الأسس العلمية للتقويم والتثمين فى الفكر والتطبيق الاقتصادى والمحاسبى جامعة الأزهر مركز صالح عبد الله كامل للاقتصاد الإس...
الأسس
العلمية للتقويم والتثمين فى الفكر والتطبيق الاقتصادى والمحاسبى
مؤتمر
« تنشيط السوق العقاري المصري »
الأسس العلمية
للتقويم والتثمين
فى
الفكر والتطبيق الاقتصادى والمحاسبى
إعــــداد
الأستاذ الدكتور/ محمد
عبد الحليم عمر
أستاذ
المحاسبة – كلية التجارة
مدير
مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي
جامعة
الأزهر
فى
الفترة من 25-27 يونيو 2002م
مقدمـــة:
إن من أهم الأنشطة الاقتصادية عملية تبادل
السلع والخدمات بين الوحدات الاقتصادية أفراد أو مؤسسات، ولقد انتهى الزمن الذي
كان يتم فيه التبادل عينا بأسلوب المقايضة بين السلع حيث يتم استخدام النقود بصفة
وسيط في عمليات التبادل عن طريق البدل النقدي الذي يقدر للسلعة، وهذه العملية يطلق
عليها التقويم أو التثمين أو التسعير وما ينتج عنه يسمى قيمة أو ثمن أو سعر السلعة
بالنقود، وهذا التقويم أو التثمين يمثل أحد الركائز الهامة لعملية اتخاذ القرار
التى تعتبر من أهم خصائص النشاط الاقتصادي، ويعنى باتخاذ القرار الاختيار بين
البدائل المتاحة، وهذا الاختيار يهدف إلي الأخذ بالبديل الأفضل، ومعيار الأفضلية
هنا هو الحصول على أكبر منفعة ممكنة من وراء أتخاذ القرار، وفي مجال اتخاذ القرار
الخاص بالحصول على سلعة فإنه بقدر المنفعة الكافية في هذه السلعة يُحدد الثمن الذي
يضحى به الإنسان للحصول عليها، غير أنه تجدر ملاحظة هامة أن عملية اتخاذ القرار
وبالتالي تحديد القيمة أو الثمن عملية تتعلق بالمستقبل وهو مجهول لذا فإن الأمر
يتطلب من متخذ القرار ومن يساعده في صنعه خبرة كافية قائمة على ممارسات طويلة
ودراية كاملة بالظروف الحالية والمستقبلية لأخذها في الاعتبار عند عملية التقويم
أو التثمين فضلا عن الإلمام بالأسس العلمية الناتجة عن الدراسات المتعددة التى
تتعلق بالتقويم أو التثمين.
ومن هذا المنطلق فإننا في هذه الورقة سوف
نتناول موضوع "الأسس العلمية للتقويم والتثمين" والتي تمثل إحدى الأعمال
المقدمة لمؤتمر ((تنشيط السوق العقاري المصري))
الذي يعقده المركز بالتعاون مع الجمعية المصرية لمثمنى الأملاك العقارية.
