ الجماعي إذن هو أن تكون الأملاك المراد تحفيظها متجاورة أو أن يفصل بينها مجرد فواصل من الملك العمومي في حين أننا نرى مع بعض الكتاب [2] أنه كان من المستحسن والأفضل على المشرع أن يشجع عملية طلبات التحفيظ الجماعية مادام أنها متجاورة أو متقاربة فقط، طالما أن الهدف والغاية من التحفيز الجماعي هو تسهيل مهمة المحافظة العقارية من جهة وتخفيف الإجراءات على الملاك من جهة ثانية.
وتجب الإشارة إلى أن المشرع أوجب بأن تقدم طلبات التحفيظ منفردة وكل عقار من العقارات التي تسري بشأنها المسطرة الجماعية مع تقديم الملاك لمطلب مشترك.
وكما هو معلوم فقد تقدم تعرضات ضد مطالب التحفيظ التي تخضع للمسطرة الجماعية وقد تكون هذه التعرضات على كل هذه العقارات أو على بعضها، سواء من طرف بعضهم على البعض الآخر، أو من طرف الغير.
فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا يتمثل في الحل الذي تبناه المشرع المغربي في حالة تقديم تعرضات على مطالب التحفيظ مع العلم أننا بصدد مسطرة خاصة؟
بالرجوع إلى الفصل 16 من ظ ت ع نجده ينص على أنه: " في حالة وقوع تعرض يجب على المحافظ أن يرفع طلبات التحفيز المجتمعة إلى المحكمة المختصة حيث تجري عمليات التحقيق والبحث بنفس الكيفية".
فالنص يحتم على المحافظ توقيف إجراءات التحفيظ الجماعية مادام أن النزاع معروض على المحكمة التي لها الحق في البث في التعرضات.
فما يلاحظ في هذا الصدد هو أن هذا الحل لن يكون سليما وصائبا دائما. لأن التعرض قد لا يطال مجموع هذه العقارات المتجاورة دائما، وإنما قد يتعلق بعقار منها أو بعض العقارات دون الأخرى، فالمنطق يقتضي فصل العقارات التي وضع بشأنها التعرض لتتبع فيها المسطرة القضائية. أما العقارات التي لم يقع بشأنها أي تعرض فكان على المشرع أن يترك المسطرة العادية للتحفيظ تسري عليها دون إدخالها مع العقارات المتعرض عليها حتى تعم الفائدة من هذه المسطرة.
من أجل ذلك نرى ضرورة مراجعة المشرع المغربي لمضمون الفصل 16 من ظهير التحفيظ العقاري حتى تنسجم قواعده مع المنطق الصحيح وحتى لا تشكل التعرضات عرقلة أمام طلبات التحفيظ الجماعي، لأنه في حالة تعرض على مطلب تحفيظ واحد من مجموع الطلبات التي توازي مثلا 400 هكتار سيؤدي إلى توقيف مسطرة التحفيظ مهما كانت مساحة المطلب المتعرض عليه صغيرة.
المطلب الثاني: تطبيقات التحفيظ الجماعي :التحفيظ الجماعي للأملاك القروية (ظ 25 يوليوز 1969 ) [3]:
خصوصيات مسطرة التحفيظ الجماعي وفقا لظهير 25 يوليوز1969 :
بالنظر لما لمسطرة التحفيظ الجماعي من مميزات وفي غياب نص قانوني يكرس هذا التصور التشريعي(الفصل 16 من ظ التحفيظ العقاري) بادرت إدارة المحافظة العقارية بتنسيق مع السلطات المحلية والمصالح الإقليمية لوزارة الفلاحة إلى إصدار مقررات إدارية لفتح مناطق للتحفيظ الجماعي منذ سنة 1958 في بعض الأقاليم شملت مناطق منتقاة تتراوح مساحتها بين 4000 و 5000 هكتار بناء على معايير محددة كعدد مطالب التحفيظ المعلقة المتواجدة في المنطقة وسهولة الولوج إليها بالإضافة إلى العامل الاقتصادي [4] من حيث الإمكانيات الفلاحية المتوفرة لتلك المنطقة [5].
