الفصل المرن بين السلطات يوزِّع النظام البرلماني السلطة بين الهيئات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية دون أن يفصل بينها بصورة...
الفصل المرن بين السلطات
يوزِّع النظام البرلماني السلطة بين الهيئات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية دون أن يفصل بينها بصورة شديدة، وإنما يقيم بينها نوعاً من التعاون في ممارسة بعض الاختصاصات مما يجعل لكل هيئة تأثيراً على الأخرى مع بقاء مبدأ المساواة والتوازن، ولا سيما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، ولذلك فإن الفصل بين السلطات في النظام البرلماني هو فصل مرن.
ويتجلى التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في النظام البرلماني الإنكليزي من خلال عدة أوجه منها: وجود تداخل بين وظائف هاتين السلطتين، فعلى الرغم من قيام كل سلطة بوظائف خاصة بها تجد نفسها مضطرة للمشاركة بوظائف السلطة الأخرى فعلى سبيل المثال " تستطيع الحكومة المبادرة بالتشريع كما يستطيع البرلمان مراقبة أعمال الحكومة، فالمبادرة بالتشريع من قبل الحكومة تمليها السياسات التي تعتمدها وتتطلب وضع تشريعات محددة، كما أن رقابة البرلمان على الحكومة تمليها ضرورات ضبط الأداء الحكومي " , ويعزز نظام الثنائية الحزبية السائد في المملكة المتحدة التعاون القائم بين السلطتين، نظراً لانتماء الأغلبية في البرلمان وأعضاء الحكومة لحزب واحد هو الحزب الفائز بالانتخابات، وهو ما يضمن تعاونهما لوضع السياسات والأفكار التي يتبناها الحزب موضع التنفيذ.
أما التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فالغاية منه الحفاظ على الثمرات المرجوة من مبدأ الفصل بين السلطات، والمتمثلة في حماية حقوق وحريات المواطنين، والحيلولة دون الجنوح بالسلطة نحو الاستبداد، ويتجلى التوازن بين السلطتين في تزويد كل سلطة بوسائل تمكِّنها من كبح جماح السلطة الأخرى إذا ما انحرفت أو تجاوزت صلاحياتها، حيث تملك السلطة التشريعية مراقبة أعمال الحكومة المسؤولة سياسياً أمامها، وسحب الثقة من الحكومة وإسقاطها مجتمعة في حالة المسؤولية التضامنية، أو من وزير أو عدة وزراء في حالة المسؤولية الفردية، في حين تملك السلطة التنفيذية سلاحاً مقابلاً للمسؤولية السياسية أمام البرلمان، يتمثل في حق حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة تكون فيها الهيئة الناخبة هي الحَكَم بين الحكومة والبرلمان.
ليست هناك تعليقات