وتنظم
المعلومات في هذه المحاضرة في الفروع التالية:
الفرع
الأول: المفاهيم الأساسية المتعلقة بالموضوع
الفرع
الثاني: طرق ونماذج التقويم في الفكر المحاسبي والاقتصادي
الفرع
الثالث: العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار عند التقويم
الفرع
الأول
المفاهيم
الأساسية المتعلقة بموضوع التقويم والتثمين
توجد عدة مصطلحات تطلق على العلاقة بين
النقود والسلع هي القيمة، والثمن، والسعر، ويتطلب الأمر لتحديدها وجود خبير مقوم
أو مثمن، كما أن للأموال العقارية خصوصية عند التقويم وكل ذلك يؤثر إلي حد كبير
على عملية التقويم أو التثمين، لذا فإن الأمر يقتضي التعرف على مفاهيم هذه العناصر
وهذا ما سنوضحه فيما يلي:
أولا: مفهوم القيمة:
يستخدم مفهوم القيمة على إطلاقه في الفكر الاقتصادي للتعبير عن منفعة السلع،
وبالتالي تدور قيمة السلعة مع المنفعة المتوقع الحصول عليها من السلعة، وهذه
المنفعة قد تكون بالاستخدام أو التبادل، وبالتالي توجد القيمة الاستعمالية ويعنى
بها مدى قدرة السلعة على إشباع الحاجات، والقيمة التبادلية ويعنى بها المبلغ
النقدي الذي يمكن دفعه في مقابلة السلعة، وقد كان الفكر الاقتصادي قديما يحدد هذه
القيمة التبادلية على أساس كمية العمل المبذول فيها فيما يعرف "بنظرية العمل
كمفسر للقيمة" وبعد ذلك تحول الفكر الاقتصادي لتفسير القيمة في ضوء التكاليف
التي أنفقت لإنتاج السلعة، ثم جاء بعد ذلك من يفسر القيمة على أساس أن منفعة
السلعة هي المحددة لقيمتها، وأخيرا استقر الفكر الاقتصادي على أن القيمة تتحدد بكل
من التكاليف والمنفعة، فالتكاليف تعبر عن وجهة نظر المنتج أو البائع الذي يسعى إلي
استرداد ما أنفقه من تكاليف على السلعة زائدا هامش الربح، والمنفعة تعبر عن وجهة
نظر المشترى أو المستهلك الذي يسعى لتحقيق النفع من وراء الحصول على السلعة في
إشباع حاجاته، وبالتالي فإن القيمة بهذا المعنى تتحدد عند التقاء رغبة كل من
البائع والمشترى أي التقاء العرض والطلب، ويلاحظ أن التكلفة تشير إلي الماضي بينما
المنفعة تشير إلي المستقبل.
ثانيا: مفهوم الثمن:
بعض الاقتصاديين يقول بأن معنى الثمن والقيمة واحد حيث يعبران عن العلاقة بين
النقود والسلع، بينما يرى آخرون بأن القيمة تعنى معدل استبدال السلعة بالسلع
الأخرى وأن الثمن يعنى معدل استبدال السلعة بالنقود، ونظرا لأن المقايضة بين السلع
لم تعد تستخدم إذا فهذه التفرقة بين الثمن والقيمة لا مبرر لها.
وهنا تبرز مدى عظمة فقهاء المسلمين الذين
فرقوا بين الثمن والقيمة على أساس آخر، فالثمن لديهم هو ما تراضى عليه البائع
والمشترى في صفقة فعلية أي المبلغ المدفوع في مقابل السلعة، بينما القيمة تعبر عن
حالة افتراضية فيقولون: إن الثمن هو ما تراضى عليه العاقدان فى صفقة فعلية،
والقيمة هي ما قدره وجوه أهل سوق السلعة بالنقود دون أن تكون هناك عملية تبادل
فعلي، وهذا ما يوضح ويفسر الممارسات الاقتصادية القائمة في عدة نواحى منها:
1-
أن الثمن مبنى على
التراضى بين البائع والمشترى وأنه يعبر عن واقعة تمت فعلا.
2- أن القيمة تتطلب وجود خبير للتقويم واختلف
الفقهاء حول تعدد المقومين فالشافعية يقولون بأن يقوم بالتقويم اثنين لأنها شهادة
بالقيمة ويشترط التعدد في الشهادات المالية، بينما يقول المالكية أن التقويم حكم
بالقيمة ولا يشترط في الحكم تعدد الحاكمين كما أن الجميع يشترط في المقوم الخبرة
والأمانة والعدالة.
3- أن التقويم يتعلق بالمستقبل وبالتالي فهو يبنى
على الخرص والتخمين، ويختلف فيه المقومون كل بحسب وجهة نظره ودرجة خبرته.
4- إن التقويم يكون في حالات عدم تبادل السلعة مثل
التقويم بغرض تقدير قيمة أموال أو عقارات مقدمة رهنا لقرض من بنك.
5- أن الثمن قد يزيد أو ينقص عن القيمة أو يتساوى
معها فقد يقدر الخبير مبلغا معينا قيمة لعقار ولكن عند تنفيذ الصفقة يتراضى البائع
والمشترى إما على نفس هذه القيمة أو أكثر أو أقل منها في صورة ثمن يدفع فعلا.
ثالثا: السعر:
ويعبر عن معدل التبادل بين السلعة والنقود وبالتالي فهو يتحد مع مفهوم القيمة إذا
كان السعر محددا ومرقوما على السلع عند عرضها للبيع، ويتحدد مع مفهوم الثمن إذا
قام المشترى بدفعه فعلا، كما أنه في أغلب الأحيان يرتبط تحديد السعر بالتكاليف
وهامش الربح.