وبوعي من المشرع المغربي بأهمية ومميزات التحفيظ الجماعي المنصوص عليه في الفصل 16 من ظهير التحفيظ العقاري، فقد سعى إلى تدعيم هذه السياسة عن طريق تفعيلها بواسطة إصدار قانون خاص يقضي بنهج طريقة التحفيظ الجماعي للأملاك القروية، إذ يلاحظ أن هذا النص قد تبنى بعض المقتضيات الخاصة بمسطرة ضم الأراضي القروية بمقتضى مرسوم 25 يوليوز1962 وكذا بعض قواعد مسطرة التحفيظ العادية المقررة بمقتضى ظهير 12غشت1913 فقد نص الفصل الأول من هذا الظهير على أنه يمكن لوزير الفلاحة والإصلاح الزراعي أن يصدر قرارات تحدث وتحدد بموجبها خارج دائرة المدار الحضري مناطق تدعي مناطق التحفيظ العقاري الجماعي، ويتم فيها تحفيظ الأملاك طبقا لمقتضيات ظهير 12 غشت 1913.
وقد حدد هذا الظهير مجموع الخصوصيات التي تتميز بها هذه المسطرة الخاصة والتي تتمحور فيما يلي:
1- إشهار قرار إحداث وتحديد منطقة التحفيظ العقاري الجماعي بالجريدة الرسمية وبالدوائر الواقعة بنفس المنطقة (مقر السلطة المحلية،مقر الجماعة القروية والمحكمة الابتدائية والمحافظة العقارية)؛
2- تنجز عمليات التحفيظ العقاري بالمجان وبدون صوائر ما عدا التعرضات وخصوصا مصاريف المرافعة (المادة3)،مع ضرورة إيداع مطالب التحفيظ داخل أجل سنة تبتدئ من تاريخ نشر قرار التحفيظ الجماعي بالجريدة الرسمية؛
3- هذه المسطرة جماعية إذ يتم انجاز جميع مراحل التحفيظ بالنسبة للمنطقة المحدثة و المحددة بكاملها و بشكل إجمالي ما عدا العقارات موضوع المطالب المحددة قبل نشر قرار وزير الفلاحة.
4- يقوم المحافظ بإيداع ملف يحتوي على بيان للاملاك الخاضعة لمسطرة التحفيظ الجماعي وتصميم تجزيئي لتلك الأملاك كما تعمل على نشر الإيداع المذكور بالجريدة الرسمية مع تعليق نسخ منه بمقرات السلطة المحلية والجماعات القروية لمدة ثلاثة أشهر.
5- يحدد المحافظ بعد ذلك برنامجا لعمليات التحديد يبلغ إلى جميع المعنيين بالأمر ويمكن أن يجري التحديد في غيبة الملاك الذين لم يحضروا متى كانت العناصر الكائنة للقيام بهذه العملية متوفرة غير أن التحديد المنجز لهذه الكيفية لا يكون صحيحا إلا إذا وافق عليه الملاك فيما بعد.
6- بعد انتهاء عمليات التحديد يعمل المحافظ على نشر إعلان بذلك بالجريدة الرسمية ويبعث بنسخ منه إلى السلطةالمحلية بقصد التعليق؛
7- يجوز لكل شخص ان يتدخل في المسطرة عن طريق التعرض وفقا للشروط المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري.
يمكن أن تتوقف مسطرة التحفيظ الخاصة المقررة بمقتضى ظهير 25 يوليوز1969 في حالة ما إذا أصبحت منطقة للتحفيظ الجماعي مشمولة كليا أو جزئيا في قطاع لضم الأراضي القروية ، حيث ستصبح جميع مطالب التحفيظ المتعلقة بالعقارات المتواجدة في هذا القطاع خاضعة تلقائيا بقوة القانون للمسطرة الخاصة المنصوص عليها في مرسوم 25يوليوز1962 في شان تطبيق ظهير 30 يونيو 1962 المتعلق بضم الأراضي القروية المعدل بمرسوم 25 يوليوز1969.
[1] - تم تعديل هذاالفصل بالظهير الشريف الصادر في 4 صفر 1357/ 5 أبريل 1938.
[2] - محمد خيري: الملكية ونظام التحفيظ العقاري، طبعة 1997 ص: 116.
[3] - ظهير شريف رقم 1.69.174 بتاريخ 10 جمادى الأولى 1389 (25 يوليوز 1969) بشأن التحفيظ الجماعي للأملاك القروية منشور بالجريدة الرسمية عدد 2960 مكرر بتاريخ 29 يوليوز 1969 ص 2042.
[4] Mabrouka Amina : procédures collectives d’immatriculation fonciére_mémoire de cycle supérieur de l’E.N.A.P . 1979_1980 p20.
ليست هناك تعليقات