رابعا: المقوم أو المثمن:
إن عملية تحديد الثمن أو القيمة في الفكر الاقتصادي الرأسمالي تتم من خلال جهاز
الأسعار في الأسواق، وجهاز الأسعار هذا ليس مؤسسة أو جهة لها وجود خارجي وإنما هو
تجريد لفكرة التقاء العرض والطلب، فالبائع (الذي يمثل العرض) يريد استرداد تكاليف
الإنتاج بالإضافة إلى هامش الربح ويأمل أن يحقق أكبر قدر من هامش الربح وبالتالي
يريد البيع بأعلى سعر، والمشترى (ويمثل الطلب) يريد الحصول على أقصى منفعة، بأقل
مبلغ يمكن دفعه، وفي إطار هذا التدافع بين قوى العرض والطلب تعمل اليد الخفية
عملها للوصول إلى نقطة الالتقاء بينهما وبالتالي تحديد السعر المناسب للسلعة، ولكن
ذلك مرهون كما يقول الاقتصاديون بسيادة المنافسة الكاملة أو شبه الكاملة في
الأسواق والتي من أهم عناصرها وجود بائعين متعددين ومشترين متعددين وعدم قدرة أي
طرف منهم على التأثير على سوق السلعة إلي جانب وجود سلع بديلة وتوافر معلومات
كافية للمشترين والبائعين عن أحوال السوق، وهذا لا يتحقق في حالات كثيرة خاصة في
سوق العقارات والقديمة منها على وجه أخص وفي حالة السلع التي لا يتوافر عنها
معلومات كافية لندرتها ولعدم ارتباط قيمتها بالتكاليف مثل التحف والجواهر الثمينة،
ومن هنا يأتي دور الخبراء المثمنين الذين يمثلون حكما بين المتعاملين ولذا فإنه
يشترط فيهم التأهيل العلمي الكافي والخبرة التى تزيد بالممارسات الطويلة، فهم
الأقدر على تحديد قيمة أو ثمن السلعة.
خامسا: الأموال العقارية:
بما أن المؤتمر يتناول السوق العقارى فإنه من المناسب أن نتعرف على أهم خصائصها
التي تؤثر على عملية التقويم، وبداية فإن مفهوم الأموال بشكل عام هو أن الأموال
تطلق على كل شئ نافع، وتنقسم إلي عدة أقسام منها الأموال المادية أو الملموسة وهي
مالها وجود خارجي ويمكن تخزينها أو ادخارها والعقارات تعتبر أموال مادية والأموال
غير المادية أو غير الملموسة وهي الخدمات مثل خدمة النقل والعلاج.
كما تنقسم أيضا إلي أموال مثلية وهي
التي يمكن قياسها بدقة عدَّا أو وزنا أو كيلا .. وتتماثل وحداتها وهذه من السهل
تحديد قيمتها، ويقابلها الأموال القيمية وهي التي لا تتماثل وحداتها ولا تخضع
للقياس الكمي مثل العقارات والحيوانات، ثم تنقسم الأموال إلى عروض
أو سلع، ونقود، فالأولي ينتفع بأعيانها بينما النقود لا ينتفع بأعيانها، وأخيرا توجد الأموال المنقولة والأموال العقارية والأخيرة هي محل الورقة وهي تطلق تحديدا على الأراضي والمباني ومن أهم خصائصها أنها لا تنتقل من مكان إلى آخر وبالتالي فإن منفعتها مرتبطة بالمكان الذي توجد به، كما أن عمرها طويل جدا الأمر الذي يجعل التنبؤ بالمنافع المستمدة منها طوال حياتها أمرا في غاية الصعوبة وأخيرا فإنه تتعدد أوجه استخدامها مثل الأراضي الزراعية والأراضي الفضاء، وكذا المباني السكنية والمباني الإدارية أو المصانع فضلا عن إمكانية التوسع الرأسي في المباني من عدمه، وكل ذلك يمثل عوامل مهمة عند تقدير قيمتها أو ثمنها نقدا.
أو سلع، ونقود، فالأولي ينتفع بأعيانها بينما النقود لا ينتفع بأعيانها، وأخيرا توجد الأموال المنقولة والأموال العقارية والأخيرة هي محل الورقة وهي تطلق تحديدا على الأراضي والمباني ومن أهم خصائصها أنها لا تنتقل من مكان إلى آخر وبالتالي فإن منفعتها مرتبطة بالمكان الذي توجد به، كما أن عمرها طويل جدا الأمر الذي يجعل التنبؤ بالمنافع المستمدة منها طوال حياتها أمرا في غاية الصعوبة وأخيرا فإنه تتعدد أوجه استخدامها مثل الأراضي الزراعية والأراضي الفضاء، وكذا المباني السكنية والمباني الإدارية أو المصانع فضلا عن إمكانية التوسع الرأسي في المباني من عدمه، وكل ذلك يمثل عوامل مهمة عند تقدير قيمتها أو ثمنها نقدا.
هذه هي أهم المفاهيم المتصلة بالموضوع
أما طرق ونماذج التقويم فنوضحها في الفرع التالي.
الفرع
الثاني
طرق ونماذج التقويم في الفكر الاقتصادي والمحاسبي
من خلال الدراسات العديدة التي تمت على
مدار الزمن انتهى الفكر الاقتصادي والمحاسبي إلى تحديد عدة طرق للتقويم الاقتصادي
والمحاسبي وفق مدخل زمني، فإذا كانت الأموال تنفق لما فيها من منافع يمكن الحصول
عليها من هذه الأموال وأن هذه المنافع تمثل مخزوناً يتناقص بالاستخدام فإن قيمة
الشئ في الماضي تختلف عن قيمته في الحاضر وقيمته في المستقبل، ومن هنا وجدت ثلاث
طرق أو نماذج للتقويم نذكرها فيما يلي:
أولاً: التقويم على أساس التكلفة
التاريخية: والتكلفة التاريخية مصطلح يعبر عن الثمن الذى دفع للحصول على
السلعة سابقاً بالإضافة إلى سائر التكاليف التى أنفقت عليه حتى بدء استخدامه
والانتفاع به، وتسوى هذه التكلفة فى حالة الأصول الثابتة ومنها العقارات بخصم
مقابل الاستهلاك لتصل إلى ما يعرف بالقيمة الدفترية وهى القيمة التاريخية أو تكلفة
الأصل يعد خصم الاستهلاك، والتى تظهر بها فى الميزانية العمومية للمشروع، ويرى
البعض أن هذه القيمة تحدد بطريقة موضوعية بمعنى أن لا دخل للتقدير الشخصى فى
تحديدها فكل ما أنفق للحصول على الأصل تم فعلاً وتتوفر له مستندات يمكن التأكد
منها وبالتالى لا يختلف فى تحديدها أحد ولا تحتاج إلى خبير، غير أن الأخذ بالتكلفة
التاريخية لتقويم الأصل فى حالة إجراء معاملة حاضرة عليه فيه نظر لأن قيمة النقود
أو قوتها الشرائية تتغير كما أن حوالة الأسواق أو ما يعبر عنها بظروف العرض والطلب
تتغير من وقت لآخر طبقاً لعوامل عديدة من أهمها ظهور سلع أخرى بديلة، ومن وجه آخر
فإنه إذا كانت قيمة الشئ ترتبط بكل من التكلفة والمنفعة كما سبق القول فأن طريقة
التكلفة التاريخية تهمل جانب المنفعة تماماً أو المخزون الباقى منها فى الأصل،
ولذا فأن هذه الطريقة أصبحت محل انتقاد حتى فى حالة التقويم لأغراض إعداد
الميزانيات.
ثانياً: طريقة القيمة الجارية: وتقوم هذه الطريقة
عل إعادة تقويم الأموال والأصول فى الوقت الحاضر، وهنا يتطلب الأمر إما وجود سوق
لهذه السلعة أو الأصل بحالته التى هو عليها، أو وجود خبير مقوم لإعادة التقويم فى
ضوء ما حدث من تغير القوة الشرائية للنقود وحوالة الأسواق، وتوجد عده طرق فرعية
لتحديد هذه القيمة الجارية من أهمها ما يلى:
أ- القيمة البيعية: ويعنى بها أن يقدر
الأصل بالسعر الذى يمكن لمالكه أن يتم بيعه به استرشادا بأسعار السوق السائدة وقت
التقويم، وهذا يتطلب وجود سوق منتظمة لذلك سواء أمكن التعرف عليها من القوائم التى
تعد دورياً بواسطة بعض المنظمات العالمية أو بواسطة خبير فى سوق هذه السلعة.
ب- القيمة الاستبدالية: ويعنى بها أن يقدر
الأصل بالسعر الذى يمكن لمالكه شراء أصل مماثل له، ليحل محله أو يستبدله به،
والفرق بينها وبين الطريقة السابقة انه عاده ما يتم الشراء بثمن والبيع بثمن أعلى
منه ليحقق التاجر هامش ربح.
جـ- طريقة الأرقام القياسية: وهى تستخدم للتغلب
على التغير فى القوة الشرائية للنقود والتى يتعرف عليها من المستوى العام للأسعار،
فلو فرضنا أن المستوى العام للأسعار عند الشراء 100% وأن المستوى العم للأسعار بعد
مدة عند التقويم كان 120% وأن قيمة الأصل التاريخية 100000 جنيه، فأن القيمة
الحاضرة طبقا لهذه الطريقة تحسب كما يلى
100000 × 12
ـــــــــــ
= 120000 جنيه
100
وعيب هذه الطريقة أن المستوى العام للأسعار
يعبر عن متوسط أسعار جميع السلع فى الدولة وقد يرتفع هذا المستوى فى الفترة
الحالية عن الفترة السابقة بسبب التضخم مع أن سعر الأصل محل التقويم لم يحدث فيه
تغيير أو حدث تغيير بمعدل أقل أو أكثر من التغير فى المستوى العام للأسعار، هذا
إضافة إلى أن هذه الطريقة تقتصر على أخذ التغير فى القوة الشرائية للنقود فى
الحسبان وتهمل العامل الآخر الهام وهو حالة
الأسواق أو تغير ظروف العرض والطلب فى الأسواق.
ولذا فإن التطبيق المحاسبي المعاصر يأخذ
إما بطريقة القيمة البيعية أحياناً أو الأستبدالية فى الأغلب.
ثالثاً: طريقة القيمة الحالية:
تقوم هذه الطريقة على الربط بين قيمة الأصل وصافى المنافع المتوقع الحصول عليها
منه في المستقبل وذلك طبقاً لما يلي:
- يتم تقدير المنافع المتوقعة من الأصل
في صورة الإيرادات التى يمكن الحصول عليها من استخدام الأصل طوال باقي عمره
الإنتاجي.
- يتم تقدير المصروفات اللازمة للحصول
على هذه الإيرادات.
- يتم تقدير القيمة الحالية لصافى
الإيرادات باستخدام معدل الفائدة السائد على القروض فى المجتمع.
وتطبيق
ذلك بمثال عملي هو:
-
يوجد أصل قيمة التاريخية أي أن ما دفع ثمنا له
في الماضى ناقص الاستهلاك حتى الآن 1500000 .
- عمره الإنتاجي المتبقي 8 سنوات.
- تقدر الإيرادات المتوقع تحقيقها منه
500000 جنيهاً سنوياً.
- تقدر المصروفات التي ستنفق للحصول على
الإيرادات في المستقبل 68750 جنيه سنوياً.
- يقدر معدل الفائدة المتوقع 10% اضافه
إلى معدل بدل المخاطرة 8% .
وبالتالى
تحسب القيمة الحالية لهذا الأصل كالآتى:
- الإيرادات المتوقعة كل سنة 500000
- المصروفات الدورية المتوقعة كل
سنه 68750
ـــــــــ
- صافى الإيرادات المتوقعة كل سنه 431250
وبما أن القيمة التاريخية لهذا الأصل
1500000
إذاً فشراؤه بهذه القيمة يحقق ربحاً قدره
1758638- 1500000= 258638 جنيهاً، وبالتالي
إذا كان من يشترى هذا الأصل يريد تحقيق هذا القدر من الربح يجب أن يدفع 1.5 مليون
جنيه فقط، وكلما دفع أقل كسب أكثر وكلما دفع زيادة عنه قل ربحه، ومن هنا فأنه يقدر
ثمن الشراء بما يؤدى على الأقل إلى تحقيق عائد في حدود نسبة الفائدة السائدة على
الودائع فى البنوك.
وهذه الطريقة وأن كانت تربط بين قيمة
الأصل والمنفعة إلا إنها تهمل عنصر التكاليف، كما أنها تقوم فى كل عناصرها على
تقديرات سواء فى تحديد العمر الإنتاجى للأصل أو الإيرادات والمصروفات المتوقعة
وتقيسها بنقود ذات قوة شرائية واحدة على مدى عمره الإنتاجى رغم أن هذه القوة تتغير
من وقت لآخر بالتضخم والانكماش، هذا فضلاً عن تقدير معدل الفائدة، وكل هذه
التقديرات محض تخمين وظن فضلا على أنه قد تحدث ظروف فى المستقبل لا يمكن الاحاطة
بها تؤثر على هذه التقديرات، ولذا فإنها غير مستخدمه فى التطبيق المحاسبى إن كانت
تستخدم أحياناً فى دراسات الجدوى للمشروعات.
وننتهى من هذا الاستعراض الموجز لطرق التقدير بأن طريقة القيمة الجارية الأستبدالية هى الأكثر استخداماً فى التطبيق المحاسبى كما أنها تأخذ فى الاعتبار أسس تحديد القيمة طبقاً للفكر الاقتصادي وهى كل من التكاليف والمنفعة، فضلا عن أخذ التغير فى القوة الشرائية للنقود فى الحسبان، غير أن الأخذ بها يتطلب كما سبق القول وجود خبير مثمن إما استرشاداً بالسوق إن كان يوجد سوق منتظمة لنوع الأصل المطلوب تقويمه، أو اعتمادا على معلومات أخرى تمثل عوامل هامة يجب الأخذ بها عند التقويم، والتى نذكرها فى الفرع التالى.
الفرع الثالث
العوامل التى يجب أخذها فى الاعتبار عند التقويم
إذا كنا قد انتهينا إلي أن طريقة القيمة
الاستبدالية هي الأفضل والأكثر استخداما في التطبيق المحاسبي، وأنها تحتاج إلي
الاسترشاد بسوق الأصل محل التقويم والتي قد لا توجد سوق منظمة أو لا تتوافر عنها
معلومات كافية تساعد في اتخاذ القرار وإذا كان عمل الخبير المثمن في الأغلب يتم في
حالة بيع الأصول، وأن الورقة معدَّة لتقويم وتثمين العقارات، لكل ما سبق فإنه توجد
عوامل عديدة يجب أخذها في الاعتبار عند قيام الخبير المثمن بتقويم العقارات محل
المعاملة ومن أهم هذه العوامل ما يلي:
أولا: الغرض من التقويم: وتتعدد
هذه الأغراض وبالتالى تختلف قيمة الأصل تبعا لها إلي ما يلي:
ففى
حالة تقويم أصل ليس بغرض إجراء معاملات تبادلية عليه بالبيع أو ما فى حكمه، مثل
التقويم بغرض إعداد القوائم المالية أو بغرض تقويم الأصل بصفة رهن لقرض من بنك، أو
حالة إعادة تقويم الشركات، أو تقويم التركات، فإن الأمر لا يتطلب استقصاء كبيرا كما
تجب مراعاة أن فروق إعادة التقويم إن كانت بالزيادة تعد مكسبا غير متحقق وطبقا
لسياسة الحيطة والحذر المحاسبية فإنه يلزم عدم المغالاة في التقويم.
أما
التقويم في حالات يكون فيها الأصل محل معاملة تبادلية مثل حالات البيع وانضمام أو
انفصال شريك أو تصفية شركة فإن الأمر هنا يرتبط بتحديد حقوق أطراف المعاملة التي
تجب أن تبنى على الدقة والعدالة.
ثانيا:
إنتاجية الأصل: وهنا نجد أن بعض الأصول (عقارات) منتجة بذاتها وبصفة مستقلة
مثل أرض زراعية أو مبنى تؤجر وحداته سكنا أو مقار لمؤسسات، ولذا فإنه عند تقويمها
يسترشد بما تحقق من إنتاجية أو إيرادات، أما النوع الآخر غير المنتج بذاته بصفة
مستقلة بل مع أصول أخرى مثل مبانى المصانع التي ترتبط إنتاجياتها بإنتاجية باقي
الأصول في المصنع من آلات ومعدات، الأمر الذي يجب معه الأخذ في الاعتبار حالة
المصنع ككل وليس قيمة الأرض أو المباني فقط خاصة إذا وجدت قيود على المشترى بإبقاء
المصنع بحالته.
ثالثا: الالتزامات القانونية
المحددة للانتفاع بالعقار، مثل عدم التصريح بالبناء على الأرض الفضاء أو هدم
المبنى أو إعادة بناءه أو التعلية عليه أو تحديد الإيجارات إن كان المبنى مؤجرا
فمما لاشك فيه أن هذه الالتزامات تمثل قيدا على المشترى لتعظيم انتفاعه بالعقار
مما يؤثر على قيمته مقارنا بعقار آخر ليست عليه قيود محددة للانتفاع به.
رابعا: الغرض من شراء العقار: هل
للمتاجرة به وإعادة البيع؟ وهنا يجب مراعاة ظروف وأسعار سوق العقارات وتحقيق ربح
للمشترى، أم الشراء للاستخدام الشخصى في صورة سكن عائلي؟ أم للاستخدام بالاستغلال
في صورة بناء مصنع أو توسعته؟
خامسا: حالة البائع: فهل
هو يستخدم العقار بالفعل، أم أنه يمثل طاقة فائضة عاطلة ويريد التخلص منها؟ وأيضا
مقدار التكلفة التي آل إليه العقار بها.
سادسا: ملكية العقار: هل
هي ملكية خالصة مسجلة باسم البائع وحده؟ أم انه يوجد شركاء له؟ وما هي العلاقة بين
الشركاء؟ وهل العقار مرهون أو عليه التزامات أو حقوق للغير أم لا؟
سابعا: حالة العقار: ففى
الأرض الزراعية هل هى أرض خصبة أم أرض بور؟ أم صحراء؟ وهل تتوافر لها المياه
والطرق؟ وفي حالة المباني هل هي جديدة؟ أم قديمة؟ وما هو العمر الباقي المتوقع
لها؟
ثامنا: المنطقة الجغرافية: هل
المباني السكنية في وسط البلد أم في مناطق نائية؟ وما هي مستوى الأملاك المجاورة؟
والمستوى الاجتماعي للسكان؟ وهل المباني الإدارية في مناطق تجارية؟ أم في مناطق
سكنية؟ وهل الأراضي الزراعية من الأراضي القديمة أم في المناطق الصحراوية
المستصلحة حديثا؟ وهل دخلت في مرحلة الإنتاج الاقتصادي أم مازالت في مرحلة
الاستصلاح أو الإنتاج التجريبي؟
تاسعا: هل العقار مشغول
بالتأجير للآخرين أم لا؟ وما هي إمكانية إنهاء هذا الاشغال؟
عاشرا: طريقة دفع الثمن: هل
تكون نقدا؟ أم بالأجل؟ أم على أقساط؟
حادى عشر: الظروف الاقتصادية
وحالة السوق ومعدل التضخم.
إلي غير ذلك من العوامل التي لها تأثير
مباشر وتجعل قيمة العقارات تختلف فيما بينها بل وحتى قيمة العقار الواحد قد تختلف
من وقت لآخر تبعا للتغير في هذه العوامل.
وفي النهاية نؤكد على أن الخبير المقوم
يقوم بعمل هام لأنه يحدد الحقوق والالتزامات بين أطراف أمنوه على أموالهم، فهو كما
سبق القول شاهد أو قاضي ويجب أن يصدر قراره بالقيمة على أساس موضوعي وألا يتأثر
بأي شئ، وعلى ذلك فإنه يشترط في المقوم كما يؤكد الفقهاء الأمانة والعدالة والصدق
إلي جانب البعد عن الشبهات والتي من أهمها أن لا تكون له مصلحة شخصية في عملية
التقويم مثل أن يكون شريكا أو مستشارا لأحد الطرفين، كما عليه في حالات معينة
الاستعانة بخبرات مهنية معينة.
نسأل الله سبحانه التوفيق والسداد إنه
سميع الدعاء
* هذا الرقم مستخرج من
جداول الفائدة المركبة ويعنى به استثمار جنيه واحد لمدة 8 سنوات بفائدة مركبة لمدة
8 سنوات.
ليست هناك تعليقات